في كلامه ونقش خاتمه

ومن كلامه عليه السلام:
___________________________________
هذه الأقوال وما بعدها لم ترد عن المهدي، بل عن غيره من سادة أهل البيت، أنظر: كشف الغمة: 424 / 2، محاسبة النفس: 68، بحار الأنوار: 259 - 68 ح 2.
'خير الناس من كان فيه خمس خصال: إذا أحسن استبشر، وإذا أساء استغفر، وإذا أعطى شكر، وإذا ابتلى صبر، وإذا ظُلم غفر، ومن طلب بسره موضعاً فقد أفشاه، وما هلك امرى ء عرف قدره، ورب ساع فيما يضره، وربما كان الدواء داء، والعناء جناية، والعطية خطية، ولولا السيف كثر الحيف، ما أشد فطام الكبير، ومن نظر إلى اللَّه وسكن إلى غيره حُجب'.
___________________________________
ورد بعضها في مناقب الخوارزمي: 376، وشرح نهج البلاغة: 99 / 16.

تشاغل كل مخلوق بخلق++

وشغلي في محبته وفيه

'وأكبر العبادة الورع، وأشده في اللسان، والفرج، والبطن، سبعة تعد من الاستهزاء: من استغفر بلسانه ولم يندم بقلبه، ومن سأل التوفيق ولم يجتهد، ومن استعصم باللَّه ولم يحذر، ومن تعوّذ من النار ولم يترك الشهوات، ومن طلب الجنة ولم يصبر على الشدائد، ومن ذكر الموت ولم يستعد له'.
___________________________________
معدن الجواهر: 59، بحار الأنوار: 356 / 75.

وقال: 'من نظر إلى شي ء بشهوة سلب لذة العبادة أربعين صباحاً؛ لأن في كل طرفة خطره ووراءها شيطان'.

وفي الإسرائيليات: أنه إذا مات أحد قضاتهم جُعل في الناووس أربعين سنة، ويُفتقد في كل حين، فإن تغيّر منه شي ء علم أنه جار في الحكم. فافتقدوا أحد قضاتهم في بعض الأحايين فوجدوا أحد أذنيه منفجرة بالصديد، فشق ذلك عليهم، فأوحى اللَّه تعالى إليهم: أنه لم يكن به بأس، ولكنه سمع من أحد الخصمين أكثر من الآخر.

وقال: 'أُف لهذه القلوب لقد خالطها الشك، فلم تؤثر فيها الموعظة، وأقبلت على الدنيا مع الإزعاج منها'.
___________________________________
فيض القدير: 225 / 4 و 389 / 5، بتفاوت.

أيها المتعب جهلاً نفسه++

يطلب الدنيا حريصاً جاهداً

لا لك الدنيا ولا أنت لها++

فاجعل الهمّين همّاً واحداً
___________________________________
روضة الواعظين: 440.

وقال: 'يجب على طالب الحق وسالك سبيل الصدق أن يكون له ساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يبكي فيها على ذنبه، وساعة يفكر فيها في صنع ربه، وساعة يناجي اللَّه، وساعة يستعد فيها للقاء اللَّه، وحيناً يكتسب حلالاً، وحيناً يهتم بأنواع القرب والطاعات، ويأكل عن فاقة، ويتكلم عن ضرورة، وينام عن غلبة'.

فالطرق شتى وطريق اللَّه منفرد++

والسالكون طريق الحق أفراد
___________________________________
كتاب الغرباء للآجري: 38.

ولم يتصل بنا خبر وفاته. نقش خاتمه: يقيني باللَّه يقيني، وقيل: ما خاب من أجاب، وقيل: لا بلاء مع الولاء.

وللَّه القائل:

ألا إن الأئمة من قريش++

ولاة الحق أربعة سواء

علي والثلاثة من بنيه++

هم الأسباط ليس بهم خفاء

فسبط سبط إيمان وبر++

وسبط غيبته كربلاء

وسبط لا تراه العين حتى ++

يقود الخيل يقدمها لواء

يغيب ولا يرى فيها زماناً++

برضوى عنده عسل وماء
___________________________________
الأبيات لكثير عزة وبعضهم نسبها للسيد الحميري، أنظر: تاريخ دمشق: 322 / 54، الأنساب للسمعاني: 207 / 1، الأنساب للبلاذري: 202، البداية والنهاية: 47 / 9، تهذيب الكمال: 151 / 26.

ومقاماتهم طاهرة جليلة، ومناقبهم معلنة غير خفية، وما عسى يبلغ وسع جامع لمناقبهم، أو ناشر لفضائلهم، وهي أشهر |من| أن تخفى، غير أن المقصود التنبيه بالأقل على الأكثر، فقد يدل على الجني الواحدة من الثمر، في بعض إشاراتي عبرة لمن أبصر، وغبطة لمن فيهم عن ساعد الولاء شمّر، جعلنا اللَّه وإياكم ممن أدبته العبر، وهذبته الفكر.

لعمي لقد كلفت وجداً بأحمد++

وإخوانه دأب المحب المواصل
___________________________________
البيت لأبي طالب رحمه الله من قصيدة مكونة من 83 بيت، أنظر: شرح نهج البلاغة: 79 / 14، البداية والنهاية: 74 / 3، السيرة النبوية لابن كثير: 491 / 1، والعجز في المصادر: واحببته حب الحبيب المواصل.

أقسم بحياته أنه في محبة النبي وعترته في غاية الجهد والمحبة والنصرة والولاء والنصح إلى الموت. ويقول مؤلف هذه الأوراق من فرط وجده والاشتياق:

سكوتي عن مدح النبي وآله++

دليل على فضلي وإن لم يكن فضل

وماذا يقول المادحون لسادة++

محبتهم علم وبغضهم جهل

في زيارتهم

ويستحب لمن أراد زيارت أحدهم أن يغتسل، ويتطيب، ويخرج بخضوع وخشوع ويقول عند غسله: 'اللهم طهر قلبي، واشرح صدري، وأجر الخير على لساني ويدي، فإنّه لا حول إلّا بقدرتك، ولا قوة إلّا بك'.

ثم يصلي ركعتين قبل خروجه بما تيسر بعد الفاتحة، ويسبح بعد السلام بتسبيح فاطمة عليها السلام - سبحان اللَّه والحمد للَّه ولا إله إلّا اللَّه واللَّه أكبر - ويقول: 'اللهم أنت الحامل المؤدي، والخليفة في المال والأهل والولد، والصاحب في السفر والحضر'.

ويقول على باب داره: 'اللهم إليك وجهت وجهي، واليك فوضت أمري، وعندك خلّفت مالي وأهلي وولدي، فلا تخيبني فيما خولتني، فإنّك لا تضيع من حفظته، ولا يهلك من أعنته'.

وإذا وافى سالماً يغتسل ثانياً ويقرأ الدعاء |الذي| قبله وبعده: 'اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وعلى جميع أنبيائك ورسلك، وأصفيائك وأوليائك، وأهل الكرامة عليك، بجودك يا أكرم الأكرمين'.

ثم يلبس أطهر ما يتيقن طهارته، ويقصد الحضرة الطاهرة، ذاكراً اللَّه، خاشعاً، وقد ملكه التعظيم لأهل اللَّه العظيم، ويتحقق أنهم يعلمون ويسمعون، فاحسن الأدب معهم، وإياك والطمع في صحبتهم بالتهجم.

وللَّه القائل:

إذا دخلت الملوك فألبس++

من التوقي أجلّ ملبس

وادخل إذا ما طلبت أعمى++

واخرج إذا ما خرجت أخرس

ويقول: 'سبحان اللَّه والحمد للَّه ولا إله إلّا اللَّه واللَّه أكبر' مائة مرة.

ويقول: 'لا إله إلّا اللَّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو على كل شي ء قدير' مائة مرة.

ويقول: 'لا حول ولا قوة إلّا باللَّه العلي العظيم' مائة مرة.

والحمد للَّه رب العالمين على جميع نعمه، وعلى كل حال، ويقصّر خطاه في جميع الطاعات ليتضاعف له الحسنات، ويقدم رجله اليمنى ويقول: 'بسم اللَّه الرحمن الرحيم وعلى ملة رسول رب العالمين، أشهد أن لا إله إلّا اللَّه وأشهد أن محمداً رسول اللَّه وأن علياً ولي اللَّه ووارث نبيه'.

ثم يستقبل وجهه الكريم ويجعل القبلة بين كتفيه ويقول: 'اللهم صل على محمد وعلى آل محمد إمام المرسلين، وعلى سائر الأنبياء والملائكة أجمعين، اللهم صل على أهل بيته صلاة لا يحصيها غيرك.

اللهم صل على الإمام علي أمير المؤمنين عبدك، ووليك، وأخي رسولك، الذي جعلته هادياً لمن شئت من خلقك، ودليلاً على من بعثت برسالاتك، والسلام عليك ورحمة اللَّه وبركاته. اللهم صل على فاطمة بنت محمد نبيك، وزوجة وليك، الطاهرة المطهرة، التقية النقية، الزكية الرضية، سيدة نساء أهل الجنة. والسلام على الحسن والحسين، وعلى الأئمة الراشدين، الطاهرين المطهرين 'إنما يريد اللَّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً'
___________________________________
سورة الأحزاب: 33.

ثم يقول: 'السلام عليك يا ولي اللَّه، السلام عليك يا حجة اللَّه، السلام عليك يا نور اللَّه في العالم، السلام عليك يا سيد كل حاكم، السلام عليك يا إمام المؤمنين ووارث علم النبيين، السلام عليك يا سلالة الأوصياء والأنبياء والشهداء والأتقياء. وإني أتقرب إلى اللَّه تعالى بولايتكم ومصافاتكم ومحبتكم، وأنتم أوليائي وأصفيائي، وأنتم حجة اللَّه تعالى البالغة، انتحلكم بعلمه أنصاراً لدينه، وقوّاماً بأمره، وخزّاناً لعلمه، وحفظة لسره، وأركاناً لتوحيده، ومعادناً لكلماته، وفيكم آياته، وأشهدكم على عباده، وأورثكم كتابه، وخصكم بكرائم التنزيل، وأعطاكم محكم التأويل، وضرب لكم من نوره مثلاً، وعصمكم من الزلل، ووفّقكم لصالح القول والعمل، فبكم تمت النعم، وحقق الفضل والكرم، واجتمع فيكم الكلم، ولكم الطاعة المفروضة، والمودة الواجبة. أتيتك يابن رسول اللَّه معتقداً فيك، ومحباً لمواليك، ومعادياً لشانئيك، مستجيراً مما جنيت، مستغفراً مما جهلت وأخطأت، معتذراً عندك من التقصير، فبحق من أعطاك هذه المواهب، ومن منحك هذه المناقب، إلّا ما شفعت لي إلى اللطيف الخبير، فإني البائس الفقير، المذنب الضعيف، المستجير الخائف، الذليل الهالك، الغريق الوجل، وليس لي وجه أرفعه إلى اللَّه، ولا عمل أعرضه بين يديه، وقد ضعفت قوتي، وانقطعت حيلتي، وخاب رجائي إلّا من شفاعتك'.

ويدعوا بدعاء الإمام علي عليه السلام:

'اللهم صل على محمد الموسوم بالشامة، المبعوث من تهامة، وعلى آل محمد أهل النجدة والشجاعة، المخصوصين بغرائب الفضل وطرائف الكرامة، وأرحمني إذا انقطع من الدنيا أثري وخبري، ومحى من الوجود ذكري وسري. إلهي قد كبر سني، ودق عظمي، ونال الدهر مني، واقترب أجلي، وقل عملي، وذهبت شهوتي، وبقيت تبعتي، وانقطعت حجتي، ولا عذر لي وأنا المقر بالتقصير. إلهي إن كان صغر في جنب طاعتك عملي، فقد كبر في جنب رجائك أملي، وإن أوحشتني الذنوب عن محاسن لطفك، فقد أنسني مكارم عطفك، وقد جئتك ملهوفاً ذليلاً خاضعاً، إلى بابك سائلاً، ولولا هدايتك لما اهتديت، ولولاك لما صمت وصليت، ولو لم تذقني حلاوة معرفتك لما أتيت، فإن أقعدني عن السبق مع الأبرار، فأنا مقيم بفضلك على مدارج الأخيار، وقد سمع العابدون بجزيل ثوابك فعملوا، وسمع المجرمون بكثير عفوك فطمعوا، ولولا الغفلة عن جنابك لما شكوت عثراتي، ولولا تفريطي لما سفحت عبراتي، وإن قل زادي في المسير وأجحف، فقد وصلته بذخائر ما |أعددته من فضل تعويلي عليك|. فإن كنت لا ترحم إلّا المجدين في طاعتك، فإلى من يفزع المقصرون، وإن كان لا يفوز يوم الحشر إلّا المتقون، فبمن يستغيث المذنبون؟ اللهم ارحمنا إذا ضمّتنا لحودنا، وأضحينا مساكين في قبورنا، وأوجب لنا بالإسلام مذخور هباتك، وأصرف ما كدّرته الجرائر منّا بصفو صلاتك، فإن من شواهد نعماء الكريم استتمام نعمائه، ومن كمال آلاء الجواد استكمال عطائه'.
___________________________________
أنظر: دستور معالم الحكم: 163 - 159.

ثم يصلي ركعتين، يقرأ في الأولى بعد الفاتحة سورة القدر، وفي الثانية بعدها سورة الإخلاص، ويدعوا بما شاء، ويبلّغ سلام من أوصاه، ويترحم على موتاه، ويشرك المؤمنين في بركة زيارته، وصالح عبادته وأدعيته.

فإذا أراد الوداع قال: 'السلام عليكم أهل البيت ورحمة اللَّه وبركاته، أستودعك اللَّه، والصلاة والسلام علك يا خير عباد اللَّه، آمنا باللَّه وبرسول اللَّه، وبما دعوت إليه من طاعة اللَّه، وما نهيت عنه من معصية اللَّه، فاكتبنا اللهم مع الشاهدين، اللهم لا تجعله آخر العهد بزيارة هذا الإمام، ومنّ علي بالرجوع للصلاة عليه والسلام في كل عام، وإن لم تقرر فاحشرني معهم، وتوفني مسلماً، وألحقني بالصالحين على ملتهم، إنك على كل شي ء قدير'.

ويدعوا بأخصّ ما عنده فإنه يستجاب عند مفارقته، كما يستجاب عند قصد خدمته.