اصطلاحات صوفية

وللسائل اصطلاحات في المسالك:

فالمريد: عبارة عمن أراد الحق وهجر الخلق.

والفتوح: ما فوتح به من غير كسب كالعطاء والمواهب.

والبسط: عبارة عن الرخاء.

والقبض: عبارة عن الخوف.

والفناء: عبارة عن فناء النفس عن حظوظها.

والبقاء: عبارة عن بقاء الروح في علوها وعالمها.

والمقام: عبارة عن المقام في أنواع المعاملات وطرق الرياضات والمجاهدات.

والحال: صفة للمريد، فإن تلون سمي متلوناً.

والوجد: ما يكتسب.

والوجود: ما يوجد من الرب.

والتواجد: استدعاء الوجد.

والشطح: كلام يصدر عن وجد شبيه بالدعوى، ومن شرطه أن يكون محفوظاً من المخالفات.

والطوالع: أنوار التوحيد ولها شعاع يطمس سائر الأنوار كما تطمس الشمس ضوء النجوم.

والذهاب: غنية تحصل عن كل ما سوى المطلوب.

والسر: ما خفي عن الخلق.

وسر السر: ما خفي عن السر.

والوصول: إدراك ما يريد.

والفصل: فوت المراد.

والتحلي: هو التشبيه بأحوال الصادقين.

والتخلي: هو الإعراض عن كل ما سوى اللَّه تعالى.

لما تيقنت أني لا أعاينكم

غضضت طرفي فلم أنظر إلى أحد
___________________________________
نسب للشبلي، أنظر: تاريخ دمشق: 392 / 32 و 75 / 66، وفيه: "غمضت" بدل: "غضضت".

والتجلّي: ما يكشف للقلوب من أنوار المحبوب.

والانزعاج: انتباه القلب من سنه الغفلة.

والمشاهدة: رؤية الأشياء بدلائل التوحيد.

والمكاشفة: حقيقة اليقين بلا ريب.

واللوايح: مالاح في السر من عالم الغيب.

والغيرة: أقسام غيرة في الحق، وغيرة على الحق، وغيرة من الحق.

والحرية: هو الفراغ والانقطاع عن كل ما سوى اللَّه تعالى ليقع عليه اسم العبودية، ولو كان لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم اسم أشرف من العبد لسمي به ليلة المعراج لقوله سبحانه وتعالى: 'سبحان الذي أسرى بعبده'.
___________________________________
سورة الإسراء: 1.

واللطيفة: إشارة دقيقة المعنى تلوح في الفهم ولا يدركها الوهم ولا تفنى بها عبارة.

والشم والذوق: كذلك.

والغربة: حال لا يشاركه فيها أحد، وهو العارف الذي ليس له إرادة وهو المراد، لأنه عبر المقامات ووصل النهايات وهو صاحب التمكن والكمال والمكان، ثم تخطى إلى مقام لا يسعه كتاب ولا آمن على كشفه أولي الألباب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:

'لي مع اللَّه وقت لا يسعني فيه ملك مقرّب ولا نبي مرسل'
___________________________________
كشف الخفاء: 173 / 2 ح 2159.
وعلى هذا 'وماقدر اللَّه حق قدره'.
___________________________________
سورة الأنعام: 91.

لو يسمعون كما سمعت كلامها++

خرّوا لعلوه ركعاً وسجوداً

اللَّه يعلم لو أردت زيادة++

في حب علوة ما وجدت مزيداً

لم لا أعرض ذكر علوة أنها++

أخذت علي مواثقاً وعهوداً
___________________________________
الأبيات لكثير عزة، أنظر: ديوان كثير عزة: 76 "ط. بيروت"، تاريخ دمشق: 71 / 66، معجم البلدان: 78 / 5، لسان العرب: 523 / 12.

والقاعدة: حسن التصرف بين مراتب الوجود الخمس: الذاتي، والحسي، والخيالي، والعقلي، والشبهي. حسب ما نطق به الشارع، وثبت معناه في اللوح المحفوظ من الوحي.

ويجب أن يكون فيه الطالب فيما ينظر من هذه الأقسام للَّه وفي اللَّه وباللَّه، ويلزم هذا جهده وطاقته، فهو الأصل وإن كان للَّه تعالى أسراراً، لو انكشفت لبطل العلم، وإذا بطل العلم بطل الحكم، وإذا بطل الحكم بطلت الولايات، ولزم على هذا الدور والتسلسل، وليس هو المراد من العباد، كما يقال: لو كان للإنسان جناح لطار، ولو كان البشر ملكاً لفقد الشهوة، ويؤيد ماذكرت قول الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام: 'إني لأجد بين جنبي علماً لا أجد له حملة'.
___________________________________
حلية الأولياء: 80 / 1، تاريخ بغداد: 379 / 6، صفة الصفوة: 330 / 1، مطالب السؤول: 69 / 1.

ولقد جهل من اعتقد أن النبوة والولاية كسبية، ونهايات الأولياء أول مقام الأنبياء.

والحمد لواهب العقل ونسأله الفهم عنه والنور منه، إنه على كل شي ء قدير.

نتيجة

اعلم أيدك اللَّه بالآلاء، وتوجك بالبهاء والبقاء، أن الوادي المقدس عبارة عن موسى وتقديسه فيه للَّه تعالى وذكره، وسماع الكلام القديم بلا واسطة كقوله تعالى: 'واسأل القرية'
___________________________________
سورة يوسف: 82.
فأقيم ذكر الوادي مقام الذاكر، وحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، إذ المواضع ظروف ولا تأثير لها مع وجود الأعلى، ومعنى استمع: أي بشّر قلبك لما يوحى، فلعلك تجد على النار هدى 'فلما أتاها نودي يا موسى'
___________________________________
سورة طه: 11.
أي: ينادي أيها الطالب لجناب الغالب بما نودي به موسى عليه السلام: أني أنا ربك الأعلى، أي: فرّغ قلبك لما يرد عليك من فوائد المزيد، وموائد الصدق، وثمار المعارف، وبشارات قرب الوصال، والذي نودي به موسى هو علم التوحيد الذاتي لقوله تعالى: 'فاستمع لما يوحى إنني أنا اللَّه لا إله إلّا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري'.
___________________________________
سورة طه: 14 - 13.

لقد وضح الطريق إليك قصداً++

فما أحد أرادك يستدل
___________________________________
الشاهد لإبراهيم الخواص، أنظر: تاريخ بغداد: 9 / 6.

والناس في السماع على أقسام ثلاثة: أدنى، وأوسط، وأعلى. فالأدنى: هو سماع الظاهر ولا اعتبار عليه. والأوسط: هو سماع الباطن، لقوله تعالى: 'وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع' ولقوله تعالى: 'وإذا ذكر اللَّه وجلت قلوبهم'
___________________________________
سورة المائدة: 83.
إلى غير ذلك.

والأعلى: هو السماع الخاص، وهو ما قيل عن أبي يزيد البسطامي:
___________________________________
سلطان العارفين، أبو يزيد، طيفور بن عيسى بن شروسان البسطامي، أنظر ترجمته في: إكمال الكمال: 144 / 7، سير أعلام النبلاء: 86 / 13 ترجمة 49، لسان الميزان: 214 / 3 ترجمة 969.
انه لما سمع قوله تعالى: 'وما قدر اللَّه حق قدره'
___________________________________
سورة الأنعام: 91.
جرى الدم من عينيه. وإليه الإشارة بقوله تعالى: 'ألست بربكم قالوا بلى'
___________________________________
سورة الأعراف: 172.
ولم تزل تلك اللذة من أسماعهم لذلك الخطاب.

أنشدني أبو الحسن علي بن محمد بن سعد المهذاني لنفسه في هذا المعنى:

يلذّ بسمع الصب وقع ملامه++

عليك كما يلتذّ بالخلّ أجربُ
___________________________________
شرح نهج البلاغة: 284 / 3، بتفاوت، ونسب إلى ابن حيوس.

فهو لأي المؤمنين الذين صححوا النسب وحازوا الميراث، فهم لا يزالون في طرب ونشوة لذلك الصوت الذي لا يمكن سماع مثله، فلهذا إذا سمعوا ما قاربه من الألحان والأصوات السجية الندية المطربة، حنّت روحهم إلى عالمها الأول، كحنين الطير إلى وكره والفه.

لمعت نارهم وقد عسعس الليل++

وضحّ الحادي وحار الدليل

فتأملتها وقلت لصحبي هذه++

النار نار ليلى فميلوا
___________________________________
الأبيات للقاضي عبد اللَّه بن القاسم الشهرزوري، أنظر: البداية والنهاية: 224 / 12، الأعلام: 114 / 4.

لكن احتجابها بالقفص تمنعه عن المفارقة بالكلية وذلك لبقية عنده، فمن صفا بالمرة يوشك أن يموت، ولقد أخبرني السيد الأجل الأوحد شهاب الدين ريحان المقدم ذكره: أنه رأى فقيراً صالحاً قد مات في السماع، لما سمع وانسل.

وقال لي بعض العارفين: بلغني أن الريح كانت تدخل في قالب آدم عليه السلام أربعين سنة وهو فخار فيسمع لها صفير ودوي هائل، فأمر اللَّه تعالى الروح أن تدخل في قالبه مرة بعد أخرى وهي تأبى، لأنها أنكرت ما لم تعرف، وقالت: أنا عالم لطيف علوي وهذا عالم كثيف سفلي، وكيف يجتمع الضدان، فأسمعها اللَّه تعالى من صدره أنه شجتة، فحنت إليها فدخلت فيه فحصلت، فإذا سمعت ذلك الصوت حنّت إلى الخروج، ولا تزال على هذه الصفة إلى أن يشاء اللَّه تعالى، وهي إذا لم تقدر على الخروج بالمرة بكت وصاحت وشقت وأثرت بما على قفصها، وأكثر الناس لا يعلمون ما مستند هذا الحال ولا صدقها من المحال، وقال أبو تمام الطائي:

تكاد تنتقل الأرواح لو تركت++

من الجسوم إليها حين تنتقل