فيما يختص بعلي الولي و فاطمة الزهراء و عترتهم

في علي بن أبي طالب و فاطمة الزهراء

الحمد للَّه الذي فتق مرتق قلوب أنبيائه، وهدانا إليه برسله وأوليائه، ومنّ علينا بولاء أهل البيت الطاهر، كما منّ علينا بالنبي النجم الزاهر، الذين علمهم من لدنه علماً، وأورثهم منه فهماً، فتعرضوا لنفحات قدسه، وترشحوا لواردات أنسه، فصار لهم في الخلوة أنيساً، وفي الجلوة جليساً، فأضحوا موضع نظره في سمائه وأرضه، وأهل عنايته حال بسطه وقبضه، فآثروا فيه شهى اللذات، وانقطعوا إليه في كل الأوقات، فأجسادهم أرضية، وقلوبهم سماوية، وأشباحهم فرشية، وأرواحهم عرشية، وهياكلهم في فسيح مفاوز المجاهدات سيارة، وأسرارهم في فضاء الرفيق الأعلى طيارة، لا تخلو الأرض من عدد منهم، وهم بالحق قائمون، وإلى سبيله داعون، ولعباده في أقطار بلاده هادون 'أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون'.
___________________________________
سورة البقرة: 157.

وبعد: فمما كان أجازني كمال الدين المقدم ذكره ما رواه مرفوعاً إليه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: 'لو أن الرياض أقلام، والبحر مداد، والجن حسّاب، والأنس كتّاب، لما أحصوا فضائل علي بن أبي طالب'.
___________________________________
لسان الميزان: 62 / 5، مناقب الخوارزمي: 1 / 32، ينابيع المودة: 364 / 1 ح 5، ميزان الاعتدال: 466 / 3.

وممّا أجازني قوله عليه السلام: 'حبنا أهل البيت يكفّر الذنوب، ويضاعف الحسنات، وأن اللَّه تعالى ليتحمل عن محبينا أهل البيت ما عليهم من مظالم العباد، إلّا ما كان فيه إصرار أو ظلم للمؤمنين'.
___________________________________
مسند الإمام الرضا: 239 / 1 ح 442، أمالي الطوسي: 274 / 164، تأويل الآيات: 384 / 1، بحار الأنوار: 100 / 65 ح 5.

فكيف والإمام علي بن أبي طالب عليه السلام أول ولي في الأرض وإمام، وباب مدينة العلم باتفاق الأنام، وقاصم أعدائه في المجامع والمواقف، ومحقق نسبه ونيابته الموافق والمخالف، مما علم دليله واتضح سبيله. وكان لرسول اللَّه صلى الله عليه وآله ناصراً، ولشريعته مجيباً، ولدعوته ملبياً، وحبيبه، ونجيه، وداعيه، ومجيبه، وخصيصه، وصفيه، ووفيه، ومختاره للأخاء يوم مؤاخاته بين الأنداد، والأمثال، والأضراب، والأشكال؛ فلذلك اختاره لنفسه العلية، لما كان غصناً من شجرته الطاهرة الزكية؛ ولهذا حكم بأنه مولاه، لما لم يجد سوياً سواه، وعدم عديلاً له ممن عداه، اختاره كفؤاً لابنته لما لم يجد لها كفؤاً سواه، وخصه بذلك واصطفاه، وكفى بهذا شرفاً لا يدرك منتهاه. وقال المجيز:

أسد الإله وسيفه وقناته++

كالظفر يوم حياله والناب
___________________________________
مناقب الخوارزمي: 38 / ح 5، نظم درر السمطين: 121.

جاء فيه يوم بدر عن جبرئيل:

لا سيف إلّا ذو الفقار++

ولا فتى إلّا علي
___________________________________
تاريخ الطبري: 197 / 2، تاريخ دمشق: 71 / 42، شرح نهج البلاغة: 219 / 7، البداية والنهاية: 6 / 6، مناقب الخوارزمي: 167 / ح 200.