نكتة

قال صلى الله عليه وسلم: 'أقضاكم علي، وأنت مغسلي، وتمتص الماء من محاجر عيني ومن سرتي، ترث علم الأولين والآخرين'.
___________________________________
ورد على شكل مقاطع في مصادر متفرقة.

وقد تكرر واشتهر ثناء الصحابة رضي اللَّه عنهم والاعتراف بفضل الإمام علي عليه السلام في كل حال، وصح أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يبالغ في مدح أحد، ولا أثنى، ولا أحب، ولا واخى، ولا أسر إلى غير علي عليه السلام، إلى غير ذلك مما سارت به الركبان في المشارق والمغارب مدى الأزمان.

فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله++

ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب
___________________________________
الشاهد للشاعر نصيب، من أبيات يمدح فيها سليمان بن عبد الملك، أنظر: البيان والتبيين: 83 / 1، اعجاز القرآن: 77.

ولولا عهد سبق لمحقت ولم أسبق، لكن رغبت في القول المصدق: 'رجال صدقوا ما عاهدوا اللَّه عليه'
___________________________________
سورة الأحزاب: 23.
ورب سكوت في الجواب بليغ.

وهذا موضع السر والعرض المستتر، وهو الظاهر المنتشر، الواضح لمن عقل وأنصف، وأماط الهوى عن نفسه الأمّارة بسيف مرهف، ومما أنشدني أبو الحسن علي بن المهذاني لشبه في المعنى:

لكن فطام المرء عن ضرع اللهي++

صعب وعن حرّ اللجين فضيع

وإجماع الصحابة منعقد على فضلهم والثناء عليهم، وقربهم من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم والإجماع حجة، وللمسلم الحجة، وذلك لا يخفى على طالبيه ولا يغبا لمن أمعن النظر فيه، والسعيد من خالف هواه وأطاع مولاه، وأعطى كل ذي حق حقه وطلب اللَّه وما عنده.

إذا كانت الأشياء في القرب والنوى++

عليك سواء فاغتنم لذّة الدعه
___________________________________
الفرج بعد الشدة: 472 / 2، ونسب لمحمد بن عبد اللَّه بن عبد الحكم.

ومما قال أبو بكر رضى الله عنه: أقيلوني، لست بخيركم وعلي فيكم.
___________________________________
أنظر: الإمامة والسياسة: 31 / 1، شرح نهج البلاغة: 169 / 1 و 155 / 17 و 163، الصواعق المحرقة: 30، سر العالمين للغزالي: 22 - 20.

وقال: لأذهبنّ إلى رجل ما فتك في مسلم قط، يعني بذلك علياً.

وقال أبو بكر رضى الله عنه في حديث: بخ بخ لك يا أبا الحسن، وأين مثلك يا أبا الحسن.
___________________________________
مناقب الخوارزمي: 89 / ح 79.

وقال عمر رضى الله عنه لما اعترفت عنده امرأة بالزناء فأمر برجمها.

فقال له علي: سلطانك عليها فما سلطانك على حملها، فخلاّ سبيلها.

وقال: عجزت النساء أن تلدن مثلك، لولا علي لهلك عمر، اللهم لا تبقني لمعضلة ليس لها علي.
___________________________________
أنظر: مصنف عبد الرزاق: 327 / 7ح 13350، المغني لابن قدامة: 135 / 10، الاستيعاب: 39 / 3، شرح نهج البلاغة: 19 / 1 و 202 / 12، مناقب الخوارزمي: 80 / ح 65، مطالب السؤول: 66 / 1، كفاية الطالب: 227.

وفي حديث آخر يقول: اللهم لا تنزلن بي شدة إلّا وأبو الحسن قريب مني، فأني أرجوا الرضا بقربه.
___________________________________
تاريخ دمشق: 35 / 53، كنز العمال: 257 / 5 ح 12805، ذخائر العقبى: 82، ولم يرد ذيل الحديث في المصادر.

وقال عثمان رضى الله عنه بعد مدح الإمام علي عليه السلام:

إن كنت ماكولاً فكن خير آكلي++

وإلّا فادركني ولما أُمزق
___________________________________
أنظر: الفائق للزمخشري: 76 / 2، تاريخ دمشق: 362 / 39، الإمامة والسياسة: 53 / 1، تاريخ المدينة للنميري: 1199 / 4.

فقام الإمام عليه السلام في حاجته أتمّ قيام، وخرج الحسن فتضمّخ بالدم، وشبح مولى علي عليه السلام قنبر وذلك عند قتل عثمان رضى الله عنه، فلطم علي الحسن وضرب صدر الحسين، وقيل: رمى علي عليه السلام عمامته عن رأسه، فقال له طلحة: لم تفعل هذا؟

فقال له علي: قاتلك اللَّه ألا يسوءني قتل صاحب رسول اللَّه.

فقال: لو دفع مروان لم يقتل.

فقال علي: لو أخرجه قتل قبل ثبوت البينة والحكومة.

ومن اعتقادي في الإمام هذا، ولاشك في دينه وعلمه وشفقته وفضله ومحبته ونصحه لسائر المسلمين، ولولاه لما تم لأحد أمر، ولقد كانوا يجدوه في الشدائد، وفي كل خير يساعد، ولم أعرض بذكر هذا القول إلّا لوقوفي على جملة من التواريخ والكتب المشكلات.

فقال رجل: لو دخلت المدينة وعثمان حي ما تركت بها محتلماً إلّا قتلته لأنّ الخاذل والقاتل سواء.

وقالت امرأة: إن عثمان قتله علي، واللَّه لليلة من عثمان خير من علي الدهر كله.
___________________________________
أنظر: المحصول للرازي: 343 / 4.

منبوذة بخلافي لو أقول لها++

يوم الغدير لقالت ليلة الغار

ولو أقول قتيل الطف يشفع لي++

قالت بالبقيع قتيل الغار والدار

فقلت يا عاهرة اثنيهما هربا++

خوف العدى وعلي بات في الدار

وقال أمير المؤمنين علي عليه السلام في سوق المدينة: 'اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان إن أكن قتلته أو مالت يدي عليه، أو رضيت بقتله'.
___________________________________
الفتن للمروزي: 95، تاريخ دمشق: 449 / 39 و 450، تاريخ المدينة للنميري: 1229 / 4، البداية والنهاية: 215 / 7.

وشهد جماعة من الصحابة أنه لما قتل كان غائباً.

وقال ابن سيرين: لقد قتل عثمان وما أحد يتهم علياً.
___________________________________
تاريخ دمشق: 390 / 39.

والحال يقال عنه ما لا يظن بأحد من المسلمين، وأما الحسن والحسين فكانا على بابه يردان عنه حتى جرح الحسن، فقال محمد بن أبي بكر: أخشى أن تغضب بنو هاشم لجرح الحسن فيثيروها فتنة.

فعمد مع رجلين وسورا على عثمان الدار من غير أن يعلم أحد وقتلوه وهربوا، ولم يعلم بذلك غير امرأته، وبكت عائشة رضوان اللَّه عليها لقتله، فقال لها عمار بن ياسر: بالأمس تحرّضين عليه واليوم تبكيه.
___________________________________
الإمامة والسياسة: 66 / 1، الطبقات الكبرى: 25 / 5، تاريخ الطبري: 140 / 5، العقد الفريد: 267 / 2.

وروت عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل علي عليه السلام أحاديثاً كثيرة منها:

زينوا مجالسكم بذكر علي عليه السلام.
___________________________________
مناقب ابن المغازلي: 211 / ح 255.

وقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: 'إذا سرك أن تنظرين إلى سيد العرب فانظري إلى علي بن أبي طالب، أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب'.
___________________________________
المستدرك: 124 / 3، المعجم الكبير: 88 / 3، المعجم الصغير: 127 / 2، تاريخ دمشق: 305 / 42، دون صدر الحديث.

إلى غير ذلك من أقوال الصحابة والتابعين وتابعي التابعين وسائر المسلمين، يطول تعدادهم في تعدادهم.

أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم++

دجى الليل حتى نظم الجزع ثاقبه
___________________________________
الشاهد ليونس بن حبيب، وقيل: لربيعة بن عوف بن غنم بن كنانة بن القين بن جسر، و هو شاعر جاهلي اسلامي، كان خبيث الدين، جيد الشعر، و قيل: هو يونس بن حبيب. أنظر: تفسير القرطبي: 213 / 1، الصحاح: 1074 / 3، لسان العرب: 143 / 7.

إشارة:

كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن قوماً من أصحابه وأتباعه وأمته، يظهرون محبة أهل بيته رياء ونفاقاً، وأبدلوا بعده عداوة وشقاقاً، وارتكبوا من عصيان اللَّه تعالى ما ارتكبوه واستحلوا ما عملوه، بعد أن تحققوا أن النبي صلى الله عليه وسلم نصّب علياً علماً لأمته، وأبان عن فضيلته، وأمر بولايته، وأكّد فيه إخلاص الولاء، وإصفاء الصفاء، وصحة الاعتقاد، وصدق الإنقياد في ذلك، وهو للمنصف واضح، وللطاغين في الدارين فاضح.

خلفتني بين أقوام قلوبهم++

في التظاغر والأحقاد تلتهبُ

إن يسمعوا الخير يخفوه وإن سمعوا++

شراً أذاعوا وإن لم يبصروا كذبوا
___________________________________
نسبت لطريح بن إسماعيل الثقفي، أنظر: تاريخ دمشق: 473 / 24، شرح نهج البلاغة: 113 / 7 و 76 / 18، ولم يرد البيت الأول في المصادر.

وقد أعلمنا أن محبتهم بالقلب واللسان، وكرر ذلك وأبان، لتعد على الحقيقة من شيعتهم وذوي ولايتهم.

قالوا الإمامة كيف صحّت عندكم++

من دون زيد والأنام لجعفر

قلنا النصوص عن الأئمة جاءنا++

حتماً من اللَّه العلي الأكبر

إن الأئمة تسعة وثلاثون نقلاً++

عن الهادي البشير المنذر

لا زائداً فيهم وليس بناقص++

منهم كما قد قيل عد الأشهر

مثل النبوة صيرت في معشر++

فكذى الأمامة صيرت في معشر
___________________________________
الأبيات من قصيدة للشيخ أبي الحسين علي بن حماد بن عبيد العبيدي، أنظر: المجدي في الأنساب: 158.

وقال صلى الله عليه وسلم: 'إن اللَّه تعالى أكرم من أن يبسط العبد إليه يديه يسأله فيها خيراً فيردهما خائبتين'.
___________________________________
مسند أحمد: 438 / 5، سنن الترمذي: 217 / 5 ح 3627، المستدرك: 497 / 1، سنن البيهقي: 211 / 2، بتفاوت يسير في المصادر.

اللهم احشرنا في زمرتهم وأعد علينا من بركتهم وانفعنا بمحبتهم، إنك على كل شي ء قدير.

فائدة

قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي عليه السلام: 'إن اللَّه قد غفر لك ولأهلك ولشيعتك ولمحبي شيعتك ومحبي محبي شيعتك، فأبشر فإنك الأنزع البطين'.
___________________________________
مناقب ابن المغازلي: 401 / ح 454، مناقب الخوارزمي: 294 / ح 284، فرائد السمطين: 142 / 1، جواهر العقدين: 219 / 2، وفي المصادر عبارة "منزوع من الشرك بطين من العلم" داخلة ضمن الحديث، واللَّه العالم.

الأنزع البطين: أي منزوع من الشرك، بطين من العلم، وهذا من البشرى بما لا ريب فيه من علو القدر وسمو الأمر، وشيعة الرجل: أتباعه وأنصاره، ويقال منه شايعه أي ولاه، والمشايع أيضاً اللاحق، وتشيّع الرجل إذا تلبس بعمل أهل الشيعة، وتشايع القوم: أي تفاعلوا من الشيعة، وكل قوم أمرهم واحد يتبع بعضهم رأي بعض يقال لهم شيع ومنه قوله تعالى: 'كما فعل بأشياعهم من قبل'
___________________________________
سورة سبأ: 54.
ومنه قول ذي الرمة:

أستحدث الركب عن أشياعهم خبراً++

أم راجع القلب من أطرابه طرب
___________________________________
الشاهد وما قبله في لسان العرب: 189 / 8.