لمحة من حياة المؤلف


المؤلّف:

هو السيّد السعيد العلاّمة، أبو العزّ جلال الدين عبد الله بن شرفشاه العلويّ الحسينيّ رضي الله عنهما، الذي أوقف بعض كتبه المتروكة بعده للخزانة الغرويّة في سنة (810)(1).

إنّ كتب التراجم مع كثرتها وسعتها لم تسلّط ـ مع الأسف ـ الأضواء على حياة كثير من علمائنا الأعلام، وبقي جمّ غفير منهم في زاوية الخمول والنسيان، وسيّدنا المتَرجم له لم يستثن عن هذا الحال، فبعدما تصفّحنا كثيراً من كتب التراجم لم نعثر على ترجمة وافية له سوى أسطر قليلة متفرّقة في طيّات الكتب تتحدّث عن شخص هو مشترك بين جماعة كما قال عنه صاحب رياض العلماء:


"السيّد جلال الدين مشترك بين جماعة، فقد يُطلق ويُراد به السيّد جلال الدين محمّد بن السيّد عميد الدين بن الأعرج الحسيني سبط اُخت العلاّمة الحلّي وقد يُطلق ويُراد به السيّد جلال الدين شرفشاه مؤلّف كتاب "منهج الشيعة في بيان فضائل وصيّ خاتم الشريعة"، وقد يُطلق ويُراد به الشيخ جمال الدين ابن المتوّج"(2).


____________

1- الذريعة 23: 192، طبقات أعلام الشيعة في القرن التاسع : 79.

2- رياض العلماء 7: 57.


الصفحة 6
وقال صاحب روضات الجنّات، عند ترجمة جمال الدين بن عبد الله الجرجاني:


"ثمّ ليعلم أنّ هؤلاء المتلقّب كلّهم بجمال الدين قد يشتبه بعضهم بعد اللحن في النسخ بمن لقّب من الفضلاء بجلال الدين ولم يُعرف له إسم يمتاز به، كمثل: الشيخ العميد جلال الدين الأسترابادي الصدر ... والسيّد السند الكبير جلال الدين بن شرفشاه ... صاحب كتاب "نهج الشيعة في بيان فضائل وصيّ خاتم الشريعة""(1).


وفي الطبقات في علماء القرن التاسع عند ترجمة عبد الله العجمي، قال:


"... والظاهر اتّحاده مع عبد الله بن شرفشاه"(2).


وجاء في مستدركات علم الرجال للشيخ عليّ النمازي:


"جلال الدين بن محمّد بن عبد الله القاضي لم يذكروه، وهو الشيخ المعظّم والفخر المكرّم راوي الصحيفة الرضويّة المعروفة، ولعلّه متّحد مع السيّد جلال الدين الحسيني الذي ذكره الشيخ الحرّ العاملي"(3).


وهذه الأخطاء كثيراً ما تكون من التشابه الإسمي أو في اللّقب أو ناشئة من عدم الإطّلاع الدقيق على سلسلة نسب المترجَم ـ كما عرفت ـ .

وقد يكون الخطأ من سهو المؤلّف أو اشتباه المصحّح وغفلته، ففي الرياض عند ذكر المترجم له قال:


"السيّد جمال الدين عبد الله بن شرفشاه الحسيني ..."(4).


____________

1- روضات الجنّات 2: 213.

2- الطبقات : 79.

3- المستدركات 2: 234 رقم: 2912.

4- رياض العلماء 3: 221.


الصفحة 7
لكن يقول بعد أسطر:


"ثمّ قد نسب الكفعمي المذكور إلى السيّد جلال الدين هذا في بعض مجاميعه ...".


وعلى كلّ حال فالمؤلّف هو السيّد أبو العزّ جلال الدين بن شرفشاه العلوي الحسيني من أعلام القرن الثامن وأوائل التاسع.

إسم أبيه وجدّه:

لم نعثر في المجاميع الرجالية وكتب التراجم على اسم أبيه تفصيلا، بل ورد انّه ابن شرفشاه وهذا الإسم يشترك بين عدّة أشخاص، قال صاحب الرياض:


"... لعلّه كان ابن السيّد أبي علي شرفشاه بن عبد المطّلب بن جعفر الحسيني الأفطسي الاصبهاني، أو ابن السيّد عزّ الدين شرفشاه ابن محمّد الحسيني الأفطسي المعروف بزيارة المدفون بالغري، أو ابن السيد الإمام شرفشاه مؤلّف كتاب "منهج الشيعة في فضائل وصيّ خاتم الشريعة".

... والأوّلان من المعاصرين للشيخ منتجب الدين صاحب الفهرس أو المقاربين لعصره، وأمّا الثالث فلم أعلم عصره فلاحظ"(1).


فإن كان الأوّل فقد قال الشيخ منتجب الدين فيه:


"السيّد أبو عليّ شرفشاه بن عبد المطّلب بن جعفر الحسيني الأفطسي الاصفهاني، عالم فاضل نسّابة"(2).


وإن كان الثاني قال فيه أيضاً:


"السيد عزّ الدين شرفشاه بن محمّد الحسيني الأفطسي النيسابوري، المعروف بزيارة المدفون بالغري على ساكنه السلام، عالم فاضل له نظم


____________

1- رياض العلماءة 3: 221، ولا يخفى انّ الكتاب منسوب إلى الإبن لا الأب.

2- الفهرست : 70 رقم 193، رياض العلماء 3: 9، أعيان الشيعة 7: 338، جامع الرواة 1: 339.


الصفحة 8

رائق ونثر لطيف"(1).


قال العلامة المامقاني في التنقيح بعد ذكر قول الشيخ منتجب الدين:


"... قلت: وإليه [أي إلى السيّد عزّ الدين] يُنسب جبل شرفشاه في شرقيّ بلدة النجف داخل السور"(2).


والأفطسي ـ بالهمزة والفاء والطاء والسين المهملة والياء ـ نسبة إلى الحسن الأفطس بن عليّ بن عليّ الحسين عليه السلام.

وهناك شخص آخر باسم عزّ الدين أبي محمّد شرفشاه بن محمّد بن الحسين بن زيادة العلوي الحسيني الأفطسي النيسابوري، لكن لا ربط له بما نحن فيه، فإنّه من المعاصرين لابن شهر آشوب من أعلام القرن السادس، ويروي عزّ الدين هذا عن أبي الحسن عليّ بن عليّ بن عبد الصّمد التميمي ـ كما في تعليقة أمل الآمل ـ(3)، ويروي أيضاً عن أمين الإسلام أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي صاحب كتاب مجمع البيان ـ كما في الروضات ـ(4).

مشايخه في الرواية:

1 ـ نصير الدين عليّ بن محمّد الكاشاني (أو القاشي أو الكاشي); قال العلاّمة الطهراني رحمه الله في الطبقات:


"هو شيخ رواية جلال الدين عبد الله بن شرفشاه الحسيني"(5).


قال المحدّث النوري رحمه الله في خاتمة المستدرك:

____________

1- الفهرست : 70 رقم 193، رياض العلماء 3: 9، أعيان الشيعة 7: 338، جامع الرواة 1: 339، والفوائد الرضويّة : 209، وتنقيح المقال 2: 83 ، والبحار 105: 238، معجم رجال الحديث 10: 19.

2- تنقيح المقال 2: 83 .

3- تعليقة أمل الآمل : 164 رقم 369.

4- روضات الجنات 5: 357.

5- الطبقات في أعلام القرن الثامن : 9، والذريعة 23: 192.


الصفحة 9

"نصير الدين عليّ بن محمّد بن عليّ القاشي، العالم المدقّق الفهّامة، في الرياض: هو من أجلّة متأخّري متكلّمي أصحابنا وكبار فقهائهم، وفي مجالس القاضي: كان مولد هذا المولى بكاشان، وقد نشأ بالحلّة، وكان معاصراً للقطب الراوندي، وكان معروفاً بدقّة الطبع وحدّة الفهم، وفاق على حكماء عصره وفقهاء دهره، وكان دائماً يشتغل بالحلّة وبغداد بإفادة العلوم الدينيّة والمعارف اليقينيّة.

ثمّ عدّ بعض مؤلّفاته، قال: وقال السيّد حيدر الآملي في كتاب "منبع الأنوار" في مقام نقل اعتراضات أرباب الاستدلال بعجزهم عن الوصول إلى مرتبة تحقيق الحال: إنّي سمعت هذا الكلام مراراً من العليم العامل، والحكيم الفاضل نصير الدين الكاشي، وكان يقول: غاية ما علمت في مدّة ثمانين سنة من عمري إنّ هذا المصنوع يحتاج إلى صانع، ومع هذا يقين عجائز أهل الكوفة أكثر من يقيني، فعليكم بالأعمال الصالحة، ولا تفارقوا طريقة الأئمة المعصومين عليهم السلام، فإنّ كلّ ما سواه فهو هوى ووسوسة، ومآله الحسرة والندامة، والتوفيق من الصمد المعبود" انتهى ما أورده المحدّث النوري رحمه الله(1).


وفي مجموعة الشهيد:


"توفي الشيخ الإمام العلاّمة المحقّق استاذ الفضلاء، نصير الدين عليّ بن محمّد القاشي بالمشهد المقدس الغروي سنة خمس وخمسين وسبعمائة"(2).


ونصير الدين الكاشاني لم يرو إلاّ عن شخص واحد، قال المحدّث النوري رحمه الله:


"ولم أعثر على مشايخه إلاّ على السيّد جلال الدين المتقدّم [وهو السيد


____________

1- خاتمة المستدرك 2: 323، وانظر رياض العلماء 4: 181، ومجالس المؤمنين 2: 216.

2- مجموعة الشهيد : 137، والبحار 107: 206، الفوائد الرضوية : 326.


الصفحة 10

جلال الدين جعفر بن عليّ بن صاحب دار الصخر الحسينيّ] "(1).


2 ـ فخر المحقّقين; قال آغا بزرك الطهراني في ترجمة أحمد بن فهد الحلّي رحمه الله:


"وله الرواية عن جماعة من تلاميذ فخر المحقّقين وتلاميذ الشهيد، منهم: ... جلال الدين عبد الله بن شرفشاه، جميعاً عن فخر المحقّقين"(2).


مَن أجاز له:

لم نعثر بعد التتبّع إلاّ على الشيخ أبي العباس أحمد بن محمّد بن فهد الحلّي المتوّلد سنة (757)، المتوفى سنة (841)، المدفون في البستان المتّصل بالمكان المعروف بخيمكاه في الحائر الحسيني.

أمّا أحمد بن فهد الحلّي رحمه الله فقد قال فيه الشيخ عبد النبي الكاظمي:


"كان زاهداً مرتاضاً عابداً يميل إلى التصوّف، وقد ناظر في زمان ميرزا اسبند التركمان والي العراق من علماء المخالفين فأعجزهم، فصار ذلك سبباً لتشيّع الوالي، وزيّن الخطبة والسكّة بأسماء الأئمة المعصومين عليهم السلام، ومن تصانيفه المشهورة كتاب المهذّب، والموجز، والتحرير وعدّة الداعي، والتحصين، ورسالة اللمعة الجلية في معرفة النيّة"(3).


وهذا الشيخ الجليل يروي عن عدّة مشايخ منهم سيدنا المترجم له عبد الله بن شرفشاه، ولكن لم نجد ـ بعد الفحص ـ سوى رواية واحدة نقلها عن شيخه هذا، وهي ما رواها ابن أبي جمهور الأحسائي في غوالي اللئالي بسنده عن أحمد بن فهد، عن جلال الدين عبد الله بن شرفشاه الحسيني، عن نصير الدين عليّ بن محمّد القاشي، عن جلال الدين بن دار الصخر، عن أبي القاسم بن سعيد، عن

____________

1- خاتمة المستدرك 2 : 323.

2- الطبقات في أعلام القرن التاسع : 9.

3- تكملة الرجال 1 : 144، خاتمة المستدرك 2: 293.


الصفحة 11
محمّد بن الجهم، عن المعمّر السنبسي، عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام(1).

قال المحدّث النوري رحمه الله في ذيل الحديث:


"قلت: ومعمّر هذا [أي المعمّر السنبسي] من المعمّرين، وقد شرحت حاله في رسالة جنّة المأوى وكتاب النجم الثاقب، وهو من غلمان العسكري عليه السلام، وكان إلى حدود السبعمائة"(2).


أقوال العلماء في حقّه:

قال الحرّ العاملي رحمه الله: "كان فاضلا محدّثاً ... من المتأخّرين عن الشهيد"(3).

وفي تنقيح المقال: "جلال الدين الحسيني لم أقف فيه إلاّ على قول الشيخ الحرّ رحمه الله ... إنّه كان فاضلا محدّثاً"(4).

وذكره صاحب الروضات ضمن ترجمة جمال الدين بن عبد الله الجرجاني، هكذا: "السيّد السند الكبير جلال الدين بن شرفشاه"(5).

وفي رياض العلماء: "فاضل عالم جليل، وينقل عنه الكفعمي في حواشي مصباحه بعض الفوائد"(6).

وصفه الكفعمي رحمه الله بأنّه: "السيّد الأعظم الأعلم، خلاصة نوع بني آدم، السيّد جلال الملّة والحقّ والدين أبو العزّ عبد الله بن السيّد شرف الدين شرفشاه العلويّ الحسيني رحمه الله تعالى".

وقال في حواشي كتابه البلد الأمين: "وكان السيد الأوحد العلاّمة، جلال الدين

____________

1- غوالي اللئالي 1: 24ح7، عنه البحار 75: 197 ح14، ومستدرك الوسائل 9: 146 ح10507.

2- مستدرك الوسائل 9: 147.

3- أمل الآمل 2 : 56، أعيان الشيعة 4 : 201، الجامع في الرجال: 416، رياض العلماء 1: 114، التنقيح 1 : 230.

4- تنقيح المقال 1 : 230.

5- روضات الجنات 2 : 213.

6- رياض العلماء 3: 221.


الصفحة 12
عبد الله بن شرفشاه الحسيني قدّس الله سرّه حسن الظنّ بالله تعالى، وكان يقول: إذا كان الكفر لا ينفع معه شيء من الطاعات، كان مقتضى العدل انّ الايمان لا يضرّ معه شيء من المعاصي وإلاّ فالكفر أعظم، وكان يقول: إذا كان التوحيد يهدم كفر سبعين سنة، فتوحيد سبعين سنة كيف لا يهدم معصية ساعة"(1).

وفي غوالي اللئالي: "الموالى السيّد السعيد العلاّمة، أبو العزّ جلال الدين عبد الله بن السعيد المرحوم شرف شاه الحسيني رضي الله عنه"(2).

تأليفاته:

1 ـ الرسالة السلطانيّة الأحمديّة في إثبات العصمة النبويّة المحمّديّة:

نسبها: الكفعمي رحمه الله إلى المؤلف في بعض مجاميعه وينقل عنها(3).

2 ـ شرح الفصول:

قال في الذريعة:


"شرح الفصول المذكور للمولى جلال الدين عبد الله بن شرفشاه العجمي، من أوّله إلى آخره مبحث الإمامة، رأيته عند السيّد رضا الزنجاني(4).


وقد سبق انّ جلال الدين الحسيني والعجمي متّحدان.

3 ـ منهج الشيعة في فضائل وصيّ خاتم الشريعة:

وهو هذا الكتاب الماثل بين يديك، ألّفه المترجم له باسم السلطان اويس بهادر خان الشيعي المتوفي سنة (775)، ومدحه في مقدّمة كتابه هذا بقوله:


"ذي الدولة القاهرة، والسطوة الباهرة، والصولة العامرة، الشهم القويّ،


____________

1- راجع رياض العلماء 3 :221.

2- غوالي اللئالي 1 :24 ضمن حديث :7.

3- رياض العلماء 3: 221، الذريعة 11: 199 رقم 1210.

4- الذريعة 13: 385 رقم 1443.


الصفحة 13

والبطل الكمّي، المؤيّد من السماء، المظفّر على الأعداء، ... معزّ الدين والايمان، المخصوص بعناية الرحمن، السلطان شيخ اويس بهادر خان خلّد الله ملكه، ... وأدام الله أيّامه الزاهرة، وجمع له بين سعادتي الدنيا والآخرة، وخلّد سلطانه، وثبّت قواعد ملكه، وشيّد أركانه، وقرن دولته بالنصر والدوام إلى يوم العرض والقيام، اللهم فهب له أطول عمر في دنياه، وأرفع قدر في اُخراه، وكما جعلته لأوليائك حرزاً حريزاً فانصره على أعدائك نصراً عزيزاً".


ورتّب الكتاب على ثلاثة فصول وخاتمة:

الفصل الأول: في ذكر فضائله عليه السلام على سبيل الاجمال.

الفصل الثاني: في ذكر فضائله عليه السلام على سبيل التفصيل.

الفصل الثالث: في ذكر مشهده الشريف، وما خصّ الله تعالى به حرمه المقدّس من الفضل والمزيّة، وما جاء في فضل زيارته عليه السلام من الأخبار والآثار.

الخاتمة: في ذكر فضائل يجب الاتّصاف بها، وذكر بعض الحكايات في فضائل أهل البيت عليهم السلام.

ولا يخفى أنّ هذا الكتاب كأنّه خلاصة للجزء الثاني من كتاب إرشاد القلوب الذي وضعه الديلمي رحمه الله في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام، فإنّك لو تصفّحت الكتابين لرأيت الترتيب وسرد الأحاديث وذكر الوقائع تتّفق مع كتابنا هذا تماماً لكن باختصار وحذف لكثير من الموارد، وبما أنّ الديلمي والسيد جلال الدين الحسيني من أعلام القرن الثامن معاً، فلا أدري أيّهما أخذ من الآخر، امّا أن يكون السيّد جلال الدين لخّص الجزء الثاني من إرشاد القلوب، وامّا الديلمي أخذ الكتاب وزاد فيه زيادات كثيرة، لكن الأوّل أظهر، والله العالم.

وينقل الشيخ الحرّ العاملي رحمه الله في كتابه إثبات الهداة حديثين وحكاية من كتابنا هذا، راجع المجلّد الثالث ص673، والمجلّد الخامس ص89 و90.