بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وأفضلُ الصلاة وأتمُّ السلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين .
وبعد، فقد تعوَّدنا نحن شيعة أهل البيت (عليهم السلام) على أن نُحقق الإنجازات العظيمة فيصادرها غيرنا ! تعوَّدنا ذلك منذ اخترنا أن نكون شيعة لعلي (عليه السلام) الذي كان عضد النبي (صلى الله عليه وآله) ووزيره وحامل لوائه ، وقام كيان الإسلام بجهاده وتضحياته ، فأقصته قريش عن خلافة النبي (صلى الله عليه وآله) رغم وصية النبي له، وأخذت منه ثارات بدر وأحد والأحزاب ، ونصبت خلفاءها مكانه ونسبت اليهم أمجاد الجهاد ، وادعت أنهم السبب في انتصار الإسلام ، وجعلت ولايتهم ركناً من الدين ، وسالمت الناس عليهم ، وعادتهم عليهم ، وقتلت من لم يعترف بهم !
قادَ عليٌّ (عليه السلام) وتلاميذه الفتوحات.. فصادروها !
ثم كانت الفتوحات بفعل الموجة النبوية وتبشيره (صلى الله عليه وآله) المسلمين من أول بعثته بأنهم سيفتحون أرض فارس والروم ، لكن ولاة قريش خافوا عندما جمع لهم الروم مئة وعشرين ألف جندي في حمص وكان المسلمون أربعة وعشرين ألفاً (تاريخ دمشق:2/143) فراسل خالد أبا بكر يتخوف العاقبة فشاور علياً (عليه السلام) فطمأنه وأرسل لهم مدداً بقيادة مالك الأشتر وأبي ذر ، فكتب أبو بكر لخالد: (وقد تقدم اليك أبطال اليمن وأبطال مكة ، ويكفيك ابن معدي كرب الزبيدي ، ومالك بن الأشتر) . (الواقدي:1/68) . ومات أبو بكر فعزل عمر خالد بن الوليد وعين مكانه أبا عبيدة ، فكتب له يتخوف جمع الروم فقال عمر للصحابة: (ما تشيرون به عليَّ رحمكم الله تعالى؟ فقال له علي بن أبي طالب: أبشروا رحمكم الله تعالى فإن هذه الوقعة يكون فيها آية من آيات الله...أكتب الى عاملك أبي عبيدة كتاباً وأعلمه فيه أن نصر الله خير له من غوثنا ونجدتنا ). (الواقدي:1/178).
وكانت معركة اليرموك ، فبرز ماهان بطل الروم وأكبر قادتهم فخافه المسلمون حتى أبو عبيدة وخالد ، فبرز اليه مالك الأشتر (رض) فقتله: ( فقال له ماهان: أنت صاحب خالد بن الوليد؟ قال: لا أنا مالك النخعي صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) )! (فتوح الواقدي:2/224وابن الأعثم:1/208)
ثم برز عدة أبطال من قادتهم فبرز اليهم الأشتر (رض) وقتلهم ، فوقع الرعب والإنكسار في جيش الروم، وحمل عليهم المسلمون وتبعوهم يأسرون ويقتلون ويغنمون، وتحققت الآية الإلهية التي وعد بها علي (عليه السلام) ! وكان هرقل في أنطاكية فودع سوريا قائلاً: (السلام عليك ياسوريا) ! واستولى عليها المسلمون ، وتوغل الأشتر (رض) يطارد الروم في جبال اللُّكام ، حتى انكمشوا مع هرقل في القسطنطينية !
هذه هي معركة اليرموك التي صادرتها الخلافة وأعطت سَمْن سوريا وعَسَلها لمعاوية ، ومعهما خبرة أطبائها في السُّم ، فقتل به مالك الأشتر وقال: (لله جنود من عسل) ! (راجع جواهر التاريخ:2/347).
ونسبوا فتح إيران الى غير علي (عليه السلام) :
وفي جبهة فتح فارس جمع الفرس للمسلمين مائة وخمسين ألف جندي ، وقرروا أن يهاجموا المدينة المنورة ليستأصلوا بزعمهم أصل هذا الدين ! فخاف عمر ، قال ابن الأعثم في الفتوح:2/290: (ذكر كتاب عمار بن ياسر إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: بسم الله الرحمن الرحيم ، لعبدالله عمر أمير المؤمنين من عمار بن ياسر ، سلام عليك . أما بعد فإن ذا السطوات والنقمات المنتقم من أعدائه ، المنعم على أوليائه ، هو الناصر لأهل طاعته على أهل الإنكار والجحود من أهل عداوته ، ومما حدث يا أمير المؤمنين أن أهل الري وسمنان وساوه وهمذان ونهاوند وأصفهان وقم وقاشان وراوند واسفندهان وفارس وكرمان وضواحي أذربيجان قد اجتمعوا بأرض نهاوند، في خمسين ومائة ألف من فارس وراجل من الكفار، وقد كانوا أمَّروا عليهم أربعة من ملوك الأعاجم ، منهم ذو الحاجب خرزاد بن هرمز ، وسنفاد بن حشروا ، وخهانيل بن فيروز ، وشروميان بن اسفنديار ، وأنهم قد تعاهدوا وتعاقدوا وتحالفوا وتكاتبوا وتواصوا وتواثقوا ، على أنهم يخرجوننا من أرضنا ، ويأتونكم من بعدنا ، وهم جمع عتيد وبأس شديد ، ودواب فَرِهٌ ، وسلاح شاك ، ويد الله فوق أيديهم . فإني أخبرك يا أمير المؤمنين أنهم قد قتلوا كل من كان منا في مدنهم ، وقد تقاربوا مما كنا فتحناه من أرضهم ، وقد عزموا أن يقصدوا المدائن ، ويصيروا منها إلى الكوفة ، وقد والله هالنا ذلك وما أتانا من أمرهم وخبرهم ، وكتبت هذا الكتاب إلى أمير المؤمنين ليكون هو الذي يرشدنا وعلى الأمور يدلنا ، والله الموفق الصانع بحول وقوته ، وهو حسبنا ونعم الوكيل ، فرأي أمير المؤمنين أسعده الله فيما كتبته والسلام ! قال: فلما ورد الكتاب على عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقرأه وفهم ما فيه وقعت عليه الرعدة والنفضة ، حتى سمع المسلمون أطيط أضراسه ! ثم قام عن موضعه حتى دخل المسجد وجعل ينادي: أين المهاجرون والأنصار ! ألا فاجتمعوا رحمكم الله ، وأعينوني أعانكم الله) ! انتهى.
هنا جاء علي (عليه السلام) فثبَّتَ القلوب ورفع المعنويات ، وأعطى الخطة فتنفس عمر الصعداء ، وأطلق يده فأدار الحرب ، فبعث علي (عليه السلام) تلميذه النعمان بن مُقرن فقاد معركة نهاوند ، وعيَّن مكانه إن استشهد حذيفة بن اليمان ، فكان كما توقع (عليه السلام) ، فاستشهد النعمان وأكمل حذيفة المعركة ، وحقق النصر .
وفي هذا يقول علي (عليه السلام) : (فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلماً أوهدماً ، تكون المصيبة به عليَّ أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل ، يزول منها ما كان كما يزول السراب ، أوكما يتقشع السحاب ، فنهضت في تلك الأحداث ، حتى زاح الباطل وزهق ، واطمأن الدين وتَنَهْنَهْ).( نهج البلاغة:3/118) .
قال ابن أبي الحديد في شرح النهج:20/298: (قال له قائل: يا أمير المؤمنين أرأيتَ لوكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ترك ولداً ذكراً قد بلغ الحلم ، وآنس منه الرشد ، أكانت العرب تسلم إليه أمرها ؟
قال: لا ، بل كانت تقتله إن لم يفعل ما فعلتُ ، ولولا أن قريشاً جعلت إسمه (صلى الله عليه وآله) ذريعةً إلى الرياسة ، وسلَّماً إلى العز والإمرة ، لما عبدت الله بعد موته يوماً واحداً، ولارتدت في حافرتها ، وعاد قارحها جذعاً ، وبازلها بكرًا !
ثم فتح الله عليها الفتوح فأثْرَتْ بعد الفاقة ، وتَمَوَّلَتْ بعد الجَهد والمخمصة ، فحسن في عيونها من الإسلام ما كان سمجاً ، وثبت في قلوب كثير منها من الدين ما كان مضطرباً ، وقالت: لولا أنه حق لما كان كذا، ثم نسبت تلك الفتوح إلى آراء ولاتها وحسن تدبير الأمراء القائمين بها، فتأكد عند الناس نباهة قوم وخمول آخرين ، فكنا نحن ممن خمل ذكره ، وخبت ناره ، وانقطع صوته وصيته ، حتى أكل الدهر علينا وشرب ، ومضت السنون والأحقاب بما فيها ، ومات كثير ممن يعرف ، ونشأ كثير ممن لا يعرف !
وما عسى أن يكون الولد لو كان ! إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يقربني بما تعلمونه من القُرْب للنسب واللحمة ، بل للجهاد والنصيحة ، أفتراهُ لوكان له ولد هل كان يفعل ما فعلت ! وكذاك لم يكن يَقْرُب ما قَرُبْتُ ، ثم لم يكن عند قريش والعرب سبباً للحظوة والمنزلة ، بل للحرمان والجفوة .
اللهم إنك تعلم أني لم أرد الإمرة ، ولا علوَّ الملك والرياسة ، وإنما أردت القيام بحدودك ، والأداء لشرعك ، ووضع الأمور في مواضعها ، وتوفير الحقوق على أهلها ، والمضي على منهاج نبيك ، وإرشاد الضال إلى أنوار هدايتك ). انتهى.
فتأمل هذه الشكوى، وكشْفَ الإمام عن الواقع الذي عَتَّمُوا عليه !
مصادرتهم جَمْعُ عليٍّ (عليه السلام) للقرآن ونسبته الى غيره !
وأعجب من كل ما تقدم: مصادرتهم جهود علي (عليه السلام) لحفظ القرآن من التحريف ، وعمله لفرض نسخته الصحيحة على عثمان لتعميمها باسم مصحف الخليفة ، ليكون القرآن نسخةً واحدة .
فقد اخترع رواة الخلافة أن فلاناً وفلاناً هم الذين جمعوا القرآن بصعوبة بالغة ! من حفظ الناس ، ومما كتبوه على رقاع الورق ، والجلد ، والحجارة ، وسعف النخل ، والعظام ، فلم يستطيعوا جمعه كله ، فوضعوا أشخاصاً على باب المسجد ينادون ساعدونا يامسلمين ! فكانوا يأتون بالآية مع شاهد أو اثنين يشهدان عليها فيضعونها في القرآن ، وبقيت آيات ضائعة ، فوجدوها عند خزيمة ولم يكن له شاهد ، فقالوا إن شهادة خزيمة بشهادتين وقبلوها !
لقد صادروا عمل علي (عليه السلام) ونسبوا فضيلة جمع القرآن الى غيره في روايات خيالية ، تطعن في سند ثبوت القرآن !
ثم لم يكتفوا حتى هاجموا شيعة علي (عليه السلام) بأنهم أعداء القرآن لأنهم يقولون بتحريفه ولايؤمنون به !
وفي بلد عربي تجرَّأ شاب شيعي وناقش أستاذه في الجامعة عن أحاديث الوصية بالخلافة لعلي (عليه السلام) ، فزجره الأستاذ وأوعز الى شرطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (!) فأخذوه وحاكموه وحكموا عليه بالإعدام وقتلوه ، بتهمة أنه أهان القرآن وداس عليه بقدميه ! وشهد عليه (شيخ) له لحية طويلة بأنه رآه بأم عينه يدوس القرآن ويقول لا نؤمن به !
وهكذا يُزَوَّرونُ التاريخ ، ويُمَارَسونه ، ويَكتَبونه ، ويَنْشَرونه ، ويُنَشِّؤون عليه الأطفال والشباب والأجيال ، حتى يُظهر الله وليه الموعود المذخور أرواحنا فداه ، فيعيد الحق الى نصابه ، ويكشف التاريخ على حقيقته، ويصنع المستقبل بهداية ربه .
أرجو أن ترى في هذا الكتيِّب خلاصة قصة تدوين القرآن ، ودور أمير المؤمنين (عليه السلام) وتلميذه حذيفة بن اليمان (رض) في إنقاذ القرآن من خطر محقق كان يواجهه !
مركز المصطفى للدراسات الإسلامية
علي الكَوْراني العاملي
3 جمادى الأولى1427
القرآن عند الشيعة والسنة مصونٌ من التحريف
أطول معارضة في التاريخ تواجه أشرس الهجومات:
تعودنا نحن الشيعة على التعامل مع خصومنا بصَبْرٍ ونَفَس طويل ، فقد بدأ اضطهادنا من يوم وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) فكنا المعارضة لحكومات تحالف قريش ضد أهل البيت (عليهم السلام) . والمعارضة يجب أن تتحمل أذى الدولة وإعلامها وحملات اضطهادها ، وهي حملاتٌ لم تختلف علينا عبر العصور إلا بين الأشد والشديد !
وقد ابتلينا في عصرنا بفئة روَّجت لاتهامنا بعدم الإيمان بالقرآن ، ووظفوا من يكتب ضدنا نيابة عنهم من الهند والشام ، فكتب الهندي الوهابي إحسان إلهي ظهير في كتابه الشيعة والسنة/65 ، تحت عنوان: الشيعة والقرآن: ( من أهم الخلافات التي تقع بين السنة والشيعة هو اعتقاد أهل السنة بأن القرآن المجيد الذي أنزله الله على نبينا (ص) هو الكتاب الأخير المنزل من عند الله الى الناس كافة وأنه لم يتغير ولم يتبدل... وأما الشيعة فإنهم لايعتقدون بهذا القرآن الكريم الموجود بأيدي الناس.. مكابرين للحق وتاركين للصواب . فهذا هو الإختلاف الحقيقي الأساسي بين أهل السنة والشيعة، بين المسلمين والشيعة لأنه لايكون الإنسان مسلماً إلا باعتقاده أن القرآن هو الذي بلغه رسول الله (ص) الى الناس كافة بأمر من الله عزوجل).انتهى.
والطبعة التي نقلنا منها هي الثلاثون ، طبعوها في باكستان وعلى غلافها عناوين ثلاث عشرة مكتبة لتوزيعه في السعودية ! ومثله عشرات الكتب والمنشورات والأشرطة، بألوف النسخ وبعضها بملايين النسخ ، نشروها في أنحاء العالم الإسلامي، وفي المهجر في أوروبا وأمريكا ! ووزعوا منها على الحجاج حتى كان نصيب كل حاج حسب ما نشرته جرائدهم عشرة كتب وخمسة أشرطة ! وكلها تطعن في الشيعة أو تكفِّرهم وتُخرجهم من الإسلام ، وفي طليعة التُّهم أنهم كافرون بالقرآن ويلعنون الصحابة أبا بكر وعمر وعثمان وحفصة وعائشة ومعاوية !
إن القضية عندهم نفسها عند أجدادهم الخوارج ، أنهم يريدون أن يقاتلوا المسلمين فهم محتاجون الى تكفيرهم ، وإلا فقدوا المبرر لقتالهم ! ولذا تراهم يتشبثون بأي طِحْلِبٍ ليكفروك به ! وقد وجدوا في مصادر الشيعة بعض روايات يفهم منها أن الخلافة حذفت من القرآن بعض آيات نزلت في أهل البيت (عليهم السلام) ، وقد ردها علماؤنا وضعفوها ، لكن (بني خصام) الراغبين في جهادنا وقتلنا ، زعموا أنا نقبل تلك الروايات ونقول بتحريف القرآن !
وفي نفس الوقت أغمضوا عيونهم عن أضعافها في مصادرهم ، وهي صريحة في تحريف القرآن ، بل في جواز تحريفه ، وقد رد علماؤهم أكثرها أو أوَّلوها ، كما فعل علماؤنا في رواياتهم !
خلاصة ردود علماء الشيعة:
1 - أن واقع الشيعة في العالم يكذب التهمة: فالشيعة ليسوا طائفة تعيش في قرية حتى يخفى قرآنهم الذي يعتقدون به ! بل هم عشرات الملايين في أكثر بلاد العالم الإسلامي، وهذه وبيوتهم ومساجدهم وحسينياتهم ومدارسهم وحوزاتهم العملية، لا يوجد فيها إلا نسخة هذا القرآن ، ولو كانوا لا يعتقدون به أو يعتقدون بغيره دونه أو معه ، فلماذا يقرؤونه دون غيره؟ ولماذا يدرسونه دون غيره؟!
2 - أن مذهب التشيع مبني على التمسك بالقرآن والعترة (عليهم السلام) ، فكيف ننكر أحد ركني مذهبنا؟! وحديث الثقلين ثابت متواتر عند الشيعة والسنة رواه أحمد:3/17:(عن أبي سعيد الخدري عن النبي (ص) قال: إني أوشك أن أدعى فأجيب وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي ، كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ، فانظروني بم تخلفوني فيهما؟!).
3 - والشيعة أصحاب قاعدة عرض الأحاديث على القرآن:ففي الكافي:1/69: (عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: خطب النبي (صلى الله عليه وآله) بمنى فقال: أيها الناس ما جاءكم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته ، وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم أقله... عن أيوب بن الحُرّ قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: كل شئ مردودٌ الى الكتاب والسنة ، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف). وفي التهذيب:7/275:(إذا جاءكم منا حديث فاعرضوه على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالفه فاطرحوه أو ردوه علينا).
4 - وكل ثقافة الشيعة مبنية على القرآن: فهذا تاريخهم عبر القرون وفقههم وعقائدهم وتفسيرهم ومؤلفاتهم الكثيرة الغزيرة، كانت وما زالت محورها القرآن والسنة ، ولا أثر فيها لقرآن آخر!
5 – وهذه تفاسيرهم ومؤلفاتهم حول القرآن: فقد أحصت دار القرآن الكريم في قم مؤلفات الشيعة في التفسير فقط ، فزادت على خمسة آلاف مؤلف ، ومعناه أن مساهمتهم في تفسير القرآن أكثر من غيرهم!
6 - فقه الشيعة أكثر تشدداً في احترام القرآن: فلا يجوز عندنا مس خط القرآن لغير المتطهر ، ولا القيام بأي عمل يعتبر إهانةً للقرآن ولو لم يقصد صاحبه الإهانة، كأن يضع نسخته في مكان غير مناسب ، أو يرميها رمياً غير لائق، أو ينام والمصحف في مكان مواجه لقدميه ، أو يضعه في متناول طفل يسئ الى قداسته.. الى آخر هذه الأحكام .
7 - وقد صدرت فتاوى علماء الشيعة جواباً على تهمة الخصوم ، بأن الشيعة يعتقدون بسلامة هذا القرآن وأنه المنزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) دون زيادة أو نقيصة ، وهذه نماذج من فتاوى علمائهم:
رأي الصدوق (ره) : (إعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله على نبيه محمد (صلى الله عليه وآله) هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك ومبلغ سوره عند الناس مائة وأربع عشرة سورة ، وعندنا أن الضحى وألم نشرح سورة واحدة ، ولإيلاف وألم تر كيف، سورة واحدة (في الصلاة) ومن نسب إلينا أنا نقول أكثر من ذلك فهو كاذب).
رأي المفيد (ره) : (وأما الوجه المجوز فهو أن يزاد فيه الكلمة والكلمتان والحرف والحرفان وما أشبه ذلك ، مما لا يبلغ حد الإعجاز، ويكون ملتبساً عند أكثر الفصحاء بكلم القرآن، غير أنه لابد متى وقع ذلك من أن يدل الله عليه ويوضح لعباده عن الحق فيه . ولست أقطع على كون ذلك بل أميل الى عدمه وسلامة القرآن عنه).
رأي الشريف المرتضى (ره) : (المحكي أن القرآن كان على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) مجموعاً مؤلفاً على ما هو عليه الآن ، فإن القرآن كان يحفظ ويدرس جميعه في ذلك الزمان... وأنه كان يعرض على النبي (صلى الله عليه وآله) ويتلى عليه ، وأن جماعة من الصحابة مثل عبدالله بن مسعود وأبيّ بن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النبي (صلى الله عليه وآله) عدة ختمات . وكل ذلك يدل بأدنى تأمل على أنه كان مجموعاً مرتباً غير منثور ، ولا مبثوث).
رأي الشيخ الطوسى (ره) :( وأما الكلام في زيادته ونقصانه، فمما لا يليق به أيضاً ، لأن الزيادة فيه مجمعٌ على بطلانها ، والنقصان منه فالظاهر أيضاً من مذهب المسلمين خلافه ، وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا ، وهو الذي نصره المرتضى (رض) ، وهو الظاهر في الروايات).
رأي الشيخ الطبرسي (ره) :( فإن العناية اشتدت ، والدواعي توفرت على نقله وحراسته ، وبلغت الى حد لم يبلغه فيما ذكرناه ، لأن القرآن معجزة النبوة ، ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية ، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية ، حتى عرفوا كل شئ اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته ، فكيف يجوز أن يكون مغيراً ، أو منقوصاً).انتهى. ويطول الكلام لو أردنا نقل كلمات علمائنا ، وقد ألف عدد منهم كتباً مفردة في نفي التحريف ورد التهمة عن الشيعة ، فراجع التحقيق في نفي التحريف لآية الله الميلاني، وتدوين القرآن للمؤلف , وصيانة القرآن للسيد مرتضى الرضوي...الخ.
***
موقف الخليفة عمر من القرآن والسنة
هذه خلاصة موجزة جداً لما يوجد في مصادرهم من غرائب في تحريف القرآن ، بأصح الأسانيد ، عن أكبر الصحابة !
موقف الخليفة عمر من القرآن:
يتفق الجميع على أن النبي (صلى الله عليه وآله) أمرهم في مرض وفاته أن يلتزموا بتنفيذ عهد يكتبه لهم ويضمن لهم أن يكونوا على الهدى ويسودوا العالم ، فقال عمر: (إن النبي قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن ، حسبنا كتاب الله ! فاختلف أهل البيت فاختصموا منهم من يقول قربوا يكتب لكم رسول الله كتاباً لا تضلوا بعده أبداً ، ومنهم من يقول: القول ما قاله عمر . فلما أكثروا اللغو والإختلاف عند النبي قال لهم رسول الله: قوموا عني).(عدالة الصحابة للمحامي أحمد حسين يعقوب/182، عن بخاري كتاب المرضى باب قول المريض: قوموا عني: 7/9 وصحيح مسلم آخر كتاب الوصية:5/75 ومسلم بشرح النووي:11/95 ومسند أحمد:4/356 ح2992 ، وغيرها.
وقد بحثنا انقلاب الصحابة على نبيهم (صلى الله عليه وآله) في الجزء الثاني من ألف سؤال وإشكال ، وغرضنا أن نشير الى أن موقف عمر من القرآن أنه المصدر الرسمي للإسلام فقط ، والسنة مصدر انتقائي يختار منه زعماء قريش ما يناسب ويتركون ما لا يناسب ، أو يمنعون صدوره !
كما أن المفسر الرسمي للقرآن هو عمر بصفته الزعيم المقبول من قبائل قريش ما عدا بني هاشم، فله الحق أن يمنع النبي (صلى الله عليه وآله) من كتابة عهد قد يلزم المسلمين بمفسر رسمي هاشمي! وقد طبق عمر نظريته هذه (القرآن هو المصدر الوحيد والخليفة هو المفسر الوحيد) بأعمال ، منها:
1- رفض نسخة القرآن التي عند علي (عليه السلام) .
2- إخضاع علي وفاطمة‘وبني هاشم وأنصارهم ولو بالقوة ، ومنعهم من أي تأثير على الناس حتى في تعليم القرآن والسنة .
3- تكذيب أن علياً أو أحداً من الصحابة عنده القرآن كله أو تفسيره من النبي (صلى الله عليه وآله) ، بل القرآن موزع عند الصحابة ، وجمعه والمصادقة عليه من حق الخليفة فقط !
4- القرآن برأي عمر ناقص فهو أكثر من الموجود بأيدي الصحابة ، فقد ضاع أكثر من ثلثيه بعد النبي (صلى الله عليه وآله) وتدارك عمر الأمر فكان يجمع ما يرى أنه منه ، ويضعه عند ابنته حفصة ، وقد أدركه الأجل قبل نشره .
5- يوجد برأيه آيات من القرآن لم يكتبها الناس ، وقد أمر كاتبه زيد بن ثابت بكتابة بعضها وقال عن بعضها: لولا أن يقول المسلمون إن عمر زاد في كتاب الله لأمرت بوضعها فيه !
6- قول علي وبني هاشم إن القرآن نزل على حرف واحد ، غلط ! فمعنى قول النبي (نزل القرآن على سبعة أحرف) أنه يجوز تغيير لفظه فيجوز قراءته بالمعنى بأي كلام عربي أو غير عربي، بشرط أن لا تغير المغفرة منه الى عذاب والعذاب الى مغفرة ، فكل قراءة بهذا الشرط شرعية منزلة من عند الله تعالى !
7- تحاشياً لإحراج الخليفة المفسر الرسمي للقرآن ، يغلق البحث في القرآن ، ويعاقب بشدة كل من يسأل عن تفسير آية !
8- نظراً لخطورة موقع القُرَّاء وتعلق الناس بهم ، فيجب تقليل عددهم الى أقل حد ممكن .
9- يحكم القضاة بفهمهم للقرآن إذا لم يتعارض مع فهم الخليفة والصحابة المرضيون عنده ، ثم يحكم القاضي بظنونه ، والأفضل تأخير القضية حتى يأخذ فيها رأي الخليفة !
أما موقفه من السنة فيتكوَّن من خمس قرارات (راجع كتاب تدوين القرآن):
1- مَنَع رواية سنة النبي (صلى الله عليه وآله) منعاً باتاً تحت طائلة العقوبة ! وقد ضرب عمر بعض الصحابة بجرم أنه حدَّث أشخاصاً أو شخصاً فقال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ! وبقي بعضهم في سجنه حتى قتل !
2- مَنَع تدوين سنة النبي (صلى الله عليه وآله) منعاً باتاً ، وهو قرار كان اتخذه مع زعماء قريش من زمن النبي (صلى الله عليه وآله) عندما رأوا بعض شباب قريش كعبدالله بن عمرو العاص يكتبون ما يقوله النبي (صلى الله عليه وآله) ! وطلب أبو بكر في خلافته من الناس أن يأتوا اليه بما كتبوه من السنة فأحرقه !
كما جمع عمر في خلافته المكتوب من السنة وأحرقه ! وأصدر مرسوماً خلافياً الى الأمصار بإحراق المكتوب من السنة أو إتلافه !!
3- رفض عمر كتاب علي(الجامعة) الذي هو بإملاء النبي (صلى الله عليه وآله) وفيه ما يحتاج إليه الناس، وقال إن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يخص علياً ولا أحداً من أهل بيته بشئ من العلم ، ولم يترك علماً غير القرآن .
4- انتقى عمر روايات من سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) وأحداثها ، وعمل على تعليمها للأمة على أنها السنة والسيرة الصحيحة ، دون غيرها !
5- رفع شعار (سنة النبي) التي رفضها بالأمس، وعدَّل شعاره (حسبنا كتاب الله) الى شعار: ( حسبنا كتاب الله وسنة نبيه) أي كتاب الله كما يفهمه الخليفة ، وسنة رسوله التي يرويها أو يمضيها !
والى جنب هذه القرارات والمواقف ، له قراران كان لهما تأثير واسع:
1- قراره بنشر الثقافة اليهودية والمسيحية .
2- وقراره بنشر الشعر الجاهلي ، وأمره بتعلمه وكتابته .
***
نقص القرآن وزيادته برأي الخليفة وخاصته !
1- يرى عمر أن القرآن ضاع أكثره ! قال: (القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف، فمن قرأه صابراً محتسباً فله بكل حرف زوجة من الحور العين). (الدر المنثور:6/422، وقال: قال بعض العلماء: هذا العدد باعتبار ما كان قرآناً ونسخ رسمه، وإلا فالموجود الآن لايبلغ هذه العدة) . ومجمع الزوائد:7/163، عن الطبراني عن شيخه محمد بن عبيد ومال الى توثيقه وانتقد استنكار الذهبي له وقال: (ولم أجد لغيره في ذلك كلاماً ) . أقول: الرواية عن عمر موثقة ، ومحاولتهم تضعيف شيخ الطبراني لاتصح ، وكذا زعمهم أن عمر يقصد المنسوخ ، فهل يكون المنسوخ أكثر من ثلثي القرآن ! وبما أن عدد حروف القرآن ثلاث مئة ألف حرف وكسراً ، أي أقل من ثلث العدد الذي قاله عمر ، فيكون رأيه أنه ضاع أكثر من ثلثي القرآن ! ولحديثه هذا مؤيدات عديدة صحت عنه ، كقوله: (فقد فيما فقدنا من القرآن..أسقط فيما أسقط. قرآن كثير ذهب مع محمد.. رفع فيما رفع) . ففي الدر المنثور:5/179 ، عن مصنف عبد الرزاق: فإنها آية نزلت في كتاب الله وقرأناها ، ولكنها ذهبت في قرآن كثير ذهب مع محمد . وفي كنز العمال:2/567 من مسند عمر ، قال عمر لعبدالرحمن بن عوف: ألم نجد فيما أنزل علينا أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة؟ فإنا لم نجدها ، قال: أسقط فيما أسقط من القرآن ) . وقال في رواية أخرى: ... فرفع فيما رفع ! وفي:6/208:(أو ليس كنا نقرأ من كتاب الله أن انتفاءكم من آبائكم كفر بكم..أو ليس كنا نقرأ الولد للفراش وللعاهر الحجر،فُقِدَ فيما فَقَدْنَا من كتاب الله).
2- وقال عمر إن سورة الأحزاب ضاع منها أكثر من200 آية! ففي كنز العمال:2/480: عن حذيفة قال قال لي عمر بن الخطاب:(كم تعدُّون سورة الأحزاب؟قلت ثنتين أو ثلاثاً وسبعين، قال: إنْ كانت لتقارب سورة البقرة، وإن كان فيها لآية الرجم). ونحوه أحمد:5/132 ، والحاكم:2/415 ، و:4/359 وصححه . والبيهقي:8/211. وكنز العمال:2/567 ، قال: إن كانت لتضاهي سورة البقرة أو هي أطول من سورة البقرة) ! فالناقص من سورة الأحزاب برأيه أكثر من200 آية !!
3- وقلَّده أبو موسى الأشعري فقال: إن سورة براءة ضاع أكثرها! ففي مجمع الزوائد:5/302: (نزلت سورة نحواً من براءة فرفعت فحفظت منها: إن الله ليؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم..فذكر الحديث). والدر المنثور:1/105، ونحوه في:7/28 ، والحاكم:2/330 ، عن حذيفة .
4- وقال عمر إن آية الرجم وآية الشيخ والشيخة،وآية لاترغبوا عن آبائكم كانتا في القرآن. روى بخاري:8/25، أن عمر بلغه أن شخصاً قال: (لو قد مات عمر لقد بايعتُ فلاناً)فغضب وقال: (فوالله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت ! إني إن شاء الله لقائم العشية في الناس فمحذرهم هؤلاء الذي يريدون أن يغصبوهم أمورهم) !
ثم خطب وقال: (ثم إنه بلغني أن قائلاً منكم يقول: والله لو مات عمر بايعت فلاناً ، فلا يغترَّنَّ امرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت، ألا وإنها قد كانت كذلك ولكن الله وقى شرها ، وليس منكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر . من بايع رجلاً عن غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تَغِرَّةَ أن يقتلا...إن الله بعث محمداً بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها ، فلذا رجم رسول الله ورجمنا بعده ، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله ، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله: والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الإعتراف . ثم إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله أن: لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم ، أو إن كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم). ومعنى:تَغِرَّةَ أن يقتلا: مخافة أن يقتلا بهذا الأمر الذي أصدره عمر. ورواه:8/113، ومسلم:5/116، وابن ماجة:1/625 و:2/853 وأبوداود:2/343، وفيه: (وأيم الله لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله عزوجل لكتبتها) .والترمذي:2/442 ، والدر المنثور:5/179، بعدة روايات وفيها: فإنها آية نزلت في كتاب الله وقرأناها ، ولكنها ذهبت في قرآن كثير ذهب مع محمد) ! وفي تهذيب ابن حجر:4/77: (لولا أن أزيد في كتاب الله ما ليس فيه لكتبت ، إنه حق ).لكن لماذا لم يكتبها في القرآن مع أنه شهد له غيره؟!
5 - آية: لاترغبوا عن آبائكم، وتقدمت مع آية الرجم برواية بخاري:8/24، وفصلها مجمع الزوائد:1/97: (أن مملوكاً كان يقال له كيْسان فسمى نفسه قيساً وادعى الى مولاه ولحق بالكوفة ، فركب أبوه الى عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين ابني ولد على فراشي، ثم رغب عني وادعى الى مولاي ومولاه ! فقال عمر لزيد بن ثابت: أما تعلم أنا كنا نقرأ: لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم؟ فقال زيد: بلى ، فقال عمر: إنطلق فاقرن ابنك الى بعيرك ثم انطلق فاضرب بعيرك سوطاً وابنك سوطاً حتى تأتي به أهلك)! وقال عن بعض رواياته: رجاله رجال الصحيح) .
6 - آية: ولو حميتم كما حموا...روى الحاكم:2/225، أن أبيّاً كان يقرأ: إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية ، ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام ، فأنزل الله سكينته على رسوله.. وذكر أن ذلك بلغ عمر فناقشه ثم أقر بها وقال له: بل أقرئ الناس . وصححه على شرط الشيخين. والدر المنثور:6/79، عن النسائي..الخ. وركَّة آيتهم واضحة ، وكذا غلط معناها لأنها تقول إن قريشاً في غزوة الحديبية أخذتها حمية الجاهلية ، ولو حمي المسلمون مثلها لفسد المسجد الحرام ولكنهم لانوا ، بينما يقول الله تعالى: وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً. وقال في آية24: وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ).
7 - آية: حق جهاده في آخر الزمان ! قال في الدر المنثور:4/371: (عن عبد الرحمن بن عوف، قال لي عمر: ألسنا كنا نقرأ فيما نقرأ: وجاهدوا في الله حق جهاده في آخر الزمان كما جاهدتم في أوله ؟قلت: بلى فمتى هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: إذا كانت بنو أمية الأمراء وبنو المغيرة الوزراء) ! وفي كنز العمال:2/567 ، (من مسند عمر: ألم نجد فيما أنزل علينا أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة؟ فإنا لم نجدها ! قال: أسقط فيما أسقط من القرآن) ! فهذه الرواية قولٌ من عمر بنقص القرآن !
8 - آية: الولد للفراش ! فالمعروف في مصادر الشيعة والسنة أن "الولد للفراش وللعاهر الحجر"حديث نبوي (صلى الله عليه وآله) كما في وسائل الشيعة:13/376 ، وسنن الترمذي:2/313 ، والنسائي:6/180 ، وأحمد:1/25 ، و:4/186، بأربع روايات..الخ. لكن رووا: أن عمر قال لأبيّ: أو ليس كنا نقرأ من كتاب الله: إن انتفاءكم من آبائكم كفر بكم؟ فقال: بلى ، ثم قال: أو ليس كنا نقرأ: الولد للفراش وللعاهر الحجر؟ فُقِد فيما فقدنا من كتاب الله؟ قال بلى) . (كنز العمال:6/208).
9 - آية: لو كان لابن آدم واديان ! رواها بخاري:7/175،كحديث نبوي، ومسلم:3/100 ، لكن روى بعده: (بعث أبو موسى الأشعري الى قراء أهل البصرة فدخل عليه ثلاثمائة رجل قد قرأوا القرآن فقال: أنتم خيار أهل البصرة وقراؤهم فاتلوه ولا يطولن عليكم الأمد فتقسو قلوبكم كما قست قلوب من كان قبلكم ، وإنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسيتها ! غير أني قد حفظت منها: لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى وادياً ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب . وكنا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدى المسبحات فأنسيتها غير أني حفظت منها: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة ). ونحوه أحمد:4/368، عن زيد بن أرقم ، ونحوه:5/219، و:6/55 ، عن عائشة ، و:3/122، عن أنس بصيغة الشك هل هي آية أم لا؟! وفي:5/117 ، عن ابن عباس: جاء رجل الى عمر يسأله فجعل ينظر الى رأسه مرة والى رجليه أخرى... وذكر أن ابن عباس قرأ آية التراب فسأله عنها عمر فاستشهد بأبي بن كعب فقال: هكذا أقرأنيها رسول الله ! قال أفأثبتها ؟ فأثبتها ! وفي مجمع الزوائد:7/141: أفأثبتها في المصحف قال:نعم! رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح).ومعناه أنه كتبها في القرآن ولا بد أنه قرآن عمر الذي كان يجمعه عند حفصة ، وقتل قبل أن ينشره !
10 - نقص (وهو أب لهم) من آية! في الدر المنثور:5/183: (وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وإسحق بن راهويه وابن المنذر والبيهقي عن بجالة قال: مرَّ عمر بن الخطاب بغلام وهو يقرأ في المصحف: النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم ! فقال يا غلام حُكَّهَا فقال: هذا مصحف أبيّ ! فذهب الى أبيّ فسأله فقال: إنه كان يلهيني القرآن ويلهيك الصفق بالأسواق). وعبد الرزاق:10/181 ، وتاريخ المدينة:2/708 والبيهقي:7/69 ، والذهبي في سيره:1/397، وكنز العمال:2/569..الخ. ومعناه أنه أقرها وبقيت في المصحف ، أي مصحف عمر الذي خبأه عند حفصة !
11 - آية: ذات الدين ووادي التراب ! روى الحاكم:2/224: (عن أبيّ بن كعب قال: قال لي رسول الله (ص): إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن فقرأ: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ . ومن نعْتها: لو أن ابن آدم سأل وادياً من مالٍ فأعطيته لسأل ثانياً ، وإن أعطيته ثانياً سأل ثالثاً ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب ، وإن الدين عند الله الحنيفية غير اليهودية ولا النصرانية ومن يعمل خيراً فلن يكفره). وصححه ، ومجمع الزوائد:7/140.
وينبغي الشك في كل روايات الزيادة والنقصان التي نسبوها الى أبيّ بن كعب (رض) لأنه ثبت أن بعضها مكذوب عليه ، وأنهم استغلوا إسمه .
12 - التسبيحات الأربع من القرآن ! روى ذلك أحمد:5/11 و20 ، عن سمرة قال النبي (صلى الله عليه وآله) : (إذا حدثتكم حديثاً فلا تزيدن عليه ، وقال: أربع من أطيب الكلام وهن من القرآن لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر . ثم قال: لا تُسَمِّيَنَّ غلامك أفلحاً ولا نجيحاً ولا رباحاً ولا يساراً). والنسائي:2/143، عن أبيّ !
13 - آية: ألا بلغوا قومنا ..! رواها بخاري:3/204 و208 و:4/35 و:5/42 ، بعدة روايات أن آية: ألا بلغوا قومنا بأنا قد لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا ! نزلت في شهداء بئر معونة الذين بعثهم النبي (صلى الله عليه وآله) الى نجد فغدر بهم رعل وذكوان وعصية من بني لحيان ، وأن المسلمين قرؤوا هذه الآية ! ومسلم:2/135 ، وأحمد:3/109 و210 و215 و255 و 289، بروايات ..وفي أكثرها أنها نسخت ، وفي بعضها أنها رفعت . وقد جعلوها آية وهي فقرة ناقصة !
14 - آية عائشة التي أكلتها السخلة ! فمن عجائب ما رووه عن عائشة كما في مسند أحمد وغيره ، قال في:6/271: (كانت عائشة تأمر أخواتها وبنات أخواتها أن يرضعن من أحبت عائشة أن يراها ويدخل عليها وإن كان كبيراً خمس رضعات ثم يدخل عليها ! وأبت أم سلمة وسائر أزواج النبي (ص) أن يُدخلن عليهن بتلك الرضاعة أحداً من الناس حتى يرضع في المهد).انتهى. ومعناه أنها كانت تبعث بالرجل الى أختها أو زوجة أخيها فتترضعه ليصير محرماً على عائشة ويدخل عليها) !
وروى بخاري:6/125، عن عائشة: (أن النبي دخل عليها وعندها رجل فكأنه تغير وجهه كأنه كره ذلك ! فقالت إنه أخي ، فقال: أنظرن من إخوانكن ! فإنما الرضاعة من المجاعة). ونحوه:3/150، والنسائي:6/101، وأورد عبد الرزاق في مصنفه:7/458 ، نحو خمسين رواية تحت عنوان: باب رضاع الكبير، تذكر استنكار المسلمين لذلك، وأسماء بعض من أرضعتهم ليدخلوا عليها ، وأنها تعلمت ذلك من سهيلة بنت سهيل بن عمرو قائد المشركين التي أخبرتها أن النبي (صلى الله عليه وآله) أجاز لها أن تُرضع سالم الفارسي وهو رجل ليدخل عليها، (فقالت:يا رسول الله ! إن سالم مولى أبي حذيفة معنا في بيتنا، وقد بلغ ما يبلغ الرجال وعلم ما يعلم الرجال ، فقال رسول الله: أرضعيه تحرمي عليه...! قال ابن أبي مليكة: فمكثت سنة أو قريباً منها لا أحدث به رهبةً له، ثم لقيت القاسم فقلت: لقد حدثتني حديثاً ما حدثته بعد ، قال: وما هو؟ فأخبرته فقال حدِّث به عني أن عائشة أخبرتني به) !
وكل أحاديث الرضاعة حتى حديث سهيلة عن عائشة فقط ، ففي التمهيد: 8/258،قالت: (جاءت سهلة بنت سهيل إلى النبي فقالت إني لأرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم عليَّ كراهية . قال: فأرضعيه ! قالت وهو شيخ كبير؟! فقال النبي: أولست أعلم أنه شيخ كبير فأرضعيه ! ثم أتته بعد فقالت: يا رسول الله ما رأيت في وجه أبي حذيفة شيئاً أكرهه). انتهى. وسالم هذا فارسي غلام لأبي حذيفة الأموي: (وكان يؤم المهاجرين بقباء فيهم عمر بن الخطاب قبل أن يقدم رسول الله (ص) المدينة). (الإستيعاب:2/567).
فكانت عائشة تحتج لعملها بأنها سمعت ذلك من سهيلة، لكن يظهر أن انتقاد أزواج النبي (صلى الله عليه وآله) والناس كان قوياً، فقالت إن رضاع الكبير نزل فيها آيات كانت في صحيفة تحت سريرها فلما مرض النبي (صلى الله عليه وآله) في بيته البعيد نسبياً عن غرفتها انشغلت به ولم تقفل غرفتها جيداً فدخلت سخلة وأكلت الصحيفة ! وحتى لايقال إن الآيات منسوخة أكدت عائشة أنها كانت من القرآن ، وكنا نقرؤها حتى توفي النبي ، ولانسخ بعد النبي (صلى الله عليه وآله) !
قال مسلم في صحيحه:4/167: (عن عائشة أنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يُحَرِّمْنَ ثم نسخن بخمس معلومات ، فتوفي رسول الله وهن فيما يقرأ من القرآن !) . والدارمي:2/157، وروى ابن ماجة:1/625: (عن عائشة قالت: لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشراً . ولقد كان في صحيفة تحت سريري ، فلما مات رسول الله وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها). والنسائي:6/100. ومعنى الداجن: الحيوان الأهلي الذي يربى في المنزل وكان السائد منه في المدينة الماعز ، ولذلك قلنا أكلتها السخلة ! وفي هذه الرواية دليل على أن مرض النبي ووفاته لم يكن في غرفة عائشة كما زعموا وزعمت فيما بعد ، وإلا لما دخلتها السخلة ! ومن طريف ما رووه أن عبدالله بن عمر ومالك بن أنس وغيرهم وافقوا عائشة وزادوا عليها بأن المصة الواحدة تكفي لتحريم الشخص ! (الترمذي:2/309 ، والدر المنثور:2/135) . لكن بعض النساء في عصرنا سألت شيخاً في برنامج من تلفزيون السعودية: هل تستطيع أن تفعل ذلك كعائشة ، فلم يرخص لها بذلك !
وشاهدنا منه أن عائشة تقول بنقص القرآن وأن السخلة الملعونة جعلت قرآن المسلمين ناقصاً الى يوم الدين فلعنها الله من سخلة !
15 - صحِّحُوا مصاحفَكم واكتبوا: فامضوا الى ذكر الله ، وامحوا (وَاسْعَوْا) ! فقد اتفقت مصادرهم على أن عمر كان يقرأ: الآية التاسعة من سورة الجمعة (فامضوا الى ذكر الله)ويُصر على ذلك ويأمر بمحو (فاسعوا) ويقول إنها منسوخة ! لكن المسلمين لم يطيعوه والحمد لله . وسبب اجتهاده أن معنى السعي في ذهنه: الركض ، والمطلوب الذهاب الى صلاة الجمعة وليس الركض، فلا يصح التعبير بالسعي فهو غلط أو منسوخ فيجب تصحيحه ! قال بخاري:6/63: ( قوله: وآخرين منهم لما يلحقوا بهم ، وقرأ عمر: فامضوا الى ذكر الله). وفي تاريخ المدينة:2/711: (عن خرشة بن الحر قال: رأى معي عمر بن الخطاب لوحاً مكتوباً فيه: إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ ، فقال: مَن أملى عليك هذا؟ قلت أبي بن كعب ، فقال إن أبياً كان أقرأنا للمنسوخ ، إقرأها: فامضوا الى ذكر الله). وفي البيهقي:3/227: عن سالم عن أبيه قال: ما سمعت عمر بن الخطاب يقرؤها إلا: فامضوا الى ذكر الله).والدر المنثور:6/219.ورووا أن عمر أقنع برأيه عبدالله بن مسعود فمحى من مصحفه:فاسعوا وكتب فيه: فامضوا قال: لو قرأتها فاسعوا سعيت حتى يسقط ردائي ! وكان يقرؤها فامضوا) ! (مجمع الزوائد:7/124 ، ووثقه) .
وقد رد علي (عليه السلام) هذه القراءة وبين خطأ عمر، ففي دعائم الإسلام:1/182: (عن علي (عليه السلام) أنه سئل عن قول الله تعالى: إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ ، قال: ليس السعي الإشتداد ولكن يمشون إليها مشياً). كما رد عليه أبو ذر (رض) ،ففي الدر المنثور:6/219:(وأخرج البيهقي في سننه عن عبدالله بن الصامت قال خرجت الى المسجد يوم الجمعة فلقيت أباذر فبينا أنا أمشي إذ سمعت النداء فرفعت في المشي لقول الله: إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ ، فجذبني جذبة فقال: أولسنا في سعي)؟! انتهى. ولكن رواة المذهاب وفقهاءهم لم يُخَطِّئوا عمر ولعلهم يتمنون أن يتغير القرآن من أجله، فقد أفتوا بأنه يجوز أن يقرأ الناس بقراءة عمر ! راجع: البيهقى:3/227 ، والمغني:2/143، والدر المنثور:6/219 ، وكنز العمال بروايات عديدة:2/591 رقم:48087 و4809 و4821 و4822 وابن جزي في التسهيل:2/445.
16- وصل التحريف الى سورة الحمد ! فقد صحَّ عندهم أن عمر كان يقرأ: سراط من أنعمت عليهم..غير المغضوب عليهم وغير الضالين! ففي الدر المنثور:1/15: (أخرج وكيع وأبو عبيد وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر... من طرق عن عمر بن الخطاب أنه كان يقرأ: سراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين... وكنز العمال:2/593 ، والبغوي:1/42، ومحاضرات الراغب:2/199. ومعنى ذلك أنه استذوق أن (يصحح) في كلام الله تعالى أو يُحَسِّن في عبارته !
17- الله لاإله إلا هو الحي القيَّام ! قال بخاري:6/72:(سورة إنا أرسلنا.. دياراً من دور ، ولكنه فيْعال من الدوران ، كما قرأ عمر: الحي القيام ، وهي من قمت..). ودافع عن عمر في:8/184، بقوله: (وقال مجاهد القيوم القائم على كل شئ . وقرأ عمر القيام ، وكلاهما مدح).انتهى. ومعنى كلامه أنه يجوز تغيير نص القرآن مادام بنفس المعنى كما فعل عمر ! ويوجد موارد أخرى نقلتها مصادرهم من تغيير عمر لنص القرآن!
18- آية:عظاماً ناخرة . فالموجود في سورة النازعات: أإذا كُنَّا عِظَاماً نَخِرَة . ولو أن أحداً في عصرنا قرأها (ناخرة) بالألف لأنه يريد أن تتناسب أواخر الآيات لقالوا له: لايجوز لك أن تغير في كلام الله من عندك ! أما عمر فيجوز له ! قال السيوطي في الدر المنثور:6/312: (وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن عمر بن الخطاب أنه كان يقرأ: أئذا كنا عظاماً ناخرة ، بألف) . بعدة روايات . ومجمع الزوائد:7/133، عن ابن عمر ، وصححه .
قد يقال: لا فرق بين نخرة بدون ألف أو بألف . لكن بناء القرآن ليس ككلام البشر ، والحرف الواحد له دوره في موضعه وفي مجموع القرآن !
19- محاولة عمر حذف واو الأنصار ! في تاريخ المدينة:2/707: (قرأ عمر: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ(و)َالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ. بدون واو ! فقال أبيُّ:وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ. فقال عمر: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، الذين اتبعوهم بإحسان، وقال عمر: أشهد أن الله أنزلها هكذا ، فقال أبيٌّ: أشهد أن الله أنزلها هكذا ولم يؤامر فيها الخطاب ولا ابنه). انتهى.
أقول: الآية في مدح المؤمنين المهاجرين والأنصار ومن جاء بعدهم واتبعهم ، فالأنصار مساوون للمهاجرين القرشيين وإن ذكروا بعدهم ، ومن اتبعهم أي اتبع الطرفين . لكن عمر يريد حذف الواو ليجعل الأنصار تابعين للقرشيين ، وأقسم أنها هكذا نزلت ! فرفض كعب تحريف الآية وقال له إن الله عندما أنزلها لم يستشر عمر ولا أباه ! وفي رواية الحاكم:3/305، أن عمر أراد من شخص تغييرها فلم يقبل معه فذهبا الى أبيّ وجرى بينهما نقاش حاد ، وقال له كعب: (تلقيتها من رسول الله (صلى الله عليه وآله) . قال عمر: أنت تلقيتها من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟! قال: نعم أنا تلقيتها من رسول الله (صلى الله عليه وآله) . ثلاث مرات كل ذلك يقوله ، وفي الثالثة وهو غضبان: نعم والله ، لقد أنزلها الله على جبريل وأنزلها جبريل على محمد فلم يستأمر فيها الخطاب ولا ابنه ! فخرج عمر وهو رافع يديه وهو يقول: ألله أكبر ألله أكبر!). وكنز العمال:2/605 ، و:2/597، وفيه: (فجعل كل واحد منهما يشير الى أنف صاحبه بإصبعه). وفي الدر المنثور:3/269: (فقال عمر: فنعم ، إذن نتابع أبياً... قال: لقد كنت أرى أنا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا ! فقال أبيٌّ: تصديق ذلك في أول سورة الجمعة: وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ).انتهى. ومعناه أن عمر يرى أن قريشاً فوق الجميع، ولا يجوز أن يساوى بها أحد ! والواو في الآية تجعل الأنصار معهم على قدم المساواة فيجب حذفها! لكن عمر تراجع عن قوله وعن قسمه ! ولم يسأل عدداً من الصحابة عن الآية ! وأمر بكتابتها في القرآن كما قال أبيٌّ ولم يطلب شاهداً آخر معه عليها !
20- محاولة أخرى تتعلق بعلي (عليه السلام) في آية:قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ . (الرعد:43) ، فقد عبَّر القرآن الكريم بإيتاء الكتاب، وهو عام للأمم وخاص للأنبياء وأوصيائهم (عليهم السلام) . وبتوريث الكتاب وهو أيضاً عام وخاص، وبالراسخين في العلم وهو خاص بالمعصومين (عليهم السلام) ، ومثله تعبير: وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ، وهو لاينطبق إلا على علي (عليه السلام) ، لأن غيره لم يكن عنده ، فيكون عليٌّ (عليه السلام) أفضل من وزير سليمان ووصيه آصف بن برخيا ، الذي قال الله تعالى فيه: قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ. (النمل:40). لكن عمر حاول إبعاد الآية عن علي (عليه السلام) فقرأها (وَمِنْ عِنْدِهِ) فكسر مَنْ وكسر عِنْدَه ! وأراد بهاتين الكسرتين أن يجعل معنى الآية: قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عند الله علم الكتاب . وهذه القراءة لا معنى لها لأنها تقطع الربط بين الفقرتين !
والعجيب أنه نسب ذلك الى النبي (صلى الله عليه وآله) ! ففي الدر المنثور:4/69:(عن عمر أن النبي قرأ: ومَن عندَه علم الكتاب، قال: من عند الله علم الكتاب). وكنز العمال:2/593 ، وفي:12/589، أنه سمع ذلك من النبي (صلى الله عليه وآله) في مكة! ومجمع الزوائد:7/155. والحمد لله أن أحداً لم يطعه، ففي المصحف: وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكتاب !
من هو الشاهد على الأمة الذي عنده علم الكتاب؟
بعد فشل محاولة قراءة (وَمِنْ عِنْدِهِ) بكسر(مِن) يبقى السؤال من هو هذا الذي جعله الله شاهداً على الأمة بعد نبيها (صلى الله عليه وآله)؟ ويضاف الى الآية آية أخرى بمعناها: أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ. (هود:17) ، فمن هو هذا الشاهد على الأمة وهو من النبي (صلى الله عليه وآله) ؟!
أما أتباع أهل البيت (عليهم السلام) فرووا أن الذي عنده علم الكتاب والشاهد على الأمة هو عليٌّ (عليه السلام) ، ففي تفسير علي بن إبراهيم:1/367، بسند صحيح عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (الذي عنده علم الكتاب هو أمير المؤمنين (عليه السلام) . وسئل عن الذي عنده علمٌ من الكتاب أعْلَمُ أم الذي عنده علم الكتاب؟ فقال: ما كان علم الذي عنده علم من الكتاب عند الذي عنده علم الكتاب إلا بقدر ما تأخذ البعوضة بجناحها من ماء البحر.. قال أمير المؤمنين (عليه السلام) :ألا إن العلم الذي هبط به آدم من السماء الى الأرض وجميع ما فضلت به النبيون الى خاتم النبيين في عترة خاتم النبيين (صلى الله عليه وآله) ). وفي نور الثقلين:2/523 ، عن أمالي الصدوق عن أبي سعيد الخدري قال: (سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن قول الله جل ثناؤه: قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ؟ قال: ذاك أخي علي بن أبي طالب) .
وفي تفسير العياشي:2/220: عن عبدالله بن عطاء قال: ( قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : هذا ابن عبدالله بن سلام يزعم أن أباه الذي يقول الله: قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ . قال: كَذِبَ.. هو علي بن أبي طالب !.. عن عبدالله بن عجلان عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قوله قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ، فقال: نزلت في علي بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفي الأئمة بعده ، وعليٌّ عنده علم الكتاب).
وكذلك تفسير الشاهد بعلي (عليه السلام) ، ففي بصائر الدرجات عن الأصبغ بن نباتة قال قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : والله ما نزلت آية في كتاب الله في ليل أو نهار إلا وقد علمت فيمن أنزلت ، ولا مرَّ على رأسه المواسي إلا وقد أنزلت عليه آية من كتاب الله تسوقه الى الجنة أو الى النار ، فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين ما الآية التي نزلت فيك؟ قال له: أما سمعت الله يقول: أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ، فرسول الله (صلى الله عليه وآله) على بينة من ربه وأنا الشاهد التالي). (أمالي المفيد/145).
وفي تفسير العياشي:2/143، عن بريد بن معاوية العجلي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (الذي على بينة من ربه رسول الله (صلى الله عليه وآله) والذي تلاه من بعده الشاهد منه أمير المؤمنين (عليه السلام) ، ثم أوصياؤه واحد بعد واحد).انتهى.
***
وقد وافقتنا بعض مصادر السنة على أن الذي عنده علم الكتاب هو علي (عليه السلام) ، قال السيوطي في الدر المنثور:3/324: (أخرج ابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، وأبو نعيم في المعرفة ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن . فقال له رجل: ما نزل فيك ؟ قال أما تقرأ سورة هود: أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ: رسول الله(ص)على بينة من ربه ، وأنا شاهد منه). ثم ذكر ثلاث روايات بنحوه .
كما رووا في آية: وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ، مكذوبات تزعم أن الشاهد على الأمة الذي يتلو النبي (صلى الله عليه وآله) هو عبدالله بن سلام اليهودي الذي صار (مسلماً أموياً)! فالمهم لهم إبعاد الآية عن علي (عليه السلام) ولو بتلبيسها ليهودي، ولو لزم أن لا يكون في الأمة الإسلامية شخص عنده علم كتابها !
قال في الدر المنثور:4/69: (عن ابن عباس قال: قدم على رسول الله (ص) أسقف من اليمن فقال له رسول الله(ص): هل تجدني في الإنجيل رسولاً؟ قال لا ، فأنزل الله: قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ يقول: عبدالله بن سلام). انتهى. وقد فات واضع الحديث أن هذه الحادثة في المدينة والآية مكية ! وقد روى السيوطي أن سعيد بن جبير رد عليهم وكذلك الشعبي وقال: (ما نزل في عبدالله ابن سلام شئ من القرآن) ! وقد تخبط هنا الطبري:7/10، والفخر الرازي:17/200، واستوفينا الكلام في كتاب تدوين القرآن .
وتدل ترجمة عبدالله بن سلام هذا على أنه وأولاده كانوا من مرتزقة بني أمية وجلادهم الحجاج، كما في مجمع الزوائد:9/92. وروى الذهبي في تذكرته:1/27، ما يدل على أن ابن سلام كان بعد إسلامه متعصباً ليهوديته وأنه كذب على النبي (صلى الله عليه وآله) فقال إنه أمره أن يقرأ القرآن ليلة والتوراة ليلة ! فكيف يكون هذا عنده علم الكتاب والشاهد الرباني على الأمة بعد نبيها (عليه السلام) ! والعجيب أن الذهبي علق على ذلك بقوله: (فهذا إن صح ففيه الرخصة في تكرير التوراة وتدبرها)! وعلى فتواه ينبغي أن تُوَزَّع التوراة على المسلمين كالقرآن !
21- كان عمر يقرأ في صلاته سورتين مزعومتين! وهو من أعجب ما في مصادر المدعين له جمع القرآن وحفظه ! وقد رووا ذلك ولم يتهموا عمر مع أنه كان يقرؤهما في صلاته ! ولا اتهموا الذين كتبوهما في مصاحفهم من خاصته ! ويتوقف فهم قصة هاتين الأختين الشقيقتين ، على فهم أمرين:
الأول: حساسيتهم من سورتي المعوذتين لأن النبي (صلى الله عليه وآله) كان دائماً يعوِّذ بهما الحسن والحسين‘فأرادوا أن يحذفوهما من القرآن لأنهما بزعمهم عُوذتان ! ويستبدلوهما بسورتي الحفد والخلع !
والثاني: غيضهم من قنوت النبي (صلى الله عليه وآله) لأنه كان يلعن فيه زعماء قريش! فقاموا بعدة أعمال لرفع اللعن عنهم وتخطئة النبي (صلى الله عليه وآله) :
أ- وضعوا أحاديث تزعم أن النبي (صلى الله عليه وآله) اعترف بخطئه في لعن الذين لعنهم لأنه بشر يخطئ ويصيب ! وأنه دعا الله تعالى أن يجعل لعنته على من لعنه أو سبه أو آذاه ( صلاة وقربة ، زكاة وأجراً ، زكاة ورحمة ، كفارة له يوم القيامة ، صلاة وزكاة وقربة تقربه بها يوم القيامة ، مغفرة وعافية وكذا وكذا .. بركة ورحمة ومغفرة وصلاة ، فإنهم أهلي وأنا لهم ناصح) على حد تعبير رواياتهم ! فقد روى ذلك بخاري:7/157 ، وفيه: اللهم فأيما مؤمن سببته فاجعل ذلك له قربة اليك يوم القيامة . ومسلم:8/26 ، وفيه: اللهم إنما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر، وإني قد اتخذت عندك عهداً لن تخلفنيه ، فأيما مؤمن آذيته أو سببته أو جلدته فاجعلها له كفارة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة) . وروى مسلم سبع روايات من هذا النوع. وأحمد:2/390 و488 و496 و:3/384 و:5/437 و439 و:6/45 والدارمي:2/314 والبيهقي:7/60.. الخ. وكلها تصور النبي (صلى الله عليه وآله) جالساً على كرسي الإعتراف بأنه سَبَّابٌ لَعَّانٌ فَحَّاش مؤذٍ للناس ، يُهينهم ، ويضربهم بالسوط ! وأنه تاب ودعا لمن ظلمهم من الفراعنة والأبالسة ، بهذا الخير الطويل العريض !!
وقد تحيَّر فقهاؤهم فيها لأن لعن النبي (صلى الله عليه وآله) من يلعنه لايكون إلا بأمر الله تعالى فهو طاعة ولا يحتاج الى توبة ، كما لا يجوز الدعاء للملعون بالخير والبركة والرحمة ! وقد نصت روايات اللعن على أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: والله ما أنا قلته ولكن الله قاله ! (أحمد:4/48 و57 و420 و424 ومجمع الزوائد:10/46 ، وكنز العمال:12/68 ، والحاكم:4/82 ).
ثم ، لو كان اللعن بغضب بشري كما زعموا ، فهو معصية كبيرة تخرج صاحبها عن العدالة وتجعله ملعوناً ! لأن لعن المؤمن كقتله واللعنة إذا خرجت من في صاحبها نظرت فإن وجدت مسلكاً في الذي وجهت إليه، وإلا عادت الى الذي خرجت منه.(كنز العمال:3/614و616 ، وغيره). ولكنهم (مضطرون) الى نسبة هذا الذنب الى النبي (صلى الله عليه وآله) لتبرئة من يحبونهم من الملعونين !
ب- وضعوا أحاديث أكثر جرأة على مقام النبي (صلى الله عليه وآله) تزعم أن الله بعث إليه جبرئيل فوبخه وقال له: إن الله يقول لك إني لم أبعثك سبَّاباً ! والقرشيون قومك وأهلك فلماذا تسبهم وتلعنهم؟! وعلمه (سورتي)الخلع والحفد العُمَريتين ، فهما بزعمهم نسخة إلهية بدل قنوت اللعن !
قال البيهقي في سننه:2/210: ( عن خالد بن أبي عمران قال: بينا رسول الله (ص) يدعو على مضر(قريش)إذ جاءه جبرئيل فأومأ اليه أن اسكت فسكت ، فقال: يا محمد إن الله لم يبعثك سَبَّاباً ولا لَعَّاناً ! وإنما بعثك رحمة ولم يبعثك عذاباً ، ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون . ثم علمه هذا القنوت: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونخضع لك ونخلع ونترك من يكفرك . اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد ونرجو رحمتك ونخشى عذابك ونخاف عذابك الجد ، إن عذابك بالكافرين ملحق.
ثم قال البيهقي: هذا مرسل وقد روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه صحيحاً موصولاً) ! وقد رووا سورتي قريش عن عمر بعشرات الروايات !
ج- وضعوا أحاديث في سبب نزول قوله تعالى: لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمر شَئٌْ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ، (آل عمران:128) تجعلها توبيخاً للنبي (صلى الله عليه وآله) لأنه لعن زعماء قريش ! فترى أحاديثها في مصادرهم من كل حدب وصوب ، ترفض أفكار النبي (صلى الله عليه وآله) وآلامه من طغاة قريش ، وتخطِّؤه في دعائه عليهم ولعنه إياهم ! قال الترمذي:4/295: عن عمر قال: (قال رسول الله (ص) يوم أحد: اللهم العن أبا سفيان ، اللهم العن الحارث بن هشام ، اللهم العن صفوان بن أمية، قال فنزلت: ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم ، فتاب عليهم فأسلموا وحسن إسلامهم !... كان يدعو على أربعة نفر فأنزل الله تبارك وتعالى: ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ، فهداهم الله للإسلام !
أما بخاري فعقد في صحيحه أربعة أبواب ! روى فيها أن الله رد دعاء ولعن نبيه على المشركين والمنافقين ، ولم يسم بخاري الملعونين في أكثرها حفظاً على(كرامتهم) ! قال في:5/35: ( باب ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون . قال حميد وثابت عن أنس: شُجَّ النبي (ص) يوم أحد فقال كيف يفلح قوم شجوا نبيهم ؟ فنزلت: ليس لك من الأمر شئ.... عن سالم عن أبيه أنه سمع رسول الله (ص) إذا رفع رأسه من الركوع من الركعة الأخيرة من الفجر يقول: اللهم العن فلاناً وفلاناً وفلاناً بعد ما يقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ، فأنزل الله عزوجل: ليس لك من الأمر شئ ، الى قوله فإنهم ظالمون).
وقال بخاري/171: ( باب ليس لك من الأمر شئ... بنحوه.. رواه اسحق بن راشد عن الزهري) . ثم أورد بخاري رواية أخرى تجعل فلاناً وفلاناً الملعونين أحياء من قبائل العرب وليسوا قادة من قريش ! قال: عن أبي هريرة أن رسول الله (ص) كان إذا أراد أن يدعو على أحد أو يدعو لأحد قنت بعد الركوع....اللهم أشدد وطأتك على مضر واجعلها سنين كسني يوسف ، يجهر بذلك. وكان يقول في بعض صلاته في صلاة الفجر: اللهم العن فلاناً وفلاناً لأحياء من العرب حتى أنزل الله: ليس لك من الأمر شئ...الآية ) . وقال بخاري في:8/155: ( باب قول الله تعالى ليس لك من الأمر شئ... عن ابن عمر أنه سمع النبي (ص) يقول في صلاة الفجر رفع رأسه من الركوع قال اللهم ربنا ولك الحمد في الأخيرة ، ثم قال: اللهم العن فلاناً وفلاناً، فأنزل الله عز وجل ليس لك من الأمر...). انتهى.
والمرة الوحيدة التي سمى فيها بخاري بعض الملعونين رواية عن ابن أبي سفيان:5/35 ! وطبيعي أن يحذف الإبن اسم أبيه !
وأورد في:7/164، روايات يوهم تسلسلها أن الآية نزلت رداً على دعاء النبي على أبي جهل ، مع أن أبا جهل قتل في بدر والآية نزلت على أقل تقدير بعد بدر بسنة ! قال بخاري: ( باب الدعاء على المشركين . وقال ابن مسعود قال النبي(ص): اللهم أعِنِّي عليهم بسبع كسبع يوسف ، وقال اللهم عليك بأبي جهل . وقال ابن عمر دعا النبي(ص) في الصلاة: اللهم العن فلاناً وفلاناً حتى أنزل الله عزوجل: ليس لك من الأمر شئ.... اللهم اشدد وطأتك على مضر ، اللهم اجعلها سنين كسنيِّ يوسف). انتهى.
وحسب هذا الحشد من رواياتهم لمصلحة الملعونين تكون الآية نزلت مرات عديدة من أجل عدة أشخاص وفئات وفي أوقات متفاوتة ! أما إذا أضفنا الى أسباب نزولها ما رواه غير بخاري ، فقد تبلغ عشرين مناسبة متناقضة في الزمان والمكان والأشخاص الملعونين ! راجع النسائي:2/203 وأحمد:2/93 و104 و118 و147 و255 ، و الدارمي:1/374، والبيهقي:2/197، وكنز العمال:2/379 ، والدر المنثور:2/70 ، ومسلم:2/134، وفيه: أن أبا هريرة قال: والله لأقربن بكم صلاة رسول الله (ص) فكان أبو هريرة يقنت في الظهر والعشاء الآخرة وصلاة الصبح ، ويدعو للمؤمنين ، ويلعن الكفار).انتهى.
د- أفتوا بأن المنافقين من أهل الجنة ! فعندما تقرأ القرآن تجد فراعنة قريش والمنافقين وجوداً بارزاً خطيراً ضد النبي (صلى الله عليه وآله) ودعوته ودولته وأمته لكن عندما تقرأ مصادر السنيين تجد صورتهم تخف وتصغر وتتلاشى ! فيختفي سبب نزول الآيات والأشخاص الذين حذر الله الأمة منهم واعتبرهم مجرمين على مستوى الأمم والشعوب !
فأين غاب أبطال الكفر والنفاق ، الذين لم يسعهم حلم الله العظيم فكان النبي (صلى الله عليه وآله) يدعو عليهم في صلاته طوال نبوته ، وكشف بعضهم في مسجده وطردهم ، وقال لآخرين منهم في أنفسهم قولاً بليغاً ؟!
لقد وجدت الخلافة القرشية لهم حلاً وجعلتهم جميعاً من أهل الجنة ! روى أحمد:3/135 ، أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال في مالك بن الدخشم الذي كان رأس المنافقين بعد ابن أبي سلول: (أليس يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ؟ فقال قائل بلى وما هو من قلبه ، فقال رسول الله(ص): من شهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، فلن تطعمه النار أو قال لن يدخل النار) ونحوه في:5/449 ! ثم تسامحوا معهم فروى أحمد:4/44، حديثاً يكتفي بشهادة التوحيد بدون النبوة ! وتبعه بخاري فحكم للمنافق بأنه من أهل الجنة ولو كفر بنبوة النبي (صلى الله عليه وآله) وروى:2/56،و:6/206، أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال في ابن الدخشم وغيره: ( فإن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله) !انتهى. لكن الذي لايؤمن بالشخين عندهم كافر في النار!
أما مسلم فروى:1/122، قصة أسطورية لكيفية نجاة المنافقين يوم القيامة ودخولهم الجنة يوم (يتجسد) الله سبحانه وتعالى و(يضحك) للمؤمنين والمنافقين ويمشي أمامهم ! جاء فيها: (فيجعلون بفناء الجنة ويجعل أهل الجنة يرشون عليهم الماء حتى ينبتوا نبات الشئ في السيل ويذهب حراقه ثم يسأل حتى تجعل له الدنيا وعشرة أمثالها معها). انتهى.
وكل هذا الكرم والجنة والنعيم لمنافقي المدينة ليس من أجلهم بل من أجل مشركي قريش ومنافقيها ! فقد روى الذهبي قاعدة عمر في نجاة القرشيين جميعاً يوم القيامة! قال: (سمعت رسول الله (ص) يقول: سابقنا سابق ومقتصدنا ناج وظالمنا مغفور له) (ميزان الإعتدال:3/355) والنبي (صلى الله عليه وآله) يقصد آل محمد (صلى الله عليه وآله) وعمر يقصد قريشاً . راجع الموضوع في: الدر المنثور:5/251 ، ومجمع الزوائد:1/108، والترمذي:5/298، والحاكم:3/129).
هـ - أعطوا مناصب هامة في الدولة الإسلامية للمنافقين ! وقد فتح هذا الباب عمر مع أنه روى عن النبي (صلى الله عليه وآله) : (من استعمل فاجراً وهو يعلم أنه فاجر فهو مثله). (كنز العمال:5/761). لكنه برر عمله بقوله: (نستعين بقوة المنافق ، وإثمه عليه). (كنز العمال:4/614، و:5/771) وبذلك كثر المنافقون وتجاهروا بنفاقهم حتى روى بخاري:8/100، أن حذيفة بن اليمان صاحب سر النبي (صلى الله عليه وآله) صاح محذراً من خطرهم فقال: (إن المنافقين اليوم شر منهم على عهد النبي(ص) ، كانوا يومئذ يسرون واليوم يجهرون) ! انتهى.
و- قررت الخلافة حذف القنوت من الصلاة ، لأن فيه لعن قريش ! وإن كان ولا بد فالقنوت بسورتي الحفد والخلع، وحصره في صلاة الفجر وبالخليفة ! وتشعر وأنت تقرأ أحاديثهم في قنوت النبي (صلى الله عليه وآله) أنهم لا يحبونه ! حتى أفتوا بأنه كان خطأً من النبي (صلى الله عليه وآله) لمدة شهر ، فنهاه الله عنه فهو الآن حرام وبدعة ! قال النسائي:2/203: (عن أنس أن رسول الله قنت شهراً ، قال شعبة: لعن رجالاً ، وقال هشام: يدعو على أحياء من أحياء العرب ثم تركه . بعد الركوع هذا قول هشام . وقال شعبة عن قتادة عن أنس: أن النبي(ص) قنت شهراً يلعن رعلاً وذكوان ولحيان... باب لعن المنافقين في القنوت... عن سالم عن أبيه أنه سمع النبي حين رفع رأسه من صلاة الصبح من الركعة الآخرة قال: اللهم العن فلاناً وفلاناً يدعو على أناس من المنافقين فأنزل الله عز وجل ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون..ترك القنوت... عن أبي مالك الأشجعي عن أبيه قال: صليت خلف رسول الله فلم يقنت ! وصليت خلف أبي بكر فلم يقنت، وصليت خلف عمر فلم يقنت ، وصليت خلف عثمان فلم يقنت ، وصليت خلف علي فلم يقنت ، ثم قال: يا بني إنها بدعة) !
ورغم حملتهم على قنوت النبي (صلى الله عليه وآله) فقد وصلت بعض رواياته وشهدت بأنه (صلى الله عليه وآله) كان الى آخر عمره يدعو في صلاته على الكفار والمنافقين ! وأن بقايا هذه السنة كانت موجودة الى عهد بني أمية !
روى بخاري:1/193: (عن أبي هريرة قال: لأقربن صلاة النبي(ص) فكان أبوهريرة يقنت في الركعة الأخرى من صلاة الظهر وصلاة العشاء وصلاة الصبح بعدما يقول سمع الله لمن حمده فيدعو للمؤمنين ويلعن الكفار) ومسلم:2/135 ، والنسائي:2/202 ، وأبو داود:1/324 ، وأحمد:2/255 و337 و470 ، والبيهقي:2/198 و206 ، والدر المنثور:1/307 ، وقال أخرجه الدارقطني .
وروى أحمد:1/211: (قال رسول الله(ص): الصلاة مثنى مثنى، تَشَهُّدٌ في كل ركعتين ، وتضرعٌ وتخشعٌ وتمسكنٌ ، ثم تُقَنِّع يديك ، يقول ترفعهما الى ربك مستقبلاً ببطونهما وجهك ، تقول يا رب يا رب ، فمن لم يقل ذلك فقال فيه قولاً شديداً). ورواه في:4/167، وفيه: فمن لم يفعل ذلك فهي خداج أي ناقصة. والترمذي:1/238 . وفي سنن البيهقي:2/198: ( عن البراء بن عازب أن النبي (ص) كان لا يصلي صلاة مكتوبة إلا قنت فيها)! ووثقه مجمع الزوائد:2/138 ، ووثق معه عن عائشة قالت قال رسول الله(ص): إنما أقنت لتدعوا ربكم وتسألوه حوائجكم... وعن أنس أن رسول الله (ص) قنت حتى مات وأبو بكر حتى مات ، وعمر حتى مات). وفي الموطأ:1/115: (ما أدركت الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان.) .
ز- وإذا قنتوا فالمفضل عندهم أن يقرؤوا سورتي الحفد والخلع عملاً بسنة عمر ! قال النووي في المجموع:3/498:( ولو قنت بالمنقول عن عمر كان حسناً وهو الدعاء الذي ذكره المصنف رواه البيهقي وغيره ، قال البيهقي: هو صحيح عن عمر ، واختلف الرواة في لفظه والرواية التي أشار البيهقي الى اختيارها رواية عطاء عن عبيدالله بن عمر قنت بعد الركوع فقال: اللهم اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وألف بين قلوبهم وأصلح ذات بينهم وانصرهم على عدوك وعدوهم . اللهم العن كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك ويكذبون رسلك ويقاتلون أولياءك . اللهم خالف بين كلمتهم وزلزل أقدامهم وأنزل بهم بأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين . بسم الله الرحمن الرحيم . اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولانكفرك ونخلع ونترك من يفجرك . بسم الله الرحمن الرحيم . اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد ونخشى عذابك ونرجوا رحمتك إن عذابك الجد بالكفار ملحق . هذا لفظ رواية البيهقي).انتهى. لاحظ أن عمر حصر الدعاء بالكفار ولم يذكر المنافقين . وروى الشافعي في كتاب الأم:7/148، حديث: يا محمد إن الله لم يبعثك سباباً ولا لعاناً ، وسورتي الخلع والحفد ، وأفتى باستحباب القنوت بهما ! وكذا مالك في المدونة الكبرى:1/103 .
ثم استبدل فقهاؤهم قنوت عمر بقنوت الإمام الحسن (عليه السلام) الذي روته عنه عائشة ! وقد أحبوه لأنه ليس فيه ركاكة السورتين المزعومتين، وليس فيه لعن المنافقين! قال النووي في المجموع:3/493: (والسنة أن يقول: اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت ، إنك تقضي ولا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، تباركت وتعاليت . لما روى الحسن بن علي رضي الله عنه قال: علمني رسول الله (صلى الله عليه وآله) هؤلاء الكلمات في الوتر).
أما مذهب أهل البيت فقد أثبت سنة القنوت النبوية في كل صلاة . قال المحقق الحلي في المعتبر:2/238: ( اتفق الأصحاب على استحباب القنوت في كل صلاة فرضاً كانت أو نفلاً مرةً ، وهو مذهب علمائنا كافة ، وقال الشافعي: يستحب في الصبح خاصة بعد الركوع ، ولو نسيه سجد للسهو لأنه سنة كالتشهد الأول ، وفي سائر الصلاة إن نزلت نازلة قولاً واحداً، وإن لم تنزل فعلى قولين . وبقوله قال أكثر الصحابة ، ومن الفقهاء مالك قال: وفي الوتر في النصف الأخير من رمضان لا غير .
وقال أبوحنيفة: ليس القنوت بمسنون بل هو مكروه إلا في الوتر خاصة فإنه مسنون . وقال أحمد: إن قنت في الصبح فلا بأس ، وقال: يقنت أمراء الجيوش . لنا: أن القنوت دعاء فيكون مأموراً به لقوله تعالى: أدعوني أستجب لكم ، وقوله: وقوموا لله قانتين ، ولأن الدعاء أفضل العبادات فلا يكون منافياً للصلاة ، وما رواه أحمد بن حنبل عن الفضل بن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : الصلاة مثنى مثنى الى آخر ما تقدم...ومن طريق أهل البيت (عليهم السلام) روايات، منها رواية زرارة عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: القنوت في كل صلاة في الركعة الثانية قبل الركوع . وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) أيضاً قال: القنوت في كل ركعتين في التطوع والفريضة . وروى صفوان الجمال قال: صليت مع أبي عبدالله أياماً فكان يقنت في كل صلاة يجهر فيها ولا يجهر فيها). انتهى.
ح- أضافوا سورتي الخلع والحفد الى القرآن ! فقد حذف بعضهم المعوذتين من مصحفه وأضاف بعضهم سورتي الحفد والخلع المزعومتين والظاهر أن عمر وضعهما في المصحف الذي كان ينوي نشره ولم يمهله الأجل، ولم تعطه حفصة لعثمان حتى صادره من بيتها بعد دفنها وأحرقه ، لئلا يقال إنه يختلف عن مصحف عثمان ! ولا يتسع المجال لذكر كل رواياتهم: فمنها ما في الدر المنثور:6/420:(ذكر ما ورد في سورة الخلع وسورة الحفد: أخرج ابن الضريس عن عبدالله بن عبد الرحمن عن أبيه قال: صليت خلف عمر بن الخطاب فلما فرغ من السورة الثانية قال: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير كله ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك . اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكفار ملحق . وفي مصحف ابن عباس قراءه أبيٍّ وأبي موسى...قال أنس والله إن أنزلتا إلا من السماء ! وأخرج محمد بن نصر عن عبدالرحمن بن أبزى قال: قنت عمر بالسورتين...جاءه جبرئيل فأومأ إليه أن أسكت فسكت فقال: يا محمد إن الله لم يبعثك سباباً ولا لعاناً....ثم علمه هذا القنوت...وزعم عبيد أنه بلغه انهما سورتان من القرآن من مصحف ابن مسعود . وأخرج محمد بن نصر عن ابن إسحق قال قرأت في مصحف أبي بن كعب بالكتاب الأول العتيق...وذكر السورتين المزعومتين... وزعم أبو عبد الرحمن أن ابن مسعود كان يقرؤهم إياها ويزعم أن رسول الله (ص)كان يقرئهم إياها !... قرأ في بعض مصاحف أبي بن كعب هاتين السورتين...وأخرج محمد بن نصر عن الحسن(البصري) قال: نبدأ في القنوت بالسورتين ثم ندعو على الكفار ، ثم ندعو للمؤمنين والمؤمنات). وروى في كنز العمال:8/74 و75 و78 وغيرها كثيراً من روايات (سورتي) الخلع والحفد !
وفي تاريخ المدينة:3/1009، أن أبيَّ بن كعب (كتبهن في مصحفه خمسهن: أم الكتاب والمعوذتين والسورتين ، وتركهن ابن مسعود كلهن، وكتب ابن عفان فاتحة الكتاب والمعوذتين ، وترك السورتين).
وقال السيوطي في الإتقان:1/227: ( وأخرج الطبراني بسند صحيح عن أبي إسحاق قال: أمنا أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بخراسان فقرأ بهاتين السورتين: إنا نستعينك ، ونستغفرك)!انتهى.ومعناه قرأهما على أنهما قرآن! ورواه مجمع الزوائد:7/157 ، وصححه. (أمية بن عبدالله فإن عبد الملك استعمله على خراسان).(أسد الغابة:1/116. وترجم له بخاري في تاريخه الكبير:2/7 ، والرازي في الجرح والتعديل:2/301 ، وتهذيب الكمال:3/334 ، وغيرهم . وهو من ندماء عبد الملك ولاه خراسان . فتكون قراءته السورتين المفتريتين في الصلاة بعد أكثر من نصف قرن من وفاة عمر ! ومعناه أن السلطة الأموية كتبتهما في المصحف بدل المعوذتين ! لكن قوة القرآن الذاتية نفتهما عنه كما تنفي النار خّبَثَ الذهب ، وكفى الله المسلمين شرهما وشر من اخترعهما !
ط - حذفوا سورتي المعوذتين من القرآن ! وذنبهما ارتباطهما بالحسن والحسين‘! فقد روى أحمد:5/130،(عن زر قال قلت لأبيٍّ: إن أخاك يحكُّهما من المصحف، فلم ينكر! قيل لسفيان: ابن مسعود؟قال نعم وليسا في مصحف ابن مسعود !كان يرى رسول الله يعوذ بهما الحسن والحسين ولم يسمعه يقرؤهما في شئ من صلاته فظن أنهما عُوذتان وأصرَّ على ظنه ، وتحقق الباقون كونهما من القرآن فأودعوهما إياه) !
وروى بخاري:4/119، تعويذ النبي للحسنين‘بدعاء غير المعوذتين، قال: (كان النبي يعوذ الحسن والحسين ويقول إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامَّة). ونحوه ابن ماجة:2/1165، وأبو داود:2/421 ، والترمذي:3/267 ، والحاكم:3/167 و:4/416 ، وأحمد:1/236 و270...الخ. ومجمع الزوائد:5/113، بعدة روايات ، وإحداها عن عبدالله بن مسعود فيها تفصيل جميل قال: كنا جلوساً مع رسول الله إذ مرَّ به الحسين والحسن وهما صبيان فقال: هاتوا ابْنَيَّ أعوِّذهما مما عوَّذ به إبراهيم ابنيه إسماعيل وإسحاق ، قال: أعيذكما بكلمات الله التامَّة من كل عين لامَّة ومن كل شيطان وهامَّة . وكنز العمال:2/261 و:10/108 ، عن عمر: أن النبي كان يعوذ حسناً وحسيناً يقول: أعيذكما بكلمات الله التامة... وروى بخاري ذلك بعدة روايات عن عائشة بتفاوت في الدعاء، لكنها لم تسمِّ فيهما الحسنين ! ونحوه أحمد:6/44 و45 .إلخ. ونحوه ابن ماجة:2/1161، ولم يذكر الحسن والحسين ، والترمذي:3/267، أن النبي كان يتعوذ من الجان وعين الإنسان ، حتى نزلت المعوذتان ، فلما نزلت أخذ بهما وترك ما سواهما).انتهى. وبهذا تعرف أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يهتم اهتماماً خاصاً بولديه الحسن والحسين‘ويعوِّذهما بكلمات الله تعالى لدفع الحسد والشر عنهما ، وكان يفعل ذلك أمام الناس عمداً لتركيز مكانتهما في الأمة وبيان أنهما ذريته وامتداده كإسحاق واسماعيل لابراهيم (عليهم السلام) ! ولهذا ارتبطت السورتان في ذهن الناس بالحسنين‘وسرى اليهما الحب منهما أو الحسد والبغض ! ويشك الإنسان في صحة ما رووه من أن أبيَّ بن كعب وعبدالله بن مسعود حذفا المعوذتين من قرآنيهما !كالذي رواه أحمد:5/130: (كان عبدالله يحكُّ المعوذتين من مصحفه ويقول إنهما ليستا من كتاب الله تبارك وتعالى)! ومجمع الزوائد:7/149، وابن شبة:3/1011 . فالذين حملوا لهما العداء هم جماعة الحكومة أصحاب سورتي الحفد والخلع، فلايبعد أن يكونوا نسبوا ذلك الى ابن مسعود وأبي بن كعب ليقبله منهم الناس! قال ابن حجر في لسان الميزان:3/81: (واختلف على أبي بن كعب في إثبات المعوذتين). وفي كنز العمال:1/601، عن ابن مسعود في فضل المعوذتين، قال: (استكثروا من السورتين يبلغكم الله بهما في الآخرة المعوذتين، ينوِّران القبر ويطردان الشيطان ويزيدان في الحسنات).انتهى.
لذلك كذب الفخر الرازي والباقلاني وابن حزم وغيرهم نسبة ذلك اليه .