ولما كانت الولادة النبوية والخلائق المحمدية هي منبع الفضائل، ومعدن ما زكى من الشمائل، جعلت افتتاح كتابي بسماته المعظمة، وصفاته المبجلة، إذ هو في هذه المناقب ركن يبنى عليه، وأصل ترجع الفروع إليه، وأن عترته الزكية وأسرته السرية شرفوا بالاعتراء إليه، ونما فخرهم بالإنتماء إلى فخره المعول عليه، وهي أكثر أن تحصى، وأعظم أن تستوفى وتستقصى؛ لأن ذكر جميعها يقصر عنه باع الإحصاء،
بل ذكر أكثرها يضيق عنه نطاق طاقة الاستقصاء، واسم التاريخ عند الأمة وقت مفروض بحاث مشهور ينسب إليه ما يأتي بعده من الأزمان، وقد اصطلحت الأئمة على تاريخ الملة الإسلامية من هجرته في ربيع الأول، فرُدّ التاريخ في أيام عمر رضى الله عنه وأرضاه إلى المحرم،
___________________________________
أنظر: تاريخ الطبري: 144 / 3، سبل الهدى والرشاد: 38 / 12. وفيه عبرة الوقوف على أحوال الأمم السالفة والقرون الخالية.
وقفت فيها أصيلاً لا أسائلها++
أعيت جواباً وما بالربع من أحد
___________________________________
الشاهد للنابغة، أنظر: الكنز اللغوي: 5، الصحاح: 1623 / 4.
فياليتنا نتدبر، ونتذكر، ونعتبر، ونتفكر، ونتحقق، أن المصير إليهم والقدوم عليهم.
يا أيها الراجع فيما مضى++
هل لك فيما قد بقي مطمع
فيا طوبى لمن حقق بسبب عمله بقوم هم غاية أمله، والأصل في ذلك ما أجازني سيدي وشيخي صدر الحفاظ، رئيس الفريقين، إمام الحرمين، قدوة العرب والعجم، فخر المعالي، ذو المناقب، وحيد عصره، وفريد دهره، كمال الدين حيدر بن محمد بن زيد الحسيني قدس اللَّه روحه بطاهر الموصل، سنة خمس وعشرين وستمائة، ما رواه مرفوعاً إلى الباقر، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي عليهم السلام قال: سمعت جدي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول: 'من أحب أن يحيا حياتي، ويموت ميتتي، ويدخل الجنة التي وعدني ربي، فليتول علي بن أبي طالب وذريته الطاهرين أئمة الهدى، ومصابيح الدجى من بعده، فإنهم لن يخرجوكم من باب الهدى إلى باب الضلالة أبداً'.
___________________________________
حلية الأولياء: 86 / 1، المستدرك: 128 / 3، المعجم الكبير: 194 / 5، مناقب الخوارزمي: 75 ح 55.
ومما أجازني قوله صلى الله عليه وآله: 'تنقطع الأسباب والأنساب والأصهار إلّا سببي، ونسبي، وصهري'.
___________________________________
السنن الكبرى: 64 / 7، المستدرك: 158 / 3، المعجم الكبير: 45 / 3 ح 2635، المعجم الأوسط: 357 / 6. والنسب على الحقيقة نسب الدين لا نسب الماء والطين؛ لقول الحق سبحانه وتعالى: 'إن ابني من أهلي قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح'
___________________________________
سورة هود: 46. وإن كانت الأنساب سبباً للتعارف، وحفظاً للتناسل والتراحم، قال اللَّه تعالى: 'وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند اللَّه أتقاكم'.
___________________________________
سورة الحجرات: 13. وقال عليه السلام: 'يجب معرفة الأنساب'.
___________________________________
لم نجد حديثاً بهذا النص في المصادر المتوفرة لدينا.
ويأمر بني هاشم وقريش والأنصار والعرب أن تحفظها، ويقدم ذوي النسب على غيرهم ويقول: 'رحم اللَّه النسابين فرب رحم مقطوعة قد شدوها وأرشدوها'.
___________________________________
ذكره ابن أبي الحديد لعمر رضى الله عنه هكذا: "تعلموا النسب فرب رحم مجهولة قد وصلت به"، أنظر شرح نهج البلاغة: 129 / 18. وقال في رواية: 'أعرفوا أنسابكم لتصلوا أرحامكم'.
___________________________________
مستدرك: 89 / 1 و 161 / 4، السنن الكبرى: 157 / 10. وقال عليه السلام: 'إن اللَّه تعالى اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى من كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم'.
___________________________________
مسند أحمد: 107 / 4، صحيح مسلم: 58 / 7، الترمذي: 243 / 5، السنن الكبرى: 365 / 6.
واستحسن المأمون كلام رجل فسأله عن نسبه فقال: من طيّ.
فقال: من أيها؟
فقال: من ولد عدي بن حاتم.
فقال: هيهات، أطلت إن أبا طريف لم يعقب.
وقال لجلسائه: تعلموا النسب فإنه |...|
___________________________________
كلمة غير مقروءة. بالشريف أن يجهل نسبه ولا يعرف أصله ومركبه.
وما زالت الخلفاء والملوك ورؤساء العرب يقدمون ذوي النسب، ويخصونهم بأعالي الرتب؛ لقوله عليه السلام: 'عليكم بحفظ البيوت'.
قال اللَّه تعالى: تنطر الي أعلاها، وقال علي عليه السلام: 'من عرف نسبه عرف قدره'.
___________________________________
شرح نهج البلاغة: 292 / 20 حكمة 339، وفيه: عرف ربه.
ومعظم العلماء يقولون: ما نعرف ما بعد أدد بن اليسع.
___________________________________
البداية والنهاية: 194 / 2.
فقال عليه السلام: 'كذب النسابون وإن قالوا ما نعلم ما فوق ذلك أنا ابن الذبيحين ولا فخر'.
___________________________________
العمدة لابن البطريق: 24.
لأن الفخر لهما برسول اللَّه صلى الله عليه وآله، وكذب ها هنا بمعنى: وجب، وتعين نسبهم لدي؛ لما وجب حقهم علي.
وقد أجمع العلماء: أنه عليه السلام ولد يوم الإثنين في ربيع الإول عام الفيل.
___________________________________
تاريخ الطبري: 571 / 1، البداية والنهاية: 320 / 2. وقيل: بعد دخول أصحاب الفيل بخمسين يوماً،
___________________________________
تاج المواليد: 5، البداية والنهاية: 244 / 2. وهو سابع عشر ذي ماه من شهور الفرس، ومن شهور الروم يوم العشرين من نيسان، وبينه وبين عام الفجار عشرون سنة. واختلفوا فيما مضى من ربيع الأول على خمسة أقوال:
أحدها: لليلتين خلتا منه.
___________________________________
الطبقات الكبرى: 101 / 1، تاريخ ابن الخشاب: 162، تاريخ اليعقوبي: 7 / 2، تاريخ ابن أبي الثلج: 4، صفة الصفوة: 52 / 1، البداية والنهاية: 242 / 2، الوفا بأحوال المصطفى: 90 / 1.
والثاني: لثمان منه.
___________________________________
جوامع السيرة النبوية لابن حزم: 7، البداية والنهاية: 242 / 2.
والثالث: لعشر منه.
___________________________________
الطبقات الكبرى: 100 / 1، صفة الصفوة: 52 / 1، الوفا بأحوال المصطفى: 90 / 1.
والرابع: لإثني عشر منه.
___________________________________
السيرة النبوية لابن هشام: 158 / 2، تاريخ الطبري: 248 / 2، البداية والنهاية: 242 / 2.
والخامس: وهو مذهب أهل البيت أنه ولد يوم الجمعة سابع عشرة،
___________________________________
مسار الشيعة: 29، تهذيب الأحكام للطوسي: 2 / 6، روضة الواعظين: 70، مناقب آل أبي طالب: 172 / 1، إعلام الورى: 42 / 1، مصباح المتهجد: 732. وهو الصحيح المختار.
وكان يقول:
أنا النبي لا كذب++
أنا ابن عبد المطلب
___________________________________
مسند أحمد: 280 / 4، صحيح البخاري: 28 / 4، صحيح مسلم: 168 / 5، السنن الكبرى: 43 / 7.
وكان قدوم أصحاب الفيل مكة يوم الأحد لثلاث عشرة ليلة خلت من المحرم، سنة ثمان مائة واثنين وثمانين، ولذي القرنين الإسكندر سنة أربعين من ملك كسرى، وفي سابع عشره المحرم لم يبق منهم بمكة أحد. وولد عمه العباس قبله بثلاثة سنين.
___________________________________
المستدرك: 321 / 3، الطبقات الكبرى: 6 / 4، تاريخ دمشق: 280 / 26، تاريخ الطبري: 353 / 3.