اعتراف مروان بالظلم :

و روى أبو مخنف و المسعودي عن هاشم بن البريد عن عبد الله بن مخارق عن هاشم بن مساحق القرشي قال حدثني أبي : أنه لما انهزم الناس يوم الجمل اجتمع معه طائفة من قريش فيهم مروان بن الحكم فقال بعضهم لبعض و الله لقد ظلمنا هذا الرجل يعنون أمير المؤمنين (عليه السلام) و نكثنا بيعته من غير حدث و الله لقد ظهر علينا فما رأينا قط أكرم سيرة منه و لا أحسن عفوا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقوموا حتى ندخل عليه و نعتذر إليه مما صنعناه قال فصرنا إلى بابه فاستأذناه فأذن لنا فلما مثلنا بين يديه جعل متكلمنا يتكلم .

فقال (عليه السلام) أنصتوا أكفكم إنما أنا بشر مثلكم فإن قلت حقا فصدقوني و إن قلت باطلا فردوا علي أنشدكم الله أ تعلمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما قبض كنت أنا أولى الناس به و بالناس من بعده قلنا اللهم نعم قال فعدلتم عني و بايعتم أبا بكر فأمسكت و لم أحب أن أشق عصا المسلمين و أفرق بين جماعتهم ثم إن أبا بكر جعلها لعمر من بعده فكففت و لم أهج الناس و قد علمت أني كنت أولى

[417]

الناس بالله و برسوله و بمقامه فصبرت حتى قتل عمر و جعلني سادس ستة فكففت و لم أحب أن أفرق بين المسلمين ثم بايعتم عثمان فطعنتم عليه فقتلتموه و أنا جالس في بيتي فأتيتموني و بايعتموني كما بايعتم أبا بكر و عمر فما بالكم وفيتم لهما و لم تفوا لي و ما الذي منعكم من نكث بيعتهما و دعاكم إلى نكث بيعتي فقلنا له كن يا أمير المؤمنين كالعبد الصالح يوسف إذ قال لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فقال (عليه السلام) لا تثريب عليكم اليوم و إن فيكم رجلا لو بايعني بيده لنكث بأسته يعني مروان بن الحكم .

و روى المسعودي عن هاشم بن البريد عن أبي سعيد التيمي عن أبي ثابت مولى أبي ذر قال : شهدت مع أمير المؤمنين (عليه السلام) الجمل فلما رأيت عائشة واقفة بين الصفين معها طلحة و الزبير قلت أم المؤمنين و زوجة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) و حواريه و صاحبه بأحد فدخلني ما يدخل الناس من الشك حتى كان عند صلاة الظهر كشف الله ذلك عن قلبي و قلت علي أمير المؤمنين و أحق الناس بسيد المرسلين (صلى الله عليه وآله وسلم) و أولهم إسلاما لم يكن بالذي يقدم على شبهة فقاتلت معه قتالا شديدا .

فلما انقضى الحرب أتيت المدينة فسرت إلى بيت أم سلمة رضي الله عنها فاستأذنت عليها , فقيل من هذا ؟

فقلت : سائل .

فقالت : أطعموا السائل .

فقلت : إني و الله لم أسأل طعاما , و لكني مولى لأبي ذر رضي الله عنه , جئت أسأل عن ديني .

فقالت : مرحبا بك .

فقصصت عليها قصتي .

[418]

فقالت : أين كنت حين طارت القلوب مطايرها ؟

فقلت : إني بينما أحس ذلك إذ كشف الله عن قلبي فقاتلت مع أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى فرغ .

فقالت : أحسنت .

إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : علي مع القرآن و القرآن مع علي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض .

[419]

حرب الجمل