هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في أصول الدين وسيرة المعصومين
قسم سيرة المعصومين/ صحيفة الإمام
علي عليه السلام
الجزء الأول / ما نذكر به الإمام علي عليه السلام وسببه

الباب الخامس

ذكر أحاديث جامعة في مناقب الإمام علي وفضائله عليه السلام

في هذا الباب : أحاديث جامعة تعرفنا إن ذكر الإمام علي عبادة لله ويجب أن نزين بهذه المعارف مجالسنا لنتعبد لله بمعرفة فضله على ولي دينه وهداه ونوره ، والتحلي به بقدر الوسع والطاقة ، بل هي أحاديث زيننا بها الله ورسوله وعلموها لنا لنعرف إمام الحق وولي الله الصادق المشرق بنور هدى الله ومعارفه:

 

الذكر الأول
نزين مجالسنا متعبدين لله بذكر ومعرفة نعمته على الإمام علي

الذكر الثاني
ذكر الإمام علي يعلوا كل ذاكر لفضل الله ونعمته عليه

الذكر الثالث
سبعون ذكر لمناقب الإمام  علي لم يشركه فيها أحد

إلى الأعلى


 

الذكر الأول

نزين مجالسنا متعبدين لله بذكر ومعرفة نعمته على الإمام علي

قبل أن نذكر هنا أحاديث جامعة تعرفنا وتذكرنا بشأن الأمام علي عليه السلام وما خصه الله به لكي يثبت الحق ولأيمان في قلوبنا ويرسخ الاعتقاد في عقولنا ، ولتطمئن نفوسنا ويرتاح وجداننا بمعرفة هدى الله ودينه الحق ممن له أهليه للذكر والحديث عن نعمة الله عليه ، وبما ذكره الله وحدث عنه رسوله من التشريف والمكارم والفضل والمناقب التي هي للعلي بن أبي طالب عليه السلام .

نذكر هنا أحاديث فرض معرفتها ، معرفة الله ودينه من أولياءه والمصطفون الذين أنعم عليهم بهداه ، لكي نذكر نعمة دين الله الحق من خلال معرفتهم والتعبد بها لله مخلصين له الدين ، ولذا كان كما عرفت ذكر الإمام علي من أول معارف الدين ، ونتعبد بذكره ومعرفته لله رب العالمين ، لأنه يوصلنا لكل إيمان راسخ بالله تعالى وبدينه الصحيح المرضي له ، ويعرفنا بركة فضله ونعمته على الإمام علي وليه الحق والإمام الصادق الذي في علمه وعمله وسيرته وسلوكه كل نور هداه ودينه ونعيمه ، والذي يصل له كل طالب حق بأحسن سبيل وصراط مستقيم .

فنذكر الإمام علي عليه السلام هنا ببعض الأحاديث التي تعرفنا ضرورة ذكره ومعرفته ، ثم نذكر الأحاديث الشاملة لفضائله والجامعة لمكارمه والتي أعترف بها جمع كثير من الصحابة ، ويأتي تفصيل أخر لذكر نعم الله ومجده على الإمام علي عليه السلام في الأبواب الأخرى فنتعرف على بعض آخر من ذكره بالمجد والشرف والحديث عن خصاله الكريمة وصفاته الحميدة  .

 وإن أحببت المزيد فعليك بالكتب المختصة بالفضائل والمناقب ، وهذه شمام لباقة عطرة للأحاديث التي نذكر بها الإمام علي عليه السلام ، ونسأل الله أن يجعلنا في طاعته وعبوديته بذكر معارفه التي تعرفنا أولياء دينه الذين نأخذ منهم هداه ومعرفته ، وهي تعرفنا أشرف وأكرم ما تجلى وظهر به من الكمال والنور والفضل على أخلص أولياءه وأحباءه وهي أحسن نعمه وفضله  ، ومن خلال معرفتهم نعرف ونصل لكل ما به يرضى ، حتى يحشرنا معهم في الدنيا والآخرة عن علم ومعرفة وعمل خالص بدينهم له إن شاء الله :

قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ( ذكر علي عبادة  ) .

كشف اليقين 449ب28.

و قال صلى الله عليه وآله : ( ذكر علي بن أبي طالب عبادة ) .

الصراط المستقيم ج1ص209ف17.

عن ابن عباس يقول قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

( ذكر الله عز وجل عبادة .

و ذكري عبادة .

و ذكر علي عبادة .

 و ذكر الأئمة من ولده عبادة .... الخبر ) .

بحار الأنوار ج91ص69ب29ح58 عن الاختصاص.

قد عرفت بعض شرحها في الباب الأول والمقدمة ، وسيأتي المزيد في صحيفة العبادة ، ونذكر شيء من الشرح للتبرك وهذه أحاديث من مصادر مختلفة ، فإن ذكر الله والنبي وعلي عبادة واحدة لله ، لأنك عرفت أنها تصب في تعريف الله وعظمته وفي بيان دينه بصراط مستقيم واحد ، وقد عرفت أن معرفة الله ورسوله ووليه بعده من ضروريات الدين وتوصل لهدى رب العالمين بحق من الصادقين وعدم معرفة واحد منهم ضلال عن معرفة الله ، ولذا كان ذكرهم والحديث عنهم من الدين وله ثواب وفضل عند الله بل عبادة يطلب بها صراط الله المستقيم لدينه القويم عند المنعم عليهم ، ولذا وجب علينا ذكره والتذكير به لكي لا يختلط بغيره فيضل المانع منه والمحرم لمعرفته عن هدى الله ودينه ، لأنه بهجر الإمام علي وآله هو هجر لدين نبينا ولدين الله بل هجر لله ورسوله ، أو خلطه و التعبد بدين أعدائهم وكل من حاربهم في الدين وكل شيء ، وهذا عمل غير صالح يصب فه ذكر ومعرفة لأولياء الشيطان وضلال عن أولياء الرحمان وهداهم وما خصهم الله من دينه ونعيمه التام الظاهر بهم في كل صفاتهم وسلوكهم وما خصهم به من الشرف والمجد والمكارم والمناقب .

وقد عرفت في الباب الأول ضرورة ذكر نعم الله وكل ما يوصل لعظمته ، بل الله أمر النبي أن يذكر نعمة الله عليه في نفسه وآله ويحدث عنها كما عرفت ، وهذا ذكر منها نتدبره معا ونزين به وجودنا وعقولنا وقلوبنا قبل مجالسنا :

ذكر في بشارة المصطفى لشيعة المرتضى بإسناده عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

( زينوا مجالسكم بذكر علي بن أبي طالب ) .

بشارة المصطفى ص 60 .مستدرك ‏الوسائل ج12ص393ب23ح14388-4 .وعن عائشة في بحار الأنوار ج 38ص201ب64ح8.العمدة 368ح724 .كشف‏اليقين450ح28.

وهذه الأحاديث الشريفة التي تأتيك في كل هذه الصحيفة التي تعرفنا مكارم الإمام علي هي التي نزين بها مجالسنا بل أرواحنا ، ونذكره بها مع الافتخار بها كما كان نبي الرحمة يفرح ويفتخر بذكر الإمام علي ومناقبه ونوره وهداه كما عرفت ، بل الله سبحانه عند الكلام عن النبي وآله في كل آيات الإمامة والولاية كان يحدث عنهم بأحسن بيان ، ويعرف مجدهم وفضله التام عليهم ونعمه الكاملة لهم ولم أحبهم وأطاعهم في تعلم معارفه ودينه منهم بأجمل كلام ، فكانت كل أوصاف الهدى والنعيم في الجنة والملكوت يخصها بهم لأنهم بحق عباده المخلصون الأطهار ، ومن وصلهم وصلى عليهم وأتصل بهم كان يحسن وجوده وصفاته وذاته .

 بل كان سبحانه من خلال بيان صفاتهم الكريمة وخصائصهم الفاضلة يبين عظمته وكبرياءه في إتقان هداه بأكرم عباده المخلصين له ، بل عرف دينه بهداهم وبكل ما ظهر من علمهم وصفاتهم وعملهم وسلوكهم الذي مكنهم من الظهور به ، و بما علم وأقدرهم من تمكينهم من الفضل في الطهارة والدين ، وبما كرمهم به من الطهارة في الذات والعلم والعمل تحلوا وظهروا ، فكانوا مظهر تام لعلمه وقدرته وقيوميته وربوبيته الظاهرة في أتم خلقه وأحسن هداة دينه الذي به يهدي بهم كل العالمين إلى يوم القيامة إمام بعد إمام من آل نبي الرحمة وأولهم نفس رسول الله علي بن أبي طالب صلى الله عليه وآله وسلم .

ولذا كان نبي الرحمة يفتخر بذكر آله وبالخصوص خليفته بالحق علي بن أبي طالب ، وكان يزين أرواح المؤمنين ومجالسهم معه بذكر الإمام علي وتعريفهم فضائله لأنه بيان تام لنعمة الله عليه في كل شيء ذات وصفات وقدرة على الهداية والتعليم والتفهيم ، حتى كان الإمام علي عليه السلام خلاصة وجوده ودينه وبه يعرف حق المعرفة رسول الله وقدرته على إعداد سمي له ووصي وخليفة حق ، قد أيده الله بكل سيرة وسلوك له ، حتى كان معرفته أرقى معرفة بعد معرفة الله ورسوله ، فكان ذكره عليه السلام والحديث عنه زينة مجالس المؤمنين وأرواحهم في تعريف فضل الله ونعمته وهداه ، ولذا قال النبي صلى الله عليه وآله :

( يا علي :

ما عرف الله إلا أنا و أنت .

 و لا عرفني إلا الله و أنت .

 و لا عرفك إلا الله و أنا ) .

تأويل‏ الآيات ‏الظاهرة 145سورة النساء  .وص 227سورة يونس .إرشاد القلوب ج2ص209.بحار الأنوار ج   39ص84عن المفردات.        

ولتعرف ما عرفه الله ورسوله لنا عن الإمام علي راجع كل ما نذكره في هذه الصحيفة المباركة من ذكر علي عليه السلام عبادة ، بل نفس هذه الحديث هو من تعريف رسول الله بأمر الله لعلي عليه السلام ، أو راجع كتب المناقب والفضائل المفصلة ، فتعرف تفانيه وإخلاصه لله وإن كل دين الله وهداه عنده ، وإن كل نعيم وبركة ومجد في الوجود ونور ورضى له ولمن والاه وتابعه .

 وإما ما عرفه الإمام علي لرسول الله ولتعريف الله عز وجل الذي بغير معرفته ومعارفه لا يعرف الله ولا رسول الله فضلا عن دين الله ، فأنتظر كل تعاليمه ومعارفه التي شملت كل معارف الدين ، ويعطيك كثير منها في الإلهيات كتاب نهج البلاغة ، وقد ذكرنا قسم منها في صحيفة التوحيد والنبوة ، وسنجعل جزء يعرفنا ما ذكر به الإمام علي لتوحيد ربنا الله وكيف يعرّفه ويوحده في كل مراتب التوحيد وبكل الأسماء الحسنى والصفات العليا ، والذي نورك قبس منه في المحاورة الرابعة عشر ، فأنتظر الأجزاء القادمة إن شاء الله .

وهذه أحاديث جامعة حقه المضمون صادقة المعنى ، بها وبمثلها نذكر علي وفضائله ونتعبد بها لله تعالى بمعرفة حقائق الحديث عن أنعمه على النبي وآله وبالخصوص نفسه ووصيه وخليفته الإمام علي عليه السلام ، ونرفع ذكره كما رفعه الله ، ونتحدث بذكر علي وحزبه الذين يقتدون به بعد أن عرفوه بأنه هو إمام الحق بصدق وببرهان محكم ودليل متقن ، به يرسخ الإيمان وتطمئن النفوس الطيبة وتطهر ، وأنه لهو الصراط المستقيم لمعرفة الله تعالى ولكل دينه :
 

إلى الأعلى


الذكر الثاني

ذكر الإمام علي يعلوا كل ذاكر لفضل الله ونعمته عليه

إن كل من يريد أن يسود قوم لابد أن تكون له مناقب وفضائل يذكر بها ، فضلاً عن الدين وإن الله تعالى هو الذي يصطفي أئمة الحق والهداة لدينه بفضله عليهم وبركاته الدائمة لهم ولمن تبعهم واقتدى بهم  ، ونحن عرفنا إن الله تعالى لما كان يريد أن يُعرف ويعبد ركز في كل وجود لعبد من عباده في جبلته وفطرته ضرورة معرفته بحق المعرفة ، وإن هذا لا يتم إلا بمعرفة أولياء دينه والتعبد له بدينهم الذي علمه لهم ، وأنه بان فضلهم وما كرمهم الله به ليعرفوا فيؤخذ دين الله الحق منهم .

وهذا الأمر يسلمه الوجدان والفطرة ، ويقره العقل والدين وكل منصف يعرف أن القائد والإمام الحق والهادي لمعرفة الله والمبين لهداه ، بل الظاهر بعظمة الله ومجده لابد أن تكون له مكارم وفضائل بها أختاره الله لهداه وبها جعله الله ولي دينه وإمام حق ، وهذا الأمر عرفه المسلمون ، فلذا أرادوا أن يفخروا بفضل الله عليهم وتمجيده لهم ، ولكن الإنسان في طبيعته ينظر لنفسه ويبحث عن معرفة كرامته وعزه وكل ما يمكنه أن ينافس به غيره ، وقد يغفل عن المسبب له والمتفضل عليه والمكرم له بكل نعمة وفضل .

وإنك عرفت تأريخ الإمام علي عليه السلام وفضله في كل حياته مع النبي الكريم ولو كان بذكر مختصر في الباب الثاني بل والثالث والرابع ، وعرفت شيء من مجده ببعض المعرفة في كل مراتب الوجود وأنه كان نور مع النبي ، وهو المرافق الذي بتوسطه وبسعي آله آل النبي كان نور الله يسري في الوجود ، وإن الله كما خص نبينا خص علي بفضل ملازمته للنبي في كل مراتب الوجود ونوره وهداه ودينه ، وبفضل جهاده وإخلاصه لله تعالى ، فشرفه الله بكل كرامة كالنبي الكريم وسيد المرسلين أخيه ، الذي كان الإمام علي مرافق له بكل مراتب الوجود حتى كان كل فضل لنبي الرحمة والسراج المنير يظهر بالإمام علي وآله ويتحلوا به بحق وصدق بكل كمال وتمام ، حتى كانوا نور واحد وهدى واحد ودين واحد ورجال بيت مرفوع واحد لا يمكن التفريق بينهم .

 ولذا كان الإمام علي وآله عليهم السلام ثقل الله ورسوله النفيس الغالي على كل الوجود الطيب والمؤمنون الصادقون في طلب الله والإخلاص له في عبوديته بدينهم الحق ، دون من تغطرس وتنزل في ظلمات العدم والحرمان عن رحمة الله ونعمته لتعصيه عليهم وعدم معرفتهم فضلا عن العلم والعمل بدينهم ، بل حرّم ذكرهم وكتم علومهم ومنع من معرفتهم بأي صورة كانت .

وذلك لأن الله تعالى بهم نشر نوره وعُرف وعُبد بما يحب ويرضى ، فكان العز والمجد والفضل في البدء لنبي الرحمة وبعده كان الفضل لعلي وآله ومنهم عرف الناس دين الله وهداه ، والمؤمنون الذين اقتدوا بهم ارتفعوا في نور الله وهداه وعبوديته ورضاه ، وبما يقتبسون منهم نور علم وعمل يحصلون على كل نعيم الله عند الإخلاص له بدينهم ، وبهم تشرف المسلمون بمعرفة الله وعبوديته ، وهذا كله بفضل الله على نبي الرحمة وبما جعل آله أولياء دينه بعده .

 ولكن القوم قد تغافلوا وتناسوا هذه النعمة وجلس الصاحبة يتحادثون بما فضلهم الله به ، ولكنهم نسوى فضل الإمام علي الذي هو امتداد لمجد النبي ونوره الحق وهو إمام الهدى الصادق المصدق ، والذي به حُفظ النبي وامتداده في الوجود فضلاً عن دينه ، وإن من ولاه قد كان بحق مصاحب للنبي وصار محب لا من هجر علي يسمى صاحب ومحب ، ولكنهم حين تذاكروا وذكرهم علي عليه السلام أقر من كان منصف له، وأعترف كل مؤمن أن الفضل له وهم له تبع .

في هذا الحديث يتذاكر الصاحبة ويتحدثون بنعم الله عليهم ، وهم ممن عاصر النبي فتشرف ببعض من قربه وحبه ودينه ونصره ، فكان لهم شيء من الكرامة وصارت تحسن صفاتهم وفضائلهم ومناقبهم .

وهذا الذكر والتذكير للصحابة الكبار في الشأن بفضائلهم ومناقبهم والتجاهر به في الجمع : إما ذكر للباطل ، فهذا اتهام لحشد من الصاحبة كبير بأنهم يخوضون في الباطل ، وإما ذكر وحديث حق فذكرنا لعلي وآله آل النبي الكريم أحق وأولى ، لأنه بهم فُضل الناس ونالوا فضل الله ونعيمه ، تدبر الحديث ترى أنه الشرك هو ترك ذكر نعم الله وعدم التحديث بها حتى لا يعرف أئمة الحق والهدى ، وينحرف الناس بمتابعة من عاداهم ولم يعرف أن دين الله عندهم وهو سكوت عن الحق ومعرفة أهله ثم الانحراف عن دين الله تعالى .

لا ما ذكره الوهابي في كل المحاورة بأنه لا فضيلة ولا كرامة في ذكر الصحابة وبالخصوص أدعى شرك ذكر الإمام علي لا ثواب له ، وهؤلاء خيرة المسلمين يذكرون فضلهم وكرامة الله عليهم ويرجون بها الكرامة عند الله ويتمنون الفوز بما لهم من المواقف الكريمة ، وعندما يقر لهم ويعرف فضلهم يكون قد أوجبوا طاعتهم وضرورة احترامهم وذكرهم في الفضل وتقديمهم في التولي والحبة والإقتداء بهم .

 ولما كان الإمام علي هو سيدهم وأمير المؤمنين فيهم فهو أولى بالذكر والحديث عنه ، وأخذ دين الله وهداه منه والإقتداء به والوصل لكل عبادة الله ومعرفته منه ، دون غيره ودون ممن عاداه وحاربه ومنع من ذكره ومعرفته ، بل وحسده حتى قاتله وجرأ بن أكلة الأكباد على حربه وقتل آله آل النبي الطيبين الطاهرين صلى الله عليهم وسلم ، وهذه أحاديث الكرامة والشرف والمجد والفضيلة ونعمة الله التامة نذكرها لك فتمعن بها وأعرف الحق وأهل دين الله ، فزين وجودك بهم علم وعمل حتى تحبهم وتقتدي بهم في كل شيء ، وأذكر فضائلهم ليعرفهم المؤمنون ويحبوهم ويأخذوا تعاليم دينهم الخالص من الإمام علي ومن آله ، دون غيرهم ، حتى يصلوا لرضى الله وأجره ونعميه الدائم من غير ضلال ولا انحراف كما لأعدائهم ومن منع من ذكرهم ومعرفتهم :

ذكر الصدوق : حدثنا أبي و محمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا يعقوب بن يزيد عن حماد بن عيسى عن عمر بن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي قال :

رأيت عليا عليه السلام في مسجد رسول الله ص في خلافة عثمان و جماعة يتحدثون و يتذاكرون العلم و الفقه .

 فذكرنا قريشا وشرفها وفضلها وسوابقها وهجرتها وما قال فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الفضل مثل قوله : الأئمة من قريش ، وقوله : الناس تبع لقريش ، وقريش أئمة العرب ، وقوله لا تسبوا قريشا ، وقوله : إن للقرشي قوة رجلين من غيرهم ، وقوله : من أبغض قريشا أبغضه الله ، وقوله : من أراد هوان قريش أهانه الله .

وذكروا الأنصار وفضلها وسوابقها ونصرتها وما أثنى الله تبارك و تعالى عليهم في كتابه ، وما قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الفضل ، وذكروا ما قال في سعد بن عبادة ، وغسيل الملائكة ، فلن يدعوا شيئا من فضلهم ، حتى قال كل حي منا فلان وفلان .

وقالت قريش : منا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  ، ومنا جعفر ومنا حمزة ومنا عبيدة بن الحارث و زيد بن حارثة وأبو بكر و عمر وعثمان وسعد وأبو عبيدة وسالم وابن عوف ، فلم يدعوا من الحيين أحدا من أهل السابقة إلا سموه .

وفي الحلقة أكثر من مائتي رجل :

فمنهم علي بن أبي طالب عليه السلام وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف و طلحة والزبير و عمار والمقداد وأبو ذر وهاشم بن عتبة وابن عمر ، والحسن والحسين عليهما السلم وابن عباس ومحمد بن أبي بكر وعبد الله بن جعفر .

 ومن الأنصار : أبي بن كعب و زيد بن ثابت و أبو أيوب الأنصاري و أبو الهيثم بن التيهان و محمد بن مسلمة و قيس بن سعد بن عبادة و جابر بن عبد الله و أنس بن مالك و زيد بن أرقم و عبد الله بن أبي أوفى ، و أبو ليلى و معه ابنه عبد الرحمن قاعد بجنبه غلام صبيح الوجه أمرد ، فجاء أبو الحسن البصري ومعه ابنه الحسن غلام أمرد صبيح الوجه معتدل القامة ، قال فجعلت أنظر إليه و إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى فلا أدري أيهما أجمل هيئة غير أن الحسن أعظمهما و أطولهما .

فأكثر القوم في ذلك من بكرة إلى حين الزوال وعثمان في داره لا يعلم بشيء مما هم فيه ، وعلي بن أبي طالب عليه السلام ساكت لا ينطق لا هو ولا أحد من أهل بيته .

فأقبل القوم عليه فقالوا : يا أبا الحسن ما يمنعك أن تتكلم .

فقال عليه السلام : ما من الحيين إلا وقد ذكر فضلا وقال حقا ، وأنا أسألكم يا معشر قريش والأنصار بمن أعطاكم الله عز وجل هذا الفضل أ بأنفسكم و عشائركم و أهل بيوتاتكم أو بغيركم ؟

قالوا : بل أعطانا الله و من علينا بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وعشيرته لا بأنفسنا وعشائرنا و لا بأهل بيوتاتنا . 

قال عليه السلام : صدقتم يا معشر قريش و الأنصار ، أ لستم تعلمون أن الذي نلتم به من خير الدنيا والآخرة منا أهل البيت خاصة دون غيرهم ، وأن ابن عمي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  قال :

إني و أهل بيتي كنا نورا يسعى بين يدي الله تبارك وتعالى قبل أن يخلق الله عز وجل آدم عليه السلام بأربعة عشر ألف سنة ، فلما خلق آدم عليه السلام وضع ذلك النور في صلبه وأهبطه إلى الأرض ، ثم حمله في السفينة في صلب نوح عليه السلام ، ثم قذف به في النار في صلب إبراهيم عليه السلام ، ثم لم يزل الله عز وجل ينقلنا من الأصلاب الكريمة إلى الأرحام الطاهرة ، ومن الأرحام الطاهرة إلى الأصلاب الكريمة من الآباء والأمهات ، لم يلتق واحد منهم على سفاح قط .

فقال : أهل السابقة و القدمة و أهل بدر وأهل أحد ، نعم قد سمعنا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

 ثم قال عليه السلام : أنشدكم الله أ تعلمون أن الله عز و جل فضل في كتابه السابق على المسبوق في غير آية ، وأني لم يسبقني إلى الله عز وجل وإلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أحد من هذه الأمة .

 قالوا : اللهم نعم .

قال عليه السلام : فأنشدكم الله أ تعلمون حيث نزلت { وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ}التوبة100، { وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ }الواقعة11 ، سئل عنها رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : أنزلها الله تعالى في الأنبياء و أوصيائهم ، فأنا أفضل أنبياء الله ورسله وعلي بن أبي طالب وصيي أفضل الأوصياء .

 قالوا : اللهم نعم .

قال عليه السلام : فأنشدكم الله عز و جل أ تعلمون حيث نزلت : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ }النساء59 ،  و حيث نزلت : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ }المائدة55 .

و حيث نزلت : ـ { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ ـ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }التوبة16 .

 قال الناس : يا رسول الله أ هذه خاصة في بعض المؤمنين أم عامة لجميعهم فأمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وآله أن يعلمهم ولاة أمرهم ، وأن يفسر لهم من الولاية ما فسر لهم من صلاتهم و زكاتهم و صومهم  وحجهم .

فنصبني للناس بغدير خم ثم خطب فقال : أيها الناس إن الله عز وجل أرسلني برسالة ضاق بها صدري وظننت أن الناس مكذبي فأوعدني لأبلغنها أو ليعذبني ، ثم أمر فنودي الصلاة جامعة .

 ثم خطب الناس فقال :

أيها الناس أ تعلمون أن الله عز وجل مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم .

 قالوا : بلى يا رسول الله .

قال صلى الله عليه وآله وسلم : قم يا علي ، فقمت .

فقال صلى الله عليه وآله وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه .

 فقام سلمان الفارسي رضي الله عنه فقال : يا رسول الله ولاؤه كماذا .

فقال صلى الله عليه وآله وسلم : ولاؤه كولائي من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه ، فأنزل الله تبارك و تعالى :

{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلاَمَ دِينًا }المائدة3 .

 فكبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ،  وقال : الله أكبر بتمام النعمة وكمال نبوتي ودين الله عز وجل وولاية علي بعدي .

فقام أبو بكر و عمر فقالا : يا رسول الله هذه الآيات خاصة لعلي.

قال صلى الله عليه وآله وسلم : بلى فيه ، وفي أوصيائي إلى يوم القيامة.

قالا : يا رسول الله بينهم لنا .

قال صلى الله عليه وآله وسلم : علي أخي و وزيري ووارثي ووصيي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن بعدي ، ثم ابني الحسن ثم ابني الحسين ثم تسعة من ولد الحسين واحد بعد واحد ، القرآن معهم وهم مع القرآن لا يفارقونه ولا يفارقهم حتى يردوا علي حوضي .

فقالوا كلهم : اللهم نعم قد سمعنا ذلك كله وشهدنا كما قلت سواء .

وقال بعضهم : قد حفظنا جل ما قلت ولم نحفظه كله ، وهؤلاء الذين حفظوا أخيارنا وأفاضلنا .

فقال علي عليه السلام : صدقتم ليس كل الناس يستوون في الحفظ ، أنشدكم الله من حفظ ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، لما قام فأخبر به .

فقام : زيد بن أرقم والبراء بن عازب و سلمان وأبو ذر والمقداد وعمار بن ياسر رضي الله عنهم ، فقالوا : نشهد لقد حفظنا قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ،  وهو قائم على المنبر وأنت إلى جنبه وهو يقول :

أيها الناس : إن الله أمرني أن أنصب لكم إمامكم والقائم فيكم بعدي و وصيي و خليفتي والذي فرض الله عز وجل على المؤمنين في كتابه طاعته فقرنه بطاعته و طاعتي ، فأمركم بولايتي و ولايته ، فإني راجعت ربي عز و جل خشية طعن أهل النفاق وتكذيبهم فأوعدني ربي لأبلغنها أو ليعذبني .

 أيها الناس : إن الله عز وجل أمركم في كتابه بالصلاة فقد بينتها لكم ، وبالزكاة والصوم والحج فبينتها لكم وفسرتها لكم ، وأمركم بالولاية وإني أشهدكم أنها لهذا خاصة ووضع يده على كتف علي بن أبي طالب ، ثم لابنيه من بعده ثم للأوصياء من بعدهم من ولدهم لا يفارقون القرآن و لا يفارقهم القرآن حتى يردوا علي حوضي .

أيها الناس : قد بينت لكم مفزعكم بعدي و إمامكم و دليلكم و هاديكم وهو أخي علي بن أبي طالب ، وهو فيكم بمنزلتي فيكم فقلدوه دينكم وأطيعوه في جميع أموركم ، فإن عنده جميع ما علمني الله تبارك وتعالى وحكمته فسلوه وتعلموا منه ومن أوصيائه بعده ، ولا تعلموهم ولا تتقدموهم ولا تخلفوا عنهم ، فإنهم مع الحق والحق معهم ، لا يزايلونه ولا يزايلهم ، ثم جلسوا .

فقال سليم ثم قال عليه السلام : أيها الناس : أ تعلمون أن الله عز وجل أنزل في كتابه :

{ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } الأحزاب33 ، فجمعني و فاطمة و ابني حسنا و حسينا ثم ألقى علينا كساء ، وقال : اللهم إن هؤلاء أهل بيتي ولحمتي يؤلمني ما يؤلمهم ويجرحني ما يجرحهم ، فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا .

فقالت أم سلمة : وأنا يا رسول الله .

فقال صلى الله عليه وآله : أنت على خير إنما أنزلت في وفي أخي علي وفي ابني الحسن والحسين وفي تسعة من ولد ابني الحسين خاصة ليس معنا فيها أحد غيرنا .

 فقالوا : كلهم نشهد أن أم سلمة حدثتنا بذلك فسألنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فحدثنا كما حدثتنا أم سلمة رضي الله عنها .

ثم قال علي عليه السلام : أنشدكم الله أ تعلمون أن الله عز و جل لما أنزل في كتابه :

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ }التوبة119.

فقال سلمان : يا رسول الله عامة هذه أم خاصة .

فقال صلى الله عليه وآله سلم : أما المأمورون فعامة المؤمنين أمروا بذلك ، وأما الصادقون فخاصة لأخي علي و أوصيائي من بعده إلى يوم القيامة .

 قالوا : اللهم نعم .

 

قال عليه السلام : أنشدكم الله أ تعلمون أني قلت لرسول الله صلى الله عليه وآله في غزوة تبوك لم خلفتني مع الصبيان والنساء .

 فقال صلى الله عليه وآله وسلم : إن المدينة لا تصلح إلا بي أو بك ، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي .

 قالوا : اللهم نعم .

 

قال عليه السلام : أ نشدكم الله أ تعلمون أن الله عز و جل أنزل في سورة الحج : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }الحج77 إلى آخر السورة .

فقام سلمان فقال : يا رسول الله من هؤلاء الذين أنت عليهم شهيد و هم شهداء على الناس ، الذين اجتباهم الله ولم يجعل عليهم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم .

قال صلى الله عليه وآله وسلم : عنى بذلك ثلاثة عشر رجلا خاصة دون هذه الأمة .

 قال سلمان : بينهم لي يا رسول الله .

قال صلى الله عليه وآله وسلم : أنا و أخي علي وأحد عشر من ولدي . قالوا : اللهم نعم .

 

قال : أنشدكم الله أ تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ،  قام خطيبا لم يخطب بعد ذلك ، فقال :

أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي ، فتمسكوا بهما لئلا تضلوا ، فإن اللطيف الخبير أخبرني و عهد إلي أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض .

فقام عمر بن الخطاب وهو شبه المغضب فقال : يا رسول الله أ كل أهل بيتك .

فقال صلى الله عليه وآله وسلم : لا ولكن أوصيائي منهم ، أولهم أخي و وزيري و وارثي و خليفتي في أمتي و ولي كل مؤمن من بعدي هو أولهم ، ثم ابني الحسن ثم ابني الحسين ثم تسعة من ولد الحسين واحد بعد واحد حتى يردوا علي الحوض ، شهداء الله في أرضه وحججه على خلقه وخزان علمه ومعادن حكمته ، من أطاعهم أطاع الله ومن عصاهم عصى الله عز وجل .

فقالوا : كلهم نشهد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ذلك .

ثم تمادى علي عليه السلام : السؤال فما ترك شيئا إلا ناشدهم الله فيه و سألهم عنه حتى أتى على آخر مناقبه ، وما قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكل ذلك يصدقونه و يشهدون أنه حق ) .

كمال الدين وتمام النعمة ج1ص274ب24ح25 .

أقول : بالله عليك تدبر هذا الحديث وما فيه من المناقب والفضائل التي يجب على كل مؤمن أن يعرفها ليوقن إن الإمام علي ولي الدين الحق والإمام الصادق المصدق من الله ورسوله .

 وتدبر في هذا الحديث بوجدانك وما يمله عليك دينك ، أيحق لأحد أن يمنع من ذكره ويحرم معارف الدين وولاية الله ورسوله المتخلصة في إمام الحق وآله ، فيكتم فضل ولي الله حتى يضل عنه الناس ولا يعرفوه ، ثم يأخذوا دينهم من أعداءه وكل منحرف عنه في الهدى والدين .

أم أنه واجب على كل مؤمن أن يعرفها ويحدث بها كما أمر الله بالحديث عن معرفة نعمه وذكرها حتى يوصل لكل هداه ودينه بصراط مستقيم ويعرف الدين القويم ، ويكون المؤمن العارف لولي الدين من خير البرية في النور والهدى ومعهم في رضا رب العالمين على دين واحد وهدى واحد ونور واحد وعبادة واحدة لرب العالمين مخلصين له الدين بتعاليمهم وبكل هداهم ؛ فيكون معهم في كل سيرته وسلوكه ومقتدي بهم بكل وجوده إيمان وعلم وعمل ويكون معهم في كل نعيم الله ورضاه .

هذا والحكم لك يا طيب ولوجدانك وعقلك المتدين الذي تطلب به رضى الله وعبادته : في الذكر لولي الله ومناقبه والحديث بها وتعريفها ، لتكون معه .

 أو تمنع منه فتكون ضده ومع عدوه وخالط لدينه مع دينه .

 والله تعالى بالمرصاد ويحاسب على كل شيء من معرفته ومعرفة دينه ومعرفة وليه وعبادة والإخلاص له بأي مذهب ودين وتعاليم .

ونسأل الله أن يثبتنا على الإيمان التام به وبكل ولايته في أرضه المتخلصة بنبي الرحمة وعلي وآلهم صلى الله عليهم وسلم ، إنه ولي حميد وأرحم الراحمين ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .
 

إلى الأعلى



الذكر الثالث

سبعون ذكر لمناقب الإمام  علي لم يشركه فيها أحد

أقول : هذا الحديث كسابقة فيه معارف راقية وتعاليم تعرفنا بماذا نذكر الإمام علي عليه السلام ، وبماذا نُذكر به الناس ونحدث عن نعمة الله عليه وعلينا بتعريفنا ولي ديننا وإمامنا الحق ، وفضله ومناقبه الكريمة حتى يُعرف ويُذكر ويتذكره المؤمنون عن إيمان ويقين إنه الإمام الحق والصدق ، وهو ولي الله الهادي لدينه دون غيره ممن عاداه .

 وإن من له هذه الصحبة الصادقة مع المحبة والقرابة له من النبي ونصر الله ودينه والمؤمنون ، ولهم منه كل دين وهدى بعد رسول الله ، وقد عرفت قسم من فضائله ، وله العلم الذي خصه الله به ورسوله ، والرعاية التامة الكاملة به من الرب البار الرحيم الهادي الحكيم الذي يعرف نفسه ودينه وكل تعاليمه بأئمة الحق وبالخصوص الإمام الأول علي بن أبي طالب عليه السلام .

أحق أن يتبع ممن ليس له ولا منقبة واحدة مثلها ، أو صاحب بالاسم ولكنه على الحقيقة في كل تصرفه وفعله مع النبي الكريم وآله في حياته وبعده ، لم يحب النبي بحق المحبة والمودة التي أمر الله بها ، فتآمر على آله بعده وحرف الناس عن محبتهم بل عن معارف الله التي عندهم وأفتى برأيه وعلمه واجتهاده .

ويا طيب هذه مناقب وفضائل يؤيدها الله في كتابه والنبي الكريم بسنته ، وذكر كثير منها في أحاديث متفرقة حتى مخالفيه ، فإن أحببت معرفتها ممن لم يقر له بالإمامة والولاية ، ولم يفقه تفضيل الله وتشريفه للنبي وعلي وآلهم ، بأنه دليل لتعريف دينه وتذكير بمحل هداه ، بل ينقلها لأنها قالها النبي ولكنه يبقى مخالفاً له عملاً بل علماً وإيماناً ، لأنه يتبع ممن خالف علي وإن أدعى أنه يحب علي وآل النبي في كلامه دون سيرته وسلوكه ودينه كله .

 وأقصد أن أردت معرفة ما في هذا الحديث من مخالفيه فعليك بكتاب إحقاق الحق والغدير والمراجعات وعبقات الأنوار وموسوعة الإمام علي وما جمعه بنياد نهج البلاغة وغيرها من الموسوعات ، قد جُمع فيها كثير من الأخبار من قبلهم من مصادر العامة ، وهذا الحديث وما في هذه الصحيفة نحن شيعة علي نتحدث به في كتبنا وإن ذكرها غيرهم تبعهم ، أو مستقلين عنهم بإسنادهم .

 ونسأله الله أن يقبله منا وكل ما نحدث به ونذكر به وليه ، ذكر لعلي عليه السلام وعبادة له سبحانه ، وذلك لأنا به نطلب رضاه ودينه ومعرفة وليه والإقرار بفضله ودينه ، ونذكر نعمه وفضله على النبي وآله وعلينا بتعريفنا محل دينه وهداه .

ورحم الله من قال آمين وحفظ منها ولو اليسير ، ليُحدث ويُذكر بها إخوانه المؤمنين ، فينال بركة وثواب ذكر نعم الله علينا بتشريفه بأولياء دينه وأئمة الحق للمؤمنين ، وأسأله أن يصدقنا النية والحب لهم والمعرفة ، ويصدقنا أنا قد قبلناهم واقتدينا بهم وأقررنا بهم ولاة الدين ، ونسأله تعالى أن يجعلنا بمعرفتهم معهم على صراطهم المستقيم في كل نور هدى ودين ونعيم إنه ولي حميد وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين . 

ذكر الصدوق في الخصال : حدثنا أحمد بن الحسن القطان ، ومحمد بن أحمد السناني ، وعلي بن موسى الدقاق ، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب ، وعلي بن عبد الله الوراق رضي الله عنهم ، قالوا : حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان ، قال : حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب ، قال : حدثنا تميم بن بهلول : قال : حدثنا سليمان بن حكيم ، عن ثور بن يزيد 2، عن مكحول قال :

 قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام : لقد علم المستحفظون من أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وآله ، أنه ليس فيهم رجل له منقبة إلا وقد شركته فيها وفضلته .

 ولي سبعون منقبة لم يشركني فيها أحد منهم .

قلت : يا أمير المؤمنين فأخبرني بهن .

 فقال عليه السلام :

إن أول منقبة لي : أني لم أشرك بالله طرفة عين ولم أعبد اللات والعزى .

 

والثانية : أني لم أشرب الخمر قط .

والثالثة : أن رسول الله صلى الله عليه وآله استوهبني عن أبي في صباي وكنت أكيله وشريبه ومؤنسه ومحدثه .

 

والرابعة : أني أول الناس إيمانا وإسلاما .

 

والخامسة : أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لي : ( يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ) .

 

 والسادسة : أني كنت آخر الناس عهدا برسول الله ودليته في حفرته .

 

 والسابعة : إن رسول الله صلى الله عليه وآله أنامني على فراشه حيث ذهب إلى الغار وسجاني ببرده ، فلما جاء المشركون ظنوني محمدا صلى الله عليه وآله ، فأيقظوني وقالوا : ما فعل صاحبك ؟ فقلت : ذهب في حاجته ، فقالوا : لو كان هرب لهرب هذا معه .

 

وأما الثامنة : فإن رسول الله صلى الله عليه وآله علمني ألف باب من العلم ، يفتح كل باب ألف باب ولم يعلم ذلك أحدا غيري .

 

وأما التاسعة : فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لي : ( يا علي إذا حشر الله عزّ وجلّ الأولين والآخرين نصب لي منبر فوق منابر النبيين ، ونصب لك منبر فوق منابر الوصيين فترتقي عليه )  .

 

وأما العاشرة : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ( يا علي لا أعطى في القيامة إلا سألت لك مثله ) .

 

وأما الحادية عشرة : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ( يا علي أنت أخي وأنا أخوك يدك في يدي حتى تدخل الجنة ) .

 

 وأما الثانية عشرة : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ( يا علي مثلك في أمتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق).

 

وأما الثالثة عشرة : فإن رسول الله صلى الله عليه وآله عممني بعمامة نفسه بيده ، ودعا لي بدعوات النصر على أعداء الله ، فهزمتهم بإذن الله عز وجل .

 وأما الرابعة عشرة : فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أمرني أن أمسح يدي على ضرع شاة قد يبس ضرعها ، فقلت : يا رسول الله بل امسح أنت ، فقال : ( يا علي فعلك فعلي ) فمسحت عليها يدي ، فدر علي من لبنها ، فسقيت رسول الله صلى الله عليه وآله شربة ، ثم أتت عجوزة فشكت الظمأ فسقيتها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ( إني سألت الله عز وجل أن يبارك في يدك ففعل ) .

 

 وأما الخامسة عشرة : فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أوصى إلي وقال : ( يا علي لا يلي غسلي غيرك ، ولا يواري عورتي غيرك ، فانه إن رأى أحد عورتي غيرك تفقأت عيناه ) ، فقلت له : كيف لي بتقليبك يا رسول الله ؟ فقال : ( إنك ستعان ) فوالله ما أردت أن اقلب عضوا من أعضائه إلا قلب لي .

 

 وأما السادسة عشرة : فإني أردت أن أجرده فنوديت " يا وصي محمد لا تجرده فغسله والقميص عليه " فلا والله الذي أكرمه بالنبوة وخصه بالرسالة ما رأيت له عورة ، خصني الله بذلك من بين أصحابه .

 

وأما السابعة عشرة : فإن الله عزّ وجل زوجني فاطمة ، وقد كان خطبها أبو بكر وعمر ، فزوجني الله من فوق سبع سماواته ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ( هنيئاً لك يا علي فإن الله عز وجل زوجك فاطمة سيدة نساء أهل الجنة وهي بضعة مني ) .

فقلت : يا رسول الله أولست منك ؟ فقال : ( بلى يا علي أنت مني وأنا منك كيميني من شمالي ، لا أستغني عنك في الدنيا والآخرة ) .

 وأما الثامنة عشرة : فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : ( لي يا علي أنت صاحب لواء الحمد في الآخرة ، وأنت يوم القيامة أقرب الخلائق مني مجلسا ، يبسط لي ويبسط لك فأكون في زمرة النبيين وتكون في زمرة الوصيين ، ويوضع على رأسك تاج النور وإكليل الكرامة ، يحف بك سبعون ألف ملك حتى يفرغ الله عز وجل من حساب الخلائق ) .

 

 وأما التاسعة عشرة : فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : ( ستقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ، فمن قاتلك منهم فإن لك بكل رجل منهم شفاعة في مائة ألف من شيعتك ) .

 فقلت : يا رسول الله فمن الناكثون ؟ قال : ( طلحة والزبير سيبايعانك بالحجاز وينكثانك بالعراق ، فإذا فعلا ذلك فحاربهما فإن في قتالهما طهارة لأهل الأرض ) .

 قلت : فمن القاسطون . قال : ( معاوية وأصحابه ) .

قلت : فمن المارقون ؟ قال : ( أصحاب ذي الثدية وهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، فأقتلهم فإن في قتلهم فرجا لأهل الأرض ، وعذابا معجلا عليهم ، وذخرا لك عند الله عز وجل يوم القيامة ) .

 

 وأما العشرون : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لي : ( مثلك في أمتي مثل باب حطة في بني إسرائيل ، فمن دخل في ولايتك فقد دخل الباب كما أمره الله عز وجل ) .

 

وأما الحادية والعشرون : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ( أنا مدينة العلم وعلي بابها ولن تدخل المدينة إلا من بابها ، ثم قال : يا علي إنك سترعى ذمتي وتقاتل على سنتي وتخالفك أمتي ) .

 

وأما الثانية والعشرون : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ( إن الله تبارك وتعالى خلق ابني الحسن والحسين من نور ألقاه إليك وإلى فاطمة ، وهما يهتزان كما يهتز القرطان إذا كانا في الأذنين ، ونورهما متضاعف على نور الشهداء سبعين ألف ضعف ، يا علي إن الله عز وجل قد وعدني أن يكرمهما كرامة لا يكرم بها أحدا ما خلا النبيين والمرسلين ).

 

 وأما الثالثة والعشرون : فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أعطاني خاتمه في حياته ودرعه ومنطقته وقلدني سيفه ، وأصحابه كلهم حضور وعمي العباس حاضر ، فخصني الله عز وجل منه بذلك دونهم .

 

وأما الرابعة والعشرون : فإن الله عز وجل أنزل على رسوله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمْ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } المجادلة 12 فكان لي دينار فبعته عشرة دراهم فكنت إذا ناجيت رسول الله صلى الله عليه وآله اصدق قبل ذلك بدرهم ، ووالله ما فعل هذا أحد من أصحابه قبلي ولا بعدي .

 فأنزل الله عز وجل : { أَ أَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} المجادلة13 فهل تكون التوبة إلا من ذنب كان .

 

أما الخامسة والعشرون : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ( الجنة محرمة على الأنبياء حتى أدخلها أنا ، وهي محرمة على الأوصياء حتى تدخلها أنت ، يا علي إن الله تبارك وتعالى بشرني فيك ببشرى لم يبشر بها نبيا قبلي ، بشرني بأنك سيد الأوصياء وأن ابنيك الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة يوم القيامة ) .

 

 وأما السادسة والعشرون : فإن جعفراً أخي الطيار في الجنة مع الملائكة ، المزين بالجناحين من در وياقوت وزبرجد .

 

 وأما السابعة والعشرون : فعمي حمزة سيد الشهداء في الجنة .

 

وأما الثامنة والعشرون : فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : ( إن الله تبارك وتعالى وعدني فيك وعدا لن يخلفه ، جعلني نبيا وجعلك وصيا ، وستلقى من أمتي من بعدي ما لقي موسى من فرعون ، فاصبر واحتسب حتى تلقاني فأوالي من والاك ، وأعادي من عاداك ) .

 

 وأما التاسعة والعشرون : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ( يا علي أنت صاحب الحوض لا يملكه غيرك ، وسيأتيك قوم فيستسقونك فتقول : لا ولا مثل ذرة ، فينصرفون مسودة وجوههم ، و سترد عليك شيعتي وشيعتك فتقول : رووا رواء مرويين فيروون مبيضة وجوههم ) .

وأما الثلاثون : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ( يحشر أمتي يوم القيامة على خمس رايات :

 فأول راية : ترد علي راية فرعون هذه الأمة وهو معاوية .

 والثانية : مع سامري هذه الأمة وهو عمرو بن العاص .

 والثالثة : مع جاثليق هذه الأمة وهو أبو موسى الأشعري .

 والرابعة : مع أبي الأعور السلمي .

 وأما الخامسة : فمعك يا علي تحتها المؤمنون وأنت إمامهم .

 ثم يقول الله تبارك وتعالى للأربعة : ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وهم شيعتي ومن والاني وقاتل معي الفئة الباغية والناكبة عن الصراط ، وباب الرحمة وهم شعيتي فينادي : هؤلاء :

 { أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14) فَالْيَوْمَ لاَ يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلاَ مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاَكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}الحديد15 ، ثم ترد أمتي وشيعتي ، فيروون من حوض محمد صلى الله عليه وآله ، وبيدي عصا عوسج أطرد بها أعدائي طرد غريبة الإبل .

 

 وأما الحادية والثلاثون : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ( لولا أن يقول فيك الغالون من أمتي ما قالت النصارى في عيسى ابن مريم ، لقلت فيك قولا لا تمر بملأ من الناس إلا أخذوا التراب من تحت قدميك يستشفون به ) .

 

وأما الثانية والثلاثون : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ( إن الله تبارك وتعالى نصرني بالرعب فسألته أن ينصرك بمثله فجعل لك من ذلك مثل الذي جعل لي ) .

 

 وأما الثالثة والثلاثون : فان رسول الله صلى الله عليه وآله ألتقم أذني وعلمني ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ، فساق الله عز وجل ذلك إلي على لسان نبيه صلى الله عليه وآله .

 

وأما الرابعة والثلاثون : فإن النصارى ادعوا أمرا فأنزل الله عزّ وجلّ فيه : {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ}آل عمران61 .

فكان : نفسي نفس رسول الله صلى الله عليه وآله ، والنساء فاطمة عليها السلام ، والأبناء الحسن والحسين ، ثم ندم القوم فسألوا رسول الله صلى الله عليه وآله الإعفاء فأعفاهم ، والذي أنزل التوراة على موسى والفرقان على محمد صلى الله عليه وآله لو باهلونا لمسخوا قردة وخنازير .

 

وأما الخامسة والثلاثون : فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وجهني يوم بدر فقال : ( ائتني بكف حصيات مجموعة في مكان واحد ) فأخذتها ثم شممتها فإذا هي طيبة تفوح منها رائحة المسك ، فأتيته بها فرمى بها وجوه المشركين ، وتلك الحصيات أربع منها كن من الفردوس ، وحصاة من المشرق ، وحصاة من المغرب ، وحصاة من تحت العرش ، مع كل حصاة مائة ألف ملك مددا لنا ، لم يكرم الله عز وجل بهذه الفضلة أحدا قبل ولا بعد .

 

وأما السادسة والثلاثون : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ( ويل لقاتلك إنه أشقى من ثمود ومن عاقر الناقة ، وإن عرش الرحمن ليهتز لقتلك ، فأبشر يا علي فانك في زمرة الصديقين والشهداء والصالحين ) .

 

وأما السابعة والثلاثون : فإن الله تبارك وتعالى قد خصني من بين أصحاب محمد صلى الله عليه وآله بعلم الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه والخاص والعام ، وذلك مما من الله به علي وعلى رسوله .

 وقال لي الرسول صلى الله عليه وآله : ( يا علي إن الله عز وجل أمرني أن أدنيك ولا أقصيك ، وأعلمك ولا أجفوك ، وحق علي أن أطيع ربي ، وحق عليك أن تعي ) .

 وأما الثامنة والثلاثون : فإن رسول الله صلى الله عليه وآله بعثني بعثا ودعا لي بدعوات وأطلعني على ما يجري بعده ، فحزن لذلك بعض أصحابه قال : لو قدر محمد أن يجعل ابن عمه نبيا لجعله فشرفني الله عز وجل بالاطلاع على ذلك على لسان نبيه صلى الله عليه وآله .

 

وأما التاسعة والثلاثون : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله  يقول : ( كذب من زعم أنه يحبني ويبغض عليا ، لا يجتمع حبي وحبه إلا في قلب مؤمن ، إن الله عز وجل جعل أهل حبي ، وحبك يا علي في أول زمرة السابقين إلى الجنة ، وجعل أهل بغضي وبغضك في أول زمرة الضالين من أمتي إلى النار ) .

 

وأما الأربعون : فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وجهني في بعض الغزوات إلى ركي فإذا ليس فيه ماء ، فرجعت إليه فأخبرته ، فقال : أفيه طين ؟ قلت : نعم ، فقال : ائتني منه ، فأتيت منه بطين فتكلم فيه ، ثم قال : ألقه في الركي فألقيته ، فإذا الماء قد نبع حتى امتلأ جوانب الركي ، فجئت إليه فأخبرته ، فقال لي : وفقت يا علي وببركتك نبع الماء . فهذه المنقبة خاصة بي من دون أصحاب النبي صلى الله عليه وآله .

 

وأما الحادية والأربعون : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ( أبشر يا علي فإن جبرائيل أتاني فقال لي : يا محمد إن الله تبارك وتعالى نظر إلى أصحابك فوجد ابن عمك وختنك على ابنتك فاطمة خير أصحابك فجعله وصيك والمؤدي عنك ) .

 

وأما الثانية والأربعون : فإني سمعت رسول الله يقول : ( أبشر يا علي فإن منزلك في الجنة مواجه منزلي ، وأنت معي في الرفيق الأعلى في أعلى عليين ) قلت : يا رسول الله وما أعلى عليون ؟ فقال : قبة من درة بيضاء لها سبعون ألف مصراع مسكن لي ولك يا علي .

 

وأما الثالثة والأربعون : فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : ( إن الله عز وجل رسخ حبي في قلوب المؤمنين وكذلك رسخ حبك يا علي في قلوب المؤمنين ، ورسخ بغضي وبغضك في قلوب المنافقين ، فلا يحبك إلا مؤمن تقي ، ولا يبغضك إلا منافق كافر .

 

وأما الرابعة والأربعون : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ( لن يبغضك من العرب إلا دعي ، ولا من العجم إلا شقي ، ولا من النساء إلا سلقلقية ـ الصخابة ـ )

 

وأما الخامسة والأربعون : فإن رسول الله صلى الله عليه وآله دعاني وأنا رمد العين فتفل في عيني وقال : ( اللهم اجعل حرها في بردها وبردها في حرها ) ، فوالله ما اشتكت عيني إلى هذه الساعة .

 

وأما السادسة والأربعون : فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر أصحابه وعمومته بسد الأبواب ، وفتح بأبي بأمر الله عز وجل ، فليس لأحد منقبة مثل منقبتي .

وأما السابعة والأربعون : فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أمرني في وصيته بقضاء ديونه وعداته ، فقلت : يا رسول الله قد علمت أنه ليس عندي مال ، فقال : سيعينك الله ، فما أردت أمرا من قضاء ديونه وعداته إلا يسره الله لي حتى قضيت ديونه وعداته ، وأحصيت ذلك فبلغ ثمانين ألفا وبقي بقية أوصيت الحسن أن يقضيها .

 

وأما الثامنة والأربعون : فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أتاني في منزلي ، ولم يكن طعمنا منذ ثلاثة أيام ، فقال : يا علي هل عندك من شيء ؟ فقلت : والذي أكرمك بالكرامة واصطفاك بالرسالة ما طعمت وزوجتي وابناي منذ ثلاثة أيام ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : يا فاطمة ادخلي البيت وانظري هل تجدين شيئا ، فقالت : خرجت الساعة .

 فقلت : يا رسول الله أدخله أنا ؟ فقال : ادخل باسم الله ، فدخلت فإذا أنا بطبق موضوع عليه رطب من تمر وجفنة من ثريد ، فحملتها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله .

فقال صلى الله عليه وآله : يا علي رأيت الرسول الذي حمل هذا الطعام ؟ فقلت : نعم ، فقال : صفه لي ، فقلت : من بين أحمر وأخضر وأصفر ، فقال : تلك خطط جناح جبرائيل عليه السلام مكللة بالدر والياقوت ، فأكلنا من الثريد حتى شبعنا ، فما رأى إلا خدش أيدينا وأصابعنا فخصني الله عز وجل بذلك من بين أصحابه .

 

وأما التاسعة والأربعون : فإن الله تبارك وتعالى خص نبيه صلى الله عليه وآله بالنبوة وخصني النبي صلى الله عليه وآله بالوصية ، فمن أحبني فهو سعيد يحشر في زمرة الأنبياء عليهم السلام .

 

وأما الخمسون : فإن رسول الله صلى الله عليه وآله بعث ببراءة مع أبي بكر فلما مضى أتى جبرائيل عليه السلام ، فقال : يا محمد لا يؤدى عنك إلا أنت أو رجل منك ، فوجهني على ناقته العضباء فلحقته بذي الحليفة فأخذتها منه ، فخصني الله عز وجل بذلك .

 

وأما الحادية والخمسون : فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أقامني للناس كافة يوم غدير خم ، فقال : ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) فبعدا وسحقا للقوم الظالمين .

 

وأما الثانية والخمسون : فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : ( يا علي ألا أعلمك كلمات علمنيهن جبرائيل عليه السلام ؟ فقلت : بلى ، قال : قل : ( يا رازق المقلين ، ويا راحم المساكين ، ويا أسمع السامعين ، ويا أبصر الناظرين ، ويا أرحم الراحمين ارحمني وارزقني ) .

 

 وأما الثالثة والخمسون : فإن الله تبارك وتعالى لن يذهب بالدنيا حتى يقوم منا القائم ، يقتل مبغضينا ، ولا يقبل الجزية ، ويكسر الصليب والأصنام ، ويضع الحرب أوزارها ، ويدعو إلى أخذ المال فيقسمه بالسوية ، و يعدل في الرعية .

 

وأما الرابعة والخمسون : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول :  يا علي سيلعنك بنو أمية ، ويرد عليهم ملك بكل لعنة ألف لعنة ، فإذا قام القائم لعنهم أربعين سنة.

 

وأما الخامسة والخمسون : فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لي : ( سيفتتن فيك طوائف من أمتي فيقولون : إن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يخلف شيئا فبماذا أوصى عليا ؟ أو ليس كتاب ربي أفضل الأشياء بعد الله عز وجل ، والذي بعثني بالحق لئن لم تجمعه بإتقان لم يجمع أبدا ) فخصني الله عز وجل بذلك من دون الصحابة .

 

وأما السادسة والخمسون : فإن الله تبارك وتعالى خصني بما خص به أولياءه وأهل طاعته وجعلني وارث محمد صلى الله عليه وآله ، فمن سائه ساءه ومن سره سره ، وأومأ بيده نحو المدينة .

 

وأما السابعة والخمسون : فإن رسول الله صلى الله عليه وآله كان في بعض الغزوات ففقد الماء فقال لي : يا علي قم إلى هذه الصخرة وقل : ( أنا رسول رسول الله انفجري لي ماء ) ، فوالله الذي أكرمه بالنبوة لقد أبلغتها الرسالة ، فاطلع منها مثل ثدي البقر ، فسال من كل ثدي منها ماء ، فلما رأيت ذلك أسرعت إلى النبي صلى الله عليه وآله فأخبرته ، فقال : ( انطلق يا علي فخذ من الماء ) وجاء القوم حتى ملئوا قربهم وأدواتهم وسقوا دوابهم وشربوا وتوضئوا فخصني الله عز وجل بذلك من دون الصحابة .

 

وأما الثامنة والخمسون : فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أمرني في بعض غزواته وقد نفد الماء فقال : ( يا علي ائتني بتور فأتيته به فوضع يده اليمنى ويدي معها في التور ، فقال : انبع ) فنبع الماء من بين أصابعنا .

 

وأما التاسعة والخمسون : فإن رسول الله وجهني إلى خيبر فلما أتيته وجدت الباب مغلقا فزعزعته شديدا فقلعته ورميت به أربعين خطوة ، فدخلت فبرز إلي مرحب فحمل عليَّ وحملت عليه وسقيت الأرض من دمه ، وقد كان وجه رجلين من أصحابه فرجعا منكسفين .

 

وأما الستون : فإني قتلت عمرو بن عبد ود ، وكان يعد ألف رجل ،  فقال رسول الله صلى الله عليه وآله في حقي : ( لضربة على يوم الخندق أفضل من أعمال الثقلين ) : وقال : ( برز الإسلام كله إلى الكفر كله ) .

 

وأما الحادية والستون : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ( يا علي مثلك في أمتي مثل " قل هو الله أحد " فمن أحبك بقلبه فكأنما قرأ ثلث القرآن ، ومن أحبك بقلبه وأعانك بلسانه فكأنما قرأ ثلثي القرآن ، ومن أحبك بقلبه وأعانك بلسانه ونصرك بيده فكأنما قرأ القرآن كله ) .

 

وأما الثانية والستون : فإني كنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله في جميع المواطن والحروب وكانت رايته معي .

 

وأما الثالثة والستون : فإني لم أفر من الزحف قط ، ولم يبارزني أحد إلا سقيت الأرض من دمه .

 

وأما الرابعة والستون : فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أُتي بطير مشوي من الجنة فدعا الله عز وجل أن يدخل عليه أحب خلقه إليه ، فوفقني الله للدخول عليه حتى أكلت معه من ذلك الطير .

 

وأما الخامسة والستون : فإني كنت اصلي في المسجد فجاء سائل فسأل وأنا راكع فناولته خاتمي من إصبعي فأنزل الله تبارك وتعالى فيّ : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ } المائدة 55 .

 

وأما السادسة والستون : فإن الله تبارك وتعالى رد علي الشمس مرتين ولم يردها على أحد من أمة محمد صلى الله عليه وآله غيري .

 

وأما السابعة والستون : فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر أن ادعى بإمرة المؤمنين في حياته وبعد موته ولم يطلق ذلك لأحد غيري .

 

وأما الثامنة والستون : فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : ( يا علي إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش : أين سيد الأنبياء ؟ فأقوم ، ثم ينادي أين سيد الأوصياء ؟ فتقوم ويأتيني رضوان بمفاتيح الجنة ، ويأتيني مالك بمقاليد النار ، فيقولان : إن الله جل جلاله أمرنا أن ندفعها إليك ونأمرك أن تدفعها إلى علي بن أبي طالب ، فتكون يا علي قسيم الجنة والنار ) .

 

وأما التاسعة والستون : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ( لولاك ما عرف المنافقون من المؤمنين ) .

 

وأما السبعون : فإن رسول الله صلى الله عليه وآله نام ونومني وزوجتي فاطمة وابني الحسن والحسين وألقى علينا عباءة قطوانية فأنزل الله تبارك وتعالى فينا : { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } الأحزاب 33 ، وقال جبرائيل عليه السلام : أنا منكم يا محمد ، فكان سادسنا جبرائيل عليه السلام .

الخصال ب70ص572ح1.

 

 

أقول : نزين أرواحنا بهذه المعارف والوهابية ضلوا عنها وعن دين الله :

إن ذكر هذه الفضائل عندنا أحلى من العسل وأجمل كمال نتحلى به وأفضل شيء نعتز به ، ونبذل كل جهودنا لمعرفتها وذكرها وتعلمها وتعلميها وذكرها والتحدث بها ، ونزين بها أرواحنا قبل مجالسنا ، بل نرجو بذكرها والتحدث بها أعلى أجر من الله تعالى وأفضل ثواب حتى لنطمع أن نكون مع علي وآله في كل شيء دين وهدى ونور ونعيم مقيم بإذن الله تعالى .

 

ولكن هذه مناقب الشرف والكرامة لأمير المؤمنين وولي دينهم ، لا تروق للوهابية ولكل من نصب عداء للنبي وآله ولا يستسيغوها ، وهي عندهم أمر من الحنظل ، والعلقم أطعم منها ، فإنهم يقرئون القرآن ويفرحون بقصص الأنبياء دون ذكر نبينا وآله ولا يفرحون بفضائلهم ومناقبهم ، وإذا ذكر لهم شيء تشمئز أنفسهم وتنزكم وكأنهم يسمعون معصية الله والكفر بالله ، ولكنهم يستأنسون ويفتخرون بذكر بني إسرائيل وعاد وثمود وقصص الأنبياء مع أقوامهم وكيف يتعصون عليهم وينحرفون عنه الأنبياء وأئمة الحق كأنهم منهم في الدنيا وآخره والحشر والنشر ، بل هم أضل منهم لضلالهم عن نبينا وآله ، وعلى دين من طغى على الحق والهدى في العلم والعمل مع دعوا الإيمان والإسلام والتوحيد الخالص دون المسلمين وهو كاذب فيحرفهم ويخدعهم .

وذلك لأنه لم يتدبر ما حل بالإسلام وأهله وكأن كرامات الله مختصة بالأنبياء  السابقين فقط دون نبينا وآله ، وإن الانحراف عن الدين والانقلاب عن نعمة الله وهدى دينه مختص بالأمم السابقة ، وإن نبينا وآله صلاة الله وسلامه عليهم هم ركن الدين الإسلامي واس وجوده قد عدموا من الكرامات وفضل الله وليس لهم ما يشرفهم الله به ، وإذا مروا بهذه الأحاديث كذبوها وكأن أية التطهير وآية المباهلة والكوثر وسورة الإنسان والضحى وآيات الولاية ليس في شأن النبي الكريم وآله ، بل في شأن أعدائهم ومن حاربهم وقتلهم .

 

 ولكن عرفت إن ذكر علي بل كل أهل البيت النبوي الطاهر يستوجب ذكر أعدائهم ورفضهم ، وهذا معناه رفض دين معاوية وأبو هريرة وعمر بن العاص وكل من مهد لهم وسار في ركابهم ، ممن أظهر أو كتم عدائه لأهل البيت عليهم السلام وناصب الحرب بالقول والكتابة واللسان لهم ، وذكر أهل البيت عليهم السلام والحديث عن إمامتهم وولايتهم وشرفهم يكون فيه رفض لكل مذهب سلفهم الذين يعبدونهم دون الله ، لأنهم لا حجة لهم إلا أنهم عاصروا النبي ، ولو كانوا يعدون الجيوش لحربة ولم يحبوه ، بل قتلوا دينه وآله وكل ما يعرف فضله ويذكره ومنعوا منه ، بل يتمذهبون بمذهب بن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب الذين أيد دينهم الاستعمار ومكن أسيادهم من نشره ومن خداعهم باسم السلف فصدقوه .

 ولو كان قد أنزل الله مئات الآيات في أئمة الكفر والضلال وأتباعهم من المنافقين والكفار ممن عاصر النبي الكريم ، ثم بعده أسلموا بالإجبار ولم يدخل الإيمان في قلوبهم وإن تسموا مسلمين أو أمير المؤمنين بغير حق ، بل في زمان النبي الكريم أنزل الله ما يقارب الثلاثمائة آية في المنافقين الذين كانون يسمون مسلمين في الظاهر وهم في الباطن أعداء الله تعالى و النبي وآله ، وظهروا بالتجاهر بمعصية الرسول وآله وحرب دين الله علناً بعد رسول الله ، وقتلوا آله وحرموا الناس معرفة فضل الله عليهم ونعيم دينه من عندهم ، وساروا بالناس في الجهل المركب بالدين ، وهم يحسبون عارفون به ويدينون لله برأي أبو سفيان وأبنه وحفيده ومن لف لفه ممن كان في بلاطهم وتجري أرزاقهم ومِنحهم وهداياهم له .

بل من نفس الذين يسمون أنفسهم بالمؤمنين كان الله يبين أنه بعد النبي سينقلبون عن الحق وهدى الله ودينه ، وقد عرفت آية الانقلاب عن النبي ودينه وعصيانه ، وأنهم لن يضروا الله شيء إن تعصوا على قبول نعم الله من الهدى والفضل التام في يوم القيامة .

وقد جمعنا في صحيفة الثقلين كثير من لآيات التي تبين الأمور التي تحرف الناس عن الدين للدنيا وتقلبهم عن الحق ، بل في زمن النبي كانوا في كثير من الحروب ينقلبون ويفرون كما في أحد وفي حنين ، بل في جيش أسامة لم يسيروا معه وتخلفوا مع أمر النبي المشدد بضرورة المسير ولعن من يتخلف عنه .

 

والحكم والسلطة تعمي وتصم والملك عقيم والإنسان إذا حب الظهور وكان له عجب بنفسه ، كما كان قسم كبير ممن يلتف حول النبي للظهور والفخر دون إيمان حقيقي ، وكان يهرب منه في المواقف الصعبة في الحروب ويتركه وحده كما فروا في أهم معارك الرسول في أحد وحنين وخيبر بل وظهر نفاقهم في صلح الحديبية والخندق وهم في زمن رسول الله ، وأشد منه كان فرارهم من الله ورسوله للمنصب والجاه وكلما تغري به الدنيا ، وقد سيطر عليهم الشيطان بأقل فرصة أتاحت له .

وهم بالفعل حصلت لهم فلته في سقيفة بني ساعدة سيطروا على الحكم وأخذ يعدون له كل عدة ، حتى أجبروا المسلمين على البيعة لهم بألف حيلة ومكر تزول منه الجبال ، وثم بسرعة سيروا جيش أسامة وعزلوه بعد أربعين يوم ولم يصل الشام حتى يحارب الروم وجعلوا بن أبي سفيان بدله ليسكتوه ولا يحمل الناس على خلافهم ، وهكذا أن شغل المسلمين بالفتح وهم قد سيطروا فاتفقوا مع المنافقين على الولايات والحكومة فأعطوا حكومة الشام وجيشه لأبي سفيان وأبنه وأسكتوه وهكذا ، مصروا الكوفة وواسط حتى أخرجوا أغلب الصحابة وأولي السابقة من المدينة وخلى لهم الجو ، وجعلوا المنافقين أمراء وأقصوا أهل السابقة بين شهيد ومعزول عن ممارسة إمارة صغيرة ولو في ولاية من ولايات المسلمين ، وخصوها بمن يدعوا لهم ويعرفهم ويكذب في تمجيدهم وبيان فضلهم ، وكأن دين الله نزل عليهم وهم العالمين به والرسخون بمعرفته .

 

ولكن في زمن عثمان لما خفت الفتوحات وأستقر الناس عرفوا ظلم الخلفاء فانقلبوا عليهم ، ولكن المنافقين لم يرضوا بعدل علي عليه السلام ، وأقصوه عن تعليم دين الله وشنوا عليه الحروب في الجمل وصفين والنهروان حتى قتل لعدله في محراب عبادته ، ثم سيطر معاوية ودينه على الحكم وبعده يزيد وحرف الناس حتى قتل الحسن بأمر معاوية بالسم , وقتل الإمام الحسين وهو سيد شباب أهل الجنة بقتله يشيب لمثلها المؤمن ويهرم بها المنصف ، وأخرج رأسه يطاف به في العراق وسورية وهي عينة البلاد الإسلامية ولا مستنكر على الحاكم الظالم ، بل الوهابية إلى الآن يمجدون يزيد ودينه وكل من مدحه بقتل الحسين وآله ويثني عليه لعن الله الظالمين ما أضلهم وأبعدهم عن الله ودينه ورسوله .

ولهذا كان الله ورسوله نبهونا بأن ذكر أهل البيت وأئمة الحق والهدى هو ذكر دين الله وتعاليمه ، وأن سيرتهم هو تأريخ الإسلام كله ، وكيف حل بالناس طمع الدنيا وأفتوا وفق رأي معاوية ويزيد ومن لف لفهم ونصروهم حتى لم يعرف علي وآله والنبي وعترته ، ولم يُروى ويُعرف لمن يدخل بالإسلام أقرب للنبي من معاوية وإنه خال المسلمين وإن كان خالي من كل فضيلة ، فأغروا المسلمين ومكروا بهم وخدعوهم حتى قتلوا بهم علي وآله آل النبي وأقصوهم عن تعليم معارف الله الحق ، إلا من جد وطلب الدين بالدليل ممن ذكر الله فضله وذكره بنعمه عليه ، وهداه الذي جعله عنده فتبع الحق وأهله ونشره .

 

ولهذا كان الذكر والتذكير بعلي عليه السلام وآله آل النبي يعرف دين الله الحق ، وهو طاعة وعبادة له خالصة لأنه ذكر الدين والحق وتعاليمه وموصل لمعرفته الصادقة .

وكان ذكر من حرف الناس بالثناء شرك ، هذا .

وإذا أحببت المزيد فراجع ما ذكرنا من الكتب سواء في صحيفة التوحيد وفي شرح الأسماء الحسنى أو صحيفة الثقلين أو صحيفة الإمام الحسين عليه السلام أو صحيفة ذكر علي عليه السلام عبادة أو غيرها من كتب الإمامة في موسوعة صحف الطيبين لتعرف الحق وآله والباطل وآله ، وتذكر الله بتذكر فضله على نبينا وآله وعلينا لما هدانا لدينه الحق الصادق الواقعي بفضله علينا وعلى نبينا وآله صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين وما شرفهم به من دينه .

هذا ونسأل الله بحق محمد وآله الطيبين الطاهرين أن يجعلنا صادقين على حب ودين وهدى علي وآله الذي هو دينه ودين رسوله الحق ، ويجعلنا عالمين عاملين به بكل وجودنا وسلوكنا وسيرتنا مخلصين له الدين والعبادة ، إنه ولي حميد وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم ، ورحم الله من قال آمين .


الهي بحق علي وأخيه وآلهم الطيبين الطاهرين اسقني من حوضهم واجعلني وكل الطيبين نحف بهم تحت لواء الحمد وفي كل مكان كرمتهم به في الجنة إنك أرحم الراحمين
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موقع موسوعة صحف الطيبين  

إلى الأعلى علاك الله بإخلاص له بدين أمير المؤمنين الحق علي عليه السلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام خلصك الله من دين أئمة الضلال والظلام