فصل ; مفاوضات كليب مع أمير المؤمنين (عليه السلام) :
و روى الواقدي عن شيبان بن عبد الرحمن عن عاصم بن كليب عن أبيه قال : لما قتل عثمان ما لبثنا إلا قليلا حتى قدم طلحة و الزبير البصرة ثم ما لبثنا بعد ذلك إلا يسيرا حتى أقبل علي بن أبي طالب (عليه السلام) فنزل بذي قار .
فقال شيخان من الحي اذهب بنا إلى هذا الرجل فننظر ما يدعو إليه ؟
فلما أتينا ذا قار قدمنا على أذكى العرب , فو الله لدخل على نسب قومي فجعلت أقول هو أعلم به مني و أطوع فيهم .
فقال : من سيد بني راسب ؟
فقلت : فلان .
قال : فمن سيد بني قدامة ؟
قلت : فلان , لرجل آخر .
فقال : أنت مبلغهما كتابين مني ؟
قلت : نعم .
قال : أ فلا تبايعوني ؟
فبايعه الشيخان اللذان كانا معي , و توقفت عن بيعته .
فجعل رجال عنده قد أكل السجود وجوههم يقولون : بايع , بايع .
فقال (عليه السلام) : دعوا الرجل .
فقلت : إنما بعثني قومي رائدا و سأنهي إليهم ما رأيت فإن بايعوا بايعت و إن اعتزلوا اعتزلت .
فقال لي : أ رأيت لو أن قومك بعثوك رائدا
[291]
فرأيت روضة و غديرا , فقلت : يا قومي , النجعة , النجعة , فأبوا ; ما كنت بمستنجح بنفسك ؟
فأخذت بإصبع من أصابعه و قلت أبايعك على أن أطيعك ما أطعت الله فإذا عصيته فلا طاعة لك علينا .
فقال :نعم و طول بها صوته فضربت على يده .
ثم التفت إلى محمد بن حاطب و كان في ناحية القوم فقال إذا انطلقت إلى قومك فأبلغهم كتبي و قولي .
فتحول إليه محمد حتى جلس بين يديه , و قال : إن قومي إذا أتيتهم يقولون ما يقول صاحبك في عثمان ؟
فسب عثمان الذين حوله .
فرأيت عليا قد كره ذلك , حتى رشح جبينه ; و قال : أيها القوم كفوا , ما إياكم يسأل .
قال :فلم أبرح عن العسكر حتى قدم على علي (عليه السلام) أهل الكوفة فجعلوا يقولون نرى إخواننا من أهل البصرة يقاتلوننا و جعلوا يضحكون و يعجبون و يقولون و الله لو التقينا لتعاطينا الحق كأنهم يرون أنهم لا يقتتلون .
و خرجت بكتابي علي (عليه السلام) فأتيت أحد الرجلين فقبل الكتاب و أجابه و دللت على الآخر و كان متواريا فلو أنهم قالوا له كليب ما أذن لي ; فدخلت عليه و دفعت الكتاب إليه و قلت هذا كتاب علي و أخبرته الخبر و قلت إني أخبرت عليا أنك سيد قومك ; فأبى أن يقبل الكتاب و لم يجبه إلى ما سأله و قال لا حاجة لي اليوم في
[292]
السؤدد فو الله إني لبالبصرة ما رجعت إلى علي حتى نزل العسكر و رأيت القوم الذين مع علي (عليه السلام) فطلع القوم .
[293]
حرب الجمل