هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في أصول الدين وسيرة المعصومين
قسم سيرة المعصومين/ صحيفة الإمام
علي عليه السلام
الجزء الأول / ما نذكر به الإمام علي عليه السلام وسببه

الباب الربع

ذكر  الشأن السامي وآثار نور

الإمام علي وآله  عليهم السلام

في هذا الباب : معارف دين وهدى لبيان كرامة رب العالمين لسيد المرسلين وأخيه أمير المؤمنين وآلهم الطيبين الطاهرين ، تعرفنا شأنهم ومقامهم السامي عند الله تعالى الذي بمعرفتهم يحصل المؤمنون على الحسنات وتغفر الذنوب ويعبد الله تعالى بكل دينه القيم وهداه الخالص من كل ضلال لأعدائهم :

الذكر الأول
آثار نور الله الساري في الوجود لآل علي في توبة أبو البشر

 مقدمة  : آثار نور النبي وعلي وآله في الذاكرين :

ذكر آثر نور نبينا والإمام علي وآلهم في الملكوت في توبة أبو البشر :

الذكر الثاني
ذكر شأن الإمامة والإمام ومقامه السامي في الدين


إلى الأعلى


 

الذكر الأول

آثار نور الله الساري في الوجود لآل علي في توبة أبو البشر

  مقدمة  : آثار نور النبي وعلي وآله في الذاكرين :

عرفنا في الباب السابق بعض أحوال نور النبي وعلي وآلهم صلى الله عليهم وسلم قبل خلق الدنيا في الذكر السادس والخامس من الباب السابق ، وعرفنا بعض الأحاديث في تنزله في الأصلاب الشامخة حتى نبينا وعلي وآلهم واستمراره حتى قائم آل محمد الإمام الثاني عشر عليهم السلام ، والله تعالى هو الذي أوجب معرفته على كل البشر لأنه فيه حقيقة دينه وروح هداه ، وبه يعرف سبحانه من خلال تجليه عليهم بأكمل ما يتحمله ممكن ليكون محل لبيان عظمته والإشراق بنوره على الطالبين لمعرفته ودينه .

 ويصل لنور الله المشرق من نبي الرحمة وآله الكرام بأحسن سبل معارف الدين كل من يطلب الله بجد ، فيعرف نور وجودهم وهداهم بكل بيان إلهي جميل وسيرة وحديث نبوي كريم ، فيطلب المؤمن الحق من الله تعالى أن يوفقه لأن يكون معهم على صراط مستقيم وأن يوفقه لأن يكون معهم في كل نعيم ، وأن يبعده عن المغضوب عليهم والضالين في أي مكان وزمان كانوا ، ويعصمه بهم عن الذنوب ويغفر له بما أوجب لهم من الحق والشأن سبحانه .

والذكر وتحديث عمن رفعهم الله وشرفهم بكل شرف لا يسعه مختصر ، وإن الله تعالى حكاه في كتابه وبينه نبينا الكريم بسنته وسيرته وسلوكه مع آله ، فنبينا الكريم إن بين مجده وشرفه فقد بان شرف علي وآله ، وإن ذكر نبينا الكريمة كرامته عند الله ومنزلته ومقامه فقد ذكر وتحدث بصورة مباشرة أو غير مباشرة عن شرف علي وكرامته وآله ، وذلك لأنهم منه وهو منهم ، وهم حفظة دينه بعده والعترة الطاهرة التي كرمه الله بهم ، ولأنهم نور واحد حق تام أراده الله أن يعلم الناس عظمته وكبرياءه في هداه ونعيمه على أولياء دينه ، ويعرفنا قدرتهم على التحلي بكل صفات الكرامة والمجد الإلهي الذي أنزله على عباده الكرام الذين اصطفاهم لدينه وهداه ولتعليم العباد معارفه .

ولما كان الله تعالى قد أحكم هداه وأتقن دينه فكذا كان نبينا الكريم جاد في بيان تعاليم دينه لآخر الدهر بمن يحافظ عليها بكل صورة ، فقد ذكر وحدثنا بما أمره الله من نعمته عليه وتشريفه له بكل صورة ومجلس ذكر وحديث تشريف ، وكان لا يخلو كلامه صلى الله عليه وآله وسلم من الكلام عن بيان شرف آله وعظمتهم لأنه بقاء دينه ووجوده ومعارفه وأنفس شيء عنده ، وثقله الغالي الذي يحب أن يعرفه ويقتبس من نوره كل طيب ومؤمن صادق في معرفة هدى الله ونعيمه الحق ونوره الذي جعله يشرق منهم هدى ودين لآخر الدهر .

وإنك يا طيب عرفت أن هذه المجد للنبي كان قبل عالم الشهادة ، وأنهم كانوا نور شامخ في الوجود في كل مراتبه ، وهذا النور الكريم هو خير ما خلق الله تعالى في الكون ، فقد أعده وجعله رحمة وهدى ونور للكل طالب لرحمة الله وهداه ، وهو بفضل الله قد خص به كل الكون وكماله وتمامه لنبينا ونفسه الكريمة علي بن أبي طالب وآله المعصومين وبالخصوص أصحاب الكساء والمباهلة ، والمعصومين من ذريتهم إلى إمام زماننا وولي ديننا الذي أعده الله لأن ينور الوجود بهدى الله ويقيم العدل التام في اليوم الموعود له ، ومنهم يقتبس من يطلب الهدى الحق والكمال التام والجمال الإلهي لكل ملكوت نعيمه النير من غير أي جهل وظلام ، وفي هذا المعنى الكريم معرفة عالية إن شاء الله نذكرها لك ونحدثك بها في صحيفة النور أو راجع صحيفة الإمام الحسين أو شرح الأسماء الحسنى ، فإن فيه بذرة كريمة من المعرفة ، وإن عرفت في الباب السابق في ذكره الخامس والسادس نور علم منه .

  وفي هذا الباب نبين نور النبي المتحد مع علي وآله وكل خير وبركه أعدها لمن يطلب دينه ويتوسل لله بهم لأن ينور وجوده المشرق منهم وببركته سبحانه عليهم ، ويرفعه من كل ظلام جهل ومعصية وأي شيء يبعده عن رحمته ، بل يكرمه فيجعله من أشرف خلق الله المكرمين ببركة معرفته والتوجه له بهم .

وقد عرفت نور النبي وعلي الواحد وتنقله في الأصلاب وتنقله في مراتب عالم الشهادة والملكوت في الباب السابق ، وهنا نذكر بعض آثاره والغرض منه وشأنه السامي ، لتكون لنا معرفة أخرى نجيب بها على سؤال ذكره المحاور .

 وبالمناسب لهذا الباب نعرف باقة عطرة من أحاديث النعمة على النبي وآله تبين مقام آله الطيبين الطاهرين ، وبالخصوص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وشرفهم وكرامتهم عليه وعند الله تعالى في مراتب متقدمة من عالم الشهادة بل وفيه بل وفضله علينا ليعرفنا بهم ، وهي من التي نذكرهم بها ونعرف مقامهم السامي الكريم عند الله ، والتي يمنع المحاور وأئمته من قبل معرفتها وذكرها لكي لا يُعرف الحق ، ولكي لا يتوجه لضلال أئمته فيهجرون ويتركون أو لا أقل من هم على مذهبه يقبلون أهل البيت النبوي الطاهر ويخلطن دين أئمتهم بنور الله ، وأن كان الحق هم يحاولون أن يطفئوه نور الله المشرق من آل محمد عليهم السلام ، عناداً للحق وتمادي في الغي وطمع في الدنيا والمنصب والجاه والعجب عند أتباعهم بأنهم أئمتهم .

سواء كانوا يعلمون بفعلهم هذا ومنعهم الدائم لمثل هذا الذكر أو لا يعلمون ، وبالخصوص المتأخرين الذين غشهم الاستعمار في نشر مذهب الوهابية بالقوة وبالداعية والمال ، حتى حسبوا أن لا دين لله غيره ولا مذهب حق قد انحرفوا عنه .

 

 ونحن نذكر هذه المعارف حتى نعرف نور الله بحق المعرفة ونعرف بعض آثاره التي تشرفنا بل تحققنا ببعضها ونعرف فضل ذكر علي وآله صلى الله عليهم وسلم ، وحتى نتيقن بالفوز والفلاح حين نأخذ دين الله منهم ، وعندما نعرفهم ببعض شأنهم وكرامتهم على الله ورسوله ، فنعرف ربنا الكريم ونعرف تعاليمه بما يحب ويرضى فنسير بهداهم على صراط مستقيم ، ونحصل على كل شرف ومجد ونعيم ، ولله المنة لما هدانا من معرفة أئمة الحق الذين سندعى بهم يوم القيامة إن شاء الله .

 

إلى الأعلى


ذكر آثر نور نبينا والإمام علي وآلهم في الملكوت في توبة أبو البشر :

قد أشكل المحاور الوهابي في المحاورة الخامسة وقال في ضمن كلامه فيها :

 خطيئة آدم حسب عقيدتنا قد تاب منها بكلمات علمها إياه الله سبحانه وتعالى ولم يكن سيدنا علي وسيدتنا فاطمة وسيدينا الحسن والحسين قد ولدا بعد عندما علم الله سبحانه وتعالى آدم كيف يتوب ..!!

أقول : هذا إشكال له وهم لا يؤمنون بالملكوت الأعلى ومعارفه عندهم مجهولة ، حتى أنهم لا يعتقدون بعصمة الأنبياء علماً وعملاً وإن اعتقدوا بعصمة الصحابة علماً وعملاً !!! بل يُكفرون من يتكلم في بيان تأريخ الصحابة الذي يبين أخطائهم ومساوئهم .

 وعندهم بيان أن نبينا الكريم غير معصوم فضلاً عن باقي الأنبياء أسهل من ألف مرة من ذكر أخطاء الصحابي الذي لم يحب النبي ولم يسمى صاحب بحق الصحبة لأنه لم يحفظ النبي في آله ، بل لم يحفظ النبي في دينه وأفتى برأيه وقياسه واستحسانه حتى قالوا سنة النبي وسنة الصحابة كأنهم مشرعون بغير تشريع النبي الكريم ، حتى كان هذا المعنى عندهم من أسس دينهم في انتخاب الخليفة الثالث راجع شورى الستة الذين عينهم الثاني بل الأول والثاني وغيرهم.

فمن كان هذا حاله ولم يعرف شأن نبينا العظيم ومقام الإمامة وشأن الله في بيان دينه ، بل يعتقد أنه عصاه التي يهش بها على غنمه كما قل محمد بن عبد الوهاب مؤسس دين الوهابية ، أنفع من النبي الكريم ، وأنه صلى الله عليه وآله وسلم لا ينفع ولا يضر ولا يمكن التوسل به لله وأنه كفر وشرك وضلال ، ولذا تراهم يحرمون زيارة النبي وآله في المدينة ويمنعون الحاج من التوسل بهم والسلام عليهم ويضربون كل من يدعوا الله بحقهم ، وكأن هذه الآية الكريم ليس في كتاب الله ويتلوها كل مؤمن بحق ويؤمن بها أن لها آثاره لآخر الدهر ، بأمر الله تعالى في قوله :

 { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا}النساء64 .

وهذا أمر إلهي لنا لأن نأتي النبي ونستغفر الله عنده ليعجل لنا في قبول التوبة والغفران وهو أمر دائم وعامل شامل ، سواء كان في نفس وجوده في بدنه في الدنيا أو هو شاهد وناظر بروحه الكريمة المشرقة بنور الله في عالم الملكوت الأعلى ، فإن أمر الله العام شامل وأنه يحق أن نسأل رسوله الكريم أن يستغفر لنا الله ونطلب منه أن يسأل الله أن يعفو عنا ، ولا فرق بين حياته ومماته وهو في الملكوت الأعلى وفي أشرف مقام وأعلى منزله ، وقد أدى ما عليه بأحسن صوره وآجره الله بأحسن أجر ، فكان المشفع الكريم والفاضل العظيم الذي أعطاه كل كرامة وأشرق منه كل نور يوصل كل طالب له ومقتبس منه لرضا الله تعالى .

وإن الله تعالى قد أمر نبي الرحمة والكرامة في آية المباهلة أن يدعوه ويتوسل له بآله الكرام الطيبين الطاهرين فقال تعالى :

{ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ }آل عمران61 .

 وقد جاء النبي الكريم في ذلك اليوم المشهود بالحسن والحسين وفاطمة ونفسه علي عليهم أشرف الصلاة السلام وآله وأهل بيته وثقله النفيس المطهر الماجد وعترته المباركة أصحاب البيوت المرفوعة ، وأبان الله صدقهم ومقامهم السامي الشريف عنده وأن دعائهم مستجاب عنده ، بل يفني عدوهم بل المكذب لهم فضلاً عن محو الذنوب وغفران المعصية وسترها ، وهذه كرامة الله وشرفه لنبينا الكريم وآله الطيبين الطاهرين ولأتباعهم ولمن يحبهم ويعرف قدرهم ، سواء المسلمين أو من سبقهم من الأنبياء والمرسلين وبشر بهم وعرفهم لأوليائه وأصحابه وأتباعه ، وكان أولى بهم أبو البشر آدم الذي رأى نورهم في عالم الذر وفي صلبه وكل مقام نظر فيه للملكوت في الجنة .

فالمحاور لم يعقل شأن نبينا وذب كلامه على عواهنه ولم يفقه نور الله ولا مقام نبينا وآله2 وكرامتهم على الله ، وأنهم بهم تجاب الدعوة وأن النبي بهم أتم نوره ، فجعل دعاءهم حين يؤمنوا يُرفع بأمر الله وتعلميه له ولنا ، وليعرفنا قدرهم عند الله وشرفهم في سرعة إجابتهم حين طلبهم من الله ، وكلامه عرفته في المحاورة الخامسة يشير به لفكرة ندين بها ونذكرها بأمر الله ونتحدث بها كحديث نعمة ، ونشير بل نبين بها كرامة الله علينا لنعرف أئمة الحق ومقامهم السامي عند الله وهو أن الله يغفر الذنوب بهم كما عرفت ، وكما أدبنا وعلمنا وعرفنا في معنى آية المودة إذ قال تعالى :

{ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ}الشورى23 .

 وإن مودة القربى لنبينا محمد وهم آله الأطهار علي وفاطمة والحسن والحسين ، وهو أهل نور الله ومعرفة هداه ، حسنة مزاده مضاعفة لمن يقترف منها ، وفيها غفران الذنوب وشكر السعي من الله الغفور الشكور بنص الآية وتعليل الله بأسمائه الحسنى فيها ، تدبرها الآية ، وهذا ما عمل به آدم عليه السلام وكل من توسل بالنبي وسأل الله بحق نبي الرحمة وآله أن يغفر له أو يقبل عمله ويقضي حاجته ، فيصلي عليه الله كجزاء شكر لمعرفة لحق وأهله ومحل نوره وهداه وأنه أتاه من وليه وصراطه المستقيم يطلب معرفته ودينه الحق الصادق المصدق ، فيغفر الله له ذنوبه ويقبل توبته ويستر عليه كل ما فرط في جنب الله ، بل يصله برحمته وبركته حين يصلي على النبي وآله صلى الله عليهم وسلم ، ويسأله بحقهم أن يغفر له زلته وهذا ما فعله آدم عليه السلام .

فالمحاور إذا يعتبر نبينا لا مقام عنده وعصى محمد بن عبد الوهاب مؤسس دينه ومذهبه في الفترة الأخيرة بأفكار ابن تيمة التي أيدها الاستعمار وقبلها دين في السعودية ونشرها بكل جهده وشجع من يتبعها عنده ، أفضل وأشرف وأكرم من النبي وآله ، وعنده النبي وآله لا شأن لهم وغير معصومين ، وإن كانوا أئمته أعداء النبي وآله لعمله بدينهم وتقليدهم معصومون يحرم تخطئتهم وما قالوه مهما كان هو الحق في القول في بيان ضلالهم وجهلهم .

ولهذا تراهم لا يعقلون مسألة الملكوت وعالم الذر ومعرفة آدم نور نبينا محمد وآله صلى الله عليهم وآله في الملكوت عندما كان في الجنة ، وأن الله حكيم متقن صنعه وهداه ، وأنه أخذ على كل فرد أن يقر له بالعبودية والطاعة وأخذ الميثاق له وللأنبياء وولاة دينه بالطاعة على أن منهم يأخذون تعاليم دينه ، وإنه تعالى أودع هذه المعارف في فطرة كل إنسان ويطلبها كل عاقل بوجدانه الصاحي وضميره الحر من التقليد ، فيعرف بأقل تدبر في الدين إن اشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وبعده أئمة الحق آله الطيبين الطاهرين ، وإن لهم مقام سامي شريف عند الله ، ويغفر الله لمن يستغفر لله ويطلب منهم أن يستغفرون له كالنبي الكريم ، فإنهم شهداء في عالم الملكوت والنور وأحياء عند ربهم يرزقون ، قد مكنهم الله من سمع الخلائق والطلب من الله بما يوفق عباده للتوبة بل التحلي بالهداية والنور ، وآل النبي وأئمة الحق من النبي وهم معه في كل شأن ومنزلة كما عرفت في آية المباهلة التي عرفنا الله أنه بتأمينهم على دعاء النبي يستجيب الله له وأراد أن يبين مقامهم السامي معه وشأنهم الجليل عنده ، وأنه بودهم ومحبتهم ومعرفة ولايتهم يتم شكر السعي في طلب الله ومعرفته ودينه والعمل به ، بل يغفر الذنوب من الله الغفور الشكور فضلا عن مضاعفة الحسنات .

ولذا كان إن الله يغفر لمن يعرف قدرهم ويتوسل له بحقهم ويقر له أنه يأخذ دينه ممن اصطفاهم وأختارهم ونوّرهم بهداه ودينه ومعرفته بكل وجودهم ، كما عرف هذا أبو البشر وأبو الأنبياء إبراهيم وكل من بشر بالنبي من الأنبياء وعرفهم لأوليائه وأتباعه فسألوا الله بحقهم وأنجز لهم ما يحبون .

وإن النبي الكريم هو الذي يبين شأنه ومقامه السامي في الملأ الأعلى سواء في وجوده قبل الدنيا نور أو في عالم الذر وكيف شأنه والميثاق المأخوذ له ولآله ، وأن آدم عليه السلام عرفهم وعرف ذريته وأهل الكرامة والشرف فيهم ، فسأل الله تعالى بحقهم أن يتوب عليه ويغفر له وهو في الجنة وحين هبوطه للأرض ولم يكلف بعد ، وسماه معصية ومخالفة لأمره قبل وجود آدم في الدنيا ، ولكنه تاب من المعصية قبل نزوله للدنيا طاهر من كل ذنب بفضل توسله بالطيبين الطاهرين نبينا محمد وآله الكرام .

ولتعرف تفصيل هذا المعنى راجع تفسير الميزان الجزء الأول في الآيات ثلاثون فما بعدها تعرف تفصيل الحقيقة ، ولكن هنا أذكر لك بعض أحاديث الشرف والكرامة لنبينا الكريم وآله الطيبين الطاهرين سواء معرفتهم في الملأ الأعلى قبل خلقهم كما عرفت في الباب السابق ، أو هنا في توسل الكرام بهم وسؤال الله بحقهم الشريف أن يغفر لنا ويرحمنا ويرحمهم .

 وكانت هذه المعرفة حتى لآدم عليه السلام ، فسأل الله بحقهم ، وطلب أن يغفر له الله بحقهم وبما كرمهم ورفع شأنهم ، بل كان كل الأنبياء يحدثون الناس بوجود نبي الرحمة في أخر الزمان وآله الكرام ويبشرون به ويعرفون شأنه وهذه من مسلمات الدين وذكرها الله في كتابه الكريم ، كما نحدث عن إمام العصر من ذرية النبي والقائم بالحق من آله الإمام الثاني عشر ، وهم لم يعترفوا به ويقولون يوجد مثل هذا الكلام ومتواتر أنه يأتي إمام حق في آخر الزمان .

 ولكن من على دين الوهابي لا يعرفون له مصداق وإنه الإمام الثاني عشر من آل محمد عليهم السلام مجهول عندهم وجوده فضلا عن معرفة قدره ومنزلته ، ويهزئون بمن يذكره حتى سموا غرفة في الباتلاك في الإنترنت الذي فيه تكون المحاوارت الصوتية باسم السرداب ، جهلا منهم أنه عليه السلام إن غاب من السرداب فإنه موجود بأمر الله في أي مكان يشاء الله من أرضه ، وهو عليه السلام يقوم بمهام الإمامة كما أمره الله وعلمه وإن لم يعرف الناس شخصه كما يقوم نبي الله الخضر معه ولهم كثير من الأعوان في هذه المهام وقصة الخضر مع موسى ذكرها الله في الذكر الحكيم القرآن المجيد ، ولكنهم يصدقون بها ولا أدري يعتقدون حياة الخضر الآن أم لا ، وهم إن اعتقدوا حياته ، فهادي الأمة الإسلامية من آل محمد موجود بنص كثير من الأحاديث والكتب راجع موسوعة الإمام المهدي أو كمال الدين وتمام النعمة وغيرها ، وإن وجوده أولى لأنه به يدعى المؤمنون حين يدعى كل أناس بإمامهم ، وعرفت أن الأرض لا تخلوا من حجة لله .

وإن الله شاء أن يبشر به كما بشر في الأمم السابقة به وبالنبي الكريم وكل آله ، وذلك ليعرف عباده المؤمنين الذين يسلمون لحكمه وحكمته في هداه ومعارفه ، وبركته يعرفها كل من يدين لله بدين نبينا وآله الطيبين الطاهرين ، وراجع قسم مما كتبنا في موسعة صحف الطيبين عنه ، وهو موجود في أرض الله حتى يمكنه الله تعالى ويتم نوره ، وإن ظهوره في الكعبة لا في السرداب ، وإنا نحترم مكان الغيبة وكل أثر مقدس لنبي الرحمة وكل محل كرامة لنبينا وآله ، وذلك لنقر لله بالقول والفعل والتسليم لولايته في الأرض التي جعلها لنبينا وآله ، ونعرف أنه لم يهمل عباده وأنه قد أتم رعايتهم بأئمة حق مكنهم من نوره وهداه وتعليم معارفه الصادقة ، والخالصة من كل ضلال لأئمة الكفر والاستعمار وأذنابه ، وكل ظالم وعاتي يفتي برأيه وقياسه ومن غير معرفة لمحل هدى الله ودينه الحق .

 كما حاروا بالحديث الذي يبشر باثني عشر إمام وخليفة حق خلف لرسول الله له كما عرفت ، وتركوا الحق من قبل فلم يعرفوا الوصي والإمام الأول فضلاً عن المهدي الموعود عليهم من آل محمد عليهم السلام ، وقد كتبنا بعض المعرفة عن الإمام الثاني عشر في صحيفة الإمام المهدي عليه السلام في موسوعة صحف الطيبين أو راجع الكتب المختصة ، وعلى كل حال .

فإن الله تعالى قد عرّف آدم وكل الأنبياء شأن نبينا الكريم وآله حتى إبراهيم عليه السلام ، وهو أبو الأنبياء جاء لمكة وبنى بيت الله لهذا الغرض ليضع من صلبة الذرية الطاهرة الحاملة لنور نبينا محمد وآله ، وعرف مقامهم وسأل الله بحقهم وعرف شأن آله الكرام وما هي مهمتهم في مكة المكرمة وبناءها ، فبناها وترك إسماعيل وآمن وسلم لأمره لله حتى يأتي أشرف الخلق وأكرمهم عند الله وآله الطيبين الطاهرين حتى يحافظوا على دين الله لآخر الدهر ، وبهم يعرف الله حق المعرفة فضلاً عن دينه وعظمته وشأنه ، بما يعرفوهم من عظمته وتكريمه في كل عالم ووجود لهم ولشيعتهم ، فإن لهم من الكرامة والفضل والمجد في أعلى منزلة وأشرف مقام ، وتبع لهم كل مَن آمن بهم وعرفهم فعرف الله ودينه منهم .

 وهكذا كل من تتبع هدى الله في كتابه وسنة نبيه وعرف قانون الله في اصطفاء الأنبياء وآلهم ، فعرف شأن نبينا الكريم وعظيم مقامه وكل ما ذكر مما يجري له وعليه ، فنبينا وآله الطيبين الطاهرين صلى الله عليهم وآله وسلم عرّفهم الله تعالى من قبل لأنبيائه ولمن تبعهم من أممهم ، وبشروا بهم كل مؤمن يحب الحق والهدى ودين الله وأولياءه عليهم السلام ، وهكذا عرّف نبي الله آله بأنهم أئمة حق وهداة للمؤمنين لآخر الدهر أولهم الإمام علي والثاني عشر الإمام المهدي المنتظر الذي أوعد الله تعالى أن يتم هداه ودينه كله في الأرض على كل العباد ويرفع كل ظلام وضلال وجهل ، فينور به الوجود بل يتم نوره تعالى في كل بقاع الأرض حتى لا يبقى عاص أو مُصر على الطغيان ببركة وجوده وما يمكنه من نشر نوره والإشراق بهداه .

 

  ومثل هذه المعارف من الآيات السابقة يذكرها الله ويشرحها النبي في أحاديثه الشريفة وكلامه الحسن ويكثر الذكر لها ، وذلك لكي يعرفوهم ويعرف المؤمنون شانهم الكريم وما يجري لهم من الشرف والكرامة فيفرحوا بهم ، ويحبوا أن يكونوا مثل أئمتهم ومعهم في كل شرف وكرامة ونور ، وكذلك يذكر نبي الرحمة ما يجري عليهم ليتأسوا بهم عندما يرون الكفرة يحكمون ، فيتوقعون ظهورهم ويصبرون ويعدون العدة لنصر الحق في أي زمان كانوا ، وليفرحوا بأن الله متم نوره وهداه ولو كره الكافرون ، ولكن الظلمة وأعوانهم والمنحرفين عن الذين شرفهم الله لا يروقهم هذا الكرام في تشريف النبي وآله الكرام وبيان منزلتهم العظيمة عنده وشأنهم السامي الرفيع الذي أنزلهم به تعالى.

فلذا تراهم يستنكرون كل كرامة للنبي وآله وشرف ولا يتعقلونها ويعتبرها غلوا ، فلم يعرفوا عظمة الله وكيف يشرف أولياء دينه ويكرمهم بكل كرامة ويعظمهم ، حتى يجعل ذكرهم من ذكره وبيان لعظمته وكرامته وتشريفه وعزه ، وكيف يعز أولياء ويرفعهم فيذكر لهم أكرم المناقب ويشرفهم بأفضل الشرف حتى يكون ذكرهم بيان لعظمته ويفرح كل قلب مؤمن يحب فضل الله ومجده وعزه لأولياء الدين ومن يتبعهم بحق صادق .

فمن يؤمن بالله ونبيه عليه أن يأخذ تعليمه من كتابه ويعرف حرمته ومقامه عند الله وشرفه في كل مراتب الوجود ، فيقدمه صراط مستقيم في معرفة الله وتعلم دينه ، بل يتقين جديته في محافظة الله على دينه بآل النبي الكرام ، وبالخصوص بالوصي الذي عرفه الله في كل مقام من كتابه وسنة نبيه بل وبكل سيرة له وسلوك ، ولكن الوهابي ومنهم على مذهبه لا يعرفون شأنهم وعلوا منزلتهم عند الله فضلا عن نورهم ، فيستنكرون كل كرامة لهم ، وإن اقروا ببعضها وذكروها في كتبهم فهم لا يعتبرها معبرة عن مقامهم الشريف وشأنهم العظيم عند الله ، ويكون وجودها كعدمها لا تبين شيء وليس لها معنى يذكر ، فلذا غفلوا حتى تبعوا أعداءهم ومن قتلهم وسبب لهم كل مصيبة وحرف الناس عن الدين الحق ومعارفه العظيمة .

ومسألة خلق الله الناس لعبوديته وأنه قد أخذ الله عليهم ميثاقه قد حكاه تعالى في كتابه المجيد ، وإن كلام الله يُلقي الأصول والنبي الكريم هو الذي يفصل ويشرح ويبين لنا أهميتها ومحتواها والمراد منها ، فالله أمرنا بالصلاة سواء اليومية أو على النبي ولكن لم يبين كيف هي وما هو عددها ، والنبي الكريم هو الذي شرحها وبين معناها وكيفيتها والمراد منها ، وقد كتبنا فيه ذكر جميل في صحيفة الإمام الحسين عليه السلام فراجع .

وهذا أحاديث تبين توبة آدم ونور نبينا الكريم في صلبه وقبله نعرف بها شأنهم العظيم ومقامهم السامي وهي مكملة لما عرفت في الباب السابق من الذكر الخامس والسادس بل هي منه ومذكرة به ، وإن بينت آثار نور نبينا وآله الكرام في توبة آدم وهداية البشر كما عرفت تنزل نور الله في ذلك الباب ، ونسأل الله أن يرحمنا بها ويجعلها ذكر له قد بينا بها عظمته في تشريف أولياءه ومقامهم الكريم عنده ، والأحاديث في هذا الباب كثيرة جداً نختار بعضها وبها يعرفنا الحديث عن شأن النبي وعترته وآله ، وكرامة الله عليهم بالحق ، وهي لهم في كل سنة الله في تشريف أولياءه في كل مراتب الوجود فضلاً عن الزمان وتأريخ الأرض :

ذكر الصدوق بإسناده عن ابن أبي حمزة عن أبيه قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز و جل : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } الأحزاب56 .

 فقال الصلاة من الله عز و جل رحمة ومن الملائكة تزكية ومن الناس دعاء ، و أما قوله عز و جل : ( وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً ) ، فإنه يعني التسليم له فيما ورد عنه ، قال : فقلت له : فكيف نصلي على محمد و آله ؟

قال : تقولون : صلوات الله وصلوات ملائكته وأنبيائه و رسله و جميع خلقه على محمد و آل محمد و السلام عليه و عليهم و رحمة الله و بركاته.

قال : فقلت : فما ثواب من صلى على النبي و آله بهذه الصلاة .

قال : الخروج من الذنوب و الله كهيئته يوم ولدته أمه ) .

معاني الأخبارص368 ح1 .

أقول : قد عرف هذا المعنى كل من بشر بالنبي الكريم وعرف نوره من الأمم السابقة ، والمؤمنون من المسلمين ، عرفوا بأنه إقرار لله بالعبودية والكرامة لأشرف خلقه ولكل من يخلص له ، وفيه معنى التوبة والتوجه لله لمن يصلي عارف بمعناه وما يدل عليه من التوسل بالله بحق النبي وآله ، لا الغافل كالوهابي وأمثاله الذي لا يعرف معناه ولا يقر للنبي بشأن وكرامة من الله .

فإن في طلب الصلاة على النبي الكريم معنى واسع للتوبة وفيها التوجه الكامل لله والتخلص من الغفلة بل فيها توجه كامل لرحمة الله مع الحب والأنس في معرفة فضله وكرامته لأولياء وحسن الظن به تعالى ، وأنها لا تجتمع مع المعصية لمؤمن يعرف معناها وآثارها في تحصيل نور الله والإشراق عليه بكل رحمة بسببها لأنه الله أمر بها .

 فإنه ببركة الصلاة على النبي الكريم وآله تنزل على المصلي رحمة وكرامة من الله ويغفر ذنبه ويصلي عليه الله ويوصله بكل كرامة ، وذلك لأنه أقر له بأنه كل كرامة منه تعالى حتى لخير البشر وآله ، وأن من يصلي عليهم يصله الله بالرحمة والمغفرة وكل كرامة وبركة ونور فضلا عن المغفرة والعفو ، بل عرفت في آية المودة شكر السعي والرضى والحسنات المضاعفة ، وذلك لأنه توجه له بنبي الرحمة وآله والله غفور شكور لمن يطيعه بأحب ما أمر به من مودة القربى للنبي الكريم ، وإظهار الود بذكر ما عرفنا من كرامتهم ومجدهم وفضله عليهم وعلينا كما عرفت في الآيات السابقة .

ذكر الصدوق بإسناده عن ابن عباس قال : سألت النبي صلى الله عليه وآله عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه ، قال :

( سأله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي فتاب عليه ) .الخصال ب5ص270ح1.

ذكر الصدوق بإسناده  قال الصادق جعفر بن محمد عليه السلام :

( من صلى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فمعناه أني أنا على الميثاق و الوفاء الذي قبلت حين قوله :

{ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ، شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ } الأعراف172. معاني الأخبار ص116ح1.

أقول : يتلون القرآن ويفسروه بالمجهول لا يعرفون معنى الميثاق وكيف يعبد الله ويطاع من الهداة لدينه المنعم عليهم في كل زمان ، وأن الله يعرف وتعرف تعاليمه بحق المعرفة المرادة له من نبي الرحمة وآله بعده دون أعداءهم ، وهم يصلون على النبي بدون معنى بل لعلهم مقهورون ولعله متضايقون منها ، ولا يذكرون آله معه عناد لله ولتعاليم نبيه راجع كتبهم واسمع خطبهم ، فضلاً عن إقرار لله بالميثاق بان يعبد بصراط مستقيم من أولياء الدين ، وقد ذكرنا في معنى الصلاة على النبي حقائق لطيفة تريح المؤمن وتعرفه معناها وشأن النبي وآله وفضل الصلاة عليهم في صحيفة الإمام الحسين عليه السلام فراجع .

ذكر الصدوق بإسناده عن أبي الجارود عن محمد بن عبد الله ، عن أبيه ، عن آبائه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :

( كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله جل جلاله قبل أن يخلق آدم بأربعة آلاف عام ، فلما خلق الله آدم سلك ذلك النور في صلبه ، فلم يزل الله عز وجل ينقله من صلب إلى صلب حتى أقره في صلب عبد المطلب ، ثم أخرجه من صلب عبد المطلب فقسمه قسمين فصير ، قسم في صلب عبد الله ، وقسم في صلب أبي طالب .

فعلي : مني وأنا من علي ، لحمه من لحمي ودمه من دمي ، فمن أحبني فبحبي أحبه ، ومن أبغضه فببغضي أبغضه .

ذكر مكتوب بين كتفي محمود الملك قبل خلق آدم باثنين وعشرين ألف عام ) .الخصال ب120ص640ح16.

أقول : عندهم مثل هذا الحديث غلوا وتعصب للنبي الكريم وآله الطيبين الطاهرين ، وما أدري بماذا يفسرون الملكوت وسورة الإسراء والمعراج وسورة النور وغيرها التي يشير بها الله لرجال البيوت المرفوعة الذين لا يلهيهم مله عن ذكر الله تعالى ، وإن مراتب الوجود وتنزل نور الله في العوالم من النور لنور الجبروت للملكوت ، وما شرح النبي وبينه في تنزل نوره من الملكوت من غير للأصلاب والأرحام الطاهرة ، وأن هذا مما خص به الله نبي الرحمة وآله كما في آيات النور والبيوت المرفوعة بل وغيرها من آيات الميثاق والتبشير به ، ولعلمه تعالى بطهارتهم وهو الذي اصطفاهم من خلقه وأختارهم كما عرفت في الباب السابق ، ولذا جعلهم أئمة الحق والهداة لدينه .

وهذه المعرفة بحمد الله من المسائل المسلمة عندنا ، وما أدري هل الجنة عندهم مخلوقة والآن نبينا وآله وشيعته ومن يحبه في نعيم وكل كرامة الآن ، أم عندهم مثل أئمة الكفر والضلال لا ينفع ولا يضر وهو ميت في روحه وبدنه  ولا كرامة له ولا لآله ، فضلا عن أن يكون نور قبل الدنيا أو أنه مأخوذ له الميثاق كما ذكر الله تعالى في آيات الميثاق المأخوذ لولايته وأنبياءه الكرام وأئمة الحق والهدى .

ونحن نؤمن إن جميع الأنبياء والمرسلين مطهرون مصطفون اعتنى الله بهم بكل صورة ممكنة سواء ولادة وتولد أو رعاية وتربيه في التسديد للصواب وقول الحق طول حياتهم ، بل من قبل الدنيا رعاهم الله وهم أنوار ، وعندنا بتعليم نبي الرحمة وآله هذه من المسائل المسلمة ، وهم عندهم عصمة الأنبياء وطهارتهم من أشكل المشاكل وغلوا .

ولكن إذا تكلمت في نسب صحابي أو ذكرت له فعل قبيح ذكره التأريخ ، فإنك عندهم قد كفرت وأشركت ولا يسمعون منك كلام مع أنه مذكرو في سيرته وتأريخه من كتبهم المتقدمة ، ولكنهم ينزهون الصحابة دون النبي وآله صلاة الله وسلامه عليهم .

 وعرفت شأن النبي وآله عند الله تعالى إن الله دينه طاهر وكتابه طاهر ولا يختار إلا الطاهر لتعليمه ويحافظ عليه ، وأنى لهم هذا في أئمة دينهم ، ولكنهم يمنعون هذا الذكر لكي لا يصل الكلام عن الحديث عن أبن آكلة الأكباد وجامع جيوش الكفر على النبي وآله في الجاهلية والإسلام الذين يعبدون الله بدينهم دون دين ومذهب نبينا وآله ، حتى جعلوا المعروف منكر والمنكر معروف وقلبوا النور ظلمة والظلمة نور وتوهموا أنهم يحسنون صنعاً في جهلهم المركب والظلمات المتراكمة .

ولكن قد ينتبه كثير منهم لهذا فيقر بالمعرفة واليقين أن المذهب الحق للنبي وآله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكتب أحدهم  في محاورة جميلة له يقول : كنت وجمع من الوهابي ندافع عن الصحابة وحسن سيرتهم وكرامتهم حتى كفرنا الشيعة وكل من ينصرهم بمس صحابي ، ولكن في مرة طرح بحث حول عصمة النبي الكريم فرأيت الوهابية يأتون بكل دليل من القرآن ويؤولون كل كلام ، ويأتون بكل حديث على غيره فيلصقوه بالنبي وليثبتون إمكان خطئه وعدم عصمته ، ثم قال هذا ظلم في البحث فترك ساحة الحوار بعد أن ذكر هذا وقال لن أحاور بعد .

أقول : وكأنه يقول : إذا لم أحل هذه المسألة إن الصحابي معصوم أو النبي لم أحاور أحد ، أقول وإذا كان النبي الكريم هو المعصوم ، دون الصحابي فعليه معرفة الطاهر منهم ، والذي لم يكذب ويخادع ، ولن يجد غير آل محمد صدقهم الله ورسوله ، ومن أخلص لهم المحبة وصار محب لهم فصدق على أنه صاحب النبي لأنه صار محب وأخلص الصحبة له في آله عن مودة بأمر الله ورسوله دون غيرهم ممن قتلهم وحاربهم ، فيرجع للحق وينصر الصواب وهذا يحتاج له قلب نظيف طاهر عن حب أعدائهم ، وهذا يحتاج لغسل للمخ بالمحبة الصادقة بأمر الله وتنظيف للقلب من رجس غيرهم ممن قتلهم وحاربهم ومنع ذكرهم ، ولا يحصل عليه إلا من يتصل بالطاهرين المطهرين بكل وجوده فعندها يبصر قلبه الحق وينصر عقله الصدق في الدليل والبحث في أن دينهم الله عند النبي وآله دون غيرهم .

وذكر الصدوق بإسناده عن سلمان الفارسي رحمه الله قال :

( دخلت على النبي صلى الله عليه وآله وإذا الحسين عليه السلام على فخذيه وهو يقبل عينيه ويلثم فاه ، وهو يقول :  أنت سيد ابن سيد ، أنت إمام ابن إمام أبو الأئمة ، أنت حجة ابن حجة أبو حجج تسعة من صلبك ، تاسعهم قائمهم ) .الخصال ب12ص475ح38.

أقول : ذكرنا حديث أنه بعد النبي اثنا عشر خليفة بعده ، وهم لم يفسروه بآله الكرام ولم يعرفوا شأنهم فيأخذوا دينهم منهم بل يحرمون ذكرهم ومعرفتهم ، ويذكرون غيرهم مع أنه لم يعترفوا بكرامة لغير آل محمد عليهم السلام مثلما لم يتعرفوا للنبي الكريم وآله ، ويتجاهلون ما يعرفون عن نبي الرحمة وآله ، ولا أدري لماذا يصرون على أخذ دينهم من غيرهم مع أنه لا كرامة لهم تصدقهم بمعنى الكلمة من دون نبينا وآله الكرام الذين هم المصداق الحقيقي لها .

وهم بدل أن يأخذوا دينهم من الحجج الطاهرة وأئمة الحق علي وآله آل رسول الله صلى الله عليهم وسلم ، قتلوهم وحاربوهم بالسيف واللسان والسنان والقلم والكلام وفي الحوار على الانترنيت ، وحرموا ومنعوا كل أسلوب يعرف شأنهم العظيم وأن دين الله عندهم ، والعياذ بالله من هذا الدين الفاشل في معرفة الله ومحافظته على دينه وإتقانه لصنعه وهداه وكل أمر أوجده ، وطلب أن نسلك سبيل قد عين له أئمة الحق والهدى وعرفنا كل ما يوصل لهم بصراط مستقيم.

 

إلى الأعلى



الذكر الثاني

ذكر شأن الإمامة والإمام ومقامه السامي في الدين

بعد أن عرفنا شيء عن ضرورة وجود الإمام من آل محمد صلى الله عليهم وسلم في أي زمان ومحل كانوا ، وتذاكرنا مقامهم السامي ببعض المعرفة وشرفهم وكرامتهم عند الله تعالى ، نذكر شيء من مواصفات الإمام ، وكلها أحاديث نعمة تذكرنا وتصب في بيان معرفة نبينا الكريم وآله وعترته وأهل بيته الطيبين الطاهرين الإمام علي وآله صلى الله عليهم وسلم ، وإن بيان دين الله يتم معرفته من إمام الحق دون غيره ، وإن هذه الموصفات لا تكون إلا لنبي الرحمة وآله الكرام كما عرفت .

 وهذا بيان آخر لشأن الإمام وتعريف لمقام الإمامة السامي في الدين وعند الله ورسوله والمؤمنون : 

ذكر الصدوق قال حدثنا تميم بن بهلول قال : حدثني عبد الله بن أبي الهذيل ، وسألته عن الإمامة فيمن تجب ؟ وما علامة من تجب له الإمامة ؟

فقال : ( إن الدليل على ذلك والحجة على المؤمنين والقائم بأمور المسلمين والناطق بالقرآن والعالم بالأحكام ، أخو نبي الله وخليفته على أمته ووصيه عليهم ، ووليه الذي كان منه بمنزلة هارون من موسى ، المفروض الطاعة بقول الله عز وجل :

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ }النساء59 ، الموصوف بقوله : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُون َ} المائدة55 .

  المدعو إليه بالولاية ، المثبت له الإمامة يوم غدير خم بقول الرسول صلى الله عليه وآله عن الله عز وجل : ألست أولى بكم من أنفسكم ؟

 قالوا : بلى .

قال : فمن كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأعن من أعانه علي بن أبي طالب عليه السلام أمير المؤمنين ، وإمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين ، وأفضل الوصيين ، وخير الخلق أجمعين بعد رسول الله صلى الله عليه وآله .

، وبعده الحسن بن علي ، ثم الحسين سبطا رسول الله صلى الله عليه وآله وابنا خير النسوان أجمعين ، ثم علي بن الحسين ، ثم محمد بن علي ، ثم جعفر بن محمد ، ثم موسى بن جعفر ، ثم علي بن موسى ، ثم محمد بن علي ، ثم علي ابن محمد ، ثم الحسن بن علي . ثم ابن الحسن عليهم السلام إلى يومنا وهذا واحدا بعد واحد .

 وهم عترة الرسول صلى الله عليه وآله المعروفون بالوصية والإمامة ، ولا تخلو الأرض من حجة منهم في كل عصر وزمان وفي كل وقت وأوان ، وهم العروة الوثقى وأئمة الهدى والحجة على أهل الدنيا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وكل من خالفهم ضال مضل ، تارك للحق والهدى .

وهم المعبرون عن القرآن ، والناطقون عن الرسول ، ومن مات لا يعرفهم مات ميتة جاهلية .

 ودينهم : الورع والعفة والصدق والصلاح والاجتهاد ، وأداء الأمانة إلى البر والفاجر ، وطول السجود ، وقيام الليل ، واجتناب المحارم ، وانتظار الفرج بالصبر ، وحسن الصحبة ، وحسن الجوار ) .

الخصال ب12ص478ح46.

أقول : الحمد لله لم نتيه ونتخبط في معنى قول الله يوم ندعو كل أناس بإمامهم ، وقد عرفنا شأن النبي وأئمة الحق من آله من أولهم علي بين أبي طالب وآله حتى القائم من آل محمد صلى الله عليهم وسلم ، ولم نحمل كلام الله والنبي على مجاهيل ونتعبد له بدين أعداء نبينا وآله وكل من حاربهم وقتلهم ، وأنى لهم بمثل هذه المعارف في أئمتهم .

 

ذكر الصدوق بإسناده عن أبى سعيد الخدرى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :

( إن لله حرمات ثلاث من حفظهن حفظ الله له أمر دينه ودنياه ومن لم يحفظهن لم يحفظ الله له شيئا : حرمة الاسلام ، وحرمتي ، وحرمة عترتي ) .الخصال ب3ص145ح173. أقول : كلها متلازمة يعرف بها الله ودينه .

ذكر الصدوق بإسناده عن عبد الرحمن بن سمرة قال :

 قلت : يا رسول الله أرشدني إلى النجاة .

فقال يا ابن سمرة : ( إذا اختلفت الأهواء و تفرقت الآراء فعليك بعلي بن أبي طالب ، فإنه إمام أمتي وخليفتي عليهم من بعدي ، وهو الفاروق الذي يميز بين الحق والباطل ، من سأله أجابه ، و من أسترشده أرشده ، و من طلب الحق من عنده وجده ، و من التمس الهدى لديه صادفه ، و من لجأ إليه أمنه ، و من استمسك به نجاه ، و من اقتدى به هداه .

يا ابن سمرة : سلم من سلم له و والاه ، و هلك من رد عليه و عاداه .

يا ابن سمرة : إن عليا مني روحه من روحي و طينته من طينتي و هو أخي و أنا أخوه ، و هو زوج ابنتي فاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين و الآخرين ، و ابنيه إماما أمتي و سيدا شباب أهل الجنة الحسن و الحسين و تسعة من ولد الحسين تاسعهم قائم أمتي يملأ الأرض قسطاً و عدلاً كما ملئت جورا و ظلماً ) . أمالي الصدوق ص27م7ح2.

أقول : هذا نبينا وإمام الحق بعده وآله وأهل دين الله ، وإليك أوصاف لهم أخرى نعرف بها أئمة الحق وأولياء الله تعالى :

ذكر الصدوق بإسناده عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

( من أحب أن يركب سفينة النجاة ، و يستمسك بالعروة الوثقى ، و يعتصم بحبل الله المتين ، فليوال عليا بعدي و ليعاد عدوه و ليأتم بالأئمة الهداة من ولده ، فإنهم خلفائي و أوصيائي و حجج الله على الخلق بعدي و سادة أمتي و قادة الأتقياء إلى الجنة ، حزبهم حزبي و حزبي حزب الله و حزب أعدائهم حزب الشيطان ) . أمالي الصدوق ص18م5ح5.

ذكر الصدوق بإسناده عن ليث بن أبي سليم قال :

( أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم علي وفاطمة والحسن والحسين كلهم يقول أنا أحب إلى رسول الله ، فأخذ فاطمة مما يلي بطنه وعليا مما يلي ظهره والحسن عن يمينه والحسين عن يساره .

ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم : أنتم مني و أنا منكم ) .

أمالي الصدوق ص13م4ح2.

أقول : كل الناس يجلسون مع أهلهم وأهل بيتهم وهذا يشهده كل من عنده عائله وأهل بيت ، ولكن الوهابية لا يرون في هذا فضيلة للنبي في آله وتربيته لهم وأعدادهم لدين الله ولحفظ تعاليمه،  وأنهم منه في المنزلة والمقام وأجر الرسالة والمودة ، ويقولون حبيب الله ، ويحلون قتل آله الكرام وحربهم ، بل يودون ويحبون من قتل أهل البيت ويأخذون بدين أعداءهم ، وكأن هذه الأحاديث وجلسات أهل البيت مع النبي كانت مع معاوية ومن قتل آله النبي .

حدث بحديث نعمه وذكر المفيد فقال : حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي يوم الإثنين لخمس بقين من شعبان سنة ثلاث و خمسين و ثلاثمائة قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن عبد الله بن علي بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، قال حدثني الرضا علي بن موسى عن أبه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام قال :

قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

( يا علي بكم يفتح هذا الأمر وبكم يختم ، عليكم بالصبر فإن العاقبة للمتقين ، أنتم حزب الله وأعداؤكم حزب الشيطان ، طوبى لمن أطاعكم وويل لمن عصاكم .

أنتم حجة الله على خلقه والعروة الوثقى من تمسك بها اهتدى ومن تركها ضل ، أسأل الله لكم الجنة لا يسبقكم أحد إلى طاعة الله ، فأنتم أولى بها ) .أمالي المفيدص109م12ح9.

ذكر الصدوق بإسناده عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

( من سره أن يحيى حياتي و يموت ميتتي و يدخل جنة عدن منزلي ، فكان يتمسك قضيبا غرسه ربي عز وجل ، ثم قال له : كن فيكون ، فليتول علي بن أبي طالب وليأتم بالأوصياء من ولده .

فإنهم عترتي خلقوا من طينتي إلى الله أشكو أعداءهم من أمتي المنكرين لفضلهم ، القاطعين فيهم صلتي ، وأيم الله لتقتلن ابني بعدي الحسين لا أنالهم الله شفاعتي ) .

أمالي الصدوق ص35م9ح11.

ذكر الصدوق بإسناده عن إسحاق بن راهويه قال :

( لما وافى أبو الحسن الرضا عليه السلام نيسابور وأراد أن يخرج منها إلى المأمون اجتمع إليه أصحاب الحديث ، فقالوا له يا ابن رسول الله ترحل عنا و لا تحدثنا بحديث فنستفيده منك ، و كان قد قعد في العمارية فأطلع رأسه وقال :

سمعت أبي موسى بن جعفر يقول : سمعت أبي جعفر بن محمد يقول : سمعت أبي محمد بن علي يقول : سمعت أبي علي بن الحسين يقول : سمعت أبي الحسين بن علي بن أبي طالب يقول : سمعت أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقول : سمعت رسول الله  يقول : سمعت جبرائيل يقول : سمعت الله عز و جل يقول :

لا إله إلا الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي

قال : فلما مرت الراحلة نادانا بشروطها وأنا من شروطها ) .

قال الصدوق : قد أخرجت ما رويته في هذا المعنى من الأخبار في كتاب التوحيد معاني ‏الأخبار ص371ح1.

أقول : هذا معنى الميثاق أن يعرف الله من أولياء دينه وأئمة الحق الذين صدقهم الله وبين فضلهم وشرفهم وكرامتهم عليه ، وكل إمام بزمانه شرط معرفة الله بحق المعرفة ومعرف دينه منه لأنه الناقل لدين آباءه حتى علي ورسول الله بحق وصدق ، والمتمكن به بأمر الله وهداه الذي خصهم به وبعلمه فجعلهم أصحاب ليلة القدر والمطهرون الصادقون الأمجاد كالقرآن ، كلامهم وسيرتهم وسلوكهم كله يعرفنا نور هدى الله ودينه ، ولذا وجب علينا بحق ضرورة الإيمان بأنهم أولياء الله كلهم وأئمة حق قد فرض الله طاعتهم ، ويعرف هذا الحديث بحديث سلسلة الذهب لأنه عن آل محمد وأئمة الحق وإن كان كل أحاديثهم بهذا السند ، ولكنه فيه تصريح وعلى اختصاره فيه معنى معرفة محل الدين وكيف نصل له .

وهذا حديث آخر يذكرنا بأهمية ولاية وإمامة أهل البيت عليهم السلام وأهميتها وضرورة التمسك بها :

ذكر الصدوق بإسناده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال :

( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  لعلي بن أبي طالب عليه السلام :

يا علي : أنا مدينة الحكمة وأنت بابها ولن تؤتى المدينة إلا من قبل الباب ، فكذب من زعم أنه يحبني و يبغضك ؛ لأنك مني وأنا منك ، لحمك من لحمي و دمك من دمي ، وروحك من روحي ، وسريرتك من سريرتي ، وعلانيتك من علانيتي .

وأنت إمام أمتي وخليفتي عليها بعدي ، سعد من أطاعك وشقي من عصاك ، وربح من تولاك ، وخسر من عاداك ، وفاز من لزمك ، وهلك من فارقك.

 مثلك ومثل الأئمة من ولدك بعدي مثل سفينة نوح من ركبها نجا و من تخلف عنها غرق .

و مثلكم كمثل النجوم كلما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة ) .كمال الدين ج1ص241ب22ح65.

ذكر أبن شاذان بإسناده عن الحسين بن علي عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

( فاطمة مهجة قلبي ، وابناها ثمرة فؤادي ، وبعلها نور بصري ، والأئمة من ولدها أمناء ربي ، وحبله الممدود بينه و بين خلقه ، مَن اعتصم به نجا ، ومَن تخلف عنه هوى ) .

مائة منقبة ص76المنقبة44.

ذكر الصدوق بإسناده عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عليه السلام  قال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم جالسا وعنده علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام فقال :

( والذي بعثني بالحق بشيرا ما على وجه الأرض خلق أحب إلى الله عز و جل ولا أكرم عليه منا ، إن الله تبارك و تعالى :

شق لي اسما من أسمائه فهو محمود و أنا محمد .

وشق لك يا علي اسما من أسمائه فهو العلي الأعلى وأنت علي .

وشق لك يا حسن اسما من أسمائه فهو المحسن و أنت حسن .

وشق لك يا حسين اسما من أسمائه فهو ذو الإحسان و أنت حسين .

وشق لك يا فاطمة اسما من أسمائه فهو الفاطر و أنت فاطمة .

ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم : اللهم إني أشهدك :

أني سلم لمن سالمهم ، وحرب لمن حاربهم .

 ومحب لمن أحبهم ، ومبغض لمن أبغضهم .

 وعدو لمن عاداهم ، وولي لمن والاهم .

لأنهم مني وأنا منهم ) .

معاني الأخبار ص55ح3 وأنظر ح5.

أذكر للطيب : أنس أهل البيت وشيعتهم في الذكر وما يرتاحون لمعرفته من فضل الله عليهم ، وهي في الغالب من مجالس أهل البيت النبوي الطاهر بينهم والتي يذكر فيها مناقبهم وفضائلهم التي شرفهم الله بها وكرمهم ونعمهم بها ، وقد أمر النبي الكريم أن يحدث بها ، لأنها من نعم الله تعالى عليه وعلينا لنعرف أئمة ديننا وأهل المجد والكرامة عند الله ، فنعرفهم ونأخذ دينهم ومنهم وحدهم دون غيرهم .

هذه هي بعض معارف ديننا وما نذكر به أئمة الحق ووصفهم وشأنهم العظيم ومقامهم السامي عند الله ورسوله ، ولا يوجد وصف واحد لأعدائهم يصدقه الله ورسوله وتشهد له به سيرتهم ، وهذا هو ما نذكر به أئمة الحق من آله محمد عليهم السلام المرفوع ذكرهم بما بين الله من شرفهم ومكانتهم عنده ومنزلتهم لديه ونتحدث به ، وهذا من نعيم الله على النبي وآله وعلينا المقرين بفضلهم ، والذي نسأل الله أن يهدينا لدينهم في كل يوم بالصلاة عند قراءة الفاتحة .

 وأسأل لله أن يعرفنا بأولياء دينه نبينا محمد وعلي وآله الطيبين الطاهرين بأحسن معرفة يرضى بها ، ويشرفنا بنورهم ويسلك بنا خالص سبيلهم ويدعونا بهم أئمة وولاة دين ، قد صدق قولنا فعلنا وإيماننا قولنا ، وهو تعالى ربنا وخالقنا وخالقهم ومشرفهم ، فأسأله بحقهم أن يغفر لنا ويشكر سعينا وهو الغفور الشكور والولي الحميد ، وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، ورحم الله من قال آمين .


الهي بحق علي وأخيه وآلهم الطيبين الطاهرين اسقني من حوضهم واجعلني وكل الطيبين نحف بهم تحت لواء الحمد وفي كل مكان كرمتهم به في الجنة إنك أرحم الراحمين
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موقع موسوعة صحف الطيبين  

إلى الأعلى علاك الله بإخلاص له بدين أمير المؤمنين الحق علي عليه السلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام خلصك الله من دين أئمة الضلال والظلام