[ 603 ]
علي أمير المؤمنين وسيد المسلمين
بلسان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم
273 - وروى من طريق عائشة ومولاها ما ذكره عثمان بن سعد قال: حدثنا محمد بن كثير عن إسماعيل بن زياد عن أبي إدريس، عن رافع مولى عائشة، قا: كنت خادما لعائشة، وأنا غلام أعاطيهم، إذ كان رسول الله عندها، إذ جاء جاء فدق الباب، فخرجت إليه، فإذا جارية معها إناء مغطى، فرجعت إلى عائشة فأخبرتها، فقالت: أدخلها فدخلت، فوضعت بين يدي عائشة الاناء، فوضعته عائشة بين يدي رسول الله، فمد يده يأكل، فقال: ليت أمير المؤمنين وسيد المسلمين وخير أمتي يأكل معي، فقالت عائشة: من أمير المؤمنين خير أمك ؟ فسكت، ثم أعادها (صلى الله عليه واله وسلم) فسألته، فسكت فجاء جاء فدق الباب، فجئت إليه، فإذا علي (عليه السلام) فرجعت إلى النبي (صلى الله عليه واله وسلم) فأخبرته، فقال: أدخله ثم قال له: مرحبا وأهلا، لقد تمنيتك ولو أبطأت علي لسألت الله أن يجيئني بك، إجلس فكل، فجلس فأكل، (1) فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): قاتل الله من يقاتلك، وعادى الله من يعاديك، فقالت عائشة: من يقاتله ومن يعاديه ؟ فسكت، ثم أعادتها، فقالت: من يقاتله ومن يعاديه ؟ فقال النبي [صلى الله عليه واله وسلم ]: أنت ومن معك (2)، [وهذا من طريق عائشة ومولاها، (ح) ].
(1) - إلى هنا ذكر الاربلي (ره) في كشف الغمة، ج 1، ص 343. (2) قال العلامة المجلسي في بحار الانوار المجلد الثامن ط القديم ص 420، نقلا =
[ 604 ]
............................................................................................................................
= عن كشف اليقين للعلامة الحلي رحمه الله: من كتاب المعرفة لابراهيم بن محمد الثقفي عن عثمان بن سعد عن محمد بن كثير عن إسماعيل بن زياد عن أبي إدريس، عن نافع مولى عائشة قال: كنت خادما لعائشة وأنا غلام أغاطيهم إذا كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عندها فبينا رسول الله عند عائشة إذ جاء جاء فدق الباب فخرجت إليه فإذا جارية معها إناء مغطى فرجعت إلى عائشة فأخبرتها فقالت: أدخلها فدخلت فوضعته بين يدي عائشة فوضعته عائشة بين يدي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فمد يده يأكل ثم قال: ليت أمير المؤمنين وسيد المسلمين كان حاضرا كي يأكل معي قالت عائشة: ومن أمير المؤمنين ؟ فسكت ثم أعادت فسألت ؟ فسكت ثم جاء جاء فدق الباب فخرجت إليه فإذا علي بن أبي طالب فرجعت إلى النبي صلى الله عليه واله فأخبرته فقال: أدخله ففتحت له الباب فدخل فقال: مرحبا وأهلا لقد تمنيتك حتى لو أبطأت علي لسألت الله أن يجئ بك إجلس فكل. فجلس فأكل، فقال رسول الله صلى الله عليه واله: قاتل الله من يقاتلك ومن يعاديك فسكت ثم أعادها فقالت عائشة: من يقاتله ومن يعاديه ؟ قال: أنت ومن معك انت ومن معك. أنظر الطبعة الجديدة ج 32 ص 281 الرقم: 229.
وذكر أيضا الشيخ الفقيه أبا الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن القمي المعروف بابن شاذان من أعلام القرن الرابع في مأة منقبة ط قم ص 75 المنقبة الثالثة والاربعون: حدثني الشريف أبو جعفر محمد بن أحمد بن عيسى العلوي رحمه الله قال: حدثني محمد بن أحمد الكاتب قال: حدثني حماد بن مهران، قال: حدثني عبد العظيم بن عبد الله الحسني، قال: حدثنا محمد بن علي، قال: حدثنا محمد بن كثير، قال: حدثني إسماعيل بن زياد البزاز، عن أبي إدريس، عن رافع مولى عائشة قال: كنت غلاما أخدم عائشة، فكنت إذا =
[ 605 ]
فلا نعلم أحدا يقدر على دفع العيان الا مكابرة، وفيما حكيناه دليل على إقامته.
274 - وروى ابن ميمون، عن علي بن عامر، عن أبي الجحاف - حيلولة - وعن الاعمش، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري قال: نزلت
= كان النبي صلى الله عليه واله عندها قريبا أعاطيهم.
قال: فبينما النبي صلى الله عليه واله عندها ذات يوم (وإذا داق يدق) الباب فخرجت إليه، فإذا جارية معها طبق مغطى، قال: فرجعت إلى عائشة فأخبرتها، فقالت: أدخلها فدخلت، فوضعته بين يدي عائشة، فوضعته عائشة بين يدي النبي صلى الله عليه واله، فجعل يتناول منه ويأكل، وخرجت الجارية، فقال النبي صلى الله عليه واله:
ليت أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وإمام المتقين، يأكل معي. فقالت عائشة: ومن (هو يارسول الله المجتمعة فيه هذه الخصال) ؟ فسكت، ثم أعاد الكلام مرة أخرى، فقال عائشة مثل ذلك، فسكت النبي صلى الله عليه واله (فجاء أحد ودق علينا) الباب، فخرجت إليه. فإذا هو علي بن أبي طالب عليه السلام. قال: (فرجعت وقلت للنبي صلى الله عليه واله: علي على الباب. فقال: أدخله، ثم قال: يا أبا الحسن) مرحبا وأهلا بك لقد تمنيتك مرتين حتى لما أبطأت علي سألت الله عزوجل أن يأتيني بك، إجلس وكل، فجلس وأكل معه.
ثم قال النبي صلى الله عليه واله: يا علي قاتل الله من قاتلك وعادى من عاداك. فقالت عائشة: ومن يقاتله، ومن يعاديه ؟ قال: أنت ومن معك - مرتين - أيديهم أيديهم معك - مرتين - ترضين بذلك ولا تنكريه.
كما أوردنا في كتابنا " الاربعون حديثا "، الحديث السادس والثلاثون ص 155 / 157 ط بيروت.
[ 606 ]
هذه الاية في علي (عليه السلام): (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) (1).
275 - وروى ابراهيم بن يحيى الثوري (2) قال: حدثنا مختار العبدي (3) قال: حدثنا السدي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قول الله: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) (4) قال: بفضل الله والنبي (صلى الله عليه واله وسلم) ورحمته علي (عليه السلام) (5) .
(1) - سورة المائدة، الاية: 67.
قال ابن الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري المتوفى (468) في أسباب النزول، ط بيروت، ص 115: أخبرنا أبو سعيد محمد بن علي الصفار، قا: أخبرنا الحسن بن أحمد المخلدي، قال: أخبرنا محمد بن حمدون بن خالد، قال: حدثنا محمد بن ابراهيم الخلوتي، قال: حدثنا الحسن بن حماد سجادة، قال: حدثنا علي بن عابس، عن الاعمش وأبي حجاب، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري قال: نزلت هذه الاية: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك) - يوم غدير خم في علي بن ابي طالب رضي الله عنه.
(2) لم أجد له ترجمة وافية، وله اسم في معجم رجال الحديث ج 2 ص 355 ر. قم: 338.
(3) - هو: مختار بن غسان بن مختار التمار العبدي الكوفي، أنظر تهذيب الكمال ج 27، ص 318، رقم: 5826.
(4) - سورة يونس، الاية: 58.
(5) - قال الخطيب البغدادي في تاريخه ج 5، ص 15 ذيل ترجمة أحمد بن أبو العباس: أخبرنا أبو عمر بن مهدي أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الكوفي =
[ 607 ]
............................................................................................................................
= الحافظ، حدثنا يعقوب بن يوسف بن زياد، حدثنا نصر بن مزاحم، حدثنا محمد بن مروان عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس: (قل بفضل الله وبرحمته) بفضل الله النبي صلى الله عليه وسلم، وبرحمته علي.
وروى أيضا ابن عساكر الدمشقي في ترجمة الامام علي عليه السلام ج 2، ص 426، كما ذكر الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ج 1، ص 268، رقم: 365. وذكر أيضا جلال الدين عبد الرحمان السيوطي في الدر المنثور ج 4، ص 368. وذكر أيضا شيخ الطائفة الطوسي في التبيان ج 5، ص 397، قال: وقال أبو جعفر عليه السلام: (بفضل الله) يعني الاقرار برسول الله، و(برحمته) الائتمام بعلي عليه السلام. وروى أيضا العياشي في تفسيره ج 2، ص 124 على نحو ما تقدم.
وروى العلامة البحراني في تفسير البرهان ج 2 ص 188، وفي ذيله حديث طويل عن ابن بابويه الصدوق في كتاب الامالي، ص 443، ط لنجف وهذا نصه: عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عن أبيه عن جده عليهم السلام قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم وهو راكب وخرج علي عليه السلام وهو يمشي فقال له: يا أبا الحسن إما أن تركب وإما أن تنصرف فان الله عزوجل أمرني أن تركب إذا ركبت وتمشي إذا مشيت وتجلس إذا جلست الا أن يكون حد من حدود الله لابد لك من القيام والقعود فيه وما أكرمني الله بكرامة الا وقد أكرمك بمثلها وخصني بالنبوة والرسالة وجعلك وليي في ذلك تقوم في حدوده وفي صعب أموره والذي بعث محمدا بالحق نبيا ما آمن بي من أنكرك ولا أقر بي من جحدك ولا آمن بالله من كفر بك وإن فضلك لمن فضلي وإن فضلي لك لفضل الله وهو قول ربي عزوجل: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) =
[ 608 ]
276 - قال: وسمعت المسعودي، قال: قال شريك: في قول الله: (يا أيها الذين آمنوا أدخلوا في السلم كافة) (1) قال: في ولاية علي.
277 - وروى نوح بن دراج، عن إبراهيم النخعي، عن عبد الله ابن عباس، في حديث طويل، قال: دخلنا على أمير المؤمنين، فقلنا: يا أبا الحسن أخبرنا بما أوصى اليك رسول الله، فقال: إني سأخبركم، قال:
= ففضل الله نبوة نبيكم ورحمته ولاية علي بن أبي طالب فبذلك قال بالنبوة والولاية فليفرحوا - يعني الشيعة - هو خير مما يجمعون - يني مخالفيهم من الاهل والمال والولد في دار الدنيا - والله يا علي ما خلقت الا لتعبد ربك، وليعرف بك معالم الدين، ويصلح بك دارس السبيل وقد ضل من ضل عنك ولن يهتدي إلى الله عزوجل من لم يهتد اليك والى ولايتك وهو قول ربي عزوجل (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم إهتدى) يعني إلى ولايتك ولقد أمرني ربي تبارك وتعالى ان افترض من حقك ما افترضه من حقي وإن حقك لمفروض على من آمن بي ولولاك لم يعرف حزب الله وبك يعرف عدو الله ومن لم يلقه بولايتك لم يلقه بشئ ولقد نزل الله عزوحل الي (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك - يعني في ولايتك يا علي - وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) ولو لم أبلغ ما أمرت به من ولاييتك لحبط عملي ومن لقي الله عزوجل بغير ولايتك فقد حبط عمله وعدا ينجز لي وما أقول الا قول ربي تبارك وتعالى: وإن الذي أقول لمن الله عزوجل أنزله فيك.
وروى العلامة الطبرسي في مجمع البيان ج 5، ص 117. والعلامة المجلسي في البحار ج 1، ص 217.
(1) - سورة البقرة، الاية: 208.
[ 609 ]
إن الله إصطفى لكم الدين وإرتضاه لكم وتمم عليكم نعمه وكنتم أحق بها وأهلها، الله الله يا علي إحفظ وصيتي، وارع ذمامي، وأوف بعهدي وأنجز موعدي، واقض ديني، وكن مكاني، وقم مقامي، وأحي سنتي وأدع من يجئ إلى ملتي، إن الله تعالى لما إصطفاني، وإختارني، ذكرت دعوة موسى، فقلت: إلهي إجعل لي وزيرا، فأوحى الله إلي: إن عليا وزيرك وناصرك والخليفة من بعدك، فأنت يا علي وولدك أئمة الهدي، وأنتم قادة التقى، وبقية عترة المصطفى، أنتم الذين أوجب الله على العباد مودتكم وولايتكم، وأنتم الشجرة التي أنا أصلها وأنتم فرعها، فمن تمسك بها فقد نجا، ومن تخلف عنها فقد هوى، أنتم الذين ذكركم الله في كتابه، ووصفكم لعباده، فقال: (إن الله إصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض) (1) فأنتم صفوة الله من آدم وسلالته من نوح، والال من ابراهيم والاسرة من إسماعيل، والعترة الهادية من محمد (صلى الله عليه واله وسلم) (2).
(1) - سورة آل عمران، الاية: 33.
(2) - إلى هنا ذكر العلامة المجلسي في البحار، ج 33، ص 221، باختلاف طفيف وهذا نصه: شيخ الطائفة باسناده عن ابراهيم بن النخعي عن ابن عباس قال: دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام فقلت: يا أبا الحسن أخبرني بما أوصى اليك رسول الله صلى الله عليه واله، قال: سأخبركم، إن الله اصطفى لكم الدين وارتضاه، وأتم نعمته عليكم، وكنتم أحق بها وأهلها، وأن الله أوحى لى نبيه أن يوصي الي فقال النبي صلى الله عليه واله: يا علي إحفظ وصيتي، =
[ 610 ]
فاصبر يا علي على قضاء الله حلوه ومره، أما أنهم سيظهرون لك من بعدي ما كتموا ويعلنون لك ما أسروا، فإن أتوك فتابعوك طائعين غير مكرهين، فاقبلهم فحظهم الاوفى أصابوا، وربهم أطاعوا، ونبيهم أرضوا وإن أزالوا الحق عنك عداوة وضغنا فحظهم نقصوا، وربهم عصوا، ونبيهم أسخطوا والذي سيصير الامر إليه يا علي سيموت ويدعها ليس بمخلد فيها فلا تزاحمهم على دنياهم، ولا تبع باقيا بفان، وائتني مظلوما، ولا تأتني ظالما، واعلم أنك ما تصير إليه خير مما أنت فيه.
278 - حدثنا أبو حفص عمر بن علي بن يحيى، قال: حدثنا قيس بن
= وارع ذمامي وأوف بعهدي، وأنجز عداتي، واقض ديني، وأحي سنتي، وادع إلى ملتي، لان الله تعالى اصطفاني واختارني فذكرت دعوة أخي موسى فقلت: اللهم اجعل لي وزيرا من أهلي كما جعلت هارون من موسى، فأوحى الله عزوجل إلي أن عليا وزيرك وناصرك والخليفة من بعدك، ثم يا علي أنت من أئمة الهدى، وأولادك منك، فأنتم قادة الهدى والتقى، والشجرة التي أنا أصلها، وأنتم فرعها، فمن تمسك بها فقد نجا ومن تخلف عنها فقد هلك وهوى، وأنتم الذين أوجب الله تعالى مودتكم وولايتكم والذين ذكرهم الله في كتابه ووصفهم لعباده فقال عزوجل من قائل: (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) فأنتم صفوة الله من آدم ونوح وآل ابراهيم وآل عمران، وأنتم الاسرة من إسماعيل، والعترة الهادية من محمد صلى الله عليه وعليهم.
[ 611 ]
حفص، قال: حدثنا يونس (1)، عن علي بن حزور (2)، عن الاصبغ ابن نباته (3) عن علي (عليه السام)، قال: إذا جمع الله الاولين والاخرين فخير الناس سبعة كلهم من ولد عبد المطلب، يدعى نبيكم خير الانبياء، من ولد عبد المطلب، ووصيي نبيكم سيد الاوصياء من ولد عبد المطلب، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، من ولد عبد المطلب، وحمزة سيد الشهداء من ولد عبد المطلب، وجعفر ذو الجناحين من ولد عبد المطلب، والمهدي الذي يخرج في آخر الزمان من ولد عبد المطلب، نحلة من الله لم يعط الاولين والاخرين مثلها(4).
(1) - هو: يونس بن بكير بن واصل الشيباني الجمال الكوفي المتوفى (199). أنظر تهذيب الكمال ج 32 ص 493 رقم: 7171.
(2) - هو: علي بن الحزور الغنوي الكوفي المتوفى (.) أنظر تهذيب الكمال ج 20 ص 366 رقم: 4039.
(3) - هو: أصبغ بن نباتة التميمي، ثم الحنظلي أبا القاسم الكوفي المتوفى (.) أنظر تهذيب الكمال ج 3، ص 308، رقم: 537.
(4) - قال ابن المغازلي في المناقب ص 48 أخبرني أبو طاهر محمد بن علي بن محمد بن عبد الله البيع البغدادي قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن القاسم بن الصلت المالكي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار الانباري النحوي قال: حدثنا أحمد بن الهيثم قال: حدثني سعد بن عبد الحميد قال: حدثنا عبد الله بن زياد الهمامي =
[ 612 ]
............................................................................................................................
= قال: حدثنا عكرمة بن عمار عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: نحن بنو عبد المطلب سادة أهل الجنة: أنا، وعلي وجعفر ابنا أبي طالب، وحمزة بن عبد المطلب، والحسن والحسين عليهم السلام.
وروى أحمد بن عبد الله الطبري في ذخائر العقبى ص 15 و 89 والخطيب البغدادي في تاريخه ج 9 ص 434. والعلامة السمهودي في الاشراف على فضل الاشراف ص 65 مخطوط كما في احقاق الحق ج 18 ص 418 و 419، ج 19 ص 666.
كما روى الكليني (ره) في الكافي ج 1 ص 450 محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن الحسين بن علوان لكلبي عن علي بن الحزور القنوي عن أصبغ بن نباته الحنظلي قال: رأيت أمير المؤمنين عليه السلام يوم افتتح البصرة وركب بغلة رسول الله صلى الله عليه واله ثم قال: أيها الناس الا خبركم بخير الخلق يوم يجمعهم الله، فقام إليه أبو ايوب الانصاري فقال: بلى ايأمير المؤمنين حدثنا فانك كنت تشهد ونغيب، فقال: إن خير الخلق يوم يجمعهم الله سبعة من ولد عبد المطلب لا ينكر فضلهم الا كافر ولا يجحد به الا جاحد، فقام عمار بن ياسر رحمه الله فقال: يا أمير المؤمنين سمهم لنا نعرفهم فقال: إن خير الخلق يوم يجمعهم الله الرسل وإن أفضل الرسل محمد صلى الله عليه واله وإن أفضل كل أمة بعد نبيها وصي نبيها حتى يدركه نبي، الا وإن أفضل الاوصياء وصي محمد عليه واله السلام، الا وان افضل الخلق بعد الاوصياء الشهداء، الا وان افضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب، وجعفر بن أبي طالب له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنة، لم ينحل أحد من هذه الامة جناحان غيره، شئ كرم الله به محمدا صلى الله عليه واله وشرفه والسبطان الحسن والحسين والمهدي عليهم السلام، يجعله الله من شاء منا أهل لبيت، ثم تلا هذه الاية (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع =
[ 613 ]
279 - وروى يحيى بن عبد الحميد، (1) قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن الاعمش عن عباية الاسدي، عن أبي أيوب الانصاري، أن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) قال لفاطمة (عليه السلام): إن أهل بيت أعطينا سبع خصال لم يعطه أحدا من الاولين قبلنا ولا يدركها أحد من لاخرين غيرنا.
نبينا خير لانبياء وهو أبوك، ووصينا خير الاوصياء وهو بعلك، وشهيدنا خير الشهداء وهو حمزة عمك، ومن له جناحان يطير بهما في الجنة حيث يشاء وهو جعفر بن أبي طالب ابن عمك، ومنا سبطا هذه الامة، ومهديهم ولدك (2).
= الذين أنعم الله عليهم من النبيين ولصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا * ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما) الايتان 70 و 71 من سورة النساء. وروى العلامة المجلسي في البحار ج 22 عن الكافي كما تقدم.
(1) - هو: يحيى بن عبد الحميد بن عبد الرحمان بن ميمون أبو زكريا الكوفي المتوفى (228). أنظر تهذيب الكمال ج 31 ص 419 رقم: 6868.
(2) - وقال الهيثمي في مجمع لزوائد ج 9، ص 168. وعن علي بن علي الهلالي عن أبيه قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في شكاته التي قبض فيها فإذا فاطمة رضي الله عنها عند رأسه قال فبكت حتى إرتفع صوتها فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفه إليها فقال: حبيبتي فاطمة ما الذي تبكيك فقالت: أخشي الضيعة بعدك فقال: يا حبيبتي أما علمت أن الله عزوجل إطلع إلى الارض إطلاعة فاختار منها أباك فبعثه برسالته ثم إطلع إلى الارض إطلاعة فاختار منها بعلك وأوحى إلي أن أنكحت إياه، يا فاطمة ونحن أهل بيت قد أعطانا الله سبع خصال لم تعط لاحد قبلنا ولا تعطي أحدا بعدنا أنا خاتم النبيين وأكرم النبيين على الله وأحب =
[ 614 ]
...........................................................................................................................
= المخلوقين إلى الله عزوجل وأنا ابوك ووصيي خير الاوصياء وأحبهم إلى الله وهو بعلك وشهيدنا خير الشهداء واحبهم إلى الله وهو عمك حمزة بن عبد المطلب، وعم بعلك ومنا من له جناحان أخضران يطير مع الملائكة في الجنة حيث شاء وهو ابن عم أبيك وأخو بعلك ومنا سبطا هذه اامة وهما إبناك الحسن والحسين وهما سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما والذي بعثني بالحق خير منهما يا فاطمة والذي بعثني بالحق إن منهما مهدي هذه الامة إذا صارت الدنيا هرجا ومرجا وتظاهرت الفتن وتقطعت السبل وأغار بعضهم على بعض، فلا كبير يرحم صغيرا، ولا صغير يوقر كبيرا، فيبعث الله عزوجل عند ذلك منهما من يفتح حصون الضلالة وقلوبا غلفا يقوم بالدين آخر الزمان كما قمت به في أول الزمان ويملا الدنيا عدلا كما ملئت جورا، يا فاطمة لا تحزني ولا تبكي فان الله عزوجل أرحم بك وأرأف عليك مني وذلك لمكانك من قلبي وزوجك الله زوجا وهو أشرف أهل بيتك حسبا وأكرمهم منصبا وأرحمهم بالرعية وأعدلهم بالسوية وأبصرهم بالقضية، وقد سألت ربي عزوحل أن تكوني أول من يلحقني من أهل بيتي، قال علي رضي الله عنه فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم لم تبق فاطمة رضي الله عنها بعده الا خمسة وسبعين يوما حتى ألحقها الله عزوجل به صلى الله عليه واله وسلم.
وعن أبي أيوب الانصاري، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة: نبينا خير الانبياء وهو أبوك وشهيدنا خير الشهداء وهو عم أبيك حمزة ومنا من له جناحان يطير بهما في الجنة حيث شاء وهو ابن عم أبيك جعفر، ومنا سبطا هذه الامة الحسن والحسين وهما ابناك ومنا المهدي.
أقول: أورد الحديث المغازلي في المناقب ص 101 مفصلا، وفيه: يا فاطمة إنا أهل بيت أعطينا سبع خصال لم يعطها أحد من الاولين ولا الآخرين قبلنا أو قال: ولا يدركها أحد =
[ 615 ]
280 - وحدثنا عمرو بن أبي المقدام (1)، عن يونس بن خباب (2)، عن أبي جعفر، محمد بن علي (عليهما السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): ما بال أقوام إذا ذكر آل ابراهيم وآل موسى وآل عيسى إستبشروا، وإذا ذكر آل محمد إشمأزت قلوبهم !، والذي نفس بيده لو أن أحدهم وافى بعمل سبعين نبيا ما قبل الله منه حتى يوافي بولايتي وولاية أهل بيتي (3).
= منا لآخرين غيرنا، نبينا أفضل الانبياء وهو أبوك، ووصينا خير الاوصياء وهو بعلك، وشهيدنا خير الشهداء وهو: عم أبيك، ومنا من له جناحان يطر بهما في الجنة حيث يشاء وهو: جعفر ابن عمك، ومنا سبطا هذه الامة وهما إبناك، ومنا والذي نفسي بيده مهدي هذه الامة.
وروى الحديث الطبراني في المعجم الصغير ج 1 ص 67 رقم: 88 وروى القندوزي في ينابيع المودة، ص 223 و 436 ومحب الدين أحمد بن عبد الله الطبري في ذخائر العقبى، ص 135.
وابن صباغ المالكي المتوفى (855) في فصول المهمة ص 296.
وأورد الحديث مفصلا، ابن عساكر الدمشقي في ترجمة الامام علي عليه السلام ج 1 ص 394، ط بيروت.
(1) - هو: عمرو بن ثابت بن هرمز البكري أبو محمد ويقال: أبو ثابت الكوفي، أنظر تهذيب الكمال ج 21 ص 553 رقم: 4333.
(2) - هو: يونس بن خباب الاسيدي أبو حمزة الكوفي المتوفي (.) أنظر تهذيب الكمال ج 32، ص 503 رقم: 7174.
(3) - قال العلامة المجلسي (ره) في البحار ح 23، ص 221 رقم: 23 نقلا عن كنز = = جامع الفوائد: عن شيخ الطائفة، عن أبي جعفر القلانسي، عن الحسين بن الحسن، عن
[ 616 ]
281 - وحدثنا أبو حفص، قال: حدثنا عمر بن الخطاب الراسبي (1) قال: حدثنا سكين عبد العزيز (2)، عن هلال بن خباب (3) عن أبيه، قال: خطبنا علي (عليه السلام) فقال في خطبة: نحن والله الذي لا اله غيره أئمة العرب ومنار الهدى حبنا أهل البيت والايمان معا، من تقدمنا هلك، ومن تخلف عنا ضل. قال: وأشار بإصبعيه.
282 - وروى عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا حريز عن الاعمش عن طارق بن شهاب قال: لما قدم عمر الشام لقيته أسقفتها ورؤسها، وقد تقدمه العباس بن عبد المطلب على فرس، وكان العباس جميلا بهيا،
عمرو بن أبي المقدام، عن يونس بن خباب، عن الباقر، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى لله عليه واله وسلم: ما بال أقوام إذا ذكروا آل ابراهيم وآل عمرن إستبشروا، وإذا ذكروا آل محمد (صلى الله عليه واله وسلم) إشمأزت قلوبهم ؟ والذي نفس محمد بيده لو أن أحدهم وافى بعمل سبعين نبيا يوم القيامة ما قبل الله منه حتى يوافي بولايتي وولية علي بن أبي طالب.
(1) - هو: عمر بن الخطاب بن زكريا الراسبي، أنظر تهذيب الكمال ج 21 ص 315 رقم: 4224.
(2) - هو: سكين بن عبد العزيز بن قيس العبدي العطار البصري، أنظر تهذيب الكمال ج 11 ص 209 رقم: 2423.
(3) - هو: هلال بن خباب العبدي أبو العلاء البصري، أنظر تهذيب الكمال ج 30 ص 330 رقم: 6616.
[ 617 ]
فجعلوا يقولون: هذا أمير لمؤمنين، ويقولون له السلام عليك يا أمير المؤمنين فيقول: لست بأمير المؤمنين وأمير المؤمنين ورائي، وأنا والله أولى بالامر منه، فسمعه عمر قال: ما هذا يا أبا الفضل ؟ قا: هو الذي سمعت، فقال: لكني أنا وإياك قد خالفنا بالمدينة من هو أولى بها مني ومنك، قال العباس: ومن هو ؟ فقال: علي بن أبي طالب قل: فما الذي منعك وصاحبك أن تقدماه ؟ فقال: خشية أن يتوارثها عقبكم إلى يوم القيامة، وكرهنا أن تجتمع لكم النبوة والخلافة ! !.
قال له العباس: إن من حسدنا فإنما يحسد رسول الله.
283 - وروى يزيد بن هارون عن المسعودي عن القاسم ابن عبد الرحمن، عن عبد الله بن مسعود، قال: كنا عند رسول الله (صلى الله عليه واله)، وأصحابه عنده حفل مجتمعون وفيهم علي بن أبي طالب فخط رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) خطا بين يديه، وخطا إلى جانبه فقال: هذا السبيل وأشار إلى علي (عليه السلام) وهذه السبل وأشار إليهم فتفرق بكم عن سبيله وأشار إليه ذلكم وصاكم به وأشار إلى السماء لعلكم تعقلون.
284 - قال: وحدثنا علي بن جعفر المديني (1)، عن ابيه (2)، عن
(1) - هو: علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح السعدي، أبو الحسن ابن المديني المتوفى (234) أنظر تهذيب الكمال ج 21، ص 5، رقم: 4096، وفي النسخة المدني غلط.
(2) - هو: عبد الله بن جعفر بن نجيح السعدي مولاهم أبو جعفر المديني المتوفى (178) = = أنظر تهذيب الكمال ج 14، ص 379 رقم: 3206.
[ 618 ]
سهيل بن ابي صالح، (1) عن ابيه (2)، عن ابي هريرة، قال: نظر رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) إلى علي بن بي طالب، فقال: هذا باب الهدى الذي من دخله كان آمنا وهو حجة الله على عباده.
قال علي المديني: عجبا للمخذول أبي هريرة، يروي مثل هذا عن نبي الله، ثم يخالف عليا ويكون مع معاوية.
285 - وروى أبو وليد الكناني فيما رواه، عن حبيب الاعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر، عن عمر، في تحلل علي عند موته، فقال له علي (عليه السلام): على أن تشهد لي شاهدين بظلمك إياي، فأبى عمر ذلك، فقال له ابن عمر بعد خروج علي (عليه السلام): قد أنصفك الرجل ؟، فقال عمر: أسكت، أراد أن لا يترحم على أبيك رجلان (3).
(1) - هو: سهيل بن ابي صالح، واسم ابيه ذكوان السمان، أبو يزيد المدني، أنظر تهذيب الكمال، ج 12، ص 223، رقم: 2629. وفي النسخة سهل وهو غلط.
(2) - هو: ذكوان أبو صالح السمان الزيات المدني المتوفى (101) أنظر تهذيب الكمال، ج 8، ص 513 رقم: 1814.
(3) - قال العلامة البياضي في الصراط المستقيم، ج 3 ص 24: وقال ابن عمر لابن أبي بكر: أكتم على ما أقول، إن أبي لما حضرته الوفاة بكى، فقلت: مم ؟ قال: آت عليا ليحلني وأردد عليه الامر ! فلما جاء قال له ذلك، قال: أجيبك على أن تشهد رجلين من الانصار ورجلين من المهاجرين أنك وصاحبك ظلمتماني، فحول أبي وجهه، فخرج علي، فقلت: قد أجابك فأعرضت عنه ؟ ! فقال: يا أحمق أراد أن لا يصلي علي أحد.
[ 619 ]
286 - وروى أحمد بن يونس الضبي (1) قال: حدثنا جندل بن والق (2) قال: حدثنا محمد بن عمر المازني (3) عن منصور بن مهاجر (4) عن إسماعيل بن أبي زياد (5) عن برد بن أبي بشار (6) عن مكحول عن بشر بن عطية.
قال: لعن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ثلاثة فقال: الا لعنة الله والملائكة أجمعين على من إنتقصني من حقي شيئا، وعلى من آذى عترتي وأهل بيتي، وعلى من إستخف بولايتي، وولاية علي من ولايتي (7).
(1) - هو: أحمد بن يونس بن المسيب أبو العباس الضبي الكوفي المتوفى (268)، أنظر تاريخ بغداد، ج 5، ص 223، رقم: 2699. وسير اعلام النبلاء ج 12، ص 595. رقم: 226.
(2) - هو: جندل بن والق بن هجرس التغلبي أبو علي الكوفي المتوفى (226). انظر تهذيب الكمال ج 5، ص 150، رقم: 977.
(3) روى عنه جندل بن والق أنظر ترجمة جندل.
(4) - هو: منصور بن مهاجر الواسطي المتوفى (.) أنظر تهذيب الكمال ج 28، ص 555، رقم: 6202.
(5) - هو: إسماعيل بن أبي زياد السكوني، قاضي الموصل. أنظر تهذيب الكمال ج 3، ص 96 رقم: 446.
(6) - لعله برد بن سنان الشامي. أنظر تهذيب الكمال ج 4، ص 43.
(7) أنظر كنز العمال ج 16 ص 99. رقم الحديث: 44057. ينابيع المودة، ص 397 و الاشراف على فضل الاشراف ص 81 نسخة الظاهرية كما في إحقاق الحق ج 18 ص 457.
[ 620 ]
287 - وروى سفيان بن وكيع، قال: حدثنا أبو نعيم، عن عبد الملك بن أبي عتبة، عن الحكم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس.
عن بريدة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): يا بريدة الست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قلت: بلى، قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، هو وليكم من بعدي يا بريدة (1).
288 - وروى الحسن بن الحسين العرني (2) عن كادح [بن جعفر] (3) عن ابن لهيعة، عن مسلم بن يسار.
عن جابر بن عبد الله الانصاري، أن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) قال لعلي (عليه السلام): أنت تؤدي ذمتي، وتقاتل على سنتي، وأن احق معك والحق على لسانك وفي قلبك وبين عينيك وإن الايمان مخالط لحمك ودمك، كما خالط لحمي ودمي (4).
(1) - تهذيب الكمال ج 11 ص 100 وتاريخ الاسلام للذهبي ج 2 (عهد) الخلفاء ص 629 فراجع.
(2) - هو: الحسن بن الحسين العرني الكوفي أنظر لسان الميزان ج 2، ص 199 الرقم: 904.
(3) - هو: كادح بن جعفر أبو عبد الله الكوفي، روى عن عبد الله بن لهيعة، أنظر الجرح والتعديل ج 7 ص 176 الرقم: 1006.
(4) - قال ابن المغازلي في المناقب، ص 237: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبيد الله بن القصاب البيع رحمه الله حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب المفيد الجرجاني حدثنا ابو الحسن علي بن سليمان بن يحيى، حدثنا عبد الكريم بن علي، حدثنا جعفر بن محمد =
[ 621 ]
...........................................................................................................................
= بن ربيعة البجلي، حدثنا الحسن بن الحسين العرني، حدثنا كادح بن جعفر، عن عبد الله بن لهيعة، عن عبد الرحمان بن زياد، عن مسلم بن يسار، عن جابر بن عبد الله، قال: لما قدم علي بن ابي طالب بفتح خيبر قال له النبي صلى الله عليه واله: يا علي لولا أن تقول طائفة من أمتي فيك ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك مقالا لا تمر بملا من المسلمين الا أخذوا التراب من تحت رجليك وفضل طهورك يستشفون بهما ولكن حسبك أن تكون مني وأنا منك ترثني وأرثك، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي، وأنت تبرئ ذمتي وتستر عورتي وتقاتل على سنتي، وأنت غدا في الاخرة أقرب الخلق مني وأنت على الحوض خليفتي، وإن شعيتك على منابر من نور مبيضة وجوههم حولي أشفع لهم ويكونون في الجنة جيراني، وإن حربك حربي وسلمك سلمي، وسريرتك سريرتي وعلانيتك علانيتي، وإن ولدك ولدي، وأنت تقضي ديني وأنت تنجز وعدي، وان الحق على لسانك وفي قلبك ومعك وبين يديك ونصب عينيك، [و] الايمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي، لا يرد علي الحوض مبغض لك، ولا يغيب عنه محب لك.
فخر علي عليه السلام ساجدا وقال: الحمد لله الذي من علي بالاسلام وعلمني القرآن، وحببني إلى خير البرية وأعز الخليقة، وأكرم أهل السماوات والارض على ربه، وخاتم النبيين وسيد المرسلين وصفوة الله في جميع العالمين إحسانا من الله العلي الي وتفضلا منه علي، فقال له النبي صلى الله عليه واله: لولا أنت يا علي ما عرف المؤمنون بعدي لقد جعل الله عزوجل نسل كل نبي من صلبه وجعل نسلي من صلبك يا علي فأنت أعز الخلق وأكرمهم علي وأعزهم عندي ومحبك أكرم من يرد علي من أمتي.
[ 622 ]
289 - قال: وحدثنا ابراهيم بن هراسة (1) عن سفيان الثوري (2) عن محمد بن المنكدر (3).
عن جابر بن عبد الله، قال: رأيت رسول الله يوم الحديبية أخذ بضبع علي بن أبي طالب، وهو يقول: علي أمير البررة، قاتل الفجرة منصور من نصره مخذول من خذله.
290 - وروى محمد بن محمد بن جميل، قال: حدثنا جرير، عن الاعمش عن ابي الاضحى عن مسروق.
عن عائشة، أنها قالت: يارسول الله، من الخليفة من بعدك ؟ قال: خاصف النعل، قالت: من خاصف النعل ؟ قال: أنظري، فنظرت، فإذا علي بن ابي طالب، قالت: يارسول الله ذاك علي بن ابي طالب، قال هو ذاك.
291 - وروى أبو عوانة موسى بن يوسف القطان الكوفي، (4) قال:
(1) - هو: ابراهيم بن رجاء الشيباني أبو إسحاق المعروف بابن ابي هراسة. أنظر معجم رجال الحديث، ج 1، ص 222، رقم: 153. ولسان الميزان ج 1، ص 121.
(2) - هو: سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري أبو عبد الله الكوفي المتوفى (161) أنظر تهذيب الكمال ج 11، ص 154، رقم: 2407.
(3) - هو: محمد بن المنكدر بن عبد الله بن عبد العزى القرشي التيمي أبو عبد الله المتوفى (130) أنظر تهذيب الكمال ج 26، ص 503، رقم: 5632.
(4) - هو: موسى بن يوسف بن موسى بن راشد القطان أبو عوانة الكوفي الرازي. أنظر الجرح والتعديل ج2، ص 167 الرقم: 747.
[ 623 ]
حدثنا أحمد بن صبيح (1) قال: حدثنا يحيى بن يعلى (2)، عن عمران بن عمار (3) عن ابي ادريس مؤذن بني قصي، (4) قال: أخبرني مجاهد (5).
عن ابن عمر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): من فارق عليا فارقني ومن فارقني فارق الله (6).
(1) - هو: أحمد بن صبيح الكوفي، روى عن يحيى بن يعلى الاسلمي. أنظر الجرح والتعديل، ج 2 ص 56 الرقم: 76.
(2) - هو: يحيى ن يعلى الاسلمي القطواني أبوزكرياء الكوفي. أنظر تهذيب التهذيب 11، ص 304، الرقم: 587.
(3) - هو: عمران بن عمار، كوفي، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم. أنظر الجرح والتعديل، ج 6، ص 302 الرقم: 1677.
(4) هو: عائذ بن عبد الله أبو ادريس الحولاني العوذي أنظر الجرح والتعديل ج 7، ص 37، الرقم: 200. وتهذيب التهذيب ج 5، ص 85 الرقم: 141.
(5) - هو: مجاهد بن جبر المكي أبو الحجاج المخزومي. أنظر تهذيب التهذيب ج 10، ص 42، الرقم: 68. والجرح والتعديل ج 8 ص 319، الرقم: 1469. وتاريخ الاسلام للذهبي ج 7، ص 235، الرقم: 221.
(6) - قال المغازلي في المناقب، ص 240، ط طهران، الرقم 287: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عبد الوهاب بن طاوان أخبرنا أبو أحمد عمر بن عبد الله بن شوذب، حدثني عيسى بن محمد بن جريح وهو الطوماري، حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان، حدثنا أحمد بن صبيح الاسدي، حدثنا يحيى بن يعلى الاسلمي، عن عمران بن عمران بن عمار، عن ابي إدريس بني قصي وإمامهم ثلاثون سنة، قال: حدثني مجاهد، عن =
[ 624 ]
292 - وروى أبو داود، عن ابن عباس، ان النبي (صلى الله عليه واله وسلم) قال لعلي: أنت ولي كل مؤمن بعدي (1).
= ابن عمر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): من فارق عليا فقد فارقني ومن فارقني [فقد] فارق الله عزوجل. وأخرج الخوارزمي في المناقب ص 57، قال: وأخبرني شهردار هذا إجازة، أخبرني محمد بن إسماعيل الاشقر أخبرني أحمد بن الحسين بن فاذشاه، أخبرني الطبراني، عن الحضرمي عن أحمد بن صبيح الاسدي، عن يحيى بن يعلى، عن عمار بن عمار، عن ابي ادريس، عن مجاهد، عن ابن عمر قال: رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من فارق عليا فارقني ومن فارقني فارق الله عزوجل.
وقال الحافظ الطبراني في المعجم الكبير ج 12، ص 323، الرقم 13559: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا أحمد بن صبيح الاسدي ثنا يحيى بن يعلى عن عمران بن عمار عن ابي ادريس حدثني عن ابن عمر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: " من فارق عليا فارقني ومن فارقني فارق الله ".
وقال المتقي الهندي في كنز العمال ج 11 ص 614 الرقم: 32874 و 32975 و 32976.
كما ذكر ايضا العلامة الدهلوي في قرة العينين ص 119 ط بلدة پشاور، كما في كنز العمال.
(1) - قال الحافظ سليمان بن داود الفارسي البصري الشهير بابي داود الطيالسي المتوفى (204) في مسنده، ص 360، الرقم: 2725: حدثنا يونس، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا أبو عوانة، عن ابي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي: أنت ولي كل مؤمن بعدي.
وقال ابن كثير في البداية والنهاية ج 7 (4)، ص 345: وقال أبو داود الطيالسي: عن شعبة، عن ابي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي =
[ 625 ]
293 - وروى عن الاسود بن عامر، قال: حدثنا شريك، عن ابي إسحاق، عن حبشي بن جنادة، (1) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يقول: علي مني وأنا منه لا يؤدي عني الا انا أو علي (2).
= " أنت ولى كل مؤمن بعدي ".
وقال العلامة المناوي المتوفي (1031) في كنوز الحقائق، ص 203، ط بولاق: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا علي أنت ولي كل مؤمن بعدي ".
(1) - هو: حبشي بن جنادة بن نصر السلولي، له صحبة، يعد في الكوفيين، أتهذب الكمال ج 5، ص 349.
(2) - قال الحافظ أحمد بن حنبل المتوفى (241) في مسنده ج 4 ص 165: حدثنا عبد الله حدثني أبي، حدثنا أسود بن عامر، أنبأنا شريك، عن ابي إسحق، عن حبشي بن جنادة، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: علي مني وأنا منه ولا يؤدي عني الا انا أو علي.
وقال: حدثنا عبد الله، حدثني أبي، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا شريك، عن ابي اسحق عن حبشي بن جنادة السولي، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: علي مني وانا منه ولا يؤدي عني الا انا أو علي، قال شريك قلت لابي اسحق: أنت اين سمعته منه ؟ قال موضع كذا وكذا لا احفظه، وقال الحافظ أحمد بن شعيب النسائي المتوفى (303) في خصائصه ط بيروت، ص 143 الرقم: 74: أخبرنا أحمد بن سليمان، قال: حدثنا يحيى بن آدم، قال: حدثنا إسرائيل، عن ابي إسحاق: عن حبشي بن جنادة السلولي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: علي مني وأنا منه ولا يؤدي عني الا أنا أو علي.
وقال الحافظ عبد الله بن محمد بن أبي شيبة الكوفي المتوفى (235) في مصنفه ج 12، =
[ 626 ]
............................................................................................................................
= ص 59 رقم الحديث 12120: حدثنا شريك عن ابي إسحاق، عن حبشي بن جنادة، قال: قلت له: يا ابا اسحاق ! اين رأيته ؟ قال: وقف علينا في مجلسنا، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول: علي مني وأنا منه، ولا يؤدي عني الا علي.
حدثنا عبد الله، حدثني ابي، حدثنا أبو أحمد، حدثنا إسرائيل، عن ابي اسحق، عن حبشي بن جنادة السلولي وكان قد شهد حجة الوداع، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: علي مني وأنا منه ولا يؤدي عني الا أنا أو علي.
وقال الحافظ أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني المعروف بابن ماجة المتوفى (275) في سننه ج 1 ص 44 الرقم 119: حدثنا أبو بكر بن ابي شيبة، وسويد بن سعيد، وإسمعيل بن موسى، قالوا: حدثنا شريك، عن ابي اسحاق، عن حبشي بن جنادة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " علي مني وأنا منه. ولا يؤدي عني الا علي ".
وقال الحافظ أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي المتوفى (297) في سننه ج 5 ص 636 رقم الحديث 3719: حدثنا إسمعيل بن موسى، حدثنا شريك، عن ابي اسحق عن حبشي بن جنادة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: علي مني وأنا من علي، ولا يؤدي عني الا انا أو علي.
قال أحمد المحمودي: ذكر الحديث جل أصحاب الحديث، منهم: العلامة الطبري المتوفى (310) في ذيل المذيل ص 67، ط مصر. وابن المغازلي الواسطي في المناقب، ص 221.
والحافط أحمد بن الحسين البغوي الشافعي في مصابيح السنة ص 202، والحافظ الخوارزمي في المناقب ص 79. وابن الاثير الجزري في جامع الاصول ج 9، ص 471. والحمويني في فرائد السمطين ج 1 ص 58. والذهبي في تذكرة الحفاظ ج 2، =
[ 627 ]
294 - وروى أبو سهيل أحمد بن التمامي قال: حدثنا عبد الله ابن الحسن بن عبد الله بن العباس، قال: حدثنا معاوية بن عبد الله ابن أبي رافع عن ابيه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): إن الله عهد الي في علي بن أبي طالب (عليه السلام) عهدا، فقلت: ربي بينه لي، قال: إسمع يا محمد، قلت: ربي سمعت، قال: يا محمد إن علي بن ابي طالب راية الهدى من بعدك وإمام أوليائك ونور من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمها عبادي، فمن أحبه فقد أحبني، ومن أبغضه فقد أبغضني، فبشره بذلك (1).
= ص 455، وتاريخ الاسلام ج 2، (عهد الخلفاء) ص 630. ومحمد بن يوسف الشهير بابي حيان الاندلسي المتوفى (754) في تفسيره بحر المحيط ج 5 ص 6 و 7 ومن أراد التفصيل فعليه بكتاب إحقاق الحق ج 5، ص 274.
قال ابن كثير في البداية والنهاية ج 4، (8)، ص 131: وقال ابن عساكر باسناده: عن أبي داود الطيالسي. وروى الحديث بعينه. وفي سير اعلام النبلاء ج 3 ص 143.
ثم أن في " ح " و " ش " كان هكذا: وروى أبو داود، قال: حدثنا أيوب بن جابر، عن أبي إسحاق، عن الاسود بن يزيد، قال: قلت لعائشة: الا تعجبين لرجل من الطلقاء ينازع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخلافة ؟ فقالت: وما تعجب من ذلك ؟ هو سلطان الله يؤتيه البر والفاجر، وقد ملك فرعون أهل مصر أربعمائة سنة، وكذلك غيره من الكفار.
قال الذهبي في سير اعلام النبلاء ج 3 ص 143: أيوب بن جابر: عن ابي اسحاق، عن الاسود، قلت لعائشة: الا تعجبين لرجل من الطلقاء ينازع أصحاب محمد في الخلافة ؟ قالت وما يعجب ؟ هو سلطان الله يؤتيه البر والفاجر. وقد ملك فرعون مصر أربع مأة سنة.
(1) - لم أجد هذا السند بهذا الحديث، الا أنه قريب لما ورد في ترجمة الامام علي بن =
[ 628 ]
...........................................................................................................................
= ابي طالب عليه السلام من تاريخ ابن عساكر ج 2، ص 188، الرقم: 180، وهو هكذا: أخبرنا أبو البركات عمر بن إبراهيم بن محمد الزبيدي أنبأنا أبو الفرج الشاهد أنبأنا، ابو الحسن محمد بن جعفر البكار النحوي أنبأنا أبو عبد الله محمد بن القاسم المحاربي، أنبأنا عباد بن يعقوب، أنبأنا علي بن هاشم، عن محمد بن عبيدالله بن ابي رافع عن عون بن عبيدالله: عن ابي جعفر وعن عمر بن علي قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى عهد الي في علي عهدا قلت رب بينه لي قال إسمع يا محمد. قال: قلت: سمعت. قال: إن عليا راية الهدى بعدي وإمام أوليائي ونور من أطاعني وهو الكلمة التي الزمتها المتقين فمن أحبه أحبني ومن أبغضه أبغضني فبشره بذلك.
أقول: أورد الحديث مفصلا أبو نعيم الاصبهاني في الحلية الاولياء ج 1، ص 66، وهو: حدثنا محمد بن حميد، حدثنا علي بن سراج المصري، حدثنا محمد بن فيروز، حدثنا ابو عمر لاهز بن عبد الله، حدثنا معتمر بن سليمان، عن ابيه، عن هشام بن عروة، عن ابيه قال: حدثنا انس بن مالك، قال: بعثني النبي إلى ابي برزة الاسلمي فقال له - وأنا أسمع - يا ابا برزة ان رب العالمين عهد الي عهدا في علي بن ابي طالب فقال انه راية الهدى ومنار الايمان وامام اوليائي ونور جميع من أطاعني يا ابا برزة علي بن ابي طالب وصاحب رايتي في القيامة أميني غدا في القيامة على مفاتيح خزائن رحمة ربي.
وقال: حدثنا أبو بكر الطلحي حدثنا محمد بن علي بن دحيم، حدثنا عباد بن سعيد بن عباد الجعفي، حدثنا محمد بن عثمان بن ابي البهلول، حدثني صالح بن ابي الاسود، عن ابي المطهر الرازي، عن الاعشى الثقفي، عن سلام الجعفي، عن ابي برزة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى عهد الي عهدا في علي فقلت: يا رب بينه لي فقال إسمع: فقلت =
[ 629 ]
295 - وروى عن محمد بن ابان، عن فضيل (1)، عن ثور بن يزيد (2)، عن خالد بن معدان (3)، عن
= سمعت: فقال ان عليا راية الهدى وامام اوليائي ونور من اطاعني وهو الكلمة التي الزمتها المتقين من أحبه احبني ومن أبغضه أبغضني فبشره بذلك فجاء علي بشرته فقال يارسول الله انا عبد الله وفي قبضته فان يعذبني فبذنبي وإن يتم لي الذي بشرتني به فالله اولي بي قال: قلت: اللهم اجل قبله واجل ربيعه الايمان فقال الله: قد فعلت به ذلك ثم انه رفع إلى انه سيخصه من البلاء بشئ لم يخص به احدا من اصحابي فقلت يا ربي اخي وصاحبي فقال: إن هذا لشئ قد سبق انه مبتلى ومبتلى به.
وأورد الحديث ابن المغازلي في المناقب ص 46 كما تقدم، والخوارزمي في المناقب ط النجف ص 220 والگنجي الشافعي في كفاية الطالب ص 72 والبغدادي في تاريخه ج 14 ص 98 والحمويني في فرائد السمطين ط بيروت ج 1 ص 151. وابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة ط مصر ج 9 ص 167. وابن عدي في الكامل ج 7 ص 2600. والعلامة الصفوري في نزهة المجالس ج 2 ص 208 ط مصر. والعلامة العيني الحنفي في مناقب سيدنا علي ص 23 ط أعلم پريش. كما في إحقاق الحق ج 15 ص 80 والقندوزي في ينابيع المودة ص 78.
(1) - هو: فضيل بن عياض بن مسعود بن بشر التميمي اليربوعي. أنظر تهذيب الكمال ج 23، ص 281، الرقم: 4763.
(2) - هو: ثور بن يزيد بن زياد الكلاعي أبو خالد الشامي الحمصي، أنظر تهذيب الكمال ج 4، ص 418 الرقم: 862.
(3) - هو: خالد بن معدان بن ابي كرب الكلاعي أبو عبد الله الشامي الحمصي، انظر =
[ 630 ]
زاذان (1)؛
عن سلمان قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يقول: كنت انا وعلي نورا بين يدي الله قبل ان يخلق الله ادم باربعة عشر الف عام، فلما خلق الله آدم قسم ذلك النور جزءين ركبا في ادم فجزء أنا وجزء علي بن ابي طالب، فنور الحق معنا نازل حيثما نزلنا (2).
= تهذيب الكمال ج 8، ص 167، الرقم: 1653.
(1) - هو: زاذان أبو عبد الله، ويقال: أبو عمر الكندي الكوفي، انظر تهذيب الكمال ج 9، ص 263، الرقم: 1945.
(2) - قال المغازلي في المناقب ص 87: أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد سهل النحوي رحمه الله، أخبرنا أبو الحسن علي بن منصور الحلبي الاخباري أخبرنا علي بن محمد العدوي الشمشاطي، حدثنا الحسن بن علي بن زكريا حدثنا أحمد بن المقدام العجلي حدثنا الفضيل بن عياض عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان، عن زاذان، عن سلمان قال: سمعت حبيبي محمدا صلى الله عليه وسلم يقول: كنت انا وعلي نورا بين يدي الله عز وجل يسبح الله ذلك النور ويقدسه قبل ان يخلق الله ادم بالف عام، فلما خلق الله آدم، ركب ذلك النور في صلبه فلم يزل في شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب: ففي النبوة وفي علي الخلافة.
وأورد الحديث الحافظ أبو شجاع شيرويه بن شهردار الديلمي الهمداني المتوفي سنة 509 في فردوس الاخبار ط بيروت ج 2، ص 305، الرقم: 2776، في باب الخاء قال باسناده عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم خلقت أنا وعلي من نور واحد قبل أن يخلق الله آدم باربعة آلاف سنة فلما خلق الله آدم ركب ذلك في صلبه فلم =
[ 631 ]
............................................................................................................................
= يزل في شئ واحد حتى افترقا في صلب عبد المطلب ففي النبوة وفي علي الخلافة.
وأخرج الحديث ايضا ابن عساكر الدمشقي في ترجمة الامام علي بن ابي طالب عليه السلام ط بيروت ج 1 ص 151 الرقم: 186 قال: أخبرنا أبو غالب ابن البناء، أنبأنا أبو محمد الجوهري / 73 / أ / أنبأنا أبو علي محمد بن أحمد بن يحيى العطشى، أنبأنا أبو سعيد العدوي الحسن بن علي أنبأنا أحمد بن المقدام العجلي أبو الاشعث السمرقندي الزاهد أنبأنا الفضيل بن عياض، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان: عن زاذان، عن سلمان قال: سمعت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كنت انا وعلي نورا بين يدي الله مطيعا يسبح الله ذلك النور ويقدسه قبل ان يخلق آدم باربعة عشر الف عام، فلما خلق الله آدم ركز ذلك النور في صلبه، فلم نزل في شئ واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب كذا فجزء أنا وجزء علي.
انظر مختصر تاريخ دمشق لابن منظور ج 17 ص 318.
قال الحموييني في فرائد السمطين ط النجف ص 29 وفي ط بيروت ج 1 ص 41، باسناده عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خلقت انا وعلي بن ابي طالب من نور عن يميين العرش نسبح الله ونقدسه من قبل ان يخلق الله عزوجل آدم باربعة عشر الف سنة، فلما خلق الله آدم نقلنا إلى اصلاب الرجال وأرحام النساء الطاهرات، ثم نقلنا إلى صلب عبد المطلب وقسمنا نصفين بجعل النصف في صلب ابي عبد الله وجعل النصف في صلب عمي ابي طالب، فخلقت من ذلك النصف وخلق علي من النصف الاخر، واشتق الله تعالى لنا من اسمائه، فالله عزوجل المحمود وانا محمد، والله الاعلى وأخي علي، والله الفاطر وابنتي فاطمة، والله محسن وابناي الحسن =
[ 632 ]
296 - وروى عن زكريا بن يحيى الكوفي (1)، عن علي بن القاسم (2) عن سعد بن طارق، (3) عن عثمان بن القاسم (4).
عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): الا أدلكم على ما أن تسلمتم عليه لم تهلكوا، ؟ إن إمامكم ووليكم علي بن ابي طالب، فناصحوه وصدقوه، فإن جبرائيل أمرني بذلك.
297 - وروى الحماني، قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن ابي هارون العبدي.
عن ابي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يقول: الله ربي ولا إمارة لي معه (وأنا رسول الله ولا إمارة معي، وعلي مولى من
= والحسين، وكان اسمي في الرسالة والنبوة وكان اسمه في الخلافة والشجاعة فانا رسول الله وعلي سيف الله.
كما اورد الذهبي في ميزان الاعتدال ج 1 ص 705. والگنجي الشافعي في كفاية الطالب ط النجف ص 314 و 315. والرياض النضرة ج 2 ص 164، والقندوزي في ينابيع المودة، ص 10.
(1) - هو: زكريا بن يحيى بن عمر بن حصن الطائي الكوفي، أنظر تهذيب الكمال ج 9 ص 383 رقم: 2002.
(2) - هو: علي بن القاسم الكندي، أنظر الجرح والتعديل ج 6، ص 201، رقم: 1105.
(3) - هو: سعد بن طارق بن اشيم أبو مالك الاشجعي الكوفي، أنظر تهذيب الكمال ج 10 ص 269 رقم: 2211.
(4) - هو: عثمان بن القاسم الباهلي، الجرح والتعديل ج 6، ص 165 رقم: 905.
[ 633 ]
كنت مولاه ولا إمارة معه) (1).
298 - وروى الحسن بن الحسين العرني (2) عن كادح [بن جعفر] عن [عبد الله] بن لهيعة (3)، عن مسلم بن يسار (4).
عن جابر بن عبد الله الانصاري (5)، قال: لما قدم علي على رسول الله
(1) - ما بين القوسين كانت ساقطة من " ش ".
وقال العلامة المجلسي (ره) في البحار، ج 25 ص 361: وروى الكراجكي في كنز الفوائد عن الحسين بن محمد بن علي الصيرفي البغدادي، عن محمد بن عمر الجعابي، عن محمد بن محمد بن سليمان، عن أحمد بن محمد بن يزيد، عن إسماعيل بن ابان، عن ابي مريم، عن عطا، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: الله ربي ولا امارة لي معه، وانا رسول ربي لا امارة معي، وعلي ولي من كنت وليه ولا امارة معه.
(2) - هو: الحسن بن الحسين العرني الكوفي روى عن كادح بن جعفر، أنظر الجرح والتعديل ج 3، ص 6، الرقم: 20.
(3) - هو: عبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي، أنظر الجرح والتعديل ج 5، ص 145، الرقم: 682.
(4) - هو: مسلم بن يسار أبو عبد الله البصري الفقيه مولى بني امية، أنظر الجرح والتعديل ج 8، ص 198، الرقم: 868. ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور ج 24 ص 298. وطبقات الكبرى لابن سعد ج 7 ص 186.
(5) - هو جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة الخزرجي السلمي أبو عبد الله الانصاري، أنظر تهذيب التهذيب ج 2 ص 42.
[ 634 ]
(صلى الله عليه واله وسلم) بفتح خيبر، قال رسول الله: لولا ان تقول طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك اليوم قولا لا تمر بملا من المسلمين الا اخذوا من تراب رجليك وفضل طهورك يستشفون به، (1) ولكن حسبك أن تكون مني وانا منك ترثني وارثك، وانت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي وانك تؤدي ذمتي، وتقاتل على سنتي، وإنك غدا في الاخرة اقرب الناس مني، وانك غدا على الحوض خليفتي، وانك اول من يرد علي الحوض غدا، وانك اول من يكسى معي، وانك اول داخل الجنة من امتي، وان شيعتك على منابر من نور مبيضة وجوههم حولي أشفع لهم، ويكونون في الجنة جيراني، وان حربك حربي وسلمك سلمي وسرك سري وعلانيتك علانيتي، وسريرة صدرك كسريرة صدري وان ولدك ولدي، وأنك منجز عداتي، وان الحق معك والحق على لساني وفي قلبك وبين عينيك، وان الايمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي، وانه لا يرد على الحوض غدا مبغض لك، ولن يغيب عنه محب لك غدا حتى يرد الحوض معك (2).
(1) - إلى هنا ذكر الخوارزمي في مقتل الحسين، ط الغري، ص 45.
(2) - وقال الحافظ سليمان بن ابراهيم القندوزي الحنفي في ينابيع المودة ص 130:
أخرج أبو المؤيد اخطب الخطباء موفق بن أحمد الخوارزمي عن سيد الحفاظ ابي منصور شهردار ابن شيروية الدولي بسنده عن زيد بن علي بن الحسين عن ابيه عن جده عن امير المؤمنين علي رضي الله عنه قال لي رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يوم فتحت خيبر بقدرت الله: =
[ 635 ]
............................................................................................................................
= لولا أن تقول فيك طوائف من امتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقت فيك مقالا لا تمر على ملاء من المسلمين الا اخذوا من تراب رجليك وفضل طهورك يستشفون به ولكن حسبك ان تكون مني وانا منك ترثني وارثك وانت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي يا علي انت تؤدي ديني وتقاتل على سنتي وانت في الاخرة اقرب الناس مني وانك غدا على الحوض خليفتي وانت اول من يرد على الحوض وانت تذود منافقين عن حوضي وانت اول داخل في الجنة من امتي وان محبيك واتباعك على منابر من نور رواء مروئين مبيضة وجوههم حولي اشفع لهم فيكونون غدا جيراني وان اعدائك غدا ظماء مظمئين مسودة وجوههم يضربون بالمقامع وهي سياط من نار مقمحين وحربك حربي وسلمك سلمي وسرك سري وعلانيتك علانيتي وسريرة صدرك سريرة صدري وانت باب عملي وان ولدك ولدي ولحمك لحمي ودمك دمي وان الحق معك والحق على لسانك وفي قلبك وبين عينيك والايمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي وان الله أمرني ان ابشرك انك وعترتك ومحبيك في الجنة وعدوك في النار لا يرد على الحوض مبغضك ولا يغيب عنه محبك قال علي فخررت ساجد الله تبارك وتعالى وحمدته على ما انعم به من الاسلام والقرآن وحببني إلى خاتم النبيين وسيد المرسلين صلى الله عليه واله وسلم. انظر كتاب المناقب للخوارزمي ط النجف ص 96.
كما اورد الحديث ايضا في مقتله ط النجف ص 45، وكما اورد الهيثمي في مجمع الزوائد ج 9 ص 134 ان رسول ابله صلى الله عليه وسلم قال لعي والذي نفسي بيده لولا ان يقول فيك طوائف من امتي بما قالت النصاري في عيسى بن مريم لقلت فيك اليوم مقالا لا تمر باحد من المسلمين الا اخذ التراب من اثر قدميك يطلب به البركة. ورواه ايضا ابن ابي =
[ 636 ]
قال فخر علي (عليه السلام) ساجدا، ثم قال: الحمد لله الذي من علي بالاسلام، وعلمني القرآن، وحببني إلى خير البرية خاتم النبيين وسيد المرسلين احسانا منه الي وفضلا منه علي (1).
= الحديد في شرح نهج البلاغة ج 2 ص 449 ط القاهرة روى الحديث من طريق أحمد بن حنبل في المسند بعين ما تقدم عن الخوارزمي في مقتله وذكر ايضا امرتسري في أرجح المطالب ص 454 ط لاهور.
روى الحديث من طريق الديلمي في فردوس الاخبار عن علي بعين ما تقدم في مقتل الحسين للخوارزمي.
وذكر الحافظ ابن عبد البر الاندلسي في الاستيعاب ج 2 ص 461 حيدر آباد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: تفترق فيك أمتي كما افترقت بنو إسرائيل في عيسى. انظر إحقاق الحق ج 7 ص 293. وروى ايضا أبو جعفر الكليني رحمه الله المتوفى (329) في الكافي، ج 8، ص 57، رقم: 18.
(1) - قال المغازلي في المناقب ص 237 الرقم: 285: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبيد الله بن القصاب البيع رحمه الله حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب المفيد الجرجرائي، حدثنا ابو الحسن علي بن سليمان بن يحيى، حدثنا عبد الكريم بن علي، حدثنا جعفر بن محمد بن ربيعة البجلي، حدثنا الحسن بن الحسين العرني، حدثنا كادح بن جعفر، عن عبد الله بن لهيعة، عن عبد الرحمن بن زياد، عن مسلم بن يسار، عن جابر بن عبد الله قال: لما قدم علي، بن ابي طالب بفتح خيبر قال له النبي صلى الله عليه واله: يا علي لولا ان تقول طائفة من امتي فيك ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك مقالا لا تمر بملا من المسلمين الا اخذوا التراب من تحت رجليك وفضل طهورك يستشفون بهما ولكن حسبك ان تكون مني وانا منك ترثني وارثك، وانت مني بمنزلة هرون من موسى غير انه لا نبي بعدي، وانت =
[ 637 ]
فقال له النبي (صلى الله عليه واله وسلم) عند ذلك: لولا أنت يا علي لم يعرف المؤمنون بعدي (1).
= تبرئ ذمتي وتستر عورتي وتقاتل على سنتي وانت غدا في الاخرة اقرب الخلق مني و أنت على الحوض خليفتي، وان شعيتك على منابر من نور مبيضة وجوههم حولي أشفع لهم ويكونون في الجنة جيراني، وإن حربك حربي وسلمك سلمي، وسريرتك سريرتي وعلانتيك علانيتي، وان ولدك ولدي.
وانت تقضي ديني وانت تنجز وعدي، وان الحق على لسانك وفي قلبك ومعك وبين يديك ونصب عينيك، والايمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي، لا يرد علي الحوض مبغض لك، ولا يغيب عنه محب لك.
فخر علي عليه السلام ساجدا وقال: الحمد لله الذي من علي بالاسلام وعلمني القرآن، وحببني إلى خير البرية وأعز الخليقة، وأكرم اهل السموات والارض على ربه، وخاتم النبيين، وسيد المرسلين، وصفوة الله في جميع العالمين، إحسانا من الله العلي الي وتفضلا منه علي.
فقال له النبي صلى الله عليه واله: لولا انت يا علي ما عرف المؤمنون بعدي لقد جعل الله عزوجل نسل كل نبي من صلبه، وجعل نسلي من صلبك يا علي، فأنت أعز الخلق وأكرمهم علي وأعزهم عندي ومحبك أكرم من يرد علي من أمتي.
(1) - قال المغازلي في المناقب ص 70: أخبرنا ابراهيم بن غسان البصري إجازة أن أبا علي الحسين ابن أحمد حدثهم قال: حدثنا عبد الله بن احمد بن عامر الطائي حدثنا ابي احمد بن عامر حدثنا علي بن موسى الرضا قال: حدثني ابي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمد قال: حدثني ابي محمد بن علي قال: حدثني ابي علي الحسين قال: حدثني ابي: الحسين بن علي قال: حدثني ابي علي بن ابي طالب عليهم السلام =
[ 638 ]
299 - وروى العرني (1)، عن يحيى بن يعلى (2) عن عمار بن رزيق الضبي (3) عن ابي إسحاق (4) عن زياد بن طريف الطائي (5) قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): من أحب ان يحيا حياتي ويموت ميتتي ويدخل الجنة التي وعدني ربي، وهي جنة الخلد قضيبا غرسه بيده، فليتول علي بن ابي طالب وذريته من بعده فإنهم لن يخرجوهم من باب هدى ولن يدخلوها في باب ضلالة (6).
= قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: لولاك ما عرف المؤمنون من بعدي.
(1) - هو: الحسن بن الحسين كما تقدم.
(2) - هو: يحيى بن يعلى الاسلمي القطواني أبو زكريا الكوفي المتوفى (.) أنظر تهذيب الكمال ج 32 ص 50 رقم: 6951.
(3) - هو: عمار بن رزيق الضبي التميمي، أبو الاحوص الكوفي المتوفى (159). انظر تهذيب الكمال ج 21 ص 189 رقم: 4159.
(4) - السبيعي.
(5) - زياد الطائي أنظر تهذيب الكمال ج 9 ص 527 رقم: 2076.
(6) - قال الخوارزمي في المناقب ص 35 ط الغري: وأنبأني مهذب الائمة، هذا أخبرني أحمد بن الحسين المستعمل، أخبرني الحسين بن علي بن محمد بن العباس بن محمد بن زكريا، أخبرني أبو سعيد الحسن بن علي، حدثني الحسن بن راشد، حدثني شريك، عن الاعمش، عن حبيب بن ابي ثابت، عن ابي الطفيل، عن زيد بن ارقم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله من أحب ان يستمسك بالقضيب الاحمر الذي غرسه الله في جنة عدن بيمينه فليستمسك بحب علي بن ابي طالب عليه السلام. =
[ 639 ]
300 - وروى القاسم بن المنذر النخعي، (1) عن قيس بن الربيع (2) عن
= وقال الحافظ أبو نعيم الاصبهاني في حلية الاولياء ج 1 ص 86: حدثنا فهد بن ابراهيم بن فهد، حدثنا محمد بن زكريا الغلابي، حدثنا بشر بن مهران، حدثنا شريك، عن الاعمش، عن زيد بن وهب، عن حذيفة.
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من سره أن يحيا حياتي ويموت ميتتي، ويتمسك بالقصبة الياقوتة التي خلقها الله بيده ثم قال لها كوني فكانت، فليتول علي بن ابي طالب من بعدي ".
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ج 9 ص 111: وعن زياد بن مطرف، عن زيد بن أرقم وربما لم يذكر زيد بن ارقم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أحب أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويسكن جنة الخلد الذي وعدني ربي عزوجل، غرس قضبانها بيده فليتول علي بن ابي طالب، فانه لن يخرجكم من هدى ولن يدخلكم في ضلالة ".
وقال الحافظ المتقي الهندي في كنز العمال ج 11 ص 611 الرقم: 32969: من أحب ان يحيا حياتي ويموت موتي ويسكن جنة الخلد التي وعدني ربي فان ربي عزوجل غرس قضبانها بيده فليتول علي بن ابي طالب، فانه لن يخرجكم من هدى، ولن يدخلكم في ضلالة.
وقال المتقي ايضا تحت رقم: 32960: من أحب أن يحيا حياتي، ويموت ميتتي ويدخل الجنة التي وعدني ربي قضبانا من قضبانها غرسها بيده وهي جنة الخلد، فليتول عليا وذريته من بعده، فانهم لن يخرجوكم من باب هدى، ولن يدخلوكم في باب ضلالة.
(1) - انظر المصدر.
(2) - هو: قيس بن الربيع الاسدي أبو محمد الكوفي المتوفى (167). انظر تهذيب الكمال ج 24 ص 25 رقم: 4903.
[ 640 ]
الرصافي عن مالك المازني قال: سمعت ابا سعيد الخدري يقول: أتاني معاوية وعمرو بن العاص وابو موسى الاشعري، فقالوا: جئناك نسألك عن هذا الرجل يعنون عليا (عليه السلام) فقلت: هو أحلى عندي من العسل وأمر عندكم من الدفلى وأخف على فؤادي من الريش (1) وأثقل عليكم من الجبال الرواسي، أو قال: من الجبل الراسي، من حاد عنه أخطأ الطريق، ومن لزمه سلك الحدود (2) أمن العثار، فهو سمش الله المنيرة وسبيله الواضح وعلمه اللائح، نور لمن لزمه، وشفاء لمن اقتدى به، حجة الله على خلقه وباب حطته ومن [دخله وسلك مسالكه] كان آمنا، ومن تركه كان خائبا.
أما والله ما حدتم عنه الا لخشونة مأكله وتقص أموره، والله لو ألعقكم [لفقكم] الله من الدنيا حسواتها ما إبتغيتم به بدلا، ووالله ما عليا (عليه السلام) أردنا بما قلنا، وما أردنا به الا الله وحده، ثم القربة إلى رسوله (صلى الله عليه واله وسلم) (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) (3).
(1) - وفي " ش " و " ح ": من البرنس.
(2) - وفي " ح " و " ش ": الجدد.
(3) - سورة الشعراء، الاية: 227. قال العلامة المجلسي (ره) في بحار الانوار ج 22 ص 127 نقلا عن تفسير الفرات الكوفي: عبيد بن كثير معنعنا عن مالك المازني قال: أتى تسعة نفر إلى ابي سعيد الخدري فقالوا: يا ابا سعيد هذا الرجل يكثر الناس فيه ما تقول فيه ؟ فقال: عمن تسألوني ؟ قالوا: نسأل عن علي بن ابي طالب عليه السلام فقال: أما أنكم تسألوني عن رجل أمر من الدفلى، واحلى من العسل، وأخف من الريشة، وأثقل من الجبال، أما والله ما حلا الا على السنة المؤمنين، وما اخف الا على قلوب المتقين، فلا احبه أحد قط
[ 641 ]
فهذه اخبارهم التي قد رووها كلها دالة على امامة علي (عليه السلام) من دون قوم توثبوا عليها، وذكروا ان النبي (صلى الله عليه واله وسلم) أهمل امر الامة فيها، فلما أوردنا عليهم القواطع سألونا: لم حظرتم الامامة الا ان يكون في بني هاشم ؟ ! دون تيم وعدي وسائر قبائل قريش ؟ فأوردنا حججا لم يقدروا على دفعها وقربناها من افهامهم، ولم نجر في العناد كما جروا، وعلمناهم فيها ان الامامة التي هي فرع الرسالة لا تجوز الا ان تكون في قوم تجتمع
= لله ولرسوله الا حشره الله من الآمنين وانه لمن حزب الله، وحزب الله هم الغالبون، والله ما أمر الا على لسان كافر، ولا عبس ولا بسر ولا عسر ولا مضر ولا التفت ولا نظر ولا تبسم ولا يجري ولا ضحك إلى صاحبه ولا قال اعجب لهذا الامر الا حشره الله منافقا مع المنافقين " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ".
وقال في المجلد 39 ص 291: محمد بن أحمد بن عثمان بن دليل معنعنا عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جاؤا ستة نفر من قريش في زمان ابي بكر، فقالوا له: يا ابا سعيد هذا الرجل الذي يكثر فيه ويقل، قال: عمن تسألون ؟ قالوا: نسألك عن علي بن ابي طالب عليه السلام، فقال: أما إنكم سألتموني عن رجل امر من الدفلى، وأحلى من العسل، وأخف من الريشة، وأثقل من الجبل، اما والله ما حلا الا على السنة المتقين ولا خف الا على قلوب المؤمنين، والله ما مر على لسان احد قط الا على لسان كافر، ولا ثقل على قلب أحد الا على قلب منافق، ولا زوى عنه احد ولا صدف ولا التوى ولا كذب ولا احوال ولا ازوار عنه ولا فسق ولا عجب ولا تعجب - وهي سبعة عشر حرفا - الا حشره الله منافقا من المنافقين، ولا علي الا اريد ولا اريد الا علي، " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ". أنظر تفسير فرات بن ابراهيم ص 304.
[ 642 ]
فيهم الخصال التي ذكرها.
فاولها القرابة بالرسول ثم العلم والمعرفة بما يحتاج إليه الامة، ثم الامامة والعفة والزهد في الدنيا.
301 - قالوا: فمن اين زعمتم ان اولهم علي بن ابي طالب ؟ قلنا: لانه اعلم اصحاب محمد (صلى الله عليه واله وسلم) بما يحتاج إليه الامة من امر دينها (1) مع قرب القرابة، ثم لا تكون الا في الافضل والاعلم، والافقه من أهل بيت النبوة، ونظرنا في أمر علي بعد ايراد الاخبار عليكم، فاضطررناكم بالنظر ضرورة حتى اقررتم.
302 - ثم انا نظرنا فإذا الكتاب ينطق بأن لله خيرة من خلقه وذاك قوله: (يخلق ما يشاء ويختار) (2).
303 - ثم نظرنا في الخيرة من خلقه، فإذا الكتاب ينطق أنهم المؤمنون بقوله: (ان الذين امنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية) (3)، فنظرنا فإذا علي من المؤمنين.
(1) - قال أحمد المحمودي: لله در الخليل بن أحمد في كلمته القيمة في شخصيتة الامام علي عليه السلام: " إحتياج الكل إليه واستغنائه عن الكل دليل على انه إمام الكل ".
(2) - سورة القصص، الاية: 68، والاية بتمامها هكذا: وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون.
(3) - سورة البينة، الاية: 7.
[ 643 ]
304 - ثم نظرنا إلى خيرته من المؤمنين فإذا الكتاب ينطق بالسابقين بقوله: (والسابقون السابقون اولئك المقربون) (1) فنظرنا فإذا علي (عليه السلام) من السابقين باجماع منا ومن المخالفين.
305 - ثم نظرنا فإذا الكتاب ينطق بالجهاد بقوله: (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير اولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله) (2) فنظرنا فإذا علي من المجاهدين بالاجماع.
306 - ثم نظرنا إلى خيرة الله من المجاهدين فإذا الكتاب ينطق بالانفاق قبل الفتح بقوله: (لا يستوي منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل اولئك اعظم درجة من الذين انفقوا من بعد وقاتلوا) (3) فنظرنا فإذا علي قد انفق من قبل الفتح وقاتل.
307 - ثم نظرنا هل لله خيرة من هؤلاء ؟ فإذا الكتاب ينطق بالعمل الصالح بقوله: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) (4)، وبقوله [تعالى ]: (ولا يظأون موطأ يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا الا كتب به عمل صالح) (5).
(1) - سورة الواقعة، الاية: 10 و 11.
(2) - سورة النساء، الاية: 95.
(3) - سورة الحديد، الاية: 10.
(4) سورة الزلزلة، الاية: 7 و 8.
(5) - سورة التوبة، الاية: 120.
[ 644 ]
فما رأينا أحدا ادعى امر الامامة عمل في الجهاد أكثر مما عمل علي (عليه السلام)، فلم يخالف بعد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) في ابي بكر، ورأيناها مجمعة أن عليا (عليه السلام) أكثر عملا في الجهاد وهي التجارة التي تنجي من عذاب اليم، وأنه (عليه السلام) كان أثبت في الصف المرصوص الذي وصفه الله تعالى من ابي بكر، وكان اقتل للاقران من ابي بكر، وسمعنا الله جل ذكره يقول: (إن الله اشترى من المؤمنين انفسهم وأموالهم بان لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون) (1) وكان علي (عليه السلام) من أشد الناس تسليما لهذا البيع وأكثر من ابي بكر فعلا.
وسمعنا الله يقول: (يا ايها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم) (2) ولا غلظ اشد من القتل وكان علي (عليه السلام) اغلظ الناس على الكفار من ابي بكر، لقتله الصناديد والابطال منهم، وقد وصف الله أصحاب محمد صلى الله عليه واله، فقال: (والذين معه اشداء على الكفار) (3) .
فثبتت هذه الصفة لعلي (عليه السلام) دون ابي بكر لشدته على الكفار، وقتله الصناديد.
وسمعنا الله يقول: (والذين هاجروا واخرجوا من ديارهم وأوذوا
(1) - سورة التوبة، الاية: 111.
(2) - سورة التوبة: الاية 73، وسورة التحريم: الاية: 9.
(3) - سورة الفتح: الاية: 29.
[ 645 ]
في سبيلي، وقاتلوا وقتلوا لاكفرن عنهم سيئاتهم) (1)، ورأينا عليا (عليه السلام)، قد ثبت هذا له، ولم يثبت لابي بكر لانه لم يخرج في سبيل الله كخروجه، ولم يقتل قرنا ولا بطلا، ولم يفتح فتحا على عهد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم).
308 - ثم نظرنا هل دل الله على خصلة غير الجهاد من الفضل فإذا الكتاب ينطق بالتقوى بقوله: (يا ايها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) (2)، وجاء في التفسير، أكرمكم: خيركم عند الله.
309 - ثم نظرنا هل دل على المتقين ؟، فإذا الكتاب ينطق بقوله: (وأزلفت الجنة للمتقين) (3) فدلنا على ان المتقين هم الذين يخافون الله.
310 - ثم نظرنا، هل دلنا الله على الذين يخافونه ؟ فإذا الكتاب ينطق بقوله: (انما يخشى الله من عباده العلماء) (4) فدلت الاية ان الخاشعين العلماء.
311 - ثم نظرنا هل فضل الله العلماء ؟ فإذا الكتاب ينطق بقوله:
(1) - سورة آل عمران، الاية: 195.
(2) - سورة الحجرات، الاية: 13.
(3) - سورة الشعراء، الاية: 90.
(4) - سورة فاطر، الاية: 28.
[ 646 ]
(يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات) (1)، وقال: (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر اولوا الالباب) (2) وقوله [تعالى ]: (شهد الله أنه لا اله الا هو والملائكة و أولوا العلم قائما بالقسط) (3) فمدح الله العملماء بما مدح به الملائكة.
312 - ثم نظرنا، فإذا علي بن ابي طالب ممن قد أجمعت الامة عليه، واختلفوا في ابي بكر، وليس المجمع عليه كالمختلف فيه، فثبت فضله.
فصار أولى بالامامة نظرا وقياسا، وذلك ان الله تعالى، ذكر حكاية عن بني إسرائيل حيث سألوا نبيهم أن يبعث لهم ملكا يقاتل في سبيل الله، فقال لهم: (ان الله قد بعث اليكم طالوت ملكا فقالوا اني يكون له الملك علينا ونحن احق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال فقال إن الله اصطفاه عليكم وزاده في العلم والجسم) (4) ففضل الله طالوت بالعلم والقوة، وأجمعت الامة لا اختلاف بينها ان عليا (عليه السلام) أشد من ابي بكر.
313 - ثم سمعنا الله يقول: (للفقراء المهاجرين الذين اخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله
(1) - سورة المجادلة، الاية: 11.
(2) - سورة الزمر، الاية: 9.
(3) - سورة آل عمران، الاية: 18.
(4) - سورة البقرة، الاية: 247.
[ 647 ]
اولئك هم الصادقون) (1)، فنظرنا فإذا علي ممن قد اجتمع الناس على انه كان من فقراء المهاجرين، فثبت له الصدق في ايمانه وأجمعوا ان ابا بكر كان غنيا فخرج من هذه الاية.
314 - وروى عن عائشة انها قالت: انفق أبو بكر على النبي (صلى الله عليه واله وسلم) اربعين الفا، فقد دل ذلك على انه كان غنيا فعل ذلك أم لم يفعل ؟ !.
315 - ثم سمعنا الله يقول: (اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) (2) فلزمنا وكل مسلم ان نكون مع علي بن ابي طالب لانه قد ثبت له الصدق.
316 - ثم سمعنا الله يقول: (إن الذين يبايعونك انما يبايعون الله يد الله فوق ايديهم فمن نكث فانما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه اجرا عظيما) (3).
فشرط لما وفى بالبيعة الرضوان والاجر العظيم.
317 - ثم سمعنا الله يقول: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) (4) ولم يقل كل مؤمن، وكانت البيعة على الموت وعلى ان لا يفروا، وقال في موضع آخر: (ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل
(1) - سورة الحشر، الاية: 8 (2) - سورة التوبة، الاية: 119.
(3) - سورة الفتح، الاية: 10.
(4) - سورة الاحزاب، الاية: 23.
[ 648 ]
لا يولون الادبار، وكان عهد الله مسؤولا) (1) وذلك يوم الخندق، وكان ممن صدق الله يومئذ بقتله عمرو بن عبدود العامري، (2) فثبت له الصدق على ما عاهدوا الله عليه، وقد أمرنا الله أن نكون مع الصادقين والزمنا ذلك ولم يلزمنا فيمن قدمه عليه الجمهور.
318 - وروى ان ابا بكر هرب يوم احد وانهزم يوم خيبر هو وعمر، ولم ينهزم علي قط (3).
ثم لم ينجس بعبادة الاوثان والاصنام قط، وترك اباه وهو أعز
(1) - سورة الاحزاب، الاية: 15.
(2) - وقال خطيب بغداد في تاريخه ج 13، ص 19، في ترجمة لؤلؤة بن عبد الله القيصري: حدثنا لؤلؤ بن عبد الله القيصري، حدثنا أبو اسحاق ابراهيم بن محمد النصيبي الصوفي - بالموصل - حدثنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن شداد، قال: حدثني محمد بن سنان الحنظلي، حدثني اسحاق بشر القرشي، عن بهز بن حكيم، عن ابيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لمبارزة علي بن ابي طالب لعمرو بن عبدود يوم الخندق افضل من عمل امتي إلى يوم القيامة. أقول: رواه الحاكم في المستدرك ج 3، ص 32.
(3) - أنظر حديث الراية، في ص 299 و 300 و 301 و 341 و 437 و 343 و 350 من هذا الكتاب.
والمناقب للخوارزمي ط الغري، ص 103، ومقتل الحسين، ص 45.
وينابيع المودة ص 95، و 137، وفيه: ضربة علي يوم الخندق افضل من اعمال امتي إلى يوم القيامة.
[ 649 ]
قريش، (1) وبايع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) على حداثته لا لسيف قهره، ولا لعشيرة ذليلة، ولا لفائدة دنيوية، وهو ممن وصفه الله حيث يقول: (واجنبني وبني ان نعبد الاصنام) (2) ثم قال: (ومن ذريتنا امة مسلمة لك) بعدما قال: (لا ينال عهدي الظالمين)، فنظرنا في أمر الظالم، فإذا الاية قد فسروها بانه عابد الاصنام، فإن من عبدها فقد لزمه اسم الظلم، فقد نفى الله للظالم ان يكون إماما.
319 - وقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): أنا دعوة ابي ابراهيم، (3) وليس لاحد أن يقول: أنا ابن ابراهيم الا رسول الله وقد جرى معه من صلب ابراهيم إلى عبد المطلب، فانه [فقد خ ل] قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): نقلت من اصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات، لم يمسسني سفاح أهل
(1) لعل مراد المصنف رحمه الله انه عليه السلام اخفى ايمانه فترة عن ابيه، والدليل على ذلك، ما روى البيهقي في دلائل النبوة ج 2 ص 163، أن ابا طالب عليه السلام لما عرف ايمان علي قال له: أسلمت ؟ قال: نعم، قال: وازر ابن عمك وانصره.
قال البيهقي: اسلم علي قبل ابي بكر. وذكر ايضا ابن كثير في البداية والنهاية ج 3، ص 26.
(2) - سورة ابراهيم، الاية: 35.
(3) - كنز العمال ج 11، ص 383، الرقم: 31829: دعوة ابي ابراهيم وبشرى عيسى ابن مريم. وص 384 رقم: 31833: أنا دعوة ابراهيم، قال وهو يرفع القواعد من البيت. و رقم: 31834: أنا دعوة ابراهيم وبشرى عيسى بن مريم. وفي ص 405: أنا دعوة ابراهيم وكان آخر من بشر بي عيسى بن مريم.
[ 650 ]
الجاهلية، (1) وأهل الجاهلية كانوا يسافحون وأنسابهم غير صحيحة، وأمورهم مشهورة عند أهل المعرفة.
320 - وروى حميد قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه واله فقال: يارسول الله من ابى ؟ قال: ابوك العبد الذي ولدت على فراشه، فقام عمر بن الخطاب فاخذ مقدم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، ثم قال: رضينا بالله ربا، وبالاسلام دينا، وبمحمد نبيا، وبالقرآن كتابا، لا نسأل عما سبقنا، ونؤمن بما أنزل علينا، لا تبدين علينا سوأتنا، واعف عنا عفا الله عنك ! فقال (صلى الله عليه واله وسلم) فهل انتم منتهون ؟ قال: انتهينا يارسول الله.
فهذا عمر بن الخطاب لم يثق بنسبه وأمر الناس أن لا يزيدوه على الخطاب.
321 - روى محمد بن فضيل عن ابي لهيعة (2) عن يزيد بن ابي حبيب (3) عن ربيعة بن لقيط (4)،
(1) - المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية، لابن حجر العسقلاني، ط بيروت ج 4، ص 177 الرقم: 4256.
(2) - عبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي المصري الفقيه قاضي مصر، المتوفي (174)، أنظر المعرفة والتاريخ ج 1 ص 165، وتهذيب الكمال ج 15 ص 487 الرقم: 3513.
(3) - هو: يزيد بن ابي حبيب أبو رجاء المصري. أنطر تهذيب التهذيب ج 11 ص، 318، الرقم: 614، وتهذيب الكمال، ج 32، ص 102، الرقم: 6975.
(4) - هو: ربيعة بن لقيط التجيبي روى عن عبد الله بن حوالة، ومالك بن هدم، وروى عنه يزيد بن ابي حبيب. الجرح والتعديل ج 3، ص 475، الرقم: 2133.
[ 651 ]
عن مالك [بن هدم] (1) قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: تعلموا أنسابكم تصلوا أرحامكم، الا ولا يسألني أحد عما وراء الخطاب، وهذا عمر سئل عن عتق رقبة من ولد إسماعيل سأله رجل عن ذلك، فلم يثق الا بما كان من رسول الله وعبد المطلب.
322 - روى ذلك يزيد بن هارون (2) عن حريز بن عثمان (3) عن عوف بن مالك (4) قال: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال: إن علي نذر أن أعتق نسمة من ولد إسماعيل، فقال: والله ما أصبحت أثق لك بأحد الا ما كان من حسن وحسين وعلي بني عبد المطلب فانهم من شجرة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، واني سمعت رسول الله يقول: هم ولد ابي (5)
(1) - هو: مالك بن هدم، سمع عمر بن الخطاب. الجرح والتعديل ج 8، ص 217 الرقم: 969. والمعرفة والتاريخ للبسوي ج 2، ص 338.
(2) - يزيد بن هارون بن وادي أبو خالد الواسطي، أنظر تهذيب التهذيب لابن حجر، ج 11، ص 366.
(3) - هو: حريز بن عثمان، أبو عثمان الرحبي المتوفى (163). إنه من النواصب ومن غلاتها لعنهم الله، أنظر تهذيب التهذيب ج 2 ص 239 والمجروحين لابن حبان البستي، ج 10 ص 268، وسير اعلام النبلاء، ج 7 ص 79 الرقم: 35. وقاموس الرجال للتستري ج 3، ص 170 الرقم: 1814.
(4) - الاشجعي: انظر الجرح والتعديل ج 7، ص 13، الرقم: 61.
(5) - وفي " ش ": بنو أبي.
[ 652 ]
فانظروا كيف لم يعرف عمر الا ولد عبد المطلب ولم يثق في النسب الا بهم، ومن لا يصح له نسبه كيف يجوز أن ينسب إلى ابراهيم ؟ وكيف يصلح للامامة ؟، فإن الله يقول: (ملة ابيكم ابراهيم هو سماكم المسلمين من قبل) (1) فالذي لا يصح نسبته إلى ابرهيم فليس بمن سماه ابراهيم مسلما، ومن لم يسمه ابراهيم مسلما فليس بمسلم وهذا امر جليل يجب على الامة ان تفهمه وتنظر فيه فان من نظر وفحص رشد إن شاء الله.
323 - ثم هذا علي بن ابي طالب قد بقي بعد ابي بكر نحو ثلاثين سنة يعبد الله، فقد عبد الله قبله وبعده.
(2) 324 (وروى عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، أن رجلين كانا متواخين فمات احدهما قبل صاحبه، فصلى عليه النبي (صلى الله عليه واله وسلم)، ثم مات الاخر فصلى عليه رسول الله ثم ماثل الناس بينهما فقال النبي (صلى الله عليه واله وسلم): فاين صلاة هذا بعد صلاته، وصيامه بعد صيامه ؟ لما بينهما كما بين السماء إلى الارض (3).
(1) - سورة الحج، الاية: 78.
(2) - ذكر محب الدين الطبري في ذخائر العقبى ص 59، وذكر العلامة الامر تسري في أرجح المطالب ص 402، ط لاهور، كما في إحقاق الحق ج 8، ص 596.
(3) - وقال العلامة المجلسي في بحار الانوار ج 38 ص 235 وروى عن النبي صلى الله عليه واله وسلم ان رجلين كانا متواخيين، فمات احدهما قبل صاحبه، فصلى عليه النبي صلى الله عليه واله وسلم ثم مات الاخر، فمثل الناس بينهما فقال عليه السلام: فاين هذا صلاته من صلاته وصيامه من صيامه ! =
[ 653 ]
فهذا قوله في رجلين متكافئين، فكيف بمن لا يقترن به احد من الامة، فإذا كان الامام هذه صفته، فدليله ظاهر، فإنه متى لم تكن هذه صفته ادعاها من لا يصلح لها كما قد ادعى، فالنبي خاتم الانبياء والامام فلا غنى عنه كما قال الله: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) (1).
فمن برهان اولهم الذي اقامه النبي (صلى الله عليه واله وسلم) ان الله خصه بالذرية التي ابى الله ان يخرجها الا من خير ارومة خلقها فان النبي قد صاهره رجال من بني عبدمناف، منهم: الربيع بن ابي العاص وعتبة بن ابي لهب، وعثمان بن عفان، فكان هو المصطفى لكرم النجل وطيب المغرس.
325 - ثم ما كان يظهر من امر القوم في فقهه في الدين وكماله في العلم حتى كان عمر بن الخطاب الذي ادعوا له تسعة اعشار العلم (2) وانه شارك الناس في العشر العاشر (3) لا يمتنع مع كراهته اياه وبغضه له
= لما بينهما كما بين السماء والارض.
(1) - سورة الرعد، الاية: 7.
(2) - أنظر طبقات ابن سعد، ج 2 ص 336، وفيه: لو وضع علم احياء العرب في كفة وعلم في كفة لرجح بهم علم عمر.. وكنا لنحسب عمر قد ذهب بتسعة اعشار العلم.
(3) - وهو القائل: كل الناس افقه من عمر كما في شرح النهج لابن ابي الحديد، ولولا علي لهلك عمر، كما في المناقب للخوارزمي، ص 39، وقال: أعوذ بالله من معضلة لا علي لها، وقال: اللهم لا تبقني لمعضلة ليس لها علي بن ابي طالب حيا، وقال: لا ابقاني الله. بعدك يا علي. وأورد ايضا في مقتل الحسين، ط الغري، ص 45.
[ 654 ]
وحرصه على إطفاء نوره ونور بني هاشم أن يسأله ويستتبعه حتى قال: لولا علي لهلك عمر.
ثم متابعة جلة اصحاب محمد (صلى الله عليه واله وسلم) من المؤمنين له وهم أهل العلم والدين.
326 - منهم سلمان الفارسي رضي الله عنه الذي أدرك علم الاول والاخر، (1)
(1) - قال محمد بن سعد المتوفى (230) في كتاب الطبقات، ج 4، ص 85، ط بيروت: أخبرنا محمد بن عبد الله الاسدي قال: حدثنا مسعر، عن عمرو بن مرة، عن ابي البختري قال: سئل علي عن سلمان فقال: أوتى العلم الاول والعلم الاخر، لا يدرك ما عنده.
قال: أخبرنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، عن زاذان قال: سئل علي عن سلمان الفارسي فقال: ذاك إمرؤ منا والينا اهل البيت، من لكم بمثل لقمان الحكيم، علم العلم الاول والعلم الاخر، وقرأ الكتاب الاول والكتاب الاخر، وكان بحرا لا ينزف.
وقال الحافظ أبو نعيم احمد بن عبد الله الاصبهاني المتوفى (430) في كتابه حلية الاولياء، ج 1، ص 187: حدثنا محمد بن احمد بن الحسن، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا خلاد بن يحيى، حدثنا مسعر، حدثنا عمرو بن مرة، عن ابي البختري قال: سئل علي بن ابي طالب عن سلمان رضي الله تعالى عنهما ؟ فقال: تابع العلم الاول والعلم الاخر، ولا يدرك ما عنده.
وقال: حدثنا سليمان بن احمد، حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا أبو غسان مالك بن =
[ 655 ]
327 - ومنهم عمار بن ياسر الذي ملئ ايمانا إلى حشاشته (1) وقال
= إسماعيل، حدثنا حبان بن علي، حدثنا عبد الملك بن جريج، عن ابي حرب بن ابي الاسود، عن ابيه، وعن رجل، عن زاذان الكندي: قالا كنا عند علي رضي الله تعالى عنه ذات يوم، فوافق الناس منه طيب نفس ومزاح فقالوا: يا أمير المؤمنين حدثنا عن اصحابك، قال: عن أي أصحابي ؟ قالوا عن اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، قال: كل اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم اصحابي فعن ايهم ؟ قالوا: عن الذين رأيناك تلطفهم بذكرك والصلاة عليهم دون القوم، حدثنا عن سلمان، قال: من لكم بمثل لقمان الحكيم ؟ ذاك امرؤ منا والينا اهل البيت، أدرك العلم الاول والعلم الاخر، وقرأ الكتاب الاول والكتاب الاخر، بحر لا ينزف.
وفي تهذيب تاريخ دمشق ج 6 ص 201، عن ابي البختري قال: قيل لعلي رضي الله عنه: أخبرنا عن اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: عن ايهم تسألون ؟..
قالوا: فسلمان ؟ فقال: ادرك علم الاول والعلم الاخر، بحر لا يدرك قعره، وهو منا اهل البيت وقال الحافظ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى (748) في كتابه تاريخ الاسلام، ج 2، (عهد الخلفاء الراشدين)، ص 515 ط بيروت: وقال علي: سلمان ادرك العلم الاول والعلم الاخر، بحر لا يدرك قعره، وهو منا اهل البيت.
وقال: وعن علي، وذكر سلمان فقال: ذاك مثل لقمان الحكيم بحر لا ينزف.
(1) - في " ش ": مشاشه. قال الحافظ أبو بكر ابن ابي شيبة المتوفي (235) في مصنفه، ج 11 ص 118، الرقم: 12294، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن الاعمش، عن عمارة، عن عمرو بن شرحبيل قال: قال رسول الله ": عمار ملئ ايمانا إلى مشاشه.
وقال الحافظ الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الطهماني النيسابوري المعرمف بابن البيع، المتوفى (405)، في كتابه: المستدرك على الصحيحين ج 3، ص 392، ط الهند: =
[ 656 ]
............................................................................................................................
= أخبرني أبو علي الحافظ وهارون بن أحمد الجرجاني، قالا: حدثنا اسماعيل، حدثنا عليبن الحسن بن سليم الحافظ الاصبهاني، حدثنا محمبن ابي يعقوب، حدثنا عبد الرحمان بن مهدي، عن سفيان، عن الاعمش، عن ابي عمار، عن عمرو بن شرحبيل، عن عبد الله، ان النبي (صلى الله عليه واله وسلم) قال: " ملئ عمار ايمانا إلى مشاشه ".
أقول: أنظر ترجمة الحاكم النيسابوري في تذكرة الحفاظ ج 3، ص 1039 الرقم: 962، وفي سير اعلام النبلاء، ج 17، ص 162، ارقم: 100.
وقال الحافظ أبو يعلى احمد بن علي بن المثنى الموصلي المتوفى (307) في مسنده ج 1، ص 324، الرقم: 404، حدثنا المقدمي والحسن بن حماد، قالا حدثنا عثام بن علي، حدثنا الاعمش، عن ابي اسحاق، عن هانئ بن هانئ، قال كنا عند علي جلوسا، فدخل عمار فقال: مرحبا بالطيب المطيب.
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " عمار ملئ ايمانا إلى مشاشته ".
وقال الحافظ أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني المعروف بابن ماجه المتوفى (275) في سننه ج 1 ص 52 ط بيروت: حدثنا نصر بن علي الجهضمي، حدثنا عثام بن علي، عن الاعمش عن ابي إسحاق، عن هانئ بن هانئ، قال: دخل عمار على علي، فقال: مرحبا بالطيب المطيب.
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " ملئ عمار ايمانا إلى مشاشه ".
وقال الحافظ الهيثمي المتوفى (807) في مجمع الزوائد ج 9 ص 298: وعن عائشة أنها قالت: ما احد من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الا لو شئت لقلت فيه ما خلا عمارا فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ملئ ايمانا إلى مشاشه.
وقال الحافظ ابن الحجر العسقلاني المتوفى () في فتح الباري بشرح صحيح البخاري =
[ 657 ]
فيه النبي (صلى الله عليه واله وسلم): عمار جلدة بين عيني، وهذا حين ارتجز، وهم ينقلون حجارة المسجد بابيات سمعها من امير المؤمنين (1):
= ج 7 ص 73، في (باب مناقب عمار وحذيفة رضي الله عنهما): وروى البزار من حديث عائشة [قالت ]: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ملئ ايمانا إلى مشاشه، يعني عمارا. قال الحافظ: وإسناده صحيح.
وقال الحافظ: أبو عبد الرحمن احمد بن شعيب بن علي النسائي المتوفى (303) في سننه بشرح الحافظ جلال الدين السيوطي ج 8 ص 111، باب تفاضل أهل الايمان: أخبرنا إسحاق بن منصور وعمرو بن علي عن عبد الرحمن قال حدثنا سفيان عن الاعمش عن ابي عمار عن عمرو بن شرحبيل عن رجل من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ملئ عمار ايمانا إلى مشاشه.
وروى الحديث ايضا الحافظ ابي الفرج ابن الجوزي المتوفى (597) في صفة الصفوة ج 1 ص 444.
(1) - قال أبو محمد عبد الملك بن هشام بن ايوب الحميري المتوفى (218) في كتابه: السيرة النبوية، ج 2، ص 142: قال ابن اسحاق فدخل عمار بن ياسر، وقد اثقلوه باللبن فقال: يارسول الله، قتلوني، يحملون علي ما لا يحملون.
قالت ام سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفض وفرته بيده، وكان رجلا جعدا وهو يقول: ويح ابن سمية ! ليسوا بالذين يقتلونك. انما تقتلك الفئة الباغية.
وارتجز علي بن ابي طالب رضي الله عنه يومئذ:
لا يستوي من يعمر المساجدا * يدأب فيه قائما وقاعدا
ومن يرى عن الغبار حائدا قال ابن هشام: سألت غير واحد من اهل العلم بالشعر عن هذا الرجز، فقالوا: بلغنا أن =
[ 658 ]
لا يستوي من يعمر المساجدا * إن بات (1) فيها قائما وقاعدا
ومن غدا عن الغبار حائدا
يعرض بعمر، فقال له عمر: يابن السوداء لهممت ان اغمسه في انفك، فقال له النبي (صلى الله عليه واله وسلم):
328 - ما لكم ولعمار ؟ عمار جلدة ما بين عيني، ثم قال لعمار: تقتلك الفئة الباغية (2).
= علي بن ابي طالب ارتجز به، فلا يدري: أهو قائله أم غيره.
قال ابن اسحاق: فاخذها عمار بن ياسر فجعل يرتجز بها.
قال ابن هشام: فلما اكثر، ظن رجل من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم انه انما يعرض به، فيما حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن ابن اسحاق. وقد سمى ابن اسحاق الرجل.
قال ابن اسحاق: فقال: قد سمعت ما تقول منذ اليوم يابن سمية، والله اني لاراني سأعرض هذه العصا لانفك.
قال: وفي يده عصا قال: فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: ما لهم ولعمار ! يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار، إن عمارا جلدة ما بين عيني وانفي، فإذا بلغ ذلك من الرجل فلم يستبق فاجتنبوه.
قال ابن هشام: وذكر سفيان بن عيينة عن زكريا عن الشعبي، قال: إن اول من بني مسجدا عمار بن ياسر.
(1) - وفي ح: يبيت.
(2) - قال أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي المتوفى 438 في دلائل النبوة ج 6 ص 420 عن ابي سعيد الخدري، قال حدثنا من هو خير مني يعني: ابا قتادة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال =
[ 659 ]
329 - ومنهم أبو ذر الغفاري الذي قال فيه النبي [صلى الله عليه واله وسلم ]: إنه يموت وحده ويبعث وحده ويدخل الجنة وحده (1).
= لعمار: تقتلك الفئة الباغية. قال أخرجه مسلم في الصحيح من حديث خالد بن الحارث والنظر بن شميل عن شعبة. اقول: أنظر كتاب الفتن في باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل.
وقال: عن ام السلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تقتل عمارا الفئة الباغية وقاتله في النار. أنظر البداية والنهاية لابن كثير ج 3 (6) ص 213.
وروى ايضا أبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي المتوفي (402) في معجم الشيوخ، ص 283.
(1) - السيرة النبوية لابن هشام ج 4، ص 167، قال... ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم سائرا، فجعل يتخلف عنه الرجل. فيقولون: يارسول الله، تخلف فلان، فيقول: دعوه، فإن يك فيه خير فسيلحقه الله تعالى بكم، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه، حتى قيل: يارسول الله، قد تخلف أبو ذر، وأبطأ به بصيره، فقال: دعوه، فان يك فيه خير فسيلحقه الله بكم، وان يك غير ذلك فقد اراحكم الله منه، وتلوم أبو ذر على بصيره، فلما أبطأ عليه أخذ متاعه فجمله على ظهره، ثم خرج يتبع اثر رسول الله صلى الله عليه وسلم ماشيا ونزل رسول الله في بعض منازله، فنظر ناظر من المسلمين فقال: يارسول الله ان هذا الرجل يمشي على الطريق وحده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كن ابا ذر، فلما تأمله القوم قالوا: يارسول الله، هو والله ابو ذر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رحم الله ابا ذر، يمشي وحده ويموت وحده، ويبعث وحده ". وذكر الذهبي في تاريخ الاسلام ج 2، (عهد الخلفاء) ص 407.
[ 660 ]
330 - ومنهم المقداد بن الاسود (1).
331 - ومنهم زيد بن صوحان الذي قال فيه النبي (صلى الله عليه واله وسلم): يسبقه عضو منه إلى الجنة (2)، فقطعت يده يوم موته، وقتل مع علي (عليه السلام)، يوم الجمل.
332 - ثم رجوع الزبير بن العوام بعدما برز بين الصفين حين تنازلا وتذاكرا (3)، فإذا كان الزبير لا يظن به الجبن أو الضعف وليس برعديد ولا
(1) - وفي المسند لاحمد بن حنبل ج 5، ص 351، قال: حدثنا عبد الله، حدثني ابي حدثنا ابن نمير، عن شريك، حدثنا أبو ربيعة، عن ابن بريدة، عن ابيه، قال: قال رسول الله ": إن الله عزوجل يحب من اصحابي اربعة، أخبرني أنه يحبهم وأمرني أن أحبهم قالوا: من هم يارسول الله ؟ قال: إن عليا منهم، وابوذر الغفاري، وسلمان الفارسي، والمقداد بن الاسود الكندي.
وذكر ايضا الذهبي في تاريخ الاسلام ج 2، ص 409، عن أبي بريدة، عن ابيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " امرت بحب اربعة لان الله يحبهم: علي، وابي ذر، وسلمان، والمقداد ".
(2) - وقال الحافظ أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي في مسنده ج 1 ص 393 الرقم: 511: حدثنا ابراهيم بن سعيد، حدثنا حسين بن محمد، عن الهذيل بن هلال، عن عبد الرحمن بن مسعود العبدي. عن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من سره ان ينظر إلى رجل تسبقه بعض اعضائه إلى الجنة، فلينظر إلى زيد بن صوحان " أنظر دلائل النبوة للبيهقي ج 6 ص 416. والبداية والنهاية لابن كثير ج 3 (6) ص 213 و 214.
(3) - قال العلامة التستري في إحقاق الحق ج 8، ص 471: ومنه حديث زبير رواه
[ 661 ]
............................................................................................................................
جماعة من اعلام القوم: منهم: الحافظ أبو القاسم عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم الرافعي الشافعي المتوفى (623) في " التدوين " (ج 1 ص 87 ط طهران المأخوذ من نسخة مكتبة الاسكندرية بمصر) قال: محمد بن احمد بن راشد أبو بكر بن ابي الوزير القزويني، قال: حدث عنه أبو الحسن القطان في الطوالات فقال: حدثنا محمد بن ابي الوزير القزويني قال: حدثنا احمد بن محمد بن ابي سلم قال: حدثنا محمد بن حسان قال: حدثنا انباط ومالك بن اسماعيل أن ابي إسرائيل عن الحكم قال: شهد مع علي رضي الله عنه ثمانون بدريا ومأتان وخمسون ممن بايع تحت الشجرة وبه، عن محمد بن حسان قال: حدثنا نصر عن عبد الله ابن مسلم الملاي عن ابيه عن حبة العرني عن علي بن ابي طالب رضي الله عنه انه تقدم على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهبا بين الصفين قال: فدعا الزبير فكلمه فدنا حتى اختلف اعناق دابتهما فقال: يا زبير أنشدك بالله أسمعت رسول الله " يقول: إنك ستقاتله وانت ظالم له ؟ قال: اللهم نعم قال: فلم جئت ؟ قال: جئت لاصلح بين الناس قال: فادبر الزبير وهو يقول: الابيات.
وقال المتقي الهندي في كنز العمال ج 11 ص 329 الرقم: 31651.
عن قتادة قال: لما ولي الزبير يوم الجمل بلغ عليا فقال: لو كان ابن صفية يعلم أنه على الحق ما ولي ! وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيهما في سقيفة بني ساعدة، فقال: أتحبه يا زبير ؟ قال: وما يمنعني ؟ قال: فكيف بك إذا قاتلته وأنت ظالم له ؟ قال: فيرون انه إنما ولي لذلك.
وقال ايضا: عن ابي الاسود الدئلي قال: لما دنا علي واصحابه من طلحة والزبير = = ودنت الصفوف بعضها من بعض خرج عي وهو على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادى: ادعو
[ 662 ]
خوان، فليس لرجوعه وجه الا التوبة.
333 - ثم قول عائشة: لان أكون لم اشهد الجمل احب الي من عشرين ولدا من رسول الله كلهم مثل عبد الرحمن بن الحارث ابن هشام (1).
لي الزبير بن العوام ! فدعى له الزبير فاقبل، فقال علي: يا زبير انشدتك بالله اتذكر يوم مر بك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مكان كذا وكذا فقال: يا زبير أتحب عليا ؟ فقلت: الا احب ابن خالي وابن عمتي وعلي ديني ؟ فقال: يا زبير ! أما والله لتقاتله وأنت ظالم له ؟ قال: بلى والله ! لقد نسيته منذ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكرته الان، والله لا أقاتلك ! فرجع الزبير فقال له ابنه عبد الله: مالك ؟ فقال: ذكرني علي وانت له ظالم، قال: وللقتال جئت ؟ إنما جئت تصلح بين الناس ويصلح الله هذا الامر، قال: لقد حلفت ان لا اقاتله، قال: فاعتق غلامك وقف حتى تصلح بين الناس فاعتق غلامه ووقف، فلما اختلف امر الناس ذهب على فرسه.
انظر دلائل النبوة للبيهقي ج 6 ص 414 و 415.
والبداية والنهاية لابن كثير ج 3 (6) ص 213.
والمطلب العالية لابن حجر العسقلاني ج 4، ص 301، رقم الحديث: 4470.
(1) - هو: عبد الرحمان بن الحارث هشام بن عبد الله بن عمر بن مخزوم أبو محمد الهمداني ولد في زمان النبي (صلى الله عليه واله وسلم) وروى عن ابيه، قاله: ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب ج 6 ص 156، وقال في ص 157: وقال ابن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن ابيه، سمع عائشة تذكر عبد الرحمان بن الحارث، وفي هامشه هكذا: وكانت عائشة تقول: لان أكون قعدت في منزلي عن مسيري إلى البصرة احب الي من أن يكون لي من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عشرة من الولد كلهم مثل عبد الرحمان بن الحارث.
= = وقال الحافظ محمد بن سليمان الكوفي في مناقبه ج 2 ص 347 الرقم: 832 حدثنا
[ 663 ]
............................................................................................................................
أحمد بن علي قال: حدثنا الحسن بن علي قال: أخبرنا علي قال: أخبرنا محمد عن البري: عن سليم مولا لعائشة قال خرجت إلى مكة من المدينة فما كانت تمر بحجر ولا شجر ولا جبل الا وقالت: ياليتني كنت مثل هذا. وتبكي ندامة على ما صنعت ! ! !.
824 - [حدثنا] أحمد قال: حدثنا الحسن قال: أخبرنا علي قال: أخبرنا محمد عن إسماعيل بن ابي خالد عن مدرك: عن عبادة قال: قالت عائشة: والله لان اكون قعدت فلم أكن خرجت مخرجي هذا [كان] أحب الي من عشرة اولاد كلهم من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كلهم مثلا ولد الحارث بن هشام.
وفي مختصر تاريخ دمشق لابن منظور متوفى 711 ج 14 ص 225 قال محمد بن قيس: ذكر العائشة يوم الجمل فقالت: والناس يقولون يوم الجمل ؟ قالوا لها: نعم، فقالت عائشة: وددت اني كنت جلست كما جلس اصحابي فكان أحب إلى من ان اكون ولدت من رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة عشر رجلا كلهم مثلا عبد الرحمن بن حارث، أو مثل عبد الله بن الزبير.
وفي رواية: لان اكون قعدت في منزلي عن مسيري إلى البصرة احب الي من ان يكون لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة من الولد كلهم مثل عبد الرحمن بن حارث.
وقال الذهبي في تاريخ الاسلام ج 3 ص 264، قال ابن سعد قالت عائشة: لان اكون قعدت ان مسيري إلى البصرة احب الي من ان يكون لي عشرة من الولد من النبي صلى الله عليه وسلم مثل عبد الرحمن بن حارث بن هشام.
وقال الحافظ ابي الحجاج يوسف المزي المتوفى 742 في تهذيب الكمال ج 17 ص 42 نقلا عن محمد بن سعد قال: توفي عبد الرحمن بن الحارث بالمدينة في خلافة معاوية = = وكان رجلا شريفا سخيا وكان قد شهد الجمل مع عائشة تقول: لان اكون
[ 664 ]
334 - ثم قول ابن عمر مع بغضه لعلي (عليه السلام): وددت اني قاتلت الفئة الباغية مع علي بن ابي طالب (1)، ثم غمس الحسن والحسين ايديهما معه في الدماء وهما سيدا شباب اهل الجنة، ثم كان مفتاح الظفر به وبعميه خمزة والعباس، ثم هو صاحب مرحب وصاحب باب خيبر، 335 - ثم إستخراجه العين وإزالة الصخرة التي اجتمع إليها ليدفعها عن رأس العين عالم من الناس فلم يقدروا فجاء علي فرمى بها قاب خلوة فكانت كما قال السيد:
قعدت في منزلي عن مسيري إلى البصرة، أحب الي من ان يكون لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة من الولد، كلهم مثل عبد الرحمن بن الحارث بن هشام. (أنظر طبقان لابن سعد ج 5 ص 5 و 6.
(1) - قال الذهبي في سير اعلام النبلاء ج 3 ص 231: عن حبيب بن ابي ثابت عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر قال: ما آسى على شئ الا اني لم اقاتل الفئة الباغية،
قال الذهبي: هكذا رواه الثوري عنه، وقد تقدم نحوه مفسرا. وأما عبد العزيز بن سياه، فرواه عنه ثقتان، عن حبيب بن ابي ثابت، ان ابن عمر قال: ما آسى على شئ فاتني الا اني لم اقاتل مع علي الفئة الباغية. فهذا منقطع.
وقال أبو نعيم: حدثنا عبد الله بن حبيب بن ابي ثابت، عن ابيه: قال ابن عمر حين احتضر: ما اجد في نفسي شيئا الا اني لم اقاتل الفئة الباغية مع علي بن ابي طالب.
[ 665 ]
فكأنها كرة بكف حزور * عبل الذراع رحابها في ملعب (1)
(1) - قال العلامة التستري في إحقاق الحق ج 4 ص 97: منهم العلامة المحدث العارف الشيخ جمال الدين محمد بن أحمد الحنفي الموصلي الشهير المتوفي سنة (680) في كتابه " در بحر المناقب " (ص 19 المخطوط).
قال: ومن فضائله عليه السام انه لما سار إلى صفين اعوز أصحابه الماء فشكوا إليه عليه السلام فقال: سيروا في هذه البرية واطلبوا الماء، فساروا يمينا وشمالا وطولا وعرضا فلم يجدوا ماء و وجدوا صومعة فيها راهب فبادروه وسألوه عن الماء، فذكر انه يجلب إليه في كل اسبوع مرة واحدة فرجعوا إلى امير المؤمنين عليه السلام فاخبروه بما قاله الراهب، فقال عليه السلام: الحقوني، ثم سار غير بعيد وقال: إحفروا ههنا فحفروا فوجدوا صخرة عظيمة فقال: اقلبوها تجد الماء تحتها، فتقدم إليها اربعين فلم يحركوها، فقال عليه السلام: اليكم عنها وحرك شفتيه بكلام لم نعلم ما هو، ثم دحاها إلى الهواء كالاكراه في الميدان، فقال الراهب وهو ناظر إليه ومشرف عليه: من انت يافتى ؟ فنحن عندنا في كتبنا ان هذا الدير بني على هذا البئر والعين وانها لا يعلم بها الا نبي أو وصي نبي فايهما أنت ؟ فقال: انا وصيي خير الانبياء انا وصيي سيد الانبياء انا وصي خاتم الانبياء، انا ابن عم قائد الغر المحجلين علي بن ابي طالب امير المؤمنين، فلما سمع الراهب نزل من الصومعة وخرج وهو يقول: مد يدك فانا أشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له، وان محمدا صلى الله عليه وسلم رسول الله، وان علي بن ابي طالب وصيه وخليفته من بعده، وشربوا المسلمين من العين ومائها ابيض من الثلح، واحلى من العسل، فشربوا منه وسقوا خيولهم وملاوا رواياهم، ثم اعاد عليه السلام الصخرة إلى موضعها، ثم ارتحل من عين ناحوما إلى ديارهم.
وقال التستري رحمه الله ايضا في احقاق الحق ج 8 ص 327: منهم العلامة الشهير ابن ابي =
[ 666 ]
............................................................................................................................
= الحديد في " شرح النهج " (ج 1 ص 7 ط القاهرة) قال: وهو (أي علي) الذي اقتلع الصخرة العظيمة في ايام خلافته بيده عليه السلام بعد عجز الجيش كله عنها فانبط الماء من تحتها.
ومنهم العلامة الشيخ علاء الدين القوشچي في " شرح التجريد " (المطبوع بهامش شرح المواقف ج 4 ص 330 ط اسلامبول) قال: روي انه (أي عليا) لما توجه إلى صفين مع اصحابه اصابهم عطش عظيم فامرهم أن يحفروا بقرب دير فوجدوا صخرة عظيمة عجزوا عن نقلها فنزل علي عليه السلام فاقلعها ورمي بها مسافة بعيدة فظهر قليب فيه ماء فشربوا عنها ثم اعادها ولما رأي ذلك صاحب الدير اسلم.
وقال ايضا في إحقاق الحق ج 15 ص 135: ومنهم العلامة الشيخ عبد الله الحنفي الامر تسري من المعاصرين في " أرجح المطالب " (ص 68 ط القاهرة).
روى نقلا عن " مطالب السؤل " قال: لما توجه علي إلى صفين واحتاج اصحابه إلى الماء والتمسوه يمينا وشمالا فلم يجدوه، فعدل بهم امير المؤمنين عن الجادة قليلا فلاح لهم دير في البرية، فساروا يسألون من فيه عن الماء فقال بينكم وبين الماء فرسخان فسيروا إلى حيث اقول لكم لعلكم تدركون الماء فقال امير المؤمنين اسمعوا ما يقول الراهب فقالوا يأمرنا ان نسير إلى حيث اومي الينا لعلنا ندرك الماء ليس بنا قوة.
فقال علي: لا حاجة بكم إلى ذلك ولوى عنق بغلته نحو القبلة واشار إلى مكان بقرب الدير، فقال إكشفوه، فكشفوه فظهرت لهم صخرة عظيمة، فقالوا: يا أمير المؤمنين هيهنا صخرة لا يعمل فيها فقال: هذه =
[ 667 ]
336 - ومن برهانه: أنه طول ما لقى من الحروب مع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، لم يبارز احدا الا ظفر به، ولا جرح احدا الا مات ولم يخرج في حرب الا وهو ماش طول الدهر بعير جنة إلى العدو.
337 - ومن عجائبه: نزول الراهب بكتابه يقرأه على الناس من كتب النبوة يخبر عن إمامة وعن وجوب متابعته، وعلمه وحلمه وكماله (1).
= الصخرة على الماء فاجتهدوا في قلعها فما زالت عن موضعها فاجتمع القوم وجهدوا في تحريكها فلم يجدوا إلى ذلك سبيلا واستصعبت عليهم، فلما رأى ذلك لوى رجله عن سرجه ثم حسر من ساعده ووضع اصابعه تحت جانب الصخرة فحركها بيده ووضعها حيث كانت والراهب ينظر من فوق دير فنادى يا قوم فانزلوني فوقف بين يدي امير المؤمنين فقال: يا هذا انت نبي مرسل ؟ ! قال: لا. قال: فملك مقرب. قال: لا.
فمن أنت ؟ قال: أنا وصي رسول الله محمد بن عبد الله خاتم النبيين " ص " قال: أبسط يدك أسلم على يدك فبسط امير المؤمنين والراهب اسلم على يده.
(1) - وقال أبو الفضل نصر بن مزاحم بن سيار المنقري المتوفى (212) في كتابه: وقعة صفين ص 147: عمر بن سعد، حدثني المسلم الملائي، عن حبة، عن علي، قال: لما نزل علي الرقة بمكان يقال له بليخ على جانب الفرات، فنزل راهب هناك من صومعة فقال لعلي: إن عندنا كتابا توارثناه عن آبائنا، كتبه اصحاب عيسى بن مريم، اعرضه عليك.
قال علي: نعم فما هو ؟ قال الراهب: بسم الله الرحمن الرحيم الذي قضى فيما قضى، وسطر فيما سطر، أنه باعث في الاميين رسولا منهم يعلمهم الكتاب والحكمة، ويدلهم على سبيل الله، لا فظ ولا غليظ، ولا صخاب في الاسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح، أمته الحمادون =
[ 668 ]
338 - ومن دلائله قوله يوم الجمل: قد امرت بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين، فالناكثون: الزبير وطلحة ومن تابعهما، والمارقون: عبد الله بن وهب الراسبي صاحب الخوارج ومن تابعه، والقاسطون معاوية وعمرو بن العاص واصحابهما (1).
= الذين يحمدون الله على كل نشز، وفي كل صعود وهبوط، تذل السنتهم بالتهليل، والتكبير، والتسبيح، وينصره الله على كل من ناواه، فإذا توفاه الله اختلفت امته، ثم اجتمع، فلبثت بذلك ما شاء الله، ثم اختلفت، فيمر رجل من امته بشاطئ هذا الفرات، يامر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويقضى بالحق، ولا يرتشى في الحكم.
الدينا اهون عليه من الرماد في يوم عصفت به الريح، والموت أهون عليه من شرب الماء على الظماء، يخاف الله في السر، وينصح له في العلانية، ولا يخاف في الله لومة لائم.
من أدرك ذلك النبي صلى الله عليه وسلم من أهل هذه البلاد فآمن به كان ثوابه رضواني والجنة، ومن ادرك ذلك العبد الصالح فلينصره، فان القتل معه شهادة.
ثم قال له: فانا مصاحبك غير مفارقك حتى يصيبني ما اصابك، قال: فبكى علي ثم قال: الحمد لله الذي لم يجعلني عنده منسيا، الحمد لله الذي ذكرني في كتب الابرار.
ومضى الراهب معه، وكان - فيما ذكروا - يتغدى مع علي ويتعشى حتى اصيب يوم صفين، فلما خرج الناس يدفنون قتلاهم، قال علي: أطلبوه.
فما وجدوه صلى عليه ودفنه، وقال: هذا منا اهل البيت.
واستغفر له مرارا.
(1) - قال الخوارزمي في مناقبه ص 125: أخبرني سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيروية بن شهردار الديلمي فيما كتب الي من همدان، أخبرني الشيخ العالم محى السنة ابو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة، أخبرني أبو الحسين احمد بن =
[ 669 ]
339 - ومن دلائله: ما روى عبد الله بن العباس رضي الله عنه قال: لما نزل (عليه السلام) ذاقار، بعثني مع ابنه الحسن وعمار إلى اهل الكوفة، فخرجنا
= محمد بن تميم الحنظلي بقنطرة بردان، حدثني محمد بن سعيد بن الحسن بن عطية بن سعيد العوفي، حدثني ابي، حدثني عمي عمرو بن عطية بن سعيد، عن اخيه الحسن بن عطية، حدثني جدي سعد بن عبادة، عن علي عليه السلام قال: " أمرت بقتال ثلاثة، الناكثين والقاسطين والمارقين، اما القاسطون فاهل الشام، واما الناكثون فاهل الجمل، وأما المارقون فاهل النهروان - يعني الحرورية ".
وقال ابن عساكر الدمشقي في ترجمة الامام علي عليه السلام ج 3 ص 200 ط بيروت عن ابي الجارود: عن زيد بن علي بن الحسين بن علي، عن ابيه، عن جده، عن علي، قال: أمرني رسول الله عليه وسلم بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين.
وقال: عن علي بن ربيعة، قال: سمعت عليا يقول: " عهد الي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.
" وقال: عن انس بن عمرو، عن ابيه، عن علي قال: أمرت بقتال ثلاثة، المارقين والقاسطين والناكثين.
وقال عن ابراهيم، عن علقمة عن علي وعن ابي سعيد التيمي، عن علي عليه السلام قال: " امرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ".
وقال: عن خليد القصري قال: سمعت امير المؤمنين علي يقول يوم النهروان: " أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين.
قال أحمد المحمودي: ومن اراد التفصيل فعليه مراجعة كتاب المذكور.
[ 670 ]
حتى قدمناها، فدعونا الناس فأجابونا، وعجلنا الرجوع إلى علي (عليه السلام) قبل اجتماع الناس وتحاشدهم وخروجهم، فلما كان صبيحة يوم من الايام، قال لنا: يأتيكم اليوم من الكوفة ثمانية آلاف وبضع وثلاثون رجلا، فقمت على وادي ذي قار اعدد صفوفهم وجماجم رؤوسهم، فما زاد فارس على ما قال ولا نقص (1).
(1) - وقال العلامة التستري رحمه الله في إحقاق الحق، ج 8 ص 95: ومنهم: العلامة ابن حسنويه الحنفي في " در بحر المناقب " (ص 15 مخطوط).
قال: قال عبد الله بن عباس: بينما انا معه (أي مع علي) بذي قار، وقد ارسل ولده الحسن رضي الله عنه إلى الكوفة ليستنفر اهلها، ويستعين بهم على حرب الناكثين من أهل البصرة قا لي: يا ابن عباس قلت: لبيك يامير المؤمنين قال فسوف يأتي ولدي الحسن مع هذا النور ومعه عشرة الاف فارس وراجل لا يزيد فارس ولا ينقص فارس، قال ابن عباس: فلما أظلنا الحسن رضي الله عنه بالجند لم يكن لي همة الا مسائلة الكاتب كم كمية الجند ؟ قال لي: عشرة الاف فارس وراجل لا يزيد فارس ولا ينقص فارس قال: فعلمت ان ذلك العلم من تلك الابواب الذي علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن الاثير في الكامل ج 3 ص 231 عند ذكره وقعة الجمل: وقيل: إن عدد من سار من الكوفة اثنا عشر الف رجل ورجل.
قال أبو الطفيل: سمعت عليا يقول ذلك قبل وصولهم، فقعدت فاحصيتهم فما زادوا رجلا ولا نقصوا رجلا.
أقول: ونقل عنه المولى حيدر علي الشرواني في " مناقب اهل البيت " ص 204.
[ 671 ]
340 - ومن دلائله وعجائبه: ما قال حذيفة بن اليمان له لما سار من عثمان:
اني والله ما فهمت قولك، ولا عرفت تأويله حتى بلغت ليلتي هذه اتذكر ما قلت لي بالحرة وانت مقبل ! كيف أنت يا حذيفة إذا ظلمت العيون العين ؟ ! والنبي (صلى الله عليه واله وسلم) يومئد بين أظهرنا، فلم اعرف تأويل كلامك، ونسيت أن أذكر ذلك للنبي (صلى الله عليه واله وسلم) يومئذ، فلما كان من أمري ما اراد الله بي، اذكرني الله كلمتك في ليلتي، ورأيت ابن ابي قحافة قد قام مقام رسول الله واسمه عبد الله اول اسمه عين (1).
ثم الذي كان من بعده عمر واول اسمه عين، ثم الذي كان من بعده عثمان واول اسمه عين، وانت علي المظلوم واول اسمك العين، فعلمت أن هذا تأويل كلمتك، فقال له: يا حذيفة اين انت عن عبد الرحمان بن عوف حين مال بها إلى عثمان ! ! (2).
(1) انظر تاريخ الاسلام للذهبي ج (عهد الخلفاء) ص 105، وفيه: اسمه عبد الله، ويقال: عتيق بن ابي قحافة، (2) - في قصة الشورى والبيعة.
وقال العلامة المجلسي رحمه الله في بحار الانوار ج 41 ص 311: وقال له عليه السلام حذيفة بن اليمان في زمن عثمان: إني ما فهمت قولك ولا عرفت تأويله حتى بلغت ليلتي أتذكر ما قلت لي بالحرة وإني مقبل " كيف أنت يا حذيفة إذا ظلمت
[ 672 ]
341 - ومن عجائبه: قوله للرجل حين دعا عليه، فقال: إن كنت كاذبا فسلط الله عليك غلام ثقيف، قالوا: يا أمير المؤمنين، ومن غلام ثقيف ؟ قال: غلام لا يدع الله حرمة الا انتهكها ولا عظيمة الا ارتكبها، واخذ في وصف الحجاج بن يوسف الثقفي، فادرك الرجل الحجاج فقتله (1).
342 - ومن عجائبه: حيث خطب الناس بالكوفة لما رأى عجزهم، فقال: مع أي امام بعدي تقاتلون ؟ وأي دار بعد داركم تمنعون ؟ اما أنكم ستلقون بعدي ذلا شاملا وسيفا قاطعا وأثرة قبيحة يتخذها الظالمون عليكم سنة، فوجد ذلك كله كما قال.
343 - ومن عجائبه ودلائله: ما نقله المرجئة والناصبة عن صخر بن ابي الجهم العدوي وكان مواليا لعثمان معاديا لعلي (عليه السلام)، قال:
العيون العين ؟ " والنبي صلى الله عليه واله بين اظهرنا ولم اعرف تأويل كلامك الا البارحة، رأيت عتيقا ثم عمر تقدما عليك، وأول إسمهما عين فقال يا حذيفة: نسيت عبد الرحمن حيث مال بها إلى عثمان.
وفي رواية: وسيضم إليهم عمرو بن العاص مع معاوية بن آكلة الاكباد، فهؤلاء العيون المجتمعة على ظلمي.
وأورده ابن شهر آشوب في المناقب ج 2 ص 268، وفيه: وسيضم إليهم عمرو بن العاص مع معاوية بن آكلة الاكباد. فهاؤلاء العيون المجتمعة على ظلمي.
(1) - انظر المصدر.
[ 673 ]
خرجت بكتاب عثمان والمسلمون قد نزلوا بذي خشب إلى معاوية، وقد طويته طيا لطيفا في قراب سيفي وقد تنكبت الطريق وتوجهت سواد الليل حتى إذا كنت بجانب الجرف إذا انا برجل على بغلة مستقبلي ومعه رجلان يمشيان امامه فإذا هو علي بن ابي طالب قد اقبل من ناحية البدر، فاثبتني، ولم اثبته حتى سمعت كلامه، فقال لي: اين تريد يا صخر ؟ قلت: العراق فادع لي بالصحبة، فقال لي: فما هذا الذي في قراب سيفك ؟ فقلت له: لا تدع مزاحك ابدا، ثم جزته وتركني (1).
344 - ومن عجائبه: ما كان من امر ذي الثدية بالنهروان حيث قال: اطلبوه في القتلى فانه رجل علامته كذا وكذا، وعلى يده مثل الثدي له شعيرات كشارب السنور (2) ثمان أو تسع، فطلب ثلاث مرات فلم يوجد، فلما عادوا، قام بنفسه يطلبه، فوجده فاخرجه على الصفة التي اخبر (3).
345 - ومن عجائبه: ما كان في غزاة بني زبيد، وأمر الرجل الذي دعا عليه، وفي وجهه برص وخال فتفشى الخال في وجهه حتى اسود وجهه كله !.
(1) - انظر بحار الانوار للمجلسي رحمه الله ج 41 ص 305.
(2) - في " ش ": على يده شعيرات كشارب الهر.
(3) - في " ح ": ذكر.
[ 674 ]
346 - ومن عجائبه: دعائه على انس حين ثقل عيه، وقال: إن كنت كاذبا فضربك الله بها بيضاء (1) في وجهك كله لا تواريها العمامة، فبرص كله من قرنه إلى قدمه.
فهذه جملة من عجائبه، ولو شئنا لاتينا باضعاف ذلك مما لا يقدرون على دفعه، ثم لما لم يقدروا على دفع ما أوردناه طالبونا بعلة التقية، وكيف جاز لبني هاشم القعود عن حقهم في زمان اعدائهم، ولم يجز للنبي (صلى الله عليه واله وسلم) إخفاء نفسه، فاعلمناهم ان الرسول قد استعمل التقية حينا حتى وجد اعوانا، فلما وجدهم خرج إلى المدينة، واظهر الامر، على ان شرط الرسول خلاف شرط الامام بعده لان الرسول هو مبتدئ الدعوة ومظهر الشريعة، فندعوه إلى اظهار المصلحة، وبنو هاشم لو كانوا في تقية طول مدتهم لكان الدين مكتوما، ولم يكن على ظهر الارض محجوج إذ كانت الحجة لا تلزم الا بظهور الاية إذا ظهرت، وإذا اعلن الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)، فقد صارت الدار علانية، (2) ولا يجوز ان يرسل الله رسولا فتكون اياته كلها في دار التقية، فلا يظهر أمره ولا يشيع خبره والرسول هو البشير، ولابد للبشير من علم بصدقه ببرهان يقيمه ولا يجوز أن يحيى الموتى لمن اظهر دعواه واخفى معناه، لانه فلق البحر
(1) - وفي " ش ": ببيضاء.
(2) - وفي " ح " " ش ": دار.
[ 675 ]
وأحيا الموتى وانطق الذئب ومشى على الماء وهو ساكت، ولم تقم حجته على من بعث إليه، فاما بنو هاشم فقد يجوز لهم التقية لانهم ليسوا الذين ابدعوا الشريعة، فإذا كان امر المتقدمين قد اعلن فقد كمل الامر وجازت التقية، إذ وقف على حال الظالمين لهم والمنكرين لحقهم، وعرف كراهتهم لهم، ثم كانوا في زمن بني أمية والذين اباحوا دمائهم حتى أصبحوا غير آمنين على انفسهم، إذ كانت الامة لا تنصرهم غير طائفة منها، فلما كانوا غير رسل ولا انبياء جاز لهم التقية، لان الحظر وقع على النبي (صلى الله عليه واله وسلم) الذي أمر باظهار الدعوة إذ كان مبعوثا إلى الكفار، فدعاهم إلى الدخول في الدين وجالدهم عليه بالسيف، فاجابه من اجابه، وحاد عنه من حاد فلما وجبت الدعوة على من تابعه وصلى بصلاته، وصام بصيامه واقام عمود الدين، وكانوا ممن قام بهم الدين، ولم يحتج الائمة إلى اظهار امر خامل (1) وجب على الامة طلب الامام لقول النبي (صلى الله عليه واله وسلم)، لعلي (عليه السلام): أنت بمنزلة الكعبة تؤتى ولا تأتي (2).
347 - والدليل على ذلك أن الجائرة من بني امية الذين جعلوا المدينة ثغرا، ومكة مقتلا، وهما حرم الله وحرم رسوله (صلى الله عليه واله وسلم)، و كان في طول ما ملكوا وقهروا واستقلوا وطغوا، جهدوا مع تمكنهم و
(1) - في " ش ": حائل.
(2) - انظر ص 387 من هذا الكتاب.
[ 676 ]
قدرتهم في قمع آل محمد وشيعتهم، وإماتة امرهم، واطفاء نورهم، والقتل لمن اظهر تفضيلا لهم وروى حديثا عنهم، ولم يزل السيف يقطر من دمائهم ولم تزل السجون مشحونة بدعاتهم ومظهري فضلهم، فكانوا بين قتيل واسير، ومستخف وطريد حتى ان الفقيه المحدث و القاص المذكر ليتقدم إليهم بالابعاد والتخويف الا يذكروا حرفا واحدا من فضائلهم حتى صار أسوأ الناس قولا فيهم اقرب الناس إليهم، ولقد كان المحدث في الفقه ليأتي بخبر من خبر المبارزة، فيقول: قال رجل من قريش ولا يذكر عليا (عليه السلام)، وكان مكحولا يعتمد في الفقه على قول علي بن ابي طالب فيقول إذا ذكر قوله: قال أبو زينب، ولم يجسروا ان يسموا الا، ولا عليا !!(1).
(1) - قال ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة، ج 4، ص 73: قال [أبو جعفر ]: وقد صح أن بني أمية منعوا من اظهار فضائل علي عليه السلام، وعاقبوا ذلك الراوي له حتى ان الرجل إذا روى عنه حديثا لا يتعلق بفضله بل بشرايع الدين لا يتجاسر على ذكر اسمه فيقول: عن ابي زينب.
قال العلامة المجلسي (ره) في البحار، ج 28، ص 152: وقد روى في كتاب الاختصاص عن سعيد بن عبد العزيز، انه قال: كان الغالب على مكحول عداوة علي بن ابي طالب صلوات الله عليه، وكان إذا ذكر عليا عليه السلام لا يسميه ويقول: أبو زينب.
[ 677 ]
348 - منهم: موسى بن رباح المحدث (1) سمى ابنه عليا فذبحوا ابنه في حجره فلم يزدهم الله الا رفعة وعلوا، ولم يزدد امرهم الا استنارة حتى صار ذلك زيادة في نباهتهم، فان الحجاج ابن يوسف دام سلطانه عشرين سنة، وقد اخذ الناس بقراءة ما في مصحف عثمان وعلي ترك قراءة عبد الله بن مسعود، وابي بن كعب، وكان يضرب عليه ويوعد شيعة علي (عليه السلام) وعترة الرسول بما صنعت الجبابرة في قومها، فنشأ عليها الصغيرة وهرم عليها الكبير حتى لم يعرفوا الا مصحف عثمان، ولقد جهد القوم في إطفاء نورهم وطمس آثارهم، وما جعل الله في قلوب المؤمنين من المحبة لهم فما قدروا على ذلك، وكانوا على إخفاء حسناتهم حرصا منهم على إسقاط قراءة عبد الله وابي [بن كعب] فعلى حسب ذلك اظهر الله امرهم على السنة الخاصة والعامة، ثم زانها المرجئ والعثماني وفقهائهم (2) لا يمتنعون من رواية فضل
(1) - هو: موسى بن علي بن رباح أبو عبد الرحمان اللخمي المصري، واسم ابيه علي بالضم وانما صغر لانه كانت بنو امية إذا سمعوا بمولود اسمه علي قتلوه، فبلغ ذلك رباحا، فقال: علي. انظر سير اعلام النبلاء ج 7 ص 411 و 412. وتاريخ الاسلام للذهبي ج 7، ص 427، الرقم: 505، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور، ج 17، ص 284، ومشاهير علماء الامصار للبستي ص 122، وتهذيب التهذيب لابن حجر ج 7، ص 319.
(2) - في " ش ": العامة.
[ 678 ]
علي (عليه السلام) وولده اهل البيت، وكانوا مع رواياتهم يحرفون الحديث، ويتأولون فيه صدق الحديث وإنكار الواضح بمخرج الكلام وظاهر مضايق المخارج، وكانوا من اصحاب الاحتيال حتى اخبرت كاليهود حيث اخبروا بمعجزات عيسى فزعموا انه ساحر، وكالزنادقة حيث أخبروا بعجائب محمد (صلى الله عليه واله وسلم)، فادعت (1) بعجائب ان ذلك كله سحر، وإذا كانت أمورهم لا تزداد الا حدة، ولا يزداد المحدثون الذين قربوا من الملوك وما كانوا يوردون عليهم من اطفاء نورهم الا ازديادا (2) من الروايات في تنقصهم وليس يزداد شأنهم الا علوا، وفضلهم الا بيانا، وحبهم الا شغفا، ومحبتهم الا هوى، فهل ذلك الا من إمارات الحق، إذ كان الله عزوجل قد جعلهم نور الابصار، واعلام الهدى، وباب السلامة، وفي الاقتداء بهم كالنجوم، وفي النجاة كسفينة نوح وسببهم متصل بالسماء إليهم في الحق ينتهي وعنهم فيه يصدر، ومن عندهم تقتبس، صبروا على الاواء والبلوى، إذ كانوا أحق الناس بالرسول، و إذ كانوا البقية بعده والاخيار من الامة، قد اخذ الرسول مودتهم أجرة، وقد اضحوا عن الناس بعده اخلافا على الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)، وصاروا مثقلين مصفدين بكل واد منهم جسد يبلى، وقتيل ينعى، لا يدعو إلى
(1) - في " ح ": فادعوا.
(2) - في " ح ": بالازدياد.
[ 679 ]
نصرهم داع، حتى نالهم السبي، وأصابهم الجهد هذا وهم خيار الخلق.
349 - وقد اغرى العامة على بغضهم حتى لو تحرك متحرك من بني تيم أو بني عدي، أو من بني امية أو خارجي خرج صاروا معه على بني هاشم اهل بيت النبوة وضاربوا معه بالسيف، فيا سوأة للعارفين، و يا حجة على المتوسلين بوسائل منكرة حتى ان القائل ليقول في دعائه: اللهم اني أسألك بحق ابي بكر وعمر الا فعلت كذا وكذا !، ولا يتقربون إلى الله عزوجل برسوله، والى رسوله بذريته، فقد وضح عنهم الجحود و بسوء الخلافة، فيا حسرتاه على قدر ما نالهم، ويا اسفاه على ما قد اصابهم، ويا فضيحتاه عند نبيهم يوم يلقونه، فيقول: كيف خلفتموني في الثقلين ؟ فلم اعلم لهم حجة، إلا أن يقولوا: أما الثقل الاكبر فحرفناه ! ؟، واما الثقل الاصغر فقتلناه، هذا وهم يمنعون جيرانهم من الضيم واهل بيت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، جياع قد آمنت الوحوش وهم لم يأمنوا يمسون ويصبحون، وهم ينهشون عصوا الله والرسول، واطاعوا الثاني عمر فيهم ! ؟، إذ كان اغلظ الخلق عليهم لا يريد الا إطفاء نورهم وإماتة أمرهم !، وليس القصد لهم بل القصد لصاحب الرسالة !، وهذا امر لا خفاء به.
(1) - قال ابن ابي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة، ج 5، ص 129: وقد طعن كثير من اصحابنا في دين معاوية، ولم يقتصروا على تفسيقه، وقالوا عنه: إنه
[ 680 ]
350 - اليس قال الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)، وقد تغرغر: إيتوني بدواة
كان ملحدا لا يعتقد النبوة، ونقلوا عنه في فلتات كلامه، وسقطات الفاظه ما يدل على ذلك: قال: وروى الزبير بن بكار في [أخبار] الموفقيات، وهو غير متهم على معاوية، ولا منسوب إلى اعتقاد الشيعة، لما هو معلوم من حاله من مجانبة علي عليه السلام، والانحراف عنه - قال المطرف بن المغيرة بن شعبة: دخلت مع ابي على معاوية، فكان ابي يأتيه، يتحدث معه، ثم ينصرف الي فيذكر معاوية وعقله، ويعجب بما يرى منه إذ جاء ذات ليلة فامسك عن العشاء، ورأيته مغتما فانتظرته ساعة ظننت انه لامر حدث فينا، فقلت: ما لي اراك مغتما منذ الليلة ؟ فقال: يا بني جئت من عند اكفر الناس واخبثهم، قلت: وما ذاك ؟ قال: قلت له وقد خلوت به.
إنك قد بلغت سنايا امير المؤمنين، فلو اظهرت عدلا، وبسطت خيرا فانك قد كبرت، ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم، فوصلت ارحامهم فوالله ما عندهم اليوم شئ تخافه، وان ذلك مما يبقى لك ذكره وثوابه، فقال: هيهات هيهات ! أي ذكر ارجو بقاءه ! ملك اخو تيم فعدل وفعل ما فعل، فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره، الا أن يقول قائل: أبو بكر، ثم ملك أخو عدي، واجتهد وشمر عشر سنين، فما عدا ان هلك حتى هلك ذكره، الا ان يقول قائل: عمر، وان ابن ابي كبشة ليصاح به كل يوم خمس مرات: " اشهد ان محمدا رسول الله " فاي عمل يبقى، وأي ذكر يدوم بعد هذا لا ابا لك ! لا والله الا دفنا دفنا.
وذكر الاربلي رحمه الله في كشف الغمة ج 1، ص 418، ط / ايران، وذكر ايضا العلامة المجلسي (ره) في البحار ج 33، ص 169.
اقول: انظر الاخبار الموفقيات للزبير بن بكار ط بغداد، ص 577.
[ 681 ]
وصحيفة اكتب لكم ما لا تضلون معه بعدي.
فقال الثاني (1): هجر رسول الله ! ! ثم قال: حسبنا كتاب الله !، وفي هذا القول كفر بالله العظيم ! لان الله جل ذكره يقول: (وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) (2) فزعم عمر انه لا حاجة له فيما دعاهم إليه الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)، لعلمه ان الرسول يريد تأكيد الامر لعلي (عليه السلام)، ولو علم ان الامر له أو لصاحبه لبادر بالدواة والصحيفة (3).
روى ذلك عبد الرزاق (4) عن معمر، عن الزهري، عن عبيدالله بن عبد الله [بن عتبة ]، عن ابن عباس، قال: لما حضرت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلام) الوفاة، قال: هلم (5) بالدواة والصحيفة اكتب لكم كتابا لا تضلون بعده ابدا، فقال الثاني عمر: إن رسول الله قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله !، فاختلف اهل البيت فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم رسول الله كتابا لن تضلوا بعده، فلما أكثر اللغط والاختلاف عنده، قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): قوموا.
(1) - وفي نسخة " ح ": عمر.
(2) - سورة الحشر، الاية: 7.
(3) - كما بادر في وصية ابي بكر له بالخلافة ولم يقل حسبنا كتاب الله.
(4) - هو: عبد الرزاق بن همام الصنعاني المتوفى (211) صاحب المصنف كما يأتي.
(5) - وفي " ح ": هلموا.
[ 682 ]
قال عبيد الله: وكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم كتابا من اجل إختلافهم ولغطهم (1).
فأي أمر أوضح من قول الثاني عمر: حسبنا كتاب الله ولا حاجة بنا إلى ما يدعونا إليه الرسول، ولا شاهد اعدل من ابن عباس وقد كانت منه في مخاطبته لعبدالله ما فيه من التصريح ببغض بني هاشم.
351 - رواه سفيان بن عيينة (2) عن النهدي (3) عن سالم ابن عبد الله،
(1) - قال عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه ج 5، ص 438، الرقم: 9757: عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبيدالله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، قال: لما إحتضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ؟ فقال عمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلب عليه الوجع، وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله، فاختلف اهل البيت، واختصموا، فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا لا تضلوا بعده، ومنهم من يقول: ما قال عمر، فلما اكثروا اللغو والاختلاف عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قوموا، قال عبد الله: فكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب، من اختلافهم ولغطهم. انظر ص 126 من هذا الكتاب.
(2) - انظر سير اعلام النبلاء ج 8 ص 454 الرقم: 120.
(3) - هو: مالك بن إسماعيل بن درهم أبو غسان النهدي الكوفي، انظر سير اعلام النبلاء، ج 10، ص 430، الرقم: 132.
[ 683 ]
عن ابيه عبد الله بن عمر، قال: كنا عند الثاني عمر ذات يوم، إذ قال: من اشعر الناس ؟ قلنا فلان وفلان، فبينا نحن كذلك، إذ طلع عبد الله بن عباس فسلم، فاجلسه إلى جنبه وقال: قد جاءكم ابن بجدتها (1) من اشعر الناس يابن عباس ؟ قال: ذاك زهير بن ابي سلمى (2)، قال: فانشدني شيئا من شعره، استدل على ما تقول، قال: امتدح قوما من بني غطفان يقال لهم: بنو سنان، فقال:
لو كان يقعد فوق الشمس من كرم * قوم بأولهم أو مجدهم قعدوا (3)
قوم ابوهم سنان حين تنسبهم * اطابوا وطاب من الاولاد ما ولدوا
إنس إذا امتحنوا (4) جن إذا فزعوا * مبرزون (5) بهاليل إذا جهدوا (6)
محسّدون على ما كان من نعم * لا ينزع الله عنهم (7) ماله حسدوا
(1) - بجدة بالفتح، أي العالم بالشئ، ومنه يقال: هو ابن بجدتها.
انظر لسان العرب، ج 3، ص 77.
(2) - وأي " ح ": زهير سلمى.
(3) - وفي الكامل لابن الاثير ج 3، ص 63: قوم لاولهم يوما إذا قعدوا.
(4) - وفي تاريخ الطبري ج 4 ص 222: إذا أمنوا.
(5) - وفي تاريخ الطبري ج 4 ص 222: مرزؤن (6) - وفي تاريخ الطبري ج 4 ص 222: إذا خشدوا.
(7) - وفي تاريخ الطبري: منهم.
[ 684 ]
فقال: قاتله الله يابن عباس: لقد قال كلاما حسنا ما كان يصلح الا في اهل هذا البيت من بني هاشم لقرابتهم من رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، فقال ابن عباس وفقك الله يا أمير المؤمنين ولم تزل موفقا، فقال: (1) يابن عباس اتدري ما منع الناس منكم ؟ فقلت: لا، قال: لكني ادري، قلت: فما هو ؟
352 - قال: كرهت قريش أن تجتمع لكم النبوة والخلافة فتبجحوا على الناس بجحا (2) فنظرت قريش لانفسها فاختارت ووفقت واصابت، قال: فاطرق ابن عباس طويلا، ثم قال: [أ] تميط عني غضبك يا أمير المؤمنين (3) وتسمع كلامي، ؟ ! قال: تكلم يابن عباس، قال: أما قولك إن قريشا كرهت، فان الله تبارك وتعالى يقول: (ذلك بانهم كرهوا ما انزل الله فاحبط اعمالهم) (4).
353 - وأما قولك: انا نبجح عليهم بجحا، فليس منا (5) مع قرابتنا
(1) وفي " ح ": ثم قال.
(2) - في النسخة كانت هكذا: فتجفخون على الناس جفخا، الا اننا صححنا كما في الكامل لابن الاثير، ج 3، ص 63، وتاريخ الطبري، ج 4، ص 223.
(3) كلمة امير المؤمنين ليست في " ش ".
(4) - سورة محمد صلى الله عليه وآله الاية: 9.
(5) - وفي " ش " و " ح ": فينا.
[ 685 ]
من رسول الله جحف ولا نجفح (1)، وكيف ذلك ؟ والله يقول لنبيه (صلى الله عليه واله وسلم): (واخفض جناحك لمن إتبعك من المؤمنين) (2).
وأما قولك: إن قريشا اختارت، فان الله تعالى اسمه اختار من خلقه خير خلقه، فان كانت قريش نظرت من حيث نظر الله، فقد وفقت واصابت، قال عمر: على رسلك يابن عباس، ابت قلوبكم لنا يا بني هاشم الا بغضا لا يزول، وحقدا لا يحول، فقال ابن عباس، مهلا يا عمر (3) مهلا، لا تنسب قلوب بني هاشم وقلب رسول الله إلى ما تنسبها إليه، فان الله عزوجل قد اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
354 - فاما قولك: حقدنا، فكيف لا يحقد من غصب على شيئه (4) ورآه في يدي غيره، فقال عمر: اما أنت يابن عباس، فقد بلغني عنك كلاما اكره ان اخبرك (5) به فتزول منزلتك مني، قال: وما هو ؟ فان يك باطلا، فمثلي اماط الباطل عن نفسه، وان يك حقا فما تزيل منزلتي منك، فقال: بلغني انك تقول: اخذ منا هذا الامر حسدا وظلما، فقال ابن عباس:
(1) - كذا في النسخة. والصحيح ما تقدم.
(2) - سورة الشعراء الاية: 215.
(3) - وفي " ح ": يا أمير المؤمنين.
(4) - وفي " ش ": شعبه. ولعله: من غصب على فيئه والله اعلم.
(5) - في تاريخ الطبري: افرك، والكامل ج 3 ص 63 اقرك.
[ 686 ]
إن كان كذلك فقد حسد ابليس آدم فاخرجه من الجنة.
355 - واما قولك ظلما، فقد علم الله عزوجل وعلم الناس ان قريشا تفتخر على العرب بحق رسول الله، ونحن احق برسول الله من قريش جميعا، فقال له الثاني عمر: قم عني، فوثب ابن عباس، فما ولي، هتف به الثاني عمر من خلفه (1) إلى اين يا مولى علي، ما كان منك لحقك
(1) - قال محمد بن جرير الطبري العامي، ج 4 ص 222: حدثني ابن حميد قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن اسحاق، عن رجل، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال بينما عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبعض اصحابه يتذاكرون الشعر، فقال بعضهم: فلان اشعر، وقال بعضهم: بل فلان اشعر، قال: فاقبلت، فقال عمر: قد جاءكم اعلم الناس بها، فقال عمر: من شاعر الشعراء يابن عباس ؟ قال: فقلت: زهير بن ابي سلمى، فقال عمر: هلم من شعره ما نستدل به على ما ذكرت، فقلت: امتدح قوما من بني عبد الله بن غطفان، فقال:
لو كان يقعد فوق الشمس من كرم * قوم باولهم أو مجدهم قعدوا
قوم أبوهم سنان حين تنسبهم * طابوا وطاب من الاولاد ما ولدوا
إنس إذا امنوا، جن إذا فزعوا * مرزءون بها ليل إذا حشدوا
محسدون على ما كان من نعم * لا ينزع الله منهم ماله حسدوا
فقال عمر: احسن، وما اعلم احدا اولى بهذا الشعر من هذا الحي من بني هاشم ! لفضل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرابتهم منه، فقلت: وفقت يامير المؤمنين، ولم تزل موفقا، فقال: يابن عباس، اتدري ما منع قومكم منهم بعد محمد ؟ فكرهت أن أجيبه، فقلت: إن لم أكن ادري فامير المؤمنين يدريني، فقال عمر: كرهوا أن يجمعوا لكم النبوة والخلافة، فتبجحوا
[ 687 ]
راع، فقال ابن عباس: ان لي عليك وعى كل مسلم حقا، فمن حفظه فقد
على قومكم بجحا بجحا، فاختارت قريش لانفسها فاصابت ووفقت.
فقلت: يا امير المؤمنين، ان تأذن لي في الكلام، وتمط عني الغضب تكلمت.
فقال: تكلم يابن عباس، فقلت: ام قولك يامير المؤمنين: اختارت قريش لانفسها فاصابت ووفقت، فلو ان قريشا اختارت لانفسها حيث اختار الله عزوجل لها لكان الصواب بيدها غير مردود ولا محسود.
واما قولك: إنهم كرهوا ان تكون لنا النبوة والخلافة، فان الله عزوجل وصف قوما بالكراهية فقال: (وذلك بانهم كرهوا ما انزل الله فاحبط اعمالهم).
فقال عمر: هيهات والله يابن عباس ! قد كانت تبلغني عنك أشياء كنت اكره ان افرك عنها، فتزيل منزلتك مني، فقلت: وما هي يا أمير المؤمنين ؟ فان كانت حقا فما ينبغي أن تزيل منزلتي منك، وان كانت باطلا فمثلي اماط الباطل عن نفسه، فقال عمر: بلغني انك تقول: انما صرفوها عنا حسدا وظلما ! فقلت: اما قولك يا أمير المؤمنين: ظلما، فقد تبين للجاهل والحليم، واما قولك: حسدا، فان ابليس حسد آدم، فنحن ولده المحسودون، فقال عمر: هيهات ! ابت والله قلوبكم يا بني هاشم الا حسدا ما يحول، وضغنا وغشا ما يزول.
فقلت: مهلا يا أمير المؤمنين، لا تصف قلوب قوم اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا بالحسد والغش، فان قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم من قلوب بني هاشم.
فقال عمر: اليك عني يابن عباس، فقلت: افعل، فلما ذهبت لاقوم استحيا مني فقال: يابن عباس، مكانك، فوالله اني لراع لحقك، محب لما سرك، فقلت: يا امير المؤمنين، ان لي عليك حقا وعلى كل مسلم، فمن حفظه فحظه اصاب، ومن اضاعه فحظه أخطأ. ثم قام فمضى. وذكر ايضا ابن الاثير في الكامل ج 3، ص 62. على نحو ما ذكر من التاريخ.
[ 688 ]
أصاب حظه، ومن ضيعه فقد اخطأ حظه، ثم طواه ومضى.
فالتفت الثاني عمر إلى جلسائه فقال: واها لابن عباس، فوالله ما رأيته لاحن احدا قط الا خصمه، فقد اعترف بانه انقطع مخصوما.
فهذه رواياتكم عن ائمتكم، فمن كان هذا قوله لابن عباس ! وهو رهباني هذه الامة ! ! ومن دعا له النبي (صلى الله عليه واله وسلم)، فقال: اللهم فقهه بالدين والهمه التأويل، وعلمه التنزيل، ومن رأى جبرئيل مرتين، ومن قال النبي (صلى الله عليه واله وسلم) فيه وفي ابيه الذي هو عمه وصنو ابيه، ما رواه داود بن عطا، عن موسى بن عبيدة الترمذي.
356 - عن محمد بن ابراهيم بن الحرث التيمي: ان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) قال: ان هذا عمي العباس حاطني (1) بمكة من المعك واخذ البيعة عى الانصار، ونصرني في الاسلام مؤمنا بالله عزوجل مصدقا بي فاحفظه وحط له دينه عن كل مكروه، وقد كان عنه اكثر مما ذكرنا.
357 - رواه شبابة بن سوار، (2) عن اسرائيل، عن عبد الاعلى (3) عن
(1) - وفي " ح ": حاطئ.
(2) - هو: شبابة بن سوار الفزاري اصله من خراسان قيل: إسمه مروان حكاه ابن عدي. روى عن حريز بن عثمان الرحبي وإسرائيل. انظر تهذيب التهذيب ج 4 ص 300 الرقم: 518.
(3) - ابن عامر الثعلبي الكوفي انظر تهذيب التهذيب ج 6 ص 94.
[ 689 ]
سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: وقع رجل من الانصار في اب للعباس في أمر الجاهلية، فغضب العباس فلطمه، فقال قومه: لنلطمنه كما لطمه، ولبسوا الساح، فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، فصعد المنبر، فقال: أيها الناس تعلمون [أي أهل الارض] أكرم على رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، ؟ [قالوا: أنت اعلم] (1) قال: فان العباس مني و انا منه، لا تسبوا امواتنا فتؤذوا احيائنا، (2) فالقوا السلاح، وقالوا: يا رسول الله نتوب إلى الله واليك فاستغفر لنا.
(1) - وفي " ح ": أي الناس ؟ قالوا: أنت اعلم، ثم اعلم انه كان في النسخة سقط فصححنا كما في سير اعلام النبلاء، وما بين المعقوفات كانت تقتضيه السياق.
(2) - رواه الذهبي في سير اعلام النبلاء، ج 2 ص 88 عن إسرائيل، عن عبد الاعلى الثعلبي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أن رجلا من الانصار وقع في أب للعباس كان في الجاهلية، فلطمه العباس، فجاء قومه، فقالوا: والله لنلطمه كما لطمه، فلبسوا السلاح، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصعد المنبر، فقال: " ايها الناس، أي اهل الارض اكرم على الله ؟ " قالوا أنت، قال: " فان العباس مني وانا منه، لا تسبوا امواتنا فتؤذوا أحيائنا ".
فجاء القوم فقالوا: نعوذ بالله من غضبك يارسول الله.
ورواه ايضا احمد بن حنبل في المسند ج 1 ص 300، ورواه ابن سعد في الطبقات ج 4 ص 24، وفيه: لا تؤذوا العباس فتؤذوني، وقال: من سب العباس فقد سبني.
ورواه الحاكم في المستدرك، ج 3 ص 329، وقال: هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه. كما روى البسوي في المعرفة والتاريخ ج 1 ص 499.
[ 690 ]
فهذه من رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وهو الحكم العدل والعباس اللاظم، فكيف لو كان مظلوما ما كان يبلغ من نكيره.
358 - وروى ابن ابي اويس (1) عن الدراوردي (2) عن ابراهيم بن طهمان (3) عن يزيد بن ابي زياد (4) عبد عبد الله بن الحارث (5) ان العباس شكا عمر إلى النبي، فقال رسول الله: ما دخل قلب عبد الايمان، ولم يحبكم لله ولرسوله، ثم خطب الناس وهو محمر وجهه، فقال: من آذى العباس فقد آذاني، إحفظوني في عمي العباس، فإن عم الرجل صنو ابيه.
(1) - هو إسماعيل بن عبد الله بن عبد الله بن اويس بن مالك ابن ابي عامر الاصبحي. انظر تهذيب اتهذيب ج 1 ص 310 الرقم: 568.
(2) - هو: عبد العزيز بن محمد بن عبيد بن ابي عبيد الدراوردي أبو محمد المدني. انظر تهذيب الكمال ج 18 ص 187 رقم: 3470.
(3) - هو: ابراهيم بن طهمان بن شعبة الخراساني أبو سعيد الهروي المتوفي (168) انظر تهذيب الكمال ج 2 ص 108.
(4) - هو: يزيد بن ابي زياد القرشي الهاشمي أبو عبد الله الكوفي المتوفي (137) انظر تهذيب الكمال ج 32 ص 135 رقم: 6991.
(5) - هو: عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي المتوفى (79).
انظر تهذيب الكمال ج 14 ص 369 رقم: 3216. وفي النسخة عبيدالله بن الحرث وهو خطأ.
[ 691 ]
في أشباه لهذا كثيرة ان ذكرناها لطال الكتاب، وإنما قصصنا بعض خبره ليعلم الناس بغضه لبني هاشم، وان بغضه هم هو بغض لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم.
359 - ومن العجب ان الناس قحطوا في ايامه حتى خلطوا الرماد بالطعام فجعل الثاني عمر يستقي (1) اربعين يوما فلم يسقوا ثم اتى لعم رسول الله، وسأله الخروج معه فاستقى به (2)، فقال العباس: اللهم انه لم ينزل بلاء الا بذنب، ولا يكشف الا بتوبة، وقد توجه بي القوم اليك لمكاني من نبيك (صلى الله عليه واله وسلم) وهذه ايدينا ممدودة اليك بالرغبة ونواصينا بالتوبة، فاسقنا الغيث (3) فسقاهم الله وانقذهم من الهلكة، فقال العباس: يستسقون بنا ويتقدمونا، فإذا قحطوا استسقوا بهم، وإذا ذكروا الخلافة تمنوا سالما مولى ابي حذيفة والجارود العبدي فلو استحيا في
(1) - وفي " ش ": يستسقي.
(2) - وفي " ح ": فاستسقى، ثم نظر سير اعلام النبلاء، ج 2 ص 92 ط بيروت. وروى البسوي في المعرفة والتاريخ ج 1 ص 504 حدثنا محمد بن عبد الله الانصاري قال: حدثني ابي عن عمه ثمامة، عن انس قال: كان عمر إذا قحطوا خرج فاستسقى واخرج معه العباس وقال: اللهم انا قد قحطنا فنتوسل بنبينا صلى الله عليه وسلم وإنا نتوسل اليك بعم نبينا فاسقنا. قال: فيسقون. ورواه ايضا ابن سعد في الطبقات ج 3 ص 321.
(3) - إلى هنا ذكر العلامة الشيخ سلامة القضاعي العزامي الشافعي في فرقان القرآن ط بيروت، ص 124.
[ 692 ]
وقت من ااوقات لاستحيا ثمة (1)، أما كان يستحي من عم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) حين يقول يستسقى [بنا] ويتقدمونا ؟ ! اما علم ان اهل البيت زين البيوت وشرف المحلات، وصفوة الصفوات السباق إلى الخيرات، قد طهرهم الله وطهر نبيهم وذريته عن اوساخ الناس، وحرم عليهم من الصدقات ما حرم على نبيه، ثم جعل لهم بدل ذلك سهاما لا يدخلون بها مع الداخلين جميعا لانواع الطهارة لهم بوجوب الفضيلة فيهم التي بالنبي (صلى الله عليه واله وسلم)، نالوها واليه نسبوها وبه عرفوها وكيف يقربهم الجمهور الاعظم وقدوتهم (2) من قد ذكرناه في اول الكتاب، و آخره.
360 - وإنا لنعجب كثيرا مما بقي في أيدي الرواة من فضائلهم ولا نعجب مما درس ومحا وطمس في طول ولايتهم وولاية بني امية فان الناس بقوا في ايامهم وايام اعتدائهم اكثر من مائة سنة لا يجسر احدا ان يذكرهم بخير فضلا عن ذكر مناقبهم اقتداء بمن مهد لبني امية وأزال الخلافة عن بني هاشم الذين هم اعلام الدين ومعدن الرسالة وبيت الحكمة ومصابيح الهدى والمدلول عليهم والحمد لله على ذلك كله، إذ جعلهم برسول الله العلماء زادهم الله رفعة وعلوا وجعلنا لسلوك آثارهم
(1) - وفي " ش ": في هذا الوقت.
(2) - وفي " ش ": الثاني.
[ 693 ]
اتباعا لهم على دين الله اعوانا ولمحبيهم إخوانا احلنا بذلك منازلهم واهلنا للنعم العظام والمنن الجسام والذب عن حرمة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) والدفع عن مظلمته، وفقنا الله تبارك وتعالى إنه ولي ذلك والقادر عليه.
هذا آخر كتاب المسترشد في الامامة (1)، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبيه محمد وآله الطيبين الطاهرين حسبنا الله ونعم الوكيل.
قال احمد المحمودي: قد فرغت من تسويده وتحريره واستنساخ الكتاب بأناملي الداثرة ليلة الجمعة التاسع من شهر رجب الخير لسنة الف واربعمائة وسبع من الهجرة النبوية المصادف للتاسع والعشرين من الشهر الاخير لسنة الف وثلاثمائة وخمسة وستين وهو اليوم الآخر لهذه السنة الشمسية، بعد وقفة طويلة لامور هامة جدا، وقد تمت المقابلة مع المخطوطة التي كتبها العلامة الشيخ السماوي رحمه الله الموجودة في مكتبة السيد الحكيم (ره) العامة في النجف الاشرف 18 شعبان / 1398 كما تمت الكتاب بأناملي الداثرة ليلة الجمعة التاسع من شهر رجب الخير لسنة الف واربعمائة وسبع من الهجرة النبوية المصادف للتاسع والعشرين من الشهر الاخير لسنة الف وثلاثمائة وخمسة وستين وهو اليوم الآخر لهذه السنة الشمسية، بعد وقفة طويلة لامور هامة جدا، وقد تمت المقابلة مع المخطوطة التي كتبها العلامة الشيخ السماوي رحمه الله الموجودة في مكتبة السيد الحكيم (ره) العامة في النجف الاشرف 18 شعبان / 1398 كما تمت المقابلة ايضا مع النسخة التي كتب وقفيتها العلامة المجلسي (ره) والتي كانت من نماء حمام نقشجهان باصفهان الموجودة في المكتبة الحسينية الشوشترية في النجف الاشرف في 21 شعبان 1398.
كما رأيت ايضا نسختين مخطوطتين اخريتين في المكتبة الرضوية، وانا المفتقر إلى رحمة الله وعناية العترة الهادية الطاهرة عليهم السلام، أحمد المحمودي ابن
(1) - وفي " ش ": والصلاة والسلام على نبيه محمد وآله الميامين.
[ 694 ]
العلامة النسابة الشيخ غلامحسين ابن ميرزا فضل الله، ابن ميرزا عبد الله، ابن محمد، ابن باقر، ابن محمود، ابن كمال، ابن محمود (1).
وأقول: فرغت أيضا من تصفيفه وتحقيقه والتعليق عليه يوم الخامش والعشرين من شهر ذي حجة الحرام لسنة ألف وأربعمأة واربعة عشر من الهجرة، وكان الاخراج إلى الصف بالكمپيوتر بمعاونة ابني محمد مهدي المحمودي زاد الله توفيقاته في تحصيل الكمال.
***
(1) - إلى هنا من سلسلة النسب حدثني والدي العلامة النسابة، الحاج الشيخ غلا محسين رحمه الله، كما عندي بخطه الشريف، ما كتب لي حول العشيرة والارحام، جعل الله عواقب امورنا خيرا، آمين يا رب العالمين.