![]() | ![]() | ![]() |
يا كاشفَ الكربِ عن وجه النبيِّ لدى بدر وقد كثرت أعداؤه عَددا
استشعروا الذلَّ خوفاً من لقاك وقد تكاثروا عددا واستصحبوا عُددا
ويومَ عمروِ بن ودِّ العامريّ وقد سارتْ إليك سرايا جيشه مَددا
أضحكتَ ثغرَ الهدى بشراً به وبكتْ عينُ الضلالِ له بعد الدما مُددا
وفي هوازنَ لمّا نارُها استعرتْ من عزمِ عزمِكَ يوماً حرُّها بردا
أجرى حسامُك صوباً من دمائهمُ هدراً وأمطرتهمْ من أسهم بَردا
أقدمتَ وانهزمَ الباقون حين رأوا على النبيِّ محيطاً جحفلا لَبدا
لولا حسامُكَ ما ولّوا ولا اطّرحوا من الغنائمِ مالا وافراً لُبدا
وله أيضاً:
أجآذرٌ منعتْ عيونَكَ ترقدُ بعراصِ بابلَ أم حِسانٌ خُرّدُ
ومعاطفٌ عطفتْ فؤادَكَ أم غصو نُ نقىً على هضباتِها تتأوّدُ
وبروقُ غادية شجاكَ وميضُها أم تلك درٌّ في الثغورِ تنضّدُ
وعيونُ غزلانِ الصريمِ بسحرِها فتنتْكَ أم بيضٌ عليك تُجرَّدُ
يا ساهرَ الليلِ الطويلِ يمدُّهُ عوناً على طولِ السهادِ الفرقدُ
ومُهاجراً طيبَ الرقادِ وقلبُه أسفاً على جمرِ الغضا يتوقّدُ
ألاّ كففتَ الطرفَ إذ سفرت بدو ر السعد بالسعدى عليك وتسعدُ
أسلمتَ نفسَكَ للهوى متعرِّضاً وكذا الهوى فيه الهوانُ السرمدُ
وبعثتَ طرفَكَ رائداً ولربّما صَرعَ الفتى دون الورود الموردُ
فغدوتَ في شركِ الظباءِ مقيّداً وكذا الظباءُ يصدن من يتصيّدُ
فلعبن أحياناً بلبِّكَ لاهياً بجمالهنّ فكادَ منك الحسّدُ
حتى إذا علقت بهنّ بعدتَ من كثب فهل لك بعد نجد منجدُ
رحلوا فما أبقَوا لجسمِكَ بعدَهمْ رمقاً ولا جَلَداً به تتجلّدُ
واها لنفسِكَ حيث جسمُك بالحمى يبلى وقلبُكَ بالركائب منجدُ
ألِفَتْ عيادتَكَ الصبابةُ والأسى وجفاكَ من طول السقامِ العُوَّدُ
وتظنُّ أنّ البعدَ يُعقِبُ سلوةً وكذا السلوُّ مع التباعدِ يبعدُ
يا نائماً عن ليلِ صبٍّ(178) جفنه أَرِقٌ إذا غفت العيون الهجّدُ
ليس المنامُ لراقد جهل الهوى عجباً بلى عجبٌ لمن لا يرقدُ
نام الخليُّ من الغرامِ وطرفُ من أَلِفَ الصبابةَ والهيامَ مُسهَّدُ
أترى تقرُّ عيونَ صبٍّ قلبُهُ في أسرِ مائسةِ القوامِ مقيّدُ
شمسٌ على غصن يكاد مهابةً لجمالِها تعنو البدورُ وتسجدُ
تفترّ عن شنب كأنّ جمانَه بردٌ به عذبُ الزلالِ مبرَّدُ
ويصدُّني عن لثمِه نارٌ غدتْ زفراتُ أنفاسي بها تتصعّدُ
من لي بقربِ غزالة في وجهِها صبحٌ تجلّى عنه ليلٌ أسودُ
أعنو لها ذلاّ فتعرض في الهوى دَلاّ وأمنحها الدنوّ وتبعدُ
تحمي بناظرها مخافة ناظر خدّاً لها حسن الصقال مورَّدُ
يا خالَ وجنتِها المخلّدَ في لظى ما خلتُ قبلك في الجحيمِ يخلّدُ
إلاّ الذي جحد الوصيَّ وما حكى في فضلِهِ يومَ الغديرِ محمدُ
إذ قام يصدعُ خاطباً ويمينُه بيمينِه فوق الحدائجِ تعقدُ
ويقول والأملاكُ مُحدِقةٌ به والله مطّلعٌ بذلك يشهدُ
من كنتُ مولاه فهذا حيدرٌ مولاه من دون الأنامِ وسيّدُ
يا ربّ والِ وليَّه واكبت مُعا ديه وعاند من لحيدر يعندُ
والله ما يهواه إلاّ مؤمنٌ برٌّ ولا يقلوه إلاّ ملحدُ
كونوا له عوناً ولا تتخاذلوا عن نصره واسترشدوه ترشدوا
قالوا سمعنا ما تقول وما أتى الـ ـروحُ الأمين به عليكَ يؤكّدُ
هذا عليٌّ امامُنا ووليُّنا وبه إلى نهجِ الهدى نسترشدُ
حتى إذا قُبِضَ النبيُّ ولم يكن من بعده في وسط لحد يلحدُ
خانوا مواثيقَ النبيِّ وخالفوا ما قاله خيرُ البريةِ أحمدُ
واستبدلوا بالرشدِ غيّاً بعدما عرفوا الصوابَ وفي الضلالِ تردّدوا
وغدا سليلُ أبي قحافةَ سيّداً لهمُ ولم يكُ قبلَ ذلك سيّدُ
يا للرجالِ لأُمّة مفتونة سادتْ على السادات فيها الأعبدُ
أضحى بها الأقصى البعيدُ مقرّباً والأقربُ الأدنى يذاد ويبعدُ
هلاّ تقدّمه غداة براءة إذ ردّ وهو بفرط غيظ مكمدُ
ويقول معتذراً أقيلوني وفي إدراكها قد كان قِدماً يجهدُ
أيكون منها المستقيل وقد غدا في آخر يوصي بها ويؤكّدُ
ثم اقتفى:
فقضى بها خشناءَ يغلظُ كلمُها ذلَّ الوليُّ بها وعزَّ المفسدُ
وأشار بالشورى فقرَّب نعثلا منها فبئس الخائن................
فغدا لمالِ اللهِ في قربائِهِ عمداً يفرِّق جمعه ويبدِّدُ
ونفى أبا ذرّ وقرّبَ فاسقاً (181)كان النبيُّ له يصدُّ ويطردُ
لعبوا بها حيناً وكلٌّ منهمُ متحيّرٌ في حكمِها متردِّدُ
ولو اقتدوا بإمامِهم ووليّهمْ سعدوا به وهو الوليُّ الأوكدُ
لكن شقَوا بخلافِهِ أبداً وما سعدوا به وهو الوصيُّ الأسعدُ
صنوُ النبيِّ ونفسُه وأمينُه ووليُّه المتعطّفُ المتودّدُ
كُتِبا على العرشِ المجيدِ ولم يكنْ في سالفِ الأيّامِ آدمُ يوجدُ
نورانِ قدسيّانِ ضمَّ علاهما من شيبةِ الحمدِ ابن هاشم محتدُ
من لم يُقم وجهاً إلى صنم ولا للاّت والعزّى قديماً يسجدُ
والدينُ والإشراكُ لولا سيفُه ما قام ذا شرفاً وهذا يقعدُ
سَلْ عنه بدراً حين وافى شيبةً شلواً عليهِ النائحاتُ تعدّدُ
وثوى الوليدُ بسيفِه متعفّراً وعليه ثوبٌ بالدماءِ مجسّدُ
وبيوم أُحد والرماحُ شوارعٌ والبيضُ تصدر في النحورِ وتوردُ
من كان قاتلَ طلحةَ لمّا أتى كالليثِ يرعدُ للقتالِ ويزبدُ
وأبادَ أصحابَ اللواءِ وأصبحوا مثلا بهم يروى الحديثُ ويُسندُ
هذا يُجرُّ وذاك يُرفعُ رأسُه في رأسِ منتصب وذاك مقيّدُ
وبيومِ خيبرَ إذ برايةِ أحمد ولّى عتيقٌ والبريّةُ تشهدُ
ومضى بها الثاني فآب يجرُّها ذلاّ يوبّخ نفسَه ويفنّدُ
حتى إذا رجعا تميّز أحمدٌ حرداً وحقّ له بذلك يحردُ
وغدا يحدِّثُ مُسمعاً من حولَهُ والقولُ منه موفَّقٌ ومؤيَّدُ