هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في أصول الدين وسيرة المعصومين
قسم سيرة المعصومين/ صحيفة الإمام
علي عليه السلام
الجزء الأول / ما نذكر به الإمام علي عليه السلام وسببه

الباب العاشر

العبادة لله بذكر خصال الإمام علي وبالحديث عن مناقبه

في هذا الباب : حديث حسِن للطيبين عن ذكر مناقب وفضائل الإمام علي الخاصة وخصاله الحميدة وخصائصه الشريف في ذاته وصفاته ، وهي أحاديث قصيرة المضمون كبيرة المعنى كثيرة الفائدة في تعريف ولي الله بالحديث الشريف عن سيد المرسلين ، ويتقدمها ذكر وجداني يعرفنا سبب تحليه بها دون أعدائه الذين حسدوه ، وحديث عرفاني في حقيقة التعبد لله بمعرفته وذكره وإن ذكر أعدائه بالفضل هو الشرك بالله ، وهي أذكار يؤيدها الدين وسيرته مع سيد المرسلين وأحاديثه الشريفة وكلام الله عنه في كل تعاليم الدين وفي كلامه المجيد وبالخصوص المتعلقة وبولاة دينه وأئمة الحق والهدى من عباده المخلصين له ، وهذا بعد إن عرفنا : ضرورة ذكر نعم الله والتي أهمها تعريفنا إمامته بما تفضل الله عليه بسيرته وبآله وبنوره ودينه وهداه لهم في كل مراتب الوجود وبعض مجريات التأريخ وأهمية ولايته وحبه وحرمة نصب العداء له والمنع من ذكره بصورة عامة.

الذكر الأول
معرفة وجدانية دينية تحدثنا عن ملاك تحلي الإمام علي بالخصال الحميدة

الذكر الثاني
حديث عرفاني في العبادة لله بذكر خصال الإمام علي الحميدة

الذكر الثالث
أحاديث نبوية في خصال الإمام علي ومناقبه الخاصة

أول الذكر : نعمة الله وفضله على الإمام علي في مراتب الوجود والتأريخ .

ثاني الذكر : خصال الإمام علي الخاصة توجب علينا حبه وولايته وطاعته قربة لله تعالى .

ثالث الذكر : الحديث عن فضائل الإمام علي ومناقبه يأخذ الشيعة للجنة والمانعين منها  للنار .

رابع الذكر : نعبد الله بذكر فضله على الإمام علي وهم ينصبون ولأئمتهم يعبدون .

خامس الذكر : علم الإمام علي ومعرفته عبادة لله .

سادس الذكر : علي حبه حق والغواية والضلال بحبهم لأئمتهم .

سابع الذكر : لو أجتمع الناس على حب علي بن أبي طالب لما خلق الله النار.
 

إلى الأعلى



الذكر الأول

معرفة وجدانية دينية تحدثنا عن ملاك تحلي الإمام علي بالخصال الحميدة

معرفة الإمام علي وذكره والحديث عنه هي معرفة النبي الكريم بل معرفة عظمة الله وهداه المتقن وتدبيره الحق ، والذي يسير بعباده على صراطه المستقيم لأفضل نعيم مقيم ، وفيه كل فضل وإحسان من رب العالمين أعده لأحب عباده الموقنين بأحسن دين ، وسنذكر في هذا الباب تعريف النبي للإمام علي وذكره لفضله وحديثه عن مناقبه ، ونختصر البحث بذكر بعض الأنواع من الأحاديث الحاكية عن كماله ومجده وعلو همته في ظهور أجمل الخصال له وأحسن المكارم في خصائصه التي تعرفنا نعمة الله عليه وما ظهر له من عبودية الله والإخلاص له ، حتى جعل الله ذكر علي بن أبي طالب عبادة خالصة له ، وذلك لأنه به يُعرف دينه الحق وعظمته في تكوينه وهداه ، وبكل ما يذكر من الحديث عن سيرته وسلوكه وفضل معرفة علمه وعمله ، فضلاً عما أعد له ولشيعته من النعيم الكبير والملك الواسع الدائم في الجنة ، بل قبل عالم الشهادة وهو نور مع نبي الرحمة في العالم الأعلى .

 ونجعل في الباب الآتي ذكر الله رب الهدى والرحمة والإحسان لعلي بن أبي طالب وحديثه عن نعمة وجوده في الكون ، والتعبد لله بذكره حتى حصول كل رجاء لنعيمه وأتم علم بعظمته حتى الخشية منه تعالى ، وذلك لما نعرف من تجلي تمام هداه بعلي وآله وشيعتهم دون غيرهم ممن خالفهم وعاداهم ، فنخاف التقصير في ذكر علي والحديث عنه أو عدم التعبد لله بدينه الحق الذي جعله خالص للمؤمنين الصادقين المخلصين ، والذين يخضعون للتسليم لأمره بحب علي ودينه ، ويخشعون لله لما يرون من كمال الله وجماله المتجلي له وفيه ، وعندما ما يروا بحق خصاله الحميدة وملكه الكبير ونعيم الله الدائم له ولشيعته ، وهو مع النبي في كل مراتب الوجود وبيده لواء الحمد يقود المؤمنين للجنة برحمته الله وفضله وإحسانه كما كان قائدهم في الدنيا لدينه وعبوديته بصراط مستقيم .

 

وذلك لأنك عرفت إن فضل الله وهداه ونعيمه يتم الحصول عليه عند معرفته ثم التحقق به ، وهذا لا يتم إلا بمعرفة أئمة الحق كلهم وبالخصوص الإمام الأول ولي الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، لأنه أول معرفة للهدى الحق بعد النبي الكريم ، وبه محك الإيمان والثبات والإخلاص لله بدينه المرضي ، والذي جعله بيد المنعم عليهم نبينا وآله الطيبين الطاهرين ، ولذا كان في بعض الأبواب السابقة نُعرف الإمام علي بن أبي طالب بنبي الرحمة وآله الطيبين الطاهرين ، فضلاً عن فضل الله الخاص به وخصاله الحميدة الشخصية التي تنبع من خصوص ذاته وتظهر بصفاته وأفعاله وسيرته وسلوكه ، وقد عرفت في الأبواب السابقة كثير من الأحاديث بل والآيات التي تعرفنا الإمام علي عليه السلام في نفسه وفي آله صلى الله عليهم وسلم بصورة مباشرة أو بما تحكيه بسنة الله في هداه وأئمة دينه .

وإنه بهم كانت تتم معرفة ملك الله وهداه المتقن ، وبالخصوص بالذكر والحديث الذي يعرف الإمام علي وآله ونعيم الله عليهم وتمجيده لهم ، وقد عرفت الإمام علي في تأريخه وشيء من أهمية إمامته وتحدثنا عنه في فضائله في آله في كل مراتب الوجود ، بل عرفنا أهمية ولايتهم والتي فيها مناط رضى الله الأكبر ، وإن في عدائهم عذاب الله الشديد والنار التي لا تضمحل ولا تخفت ولا تبيد .

 

 فالآن إليك يا طيب ذكر جميل وحديث حسن عن الإمام علي بن أبي طالب في خصاله الحميدة ومناقب الكريمة وفضائله الشريفة ، نصيغها بمعرفة قلبية وحديث وجداني ، وذكر أنس ومحبة لأمير المؤمنين إمامنا الأول وقائدنا لهدى الله وكل نعيم ، ويؤيده العقل المؤمن بالتدبر في حكمة الله في الوجود وإتقانه لكل شيء وبالخوص هداه لعباده الطيبين بولي دين صادق مصدق ، ونقتبسها من معارف يذكرها رب العالمين في الذكر الحكيم ، وذكرنا وحدثنا بها عنه نبي الرحمة وأخيه وسيده السراج المنير والبشير النذر الذي لا ينطق عن الهوى بل هو وحي يوحى علمه شيد القوى ذو مرة فاستوى وهو في الأفق الأعلى ، بل أمره الله أن يحدث بنعيمه عليه في آله كما عرفت فقال له : ورفعنا لك ذكرك ، وإما بنعمة ربك فحدث ، وبالصلاة عليه وعلى آله معه ، فضلاً عن آيات الولاية والإمامة ووجوب المحبة والطاعة لهم ، وإن الله جعل نعيم النبي في آله وبمرافقتهم له في كل دينه وملكوت الله وجنته .

وهكذا يكون شيعتهم معهم في دينهم ورضى الله وجنته بل من قبل في فضل الله يتنعمون معهم ، ولذا بقية المعرفة القلبية وتزينها العليمة وتحققها العملية ، وستلحقها الوجودية الذاتية والبصرية الكونية فيتم نور الله ملكة راسخة فينا وفي ما يملكنا من نعيمه ، وبالنعمة التامة وبكل فرح وسرور وهناء وحبور وفي رضى الله الأكبر ، وفي ملكه الواسع وملكوته الحسن الجميل في كل شيء إن شاء الله ، والتي يتم الحصول عليها لأهل الثبات مع ولي الله وإمام الحق علي بن أبي طالب وآله بعد نبي الرحمة .

وذلك للتعبد لله بدينهم عن علم ومعرفة حقة ، والتي تحصل بمعرفة ولي الله وبما له من الخصال الحميدة وذكره بصفاته الجميلة وخصاله الفاضلة الكريمة بل وبذكر آله معه ، والتي فيها ظهور علومهم ودينهم ومعرفة الله بما يحب ويرضى ، ومع التسليم لها والإقرار بأنها دين الله الحق إيمان مع اليقين ، وتطبيقها بكل وجودنا حتى يكون كل علم وعمل وحركة لنا موافقة لها ، فينطبق علينا بحق اسم العابد المؤمن المخلص لله ، وقد صفى لله بدينه وعبادته من كل شين وضلال لأعداء أئمة الحق والهدى المصطفين الأخيار .

 

ثم إن الحديث والذكر لعلي بن أبي طالب عليه السلام بالخصوص حياة القلوب وراحة للنفس لتتيقن حصولها على هدى الله الصادق ، وهي في حال معرفة إمام الحق وكل صفاته وفي أي خصلة من خصاله الكريمة تتعبد لله مخلصة له الدين ، بل بمعرفته والحديث عنه يحصل للإنسان المؤمن الواقعي الطالب للحق دين الله الصادق ، وبالدليل العقلي الصادق الواقعي الذي به يرسخ الإيمان في القلب فيهفوا لذكره والحديث عنه ، وذلك لما يرى فيه من ظهور عظمة الله المتجلية فيه وهداه الذي بكل شيء من صفاته وخصاله يحكيه لنا حديث صادق وذكر حق ، فتقوى الهمة على التوجه لمعرفة فضل الله وكرمه ونعمته وهداه المتحقق بالإمام الحق وولي الله لهدى القرآن ودينه كله ، والذي ظهر به عليه السلام بأحسن وجه بعد نبي الرحمة وسيده السراج المنير ، بل كان وما يزال الذكر بما خص الله علي وآله وسيده النبي وبما أظهر فيهم من خصال النور والهدى الكريمة والحديث عن مناقبهم وصفاتهم الذاتية الشريفة ، وفي كل تصرف خلقي وسلوكي وسيرة وعلم وعمل لهم ، ولذا كان وما يزال ذكرهم هو الحديث الحسن والبليغ في الموعظة للتوجه لله ومحبته وطلبه بكل دينه وتطبيقه مع المحبة والإخلاص له .

ويعجز الإتيان بمثله بل بشيء منه فيُحكى عن عبد من عباد الله بحق وعَرّف لنا دينه بكل وجوده وهو صادق ، ولم يكن منهم وتبع لهم ، إلا أن يكون من آلهم السابقين من أنبياء الله وأوصيائهم ، أو شيعتهم المخلصين المحبة لهم ولله عبودية له بدينهم ، لأنهم كانوا قد رضوا بما أمرهم الله به من قبولهم أئمة دين وولاة أمر قد فرض الله عليهم طاعتهم ، ثم عبدوه بدينهم محبة له ولهم الذي علموه بكل وجودهم حتى عرفوهم بكل خصالهم وصفاتهم وحديثهم ، ولهذا كان شيعتهم موقنين بأنهم يذكرون دين الله ويحدثون عن نعمة الله في كل شيء لهم من ذاتهم وصفاتهم وأقوالهم وأفعالهم التي بها يتم تحصيل أتم الهدى الإلهي وملكه العظيم الواسع والتام المنعمة الذي قد أعده لله لهم ولمن أخلص له بدينهم .

 

فإنه كان الذكر لهم والحديث عنهم وبالخصوص عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بل وآله كان كالحديث والذكر لرسوله وهو ذكر لنور الله التام ، ونعيمه الكامل وأشرف وأمجد ما خلق الله ، بل نوره الذي يرفع به عبادة من كل عالم الظلمات لأعدائهم ويرجعهم إلى أعلى مراتب النور التام الكامل ، ومحل العظمة والمجد والشكر والحمد عنه في أعلى رفعة لمخلوق خلقه في أفضل مراتب الوجود .

ولذا كان ذكر الإمام علي وآله كذكر النبي بل نفسه ، وهو حديث وذكر فوق الذكر والحديث عن المخلوق لأنهم أئمة المؤمنين وأولياء دين الله ونعميه ونوره ، وتحت الذكر والحديث عن الخالق عز وجل حتى كانوا بيان تام لأكمل نعيمه وملكه العظيم لهم وهداه المتحقق بتعالمهم التي عندهم ، وذلك لأنهم كانوا أخلص عباده وشارحي لكلامه ومعرفي دينه ومبيني لمعارفه بحق وصدق بل منهم وبهم تتم معرفة الله بحق المعرفة بما يحب ويرضى ، وإنه بكل هذا قد صدقهم الله فجعلهم ثقل رسول الله النفيس الغالي الواجب على كل إنسان أن يحصل عليه ويقتنيه بكل وجوده ، وعليه أن يأخذه دين فيعبد به الله خالص له وحده لا شريك له .

 

ثم لا يحق له أن يخلطه بكل فكر ورأي لمن حارب علي وآله ولم يعرفهم ومنع من ذكرهم وحرم الحديث عنهم ، ثم لم يقر بأنه من عبادة الله عز وجل وبيان لعظمته في أولياءه ودينه وأهل نعمته التامة ، والتي هي أحسن مظهر لأسمائه الحسنى وصفاته العليا ، وهي خلاصة تجليه الكامل برحمته الكبرى ونعمته العظمى لعباده المخلصين من أولياء دينه ، وكذا هي لشيعتهم وأتباعهم المحبين لهم والصادقين الذين تصدقهم سيرتهم وسلوكهم معهم .

 

والذكر في هذا الباب ليس في بيان سيرة الإمام علي عليه السلام وكلامه الحسن وبلاغته الغالية وإن كان بها أيضاً يُعرف دين الله وأئمة الحق ، لأن هذا إن شاء الله سنعد له أجزاء أخرى نذكر بها بعض معارف الإمام علي وتعريفه لله ولدينه ولرسول الله وللحق كله ، وكل ما ظهر به ومنه من معارف الله في تدبير الحياة والحق في قيادة الناس والعدل في سلكوه معهم وحسن السيرة والإنصاف في معاملتهم والخلق الكريم منه لهم ، سواء ما ذكره في حديثه الحسن أو بسيرته وسلوكه الشريف معهم ، وكل ما كان يظهر من وجود الإمام علي عليه السلام من الأخلاق الفاضلة والخصال الحميدة والمكارم التي هي مظهر تام لتجلي الأسماء الحسنى الإلهية ، والتي رعته وبرت به فربته يد قدرة الله رب العالمين وعلمه وحكمته ليقود عباده المؤمنين الطيبين ويطهرهم وينورهم بدينه وهداه ومعرفته ، ويرفعهم لأحسن نعيمه وللمحل التام من رضاه ، ولذا كان واجب الطاعة وولي المؤمنين وخليفة رسول رب العالمين ، وقد عرفت في الباب الثاني والثالث بل كل ما ذكرنا عناية نبي الله وأشرف رسله وخاتم الأنبياء ذو الخلق العظيم به وبآله بأمر الله ، بل الله مكنهم من هذا النور والهدى والنعيم في كل شيء .

 

فالحق فضل الله ورحمته وبره وإحسانه ومجده وكرامته المتجلي بقدرته وعلمه لأحسن خلقه بعد نبي الرحمة وخاتم رسله ، هو الذي مكن الإمام علي من الظهور بهذا الظهور الجميل المرضي لله كله ، حتى جعله الله ذكر له وإن كان ذكر لعلي عليه السلام ، وذلك لأنه حديث حسن لذكر عظمة الله في تكوينه وبيان جميل لإحكامه لهداه وإتقانه لدينه بعلي بعد النبي الكريم ، حتى جعله رجل البيت المرفوع بذكر الله في الأرض وكل مراتب الوجود ، وبكل وجودهم حتى جعلهم نور وهدى تام ، فهم هدى النبي الكريم وخلقه ودينه حتى كان نفسه التي هي ولاية الله الحق ، والتي هي أولى من كل نفس بنفسها ، وذلك لأنه توصلها لهدى الله الحق ونعيمه الدائم ، ولذا كان معهم مَن سلّم لهم تسليم مطلق ، فكان من شيعتهم والمحبين لهم والمتعبدين لله تعالى بدينهم من دون تعليم ومذهب غيره ومن غير التفريق بينهم ، حتى عرفهم بحق وجود واحد للدين متكامل تام من أول الدهر إلى يوم القيامة ، وفي الجنة في المقام المحمود المشكور لأعلى مراتب النور المخلوق قاب قوسين أو أدنا من محل العظمة بل هو رجوع لمحله في رتبة النور الأول المخلوق ، وإنه بفضل الله لا يمكن التفريق بينهم وأخذ بنصف دينهم وخلطه بمن عاداهم وبفكر من لم يكن يستن بسيرتهم وسلوكهم الواحد الحق .

 

وقد عرفت إن تأريخ الإمام علي عليه السلام هو تأريخ النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم ، وعرفت أن سيرتهم متحدة ، وأن نورهم واحد في كل مراتب الوجود ، وإنهم دين واحد ولهم نعمة واحدة في الدنيا وبعدها في الجنة ونعيمها الخالد ، أو قبلها وهم في عالم الملكوت والجبروت ، بل حين ما أرى الله نبي الرحمة من ملكه العظيم بالعيان في المعراج كان يريه ملك علي معه ، بل كان لهم في كثير من المواقف ملك واحد ونور واحد ليحدث وليه عنه ويفرح شيعته له ، ليحبوه ويتبعوه فيعبدوا الله بما يحب ويرضى مخلصين له الدين القيم .

 

 وبهذا ولهذا كان قد ذكر النبي الكريم بأحسن وصف وأجمل حديث صفات وخصال وخصائص نفسه وولي عهده ورفيقه وأخيه وصاحبه الحق الذي أمر الله بحبه لحب النبي ، فكان أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام نفس النبي والمعبر عن فضل الله عليه وكرامته ومجده له في أي محل من وجوده ، حتى كان بهم تتم معرفة مجد الله وفضائله المتجلي بالوجود بأكمل وجود وأجمل صورة وذكر وحديث حسن ، فهو بعد النبي الظاهر بأكمل وأحسن مظهر في كل الوجود ويعبر عن معرفة الله وهداه ودينه بكل شيء له من ذكره والحديث عنه ، وقد عرفت بعضها في الأبواب السابقة ، وكان ذكر لبعض حق الإمام علي وسيده النبي وآلهم فيه أو هو معهم ، أو بيان لولايتهم وحقهم على الناس والطالبين للحق ومعرفة الله من أئمة الهدى الصادقين المصدقين .

 

 ثم يا طيب إن النبي الكريم كان قل ما يُعرف نفسه بفضل الله عليه وإن كان قد حدث عنه الله ربنا الهادي للحق في كثير من الآيات الكريمة في كلامه المجيد ، ولكنه كان صلى الله عليه وآهل وسلم ذو حياء وهو كريم وذو خلق عظيم قليل الفخر إلا بما يُظهر الواجب من معرفته ، ولكونه دين يجب أن يدين به الناس لله ويعبد به لمعرفة دينه وهداه وفضله وعظمة ملكه ونعيمه الكبير وسعة جوده فيهم ولهم ، وحتى يعرف الناس شيء من قدرهم ويحبوهم ويأخذوا دينه منهم من كل ما ظهر من هدى الله فيه ، والذي حكاه بوجوده ووجود آله كلهم وبالخصوص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام .

ولذا كان صلى الله عليه وآله يعرفنا كل شيء عنهم ولهم ولو كان بعد حياته ، فضلاً عما كانوا عليه في ملكوت الله قبل الدنيا أو في المعراج ، أو في الدنيا الذي ظهر فيهم دينه الله في كل شيء من سيرتهم وسلوكهم وحديثهم وذكرهم بكل شيء علم وعمل وذات وصفات ، وذلك ليقتدي بهم المؤمنون العارفون ويستنوا بسنتهم كما يقتدوا ويستنوا بسنته صلى الله عليه وآله وسلم .

ولذا كان صلى الله عليه وآله وسلم يُعرف نفسه ويذكر فضل الله عليه ونعمته وكرمه وإحسانه وبره عز وجل به ، بما ذكر وعرف وشرح ما لنفسه وأخيه ووصيه وخليفته الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام وآله الطيبين الطاهرين معهم ،وكذا يذكر كثير من الفضائل لمن يودهم ويخلص لله في دينهم .

فكان نور الله السراج المنير نبي الرحمة يعرف نفسه بآله كلهم وبالخصوص الإمام علي صلى الله عليهم وسلم ، لأنه ذكر وحديث عن نوره وخلاصة وجوده وتربيته وكل دينه وهداه ونعيم الله عليه ، وإن ذكر نبي الرحمة والسراج المنير صلى الله عليه وآله وسلم لفضائل الإمام علي عليه السلام ومناقبه ومكارمه ودينه وكل خصاله الحميدة وسيرته وسلوكه الشريف وعلمه وعمله الكريم ، فهو في الحقيقة بيان وذكر لدينه الحق وهداه الصادق وحديث عن نعيم الله عليه في آله وشيعتهم ممن أطاعه وقبل ولايته وسلم لهم تسليم مطلق ، لكل شيء خصه الله به وكرمه به وأمره أن يحدث عنه ، ولأنه من نعمة الله عليه سواء هداية ودين أو ملك له في التكوين ، فتعقله المؤمنون وقبلوه بالدليل والبرهان ولأنه صدقه كل شيء من هدى رب العالمين وسنته في اختيار أولياءه ، وحسن سيرتهم وسلوكهم وعلمهم وعملهم وتعلميهم وكل تصرف ظهر منهم ، فلذا رفع الله ذكرهم ، ولذا أمر الله نبينا الكريم أن يحدث بنعمة الله عليه بالخصوص التي خصها الله له في آله ، حتى جعل الله ذكرهم من ذكره ، فضلا عن كون ذكرهم هو الذكر والحديث عن فضل الله ونعيمه وهو ويعرف دينه وهداه بكل شيء ظهر منهم .

ولذا كان نبي الرحمة يأنس ويَفرح ويَ2سُر بل يُفرح ويُسر كل مؤمن محب لهم ، وكان بحق صاحب مخلص لهم ، ولم يحسدهم عندما كان يتحدث عما أنعم الله عليه ، وعما خصه من فضله وكرمه له في نفسه وفي آله وبالخصوص الإمام علي ، وكان صلى الله عليه وآله يتوسع ويتجمل عندما يذكر آله وبالخصوص إمام الهدى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، فنبي الرحمة كان يحب أن يذكر نعمة الله عليه ويحدث بها لأنه بيان لنعمة الله ذو الرحمة والإحسان والفضل والامتنان الذي يكون به كل الفخر والكرامة ، وذلك لأنه بيان لتحصيله لرضى الله وكمال المجد من كرامته وتمام الهدى من دينه وعبوديته الخالصة له ،  وبها كل الخير والبركة والنعمة لمن ذكرها وحدث عنها بمعرفة ولي دينه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أو سيده نور الله وسراجه المنير وآله صلى الله عليهم وسلم .

 

فالله هو الرب الرحمن الوهاب قد أعطى نبينا الكريم حتى رضى وفوق الرضى من دينه وعبوديته ونعيمه في نفسه وفي آله ، وإن قوله تعالى له ولسوف يعطيك رب فترضى قد أرضاه الله وحقق له الرضا بجعل آله وأحب الناس إليه نور وهدى ودين ونعيم وآل وعترة ومتحدة معه بكل الخصال والمواصفات ، بل نفس وجوده الكريم الباقي المستمر إلى يوم القيامة يقود الناس لهدى الله وأتم نعيمه ورضها ، وبهم ويرضى الله وبمن يتعبد له بدينهم ويعرفهم بكل شيء فيحصل على أتم هدى الله منهم الخالص الصافي من كل ضلال ، وبالخصوص معرفة وذكر أخي سيد المرسلين وأشرف الأنبياء ووصيه وخليفته بالحق بل نفسه بآية المباهلة ، وولي دينه ومُعرف هداه وحافظ وحيه بعده في آيات الولاية والإمامة ، فالإمام علي عليه السلام هو بحق وجود نعمة الحق الظاهرة في هداه ودينه وأمير المؤمنين وسيد الوصيين ، والذي بطاعته تصدق تولي رحمة رب العالمين وعبوديته وقبول طاعته بمعنى الكلمة الصادقة المتحققة بالعلم والعمل .

 

 هذا والله أمر نبينا بالتذكير بنعيم الله له ليعرفه العباد فيحبوه ويعبدوه بدينه فيرجون ثوابه ويخافون حرمانهم أو عقابه ، بل له صلى الله عليه وآله وسلم أمر خاص بالحديث بما أنعم الله عليه وذِكره لأنه ذِكر مرفوع كما عرفت .

لكنه كان صلى الله عليه وآله وسلم كان في كل ذكر لحديث نعمه عن شرفه ومجده وما فضله الله وكرمه به ، كان يذكر ويحدث بسعة كرم الله عليه ونعمته له ، والتي تتخلص وتظهر بأحسن وجه وأتم كمال عند الحديث والذكر لخصال ومناقب ربيبه وأخيه ووصيه ووزيره وخليفته وولي عهده وكل روحه ، بل نفسه بنص كلام الله في سورة المباهلة علي بن أبي طالب أو آلهم وشيعتهم معهم والمخلصين الحقيقيين لله بدينهم وحبهم وطاعتهم ، لا المتسمين محبين أو مسلمين فقط وهم في وجودهم حاسدين معاندين محاربين مقاتلين مانعين لذكرهم ومحرمين معرفته وبغير دينهم من هوى أنفسهم وشهواتهم وضلال وأولياء الشيطان من أعداء النبي الكريم وآله يتعبدون بما يسمون لله تعالى وهو كله ذكر لأئمة الكفر يبعد عن الله وهداه الحق ودينه الصادق المرضي له  .

 

هذا والله ربنا هو الهادي الحق بكل طريق مستقيم وصراط قويم وبالفضل والرحمة ، هو الذي مكننا وعرفنا الحديث الحسن والذكر الصادق لإمام الحق علي بن أبي طالب عليه السلام وفضله وكرامته عليه ، ومع الإيمان واليقين بأنه وليه المرتضى بعد سيد المرسلين والذي اختصه واصطفاه لكل دينه بعد خير النبيين ، حتى كان ذكر الإمام ذكره والحديث عن خصائصه حديث عن فضل الله وكلام عن ظهور هداه ونعمته ، والكلام عنه كلام عن عظمة الله تعالى وجبروته وملكوته الظاهر بهم ولهم في كل مراتب الوجود ، وإنهم وآلهم معهم نور واحد وكذا يلتحق بهم شيعتهم ومن يقتبس منهم نور الله ، وما من نعمة ذكر الله في كلامه وكلام رسوله للجنة إلا وهو الأمير فيها ، والذي يجب على المؤمن أن يواله وآله ويحبهم فيعبد الله بدينهم حتى يحصل عليها ، وما من عذاب إلا ويكون لأعدائهم من أعداء الدين الذين هم عنهم منحرفين .

وذلك لأنك عرفت إنه عليه السلام بل وآله معه فضلاً عن سيده ، كان بكل وجوده وصفاته وخصائصه وخصاله متصف بكل مجد وكرامة وفضل وعز ودين وطاعة وعبودية وإخلاص لله وحد لا شريك له ، فكان كله بل آله معه ذكر مُعرف لله ولدينه ولكيفية الخشية والخشوع والخوف والخضوع له عزت عظمته وتعالى مجده ، فكان بذكره وآله ومعرفته ومعرفتهم والحديث عنهم أحسن الرجاء للتحقق بالرحمة والبر والإحسان من الله تعالى ، وبهم كان يعرف الله وهداه ويحق للمؤمن التوجه لله تعالى بأحسن توجه ووسيلة تقرب لهداه ودينه ونعمته ويعبده بصراط مستقيم ودين قويم .

 

 ولذا كان وما زال لا نعمة تعرف لله إلا ويكون الإمام علي بن أبي طالب صاحبها الأول بعد مربيه وسيده النبي محمد ثم آلهم وشيعتهم ، وهكذا لا تعرف بل لا يورد برحمة الله وفضله وبره أحد في مواقف القيامة من الحوض وماءه الجاري من السلسبيل والكوثر والتسنيم ، ولا يصل لها أحد إلا أن يكون منهم وعبد الله بدينهم عن حب له ولهم ومخلص له بدينهم ، بل لا يعرف ميزان عمل صالح وخير ظاهر وعبادة مخلصة وحساب للثواب الجزيل والحسنات المضاعفة ولا كتاب يعطى في اليمين ولا لواء للحمد ومنزلة للوسيلة ومقام محمود إلا وهو له بعد نبي الرحمة وسيده محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وإن شيعتهم معهم بمقدار حبهم والتعبد لله بدينهم والإخلاص به الذي هو دينه الحق ، وستعرف بعضه في الأبواب الآتية بل في الجزء الآتي ومر بعض آخر من أوصاف النعيم والكرامة التي لهم .

 

وبهذا تعاضد وتناصر الله ورسوله والتأريخ والوجدان والعقل والفطرة المحبة للكمال والجمال والفضل والكرامة والبر والإحسان ، والدين وسيرة أمير المؤمنين وصفاته وحديثه وذكره ، وما له من الكرامة والفضل من الله ورسوله ، وحب نعمة الله وفضله وخوف عقابه ، وكل ما يوصل لطلب دين الله وهداه ونعيمه ورضاه ، كلها تعاضدت فنصرت ذكر الإمام علي ومعرفته والحديث عنه بجميل الذكر وحسن الحديث الذي يفرح المؤمن ويجعله يطمئن بأنه من الدين ومن خالص العبادة لله رب العالمين ، ولو بمعرفة علي أمير المؤمنين وبماله من الهدى والنعمة والدين ، وبهذا ذكر الله وأمر نبيه أن يحدث عن ذكر نفسه أمير المؤمنين ووصيه وخليفته ووزيره بكل دليل محكم يوجب اليقين للباحثين المنصفين عن رحمة وهدى ودين رب العالمين المتحقق به ، بل بين فضله ومجده بكل سبيل وبرهان يعرفه بأنه ولي الدين وله ولمحبيه نعمة رب العالمين خالصة كما كان دينه ونعيمه لهم ولمن أحبهم وعبده بدينهم .

 

ولهذا ذكر ونبه نبي الرحمة وحدث بكل ما عرفت من الأحاديث والآتية بالنعمة والهدى للمسلمين المؤمنين بحقيقة حكمة هدى الله وإتقان دينه بأئمة الحق من آله الطيبين الطاهرين وبالخصوص أخيه أمير المؤمنين ، فشرح لنا ولايته بعده حتى كان لا يذكر ولا يحدث بنعمة لله عليه إلا وهو معه ، ولا يذكر شرف ومجد له إلا وهو صاحبه ، ولا يعرف نور ودين إلا وهو أذنه الواعية والهادي بعد إنذاره ، والبشير بتبشيره والنور الذي يشرق منه بفضل الله ورحمته ، فكان النور المتجلي لله والظاهر في أحسن خلقه بعد نبيه الكريم في الوجود هدى ودين ونعمة واسعة وملك كبير .

حتى كان في الحديث الجميل عنه والذكر الحسن عنه يحبه كل مؤمن يحب الله وفضله وهداه ونعيمه ، ويشتاق لمعرفته والتحقق به كل محب للكمال وبر الله وما يتجلى منه من إحسان نوره ، فيذكره المؤمن الطيب ويعرفه ويحدث عنه ليرسخ في ذاته أن الله الهادي الحكيم والرب الرحيم ، لم يهمله يتخبط في فتن الزمان والمذاهب والأديان ومكر الشيطان وخداع الظلمة من الجن والإنسان ، بل جعل له ولي حق عنده دينه وإمام هدى به يصل لرضاه بصراط مستقيم ، فيجد من يعرف علي وآله عليهم السلام ويحدث عنهم لمعرفة الله منهم ودينه وتعاليمه المتجلية بمعارفهم ، ويتتبع فيذكر كل سيرتهم وسلوكهم فضلاً عن سنتهم وحديثهم وعلمهم وعملهم وتأريخهم ، ليعرفهم دينه الحق والهدى الصادق بكل شيء ظهر منهم ، فتطمئن نفسه بمعرف فضل الله ودينه ويذكره بما يحب ويرضى فيخلص له الدين بأحسن هدى قويم وبصراط مستقيم ، وهو متيقن بكل وجوده أنه طاهر صادق موصل لكل نعيم وخير وبركه من الله وعد به عباده المخلصين ، وهيئه وجعله ينتظر عباده المؤمنين المخلصين له بدين أمير المؤمنين وآل الطيبين الطاهرين .

وهو لمن أخلص لهم وعرفهم في دين واحد وهدى واحد ونور واحد ونعيم واحد لا يفترقون أبدا ، ولم يفرق بينهم وبين رسول رب العالمين ويعبده بنصف دين ويكون مشرك أو منافق كما كان غيره من السالف السابقين الذين لم يحبوا بحق نبي الرحمة وآله الطيبين الطاهرين ، وحاربوهم بكل سبيل وفكر حتى منعوا ذكرهم وحرموا معرفتهم ودينهم وكل نعمة ومجد كرمهم به ، فخسروه ولم يقتربوا منه فيتحققوا به عن علم ويقين فيه رضى رب العالمين .

 

فلذا كان يا طيب هذا الحديث والذكرى معك التي تنفع المؤمنين إن شاء الله قد اتسعت شيء ما ولم نفصلها بعنوان ، لأنها كان عنوانه روح اليقين والإيمان بأن عنوان صحيفة المؤمن في كل وجده الطاهر الطيب ، وهو حب علي بن أبي الطالب الذي فيه كل رضى الله ورسوله وهداه ونعيمه ، ولأنه حديث من ذكرى يقين قلوب العارفين بشيء من مقام دين الله الكامل وعظمة نعمة الله الواسعة والمتجلية من رب الرحمة والنور والجمال والهدى في ساحة مقام إمام الهدى الكامل والنعمة التامة علي أمير المؤمنين وسيد الوصيين ، بل نفس اشرف الأنبياء والمرسلين بكل وجوده ، تحدثنا به معك وكلنا إيمان ومعرفة صادقة ، بما حكت وذكرت وعرفتنا به حقائق الآيات القرآنية التي ذكرها رب العزة والمجد والفضل والكمال ، وعرفنا بها بصورة مباشرة وغير مباشرة في كتابه المجيد وكلامه الحميد الذي عرفنا به هداه ودينه المتجلي من أئمة الحق ونعمة الله الظاهرة لأوليائه وبهم ، وبمثله حدث حبيب رب العالمين وصفيه المصطفى وسيد رسله وخاتم أنبياءه عن نفسه وأخيه ووصية ووليه الذي هو أولى بنا من أنفسنا ويجب حبه أكثر من حبنا لأهلنا أو تجارة ومال ينفعنا .

 

فلذا يا موالى كان هذا حديث قلب موله بحب الطيبين يعز عليَّ أن أختصره وأنهيه ، وذكر عقل متيم بمعرفة فضل رب العالمين الظاهر على الطاهرين يدعوني لأنه أذكر بشيء من تفصيله ، وأحدث عن شرفه وفضله لكلي أتعبد به لله وبه أحصل على أحسن أجره منه حتى أكون معهم ، فأكون في دين قيم ومن خير البرية مع خير البشر وأكرم العباد على الله ورسوله وكل المؤمنين ، وإن كان ذكرٌ يشرح يسير من تجلي عظمة الله وحديث جميل عن نعمته وهداه ، والظاهر في ذكر مناقب ومعرفة أمير المؤمنين من خادم لعلومهم وناقل لحديثهم قد رزقه الله واهب الفضل والنعمة والهدى حُسن التدبر في معارفهم .

 وأسأل الله أن يصدقني النية والعلم والعمل في ذكري لهم وحديثي عنهم ، حتى يحاسبني عليه كله خالص لوجهه الكريم ، ويرضى به لي دين قد تعبدت له به عن إيمان ويقين .

 وأسألك يا الله يا ولي المؤمنين وأرجو منك برحمتك وبرك وإحسانك وبفضلك وبلطفك وكرمك وأنت رب العالمين ومالك يوم الدين أن ترحمني فتجزيني جزاءك الأوفى ، وبأن تجعلني مع سيدي وولي وإمامي بالحق علي أمير المؤمنين وآله الطيبين الطاهرين ، يا الله مع نبي الرحمة وعلي وآله في أعلى عليين ، ومع سقاة الحوض وأقرب منزلة من لواء الحمد ، وفي منازل الشيعة والمخلصين في مراقي العظمة والمقام المحمود ، وعلى حافتي منازل كوثر الخير وحياض نعيم التسنيم ، نرفل في قصور كرمك مع الحور العين والولدان المخلدين ، والتي جعلتها لعبادك المكرمين نبي الرحمة محمد وعلي وآلهم الطيبين الطاهرين ولشيعتهم المحبين لهم والمخلصين لك بدينهم ، وصلي اللهم على محمد وآل محمد وسلم ، إنك ولي حميد وأرحم الرحمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 

وأذكر للطيبين يا إلهي : مع القسم بك أنه لعديم الحياء منك مَن يدعوك ولم يقسم عليك بحق نبي الرحمة وآله ولم يصلي عليه وعلى أهله معه ، ثم لم يحب الكون معهم في دينهم ونعيمهم ، لأنه بفصل ويفرق بينك وبينهم ، أو يتجاهلهم ويحرم ذكرهم بأنك قد أمرت بحبهم وموالاتهم ، ويمنع من الحديث عنهم ومعرفتهم بدينك الذي خصصته بهم ، وينسى فضلهم وكرامتك عليهم .

 وإنه لصلف وذو قلب قاسي من يدعوك برسولك ويترك آله ويدعوك باسم أعداءهم سواء كان كإيمان فقط حين يدعوك بأنهم أفضل من علي وآله وإن رحمتك لأوليائهم دون علي وآله وشيعتهم ، أو مع اللسان والحرب لهم .

 

 وأنا يا ربي أدين لك وأقر بل أطيعك بأحسن عبادة لك يا بار يا رحمان ، بأنه لم يعرفك ولم يعرف محل هداك ودينك ورحمتك ونعيمك وكيف يحصل على رضاك بحق وصدق ، مَن يطلب منك نعمتك وهداك ورحمتك ورضاك ، وهو ويوالي غير نبي الرحمة وآله ولم يدين لك بدينهم وحدهم ، ولم يدعوك ويقسم عليك بحق أكرم خلقك عليك وأفضلهم عندك ، ولم يرجو منك ما أنعمت عليهم وهديتهم ، ويظنه شرك لا يقرب منك ولم ترضى به .

فلذا يا ربي هذا اعتقادي ودين وإيماني بأولياء دينك حاسبني عليه وشدده في قلبي حتى تعطيني رضاهم وترزقني شفاعتهم وتجعلني بكل وجودي في الدنيا والآخرة معهم ، إنك أرحم الراحمين وصلَّ يا ربي على نبينا محمد المصطفى ونفسه أمير المؤمنين علي المرتضى وآلهم الطيبين الطاهرين ، ورحم الله من قال آمني وأنا مثله يا رب في الهدى والدين وبالمولاة لأوليائك وبالمعاداة لأعدائك  .

إلى الأعلى



الذكر الثاني

حديث عرفاني في العبادة لله بذكر الخصال الحميدة للإمام علي عليه السلام والشرك بذكرها لأعدائه

عرفنا بمعرفة دينية وجدانية بل قرآنية قلبيه يميلها أدب الدين ومعرفة سيرة سيد المرسلين مع أمير المؤمنين علي أبي طالب عليه السلام , وإنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يكثر من الذكر ويتوسع في الحديث عن أمير المؤمنين بعده ، وإنه حدث عنه بكل ما أنزل الله عليه من الكرم والرحمة والفضل والنعمة ، وذكر كل ما يمكن أن يطيقه الكلام المحكم البليغ في ذكر خصال أمير المؤمنين وتوصيفه ، فتحدث عنه بأحسن العبارات الجميلة التي كان يذكرها ويحدث بها عن توصيف مناقبه الحقة وفضائله الصادقة ، ورحمته الله به ومجده العلمي والواقعي الذي كرمه به سبحانه ، والمُعرف لكل مؤمن طيب حتى اليقين ولايته وإمامته ،  ودينه وهداه ،  ومكارمه وأوصافه ، و خصاله ونعمة الله عليه بكل ما كرمه وتفضل به على أحسن أولياءه وأشرفهم في الوجود بعد سيده ونفسه خاتم النبيين وحبيب رب العالمين .

 فالحديث والذكر لأمير المؤمنين سواء عنه بنفسه أو بآله وسيده ، هو بيان وحديث نعمه وتعريف لعظمة الله وذكر لكرمه وبره بعباده المصطفين الأخيار ، فكان لابد أن يذكروا حتى يعرفوا بما كرمهم الله به جلت عظمته في العالمين نور وجبروت وملكوت وجنة نعيم ، فضلاً عن ذكر الهدى والدين المتحقق بذاتهم وصفاتهم وكل تصرفاتهم وعلمهم وعملهم ، فكان الحديث عنهم هو الحديث عن ما لهم من ملك العظمة الإلهية من الكتاب والحكمة وما لهم من أتم ملك النعيم ، حتى كانوا هم سادات الخلق وقادتهم في الدنيا والآخرة ، والكل تحت لواء الحمد الذي بيد علي بن أبي طالب قائدهم لهدى الله ونعيمه الدائم التام ، والكل حافين برسول الله بأعلى منازل الكرامة من الله .

فذكر علي بن أبي طالب هو الذكر لرسول الله وآله كلهم وهو حديث كرامة الله ومجد العزة والنعمة النازلة من الله لهم في ذكر أي خصلة من خصاله وخصالهم ، وهو ذكر دين وهدى بأي صفة من صفاته ، وبمعرفته عليه السلام بأي سيرة وسلوك وعلم وعمل له ، فهو معرفة لتعاليم الله ومعرفة لعظمة رب العالمين ونعيمه المتحقق بأولياء دينه وأئمة الحق ، فذكره والحديث عنه هو نعمة وهدى وكرامة لنا أنعم الله به علينا كشيعة له ، وهو ولي ديننا ومُعرف لنا ربنا وهداه و دينه وتعاليمه ، وبه تعرف وبتطبيقها وبالإخلاص بها لله يحصل المؤمن على كل خير في الوجود وفضل وأجر حسن من الرب المعبود .

فأين ما حدث الله عما كرّم به نبيه الكريم في مراتب الوجود في أعلى عليين والملكوت الأعلى والمعراج أو ما أعد له من الأجر وعرفه من كرامته عليه ، أو هنا في الدنيا وبما بين سبحانه من وجوب طاعته والإقتداء به والاستنان بسنته ، هو نفسه أيضاً ينطبق كرامة ومجد ووجوب محبته وإطاعة وضرورة إقتداء واستنان بسنة نفسه ووجوده السارية في مراتب الزمان ، وخلاصته الباقية وثقله النفيس الغالي عليه كروحه ، بل بتعبير رب العزة في آية المباهلة أنفسنا ، وهو وآله أحسن وأجمل مظهر تام لتجلي أسمائه الحسنى في كل شيء كما كان لرسول الله صلى الله عليه وآله ، بكل معنى وحقائق الدين وهدى وفضل ومجد وكل بر وإحسان ولطف ورحمة نازلة منه سبحانه وتعالى عن الوصف والحد ، فلذا كان يذكر نبي الرحمة السراج المنير الإمام علي عليه السلام بل وآلهم وشيعتهم وصحبهم المحبين لهم ، بكل ما حدث عنه بمعرفة علمية واقعية محكمة البيان ويصدقها العقل والوجدان .

وبهذا حديثنا وذكرنا وقلنا بل ببيان الله ورسوله في كل تعاليم الدين المعرفة لولي المؤمنين وخليفة رب العالمين  وأئمة الحق والهدى ، وبالخصوص أولهم بعد رسول الله علي بن أبي طالب ، ولذا يكون الذكر والمعرفة له بذاته الشريفة أو بأوصافه الحميد وخصاله الكريمة هي معرفة بفضل ونعمة وهدى الله تعالى له بعد نبيه وآله بعده ومنهم نقتبس وكل نور دين وهدى ونعيم ، ولذا كان الحديث والذكر لهم ومعرفتهم بكل شيء خصهم الله به هو من مرتبة معرفة الله الحكيم الرب الخبير الهادي بالحق وبصراط مستقيم بأولياء الهدى وأئمة النعمة المصطفين الأخيار والأئمة الأبرار ، لأنه بدون معرفتهم بدينهم وبكل ما ظهر من هداهم بكل ذاتهم وصفاتهم ، لا تتم معرفة الدين ولم يحدث أحد عن نعمة رب العالمين في معرفة مصداقها الحق ، بل تجهل بحق معرفة الله المتجلية في معارفهم وهداهم ، ولم يحصل من لم يذكرهم على نعمة الله الدائمة ولا سار على صراطه المستقيم لرضاه الأكبر لا في الدنيا ولا في الآخرة .

وبهذا الذكر والحديث ذكرنا وحدثنا لأنه حديث ذكره وحدث عنه الله و رسوله عن أئمة الحق وأولياء الهدى ، والذين كان أولهم علي بين أبي طالب وارث علم الرسول ونفسه التي تنفتح لفضل الله ومعرفة كرمه ودينه ونعمته التامة الباقية ، بل في كل مراتب الوجود المخلوق ، وهو وآله أبواب مدينة العلم المحمدية والحق القرآني والكلام الرباني ، وإن كلام الله بهم وبما عرفوا كان ثقل الله ورسول النفيس الغالي الباقي الواجب على كل مؤمن اقتناءه والتحقق به والإخلاص في التعبد به لله تعالى وحده لا شريك له ، من غير شرك لهم بغيرهم لأن الشرك بهم شرك وكفر بالله وبكل دينه ومعارفه ، وذلك لأن دينهم وهو دين الله وهداه ، ويعرف بذكرهم والحديث عن كل وجودهم وذاتهم وصفاتهم وعلمهم وعلومهم وبكل خصالهم وسيرتهم وسلوكهم ، وبهذا عرفنا الله المعرفة الحقة بما عرفوه لنا ، وبهذا ظهرت تعاليمه لنا وتعبدنا له مخلصين له الدين .

وبهذا الحديث والذكر الذي عرفت خلاصته أعلاه وتفصيلة في هذا الكتاب ، بل بكل أجزاءه وأبوابه في كتاب ذكر علي عليه السلام عبادة نحدث عنه ونذكره ، وهو كله تعريف لدين الله وهداه وما يُعرف لنا عظمته الظاهرة في ولي دينه ونعيمه الكامل التام له ولآله وشيعتهم معهم .

 

 فكيف يكون هذا الذكر والحديث عن أمير المؤمنين الذي هو نفس رسول الله علي بن أبي طالب وولي الدين الباقي بعده شرك برب العالمين ، وليس له ثوابه ولا الأجر الجزيل من الله تعالى ؟!

 وكيف لا يكون هذا الذكر والحديث طاعة لله ولرسوله ولولي دينهم الذي فيه هداه الكامل ونعيمه التام ورضاه الأكبر ؟!

وهل يفصل ثواب الله وهداه ودينه ومعرفته عن عبادته وطاعته والإخلاص له ؟! مالهم كيف يحكمون وبأي دين يدينون ؟ .

وهل كان يشرك رسول الله صلى الله عليه وآله بل الله تعالى حين يعرف دينه بالهداة له ويذكر خصالهم ويعرفنا صفاتهم بكل الآيات التي تعرف أولياء دينه وتثني عليهم وتوجب حبهم وطاعتهم وولايتهم ، حتى جعل سيرتهم وسلوكهم وتصرفهم هو ظهور دينه ونعمته بأوليائه وأئمة الحق نبينا وعلي وآلهم أو ما كنا في الأنبياء السابقين ، وحين يحدث عنهم بكل فضيلة وخصال حميدة ومناقب كريمة ويرفع ذكرهم ويأمرنا بالحديث عن نعمته سبحانه الظاهرة بهم ولهم هدى ودين وجنة نعيم ومقام كريم  ؟!

وهل كان الله ورسوله يعلمان الشرك أو هما مشركان حين يحدثان عن هذا الفضل والمجد والهدى والدين والنعيم لأمير المؤمنين ، وآله الذي به يعرف الله ودينه وكل نعيم تام دائم أنزله لعباده وخلقه بالوجود الذي ملكهم إياه في الدنيا والآخرة ، ومعهم من عرفهم وحدث عن دينهم وتعبد به له مخلص ؟!

فإنه بما عرفت من نعيم الجبروت والملكوت والذر وفي أحاديث الإسراء والمعراج ، والآيات والروايات التي تعرف أئمة الحق وأولياء الدين وما أعد الله لهم وما أنذر الله به المنحرفين عنه ، كان الله ورسوله يُذكرانا ويعلمانا به في كتابه الله المجيد وسنة الرسول الكريم ، كما عرفت في الأبواب السابقة والآتية ، وهي كلها ذكر جميل عن المناقب الحميدة لأمير المؤمنين ، وحديث حسن عن الخصال الكريمة لسيد الوصيين الذي هو نفس رسول رب العالمين في جميع مراتب الوجود ومعه ، فضلاً عن الدنيا التي فيها وبهم يعرف كل هدى ودين ومعرفة صادقة لرب العالمين ، وبهذا يتم الإخلاص والطاعة له سبحانه ، والذي يعرف بكل وجود الإمام الحق علي بن أبي طالب عليه السلام حتى كان معرف لله ولرسوله ولتعاليمهم بأي شيء منه ذكر وبأي وصف حق وصفناه وحدثنا عنه ، فكيف يكون هذا شرك وليس طاعة ؟ وإذا لم يكن عبادة ، وليس فيه ثواب ، فكيف يعرف دين الله وطاعته وعبادته ويتم الإخلاص له ويحصل على رضاه ونعيمه وثوابه الحسن ودينه القيم ويصل لصراطه المستقيم ولكل هدى ومعارف يعرفها لعبادة الراغبين بمعرفته ودينه ؟

 

أ بذكر أئمة الكفر والحديث عن ضلالهم أو بمعرفة مكرهم وخداعهم للناس ، وما عرفوا باسم الدين من تعاليمهم التي هي وساوس شيطان وهوى نفس وطمع في زينة دنيا ، والتي كانت تظهر بتصرفاتهم وتنعكس لنا في كثير من أقوالهم ؟ أ بهذا يعرف الله ودينه وتكون الطاعة والعبادة والإخلاص له ؟! هيهات هيهات وما هذا بقول رشيد ولا دين محمود عند كل المنصفين .

نعم يمكن أن يعبد الله ويطاع ويحصل على ثوابه حين الحديث والذكر لأئمة الكفر وأتباعهم ولكن بالبراءة والتعوذ بالله منهم ، لا بحبهم وطاعتهم والإقتداء بهم ، وبذكرهم والحديث عنهم بما ذمهم الله من اللعن والكفر والنفاق والشرك ، وبالحديث عن طردهم من رحمته لقتلهم أولياء دينه وحربهم معهم ، وبهم يعرف تحقق عذاب الله الشديد المعد لهم وناره التي لا تبيد التي تنتظرهم ، وذلك لضلالهم والبعد عن دينه وهداه ونعيمه ، لا بمدحهم والثناء عليهم وتعريفهم بكل كذب ومكر بأنهم خلفاء لله ورسوله وإنهم أئمة حق وهدى ، وهم كلهم فرار عن الله ورسوله وعناد للحق الذي تجلى بأئمة الدين الصادقين .

فإنه يعرف الله في هداه وطاعته وعبادته بذكر أئمة الحق عند ذكر فضل الله عليهم وهداه عندهم ، وما كان من دينه الذي يظهر بهم بكل وجودهم ونعيمه عليهم بكل مراتب الوجود ، وكذلك يطاع الله ويعبد بذكر الذم لأعدائه أعداء أئمة الحق والذين هم أئمة الكفر والذين هم مصداق تام لعذابه والهوان الذي أعده لمن حاربه في معرفته من خلال معرفة أولياء دينه فمنع من ذكرهم .

 ونترك الكلام في ذكر خسة طباع أعداء الله ورسوله وآله وكل ضلال يظهر بخصالهم ، لأنه لا أنس به بل خوف من عذاب الله ، وإن كان فيه إطاعة الله وعبادة له حين ذمهم وذكرهم بالضلال وغضب الله عليهم ويخلصنا من التورط في كفرهم وشركهم ونفاقهم وكل شر لهم ، لأنا في حال ذكر أحاديث الشرف والكرامة وهي ليست لهم ، بل متحققة بنبي الرحمة وآله الكرام وبالخصوص نفسه إمام الحق علي عليهم الصلاة السلام ، ونريد أن نعرف أمر ذكر علي عبادة لله لا له ، لأنه يوصلنا لمعرفة الله ودينه وكل نعيمه بل التحقق به ، والحديث عن أعداءه عرضي يستوجبه بعض الأحيان الذكر والحديث عن إنه معرفة الحق وهدى الله عند علي وآله أولياء الله وأئمة الحق ، دون أعداءهم ومن منع من ذكرهم وحرم الحديث عنهم وحاربهم فجهل دين الله وهداه وخسروا أنفسهم وأضلوها ، فلعنهم الله في كتابه وعلى لسان كل مؤمن وطيب يطلب الحق وأهله ويرفض الباطل وأهله .

 

 وإن في هذا الباب وكل الكتاب نذكر ونحدث بأحاديث نعمة وشرف ومجد وكرامة كان يذكرها ويحدث بها نور الله وسراجه المنير صلى الله عليه وآله وسلم ، وبها يعرف نفسه وولي دينه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، وبكل سبيل حق وحديث حسن صادق يعرفنا إمام المؤمنين وسيد الوصيين والهادي بكل وجوده وذكره لمعرفة عظمة رب العالمين ، وهداه المتقن ودينه الصادق المرضي له ، والذي حدث بها عنه نبي الرحمة والهدى صلى الله عليهم وآلهم وسلم ، فكانت ذكر لخصاله الحميدة وصفاته الكريمة التي عرفتها وستعرف قسم منها في هذا الذكر والأحاديث التي نذكرها في شأنه الكريم ومجده العظيم ، جعلنا الله من شيعته العارفين بل والمتحققين بها هدى ودين وطاعة وعبادة لرب العالمين ، بل ونعيم دائم ورضى من الله أكبر .

 

 ولذا كان صلى الله عليه وآله وسلم يتنوع بذكره ويتجمل بكل صوره بالحديث عنه ، فكثر جمال الحديث عن أخيه ونفسه علي أمير المؤمنين بكل صورة من علمه وعمله ودينه وسيرته وآلهم وصحبهم وشيعتهم والمحبين لهم ، وبأي نوع من الحديث الحسن عنه والذكر الجميل له سواء عن تأريخه الكريم أو عن إمامته وولايته ، أو خصاله الحميد وأخلاقه الكريمة ، أو بذكر نعمة الله عليه وتشريفه في كل مراتب الوجود ، ومعه كان يُشرف بالذكر والحديث آله وشيعتهم وصحبهم ومحبيهم الصادقين المخلصين لله بدينهم .

 

فإنه بالحقيقة عرفت وستعرف أنه في كل ما نذكر لك من أحاديث سيد المرسلين في هذا الباب كما عرفت في غيره ، إنه إذا كان ظهور لله بالجمال التام والرحمة والبر الكامل والهدى والدين فهو لأكرم خلقه وأخلص عباده طاعة له ، وهذا الجمال والحُسن في الوجود والهدى والنعيم وملكه الواسع العظيم قد ظهر بالنبي وأخيه علي وآلهم بعدهم وشيعتهم تبع لهم ، وبهذا كان الحديث والذكر لعلي بعد النبي جميل حسن يعرفنا دين الله ورحمته ونعيمه ، بل يحققنا بعبادته والإخلاص له سبحانه .

 

فإنه يا طيب كل ما يحدث به السراج المنير والبشير النذير هو ذكر لفضل الله وعظمته وتعريف لكبريائه وهداه المحكم ، ودينه الحق وطاعته الصادقة المتجلية في معرفة إمام الهدى وذكر ولي الدين ، وهو الحديث عن أمير المؤمنين أخيه ووصيه وخليفته بالحق بل نفسه في آية المباهلة بل شرى الله نفسه في آية المبيت .

 فلذا عرفت إنه كان ذكر علي عبادة لله وهو من ذكر عظمة الله الظاهرة في ولاة دينه وأئمة الحق كتاب وحكمة وهدى ودين ونعيمه فيهم ولهم.

 

فإليك يا طيب ذكر خاص من الحديث الحسن لنبي الرحمة والهدى والنور يحدثنا به عن الإمام علي بن أبي طالب ومجده وفضل الله عليه ورحمته له وهداه الذي خصه به ، وهو يعرفنا بحق ولي دينه الذي يعبد بمعارفه الله تعالى وتتعلم منه تعاليمه ، وفيه أحاديث يُذكر بها نعمة الله له والتي تعريف خصائصه الجميلة وذكر خصاله الحميدة ، حتى نتيقن بكل وجودنا إن صراط الله المستقيم قد خصه به بعد نبي الرحمة ، والولاية العظمى والإمامة الحقة الصادقة له دون غيره ، وذلك لأنه كان وما يزال له كل هدى الله ودينه ونعيمه بالتمام والكمال وبما يحب ويرضى ، وبمعرفته وذكره والتحقق به يكون المؤمن متحقق بمعرفة الله بحق المعرفة وإطاعته بدينه الصادق وهداه المتقن ، ويحصل على نعيمه الدائم مع أمير المؤمنين وآله الطيبين الطاهرين ، ومن غير ضلال ولا ظلام ولا جهل ولا انحراف كما لأعدائهم ومن حاربهم ومنع من ذكرهم ومعرفتهم .

وتعرف به كما عرفت إن ذكر الإمام علي كذكره في آله ومع سيده النبي وإن كانت في خصاله النفسية وخصائصه الذاتية ، إنها معرفة من غير شرك ولا نفاق ولا كفر كما لأعدائه الذين يظهر بهم مكر الشيطان في كل فكرهم والحديث عنهم والمطلوب التعوذ بالله منهم بل ولعنهم ، وليس في ذكره عليه السلام كما لهم في ذكرهم ، فإن الحديث عمن خالفه وانحرف عنه هو ذكر لرأيهم وللقياس في الدين الذي هو فكرة إبليس قد أملاه لهم حين أمره الله بالسجود لآدم ، فلم يطع وحسده وعاداه وقال أنا افضل منه خلقتني من نار وخلقته من طين فأنا أفضل منه فلم يطع الله فطرده الله .

وأعداء علي وآله بل ومؤذين سيده النبي ومن حاربهم ومنع من ذكرهم قد أمرهم الله بالتسليم له ولرسوله ولولي المؤمنين إمام الحق وآله تسليم مطلق وطاعة تامة ، وعرفهم بكل سبيل لهم وذكرهم بكل مجد وفضل ومنقبة وكرامة ، وجعلهم مثله ولاة الأمر وعترة النبي وآله المطهرون الصادقون ، ولكنهم قالوا نحن من قريش وهم من قريش هاجروا وهاجرنا وجاهدوا وجاهدنا وصاهره وصاهرنا وانتسب لنا وانتسبنا ولو بالظاهر دون الحقيقة .

 

 ولم يعلموا إن الله تعالى قد أختار المخلص وأصطفى لله العالم بطهارته وصدقه ولم يشرك به لحظة حتى كان مُعرف لله في كل وجوده وصفاته ، وبذكره كان ذكر لعظمة الله في تربية واختيار أولياء دينه وبه يعرف دينه وكل نعيمه ، ويشهد له سيرته وسلوكه وإخلاصه وصفاته الفاضلة ومناقبه الكريمة في كل الوجود فضلاً عن وجوده ، وهو غيرهم ، لأنهم قد فروا من ساحات القتال ففروا من رحمة الله وكانوا يشربون الخمر ويأكلون الربا ، وكانوا اكثر عمرهم مشركين ولم يكن لهم في إسلامهم موقف مشرف أو طاعة خالصة يصدقها الله ، فضلا عن كونهم لم يكونوا مشاركين له في الدين ومعارفه الواقعية ولا بالتأريخ والمجد المطهر والنور الواقعي والطيب الصفاتي والصفاء العبادي والإخلاص لله بكل الوجود علم وعمل وسيرة وسلوك وقول وفعل مثل أمير المؤمنين الذي كان نفس رسول رب العالمين وهو منه ومعه متحد في كل شيء ، فلذا لما عرفوا الفرق بينهم سولت لهم أنفسهم فحسدوا نبي الرحمة في آله الكرام بل نفسه وأخيه ووصية وخليفة بالحق بعده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب .

 فزين لأئمة الكفر وأعداء أئمة الحق الشيطان وتسويف النفس المخدوعة بالحسد لأولياء الله ، والمتولية لحب الشهوات وزينة الحياة الدنيا من غير آخرة ، فظهر بكل وجودهم وقولهم وسيرتهم وسلوكهم وصفاتهم وأعمالهم فضلاً عن علومهم ، كل ضلال وجهل وظلام حتى تجرأ الناس بسببهم على قتل علي وآله آل النبي ونفسه أئمة الهدى ، بل بأيدهم وبأمرهم تم قتل آل محمد بعدهم ، ومنع حديثهم وحرمة ذكرهم وجهل الناس بأفعالهم الكريمة وطهارتهم التامة ودينهم الحق ، ونسوا معرفة محل هدى الله ودينه الصادق ، حتى كان الحديث الحسن عندهم هو الحديث والذكر لمن حارب ولي الله وآله وعاده ، بل وشارك بقتله وظهر بكل صورة بغضه له بأي صورة كان سواء تحريم معرفته والمنع من ذكره وكتم تعاليم دينه أو مدحه .

ولذلك لأن النفاق المؤكد والكفر الحتمي والشرك الواقعي هو الثناء على أئمة الكفر وأتباعهم قتلة أئمة الحق والمانعين من معرفتهم ودينهم وفضل الله وهداه الحق ولو بخصلة مدح واحدة ، فإنها تكون موجبة للنفاق وتمجيد لأعداء الدين وحديث عن كل حيلة ومكر لهم ، وذكر لكل شيء يبعد عن الله ورحمته ونعيمه الباقي الدائم ورضاه الأكبر بل يدخل النار وغضب الجبار ، لأنه ذكر متلبس بالدين وبتعاليمه الخداع والكذب على الله ورسوله والطرد عن رحمة رب العالمين وهو يثني عليه ويمجده بما لم يرضي الله تعالى .

ولذا كان للنواصب والخوارج في المنع عن ذكر نفس النبي علي وآله الجميل الحسن في كل صورة كانت ، وتحريم التعبد لله بدينهم القيم جزاءه لعنة الله وغضبه وعذابه الأليم ، وذلك لكتم دينه الصادق وهداه الحق ، بل قتل أئمة الدين والناطقين عنه في تعريفه وتعريف تعاليمه سبحانه ، فجهلوا الحق ولم يحدثوا عن محله ولم يذكروه بأهله ؛ فلم يعرفوه هدى الله وتعبدوا لله بذكر دين أعداء الدين والثناء عليهم ودعوة الناس للإقتداء بهم .

 فكان لهم من الله كل ظهور لعذابه وكل طرد من رحمته ، والذي فيه الخزي والعار وفي أي دار كانوا دنيا أو آخرة ، لأنهم في جهل مركب من معرفة الله وظلام متراكم عن عبادة الله الصادقة ، فلذا كان لعنادهم للحق والهدى الصادق قد وعدهم الله أن يدخلهم ناره وينزلهم غضبه بل تحققوا به فعلاً ، يجرنا إليهم الكلام لعنهم الله ، فنترك الكلام عن أعداء آل محمد أبعدنا الله منهم ومن فكرهم ودينهم وكل تصرف مخزي ظهر منهم في المنع عن معرفة الحق وأهله ، وعن كل ظلمهم للطيبين الطاهرين أحباب رب العالمين وعترة سيد المرسلين وبالخصوص علي أمير المؤمنين وبل وشيعتهم الصادقين .

 

ولكن نذكر ونحدث بحديث المجد والكرامة ونعمة الله الواسعة التي ظهرت بالخصال الحميدة والصفات الكريمة ، والتي تجلى بها فضل الله ورحمته ونوره وبره وإحسانه بكل وجود إمام الحق وولي الهدى علي بني أبي طالب وآله بعد النبي الكريم صلى الله عليهم وسلم ، وهو ذكر حسن وحديث جميل عن عظيم النعمة التامة وظهورهم بحقيقة الدين ، وكل فضيلة أيدهم بها الله وصدقهم بذكرها في الذكر الحكيم .

 

إلى الأعلى



الذكر الثالث

أحاديث نبوية في خصال الإمام علي ومناقبه الخاصة

الحديث عن ولي نعمة الله وهداه الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بذكر خصاله الحميدة وصفاته الكريمة وسيرته وتأريخه يستوعب أجزاء كما عرفت ، وقد كتُبت فيه موسوعات تعرفنا شيء من فضله ومناقبه وتأريخه وهداه ودينه وكل نعمة خصه الله بها ، وقد عرفنا بعضها في الذكر الموجز في الأبواب السابقة وسنعرف شيء أخر منها فيما سيأتي إن شاء الله .

 ونحدث هنا في هذا الذكر ما تيسر لنا ويسعه هذا المختصر من الذكر الشريف والحديث الحسن عن ولي الله بما حدث وذكر عنه رسول الله ، وبأحاديث مختصرة تعرفنا نعمة الله عليه في نفسه وفي ولي دينه وخليفته بعده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الخاصة به ، والتفصيل يأتي إن شاء الله في بعض الأجزاء الأخرى فنذكر أحاديث أوسع في البيان وجامعة للذكر الكريم عنه ومرّ بعض منها في الأبواب السابقة .

وذلك بعد أن عرفت كثير من خصاله الكريم وخصائصه الشريف في تأريخه في كل الوجود وفي آله ، وبعض الحديث عن أهمية ولايته وإمامته عليه السلام ، وهي نصوص ذكر شريف وحديث حسن يعرفنا مناقبه ومكارمه ونعمة الله عليه ننقلها عن رسول الله عن صحبه ومن أعترف بحقه مباشرة ، أو بصورة غير مباشر لأنه يرويها ويعمل بضدها ، وإنما أجبر على نقلها لكي لا يتهم بالنفاق ولم يدري حكم على نفسه به ، كما كان يقر بها من حاربه بعض الأحيان وينسى نفسه وحاله مع علي وآله وما ظهر لهم منه .

بل أحاديث كريمة ذكّر بها نفس رسول الله وخليفته بالحق أمير المؤمنين عن نفسه أو ذكرها في بيان فضله آله الكرام ، وكلهم يُعرفون بها عظمة الله المتجلية في ولي الله أمير المؤمنين التي مكنه منها رب العزة والإحسان والهدى والامتنان ، وجعلها متجلية فيه نعمة وهدى ودين وولاية ، حتى كان الإيمان بها واليقين بأنه متصف بها من ضرورة المعرفة بالدين الحق ووجوب الطاعة له بكل شيء ظهر لنا من خصاله الحميدة وصفاته الكريمة .

هذا فضلاً عما نتعبد لله تعالى ونخلص له بها وحده من معارف ولي الله وإمام الحق أمير المؤمنين في معرفة عظمة الله وهداه ودينه ، بل نفس المعارف الإلهية التي تعرفنا كبرياءه وعلوه وصفاته سبحانه التي بينها عليه السلام ببليغ الكلام وجميل الأسلوب الراقي في المعرفة الدينية الإلهية والتي وجب على البشرية معرفتها ، وهي فوق كلام المخلوق وبعد كلام الخالق وبعد كلام سيده ومعلمه والتي سنعقد لها جزءاً كاملاً إن شاء الله ، وبها كلها لله نتعبد ونخلص له الدين ونرجو منه سبحانه كل ثواب حسن ونعيم مقيم أعده الله لأولياء هداه الحق والعاملين به ، ونسأله أن يبعدنا عن كل ضلال لأعدائهم ويُأمنا شرهم وما أعد لهم من العذاب في الدنيا والآخرة .

وقد عرفت إن النبي الكريم والسراج المنير كان يذكر فضله ومجده وكرامة الله عليه من خلال بيان فضل علي وآله وما شرفهم الله به ، وقلما يذكر فضله وكرامته عند الله من دونهم ، بل كان له بيان من الله في كثر من الموارد يجمعهم مع ذكره بوحدة الهدى والدين والنعيم والفضل والشرف ، بل أغلبها بل بالتدبر ترى لا يمكن أن يفصل عن آله في فضيلة من الفضائل .

 تدبر سورة الأحزاب أو الضحى والانشراح والكوثر ، بل آيات المباهلة والتطهير والولاية والصلاة عليه وغيرها ، وكذلك الآيات التي تذكر فضل ومجد أمير المؤمنين بالخصوص كذلك لا تفصل عن الله ونعمته وكرمه أو عن آله وسيده النبي ، بل هي كلها تعرف الدين الكامل والنعمة التامة في ذكر مصداق واحد ، ويتحد معه من كان مؤمن به بحق ويحبه وهو صادق ، وسيأتي في الباب الآتي ذكر منها ، بل عرفت الله عز وجل أمره أن يحدث عنها وبه رفع ذكره ، لأنه كان مُعرف لدينه تعالى وهداه ونعمته وهو صلى الله عليه وآله يشرح ويبين أمر الله وما أراه الله من منزلتهم الرفيعة عنده والمقام المحمود لديه في الملأ الأعلى.

فإليك يا طيب هذه بعض أحاديث الكرمة وذكر للمجد وفضل الله الذي ذكره رسوله الله صلى الله عليه وآله وسلم مما خص الله تعالى به علي بن أبي طالب عليه السلام ، تعرفنا خصائصه الكريمة وتذكرنا خصاله الشريفة ، لكي نعرف ولي ديننا وإمام الحق ونعرف ما أظهر الله من بره وإحسانه لوليه حتى عرفنا به بكل صورة حسنه وخصلة حميدة وصفة جميلة تقربنا له وتوصلنا لحقيقته حتى نتيقن بدينه وهداه ثم عبودية الله والإخلاص له بصراط مستقيم .

ونذكر هذه الخصال الحميدة والصفات الكريمة لولي الله وإمامنا الأول بعد رسول الله طالبين بالحديث بها عن مجده وفضله ونعمة الله عليه ، رضى الله وجزيل ثوابه وإحسانه وكل ما أعد لشيعته من نعيمه وتشريفه لأولياء وصحبة المحبين له ولآله بحق ، نتدبرها ونسأل الله أن يأجرنا بما ذكرنا ويقبله تعبد له خالص وإيمان قويم بذكر إمام دينه ووليه الحق ، ويصلى علينا بما صلى على نبي الرحمة وآله صلى الله عليهم وسلم إنه ولي حميد .

إلى الأعلى


أول الذكر

نعمة الله وفضله على الإمام علي في مراتب الوجود والتأريخ

 

هذا ذكر لأحاديث مختصرة في المناقب والفضائل تعرفنا الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في تأريخ الوجود ومراتبه ، في المعراج والزمان مع الأنبياء ومع النبي في تأريخه ، وسنجعل كل منها إن شاء الله في باب مفصل في الأجزاء الآتية ، وهذا الذكر تكملة لما ذكرنا من فضله مع آله في مراتب الوجود والتأريخ في الباب الثاني والثالث والرابع ، ولكنه مختص بخصاله النفسية الكريمة وصفاته الذاتية الشريفة وما يرتبط بها في وجوده وإن شملت من تنور بهداه ودينه .

 وإن كان كل مجد ومنقبة مكنه الله الهادي للحق به حسب ما عرفت هو نعمة من كرم وفضل الله لكل من أحبه ، وعرفه إنه إمام دينه وولي هداه وتعبد الله به مخلص ، ولم يفصله ويفرق بينه وبين كرامة الله عليه وعلى آله المتحدون معه في الدين والهدى ، وكل نعيم ظهر من رب العالمين في كل مراتب الوجود ، بل وشيعتهم وأولياءهم معهم .

 نتدبرها بيسر المقال ونسأل الله أن ييسر لنا رضاه ويقبل تعبدنا له بها خالص لوجهه الكريم ، إنه ولي حميد ومنه كل خلق وهدى ونعيم ورحمة ، وهو الهادي المنان وحده لا شريك له وصلى الله على محمد وآله محمد وحشرنا معهم.

 

ذكر الصدوق بإسناده عن علي بن أبي طالب عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال في وصيته لي :

( يا علي : إني رأيت اسمك مقرونا باسمي في أربعة مواطن ، فآنست بالنظر إليه : إني لما بلغت بيت المقدس في معراجي إلى السماء وجدت على صخرتها مكتوباً : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، أيدته بوزيره ونصرته بوزيره.

 فقلت لجبرائيل : من وزيري ؟ فقال : علي بن أبي طالب .

 فلما انتهيت إلى سدرة المنتهى وجدت مكتوباً عليها : إني أنا الله لا إله أنا وحدي ، محمد صفوتي من خلقي ، أيدته بوزيره ونصرته بوزيره .

فقلت لجبرائيل : من وزيري ؟ فقال : علي بن أبي طالب .

 فلما جاوزت السدرة انتهيت إلى عرش رب العالمين جل جلاله فوجدت مكتوبا على قوائمه : أنا الله لا إله إلا أنا وحدي ، محمد حبيبي ، أيدته بوزيره ونصرته بوزيره .

فلما رفعت رأسي وجدت على بطنان العرش مكتوبا : أنا الله لا إله إلا أنا وحدي ، محمد عبدي ورسولي ، أيدته بوزيره ونصرته بوزيره ) .

الخصال ب4ص207ح26.

 أذكر للطيبين : مرت بعض معارف الإسراء والمعراج في الأبواب السابقة ، والأحاديث في هذه المعرفة العالية كثيرة نذكر منها ما تيسر في هذا المختصر ، وذكرنا حديث لم نذكره هناك للذكرى فإنها تنفع المؤمنين ، لأنه يصب في تعريف محل هدى رب العالمين وفضله الظاهر في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، وهو من أعلى أحاديث الولاية وتعريف الإمامة وذكر الفضائل التي يؤمن بها المؤمنون الذين هداهم الله للحق ، وبها يعرفون عظمة الله وتمجيده لأوليائه الصادقون نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، ومصدقين بكل ما ذكره سيد المرسلين وبكل ما أراه الله من عظمته مما يحبه ويرضيه ، وبما يشرفه ويفرحه ويؤنسه في أشرف مكان بالوجود وأفضل كرامة خص بها مخلوق ، وبها يقوي قلبه على تبليغ رسالته ويعرفه أنه حفظ دينه وهداه بولاته صادقين مصدقين بعده ، وهم أحب الخلق إليه وأكرمهم عليه علي وآله آل النبي الكريم محمد صلى الله عليهم وسلم .

 

ذكر الصدوق بإسناده عن محمد ابن أبي ليلى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ( الصديقون ثلاثة :

 علي بن أبي طالب ، وحبيب النجار ، ومؤمن آل فرعون ) .

الخصال ب3ص184ح254.

أذكر للطيبين : سرقوا كلمة الصديق لغيره ، والله منع إمامهم من تبليغ سورة براءه ـ التوبة ـ وحرمه من ذكرها للكفار فضلاً عن المؤمنين ، ولو يعلم صدقه لكرمه بذكرها للناس ، ولكن صدق الله من لم يبدل تبديلاً علي أبن أبي طالب عليه السلام ، والثابت في هدى الله وتعريفه بكل وجوده ، ضع هذا الحديث في بالك وتدبر ما يأتي في الجزء الآتي ، وإليك هذا الحديث .

 

ذكر الصدوق بإسناده عن سلمة بن قيس قال :

قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم :

( علي عليه السلام : في السماء السابعة كالشمس بالنهار في الأرض .

 و في السماء الدنيا كالقمر بالليل في الأرض .

 أعطى الله علياً من الفضل جزءاً لو قُسم على أهل الأرض لوسعهم .

 وأعطاه الله من الفهم جزءاً لو قُسم على أهل الأرض لوسعهم .

 شبهت : لينه بلين لوط ، وخلقه بخلق يحيى ، و زهده بزهد أيوب ، وسخائه بسخاء إبراهيم ، و بهجته ببهجة سليمان بن داود ، و قوته بقوة داود .

له اسم مكتوب على كل حجاب في الجنة بشرني به ربي .

 وكانت له البشارة عندي علي محمود عند الحق ، مزكى عند الملائكة.

 و خاصتي وخالصتي ، وظاهرتي ومصباحي ، وجنتي ورفيقي .

آنسني به ربي .

فسألت ربي : أن لا يقبضه قبلي ، و سألته : أن يقبضه شهيدا بعدي .

  أُدخلت الجنة ، فرأيت حور علي أكثر من ورق الشجر ، وقصور علي كعدد البشر .

علي : مني وأنا من علي ، من تولى علياً فقد تولاني .

حب علي نعمة ، واتباعه فضيلة .

 دان به الملائكة ، وحف به الجن الصالحون .

لم يمش على الأرض ماش بعدي إلا كان هو أكرم منه عزا وفخرا ومنهاجا .

 لم يك فظاً عجولاً ، ولا مسترسلاً لفساد ولا متعنداً .

 حملته الأرض فأكرمته .

لم يخرج من بطن أنثى بعدي أحد كان أكرم خروجا منه .

و لم ينزل منزلا إلا كان ميمونا .

أنزل الله عليه الحكمة ، ورداه بالفهم .

تجالسه الملائكة ولا يراها ، ولو أوحي إلى أحد بعدي لأوحي إليه .

فزين الله به المحافل ، و أكرم به العساكر .

 و أخصب به البلاد ، و أعز به الأجناد .

مثله كمثل بيت الله الحرام يُزار و لا يَزور .

و مثله كمثل القمر إذا طلع أضاء الظلمة .

و مثله كمثل الشمس إذا طلعت أنارت .

وصفه الله : في كتابه ، ومدحه بآياته ، ووصف فيه آثاره ، وأجرى منازله .

 فهو الكريم حياً ، والشهيد ميتاً ) .

أمالي الصدوق ص8م2ح7 .

أذكر للطيبين : ولله إنه لحديث عن حكمة الله وهداه ونعيمه وكل بر وإحسان نزل على عباده ، وبه يعرف ويحصل على مثلها كل مؤمن تابع له ومحب له بحق قولاً وعلماً وعملاً ، وبهذا عرّفنا الله ورسوله ولاة دينه حتى نخلص العبادة لله والدين من سبيلهم ، وعلى المؤمن الفطن الذي يحب أن يتوجه لله عن معرفة بفضله وكرماته وهداه الحق ودينه الصادق ونعمته الواقعية المتحققة بولي الله ، أن يكتبه بمداد الفهم على روحه حتى تصفى في الإيمان بمعرفة مجد الله الظاهر في وليه المعرف لكل دينه ونعيمه ، فيسموا معه في نعمة الله وملكوته ، ويحفظه بصفاء القلب فيخلص لله بدينه ويطمئن به إنه به معرفة عظمة الله المتجلية بكل خير وبركة ورحمه لعباده .

فإن في هذا الحديث الشريف ذكر حسِن يحكي عن مناقب الإمام علي عليه السلام وما كرمه الله وما مكنه به من النور والفضل والعلم حتى كان يسع الدنيا فليسعك ولا تحرم نفسك منه ، فكان له أكرم خصال الأنبياء والمتجلية بكل معنى الكلمة منهم حتى كلها ظهرت منه بأحسن وجه فتحلى بها كوليك ، مكتوب في حجب النور دانت بحبه الملائكة وأمنت به الجنة ، فأمن به حتى يكون جنتك وتترقى معه في ملكوت النور وتخرج من كل الظلمات ، أليس الله يخرج من الظلمات إلى النور ولي دينه وإمام هداه كما عرفت في الباب السابق .

كان الإمام علي خالص لرسول الله في الحب وظاهر بمصباح نوره ، بل كان جنة رسول الله في الدنيا ، ولابد أن يكون جنة كل مؤمن في معرفة المكارم والفضائل والتحلي بها ، وإن كنت صادق في حب الله وأولياءه  يجب أن تقتدي به حتى يكون رفيقك وأنسك كما كان لرسول الله ، فليكون لك قصور وحور لا تعد ، فتكون منهم بحق عز وفخرا منهجا مع الثبات على الدين والإخلاص لرب العالمين ، فتكون كرميا حيا وميتا ينطبق عليك كل مدح ذكر الله لأوليائه المؤمنين بقدر طاقتك وقربك منه .

 فإنه بعد المعرفة بالكرامة يجب  التحلي بها وتقرأ دينه وعدله وخُلقه ، وكل ما عرفك من معرفة الله وتعاليمه حتى تكون بحق محب له صادق ومقتدي به ومتأسي بحق ، لا فقط لقلقة لسان ومعرفة غير متحققة بكامل الإيمان ، بل معرفة مع علم وعمل وتحقق بكل دين إن شاء الله .

فيا مؤمن تدبره بصفاء الفكر وأعرفه مصدقاً به بدراية العقل ، وتيقن بكل وجودك إن إمام الحق لابد أن تكون محمودة خصاله وحسنة صفاته في كل وجوده أين ما حل في ملك الله ونعيمه وهداه ، وهو عليه السلام قد بينها وظهرت منه وبه في كل وجوده وذاته وصفاته وسيره وسلوكه ، فتراه لم يسجد لصنم ولا أكل ربا ولا خمر ولا ارتكب محرم ، رعاه الله ورسوله وكرمه بكل كرامة وفضله بكل فضل ومجد ، عرفه لنا بذكره والحديث عنه بكل ما يرينا جماله وبره وإحسانه به .

 وبالحديث عنه يفرح المؤمن ويعلم إنه صادق ومحق في الإقتداء بإمام الحق ، ويسرُ ويفرح به كل طيب لأنه بصدق قد تيقن معرفة وجود إمامه الذي خصه الله بكل الخصال الحسنة التي يؤيدها سيرته وسلوكه .

 وبالتدبر بها تعرف أنه لم يكن ذرة منها لمن عاداه ولم يعرفه بأنه إمام حق وولي هدى الله بعد رسوله ، ومنع الحديث عنه في أي زمان كان وفي أي محل تواجد ، لأنه إن تظاهر بها غر الناس وأبعدهم عن الحق ، وكان بنعمة الله يعصي الله ويحرفهم لأئمة الكفر ولدينهم ، فتكون عبادتهم وتحليهم بخلق يظهر حسنه  مع عدم الدعوة لدين الله الحق وتعريفه وذكره بفضل الله ودينه وهداه عند المحقين ، بل يُعرف المضلين ويطري الكاذبين ، فيكون في ضلال ومكر وخداع ونفاق يبعد عن الحق ورحمة الله وجنته وعن حب الله ورسوله وأولياء دينه الصادقون المصدقين الطيبين الطاهرين ودينهم وهداهم .

فيا محب للطاهرين الصادقين وصادق في حبك ، ويا مؤمن بكل خصال الإمام عليك به حفظاً وتدبراً ، فلتقر عينك بالهدى وتطمئن روحك بنعمة الولاية والإمامة التي خصه الله بها ، فتتيقن أن عندك ثقل الله ورسوله النفيس الغالي ويجب أقتناه بكل وجودك و في القلب محبة وبالعقل إيمان ، لأنه هذا رسول الله عن الله يعرفنا ولي دينه الواجب الإيمان به ومعرفته في صميم الاعتقاد ، وعندها تكون عندك بحق معرفة بولي الدين وهدى الله ، ولذا كان وما زال بكل ذكره يفرح ويسر المؤمن ويذكر ويحدث عنه بما يُفرح الله ورسوله ويحصل به على رضاهم ، ويجد به في السير لله بصراطه المستقيم فيكون من السابقين في الإيمان والمسارعين بالخيرات والظاهر بكل بركه وهدى كوليه وإمامه ، وأنى لهم مثل ما لنا من فضل الله ورحمته وهداه بأولياء دين صادقين مصدقين وأئمة حق مخلصين لرب العالمين ، لهم كل نعمة الله ومجد وفضل وكرامة وبر وإحسان .

ذكر الصدوق بإسناده عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قال النبي صل الله عليه وآله وسلم :

( إن الله تبارك و تعالى اصطفاني و اختارني وجعلني رسولاً وأنزل عليَّ سيد الكتب ، فقلت :

إلهي وسيدي إنك أرسلت موسى إلى فرعون ، فسألك أن تجعل معه أخاه هرون وزيرا تشد به عضده وتصدق به قوله .

 وإني أسألك يا سيدي و إلهي أن تجعل لي من أهلي وزيرا تشد به عضدي .

 فجعل الله لي علياً : وزيراً و أخاً ، و جعل الشجاعة في قلبه ، وألبسه الهيبة على عدوه ، وهو أول من آمن بي وصدقني ، وأول من وحد الله معي .

و إني سألت ذلك ربي عز وجل فأعطانيه .

 فهو : سيد الأوصياء ، اللحوق به سعادة ، والموت في طاعته شهادة .

 واسمه في التوراة مقرون إلى اسمي ، وزوجته الصديقة الكبرى ابنتي ، وابناه سيدا شباب أهل الجنة ابناي .

 وهو وهما والأئمة بعدهم : حجج الله على خلقه بعد النبيين ، وهم أبواب العلم في أمتي ، من تبعهم نجا من النار ، ومن اقتدى بهم هدى إلى صراط مستقيم .

 لم يهب الله عز و جل محبتهم لعبد إلا أدخله الله الجنة ) .

أمالي الصدوق ص21م6ح5.

أذكر للطيبين : من يقرأ تأريخ الأنبياء ويصدق بهم ولا يؤمن بالله وأن لهم ما ذكر في كلامه في فضلهم ، ولا يصدق أن نبي الرحمة وآله هم كوثر الخير والبركة لهدى الله ونعيمه الحق إلى يوم القيامة ، وانه يجب أخذ دين الله ومعرفته وكل تعاليمه منهم وعن مودة وقتراف ، أي بأخذ تام وبزيادة كما علمنا الله ورسوله في ضرورة حب أولياء الدين وطاعتهم والتعبد لله بدينهم ، وبالخصوص بعد نبي الكرامة والرحمة والمجد والنور ونفسه وأخيه ووصيه علي بن أبي طالب ، ولم يؤمن بما يحدث به الله ورسوله عن أئمة المسلمين ، بل يمنع من ذكرهم ولا يعرفهم بحق المعرفة ولم يرى فيها اجر وثواب .

لبعيد عن دين الله كل البعد ، وغريب عن كل تعاليمه الحقة الصادقة ، ولم يعرف محل هداه وولاة الأمر وأئمة الحق بعد رسول الله الصادقين المصدقين المختارين لله تعالى على علم بطهارتهم ، وصدقهم رب العالمين وعرفهم لنا بكل سبيل ، ولم يطع الله بشيء من دينه وهو لم يكن مخلص له الدين ولو تعبد لله بدين غيره آلاف السنين ، وأنى لهم الدين وهم بعيدين عن أولياء الله الصادقين المصدقين .

نبي الرحمة الذي حكى لنا وحدث بهذا الحديث وأمثاله ، هو الذي حدثنا عنه بكلام الله وبينه وشرح كثير من آياته ، وهو من تقدير الله وحكمته في إتقان هداه بأئمة حق قدر رباهم واعتنى بهم وأختارهم على علم بفضلهم وخصالهم الحميدة وصفاتهم المجيدة ، وأنهم خير البشر وأحسن خلقة دين وإخلاص ونور وعبادة له بل معلمين لدينه وهداه ولعبادته وبكل تصرف لهم وعلم وقول وفعل ، بل هم نوره في الأرض والمشرقين بهداه على عباده ، وهذه المناقب في كل الأحاديث هي مصداق حق وشرح صادق لآيات الولاية والإمامة والتطهير والنعيم والكرامة والعز والجنة التي ذكرها الله في كتابه .

وهذه المعارف والخصال والشرف لولي الحق الإمام علي عليه السلام ، هي ببيان رسول الله يعلم بها ولي دينه وهداه بأمر الله وشرح لكتاب الله ، لا تقييد وتخصيص فيها لكلام الله ، بل بيان حق لمصداق ولاية الله في تقدير وإتقان هداه وبيانه في كلامه المجيد في الذكر الحكيم لولي دينه وإمام الحق الأول أمير المؤمنين بعد رسول الله ، وإن كل من تبعه وعرف دين الله منه فهو على صراط مستقيم للهدى الحق ونعيم رب العالمين ، ولذا كان لنا كل فخر ومجد بالذكر لها ، وما أجمله وأحسن الحديث عنها وبكل حديث وذكر مثلها وعرفنا سبيلها بالدليل الحق والبرهان المطابق لكلام الله وسنة الوجود والضمير والوجدان والعقل السليم .

 وهم عندهم الحديث الحسن بزعمهم إذا كان رواته أعداء آل محمد عليهم السلام وهو يقيد الكتاب ويخصصه وينسخه ، ولكنهم لم يعملوا بالحديث الحق المتواتر معنى ومضمون ، والذي يؤيده الله في كتابه وله شواهد في سنته في أنبياءه وكل تأريخ دين الله .

 لماذا لا يعترفون به وهو مطابق لكلام الله وسنة الهدى ، لأنه يعرفنا المصداق لحق والفرد الأول لكل دين الله ونعيمه وهداه ووليه الواجب الطاعة .

 وهم يريدون معارف الله مجهولة من غير مصداق بيّن واضح لإمام معروف بنفسه عرفه الله الهادي بكل دين متقن وعلم محكم ، لماذا لكي يطبقوها على أعداء آل محمد ومن أنحرف عنهم وقتلهم ، ثم يعبدون الله بدينهم وبكل كلامهم ومكر وخداع ورأي صدر منه ، أبعدنا الله من هذا الفكر المظلم والجهل المركب والضلال السائر إلى جهنم وغضب الله والعياذ بالله ، فلهذا أنحرف من لم يذكر نعمة الله العظمى وخسر من لم يعرف رسوله في آله ولم يحدث عن فضل الله عليهم وكرامته لهم .

 

ذكر الصدوق بإسناده عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال :

( إنما سمي سيف أمير المؤمنين عليه السلام ذا الفقار لأنه كان في وسطه خطة في طوله تشبه بفقار الظهر فسمى ذا الفقار لذلك ، وكان سيفا نزل به جبرائيل عليه السلام من السماء ، و كانت حلقته فضة ، و هو الذي نادى به مناد من السماء :

 لا سيف إلا ذو الفقار              و لا فتى إلا علي   ) .

معاني‏ الأخبار ص63ح12.

أذكر للطيبين : التدبر في تاريخ الإسلام كله ينبئك بأن القائد علي بأمر الله ورسوله ، وكان النصر على يديه في كل الغزوات المهمة كبدر وأحد وحنين والخندق وخيبر وغيرهن ، والله يكرمه في كل غزوة كرامة ، مرة بسيف ذي الفقار في بدر ، ومرة بالسكينة كما في حنين ، ومرة بالحب كما في خيبر ، ومرة بأنه لم يبدل تبديل كما في الخندق وغيرها .

 وإن شاء الله نفرد بها باب ولكن يكفيك هذا الحديث تعرف مقام علي عند الله والنبي وملائكته ونصر الله له وتأييده ، حتى عرفه لنا بأنه هو القائد لحق بإذن الله .

وذكر الصدوق بإسناده عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :

( والذي نفسي بيده : ما وجهت علياً قط في سرية إلا ونظرت إلى جبرائيل عليه السلام في سبعين ألفا من الملائكة عن يمينه ، وإلى ميكائيل عن يساره في سبعين ألفا من الملائكة ، وإلى ملك الموت أمامه ، وإلى سحابة تظله حتى يرزق حسن الظفر ) .

الخصال ب4ص217ح42.

أذكر للطيبين : يصدق الحديث كلام الله في تأييد المؤمنين بالملائكة ، وبالخصوص قائد جيش الله ورسوله وأميرهم في كل حروب الله مع أعدائه في الجاهلية والإسلام الذين لم يسلموا بل استسلموا لسيف علي ، ولكن من نافق وحسد وغصب حقه مكنهم من السلطة والحكومة فأغروا الناس عليهم ، وهو الثابت الذي لم يفر وصاحب السكينة في حنين وغيرها تدبر نصر الله في أهم حروب المسلمين بدر وأحد وحنين والخندق وخيبر وغيرهن .

 والله ابتلاهم بالولاء له ، فلم يثبتوا معه لا في زمن رسول الله ولا بعده ، فهربوا من الإيمان الخالص والسكينة ورحمة الله كلها إلى الأبد بعدائهم له وبمنع الناس من معرفة دينه الذي هو دين الله ورسوله وتحريمهم ذكره والحديث عنه .

ذكر الصدوق بإسناده عن عبد الله بن أسعد بن زرارة قال :

 قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ( أسرى بي ربي :

فأوحى إلي في علي عليه السلام بثلاث :

إنه إمام المتقين .

 وسيد المؤمنين .

 وقائد الغر المحجلين ) .

الخصال ب3ص115ح94.

أذكر لك يا طيب : هذه الولاية لعلي وبشارة من الله للنبي بما يحب في تكريم أحب الخلق له ربيبه وخاصته وخالصته وأبو ولده وزوج أبنته بل ونفسه ، فهو الإمام والسيد والقائد لأولياء الله ورسوله في كل مراتب الوجود أين ما حل هنا في عالمنا أو في الملكوت لنعيم الله تعالى ، فهم نور وهدى ودين واحد من الله للنبي وعلي وآله ولكل من تحقق به من سبيلهم ، فحصل على هذا النعيم الدائم والملك الحقيقي الذي فيه كل فضل وبر وإحسان نزل منه سبحانه وإلا فلا .

وهذه أحاديث أخرى تعرفنا مجده وكرامته وتوجب علينا حبه وطاعته .

إلى الأعلى



ثاني الذكر

 خصال الإمام علي الخاصة

توجب علينا حبه وولايته وطاعته قربة لله تعالى

كلما ذكرنا في هذا الكتاب في كل أجزاءه فضلاً عن أبوابه ، فهو ذكر حق وأحاديث كرامة ومجد وفضل من الله تعالى خص بها الإمام علي عليه السلام بل وآله ونحن معهم كشيعة لهم محبين بصدق ، وإن كانت خاصة به أو بآله معه وتعرف شيعته وفوزهم لحبه وقبول دينه وولايته وإمامته والتعبد لله بدينه ، والله تعالى برحمته ولطفه بره واحسن عليه حتى تمكن عليه السلام بالظهور بها ، فكانت له خصال حميدة وصفات كريمة تعرفنا مجده وفضله وكل شيء يوصلنا لهداه الحق ودينه الصادق ، وبذكرها والحديث بها نعرف كرامة الله وفضله ودينة الذي تحقق بأكرم عباده وقد نزل من عنده هدى ونعيم لهم بل ولنا .

وهي أحاديث نعمة الله وذكر لمجده المتحقق بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وهي كالسابقة تعرفنا ولايته وإمامته ووجوب طاعته وحبه ، ولكنها مطلقة ليس فيها خصوصية تسير في التأريخ ، وإن كان في معناها هو الكرامة النازلة لهم في كل مراتب الوجود أين ما حلوا وفي أي زمان ومكان تواجدوا ، فنبينا وآله بالخصوص الإمام علي عليه السلام بعده هو قائد الحق وولي الصدق وإمام الهدى ومُعرف دين الله ، وله كل نعيمه بفضل الله عليه وعلى آله وسيده النبي ، يسير بالمؤمنين عند معرفته بخصاله الحميدة ومكارمه المجيدة لخالص الهدى والدين وبصراط مستقيم لكامل النعيم .

وبذكره عليه السلام بخصال الكرامة والمجد تطمئن النفس بولايته ، فتحبه بكل والجود له والسيرة والصفات والتعاليم ، فتعبد الله الروح مطمئن بالهدى والإيمان الحق بصراط مستقيم ودين قويم عرفه لها ولي الحق الواجب الطاعة ، والقائد الصادق في تعليم الدين والعبادة والخليقة لرسول الله المُشرف به العباد المؤمنون لكل هدى الله ونعيمه في الدنيا والآخرة .

والأحاديث لكونها تجمع أكثر من صفه وخصلة له قد ينطبق عليها أكثر من عنوان ، ولكن لم نقطعها ولم نجعل كل قسم منها في عنوان خاص ، بل جمعنا منها في كل ذكر بما يناسبه لوجود أكثر الخصال والمناقب التي ينطبق عليها العنوان وإن شملته عناوين أخرى قبله أو بعده ، ونسأل الله التوفيق لنا أن نضع الأحاديث الجامعة لأكثر الخصال التي ينطبق عليها العنوان أعلاها ، ويرضى لنا ما ذكرناه ورتبناه بكل حرف كتبناه وحديث نقلناه وذكر ذكرناها دين وطاعة خالصة لوجهه الكريم ، ويقبله منا بأحسن قبول تعبدنا له به من دينه ومعارفه علم وعمل ، ويأجرنا بأجر مودة القربى المطيعين لهم بكل وجودهم والمخلصين له بدينهم ، فيجعلنا معهم بحق على هدى واحد ودين واحد ونعيم واحد في الدنيا والآخرة إنه ولي حميد وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ورحم الله من قال آمين .

ذكر الصدوق بإسناده عن علي بن زيد عن علي بن الحسين قال سمعت أبي يحدث عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول :

( يا علي : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة :

 إنك لأفضل الخليقة بعدي .

 يا علي : أنت وصيي ، و إمام أمتي .

 مَن أطاعك أطاعني ، ومن عصاك عصاني ) .

 أمالي الصدوق ص12م3ح10.

أذكر للطيبين : هذا الحديث الشريف مع اختصاره بيان لكل ما ذكرنا من المعارف التي تعريف ولي الله وهدى الله المحكم ودينه القيم ، والذي يجب أن يؤخذ من أئمة الدين المحقين ويَعرفهم ويُعرفهم بكل مجد وفضيلة ، لأنه إذا كان هدى ودين ونعيم فهو في إطاعة أفضل الخلق بعد رسول الله والتعبد لله بدينه , فكل عذب لأعدائه وكل نعمة من الله فلأوليائه منطوية فيه ويفصلها الأحاديث الآتية والماضية . أحفظه يا طيب .

 

 

ذكر الصدوق بإسناده عن ثابت بن أبي صفية عن سيد العابدين علي بن الحسين ، عن سيد الشهداء الحسين بن علي عن سيد الوصيين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام ، عن سيد النبيين محمد بن عبد الله خاتم النبيين صل الله وعليه وآله وسلم أنه قال :

( إن الله تبارك و تعالى :

 فرض عليكم طاعتي ، ونهاكم عن معصيتي .

 وأوجب عليكم اتباع أمري .

 وفرض عليكم من طاعة علي بعدي ما فرضه من طاعتي .

 و نهاكم من معصيته عما نهاكم عنه من معصيتي .

و جعله ، أخي ووزيري وصيي ووارثي ، و هو مني وأنا منه .

حبه إيمان و بغضه كفر ، و محبه محبي ، و مبغضه مبغضي .

 و هو مولى من أنا مولاه ، و أنا مولى كل مسلم و مسلمة .

وأنا وإياه أبوا هذه الأمة ) .

أمالي الصدوق ص15م4ح6.

أذكر للطيبين : هذا الحديث الكريم من أجمل أحاديث الكرامة والمجد الذاكرة لخصال الإمام علي ومكارمه ، وتجد شواهده له في كتاب الله المجيد وكلامه الحسن ، وفي كثير من آيات الولاية والإمامة ووجوب إطاعتهم ومودتهم ، وكل من أبغضه أبغض الله ورسوله ولم يرضى بما قسم الله له من ولاة الأمر والدين ، فأبعده الله وطرده من رحمته .

وبه تعرف إن المعلم لمعرفة الله ودينه الموصل لكل نعيم لرب العالمين أب روحي واجب الطاعة والتقدير والاحترام ، لا العداء والمنع من ذكر فضله ومجده والظن أنه شرك بالله ومبعد عنه ولا ثواب بذكره والحديث عنه ، وإذا به ثواب فهو إطاعة لله وعبادته بمعرفة من حبهم وأمر بودهم لأنهم أولياء دينه ، وبه يعرف تحقق نعيمه وفضله وكرامته ، فالحديث بكل خصال الكرامة فيه كله توجه لله بما كرم به أحباءه وأنزله عليهم من دينه ونعمته وهداه .

 

ذكر الصدوق بإسناده عن أبيه عن أبي هارون العبدي عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

( علي بن أبي طالب :

أقدم أمتي سلماً .

 وأكثرهم علماً .

 وأصحهم ديناً .

 وأفضلهم يقيناً .

 وأحلمهم حلماً .

 وأسمحهم كفاً .

 وأشجعهم قلباً .

 وهو الإمام ، والخليفة بعدي ) .

 أمالي الصدوق ص8م2ح6.

أذكر للطيبين : هذه خصال الإمام وولي الدين يصدقها الله وكلامه ورسوله بحديثه الشريف وسيرته وسلوكه ، فهكذا يجب أن يكون إمام الحق وولي الله وإلا فلا ، تدبر سيرة الإمام علي مع النبي كما ذكرنا مختصر منها في الباب الثاني أو في الموسوعات المؤلفة في سيرته الطيبة وتأريخه الكريم ، ويؤيده قضاء الله المحكم وسنة إحسانه لهداة دينه ، واعتنائه بأئمة هداه ونعيمه المعرفين له ولتعاليمه وكرامته وفضله في الوجود في ذاتهم وصفاتهم وخصالهم وما أعد لهم من ملكه الدائم في القيامة والجنة وكل نعيم وملك عظيم بل قبل الدنيا كما عرفت .

 والذين أختارهم حاكين عنه وعن دينه ، وذلك لرعايته لهم في كل أحوالهم وظروفهم حتى يعرفهم كل طالب حق إنهم لهم أهلية أن يكونوا أئمة الدين وولاة المسلمين ، بل تدبر سيرته وسلوكه تعرف إمام الحق المتجلي بها والظاهر بها كلها بصدق ويقين يشهد له ويدل عليه كل شيء من الدين يُطلب به الحق وإمام الهدى الصادق المصدق .

 

ذكر الصدوق بإسناده عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله قال : أعطيت في علي خمساً :

( أما واحدة : فيواري عورتي .

 وأما الثانية : فيقضي ديني .

 وأما الثالثة : فهو متكأ لي يوم القيامة في طول الموقف .

 وأما الرابعة : فهو عوني على عقر حوضي .

وأما الخامسة : فإني لا أخاف عليه أن يرجع كافرا بعد إيمان ، ولا زانيا بعد إحصان ) .

الخصال ب5ص295ح61.

أذكر للطيبين : حق لمن كان كل عمره مع رسول الله والذي فاضت روح رسول الله وهو على كتفه يزقه علم الله أن يكون معه في الآخرة وله مثله كل كرامة وثبات في الدنيا والدين ، وفي الآخرة معه وسيأتي في الباب آخر في الجزء الثاني ذكر لنعيمه في القيامة والجنة ونعيمنا معه يهفوا للتحقق به كل مؤمن ، وهو الذي له مواقف المشهودة معه في كل حياته ، لا غيره يكون في دين الله ونعيمه وهداه معه وهو يمنع من إقامة حدود الله كالحاكم الأول الذي منع المغيرة من أن يقام عليه الحد وصرفه عنه وعن خالد بن الوليد وقد شهد لهم سلوكهم بالفسق والفجور إطاعة الشيطان وهو النفس ، راجع تأريخهم في كتاب الغدير .

 

ذكر الصدوق بإسناده عن حذيفة بن اليماني عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : ( علي بن أبي طالب خير البشر و من أبى فقد كفر ) .

أمالي الصدوق ص76م18ح5.

أذكر للطيبين : هكذا كان يكفر كل من يهجر إمام الحق ويعاديه في أي زمان كان ، لأنه يحسده ويمنعه حقه ويأبى أن يقر لله بالطاعة في معرفة ولي دينه والتعبد له به ، فكيف لا يكفر من لم يعرف الله ودينه الحق من إمام حق .

 

 ذكر الصدوق بإسناده عن أبي الزبير المكي قال رأيت جابرا متوكئا على عصاه و هو يدور في سكك الأنصار و مجالسهم و هو يقول :

( علي خير البشر فمن أبى فقد كفر .

يا معشر الأنصار أدبوا أولادكم على حب علي .

فمن أبى فانظروا في شأن أمه ) .

أمالي الصدوق ص76م18ح6.رجال‏ الكشي ص44 .

أذكر للطيبين : وهكذا يجب أن يؤدب كل مؤمن أولاده وكل من له وعليه حق في أي زمان كان ومحل ومكان .

 

ذكر الصدوق بإسناده عن منصور عن ربعي عن حذيفة أنه سئل عن علي عليه السلام فقال : ( ذاك  خير البشر ولا يشك فيه إلا منافق ) .

 أمالي الصدوق ص76م18ح4.

أذكر للطيبين : تدبر ما يأتي تعرف الحق وأهله ولماذا كان مخالف لأمير المؤمنين مناقض له ومنافق ، وإن كانت العلة موجودة في نفس الحديث ، لأنه شاك في خير البشر ويعتقد من ليس له تصديق الله ورسوله أفضل منه ، فيشرك فكره في طاعة الله في باطنه ويظهر طاعة الله ورسوله وهذا عين النفاق .

 

ذكر الصدوق بالإسناد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

( المخالف على علي بن أبي طالب عليه السلام بعدي كافر .

 والمشرك به مشرك .

 و المحب له مؤمن .

 و المبغض له منافق .

 و المقتفي لأثره لاحق .

 و المحارب له مارق .

 و الراد عليه زاهق .

علي : نور الله في بلاده ، و حجته على عباده .

علي : سيف الله على أعدائه ، و وارث علم أنبيائه .

علي : كلمة الله العليا ، وكلمة أعدائه السفلى .

علي : سيد الأوصياء ،  ـ وهو ـ وصيي ـ وأنا ـ سيد الأنبياء .

علي : أمير المؤمنين ، وقائد الغر المحجلين ، وإمام المسلمين .

لا يقبل الله الإيمان إلا بولايته و طاعته ) .

أمالي الصدوق ص11م3ح6.

أذكر للطيبين : هكذا الإمام والهادي لدين الله وإلا فلا ولا كرامة لمن خالفه ، وكل فضل ومجد من الله ورحمة وإحسان لمن عرفه فذكر خصاله وحدث بأوصافه ، وعبد الله بدينه وهداه مخلص من غير شك ولا خلط له بغيره مهما كان وبأي اسم تسمى ، هنيئاً للموالين وكل كرامة لهم من رب العالمين مع أمير المؤمنين في كل مراتب الدين في رحمته هنا وفي أعلى عليين يحفون به ، ومن الآن على صراط مستقيم يقودهم للجنة تحت لواء الحمد وعند المقام المحمود جيران له في الجنة ، جعلنا الله معهم وبل يا إلهي أقربهم منه منزل منهم ، بفضلك ورحمتك وأنت المتفضل المنان يحق محمد وعلي وآلهم صلى الله عليهم وسلم ، إنك ولي حميد ، وكل من يعتقد بهذه الأحاديث إن شاء الله معهم ، فرحم الله من قال أني أعتقد بكل عبارات هذا الحديث ومضمونه لا أشك بشيء منها أبداً .

 

ذكر الصدوق بإسناده عن حدثني سليمان بن مقبل المديني قال حدثني موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال :

( دخلت على رسول الله صل الله عليه وآله وسلم و هو في قبا ، وعنده نفر من أصحابه فلما بصر بي تهلل وجهه وتبسم حتى نظرت إلى بياض أسنانه تبرق ، ثم قال :

إلي يا علي إلي يا علي فما زال يدنيني حتى ألصق فخذي بفخذه .

ثم أقبل على أصحابه ، فقال :

معاشر أصحابي : أقبلت إليكم الرحمة بإقبال علي أخي إليكم .

 معاشر أصحابي : إن عليا مني وأنا من علي .

روحه من روحي .

وطينته من طينتي .

 وهو : أخي ، ووصيي ، وخليفتي على أمتي في حياتي وبعد موتي .

 من أطاعه أطاعني ، ومن وافقه وافقني ، ومن خالفه خالفني ) .

أمالي الصدوق ص35م9ح10.

أذكر للطيبين : هذا أجمل الحديث يعرفنا وجودهم في الملكوت ودينهم ورضى الله في إطاعته به ، وهذا هو الهدى كله يصدقه الميثاق المأخوذ وسنة الدين والهدى للرب المعبود ، هنيئاً لمن حب هذا الذكر وحدث به وصدقه .

 ولكن من لم يعرف الله وهداه بإيمان خالص ويرى هذه الحفاوة من رسول الله بنفسه وأخيه أبو ولده ونوره ونفسه وروحه وولي دينه ، وقلبه ينقبض عن فضل الله ولم يخلص له الإيمان ، فقد حسده وخالفه ولم يوافقه ولم يطيعه فخسر نفسه ، أبعدنا الله منهم ومن فكرهم ودينهم ، وجعلنا مع علي وآله وسيده نبي الرحمة في صراط مستقيم لكل هدى وطاعة لله ونعيم ورحم الله من قال آمين .

 

ذكر الصدوق بإسناده عن عباد بن عبد الله ، عن علي عليه السلام أنه قال : ( أنا عبد الله وأخو رسوله وأنا الصديق الأكبر .

 لا يقولها بعدي إلا كذاب .

 صليت قبل الناس بسبع سنين ) .

الخصال ب7ص401ح110.

أذكر للطيبين : علي بن أبي طالب وآله معه سيد الوجود بفضل الله ، إيمان كله قبل ظهور الإسلام وبعده ، لأنه الصديق الأكبر ، لأكبر نبي ودين ونعيم وهدى أظهره الله عز وجل .

 هكذا يعتني الله بدينه ويربي وليه ويعده لتحمل الأمانة في المحافظة على دينه بعد نبي الرحمة ، ويشهد له وجود الإمام مع النبي في كل تأريخه وما صدق الله من ثباته معه حتى جعله نفس رسول الله ، وأنفسنا في آية المباهلة ، ونجعل لعنة الله على الكاذبين في آخر الآية لمن خالفه فلم يعده الله لولاية دينه ، ولكنه تصدى بغير حق لحرف الناس عن هدى الله والواقعي وتسلط بظلم فأظلم وجوده ووجود من تبعه وأعترف بالظالمين أئمة دين .

 

ذكر الصدوق بإسناده عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه قال لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول :

( إن في علي خصالاً ، لو كانت واحدة منها في جميع الناس ؛ لاكتفوا بها فضلاً ، قوله صلى الله عليه وآله وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : علي مني كهارون من موسى .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : علي مني و أنا منه .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : علي مني كنفسي ، طاعته طاعتي ، ومعصيته معصيتي .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : حرب علي حرب الله و سلم علي سلم الله .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ولي علي ولي الله وعدو علي عدو الله.

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : علي حجة الله وخليفته على عباده .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : حب علي إيمان وبغضه كفر .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : حزب علي حزب الله وحزب أعدائه حزب الشيطان .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : علي مع الحق والحق معه لا يفترقان حتى يردا علي الحوض .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : علي قسيم الجنة و النار .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : من فارق علياً ، فقد فارقني ، ومن فارقني فقد فارق الله عز وجل .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : شيعة علي هم الفائزون يوم القيامة ).

أمالي الصدوق ص89م20ح1.

أقول : لابد من حفظ هذا الحديث لأهل القلوب المولهة في الثبات على دين الله ومحبة أولياء الله لا غيرهم ، فإن المعرفة درجات وهذه من أول معارف الدين وابسطها في تعريف أمير المؤمنين ، فعليك به يا مؤمن ، لكي تؤمن بإخلاص بمعارف الله وتعاليمه ولا تشرك به من غير معارف وليه الحق ، ولا أقل من معرفة فضله وهذه خصائص كرامة مُرتبة وخصال مجد معدودة .

ذكر محقق الخصال بعد ذكر الخبر : جميع ما جاء في هذا الخبر جاء من طريق العامة مسندا مستفيضا راجع كتاب " فضائل الخمسة من الصحاح الستة وغيرها من الكتب المعتبرة عند أهل السنة " وهو كتاب كريم طبع في النجف الأشرف 1384 ، ألفه العالم البارع المحقق السيد مرتضى الحسينى الفيروزآبادى المعاصر . الخصال ب13ص496ح5.

 

ذكر المفيد بإسناده عن عمرو بن ميمون عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال : قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام على منبر الكوفة :

( أيها الناس :

إنه كان لي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عشر خصال هن أحب إلي مما طلعت عليه الشمس .

قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يا علي :

أنت أخي في الدنيا و الآخرة .

وأنت أقرب الخلائق إلي يوم القيامة في الموقف بين يدي الجبار .

ومنزلك في الجنة مواجه منزلي كما يتواجه منازل الإخوان في الله عز وجل.

و أنت الوارث مني .

و أنت الوصي من بعدي في عداتي و أمري .

و أنت الحافظ لي في أهلي عند غيبتي .

و أنت الإمام لأمتي .

و القائم بالقسط في رعيتي .

و أنت وليي ، ووليي ولي الله .

و عدوك عدوي ، وعدوي عدو الله ) .

 أمالي المفيدص174م21ح4. وقريب منه في الخصال ب10ص430ح9. الخصال ب10ص429ح8. أمالي الصدوق ص76م18ح8.

أذكر للطيبين : قال الإمام علي عليه السلام هذه الخصال أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ، والله إنها كذلك أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ، وهكذا يجب أن يكون حب كل صادق في حب الله ورسوله وولي دينه ، أن تكون له هذه الخصال الحميدة للإمام علي عليه السلام أحب إليه مما طلعت عليه الشمس ، لأنها تعرفه نور الله وهداه ودينه والواحد عند النبي وآله وكل نعيم معد لهم ، وبهذا الحب الخالص الصادق يكون معهم في مقام واحد يحف بهم .

ثم حتى يحق للمؤمن أن يقول أنا من شيعتهم ومحب لهم لابد أن يذكرها ويُذكر بها المؤمنين , وعندها يصدق أنه تبعهم وأخلص لله بدينهم ، ومن عاداهم عادى الله ودينه وهداه فأبعده الله والعياذ بالله منه ، وجعلنا مع أئمة الحق ونادانا بهم يوم القيامة يوم يدعى كل أناس بإمامهم معه تحت لواء الحمد الذي بيده نحف برسول الله ، فنكون متحققين بقدر مقامنا وقربنا منهم بكل مجد الله وفضله ونعمته ورحمته وإحسانه وكل خير وبركة ونعيم ظهر منه لأوليائه .

هنيئاً وبهجة وسرور لأوليائهم الفائزون يوم القيامة بل الآن ، وهناك ظهور ملك الله التام لأوليائه ، وخسر أعدائه كل شيء بل الآن في عذاب الحرمان وكل ذل وهوان وانكسار في أنفسهم وبكل ما يحيط بهم ، لأنهم يعصون الله بنعمته التي مكنهم بها في الدنيا وستنقلب عليهم حسرات تكويهم يوم القيامة.

إلى الأعلى



ثالث الذكر

الحديث عن فضائل الإمام علي ومناقبه

يأخذ الشيعة للجنة والمان2عين منها  للنار

كل ما يعرفنا الإمام الحق وولي دينه ، يجعلنا نطمئن بأنه هو المرتضى المختار لله في ولايته في الأرض وفي كل ملكوته وقيامته وملكه ، وإن الله تعالى كانت سنته وما زال قضائه يتم بهدايته لعباده بأئمة الحق المصطفين الأخيار الذين أتم نعمته عليهم وعرفهم لنا بكل كرامة وخصهم بكل فضيلة ومجد ، فهو يقربنا من معرفة الله وتعاليمه ، ثم يجعلنا نطمئن بولي الدين فنأخذ بدين الله منه ونخلص لله العبودية له وحده لا شريك له ، ونكون مع خير البرية منعمين إن شاء الله .

 وبهذا الذكر من تعاليم الدين والاعتقاد الحق بسنة رب العالمين ورحمته بهداية عباده بالولاة الأخيار الأبرار الذين عرفهم بكل مجد وكرامة وفضل ، تتم معرفة الأنبياء في الأمم السابقة وأوصياءهم ، وبالخصوص خيرهم نبينا الكريم وآله الطيبين الطاهرين وبالخصوص أكرم أوصياء خاتم النبيين وسيد المرسلين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام .

 فلهذا كان كل ذكر وحديث يعرفنا به سواء خصاله أو صفاته ، تأريخه أو وجوده ، سيرته أو سلوكه ، علمه أو عمله ، فهو الحديث عن البيان الجلي عما مكنه الله به من الإخلاص له ، وتعريفنا لفضل الله وهداه ودينه الحق الخالص حسب ما أراد سبحانه من الدين القيم والهدى الحق .

 فذكره عليه السلام يعرفنا ولي الدين ويجعلنا نحب الإمام الحق ودينه وهداه ونخلص به عبادة لله ، وبهذا يحصل الإنسان المؤمن على دين الله الحق ويتحقق به التابع له عبودية لله مع الإخلاص ، ويحصل على كل نعمة الله الدائمة وعلى رضاه الأكبر ، فيسقينا من حوض ولي دينه وقائد عباده وأحب الخلق له ولرسوله الإمام علي ، ويدخلنا جنته التي كرم بها شيعته وأتباعه الطيبين المخلصين لله بدينه ، وبهذا كان الإمام علي يدخلنا الجنة ذكره بالمعارف الصادقة والدين الواقعي له وبكل صورة حق كانت تعرفنا به .

وهكذا كان المنع من معرفة ولي الله وتحريم ذكر الإمام الحق ، وتجاهل الحديث عن صفاته وخصاله ، هو إضلال للناس عن ولي الله ودين الله ، وإخراجهم من النور للظلمات ، وجعلهم في جهل مطبق من معرفة دين الله الحق وحرمانهم من معارفه الصادقة ، وبهذا يدخل الإنسان النار ويحصل على غضب الله المنتقم الجبار المتكبر على أئمة الكفر من أعداءه وقتلة ولاة دينه وأئمة الحق في أي زمان كانوا وبأي حرب حاربوهم لسان أو سنان ، كتابة أو مقال ، في ورق أول على الحاسب وساحات الحور أو أي مكان ، وبالخصوص في هذا الزمان الذي وضح الحق وتجلى ، بفضل نشر العلم وتطوره ورفع الجبر والإكراه في بلاد الإسلام , ولم يبقى أحد لم يعرف الحق بالنبي وآله وأنه أولهم علي صلى لله عليهم وسلم ، وما أتعسه وأضله من حاربه وأصر على عناده ولم يطلب الله من سبيله ، بل منع من معرفة ولاة الدين والمختارين لهدى الله والذين عرفهم الله ورفع ذكرهم وأمرنا بالحديث عنهم .

وبهذا نعرف أن الإمام علي عليه السلام يقودنا في الدنيا والآخرة للجنة ، ويأخذ ملائكة الله الغلاظ الشداد أعداه للنار ، بل ولي الله يأمر النار أن تأخذ أعدائهم من أولياء الشيطان ممن منع من ذكره ومعرفته ويدخله فيها .

 وهذه كرامة من الله لنا وله ليعرفنا ويعرفهم فضله وكرامته النازلة في كل مراتب الوجود لأحب الخلق له نبي الرحمة وقائد المؤمنين وليه بعده ، بل حين وجوده في أي مرتبة من مراتب الوجود دنيا أو آخرة أو قبلهما ، وينغص بكل حسرة أعداءه لمنعهم من ذكره حين يرون كرامة الله عليه ، فيتندموا مشتعلين بنار هجره وتحريم الحديث عنه ، وهذه بعض الأحاديث تذكرنا بخصال الإمام علي الحميدة وبر الله به ، وتعرفنا عناية الله ورسوله به وبآله بل وبشيعته وحزبه الكرام .

فنمهد لهذا الذكر أحاديث تعرف السبيل الحق للشيعة بمعرف الإمام علي ببعض مكارمه الحسنة وخصاله الشريفة حتى تدخلهم الجنة مع اليقين بحقيقة معناه وصدق تحققها به وبهم ، جعلنا الله معهم ، وعن معرفة بحقيقة معنى كون حبه إيمان بغضه كفر وهو قسيم الجنة والنار ، وبها نقيم الحجة لأوليائه بحقيقة نجاتهم عند أخذهم بدين الله الخالص منه والتعبد له به ثم فوزهم بالتنعم بكل فضل الله معه ورضاه الأكبر , وكذلك تظهر له الحجة على أعدائه حتى يستبين ضلالهم التام وعنادهم الكامل للحق حتى النار والعياذ بالله منهم .

وإن كان عرفنا حقيقة هذا في كل موضوع سبق ، ولكن هنا بمعرفته بخصوصية أحاديث أنه قسيم الجنة والنار ، و حبه إيمان وبغضه كفر مع بعض الشرح ، وتتقدمها أحاديث الخصال الكريمة والصفات الحميدة كتمهيد لمعرفة ولي الله ببعض شأنه كما كان بحثنا في كل ذكر ، وجعلنا الله بحق من محبيه حتى نكون صحبه في الدين والدنيا والآخرة وكل نعيم وفضل من لله له ، فيتنور وجودنا بمعرفة الله وهداه الحق فنخلص له الدين صادقين العبودية له ، فيثيبنا نعيمه ونكون في أعلى مراتب رضاه مع ولي دينه وسيده الأكرم محمد وآله الطيبين الطاهرين وشيعتهم المحبين ورحم الله من قال آمين .

 

ذكر الصدوق بإسناده عن الأصبغ بن نباتة قال أمير المؤمنين عليه السلام ذات يوم على منبر الكوفة :

( أنا سيد الوصيين ، و وصي سيد النبيين .

أنا إمام المسلمين ، و قائد المتقين ، وولي المؤمنين ، وزوج سيدة نساء العالمين.

أنا المتختم باليمين ، و المعفر للجبين .

أنا الذي هاجرت الهجرتين ، و بايعت البيعتين .

أنا صاحب بدر وحنين .

أنا الضارب بالسيفين ، والحامل على فرسين .

أنا وارث علم الأولين ، وحجة الله على العالمين بعد الأنبياء ، ومحمد بن عبد الله خاتم النبيين .

أهل موالاتي : مرحومون ، وأهل عداوتي : ملعونون .

ولقد كان حبيبي رسول الله صل الله عليه وآله وسلم كثيراً ما يقول :

يا علي حبك تقوى و إيمان ، و بغضك كفر و نفاق .

و أنا بيت الحكمة وأنت مفتاحه .

و كذب من زعم أنه يحبني و يبغضك ) .

أمالي الصدوق ص21م7ح2.

أذكر للطيبين : هذا الحديث بكل خصال الكرامة فيه وصفات المجد التي عرفها لنا ولي الله الحق وإمامنا الصادق ، يشهد له بها كل تعاليم الدين وصدقه الله في كتابه وسنته في التأريخ وهداه وفي تعريف أوليائه وصفاتهم وخصالهم ، ورسول الله في كلامه ، وسيرته معه في زمانه وبعده ، وحتما يكذب من يدعي خصال الإمام علي عليه السلام وفضائله ومكارمه عند غيره فضلاً من أن يدعها أحد لنفسه غيره ، نعم هي لآله الكرام معه وكذا شيعته منه لأنهم في المجد نور واحد يقتبسون منهم ، وكلهم نور الله المشرق الخالص من كل ظلام والمترقي في مراتب النور ، راجع ما كتبنا عن النور في صحيفة الإمام الحسين عليه السلام .

 ولكن القوم ممن ظلم الإمام حقه فأظلمت روحه وغصب ولاية الله منه ومن كل آله ، فحرم الناس من معرفة دين الله الحق ونعمته الواقعية ، ثم بجهل مركب ذكروا الخصال الحميدة والنور الكريم المشرق منه  لغيره من أولياء الشيطان وأئمة الكفر  ثم صدقوا بها ، ثم عرفوهم أئمة دين وخلفاء لله ورسوله ثم عبدوا الله بغير دين علي وهدى الله ورسوله ، مع أنه لا يشهد لهم شيء في كتاب الله ولا سنة رسوله ، ولا حتى آيات المؤمنين المنطبقة فقط على صحب النبي المحبين لا المعادين له ، ولا الذين يقتلون آله الكرام ويمنعون الناس من معرفتهم ثم حرمانهم من كل دين الله الحق الصادق الواقعي المراد لله تعالى وبه يعرف سبحانه بحق المعرفة ، وتعرف تعاليهم فيعبد بما يحب ويرضى ، وبهذا السبيل الحق الواحد الخالص من كل ظلام لأعدائهم يحصل على النعيم الحق والدائم منه تعالى .

 فخسروا أنفسه بسبب تقليدهم الأعمى لما مكر بهم الحكام المتسلطون ، وخدعهم من كان قبلهم ممن لم يطلع على مكر غصب ولاية الإمام علي عليه السلام بل ولاية الله ورسوله المتحقق بها ثم آله بعده ، وكيف تسلط على خلافة المسلمين من ليس له أهلية وحق في ولاية الله ، ثم عرّف نفسه بكل خداع وحيلة خليفة رسول الله من لم يكن له أدنى معرفة بتعاليم الدين ، فضلاً عن تعريف رب العالمين ودينه والحكاية له ولم يؤهل لها ، وجعل على بلاطة أهل الظلام والضلال والجهل ينشرون فكره وفكرهم لكون وسائل الإعلام والمال بأيديهم ، وهم قد تسلطوا على المسلمين ، بدل الإمام الحق والهدى الصادق المصدق من رب العالمين ورسوله وبكل سيرته .

ولعدم التدبر في تأريخ الدين وسنة الله في اختيار أولياء الهدى ، الذين عرفهم لنا بكل سبيل يوصلنا لهم ، ولكل مَن يطلب الله وهو صادق ومنصف في بحثه ، ضل قوم وتبعهم آخرين لم يتحروا الدقة في معرفة هدى الله ، أو كانوا قاصرين عن البحث والتحقيق في معرفة حقيقة الدين وسنة الله في اختيار أكرم الخلق ، والذين رباهم بيد قدرته واعتنى بهم في كل أدوار حياتهم حتى تأهلوا لأن يكون معرفين له ولدينه .

ولكن في هذا الزمان الحجة تامة والهدى واضح لكل من يريد الله بحقيقة معرفته ودينه ، وبالخصوص بعد أن صار أغلب الناس متعلمين ويصعب أن تجد من تسميهم قاصرين وبالخصوص المثقفين منهم .

وما أدري ما ينفعهم ترك علي وآله ثم ترك دينهم والله ورسوله ، وهم آل رسول الله وحجة الله الذين عرفهم لنا الله ورسوله أئمة حق بكل سبيل ، ويصرون على عنادهم ويحبون من حاربهم ، وهم ليس إلا حكام وظالمين غصبوا حقوق الأمة وحرفوهم عن أئمة الحق ثم عن كل دين الله وهداه الصادق .

 والعجب كل العجب ممن يُتعب نفسه لكي يخالف الحق ويصر على دخول النار وغضب الجبار ، وهو يتلوا فضائل الإمام علي في نفسه وفي آله ، وخصاله الحميدة التي يصدقها كل شيء في التأريخ والدين وسيرته مع سيد المرسلين وبعده ، وبكل ما ظهر من خصاله وصفاته الحميدة ومعارفه القيمة الراقية في تعريف الله وعبوديته ودينه وهداه ، في كلامه أو سيرته وسلوكه .

 

ذكر الصدوق بإسناده عن عبد الله بن عباس قال : قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلك :

( معاشر الناس : من أحسن من الله قيلاً و أصدق من الله حديثاً .

معاشر الناس : إن ربكم جل جلاله أمرني أن أقيم لكم علياً :

علماً و إماماً و خليفة ووصياً ، وأن أتخذه أخاً و وزيراً .

معاشر الناس : إن علياً باب الهدى بعدي ، والداعي إلى ربي .

 وهو صالح المؤمنين ، ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً .

وقال إنني من المسلمين .

 معاشر الناس : إن علياً مني ولده ولدي وهو زوج حبيبتي .

 أمره أمري ، و نهيه نهيي .

معاشر الناس : عليكم بطاعته واجتناب معصيته .

فإن طاعته طاعتي و معصيته معصيتي .

معاشر الناس : إن علياً : صديق هذه الأمة وفاروقها ومحدثها .

 إنه هارونها وآصفها وشمعونها .

 إنه باب حطتها وسفينة نجاتها ، وإنه طالوتها وذو قرنيها .

معاشر الناس : إنه محنة الورى ، والحجة العظمى .

 والآية الكبرى ، وإمام أهل الدنيا ، والعروة الوثقى .

معاشر الناس : إن علياً مع الحق ، والحق معه وعلى لسانه .

معاشر الناس : إن علياً قسيم : النار لا يدخل النار ولي له .

  و لا ينجو منها عدو له .

 إنه قسيم الجنة : لا يدخلها عدو له ، ولا يزحزح عنه ولي له .

معاشر أصحابي : قد نصحت لكم و بلغتكم رسالة ربي .

ولكن لا تحبون الناصحين .

أقول : قولي هذا و أستغفر الله لي و لكم ) .

أمالي الصدوق ص31م8ح4.

أذكر للطيبين : كيف لا يكون علي قسيم الجنة والنار ، وحبه إيمان وبغضه كفر ، ولكن للعجب يتصورون من يقتلهم وحاربهم ومن منع ذكرهم يحبهم ، ثم يدعي أنه هو وهم على دين واحد وعنده تقوى لله ويحب تعاليمه وولاة دينه وأئمة الهدى ، والذين جعل طاعتهم طاعته وحبهم حبه ودينهم دينه .

والمصيبة الكبرى ثم يجعلون من حاربهم ومن منع من ذكرهم ومعرفته وحرم الناس من دينهم وعاقب من يتصل بهم ويعرفهم بكل دين الله وكرامته معهم في الجنة ، ويفرغون النار من أعداء الله ورسوله الذين قتلوا آله وحرموا الناس من معرفة دين الله وهداه منهم .

فهل كان من قتل أنبياء الله في الأمم السابقة في الجنة معهم ؟؟؟؟ وبالخصوص من ضل عنهم وقتل أتباعهم وأوصياءهم الحقيقيين حتى حرف الناس عن الهدى الواقعي ، وتسلط على رقاب المسلمين وهو ليس له أهلية الكلام عن الله ورسوله وعرفوا الناس فكرهم دين ورأيهم هدى ؟

 وقد حكى الله في أغلب سور القرآن بل في بعض السور ذكر كثير من القصص عن ضلال الأمم ، وكيف كان يوجد فيهم من يفتي بغير علم ويتقول على الله ليس بحق ، بل كان يحارب أئمة الحق من أوصياء الرسل السابقين .

 فهل كان القاتل والمقتول في الجنة أم لأنهم لما رأوا الأنبياء والرسل كانوا معهم في الدين والهدى ونعيم الله في كل مراتب الوجود حتى الجنة ، ولا نار لضال محارب لهم ، ولو حرفوا الناس وقتلوا الأنبياء وأوصياءهم والمؤمنين شيعتهم المحقين ؟

فإنه ما نذكره عن الإمام علي عليه السلام وآله الكرام آل رسول الله ، ومن خالفه من أئمة الكفر ومن ضل عنهم .

 هو نفسه كان جاري في الأمم السابقة بين المؤمنين وأئمتهم من جانب ، وأئمة الكفر وأتباعهم من جانب آخر.

فإن أئمتهم بعد النبي كما كان السابقون في كل الأمم ضلوا عن أئمة الحق وحاربوهم بكل سبيل أبسطه منع ذكرهم وتعريفهم للناس ، فإنهم مع ما تمكنوا من السلطة وحكومة الناس وتمردوا على الإمام علي عليه السلام يغارون منه ويحسدوه لما كان له من المكارم والخصال الحميدة في كل وجوده ، لأنه كان مع تمكنهم من الحكومة والتسمي بأسماء رنانة بخليفة المسلمين وولي المؤمنين وأمير المؤمنين ، كانوا مع ذلك يرون نقص في أنفسهم وإن تاريخ الدين لا يشهد لهم ، ولا كرامة ومجد ذاتي لهم ، ولا سيرة وسلوك حق يعرفهم ويحكي عنهم ، ولا عناية خاصة لهم من الله ورسوله ، بل كان الله ورسوله يمتحنهم فيخونون ولا يتمكنون من أداء مهامهم ، وفي كل الحروب يفرون ، يجعلهم النبي الكريم قادة يخذلون الناس ويرجعون خائبين ، فيفشلون فيعرفهم للمسلمين بعدم تأهلهم للقيادة بعد نبي الرحمة ولا خلافته بحق وليس شأن ومجد وفضل يحكى لهم من الله ورسوله ، فضلاً عن تبليغ دين الحق الصادق كله ، حتى تبليغ عدة آيات لم يرضى لهم الله بتبليغها كما في سورة براءة وغيرها .

وكان الله يصدق الإمام علي عليه السلام بآيات كثيرة سواء في ثباته وجهاده أو إيمانه وإخلاصه ، فيجعله ولي واجب الطاعة وقربى واجب المحبة ، ويكرمه بالخمس والإمامة والهدى والدين ، وكل شيء يمكن أن يُعرف به وليه بأنه أكرم موجود بعد رسول الله حتى جعله نفسه في آية المباهلة ، بل الله شرى نفسه في آية المبيت فوهبه كل نور دينه في آيات النور والبيوت المرفوعة ، بل صدقه وعرفه لم يبدل تبديلا في سورة الأحزاب وغيرها من الآيات والسور الكثير ، وترى رسول الله يُعرفه بالصديق والفاروق وبكل خصلة كرامة يشرح بها فضل الله عليه ويُعرف نعيمه وهداه ودينه له ، كما عرفت بالأحاديث السابقة راجعها بل كل أبواب الكتاب وبالخصوص الحديثين السابقين .

فكان السلف والحكام الأوائل ومن جاء بعدهم يغارون ويحسدون ويموتون غيض لأنهم لا كرامة لهم ولا فضل ولا مجد ولا حديث حسن يحكي عنهم ، فلذا سرقوا الأسماء الشريفة للإمام علي كالصديق والفاروق والنور بل جعلوا ثالث أئمتهم ذو النورين ، وكأن النور بالزواج بربيبات النبي فقط وليس ملاك إمامة لمن ربي بيد القدرة وطهره الله في كل مراتب الوجود ، وكأنه ولي الله والمعرف له ولدينه لا يحتاج لعناية الله في كل مراتب الوجود هدى ودين وسيرة وسلوك علم وعمل ، ويظهر به بحق وصدق وقد حكى الله له به مؤيد لصدقه وإخلاصه ، ورسول الله عرفه بكل مجد وفضل وخصلة كرامة بحق ، وتشهد له به سيرته ولا يخون المسلمين حتى يقتلوه لما ظهر من ضلاله ومكره وظلمه .

فهم يذكرون أوصاف لأئمتهم وخصال كرامة لا شاهد لها بحق ، بل تشهد سيرتهم بضدها لأنهم حاربوا أئمة الحق والهدى في زمن رسول الله وبعده ، ومنعوا الناس من معرفتهم وحرموهم من معرفة دين الله منهم وهداه الواقعي وجعلوا وعاظ سلاطين منافقين يفتون في بلاطهم وأبعد أخلص الصحابة والمحبين للنبي وآله بل وأقصوهم وعاقبوهم لأنه يذكرون فضل علي والحق من دين الله ،  فجعلوا من لم يستحق الخلافة أمير المؤمنين ومن كان يخون الله ورسوله خليفة لله ورسوله ، وكأن الله يعطي الألقاب وخصال الكرامة لكل أحد وبأي صورة من دون أن يكون بتوفيق الله واختباره وامتحانه وبلائه ، وبعلمه سبحانه وهو الخبير العليم هو الذي يعرف المخلص في قربه من النبي وفي التعبد في دينه وتعريفه بكل وجوده ذات وصفات وعلم وعمل مخلص له كما يريد وعلمه الله ورسوله ، وقد عرفت ما عرف به النبي والله في هذا الباب والأبواب السابقة الإمام علي عليه السلام في كل ما يمكن أن يعرفه بالولاية والإمامة والخلافة بعد رسول الله ، وهو أهل لها ومؤهل بكل وجوده بحق لها ، بل عرف دين الله كما أرادوا بحق وصدق ومن تبعه هُدي .

فإن إمام الحق علي عليه السلام بصفاء نفسه وتفانيه في طاعة الله في كل وجوده وخلقه وعلمه وعمله كان بحق معلم لدين الله وهداه للمؤمنين الباحثين عن الهدى الصادق ، فلذا كان قد أختار الله ورسوله علي وآله بعده صلى الله عليهم وسلم معرفي لهم بالظهور بكل هداهم ودينهم ، فخصهم الله بكل نعيمه ورضاه وحكاه في كثير من الآيات والروايات ليعرفهم للناس بالفضل وخصال الكرامة ، وكذا يكون معهم كل من تبعهم وعرفهم بحق المعرفة وتعبد لله بدينهم وحده لا يشرك به شيء من دين أعدائهم وفكرهم وضلالهم وحبهم .

فلذا كان أئمة الضلال وأتباعهم لما عرفوا إن كل المجد والكرامة لعلي وآله بل للنبي الكريم في آله حسدوهم ، فعلموا أنفسهم خلفاء دين ومن في بلاطهم يفتي للناس بفكره ويعلمهم ضلاله ، وهكذا نهج على هذا كل من جاء بعدهم غافل أو متغافل عن الحقيقة .

لأنه التدبر في التأريخ والبحث عن الحقيقة فيه ضلال آبائه وإدخال من يقلده ويقدسه ولو ليس بحق النار ، وهذا ليس من صفات الخلف المفتخر بسلفه ، فلذا تمادى من جاء بعدهم مثلهم بحصر الدين عنده بولائك الأئمة الغاصبين ، وكان يأمر الناس بضرورة معرفة دينهم وحدهم ويصحح كل فاسد من سيرتهم وسلوكهم بل يحاول أن يجعلها فضائل وسياسة دين ، وكأن الله مكار حيال ليس في دينه عدل بأي صورة كان الناس فيها ، وإنه لم يجبر الناس ولم يخدعهم حتى يؤمنوا وإن من استخدم الظلم والمكر والحيلة خرج من الدين وتعاليم رب العالمين بأي صورة كانت ، فلذا من عرف هذا المعنى في دين الله أخذ يحرم الحديث ومعرفة الإمام علي وآله بحق المعرفة ويمنع من ذكرهم ، كما عرفت في الباب السادس والسابع وبالخصوص في ذكر الإمام الحسين عليه السلام من هذا الكتاب بل راجع صحيفة الإمام الحسين من موسوعة صحف الطيبين تعرف حقائق أخر مما صار عليه أمر الأمة في الانحراف عن الحق .

 

ولهذا المحاور أخذ بدين سلفه ، فحرم ذكر علي بل النبي وآله وجعله شرك وبحيلة أنه ذكر الله فقط مرضي لله ، وإن ذكر أئمة الحق وقصص الأنبياء وذكرهم في كتاب الله أو من سنته شرك لأنه يحبب ويعرف غير الله ، ولا عبادة به ولا كرامة حتى لا تعرف سنة الله في اصطفاء أولياء دينه وتكريمهم .

 بل سلفه أخذ يخترعوا لأئمتهم كل خصلة كرامة ومجد كان قد خص الله بها النبي في آله بل في وليه الحق الإمام علي بالخصوص ، وأخذ المحاور وغيره ممن هو على مذهبه هذه الخصال لسلفه ويذكرها بهم ، ومع ذلك يدعي ـ وهو صادق ـ هو لا يعبد الله بالحديث عنها لهم كأنه في لهو دائم ـ وهو الحق ـ ، بل هو صادق يتعب نفسه ويدافع عن أئمة دينه ولا ثواب له بل عقاب وشرك حسب مذهبه بذكر أحد غير الله ، وإن ولي دينه ليس له شأن عند الله يعبده به عند ذكره ، وهو معترف بنفسه أنه في ضلال تام يمنع عن الحق ويدافع من ليس في الدفاع عنه طاعة لله ولا في ذكره عبادة يرضى بها الله .

فإن مخالف الإمام الحق والمعاند لصاحب دين الله كل ما يقال في صدقه وحقه من خصال فاضلة فهي كاذبة أفترق بها عن الدين الحقيقي وخرج عن النور الواقعي المشرق بدين الله ، لأنه لا كرامة لمخالف إمام الحق وصاحب دين الله في أي زمان ومكان وجد صاحب نبي أو صاهره فخانه أو تابع له ، فإن متبع إمام الضلال والمحارب للإمام الحق ويعبد بدينه حتى في عبادته يمكر بالناس ويعرفهم غير دين الله ، بل مخترع دين وعبادة ليس فيها طاعة لله لأنها تُعرف أئمة الظلم ومكرهم ، ويبعد عن هدى الله الحق عند إمام الهدى الصادق ولم يعرف النبي في آله ولم يرى لهم حرمة الولاية ، ويبعد الناس عن معرفة واقعية في الهدى بأن الله تعالى جعل النبي وآله بحق معرفي لدينه وأنه يشهد لهم بصدق كل شيء .

فإنه ظلم للنفس وأتعاب لها عند حصرها للتعبد بدين من لم يزكه الله ولم يجعله ولي بحق ، ومكر بالنفس وإضلال لها عند تعريف الظلمة بأئمة هدى دون الإمام الحق وبدون معرفة تأريخهم وضلالهم وكيف كانت حقيقتهم ، ثم بجهل وظلم مركب ذكرهم بالفضل فيكون تعبد لهم لأنه ليس بأمر الله ، وإخلاص لهم لا لله لأنه لا يصب في معرفة فضل الله ونعمته بحق ، فضلاً عن دينه وهداه ومعرفة الواقعية المرادة له ، وتعبد بها لهم لإتباعهم بذكرهم بالفضل ولا فضل لهم سموه عبادة أم لا ، فضلا عن كونهم يموتون بسببها ويتدينون بها .

 فالحديث عمن سرق منصب الخلافة الحقة من الإمام علي وآله ، ثم يسرق كل صفة وخصلة للإمام علي عليه السلام ، ثم يجعلها لمن لم يكن له حق بها وسماه بما لم يسمي بها هو نفسه عبادة له لا لله ، لأنه السير في الهدى والضلال أو للجنة والنار بكل كلمة وحرف للإنسان يُعرف إمام الحق أو إمام الضال فضلاً عن التعبد لله بدينهم كله فيكون معهم ، ولذا يدعى كل إنسان بإمامه يوم القيامة .

والله القوم ذكروا لأئمتهم خصال ومكارم لم يدعيها أئمتهم لأنفسهم ولم يحكوها عن وجودهم ولا شهد لهم شيء بحق يصدقهم ، تدبر كلامهم عن أنفسهم وتدبر كلام أئمتنا عن أنفسهم ، كما عرفت الإمام علي كيف يدعي المكارم لنفسه ولا يكذبه أحد وبالخصوص الذكر الجامع الذي ذكرناه في الباب الخامس وغيره ، بل يشهد له بصدقه كل شيء كتاب الله والنبي وسيرته وسلوكه معه وبعده ، بل مجده هو مجد وشرف نبي الرحمة وهو معه في كل مراتب الوجود نور واحد ودين واحد وفي كل خصلة له فهو نفسه .

 تدبر تأريخه وتعاليمه وما نقله من الأحاديث من الصحابة المخلصين الذين ثبت حبهم للنبي الكريم وآله ، بل حتى في بعض الأحياء أعترف بهم لهم من حارب الإمام علي عليه السلام وحارب آله وكان على بلاط عدوه يفتي ، فضلاً عن ذكرهم آل محمد صلى الله عليهم وسلم لأنفسهم أمام الناس بكل فخر وعز ليعرفوا الناس إن دين الله عندهم وأنهم هم المختارون المصطفون ، ولم يكذبهم أحد حتى من يمنع من ذكرهم وحاربهم في زمانهم ، ومن الجهل معرفتهم بكل خصال الكرامة والاعتراف بها لهم وعدم التعبد لله بدينهم ، وتكذيبها بأن هذه الخصال ليست فيهم ولا لهم ، تكذيباً لله في كتابه وفي سنته في هداه المتقن بأئمة أعتني بهم بكل وجودهم وكرمهم في كل خصلة مجد في كل تاريخ الأمم وما وصف بهم أنبياءهم وبالخصوص لأشرف ولي الأديان وأكملها وخاتمها .

 وتدبر خصال من حاربهم وعادهم وغصب حق ممارسة خلافة رسوله الله وتعلم دينه من إمام الحق ، وعرّف نفسه بدلهم خليفة الله ورسوله وليس بحق له في هذا الاسم ولا بأمير المؤمنين بل هو كاذب ، فضلاً عمن يفتي في بلاطهم ويلعق قصعهم ، وتدبر سيرتهم وسلوكهم في الجاهلية والإسلام تراهم كانوا لا يعتقدون بأنفسهم فضلاً عن إدعاء خصال الكرامة والمجد والفضيلة لهم ، فلذا حرموا الحديث عن رسول الله في ذلك الزمان ، ليمنعوا معارف الله وبالخصوص خصال النبي في آله وفضل الله عليهم ، لأنه ليس شريك له في شرف وقد حاربهم وقتلهم ولو ادعوا له كرامة لكذبه الناس العارفين من الصحابة الثابتين والمعروفين بالإخلاص للنبي في آله وحبهم الدائم لهم كما أمر الله تعالى .

فلذا لم ترى منهم شيء يذكر عنهم في وصف أنفسهم بالمجد وعلو الهمة ومعرفة دين الله أو في تعريف الله فضلا عن هداه ، وأوكلوا الأمر لكل من يمدحهم ويثني عليهم ويشد ملكهم ، بل ملكوهم معهم وأعطوهم حكم الولايات الإسلامية ، فكان كل ما يذكر لهم من الخصال لا واقع لها ، ويحدث بها جهلة الناس من لم يصدقه التأريخ في فضيلة وكرامة له مع الله ورسوله .

 ومثل هؤلاء كان يضع لأئمة الظلم المناقب حتى يصدقه الناس في حكمه وأنه له شريعة منهم ، ولو كان خلاف أهل البيت وأئمة الحق وسرق مناقبهم ولصقها بالحكام الغاصبين ، ولم يعتنوا بأنه لم يشهد لهم شيء من كتاب الله وسنة رسوله مع أئمتهم .

ولذا من جاء بعدهم لكي يصدق نفسه بأن له ولو قليل من الحق في التسلط على المسلمين وليصدقه الناس بأنه لا أقل حاكم ذو فضيلة ، وضع كل حديث كان للإمام علي وآله لسلفه ، ولو لم تشهد له سيرته وسلوكه بأي خصلة حسنه أو كلام طيب يعرف به دين رب العالمين ، وعلم يشرح به سيرة سيد المرسلين أو كلام الله ورسوله ، بل حتى تعاليم الدين لم يعرفوها فضلاً عن الحديث عن معرفة الله وملكوته ونعيمه حتى يحدثوا به عنه لغيرهم فضلاً عن كونه لأنفسهم ، فلذا كان ينكرون كثير من فضائل المجد والكرامة للنبي وبالخصوص التي له في آله كلهم وبالخصوص في وصيه ونفسه أمير المؤمنين .

فإذا كان أئمتهم وقادتهم هكذا فأعرف حال أهل الدنيا من كان على بلاطهم ويلعق قصعهم ويطمع في زينة الدنيا التي كانت عندهم ، من أين جاءتهم المكارم وهل يمكن وصفهم بالدين والهدى والمجد ، وراجع الغدير وأعرف كيف كانوا يشتروهم الناس وأهل الحديث والكلام كأبي هريرة وعمر بن العاص وابن عمر نفسه ، فضلاً عن أبو سفيان وآل أمية وآل مخزوم وخالد بن الوليد وغيرهم ، ويعطوهم المناصب والمال وكل قبيح يمكنوهم منه ويسامحوهم به ، حتى يجعلهم يهجرون علي ودينه ويفتون خلافه ، حتى حللوا قتله وآله كلهم فضلا عن شيعتهم بل منعوا الحديث عنهم وأفتوا تحريم ذكرهم ودين الله المشرق من نورهم وذكرهم الحسن بخصال الكرامة والمجد والحديث عنهم بما شرفهم الله ونعمهم.

 فتركوا علي وآله بل النبي والله ودينه وهداه ، فعبدوا الله بفكرهم وقياسهم واستحسانهم وكأنهم مشرعين ، ويدعوا أنهم موحدين وغيرهم مشركين منافقين ، قلبوا الحقائق وجعلوا المعروف منكر والمنكر معروف ، وإنهم اجهدوا أنفسهم بمخالفة الهدى الصادق الواقعي ، وذلك بإصرارهم على المعصية وعناد للحق ، فأخطئوا فصاروا مشكورين محسنين ، لأنهم عندهم من أجتهد فأخطأ فله حسنه ومن أجتهد فأصاب فله حسنتان ، ولو كان ظالم في حكمة وخارج على إمام الحق ومعاند لهدى الله الواقعي لطمعه بالدنيا ولشهوات النفس .

 فهم على كل حال حصلوا على الحسنات وقلبت سيئاتهم حسنات هم وأئمتهم من قبل ، لأنهم اجتهدوا فمنعوا ذكر ولي الله المختار وحاربوا لله ورسوله وأئمة الحق وولاة الدين ، وهم في كل لحظة يجتهدون ولو ليس لهم أهلية الاجتهاد مع وجود إمام الحق ولو في غيبته لأنهم لم يعرفوا أحاديث دينه ولا صفاته ولا ذكروها ، فعبدوا الله بغير دينه لأنهم حرموا الحديث وذكر أئمة الحق والهداة أختارهم الله تعالى العليم الخبير والرب القيوم والهادي بالصادقين والأخيار ، والأئمة الذين طهرهم وصدقهم وعرفهم في وجودهم وصفاتهم الحسنة وخصالهم الحميدة ومناقبهم الشريفة في آيات مجيدة وسيرة نبيه سيد الأنبياء والمرسلين .

وعلى قولهم كله واحد دين الصحابة ، والقاتل والمقتول في الجنة لأنهم مجتهدون أحدهم أصاب والأخر أخطأ ، وكلهم مخلصون لله وبهدى واحد ولو تخالفوا في معرفة الله وتطبيق تعاليمه ، وهم صحابة لهم فضل ولو كان فيهم غير متقين وأمكر الناس في تعريف الضلال ، ولو نافقوا ولم يطيعوا الله ورسوله وولي الأمر الحق الذي عرفه الله بكل سبيل ، وجعل طاعته إيمان وحربه وبغضه كفر ونفاق وشرك ، ياله ما أكو فرق كله واحد علي وقاتله ومن منع من ذكره بصورة مباشر أو مهد له وجرأه على حربه فضلاً عمن حاربه ، المؤمن والمنافق المخلص والمشرك القاتل والمقتول دين واحد في الجنة ، لعله من تبعهم يفترقون يكونون شيعة ووهابية ، إمامية وسنة ، علوية وأشعرية ، جعفرية بن تيمية وحنبلية وشافعية ومالكية وحنفية ومع ذلك كلهم مسلمون في دين واحد لا فرقة ولا ضلال عن الحق ، والله يعبد بكل فتوى ودين لا حق ولا صدق ولا هدى واقعي ولا إمام حق وولي صادق اصطفاه وأختاره لدينه وهداه .

 بل اترك علي وآله ، لأنه وياه مشاكل الإخلاص وتقييد الصدق وحرمة المكر والخديعة وترك الظالمين وهجر السلف الذين كانوا للحق معاندين وذبهم في النار ، أعبده بدين كل ظلام لظالم وبجهل كل محارب لله ولرسوله ولولي دينهم ، تصير أنت مخلص وإلا تكون مشرك ، يا له من دين وفكر ضلال أبعدنا الله من كل قياس وخلط لعلي وآله بغيره ممن عانده ، الحق واحد عند إمام واحد وغيره كل من عانده ضال وإمام كفر أو تابع لإمام كفر إذا لم يكن على دينه وتابع له في تعليمه ، كان من كان تسمى ما تسمى ، ويدعى كل أناس بإمامهم .

لا تقول أنك تبالغ في تعريف القوم .

أقول تدبر ما ذكرنا وسيرة الطرفين ، أو راجع الغدير للعلامة الأميني والله يكفيك بكل التأريخ وملابساته وخصال الطرفين ومعرفتهم بكل وجودهم ، ودينهم وتعاليمهم وسيرة وسلوك فتعرف بحق الطرفين ، وتحاربهم وعدائهم في الجاهلية والإسلام ، وكيف حسدوا أهل البيت ومنعوا من ذكرهم ومعرفتهم ، وكيف حرموا كل مؤمن يقترب منهم ويأخذ هدى الله منهم ، كان الضال عندهم هو المتعبد لله تعالى بدين الإمام علي ، والحاكي لفضائله مشرك ، ومن يذكره منافق ، ومن يتعبد لله بدينه كافر ، حتى سبوه على منابر المسلمين سبعين سنة في زمن بني أمية وقليل المستنكر لهم .

وهو عليه السلام في كل شيء خصال وسيرة وسلوك ودين على خلاف عظيم معهم ، تدبر كل شيء عن الطرفين بعين الإنصاف توقن بما ذكرنا وتعرف الحق وأهله والباطل وأهله ، ولا يغرك أنهم حكموا وتسموا بخلفاء الرسول وأمير المؤمنين بالظلم ، وفتح البلاد ، فإن الله تعالى أوعد رسوله أن يظهر دينه ويرفع ذكره وينصر هدى رسوله ، ورسول الله هو الذي أعد جيش لأسامه يغزوا به البلاد ولو أُبقي بالمدينة لقلب عليهم الحكم ، ولكنهم سيطروا على الحكم وكانوا تحت إمرة أسامه فعزلوه قبل أن يقدم لحرب أو يصل لمنطقة غزوا ، ولما رضيهم الناس أئمة لهم لو كان كل أهل السابقة باقين في المدينة وعاصمة الحكم .

فلذا بنوا الكوفة وواسط وأخرجوا الناس للسكن فيهما ، فشغلوهم كل حسب حاله بالحروب والتمصير والمال ، وكل مخلص يحب أن ينشر دين الله فكان لا يهمهم من حكم ، فكانوا يخرجون للفتح مخلصين أو بعض طامعين ، ولكن لم يدروا الحكام قد أحكموا قبضتهم وعرفوا أنفسه بكل ما يدعم حكمهم وينشر فكرهم ورأيهم مهما كانت الوسيلة والحيلة .

 ثم الله يريد الدين مع الابتلاء والاختبار والجهاد وعن علم ومعرفة بكل تأريخ دينه ومعارف هداه ، وسنته في اختيار الهداة لدينه ، وبمعرفة المكرمين وأصحاب المجد والذين زكاهم سبحانه بكل سبيل وجعلهم هداة للصراط المستقيم ، لا يريد الله دين كله جهل وتقليد ومن غير علم ومعرفة دقيقة بهداه ، فلذا كان أول آيات القرآن البيان والقلم وعلم وتعليم وقراءة ، والقرآن كلامه المجيد جعله المعجزة الخالدة ، ولكنهم منعوا الحديث عن رسول الله وجعلوا الناس في جهل مطبق وحرفوا المعارف وأخروا المسلمين حتى سيطر عليهم أعدائهم في كل حين حتى حين كانوا حاكمين ، فترى كل مفتي منافق أو يهودي جديد الإسلام أو ضال صاحب طمع بما بأيديهم يفتي في بلاطهم راجع الملل والنحل للسبحاني بل يكفيك الغدير ، وإنا لله وإنا إليه راجعون وأنظر الحديث الآتي .

 وبما ذكرنا تعرف إن الإمام علي عليه السلام قسيم الجنة والنار ، وإن الإيمان بالله وعبادته كان بدينه وذكره ومعرفته التي عرفها لنا بكل خصاله فجعلنا الله مقتدين به ومعرفين لدينه وذاكرين ، وجعلهم مع أئمتهم الذين لا يجتمعون مع علي في الجنة ، بل لهم النار قسمة من الله بيد علي كرامة له ، وذلك لما ظلموه حقه ، و لما ظلموا أنفسهم وأتعبوها بالتعبد بدين أعداءه ، والذي أملاه لهم الشيطان فكانوا أوليائه ورفاقه في نار الله أبعدنا الله منهم ، وهذا حديث كريم يختصر لك معارف ما ذكرنا .

عن أبي الصلت الهروي قال قال المأمون يوما للرضا عليه السلام :

يا أبا الحسن أخبرني عن جدك أمير المؤمنين بأي وجه هو قسيم الجنة و النار ، وبأي معنى فقد كثر فكري في ذلك .

 فقال له الرضا عليه السلام :  يا أمير المؤمنين أ لم ترو عن أبيك عن آبائه عن عبد الله بن عباس أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : حب علي إيمان و بغضه كفر . فقال : بلى .

فقال الرضا عليه السلام : فقسمة الجنة و النار إذا كانت على حبه و بغضه ، فهو قسيم الجنة و النار .

فقال المأمون : لا أبقاني الله بعدك يا أبا الحسن أشهد أنك وارث علم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  .

قال أبو الصلت الهروي : فلما انصرف الرضا عليه السلام إلى منزله أتيته ، فقلت له : يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما أحسن ما أجبت به أمير المؤمنين .

فقال الرضا عليه السلام : يا أبا الصلت إنما كلمته من حيث هو ، و لقد سمعت أبي يحدث عن آبائه عن علي عليه السلام  أنه قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

( يا علي أنت قسيم الجنة يوم القيامة تقول للنار هذا لي و هذا لك ) .

عيون ‏أخبار الرضا ج2ص86 ب22ح30 .

أذكر للطيبين : المعرفة المطلقة والتسليم لله وللنبي ولولي الدين وعن يقين بفضله وخالصة وتربية الله ورسوله له وعنايته به ، يمنع حتى الفكر عن التردد في قبول كل ما يترتب عن قبول الحق ، وإن كان السؤال للمعرفة حسن ومأمور به ، ولكن مثل هذا لابد أن يكون من أوليات الدين ومن أصل الإيمان ، لأنه يُعرف الإنسان إن الله تعالى لا يباشر بالمواجهة للناس ليهديهم وإنه ليس من سنته أن ينزل الوحي على كل الناس ، فإذا لابد من مطهر صادق خصه به وحيه ودينه ، ولابد أن يحافظ على هذه التعاليم والدين والهدى بطاهر صادق ، وهو علي بن أبي طالب وآله بعده ، وإن في مخالفتهم وعدم قبولهم النار ، وإن في إطاعتهم الجنة.

 وكذلك الله لا يباشر الناس في يوم القيامة بل نفس أولياء الدين الذين جعلهم قادة وأئمة وولاة لهداه في الدنيا هم الحكام والقادة هناك ، هنا يدخلون الناس بقولهم وبكل فعل وسيرة وسلوك لهم لهدى الله ورضاه ومخلصين له الدين ، وهنا كان القائم بأمور النبي في حياته علي وزير وأخ ووصي وكل مهامه بإذن الله ، وهناك أيضاً يقوم بأذن الله وله نفس مقامة القيادة ونفس المجد في تنفيذ مهام الكرامة الإلهية بقوله ، وبشهادته بما يرضي الله يدخل النعيم والجنة لمن صدقهم وأطاعهم وتعبد لله بدينهم ، فيكونون تحت لواءه على صراط مستقيم حتى يدخلهم الجنة ، وكذلك من عرفهم بعدم التعبد لله بدينه يقول للنار خذيه ، لأنه الله مكنه منها ومنهم كما مكنه من دينه هنا ، وهنا كان بسيفه وببغضه يدخل الضلال وهناك لأعداه النار وكل عار ، والكل بإذن الله وبيان لكرامته وفضله ، وسيأتي بحث في مقام الإمام علي وآله وشيعتهم في يوم القيامة في الأبواب الآتية ، فأنتظر .

 وهذه كرامة لله تعالى لأولياء دينه ليعرف الناس مجدهم وفضلهم ، وإلا إذا لم تكن مثل هذه المواقف في ويوم القيامة لولي الدين يكون ضعف في ظهور تكريم رب العالمين لأوليائه ولم يتم نعيمه لأحباه ، ولا يظهر بشيء يعتد به من بره وإحسانه لهم ولمن أحبهم وحب الكون معهم هدى ونعيم ،  أو قلة في شدة عذابه وانتقامه لأعدائهم إذا لم يمكنهم منهم ولا يريهم قدرته الظاهرة بكل قوة وسعة لهم حتى يذلوا أعدائهم ويهينوهم في الآخرة حتى إدخال النار وعذاب الله الأليم الشديد والخزي الذي لا يبيد .

 وعدم إدخال الجنة تحت لواء الحمد الذي بيد الإمام علي أو عدم إدخال النار أعداءه بأمره ، خلاف ظهور القدرة المطلقة لله تعالى في نعمته لأوليائه وتكريمهم في يوم التشريف الأعظم وظهور الملك التام لهم والنعيم الخالد الذي يجعله له ، وإن الذل والمهانة لأعدائهم بكل ما يذلهم ويخزيهم ، وبهذا سبحانه يبين فضله لأهل الحق المخلصين له .

 وهذا باطل في شأن التكريم الإلهي والعذاب الرباني ، إذا لم يكن كل الكرامة والمجد والعزة لأوليائه بفضله وإحسانه لهم وحدهم ، حتى يفرحوهم بكل فرح ويحليهم بكل سرور بما أنزل لهم من كل خير وبركة ونعيم وفضل وتكريم بل وشفاعة لأوليائهم ، وكل هوان وعذاب وذل لأعدائهم وبأيديهم حتى يروا كرامة الله عليهم ، ويزيد عذاب أعداء لله لما يروا من الكرامة والفضيلة لأوليائه وكيف أقدرهم ومكنهم منهم ، وذلك لأنه الله لم يباشر الناس وجعل الله ملائكته خدام أولياءه ومطيعين لهم ، وكذا كل من في الجنة فضلا عمن في النار وملائكتها ، اللهم مع علي وآله في الدنيا والآخرة وصلى الله على محمد وآل محمد ، ولعن الله أعدائهم والنواصب بالحرب لهم بأي صورة كانت وفي أي زمان كانوا ومحل تواجدوا .

 

إلى الأعلى


 

رابع الذكر

نعبد الله بذكر فضله على الإمام علي

 وهم ينصبون ولأئمتهم يعبدون

نذكر الإمام علي عليه السلام بالمناقب والفضائل ويذكرون ، ونحن نسلم له بأنه ولي الله وبكل خصلة له ومنقبة تعرفنا بأنه إمام الحق وصاحب هدى الله ورسوله الذي يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، وعرفت الأحاديث في مناقبه ومكارمه وتوصية رسول الله به ، بل الله أوجب طاعة ولاة الأمر ، وشرفنا بأئمة الحق وهداهم حتى يوصلونا لرضاه التام ونعيمه الكامل بصراط مستقيم .

وكان ما يسموهم بالسلف يذكرون أئمة الحق ويقرون بأن لهم شأن عظيم مع الله ورسوله ، ولكنهم يتراجعون فيرون أنفسهم مثلهم ، ولهم حق أن يفتون برأيهم واجتهادهم وفكرهم ، وكأنه لهم ما لأئمة الحق من العناية ، واللطيفة أئمتنا يذكرون فضائلهم بأنفسهم وكل شيء يصدقهم ، وأئمتهم لا يرون أنفسهم أئمة ولا يزكون أنفسهم ولا يعتقدون هم بأنفسهم ، ولكن يأتي بعدهم صحبهم ومن ينفعه الحكام عندما يوالي الحكام الظالمين ولأئمة الحق معاندي تراها يخترع لهم المكارم والفضائل ولو لا يصدقها شيء من التاريخ وكتاب الله وتعاليم الدين .

ولكن عناد للحق ولكي يغطي ضلاله ولا تُكذب فتواه رأساً ، وليحق له أن يجتهد ويفتي كما أجتهد من كان قبله ، ولو كان لا يعتقد بإمامة نفسه ، ولكنه يرى أن له حسنة بأي قول يقوله في الدين ، وعرفت الحال للطرفين أين جرهم ، ثم كان سلفهم يذكرون الفضائل لأهل البيت ولغيرهم ، ويفتون بدين الطرفين أئمة الحق وأعدائهم ويخلطون رأيهم ولهم اجتهاد كذلك .

 ولكن الجماعة الوهابية ممن ينتمي لهم المحاور للأسف ترقوا في عناد أهل البيت عليهم السلام ، فهم يحرمون ذكر علي وآله آل النبي الكريم بالشرف والمجد والعبادة لله والإخلاص له بكل ما ظهر من صفاتهم وسلوكهم ، حتى كانوا معلمين لدين الله في كل شيء كما قال الله في آيات النور والبيوت المرفوعة وسيأتي ذكرها في الباب الآتي ، وكما عرفت الأحاديث الكثيرة التي نذكرها ويذكرها سلفهم في فضل أهل البيت وكرامتهم وخصالهم الحميدة وصفاتهم الكريمة .

ولكن الجماعة لا أدري هل كان سلفهم مشرك حين كانوا يذكرون الإمام علي وآله عليهم السلام ، أم أنهم أهل ترف وضياع وقت بتعريفه ونقل مناقبه وخصاله الحميدة ، فاليوم كما عرفت المحاور وحزبه الوهابية في كل ساحات الحوار ، يرون أنه شرك ذكر علي ليس عبادة لله لأنه يعتقد أنه نعبد علي لا الله ، بل لا يصح بذكر مخلوق أن يعبد الله ولا بمعرفته ثم لا بمعرفة دينه .

 لأنك عرفت أنه إذا لم يُعرف الشخص بخصاله وأنه صادق كريم الأصل والسيرة والسلوك لا يُعرف دينه وأنه لابد أن يتبع هذا دون غيره ، ثم هم ترقوا أكثر فكانوا يذكرون أئمة الكفر ممن حارب أئمة الحق ، ويأخذون بأحاديثهم وحدهم ولو كانوا لا يعتقدون أن في ذكرهم عبادة ، ولكن بأي ذكر ذكروا من تعليم من فكرهم واجتهادهم وقياسهم واستحسانهم يحق لهم أن يتعبدوا لله به ، وفيه أحسن الإخلاص ولو كان خلاف دين الإمام علي الذي هو دين الله والنبي.

ثم المشكلة الكبرى التي ترقوا لها الوهابية في الضلال ، بل تنزلوا بها كغيرها إلى أسفل سافلين ، وهو أنهم يرون أنه واجب الدفاع عمن قتل أهل البيت وحاربهم وإلا تكون كافر مشرك ، وإن كان يحرم التعبد بذكرهم ومعرفة حقيقتهم التي تعرف بهم وبسيرتهم السيئة وسلوكهم المخادع وشخصيتهم التي ملئت مكر وحيلة وحالهم المنافق الفاسق ، وإن جوزوا التعبد بدينهم ولو لم يعرفوا حقيقتهم بل يكفي معادي لأهل البيت فكلامه حسن صحيح عندهم ، وإلا إذا لم يعادي أهل البيت ويحبهم ويذكرهم فهو شيعي رافضي حرام التعبد بدينه لأنه دين علي وآله ودين الله ورسوله .

ولهذا أعداء آل محمد أئمة الحق وأولياء الله ، أسسوا جيش الصاحبة وحاربوا المؤمنين ، لأنهم على قولهم يذكروهم بالسوء الذي ظهر من أئمتهم أعداء أهل البيت ، وهو عندهم حرام ولا يجوز بل واجب قتل من يذكر هذا .

 ولا أدري هذا الواجب للدفاع عن أئمتهم أهل الضلال والظلم والجور هل من دين الله أم لا ؟

وهل يصح أنهم يدافعون عنهم ولا يذكروهم ولا يعرفوهم ؟

وهل ذكرهم لهم حرام لأنه شرك ، ومع ذلك أجتمع مع الواجب في الدفاع عنهم لأنه عبادة ، أو دفاع من غير عبادة لله ، بل هوى نفس وشهوات ؟

وهل الحرام في ذكر سيرتهم من دين الله وهو عبادة له هذه الفتوى الحرام ، أم من دين الله وليس فيه عبادة ، وعندهم شيء في الدين لا يمكن التعبد به لله ومع ذلك أسمه دين ؟ وكيف أجتمع  ؟

 وهل هو عبادة لله عند تنفيذه وقتل الناس بسببه ، أم أنه واجب وحرام ليس من الدين غير معروف أسه ، ومع ذلك يجوز به قتل المؤمنين الذاكرين لحقائق التأريخ والباحثين عن الحق والطالبين للدين الصادق من خالص المؤمنين؟‍‍‍‍‍

والعجب لهم كيف قلبوا الحقائق وتمادوا في الغي حتى كان عندهم مشركين كل شيعة علي بل كل المسلمين من أي مذهب لا يتعبد بمذهبهم هذا ، والذي أوجده الاستعمار في القرن السابق ومهد له من قبل قرن ، وهو الذي سلطهم على شبه الجزيرة ، وجعلهم يفتون بكل ما يفسق المسلمين ويكفرهم ويجعلهم مشركين لأنهم ليس وهابية أو حسب دعواهم سلفية ، وهم أبعد شيء عن السلف الذين كان حتى المحارب منهم لعلي يقر له بالفضل على غيره ، ولكنه كان يقول غرتني الدنيا وأضلني الشيطان ويبرر فعلهم ثم على قولهم يتوبون مثلاً ، بل بعضهم كان يقدم قول علي ويأخذ بدينه ولو كان ظالم له بعدم الإخلاص بدينه كله لله .

 ولكن الوهابية ولو خرجوا على الإمام علي بكل حرب بمنع دينه وهداه وتحريم معرفته وذكره ، فهم لا يتوبون ولا يقرون لعلي وآله بالفضل ولا يعتبروه إمام ، فأعرف هؤلاء بأي دين يدينون ، وكيف حصلوا على التوحيد وهم حتى لم يتابعوا سلفهم فضلاً عن أئمة الحق ، ولتعرف ما ذكرنا نذكر بعض أحاديث الكرامة والمجد لعلي وآله ، ثم نذكر لك يا طيب ، أحاديث حدث بها سلفهم ولكنهم يقرءوها عابري سبيل لا يفقهوها ويتغافلون عن معرفتها وحقيقتها .

 وبهذا تعرف حال ذكرنا وذكرهم ، بل منع المتأخرين كمذهب المحاور وهجرهم للحديث عن علي وآله عليهم السلام ، وتركهم وتحريمهم لذكره ولدينه ، فتعرف كيف أضل الله أعمالهم وجعلها حسرات عليها ، يتماوتون بترك الحق ويصرون على الباطل ولم يقروا لتعاليم الله أنها لابد أن تكون بيد الطاهرين والصادقين .

فإنه من أول معارف الدين وتدبر المنصفين الطالبين للحق أنه لابد من ذكر أئمة الحق وبالخصوص الإمام الأول علي بن أبي طالب عليه السلام ، بل وآله آل رسول الله معه ومعرفتهم بكل مجد الله وفضله حتى يحبهم الناس ويأخذوا دين الله منهم ، وبهذا يقتربوا بكل علم وعمل وذكر وحديث لعلي وآله آل النبي الكريم من دين الله ، بل يتحققوا به وبمعرفة الله ويحصلوا على كل هدى ونعيم بصراط مستقيم ودين قويم ، ويكونوا من خير البرية بحق مخلصين من كل شرك لا متحققين به مثلهم .

ونسأل الله أن يجعل ذكرنا ذكر العارفين لأئمة الدين والمتعبد له بدين علي وآله وسيده النبي وكل صحبة الطيبين المحبين لا المحاربين المخالفين المجتهدين بغير ما علمه عليه السلام ، وبكل شيء سيرة وسلوك وصفات وعلم وعمل نذكره ونحدث به عنه ، حتى يقبله سبحانه منا خالص المعرفة بالدين والتحقق به له عبودية فيرضى به عنا ويشكر سعينا ويغفر لنا تقصيرنا ، إنه غفور شكور وولي حميد وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين وحشرنا الله معهم دنيا وآخرة ، ورحم الله من قال آمين .

 

ذكر الصدوق بإسناده عن الحسين بن خالد عن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

(  يا علي : أنت أخي و وزيري .

وصاحب لوائي في الدنيا والآخرة .

 و أنت صاحب حوضي .

 من أحبك أحبني و من أبغضك أبغضني ) .

أمالي الصدوق ص61م14ح11.

أقول : إلهي إن أحبه وأحب آله وسيد رسلك ، وأصدقني الحب وثبتني عليه ، واجعلني مخلص لك بدينهم وأنت أرحم الراحمين ، فاسقني من حوضه ، واجعلني تحت لواءه وفي ولائه في الدنيا والآخرة ، لأني أعتقد بكل وجودي وديني أنه أخو رسولك ووزيره ، وأنت الولي الحميد ، ولا كرامة ولا فضل إلا منك وحدك لا شريك لك ، وبهذا أعتقد أنه تكرم به أولياءك وحدهم دون أعدائهم بل ولا من بغضهم .

 

ذكر الصدوق بالإسناد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

( المخالف على علي بن أبي طالب عليه السلام بعدي كافر .

والمشرك به مشرك .

و المحب له مؤمن ، و المبغض له منافق .

و المقتفي لأثره لاحق ، و المحارب له مارق ، و الراد عليه زاهق .

علي : نور الله في بلاده ، و حجته على عباده .

علي : سيف الله على أعدائه ، و وارث علم أنبيائه .

علي : كلمة الله العليا ، وكلمة أعدائه السفلى .

علي : سيد الأوصياء ،  ـ وهو ـ وصيي ـ وأنا ـ سيد الأنبياء .

علي : أمير المؤمنين ، وقائد الغر المحجلين ، وإمام المسلمين .

لا يقبل الله الإيمان إلا بولايته و طاعته ) .

أمالي الصدوق ص11م3ح6.

أذكر لك يا طيب : والله هناك قوم في التاريخ حكموا المسلمين ، لم يقبلوا ولايته ولا علم الأنبياء منه ولم يحبوه ولم يكن قائد لهم ، ولم يطيعوه ولا سمعوا كلام الله ورسوله منه ، ولم يرضوا به وصي رسول الله على دينه ولا كانوا تحت ولايته وإمامته ، بل خالفوه فكفروا ، وأشركوا به فأشركوا ، وأبغضوه فنافقوا ولم يؤمنوا ، ولم يقتفوا أثره فلم يلحقوا .

 بل حاربوه بكل وسيلة فمرقوا من الدين ، وردوا عليه فزهقوا ولم يتنوروا بنور الله المشرق منه ولم يقبل حجة الله فكانوا سيف لأعداء الله عليه ، فخسروا أنفسهم وكانت كلمتهم سفلى أين ما تدبرت في حججهم ومحاوراتهم ولهم كل عذاب أليم من الله ، حتى كذبهم الله ورسوله والوجدان والدين وكل المنصفين ، ولكن الظلمة والطغاة مكنوهم من محاربة الحق وخدعوهم فصدقوهم وأخذوا يدافعون عن دينهم ، فتركوا الله ورسوله ودينهم بترك علي وهجرهم له ولآله .

 وهناك قوم صدقوا وأمنوا بكل ما قال الله ورسوله عن علي وآله في هذا الحديث أعلاه وغيره ، وعن يقين محكم وبرهان صادق متيقنين به بكل وجودهم ، فكرمهم الله بالاطمئنان بالإيمان به وبعبادته بدين علي الحق ، فأحيى قلوبهم بالهدى والحكمة ، وحَسن وبكل سرور انتظار رحمة الله وبره بهم بكل وجودهم ، وبكل كرامة لهم من الله لأنهم على صراط مستقيم ويعبدون الله بدين قويم ، بل بكل حرف يكتبوه ويقرءوه عن خصال علي ومكارمه فيه كل خير ونعيم وفضل ورضى من الله ، فضلاً عن عبادة الله بدينه ومعارفه  ، فلهم في كل شيء يدينون لله به ببركة علي وآله وسيده النبي أجر جزيل مضاعف من الله لطاعتهم الله في أمر الود والحب وقبول الإمامة والولاية الإلهية والتسليم لله تسليم مطلق والسير إليه بصراط مستقيم ، وجعلنا الله منهم وأبعدنا من أعدائهم .

 

 ذكر في مسند ابن حنبل وبإسناده عن عبد الله و هو ابن مسعود قال :

( كنا نتحدث أن أفضل أهل المدينة علي بن أبي طالب عليه السلام ) .

العمدة ص262ف33ح409.

من مسند ابن حنبل وبإسناده عن ابن عباس قال ذكر عنده علي بن أبي طالب عليه السلام فقال :

 ( إنكم لتذكرون رجلا كان يسمع وطأ جبرائيل عليه السلام فوق بيته ) .العمدة ص262ف33ح408.

أقول : في مسند أحمد بن حنبل إمام الحنابلة كثير من فضائل أمير المؤمنين عليه السلام وهذا الحديثان منه ، والوهابية يقولون نحن نتبع السلف وعندما يقال منهم السلف ، يقولون على مذهب احمد بن حنبل ، فهم يقولن نحن على مذهبه في الاعتقاد والفقه ، ولكنه هو في حياته لم يدعي أنه فقيه ولكن بعده تلامذته جمعوا مسائله وجعلوا له مذهب ، وإنما يقول أنا راوية حديث وكتب مسند يفوق الصحاح الستة في عدد أحاديثه ، وكان يفضل الإمام علي على من تقدمه ولم يعتقد بالفضائل لمعاوية ولا لبني أميه كلهم ولم يذكر لهم فضيلة بحق .

ولكن الوهابية لما تأتي للعقائد يتبعون أبن تيمية وهو المقدم عندهم ، ويعتقدون بفضائل معاوية الكاذبة ويقدموه على الإمام علي ، وهكذا يزيد على الحسن والحسين ، ثم بالفقه هم مجتهدون وليس مقلدين يقولن يحق لنا الاجتهاد ، وفي الحقيقة لا يعتقدون بمذهب أحمد بن حنبل في أهم أركانه لا فقه ولا عقائد ، ولا أدري أي سلف يقلدون إذا لا فقه ولا عقائده من إمامهم يأخذون ، اللهم إلا التجسيم لله تعالى وجلوس الله على العرش ، والعياذ بالله كأن الله محتاج إلى خلقه أو قبل العرش الذي صنعه كان واقف ، فهم يدعون أنهم على دين السلف ولا يعملون بفكرهم كله ويقدمون محمد بن عبد الوهاب وابن تيمية وبن باز وكل من مكنه السلطان من الفتوى دون غيره ، ويحاربون الإمام علي وآله بكل وسيله كأنه ليس من السلف ويسمع وطئ جبرائيل ، وكان إمامهم المقدم معاوية وأبيه يعد جيش الأحزاب والكفر ، أو أنهم ينسونه كما نستهم أمه التي عقته وهو أكرم أبن لها فتغافلت وجوب حبه ، ولكن مع حربه لها كانت تذكر فضائله وكثير ما تترنم بها عندما تسأل عنها وتنسى نفسها ، وحتى بأمهم لم يقتدوا فضلاً عن أبوا الأمة أنظر قولها :

عن الحلي عن أحمد بن موسى بن مردويه من الجمهور من عدة طرق عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال :

( الحق مع علي و علي مع الحق لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ) .

نهج ‏الحق ص225 .

أن عائشة لما عقر جملها ودخلت دارا بالبصرة فقال لها أخوها محمد :

( أنشدك بالله :

أ تذكرين يوم حدثتني عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال :

الحق لن يزال مع علي و علي مع الحق لن يختلفاً ولن يفترقا .

فقالت : نعم ) .كشف‏ الغمة ج1ص147.

ذكر الصدوق بإسناده عن سعيد بن جبير عن عائشة قالت :

كنت عند رسول الله فأقبل علي بن أبي طالب فقال :

( هذا سيد العرب . فقلت : يا رسول الله أ لست سيد العرب .

قال : أنا سيد ولد آدم و علي سيد العرب . فقلت : و ما السيد .

قال : من افترضت طاعته كما افترضت طاعتي ) .

أمالي الصدوق ص39م10ح10. معاني الأخبار ص103ح1و2.

أقول : تنقل فضائل الإمام علي وتحكي عن مجده وهذه الأحاديث أيضا موجودة في كتبهم ، ولكن تقول خدعوني فحاربته وضللت فجاهدت ولي الله ، ثم تابت على قولها وقولهم ، فلا أقل على كل من تبع السلف أن كان صادق أن يعرف إن الضال هو من حارب علي وكل من منع من ذكره ولم يتبعوه ، فيتوبوا على الأقل من محاربته بكل وسيلة قوليه وكلامية وكتابة ودينية وهدى ومعارف ، ولو يخلطوه بالدين مع غيره وهو أكرم السلف ، ولكنهم يقولون نحبه إذا أجبروا ولكنهم يتركون دينه ولا يحبون سماع ذكره ، ثم يقولون حبه حرام وذكره شرك .

 ولكنهم حتى بهذا المقدار خلط لدينه بدين أعدائه ومن حاربه لم يعملوا به ، ولم يقبلوا بنقل فضائله ولا يحبوها فضلاً عن دينه المترتب على التصديق بأنه ولي الله ، وما أدري من يتبعون وبأي دين يدينون حتى بالضلال الناقص لم يقبلوا به ، بل لا يوجد شرك ونفاق ناقص والله ويريد دين خالص ، هيهات أن يوجد دين حق عند غير علي وآله ومن أخلص له الود والحب .

 

إلى الأعلى



خامس الذكر

علم الإمام علي ومعرفته عبادة لله

ذكر الإمام علي في خصاله وترتيبها في أبواب يستوعب كتاب جميل التبويب ، سواء تاريخ أو جهاد أو عبادة أو زهد أو غيرها ، وقد جمع عناوينها شيعته الكرام ووضعوا فهارسها في كتاب ودونوها في موسوعات كريمة ، ولنا معها وقفه إن شاء الله بالإضافة لما عرفت ، ونذكر هنا خصلتين كريمتين واحدة له تبين أس الكرامة له بعد وجوده الشريف ، وبها نعرف أن دينه حق وهداه صدق ، متيقنين أنه العابد والزاهد والمجاهد والعالم ، والفاقد لهذه الصفة لا يستحق الإمامة ولا ولاية الله ، وهذا حال كل من خالف إمام الحق ، ثم نذكر بعدها صفة توجب على من أقر له بهذا أن يحبه لأنه يعرفه الله ورسوله ودينه الحق الصادق فيعبد الله به ويدخله جنة الله وكل نعيمه وهداه .

 بل صفة العلم هي أول صفة يجب أن يتحلى بها الإمام وولي لله بعد صفة وجوده المخلص لله والإقرار بطاعته ، فإن العبادة المخلصة لابد أن يرافقها العلم والعامل من غير علم مبتعد عن الله ، وسيأتي شيء من ذكر تصديق إخلاصه لله في الباب الآتي وتصديق الله له بكتابه ، وعرفت تصديق النبي الكريم له في كثير من كلامه كما عرفت أعلاه .

 ولكن نذكر علمه عليه السلام ببعض الأحاديث ونختصرها في معرفة هذه المنقبة التي هي له خالصة بعد رسول الله بفضل الله العليم عليهم ثم آله بعده ، وهو أفضل من تحقق بها بعد رسول الله في الوجود ، يقر بها له كل مؤمن بل شهد له بها أعداءه ، ويشهد لها كتاب نهج البلاغة الذي جمعت به بعض حكمه وكلماته الكريمة والتي هي فوق كلام المخلوق وتحت كلام الخالق ، أو الكلمات الدرر للآمدي الذي جمع فيه الكلمات القصار بما يقارب الخمسة آل كلمة في كل موضوع ، وتكفينا شهادة الله له بأنه الراسخ بالعلم وهو الأذن الواعية وهو الشاهد من النبي والهادي للأمة بعده وصراط هدى الله المستقيم لكل دينه وللتحقق بالعبادة لله وتحصيل نعميه وكل ثواب جميل أعده للمطيعين لأولياء دينه وهداه .

وعرفت كثير من الخصال أعلاه وهذه بعض أحاديث علمه نذكرها ويعرفنا بها رسول الله صلى الله وعليه وآله وسلم ، ويذكر بها وليه وهو يرجوا فضل الله وتبليغ رسالته وتأدية أمانته ، وأني أتعبد لله بذكر وليه بها وأبلغها للمؤمنين كما أتتنا من رسول الله وأرجو أن أتحقق بأجره ، لأنه إذا عرفنا أنه عليه السلام أعلم الأمة بعد رسول لله ، وجب علينا الرجوع له وطاعته لمعرفة هدى الله ودينه ومعرفة الله ، ونعرف أن لا يحق لنا أن نخالفه فنردى في مكر ودين أعداءه والعياذ بالله كما عليه من الدين والاعتقاد غيرنا ، والذين عبدوا الله بجهل مركب إذ يتبعون من خالفه ويقولون نحن مخلصون ومهتدون ، والعياذ بالله منهم ومن مكرهم وخداعهم .

ونسأل الله أن يأجرنا أجر العلماء المخلصين في عبادته بهذا الدين القيم ويجعلنا مع خير البرية ، ويأجرنا ويضاعف لنا الأجر في ذكر كل حرف عن الإمام علي وآله ، ويعرفنا إنه إمام الحق وولي الدين صلى الله عليهم وسلم وعن علم ويقين بأنه مع الحق والحق معه .

 

عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

( علم رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام ألف باب ،

يفتح كل باب ألف باب ) .

الخصال ب120ص647ح39.

 

عن الأصبغ بن نباتة ، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : سمعته يقول :

( إن رسول الله صلى الله عليه وآله علمني ألف باب من الحلال والحرام ، ومما كان ومما يكون إلى يوم القيامة .

 كل باب منها يفتح ألف باب ، فذلك ألف ألف باب ، حتى علمت علم المنايا والبلايا وفصل الخطاب ) .

 الخصال ب120ص646ح30. ص642ح22.

أقول : ولله أئمتهم الأوائل لا يقرون بأن لهم علم مثله ، ويقولن لنا شيطان إن خطأنا فقومونا ، ويقولون لولا علي لهلك عمر ويقول كل الناس أفقه من عمر حتى ربات الحجول ، والثالث وضع يهودي لم يرى رسول الله يفتي له في بلاطه بدل عنه ويستشهد بقوله كأنه ليس في عهد رسول الله وضرب عمار وعبد الله بن مسعود ونفى أبو ذر ، وأما معاوية سموه كاتب الوحي ولم يُعرف له آية واحدة كتبها ، حتى عندما جمعوا القرآن لم يرضوه يكتب آية واحدة ولم يعرفوا له دين حتى من سلطه ، وعلي جامع القرآن كله وهو مع القرآن والقرآن معه لم يرضوا بما جمعه ، ورجعوا لتلاميذه كأبن عباس وأبن مسعود ، ثم لما كتب القرآن بفضل الله كما أراد سبحانه وهو الحق بما ما موجود بين الدفتين في المصحف .

ثم هم في التفسير والشرح لكتاب الله خلطوهم بغيرهم ممن عاداهم ، ولم يرضوا بالإمام علي وحده ولا بتلامذته ومن قر له بالفضل وحدهم ، بل يبحثون عن ناصبي لعلي فيأخذون فكره وكل دينهم يرووه عن أعداء آل محمد ولم تجد لشيعة علي إلا نزر يسير لا يشكل ربع الدين عندهم بل ولا عشره ، لأنهم لم يعتنوا بدين أولياءه وحدهم بل ينقلونا عنهم مع خلط لغيرهم ، هذا الأوائل ، وإمام الوهابية فهم هجروا علي وآله وأتباعهم بالمرة ، لكي لا يعرفه الناس الإمام الصادق المصدق بالحق وأن دين الله عنده عند ذكر أحاديثه أو سند يصل له من أتباعه أو أتباعهم ، فكان لهم كتم علمي وعملي لدين الله ، وفي كتاب الله ملعون من كتم علم لله أو حرفه أو منع منه أو أفتى بغير علم.

 راجع الغدير تعرف المأثور من علمهم المخالف لعلم الله في كتابه وسنة رسوله ، وكيف أنهم مع الجهل بالدين وتعاليم رب العالمين يتصدون للحكم ويفتون ويشرعون بالقياس والاجتهاد وأي اجتهاد لم يرضه الله ولم يكن له بحق أن يفتي برأيه ، وهناك من هو  أعلم منهم عنده علم الله عرفه الله ورسوله لنا بكل صفة حميدة وخصلة مجيدة ، ولكن الملك الملك والسلطة السلطة حلت لهم والعجب والكبر تمكن منهم ، حتى حرموا الحديث عن رسول الله ، أنظر كتب منع تدوين الحديث ما يقارب المائة والخمسون سنة حتى عصر المنصور ، فضلاً عن سبهم لعلي على منابر بني أمية سبعين عام والعياذ بالله منهم .

وكانوا الأوائل يقولون : يكفينا كتاب الله ، وهي كلمة طيبة خدعوا بها الناس فكانوا يفسرون لهم ما يريدون برأيهم وما يحلوا لهم من القياس ، وقد قال الخوارج لا حكم إلا لله ، وكأنه الله ـ أستغفر الله ـ ينزل بنفسه يفسر القرآن ويحكم ، ولم يرسل رسل وأنبياء وجعل أوصياء وحافظ على دينه بأئمة هم مناط تفسير كلام الله وحديث رسوله ولهم يرجع عند الاختلاف،  بل لطلب العلم الحق ، وقد عرفهم الله ورسوله بكل خصال الكرامة والمجد وجعلهم في ذاتهم علماء حلماء أبرار أتقياء ومكنهم من دينه برعايته لهم وشهد لهم كل وجودهم .

ولا أدري كيف كتبت الأحاديث بعدهم وكان التحريم استمر ما يقارب مائة وخمسين سنة إلى زمن المنصور العباسي ، لأنه وأنه رُفع السب وأمر بالكتابة عمر بن عبد العزيز الملك الأموي ، لكنه لم يطع ولم يكتبوا عملا بقول عمر وحيث أول كتاب حديث كتب لهم فيما يقارب هذا الزمان ، وأغلب رواياتهم من النواصب للإمام علي ومن حاربه ولم يرضى به إمام وقائد وولي دين ، فأي علم دين بقي لهم من غير علم أهل البيت الذين طهرهم الله وصدقهم وشهد الله ورسوله وكل الصحابة والطيبين لهم بالعلم .

 نعم نجى من بقي موالي لعلي وآله وهذه الأحاديث التي ذكرناها كانت تشهد أن من والى علي نجى وهدي وتنعم ، فهنئاً لشيعته والمتعبدين لله بدينه وهداه.

ذكر المفيد بإسناده عن مرة عن عبد الله بن مسعود قال :

( استدعى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علياً فخلا به ، فلما خرج إلينا سألناه ما الذي عهد إليك .

فقال : علمني ألف باب من العلم فتح لي من كل باب ألف باب ) .

الإرشاد ج1ص34 .

 

عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى علي عليه السلام بألف باب كل باب يفتح ألف باب ) .

 الخصال ب120ص646ح31.

 

عن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال : لما حضرت رسول الله صلى الله عليه وآله الوفاة دعاني فلما دخلت عليه قال لي :

( يا علي :أنت وصيي وخليفتي على أهلي وأمتي ، في حياتي وبعد موتي.

 وليك وليي ، ووليي ولي الله ، وعدوك عدوي ، وعدوي عدو الله .

 يا علي : المنكر لولايتك بعدي كالمنكر لرسالتي في حياتي .

 لأنك مني وأنا منك .

 ثم أدناني فأسر إلي ألف باب من العلم ، كل باب يفتح ألف باب ) .

الخصال ب120ص652ح53.

ذِكرٌ للطيب : كان أخر عهد الله ورسوله لعلي بن أبي طالب عليه السلام وصية وتعليم جوامع الكلم وعلم يفتح الله به كل ما يحتاجه الإنسان من الأحاديث الجامعة في المعارف ، وإلا فإن الأمام علي عليه السلام كان له مجالس كثيرة من رسول الله في كل يوم درس خاص يطول بينهم يقول الإمام يعلمني به كل ما أنزل الله عليه ويشرحه له ، ويبين له كل ما يحتاجه إمام الحق بعده ، وولي الدين الذي يتصدى لخلافة المسلمين وقائدهم لمعرفة الله وهداه الذي فيه سعادة البشر وتشريفه بطاعة الله ودخولهم في نعيمه الخالد ، جنة عرضها السماوات والأرض ملك لهم خالص ، لأنه يطهر من كل ظلم وظلام وجهل لذا تراهم يسمو في الملكوت ويريهم سبحانه ملك العظمة التام الطاهر من كل ظلمات ، كما طهرهم في الدنيا وجود وعلم ودين والذي أعده الله لأوليائه علي وشيعته هم الفائزون به ، وخسره أعداءه بمنع ذكره ومعرفته ودينه ، فخسروا أنفسهم وظلموا وجودهم قبل أتباعهم .

 

ولم تكن مثل هذه المجالس مع نبي الرحمة لأحد من الصحابة غير أمير المؤمنين بالحق علي بن أبي طالب ، ولم يُعد ويهيئ أحد مثلما أعد الله ورسوله الإمام علي ورعاه حتى رسخ في علم الكتاب وعلم رسول الله ، حتى كان كله ذكر لله ومذكر بالله وبتعاليمه ومعارفه بكل تصرف وحركة وسيرة وسلوك له ، فكان كل ما يصدر منه علم أو عمل فهو كان تعليم دين وبيان وشرح لهدى الله وكيف يجب أن يكون المؤمن في طاعة الله ، حتى قال الله في حقه في آيات البيوت المرفوعة رجال لا يلههم مله عن ذكر الله ، يعني حتى سيرتهم فضلاً عن قولهم الذي سيأتي ذكره في الباب الآتي وآية الراسخون بالعلم وغيرها .

 

وليس لأحد من رسول الله ما كان له وهذه الأحاديث في علم الإمام علي عليه السلام نقلوها بصور مختلفة ، نقلنا قسم منها بناء على النقل من كل حديث صورة أو صورتين ، وأنظر مجالس علي مع النبي في الدروس الخاصة التي يعرفنا بها .

 

ذكر المفيد بإسناده عن الأصبغ بن نباتة قال :

( لما بويع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بالخلافة :

خرج إلى المسجد معتما بعمامة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  لابساً برديه .

فصعد المنبر : فحمد الله و أثنى عليه و وعظ و أنذر ، ثم جلس متمكنا و شبك بين أصابعه و وضعها أسفل سرته ، ثم قال :

يا معشر الناس : سلوني قبل أن تفقدوني ، سلوني فإن عندي علم الأولين و الآخرين .

أما والله لو ثني لي الوسادة لحكمت : بين أهل التوراة بتوراتهم ، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم ، وأهل الزبور بزبورهم ، وأهل القرآن بقرآنهم .

حتى يزهر كل كتاب من هذه الكتب ، ويقول : يا رب إن علياً قضى بقضائك .

والله إني أعلم بالقرآن وتأويله من كل مدع علمه ، و لو لا آية في كتاب الله لأخبرتكم بما يكون إلى يوم القيامة .

ثم قال : سلوني قبل أن تفقدوني .

فو الذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو سألتموني عن آية آية :

لأخبرتكم بوقت نزولها و فيمَن نزلت .

 و أنبأتكم بناسخها من منسوخها ، وخاصها من عامها ، ومحكمها من متشابهها ، ومكيها من مدنيها .

 والله ما فئة تضل أو تهدى إلا وأنا أعرف قائدها وسائقها وناعقها إلى يوم القيامة ) .

 الإرشاد ج1ص34 .

 

ذِكرٌ لك يا طيب : بحق كان الإمام علي عليه السلام أمير المؤمنين وولي المتقين وعنده دين الله وهداه وعلم الله ورسوله ، يحدث بصدق وينطق بحق ، فهو مع القرآن والقرآن معه وهو مع الحق والحق معه يدور معه ، ولابد في نور الله وهداه وخاتمة تعاليمه التي شرف بها عبادة بعد رسول الله ، ومن له هذا المجد والفضل والكرامة وعلو الهمة في معرفة دين الله وتعريفه لابد أن يحب ويطاع ويؤخذ دين الله منه ، وأين منه من قال لي شيطان فقوموني أو كل الناس أفقه منه ، والله دينه علم ومعرفة وهدى وقانون يهدي الوجود في كل شيء ليوم القيامة .

ولذا كان أمير المؤمنين الحق الصادق المصدق من الله ورسوله ، راجع العلوم الدينية والمعارف الإلهية عن الإمام علي عليه السلام ، والعلوم المنقولة عن الأئمة المنحرفين عنه والمانعين من ذكره ومعرفته ، تعرف بعين الحق أنه أعلم الناس بعد رسول الله ، وتعرف أنه لا يمكن أن يعرف الله ودينه إلا منه وبتعريفه.

 

 وراجع كلمات أئمتهم لم ترى فيها خطبة واحدة فيها من المعارف الإلهية التي عند الإمام علي ، فترى الفرق بينه وبينهم ، وترى أن علي مع الحق والحق مع علي عليه السلام ، وعليك الإنصاف بحق وأنظر لإمامك الذي تدعى به يوم القيامة ، فإن الإمام علي عليه السلام أمير الحق وهو الذي أعطى العلم لكل طالب حق ، وبتوسط معارفه بعد رسول الله أخلص الدين لله بحق تلاميذه وآله وصحبهم المحبين له ولآله وهم صادقون ، فلا تخلط بينهم وتعبد الله بدين مشوش في رأي أعداء علي والمانعين من ذكره وفكره ، وتترك الدين الصافي والهدى الخالص لله تعالى .

 

عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت له :

جعلت فداك لم سمي أمير المؤمنين عليه السلام  أمير المؤمنين .

قال:(لأنه يميرهم العلم أ ما سمعت كتاب الله عز و جل وَ نَمِيرُ أَهْلَنا).

معاني‏ الأخبار ص63ح13.

أقول : الأمير وأمير المؤمنين لابد أن يُعلم العلم ، وهو في الإسلام أمير دين الله ، بل منه يعرف الله راجع معارفه في نهج البلاغة وتوحيد الصدوق ، أحاديث العلم المنقولة في علم الإمام علي عليه السلام كثيرة ونختار لك منها البعض ، وعليك بالكتب الموسعة التي نقلت كل الأحاديث حتى كانت موسوعة عن علم الإمام علي عليه السلام ، بل إن لشرح كتاب واحد من كلامه وهو نهج البلاغة كان عشرون جزءاً لأبن أبي الحديد ، وعشرون جزءاً للخوئي ، وهكذا توجد شروح كثيرة كشرح بن ميثم البحراني وغيرهم الكثير ، وجمعت مؤسسة نهج البلاغة كلمات الإمام علي فكانت أربعة عشر جزءاً .

ولا يوجد كتاب واحد يمكن أن يجمع فيها كلمات أعداءه من أئمة القوم دون من كان يرتع في بلاطهم الحرام ليفتي لهم ، ولو جمعوا كلمات أئمتهم فضحتهم ولرأيتها في ركاكة وخلاف تعاليم رب العالمين وفيها ما يضحك الثكلى ، وهذه أحاديث أخرى في علم الإمام الحق ، ننقلها عن صحبه الكرام .

 

ذكر المفيد بإسناده عن ابن عباس قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

( علي بن أبي طالب أعلم أمتي و أقضاهم فيما اختلفوا فيه من بعدي ) 

الإرشاد ج1ص33 .

أقول للطيب : أحد المؤمنين جمع كتاب جميل في قضاء للإمام علي عليه السلام وطبع وفيه قصص الحق ، وإن كان لم يجمع كل مسائله الفقهية ، بل حوادث ووقائع من قضائه الذي لم يعرف الناس في زمانه حكمه فرجعوا له ، ولو جمع إنسان مسائل الفقه لكان كتاب كبير ، ولكن راجع وسائل الشيعة الجزء السابع والعشرون وغيره تجد عنه علوم جمة بل راجع الوسائل في كل أبواب الفقه فيه لتعرف دين الإمام علي وآله عليهم السلام ، وإن كان في المسائل الفرعية يجب التقليد دون الاعتقادية التي يجب البحث فيها ومعرفة الدليل للإيمان وأصل المعرفة .

ولذا أين ما طلبت الإمام علي عليه السلام تراه هو الدين الحق دون دين أعدائه ، حتى مفسر القرآن صاحب التفسير الكبير قال من أخذ بدين علي نجى وهو يشرح آية الوضوء والمسح فيه ولكنه مع ذلك خلط به غيره مع اعترافه بأن دين علي وحده الموصل لرضى الله وهكذا غيره ، لا تعجب أن لم يعمل هذا الخلط يُرفض من أهل ملته ويقصى ويسلب كل جاهه وشأنه عندهم ، وهذا لا يتركه إلا من أخلص لله دينه دون رضى الناس وما يقولون وقال تعالى قليل من عبادي الشكور.

 

ذكر المفيد بإسناده عن حمزة بن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول :

 ( أنا مدينة العلم و علي بابها فمن أراد العلم فليقتبسه من علي ) .

الإرشاد ج1ص33 .

أقول : العلم نور راجع الجزء الأول والثاني من بحار الأنوار تجد أحاديث كثير في فضل العلم والمعرفة والتعبد بها لله تعالى ، لأن دين الله هو العلم ثم العمل ، والعامل بغير علم يبتعد عن الله ، وكلمات جميلة في العلم للإمام علي عليه السلام راجعها في غرر الحكم للآمدي ، وقسم منها في نهج البلاغة بل يكفيك الأجزاء الأول من بحار الأنوار لترى فضله وضرورته وأنه أول الدين ، ولا علم حق بالدين إلا من الإمام علي وهو له أعلى أجر ، وأعلى ثواب للعالم وبالعلم رفع الناس درجات وتفاضلوا ، حتى عد الله ملكه العظيم هو الكتاب والحكمة التي خصها بالنبي وآله ولذا حسدهم الناس .

 والعلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء إن طلبه من الإمام علي وآله دون غيرهم ، لأنهم هم أصحاب آية النور وأولياء الله الذين يخرجون من الظلمات إلى النور ، ولذا رفع الله ذكره في بيتهم وجعلهم أئمة حق وهدى ودين لكل معارف دينه بل معرفته بما يحب ويرضى ، وأين من معرفة الله ودينه من لم يعرف الإمام علي من حرّم ذكره ومعرفته .

 

عن أبي إسحاق السبيعى قال : سمعت بعض أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ممن يثق به قال : سمعت عليا عليه السلام يقول :

(إن في صدري هذا لعلما جما علمنيه رسول الله صلى الله عليه وآله .

 لو أجد له حفظة يرعونه حق رعايته ويروونه كما يسمعونه مني .

 إذا لأودعتهم بعضه ، فعلم به كثيرا من العلم .

 إن العلم مفتاح كل باب ، وكل باب يفتح ألف باب ) .

الخصال ب120ص645ح29.

أذكر للطيب : أنه من جميل الكلام ما نقل لنا هو أنه كل الصحابة كانوا يحتاجون لعلم الإمام علي ويسألونه ويعتقدون أنه حق ولم يسأل هو أحد منهم ، ومع ذلك كانوا تراهم يروون هذا ويستنون بسنن من يخالفون الله ورسوله بها ، ويعلمون علوم يحرفون بها الناس عن الحق ولم يسألوا الإمام عنها ، لأنهم يعرفون أنه كثرة الحديث عنه ليس في صالحهم ، وكانوا يلجئون له حين تعييهم الحيل وخوف الفضيحة وجمع بعضهم كتب في قضاء الإمام علي عليه السلام وأخر في احتجاجاته .

 وهكذا يمكن جمع كتاب أخر في الأسئلة التي وردت عليه وعرضوها عليه ، وغيرها من الكتب التي تختص في جانب واحد من معارفه التي علمها ، وهم ليس لهم شيء منها وأنظر القول التالي ، فإنه مع التعمية عن الحق والمنع الشديد عن معرفة الإمام علي وعلومه ، لأنهم كانوا عندما يفتح المسلمون البلاد كان يسأل عن الحاكم ، فيعرف أتباعه ومن عينهم أمراء ومن يفتي على بلاطهم وبإذنهم ويجعلوه إمام مسجد وفقيه البلد ، بأن خلفاء رسول الله فلان وفلان ولم يذكروا الإمام علي معهم .

 

ألقاب ومناقب الإمام علي عليه السلام التي حلاها به الله ورسوله ، وهو بجدارة أستحقها وهي له أسم على مسمى ، سرقوها وأعطوها لأئمتهم لكي يبقوهم على مناصبهم ، حتى جاء زمان معاوية أمير الشام كلها والوليد أمير العراق وعمر بن العاص أمير مصر وهكذا ، فيعطوا لمن نصبهم ألقاب رنانة كأمير المؤمنين وخليفة المسلمين ، والناس في ذلك الزمان ما يدريهم عن الإسلام شيء والحق وأهله وكيف أوصى رسول الله وكيف يعتني الله بدينه ، وهم لا يقرءون ولا يكتبون ولا مدارس وكتب ، وكل العلم قصص بالأفواه ، وخلف يسولف عن سلف أضله عن الحق ، وهم يضعون من يواليهم ويعرفهم حتى يحصل لهم فخر ولو كاذب ، والذي فقده لعدائه لولي الدين ، وخسر كل مجد عند الإمام علي الذي ذهب بالحق والعلم وكل كرامة له ولاتباعه لأخر الوجود حتى في الجنة ونعيمها بفضل هدى ومعرفة الله وتوفيقهم للحق والإخلاص له بدين الصادقين.

 

 فإن معاوية عليه غضب الله قال يوماً لم يعرف أحد باسم علي في الشام ، ولم يدروا ما علي حين عينوه حاكم على الجهة الغربية من البلاد الإسلامية ، وعلي كان قد قتل في بدر في يوم واحد أخاه وعمه وخاله وهم كفار ومعاوية وأبوه معهم ، فليرضوا أبوه أبو سفيان ولا يمكر بهم وستهزأ بهم أنه لا يستحقون السلطة ، شاركوه فيها وسلطوا ولده على الشام ، وهو ثلاثون سنة يعلمهم دينه ومكره وعرفهم خصال كاذبة لأئمة حتى صار إمام الضلال بعدهم بجدارة وبكل خداع ومكر ، حتى حكم عليه السلام وأخذ حقه في ولاية الله ، فقالوا بعد عثمان الخليفة علي فعرفوا شخص باسم علي ولكن لا يعرفون أنه إمام حق ، وهو الذي أدخل بسيفه معاوية وأباه خوفا في دين الله مستسلم ولو لم يسلما فضلاً من أن يؤمنا .

 ولذا تمكن معاوية من أهل الشام وجمعهم فحاربوا الإمام علي ، وقال لهم هذا خارج على رسول الله ، وكان يحاربه ويحسب من علمهم دينه أن علي ضال قتل الصحابي عثمان أمير المؤمنين فصدقوه ، وجمعهم لحرب علي يموتون في الدفاع عن معاوية ، حتى كان ما كان وعمل ما عمل من الفتن .

بل حاربت الإمام أمه عائشة ! حسدا له لكي لا يُعرف الحق ، ولكي لا يفضح أباها ويعرف أنه كان غاصب لمنصب رسول الله عندما يعرفوا الإمام علي بأنه ولي الله وينشر من معارفه الصادق في الله التي يقر لها كل منصف ، فلم يمهلوه أن يُعرف دين الله ومعارفه حتى حين حكومته ، وكأنه أوصاها رسول الله بحربه خلاف لأمر الله وقرن في بيوتكن ، ولم ينبهها بأن كلاب الحوؤب تنبحها.

 

ولكن بحمد الله وإتقانه لهداه وجديته في بيان دينه جهودهم المضنية بائت بالفشل والله متم نوره مع ما ظُلم ومنع عليه السلام من نشر الحق ، فتمكن من قول ما أراد حتى كان نهج البلاغة وغيره من معارفه بل نشر فضله كل منصف ، و يصل له كل طالب حق في التدبر في مجد المعرفة عن ولي الدين ، وآيات الإمامة وغيره تكفي فضلاً عن معرفة رسول الله وما قال فيه ، أو سيرته النظيفة الطاهرة معه وبعده تكفيه ، ولهذا كان مع ذلك يسألون عنه لما ظهر لهم من فضله مقهورين على معرفته والسؤل عن أحواله وخصائصه :

 

ذكر الصدوق عن عباية بن ربعي قال : جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنه ، فقال له أخبرني عن الأنزع البطين علي بن أبي طالب عليه السلام فقد اختلف الناس فيه .

فقال له : ابن عباس أيها الرجل و الله لقد سألت عن رجل :

ما وطأ الحصى بعد رسول الله أفضل منه .

وأنه لأخي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

وابن عمه ، ووصيه ، وخليفته على أمته .

و أنه : لأنزع من الشرك ، بطين من العلم .

و لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول :

( من أراد النجاة غدا فليأخذ بحجزة هذا الأنزع يعني عليا ) .

معاني‏ الأخبار ص63ح11.

أقول : وهكذا كان أصحاب علي المخلصون يُعرفون المؤمنين إمام الحق مع آله بعده فضلاً عن تعريف الله ورسوله له ، ومن طلب الحق تمسك بعلي وأخذ بحجزته نجى وفاز ، وإلى الجحيم من تركه ولم يحتاج لعلمه ، وما يضر رب العالمين عاصي وعابد له بغير دينه ولم يقترب له بأهل الحق والهدى والدين ولم يعرفهم ولم يعرف دين الله منهم  ، وأنظر ما كان يذكر الصحابي الجليل الآخر عن علم علي عليه السلام .

 

قال عبد الله بن مسعود : علماء الأرض ثلاثة :

عالم بالشام ، وعالم بالحجاز ، وعالم بالعراق .

 أما عالم الشام : فأبو الدرداء .

 وأما عالم الحجاز فهو علي عليه السلام .

وأما عالم العراق فهو أخ لكم بالكوفة ـ أراد ابن مسعود نفسه ـ .

 وعالم الشام ، وعالم العراق محتاجان إلى عالم الحجاز .

 وعالم الحجاز لا يحتاج إليهما .

 ونقل عن الشيرازي في طبقات الفقهاء انه قال مسروق :  انتهى العلم إلى ثلاثة :عالم بالمدينة وعالم بالشام وعالم بالعراق .

 فعالم المدينة : على بن أبى طالب ، وعالم العراق : عبد الله بن مسعود ، وعالم الشام : أبو الدرداء .

 فإذا التقوا : سأل عالم العراق وعالم الشام ، عالم المدينة ، ولم يسألهما .

 الخصال ب3ص173ح229.

أذكر لك يا طيب : كل الصحابة عرفوا علي بما كرمه الله من العلم ، وكل خصال الكرامة والمجد والفضل والمناقب التي تؤهله لولاية الله وإمامة المؤمنين بجدارة ، وحتى يكون أميرهم بحق ويميرهم العلم الإلهي وهو صادق بما يريد الله تعالى أن يعرف ويعبد ، ولذا حسده من حسده ومنعوا من ذكره لما تسلطوا على الحكم وهكذا جاء بعدهم خلفهم الضال .

 ولكن بقي مخلصون يذكروه للناس وعرفوه حتى عرفه أغلب الطالبون للحق ، ولهذا كان وما زال أخلص الصحابة معلمي القرآن يقرون بفضله ، والحقيقة إنه خلاصة معرفة الحق وعلم علي عليه السلام ، هو أنه لم يعرف الله ولا كلامه إلا بعلي لأنه مع القرآن والحق وهما معه أتلو الحديثين التاليين .

 

قد أسند الخوارزمي أن أبا الحارث مولى أبي ذر دخل على أم سلمة فقالت : أين طار قلبك لما طارت القلوب . قال : مع علي .

 قالت : وثقت والذي نفسي بيده لقد سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول :

( علي مع القرآن والقرآن معه .

لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ) .

الصراط المستقيم ج3ص163 . الحوض الطرائف ج1ص103ح152. الجمل ص418 ، بناء المقالة الفاطمية ص199.

بن أبي الحديد الأخبار الصحيحة أنه قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

 ( علي مع الحق و الحق مع علي يدور معه حيثما دار ) .

شرح‏ نهج‏ البلاغة ج2ص297 ، الفصول‏ المختارةص339و204

ذِكرٌ لك يا طيب : خلاصة الكلام هو علم القرآن والحق وهما عند علي فمن خالفه ما بقي عنده من هدى الله ودينه شيء ، وكيف يعبد الله أحد بما يبعده عن الحق وعلوم القرآن ، نجى علي وحزبه وجعلنا الله معهم في الدنيا والآخرة .

 

إلى الأعلى



سادس الذكر 

علي حبه حق والغواية والضلال بحبهم لأئمتهم

حب الإمام علي عليه السلام من حب الله ورسوله والله أمر به فيصب في عبادة لله تعالى وحده لا شريك له مع الإخلاص ، كذكره المُعرف لنا نعمة الله وفضله ومجده عليه ، وكل كرامة نزلت منه سبحانه أو أعدها لأولياء دينه كانت له ولشيعته المحبين له والمخلصين لله بدينه ، لأنه عرفنا بذكره بالخصال الحميدة والأخلاق الكريمة التي ظهر بها أو عرفنا الله ورسوله إنها من خصائصه ، هي في الحقيقية مٌعرف لعظمة الله وعلوه وسعة ملكه وتكريمه لأحب المؤمنين وأميرهم فمكنه منها بحق ويقين ظاهر وباطن ، ولذا جعله الله ولي المخلصين له الدين ، وإن كان كل كرامة ونعمة له هي بتفضل منه سبحانه ومِن إحسانه عليهم وبره بهم ، وكان بهذه المعرفة يعبد الله فيعرف وليه الحق ، ومتيقنين تحقق خصال الشرف والكرامة والمجد فيه ، وتعرف به عظمة الله في إتقان دينه وهداه بأئمة الحق ، فنهتدي لعبودية بحق وبصراط مستقيم وهدى دين قويم .

وذكر الإمام علي وحبه هو كطلب العلم منه لأنه الإمام الحق وولي الدين الموصل لمعرفة الله ودينه ، ومَن كان محب مخلص له يأخذ دينه منه ويخلص لله به عبودية تامة ، بل يُعرف دينه الذين هو دين الله ورسوله من غير شرك له برأي غيرهم من أئمة الكفر ، كما وإن حب الإمام علي عبادة لله لأنه يصب في حب معرفة الله ودينه الحق ، بل في حب الله ورسوله وإطاعتهم والإخلاص لهم ، وهل الدين إلا الحب ، وبتولي أولياء الله وبمعاداة أعداء الله تكمل المعرفة ويتم الدين ورضا الله وتُقبل العبادة له ويصح فيها معنى الإخلاص .

 وأحاديث الحب لأهل البيت كثيرة ، وبالخصوص حب الإمام علي عليه السلام ، لأنه محك الإيمان وصدق دعوا التدين لله بدينه الحق والهدى الواقعي المأخوذ من عند ولي الدين ، والمختار وصي لأكرم نبي وخليفة للمؤمنين من الله بحق ، وعرفه الله ورسوله لنا بكل دليل وبرهان حق ، يمكن أن يعرفه كل منصف يتدبر في آداب الدين وسنة رب العالمين في هداية عباده .

 وننقل هنا قسم من أحاديث الحب وسنجعل بحث آخر مستقل فيها إن شاء الله وتحليل وجوبه لأولياء الدين ، بل لكل المؤمنين الطيبين الصادقين في الولاء لأمير المؤمنين وآله بعده بأمر الله وسيد المرسلين ، ونسأل الله أن يجعلنا صادقين في حبه ونحصل على كل أجر آية المودة للقربى ، وثواب العلماء الصادقين المحبين لإمام الدين ، وأن يمن علينا ويكرمنا بالعطاء المضاعف لمن يخلص الطاعة لوليه الحق ، والذي أمر بطاعته عن محبة وإخلاص له في كل تعاليمه ومعرفته وذكره ، إنه ولي حميد يحب المحسنين الذين يحبون الإحسان الذي كرم به نبيه وآله وبالخصوص الإمام علي بين أبي طالب ، وإنه حب لحب الله لأنه يُعرفنا بالله ودينه ولذا الله أمر به وجعل أعلى ثواب له راجع آية المودة وتدبرها .

 والكلام في حب أولياء الله ووجوبه من ضروريات الدين ، ولكن عرفت إن المحاور كان يناقش ولا يرض به دين يعبد به الله ، والله أمر به في آية المودة للقربى وذكر له كثير من الأجر ، وأثنى على لأنصار لأنهم يحبون من هاجر لهم بل أمر بطاعة ولي الدين وحبه في كثير من الآيات .

 ولكن من كان على مذهب المحاور قست قلوبهم وتحجرت عقولهم ، ولا أدري لماذا يدافعون عن أئمة الكفر أئمتهم ولَمَ يحبوهم وهم في اعتقادهم ممنوعون من حبهم وإن الله لا يرضى به ، لأنه يكون شرك في حب الله تعالى وحده ، وهل جعل الله في جوف أحد قلبين حتى يحب أثنين ، وإذا كان لا يجوز حب أحد غير الله ، لماذا لا يرضون الله بذم أعدائه وهم مأمورين بلعن من عاد الله ورسوله ومن آذاه وقتل آله بعده ، ومنع من ذكره والصلاة على آله معهم فحرفوا الناس عن دين الله الحق ، وهم حين يذكرون النبي لا يصلون عليه وحده وإن ذكروا آله ذكروا كل الصحابة حتى المنافقين ومن حارب النبي وآله الطيبين الطاهرين صلى الله عليهم وسلم .

فعجباً لهم ومنهم يحرمون ذكر أحد نبي أو صحابي أو حبه كطاعة لله وعبادة له وإنه لا ثواب له عندهم ، وعندهم لا يجوز حب أحد غيره الله وذكره ، ومع ذلك يكفرون من يذم المنافق من الصحابة ولم يحبهم ، لأنهم قتلوا أهل البيت وآذوا رسول الله في آله ولم يحبوهم وتشهد لهم سيرتهم معهم ، بل مكروا بهم ومنعوا الناس من معرفتهم فضلاً عن محبتهم ، وكان كل واحد منهم لم يصر محب حتى يكون صاحب ولم يرفق بالنبي ويحفظه بآله حتى يكون رفيق ، والله أمر بلعن وبقتال من آذى النبي الكريم ، بل من حرّم معرفته بحق المعرفة في آله وكل النعيم والمجد والفضيلة من الله المعد لهم ولمن أحبهم ، فإن من آذى رسول الله كان في حرب الله ولم يحبه الله وجعل له كل عذاب شديد ونار لا تبيد .

 وهم قلبوا الحق فجعلوا الذكر بالسوء للصحابي الكاذب في حبه لرسول الله ولم يحبه حتى يمكن أن يقال صار محب فصار صاحب وصحابي لأنها كلمة مركبة منهما ، ولم يرفق به وبآله بل قتلهم فلم يكون رفيق ، ويجعلون هذا الحديث والبيان لحقيقة أئمة الكفر والشرح لحال هؤلاء المنافقين كفر وشرك ، وهو نقيض حب الله ورسوله وآله الذين أمر الله بحبهم وهو العبادة لا الشرك ، وإن الشرك في حب أعداءهم والتعبد لله بدينهم ، وجعلوا جيش الصحابة وفي الانترنيت يقتل من يذكر سيئات الكفرة والمنافقين أئمة الكفر والضلال أعداء أئمة الحق بكل أسلوب ، وهو نوع من إظهار الحب لأعداء آل محمد والموت في سبيل ود الظالمين .

وإن أشكل عليه بأنه ظلم أن لا يحب النبي محمد وآله وقد أمر الله بحبهم ، يتلعثم ويخجل ويقول أحب آل محمد وصحبه ولو كانوا أعدائهم ومن قتلهم ، فينافق وعندما تتركه يحب أعدا النبي وعلي وآله ويأخذ كل دينه من أئمة الكفر وأتباعهم ، ويهجر بالمرة علي وشيعته ومحبيه ولا يروي حديث واحد عن دينهم أو يذكر لهم فضيلة وكرامة ، وقد أمر الله بلد أعداء الله ورسوله وأوليائه لا لد إمام الحق نفس رسول الله وولي دينه وآله وشيعته ومن نصب العداء لهم ولدينهم ، ويحسبون أنهم يعبدون الله ويحسنون صنعا في الدفاع عمن قتل علي وآله وهم كأنهم يعبدونهم ، ولو لم يسمون هذا عبادة لله ولا حب له ولا عبادة وحب لأوليائهم .

 ولكن هذا دفاعهم هو في الوقع عبادة لمن أضل الناس وحب لأئمة اكفر والنفاق ، لكونهم تسموا باسم صحابي دون حقيقته ومعناه ، وقتلوا الناس وحاربوهم بكل وسيلة لستر ضلال أئمتهم ، ولتحريم ذكر حقيقة أئمتهم السيئة ومكرهم وخداعهم للمؤمنين .

ولم ترى المحاور ومن هو على دينه ومذهبه ، لم ترى منهم دفاع ولو كلمة واحدة عن أئمة الحق والهدى من آل محمد صلى الله عليهم وسلم ، وبالخصوص من كان صاحبه الحق ورفيقه التام بل نفس وجود النبي ، ولا معرفة به ولا ذكر لمجده وفضل الله ونعمته عليه ، وهو المتحقق بحق بكل دينه والمُعرف له بكل كلمة وتصرف له ، وهم الصحابة الحقيقيين الذين كلهم حب لله ولرسوله ، وحب الله ورسوله لهم ، وبكل معنى يعرفنا كل الدين والعبادة والهدى والنعيم والإخلاص المتبادل بينهم وبين الله تعالى ، حتى كثرت الأحاديث بين الطرفين والله يؤيدهم بذكرهم بأجمل الخصال في كلامه .

فإن الله ولي الحب والبر والهدى والإحسان ربانا وحبب لنا النبي وآله فأمرنا بودهم وطاعتهم والتسليم لهم بكل ما يعرفوا من تعاليم الدين والصلاة عليهم كلهم مع رسول الله ، ويعرف لنا تحقق أولياء دينه بكل مجد وكرامة وفضل ونعيم تام وإن لهم رضاه الأكبر ، وبالخصوص لولي دينه الأول بعد النبي علي بن أبي طالب صلى الله عليهم وسلم ، ويدافع عنهم لأنه يدافع عن المؤمنين الحقيقيين ، ويأمرنا بذكرهم والحديث عنهم بود لهم ، فرفع ذكرهم وعرفه لنا في كتابه وسنة نبيه ، والنبي وآله يعرفونا الله الحق وحبه الصادق بكل معنى الدين والهدى وحقائق النعيم التي أعدها لأوليائه ، وهو لمن أحبهم وعبد الله مخلص له بدينهم بل بمعرفتهم وحبهم لأنه من حب الله وفي طول حب الله وليس مستقل من دونه أو حب يبعد عنه وعن معرفته كما هو حب أعدائهم الضال المظلم.

لأنه من أحب شيء أحب كل آثاره ، وإن أكمل وأجمل آثاره تعالى هو ظهور عظمته ومجده ودينه ومعرفته الظاهرة في أحبته المعرفين له بكل وجودهم ، وهم نبي الرحمة وآله وبالخصوص أخيه بل نفسه علي بن أبي طالب صلى الله عليهم وسلم ، وهم المتنعمين في عظمة ملكوته بأجمل كمال تام ورفاه وحُسن مقام وشكر سعي في الجنة ، بل كان هذا في آي مكان كانوا قبل الدنيا وبعدها وفيها ، وبهذا يعرف ويذكر عن حب نبينا وآله ، وبالخصوص نفسه الإمام علي صلى الله عليهم وسلم  .

 

والمحاور وحزبه يمنعون ويحرمون ذكر علي في نفسه وفي آله ، وينكرون كل فضيلة له ويجادلون فيها ويحاولون التقليل من أهمتها بعد ثبوتها ، ولا يقرون بأنها تزكية له من الله ورسوله وإنها دليل قوي للإمام وبرهان محكم لولايته وبيان لحقيقة الولاية وملاكها للمتحقق بهذه الخصال الحميدة والصفات المجيدة  .

 وهم في عين الزمان الذين يهجرون به الله وفضله في علي وآله وسيده النبي ، يزكون غير أئمة الحق ويقتلون المؤمنين بسببهم ، ولا يعتقدون بوجوب حبهم أو لا ثواب به ولا طاعة ولا عبادة لله ، وما أدري ما يفعلون بالظلم المخالف للإنسانية ، فضلاً عن كتم معرفة الله ودينه وحبه والإخلاص له بفعلهم هذا ، والذي يزكي أئمة الكفر والضلال ويحببهم للناس ويحرفهم عن أئمة دين الله وولاة أمره الذين أختارهم لهدى عباده الطيبين ، فهو في عين الشرك وفي كل النفاق والضلال بل من أئمة النفاق والضلال درى بنفسه أم لم يدري ، لأنه داعية ومعرف لغير الحق وليس متعبد به فقط .

 

 ولا أردي بأي دين يعبدون الله وهل اسم الإسلام توسع حتى شمل أعداء الله ورسوله وآل رسول الله وقتلة أئمة الحق والهدى ، وهل يمكن أن يسمى مسلم فضلاً عن مؤمن من يحارب رسول الله عندما بمنع معرفة صاحب رسول الله الأول وأخلص المخلصين له والمشارك له في المجد والفضل الإلهي في كل مراتب الوجود،  أينهم من الحق وأهله  .

فإن الله أمر بحب علي وآله وهم أقرب قربى النبي وآله وأهله وعترته  ، بل أمرنا أن نصلي عليهم كلما ذكرنا رسول الله في كل يوم عند سماع اسم النبي في أذان أو في التشهد ، أو عند قراءة الفاتحة وطلب الصراط المستقيم للمنعم عليهم لنحصل على هدى الله ، وهل منعم عليهم أحد غير نبي الرحمة وأهله المرفوع ذكرهم بأمر الله والمأمور بالحديث بنعمة الله عليهم والإمام علي سيدهم بعد رسول الله صلى الله عليهم وسلم .

ما لهم كيف يحكمون وبأي خداع لأنفسهم يدينون ، وهم بعيدون عن الله ورسوله وولي دينه المأمور بحبه ومعرفته بكل دينه ووجوب هجر أعدائه وبغضهم ، وهذه بعض أحاديث الحب نذكرها ونتدبرها ، ونسأل الله أن يصدقنا الحب لإمام الحق والهدى ولآله ، ولكل من والاهم وأحبهم ويجعلنا معهم في أعلى عليين ، وعند الوسيلة للمقام المحمود نحف بالنبي وعلي وآلهم وشيعتهم المخلصين لله بدينهم ، وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين .

 

ثابت عن أنس قال : انقض كوكب على عهد رسول الله .

 فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم  :

 ( انظروا إلى هذا الكوكب ، فمن انقض في داره ، فهو الخليفة من بعدي .

 فنظرنا : فإذا هو انقض في منزل علي بن أبي طالب ) .

 فقال جماعة من الناس : قد غوى محمد في حب علي .

فأنزل الله : { وَ النَّجْمِ إِذا هَوى‏ ، ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى‏، وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى‏ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى‏ } .

شواهد التنزيل ج2ص275ح910، 912. النهج ‏الحق ص193آية النجم .

أقول : كُتبت كتب في الآيات المؤولة أو الصريحة النص النازلة في شأن الإمام علي عليه السلام ، كعلي في القرآن لآية الله السيد صادق الشيرازي ، وكأسماء علي النورانية للبحراني وتأويل الآيات الظاهرة ، وغيرها ، وتجد قسم كبير منها في الموسوعة التي كتبت عنه ، وفي البحار جزء 23 وبعده .

وهم غووا في حبهم لأعداء آل محمد وهجروا النبي وعلي وآلهم ، بل هجروا الله وحبه ودينه وهداه الحق ، واتعبوا أنفسهم المظلمة بالتوغل في الجهل المركب والظلام الدامس في كل كلمة وحرف وعلم وكتابة يدافعون بها عن قتلة النبي وآله ، وينصرون بها من حاربهم ومنع من ذكرهم ، ولم يحصلوا على ثواب في اعتقادهم وهم محقون أنه لا ثواب لهم بدفاعهم وحبهم الأعداء علي وآله وسيده النبي ومن آذاهم وحرم معرفتهم ومنع من ذكرهم وكتم علومهم ، بل لو يتدبرون دينهم فهم يسيرون لأشد العقاب الإلهي الذي أعده لأعداء دينه ، وإن لم يسموا دفاعهم عن أئمتهم حب ولا عبادة ، وكأنهم يخادعون الله ورسوله وكل مؤمن .

 والله كلام يضحك الثكلى من يقول لم يعبد الله أو يبتعد عن الله من يدافع عن أحد مؤمن كان أو غير مؤمن ، وحسب حاله يكون مع الله وتعريفه وذكره فضلاً عن حبه ، والإنسان يحشر مع من أحب ، والذكر له والدفاع عنه فرع حبه .

 إن كان مؤمن فهو في طاعة الله وعبادته ، وإن كان عدو لمؤمن فهو حب لعدو الله والدفاع عنه وقد طرد بفعله هذا عن الله ورسوله ودينه ونعيمه ، وأقصي فدخل نار الحرمان عن رحمة الله وتمركز في وسط غضب الله والعياذ بالله منهم ومن دينهم وخداعهم لأنفسهم .

 

إلى الأعلى


 

سابع الذكر

لو أجتمع الناس على حب علي بن أبي طالب

 لما خلق الله النار

عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال :

   ( لو اجتمع الناس على حب علي بن أبي طالب لما خلق الله النار ) .

بشارة المصطفى ص 75 .

و مما ورد في كتاب الفردوس للجمهور ما يرفع إلى رسول الله أنه قال :

( لو اجتمعت الخلائق على حب علي بن أبي طالب ما خلق الله تعالى النار ) . الفضائل ص112. نهج‏ الحق ص259.

أذكر للطيب : ولما كان شيعة ووهابية وغيرهم ، بل كلهم يذكرون علي وينقلون دينه ويتحدثون عن الله بمعرفة واحدة تنقل دين علي وتحدث عنه ، وتذكر نعمته الله عليه في آله وفي نفسه وهداه الذي خصه به ، فيحبوه لأنه أجمل هدى وأقوم دين ويأملون عن دراية وعلم ويقين أنه به يحصلون على احسن نعيم دائم مقيم ، فيخلصون لله تعالى بما يحب ويرضى من العبادة ، ولكانت الكلمة واحدة ولتوحدت الأمة ولأنتشر الإسلام حتى عم بقاع الأرض .

ولكان ما تسلط على الحكم مخالفين علي عليه السلام ، وبالمكر والحيلة  سموا أنفسهم خلفاء رسول الله وأمناء الله على دينه وأخذوا مكان الإمام علي الهادي الحق صاحب المكارم والخصال الحميدة التي يُعرفها بكل وجوده فضلا عن علمه وتعلميه ، ولم يكونوا مثله ولا لهم خصاله الموضوعة لهم فضلّ بهم الناس ، فلم يمكنهم أن يعرفوا الناس الحق ولم يسيروا به بالعدل في الناس ، ولم ينصفوا المظلوم ولا عرّفوا دين الله بحق حسب ما جعله الله عند المخلصين ، بل سلطوا كل طامع بالدنيا ومنافق على الحكم وأعطوه ولاية من ولايات البلاد الإسلامية ، فضعف الناس عن العلم والعمل بالحق ، وغشوهم فتوانوا عن نصر الإسلام لما رأوا كذب أئمتهم ، فلم يعم الإسلام كل بقاع الأرض ولا كان جد من أئمة الكفر ونشاط لنشره وتعريف الناس حقيقته ، بل منعوا معرفته وفضله وكرامة الله فيه عند أولياء دين الله الحقيقيين .

فإنه لو اجتمع الناس صادقين على حب علي عليه السلام لعم دين الله الحق البلاد كلها ، ولما رئيت أحد يكنُ في نفسه حب الشرك والنفاق أو التظاهر بحب أعداء الله ولو أعطوه الدنيا وما فيها ، وذلك لأنه عندما يجتمعون على دين واحد فيه حب علي ويعرفون خصاله الكريمة ويذكرون صفاته المجيدة ، فتدخل في روحهم عقيدة ثابتة لا يستبدلونها بالدنيا وما فيها ، بل لتحققوا بجد ونشاط واقعي علمي وعملي بالإخلاص لله والتفاني في طاعة الله وحب لله ورسوله ، والظهور بدينهم وهداهم بكل وجودهم مثل سيدهم ومولاهم علي بن أبي طالب عليه السلام .

ولو ذكر علي بحق الذكر بكل ما فضله الله ومجده وخصه من الظهور بالصفات الكريمة والخصال الحميدة ، والأخلاق الفاضلة والصدق والعدل والزهد والشجاعة والصبر والتفاني في تعريف الله والإخلاص في عبادته ، لأحب كل طيب أن يكون مثله ، ولحب أن يظهر بكل دينه ولحب علي وآله بكل وجوده  ، حتى يأمل كل فضل الله ونعيمه ويكون مع أهل رجال البيت المرفوع الذكر في الوجود بعد النبي ونوره ، فيسعى للتحقق بنورهم وهداهم بكل لذة في طلب الدين الحق والتعبد به لله مخلص من دون شرك أعداه ، ولكانت الذكرى تنفع المؤمنين ، ولهذا أمر الله رسوله أن يحدث بنعمة الله عليه ، ولذا قال الله رفعنا لك ذكرك .

 وهذا علي بن أبي طالب بل وآله معه بعده بحق وصدق يعرف النبي بكل دينه من غير أي ضلال لأعداه ، ولا فيه مكر لمن حاربه فخدع الناس وعلمهم فكره بدل دين الله الذي يظهر به الإمام علي وحزبه ، وهو عليه السلام الظاهر بهدى الله ودينه من غير أي رأي ومكر وخداع ، بل كله أين ما حل عليه السلام وتصرف وسلك وتكلم فهو معرف لله ولدينه ولرسوله بكل نعمة الله عليه حتى كان نفس رسول الله كما قال الله في آية المباهلة ، وعرفت أقوال رسول الله في حقه وتعريف تفانيه في طاعة الله وإخلاصه لله ، ونعمة الله عليه بكل شيء علم وعمل وخصال ومكارم وهدى ودين وكل ما يؤهله أن يقود المؤمنين لمعرفة الله وهداه ونعميه بصراط مستقيم .

 

وهو عليه السلام بعد رسول لله نشر نور الله في الأرض بحق وكما يريد دون من عاده وخالفه في أي تصرف وفكر ، فضلا عمن حاربه أو أخذ مكانه وخلافة رسول الله منه وهو ظالم لنفسه وللمسلمين ، وهادن المنافقين وجعلهم في أعلى مناصب قيادة المسلمين حتى كان طريد رسول الله ولي عهد ورئيس الوزراء هو مروان بن الحكم الذي طرد أبوه رسول الله وحلل قتله لولا الوساطة ، لأنه كان يسخر بالنبي الكريم فضلا عن إيمانه به وأمر أن لا يجاوره فضلا من أن يحكم المسلمين بعد يزيد بن معاوية ، بل معاوية المقاتل للدين في كل وجوده صار حاكم على أكبر بلاد المسلمين ثم عليها كلها ، بل كان الأول محارب لعلي ومانع لذكره وفضله وغصب ولاية الله وحقه ، فحرم الناس معرفته فضلا عن الثاني والثالث ومن ولوه على رقاب المسلمين .

وهم الذين حرموا الناس معرفة حب العبادة الله تعالى كما كان يظهر بها المخلصين له الدين بدين واحد النبي وآله الطيبين الطاهرين ، وبالخصوص ولي الله الإمام علي والمحبين لهم الحقيقيين الذين بقوا بمعرفة خالصة لله وإخلاص له بدين حق ، بكل تصرفهم يطاع وبما يعلمهم ولي الله ، وبتعاليمه وسيرته وسلوكه أنظر كتابه لمالك الأشتر عندما ولاه مصر وما فيه من التعليم القيمة التي بها يطاع الله ويصل لرضاه ونعيمه .

 

 وأئمتهم هم الذين فرقوا المسلمين عن الحق فصار كل منافق يدعي لنفسه ولاية المسلمين ، وإنه إمام حق وإنه هو المعرف لله ، وهو يعرف رب يخترعه ويجعله مجسم ويجلسه على عرش ، ويجعله ممكن أن يظلم ويسوي القضاء والقدر ، وإن الناس مجبورون على المعصية وخلاف الحق ، وإن المقاتل لإمام الحق ولآل النبي معهم في الجنة ، كأنه لكثرة حبهم قتلهم وحاربهم .

فإنه لو كان الحب ساري في البشر عن معرفة بالإمام علي بكل خصاله الكريمة لحبه الناس بحق ولطلبوا دين الله منه ولأخلصوا العبادة عن حب لله ، ولأنتشرت الفضيلة والكرمة والحب للدين بكل ما يفرح الطيبين ويزيد الهدى والنور وجود المؤمنين ، لأنه كان منه يعرفون العدل والإحسان والظهور بأجمل دين ، ويعرفون الله وعظمته ونعيمة بأكمل معرفة ، ولتاقوا للعبودية والإخلاص له بدين واحد حق من إمام واحد .

 

ولذا لو أجتمع الناس على حب علي بن طالب بحق : لكان الحب عم الأرض ، وتعلموا منه نكران الذات والتحلي بدين الله بكل حال وسيرة وسلوك الذي كله عدل وإحسان وفضل وعدل وإنصاف وتفاني في نشر هدى الله الواقعي وعبودية ، ولكانت الأرض جنة كالآخرة فضلاً عن وجود النار في الآخرة ، ولعم الأمن والصفاء والود في كل شيء وفي كل مكان ، ولخجل إنسان العارف بعلي وفضل الله عليه أن يغش مؤمن واحد يحب علي وهو يراه مخلص لله الدين ، فضلا من أن يعاديه ويحسده أو يظلمه حق ، لأنهم في تذكر لدين متواصل لإخلاص الإمام علي وخصاله الحميدة وتكريم الله له بدينه وهداه ، بل حتى أمر بحبه وأنه خصه بهداه وجعل نعمته عليه وعلى آله ولشيعته ومن أخلص لله بدينه .

 

 وفي التذاكر والحديث عن تعاليم الإمام علي عن حب وود لمعارفه الحقة وصفاءه مع الله وإخلاصه في تطبيق دين الله تعالى وحبه لله وللمؤمنين وخدمتهم بكل وجوده هدى ودين ، ينتشر الود والحب والصفاء ، ويتواد المؤمنون ويجتمعون على الحق والعدل والإنصاف وكل فضيلة وخصلة كريمة ، وبجد ونشاط لنشر دين الله وتعريفه والسعي بكل وجودهم لذكره وتذاكره بكل فخر وحب ، ولما كان حسد وتباغض وظلم وخداع ومكر وحيلة وأي صفة خارجة عن حدود الآداب في تعريف الله ودينه الذي يتحلى به الإمام الحق علي بن أبي طالب عليه السلام .

ولو أجتمع الناس كلهم بحق على حب الإمام علي صادقين ، لكان أهم شيء الإنسان عنده الذكر لعظمة الله ونعيمه الدائم وحب التحقق بهداه الصادق ، وعرف الله بحق المعرفة ولتجلت عظمته في قلوبهم حتى خافوه كأنهم يروه ، بل لطمعوا بجنته ورضاه وهم مخلصين له الدين كعلي ، ولذا ترى من يقصر في دين الإمام علي ومعرفته يقصر في معرفة تجلي عظمة الله حتى لو تفكر بأجمل جبال العالم ومناظره وشلالاته وحدائقه الخلابة ، بل قد يبعده عن الله فيطمع بالدنيا وما فيها من زينة فيحب الحصول عليها وملكها ولو بدون حق .

 

ولكن من يتفكر في الإمام علي عليه السلام وخصاله الكريمة وطاعته المخلصة لله ، وكيف باع كل وجوده لله فشراه الله منه فجعله نفس رسول الله في آية المباهلة ، وجعله ولي المؤمنين لإخلاصه في إنفاقه في آية يعطون الزكاة وهم راكعون ، وترى في كل تصرف له وكرامة تحصل له كل تواضع وحب للمؤمنين لا منّ ولا أذى ، حتى حكى عنه الله في سورة الدهر ( الإنسان ) النازلة في شأنه مع آله قوله تعالى في حقه : أنه قال لما أعطى إفطارهم لفقير ويتيم ومسكين : إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ، ولعرف كيف ينفق بحق وصادق في طلب الله ودينه ورضاه كل مؤمن يعرف علي عليه السلام ويحبه لخصاله الكريمة وذاته الشريفة .

 فيتعلم المؤمنون المجتمعون على حب الإمام علي وهو كلهم أيمان ومتيقنون حسن التعبد لله وكرامته الظاهرة فيهم ، ويسعون لأن يكونوا مثل خصال ولي دينهم وعدله وإحسانه وإخلاصه لله تعالى  لتي حبوها معه ، وكيف إن ولي دينه وهب وجوده كله لله ولنصر العدل والحق ، ولتعلم منه كل فاضل نصر دين الله وتعاليمه ونشر دين الله الصادق بكل وجوده فضلاً عن ماله مع التواضع لله وطلب رضاه ، ولعرف كيف يتعامل بالحق في كل تصرف له فضلاً عن المنع للنفس عن التفكر بالحصول على شيء ليس لها بحق .

ولو تمدا أحد وحاول أن يظلم أحد لأوقفه عند حده أولياء علي ومحبيه ، ولنصر المؤمن المظلوم محبين علي عليه السلام ، لأنهم في ذكر علي وحبه وتذكر فضائله يكون حاضر وبديهي نصر العدل الحق عندهم والمبادرة له ، وجريمة كبرى التخاذل عن نصر المظلوم ودفع الشر عنه ، ولعم هذا كل البلاد ولما حكم ظالم أو فاسق فاجر فضلا عن المتجاهر بما لا يرضي لله تعالى .

 

ولو أجتمع الناس على حب الإمام علي ، ولما تجرأ أن يفكر ظالم بظلم أحد مع عموم المحبين لعلي في بقاع الأرض ، وهم مجتمعون على نصر دينه لأنهم يحبوه ويحبون الله ورسوله ، ويعتقدون بعلم وعمل بوجوبه وهم في كل حال في تذكره ومعرفته وحبه وتحين الفرصة للتعبد لله به لأنه من دينه الحق ، لا مثل ما كان توانى أعداء علي والمحاربين له وحسبه الناس الغض عن الظالم والفاجر من الدين ويرضى به رب العالمين ، أو لقلتهم وخوفهم يسكتون عنهم .

 

وعندها لو أجتمع الناس على حب الإمام علي وعم حبه وذكره بكل خصال المجد والكرامة وصفاته المحمودة وخصائصه الكريمة ، لا ترى حينئذ معصية لأحد إما خوفا من أولياء علي أو حبا لعلي ولهم ، هذا فضلاً عن أن الحديث يذكر في معناه أنه لو يجتمع الناس على حب علي ما كان ضال عن هدى الله الواقعي ولا عاصي لله لأنه خلاف حب علي فلا نار لأحد ولما كان الله خلقها .

 لأنك عرفت أنه مَن يحب أحد يحب آثاره وكل وجوده وصفاته إن كان صادق في حبه ، ولنصر الإمام علي بكل وجوده فتحلى بكل خصاله وصفاته ولتعلمها بحق وجد ولطبق دين الله بكل معارفه ، كما كان علي ينصر الله بدينه بكل علم وعمل وتطبيق وإخلاص ، ونصر لأوليائه بقدر الاستطاعة ، فضلاً من أن يظلم غيره أو نفسه فيعصي فلا يطيع الله بشيء من دينه .

ولكن الناس حبوا غير علي وآله وحسبوهم أئمة دينه وهم معادين لهم ، فتيقنوا أنه الله يسمح بالحيلة والمكر والخداع والغش للمسلمين ، ويجوز أن يظلم الله عباده كما عليه من هم من أهل الجبر ، ولذا علم أولياء الشيطان وأئمة الكفر ، أن دين الله ممكن فيه التقصد للظلم وكنز المال بغير حق لأنه خليفة وينفقه كيف يشاء من دون مساواة للرعية ، وحسبوا حق للحاكم أن يسمح في بلاده شرب الخمر والفسق والفجور ، وحسب الناس أن من الدين ما كان يفعل الحكام الظالمين وتساهلهم في تطبيق أحكام الله وعدم إجراء الحدود حتى تجرأ الناس على دين الله وأولوه بكل ما لم يرضي الله ، ولم يقتدي الناس بدين الإمام علي ليعرفوا الله وكل تعاليمه وما يرضى به الله وما لا يرضى به ، وكيف يكون العدل والإحسان والحق والإنصاف في الرعية وما يجب عليهم وعلى الحاكم ، لأنه لم يمكنوه من تطبيقه على الناس زمان انتشار الإسلام وفتح البلاد ، وإن علمه عليه السلام بكل وجوده ، لكنهم حرموا ذكره ومنعوا الناس من معرفته ، فخدعوا الناس فأضلوهم عن دينهم .

 

ولا يقول أحد كما قال المحاور :

لماذا لا نحب النبي لأنه أولى بالحب من علي ، بل يجب أن نحب الله وحده ، ولا يحق لنا أن نحب نبي فضلاً عن وصي كما ذكر في المحاورة الخامسة ، بل كل المحاورات التي ذكرها تشعر بهذا لأنه فيها يرى ذكره شرك فضلاً عن ذكره مع الحب ، ولهذا نهى المسيحي أن يحب المسيح عليه السلام لأنه يكون شرك بالله ، فضلاً عن حب علي وآله أو حب النبي وكل المؤمنين الذين يتدينون لله مخلصين له الطاعة ، فيتعدد الحب عنده ويصبح عنده شرك بآلهة بالملايين لأنه يحبهم كلهم ، وهو لا يرضى بحب معدود لأنفار وذكره وتذاكره .

 

أذكر ويذكر هذا كل منصف عرف الحق : أنه لا يمكن أن يعرف الله ويعبده أحد وهو صادق بدون حب أولياء دينه ، بل الله أمر بهذا كل المؤمنين أن يحبوا بعضهم بعض لإيمانهم ، ولأنهم عباد له يحبوه ويحبون دينه فحبهم وأمر بحبهم ، فكان واجب على كل مؤمن وعبادة لله حبهم ، لأنه إطاعة له تعالى ومن ضروريات الدين نصر أولياء الله وحبهم والتعبد لله بهذا الحب ورجاء ثوابه ونعيمه ورضاه ، وحبهم ليس عبادة لهم بل لله تعالى ، وهو حب وإخلاص في العبادة والطاعة له تعالى ، وكذلك نهى سبحانه العباد عن حب أعداء الله ومن لم يحب المؤمنين ، فضلا عمن حاربهم وقتلهم ليس له حق بأي صورة برر فعله .

ولذا كان حب أولياء الله يصب في حب الله تعالى بل مظهر له واقع ديني لحب الله تعالى بحق وصدق وحب كل من يحبهم الله ، لأنهم أحباء الله ، وقد عرفت أن الله أمر بحب النبي وبالخصوص ولي الدين بعده دون أعداءه ومن حاربهم ومنع من ذكره ومعرفته ، وهذا يعني عليهم أن يهجروا أعداء الإمام علي والحسن والحسين ، وعليهم يكون واجب أن يتركوا كل إمام كفر جلس يفتي على بلاط معاوية ومن لف لفه ومن مهد له ، وذلك لأنهم حاربوا بكل وسيلة ولي الله الإمام علي وآله ودينه ، فضلا عن عدم الظهور بحبه بل ظهروا بكل وجودهم بعدائه وبغضه ، بل لعنوه على المنابر سبعين سنة في طول البلاد وعرضها ، وهذا خلاف الدين وحب الله ورسوله وولي المؤمنين المأمور بحبه في كتاب الله وكل سنة النبي وحديثه الشريف كما عرفت .

 وهجر معاوية وكل من حارب علي وحب من وتولاه يعني هذا خروج عن دينهم كله والكون شيعة لعلي ويجب أن يأخذوا دينهم منه لا من غيره ، وترك دين السلف المحارب لعلي والمبغض له خلاف حبهم لهم والتدين بدينهم ، وليس من أدب المخلص لسلفه بالحب والدين مهما كان السالف عليه من الضلال والفجور أن يتركهم ويهجرهم ، بل عليه أن يخترع دين ينجيهم وينجيه ويجعلهم في الجنة مع علي وآله والنبي وكل الصالحين المخلصين ، ولو خلاف دين علي ورسول الله والله تعالى وكان لهم النار والعار وغضب الله .

 ولذا قالوا معاوية على حق دون علي وآله ، وهو هذا رأيهم ، فهم لم يحبوا أولياء الله المصدقون الصادقون ، ويكون عندهم شرك كالمسيحي كما عرفت إشكاله في المحاورة الخامسة وغيرها ، بل المسيحي محق في حبه للمسيح وهو واجب كل إنسان حب الأنبياء والصالحين ونصرهم ، ولكن فرق أنه دين المسيح حرّف ونسخ ولم يبقى منه ما يرضى الله التعبد له به ، وبقي دين علي وآله الذي هو دين الله مع حبهم وحب كل مخلص بدينهم دون غيره .

 ولكنه نسى المحاور نفسه وخلط دينه وما يدري عن ماذا يدافع وعن ماذا ينهى ويحرم من الحب وهو يحب معاوية ، ومعاوية لم يأمر الله بحبه لأنه معادي لإمام الحق وللنبي ولله ومنع من معرفة دينه ، فكان ينهى عن خلق ويأتي بمثله ، ينهى عن حب أولياء الله ويحب معاوية وهو مشرك ، وكان المسيحي يحب المسيح وهو حق ولكن لا يحق له أن يتعبد بدينه ، وكان عليه حب النبي الكريم وعلي وشيعته والتعبد بهذا الدين وبه يحب كل مؤمن صالح وكل نبي ومرسل ومتدين لهم في زمانهم لا في كل زمان بعد نسخ دينهم وتحريفه والله جدد دينه بتعاليم الإسلام وختمها به وحافظ عليها بعلي وآله عليهم السلام .

ولذا كان المحاور وحزبه خلطوا فلا يدرون لماذا يدافعون عن الصحابة ويذكرونهم ، إن قالوا للحب فهو شرك بالله ، لأنه حب لغير الله ونصر لغير الله على رأيهم ، ويكون حبهم لأئمتهم شرك كما عرفت في كل المحاورة .

 وإن كان ليس لهم بحب فهو ضلال ولهو وتعب لنفسهم فيما لم يأمر به الله ولا يرضى به وهو صريح الشرك ، فلماذا يدافعون ويحاورون ويعقدون الجلسات في الدفاع عن معاوية وحزبه وضلالهم .

 وإن كان حبهم واجب كان حب الإمام علي أوجب ، لأنه بالنص في آيات المودة والولاية والإمامة مأمور بحبه ، ويدور الإيمان عليه وحب الله ورسوله وكل الطيبين ، فهو واجب الحب لأنه أول المؤمنين وأميرهم ووليهم بالنص من الله ورسوله وشهدت له سيرته وسنة الله في اختيار أولياءه والاعتناء بهم من ولادتهم حتى رفعهم لملكوته عنده في أعلى رفقه يعيشون في كل مراتب الوجود تحت عناية الله ولهم كل نعيمه ومن أحبهم معهم ، ولمن هجرهم يكون عذاب الله وناره ، ومعاوية وكل من مهد له الحكم وسار على نهجه حارب الله ورسوله ودينه وحبه ، وذلك لبغضه ولحرب علي وآله وللمنع من دينهم وذكرهم ومعرفة الله عليهم وتشريفه لهم ، ضلوا وصاروا أئمة كفر أو أتباع لهم ، فيكون عليه ترك دين معاوية ومن لف لفه ومن مهد له وأن لا يحبهم ويهجرهم ، ويكون شيعة لعلي محب له عابد لله بدينه وحده .

 وبهذا لم يقر المحاور بضرورة حب علي وآله والمؤمنون من شيعته ، فخلط وتخبط يحرم ويحلل ويستشهد بآيات في غير محل الشاهد ، يقول : شرك حب غير الله وحب علي ليس من حب الله ، وهذا القول نفسه شرك ، لأنه من لم يحب المؤمنين وأميرهم ووليهم ، لم يعرف دين الله ولا تعبد له بدينه ، وحب أعدائه ونال غضب الله وأبتعد عن الله فكفر ، ولذا عرفت أن حب علي إيمان وبغضه كفر ، لأنه حب يوصل لله ، وبغضه يبعد عن الله ، بل المنع من معرفة حبه يبعد عن الله ويجعل الإنسان يعبد رب صنعه له معاوية ودينه وهو من فكر من كان على بلاطه .

فكان المحاور : ينهى ويحرم ويمنع من ذكر علي وحبه وحب آله وهم أولى بالحب ، ويحب معاوية وحزبه ويأخذ دينه منهم ويدعي أنه مخلص حين يتعبد لله به وهو أولى بالهجر والترك ، ويدعي إن مَن حب علي وآله ويعبد لله بدينهم مخلص يكون مشرك عنده ، والتدبر في كتاب الله ورسوله يؤيد علي وشيعته وحزبه لا معاوية وحزبه ومن مهد له وسار على نهجه في حرب علي وآله ودينه والمنع من ذكره وحبه .

ولهذا لكي لا يأتي من يخادع وينهى عن حب الحق والظاهر بالهدى والمعرف له ، ولذا أمر الله تعالى بحب علي وآله وإن حب الله مستوجب لحب النبي وعلي ، وأنه لا يمكن التفكيك بينهم فيحب الله من دون النبي أو من دون علي ، فيهجر الله ودينه وحبه كله ، ويعبده بدين معاوية عدوه وكل من نصب العداء لأئمة الحق وحاربهم وحارب المؤمنين الصادقين وقاتلهم ، ويكون بحبه لأعداء أئمة الحق قد سار على نهجهم في بغض علي وآله عليهم السلام  ، ومنع من ذكرهم وحرم تعريفهم والحديث عنهم وحبهم ، فأبتعد عن الله بكل كلمة يقولها في تحريم حب علي وكل كلمة يكتبها .

 

ولذا كان حب الإمام علي عليه السلام هو المحك في معرفة الصادقين المحبين لله بكل دينه ، والمخلصين له الدين من دون دين أعداءه ، وليس حب الله وحده ولا حب النبي يوصل لله ويبين صدقهم في حبهم لله ورسوله .

 فالجميع يدعون حبهم قولاً ويحاربوهم ويمنعون من معرفة الله ورسوله ودينه وهداه عملاً بل علماً ومعرفة ، لأنهم يحبون معاوية وكل من نصبه وغصب حق علي وآله ومنع من حبه ومن مهد لهم وسار على نهجهم الضال ، وعلي مُعرف لدين الله وهداه الحق الصادق وهو أولى بالحب من كل أحد ودينه دين الله وهو مُعرف له بكل خصاله .

ولهذا كان لا يجتمع حب الإمام علي وآله ومَن حبه الذي هو نفس نور حب الله ورسوله ، مع حب من عاداهم وحاربهم وقتلهم ومنع من ذكرهم ، مهما تسمى بالأسماء وكان من كان ، مادام ليس في هدى علي وحبه ولا بدينه مخلص الدين لله بعد النبي ، لأن الإمام علي هو الولي الحق والإمام الصادق المأمور بحبه كولي للمؤمنين بعد النبي وبعده آله ، فكان حبه هو المنجي والمعرف لله ولدينه ، لا حب الله وحده ولا حب رسول الله وحده ، لأنه يكون به مكر فيحبون معهم من منع من معرف الله بحق المعرفة ودينه وهداه وعدله وإحسانه ونعيمه للمخلصين لدينه فقط ، ويكون خلط لهدى الله وحبه بحب معاوية وضلاله وكل من كان على بلاطه .

وذلك لأنه كل العالم يقولون نحب الله ، وهذا مغروس في فطرتهم ولكنهم اختلفوا في المصداق ، فقسم جعل إلهه صنم فحبه وعبده وهو مخطئ الحب ، وقسم حب الأنبياء وهو واجب على كل منصف ولكن حبهم هو ليوصلهم لحب الله ومعرفته بكل دينه ويخلصون له العبودية بهذا الدين ، وعليهم أن يقيموا دينه الحق وهداه الصادق ، لا جعلهم آلهة كما عليه المسيحيون واليهود وغيرهم.

 وإما من حب الإمام علي عليه السلام فقد حبه بأنه عبد أخلص لله دينه فكرّمه الله ونوره وجعل دينه عنده معلم له بكل وجوده ، ومهما حب الإنسان والعبد المؤمن الإمام علي لم يرفعه لأكثر من كونه إمام حق وولي دين الله بعد رسوله ، ولا يرفعه لأكثر من أشد الناس عبودية لله وأنه له أتم الإخلاص في تعليم هدى الله والتعبد لله بدينه والظهور له به بكل وجود .

فالمؤمن إن عرف الإمام علي عرفه بأنه هو أعبد العباد لله بعد رسول الله ، وأين من يكون في محض العبودية والطاعة والإخلاص لله من أن تطلق عليه لفظ الربوبية والألوهية ، لأن كل تعاليم الإمام علي بين الناس في نهج البلاغة وغيرها كلها تعرفنا عبوديته التامة لله وإخلاصه في التحقق بكل دين الله والظهور به وتعريفه أقرأ خطبة المتقين في نهج البلاغة تعرف هذا فضلا عن كل تعاليمه التي تعرف زهده وتوجهه لله في كل شيء من كلامه يعرف به الله ودينه ، وهكذا تشهد له سيرته وسلوكه وكل صفاته وخصال الكرامة التي تذكر له .

ولذا لم يبقى دين كامل خالص لله إلا الدين الإسلامي وحده مرضي العبودية به لله تعالى ، فبقي حب الأنبياء واجب لأنهم أولياء الله ولكن لا يحق التعبد بدينهم المحرف ، والتعليم الصادق للأديان السابقة لا يعرفه أحد الآن بحقيقته ، بل نسخه الله وأنزل هدى الإسلام إلى يوم القيامة وهو عند علي وآله بعد النبي ، وبه يتعبد لله شيعتهم ومن حبهم وحدهم ولم يخلطون دينهم بغيره ، أو بفكر أحد من أئمة الضلال وأتباعهم فضلا عمن عاداهم وقتلهم وحاربهم ولم يعرف دينهم .

ولذا إذا كان ضرورة التعبد لله بالدين الإسلامي فالمسلمون مختلفون في المولاة والحبة لأولياء دينهم وأئمتهم ، النبي وعلي وآلهم وحزبهم الذي عرفت هو امتداد لحب الله تعالى بكل ما ذكرنا في هذه الصحيفة ، وأعدائهم ومن قاتلهم ومن منع من حبهم قد حاربوا حب أولياء الله ودين الله ومنعوا من ذكر فضله على النبي في علي وآله وهداه ، وحرموا الناس من معرفة كل خصالهم التي تبين دين الله وعدله وحسن اصطفائه لولاته وأئمة الحق الذين كرمهم في كل مراتب الوجود وعرفهم بكل سبيل وظهروا به بأحسن صورة يمكن أن يتحقق بها مخلوق.

 ولكن المؤكد هو أنه يجب حب النبي لحب الله ، ومَن حبه الله والنبي وأمر بحبهم يجب حبهم ، والله والنبي أمر بحب علي وآله في كثير من الأحاديث والآيات وبكل دليل ممكن وتكفي آية المودة للقربى وحدها ، فوجب حب علي وآله وحدهم وشيعتهم المؤمنون بدينه ، وبهذا يتم حب الله ويكون الإنسان صادق مع الله يحبه بكل آثاره ودينه وهداه ، ويحب أولياءه الصادقون الذين يحبهم الله وهم نبي الرحمة وعلي وآلهم وشيعتهم المحبين لهم ، دون من عادهم وقتلهم ولم ينصر دينهم ومنع من ذكرهم .

 

 فالحب تحدد بأمر الله ورسوله كما عرفت بكل الأحاديث بحب علي وآله وشيعته ، هو الواجب على المؤمنين التحقق به والاجتماع عليه ، دون حب أعدائهم وذكر من حاربهم بالود بما لا يرضي الله من الحب والحديث عن دينهم وتعليمه للناس بأنه دين الله ، وهو في كل تصرف لهم ضلال وقول بدون علم من الله وبُعد عن رحمته ، ولذا كان المحاور ومن لف لفه يتعب نفسه ليدخلها النار .

 

فالله أمر بمودة القربى وحب علي عليه السلام وطاعته لأنه هو ولي الدين بكل الأدلة التي عرفتنا فضله ومجده وكرامته على الله ، وبه تعرف عظمة الله ونعيمه الكامل وهداه الحق الصادق ، ولذا كان يجب على المؤمن بكل معنى الدين وصدق العبادة والطاعة لرب العالمين أن يكون الإنسان بكل وجوده محب للإمام علي وآله وشيعته ، لأنه دين الله واحد استمر من الله للنبي لعلي وآله ومن حبهم وتعبد لله بدينهم ، وإما من خالفهم خالف الله فلم يحب الله حسب أمره ولا عبده بدينه المرضي له ، ولا تحقق بمعرفته فضلا عن هداه وخسر رضى الله ونعيمه وحبه وكل حب نعيمه وحب حور العين والولدان المخلدين وكل المؤمنات والمؤمنين .

 ومن الجهل المركب حب علي وعدوه بعد النبي ، لأنه عرفت لا يعقل أن يحاربه أحد ويجمع له الجيوش وهو يحبه ، فضلا من أن يكون على دينه ومعارفه التي يعرف بها الله تعالى .

ثم قولهم أولى حب النبي من حب علي ، أو نحب الله وحده وما ينفع حب علي والنبي ، بل هو خلاف الإخلاص لله ، فضلا عن كون حب أولى من حبهما ، بل حبهم مع الله شرك ؟‍؟؟

 وهذا القول : كما عرفت هو تحايل على الله ودينه وخداع للنفس والمؤمنين ولكل من يتبعهم ، وبكلمات طيبة يحرفون به الناس عن الحق ومعرفة الله وكل دينه ، بل يبعدوهم عن حبه الواقعي المرضي له .

 فهم يقولون : نحب الله وحده وبهذا القول هم هجروا الله ولم يحبوه ، فلم يعملوا بأمر الله الذي أمر بمودة القربى ، وهذا تعصي على الله لا حب له ولو أدعى الإنسان يحب الله كل عمره ويردده ، ثم هو لم يعرف نعمة الله أين تحققت ولا دينه الذي تجلى به أين ظهر حتى يعبد الله به .

وبهذا القول نحب الله وحد أو النبي أولى بالحب : خرج عن مصداق رسم الحب الذي هو من حب شيء حب كل آثاره وما أمر به وما أراده ، ويجب أن يسلم له تسليم مطلق ، وينفذ أوامره تنفيذ كامل ولا يحب أعداءه ، ولا يحب من لا يحب المخلصين في طاعته والمحبين له الحقيقيين ، ويجب أن يرفض معاوية وحزبه وكل من مهد له ومن تبعه ، لأنهم أعداء ولي الله والمختار لهداه والمأمور بحبه والظاهر بكل آثار رحمة الله وتجلي عظمته وظهورها بالوجود في أكرم خلقه وأحبهم إليه بعد نبيه وهم علي وآله والمحبين لهم بحق وصدق حتى صاروا محبين بحق وصحابة رفقاء بهم ويطلبون ودهم ودينهم منهم ، وهكذا شيعته معهم يحفون بهم في هدى الله ونعيمه وفضله لحبهم الحقيقي لهم .

فهم يقولون نحب الله وحده ، والحق بهذا القول يهجرون حب الله ،  ويأخذون دينه من أعداء أولياءه ومن حارب أئمة الحق ويعصون أمر الله ، ثم يدرون أو لا يدرون يعبدون ويدافعون عن حب أعداء دين الله ، بل يموتون في سبيل أئمة الضلال وأولياء الشيطان ، ويُكفرون من لم يدافع عنهم ولم يعبد الله بدينهم ، ولهذا أخذوا يمنعون عن ذكر علي وحبه وتعريفه بحق المعرفة بعظمة الله الراعية له والمعتنية به ، والتي بها الإمام علي وآله تمكنوا بكل وجودهم أن يخلصوا لله فيتفانوا حتى كان من عرفهم صار بحق محب لله ولرسوله بحق وبكل دينه ، فيكون صادق كولي الله بكل وجودهم يسعون بحق للكون التام في حب الله وفي معرف لله ودينه ، ولذا حصل المؤمن المحب لعلي وآله على كل نعيمه وما ظهر من سعة ملك الله وكل هدى في وليه فكان من  شيعته ومحبيه بحق .

 هذا والمحاور ومن لف لفه .

هم أينهم من حب الله والنبي ، والذي لا يمكن أن يفترق عن حب علي وآله في كل شيء ظهر منهم ، فكانت كل مكارم نبي الرحمة وكل هدى ونعمة نازلة من الله هي لنفسه وأخيه علي وآلهم بعده ، بل معه في كل مراتب الوجود ، وهدى الله ونعميه ودينه ونوره وحبه ، وهي كلها خصال كرامة مجتمعة ظهرت بالإمام علي وآله آل النبي الكريم ، وبهذا التحق بهم شيعتهم ومحبيهم ، وهي نعيم من الله لولي دينه الحق وهي تختص بعلي وآله وشيعته آل النبي وشيعته وصحبه ومحبيه الحقيقيين الثابتين على حبه ودينه وهداه ، لأنه بالإمام علي يمتحن الناس المحبين لله وللنبي ويعرف الثابت على حب الله ودينه ونبيه وولي الهدى ، من الذي زال لهوى النفس وزينة الدنيا ووساوس الشيطان فحاربه ومنع من محبته وذكره .

وذلك لأن الإمام علي هو قائد المؤمنين لدين النبي ولله في الدنيا والآخرة ونعيمهم الحق ، وهكذا يكون معه من أخلص لله بدينه دون دين أعداءه ، ولو أدعى ألف مرة من حاربه ، أنه أن يحب الله والنبي لكان كاذب لأنه لم يحب الإمام علي الذي هو نفس النبي ، ولو أدعى حبه مع حب عدوه لنافق وأخذ بدين عدوه دونه ، فضلا عن حب عدوه وحده والأخذ بدين من حاربه دونه ، والمصيبة أنه ينهى عن حب علي وآله وذكرهم بما كرمهم الله به ويكذب دينه وكل ما ينقل عن فضل الله للإمام علي في نفسه وفي آله .

 

ولذا كان من الضلال وخلاف الإنصاف في الحب : حب الله دون حب أولياء دينه ومن أمر بحبهم ، بل هو دعوا توصل للضلال وللتحقق بكل ما يخالف دين الله وهداه .

فالمحاور وحزبه : عن حب أو لا يدافعون عن أئمة الكفر والضلال دون أئمة الحق وحبهم ، ويحبون ويأخذون دينهم من كل من أظهر بكل وجوده البغض للنبي في آله وبالخصوص علي والحسن والحسين ، فأمر بحرمة ذكرهم ومعرفتهم وأنه ليس من الدين بل شرك ، فضلا من أن يصدق في دعوا حبهم ، ولذا حرموا الحق في الهدى والعدل في المعرفة وكل ما يوصله لرضى الله والذي يعرف بعلي بعد النبي وحبهم وذكرهم بكل خصال المجد والمحبة والفضل الإلهي .

 

فحب الله بدون حب أولياء دينه تحايل على الدين لهجر كل تعاليم الله ودينه فضلاً عن حبه ، ولذا الله نبه لهذا وأمر بحب النبي وآله وقرباه بعده وبالخصوص الإمام الأول علي بن أبي طالب عليه السلام ، والذي به نعرف دين الله واستمراره في آله الكرام من غير شرك ولا خلط لدين الله وحبه في دين أعداءه وحبهم .

 

ولهذا افترقت الأمة : بحب علي خالص الدين لله .

 ومَن يحب عدوه ويحبه ولكنهم لا يمنعون من ذكر علي وحبه بل يدينون بدينه ولكن مع الخلط .

 ومَن يحب عدوه دونه وهم الوهابية والمحاور كان منهم ، وبهذا كان بمقدار قربهم من علي كان قربهم من النبي والله ودينه ، وبمقدار فراقهم عن حب علي افترقوا عن النبي وعن الله ودينه وعن حبهم الحقيقي .

وكلامنا مع الوهابية المُحرمون لحب علي وآله ولذكره ، بل كان عندهم حب أعداءه ودينهم أفضل منه ومن دينه وحبه ، وذلك لأنهم هجروا حب علي ولم يروه مقرب للنبي ولله بل جعلوه شرك فحبوا غيره وتعبدوا بغير دينه .

 نعم هم تمادوا فحبوا أعداءه ونشر دين من حاربه ونصب له العداء والذي كله ظلم ومكر ، وأوله هو عدم القسمة بالسوية وعدم العدل في الرعية والتساهل في المعصية وعدم العقاب عليها كما درئها الأول عن خالد بن الوليد والمغيرة ، وجاء ثالثهم بطريد رسول الله مروان وجعلوه في بلاطهم بيده كل حل وأمر ونهي وتوقيع الخليفة ، فسوى دولة بعد أن سيطر على الحكم بعد معاوية بل سيئة بعد سيئة وضلال في ضلال متراكم بسب هجر علي وترك حبه راجع سيرتهم في كتاب الغدير للعلامة الأميني .

 ولهذا بهجر حب الإمام علي بحق الحب : تخلف الناس فلم يكن عندهم أئمة حق صادقين يُعرفون الله بكل ما أراد وأمر وحب سبحانه ، فلم ينشرون الحق والعدل ولإنصاف كولي الله الإمام علي عليه السلام ، فضلا من أن يُعرف الله ودينه فيعبدوه مخلصين الدين له ، فعم الجهل وانتشر الفساد والظلم ، وكان فسق الحاكم فضلا عن العامة وظلمه مقبول ولو عم بلد أو دوله ، ويجب نصره لكي لا تفترق الأمة وتختلف ولو كان يجر للضلال وعدم معرفة الله ودينه فضلا عن حبه ، ولو لم يعبد الله ولا يعرف دينه ولا العدل والإحسان والإنصاف ، ولو كثرت المعازف والطنابير والغانيات وكل مفسد في الأرض وخمر وخداع وغش في المعاملة فضلا عن العبادات .

 ثم ولأنكى ولأتعس تراهم قد منعوا ذكر المناقب الشريفة لكي لا يعرفها الناس فيتحلوا بها ، وحرموا ذكر الفضائل الحميدة لعلي وآله ، وظهورهم بالعدل والإحسان والهدى والإنصاف ، لكي يجهل الناس هذه المعاني ولا يرون لها مصداق حق وتكون معاني بدون حقيقة في الدين ، فلا يسعى المسلمون للتحقق بها لأنه غير ممكنة ، فلا ترى خُلق طيب تعلمه الناس من الإمام علي وآله ولم يسري دينهم وهداهم وخُلقهم فيهم ، فيطالبون الحكام بها ووعاظ السلاطين ولا يقبلون ظلم ولا فسق ولا فجور ، ويجرون الحدود وكل أوامر الله بكل عدل .

ولذا حلى لأئمة السلف وهكذا من خلفهم وكل من يرتع على بلاطهم مذهب ودين تحريم حب علي وهجر كل ما يظهر بذكره من العدل والإحسان المتجلي في كل وجود الإمام وكل سيرته وسلوكه ، وبهذا العذر وبحجة نذكر رسول الله أو كتاب الله وحده ، أو نحب الله وحده ولا يحق حب أحد ولا ذكره ، أو لا يحتاج لدينه وكتابه وبالخصوص الإمام علي بعد النبي .

 حلى لهم الدفاع بل حب كل ظالم وفاجر وفاسق ، بل نحب الله ولول كان الحاكم ظاهر بكل الفسق والفجور ويأتي به أي مشرك ، ما يضر التعامل مع الكفار والمشركين وكل الظالمين ونحن متحدون على حب الله ، ولا نذكر الحكام وظلمهم وعمالتهم ، المهم نحن بوجودهم متحدون لا نخالفهم لكي لا تفترق الأمة وتتمزق وحدتهم ولو كان الحاكم ظالم جائر يحب الفساد والجور وينشره وهو عميل لهواه أو شيطان أو مستعمر ولدنياه .

 وبنشر هذا الفكر تخلف المسلمون وكانوا تحت سلطة كل ظالم حتى سيطر عليهم الاستعمار الذي أكد مذهب الوهابية ، راجع كيف جاء هذا الدين للساحة الإسلامية وكيف ظهر بشبه الجزيرة العربية في محل مهبط الوحي ، فسيطروا على راس محل نشر الدين ثم على قلبه في فلسطين بل كل البقاع ، فحرموا أنفسهم وقومهم معرفة المكارم ونعيم الله المتحقق بالإمام علي وآله عليهم السلام ودينه بهجر حبه ، وكل خصلة كرامة وعدل يحب المؤمن الواقعي المتحلي بها وهو صادق على دين واقعي مرضي لله تعالى وعارف به من أتباعهم .

ولكن من حب علي وآله في أي بقعة من بقاع المسلمين وذكره بكل ما عرّفه الله ورسوله عرف أن حبه عليه السلام أس الدين ومعرفة الله بعدله وإحسانه ونَشر المكارم والإخلاص لله وحده والتفاني في طاعته ، والتذكر والتذكير بكل ما يوصل لله بذكر علي وخصال الشرف والكرامة والمجد والنور والهدى التي ظهر بها وتحلى وتجلى عليه السلام ، فكان حبه حب لكل مجد وشرف وكرامة وفضيلة وخصلة حميدة ودين قيم حتى يكون الإنسان بار مثله ومن خير البرية متحقق بأحسن دين ، وفي رضى الله بكل ما أمر ويصل لهداه بصراط مستقيم لأحسن نعيم أعده الله لأوليائه .

ولذا لو كان كل الناس محبين لعلي صادقين كما عرفت لكانوا كلهم بالنعيم ولما خلق الله النار والجحيم ، وما يفعل الله بالجحيم والتي أعدها لأعدائه الذين قتلوا دينه وحاربوه بقتل وحرب أئمة الحق وخيرهم نفس النبي علي ، والمفروض غير موجود واحد منهم وكلهم يحبوه صادقين ومخلصين لله بدينه وناشرين للعدل والإحسان والإخلاص لله بكل تسليم مطلق لولي دينهم الحق وحده دون أعداءه لأخر الدهر .

بل لظهر الحجة بن الحسن العسكر الإمام الثاني عشر من صلب النبي وعلي صلى الله عليهم وسلم ، ولعم العدل والدين كل بقاع الأرض ولما بقي مشرك ، ولكن الله متم نوره وهداه ولو بعد حين حسب وعده ، وسيظهر وليه وإمام الحق بقية الله ورسوله وعلي وثقله النفيس في دينه وهدى وسلطان القلوب في والأرض ، وهو السبب المتصل بين الأرض والسماء صاحب ليلة القدر والإمام الذي يدعى به الناس يوم القيامة ممن كان في عصرة ، كما كان جده رسول الله وعلي والذرية الطاهرة المعصومين من آباءه .

 ويعم العدل إن شاء الله بظهور وليه الله ، ويخسأ كل معاند لهم ويفنى بإذن الله ، والله بقدرته المظهرة لوليه وبالإعجاز الذي يمكنه منه حتى ينفذ أمره مقهور له كل معاند ، ويفوز كل من كان بحق وصدق حاب له ، لأنه محب لأئمة الحق والهدى ولم يمنع من ذكرهم ومعرفته ، وهو كل محب لله ورسوله ولكل أئمة الحق من آله ، وبالخصوص لسلفه نبينا وعلي وآله ولكل المؤمنين الواقعين لا المعاندين والمحاربين لهم من سلف المحاور وخلفه ، فُيظهر عليه السلام ما ورثه من الكتاب ودين الله كله علم وعمل وتطبيق وتعليم ، بل يعم دينه وحبه كل بقاع الأرض والله منجز وعده ومورث أرضه لعباده الصالحين فضلا عن الجنة ونعيمها .

وبهذا الحب للإمام علي عليه السلام وآله وتذكره ، واليقين بوجوب طاعته والعبادة لله بدينه موجب للإنسان للتذكر لضرورة الإخلاص لله بكل وجوده ، فيتوب وينيب لله ويشعر بالتقصير بكل علمه وعمله لأنه لم يكن مثل وليه ، فيتوجه لله بقلب منكسر طالب عفوه وتوفيقه لأن يكون مثل وليه وإمامه الذي يحبه ، فيحاول بكل جد ويسعى بكل إخلاص لأن يكون مثله ، وهذا عين التحقق بالطاعة لله والحب لله في كل آن ، والتعصي على خلاف الحق والظلم والضلال والشيطان وهوى النفس وكل ظالم ، فيكون في حبه مخلص الدين لله وفي طاعة الله بكل ما يحب ويرضى من كل الدين والعبادة والخصال الحميدة والأخلاق الفاضلة التي لإمامه .

ولكن من حب غير علي يمكن أن يتساهل في دينه لأنه في كل دين المخالفين للإمام علي خداع ومكر وغصب حق ، بل حرف الناس عن إقامة حدود الله والفتوى وفق هوى النفس وما يدعم السلطان والحكم ، والإمام علي عين العدل والإنصاف والإحسان والإخلاص والتمسك بكل وجوده طاعة لله جعلنا الله معه ، وأخلصنا في حبه ودينه بكل وجودنا حتى يجعلنا معه على صراط مستقيم دنيا وآخرة ، نحف بالنبي في فضل الله في المقام المحمود وملكوت النعيم الكامل التام المعد لأولياء الله ، ولهذا فعلاً لا نار لمحب علي بحق والمخلص لله بدينه ، وإنما النار لأعدائه لأنهم لا حب لهم له ولا بدينه يعبدون الله فخرجوا عن دين الله وعبوديته والإخلاص له والعياذ بالله منهم ومن شرهم .

 

ويا أخي الطيب هذه الصحيفة الجزء الأول من كتاب صحيفة الإمام علي عليه السلام عبادة من موسوعة صحف الطيبين ، ويليه الجزء الثاني فيما نذكر به الإمام علي عليه السلام أيضاً إن شاء الله ، وفيه معارف دين وإيمان حتى يقين بأنه ولي الله وإمام الحق بعد رسول الله وخليفته المختار لله ، وبعده إن شاء الله أجزاء من صحيفة ذكر الإمام علي عليه السلام عبادة منها في العبادة ومعناها وكيف نحضر عند الله بحب علي ونصر دينه والإقرار له بولايته ، وجزء إن شاء الله في الذكر ومعناه وكيف نذكر الله وعظمته بذكر الإمام علي عليه السلام ، وأجزاء فيما يذكر به الإمام علي الله تعالى من المعارف الإلهية وغيرها وأجزاء أخرى في نقل سيرته وسلوكه وتأريخه الشريف وكل ما يمكننا الله من تعريف وليه وذكره بما يحب ويرضى إنه أرحم الراحمين ، ونسأل الله أن يوفقنا لإتمام ما بقي منها ونشر ما تم منها على الإنترنت وفي كتاب إنه ولي حميد ورب مجيد .

هذا وأرجو من الله أن يجعلني وكل مؤمن يحب الله ورسوله وأولياء دينه علي وآله وشيعتهم ، متحققين بكل ما ذكرته إيمان وعبادة خالصة له وحب صافي في وده لأولياء دينه ولكل من حبهم وطلب الله بدينهم ، وأسأله بحقهم أن يجعلني وكل من صدقني مع إمامي وولي وآله نحف بالنبي الكريم على الحوض وتحت لواء الحمد وعند الميزان وتطاير الكتب وعلى الصراط المستقيم وإلى المقام المحمود في أعلى مراتب النور والكرامة في النعيم الدائم معهم جيران فرحين مسرورين يفضل الله ورحمته ، إنه ولي حميد غفور شكور ، وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ورحم الله من قال آمين .

 

 تم التحرير في يوم الغدير 18 ذي الحجة 1423يوم نزول آية : {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلاَمَ دِينًا }المائدة3

وتمت المراجعة في يوم 24 ذي الحجة 1423يوم نزول آية التطهير : {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}الأحزاب33

وهو يوم نزول آية المباهلة : {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ}آل عمران61.

ونزول آية الولاية : {إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْغَالِبُونَ}المائدة56 .

وأنا المولي والمحب لكل مؤمن طلب الحق بإنصاف فقبله وجعله دين يتوجه به لله ويطلب به رضاه ويرتفع عن العصيبة والتقليد
24 \ 12 \ 1423 يوم إتمام المراجعة الثانية
وفي هذا اليوم يوم المباهلة أعمال شريفة وكذا في البوم الآتي تقبل الله أعمالكم وولائكم لأئمة الحق نبينا وعلي وآلهم وحشرنا الله وإياكم معهم إنه الرحم الراحمين وصلى اله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين
ورحم الله من قال آمين

وأنا المولي والمحب لكل من يحب أمير المؤمنين وآله الطيبين الطاهرين وشيعتهم المخلصين لله بما علموه من الدين
25 \ 12 \ 1423 يوم رفعه على الإنترنيت لكل الطيبين والموالين لأمير المؤمنين وآله الطيبين الطاهرين ، أرجوا به لطف ورحمة رب العالمين ورضاه
وهذا اليوم يوم نزول سورة الإنسان ( الدهر ) وهي التي ذكر بها لنا ربنا وحدثنا سبحانه بحديثه الحسِن عن بعض الخصال الحميد والصفات المجيدة لأمير المؤمنين وآله آل سيد البشر صلاة الله وسلامه عليهم أجمين وجعلنا وياكم بولاتيهم متمسكين وبدينهم الخالص له عابدين إنه أرحم الراحيمن

فيا الهي بحق علي وأخيه وآلهم الطيبين الطاهرين اسقني من حوضهم واجعلني وكل الطيبين نحف بهم تحت لواء الحمد وفي كل مكان كرمتهم به في الجنة إنك أرحم الراحمين
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موقع موسوعة صحف الطيبين  

إلى الأعلى علاك الله بإخلاص له بدين أمير المؤمنين الحق علي عليه السلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام خلصك الله من دين أئمة الضلال والظلام