حجة الوداع

وفي السنة العاشرة: حج متمتعاً، وقيل: مفرد، وقيل: قارن، وكانت حجة الوداع.

وكان حج قبل النبوة، وفيها حججاً لم يذكرها المؤرخون.

واعتمر بعد هجرته عمرتين، وقيل: ثلاثة، وقيل: أربعة.
___________________________________
أنظر سنن أبي داوود: 443 / 1 ح 1993 - 1992، الطبقات الكبرى: 171 - 170 / 2، تاريخ الطبري: 410 / 2، البداية والنهاية: 420 / 4.

وأقام المحرم ثم صفر، واثني عشر ليلة من ربيع الأول سنة إحدى عشرة وتوفى.

وكان استصحب نساؤه في تلك الحجة في الهوادج، ولما شاع حجه اجتمع لصحبته أهل الآفاق. وفي هذه السنة: نزلت: 'اليوم أكملت لكم دينكم'
___________________________________
سورة المائدة: 3.
الآية. وأسلم جرير، وقدم السيد والعاقب، وكانت المباهلة. وقال صلى الله عليه وآله: 'لو باهلتني نجران لتأجج الوادي عليهم ناراً، ومسخوا قردة وخنازيراً، واستأصلهم اللَّه حتى الطير في وكره'.
___________________________________
تاريخ المدينة للنميري: 582 / 2، المصنف لابن أبي شيبة: 564 / 8 ح 41، تفسير الطبري: 409 / 3، الدر المنثور: 39 / 2.

وفيها: تكاثرت الوفود عليه، ولبس لقدومهم أفخر ثيابه، وأمر أصحابه بذلك. ومات ولده عبد اللَّه سنة أربع، وهو ابن ست سنين، فوضعه في حجره وبكى، وقال: 'إنا يرحم اللَّه من عباده الرحماء'.
___________________________________
مسند أحمد: 204 / 5، صحيح البخاري: 80 / 2، صحيح مسلم: 39 / 3، سنن أبي داود: 64 / 2 ح 3125.

ووضعت مارية إبراهيم في سنة ثمان من الهجرة.

وقال عليه السلام: 'استوصوا بالقبط فإن لهم ذمة'.
___________________________________
الطبقات الكبرى: 214 / 8، المستدرك: 553 / 2، المعجم الكبير: 61 / 19، الجامع الصغير: 19 / 1 ح 772.

ومات إبراهيم وهو ابن ثمانية عشر شهراً، وقيل: ثمانية أيام.
___________________________________
سنن أبي داود: 76 / 2 ح 3187، تاريخ دمشق: 138 / 3، الطبقات الكبرى: 142 / 1 و 7 / 3، السيرة النبوية لابن كثير: 614 / 4.

ورأيت في الواقعة إبراهيم عليه السلام ولد النبي صلى الله عليه وآله وهو يقول لي: لا تحقرن شيئاً من خلق اللَّه، فعلم اللَّه به أتم. فالبنون والبنات أمهم خديجة، ما خلا إبراهيم فإن أمه مارية.

وتوفت مارية بعد النبي عليه السلام بخمس سنين، وهذا أوفى الروايات.
___________________________________
تاريخ الطبري: 144 / 3، المستدرك: 39 / 4، الطبقات الكبرى: 216 / 8، تاريخ خليفة: 93.
وقيل: مات إبراهيم آخر ربيع الأول سنة عشرة.
___________________________________
تاريخ دمشق: 146 / 3، تاريخ اليعقوبي: 87 / 2، فتح الباري: 438 / 2.

ودفن بالبقيع، فبكى عليه النبي صلى الله عليه وآله فقيل له: أنت أحق من عرف اللَّه تعالى فيما أعطى وأخذ.

فقال: 'تدمع العين، ويحزن القلب، فلا نقول ما يسخط الرب ولولا أنه قول صادق، ووعد جامع، وسبيل نأتيه، وأن آخرنا سيتبع أولنا، لوجدنا عليك أشد من وجدنا بك، وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون'.
___________________________________
سنن ابن ماجة: 506 / 1 ح 1589،مصنف عبد الرزاق: 552 / 3 ح 6672، المعجم الكبير: 171 / 25، الطبقات الكبرى: 137 / 1.

وقال وهو مستقبل الجبل: 'لو أن بك ما بي لهدك، ولكنا نقول ما أمرنا به: إنه للَّه وإنا إليه راجعون والحمد للَّه رب العالمين'.
___________________________________
تاريخ اليعقوبي: 32 / 2.

وقال الناس: كسفت الشمس لموته.

فقال عليه السلام: 'إنها لا تكسف لموت أحد ولا لحياته'.
___________________________________
سنن أبي داود: 262 / 1 ح 1178، تاريخ اليعقوبي: 87 / 2، السيرة النبوية لابن كثير: 614 / 4، البداية والنهاية: 332 / 5.

قالت سيرين: كنت وأختي مارية نصيح وهو محتضر فما نهانا النبي، فلما مات زجرنا، وقال: 'إن الميت ليعذب بنياح أهله عليه'.
___________________________________
المعجم الكبير للطبراني: 178 / 18 و 307 / 24، كنز العمال: 618 / 15 ح 42462، مجمع الزوائد: 162 / 9.

وقال: 'إذا رأيتم جنازة فقوموا، فمن تبعها فلا يقعدن حتى يوضع في قبره'.
___________________________________
السنن الكبرى: 537 / 6، صحيح ابن حبان: 350 / 7.

وقال: 'لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها'.
___________________________________
المستدرك: 220 / 3، السنن الكبرى: 79 / 4، المعجم الكبير: 193 / 19.

وفيها: بعث النبي صلى الله عليه وآله علياً عليه السلام لليمن، وعممه بيده، وعقد لواءه، وقال: 'إذا سألوك عن مفاتيح الجنة فقل: هي لا إله إلّا اللَّه، وأنها تخرق كل شي ء حتى تنتهي إلى اللَّه عزوجل لا تحجب دونه، من جاء بها مخلصاً، رجحت بكل ذنب'.
___________________________________
تاريخ دمشق: 410 58، كنز العمال: 595 / 10 ح 30292، وفي المصدرين أن النبي صلى الله عليه وآله بعث معاذاً.
وخرج إلى وداعه راجلاً، وهو راكب. وفيها: بعث معاذ بن جبل إلى اليمن، وقال: 'عساك أن لا تلقاني بعد عامي هذا، ولعلك تمر مسجدي وقبري' فبكى حتى أغمي عليه.
___________________________________
مسند أحمد: 235 / 5، الآحاد والمثاني: 420 / 3 ح 1837، كتاب السنة: 472 ح 1011.

وكان عليه السلام يتطيب في مفرقه، ولا يرد الطيب، وقال: 'يا علي، عليك بالطيب في كل جمعة، فإنه من سنتي، وتكتب لك حسنات ما دام يفوح منك الرائحة'.
___________________________________
مكارم الأخلاق: 43.
وكان يكتحل في كل عين ثلاثاً،
___________________________________
مسند أحمد: 354 / 1، سنن ابن ماجة: 1157 / 2 ح 3499، سنن الترمذي: 147 / 3 ح 1811.
وقيل: في اليسرى اثنين.
___________________________________
المصنف لأبن أبي شيبة: 431 / 5 و 127 / 6، الكامل لابن عدي: 39 / 5.
ويقول: 'عليكم بالأثمد؛ فإنه يجلو البصر، وينبت الشعر'.
___________________________________
سنن الترمذي: 147 / 3 ح 1812، سنن ابن ماجة: 1156 / 2 ح 3495، السنن الكبرى: 261 / 4.

وفي رواية: 'خير أكحالكم الأثمد، وخير ثيابكم البيض'.
___________________________________
مسند أحمد: 355 / 1، سنن أبي داود: 261 / 2 ح 4061.

وكان يستصحب المكحلة، والمشط، والسواك، والإبرة، والمقص، والمرآة، حضراً وسفراً، وكان إذا نظر فيها يقول: 'اللَّه أكبر ثلاثاً، والحمد للَّه الذي أجمل خلقي، وحسّن صورتي، وزان مني ما شان من غيري'.
___________________________________
مسند أبي يعلى: 478 / 4 ح 2611، المعجم الكبير:314 / 10 ح 10766، الجامع الصغير: 351 / 2 ح 6812، كنز العمال: 124 / 7 ح 18301.

وكانت رايته سوداء، ولواءه أبيض، وقيل: بالعكس. مكتوب عليها: لا إله إلّا اللَّه.

نقش خاتمه

وكان نقش خاتمه: محمد رسول اللَّه.
___________________________________
مسند أحمد: 161 / 3، سنن الترمذي: 143 / 3 ح 1800، جوامع السيرة النبوية: 24، السنن الكبرى للبيهقي: 128 / 10.
كل كلمة سطر وهو نقش خاتم داود. وقيل نقشه: صدق اللَّه.
___________________________________
الخصال: 61 / ح 85.

وكان يتختم في يمينه، وقيل: في شماله، وجميعها فضة.

وقيل: نقشه: لا إله إلّا اللَّه، محمد رسول اللَّه. وهو نقش خاتم سليمان.

وكان على خاتم نوح عليه السلام: أشهد أن لا إله إلّا اللَّه، وأشهد أن محمداً رسول اللَّه الرحمن أصلح.

وكان على خاتم إبراهيم بعد الشهادتين: أفوض أمري إلى اللَّه، وألجأت ظهري إلى اللَّه، وحسبي اللَّه، وأوحى اللَّه إليه: تختم بهذا، أجعل النار عليك برداً وسلاماً.
___________________________________
عيون أخبار الرضا: 61 / 1 ح 206، الخصال: 336 / ح 36.