انا اولها والمهدى اوسطها والمسيح آخرها . فلم يرد به ان المسيح يبقى بعد المهدى
لان ذلك لا يجوز ، لان المهدى اذا كان امام آخر الزمان ومات ، فلا امام بعده
مذكور في رواية احد من الامة ، فقد بقيت الامة بغير امام ، وهذا مالا يمكن ان
الخلق تبقى بغير امام .
فان قيل : ان عيسى يبقى بعده وتقتدى الامة به فغير ممكن ايضا لان عيسى
عليه السلام لا يجوز ان يكون اماما لامة محمد صلى الله عليه وآله .
ولو كان ذلك جائزا لانتقلت الملة المحمدية إلى ملة عيسى ، فلا يمكن ان
يكون ذلك ، وذلك لا يقوله عاقل ولا محصل ، بل للخبر معنى صحيح يحمل عليه و
هو انه قد تقدم معنى من الاخبار في هذاالباب : ان عيسى ينزل وقد صلى الامام وهو
المهدى بالناس ، العصر ، وقيل : الصبح ، فيتأخر فيقدمه عيسى ، ويصلى عيسى خلفه .
وما نزل عيسى على مقتضى هذه الاخبار الا بعد نفوذ دعوة الامام واجتماع
الناس عليه فيكون مصدقا لدعوة الامام في دعواه ، وقوة له وعونا ، لا انه يغير شيئا
مما جاء به النبى صلى الله عليه وآله فتكون فائدة الخبر : ان النبى اولها لانه هو الداعى إلى الاسلام
والمهدى اوسطها ، وان كان آخر الائمة فجعله وسطا اذ ظهوره قبل نزول عيسى
فيكون في نزوله آخر المصدقين لهذه الملة ، والمهدى قبله صدق بهذه الملة قبل
نزوله ، والنبى صلى الله عليه وآله فهو صاحب الملة لا بد ان يكون اولا ، فعلى هذايكون المسيح
(ع)آخر المصدقين والمعينين والمتبعين لانه آخر الامة .
يشهد بصحة هذا التأويل لفظ الخبر ، لانه صلى الله عليه وآله قال : كيف تهلك امة انا
اولها والمهدى اوسطهاوالمسيح آخرها ، والمسيح لن من امتنا هذه ، وانما
نبيها منها بلا خلاف ، والمهدى منها بلا خلاف ، لانه امام آخر الزمان ومن ولد
رسول الله صلى الله عليه وآله ومن ولد على عليه السلام وفاطمة ، والمسيح ليس من النبى .
ولا من على عليه السلام وفاطمة ، ولا من امة محمد صلى الله عليه وآله بل هو آخر من ينزل لنصرة
ملة محمد صلى الله عليه وآله ، وآخر من يدعو اليها لان المهدى يكون قبل نزوله وقد تبعته الامة