في مقتله

وقال فيه النبي صلى الله عليه وآله: 'حسين مني وأنا منه - وقيل: أنا من حسين - أحب اللَّه من أحب حسيناً، حسين سبط من الأسباط'.
___________________________________
صحيح الترمذي: 658 / 5 ح 3775، سنن ابن ماجة: 51 / 1 ح 144، الأدب المفرد: 455 / 1 ح 364، التاريخ الكبير: 414 / 8، مسند أحمد: 172 / 4، المستدرك: 177 / 3، المعجم الكبير: 20 / 3 ح 2586.

ولما اجتمعوا لقتله عليه السلام ركب ووضع المصحف في حجره فلم يزدهم ذلك إلّا تهجماً وإقداماً.

قال له الشمر: أبشر بالنار تردها الساعة.

فقال: 'بل أبشر برب رحيم كريم وشفيع مطاع، فمن أنت؟'

فقال: شمر بن ذي الجوشن.

فقال: 'اللَّه أكبر قال جدي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: إني رأيت كلباً أبقع يلغ في دماء أهل بيتي'.
___________________________________
تاريخ دمشق: 190 / 22، الوافي بالوفيات: 180 / 16، البداية والنهاية: 205 / 8.

وروى الخطيب في تاريخه يرفعه إلى ابن عباس: رأيت فيما يرى النائم النبي صلى الله عليه وآله نصف النهار وبيده قارورة فقلت: ما هذه؟

فقال: دم الحسين وأصحابه.

فحسبنا ذلك فإذا هو اليوم |الذي| قتل فيه.
___________________________________
تاريخ بغداد: 142 / 1، ترجمة الإمام الحسين من تاريخ دمشق: 386 / ح 326، المعجم الكبير:

110 / 3 / ح 2822.

وقال النبي عليه السلام: أتاني جبرئيل بالتربة التي يقتل عليها، وأخبرني أن أمتي يقتلونه.

ثم بكى وقبّله.

وقيل: أراه تراباً من الطف. والتحم القتال بينهم، وكان أول قتيل من آل طالب علي الأكبر بن الحسين بن علي،
___________________________________
ترجمة الإمام الحسين من الطبقات الكبرى: 73، البداية والنهاية: 200 / 8.
وكان معهم الحسين بن الحسن بن علي - في سائر الروايات في سنة إحدى وستين من الهجرة - وحمل من المعركة جريحاً، وأرادوا قتله فمنعهم أسماء بن جارحة وقال: دعوه لخاله أسماء.

وقاتل زهير وقال:

أقدم هديت هادياً مهدياً++

فاليوم تلقى جدك النبيا

وحسناً والمرتضى علياً++

واشتد عطشهم فجاء الحسين ليشرب فرماه حصين بن تميم بسهم فوقع في فيه، فالتقى الدم ورفعه إلى السماء وقال: 'اللهم أحصهم عدداً واقتلهم بدداً ولاتذر |على| الأرض منهم أحداً'.

وقال: 'إن لم ترحموني فارحموا هذا الطفل للَّه'. فلم يزدهم ذلك إلّا طغياناً.

ولست أبالي حين أقتل مسلماً++

على أي جنب كان للَّه مصرعي
___________________________________
البيت لخبيب أو حبيب بن عدي الأنصاري، أنظر: مسند أحمد: 294 / 2، صحيح البخاري: 30 / 4، السنن الكبرى: 262 / 5.

ولما رأوا أصحابه أنهم لا يقدرون على الامتناع ولا الهرب تنافسوا في أن يقتلوا دونه، فقاتلوا حتى قتل أكثرهم، وينكشفون أمامه كانكشاف المعزى إذا شدّ فيها الذئب. وناداهم الشمر: ويلكم كم تحيدون عنه أقتلوه ثكلتكم أمكم.

فحملوا عليه من كل جانب حتى ألقوه واحتزّ الشمر كريمه، فوجد فيه ثلاثاً وثلاثين طعنة وأربع وعشرين ضربة، والصحيح أنها سبعون جراحة.

إن الذي يحاسب بدمه لخفيف الميزان عند اللَّه تعالى يوم القيامة.
___________________________________
وهو حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وآله حيث قال: 'واللَّه إن الذي يحاسب بدم الحسين يوم القيامة لخفيف الميزان عند اللَّه'. أنظر: الأخبار الطوال: 228.

وسلب ونهب حتى الذي في قدمه، ولم يكفهم ذلك حتى درسوه بخيولهم، ولم يعلم ظهره من صدره.

فلأبكين على الحسين++

بعبرة وعلى الحسن
___________________________________
المجدي في أنساب الطالبيين: 292، ونسبه إلى عيسى بن عبد اللَّه.

وقتل معه اثنين وسبعين رجلاً، ودفنوه أهل الغاضرية من بني أسد، ودفنوا جثث أصحابه بعده بيوم.

وسبوا أخواته وبناته وأولادهم، وكان علي بن الحسين الأصغر مريضاً، فلما وصلوا مصرعه اشتدّ عويلهم، واحتزوا رؤوس أصحابه ورفعوها معهم على الأسنّة، فلما أحضروا كريمه عند يزيد وكان عنده ولده فنكث ثناياه بالقضيب، وقيل: هو الذي نكثها.

فقال له أبو بردة الأسلمي: طالما رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقبّلها، وسيأتي يوم القيامة وشفيعه جدّه، وتأتي وشفيعك زياد والشمر. فأمر بحبسه.

وقالت زينب الصغرى:

ماذا تقولون إن قال النبي لكم++

ماذا صنعتم وأنتم آخر الأمم

بأهل بيتي وأنصاري وذي رحمي++

منهم أسارى ومنهم ضرجوا بدم

ما كان هذا جزاي إذ نصحت لكم++

أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي
___________________________________
عيون الأخبار: 312 / 1، تاريخ دمشق: 178 / 69، المعجم الكبير: 2853 / 126 / 3 و 133 ح 2875، الكامل في التاريخ: 89 / 4.

والعجب أن يزيد مات عن عشرين غلاماً وليس اليوم من عقبه أحد. وكل العجب أن الحسين عليه السلام لم يخلّف سوى زين العابدين ونشر اللَّه ذريته.
___________________________________
أنظر: ينابيع المودة: 158 / 3.

واتصلت هذه المصيبة بالبلاد فكثر فيها النوح والتعداد.

وبكى الحسن البصري حتى اختلج حنبه وقال: واذلاه لأمة قتل ابن دعيها ابن نبيها.
___________________________________
تذكرة الخواص: 267، جواهر العقدين: 334 / 2، ينابيع المودة: 48 / 3 /ح 64.

ورد كريمه إلى دمشق: ودفن في دار الإمارة، وقيل: في المقبرة.

ولطمن نساء معاوية وبناته لما رأين كريمه الشريف فأنشد يزيد:

يا صيحة تحمد من صوايح++

ما أهون الموت على النوايح

وقيل: كان الذي قتل الحسين عليه السلام سنان بن أنس النخعي، وأجهز عليه خولّي بن يزيد الأصبحي ليحزّ كريمه ففعل وأتاه به وقال:

أوقر ركابي فضة وذهباً++

إني قتلت الملك المحجبا

وأشرف العالم أماً وأباً++

فقال له يزيد: إذا كان هذا اعتقادك فلم قتلته؟ ثم أمر بقتله.

وكان عنده علي بن الحسين، وهو مريض وعمره ثلاث وعشرون سنة فقال له يزيد: 'ليقضي اللَّه أمراً كان مفعولاً'
___________________________________
سورة الأنفال: 44.
قد كنّا نرضى من طاعتكم بدون هذا وإن والدك ظلمني وقطع رحمي فقاتله اللَّه.

فقرأ علي عليه السلام قوله تعالى: 'ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم'
___________________________________
سورة الحديد: 22.
الآية.

فقرأ يزيد: 'وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم'.
___________________________________
سورة الشورى: 30.

___________________________________
راجع مفصلاً في: تاريخ الطبري: 295 - 286، الفتوح: 225 - 216 / 5، تاريخ دمشق: 255 - 115 / 14، البداية والنهاية: 210 - 200 / 8.

فأنشده علي عليه السلام:

وكل حصن وإن طالت سلامته++

على دعائمه لابد مهدوم
___________________________________
نسب البيت لأبي داود الأيادي وقيل: للهذلي، أنظر: معجم ما استعجم: 1183 / 4، لسان العرب: 338 / 1، والعجز هكذا: يوماً ستدركه النكراء والحوب.

الآيات الظاهرة بعد قتله

واحمرّت السماء والأرض لقتله عليه السلام، وقيل: دام الإحمرار خمسة عشر يوماً حتى ظنّ الناس أن العذاب قد أحاط بهم.
___________________________________
المعجم الكبير للطبراني: 113 / 3 ح 2840 - 2837، الدر المنثور: 31 / 6.

وقيل: إنه لم يرفع حجر بالشام إلّا ورُأي الدم تحته.
___________________________________
ترجمة الإمام الحسين من الطبقات الكبرى: 326 / 91، تاريخ دمشق: 226 / 14، مناقب الخوارزمي: 326 / ح 300، ذخائر العقبى: 145.

وناحت عليه الجن والإنس.
___________________________________
ترجمة الإمام الحسين من الطبقات الكبرى: 328 - 319 / 90، المعجم الكبير: 127 / 3 ح 2858 - 2856، الغارات: 572 / 2، تذكرة الخواص: 274 - 273.

وكان العبد الفقير المؤلف في أيام مجاورته بمكة يتردد إلى مولد النبي صلى الله عليه وآله ومولد علي وفاطمة عليهما السلام في كل يوم بعد الطواف وقبله، فشاهد يوم عاشوراء عند موالدهم ظلاماً، ووجد في نفسه قبضاً، فلم يشك أنه لقتل الحسين عليه السلام.

وقال عكرمة: سمع يوم قتله عليه السلام بالمدينة صوت لا يرى شخصه يقول:

أيها الجاهلون قتل الحسين++

أبشروا بالخلود والتنكيل

كل أهل السماء يدعو عليكم++

|من نبي ومرسل ومقيل|
___________________________________
في المخطوط: "ما لكم من سعيرة من مقيل" وما أثبتناه من المصادر.

قد لعنتم على لسان سليمان++

وموسى وصاحب الإنجيل
___________________________________
ترجمة الإمام الحسين من الطبقات الكبرى: 92، تاريخ دمشق: 240 / 14، تاريخ الطبري: 469 / 6، تذكرة الخواص: 242.

وقال سليمان بن قتة الخزاعي أبياتاً منها:

مررت على أبيات آل محمد++

فلم أر من أمثالها حيث حلّت

وكانوا رجاء ثم عادوا رزية++

لقد عظمت تلك البلايا وجلّت

وأن قتيل الطف من آل هاشم++

أذلّ رقاباً من قريش فذلت

ألم تر أن الأرض أضحت مريضة++

لفقد حسين والبلاد اقشعرت

وقد أعولت تبكي السماء لفقده++

وأنجمنا ناحت عليه وصلّت
___________________________________
المعجم الكبير: 121 / 3 ح 2862، الفتوح: 250 / 5، الكامل في التاريخ: 90 / 4 و 93، مقتل الحسين للخوارزمي: 95 / 2، تذكرة الخواص: 242، بغية الطالب: 365 / 6، سمط النجوم: 83 / 3.

وقتل عليه السلام عاشر المحرم يوم الجمعة، وقيل: السبت.
___________________________________
ترجمة الامام الحسين من الطبقات الكبرى: 75، ترجمة الإمام الحسين من تاريخ دمشق: 363 / 418، تاريخ بغداد: 152 / 1، صفة الصفوة: 763 / 1، مطالب السؤول: 80 / 2.
سنة إحدى، وقيل: اثنين وستين، وقيل: ثمان، وقيل: تسع وخمسون. والصحيح: سنة إحدى وستين.
___________________________________
ترجمة الإمام الحسين من تاريخ دمشق: 392 / 439، تاريخ بغداد: 153 / 1.

وكان عمره: خمساً، وقيل: ست وخمسون، وقيل: سبع، وقيل: ثمان وخمسون. والصحيح: أن عمره سبع وخمسون.
___________________________________
ترجمة الإمام الحسين من تاريخ دمشق: 393 / 440، التاريخ الكبير: 381 / 2 ترجمة 2846، تاريخ بغداد: 343 / 1، صفة الصفوة: 763 / 1.

نقش خاتمه: توكلت على الحي الذي لا يموت.
___________________________________
وقيل: كان له خاتمان، نقش أحدهما: لا إله إلّا اللَّه عدة للقاء اللَّه، ونقش الآخر: إن اللَّه بالغ أمره. أمالي الصدوق: 204 / 193.