هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في أصول الدين وسيرة المعصومين
قسم سيرة المعصومين/ صحيفة الإمام
علي عليه السلام
الجزء الأول / ما نذكر به الإمام علي عليه السلام وسببه

الباب التاسع

ذكر نعمة وجوب الولاء للإمام علي وآله عليهم السلام

في هذا الباب : ذكر لأحاديث الولاية والإمامة للإمام لعلي وآله الطيبين الطاهرين آل سيد المرسلين ، وضرورة التعبد لله بدينهم عن حب ومعرفتهم بكل وجودهم وخصالهم الحميدة ، حتى ترسخ في قلوبنا وعقولنا ولايتهم وإمامتهم بعد رسول الله ، وأنه يحرم بغضهم وتحريم ذكر علي وآله ومعرفتهم وإن بهجرهم هجر لله ولرسوله ولكل دين الله ومعارفه وتولي لأولياء الشيطان والعياذ بالله :

الذكر الأول
حديث وجداني ديني في ضرورة الولاء للإمام علي وآله

الذكر الثاني
أحاديث نعمة الولاء للإمام علي وآله ووجوب التحقق بها

إلى الأعلى



الذكر الأول

حديث وجداني ديني في ضرورة الولاء للإمام علي وآله

عرفت إن النبي وعلي وآلهم هم نور واحد ورجال بيت مرفوع واحد من الأزل المخلوق لله في أول التكوين في عميق الدهر والنور والجبروت والملكوت ، إلى الأبد الباقي برحمة الله وفضله وتمجيده لأوليائه الذي فيه المقام المحمود والوسيلة العليا لرحمته ونعيمه ، وإن لهم القرب الواقعي من منبع العظمة الإلهية وتمام التجلي للرحمة الربانية وظهور كبرياء العزة القيومية وملكها الكبير على النبي وآله وشيعتهم معهم ، دون غيرهم الذين اختاروا الظلمات على النور والنقمة على الرحمة ونار الحرمان ونقص العدم على نعمة الله وفضله وكرمه .

وكذلك ما بين المبدأ والمعاد ، في الدنيا نبينا وآله وشيعتهم على دين واحد لا يمكن التفريق بين دين النبي وعلي وآلهم وشيعتهم ، فإن لهم كرامة ومجد واحد متصل بالله بصلاته وفضله على النبي وآله ومن تبعهم بالود والحب والإخلاص ، ثم تحدث عن نعيم الله عليهم سواء بذكر مناقبهم وفضلهم أو دينهم وحديثهم وسنتهم ، أو سيرتهم وسلوكهم دون غيرهم .

ولذا وجب علينا التحقق بالولاء لهم عن حب وإقرار بنعم الله عليهم وطاعتهم بكل وجودنا ، بل وذكر الحديث عنهم وعن سيرتهم ومجدهم وفضل الله عليهم حتى نعرفهم بحق المعرفة الممكنة ، حتى يكون لنا اليقين بأن دين الله عندهم ، ويجب علينا أخذه منهم في كل تصرف وحركة وسلوك لهم فضلاً عن معرفة علومهم ومعارفهم بالحديث والذكر بما قالوه وعلموه لنا .

 

 ومن الخطأ والغلط في التشخيص لمعرفة الدين وأهله وأئمة الحق وهدى الله بإدعاء أن دين الله عند مَن لم يعرف النبي وآله وشيعتهم ، وعند من لم يذكرهم بكل ما فضلهم الله به ولم يحدث عما كرمهم الله به ، ثم يأخذ دينه من أعدائهم وممن حاربهم ويدعي إنه موحد مخلص لله .

 

 فإن الحق والتدبر بأي شيء من دين الله وسنته ، ترى أن دين الله وتشريفه مختص واقعا بنبينا وآله ومن صدق في حبهم وشايعهم في ودهم ودينهم من أول الوجود لآخره مجموع في صراط مستقيم واحد متحد في رضا الله وتشريفه وتكريمه لأئمة الحق والهدى ولمن تبعهم ، دون غيرهم مهما تسمى من أسماء وادعى من دعوا .

 

فإن بعض من يدعي الإسلام بل يدعي إنه مؤمن موحد مع أنه يفرق بين النبي وآله بصورة عامة كأنهم لا علاقة ولا رابطة بينهم في الدين ، ثم يفرق بين الإمام علي بالخصوص وكل آله آل النبي ، ثم يهون عليه أن يفرق بين النبي وشيعة علي وآله آل النبي ، ثم يدعي دعوى بينة البطلان ولا تنطلي على جاهل ومغفل .

وإن دعواه هي : إن شيعة علي والنبي وآلهم وصحبهم الكرام ومن حبهم وأظهر الود والإخلاص في نشر دينهم ومحبتهم ، أنهم لا دين عندهم ومنحرفون عن دين الله والنبي بل وعلي وآله ولم يحبوهم ولم يعرفوا دينهم وهم قتلوا النبي وحاربوا علي ، ولم ينشروا دينهم ، بل ليس لهم معرفة بدين علي ولا فضائل له ولهم ، ولا كرامة لإيمانهم بودهم للنبي وآله آل علي ، وشرك الحديث عنهم وذكرهم بكرم الله وفضله بجعل دينه وهداه عندهم وتشريفهم بالمجد والكرامة ، وقد اخطئوا بالحديث عن مجدهم وما لهم من الشرف وعلو المنزلة والرفعة في مقام الحمد والوسيلة عنده تعالى ، وهذا لا مصداق واقعي له فيحرم تذاكره محبي النبي وآله بينهم ونشره .

 

ثم يأتي وبوقاحة أو جهل مركب فيدعي أن دين الله الذي أنزله على النبي عند أعداء علي وآله آل النبي ومن حاربهم ومنع من ذكرهم من أئمته وأحباءه ، والذين لم يجتمعوا يوم واحد على ود النبي وعلي وآلهم وشيعتهم ، بل كان أئمته وأتباعهم في الجاهلية والإسلام يبين بكل تصرف وسيرة وسلوك لهم مع علي وآله وشيعتهم وكلامه في تعريف دين الله أنهم جهلة حاقدون على الدين وأهله ، بل يستبين بتصرفهم مع علي وآله وشيعتهم أنه تصرف كافر أو منافق أو حاسد لهم ولما أعطاهم الله من الكتاب والحكمة والشرف والكرامة الهدى والدين دونه .

مع أن هذا المدعي قد بان بكل تصرف لأئمته وأتباعهم في سالف الزمان حقدهم وعدائهم للنبي وآله ، وبالخصوص للإمام علي الذي ملء قلوبهم أحقاد بدرية وحنينة وخيبرة وغديرية وتبليغ سورة براءة دونهم وغيرهن ، فحاربوه ليأخذوا بثأرهم ، وليأخذوا تراثه وما جعل الله لهم من منصب الخلافة والإمامة لتعاليم دين الله .

ويدعي إن هدى الله عند مَن لم يعرف علي وآله آل النبي صلى الله عليهم وسلم ، ولم يحدث بدينهم الإلهي ومجدهم الربان بجد وبكلام قاطع ، و أن دين الله ورسوله عند أعدائهم المقاتلين لهم من مثل هؤلاء المنافقين الذين انقلبوا على النبي في زمانه وبالحسد والحقد والنفاق ، وقد ظهر منهم كل أمر مؤذي للنبي وعناد له ثم سلبوا خلافته وأدعوها لهم ، وعلموا رأيهم وفكرهم كدين لله .

ومن كان هذا حالهم فمن الجهل المركب والضلال التام والشرك المؤكد أن يدعي أحد أنهم عندهم دين الله الذي أنزله على النبي ، ويجعل لهم فضائل كاذبة ويصحح أخطائهم ويحدث عن دينهم ويمنع من دين علي وآله آله النبي وشيعتهم ، سواء أنه يعتقد أنه عبادة لله أو ليس في ذكرهم وذكر دينهم عبادة لله ، وبظلمات متراكمة يدافع عمن حارب علي وآله آل النبي وشيعتهم وعمن قتلهم ومنع من معرفتهم بدين الله ومجده وفضله في أي زمان ومكان كان .

فإنه يشرك من ينصر ويؤيد هذا المدعي بأن الفضل والدين عند أعداء آل محمد بكل سبيل وأسلوب كان نصره وتأييده في حربه سناني أو لساني وأو انترنيتي أو كتابي ،كمثل هذا المدعي والمحاور بالدفاع عن أهل الباطل المحاربين لآل محمد وشيعتهم ومَن حبهم وحب فضلهم ودينهم ومجدهم وذكره وحدث عنه .

ثم يأتي فيذكر أعداء النبي وعلي وآله وشيعتهم من أئمة الباطل وأتباعهم وبكل حب وود حتى يكون عنده ذكر تأريخهم الأسود وأفعالهم التي تبين ليس فيها من دين الله شيء ، بل إنهم في شرك بحت في الله وضلال تام عن هداه ، وبعيدين عن الله ودينه وكل تعاليمه الآمرة بلعن من كتم دين الله وحرف الناس عنه ، مع أنه بهذا التصرف قد كان أبعد الناس عن ذكر ومعرفة أئمة الحق الصادقين المصدقين ، وإنه قد قاتل بكل أسلوب من حدث بحديث النعم التي فضل الله بها النبي وآله وشيعتهم وبين مجدهم وشرفهم وعزتهم عنده وهو تعالى الأمر بالحديث عن فضله عليهم .

فإن الوهابي مع كل هذا في تصرفه ودينه ومأخذه وعناده للحق يدعي أن دين الله عنده وحده وهو الموحد لله بدين أعداء آل محمد ، وهو المخلص لله بمذهب أئمة الكفر معاوية وحزبه وكل من مهد له ونصره وأفتى على بلاطه ونصر سلطانه بالظلم والحيلة والمكر والخداع .

فإنه من الجهل المركب والظلمات المتركمة وإنسان لم يجعل الله له نور يمشي به في الناس وليس له من هدى الله شيء واقعي يذكر ، من يدعي أن علي وآله وصحبه وشيعته ممن حبهم وأظهر لهم الود وأخلص لهم وتفانى في بيان دينهم وما كرمهم الله به من المجد والشرف والدين ، وأقترب من النبي وعلي وآله وأخذ منهم تعاليمه وفضائلهم وما كرمهم الله به ، ويقول : أنهم كلهم منحرفون عن النبي وسنته وتعاليمه وإن لا سيرة ولا سلوك ولا تعليم للنبي عند علي وآله آل النبي وشيعتهم وصحبهم المحبين لهم على الحقيقة ولو تفانوا في بيان دين النبي وآله ومحبتهم وصاروا صحابة ومحبين حقيقيين لهم ، وما ذلك لأنهم يرفضون معاوية وحزبه وكل من مهد له وأفتى على بلاطه الظالم .

فهذا قول باطل لا يصدقه والوجدان ولا التأريخ والسيرة والدين أن يكون صحب علي وشيعته فضلاً عن علي وآله أنهم لا يعرفون دين الله ورسوله ولو كانوا يُقتلون في سبيل ذكره وتعريفه والحديث عنه ، وكل مجالسهم في بيوتهم ومساجدهم وحسيناتهم يزينونها بالذكر والحديث عن فضل الله ومجده لهم بكل نعيم وهدى ودين ، وترى نصر شيعة علي للنبي وعلي وآلهم ونشر معارفهم ودينهم بكل وجودهم وسيرتهم وسلوكهم وذكرهم وحديثهم وعلمهم وعملهم المدون والواقعي الذي يشهد له بهذا كل شيء  .

ثم ترى الوهابي ومن على مذهبه بعد كل هذا تراه بتفكير باطل ومقدمات فاسدة ونتائج قياس ضال يقوده لأن يهجره علي وآله وشيعتهم ، وكل من كان على دين الله ونبيه بحق ممن صحبهم صادق بكل سيرته وسلوكه ، وصار واقعاً صادق من المحبين لهم وبكل ود أمره الله وبينه في كتابه وسيرة نبيه وسنته ، وشهد لهم كل شاهد من سيرتهم في الاقتراب من النبي وآله ونقلهم لأحاديثهم وما كرمهم الله به من الدين والمجد والشرف ، فيعتبرهم كاذبين منافقين ولم يعرف لهم حديث ولا ذكر .

 

ثم بعد التي والتيا وبالدعاوي الكاذب وتبرير ظالم لأفعال أعداء آل محمد ومن حاربهم وقتلهم وتعبد لله بغير دينه فيقوم بتحسين سيرتهم الخبيثة أو التغافل عن مكرهم وخداعهم ، فيأخذ تعالم الله من غير المحبين للنبي وآله ولم تظهر صحبتهم لهم عن محبة حقيقية في سيرتهم مع النبي وعلي وآله وشيعتهم ، ولا ذكروا شيء من شرفهم الذي خصهم الله به ولا مما فضلهم به من المجد والكرامة ، ولا علم له من الدين الذي به أمروا وعلموا ، بل بكل شيء خالفوهم وحرفوا الناس عنهم وقتلوا من يقترب منهم ويذكرهم بالدين والشرف .

 ثم بحماقة مطلقة وبفخر كاذب وكأنه أخلص الموحدين حيث يدين بدين أعداء آله محمد ، ويتمذهب بمذهبه من قتلهم وحرم معرفتهم بكل سبيل وجود ودين لمجرد كونهم قد سيطروا على الحكم بعد النبي وتسلطوا على المسلمين ، وكانت لهم دولة ومملكة ووعاظ سلاطين يفتون لهم حسب أهوائهم راجع الباب الثالث والذكر الثالث فيه من هذا الكتاب ، فتراه بهذا كله وبأي تفسير فسره وبكل كلمة يتكلمها وكل حرف ينطقه وبكل فكرة يفكر بها وبكل حوار يحاور به ، يدعوا ويذكر ويحدث عن دين أعداء الله ورسوله وعلي وآله أهل البيت وشيعتهم ويبتعد عنهم وقعاً وعلماً وعملاً وسيرة وسلوكاً وكل تصرفاً وبكل حركة وكلمة وكتابة ، ولا يكون عنده من معارف نبينا وآله الحقيقية الصادقة ولا يؤمن بها ، فضلاً من أن يحدث عن شرفهم ومجده الذي هو ذكر لمجد الله وتشريفه للنبي وآله وعلي وشيعته الذين اتحدوا معهم بكل كرامة نزلت من الله في  الوجود ، سواء نور دين وهدى ونعيم وكتاب وحكمة وكل خير حقيقي باقي نزل منه ورضا تام رضى به عن عباده المخلصين .

فإن الإنسان يخدع نفسه وأتباعه ويمكر بصحبه وأحبابه بمجرد التفكر بأن يدين لله بدين أعداء النبي وعلي وآله وشيعتهم فلا يكون مخلص الدين لله وحده ، فضلاً عن الإيمان والتحقق بمكر أعدائهم ودين النواصب لهم والذين لم يعرفوا النبي في آله ولا حبوهم ولا حدثوا عنهم  ، وأن يعتقد بظلم التفكير أن في دين من هجر علي وآله آل النبي الكريم فيه شيء من دين الله الصادق .

 ودون إثبات هذه الدعوى : إن دين الله ورسوله عند من خرج عن دين علي وآله خرط القتاد ، ودخول جمل في ثقب أبره وخروجه أسهل ألف مرة من تصديقه ، ولذا كان يصعب عليهم ذكر سيرة السلف والتفحص فيها ومعرفة المحب الصادق الذي صار محب وصاحب للنبي على الحقيقية ، ممن كان من المنافقين والذين لم يكن له صحبة ولا خصوصية تعرف له من مجد النبي وفضله وتشريفه عند الله ، ولم يوجد ما يصدقه أن له معرفة في تمجيد النبي وتشريفه له ، ولم تظهر له منقبة في ثبات حرب ولا في علم ولا له آية كرامة ومجد من دون النبي وآله ومن حبهم .

ونحن عندما نذكر تأريخ النبي وعلي وآلهم ومن حبهم وصحبهم نذكره بكل مجد وفخر واعتزاز ، ونرى أن دين لله تعالى لهم دون من عاندهم ولم يعرف ما خصهم الله به من العلم بالقرآن المجيد وتفسيره وكل فضيلة وشرف خص به المؤمنين ، ونقطع بأن نعيم الجنة وكل وصف جاء فيه كرامة في كتاب الله وسنة النبي هي لهم ولمن أخذ دين الله منهم ، بعد معرفتهم والحديث عنهم بحق المعرفة ومعرفة أن دين الله وهداه ونوره المنزل على النبي أستمر في وجودهم وكل علم وعمل لهم ، فاقتدى بهم وتبعهم بكل وجوده .

وهم عندما يذكرون أولياء دينهم من دون النبي وآله ممن حاربهم ولم يظهر المحبة لهم ، جل ما يعرفه عنهم هو أن يحاول إصلاح ما ظهر من عنادهم للحق وسيرتهم الفاسدة ، فأما أن يقول تابوا أو يلقي قتل آل محمد وشيعتهم على غير أولياء دينه بأعذار مختلقة واهية لم تنطلي على ساذج في تعاليم الدين ، وكأنهم لم يعدوا الجيوش والحروب ، بل لم تعقد سقيفة ويسلب خلافة النبي ولم تكن حرب الجمل وصفين والنهروان ، ولم تكن لهم حروب مع الحسن والحسين وقتلوهم وسبوا آل محمد وجعلوهم أسرى يطاف بهم في بلاد المسلمين ، بل ومن قبل غصبوا فدك وخلافة رسول الله وأدعو إن كل فضيلة للنبي وآله لهم فجرؤا المنافقين والحاقدين على الدين على الحكم بل سلطوهم عليه بعد أربعين يوم من وفاة النبي الكريم بجعل ابن أبي سفيان قائد جيش النبي الكريم .

فخدعوا الناس عن الحق وأضلوا المسلمين البسطاء عن الثمرة الطيبة التي هي شجرة الحق المرفوعة والتي أصلها ثابت وفرعها في السماء باسقة بالدين ، والواجب على كل مؤمن أن يظهر المحبة للنبي وآله وبكل ما شرفهم الله وكرمهم به من ضرورة الود لهم والإقرار بالإمامة والولاية لهم ، ووجوب الطاعة والإخلاص لله بما يُعلمون من معرفة الله رب العالمين ودينه .

 ولذا كان الفرق بين أولياء علي وآله وأعداءهم ، في كثير من التعاليم بين الطرفين سواء في معرفة الله وحكمته في إتقان دينه بأئمة الحق ، وظهوره بالمجد على أولياءه بالهدى بل بالتكوين والنعيم الحقيقي الدائم بل والزائل ، أو بالأعمال العبادية البحتة مثل كيفية الصلاة والصوم والحج والخمس وغيرها من تعاليم الدين .

 وقد عرفنا أحاديث المجد والكرامة للنبي وآله آل الإمام علي صلى الله عليهم وسلم ، بل كان النبي الكريم يذكر فضله من خلال بيان فضل علي وآله وما شرفهم الله به ، وقلما يذكر فضله وكرامته عند الله من دونهم ، بل كان له بيان من الله في كل مراتب الوجود تكوين وهدى أن علي وآله ، هم مجده وفخره كما يفتخر برسالته واصطفائه لدين الله وتبليغه ، وأنهم هم المحافظون عليه وإن دين الله عندهم ومعارفه هم الذين يبلغوها بعده .

 وقد عرفت وسيأتي إن في سورة براءه من الكفار كانت بكل آياتها حكاية بشكل أو بآخر عن ضرورة التولي لأولياء الله ووجوب التبري من أعداء الله ، وكانت آياتها بصورة مباشرة أو غير مباشرة بيان وذكر وحديث عن فضل الله على الإمام علي وآله آل النبي الكريم صلى الله عليهم وسلم ، والبراءة من أعداء الله الذين هم أعداء النبي وعلي وآلهم لأنه بأمر الله الإمام علي هو الذي بلغ آيات البراءة من الكفار والمعادين لهم ، وبين حكمها ليعرفه الله بما خصه من منزلة الشرف والكرمة في الولاية والإمامة وقيادة الناس إلى هداه ودينه ونعيمه في الدنيا والآخرة .

فإن علي بن أبي طالب هو الذي بلغها بأمر الله ورسوله لكل كافر ومشرك ومنافق سمع صوته أو تلاها لآخر الدهر ، وكل من لم يسمع منه تبلغيه ولم يقبل منه هداه وما عرفه من أوامر الله يكون كافر ومشرك ومنافق كان من كان وبأي اسم تسمى ، كما أن كثير من السور في كلام الله يحكي بها الله عن إخلاصه لله تعالى وتفانيه في طاعة الله كسورة الأحزاب والدهر الإنسان وإن آله آل النبي معه ، وهكذا يسر بمعرفتهم ويفرح بالانتساب لهم شيعتهم ويبشرهم الله ويفرحهم بفضله عليهم ونعيمه المعد لهم لهذا الإخلاص والتفاني له بدينهم كما عرفت هذا في آية المودة والولاية ، هذا .

 فضلاً عن كثير من آيات الولاء والمحبة والإمامة التي خص بها الإمام علي وآله وقد عرفت بعضها وسيأتي بعض في الباب بعد الآتي ، وإن النبي كان يفخر بعلي كما كان يفخر باصطفاء الله له ، بل كان يرى كل وجوده قد تلخص وتخلص بعلي وآله لأنهم هم المبينين لتعاليمه والشارحين لرسالته إلى أخر الدهر ، إمام بعد إمام وهم كانوا ثقله النفيس الغالي وأعز شيء تركه للمسلمين.

 فإن علي وآله كالقرآن هم تراث الله وإرثه لعباده المؤمنين وثقل رسول الله النفيس الغالي الذي تركه فينا راجع ما كتبنا من شرح اسم الله الوارث في صحيفة الأسماء الحسنى ، وهم عليهم السلام  مجد رسول الله وفخره وعزه الذي تجلى الله عليه به ، وظهر له سبحانه بكل جمال وخير وبركة ونعمه وأجر حسن وجزاء جميل يرضى به ويسره ، والنبي الكريم قد حب هذا الشرف والمجد وحدث عنه وعرّفه بأحسن وجه وأجمل صورة كما أمره الله .

ولذا كثرت الأحاديث الشريفة التي تذكر نعمة الله عليه في آله وبالخصوص في نفسه وأخيه علي بن أبي طالب صلى الله عليهم وسلم ،  وبنفس الوقت بينت هذه الأحاديث كذب أعداءهم في ما يذكر لهم من المناقب والفضائل الموضوعة ، وذلك لأنهم أعداء أئمة الحق وقتلتهم وقد حاربوا النبي وآذوه في آله بكل سبيل في حياته وبعد مماته ، ومنعوا من ذكرهم حتى جعلوه شرك وإن معرفتهم ضلال عن دينهم .

 فإن نبي الرحمة قبل نور الله بكل وجوده وسيرته وسلوكه مع علي وآله ، وبين وشرح لنا كل ما شرفه به الله ، حتى كان بحق وكما قال له الله قد رفعنا لك ذكرك ، وإن أحسن نعم الله وأكرم فضله عليه هو إمامة وولاية آله الكرم وبالخصوص الإمام الأول علي بن أبي طالب أخيه بل نفسه بنص آية المباهلة ، بل النبي وعلي وآله كانوا نور واحد ودين واحد ومقام واحد في نعيم الله في كل مراتب الوجود ، ولذا وجب الولاء لهم عن حب والصلاة عليهم عن ود بأمر الله ورسوله ، ووجب الاقتراب منهم والانتساب لهم والاتصال بهم بكل علم ومعرفة ويقين وإيمان خالص بأنهم أئمة الحق والهدى والدين ، الذين يدعونا بهم الله يوم القيامة للنعيم الخالص الخالد إن شاء الله .

 ولذا وجب علينا عقلاً وعرفاً وديناً حتى اليقين معرفتهم بالإمامة والولاية ، ومعرفة نعيم الله عليهم وذكرهم بكل فخر وولاء ومحبة ، حتى نصل لرضا الله عن عبودية خالصة له خاشعين لعظمة خاضعين لطلب نعمته ، ويجب أن نخشى أن نخلط دينه بهوى نفس ووسوسة شيطان كان قد دسها أئمة الكفر والنفاق واتباعهم وطلاب الدنيا وزينتها في دين الله تعالى ومعرفته .

 وقد عرفت كثير من أحاديث النعمة ووجوب الولاء للإمام علي وآله عليهم السلام ، وإنه بأمر الله ورسوله كان من الضروري معرفة الإمام علي وآله وذكره والحديث عن مجده وفضل الله عليه واصطفائه له إمام حق وهدى ودين ، حتى نتيقن إنه إمام الحق وولي الله الصادق المصدق ، وقد مرت أبواب ذكر في معرفته والحديث عنه وعن ولايته وإمامته الصادقة بأمر الله ورسوله .

 وهذه أذكار تنفع المؤمنين لأنها بأحاديث شريفة تبين نعمة الله فيما ذكره النبي ، وهي تعرفنا ضرورة الولاء له ووجوب محبته وذكره حتى نقر له بالإمامة ولله بالطاعة في ما شرفنا به من معرفة أولياء دينه ، فنعرف مصدقين لصراط الله المستقيم ولدين القويم عند الإمام علي وآله ، بل ومن شيعتهم المخلصين لهم والمتفانين في حبهم وتعريفهم وذكره ، وهو دين الله الذي عندهم والذي لا يأتي باطل الشيطان وأئمة الكفر أتباع الدنيا ولا يخلط به أبداً لأنهم يتبرؤن من أعداء آل محمد ومن يفتي خلاف دينهم .

واسأل الله أن تعرفنا أحاديث الكرامة والولاء الآتية الذكر لبعض شأن علي وآله ، الذي خصه الله به وتدخل بحق في عقولنا كما يريد بل تستقر في قلوبنا إيمان ودين ، وتعطينا اليقين بأنه ولينا وإمامنا الواجب الطاعة بعد نبي الرحمة والسراج المنير هو علي بن أبي طالب وآله آل النبي بعده إلى القائم المنتظر من آل محمد ، وهو إمام عصرنا عجل الله فرجه الشريف ، إنه ولي حميد وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين وحشرنا معهم إنه أرحم الراحمين ، ورحم الله من قال آمين .
 

إلى الأعلى



الذكر الثاني

أحاديث نعمة الولاء للإمام علي وآله ووجوب التحقق بها

في الأبواب السابقة ذكرنا كثير من الآيات والروايات في وجوب الولاء للإمام علي وآله وضرورة محبتهم وودهم ، والتي تبين شرفهم ومجدهم وفضل الله عليهم بالإمامة والهدى الحق وبكل خير وبركة ونعيم خالد ، وهي في نفس الوقت الذي تبين ولايتهم وإمامتهم ، توجب علينا البراءة من أعدائهم وعن كل من لم يأخذ دين الله منهم بعد النبي ، فضلاً عن حرمة مخالفتهم في تعاليم الدين ومعرفة رب العالمين ، أو نصب العداء لهم وتحريم معرفتهم والمنع من ذكرهم بفضل الله حتى لا يؤخذ دين الله منهم وينحرف الناس عنهم .

وعرفنا بعض الذكر في الباب الأول وغيره عن مجد الإمام علي وآله في كلام الله ورسوله وفي كل مراتب الوجود ، وستأتي أبواب أخرى تعرفنا شرفه وفضل الله عليه وعلينا في تعريفنا بإمام الحق وولي دين الله بعد اشرف الأنبياء والمرسلين من أهل بيته الطيبين الطاهرين ، وهذه بعض آيات الولاية وتابع البحث في كل الأبواب تعرف إمامك الحق بعد رسول الله وراجع الباب الأول وصحيفة العبادة والذكر ، تعرف آيات كريمة تعرفنا وجوب الولاء له ولآله دون أعداءه وكل من حرم ذكره ومنع من تعريف فضله علماً وعملاً وسيرة وسلوكاً ، فضلاً عن حربه وقتله بكل وسيلة .

ونذكر بعد الآيات الكريمة ما حدثنا به النبي الكريم وما شرحه للمؤمنين من بيان وجوب الولاء لوليه وأخيه ووصيه وخليفته بالحق الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، ووجوب الإقرار له ومعرفته بالإمامة وحبه وطاعته ، وكل معرفة توجب لنا اليقين بأنه هو الذي يعرفنا الله ودينه لا غير ، وصراط الله المستقيم الموصل لدين الله وهداه وكل مجد الله ونعيمه التام الباقي ، ويحرم الذكر بالود لكل من لم يكن محب للنبي وعلي وآلهم ولم يتعلم منهم معارف الله ودينه بعد النبي ، و لم يفتي ويُعلم وفق معارفهم ، مهما تسمى مَن أسماء من خالفهم في تعاليم الدين .

ونعرف بها إن شاء الله بالإضافة لما عرفنا من ذكر النعم وأحاديث الكرامة والمجد للإمام علي وآله ولمن تولاهم بحق المحبة والصحبة وأخذ دينه ومعارفه منهم ، لأنه منهم ومن أتباعهم يكون بحق ، ومن أخذ علوم دين الله ورسوله منهم يجب أن يطاع لإطاعة إمامه الحق الممتدة من طاعة الله ورسوله ، وأنه لا يجوز بل يحرم الولاء وإتباع غيرهم ممن خالفه وعلم غير معارفهم ، لأنه تشجيع للمضلين أن يعلموا ويتصدوا لتعليم المسلمين بما لم ينزل الله به من سلطانه ، فيشبهوا على الناس ويجعلوهم يتبعون أئمة الضلال من غير آل محمد وعلي ، ثم يذكروا لهم فضائل ومناقب لم ينزل الله بها من سلطان ، ثم يحدثون عنهم بالباطل وبما لم يرضي الله من دينه أو معرفتهم وكل أمر يبعد الناس عن الحق وأهله .

وهذه معارف قيمة وأحاديث شريفة تحدثنا بنعمة الولاية وتعرفنا ضرورة الإقرار بها لعلي وآله آل النبي كما أقررنا لله ولرسوله بالطاعة والولاية والهداية والإيمان ، لأنه نفس الرسول حسب آية المباهلة ، وهو الهادي بعده والشاهد منه وولي الله الذي شرى الله نفسه فوهبه ولايته في الأرض وخلافته الحقة بدينه ونعيمه بعد أشرف الأنبياء والمرسلين ، ومنه وبه نعرف الله ودينه بما يحب ويرضى ونتحقق بنعم الله ، فنذكره بكل صفاته الحميدة وخصاله الشريفة وكل ما يعرفنا ولايته وإمامته ودينه وهداه وبكل وجودنا إيماناً وعلماً وقولاً وعملاً ، ونحدث عن فضله ومجده وطاعته بما يحققنا بنعيم الله وفضله وكرامته ودينه وهداه .

 وأسأل الله أن يصدقنا الإيمان بها ويقبلها منا دين وطاعة خالصة لوجهه الكريم ويحاسبنا عليها حتى يجعلنا نحف بعلي وآله وسيده النبي في المقام المحمود والدرجة الرفيعة ، وفي أخلص وسيلة وأعلى منزلة عنده في ملكوت عظمته وجبروت رحمته ، إنه ولي حميد وذو الفضل المجيد وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ورحم الله من قال آمين .

قال الله تعالى :

{ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِوَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمْ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنْ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}البقرة257 ـ  الله وهو الأول والآخر والظاهر والباطن ونور السماوات والأرض ويخرج من يتولاه من الظلمات للنور وله الأمر مقبل ومن بعد ولكن بشرط ما ـ

قال الله تعالى :

{ إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) ،ـ هذه ولاية الله لنبينا محمد وعلي لأنه هو الذي أعطى الزكاة في الصلاة وهو راكع ـ

{وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْغَالِبُونَ (56) . ـ وهذه لنا شيعة علي ـ

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ } المائدة57 ـ وهذه لمن خالف الله ونبينا محمد وعلي .

إن الله سبحانه ولي الرحمة والهدى والنور قد بين دينه بكل سبيل وعرف أولياءه بكل دليل يعرفه ويصل له المتدبر بحكمته وهداه بعد الإيمان به ، وعلى العاقل أن يطلبه بجد أن كان يبحث عن الحق وأهله وعن ولي الله الصادق الذي يخرجه من ظلمات الجهل بالله ومعارفة بحق للنور الحق الصادق لا المشبه بالتسمية فقط دون الحقيقية ، كما عليه أعداء الإمام علي وآله المتسمين بالإسلام فقط ، وبشرط أن يكون منصف قد ترك العصبية والجاهلية وكل أمر يبعده عن الإنصاف بالبحث والمعرفة الصادقة ، وقد شرحنا هذا أقصد ضرورة التحلي بدين علي وآله وعبادة الله وفق تعاليمهم فقط في الباب الأول بصورة مباشرة ، وفي كل باب من أبواب الكتاب ذكر علي عبادة لله ، لأنه ولي الله وبه تعرف نعمة الله التامة الكاملة ونور الله الدائم الحق ، راجع كتاب الغدير والمراجعات وباقي كتب أعلام قومنا ، أو ما كتبنا في صحف الطيبين وبالخصوص صحيفة الإمام الحسين عليه السلام إن أحببت المزيد .

 وهذا أحاديث آخرى تبين ولاية الله في أرضه المتمثلة بالنبي وعلي وآلهم الكرم ، وراجع المحاورة الرابعة عشر تعرف أنها من مراتب التوحيد الإلهي وقبول حاكميته وقيوميته وربوبيته وهداه الحق سبحانه ، فيما ذكرنا في كيفية توحيد الله في التشريع والتقنين والحاكمية ، فتدبره تعرف الحق وأهله ، وهذه بعض أحاديث الإمامة الولاية بالإضافة لما عرفت فتدبرها ، وجعلنا الله من المتمسكين بولاية علي وآله التي هي امتداد لولاية الله.

ذكر الصدوق بالإسناد عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

( أي عرى الإيمان أوثق

فقالوا : الله و رسوله أعلم . فقال بعضهم : الصلاة . وقال بعضهم : الزكاة ، وقال بعضهم : الصوم ، وقال بعضهم : الحج و العمرة ، وقال بعضهم : الجهاد .

 فقال رسول الله صل الله وآله وسلم : لكل ما قلتم فضل و ليس به ، و لكن أوثق عرى الإيمان :

الحب في الله ، والبغض في الله .

 وتولي أولياء الله ، والتبري من أعداء الله عز وجل ) .

 معاني ‏الأخبار 398ح55 .

أقول : حب أولياء الله أمر الله به في كتابه في آية المودة وعرفت آيات الولاية وضرورة طاعة ولاة الأمر الإلهي النبي وعلي ومن جعلوه ولي بعدهم ، وهم قرناء القرآن والملازمين له كما عرفت في حديث الثقلين ، وتابع البحث .

ذكر المفيد بإسناده عن سلمان الفارسي رحمه الله قال خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم عرفة فقال :

( أيها الناس إن الله باهى بكم في هذا اليوم ليغفر لكم عامة و يغفر لعلي خاصة ، ثم قال : أدن مني يا علي ، فدنا منه ، فأخذ بيده ، ثم قال :

إن السعيد كل السعيد حق السعيد من أطاعك وتولاك من بعدي ، و إن الشقي كل الشقي حق الشقي من عصاك و نصب لك عداوة من بعدي ).

أمالي المفيدص160م20ح3.

أقول : كلها أحاديث شريفة تصب في تعريف ولي الله وضرورة إطاعته وأخذ دين الله منه ، وهذا الحديث يذكر آثار الولاية من السعادة لمحبي علي والعاملين بدينه ، والنار والجحيم لمن تعبد لله بغير دينه ، لأنه منحرف عن دين رسول الله ومعرفة الله ، ولأن دين الله واحد من الواحد الأحد الذي أتقن هداه وأحكم تعاليمه بأئمة الهدى من آل محمد ، وأولهم الإمام علي ثم آله الحسن والحسين والتسعة المعصومين من ذرية الحسين عليهم السلام .

 

ذكر الصدوق : عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( ولاية علي بن أبي طالب ولاية الله .

 و حبه : عبادة الله .

و اتباعه : فريضة الله .

 و أولياؤه : أولياء الله .

 و أعداؤه : أعداء الله .

 و حربه : حرب الله .

 و سلمه : سلم الله عز و جل ) .

أمالي الصدوق ص33م9ح3.

أقول : حديث يجب أن يحفظ بالقلوب إيمان وعلم وعمل وتولي وتبري لكل مؤمن يريد أن يكون دائما في حب الله وموالي له تعالى وعامل بفريضته ومسلم له ، ويبتعد عن عدائه وحربه ، فيكون دائم متعلم من الإمام علي من كل علمه وسيرته وسلوكه وعامل لله بدينه ، دون غيره وبالخصوص ممن لم يعرفه ويمنع من ذكره ودينه ويحرم معرفته .

 

ذكر الصدقون بإسناده : عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

( أتاني جبرائيل من قبل ربي جل جلاله ، فقال يا محمد إن الله عز و جل يقرئك السلام و يقول لك :

 بشر أخاك عليا بأني لا أعذب من تولاه ، و لا أرحم من عاداه ) .

أمالي الصدوق ص39م10ح8.

أقول : هنيئاً لأوليائه ومحبيه والعاملين لله بدينه وذكره ومعرفته ، وليخسأ من يحرم ذكره ومعرفته وينصب العداء لمعارفه .

 

ذكر الصدوق بالإسناد عن علي بن الحسين عن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، لبعض أصحابه ذات يوم يا عبد الله : ( أحبب في الله ، وأبغض في الله ، ووال في الله ، وعاد في الله .

 فإنه لا تنال ولاية الله إلا بذلك ، ولا يجد الرجل طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصيامه حتى يكون كذلك .

 وقد صارت مؤاخاة الناس يومكم هذا أكثرها في الدنيا عليها يتوادون وعليها يتباغضون وذلك لا يغني عنهم من الله شيئا .

فقال الرجل : يا رسول الله فكيف لي أن أعلم أني قد واليت و عاديت في الله ، ومَن ولي الله عز و جل حتى أواليه و مَن عدوه حتى أعاديه .

فأشار له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إلى علي عليه السلام فقال : أ ترى هذا , قال : بلى .

قال : ولي هذا ولي الله فواله ، وعدو هذا عدو الله فعاده ، ووال ولي هذا ولو أنه قاتل أبيك وولدك ، وعاد عدو هذا و لو أنه أبوك و ولدك ) . معاني ‏الأخبار 399ح58 .

أقول : هذه الولاية في الله والدين ومعرفة رب العالمين من معارف علي وهداه ، وكيف بمعاوية ومن أمثاله حتى يوالي علي ولو قتل أباه أو عمه وأخاه ، أتراهم من وترهم في كل حروبه في نصر الله أن يصفون له الود بأمر الله ويتركون أمر الجاهلية والكفر ، و قد قتل الإمام علي في يوم واحد عم معاوية وأخاه وخاله وهكذا كثير من قريش وغيرها من قبائل العرب ، وقد وترهم الإمام علي وقتل أعزتهم الكفرة ، فإنه في ويوم واحد قتل سبعين منهم وغزوة أخرى أكثر وكل حرب يفجعهم بأوليائهم  ، فكيف يسلمون له الولاية ويقرون لله بالطاعة ، ولذا استغل القوم إحن من لم يدخل الإيمان قلبه وأسلم خوفاً ، فطلبوا نصرهم حتى سيطروا على الحكم وتصدوا لمنصب لا يجعله الله إلا لأكرم أولياء وقد عرفه بكل نعمة وشرح نوره وهداه بكل آية ولاية وإمامة ، وفي سنته وسيرته مع الله ورسوله وفي نفسه وكل حركة له وتصرف .

ولم يفر من أمر الله ويترك رسول الله في أصعب مواقفه أحد وحنين وغيرهن كما فعل من غصب خلافة رسول الله ، وذكرناه هنا لنعرف ولنتذكر بعض الشأن المجيد الحميد للنبي وآله من الله وكل من يعرفهم بحق المعرفة ، ونذكره مع آله وشيعته ومن يحبهم بهذه الأحاديث الشريفة لأن الذكرى تنفع المؤمنين ، دون غيرهم الذين لا يفهمون تشريف الله وتمجيده لعبادة ولا يعرفون  فيه أي معنى للدين ولا أنه صراط مستقيم لا ضلال فيه من دين أعداءهم .

 

ذكر الصدوق بإسناده عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال :

( لما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله من حجة الوداع ونحن معه أقبل حتى انتهى إلى الجحفة ، فأمر أصحابه بالنزول فنزل القوم منازلهم ، ثم نودي بالصلاة فصلى بأصحابه ركعتين .

 ثم أقبل بوجهه إليهم فقال لهم : إنه قد نبأني اللطيف الخبير أني ميت وأنكم ميتون ، وكأني قد دعيت فأجبت وأني مسؤول عما أرسلت به إليكم ، وعما خلفت فيكم من كتاب الله وحجته وأنكم مسؤولون ، فما أنتم قائلون لربكم ؟

 قالوا : نقول : قد بلغت ونصحت وجاهدت ، فجزاك الله عنا أفضل الجزاء .

 ثم قال لهم : ألستم تشهدون : أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله إليكم وأن الجنة حق ؟ وأن النار حق ؟ وأن البعث بعد الموت حق ؟

فقالوا : نشهد بذلك .

 قال : اللهم اشهد على ما يقولون ، ألا وإني أشهدكم أني أشهد أن الله مولاي ، وأنا مولى كل مسلم ، وأنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فهل تقرون لي بذلك ، وتشهدون لي به ؟

فقالوا : نعم نشهد لك بذلك .

 فقال صلى الله عليه وآله وسلم : ألا من كنت مولاه فإن عليا مولاه وهو هذا ، ثم أخذ بيد علي عليه السلام فرفعها مع يده حتى بدت آباطهما .

 ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم : اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذله .

 ألا وإني فرطكم وأنتم واردون عليَّ الحوض ، حوضي غداً ، وهو حوض عرضه ما بين بصرى وصنعاء ، فيه أقداح من فضة عدد نجوم السماء ، ألا وإني سائلكم غدا ماذا صنعتم فيما أشهدت الله به عليكم في يومكم هذا إذا وردتم علي حوضي ، وماذا صنعتم بالثقلين من بعدي فانظروا كيف تكونون خلفتموني فيهما حين تلقوني ؟

قالوا : وما هذان الثقلان يا رسول الله ؟

قال : أما الثقل الأكبر : فكتاب الله عزّ وجلّ ، سبب ممدود من الله ومني في أيديكم ، طرفه بيد الله والطرف الآخر بأيديكم ، فيه علم ما مضى وما بقي إلى أن تقوم الساعة .

وأما الثقل الأصغر : فهو حليف القرآن وهو علي بن أبي طالب و عترته عليهم السلام ، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض .

قال معروف بن خربوذ : فعرضت هذا الكلام على أبي جعفر عليه السلام فقال : صدق أبو الطفيل هذا الكلام وجدناه في كتاب علي عليه السلام وعرفناه.

بيان : فرطت القوم : سبقتهم إلى الماء ، بصرى - بالضم والقصر - في موضعين أحدهما بالشام وأخرى من قرى بغداد . الثقل - محركة - : متاع المسافر وحشمه وكل شيء نفيس مصون ، على وعترته عليهم السلام حلفاء القرآن يعنى لم يفارقوه .

الخصال ب2ص64ح98.

 

قال الصدوق الأخبار في هذا المعنى كثيرة وقد أخرجتها في كتاب المعرفة في الفضائل ، وأقول مذكر كل طيب يطلب الحق وهو صادق : إذا أحببت المزيد حول معرفة واقعة الغدير ، فعليك بكتاب الغدير للعلامة الأميني فإنه قد فصل الكلام في رواته ومصادر من ذكر الواقعة الشريف التي كرمنا الله بها بكمال الدين وتمام النعمة ورضاه في ذلك اليوم المبارك الذي كان في حجة الوداع ، وقد مر بعض الذكر له بصورة مباشرة بالنص أو بالإشارة له بألفاظ أخرى في جميع أبواب الكتاب ، وهو فيه بيان جلي لدين الله ونعيمه لعبادة كلهم علي والنبي وآلهم ، وكل مؤمن عرفهم بحق المعرفة فعبد الله بدينهم وأخلص له بهداهم ، جعلنا الله منهم .

 

ذكر المفيد في كتاب الإرشاد : فأما مناقبه الغنية بشهرتها و تواتر النقل بها و إجماع العلماء عليها عن إيراد أسانيد الأخبار بها ، فهي كثيرة يطول بشرحها الكتاب ، وفيما رسمنا منها طرفا كفاية عن إيراد جميعها في الغرض الذي وضعنا له هذا الكتاب إن شاء الله .

فمن ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله جمع خاصة أهله و عشيرته في ابتداء الدعوة إلى الإسلام ، فعرض عليهم الإيمان واستنصرهم على أهل الكفر والعدوان ، وضمن لهم على ذلك الحظوة في الدنيا والشرف وثواب الجنان ، فلم يجبه أحد منهم إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، فنحله بذلك تحقيق الأخوة والوزارة والوصية والوراثة والخلافة وأوجب له به الجنة .

و ذلك في حديث الدار الذي أجمع على صحته نقاد الآثار :

حين جمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بني عبد المطلب في دار أبي طالب ، وهم أربعون رجلا يومئذ يزيدون رجلا أو ينقصون رجلاً ، فيما ذكره الرواة وأمر أن يصنع لهم فخذ شاة مع مد من البر ، ويعد لهم صاع من اللبن ، وقد كان الرجل منهم معروفا بأكل الجذعة في مقام واحد ، ويشرب الفرق من الشراب في ذلك المقام .

و أراد صلى الله عليه وآله وسلم بإعداد قليل الطعام و الشراب لجماعتهم إظهار الآية لهم في شبعهم و ريهم ، مما كان لا يشبع الواحد منهم و لا يرويه ، ثم أمر بتقديمه لهم ، فأكلت الجماعة كلها من ذلك اليسير حتى تملئوا منه ، ولم يبن ما أكلوه منه وشربوه فيه ، فبهرهم بذلك وبين لهم آية نبوته وعلامة صدقه ببرهان الله تعالى فيه .

ثم قال لهم بعد أن شبعوا من الطعام ورووا من الشراب :

يا بني عبد المطلب إن الله بعثني إلى الخلق كافة وبعثني إليكم خاصة ، فقال عز وجل : { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ } الشعراء214، و أنا أدعوكم إلى كلمتين خفيفتين على اللسان ثقيلتين في الميزان تملكون بهما العرب و العجم تنقاد لكم بهما الأمم ، وتدخلون بهما الجنة ، وتنجون بهما من النار :

شهادة أن لا إله إلا الله و أني رسول الله ، فمن يجبني إلى هذا الأمر ويؤازرني عليه ، وعلى القيام به ؛ يكن أخي و وصيي و وزيري و وارثي و خليفتي من بعدي .

فلم يجب أحد منهم فقال أمير المؤمنين عليه السلام : فقمت بين يديه من بينهم و أنا إذ ذاك أصغرهم سنا وأحمشهم ساقا وأرمصهم عيناً ، فقلت : أنا يا رسول الله أؤازرك على هذا الأمر .

فقال : اجلس .

ثم أعاد القول على القوم ثانية ، فأصمتوا .

 وقمت فقلت مثل مقالتي الأولى ، فقال : اجلس .

ثم أعاد على القوم مقالته ثالثة ، فلم ينطق أحد منهم بحرف .

 فقلت : أنا أؤازرك يا رسول الله على هذا الأمر .

 فقال:اجلس فأنت أخي ووصيي ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي .

 فنهض القوم وهم يقولون لأبي طالب : يا أبا طالب ليهنك اليوم إن دخلت في دين ابن أخيك فقد جعل ابنك أميرا عليك ) .

 الإرشاد ج1ص48 ، وانظر مصادر حديث الدار في تاريخ دمشق - ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام - 1 : 97 - 103 والغدير 2 : 278 - 289 ، وقد ذكرنا ملازمة علي للنبي في صحيفة النبوة من موسوعة صحف الطيبين ، فراجع تأريخ المشرف مع النبي الكريم أو راجع صحيفة الثقلين بل راجع الباب الثاني من هذا الكتاب .

 وغير الموالي يلف ويدور في تفسير مثل هذه الوقائع والأحاديث الشريفة ، مثل قوله صلى الله عليه وآله : والأئمة اثنا عشر ، والحب في الله وبالغض في الله ، وابتلاء الله واختياره لأولياء دينه ، وضرورة طهارتهم وتصديقهم ، وبيان عدلهم وبركات وجودهم في سيرتهم وسلوكهم وتعاليمهم وتعريف الدين وتعاليم رب العالمين ، وما يجب أن يكون عليه من المواصفات خليفة الرسول ووصيه ووزيره بحق وصدق ، ويجب أن يكون ينور الوجود لأن نور الله متحقق به وهو ظاهر به علم وعمل وسيرة وسلوك ، وقد رعاه الله وأدبه كل حياته بما يؤهله للولاية والإمامة ، ويجب أن يكون قد رباه بيد رحمته في كل أدوار حياة ، وبين وبان فضله ومجده بكل تصرف وحركة له ، وأن لا يكون ساجد لصنم ولا يكون شرب الحرام وأكله ، وهذه المواصفات وغيرها التي فيها ملاك الإمامة والولاية لا توجد إلا في النبي وعلي وآلهم الطيبين الطاهرين دون من عاداهم وحرم ذكرهم ومعرفته ، وأشرك بهم غيرهم في كل شيء فأشرك في معرفة الله وخلط بين المذهبين .

 

ذكر الأربلي عن كتاب كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب تأليف الشيخ الإمام الحافظ أبي عبد الله محمد بن يوسف بن محمد الكنجي الشافعي بإسناده عن أبي بردة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

( إن الله عهد إلي عهدا في علي بن أبي طالب ، فقلت : يا رب بينه لي .

فقال : اسمع ، فقلت : سمعت .

فقال : إن عليا :

راية الهدى ، ومنار الإيمان ، وإمام الأولياء ، ونور من أطاعني ، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين ، من أحبه أحبني ، ومن أبغضه أبغضني ، فبشره بذلك ، فجاء علي فبشرته .

 فقال عليه السلام : يا رسول الله أنا عبد الله و في قبضته فإن يعذبني فبذنوبي ، و إن يتم لي الذي بشرتني به فالله أولى بي .

قال فقلت : اللهم أجل قلبه و اجعل ربيعه الإيمان .

فقال الله عز و جل : قد فعلت به ذلك ، ثم إنه رفع إلي أنه سيخصه من البلاء بشيء لم يخص به أحدا من أصحابي .

فقلت : يا رب أخي و صاحبي .

فقال : إن هذا شيء قد سبق أنه مبتلى و مبتلى به ) .

كشف الغمة ج1ص108.وقال أخرجه الحافظ في الحلية .

أقول : قد بينا إن بلاء الله واختباره بطلب الحق ومعرفته عن إيمان بدليل محكم من ضروريات الدين ، وعرفنا هذا الله ورسوله في كثير من الآيات الكريمة ، وإنه من يصدق لله بدينه بكل وجوده يخلصه لنعيمه وبهذا كان ميزان وملك الإمامة لإبراهيم ونبينا وآله الطيبين الطاهرين ، وبمعرفتهم بما جاهدوا وصبروا في سبيل نشر الله دينه وبما علموا من المعارف والدين ، ولذا فاز من والاهم وأقر لله بحكمته وهداه في دينه ، وقد شرحنا قسم منها في صحيفة الثقلين والقسم الأول من صحيفة الإمام الحسين ، فراجع .

وقد قال الله تعالى : { إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } آل عمران140 ـ بالمداولة واختبار الله تعالى صارت خلافة الرسول لغير أهلها ، وإمام الحق هو الشهيد لمن يطلب دين الله بحق بمعرفته بمن فضلهم الله تعالى وأنعم عليهم في الإسلام بحقيقة دينه ، ويشهد لهم الله ورسوله وسيرتهم .

وذلك لما قال تعالى : {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) ـ وذلك ليعرف المؤمن بطلبه الجاد لله وهداه من أئمة الحق ، ويجاهد عدوه بمنع ذكر مبغض علي وآله ، لا أنه يمنع معرفة الإمام علي وآله وتحريم ذكرهم والحديث عن أئمة الحق الذين اصطفاهم الله لدينه ، ولذا قال تعالى :

{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (2) وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَتَمَنَّوْن الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ  (143) ـ وهذا شامل لكل الناس في زمن النبي وبعده فقال تعالى ـ

{ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ } آل عمران144.

{ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ (2) َلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ }العنكبوت3.

وعدم تمكن الإمام علي من الخلافة بالحكومة على المسلمين هذا من فتنة الله واختباره لعباده ، ومن ومداولته للأيام ليعرف الجاد في طلب دينه من وليه ، ممن يهجره ويطلب دين السلطان ولو كان ظالم ولم يعرف شيء من دين الله تعالى ، وكل ما ذكرنا من البيان السابق والأحاديث الشريفة هو بيان لهذه الآيات التي تبين إن الله لم يجبر عباده على دينه ، وإنما عرف وليه وإمام هداه وداول الأيام والحكومة ومكن الظالمين ليعرف من يصبر على دينه ويصدق في طلب عبادة الله وهداه بحق وصدق من وليه المصطفى المختار ، ممن يعبد الله بغير علم وهدى ومن كل ناعق يدعي أن دين الله عنده ولا شاهد يصدقه إنه إمام حق وخليفة رسوله الله على دين الله الصادق .

ذكر الصدوق بإسنادهعن عباية الأسدي عن ابن عباس أنه قال :

( ستكون فتنة فإن أدركها أحد منكم فعليه بخصلتين:

 كتاب الله و علي بن أبي طالب عليه السلام ، فإني سمعت نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول :

وهو آخذ بيد علي عليه السلام هذا :

أول من آمن بي .

 وأول من يصافحني يوم القيامة .

 وهو فاروق هذه الأمة يفرق بين الحق والباطل .

 وهو يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظلمة .

 وإنه لهو الصديق الأكبر .

 وهو بابي الذي أوتي منه .

 و هو خليفتي من بعدي ) .

معاني الأخبار ص401ح64.

أقول : في هذا الحديث الشريف مجد علي بن أبي طالب وخصائصه ، وألقابه الصادقة المصدقة من الله ورسوله ، ولكن القوم سرقوها وجعلوها لأولياء دينهم ، ولا شيء يصدقهم لا من سيرة وجهاد ولا علم ونضال ، ولا زهد وعبادة ، ولا إخلاص وحب للنبي في آله ، وقد قتلوا فاطمة ومهدوا بكل ظالم بعدهم لقتل علي وآله آله النبي وأئمة الحق ، فإن فاروقهم قد ولى معاوية ولم يحاسبه وحاسب الحكام بأخذ نصف مالهم ، وفرق بالعطاء بين المسلمين ، وعلي يكنس بيت المال ويصلي فيه ركعتين شكر الله ، ويقول لو كان المال مالي لساويت بينهم فكيف والمال مال الله ، ولذا لم يرضوا به أهل الدنيا .

 وإما صديقهم فهو يقول لي شيطان يعتريني فإن ضلت فقوموني ، وعلي يقول سلوني قبل أن تفقدون فإني أعلم بطرق السماوات من طرق الأرض ، وهو باب علم رسول الله ومدينة حكمته ، ولكن حسدوهم لأن نور الله الواحد ساري فيهم في كل التأريخ كما قال الله تعالى :

{ أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنْ الْمُلْكِ فَإِذًا لاَ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا (53) أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (54) فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا} النساء55 ، والله من عادى علي وأقصاه عن منصب رسول الله لم يكن لهم نصيب في ملك الله وخلافة رسول الله ، وبفعلهم وتصديهم قد أبعدوا الناس عن معرفة فضل الله ومجده ودينه وعن معرفة نعمة الله في ملكه العظيم الذي يملك القلوب في الكتاب والحكمة الواجب أن تملأ القلب إيمان وهدى ودين .

 فهم قد تجرئوا وبألف عذر واهي منعوا الحديث عن الرسول في بيان مكارمه ومناقبه وفضله بل وما شرحه وبينه من معارف دين الله ، وبما قام به الإمام علي وآله وصحبه المخلصون على طول التأريخ ، بقي هدى الله يسير بصراط مستقيم لكل طالب حق من إمام الحق الذي يدور معه الحق أين ما دار .

وراجع كتب منع تدوين الحديث كما في الجزء الأول لكتاب الملل والنحل لأستاذ السبحاني ، أو ما كتبه السيد الشهرستاني في كتابه الموسوم بمنع الحديث ، وأنى لهم معرفة رسول الله ومجده في آله وفضل الله عليهم وعلى علي وآله ، وهم يتدينون بدين من كان في البلاط ويفتي بما يثبت ملك الحاكم ومنع ذكر فضل الله وتمجيده لأوليائه بلسان رسوله وبيان الحق من كتابه وتفسيره .

ذكر المفيد بإسناده عن عن عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة عن أبيه عن جده يعلى بن مرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعلي بن أبي طالب عليه السلام :

( يا علي : أنت ولي الناس بعدي ، فمن أطاعك فقد أطاعني ، و من عصاك فقد عصاني ) . أمالي المفيدص113م13ح5.

 

ذكر الصدوق بإسناده عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( علي ولي كل مؤمن من بعدي ) .

 أمالي الصدوق ص2م1ح3.

ذكر الصدوق بإسناده عن عبد الله بن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

 ( من أحب أن يتمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها ، فليتمسك بولاية أخي و وصيي علي بن أبي طالب ، فإنه لا يهلك من أحبه و تولاه ،  و لا ينجو من أبغضه و عاداه ) . معاني ‏الأخبار ص 368ح1.

أقول : إن الله تعالى حكيم عليم واختار خير الخلق لهدى المؤمنين وأفضل العباد بكل تأريخه وتعاليمه ، وبان بهذا الحق لكل من ذكر مواصفات الهداة لرب العالمين في الأنبياء والمرسلين وأوصياءهم ، وعرف تأريخ الدين وسيرة سيد المرسلين واختياره لولي دينه وخصائصه ، ومن قلد ظالم هلك ، ولم ينجوا من يبغض إمام الحق ويعاديه بأي اسم تسمى ، وعلى المؤمن طلب الحق ، فإن هذه الأحاديث هي نفس مضمون للآيات التي تبين قتل الأنبياء وعدائهم من قبل أمهم ، وتعرفنا أنصار الحق وأئمة هدى الله ، وليس المحاربين لأئمة الحق معهم في الدين.

 وسنة الله في اختبار عباده ليستبين بحق وجد من يطلب الحق ممن يهجره يدري أو لا يدري ، ويتبع من ظلم نفسه فهجر أولياء الله وعاداهم ومنع من ذكرهم والحديث عنهم ومعرفتهم ، فأظلم وجوده عن نور الله وهداه وأشرك بالله ولو أدعى أنه تعبد له آلاف السنين بدين أعداء الدين ورأيهم واجتهادهم ووساوس الشيطان كلها وخدعه ومكره ، والله يريد ما أمر به من مولاة أولياءه ومعاداة أعدائه .

ذكر الصدوق بإسناده عن علي بن بلال عن علي بن موسى الرضا عن موسى بن جعفر عن جعفر بن محمد عن محمد بن علي عن علي بن الحسين عن الحسين بن علي عن علي بن أبي طالب عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن جبرئيل عن ميكائيل عن إسرافيل عن اللوح عن القلم قال يقول الله تبارك و تعالى :

( ولاية علي بن أبي طالب ص حصني فمن دخل حصني أمن ناري ) .

معاني ‏الأخبار ص371ح1.

أقول : سيأتي شرح جميل لهذه المعاني في الباب الآتي ، فأنتظر لترى أعداء الله في ناره وأولياءه في جنته ونعيمه ، بعين الحق وإنصاف الضمير والوجدان والدين ، وهذا كله من تشريف الله لأوليائه وأئمة دينه وهداه الذين أخلصوا له بكل وجودهم وعلموا معارفه بل معرفته بكل سيرتهم وسلوكهم وصفاتهم ، فضلا عن علمهم وتعليمهم وقولهم .

أنظر ما عرفنا الإمام علي من معرفة الله في نهج البلاغة وحده وما فيه من الإخلاص والتفاني في تعريف معارف الله وهداه وزهده وخوفه ورجائه لله ، بل وخشيته وخشوعه لله حتى في كلامه فضلا عن حال صلاته التي أنزل الله بها آية الولاية لأنه زكى في ركوعها فجعله الله ولي للمؤمنين كالله ورسوله ، وجعل حزبه هم الغالبون ، ولذا كان حصن الإيمان وباب مدينة علم الله ومعارفه هي معرفة الإمام علي بكل شيء ظهر منه تم التعبد لله به ، فيكون العبد الموالي للإمام علي في رضى الله ورعايته وهداه ونعيمه مخلص له الدين والعبادة .

ذكر الصدوق بإسناده عن أبي عبد الله بن محمد بن علي بن العباس بن هارون التميمي قال حدثني سيدي علي بن موسى الرضا قال حدثني أبي موسى بن جعفر قال حدثني أبي جعفر بن محمد قال حدثني أبي محمد بن علي قال حدثني أبي علي بن الحسين قال حدثني أبي الحسين بن علي قال حدثني أخي الحسن بن علي قال حدثني أبي علي بن أبي طالب عليهم السلام قال : قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم :

( أنت خير البشر و لا يشك فيك إلا كافر ) .

أمالي الصدوق ص76م18ح7.

أقول : وهذا معناه أوضح من عين الشمس للقلوب المؤمن بحكمة الله بدينه وولايته المتقنة في تعريف هداه بأكمل الناس وأشرفهم في كل تأريخ الوجود.

ذكر الصدوق بإسناده عن عطية ، عن زيد بن أرقم ، قال رسول الله صلى الله عليه واله لعلي عليه السلام :

 أعطيت فيك يا علي تسع خصال :

ثلاث في الدنيا ، وثلاث في الآخرة ، واثنتان لك ، وواحدة أخافها عليك .

فأما الثلاثة التي في الدنيا : فإنك وصيي ، وخليفتي في أهلي ، وقاضي ديني .

 وأما الثلاث التي في الآخرة : فإني أعطى لواء الحمد فأجعله في يدك وآدم وذريته تحت لوائي ، وتعينني على مفاتيح الجنة ، وأحكمك في شفاعتي لمن أحببت .

 وأما اللتان لك : فانك لن ترجع بعدي كافرا ولا ضالا .

 وأما التي أخافها عليك : فغدرة قريش بك بعدي يا علي ) .

الخصال ب9ص414ح5.

أقول : مسلم أن نبينا أكرم واشرف إنسان في كل مراتب الوجود ، وإن علي أقرب موجود مخلوق منه وهكذا آل علي الذين هم آل النبي ، ومعهم من تولاهم وحبهم ودان لله بدينهم وسار بنورهم على صراط الله المستقيم وحصل على هدى الله فتحقق بكل نعيم ، وإن غير الموالي لعله يتعجب ويقول من خالف علي وآله ولم يأخذ دينهم منهم ماذا يكون مصيرهم وما تقولون فيه ؟

 وبالخصوص من حاربهم ومات معادي لهم ومنع من ذكرهم ومعرفتهم والحديث عنهم والتحدث عن دينهم ، بل لم يعرف شيء من دين علي وآله ، وإنه كان رواة دينه ومعلميه من النواصب بصورة مباشرة علناً أو بالتدبر في حقيقة معلمي دينهم ، وتراهم مصرين على ترك تعاليم الإمام علي التي هي عين الهدى وليس فيها أي ضلالا من فكر أعداءه .

 فأقول : كل هذه الأحاديث بينت حاله ، بل كل ما ذكرنا من شرح في كل الأبواب ، بل جوابه إن المعاند للحق ولم يقنع بالدليل ولا يعتني بالبرهان ومُصر على الباطل ، فهو له فقط وفقط له آخر سورة الفاتحة بدون غير ولا لا بكل معنى الكلمة ، ولم يعرف معنى ما أدبه الله ولم يعنه الله على ما طلب منه في سورة الفاتحة لأنه لم يصدق ويجد في معرفة الحق وأهله ، لأنه لم يعرف ربوبية الله واعتنائه بعباده ورحمته لهم بأئمة الحق المنعم عليهم بكل فضيلة تصدقها سيرتهم وسيرة النبي معهم ، والله عرفنا أئمة الحق بأقل تدبر بالدين وسيرته لنعرف أنه عرفنا فضلهم في كل مراتب الوجود وحياتهم ومواقفهم المشرفة في الإسلام وعدلهم وزهدهم وعبادته ونور الله فيهم ، وإليك هذا الحديث يجيب بصراحة .

ذكر المفيد بالإسناد عن إسماعيل بن صبيح قال حدثنا سالم بن أبي سالم المصري عن أبي هارون العبدي قال : ( كنت أرى رأي الخوارج لا رأي لي غيره حتى جلست إلى أبي سعيد الخدري رحمه الله فسمعته يقول :

أمر الناس بخمس فعملوا بأربع و تركوا واحدة .

فقال له رجل : يا أبا سعيد ما هذه الأربع التي عملوا بها .

قال : الصلاة و الزكاة و الحج و صوم شهر رمضان .

قال : فما الواحدة التي تركوها .

 قال : ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام .

 قال الرجل : و إنها المفترضة معهن .

قال أبو : سعيد نعم و رب الكعبة .

قال الرجل : فقد كفر الناس إذن .

 قال أبو سعيد : فما ذنبي ) .

أمالي المفيدص139م17ح3.

أقول : الله ورسوله أمروا وأوجبوا ولاية علي وآله بعد النبي بل في حياته صلى الله عليهم وسلم ، فما ذنب أبو سعيد الخدري رحمه الله حيث الناس هجروا علي وآله وصحبهم ، الذين أقروا لهم بالإمامة من صحب النبي الطيبين والذين هم له بحق محبين وبدينه الخالص من أمير المؤمنين أخذين ، فتركوهم وتبعوا إمام الظلام والجهل وولي الشيطان معاوية وحزبه ومن مهد له ومكنه من الحكم ، ومن أفتى برأيه يدعم إمام الضلال ، ولم يجد ويجتهد لمعرفة الحق ، وكأن الله لم يبين ولي دينه ولم يعتني به ولم يعرفه بكل سبيل في نفسه ، وباختصاصه بالنبي وجهاده وسيرته وسلوكه وكلامه ، وعلمه وعمله الخالص لله الصافي في العدل والطهارة التي يتوق للتحلي بخصاله الكريمة وعلمه الشريف كل مؤمن منصف يحب الله ورسوله بحق المحبة .

وأقول : الذنب ذنب ليس ذنب أبو سعيد ، بل ذنب من أعطاه الله عقل ووجدان صاحي ولكن سوده بظلم وظلام أئمة الكفر وتبع أولياء الشيطان ، ولم يطلب الحق بل يمنع من ذكره ويحرم الحديث عنه وعن معرفته ، وتولى من لم يبن له موقف واحد مشرف مع النبي يظهر إخلاصه وعدم نفاقه ولم يفر منه في المواقف التي بها الحد في معرفة الإيمان من المخلوط بالنفاق ، وينقلب عن رحمة الله بأقل صعوبة تواجهه أو دنيا يمكن أن يحصل عليها ، راجع حروب رسول الله وسورة الجمعة التي لم يثبت فيها إلا علي ومن أقر له بالإمام بعد رسول الله .

 فما ذنب أبو سعيد رحمه الله بضلال مَن ترك مَن رعاه الله وتأدب بآداب رسول الله في كل وجوده وصدقه الله ، وبان ثباته في كل تصرفه ودينه ورفع الله ذكره مع ذكر رسول الله ، وآلهم اتحدوا من قبل ومن بعد فكانوا عترة طيبة طاهرة ، فكانوا أئمة الدين والمحافظين على هدى الله إلى يوم القيامة ، ولهم الحوض ولواء الحمد والصراط المستقيم الممتد من الأزل المخلوق إلى الأبد الباقي برحمة الله وفضله ونعيمه ، ومعهم من والاهم وأقر لهم بفضل الله ، فذكر نعمة الله عليهم وحدث بفضل الله لهم ولمن أحبهم دون من عاداهم وضل عنهم .

ذكر الصدوق بإسناده عن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام :

كان لي من رسول الله صلى الله عليه وآله عشر خصال ما أحب أن لي بإحداهن ما طلعت عليه الشمس قال لي :

( أنت أخي : في الدنيا ، والآخرة .

 وأقرب الخلائق مني في الموقف .

 وأنت الوزير ، والوصي ، والخليفة : في الأهل والمال .

 وأنت آخذ لوائي : في الدنيا ، والآخرة .

 وليك وليي ووليي ولي الله .

 وعدوك عدوي وعدوي عدو الله ) .

الخصال ب10ص428ح6. وسيأتي عن المفيد بنص آخر في الباب الآتي.

ذكر المفيد بإسناده عن زر بن حبيش قال رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السام على المنبر فسمعته يقول :

( و الذي فلق الحبة و برأ النسمة ، أنه لعهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، إلى أنه لا يحبك إلا مؤمن ، و لا يبغضك إلا منافق ) .

الإرشاد ج1ص39 .

 

ذكر المفيد بإسناده عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  لعلي بن أبي طالب عليه السلام :

( يا علي إنك تخاصم فتخصم بسبع خصال ليس لأحد مثلهن :

أنت أول المؤمنين معي إيمانا .

 وأعظمهم جهاداً .

 وأعلمهم بآيات الله .

 وأوفاهم بعهد الله .

 وأرأفهم بالرعية .

 و أقسمهم بالسوية .

 و أعظمهم عند الله مزية ) .

الإرشاد ج1ص38 .

أقول : والله لكل هذه الخصال شاهد من سيرة الإمام علي يصدقها ويقر لها كل منصف ، وأتحدى أن يذكر لغيره مثلها صدقته سيرته ولم يذكر له ما يبطلها ويبين زيف دعواه ، راجع الغدير للعلامة الأميني رحمه الله لتعرف تأريخ القوم علمهم وعملهم بالإضافة لما ذكرنا.

ولما وصل الكلام للخصال الكريمة والمناقب الحميد لولي الله وإمام الحق نأتي لذكر ما يخصه بنفسه عليه السلام في الباب الآتي ، ولو إن كل حديث شرف وفضل ومنقبة للإمام علي عليه السلام في نفسه أو مع رسول الله أو في سيرته وسلوكه ، فهو يذكرنا ويعرفنا إمامته ويهدينا لولايته ويحدثنا عن ملاكها عنده وسبب تخصصه بها .

فكل ذكر له من الخصال في نفسه أو مع آله فيه أحاديث شرف ومناقب كرامة تحيط به عليه السلام ، وتبين مجده وكرامته عند الله الذي مكنه من دينه وتعاليمه حتى عرفه بكل وجوده ، فكان رجل البيت المرفوع لله ورسوله وآلهم معهم ، ولم يلههم مله عن تعريف دين الله بل معرفة عظمة الله وكبرياءه وسعة رحمته وإتقان هداه لعباده بأئمة الحق والهدى ، فتدبر لتعرف إمامك وولي دينك بعد رسول الله في آل محمد وعلي عليهم الصلاة والسلام .

ونسأل الله أن يعرفنا به حتى نذكره بكل وجودنا وصفاتنا وأخلاقنا وعلمنا وعلومنا ، وبكل ما تحلى به من الخصال الحميدة والصفات المجيدة ، ونسأله أن يصدقنا ما نذكره ونقول عنه أنه في قلوبنا إيمان ودين ، و يثبتنا عليه ويحاسبنا عليه بأحسن ما يحاسب به أولياءه المؤمنين المخلصين له المعرفة والدين ، إنه ولي حميد وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .


الهي بحق علي وأخيه وآلهم الطيبين الطاهرين اسقني من حوضهم واجعلني وكل الطيبين نحف بهم تحت لواء الحمد وفي كل مكان كرمتهم به في الجنة إنك أرحم الراحمين
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موقع موسوعة صحف الطيبين  

إلى الأعلى علاك الله بإخلاص له بدين أمير المؤمنين الحق علي عليه السلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام خلصك الله من دين أئمة الضلال والظلام