ومن صفته

قال علي وابن عباس وأنس: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله كان أطول من المربوع، وأقصر من المشذب، أسمر، يتلألأ وجهه كالبدر عظيم الهامة، رجل الشعر، صلت الجبين، أهدب الأشفار، أزج الحواجب، أقنى الأنف، كث اللحية، سهل الخدين، له نور يعلوه، ضليع الفم، أشنب الشعر، مفلّج الأسنان، مدور الوجه، أدعج العينين، رائحته أطيب من كل طيب، سواء البطن والصدر، بعيد ما بين المنكبين، ذريع المشية كأنما ينحط من صبب، سائل الأطراف، مسح القدمين ينبوا عنهما الماء، ويرى من خلفه كما يرى من أمامه، وإذا التفت إلتفت بجميعه.
___________________________________
الطبقات الكبرى: 422 / 1، تاريخ دمشق: 338 / 3، معاني الأخبار: 1 / 81، المعجم الكبير للطبراني: 115 / 22، الجامع الصغير: 306 / 2 ح 6493، تاريخ اليعقوبي: 116 / 2.

ومن أخلاقه

أن يبدأ من لقى بالسلام، ليس بالجافي، ولا المهين، يعظم النعمة إن قلّت، لا يذم ذوّاقاً ولا يمدحه، ولا تغضبه الدنيا ولا ما كان منها، فإذا كان الحق لم يسامح فيه، ولا يقوم إلّا عن ذكر، وفكر، وعبرة، وحذر، وحلم، وصفح، وسع للناس بسطه وخلقه، فصاروا عنده في الحق سواء، يمنع لسانه عما لا يعنيه، ويتغافل عما لا يشتهيه، فلا يؤيس منه، ولا يحبب فيه، ليس بحقود، ولا حسود، ولا سبّاب، ولا لعّان، يأخذ بأيسر الأمور إلّا أن يكون مأثماً، دائم الوضوء والبشر، وكان يقول: 'أمزح ولا أقول إلّا حقاً'.
___________________________________
الفائق للزمخشري: 203 / 3، شرح نهج البلاغة: 330 / 6، الكامل لابن عدي: 344 / 2.

لم يُر عرياناً، سهل الخليقة، طويل الصمت والحزن، أخذ بالحسن ليقتدى به وترك القبيح لننتهى عنه، ربما تبسم، ويعود المريض، ويقول: 'اذهب البأس رب الناس، أشف أنت الشافي ولا شفاء إلاّ شفاؤك'.
___________________________________
مسند أحمد: 381 / 1 و 259 / 4، صحيح البخاري: 24 / 7، صحيح مسلم: 16 / 7.

ويشهد الجنائز، ويأتي دعوة الكهول، لا يغلق دونه الأبواب، ولا يقوم دونه الحجّاب، يجلس على الأرض، ويضع طعامه على الأرض، يلبس الشملة، ويركب الحمار بخطام من ليف، ويردف بعده، ويلعق يده، ولا يقطع على أحد حديثه، ويقول: 'إذا رأيتم طالب حاجة فأرفدوه'.
___________________________________
الطبقات الكبرى: 424 / 1، المعجم الكبير: 158 / 22، البداية والنهاية: 37 / 6.

ولا يجذب يده قبل مصافحه،ولا يكمش عنه أولاً، يخدم نفسه، ويغسل ثوبه، ويحلب شاته، وإذا تكلم تكلم ثلاثاً.

وقال: 'لو دعيت إلى كراع لأجبت، ولو أهدي إلي ذراعاً لقبلت'.
___________________________________
مسند أحمد: 424 / 2 و 479، صحيح البخاري: 129 / 3، صحيح الترمذي: 1353 / 397 / 2.

وأعاد يهودياً فأسلم، وقال: الحمد للَّه الذي أنقذني من النار.

وكشف الصحابة بطونهم عن حجر، فكشف عن حجرين، وقال: 'ما لي وللدنيا ما مثلي ومثل الدنيا إلّا كمثل راكب سائر في يوم صائف فنزل في ظل شجرة حتى إذا أبرد وراح تركها'.
___________________________________
مسند أحمد: 441 / 1، المستدرك: 310 / 4، مجمع الزوائد: 326 / 10.

وكان يقول: 'الجوع من سنن المرسلين'.

وقال حسان:

نجوع فإن الجوع من علم التقى++

أن طويل الجوع يوماً سيشبع

وكان أشد حياء من عذراء في خدرها، وكان عليه برد بحراني غليظ فجذبه أعرابي حتى أثر في عنقه، فالتفت إليه ضاحكاً وأمر له بعطاء. وهو أجود الناس بالخير من الريح المرسلة، لا يسأله أحد شيئاً إلّا أنحله، وقال: 'بعثت إلى الناس كافة، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض مسجداً، وترابها طهوراً'.
___________________________________
سنن الدارمي: 323 / 1، المعجم الأوسط: 30 / 5.

وله الحوض، والشفاعة، ولواء الحمد، والوسيلة، وهي أعلى درج الجنة.

وليس لنا إلّا إليك فرارنا++

وأين فرار الناس إلّا إلى الرسل
___________________________________
نسب إلى أعرابي، أنظر: دلائل النبوة للأصبهاني: 184، شرح نهج البلاغة: 80 / 14، البداية والنهاية: 98 / 6.
رأيت في أيام مجاورتي في المدينة في الواقعة، كأني بين رجلين وهما يغسّلاني أتحقق أحدهما ولا أشك أنه رسول |اللَّه صلى الله عليه وآله الذي قال: 'من تاب قبل أن يموت بسنة تاب اللَّه عليه - ثم قال -: إن السنة لكثير، من تاب قبل أن يموت بشهر تاب اللَّه عليه - ثم قال -: وإن الشهر لكثير من تاب قبل أن يموت بجمعة تاب اللَّه عليه - ثم قال -: إن الجمعة لكثير من تاب قبل أن يموت بيوم تاب اللَّه عليه - ثم قال -: إن يوماً لكثير| من تاب قبل أن يغرغر بالموت تاب اللَّه عليه".
___________________________________
تاريخ بغداد: 313 / 8، كنز العمال: 223 / 4 ح 10264، وما بين المعقوفتين أثبتناه من المصادر.

اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفة والغنى، اللهم كما أحسنت خلقي فأحسن خلقي. ولبعضهم:

دع الدنيا لطالبها المعنى++

وخذ في أهبة السفر البعيد

فإنّ متاعها يفنى سريعاً++

ويبقى العبد في الأسى الشديد