اجتمع به الرشيد في مكة، وجرى بينهم مسائل عدة منها:
قال الرشيد: ما فرضك؟
فقال: 'فرض واحد، وخمسة، وسبعة عشر، وأربع وثلاثون، وأربع وتسعون، ومائة |وثلاثة| وخمسون وسبعة، ومن اثني عشر واحد، وفي العمر واحدة، ومن مائتين خمس، ومن أربعين واحد'.
فقال له الرشيد: ما هذه الغرائب؟
فقال: 'الفرض الواحد من دين الإسلام، والخمس هي الصلوات الخمس، والسبع عشرة فالركعات، والأربع وثلاثون فالسجدات، والأربع وتسعون فالتكبيرات، والمائة |وثلاثة| وخمسون فالتسبيحات، وأما السبعة فلا تصح الصلاة إلّا على سبعة أعظاء وهي: القدمان، والركبتان، واليدان، والجبين مع الأنف، ومن اثني عشرة واحدة فهو صوم رمضان من الأشهر، ومن المائتي خمسة أي خمسة دراهم زكاة عند الحول مع الشرائط، ومن الأربعين واحد أي من أربعين شاة شاة، وأما التي في العمر واحدة فهي حجة الإسلام'.
فقال الرشيد: مثلك واللَّه من تغتنم معرفته، وتعزّ صحبته.
ثم أمر له ببدرتين فتصدق بهما لوقته، فسألوا عن اسمه فإذا هو موسى الكاظم عليه السلام.
فقال الرشيد: أبا الفضل إلّا أن يكون لأهله، فكيف ذرية علي الطاهر، ذو البذل الغامر، والفضل الظاهر.
وسأله الصحبة فامتنع، وقرأ: 'إن أول بيت وضع للناس' إلى قوله: 'غني عن العالمين'.
___________________________________
سورة آل عمران: 97 - 96.
___________________________________
مناقب آل أبي طالب: 428 / 3.
وروى الخطيب في تاريخه مسنداً:
أنه كان إذا صلى الصبح ذكر اللَّه تعالى في سره إلى طلوع الشمس قيد رمح، ثم يصلي الإشراق لقوله عليه السلام: 'صلوا صلاة الإشراق بسورتها' وهما الشمس والضحى. ثم بعد قليل يصلي الضحى ثمان ركعات ويضطجع، وهو صائم إلى قبيل الزوال، ثم يتأهب ويصلي الظهر، ولا يزال ذاكراً حاضراً مع اللَّه تعالى حتى يصلي العصر، ثم يشتغل بقراءة القرآن إلى المغرب، ويحيي ما بين المغرب والعشاء، فإذا صلى العشاء أفطر واشتغل بالفكر والذكر والمحاسبة لنفسه إلى أن يغشاه الكري فيضع جنبه الأرض ساعة ويستيقظ أخرى، فيجدد الوضوء ويصلي ويضطجع، ثم يستيقظ ولا يزال كذلك إلى طلوع الفجر، وكان يلازم ختام الليل والنهار على الدوام والإستمرار لقول اللَّه تعالى ورسوله في عدة مواضع.
___________________________________
تاريخ بغداد: 33 / 13، وكذا: تهذيب الكمال: 50 / 29، بتفاوت.
ولا يزال يكشف عن هذه المطالب إلّا من هو لوجه اللَّه تعالى.