أنا

ترجمة ذاتيّة للإمام أمير المؤمنين‏عليه السلام‏

مقتبسة من النصوص المأثورة عنه‏

طبقاً للنصوص الموثوقة (تأليف) ،  نشر في مجلة علوم الحديث العدد الثامن السنة الرابعة /1421هجري.

 

التحرير

الحمد ربّ العالمين الذي بنعمته تتمّ الصالحات، وأفضل الصلوات على سيّد الكائنات محمّد. وعلى آله الأئمة المعصومين السادات.

وبعد؛ فإنّ ما اكتنفَ الإمامَ أميرَ المؤمنين‏عليه السلام من الجهات الذاتيّة والنسبيّة، والمكوّنات التربويّة، والأعمال والفضائل والطموحات والتطلّعات الشخصيّة، والجهاد والنضال والصبر والحرمان في سبيل اللَّه والرسول والإسلام، ومجريات التاريخ، والمواجَهات والتدابير والتصريحات، والآثار والتراث والمخلّفات، والعلوم والحكم والقضايا، ومن حوله من أصحاب الآراء والأهواء والفرق والفئات، والتاريخ وما فيه من الظُلْمِ والظُلُمات، والبُعد الزمنيّ وما يعروه من التحريف والتصحيف المتعمّد والمغفول وسائر الآفات.

إنّ جميع ذلك لَمِمّا يجعلُ التعرُّفَ على شخصيّة الإمام‏عليه السلام من المُستحيلات.

حتى عُدَّعليه السلام في صدر قائمة الذين ارتبكت الأُمم فيهم: بين الإفراط في الوِلاء إلى حدِّ الغُلُوّ، وبين التفريط في البُغض والقلى‏، و طائفة أعلنتْ التحيُّر وتوقّف‏الفكر فيه‏عليه السلام.

وكان أيسرَ ما يستطيعُهُ عارفٌ شهد بعض زمانه - وهو الحسن البصريّ - أنْ يقولَ: ما أَقُولُ فيهِ !؟؟ كانتْ لَهُ السابقةُ، و الفَضْلُ، و العِلْمُ، و الحِكْمةُ، و الفِقْهُ، و الرَأْيُ، و الصُحْبةُ، و البَلاءُ، و النَجْدةُ، و الزُهْدُ، و القَضاءُ، و القَرَابَةُ.

إِنّ عَلِيّاً كانَ في أَمْرِهِ عَلِيّاً، فَرَحِمَ اللَّهُ عَلِيّاً و صَلَّى‏ عليه(1).

ومن هنا قد صحّ الحديث الشريف حيث قال له الرسولُ الأكرم‏صلى الله عليه وآله:

« يا عَليُّ:

ما عَرَفَكَ إلّا اللَّهُ وأنَا، وما عَرَفَني إلّا اللَّهُ وأَنْتَ، وما عَرَفَ اللَّهَ إلّا أنَا وأَنْتَ»(2).

وعندها تكون هذه الحقيقةُ قطعيّةً وكبيرةً، بقدر مايكون الشوقُ إلى معرفة الإمام‏عليه السلام عظيماً وأكيداً.

وإذا تكفّلت الآياتُ القُرآنيّةُ الكريمةُ بالكشفِ عن أبعاد كثيرةٍ وواسعةٍ من الإمام‏عليه السلام بما جمعتْها الكتب المتخصّصة بنزولها فيه، على كثرتها و سعتها(3).

وكذلك ما أعلنه الرسولُ الكريم صلى الله عليه وآله في الأحاديث الشريفة من مناقب الإمام وفضائله ومقامه عند اللَّه وعند الرسول ممّا هو مجموعٌ في ما يُسمّى‏ بكتب المناقب والفضائل(4).

وجميع ما في هذين المصدرين العظيمين يغطّي الجانب الإلهيّ والغيبيّ من جوانب الإمام‏عليه السلام.

فنحنُ لا نزالُ بحاجةٍ إلى ما ؟ ومَنْ ؟ يكشفُ لنا عنهُ‏عليه السلام أبعاداً لايعرفها غيرُهُ من البشر؟.

وقد وفّقنا اللَّه للتعرُّف على طريق آخَر، هو الإمامُ نفسُه ؛ ليتحدّثَ لنا عن نفسِه، فيكونَ تعريفُه ترجمةً ذاتيّةً - في المصطلح الحديث - تُنْبِئُ عن مكامن ضميره، ونَفَثاتِ صَدْره، ومُرادات قلبه، وما انطوتْ عليه نفسُهُ الشريفةُ من أسرارٍ وحكمٍ ومعارفَ وعلومٍ، وما كان له من مفاخر ومختصّاتٍ، تلك التي لايُنكرُها عليه حتى ألدُّ أعدائه.

فإنّ الإمامَ كانَ إذا قال: « أَنَا » فيذكرُ أشرفَ أحوالِهِ والمزيّة التي يختصّ بها(5).

كانَ كلُّ هذا مدعاةً لنا إلى تأليف هذا المقال الجامع لما أُثِرَ عن الإمام‏عليه السلام من كلامٍ يحتوي على جملة: « أَنَا...».

وقد رتّبناه على ترتيب الموضوعات الواردة فيها، بدءً بالهويّة الشخصيّة، وحتّى الشهادة والوصيّة.

وحاولنا وضع كلّ حديث في أنسب مكان ، من دون تكرار إلّا ما اقتضاهُ السهو ، أو احتوى على زيادة مفيدة .

واللَّه وليُّ التوفيق هو نعم المولى ونعم النصير.

الهويّة الشخصيّة

الاسم

(1) أَنَا الذي سمّتني أُمّي حَيْدَرَهْ.

قوله‏عليه السلام يوم خيبر: « أنا الذي سمّتني أمّي حَيْدَرَهْ * كليثِ غاباتٍ كريهِ المنظرهْ * أكيلُهُمْ بِالصاعِ كَيْلَ السَنْدَرَهْ ».

بحار الأنوار (31/4 - 18) باب 33.

قال ابن قتيبة: كانت أمّ عَلِيٍ‏عليه السلام سمّتهُ - و أَبُو طالبٍ غائبٌ حينَ ولدتْه - : «أسداً» باسم أبيها « أَسَد بن هاشم بن عبد مناف » فلمّا قَدِمَ أَبُو طالب غيّر اسمه، وسمّاه «عليّاً». وحيدرة: اسمٌ من أسماء الأسد.

ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة (1/12)و(19/127) وبحارالأنوار(2/275) ح‏41.

(2) أَنَا اسمي في الإنجيل: «إليا» وفي التوراة: «بريها» وفي الزبور: «ارى» وعند الهند: «كبكر» وعند الروم: «بطريسا» وعند الفرس: «جبير» وعند الترك: «تيبر» وعند الزنج: «حيتر» وعند الكهنة: «بويى» وعند الحبشة: «بتريك » وعند أمّي: «حيدرة» وعند ظئري: «ميمون» وعند العرب: « عَلِيّ » وعند الأرمن: «فريق» وعند أبي: «ظهير».

ألا، وإنّي مخصوصٌ في القرآن بأسماءٍ احذروا أن تغلبوا عليها فتضلّوا في دينكم.

بحار الأنوار (33/ 283) ح 547 عن بشارة المصطفى للطبري ونور الثقلين (5/599)و(4/485) عن معاني الأخبار للصدوق.

(3) أَنَا عَلِيّ بن أبي طالب ابن عمّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وأخوه، ورسوله إليكم.

اطّلع أهل وادي اليابس على مقدم عَلِيّ بن أبي طالب وأصحابه إليهم، فخرج إليه منهم مئتا رجل، شاكين في السلاح، فلمّا رآهم عَلِيٌ‏عليه السلام خرج اليهم في نَفَرٍ من أصحابه، فقالوا لهم: من أنتم ؟ ومن أين أقبلتم ؟ وأين تريدون؟ قال‏عليه السلام: أَنَا عَلِيُّ بن أبي طالب ابن عمّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وأخوه، ورسوله إليكم، أدعوكم إلى شهادة أن لا إلهَ إلاّ اللَّه وأنّ محمّداً عبدُهُ ورسولُهُ، ولكم إن آمنتم ما للمسلمين وعليكم ما على المسلمين من خيرٍ وشرٍّ، فقالوا له: إيّاك أَردنا، وأنت َطلبتنا قد سمعنا مقالتك فخذْ حذرك واستعدّ للحرب. نور الثقلين (5/654-655).

الكنية

(4) أَنَا أَبُو الأئمّة الطاهرين من ولدي. الفضائل لابن شاذان القُمّي(ص‏84).

(5) أَنَا أَبُو الحَسَن. مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب (2/300).

(6) أَنَا أَبُو الحَسَن، الذي فللت حدّ المشركين.

لمّا رجعت رسلُ عَلِيّ‏عليه السلام من عند طلحة والزبير وعائشة، يؤذِنُونه بالحرب، قام فحمد اللَّه وأثنى‏ عليه، وصَلّى‏ على رسوله صلى الله عليه وآله ثمّ قال: أيّها الناس إنّي قد راقبتُ هؤلاء القوم كي يرعَوُوا أو يرجعوا، ووبّختهم بنكثهم، وعرّفتهم بغيهم فلم يستحيوا، وقد بعثوا إليّ أن: « ابرز للطعان، واصبر للجلاد، وإنّما تمنّيك نفسُك أمانيَ الباطل، وتعدك الغُرور »!.

ألا هبلتهم الهبول، لقد كنتُ وما أُهدَّدُ بالحرب، ولا أرهبُ بالضرب ! ولقد أنصف القارة من راماها، فليُرعِدُوا وليُبْرِقُوا، فقد رأوني قديماً، وعرفوا نكايتي، فكيف رأوني؟! أَنَا أَبُو الحسن، الذي فللتُ حدّ المشركين، وفرّقتُ جماعتهم، وبذلك القلب ألقى‏ عدوّي اليومَ، وإني لعلى‏ ما وعدني ربّي من النصر والتأييد، وعلى يقينٍ من أمري، وفي غير شُبهةٍ من ديني.

أيّها الناس، إنّ الموت لا يفوته المقيم، ولا يعجزه الهارب، ليس عن الموت محيد ولا محيص، من لم يُقتل مات، إن أفضل الموت القتلُ، و الذي نفسُ عَلِيٍّ بيده لأَلْفُ ضربةٍ بالسيف أهونُ من مَوْتةٍ واحدةٍ على الفراش.

اللهمّ إنّ طلحة نَكَثَ بيعتي، وأَلّبَ على‏ عثمان حتى‏ قَتَلَه، ثمّ عَضَهني‏به ورماني. اللهمّ فلا تُمهله.

اللهمّ إنّ الزُبير قَطَعَ رحمي، ونَكَثَ بيعتي، وظاهَرَ عليَّ عدوّي، فاكفنيه اليوم بما شئتَ. ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة (1/306).

(7) أَنَا أَبُو حَسَن.

ومن كتاب له‏عليه السلام إلى معاوية: وَكَيْفَ أَنْتَ صَانِعٌ إِذَا تَكَشَّفَتْ عَنْك جَلاَبِيبُ مَا أَنْتَ فِيهِ مِنْ دُنْيَاً قَدْ تَبَهَّجَتْ بِزِينَتِهَا، وَخَدَعَتْ بِلَذَّتِهَا، دَعَتْك فَأَجَبْتَهَا، وَقَادَتْك فَاتَّبَعْتَهَا، وَأَمَرَتْك فَأَطَعْتَهَا، وَإِنَّهُ يُوشِك أَنْ يَقِفَك وَاقِفٌ عَلَى مَا لاَ يُنْجيِك مِنْهُ مِجَنٌّ، فَاقْعَسْ عَنْ هذَا الاَْمْرِ، وَخُذْ أُهْبَةَ الْحِسَابِ، وَشَمِّرْ لِمَا قَدْ نَزَلَ بِكَ، وَلاَ تُمَكِّنِ الْغُوَاةَ مِنْ سَمْعِكَ، وَإِلاَّ تَفْعَلْ أُعْلِمْك مَا أَغْفَلْتَ مِنْ نَفْسِكَ، فَإِنَّك مُتْرَفٌ قَدْ أَخَذَ الشيْطَانُ مِنْك مَأْخَذَهُ، وَبَلَغَ فِيكَ أَمَلَهُ، وَجَرَى مِنْك مَجْرَى الروحِ وَالدمِ.

وَمَتَى كُنْتُمْ - يَا مُعَاوِيَةُ - سَاسَةَ الرعِيَّةِ، وَوُلاَةَ أَمْرِ الاُْمَّةِ ؟ بِغَيْرِ قَدَم سَابِق، وَلاَ شَرَف بَاسِق، وَنَعُوذُ بِاللَّه مِنْ لُزومِ سَوَابِقِ الشقَاءِ، وَأُحَذِّرُك أَنْ تَكُونَ مُتَمادِياً في غِرَّةِ الأُمْنِيَّةِ، مُخْتَلِفَ الْعَلاَنِيَةِ والسرِيرَةِ. وَقَدْ دَعَوْتَ إِلَى الْحَرْبِ، فَدَعِ الناسَ جَانِباً وَاخْرُجْ إِلَيَّ، وَأَعْفِ الْفَرِيقَينِ مِنَ الْقِتَالِ، لِتَعْلَمَ أيُّنَا الْمَرِينُ عَلَى قَلْبِهِ، وَالْمُغَطَّى‏ عَلَى بَصَرِهِ !

فَأَنَا أَبُو حَسَن قَاتِلُ جَدِّك وَخَالك وأَخِيك شَدْخاً يَوْمَ بَدْر، ذلك السيْفُ مَعِي، وَبِذلك الْقَلْبِ أَلْقَى عَدُوِّي، مَا اسْتَبْدَلْتُ دِيناً، وَلاَاسْتَحْدَثْتُ نَبِيّاً، وَإنِّي لَعَلَى الْمِنْهَاجِ الذي تَرَكْتُمُوهُ طَائِعِينَ، وَدَخَلْتُمْ فِيهِ مُكْرَهِينَ.

وَزَعَمْتَ أَنَّك جِئْتَ ثَائراً بِدَمِ عُثْمانَ، وَلَقَدْ عَلِمْتَ حَيْثُ وَقَعَ دَمُ عُثْمانَ فَاطْلُبْهُ مِنْ هُنَاك إِنْ كُنتَ طَالباً، فَكَأَنِّي قدْ رَأَيْتُك تَضِجُّ مِنَ الْحَرْبِ إِذَا عَضَّتْك ضَجِيجَ آلْجِمَالِ بِالاَْثْقَالِ، وَكَأَنِّي بِجَمَاعَتِك تَدْعُونِي جَزَعاً مِنَ الضرْبِ الْمُتَتَابِعِ، وَالْقَضَاءِ الْوَاقِعِ، وَمَصَارِعَ بَعْدَ مَصَارِعَ، إِلَى كِتَابِ اللَّه، وَهِيَ كَافِرةٌ جَاحِدَهٌ، أَوْ مُبَايِعَةٌ حَائِدَةٌ.

نهج البلاغة طبعة صبحي الصالح دار الكتاب اللبناني - بيروت 1387ه(ص 369 - 371) الرسالة 10.

(8) أَنَا أَبُو شبر وشبير. عُيُون المواعظ والحِكَم.

(9) أَنَا أَبُو اليتامى‏. الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

اللقب

(10) أَنَا إمامُ البريّة، و وصيّ خير الخليقة، وزوج سيّدة نِساء هذه الأمّة.

نور الثقلين (1/338)رقم 136، قال‏عليه السلام في بعض خطبه: أيّها الناس، اسمعوا قولي واعقلوا عنّي...

(11) أَنَا أميرُ البَرَرَة. عُيُون المواعظ والحِكَم.

(12) أَنَا أميرُ المؤمنين. الفضائل لابن شاذان القُمّي(ص 83).

النَسَب

(13) أَنَا ابنُ عبد المطّلِب.

صمّم المشركون على أن يُلبسوا لأمة أبي جهل رجلاً منهم، فألبس عبدُاللَّه بن المنذر بن أبي رفاعة، فصمد له عَلِيٌ‏عليه السلام فقتله وهو يراهُ أبا جهل، ومضى‏ عنه، وهو يقول: أَنَا ابنُ عبد المطّلِب. ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (14/139).

وعن نَسَبِهِ قال الامام‏عليه السلام في جواب معاوية: وَأَمَّا قَوْلك: أَنَّا بَنُو عَبْدِ مَنَاف . . .

فَكَذلك نَحْنُ، وَلكِنْ لَيْسَ أُمَيَّةُ كَهَاشِمَ، وَلاَ حَرْبٌ كَعَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَلاَ أَبُو سُفْيَانَ كَأَبِي طَالِب، وَلاَ المُهَاجرُ كَالطلِيقِ، وَلاَ الصرِيحُ كَاللصِيقِ، وَلاَ المُحِقُّ كَالمُبطِلِ، وَلاَ الْمُؤْمِنُ كَالمدْغِلِ، وَلَبِئْسَ الْخَلَفُ خَلَفٌ يَتْبَعُ سَلَفاً هَوَى‏ في نَارِ جَهَنَّمَ.

وَفي أَيْدِينَا - بعْدُ - فَضْلُ النُبُوَّةِ التي أَذْلَلْنَا بِهَا الْعَزِيزَ، وَنَعَشْنَا بِهَا الذلِيلَ.

وَلَمَّا أَدْخَلَ اللَّه الْعَرَبَ في دِينِهِ أَفْوَاجاً، وَأَسْلَمَتْ لَهُ هذِهِ الأُمَّةُ طَوْعاً وَكَرْهاً، كُنْتُمْ مِمَّنْ دَخَلَ في‏الدينِ: إِمَّا رَغْبَةً وَإِمَّا رَهْبَةً، عَلَى حِينَ فَازَ أَهْلُ‏السَبْقِ بِسَبْقِهِمْ، وَذَهَبَ الْمُهَاجِرُونَ الاَْوَّلُونَ بِفَضْلِهِمْ. فَلاَ تَجْعَلَنَّ لِلشيْطَانِ فِيك نَصِيباً، وَلاَ عَلَى نَفْسِكَ سَبِيلاً، وَالسلاَمُ. نهج البلاغة (4 - 375) الكتاب 17.

(14) أَنَا شجرتُها، ودوحةٌ أَنَا ساقُها.

قال‏عليه السلام: إنّ قريشاً طلبت السعادةَ فشقيتْ، وطلبت النجاةَ فهلكتْ، وطلبت الهدى‏ فضلّتْ، ألم يسمعوا - ويحهم - قوله تعالى‏: « وَ الذِينَ ءَامَنُواْوَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَنٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ...» ؟ فأين المعدل والمنزع عن ذريّة الرسول‏صلى الله عليه وآله الذين شيّد اللَّه بُنيانَهم فوقَ بُنيانهم، وأعلى رؤوسَهم فوق رؤوسِهم، واختارهم عليهم ؟ ألا إنّ الذريّة أفنانٌ أنا شجرتُها، ودوحةٌ أَنَا ساقُها، وإنّي من أحمد بمنزلة الضَوْءِ من الضَوْءِ، كُنّا ظِلالاً تحت العرش قبل خلق البشر، وقبل خلق الطينة التي كان منها البشر، أشباحاً عاليةً لا أجساماً ناميةً.

إنّ أمرنا صعبٌ مستصعبٌ، لا يعرف كنهه إلاّ ثلاثةٌ: ملكٌ مقرّبٌ، أو نَبِيٌّ مرسَلٌ، أو عبدٌ امتحنَ اللَّه قلبَه للإيمان، فإذا انكشفَ لكم سرٌّ أو وضحَ لكم أمرٌ فاقبلوه، وإلاّ فاسكتوا؛ تَسْلَمُوا، وردّوا علمَنا إلى اللَّه، فإنّكم في أوسع ممّا بين السماء والأرض. ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة (13/105).

الأقارب

(15) أَنَا أخُو المصطفى‏ لا شكّ في نَسَبي. تاريخ أصبهان(2/60).

(16) أَنَا أخُو رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وابن عمّه لا يقولُها أحدٌ بعدي.

مسند أبي يعلى‏ (1/ 347) ح‏445.

(17) أَنَا أخو رسول اللَّه صلى الله عليه وآله‏وابن عمّه، وسيف نقمته، وعماد نصرته، وبأسه وشدّته. نور الثقلين (5/599).

(18) أَنَا الصِهْرُ.

يقول اللَّه عزّ و جلّ: «وَ هُوَ الذِى خَلَقَ مِنَ الْمَآءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَ صِهْرًا».

معاني الأخبار للصدوق، و نور الثقلين (4/22)و(5/599).

(19) أَنَا زوج البَتُول؛ سيّدة نساء العالمين: فاطمة، التقيّة، الزكيّة، البرّة المهديّة، حبيبة حبيب اللَّه، وخير بناته، وسلالته، وريحانة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله سبطاه خير الأسباط، و ولداي خير الأولاد، هَلْ أحدٌ يُنكرُ ماأقولُ ؟ أينَ مسلمو أهل الكتاب ؟. نور الثقلين (5/599).

(20) أَنَا والحسين؛ فنحنُ منكم وأنتم منّا.

ألا أخبركم بذات نفسي، أمّا الحسن ففتىً من الفتيان،...، و أمّآ أَنَا والحسين؛ فنحنُ منكم وأنتم منّا. ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة (20/284).

(21) أَنَا أُحدّثكم عنّي وعن أهل بيتي.

قال أمير المؤمنين‏عليه السلام: أَنَا أحدّثكم عنّي وعن أهل بيتي،...، وأمّا أنا وحسين فنحن منكم و أنتم منّا. ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (16/11).

(22) أَنَا الذي عمّه سيّدٌ في الجنة. الفضائل لابن شاذان القُمّي(ص 83).

(23) أَنَا أخُو جعفرُ الطيّارُ. عُيُون المواعظ والحِكَم.... في الجنة عند الملائكة. الفضائل لابن شاذان القُمّي(ص 83).

(24) أَنَا أعلم بجعفر.

إن رسول‏اللَّه صلى الله عليه وآله بعث أبا رافع مولاه يتلقّى جعفر بن أبي طالب، لمّا قدم من الحبشة فأعطاه عَلِيّ‏عليه السلام حتياً وعكةَ سمن، وقال له: أَنَا أعلم بجعفر، إنّه إن علم ثراه مرّةً واحدةً ثمّ أطعمه، فادفع هذا السمن إلى أسماء بنت عميس تدهن به بني أخي من صمر البحر، وتطعمهم من الحتي. ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة (19/133).

(25) أَنَا أَحَبُّ إليكَ أَمْ فاطمة ؟.

قال عَليّ ابن أبي طالب‏عليه السلام: يا رسول اللَّه أَنَا أحبُّ إليكَ أَمْ فاطمة ؟ قال: فاطمة أحبُّ إليّ منك، وأنت أعزُّ عليَّ منها، وكأنّي بك وأنت على حوضي تذود عنه الناس، وإنّ عليه أباريق عدد نجوم السماء، وأنت والحسن والحسين و حمزة و جعفر في الجنّة إخوانَاً على سُرُرٍ متقابلين، و أنت معي و شيعتك، ثم قرأ رسولُ‏اللَّه صلى الله عليه وآله: «...إِخْوَ نَاً عَلَى‏ سُرُرٍ مُّتَقَبِلِينَ ...» [سُورَةُ الْحِجْرِ:15] لا ينظر أحدكم في قفاء صاحبه.

تفسير الميزان (12/176) وفي تفسير البرهان عن الحافظ أبي نعيم عن رجاله عن أبي هريرة قال:.

(26) أَنَا ؛ أَمِ الحسينُ؟.

( قيل) إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله كان جالساً ذات يومٍ وعنده الإمام عَلِيّ بن أبي طالبٍ‏عليه السلام إذْ دخل الحسينُ بن عَلِيّ فأخذهُ النَبِيّ صلى الله عليه وآله وأجلسه في حِجْرِهِ، وقبّل بين عينيه وقبّل شفتيه، وكان للحسين‏عليه السلام ستُّ سنين. فقال عَلِيّ‏عليه السلام: يا رسول اللَّه، أتحبّ ولدي الحسين ؟ قال النَبِيّ صلى الله عليه وآله: وكيف لاأحبّه ؟ وهو عضوٌ من أعضائي ؟! فقال عَلِيّ‏عليه السلام: يا رسول اللَّه، أيّما أحبّ إليكَ: أَنَا؛ أَمِ الحسينُ؟ فقال الحسينُ: يا أبتي من كان أعلى شرفاً كان أحبّ إلى النَبِيّ‏صلى الله عليه وآله وأقرب إليه منزلةً.

قال عَلِيّ‏عليه السلام لولده: أتفاخرني ياحسين ؟ قال: نعم يا أبتاه، إن شئت.

الفضائل لابن شاذان القُمّي(ص 83 - 85) وهذا الحديث يحتوي على ما ننقله عن هذا المصدر في هذا البحث بعنوان « أنا».

(27) أَنَا سَيَّدُ الشيْبِ، وَفيّ سُنَّةٌ مِنْ أَيُّوْبَ.

عن عباية الأسدي، قال: سمعت عليّاًعليه السلام يقول - : أَنَا سَيَّدُ الشِّيْبِ، وَفيَّ سُنَّةٌ مِنْ أَيُّوْبَ، وَ واللَّه لَيَجْمَعَنَّ اللَّهُ لِيْ أَهْلِيَ، كما جُمِعُوْا لِيَعْقُوْبَ.

رواه المفيد، و الكشي.

النشأة

منذ الولادةُ: ومن كلام له‏عليه السلام: أما إنِّهُ سَيَظْهَرُ عَلَيْكُمْ بَعْدِي رَجُلٌ رَحْبُ الْبُلْعُومِ، مُنْدَحِقُ الْبَطْنِ، يَأْكُلُ مَا يَجِدُ، وَيَطْلُبُ مَا لاَ يَجِدُ، فَاقْتُلُوهُ، وَلَنْ تَقْتُلُوهُ! أَلاَ وَإِنَّهُ سَيَأْمُرُكُمْ بِسَبِّي وَالْبَرَاءَةِ مِنِّي؛ فَأَمَّا السبُّ فَسُبُّونِي، فَإِنَّهُ لي زَكَاةٌ،وَلَكُمْ نَجَاةٌ؛ وَأَمَّا الْبَرَاءَةُ فَلاَ تَتَبَرَّأُوا مِنِّي، فَإِنِّي وَلِدْتُ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَسَبَقْتُ إِلَى الاِْيمَانِ وَالْهِجْرَةِ. نهج البلاغة(92) الخطبة 57.

(28) أَنَا غُلامٌ... وأَنَا وهو صلى الله عليه وآله ساجدانِ.

قال‏عليه السلام: ما عَبَدَ اللَّهَ أحدٌ قبلي إلاّ نبيّه صلى الله عليه وآله ولقد هَجَمَ أَبُو طالبٍ علينا وأنا وهو ساجدان، فقال: أو فعلتموها ! ثمّ قال لي - وأنا غُلامٌ - : « وَيْحَكَ، أُنْصُرْ ابنَ عمِّك! وَيْحَكَ لا تخذُلْه » وجَعَلَ يحثُّني على مُؤازرته.

شرح نهج البلاغة (4/104).

(29) أَنَا فَتَىً.

بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وآله عليّاًعليه السلام إلى اليمن قاضياً، فقال‏عليه السلام: يا رسول اللَّه، إنّهم كهولٌ وذَوُو أسنانٍ وأَنَا فَتَىً، وربّما لم أُصِبْ في ما أحكمُ به بينهم، فقال صلى الله عليه وآله له: اذهبْ فإنّ اللَّه سيثبّتُ قلبَكَ ويهدي لسانَكَ.

شرح نهج البلاغة (7/219-220).

(30) أَنَا من رسول اللَّه صلى الله عليه وآله كالعَضُدِ من المِنْكَبِ، وكالذِراعِ من العَضُدِ، وكالكفِّ من الذِراعِ، ربّاني صغيراً، وآخاني كبيراً، ولقد علمتم أني كان لي منه مجلسٌ سرٌّ لا يطّلع عليه غيري، وإنّه أوصى‏ إليَّ دونَ أصحابه وأهل بيته، ولأقولنّ ما لم أقلْه لأحدٍ قبلَ هذا اليوم: سألته مرّةً أن يدعوَ لي بالمغفرة فقال: أفعل، ثمّ قام فصلّى، فلمّا رفع يده للدعاء استمعتُ إليه، فإذا هو قائل: « اللهمّ بحقّ عَلِيٍّ عندك اغفر لِعَلِيّ » فقلتُ: يا رسول اللَّه، ما هذا؟ فقال: أوَ أحدٌ أكرمُ منك عليه فأستشفع به إليه ؟. ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (20/315).

في ظِلّ الرسول والرِسالة

السبق بالإيمان‏

(31) أَنَا أَوَّلُ رجلٍ صَلّى‏ مَعَ النَبِيّ‏صلى الله عليه وآله كنز العمال (13/124)ح‏36396.

(32) أَنَا أَوَّلُ المسلمين إسلاماً. عُيُون المواعظ والحِكَم.

(33) أَنَا أَوَّلُ مَنْ بايعَ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وآله تَحْتَ الشَجَرَة.

في قوله تعالى: { . . .لَّقَدْ رَضِىَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشجَرَةِ...}. تفسير على بن ابراهيم.

(34) أَنَا أَوَّلُ مَنْ صَلّى‏ مَعَ الرسولِ‏صلى الله عليه وآله . الجوهرةللتلمساني (ص‏7).

(35) أَنَا أَوَّلُ مَنْ صَلّى‏ مَعَ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وآله . أنساب الأشراف(2/346).

(36) أَنَا أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بالوعيدِ من ذُكُورِ هذهِ الأمّة. شواهد التنزيل (1/328).

من ذلك قوله‏عليه السلام إِنّي أَوَّلُ مَنْ أَنَابَ.

ومن كلام له‏عليه السلام: أَيَّتُهَا النُّفُوسُ الُْمخْتَلِفَةُ، وَالْقُلُوبُ الْمُتَشَتِّتَةُ، الشاهِدَةُ أَبْدَانُهُمْ، وَالْغَائِبَةُ عَنْهُمْ عُقُولُهُمْ، أَظْأَرُكُمْ عَلَى الْحَقِّ وَأَنْتُمْ تَنْفِرُونَ عَنْهُ نُفُورَ الْمِعْزَى مِنْ وَعْوَعَةِ الاَْسَدِ! هَيْهَاتَ أَنْ أَطْلَعَ بِكُمْ سَرَارَ الْعَدْلِ، أَوْ أُقِيمَ اعْوِجَاجِ الْحَقِّ.

اللَّهُمَّ إِنَّك تَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنِ الذي كَانَ مِنَّا مُنَافَسَةً في سُلْطَان، وَلاَ الِْتمَاسَ شِي‏ءٍ مِنْ فُضُولِ الْحُطَامِ، وَلكِنْ لِنَرِدَ الْمَعَالِمَ مِنْ دِينِكَ، وَنُظْهِرَ الاِْصْلاَحَ في بِلاَدِكَ، فَيَأْمَنَ الْمَظْلُومُونَ مِنْ عِبَادِكَ، وَتُقَامَ الْمُعَطَّلَةُ مِنْ حُدُودِكَ.

اللَّهُمْ إِنّي أَوَّلُ مَنْ أَنَابَ، وَسَمِعَ وَأَجَابَ، لَمْ يَسْبِقْنِي إِلاَّ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وآله بِالصَلاَةِ. وقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْفُرُوجِ وَالدِمَاءِ وَالمَغَانِمِ وَالأَحْكَامِ وَإِمَامَةِ الْمُسْلِمِينَ: الْبَخِيلُ ؛ فَتَكُونَ في أَمْوَالِهِمْ نَهْمَتُهُ، وَلاَ الْجَاهِلُ ؛ فَيُضِلَّهُمْ بِجَهْلِهِ، وَلاَ الْجَافي ؛ فَيَقْطَعَهُمْ بِجَفَائِهِ، وَلاَ الجَائِفُ لِلدُّوَلِ ؛ فَيَتَّخِذَ قَوْماً دُونَ قَوْم، وَلاَ الْمُرْتَشِي في الْحُكْمِ ؛ فَيَذْهَبَ بِالْحُقُوقِ وَيَقِفَ بِهَا دُونَ المَقَاطِعِ، وَلاَ الْمَعطِّلُ لِلسُّنَّةِ ؛ فَيُهْلِك الأُمَّةَ. نهج البلاغة (ص 188- 189) الخطبة 131.

يوم الدار

(37) أَنَا يا رسول اللَّه أكون وزيرك.

قال‏عليه السلام: لمّا أنزلت هذه الآية: « وَ أَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ » [سورة الشعراء 26: 214] على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله دعاني، فقال: يا عَلِيّ، إنّ اللَّه أمرني‏أنْ: « أَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ » فضِقْتُ بذلك ذَرْعاً، وعلمتُ أني متى‏ أنادهم بهذا الأمر أرَ منهم ما أكره، فصمت حتى جاءني جبريل‏عليه السلام فقال: يا محمّد، إنّك إنْ لم تفعلْ ما أمرتَ به يعذّبك ربّك!

فاصنعْ لنا صاعاً من طعامٍ، واجعلْ عليه رجلَ شاةٍ، واملأ لنا عسّاً من لبنٍ، ثمّ اجمعْ بني عبد المطّلب حتّى أكلّمهم وأبلّغهم ما أمرتُ به.

ففعلتُ ما أمرني به، ثمّ دعوتُهم وهُم يومئذٍ أربعون رجلاً، يزيدون رجلاً أو ينقصونه، وفيهم أعمامه أَبُو طالب، وحمزة، والعبّاس، و أَبُو لهب، فلمّا اجتمعوا إليه دعا بالطعام الذي صنعتُ لهم، فجئتُ به، فلمّا وضعتُه تناول رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بضعةً من اللحم فشقّها بأسنانه، ثمّ ألقاها في نواحي الصحفة، ثمّ قال: كُلُوا باسم اللَّه، فأكلوا حتّى ما لهم إلى شيٍ من حاجةٍ، وايم اللَّه الذي نفس عَلِيٍّ بيده إن كان الرجلُ الواحدُ منهم ليأكلُ ما قدّمته لجميعهم، ثمّ قال: اسقِ القومَ ياعَلِيُّ، فجئتُهم بذلك العُسّ فشربوا منه، حتى رَوَوا جميعاً، وايم اللَّه إن كان الرجل منهم ليشرب مثله، فلمّا أراد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أن يكلّمهم بدره أَبُو لهب إلى الكلام، فقال: لشدّما سَحَرَكم صاحبُكم فتفرّق القوم، ولم يكلّمهم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فقال من الغَدِ: يا عَلِيُّ، إنّ هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعتَ من القول، فتفرّق القوم قبل أن أكلّمهم، فعُدْ لنا اليوم إلى مثل ما صنعتَ بالأمس، ثمّ اجمعهم لي، ففعلتُ ثمّ جمعتُهم، ثمّ دعاني بالطعام، فقرّبتُه لهم، ففعل كما بالأمس، فأكلوا حتى مالهم بشيٍ حاجةٌ، ثمّ‏قال: اسقهم، فجئتُهم بذلك العُسّ، فشربوا منه جميعاً، حتى رووا، ثم تكلّم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فقال: يا بني عبد المطّلب، إنّي - واللَّه - ما أعلم أنّ شابّاً في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتُكم به، إني قد جئتُكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني اللَّه أن أدعوكم إليه، فأيّكم يُوازرني على هذا الأمر، على أن يكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم ؟ فأحجم القومُ عنها جميعاً، وقلتُ أَنَا - وإنّي لأحدثُهم سِنّاً وأرمصهم عيناً، وأعظمهم بطناً، وأحمشهم ساقاً - : أَنَا يا رسول اللَّه أكونُ وزيرك عليه، فأعاد القول، فأمسكوا وأعدتُ ما قلتُ، فأخذ برقبتي، ثم قال لهم: هذا أخي ووصيّي و خليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا.

فقام القوم يضحكون، ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمعَ لابنك وتطيعَ.

ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة (13/210-211).

(38) أَنَا.

إنّ رجلاً قال لِعَلِيّ‏عليه السلام: يا أمير المؤمنين، بما ورثتَ ابنَ عمّك ؟

فقال‏عليه السلام: يا معشرَ الناس، افتحوا آذانكم واسمعوا،..: جَمَعَ رَسُوْلُ اللَّه‏صلى الله عليه وآله بَنِي عَبْدِ المُطّلبْ في بَيْتِ رَجَلٍ مِنّا - أَوْ قال: في بَيْتٍ أَكْبَرنا - فَدَعا بُمدٍّ وَنِصْفٍ مِنْ طَعَامٍ وَقَدَحٍ لَه يُقالُ لَهُ الغُمَرُ، فَأَكَلْنا وَشَرَبْنا، وَبَقِيَ الطّعَامُ كَما هُوَ والشَرابُ كَما هُوَ، وَفِيْنا مَنْ يَأْكُلُ الجَذَعَةَ وَيَشْرَبُ الفَرَقَ، فَقالَ رَسُوْلُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله: إنَّكُمْ قَدْ تَرَوْنَ هذِه الآيَةَ، فَأَيُّكُمْ يُبايِعُنِي عَلى‏ أَنَّهُ أَخِي وَوارِثي وَوَصيّي ؟

فَلَمْ يَقُمْ إِلَيْهِ أَحَدٌ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ - وَكُنْتُ أَصْغَرَ القَوْمِ - وَقُلْتُ: أَنَا.

قالَ: اجْلسِ، ثُمَّ قالَ ذلك ثَلاثَ مَرّاتٍ، كُلُّ ذلك أَقُوْمُ إِلَيْهِ فيَقُوْلُ: اجْلِسْ، حَتّى‏ كانَ في الثالِثَةَ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلى‏ يَدِيَ.

فَبِذلك وَرِثْتُ ابْنَ عَمِّي دُوْنَ عَمِّي.

علل الشرائع (1/170) و تاريخ الطبري (2 /321) باب «أَوَّلُ من أسلم من الرجال...» و روى نحوه ابن حنبل في مسند علي‏عليه السلام برقم (1372) من المسند: (2/352) والضياء المقدسي‏في‏المختارة:(2/71)أَوَّلُ‏مسندعلي‏عليه السلام الحديث: (734) و النسائي في الحديث: (66) من كتابه خصائص علي‏عليه السلام (ص‏133) كمارواه أيضاً في السنن الكبرى‏.

(39) أَنَاوَضَعْتُ في‏الصِغَرِ بَكَلاَكِلِ‏الْعَرَبِ، وَكَسَرْتُ نَوَاجِمَ‏قُرُونِ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ.

ثمّ قال صلى الله عليه وآله: وَقَدْ عَلِمْتُمْ مَوْضِعِي مِنْ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وآله بِالْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ، وَالْمَنْزِلَةِ الْخَصِيصَةِ: وَضَعَنِي في حِجْرِهِ وَ أَنَا وليدٌ، يَضُمُّنِي إِلَى صَدْرِهِ، وَيَكْنُفُنِي في فِرَاشِهِ، وَيُمِسُّنِي جَسَدَهُ، وَيُشِمُّنِي عَرْفَهُ، وَكَانَ يَمْضَغُ الشي‏ء ثُمَّ يُلْقِمُنِيهِ، وَمَا وَجَدَ لِي كِذْبَةً في قَوْلٍ، وَلاَ خَطْلَةً في فِعْلٍ.

وَلَقَدْ قَرَنَ اللَّه تَعَالَى بِهِ صلى الله عليه وآله مِنْ لَدُنْ أَنْ كَانَ فَطِيماً أَعْظَمَ مَلَك مِنْ مَلاَئِكَتِهِ يَسْلُك بِهِ طَرِيقَ الْمَكَارِمِ، وَمَحَاسِنَ أَخْلاَقِ الْعَالَمِ، لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ، وَلَقَدْ كُنْتُ أَتْبَعُهُ اتِّبَاعَ الْفَصِيلِ أَثَرَ أُمِّهِ، يَرْفَعُ لي في كُلِّ يَوْم عَلَماً مِنْ أخْلاقِهِ، وَيَأْمُرُني بِالاقْتِدَاءِ بِهِ.

وَلَقَدْ كَانَ يُجَاوِرُ في كُلِّ سَنَة بِحِرَاءَ، فَأَرَاهُ وَلاَ يَرَاهُ غَيْرِي.

وَلَمْ يَجْمَعْ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَوْمَئِذٍ في الْإِسْلاَمِ غَيْرَ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وآله وَخَدِيجَةَ وَأَنَا ثَالِثُهُمَا، أَرَى نُورَ الْوَحْيِ وَالرِسَالَةِ، وَأَشُمُّ رِيحَ النُبُوَّةِ.

وَلَقَدْ سَمِعْتُ رَنَّةَ الشيْطَانِ حِينَ نَزَلَ الْوَحْيُ عَلَيْهِ صلى الله عليه وآله فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّه مَا هذِهِ الرنَّةُ؟ فَقَالَ: هذَا الشيْطَانُ قَدْ أَيِسَ مِنْ عِبَادَتِهِ، إِنَّك تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ، وَتَرَى مَا أَرَى، إِلاَّ أَنَّك لَسْتَ بِنَبِيٍّ، وَلكِنَّكَ وَزِيرٌ، وَإِنَّكَ لَعَلَى خَيْر.

نهج البلاغة (ص 300- 301)من الخطبة 192 وتسمىّ القاصعة.

(40) أَنَا أَوَّلُ المؤمنين باللَّه. شرح نهج البلاغة(6/132).

(41) أَنَا (قلت) لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّه .

وقال‏عليه السلام في ذكر هذه المعجزة: وَلَقَدْ كُنْتُ مَعَهُ صلى الله عليه وآله لَمَّا أَتاهُ المَلاَُ مِنْ قُريْش، فَقَالُوا لَهُ: يَا مُحُمَّدُ، إِنَّكَ قَدِ ادَّعْيْتَ عَظِيماً لَمْ يَدَّعِهِ آبَاؤُك وَلاَ أحَدٌ مِن بَيْتِكَ، وَنَحْنُ نَسَأَلك أَمْراً إِنْ أَجَبْتَنَا إِلَيْهِ وَأَرَيْتَنَاهُ عَلِمْنَا أَنَّك نِبِيٌّ وَرَسُولٌ، وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ عَلِمْنَا أَنَّك سَاحِرٌ كَذَّابٌ. فَقَالَ‏صلى الله عليه وآله لهم: وَمَا تَسْأَلُونَ؟.

قَالُوا: تَدْعُو لَنَا هذِهِ الشَجَرَةَ حَتَّى تَنْقَلِعَ بِعُرُوقِهَا وَتَقِفَ بَيْنَ يَدَيكَ.

فَقَالَ صلى الله عليه وآله: إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ، فإِنْ فَعَلَ اللَّهُ ذلكَ لَكُمْ، أَتُؤْمِنُونَ وَتَشْهَدُونَ بِالْحَقِّ ؟. قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنِّي سَأُرِيكُمْ مَا تَطْلُبُونَ، وإِنِّي لأََعْلَمُ أَنَّكُمْ لاَ تَفِيئُونَ إِلَى خَيْر، وَإِنَّ فِيكُمْ مَنْ يُطْرَحُ في الْقَلِيبِ، وَمَنْ يُحَزِّبُ الاَْحْزَابَ.

ثُمَّ قَالَ: يَا أَيَّتُهَا الشَجَرَةُ إِنْ كُنْتِ تُؤمِنِينَ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ، وَتَعْلَمِينَ أَنِّي رَسُولُ اللَّه، فَانْقَلِعِي بعُرُوقِكِ حَتَّى تَقِفِي بَيْنَ يَدَيَّ بِإِذْنِ اللَّه.

فَوَالذي بَعَثَهُ بِالحَقِّ نَبِيّاً؛ لاَنْقَلَعَتْ بِعُرُوقِهَا، وَجَاءَتْ وَلَهَا دَوِىٌّ شَدِيدٌ، وَقَصْفٌ كَقَصْفِ أَجْنِحَةِ الطَيْرِ، حَتَّى وَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وآله مُرَفْرِفَةً، وَأَلْقَتْ بِغُصْنِهَا الأَعْلَى‏ عَلَى رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وآله وَبِبَعْضِ أَغْصَانِهَا عَلَى مِنْكَبِي، وَكُنْتُ عَنْ يَمِينِهِ‏عليه السلام .

فَلَمَّا نَظَرَ القَوْمُ إِلَى ذلك ؛ قَالُوا - عُلُوّاً وَاسْتِكْبَاراً -: فَمُرْهَا فَلْيَأْتِكَ نِصْفُهَا وَيَبْقَى نِصْفُهَا.

فَأَمَرَهَا بِذلكَ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ نِصْفُهَا كَأَعْجَبِ إِقْبَالٍ وَأَشَدِّه دَوِيّاً، فَكَادَتْ تَلْتَفُّ بِرَسُولِ‏اللَّه صلى الله عليه وآله فَقَالُوا - كُفْراً وَعُتُوّاً -: فَمُرْ هذَا النِصْفَ فَلْيَرْجِعْ إِلَى نِصْفِهِ كَمَا كَانَ.

فَأَمَرَهُ فَرَجَعَ. فَقُلْتُ أنَا: لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّه، إنّي أَوَّلُ مْؤْمِن بِكَ يَا رَسُولَ اللَّه، وَأَوَّلُ مَنْ آمَنَ بَأَنَّ الشَجَرَةَ فَعَلَتْ مَا فَعَلَتْ بِأَمْرِ اللَّه تَصْدِيقاً لِنُبُوَّتِكَ، وإِجْلاَلاً لِكَلِمَتِكَ.

فَقَالَ القَوْمُ كُلُّهُمْ: بَلْ سَاحِرٌ كَذَّابٌ، عَجِيبُ السِحْرِ خَفِيفٌ فِيهِ، وَهَلْ يُصَدِّقُك في أَمْرِك إِلاَّ مِثْلُ هذَا! يَعْنُونَنِي.

وَإنّي لَمِنْ قَوْم لاَتَأخُذُهُمْ في اللَّه لَوْمَةُ لاَئِم، سِيَماهُمْ سِيَما الصِدِّيقِينَ، وَكَلاَمُهُمْ كَلاَمُ الاَْبْرَارِ، عُمَّارُ الليْلِ، وَمَنَارُ النهَارِ، مُتَمَسِّكُونَ بِحَبْلِ القُرْآنِ، يُحْيُونَ سُنَنَ اللَّه وسُنَنَ رَسُولِهِ، لاَ يَسْتَكْبِرُونَ وَلاَيَعْلُونَ، وَلاَيَغُلُّونَ ، وَلاَ يُفْسِدُونَ، قُلُوبُهُمْ في الْجِنَانِ، وَأَجْسَادُهُمْ في العَمَلِ!.

نهج البلاغة (ص‏301 - 302) الخطبة 192 وتسمىّ القاصعة و شرح نهج البلاغة (6/132).

في خدمة النَبِيّ صلى الله عليه وآله

(42) أَنَا أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَهُ.

ومن كلام له‏عليه السلام قاله بعد وقعة النهروان : فَقُمْتُ بِالاَْمْرِ حِينَ فَشِلُوا، وَتَطَلَّعْتُ حِينَ تَعْتَعُوا، وَمَضَيْتُ بِنُورِ اللَّه حِينَ وَقَفُوا، وَكُنْتُ أَخْفَضَهُمْ صَوْتاً، وَأَعْلاَهُمْ فَوْتاً، فَطِرْتُ بِعِنَانِهَا، وَاسْتَبْدَدْتُ بِرِهَانِهَا، كَالْجَبَلِ لاَ تُحَرِّكُهُ الْقَوَاصِفُ، وَلاَ تُزِيلُهُ الْعَوَاصِفُ. لَمْ يَكُنْ لاَِحَد فيَّ مَهْمَزٌ، وَلاَ لِقَائِل فيَّ مَغْمَزٌ، الذَّلِيلُ عِنْدِي عَزِيزٌ حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ لَهُ، وَالْقَوِىُّ عِنْدِي ضَعِيفٌ حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ مَنْهُ، رَضِينَا عَنِ اللَّه قَضَاءَهُ، وَسَلَّمْنَا له أَمْرَهُ. أَتَرَاني أَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وآله؟ وَاللَّه لأَنَا أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَهُ فَلاَ أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ كَذَبَ عَلَيْهِ. فَنَظَرْتُ في أَمْرِي، فَإِذَا طَاعَتِي قَدْ سَبَقَتْ بَيْعَتِي، وَإِذَا الميِثَاقُ في عُنُقِي لِغَيْرِي. نهج البلاغة (ص 81) من الخطبة 37.

ومن كلام له‏عليه السلام في ذم أَهل العراق ، أَمَّا بَعْدُ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ، فَإِنَّمَا أَنْتُمْ كَالْمَرْأَةِ الْحَامِلِ، حَمَلَتْ فَلَمَّا أَتَمَّتْ أَمْلَصَتْ، وَمَاتَ قَيِّمُهَا، وَطَالَ تَأَيُّمُهَا، وَوَرِثَهَا أَبْعَدُهَا. أَمَا وَاللَّه مَا أَتَيْتُكُمُ اخْتِيَاراً، وَلكِنْ جَئْتُ إِلَيْكُمْ سَوْقاً، وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: [عَليٌّ ]يَكْذِبُ، قَاتَلَكُمُ اللَّه! فَعَلَى مَنْ أَكْذِبُ؟ أَعَلَى اللَّه ؟ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ! أَمْ عَلَى نَبِيِّهِ؟ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَهُ! كَلاَّ وَاللَّه، ولكِنَّهَا لَهْجَةٌ غِبْتُمْ عَنْهَا، وَلَمْ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهَا، وَيْلُ أُمِّهِ ، كَيْلاً بِغَيْرِ ثَمَن! لَوْ كَانَ لَهُ وِعَاءٌ، {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِين‏}.

نهج البلاغة (ص 100) من الخطبة 71.

(42) أَنَا عَبْدٌ من عَبِيْدِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله.

جاء حبرٌ من الأحبار إلى‏ أمير المؤمنين‏عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين، متى‏ كان ربّك؟ فقال‏عليه السلام: ثَكَلَتْكَ أُمّك، ومتى‏ لم يكن ؟ حتى‏ يقال: «مَتى‏ كانَ؟» كانَ ربَّي قَبْلَ القَبْلِ بِلاقَبْلٍ، وَبَعْدَ البَعْدِ بِلابَعْدٍ وَلاغايَةٍ، وَلامُنْتَهى‏ لِغايَتِهِ؛ اِنْقَطَعَتِ الغاياتُ عِنْدَهُ فَهُوَ مُنْتَهى‏ كُلِّ غايَةٍ.

فقال: يا أمير المؤمنين، أفنبِيٌّ أنتَ ؟

فقال‏عليه السلام: ويلكَ إنّما أَنَا عَبْدٌ من عَبِيْدِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله.

رواه الكلينيّ في الكافي (1/89) ورواه الصدوق في التوحيد (ص‏174وص 109) وانظر (ص 174 - 175).

(43) أَنَا الذي قاتلتُ الكافرين في سبيل اللَّه. الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(44) أَنَا الباذلُ مُهجتي في دين اللَّه. عُيُون المواعظ والحِكَم.

التضحيةُ حتّى الهجرة

(45) أَنَا الذي نُمْتُ على فِراش النَبِيّ صلى الله عليه وآله و وقيتُهُ بِنَفسي من المشركين.

الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(46) أَنَا فيه.

قال‏عليه السلام: إنّ قريشاً لم تزلْ تجيلُ الآراء وتعمل الحيلَ في قتل النَبِيّ صلى الله عليه وآله حتّى كان آخر ما اجتمعتْ في ذلك في يوم الدار - دار الندوة - وإبليس الملعون حاضرٌ في صورة أعور ثقيفٍ، فلم تزلْ تضرب أمرها ظهراً وبطناً حتّى اجتمعتْ آراؤها على أن ينتدبَ من كلّ فخذٍ من قريشٍ رجلٌ، ثمّ يأخذُ كلُّ رجلٍ منهم سيفَه ثمّ يأتي النَبِيّ صلى الله عليه وآله وهو نائمٌ على فراشه، فيضربونه جميعاً بأسيافهم ضربةَ رجلٍ واحدٍ فيقتلونه، فإذا قتلوهُ منعتْ قريشٌ رجالها ولم تُسلمها، فيمضي دمه هدراً، فهبط جبرئيل‏عليه السلام على النَبِيّ صلى الله عليه وآله فأنبأَهُ بذلك وأخبره بالليلة التي يجتمعون فيها وأمره بالخروج في الوقت الذي خَرَجَ فيه إلى الغار، فأنبأني رسولُ اللَّه صلى الله عليه وآله بالخبر، وأمرني أن أضطجعَ في مضجعه، وأقيَهُ بنفسي فأسرعتُ إلى ذلك مطيعاً له مسروراً لنفسي أن أقتلَ دونَه، فمضى‏عليه السلام لوجهه، واضطجعتُ في مضجعه وأقبلتْ رجالٌ من قريشٍ موقنةً في أنفسها بقتلِ النَبِيّ صلى الله عليه وآله فلمّا استووا في البيت الذي أَنَا فيه ناهضتُهم بسيفي فدفعتُهم عن نفسي بما قد علمه اللَّه، واللَّه. ثمّ أقبلَ على أصحابه فقال: أليسَ كذلك ؟ قالوا: بلى‏ ياأميرالمؤمنين. نور الثقلين (2/210).

(47) أَنَا هو.

وفي احتجاجه‏عليه السلام على الناس يوم الشورى‏، قال: فأنشدكم باللَّه، هلْ فيكم أحدٌ وقى‏ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله - حيث جاء المشركون يُريدون قتله فاضطجعتُ في مضجعه وذَهَبَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وآله نحو الغار، وهم يرونَ أنّي أَنَا هو، فقالوا: أينَ ابنُ عمّك ؟ فقلتُ: لا أدري، فضَرَبُوني حتّى كادوا يقتلونني غيري؟

قالوا: اللهمّ، لا. نور الثقلين (2/210).

(48) أَنَا وَقَيْتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وآله.

وفي احتجاجه‏عليه السلام على أبي بكر، قال: فأنشدكَ باللَّه، أَنَا وَقَيْتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وآله بنفسي يوم الغار، أمْ أَنْتَ ؟ قال: بلْ أَنْتَ. نور الثقلين (2/210).

في المدينة مع الرسول صلى الله عليه وآله

إلى جَنْبِ الرسول صلى الله عليه وآله وسُنّتِه‏

(49) أَنَا دَمِي دَمُ رَسُولِ اللَّهِ، وَلَحْمِي لَحْمُهُ، وَعَظْمِي عَظْمُهُ، وَعِلْمِي عِلْمُهُ، وَحَرْبِي حَرْبُهُ، وَسِلْمِي سِلْمُهُ، وَأصْلِي أصْلُهُ، وَفَرْعِي فَرْعُهُ، وَنَحْرِي نَحْرُهُ، وَجَدِّي جَدُّه. عُيُون المواعظ والحِكَم.

(50) أَنَا أَحَبُّكُمْ إليه وأَوْثَقُكُمْ في نَفْسِهِ. مناقب المغازلي(ص‏111)ح‏154.

(51) أَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله كَالضَوْءِ مِنَ الضَوْءِ. عُيُون المواعظ والحِكَم.

(52) أَنَا المُنَفِّسُ عَنْهُ كَرْبَه. عُيُون المواعظ والحِكَم.

(53) أَنَا صاحب لواء رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في الدنيا والآخرة، ورسول اللَّه فرطى.

تفسير نور الثقلين (5/).

(54) أَنَا آخذٌ له باليمين. الفضائل لابن شاذان القُمّي(ص‏83).

(55) أَنَا أولى‏ مَن أتّبَعَ أمرَهُ.

قال‏عليه السلام لمعاوية: وأمّا شقّ عصا هذه الأمّة فأنَا أَحقّ أنْ أَنْهاكَ عنهُ. فأمّا تخويفُك لي من قتل أهل البغي، فإن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أمرني بقتالهم وقتلهم، وقال لأصحابه: «إنّ فيكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلتُ على تنزيله » وأشار إليَّ، وأَنَا أولى‏ من أتَّبَعَ أَمْرَهُ. ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (14/43).

(56) أَنَا أعلمُ بها منك.

قال عَلِيّ‏عليه السلام للخرّيت السائي: ويحكَ ! هلمَّ إليَّ أُدارسك، وأناظركَ في السُنَنِ، وأفاتحك أموراً من الحقِّ أَنَا أعلم بها منك، فلعلّك تعرف ما أنت الآن له منكر، وتبصر ما أنت الآن عنه عَمٍ وبه جاهلٌ.

فقال الخرّيت: فإنّي غادٍ عليكَ غَداً.

فقال عليٌ‏عليه السلام: اغْدُ، ولا يستهوينّك الشيطانُ، ولا يتقحمنّ بكَ رأي السوء، ولا يستخفنّك الجهلاءُ الذين لايعلمون، فواللَّه، إنْ استرشدتني واستنصحتني وقبلتَ منّي لأهدينّكَ سبيلَ الرشاد. ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (3/128).

(57) أَنَا ذَا الْيَوْمَ مُسْمِعُكُمُوهُ.

ومن خطبة له‏عليه السلام في حقّ الرسول صلى الله عليه وآله: أَرْسَلَهُ عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُسُلِ، وَطُولِ هَجْعَةٍ مِنَ الاُْمَمِ، وَاعْتِزَام مِنَ الْفِتَنِ، وَانْتَشَار مِنَ الاُْمُورِ، وَتَلَظٍّ مِنَ الْحُرُوبِ، والدُّنْيَا كَاسِفَةُ النُّورِ، ظَاهِرَةُ الْغُرُورِ، عَلَى حِينِ اصْفِرَار مِنْ وَرَقِهَا، وَإِيَاس مِنْ ثَمَرِهَا، وَاغْوِرَار مِنْ مَائِهَا، قَدْ دَرَسَتْ أعْلامُ الْهُدَى، وَظَهَرَتْ أَعْلاَمُ الرَدَى، فَهِيَ مُتَجَهِّمَةٌ لاَِهْلِهَا، عَابِسَةٌ في وَجْهِ طَالِبِهَا، ثَمَرُهَا الْفِتْنَةُ، وَطَعَامُهَا الْجِيفَةُ، وَشِعَارُهَا الْخَوْفُ، وَدِثَارُهَا السَيْفُ، فَاعْتَبِرُوا عِبَادَ اللَّه، وَاذْكُرُوا تِيك التي آبَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ بِهَا مُرْتَهَنُونَ، وَعَلَيْهَا مُحَاسَبُونَ.

وَلَعَمْرِي مَا تَقَادَمَتْ بِكُمْ وَلاَ بِهِمُ الْعُهُودُ، وَلاَ خَلَتْ فِي ما بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمُ الأَحْقَابُ وَالْقُرُونُ، وَمَا أَنْتُمُ الْيَوْمَ مِنْ يَوْمِ كُنْتُمْ في أَصْلابِهِمْ بِبَعِيد.

واللَّه، مَا أَسْمَعَكُمُ الرَسُولُ شَيْئاً إِلاَّ وَهَا أَنَا ذَا الْيَوْمَ مُسْمِعُكُمُوهُ، وَمَا أَسْمَاعُكُمُ الْيَوْمَ بِدُونِ أَسْمَاعِكُمْ بِالاَْمْسِ، وَلاَ شُقَّتْ لَهُمُ الْأَبصَارُ، وَجُعِلَتْ لَهُمُ الْأَفْئِدَةُ في ذلك الاَْوَانِ، إِلاَّ وَقَدْ أُعْطِيتُمْ مِثْلَهَا في هذَا الزَمَانِ.

وَ واللَّه، مَا بُصِّرْتُمْ بَعْدَهُمْ شَيْئاً جَهِلُوهُ، وَلاَ أُصْفِيتُمْ بِهِ وَحُرِمُوهُ، وَلَقَدْ نَزَلَتْ بِكُمُ الْبَلِيَّةُ جَائِلاً خِطَامُهَا، رِخْواً بِطَانُهَا، فَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ مَا أَصْبَحَ فِيهِ أَهْلُ الْغُرُورِ، فَإِنَّمَا هَوَ ظِلٌّ مَمْدُودٌ، إِلَى أَجَل مَعْدُود. نهج البلاغة (ص 121- 122) الخطبة 88.

(58) أَنَا مُحْيِي السُنَّةِ وَمُمِيتُ البِدْعَة. عُيُون المواعظ والحِكَم.

(59) أَنَا(إنْ) لم آخُذْ بما أَخَذَ بِهِ خِفْتُ ألاّ ألْحَقَ بِهِ.

عن عقبة، قال: دخلت على عَلِيّ‏عليه السلام فإذا بين يديه لَبَنٌ حامِضٌ، آذَتْني حُمُوضته، وكسر يابسة، فقلتُ: يا أمير المؤمنين، أتأكلُ مثل هذا؟!

فقال لي: يا أبا الجنوب، كان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يأكل أيبسَ من هذا، ويلبس أخشنَ من هذا - وأشار إلى ثيابه - فإنْ أَنَا لم آخُذْ بِما أَخَذَ بِهِ خِفْتُ ألاّ أَلْحَقَ بِهِ.

وروى قال: دخلتُ على عَلِيّ‏عليه السلام بالكوفة، فإذا بين يديه قعب لبَنَ‏ٍ أَجِدُ ريحَه من شدّة حُمُوضته، وفي يده رغيفٌ تُرى‏ قِشارُ الشعير على وجهه، وهو يكسرهُ، ويستعينُ أحياناً برُكبته، وإذا جاريتُهُ فِضّةٌ قائمةٌ على رأسه، فقلتُ: يا فِضَّة، أما تتّقون اللَّه في هذا الشيخ ! ألا نخلتم دقيقه ؟ فقالت: إنّا نكرهُ أن نُؤجَرَ ويَأثَمَ، نحنُ قد أَخَذَ علينا ألاّ ننخلَ له دقيقاً ما صحبناهُ.

قال: - وعَلِيّ‏عليه السلام لا يسمع ما تقول - فالتفتَ إليها فقال: ما تقولين ؟ قالت: سله، فقال لي: ما قلتَ لها ؟ فقلتُ: إنّي قلتُ لها: لو نخلتم دقيقه !

فبكى‏، ثمّ قال: بأبي وأمي مَنْ لم يشبعْ ثلاثاً متواليةً من خبزِ بُرٍّ حتّى فارقَ الدنيا، ولم ينخلْ دقيقه، - قال: يعني رسول اللَّه صلى الله عليه وآله - .

ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة (2/201).

(60) أَنَا أقاتِلُ بِهِ دُونَهُ صلى الله عليه وآله.

قال‏عليه السلام: يااللَّه، يارحمن، يارحيم، ياواحد، ياأحد، ياصمد، يا اللَّه، ياإله محمّد، اللهمّ إليك نقلت الأقدام، وأفضت القلوب، ورفعت الأيدي، ومدّت الأعناق، وشخصت الأبصار، وطلبت الحوائج ! اللهمّ إِنَّا نشكو إليك غيبة نبيّنا، وكثرة عدوّنا، وتشتت أهوائنا، ربّنا افتح بيننا وبين قومنا بالحقّ، وأنت خير الفاتحين. سيروا على بركة اللَّه. ثمّ نادى: لا إله إلا اللَّه، واللَّه أكبر، كلمة التقوى‏.

قال‏الراوي: فلا، والذي بعث محمّداً بالحقّ نبيّاً، ما سمعنا رئيسَ قومٍ منذ خلق اللَّه السموات والأرض، أصاب بيده في يومٍ واحدٍ ما أصاب، إنّه قتلَ في ما ذكر العادّون زيادةً على خمسمائة من أعلام العرب، يخرجُ بسيفه منحنياً، فيقول: معذرةً إليّ وإليكم من هذا. لقد هممتُ أن أفلقه، ولكن يحجزني عنه أني سمعتُ رسول اللَّه‏صلى الله عليه وآله يقول: « لا سيفَ إلا ذو الفَقار ولا فتى‏ إلا عليّ» وأنَا أقاتلُ بِهِ دُونَه‏صلى الله عليه وآله.

قال: فكنّا نأخذُهُ فنقوّمُهُ، ثمّ يتناوَلُه من أيدينا فيقتحمَ به في عرض الصفّ، فلا - واللَّه - ما ليث بأشدّ نكايةً منه في عدوّه‏عليه السلام. شرح نهج البلاغة(2/211).

يوم بَدْرٍ

(61) أَنَا قاتلُ الكافرين. الفضائل لابن شاذان (ص 84). عُيُون المواعظ والحِكَم.

(62) أَنَا قاتلُ الكافرين يوم بَدْرٍ وحُنَيْنٍ. الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(63) أَنَا قاتِلُ الكَفَرَة. عُيُون المواعظ والحِكَم.

(64) أَنَا صاحِبُ بَدْرٍ وَحُنَيْنٍ. عُيُون المواعِظِ والحِكَم.

(65) أَنَا مجدّلُ الأبْطالِ، وقاتِلُ الفُرْسانِ، ومُبِيْرُ مَنْ كَفَرَ بِالرحمنِ، وصِهْرُ خَيْرِ آلٍ. نور الثقلين (5/599).

يوم أُحُدٍ

(66) أَنَا مُرْدي الكُماةِ يَوْمَ أُحُدٍ. الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(67) أَنَا آتيكَ بِخَبَرِهم.

عندما تآمرتْ قريشٌ على أن يرجعوا إلى المدينة بعد هزيمتهم من أُحُد، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: مَنْ رجلٌ يأتينا بخبر القوم ؟ فلم يُجبه أَحَدٌ ! فقال عَلِيٌ‏عليه السلام:

تفسير القمي(1/124).

(68) أَنَا قتلتُهُ.

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: مَنْ له علمٌ بنَوْفَل بن خويلد ؟ فقال عَلِيٌ‏عليه السلام: أنَا قَتَلْتُهُ، فكبّر رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وقال: الحمد للَّه الذي أجاب دعوتي فيه.

شرح نهج البلاغة (14/144).

(69) أَنَا رأيتُ يا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فارساً يركضُ في أَثَرِهِ حتّى لَحِقَهُ.

قال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وآله يوم أحُدٍ: مَنْ لهُ علمٌ بذكوان بن عبد قيس ؟ فقال عليٌ‏عليه السلام: أنا رأيتُ يا رسول اللَّه فارساً يركضُ في أَثَرِهِ حتّى لَحِقَهُ، وهو يقول: لا نجوتُ إن نجوتَ، فحمل عليه فرسه وذكوان راجلٌ، فضربه وهو يقول: خُذْها و أنا ابن علاج، فقتله، فأهويتُ إلى الفارس، فضربتُ رجله بالسيف، حتى قطعتُها من نصف الفخذ، ثم طرحتُهُ عن فرسه فدففتُ عليه، وإذا هو أَبُو الحكم بن أخنس بن شريق بن علاج بن عمرو بن وهب الثقفي.

قال الواقدي: وقال عَلِيّ‏عليه السلام: لمّا كان يوم أُحُدٍ وجال الناسُ تلك الجولة ؛ أقبل أميّة بن أبي حذيفة بن المغيرة، وهو دارعٌ مقنّعٌ في الحديد، ما يُرى منه إلاّ عيناه، وهو يقول يومٌ بيوم بدرٍ، فيعرض له رجلٌ من المسلمين، فقتله أميّة، قال عَلِيٌ‏عليه السلام: وأصمُدُ له، فأضربُه بالسيف على هامته، وعليه بيضةٌ، وتحت البيضة مغفرٌ، فنبا سيفي، وكنتُ رجلاً قصيراً، ويضربني بسيفه، فأتّقي بالدرقة، فلحج سيفه، فأضربه، وكانت درعه مشمّرة، فأقطع رجليه، فوقع وجعل يعالج سيفه، حتى خلصه من الدرقة، وجعل يناوشني وهو باركٌ حتى نظرتُ إلى فتقٍ تحت إبطِهِ فاحشّ فيه بالسيف، فمالَ، فماتَ، وانصرفتُ.

ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة (14/275).

يوم الأَحْزابِ‏

(70) أَنَا ضاربُ ابن عبد وُدٍّ - لعنه اللَّهُ تعالى - يومَ الأحزابِ.

الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(71) أَنَا أُبارِزُهُ يا رسولَ اللَّه صلى الله عليه وآله.

حَضَرَ عمرُو بنُ عبد وُدٍّ يومَ الخندق - وقد كان شهد بدراً فارْتُثَّ جريحاً - ولم يشهد أحداً، فَحَضَرَ الخندقَ شاهراً سيفه معلماً، مدلّاً بشجاعته وبأسه، وخرج معه ضرارُ بن الخطّاب الفهري، وعكرمة بن أبي جهل، وهبيرة بن أبي وهب، ونوفل بن عبداللَّه بن المغيرة المخزوميّون، فطافُوا بخيولهم على الخندق إصعاداً وانحداراً، يطلبون موضعاً ضيّقاً يعبرونه، حتّى وقفوا على أضيق موضعٍ فيه، في المكان المعروف بالمزار، فأكرهوا خيولهم على العُبُور فَعَبَرَتْ، وصارُوا مع المسلمين على أرضٍ واحدةٍ، ورسول اللَّه صلى الله عليه وآله جالسٌ وأصحابه قيامٌ على رأسه، فتقدّم عمرُو ابن عبد وُدٍّ فدعا إلى البراز مراراً، فلم يقُمْ إليه أحدٌ، فلمّا أكثرَ، قام عَلِيٌ‏عليه السلام فقال: أَنَا أبارِزُهُ يا رسولَ اللَّه، فأمره بالجلوس، وأعاد عمرٌو النداءَ، و الناس سكوتٌ كأنَّ على رؤوسهم الطير، فقال عمرٌو: أيّها الناس، إنّكم تزعُمُون أنّ قتلاكم في الجنة وقتلانا في النار، أفما يُحِبُّ أحدُكم أنْ يقدم على الجنة أو يقدم عدوّاً له إلى النار! فلم يقم إليه أحدٌ، فقام عَلِيٌ‏عليه السلام دفعةً ثانيةً، وقال: أَنَا له يارسول‏اللَّه، فأمره بالجلوس، فجال عمرٌو بفرسه مقبلاً ومدبراً، وجاءت عُظماء الأحزاب فوقفتْ من وراء الخندق، ومدّتْ أعناقها تنظُرُ، فلمّا رأى‏ عمرٌو أنّ أحداً لا يجيبه، قال:.

ولقد بححتُ من النداءِ بِجَمْعِهم هلْ من مُبارِزْ!

ووقفتُ مُذْ جبن المشيع موقفَ القرن المُناجِزْ

إنّي كذلكَ لم أزَلْ مُتسرّعاً قبلَ الهَزاهِزْ

إنّ الشجاعةَ في الفَتى‏ والجُودَ من خيرِ الغَرائِزْ

فقام عَلِيٌ‏عليه السلام فقال: يا رسولَ اللَّه، اءْذنْ لي في مُبارَزَتِهِ، فقال: ادْنُ، فدنا فَقَلَّدَهُ سيفَه، وعَمَّمَهُ بعمامته، وقال: امْضِ لشأنكَ، فلمّا انصرف، قال صلى الله عليه وآله: اللهمّ أَعِنْهُ عليه، فلمّا قَرُبَ منهُ، قال له مُجيباً إيّاهُ عن شعره:

لا تَعْجَلَنَّ فَقَدْ أَتَاكَ مُجِيْبُ صَوْتِكَ غَيرَ عاجِزْ

ذُو نِيَّةٍ وبَصِيْرَةٍ يَرْجُو بِذاكَ نَجاةَ فائِزْ

إِنّي لآملُ أنْ أُقِيمَ عَلَيْكَ نائحةَ الجَنائِزْ

من ضَرْبةٍ فَوهاءَ يَبْقى‏ ذِكْرُها عِنْدَ الهَزاهِزْ

فقال عمرٌو: مَنْ أنتَ !؟ وكانَ عمرٌو شيْخاً كَبِيراً قد جاوَزَ الثمانينَ، وكانَ نديمَ أبي طالب بن عبدالمطّلِب في الجاهليّة، فانْتَسَبَ عَلِيٌ‏عليه السلام له: وقالَ: أَنَا عَلِيُّ بنُ أبي‏طالبٍ، فقال:أجَلْ،لقدكانَ أَبُوكَ نَدِيماً لي‏وصَدِيقاً، فارجعْ‏فإنّي‏لاأُحِبُ‏أنْ أقتلَكَ‏

[قال ابن أبي الحديد: كانَ شيخُنا أَبُو الخير، مصدّق بن شبيب النحويّ، يقول - إذا مَرَرْنا في القراءة عليه بهذا الموضع -: واللَّه، ما أَمَرَهُ بالرجوع إبْقاءً عليه، بَلْ خَوْفاً منهُ، فقد عَرَفَ قتلاهُ بِبَدْرٍ و أُحُدٍ، وعَلِمَ أنّهُ إنْ نْاهَضَهُ قَتَلَهُ، فاستحيا أنْ يُظْهِرَ الفَشَلَ، فأظْهَرَ الإبْقاءَ والإرْعاءَ، وإنّهُ لكاذِبٌ فيهما].

قالوا: فقال له عَلِيٌ‏عليه السلام لكنّي أُحِبُّ أنْ أقتلَكَ، فقال: يابنَ أخي، إنّي لأكرهُ أنْ أقتلَ الرجلَ الكريمَ مثلَكَ، فارجعْ وراءَكَ خيرٌ لَكَ، فقال عَلِيٌّ: إنّ قُريشاً تتحدّثُ عنكَ أنّك قلتَ: لايدعُوني أحَدٌ إلى ثلاثٍ إلاّ أجبتُ ولو إلى واحدةٍ منها.

قال: أَجَلْ، فقال عَلِيٌ‏عليه السلام: فإنّي أدعوكَ إلى الإسلام.

قال: دَعْ عنكَ هذه.

قال: فإنّي أدعوكَ إلى أنْ ترجعَ بِمَنْ تبعكَ من قُريشٍ إلى مَكَّةَ.

قال: إذَنْ تتحدّثُ نِساءُ قُريشٍ عنّي أنَّ غُلاماً خَدَعَني.

قال: فإنّي أدعوكَ إلى البِراز، فحمي عمرٌو وقال: ما كنتُ أَظُنُّ أنّ أحَداً من العَرَبِ يرومُها منّي، ثمّ نَزَلَ فَعَقَرَ فَرَسَهُ - وقيل: ضَرَبَ وَجْهَهُ فَفَرَّ - وتجاوَلا، فَثارَتْ لهما غَبْرةٌ وارَتْهما عن العُيُون، إلى أنْ سَمِعَ الناسُ التكبيرَ عالياً من تحت الغبرة، فعلموا أنّ عليّاً قَتَلَهُ، وانْجَلَت الغَبْرَةُ عنهما، و عَلِيٌّ راكبٌ صَدْرَهُ يَحُزُّ رأسه، وَفَرَّ أصحابُهُ ليعبُروا الخندق، فطفرتْ بهم خيلُهم إلاّ نوفل بن عبداللَّه، فإنّه قصر فرسه، فَوَقَعَ في الخندق، فرماهُ المسلمون بالحجارة، فقال: يا معاشرَ الناس، قتلةٌ أكرم من هذه، فَنَزَلَ إليه عَلِيٌ‏عليه السلام فقتله، وأدركَ الزبيرُ هُبيرةَ بن أبي وهب ؛ فضربه فقطعَ ثفر فرسه وسقطت درعٌ كان حَمَلَها من ورائه، فأخَذَها الزُبيرُ، وألقى‏ عكرمة رُمحه، وناوَشَ عُمر بن الخطاب ضرارَ بن عمرٍو، فَحَمَلَ عليه ضرارٌ حتى إذا وَجَدَ عمرُ مسَّ الرُمح رَفَعَهُ عنه، وقال: إنّها لنعمةٌ مشكورةٌ، فاحفظها يا بنَ الخطّاب، إنّي كنتُ آليتُ ألاّ تُمكنني يداي من قتل قُرشيٍّ فأقتله. وانصرف ضرارٌ راجعاً إلى أصحابه، وقد كان جرى‏ له معه مثلُ هذه في يوم أُحُدٍ.

وقد ذكر هاتين القصّتين مَعَاً محمّدُ بنُ عمر الواقديّ في كتاب المغازي.

ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (19/62).

وفي رواية أخرى: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: مَنْ لهذا الكلب ؟ فلم يُجِبْهُ أَحَدٌ ُ فَوَثَبَ إليه أمير المؤمنين صلى الله عليه وآله فقال: أنَا لَهُ يا رسولَ اللَّهِ، فقال: يا عَلِيُّ ؛ هذا عمرُو بنُ عبد وُدٍّ فارس يليل ! فقال: أَنَا عَلِيّ بن أبي طالبٍ، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: ادْنُ منّي، فدنا منه، فَعَمَّمَهُ بِيَدِهِ، وَدَفَعَ إليه سيفَه « ذا الفقار » وقال له: اذْهَبْ وقاتِلْ بهذا، وقال: اللهمّ احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته، فمرَّ أميرُ المؤمنين‏عليه السلام يُهَرْوِلُ في مشيِهِ، وهو يقول:

لاتعجلنّ فقد أتاك مجيب صوتك غير عاجِزْ

ذو نيّةٍ وبصيرةٍ والصدقُ منجٍ كلِّ فائِزْ

إنّي لأرجُو أَنْ أُقِيْمَ عليك نائِحَةَ الجنائِزْ

من ضربةٍ نَجْلاءَ يبقى‏ صِيْتُها عِنْدَ الهزاهزْ

فقال له عمرٌو: مَنْ أَنْت؟ قال: أَنَا عَلِيّ بن أبي طالب ابن عمّ رسول اللَّه وختنه.

فقال: واللَّهِ، إنَّ أباكَ كانَ لي صَدِيْقاً ونَدِيماً، وإنّي أكرهُ أنْ أقتلكَ. ما أَمِنَ ابنُ عمّكَ حينَ بَعَثَكَ إليَّ أنْ أختطفكَ برُمحي هذا، فأتْرُكَكَ شائلاًبينَ السماء والأرض؟! لا حيّ ولا ميّت ؟! فقال له أميرُ المؤمنين‏عليه السلام: قد عَلِمَ ابنُ عمّي: أَنَّكَ إنْ قتلتني دخلتُ الجنّةَ، وأنتَ في النار، وإن قتلتكَ فأنتَ في‏النار و أَنَا في الجنّة.

فقال عمرٌو: كلتاهما لَكَ، يا عَلِيُّ، تِلْكَ إذاً قِسْمةٌ ضِيزَى‏.

فقال عَلِيٌ‏عليه السلام: دَعْ هذا، يا عمرُو، إنّي سمعتُ منكَ وأنتَ مُتَعلِّقٌ بأستار الكعبة، تقول: لا يعرضنَّ عليَّ أَحَدٌ في الحرب ثلاثَ خِصالٍ إلاّ أجبتُهُ إلى واحدةٍ منها.

أَنَا أعرضُ إليكَ ثلاثَ خِصالٍ فأجِبْني إلى واحِدةٍ، قال: هاتِ يا عَلِيُّ.

قال: أحدها تشهدُ أن لا إله إلاّ اللَّه، وأنَّ محمّداً رسول اللَّه.

قال: نَحِّ عنّي هذا، فاسأل الثانية.

فقال: أنْ ترجعَ وتردَّ هذا الجيشَ عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فإنْ يكُ صادقاً فأنتمْ أعلى به عيناً، وإنْ يكُ كاذباً كفتكُم ذُؤبانُ العَرَبِ أَمْرَهُ.

قال: إِذنْ تتحدّثُ نساءُ قُريشٍ وتُنشدُ الشُعراءُ في أشعارها أنّي جبُنتُ ورَجَعْتُ على عقبي من الحرب، وخذلتُ قوماً رأّسُوني عليهم؟

فقال له أميرُ المؤمنين: فالثالثةُ أنْ تنزلَ إلى قتالي فإنّك فارِسٌ و أَنَا راجِلٌ حتى أَنَابِذَكَ، فوَثَبَ عن فَرَسِهِ وعَرْقَبَهُ، وقال: هذه خِصْلَةٌ ما ظَنَنْتُ أنّ أحداً من العَرَبِ يسومُني عليها، ثم بدأ فَضَرَبَ أميرَ المؤمنين بِالسيفَ على رأسه ؛ فاتّقاهُ أميرُ المؤمنين بالدرقة فَقَطَعَها وثَبَتَ السيفُ على رأسه، فقال له عَلِيٌ‏عليه السلام: يا عمرُو، ما كفاكَ أنّي بارَزْتُكَ وأنتَ فارسُ العَرَبِ حتّى اسْتَعَنْتَ عليَّ بظَهِيرٍ؟ فالتفتَ عمرٌو إلى خلفه فَضَرَبَهُ أميرُ المؤمنين‏عليه السلام مُسْرِعاً إلى ساقيه فَقَطَعَهُما جَميعاً وارتفعتْ بينهما عَجاجةٌ، فقال المنافقون: قُتِلَ عَلِيُّ بن أبي طالب، ثمّ انكشفت العجاجةُ ونظروا فإذا أميرُ المؤمنين‏عليه السلام على صدره، قد أَخَذَ بِلحيته يُريد أن يذبحَه، ثم أَخَذَ رأسه، وأقبلَ إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله والدِماءُ تسيلُ على رأسه من ضربة عمرٍو، وسيفُه يقطُرُ منه الدمُ، وهو يقول والرأس بيده:

أَنَا ابنُ عبد المطّلِب‏

الموتُ خيرٌ للفتى‏ من الهرب‏

فقال رسولُ اللَّه‏صلى الله عليه وآله: يا عَلِيُّ ماكَرْتَهُ؟ قال: نعم، يا رسولَ اللَّه، الحربُ خديعةٌ.

وبَعَثَ رسولُ اللَّه‏صلى الله عليه وآله الزُبيرَ إلى هُبيرة بن وهب، فضربه على رأسه ضربةً فلق هامته وأمر رسول اللَّه‏صلى الله عليه وآله عمرَ بن الخطّاب أن يُبارز ضرارَ بن الخطّاب، فلمّا بَرَزَ إليه ضرارٌ انتزعَ له عمرُ سهماً فقال له ضرارٌ: ويلكَ يا ابن صهاك، أترميني في مُبارزة - واللَّه - لئن رميتني لا تَرَكْتُ عَدَوِيّاً بمكّةَ إلاّ قتلتُهُ، فانهزمَ عندَ ذلك عمرُ، ومرّ نحوه ضرارٌ وضَرَبَهُ ضرارٌ على رأسه. نور الثقلين (4/250).

(72) أَنَا عَلِيّ.

دعا عمرُو بن عبد وُدٍّ المسلمين إلى المُبارزة، فَأَحْجَمَ الناسُ كلُّهم عنه، لما علموا من بأسه وشدّته، ثم كرّر النداء، فقامَ عَلِيٌ‏عليه السلام فقال: أَنَا أَبْرُزُ إليه، فقال له رسول‏اللَّه صلى الله عليه وآله‏عليهم السلام إنّه عمرٌو! قال: نعم، وأنا عَلِيٌّ، فَأَمَرَهُ بالخروج إليه، فلمّا خرج قال‏صلى الله عليه وآله: بَرَزَ الإيمانُ كُلُّهُ إلى الشِرْكِ كُلِّهِ.

ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة (13/261).

(73) أَنَا قَاتِلُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ وُدٍّ حِينَ نَكَلُوا عَنْه. عُيُون المواعظ والحِكَم.

(74) أَنَا قاتلُ عمرٍو ومَرْحَبٍ. الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

يوم خَيْبَر

(75) أَنَا صاحِبُ يَوْمِ خَيْبَرٍ. عُيُون المواعِظِ والحِكَم.

(76) أَنَا قَاتِلُ مَرْحَبٍ. عُيُون المواعظ والحِكَم.

(77) أَنَا قاتِلُ فُرْسان خَيْبَرٍ. الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

يوم فتح مَكَّةَ

(78) أَنَا كتبتُهُ بينَنا وبينَ المُشركينَ.

قال‏عليه السلام عن كتاب الصلح في الحُدَيْبية: إنّ ذلك الكتاب أَنَا كَتَبْتُهُ بينَنا وبينَ المشركين، واليومَ أكتُبُهُ إلى أبنائهم كما كان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله كَتَبَهُ إلى آبائهم شبها و مثلاً، فقال عمرُو بنُ العاصِ: سبحانَ اللَّه، أَتُشبِّهُنابالكُفّار ؟ ونحنُ مسلمون !.

فقال عَلِيٌ‏عليه السلام: يابنَ النابِغة، ومتى‏ لم تكنْ للكافرينَ وليّاً وللمسلمين عدوّاً ؟!

فقام عمرٌو، وقال: واللَّه، لا يجمعُ بيني وبينَكَ مجلسٌ بعدَ اليوم.

فقال عَلِيٌ‏عليه السلام: أما - واللَّه - إنّي لأرجُو أنْ يُظهرَ اللَّهُ عليك وعلى أصحابك.

ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (2/233).

(79) أَنَا صاحبُ فتحِ مكّةَ. الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(80) أَنَا الذي كَسَرْتُ يَغُوثَ ويَعُوقَ ونَسْراً. الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(81) أَنَا كاسِرُ اللاّتِ والعُزّى‏. الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(82) أَنَا الهادمُ هُبَل الأعلى‏ ومَنَوةالثالثةَ الأخرى‏. الفضائل لابن شاذان (ص‏84).

(83) أَنَا الذي فقأتُ عَيْنَ الشِرْكِ.

قال‏عليه السلام: أَنَا قاتِلُ الأَقْرانِ، ومجدّل الشجعان، أَنَا الذي فقأتُ عَيْنَ الشِرْكِ، وفللت عرشه، غير ممتنٍّ على اللَّه بجهادي، ولا مُدِلٍّ إليه بطاعتي، ولكن أحدّثُ بنعمة ربّي. ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة (20/296).

مع القُرآنِ الكَرِيْمِ‏

(84) أَنَا الأذانُ في الناس.

قال‏عليه السلام في تفسير قوله تعالى:«وَأَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُوْلِهِ»: كنتُ...

تفسير القُمّي(1/282).

(85) أَنَا الأُذُنُ الواعِيَةُ.

يقول اللَّه عزّ و جلّ: «وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ». نور الثقلين (5/599).

(86) أَنَا الإِنْسانُ إِيّايَ تُحَدِّثُ أَخْبارَها.

قُرِئَتْ عند أمير المؤمنين‏عليه السلام: « إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ( 1 ) وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ( 2 ) وَ قَالَ الْإِنسَنُ مَا لَهَا ( 3 ) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ( 4 )» ، [سُورَةُ الزلْزَلَةِ: 99] قال‏عليه السلام:. نور الثقلين (5/649).

(87) أَنَا الرجلُ الذي قالَ اللَّه: « إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ( 1 ) وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ( 2 ) وَ قَالَ الْإِنسَنُ مَا لَهَا ( 3 ) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ( 4 )»، [سُورَةُ الزلْزَلَةِ: 99 ]نور الثقلين (5/649).

(88) أَنَا الذي أَنْزَلَ اللَّهُ فيَّ:«وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ». نور الثقلين (5 /16)ح‏403.

(89) أَنَا الذي قالَ اللَّهُ تباركَ وتعالى‏ فيَّ وفي عَدُوّي: « وَقِفُوْهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُوْلُوْنَ» أي عن ولايتي ، يومَ القِيامة. الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(90) أَنَا الذي قالَ اللَّهُ تعالى‏ فيَّ وفي حقّي:« الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِى مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِاِّثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رحِيمٌ » [ سُورَةُ الْمَائِدَةِ 5: 31 ]فمن أَحَبَّني كانَ مُسلماً مُؤمناً كاملَ الدين. الفضائل لابن شاذان القُمّي(ص 83).

(91) أَنَا الذي قال اللَّهُ سبحانه وتعالى‏ فيّ وفي حقّي: «...بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ ( 26 ) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) » [سورة الأنبياء:21]. الفضائل لابن شاذان القُمّي(ص 83).

(92) أَنَا الذي قدّمَ الصدقةَ. نور الثقلين (5/264).

(93) أَنَا الذي نَزَلَ على أَعْدائي: «سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ( 1 ) لِّلْكَفِرِينَ لَيْسَ لَهُ‏و دَافِعٌ(2)»[ سُورَةُ الْمَعَارِجِ:70]بمعنى من أنكر ولايتي وهو النعمان بن الحارث اليهوديّ.

(94) أَنَا أولى الناسِ بهذهِ الآية: « وَ أَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَنِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَن يَمُوتُ بَلَى‏ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَ لَكِنَّ أَكْثَرَ الناسِ لَا يَعْلَمُونَ » [سُورَةُ النَحْلِ:16]. تفسير العياشي (1/183).

(95) أَنَا الذاكرُ.

يقول اللَّه عَزَّ وجَلَّ: « الذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَمًا وَقُعُودًا وَعَلَى‏ جُنُوبِهِمْ...( 191 )» [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ:3] ونحن أصحاب الأعراف.

نور الثقلين (5/599).

(96) أَنَا ذلكَ الأذانُ، نور الثقلين (5/599).

(97) أَنَا ذلكَ الرجُلُ السَلَمُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله.

يقول اللَّه عَزَّ وجَلَّ: «...وَرَجُلاً سَلَمًا لِّرَجُلٍ...» ، [سُورَةُ الزُّمَرِ 39:28 ]ومن ولدي مهديّ هذه الأمّة ألا، وقد جُعِلتُ حجّتَكم، بِبُغْضي يُعْرَفُ المُنافقون، وبِمَحَبَّتي امْتَحَنَ اللَّهُ المؤمنين، هذا عهدُ النَبِيّ الأُمّيّ إليَّ: « إِنّه لا يُحبّكَ إلاّ مؤمنٌ، ولا يُبغضكَ إلاّ مُنافقٌ ». نور الثقلين (5/599. وانظر نور الثقلين (4/485-486)

ح‏45 عن مجمع البيان وروى الحاكم الحسكاني.

(98) أَنَا ذلك الصادقُ. نور الثقلين (5/599).

(99) أَنَا ذلكَ المؤذّنُ.

وقال‏عليه السلام: «وَأَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُوْلِهِ» أَنَا ذلك المؤذّنُ. نور الثقلين (5/599).

(100) أَنَا ذُو القَلْبِ.

وقال‏عليه السلام: يقول اللَّه عَزَّ وجَلَّ: « إِنَّ فِى ذَ لِكَ لَذِكْرَى‏ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ» [سُورَةُ

ق: 50 ]نور الثقلين (5/599).

(101) أَنَا رَحَى‏ جَهَنَّم الدائرةُ، وأَضْراسُها الطاحِنَةُ.

وقال‏عليه السلام: يا أيّها الناسُ، لعلّكم لا تسمعون قائلاً يقول مثلَ قولي بعدي إلاّ مفترٍ . نور الثقلين (5/599).

(102) أَنَا صاحِبُ « هَلْ أَتَى‏ ». عُيُون المواعِظِ والحِكَم.

(103) أَنَا عُرْوَةُ اللَّهِ الوُثْقَى‏ التى لا انْفِصامَ لَها واللَّهُ سميعٌ عليمٌ.

الفضائل لابن شاذان القُمّي(ص 83).

(104) أَنَا عُرْوَةِ اللَّهِ الْوُثْقى‏، وَكَلِمَةُ التَقْوَى‏.

قال أمير المؤمنين في خطبته:. نور الثقلين (5/74)ح‏76. عن التوحيد للصدوق.

(105) أَنَا «عَمَّ يَتَسَاءَلُوْنَ» عَنْ وَلايَتِي ، يَوْمَ القُيامَةِ.

الفضائل لابن شاذان (ص 84).

(106) أَنَا قَسِيمُ النارِ، وَخازِنُ الجِنَانِ، وَصاحِبُ الحَوْضِ، وَصاحِبُ الأعْرافِ.

قال‏عليه السلام: وَلَيْسَ مِنَّا أهْلَ البيْتِ إمامٌ إلّا وَهُوَ عارِفٌ بِأهْلِ وِلايَتِهِ، وَذلِك‏قَوْلُهُ تعالى: « إنَّما أنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هاد»، [الرعد 13: 7].

(107) أَنَا المؤذّن في الدنيا والآخرة. نور الثقلين (5/599).

(108) أَنَا المُتَصَدِّقُ بِخاتَمِهِ في الصلاةِ. عُيُون المواعظ والحِكَم.

(109) أَنَا المُحْسِنُ.

يقول اللَّه عَزَّ وجَلَّ: « إَنَّ اللَّهَ لَمَعَ الُمحْسِنِيْنَ ». نور الثقلين(5/599).

(110) أَنَا مِنْ رِجَالِ الأعْرافِ. عُيُون المواعظ والحِكَم.

(111) أَنَا نِعْمَةُ اللَّهِ تعالى‏ التي أَنْعَمَ اللَّهُ بِها على‏ خَلْقِهِ.

في قوله تعالى‏ « ثُمَّ لَنَسْئَلَنَّ يَوْمِئِذٍ عَنِ النَعِيْمِ ».

الفضائل لابن شاذان القُمّي(ص 84)

(112) أَنَا النُقْطَةُ تَحْتَ الباءِ [في : بِسْمِ اللَّهِ الرَحْمنِ الرَحِيْمِ‏].

مشارق أنوار اليقين للبرسي (ص‏21) ، مناقب شهرآشوب (2/49) وفيه : أنا النقطة أنا الخط ، وإحقاق الحقّ (7/608) عن ينابيع المودّة (69 و408) ، وفي شرح القيصريّ : ص‏118 فصل 8 من المقدّمة : أنا نقطة باء البسملة والسبزواري في شرح الأسماء الحسنى‏ (1/5).

(113) أَنَا، وَأهْلُ بَيْتِي‏الذين أَوْرَثَنَا اللَّهُ الأرْضَ وَنَحْنُ المُتّقُوْنَ والأرْضُ كُلُّها لَنَا. الكافي للكليني عن أبي جعفرعليه السلام قال: وجدنا في كتاب عَلِيٍ‏عليه السلام.

(114) أَنَا - واللَّهَ - الإمامُ المُبِيْنُ. أُبِيْنُ الحقَّ من الباطِلِ، وَرِثْتُهُ من رَسُولِ‏اللَّهِ‏صلى الله عليه وآله. تفسير الصافي (1 / 247).

(115) أَنَا وَجْهُ اللَّهِ تعالى‏ في السَمَواتِ. الفضائل لابن شاذان القُمّي(ص 83).

(116) أَنَا، وعمّي وأخي وابن عمّي.

من خطبة له‏عليه السلام: و اللَّهِ فالقِ الحبّ والنوى‏، لا يلجُ النارَ لنا مُحِبٌّ، ولا يدخلُ الجنّة لنا مُبغضٌ، يقولُ اللَّه عَزَّ و جلَّ: «...وَعَلَى الأَْعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلَّا بِسِيْمَهُمْ...» [ سُورَةُ الْأَعْرَافِ:7/46 ]. نور الثقلين(5/599).

(117) أَنَا، وعمّي حمزة، وأخي جعفر، وابن عمّي عبيدة.

عن أمير المؤمنين في حديث طويل يقول فيه‏عليه السلام: ولقد كنتُ عاهدتُ اللَّه تعالى ورسوله أَنَا وعمّي حمزة وأخي جعفر وابن عمّي عبيدة. على أمرٍ وفينا به للَّه تعالى ولرسوله‏صلى الله عليه وآله فتقدّمني أصحابي وتخلّفتُ بعدهم لما أراد اللَّه تعالى، فأنزل اللَّه فينا: « مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى‏ نَحْبَهُ وَ مِنْهُم من يَنتَظِرُ وَ مَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلاً » ، [سورة الأحزاب 33/23]: حمزة وجعفر و عبيدة.

نور الثقلين(4/258) عن الخصال للصدوق.

(118) أَنَا - واللَّه - المُنْتَظِرُ - يا أخا اليهود - وما بدّلتُ تَبْدِيْلاً.

الفضائل لابن شاذان القُمّي (ص 83).

(119) أَنَا حبلُ اللَّهِ المتينُ الذي أَمَرَ اللَّهُ تعالى‏ خلقَهُ أَنْ يَعْتَصِمُوا بِهِ.

في قوله تعالى: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً». الفضائل لابن شاذان (ص‏83).

فضائلهُ في الحديث الشريف‏

(120) أَنَا أتقاكم للَّه وأعلمكم بحدود اللَّه. كنز العمال (11/219)ح‏41964.

(121) أَنَا أَذُودُ عن حوضِ الرسول صلى الله عليه وآله المنافقين.

كنز العمال (13/157) ح‏36484 و(11/419) ح‏41964.

(122) أَنَا الذي ما كَذِبْتُ يوماً قط ولا كُذِبْتُ. عُيُون المواعِظِ والحِكَم.

(123) أَنَا الذي اختارني اللَّه تعالى‏ من خلقه. الفضائل لابن شاذان (ص 83).

(124) أَنَا الذي بِهِ يُعبَدُ اللَّهُ. الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(125) أَنَا الذي بي اهتديتمْ. الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(126) أَنَا الذي تزورُهُ ملائكةُ السموات. الفضائل لابن شاذان القمي(ص 83).

(127) أَنَا الذي تصدَّقَ الخاتم. الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(128) أَنَا الذي سُدّت الأبوابُ وفُتِحَ بابُهُ. عُيُون المواعظ والحِكَم.

(129) أَنَا الذي قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فيَّ: « مَنْ كنتُ مولاهُ فعليٌّ مولاهُ».

الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(130) أَنَا الذي قال فيّ الأمينُ جبرئيلُ: «لا سيفَ إلاّ ذو الفَقارِ، و لا فتى‏ إلاّ عَلِيّ». الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(131) أَنَا أَوَّلُ رَجُلٍ أَسْلَمَ مَعَ رسولِ اللَّهِ‏صلى الله عليه وآله.

رواه أَبُو داوُد الطيالسي: سمعتُ عليّاًعليه السلام يقول: صلّيتُ قبل الناس سبع سنين، وكنّا نسجدُ ولا نركعُ، وأَوَّلُ صلاةٍ ركعنا فيها صلاةُ العصر، فقلتُ: يا رسول اللَّه، ما هذا؟ قال: أُمِرْتُ به. ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (13/228- 229).

(131) أَنَا بابُ اللَّه الذي يُؤتى‏ منه.

الفضائل لابن شاذان القُمّي(ص 83)نور الثقلين (4/494)84 و(5/61)35.

(132) أَنَا بابُ مدينة علم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله. عُيُون المواعِظِ والحِكَم.

(133) أَنَا بابُ مدينة العلم وخازنُ علم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ووارثُهُ.

نورالثقلين(5/599).

(134) أَنَا بيتُ اللَّه مَنْ دَخَلَه كانَ آمِناً. فمَنْ تمسّكَ بولايتي ومحبّتي أَمِنَ من النارِ. الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(135) أَنَا ترجمانُ اللَّهِ. الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(136) أَنَا جنبُ اللَّهِ الظاهرُ.

الفضائل لابن شاذان القُمّي (ص 83) ونور الثقلين(5/61)و(4/494)ح‏84.

(137) أَنَا حاملُ اللواءِ يومَ القيامةِ. عُيُون المواعظ والحِكَم.

(138) أَنَا حاملُ سورةِ التنزيلِ إلى أهلِ مَكَّةَ بِأمْرِ اللَّهِ تعالى‏.

الفضائل لابن شاذان القُمّي(ص 83).

(139) أَنَا حُجّةُ اللَّهِ تعالى‏ على خَلْقِهِ. الفضائل لابن شاذان القُمّي(ص 83).

(140) أَنَا حَيَّ على الصلاةِ. الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(141) أَنَا حَيَّ على الفَلاحِ. الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(142) أَنَا حَيَّ على خَيْرِ العملِ. الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(143) أَنَا خازنُ علمِ اللَّهِ ومُختارُهُ من خَلْقِهِ. الفضائل لابن شاذان (ص‏83).

(144) أَنَا داعي الأنامِ إلى الحوضِ؛ فهلْ داعي المؤمنينَ غيري؟.

الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(145) أَنَا ذُو القَرْنَيْنِ. عُيُون المواعظ والحِكَم.

(146) أَنَا الرَضيُّ. عُيُون المواعظ والحِكَم.

(147) أَنَا الساقِي عَلى الحَوْض. عُيُون المواعِظِ والحِكَم.

(148) أَنَا السالِكُ المَحَجَّة البَيْضاءَ. عُيُون المواعظ والحِكَم.

(149) أَنَا سيّدُ الأوْصِياءِ و وَصِيُّ خيرِ الأنْبِياءِ. نور الثقلين(5/599).

(150) أَنَا صاحبُ دعوةِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وأهلي وولدي يومَ الكساءِ.

نور الثقلين(4/271)89 عن كتاب الخصال للصدوق في احتجاج عَلِيٍ‏عليه السلام على أبي بكر، قال: فأنشدك باللَّه أليَ ولأهلي وولدي آيةُ التطهير من الرجس، أمْ لك ولأهل بيتك؟ قال: بل، لك ولأهل بيتك. قال‏عليه السلام: فأنشدك باللَّه أَنَا صاحبُ دعوة رسول اللَّه‏صلى الله عليه وآله وأهلي وولدي يوم الكساء «اللهمّ هؤلاء أهلي إليك لا إلى النار؟ أم أنت؟ قال: بل، أنت وأهل بيتك.

(151) أَنَا صاحِبُ سَفِينَةِ نُوحٍ التِي مَنْ رَكِبَها نَجَا. عُيُون المواعِظِ والحِكَم.

(152) أَنَا صاحبُ الطائِرِ المَشْوِيّ. عُيُون المواعِظِ والحِكَم.

(153) أَنَا صاحب العصا والميسم. علل الشرائع للصدوق وعنه‏نور الثقلين (4/97).

(154) أَنَا صاحِبُ عِلْمِهِ، وَالمُنْفِي عَنْهُ غَمَّه. عُيُون المواعظ والحِكَم.

(155) أَنَا الصّادِقُ الأمِينُ. عُيُون المواعِظِ والحِكَم.

(156) أَنَا صِراطُ اللَّهِ. نور الثقلين(4/ 495).

(157) أَنَا الصِدِّيْقُ الأَكْبَرُ، آمنتُ قبلَ أَنْ يُؤمِنَ أَبُو بَكْرٍ وأَسْلَمْتُ قبلَ أَنْ يُسْلِمَ. أنساب الأشراف (2/379) والجوهرة (ص‏8).

(158) أَنَا الصِدِّيْقُ الأَكْبَرُ، لايَقُولُها بَعْدِي إلّا كاذِبٌ.

الفضائل الخمسة (1/ 228 و 229 و 232). والمستدرك للحاكم (3/112).

وفيه: ...صليتُ قبل الناس بسبع سنين قبل أن يعبُده أحدٌ من هذه الأمّة. المستدرك (3/112).

(159) أَنَا الصِدِّيْقُ الأَكْبَرُ، لايَقُولُها بَعْدِي إلاّ كَذَّابٌ.

كنز العمال(13/122 ح 36389) وفيه: لقد صليت قبل الناس سبع سنين. كنز العمال (13/122 و126 ح‏36389 وح‏36400) وفيه: عبدت اللَّه مع رسول اللَّه سبع سنين قبل أن يعبد أحد من هذه الأمّة (عن حبة) كنز العمال(13/122 ح 36390).

(160) أَنَا الصِدِّيْقُ الأَكْبَرُ. والفارُوْقُ الأَوَّلُ.

قال‏عليه السلام غير مرّةٍ: أَنَا الصِدِّيْقُ الأَكْبَرُ. والفارُوْقُ الأَوَّلُ، أسلمتُ قبلَ إسلام أبي بكر، وصليتُ قبل صلاته.

وروى عنه هذا الكلام بعينه أَبُو محمد بن قتيبة في كتاب المعارف وهو غير متّهم. ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (4/122).

(161) أَنَا صِنْوُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وَالسابِقُ إلى الإسْلامِ، وَكاسِرُ الأصْنامِ، وَمُجاهِدُ الكُفّارِ، وَقامِعُ الأضْدَادِ. عُيُون المواعظ والحِكَم.

(162) أَنَا صَلاةُ المُؤمِنِ. الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(163) أَنَا عبدُاللَّهِ، وأَخُو رسولِهِ، وأَنَاالصِدِّيْقُ الأَكْبَرُ. لايَقُولُها بَعْدِي إلّا كاذِبٌ مُفْتَرٍ، صلّيتُ قبل الناس بسبع سنين - وفي غير رواية الطبري: أنا الصدّيق الأكبر وأنا الفاروق الأوّل، أسلمتُ قبل إسلام أبي بكر، وصلّيتُ قبل صلاته بسبع.

شرح نهج البلاغة (13/200). و(13/228). وانظر نور الثقلين (2/256).و سنن ابن ماجه القزويني(1/44) والعسكري في كتاب الأوائل (ص‏91) وخصائص النسائي و تاريخ دمشق (1/55) ترجمة الإمام‏عليه السلام بتعليق المحمودي.

(164) أَنَا عَلَمُ اللَّه. الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(165) أَنَا عَلَمُ اللَّه على الصراط. الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(166) أَنَا عَلَمُ المُؤمِنِينَ عليه. عُيُون المواعِظِ والحِكَم.

(167) أَنَا عَلَوْتُ على كَتِفِ النَبِيّ صلى الله عليه وآله وكَسَرْتُ الأَصْنامَ.

الفضائل لابن شاذان(ص‏84).

(168) أَنَا عَيْبَةُ عِلْمِ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وآله. الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(169) أَنَا عَيْنُ اللَّهِ وَلِسانُهُ الصادِقُ وَيَدُهُ الْمَبْسُوْطَةُ.

نور الثقلين (4/494)84 و(5/61)35.

(170) أَنَاالفاروق الأكبر. علل الشرائع للصدوق وعنه‏نور الثقلين (4/97).

(171) أَنَا الفارُوْقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْباطِلِ.

قالت معاذةُ العدويةُ: سمعتُ عليّاً عليه السلام على منبر البصرة، وهو يقول: أَنَا الصّدِيْقُ الأَكْبَرُ وَ أَنَا الفارُوْقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْباطِلِ؛ أَسْلَمْتُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ أَبُو بَكْرٌ وَآمَنْتُ قَبْلَ أَنْ يُؤْمِنَ.

الإعلام بحقيقة إيمان أمير المؤمنين عليه السلام في كنز الفوائد: ص‏265 ولاحظ تاريخ دمشق (1/61) ح (88) من ترجمة أمير المؤمنين‏عليه السلام.

(172) أَنَا قائدُ السابقينَ إلى الجنّةِ. الفضائل لابن شاذان القُمّي(ص 83).

(173) أَنَا قائِدُ الْمُؤْمِنِيْنَ إلى الخيراتِ والغُفْرانِ إلى ربّي.

الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(174) أَنَا قابِضُ الأرواحِ، وبَأْسُ اللَّهِ الذي لا يَرُدُّهُ عن القوم الُمجْرِمين.

نور الثقلين(5/599).

(175) أَنَا قُدْوَةُ أهْلِ الكِسَاء. عُيُون المواعظ والحِكَم.

(176) أَنَا القُرْآنُ الناطِقُ وكتابُ اللَّهِ الجامعُ. أسرار الشريعة (34).

وقال عليه السلام: ذلك الْقُرْآنُ فَاسْتَنْطِقُوهُ، وَلَنْ يَنْطِقَ، وَلَكِنْ أُخْبِرُكُمْ عَنْهُ. نهج البلاغة (ص 223) الخطبة 158.

(177) أَنَا قَسِيْمُ اللَّهِ بينَ الجنّةِ والنارِ، وأَنَا الفاروقُ الأكبرُ، وأَنَا صاحبُ العصا والميسم. علل الشرائع للصدوق وعنه نور الثقلين(4/97).

(178) أَنَا قَسِيْمُ الجنّةِ والنارِ. الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(179) أَنَا قَسِيْمُ النارِ هذا لي و هذا لَكِ.

ابن أبي الحديد شرح نهج البلاغة (2/260): قال ابن قتيبة: أراد إنّ الناس فريقان : فريق معي فهم على هدىً، وفريقٌ عليَّ فهم على ضلالةٍ، كالخوارج.

قال ابن أبي الحديد: ولم يجسُرْ ابنُ قتيبة أنْ يقول:« وكأهل الشام » يتورّعُ، يزعم! ثمّ إنّ اللَّه أنطقه بما تورّعَ عن ذكره، فقال متمّماً للكلام بقوله: فأنا قسيمُ النار، نصفٌ في الجنّة معي، ونصفٌ في النار، قال: وقسيمٌ في معنى مُقاسم، مثل جليس وأكيل وشريب.

قلتُ: قد ذكر أَبُو عبيد الهروي هذه الكلمة في (الجمع بين الغريبين) قال: وقال قومٌ: إنّه لم يرد ما ذكره ابن قتيبة، وإنّما أراد عليه السلام: هو قسيمُ النار والجنّة يوم القيامة حقيقةً، يقسّمُ الأُمّةَ، فيقولُ: هذا لِلجنّةِ، وهذا للنارِ. شرح نهج البلاغة ( 19/139).

(180) أَنَا كَهْفُ الأَرَامِلِ. الفضائل لابن شاذان القُمّي(ص‏84).

(181) أَنَا لِسانُ الصادِقِينَ. الفضائل لابن شاذان القُمّي(ص 83).

(182) أَنَالِسانُ اللَّهِ الناطِقُ. الفضائل لابن شاذان القُمّي(ص 83).

(183) أَنَا مُخاطِبُ الثُّعْبانِ على مِنْبَرِكُمْ بالأمْسِ. عُيُون المواعظ والحِكَم.

(184) أَنَا مُطَلِّقُ الدُّنْيا ثَلاثاً لا رَجْعَةَ لِيَ فِيها. عُيُون المواعظ والحِكَم.

(185) أَنَا مُكَلِّمُ الذِئْبِ. عُيُون المواعظ والحِكَم.

(186) أَنَا مُؤْتِمُ البَنِينَ والبَناتِ. نور الثقلين (5/599).

(187) أَنَا مِيْزانُ القِسْطِ لِيَوْمِ القِيامَةِ. الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(188) أَنَا الناصِرُ لِدِينِ اللَّهِ. عُيُون المواعِظِ والحِكَم.

(189) أَنَا النَبَأُ العَظِيْمُ الذِي أَكْمَلَ اللَّهُ تعالى‏ بِهِ الدِيْنَ يومَ غَدِيْرِ خُمٍّ وخَيْبَر.

الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(190) أَنَا نَجْمُ اللَّهِ الزاهِرُ. الفضائل لابن شاذان القُمّي(ص 83).

(191) أَنَاالهادِي.

قال عليه السلام: رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله المُنْذِرُ وأَنَا الهادي. المستدرك(3/130).

قال أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة: أَنَا الهادِي * أَنَا الْمُهْتَدِي * وَأَنَا أَبُو الْيَتامى‏ وَالْمَساكِيْنِ وَزَوْجُ الأَرامِلِ * وَأَنَا مَلْجأُ كُلِّ ضَعِيْفٍ وَمَأْمَنُ كُلِّ خائِفٍ * وَأَنَا قائِدُ الْمُؤْمِنِيْنَ؛ * وَأَنَا حَبْلُ اللَّه الْمَتِيْنِ * وَأَنَا عُرْوَةِ اللَّهِ الْوُثْقى‏، وَكَلِمَةُ التقْوى‏* وَأَنَا عَيْنُ اللَّهِ وَلِسانُهُ الصَّادِقُ وَيَدُهُ الْمَبْسُوْطَةُ * وَأَنَا جَنْبُ اللَّهِ الذي يَقُوْلُ: {أَنْ تَقُوْلَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى‏ عَلى‏ ما فَرَّطْتُ في جَنْبِ اللَّهِ‏} [الزمر/56] * وَأَنَا يَدُ اللَّهِ الْمَبْسُوطَةُ عَلى‏ عِبادِهِ بِالرحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ * وَأَنَا بابُ حِطَّةٍ مَنْ عَرَفَنِي وَعَرَفَ حَقِّي فَقَدْ عَرَفَ رَبَّهُ؛ لأَنِّي وَصِيُّ نَبِيِّهِ في أَرْضِهِ وَحُجَّتُهُ عَلى‏ خَلْقِهِ، لا يُنْكِرُ هذا إلاَّ رادٌّ عَلَى‏ اللَّهِ وَعَلى‏ رَسُوْلِهِ. الصدوق في التوحيد: (1/17) الحديث (14) من الباب: (13)

(192) أَنَا وَابْنُ عَمِّي خِيَرَةُ الأخْيار. عُيُون المواعظ والحِكَم.

(193) أَنَا وَأهْلُ بَيْتِي أمَانٌ لأهْلِ الأرْضِ، كَما أنَّ النُّجُومَ أمانٌ لأهْلِ السمَاءِ.

عُيُون المواعظ والحِكَم.

(194) أَنَا وَزِيْرُ المُصْطفى‏. الفضائل لابن شاذان القُمّي(ص 83).

(195) أَنَا وَزِيْرُ نَبِيِّ الرَحْمَةِ، وخيرُ الوصيّين. فرائد السمطين (1/311).

(196) أَنَا الوَلِيُّ. عُيُون المواعِظِ والحِكَم.

(197) أَنَا يدُ اللَّهِ القويُّ.

الفضائل لابن شاذان القُمّي(ص‏83) ونور الثقلين (5/61) ح 35 و (4/494) ح 84.

(198) أَنَا يَعْسُوبُ الدِيْنِ. الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(199) أَنَا يَعْسُوبُ المُؤْمِنِيْنَ. المفيد- الجمل (ص‏154).

وقال أَبُوالأسود الدؤلي رأيتُ عليّاً عليه السلام وقد دخل بيت مال البصرة فلمّا رأى ما فيه قال: يا صفراءُ بيضاءُ غُرّي غَيْرى، المالُ يعسوبُ الظلمة وأَنَا يَعْسُوبُ المؤمنين.

فلا - واللَّه - ما التفتَ إلى ما فيه، ولا فكّر في ما رآه منه وما وجدته عنده إلا كالتراب.

(200) أَنَا يَعْسُوبُ المُؤْمِنِيْنَ حَقّاً.

قال: . . . أَنَا يَعْسُوبُ المُؤْمِنِيْنَ، وأَنَاأَوَّلُ السابقينَ وخليفةُ رسولِ ربِّ العالَمِينَ، وأَنَا قَسِيْمُ الجَنَّةِ والنَارِ، وأَنَا صاحِبُ الأَعْرافِ.

تفسير العياشي(2/147)رقم‏1584. وعنه بحار الأنوار (8/336/7).

خطب أمير المؤمنين عليه السلام فقال: سَلُوْنِي قبل أن تفقدوني فأنَا عَيْبَةُ رسُول اللَّه‏صلى الله عليه وآله سَلُوْنِي فأنَا فَقَأْتُ عَيْنَ الفِتْنَةِ بِباطِنِها وظاهِرِها، سَلُوا مَنْ عندَهُ علمَ البَلايا والمَنايا والوَصايا وفَصْلُ الخطاب، سَلُوْنِي فأنَا يعسُوبُ المُؤمِنِيْنَ حَقّاً، وما من فِئَةٍ تهدي مِائةً أو تُضِلُّ مِائةً إلاّ وَقَد أُتِيتُ بِقائِدِها.

بحارالأنوار (26/152)ح‏40 عن‏كتاب المحتضرللحسن بن‏سليمان من‏كتاب الخُطَب‏لعبدالعزيزبن يحيى‏ الجلودي، وانظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (19/224).

(201) أنَا يعْسُوبُ المُؤمِنِينَ، والمالُ يَعْسُوبُ الفُجّار.

ابن أبى الحديد في شرح نهج البلاغة (19/224)وعُيُون المواعظ والحِكَم.

عند وفاة النَبِيّ صلى الله عليه وآله

(202) أَنَا غَاسِلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وَمُدْرِجُهُ في الأكْفَانِ، وَدافِنُهُ.

عُيُون المواعظ والحِكَم‏

(203) أَنَا قاضِي الديْن عن رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله.

الفضائل لابن شاذان (ص 83). عُيُون المواعظ والحِكَم وفيه: قاضي دين رسول اللَّه صلى الله عليه وآله.

(204) أَنَا عبدُاللَّهِ، وأخُو رسُولِهِ، لا يَقُولُها أَحَدٌ قبلي ولا بعدي إلاّ كَذّابٌ، وَرِثْتُ نَبِيَّ الرَحْمَةِ، وَنَكَحْتُ سَيِّدَةَ نِساءِ هذِهِ الأُمَّةِ، وَأَنَا خاتِمُ الوَصِيّين.

ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (2/287).

وقال في خطبةٍ له عليه السلام: وَلَقَدْ عَلِمَ الْمُسْتَحْفَظُونَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّد صلى الله عليه وآله أَنِّي لَمْ أَرُدَّ عَلَى اللَّه وَلاَ عَلَى رَسُولِهِ سَاعَةً قَطُّ، وَلَقَدْ وَاسَيْتُهُ بِنَفْسِي فِي الْمَوَاطِنِ التي تَنْكُصُ فِيهَا الاَْبْطَالُ وَتَتَأَخَّرُ الاَْقْدَامُ، نَجْدَةً أَكْرَمَنِي اللَّه بِهَا. وَلَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وآله وَإِنَّ رَأْسَهُ لَعَلَى صَدْرِي. وَلَقَدْ سَالَتْ نَفْسُهُ فِي كَفِّي، فَأَمْرَرْتُهَا عَلَىُ وَجْهِي. وَلَقَدْ وُلِّيتُ غُسْلَهُ‏صلى الله عليه وآله وَالْمَلاَئِكُةُ أَعْوَانِي، فَضَجَّتِ الدارُ والاَْفْنِيَةُ مَلاٌَ يَهْبِطُ، وَمَلاٌَ يَعْرُجُ، وَمَا فَارَقَتْ سَمْعِي هَيْنَمَةٌ مِنْهُمْ، يُصَلُّونَ عَلَيْهِ حَتَّى وَارَيْنَاهُ فِي ضَرِيحِهِ.

فَمَنْ ذَا أَحَقُّ بِهِ مِنِّي حَيّاً وَمَيِّتاً؟ فَانْفُذُوا عَلَى بَصَائِرِكُمْ وَلْتَصْدُقْ نِيَّاتُكُمْ فِي جِهَادِ عَدُوِّكُمْ، فَوَالذِي لاََإِلهَ إِلاَّ هُوَ إِنِّي لَعَلَى جَادَّةِ الْحَقِّ، وَإِنَّهُمْ لَعَلَى مَزَلَّةِ الْبَاطِلِ. أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّه لِي وَلَكُمْ! نهج البلاغة (ص 311 - 312)الخطبة 197.

مع الخلفاء

حقّه عليه السلام في الولاية

(205) أَنَا صاحِبُ يَوْمِ غَدِيرِ خُمّ. عُيُون المواعِظِ والحِكَم.

(206) أَنَا خليفة محمّد صلى الله عليه وآله لست بخليفة اللَّه. وخليفة اللَّه هو المهديّ.

منح المنة(ص 14).

(207) أَنَا خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله فِيكُمْ، وَمُقيمُكُمْ على حُدُودِ دِينِكُمْ، وَداعِيكُمْ إلى جَنَّةِ المَأوَى. عُيُون المواعِظِ والحِكَم.

(208) أنَا خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وَمَوْضِعُ سِرِّه. عُيُون المواعِظِ والحِكَم.

(209) أَنَا أَحَقُّ بِهذا الأَمْرِ مِنْكُمْ، لا أُبايِعُكُمْ وأَنْتُمْ أَوْلى‏ بِالبَيْعَةِ لِي.

جاءوا بِعَلِيٍّ عليه السلام يقول: أَنَا عبدُاللَّهِ وأَخُو رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله حتّى انتهوا به إلى أبي بكرٍ، فقيل له: بايع، فقال: أَنَا أَحَقُّ بِهذا الأَمْرِ مِنْكُمْ، لا أُبايِعُكُمْ وأَنْتُمْ أَوْلى‏ بِالبَيْعَةِ لِي، أخذتُم هذا الأَمْرَ من الأَنْصارِ، واحْتَجَجْتُمْ عليهِمْ بِالقَرابَةِ من رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله فأعطوكم المَقادَةَ، وسَلَّمُوا إليكم الأَمارَةَ، وأَنَا أَحْتَجُّ عليكم بِمِثلِ ما احْتَجَجْتُم بِهِ على الأَنصارِ؛ فأَنْصِفُونا - إنْ كُنْتُم تَخافُون اللَّهَ - من أَنْفُسِكُم، واعرفوا لنا من الأمر مثلَ ما عَرَفَت الأَنْصارُ لَكُم، وإلاّ فَبُوؤُوا بِالظُلْمِ وِأَنْتُمْ تَعْلَمُون.

فقال عمر: إنّكَ لَسْتَ مَتْرُوكاً حتّى تُبايِعَ!.

فقال له عَلِيٌّ عليه السلام: احْلِبْ - يا عمرُ - حَلْباً لَكَ شَطْرُهُ! اشْدُدْ لَهُ اليومَ أَمْرَهُ؛ لِيَرُدَّ عليك غداً! أَلا - واللَّهِ - لا أَقْبَلُ قولَكَ ولا أُبايِعُهُ. شرح نهج البلاغة (6/11).

السقيفة

(210) أَنَا غادٍ - إنْ شاءَ اللَّهُ - إلى جَماعَتِكُم(6).

قال أَبُو عبيدة: فمشيتُ إلى عَلِيّ مثبطاً متباطئاً، كأنّما أخطو على أمّ رأسي فرقاً من الفتنة، وإشفاقاً على الأمّة، وحذراً من الفرقة حتّى وصلتُ إليه في خلاً فابثثتُهُ بثّي كلّه، وبرئتُ إليه منه، ودفعتُه له. فلمّا سمعها ووعاها، وسرت في أوصاله حميّاها قال عليه السلام: حَلَّتْ معلوطةً، ووَلَّتْ مخروطةً .

ثمّ قال عليه السلام:

أحدى لياليك فهيسي هيسي‏

لا تنعمي الليلة بالتعريس‏

يا أبا عبيدة، أهذا كُلُّهُ في أنْفُس القوم يستبطنُونه، ويضْغُنُون عليه؟!

فقلتُ: لا جوابَ عندي، إنّما جئتُك قاضياً حقّ الدين! وراتقاً فتق الإسلام، وسادّا ثلمة الأُمّة، يعلمُ اللَّهُ ذلك من جلجلان قلبي، وقرارة نفسي.

فقال عليه السلام: ما كان قُعُودي في كسر هذا البيت قَصْداً لِخِلافٍ، ولا إِنكاراً لمعروفٍ، ولا زِرايةً على مسلمٍ، بل لما وقذني به رسول اللَّه صلى الله عليه وآله من فِراقه، وأودعني من الحزن لفقده، فإنّي لم أشهدْ بعده مشهداً إلاّ جدّدَ عليَّ حزناً، وذكّرني شجناً، وإنّ الشوق إلى اللحاق به كافٍ عن الطمع في غيره.

وقد عكفتُ على عهد اللَّه أنظرُ فيه، وأجمعُ ماتفرّقَ منه، رجاءَ ثوابٍ مُعَدٍّ لمن أخلص للَّه عمله، وسلّم لعلمه ومشيئته أمرَه .

على أنّي أعلمُ أنّ التظاهُرَ عليَّ واقعٌ، ولي عن الحقّ الذي سِيْقَ إليَّ دافعٌ، وإذْ قد أفعم الوادي لي، وحشد النادي عليَّ، فلا مرحَباً بما ساءَ أَحَداً من المسلمين، وفي النفس كلامٌ لولا سابقُ قولٍ، وسالفُ عهدٍ، لشفيتُ غيضي بخنصري وبنصري، وخُضْتُ لجّتَه بأخمصي ومفرقي، ولكنّي مُلْجَمٌ إلى أنْ ألقى اللَّهَ تعالى‏، عنده أَحْتَسِبُ مانَزَلَ بي، وَأَنَا غادٍ إنْ شاء اللَّهُ إلى جماعتكم، ومبايعٌ لصاحبكم، وصابِرٌ على ما ساءَنِي وَسَرَّكُمْ، لِيَقضِيَ اللَّهُ أمراً كان مفعولاً، وكانَ اللَّهُ على كلّ شيٍ شهيداً .

ابن أبي الحديد شرح نهج البلاغة (10/281).

(211) أَنَا أَخَصُّ وَأَقْرَبُ، وَإِنَّمَا طَلَبْتُ حَقّاً لِي.

وَقَالَ قَائِلٌ: إِنَّك - يابْنَ أبي طَالِب - عَلَى هذَا الاَْمْرِ لَحَرِيصٌ.

فَقُلْتُ: بَلْ أَنْتُمْ - واللَّه - أحْرَصُ وَأَبْعَدُ، وَأَنَا أَخَصُّ وَأَقْرَبُ، وَإِنَّمَا طَلَبْتُ حَقّاً لِي وَأَنْتُمْ تَحُولُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَتَضْرِبُونَ وَجْهِي دُونَهُ، فَلَمَّا قَرَّعْتُهُ بِالْحُجَّةِ في الْملأ الْحَاضِرِينَ هَبَّ كَأَنَّهُ بُهِتَ لاَ يَدْرِي مَا يُجِيبُنِي بِهِ!

اللَّهُمَّ إنَّي أَسْتَعْدِيك عَلى قُرَيْش وَمَنْ أَعَانَهُمْ! فَإِنَّهُمْ قَطَعُوا رَحِمِي، وَصَغَّرُوا عَظِيمَ مَنْزِلَتِي، وَأَجْمَعُوا عَلَى مُنَازَعَتِي أَمْراً هُوَ لِي. ثُمَّ قَالُوا: أَلاَ إنَّ في الحَقِّ أَنْ تَأْخُذَهُ، وَفي الحَقِّ أَنْ تَتْرُكَهُ!.

فَخَرَجُوا يَجُرُّونَ حُرْمَةَ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وآله كَمَا تُجَرُّ الاَْمَةُ عِنْدَ شِرَائِهَامُتَوَجِّهِينَ بِهَا إِلَى الْبَصْرَةِ، فَحَبَسَا نِسَاءَ هُمَا في بُيُوتِهِمَا، وَأَبْرَزَا حَبِيس رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وآله لَهُمَا وَلِغَيْرِهِمَا، في جَيْش مَامِنْهُمْ رَجُلٌ إِلاَّ وَقَدْ أَعْطَانِي الطاعَةَ، وَسَمَحَ لِي‏بِالْبَيْعَةِ، طَائِعاً غَيْرَ مُكْرَهٍ، فَقَدِمُوا عَلَى عَامِلِي بِهَا وَخُزَّانِ بَيْتِ مَالِ المُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِهَا، فَقَتَلُوا طَائِفَةً صَبْراً، وَطَائِفَةً غَدْراً. فَوَ اللَّه لَوْ لَمْ يُصِيبُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلاَّ رَجُلاً وَاحِداً مُتَعَمِّدِينَ لِقَتْلِهِ، بِلاَ جُرْم جَرَّهُ، لَحَلَّ لي قَتْلُ‏ذلك الْجَيْشِ كُلِّهِ، إِذْ حَضَرُوهُ فَلَمْ يُنْكِرُوا، وَلَمْ يَدْفَعُواعَنْهُ بِلِسَان وَلاَ يَد. دَعْ مَا أَنَّهُمْ قَدْ قَتَلُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِثْلَ الْعِدَّةِ التِي دَخَلُوا بِهَا عَلَيْهِمْ! نهج البلاغة (ص 246 -247)الخطبة 172.

(212) أَنَا إِذن أَحَقُّ بِها مِنْ جَماعَتِهِمْ.

وقال عليه السلام في كلام له أنفذه إلى معاوية: فَما راعَنيْ إِلاَّ وَالأَنْصارُ قَدِ اجْتَمَعَتْ فَمَضى‏ إِلَيْهِمْ أَبُوبَكْرٍ فِيمَنْ تَبِعَهُ مِنَ الْمُهاجِريْنَ فَحاجَّهُمْ بِقُرْبِ قُرَيْشٍ مِنْ رَسُوْلِ اللَّه، فَإِنْ كانَتْ حُجَّتُهُ عَلَيْهِمْ بِذلك‏ثابِتَةً فَقَدْ كُنْتُ أَنَا إِذنْ أَحَقُّ بِها مِنْ جَماعَتِهِمْ لاَِنِّي أَقْرَبُهُمْ مِنْهُ ؛ وَأَمَسُّهُمْ بِه‏ رَحِماً، وَإِنْ لَمْ تَجِبْ لِي بِذلك‏فَالأَنْصارُ عَلى‏ حُجُّتِهِمْ.

الكراجكي: ص‏13.

(213) أَنَا هُوَ.

قال عليه السلام: فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ؟ و أَنَّى‏ تُؤْفَكُونَ! وَالأَعْلاَمُ قَائِمَةٌ، وَالْآيَاتُ وَاضِحَةٌ، وَالْمَنَارُ مَنْصُوبَةٌ، فَأَيْنَ يُتَاهُ بِكُمْ؟ بَلْ كَيْفَ تَعْمَهُونَ وَبَيْنَكُمْ عِتْرَةُنَبِيِّكُمْ؟ وَهُمْ أَزِمَّةُ الْحَقِّ، وَأَلْسِنَةُ الصِّدْقِ! فأَنْزِلُوهُمْ بِأَحْسَنِ مَنَازِلِ القُرْآنِ، وَرِدُوهُمْ وُرُودَ الْهِيمِ الْعِطَاشِ. أَيُّهَا الناسُ، خُذُوهَا عَنْ خَاتِمِ النبِيِّينَ: إِنَّهُ يَمُوتُ مَنْ مَاتَ مِنَّا وَلَيْسَ بِمَيِّت، وَيَبْلَى أَنْ بَلِىَ مِنَّا وَلَيْسَ بِبَال، فَلاَ تَقُولُوا بِمَا لاَتَعْرِفُونَ، فَإنَّ أَكْثَرَ الْحَقِّ فِيَما تُنْكِرُونَ، وَاعْذِرُوا مَنْ لاَ حُجَّةَ لَكُمْ عَلَيْهِ - وَأَنَا هُوَ - أَلَمْ أَعْمَلْ فِيكُمْ بِالثقَلِ الأَكْبَرِ! وَأَتْرُك فِيكُمُ الثقَلَ الأَصْغَرَ! وَرَكَزْتُ فِيكُمْ رَايَةَ الإِيمَانِ، وَوَقَفْتُكُمْ عَلَى حُدُودِ الْحَلاَلِ وَالْحَرَامِ، وَأَلْبَسْتُكُمُ الْعَافِيَةَ مِنْ عَدْلِي، وَفَرَشْتُكُمُ المَعْرُوفَ مِنْ قَوْلي وَفِعْلي، وَأَرَيْتُكُمْ كَرَائِمَ الأَخْلاَقِ مِنْ نَفْسِي؟ فَلاَ تَسْتَعْمِلُوا الرأْيَ فِيَما لاَ يُدْرِك‏قَعْرَهُ الْبَصَرُ، وَلاَ تَتَغَلْغَلُ إِلَيْهِ الفِكَرُ. حَتَّى يَظُنَّ الظانُّ أَنَّ الدُنْيَا مَعْقُولَةٌ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ، تَمْنَحُهُمْ دَرّهَا، وَتُورِدُهُمْ صَفْوَهَا، وَلاَ يُرْفَعُ عَنْ هذِهِ الاُْمَّةِ سَوْطُهَا وَلاَ سَيْفُهَا، وَكَذَبَ الظانُّ لِذلك. بَلْ هِيَ مَجَّةٌ مِنْ لَذِيذِ العَيْشِ يَتَطَعَّمُونَهَا بُرْهَةً، ثُمَّ يَلْفِظُونَهَا جُمْلَةً!

نهج البلاغة (ص‏119- 120) من الخطبة87.

أمر أبي بكر التيميّ‏

(214) أَنَا - واللَّهِ - أَوْلى‏ بِالأَمْرِ مِنْهُ وَأَحَقُّ بِهِ مِنْهُ.

قال عليه السلام: بايَعَ الناسُ لأبي بكرٍ، و أَنَا - واللَّهِ - أَوْلى‏ بِالأَمْرِ مِنْهُ وَأَحَقُّ بِهِ مِنْهُ. فسمعتُ وأَطَعْتُ مخافةَ أَنْ يرجعَ الناسُ كُفّاراً. كنز العمال (5/ 724) ح 14243.

شُورى‏ عمر العَدَويّ‏

(215) أَنَا أَعْلَمُ ذلِكَ.

جاء في حديث الشورى‏: أَنَّ عمر لمّا قال: كُونوا مَعَ الثلاثة التي عبدُ الرحمن فيها، قال ابنُ عباس لعليّ عليه السلام: ذَهَبَ الأَمْرُ مِنّا، الرجلُ يُريدُ أنْ يكونَ الأمرُ في عثمان، فقال عَلِيّ عليه السلام: و أَنَا أَعْلمُ ذلِكَ، ولكنّي أدخلُ معهم في الشورى‏، لأنّ عمر قد أهّلني الآنَ للخلافة، وكان قبل ذلك يقول: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قال: «إنَّ النُبُوّةَ والإمامةَ لا يجتمعان في بَيْتٍ» فأنَا أَدْخُلُ في ذلِكَ لأُظْهِرَ لِلناس مناقضة فعله لروايته. ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (1/189).

أمر عثمان الأُمَويّ‏

(216) أَنَا خَيْرٌ مِنْك وَمِنْهُما.

ولمّا قال له عثمان -: « أَبُو بكر وعمر خيرٌ منك » - قال عليه السلام: بَلْ أَنَا خَيْرٌ مِنْك وَمِنْهُما عَبَدْتُ اللَّهَ قَبْلَهُما وَعَبَدْتُهُ بَعْدَهُما.

الفصول المختارة للمرتضى‏ (1/114) و شرح نهج البلاغة (20/25) و(20/262).

(217) أَنَا خَيْرٌ من عُثمان ومَرْوان. السقيفة وفدك(ص‏78).

(218) أَنَا جَامِعٌ لَكُمْ أَمْرَهُ .

ومن كلام له عليه السلام في معنى قتل عثمان: لَوْ أَمَرْتُ بِهِ لَكُنْتُ قَاتِلاً، أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ لَكُنْتُ نَاصِراً، غَيْرَ أَنَّ مَنْ نَصَرَهُ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُولَ: خَذَلَهُ مَنْ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ، وَمَنْ خَذَلَهُ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُولَ: نَصَرَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي. وَأَنَا جَامِعٌ لَكُمْ أَمْرَهُ، اسْتَأْثَرَ فَأَسَاءَ الاَْثَرَةَ، وَجَزِعْتُمْ فَأَسَأْتُمُ الجَزَعَ، وَللَّه حُكْمٌ وَاقِعٌ في المُسْتَأْثِرِ وَالجَازعِ.

نهج البلاغة (ص 73) الخطبة 30 و شرح نهج البلاغة (2/126).

(219) أَنَا مَعَهُ.

عنه عليه السلام: من كان سائلاً عن دم عثمان ؟ فإنّ اللَّهَ قتله؛ و أَنَا مَعَهُ.

بحار الأنوار (31/308).

(220) أَنَا أكفيكَ، فاذهبْ أَنْتَ.

أتاه عثمان، وقال له: أما بعد، فإنّ لي حقّ الإسلام وحقّ الإخاء والقرابة والصِهْر، ولو لم يكن من ذلك شي وكنّا في جاهليّةٍ، لكان عاراً على بني عبد منافٍ أن يبتز بنو تيم أمرهم - يعنى طلحة - فقال له عَلِيّ: أَنَا أكفيك، فاذهب أنت.

ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (2/148).

في الحكم والسياسة

صبره عليه السلام على الأمّة

(221) أنَا كَأَحَدِكُمْ.

ومن كلام له عليه السلام لمّا أراده الناس على البيعة بعد قتل عثمان: دَعُوني وَالْتَمِسُوا غَيْرِي؛ فإنَا مُسْتَقْبِلُونَ أَمْراً لَهُ وُجُوهٌ وَأَلْوَانٌ؛ لاَ تَقُومُ لَهُ الْقُلُوبُ، وَلاَ تَثْبُتُ عَلَيْهِ‏العُقُولُ، وَإِنَّ الآفَاقَ قَدْ أَغَامَتْ وَالمَحَجَّةَ قَدْ تَنَكَّرَتْ ، وَاعْلَمُوا إنّي إنْ أَجَبْتُكُمْ رَكِبْتُ بِكُمْ مَا أَعْلَمُ، وَلَمْ أُصْغِ إِلَى قَوْلِ القَائِلِ وَعَتْبِ الْعَاتِبِ، وَإِنْ تَرَكْتُمُونِي فَأنَا كَأَحَدِكُمْ؛ وَلَعَلِّي أَسْمَعُكُمْ وَأَطْوَعُكُمْ لِمنْ وَلَّيْتُمُوهُ أَمْرَكُمْ، وَأنَا لَكُمْ وَزِيراً، خَيْرٌ لَكُمْ مِنِّي أَمِيراً.! نهج البلاغة (ص 136) الخطبة 92.

(222) أَنَا أَسْمَعُكُمْ وَأَطْوَعُكُمْ لِمنْ وَلَّيْتُمُوهُ.

دعونى والتمسوا غيرى فانا مستقبلون امرا له وجوه والوان لا تثبت عليه العقول ولاتقوم له القلوب .

قالوا ننشدك اللَّه ألا ترى الفتنة ألا ترى إلى ما حدث في الإسلام ألا تخاف اللَّه؟!

فقال: قد أجبتكم لما أرى منكم ، واعلموا أنّي إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم وإن تركتموني فإنما أَنَا كأحدكم بل أَنَا أَسْمَعُكُمْ وَأَطْوَعُكُمْ لِمنْ وَلَّيْتُمُوهُ أمركم اليه. ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (11/9).

(223) أَنَا لكم وَزِيْراً خَيْرٌ مِنِّي لَكُمْ أَمِيْراً.

قال عليه السلام: دَعُوني والَتمِسُوا غيري، فأَنَا لكم وَزِيْراً خَيْرٌ مِنِّي لَكُمْ أَمِيْراً.

وقال لهم: اتركوني، فأَنَا كَأَحَدِكُمْ، بل أَنَا أَسْمَعُكُمْ وَأَطْوَعُكُمْ لِمنْ وَلَّيْتُمُوهُ أَمْرَكُمْ، فأبوا عليه. ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (1/169).

(224) أَنَا أَوْجَبُ عليكُم حَقَّاً من الأَشْتَرِ.

قال رجل بأَعْلى‏ صوته: استبانَ فَقْدُ الأَشْتَرِ، على أهل العراق! أشهدُ لو كان حيّاً لَقَلَّ اللغطُ، ولعلمَ كُلُّ امْرِئٍ ما يقولُ.

فقال عَلِيٌّ عليه السلام: هَبَلَتْكُمُ الهوابلُ! أَنَا أَوْجَبُ عليكُم حَقَّاً من الأَشْتَرِ. وَهَلْ للأَشْتَرِ عليكم من الحَقِّ إِلاّ حَقُّ المُسْلمِ على المُسْلِمِ؟! شرح نهج البلاغة (2/90).

(225) أَنَا شَاهِدٌ لَكُمْ، وَحَجِيجٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْكُمْ.

قال عليه السلام: العَمَلَ العَمَلَ، ثُمَّ النهَايَةَ النهَايَةَ، وَالاسْتَقَامَةَ الاسْتِقَامَةَ، ثُمَّ الصبْرَ الصبْرَ، وَالوَرَعَ الوَرَعَ! إنَّ لَكُمْ نِهَايَةً فَانْتَهُوا إلى نِهَايَتِكُمْ، وَإنَّ لَكُمْ عَلَماًفَاهْتَدُوا بِعَلَمِكُمْ، وَإنَّ لِلْإِسْلامِ غَايَةً فانْتَهُوا إلى‏غَايَتِهِ، وَاخْرُجُوا إلَى اللَّه بِمَا افْتَرَضَ عَلَيْكُمْ مِنْ‏حَقِّهِ، وَبَيَّنَ لكُمْ مِنْ وَظَائِفِهِ.أَنَا شَاهِدٌ لَكُمْ، وَحَجِيجٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْكُمْ.

نهج البلاغة (ص 250- 251) من الخطبة 176، وانظر شرح نهج البلاغة(10/24).

(226) أَنَا شاهِدٌ لَكُمْ وَعَلَيْكُمْ يَوْمَ القِيامَة. عُيُون المواعظ والحِكَم.

(227) أَنَا فَوَ اللَّه دُونَ أَنْ أُعْطِيَ ذلِكَ، ضَرْبٌ بِالْمَشْرَفِيَّةِ.

ومن خطبة له عليه السلام: أُفٍّ لَكُمْ! لَقَدْ سَئِمْتُ عِتَابَكُمْ! أَرَضِيتُمْ بِالحَيَاةِالدُنْيَا مِنَ الآخِرَةِ عِوَضاً؟ وَبِالذُلِّ مِنَ العِزِّ خَلَفاً؟ إِذَا دَعَوْتُكُمْ إِلَى جِهَادِ عَدُوِّكُمْ دَارَتْ أَعْيُنُكُمْ، كَأَنَّكُمْ مِنَ المَوْتِ في غَمْرَة، وَمِنَ الذهُولِ في سَكْرَة، يُرْتَجُ عَلَيْكُمْ حِوَارِي فَتَعْمَهُونَ، فَكَأَنَّ قُلُوبَكُمْ مَألُوسَةٌ، فَأَنْتُمْ لاَ تَعْقِلُونَ. مَا أَنْتُمْ لي بِثِقَةٍ سَجِيسَ الليَالي وَمَا أَنْتُمْ بِرُكْن يُمَالُ بِكُمْ وَلاَ زَوَافِرُ عِزٍّ يُفْتَقَرُ إِلَيْكُمْ. مَا أَنْتُمْ إِلاَّ كَإِبِل ضَلَّ رُعَاتُهَا، فَكُلَّمَا جُمِعَتْ مِنْ جَانِب انْتَشَرَتْ مِن آخَرَ، لَبِئْسَ - لَعَمْرُ اللَّه - سُعْرُ نَارِ الحَرْبِ أَنْتُمْ! تُكَادُونَ وَلاَ تَكِيدُونَ، وَتُنْتَقَصُ أَطْرَافُكُمْ فَلاَ تَمْتَعِضُونَ؛ لاَ يُنَامُ عَنْكُمْ وَأَنْتُمْ في غَفْلَة سَاهُونَ، غُلِبَ - واللَّه - المُتَخَاذِلُونَ! وَأيْمُ اللَّه إنّي لَأَظُنُّ بِكُمْ أنْ لَوْ حَمِسَ الوَغَى، وَاسْتَحَرَّ الْمَوْتُ قَدِ انْفَرَجْتُمْ عَنِ ابْنِ أبي طَالِب انْفِرَاجَ الرأْسِ.

- واللَّه - إِنَّ امْرَأً يُمَكِّنُ عَدُوَّهُ مِنْ نَفْسِهِ يَعْرُقُ لَحْمَهُ وَيَهْشِمُ عَظْمَهُ، وَيَفْرِي جِلْدَهُ، لَعَظِيمٌ عَجْزُهُ، ضَعِيفٌ ماضُمَّتْ عَلَيْهِ جَوَانِحُ صَدْرِهِ.

أَنْتَ فَكُنْ ذَاك إِنْ شِئْتَ، فَأَمَّا أَنَا فَوَ اللَّه دُونَ أَنْ أُعْطِيَ ذلك ضَرْبٌ بِالمَشْرَفِيَّةِ تَطِيرُ مِنْهُ فَرَاشُ الْهَامِ وَتَطِيحُ السوَاعِدُ وَالأَقْدَامُ، وَيَفْعَلُ اللَّه بَعْدَ ذلك‏مَا يَشَاءُ.

نهج البلاغة (ص 78- 79) من الخطبة 34.

(228) أَنَا قُطْبُ الرحَى‏.

ومن كلام له عليه السلام: مَا بَالُكُمْ أَمُخْرَسُونَ أَنْتُمْ؟

فقال قوم منهم: يا أميرالمؤمنين، إن سرتَ سرنا معك.

فقال عليه السلام: مَا بَالُكُمْ! لاَ سُدِّدْتُمْ لِرُشْد! وَلاَ هُدِيتُمْ لَقَصْد! أَفي مِثْلِ هذَا يَنْبَغِي لِي أَنْ أَخْرُجَ؟ إِنَّمَا يَخْرُجُ في مِثْلِ هذَا رَجُلٌ مِمَّنْ أَرْضَاهُ مِنْ شُجْعَانِكُمْ وَذَوِي بَأْسِكُمْ، وَلاَ يَنْبَغِي لِي أَنْ أَدَعَ الْجُنْدَ، وَالْمِصْرَ، وَبَيْتَ المَالِ، وَجِبَايَةَ الأَرْضِ، وَالْقَضَاءَ بَيْنَ المُسْلِمِينَ، وَالنظَرَ في حُقُوقِ المُطَالِبِينَ، ثُمَّ أَخْرُجَ في كَتِيبَة أَتْبَعُ أُخْرَى، أَتَقَلْقَلُ تَقَلْقُلَ الْقِدْحِ في الجَفِيرِ الفَارِغِ، وَإِنَّمَا أَنَا قُطْبُ الرحَى‏، تَدُورُ عَلَيَّ وَأَنَا بِمَكَاني، فَإِذَا فَارَقْتُهُ اسْتَحَارَ مَدَارُهَا، وَاضْطَرَبَ ثِفَالُهَا.

هذَا لَعَمْرُ اللَّه الرأْيُ السُّوءُ.

- واللَّه - لَوْلاَ رَجَائِي الشهَادَةَ عِنْدَ لِقَائِي العَدُوَّ - وَلَوْ قَدْ حُمَّ لِي لِقَاؤُهُ - لَقَرَّبْتُ رِكَابِي ثُمَّ شَخَصْتُ عَنْكُمْ، فَلاَ أَطْلُبُكُمْ مَا اخْتَلَفَ جَنُوبٌ وَشَمَالٌ. طَعَّانِينَ عَيَّابِينَ، حَيَّادِينَ رَوَّاغِينَ. إِنَّهُ لاَ غَنَاءَ في كَثْرَةِ عَدَدِكُمْ مَعَ قِلَّةِ اجْتَِماعِ قُلُوبِكُمْ. لَقَدْ حَمَلْتُكُمْ عَلَى الطرِيقِ الوَاضِحِ التي لاَ يَهْلِك عَلَيْهَا إِلاَّ هَالك، مَنِ اسْتَقَامَ فَإِلَى الجَنَّةِ، وَمَنْ زَلَّ فَإِلَى النارِ. نهج البلاغة (ص 175- 176) الخطبة 119.

(229) أَنَا لاَقٍ إِلَيَّ المَوْتُ.

ومن كلام له عليه السلام: أَحْمَدُ اللَّه عَلَى مَا قَضَى مِنْ أَمْر، وَقَدَّرَ مِنْ فِعْل، وَعَلَى ابْتِلاَئِي بِكُم أَيَّتُهَا الفِرْقَةُ التِي إذَا أَمَرْتُ لَمْ تُطِعْ، وَإذَا دَعَوْتُ لَمْ تُجِبْ، إنْ أُمْهِلْتُمْ خُضْتُمْ، وَإنْ حُورِبْتُمْ خُرْتُمْ، وَإنِ اجْتَمَعَ الناسُ عَلَى إمَام طَعَنْتُمْ، وَإنْ أُجِبْتُمْ إلَى مُشَاقَّة نَكَصْتُمْ. لاَ أَبَا لِغَيْرِكُمْ! مَا تَنْتَظِرُونَ بِنَصْرِكُمْ وَالجِهَادِ عَلَى حَقِّكُمْ؟ المَوْتَ أَوِ الذُلَّ لَكُمْ؟ فَوَ اللَّه لَئِنْ جَاءَ يَوْمِي - وَلَيَأْتِيَنِّي - لَيُفَرِّقَنَّ بَيْني وَبَيْنَكُمْ وَأَنَا لِصُحْبَتِكُمْ قَالٍ، وَبِكُمْ غَيْرُ كَثِير. للَّه أَنْتُمْ! أمَا دِينٌ يَجْمَعُكُمْ! وَلاَ مَحْمِيّةٌ تَشْحَذُكُمْ! أَوَ لَيْسَ عَجَباً أَنَّ مُعَاوِيَةَ يَدْعُو الجُفَاةَ الطغَامَ فَيَتَّبِعُونَهُ عَلَى غَيْرِ مَعُونَة وَلاَ عَطَاء، وَأَنَا أَدْعُوكُمْ - وَأَنْتُمْ تَرِيكَةُ الإِسْلاَمِ، وَبَقِيَّةُ الناسِ - إلَى المَعُونَةِ أَوطَائِفَة مِنَ العَطَاءِ، فَتَتفَرَّقُونَ عَنِّي وَتَخْتَلِفُونَ عَلَىَّ؟ إِنَّهُ لاَ يَخْرُجُ إِلَيْكُمْ مِنْ أَمْرِي رِضاً فَتَرْضَوْنَهُ، وَلاَسُخْطٌ فَتَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ، وَإنَّ أَحَبَّ مَا أَنَا لاَقٍ إِلَيَّ الْمَوْتُ! قَدْ دَارَسْتُكُمُ الْكِتَابَ، وَفَاتَحْتُكُمُ الْحِجَاجَ، وَعَرَّفْتُكُمْ مَا أَنْكَرْتُمْ، وَسَوَّغْتُكُمْ مَا مَجَجْتُمْ، لَوْ كَانَ الأَعْمَى يَلْحَظُ، أَوِ النائِمُ يَسْتَيْقِظُ! وَأَقْرِبْ بِقَوْم مِنَ الجَهْلِ بِاللَّه قَائِدُهُمْ مُعَاوِيَةُ! وَمُؤَدِّبُهُمُ ابْنُ النابِغَةِ!.

نهج البلاغة (ص 258 -259) الخطبة180 وانظر شرح نهج البلاغة (10/ 68).

(230) أَنَا ذا قَدْ ذَرَّفْتُ عَلَى السِتِّيْنَ.

ومن خطبة له عليه السلام: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الجِهَادَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ، فَتَحَهُ اللَّه لِخَاصَّةِ أَوْلِيَائِهِ، وَهُوَ لِباسُ التَقْوَى، وَدِرْعُ اللَّه الحَصِينَةُ، وَجُنَّتُهُ الوَثِيقَةُ، فَمَنْ تَرَكَهُ رَغْبَةً عَنْهُ أَلبَسَهُ اللَّه ثَوْبَ الذُلِّ، وَشَمِلَهُ البَلاَءُ، وَدُيِّثَ بِالصَغَارِ وَالقَمَاءَةِ، وَضُرِبَ عَلَى قَلْبِهِ بِالإِسْهَابِ، وَأُدِيلَ الحَقُّ مِنْهُ بِتَضْيِيعِ الجِهَادِ، وَسِيمَ الخَسْفَ، وَمُنِعَ النَصَفَ.

أَلاَ وَإِنِّي قَدْ دَعَوْتُكُمْ إِلَى قِتَالِ هؤُلاَءِ القَوْمِ لَيْلاً وَنَهَاراً، وَسِرّاً وَإِعْلاَناً، وَقُلْتُ لَكُمُ: اغْزُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يَغْزُوكُمْ، فَوَاللَّه مَا غُزِيَ قَوْمٌ - قَطُّ - في عُقْرِ دَارِهِمْ إِلاَّ ذَلُّوا، فَتَوَاكَلْتُمْ وَتَخَاذَلتُمْ حَتَّى شُنَّتْ عَلَيْكُمُ الغَارَاتُ، وَمُلِكَتْ عَلَيْكُمُ الأَوْطَانُ. وَهذَا أَخُو غَامِدٍ قَدْ وَرَدَتْ خَيْلُهُ الأَنْبَارَ، وَقَدْ قَتَلَ حَسَّانَ بْنَ حَسَّانَ البَكْرِيَّ، وَأَزَالَ خَيْلَكُمْ عَنْ مَسَالِحِهَا. وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الرَجُلَ مِنْهُمْ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى المَرْأَةِ المُسْلِمَةِ، وَالأُخْرَى المُعَاهَدَةِ، فيَنْتَزِعُ حِجْلَهَا وَقُلْبَهَا وَقَلاَئِدَهَا، وَرِعَاثَهَا، ما تَمْتَنِعُ مِنْهُ إِلاَّ بِالاسْتِرْجَاعِ وَالاِسْتِرْحَامِ، ثُمَّ انْصَرَفُوا وَافِرِينَ، مَا نَالَ رَجُلاً مِنْهُمْ كَلْمٌ، وَلاَ أُرِيقَ لَهُمْ دَمٌ، فَلَوْ أَنَّ امْرَأً مُسْلِماً مَاتَ مِن بَعْدِ هَذا أَسَفاً مَا كَانَ بِهِ مَلُوماً، بَلْ كَانَ بِهِ عِنْدِي جَدِيراً. فَيَا عَجَباً! عَجَباً وَاللَّه - يُمِيتُ القَلْبَ وَيَجْلِبُ الهَمَّ مِن اجْتَِماعِ هؤُلاَءِ القَوْمِ عَلَى بَاطِلِهمْ، وَتَفَرُّقِكُمْ عَنْ حَقِّكُمْ! فَقُبْحاً لَكُمْ وَتَرَحاً، حِينَ صِرْتُمْ غَرَضاً يُرمَى: يُغَارُ عَلَيْكُمْ وَلاَ تُغِيرُونَ، وَتُغْزَوْنَ وَلاَ تَغْزُونَ، وَيُعْصَى اللَّهُ وَتَرْضَوْن! فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسيْرِ إِلَيْهِم فِي أَيَّامِ الحَرِّ قُلْتُمْ: هذِهِ حَمَارَّةُ القَيْظِ أَمْهِلْنَا يُسَبَّخُ عَنَّا الحَرُّ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسيْرِ إِلَيْهِمْ فِي‏الشتَاءِ قُلْتُمْ: هذِهِ صَبَارَّةُ القُرِّ، أَمْهِلْنَا يَنْسَلِخْ عَنَّا البَرْدُ، كُلُّ هذا فِرَاراً مِنَ الحَرِّ وَالقُرِّ؛ فَإِذَا كُنْتُمْ مِنَ الحَرِّ وَالقُرِّ تَفِرُّونَ فَأَنْتُمْ وَاللَّه مِنَ السيْفِ أَفَرُّ!

يَا أَشْبَاهَ الرِجَالِ وَلاَ رِجَالَ! حُلُومُ الأَطْفَالِ، وَعُقُولُ رَبّاتِ الحِجَالِ، لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَرَكُمْ وَلَمْ أَعْرِفْكمْ مَعْرِفَةً - وَاللَّه - جَرَّتْ نَدَماً، وَأَعقَبَتْ سَدَماً.

قَاتَلَكُمُ اللَّه! لَقَدْ مَلاَْتُمْ قَلْبِي قَيْحاً، وَشَحَنْتُمْ صَدْرِي غَيْظاً، وَجَرَّعْتُمُونِي نُغَبَ التهْمَامِ أَنْفَاساً، وَأَفْسَدْتُمْ عَلَيَّ رَأْيِي بِالعِصْيَانِ وَالخذْلاَن، حَتَّى قَالَتْ قُريْشٌ: إِنَّ ابْنَ أَبِي طَالِب رَجُلٌ شُجَاعٌ، وَلْكِنْ لاَ عِلْمَ لَهُ بِالحَرْبِ. للَّه أَبُوهُمْ! وَهَلْ أَحدٌ مِنْهُمْ أَشَدُّ لَهَا مِرَاساً، وَأَقْدَمُ فِيهَا مَقَاماً مِنِّي؟! لَقَدْ نَهَضْتُ فِيهَا وَمَا بَلَغْتُ العِشْرِينَ، وها أنا ذا قَدْ ذَرَّفْتُ عَلَى السِتِّينَ! وَلكِنْ لا رَأْيَ لِمَنْ لاَ يُطَاعُ!

نهج البلاغة (ص 69-70) من الخطبة 27 وشرح نهج البلاغة (2/74).

و عندما بلغه قول المرجفين من أعدائه من تخطئتهم إيّاه في سياسته في الحروب قال عليه السلام: بَلَغَنِي أَنَّ قَوماً يَقُولُوْنَ: إنَّ عَلِيَّ بْنَ أبي طالِبٍ شُجاعٌ وَلكِنْ لا بَصِيْرَةَ لَهُ في الْحِرْبِ !! لِلَّهِ أَبُوهُمْ وَهَلْ فِيْهِم أَحَدٌ أَبْصَر بِها مِنِّي ؟ لَقَدْ قُمْتُ بِها وَما بَلَغْتُ الْعِشْرِيْنَ وَها أَنَا ذا قَدْ ذَرَّفْتُ عَلَى السِتِّيْنَ وَلكِنْ لا رَأْيَ لِمَنْ لا يُطاعُ !!.

الفصول المختارة (2/64) و نثر الدرّ (ص‏297).

(231) أَنَا عَلَيْهِ(من الهُدى‏).

من خطبة له عليه السلام: إنّي - واللَّه - لَوْ لَقِيتُهُمْ وَاحِداً وَهُمْ طِلاَعُ الاَْرْضِ كُلِّهَا مَا بَالَيْتُ وَلاَ اسْتَوْحَشْتُ، وَ إنّي مِنْ ضَلاَلِهِمُ الذي هُمْ فِيهِ وَالهُدَى الذي أَنَا عَلَيْهِ لَعَلى بَصِيرَة مِنْ نَفْسِي وَيَقِين مِنْ رَبِّي وإني إلى لقاء اللَّه لمشتاقٌ، ولحسن ثوابه لمنتظرٌ راجٍ، ولكنني آسَى‏ أن يليَ هذه الأمّة سفهاؤُها وفجّارُها، فيتّخذوا مالَ اللَّه دولاً وعباده خولاً، والصالحين حرباً والفاسقين حِزباً، فإن منهم الذي شرب فيكم الحرام، وجلد حدّاً في الإسلام. وإنّ منهم مَن لم يُسلم حتى رضخت له على الإسلام الرضائخ، فلولا ذلك ما أكثرتُ تأليبكم وتأنيبكم، وجمعكم وتحريضكم، ولتركتكم إذْ اَبَيتم وونيتم. ألا ترونَ إلى أطرافكم قد انتقصتْ؟ وإلى أمصاركم قد افتتحتْ؟ وإلى ممالككم تزوى‏؟ وإلى بلادكم تغزى!؟ انفروا رحمكم اللَّه الى قتال عدوّكم، ولاتثاقلوا إلى الأرض فتقِرُّوا بالخسف، وتبُوؤُوا بالذُلّ، ويكون نصيبكم الاخسّ، وإنّ أخا الحرب الأرِق ومن نام لم يُنَمْ عنه، والسلام.

نهج البلاغة (ص 452) من الكتاب 62 وشرح نهج البلاغة (17/225).

(232) أَنَا.

وقال عليه السلام: فنزلتْ طائفةٌ منكم معي معذرةً، ودخلت طائفةٌ منكم المصر عاصيةً، فلا من بقي منكم صَبَرَ وثَبَتَ، ولا من دَخَلَ المصرَ عاد ورَجَعَ، فنظرتُ إلى معسكري، وليسَ فيه خمسون رجلاً، فلمّا رأيتُ ما أتيتم، دخلتُ إليكم فلم أقدر على أن تخرجوا معي إلى يومنا هذا، فما تنتظرون!؟ أما ترون أطرافكم قد انتقصتْ، وإلى مصرَ قد فتحتْ؟ وإلى شيعتي بها قد قتلتْ؟ وإلى مسالحكم تعرى‏؟ وإلى بلادكم تغزى؟! وأنتم ذوو عددٍ كثيرٍ، وشوكةٍ وبأسٍ شديدٍ، فما بالكم؟! للَّه أنتم من أين تؤتون! وما لكم تؤفكون! وأنّى‏ تسحرون! ولو أنكم عزمتم وأجمعتم لم تراموا، إلاّ أنّ القوم تراجعوا وتناشبوا وتناصحوا، وأنتم قد ونيتم وتغاششتم وافترقتم، ما إن أنتم إن ألممتم عندي على هذا بسعداء فانتهوا بأجمعكم وأجمعوا على حقّكم، وتجرّدوا لحرب عدوّكم، وقد أبدت الرغوة عن الصريح، وبيّن الصبح لذي عينين، إنّما تقاتلون الطلقاء، وأبناء الطلقاء، وأولى الجفاء، ومن أسلم كرهاً، وكان لرسول‏اللَّه‏صلى الله عليه وآله الإسلام كلّه حرباً، أعداء اللَّه والسنّة والقرآن، وأهل البدع والأحداث، ومن كانت بوائقه تتقى، وكان عن الإسلام منحرفاً، أَكَلَة الرُشا، وعَبَدَة الدُنيا، لقد أُنهِيَ إليَّ أنّ ابن النابغة لم يبايع معاوية حتى أعطاه وشرط له أن يؤتيه ما هي أعظم ممّا في يده من سلطانه.

ألا صفرت يدُ هذا البائع دينَه بالدُنيا، وخزيت أمانة هذا المشتري نصرة فاسقٍ غادرٍ بأموال المسلمين .

وإنّ فيهم مَنْ قد شَرِبَ فيكم الخمرَ وجُلِدَ الحدّ، يُعرف بالفساد في الدين، والفعل السيّئ، وإنّ فيهم من لم يُسلم حتى رضخ له رضيخه، فهؤلاء قادةُ القوم، ومن تركتُ ذكر مساوئه من قادتهم مثل من ذكرتُ منهم، بل هو شرٌّ، ويودُّ هؤلاء الذين ذكرتُ لو وُلُّوا عليكم فأظهروا فيكم الكُفر والفساد والفُجُور والتسلُّط بجبريّة، واتبعوا الهوى‏ وحكموا بغير الحقّ. ولأنتم على ما كان فيكم من تواكُلٍ وتخاذُلٍ خيرٌ منهم وأهدى‏ سبيلاً، فيكم العُلماء والفُقهاء، والنُجباء والحُكماء، وحملةُ الكتاب والمتهجدون بالأسحار، وعمّار المساجد بتلاوة القرآن. أفلا تسخطُون وتهتمّون أن يُنازعكم الولاية عليكم سفهاؤُكُم؟ والأشرارُ الأراذلُ منكم؟ فاسمعوا قولي، وأطيعوا أمري، فواللَّه لئن‏ أطعتموني لا تغْوَوْن، وإن عصيتموني لا ترشدون، خُذوا للحرب أهبتها، وأعدّوا لها عُدّتها، فقد شبّتْ نارُها، وعلا سنانُها وتجرّد لكم فيها الفاسقون، كى يعذبوا عباد اللَّه، ويُطفئوا نور اللَّه. ألا إنّه ليس أولياء الشيطان من أهل الطمع والمكر والجفاء بأولى‏ في الجدّ في غيّهم وضلالتهم من أهل البِرّ والزهادة والإخبات في حقّهم وطاعة ربّهم، إني - واللَّه - لو لقيتهم فرداً وهم مِلأُ الأرض، ماباليتُ ولا استوحشتُ، وإني من ضلالتهم التي هم فيها والهدى‏ الذي نحنُ عليه، لَعَلَى‏ ثقةٍ وبيّنةٍ، ويقينٍ وبصيرةٍ، وإني إلى لقاء ربي لمشتاق، ولحسن ثوابه لمنتظر، ولكن أسفاً يعتريني، وحزناً يخامرني، أن يلي أمر هذه الأمّة سفهاؤها وفجّارها، فيتخذوا مال اللَّه دولاً وعباده خولاً، والفاسقين حزباً. وأيم اللَّه لولا ذلك لما أكثرت تأنيبكم وتحريضكم، ولتركتكم إذْ ونيتم وأبيتم حتى ألقاهم بنفسي، متى‏ حمّ لي لقاؤهم. فواللَّه إني لعلى الحقّ، وإني للشهادة لمحبّ، فانفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل اللَّه، ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون. ولا تثّاقلوا إلى الأرض فتقروا بالخسف، وتبوؤوا بالذلّ، ويكن نصيبكم الخسران.إنّ أخا الحرب اليقظان، ومن ضعف أودي، ومن ترك الجهاد كان كالمغبون المهين، اللهمّ اجمعنا وإيّاهم على الهدى‏، وزهّدنا وإيّاهم في الدنيا، واجعل الآخرة خيراً لنا ولهم من الأولى‏. شرح نهج البلاغة (6/98).

سيرتُهُ عليه السلام في الحكم‏

(233) أَنَا غيرُ مَسْرُوْرٍ بِذلِكَ، ولا جَذْلٍ.

قال عليه السلام: الحمد للَّه على كلّ أمر وحال، في الغدوّ والآصال، وأشهد أنّ لا إله إلا اللَّه، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، ابتعثه رحمةً للعباد، وحياةً للبلاد، حين امتلأت الأرض فتنةً، واضطرب حبلها، وعبد الشيطان في أكنافها، واشتمل عدوّ اللَّه إبليس على عقائد أهلها، فكان محمّد بن عبداللَّه بن عبد المطّلب، الذي أطفأاللَّه به نيرانها، وأخمد به شرارها، ونزع به أوتادها، وأقام به ميلها، إمام الهدى‏، والنَبِيّ المصطفى‏صلى الله عليه وآله فلقد صدعَ بما أُمرَ به، وبلّغَ رسالات ربّه، فأصلح اللَّه به ذات البين، وآمن به السبلَ، وحقن به الدماءَ، وألّفَ به بين ذوي الضغائن الواغِرة في الصدور، حتى أتاه اليقينُ، ثمّ قبضه اللَّه إليه حميداً. ثمّ استخلف الناسُ أبابكر، فلم يألُ جهده ثم استخلف أَبُو بكر عمرَ فلم يألُ جهده، ثم استخلف الناسُ عثمانَ، فنالَ منكم ونلتم منه، حتى إذا كان من أمره ما كان أتيتموني لتبايعوني، فقلت: لا حاجةَ لي في ذلك، ودخلتُ منزلي، فاستخرجتموني فقبضتُ يديَ فبسطتموها، وتداكَكْتُم عليَّ، حتى ظننتُ أنكم قاتليَّ، وأن بعضكم قاتل بعض، فبايعتموني وأَنَا غيرُ مَسْرُورٍ بِذلِك ولا جَذلٍ. وقد علم اللَّه سبحانه أني كنتُ كارها للحكومة، بين أُمّة محمّدٍ صلى الله عليه وآله .

ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (1/309 -310).

(234) أَنَا آخُذُها على أَنْ أَسِيْرَ في الأُمّة بِسِيْرةِ رسُولِ اللَّه صلى الله عليه وآله جُهْدِيَ وطَوْقِيَ. وأستعينُ على ذلك بربّي. قاله لعبد الرحمن بن عوف في السقيفة .

بحار الأنوار (31/369-370).

(235) أَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِي مِنْهُمْ.

وقال عليه السلام وقد مدحه قومٌ في وجهه: اللهُمَّ إِنَّك أَعْلَمُ بِي مِنْ نَفْسِي، وَأَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِي مِنْهُمْ، اللهُمَّ اجْعَلْنَا خَيْراً مِمَّا يَظُنُّونَ، وَاغْفِرْ لَنَا مَا لاَ يَعْلَمُونَ.

نهج البلاغة (ص 485) حكمة 100. ورواه البلاذري في أنساب الأشراف.ورواه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة(18/256).

(236) أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ.

لمّا انهزم الناس يوم الجَمَل اجتمعَ معه طائفةٌ من قريش فيهم مروان بن الحكم فقال بعضهم لبعض: - واللَّه - لقد ظَلَمنا هذا الرجلَ - يعنون أميرَ المؤمنين عليه السلام - ونَكَثْنا بيعتَه من غير حَدَثٍ، - واللَّه - لَقَدْ ظَهَرَ علينا فَما رَأَيْنا قَطُّ أكرمَ سيرةً منهُ، ولا أَحْسَنَ عَفْواً بعْدَ رسُول اللَّه صلى الله عليه وآله تَعَالَوا حتّى نَدْخُلَ عليه ونَعْتَذِرَ إليه في ما صَنَعْناهُ.

قال الراوي: فصِرنا إلى بابِهِ فاستأْذَنّاه، فَأَذِنَ لنا، فلمّا مثُلنا بينَ يديه، جَعَلَ مُتكلّمُنا يتكلّمُ، فقال عليه السلام: أَنْصِتُوا أَكْفِكم، إنّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُم فإنْ قلتُ حقّاً فصدّقوني وإن قلتُ باطلاً فردّوا عليّ ، أنشدكم اللَّه أتعلمون أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قُبِضَ و أَنَا أولى الناس به وبالناس من بعده ؟ قلنا: اللهم: نعم. قال: فعدلتم عنّي وبايعتم أبابكر فأمسكتُ ولم أحبَّ أن أشقَّ عصا المسلمين وأفرّق بين جماعاتهم، ثم إن أبابكر جعلها لعمر من بعده فكففتُ ولم أهج الناس وقد علمتُ إنّي كنتُ أولى الناس باللَّه وبرسوله وبمقامه فصبرتُ حتى قتل، وجعلني سادس سِتّةٍ، فكففتُ ولم أُحِبّ أن أفرّق بين المسلمين، ثم بايعتم عثمان فطغيتُم عليه وقتلتمُوه، و أَنَا جالسٌ في بيتى وأتيتموني وبايعتموني كما بايعتم أبابكر وعمر، وفيتم لهما ولم تفوا لي، وما الذي منعكم من نكث بيعتهما ودعاكم إلى نكث بيعتي؟ فقلنا له: كُنْ يا أمير المؤمنين كالعبد الصالح يوسف إذْ قال: {لا تثريب عليكم اليوم يغفر اللَّه لكم وهو ارحم الراحمين‏} .

فقال عليه السلام: لا تثريب عليكم اليوم، وإنّ فيكم رجلاً لو بايعني بيده لنكثَ باسته؛ يعني مروان بن الحكم. الجمل ص:222 للمفيد قال: وروى أَبُو مخنف.

(237) أَنَا بَيْنَ أَظْهُرِ الجَيْشِ.

ومن كتاب له عليه السلام: مِنْ عَبْدِ اللَّه عَلِىٍّ أَمِيرِ الْمُؤمِنِينَ إِلَى مَنْ مَرَّ بِهِ الجَيْشُ مِنْ جُبَاةِ الْخَرَاجِ وَعُمَّالِ البِلاَدِ. أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي قَدْ سَيَّرْتُ جُنُوداً هِيَ مَارَّةٌ بِكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّه، وَقَدْ أَوْصَيْتُهُمْ بِمَا يَجِبُ للَّه عَلَيْهِمْ مِنْ كَفِّ الأَذَى، وَصَرْفِ الشذَى، وَأَنَا أَبْرَأُ إِلَيْكُمْ وَإِلَى ذِمَّتِكُمْ مِنْ مَعَرَّةِ الجَيْشِ، إِلاَّ مِنْ جَوْعَةِ المُضْطَرِّ، لاَ يَجِدُ عَنْهَا مَذْهَباً إلَى شِبَعِهِ. فَنَكِّلُوا مَنْ تَنَاوَلَ مِنْهُمْ شَيْئاً ظُلْماً عَنْ ظُلْمِهِمْ، وَكُفُّوا أَيْدِيَ سُفَهَائِكُمْ عَنْ مُضَادَّتِهِمْ، وَالتعَرُّضِ لَهُمْ في ما اسْتَثْنَيْنَاهُ مِنْهُمْ، وَ أَنَا بَيْنَ أَظْهُرِ الْجَيْشِ، فَارْفَعُوا إِلَيَّ مَظَالِمَكُمْ، وَمَا عَرَاكُمْ مِمَّا يَغْلِبُكُمْ مِنْ أَمْرِهِمْ، وَلاَ تُطِيقُونَ دَفْعَهُ إِلاَّ بِاللَّه وَبِي، أُغَيِّرْهُ بِمَعُونَةِ اللَّه، إِنْ شَاءَ اللَّه. نهج البلاغة (ص 449- 450) من الخطبة 60.

(238) أَنَا (الشاهد).

قال عَلِيٌّ عليه السلام على المنبر: ما أحدٌ جرتْ عليه المَواسِي إلاّ وقد أَنْزَلَ اللَّهُ فيه قُرآناً. فقامَ إليه رجلٌ من مبغضيه، فقال له: فما أنزل اللَّه تعالى فيك.

فقام الناس إليه يضربونه، فقال عليه السلام: دعوهُ، أتقرأُ سورة هود؟ قال: نعم، قال: فقرأعليه السلام: « أَفَمَن كَانَ عَلَى‏ بَيِّنَةٍ مِنْ رَّبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ... » [ سُورَةُ هُودٍ:11/17 ]ثم قال: الذي كان على بينةٍ من ربّه محمّد صلى الله عليه وآله والشاهدُ الذي يتلوهُ أَنَا.

ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (2/287).

(239) أَنَا عَلَى مَا قَدْ وَعَدَني رَبِّي مِنَ النصْرِ.

ومن كلام له عليه السلام قاله حين بلغه خروج طلحة ومعه الزبير إلى البصرة لقتاله‏عليه السلام: قَدْ كُنْتُ وَمَا أُهَدَّدُ بالْحَرْبِ، وَلاَ أُرَهَّبُ بِالضرْبِ، وَأَنَا عَلَى مَا قَدْ وَعَدَني رَبِّي مِنَ النصْرِ.واللَّه، مَا اسْتَعْجَلَ مُتَجَرِّداً لِلطلَبِ بِدَمِ عُثْمانَ إِلاَّ خَوْفاً مِنْ أَنْ يُطَالَبَ بِدَمِهِ، لأَنَّهُ مَظِنَّتُهُ، وَلَمْ يَكُنْ في القَومِ أَحْرَصُ عَلَيْهِ مِنْهُ، فَأَرَادَ أَنْ يُغَالِطَ بِمَا أَجْلَبَ فِيهِ لِيَلْتَبِسَ الأَمْرُ وَيَقَعَ الشكُّ.

وَواللَّه، مَا صَنَعَ في أَمْرِ عُثْمانَ وَاحِدَةً مِنْ ثَلاَث:

لَئِنْ كَانَ ابْنُ عَفَّانَ ظَالِماً - كَمَا كَانَ يَزْعُمُ - لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُوَازِرَ قَاتِلِيهِ وَأَنْ يُنَابِذَ نَاصِرِيهِ.

وَلَئِنْ كَانَ مَظْلُوماً لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُونَ مِنَ المُنَهْنِهِينَ عَنْهُ وَالمُعَذِّرِينَ فِيهِ.

وَلَئِنْ كَانَ في‏شَكٍ مِنَ الخَصْلَتَيْنِ، لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَعْتَزِلَهُ وَيَرْكُدَ جَانِباً وَيَدَعَ الناسَ مَعَهُ.

فَمَا فَعَلَ وَاحِدَةً مِنَ‏الثلاَثِ، وَجَاءَ بِأَمْر لَمْ يُعْرَفْ بَابُهُ، وَلَمْ تَسْلَمْ‏مَعَاذِيرُهُ.

نهج البلاغة (ص 249-250)الخطبة 174.

(240) أَنَا على رَدِّ ما لَمْ أقُلْ أقْدَرُ مِنِّي على رَدِّ ما قُلْتُهُ.

عُيُون المواعِظِ والحِكَم.

(241) أَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وآله كَالصِنْوِ مِنَ الصِنْوِ، وَالذِرَاعِ مِنَ العَضُدِ.

قال عليه السلام: أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَأمُوم إِمَاماً، يَقْتَدِي بِهِ، وَيَسْتَضِى‏ءُ بِنُورِ عِلْمِهِ. أَلاَ وَإِنَّ إِمَامَكُمْ قَدِ اكْتَفَى مِنْ دُنْيَاهُ بِطِمْرَيْهِ،وَمِنْ طُعْمِهِ بِقُرْصَيْهِ. أَلاَ وَإِنَّكُمْ لاَ تَقْدِرُونَ عَلَى ذلك، وَلكِنْ أَعِينُوني بِوَرَع وَاجْتِهَاد، وَعِفَّة وَسَدَاد. فَوَاللَّه مَا كَنَزْتُ مِنْ دُنْيَاكُمْ تِبْراً، وَلاَ ادَّخَرْتُ مِنْ‏غَنَائِمِهَا وَفْراً، وَلاَ أَعْدَدْتُ لِبَالِي ثَوْبِي طِمْراً. بَلَى! كَانَتْ في أَيْدِينَا فَدَك مِنْ كلِّ مَا أَظَلَّتْهُ السماءُ، فَشَحَّتْ عَلَيْهَا نُفُوسُ قَوْم، وَسَخَتْ عَنْهَا نُفُوسُ‏آخَرِينَ، وَنِعْمَ الحَكَمُ اللَّه. وَمَا أَصْنَعُ بِفَدَك وَغَيْرِ فَدَك، وَالنفْسُ مَظَانُّهَا في غَدٍ جَدَثٌ، تَنْقَطِعُ في ظُلْمَتِهِ آثَارُهَا، وَتَغِيبُ أَخْبَارُهَا، وَحُفْرَةٌ لَوْ زِيدَ في فُسْحَتِهَا، وَأَوْسَعَتْ يَدَا حَافِرِهَا، لاََضْغَطَهَا الحَجَرُ وَالمَدَرُ، وَسَدَّ فُرَجَهَا التُرَابُ الْمُتَرَاكِمُ، وَإِنَّمَا هِيَ نَفْسِي أَرُوضُهَا بِالتقْوَى لِتَأْتِيَ آمِنَةً يَوْمَ الخَوْفِ الإَكْبَرِ، وَتَثْبُتَ عَلَى جَوَانِبِ المَزْلَقِ.وَلَوْ شِئْتُ لاَهْتَدَيْتُ الطرِيقَ إِلَى مُصَفَّى هذَا العَسَلِ، وَلُبَابِ هذَا القَمْحِ، وَنَسَائِجِ هذَا القَزِّ، وَلكِنْ هَيْهَاتَ أَنْ يَغْلِبَنِي هَوَايَ، وَيَقُودَنِي جَشَعِي إِلَى تَخَيُّرِ الأَطْعِمَةِ ، وَلَعَلَّ بِالحِجَازِ أَوِ بِاليََمامَةِ مَنْ لاَطَمَعَ لَهُ في الْقُرْصِ، وَلاَ عَهْدَ لَهُ بِالشبَعِ ، أَوْ أَبِيتَ مِبْطَأَنَا وَحَوْلِي بُطُونٌ غَرْثَى وَأَكْبَادٌ حَرَّى‏، أَوْ أَكُونَ كَمَا قَالَ القَائِلُ:

وَحَسْبُك دَاءً أَنْ تَبِيتَ بِبِطْنَةٍ

وَحَوْلك أَكْبَادٌ تَحِنُّ إِلَى القِدِّ

أَأَقْنَعُ مِنْ نَفْسِي بِأَنْ يُقَالَ: أَمِيرُالمُؤْمِنِينَ، وَلاَ أُشَارِكُهُمْ في مَكَارِهِ الدهْرِ، أَوْ أَكُونَ أُسْوَةً لَهُمْ في جُشُوبَةِ العَيْشِ! فَمَا خُلِقْتُ لِيَشْغَلَنِي أَكْلُ الطيِّبَاتِ، كَالَبَهِيمَةِ المَرْبُوطَةِ هَمُّهَا عَلَفُهَا، أَوِ المُرْسَلَةِ شُغُلُهَا تَقَمُّمُهَا، تَكْتَرِشُ مِنْ أَعْلاَفِهَا، وَتَلْهُوعَمَّا يُرَادُ بِهَا، أَوْ أُتْرَك سُدىً، أَوْ أُهْمَلَ عَابِثاً، أَوْ أَجُرَّ حَبْلَ الضلاَلَةِ، أَوْ أَعْتَسِفَ طَرِيقَ المَتَاهَةِ! وَكَأَنِّي بِقَائِلِكُمْ يَقُولُ: إِذَا كَانَ هذَا قُوتُ ابْنِ أبي طَالِب، فَقَدْ قَعَدَ بِهِ الضعْفُ عَنْ قِتَالِ الأَقْرَانِ وَمُنَازَلَةِ الشجْعَانِ.

أَلاَ وَإِنَّ الشجَرَةَ البَرِّيَّةَ أَصْلَبُ عُوداً، وَالروَائِعَ الخَضِرَةَ أَرَقُّ جُلُوداً، وَالنابِتَاتِ‏العِذْيَةَ أَقْوَى وَقُوداً، وَأَبْطَأُ خُمُوداً، وَ أَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وآله كَالصِنْوِ مِنَ الصِنْوِ، وَالذِرَاعِ مِنَ العَضُدِ.

واللَّه، لَوْ تَظَاهَرَتِ الْعَرَبُ عَلَى قِتَالِي لَمَا وَلّيْتُ‏عَنْهَا، وَلَوْ أَمْكَنَتِ الفُرَصُ مِنْ رِقَابِهَا لَسَارَعْتُ إِلَيْهَا، سَأَجْهَدُ في أَنْ أُطَهِّرَ الأَرضَ مِنْ هذَا الشخْصِ المَعْكُوسِ، وَالجِسْمِ المَرْكُوسِ، حَتَّى تَخْرُجَ المَدَرَةُ مِنْ بَيْنِ حَبِّ الحَصِيدِ.

إِلَيْكِ عَنِّي يَا دُنْيَا، فَحَبْلُك عَلَى غَارِبِكِ، قَدِانْسَلَلْتُ مِنْ مَخَالِبِكِ، وَأَفْلَتُّ مِنْ حَبَائِلِكِ، وَاجْتَنَبْتُ الذهَابَ في مَدَاحِضِكِ. أَيْنَ القُرُونُ الذِينَ غَرَرْتِهِمْ بَمَدَاعِبِكَ؟! أَيْنَ الأُمَمُ الذِينَ فَتَنْتِهِمْ. بِزَخَارِفِكِ؟! هَاهُمْ رَهَائِنُ القُبُورِ، وَمَضَامِينُ اللُحُودِ. - واللَّه - لَوْ كُنْتِ شَخْصاً مَرْئِيّاً، وَقَالَباً حِسِّيّاً، لاََقَمْتُ عَلَيْكِ حُدُودَ اللَّه في عِبَاد غَرَرْتِهِمْ بِالأَمَانِي، وَأُمَم أَلْقَيْتِهِمْ في المَهَاوِي، وَمُلُوك أَسْلَمْتِهِمْ إِلَى التلَفِ، وَأَوْرَدْتِهِمْ مَوَارِدَ البَلاَءِ، إِذْ لاَ وِرْدَ وَلاَصَدَرَ! هَيْهَاتَ! مَنْ وَطِى‏ءَ دَحْضَكِ زَلِقَ، وَمَنْ رَكِبَ لُجَجَكِ غَرِقَ، وَمَنِ ازْوَرَّ عَنْ حَبَائِلِكِ وُفِّقَ، وَالسالِمُ مِنْكِ لاَيُبَالِي إِنْ ضَاقَ بِهِ مُنَاخُهُ، وَالدُنْيَا عِنْدَهُ كَيَوْم حَانَ انْسِلاَخُهُ. اعْزُبِي عَنِّي! فَوَاللَّه لاَ أَذِلُّ لكِ فَتَسْتَذِلِّينِي، وَلاَ أَسْلَسُ لكِ فَتَقُودِينِي. وَايْمُ اللَّه - يَمِيناً أسْتَثْنِي فِيهَا بِمَشِيئَةِ اللَّه عَزَّ وجَلَّ - لاََرُوضَنَّ نَفْسِي رِيَاضَةً تَهشُّ مَعَها إِلَى القُرْصِ إِذَا قَدَرتْ عَلَيْهِ مَطْعُوماً، وَتَقْنَعُ بِالمِلْحِ مَأْدُوماً؛ وَلأََدَعَنَّ مُقْلَتِي كَعَيْنِ مَاءٍ، نَضَبَ. مَعِينُهَا، مُسْتَفْرِغَةً دُمُوعَهَا. أَتَمْتَلِى‏ءُ السائِمَةُ مِنْ رِعْيِهَا فَتَبْرُكَ؟ وَتَشْبَعُ الربِيضَةُ مِنْ عُشْبِهَا فَتَرْبِضَ؟ وَيَأْكُلُ عَلِىٌّ مِنْ‏زَادِهِ فَيَهْجَعَ؟ قَرَّتْ إِذاً عَيْنُهُ إِذَا اقْتَدَى بَعْدَالسِّنِينَ المُتَطَاوِلَةِ بِالبَهِيمَةِ الهَامِلَةِ، وَالسائِمَةِ الْمَرْعِيَّةِ! طُوبَى لِنَفْس أَدَّتْ إِلَى رَبِّهَا فَرْضَهَا، وَعَرَكَتْ بِجَنْبِهَا بُؤْسَهَا، وَهَجَرَتْ في الليْلِ غُمْضَهَا، حَتَّى إِذَا غَلَبَ الكَرَى عَلَيْهَا افْتَرَشَتْ أَرْضَهَا، وَتَوَسَّدَتْ كَفَّهَا، في مَعْشَرٍ أَسْهَرَ عُيُونَهُمْ خَوْفُ مَعَادِهِمْ، تَجَافَتْ عَنْ مَضَاجِعِهِمْ‏جُنُوبُهُمْ، وَهَمْهَمَتْ بِذِكْرِ رَبِّهِم شِفَاهُهُمْ، وَتَقَشَّعَتْ بِطُولِ اسْتِغْفَارِهِم ذُنُوبُهُمْ « أُولئِك حِزْبُ اللَّه، أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّه هُمُ المُفْلِحُونَ » فَاتَّقِ اللَّه يَابْنَ حُنَيْفٍ، وَلْتَكْفُفْ أَقْرَاصُكَ، لِيَكُونَ مِنْ النارِ خَلاَصُكَ. نهج البلاغة ( ص 416-420) الرسالة 45.

(242) أَنَا وَأَنْتُمْ عَبِيدٌ مَمْلُوكُونَ لِرَبٍّ لاَ رَبَّ غَيْرُهُ.

قال‏عليه السلام: وَقَدْ كَرِهْتُ أَنْ يَكُونَ جَالَ في ظَنِّكُمْ أَنّي أُحِبُّ الإِطْرَاءَ، وَاسْتَِماعَ الثنَاءِ، وَلَسْتُ - بِحَمْدِ اللَّه - كَذلك، وَلَوْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ يُقَالَ ذلك لَتَرَكْتُهُ انْحِطَاطاً للَّه سُبْحَانَهُ عَنْ تَنَاوُلِ مَا هُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنَ العَظَمَةِ وَالكِبْرِيَاءِ. وَرُبَّمَا اسْتَحْلَى الناسُ الثنَاءَ بَعْدَ البَلاَءِ، فَلاَ تُثْنُوا عَلَيَّ بِجَمِيلِ ثَنَاءٍ، لإِخْرَاجِي نَفْسِي إِلَى اللَّه وَ إِلَيْكُمْ مِنَ التقِيَّةِ في حُقُوق لَمْ أَفْرَغْ مِنْ أَدَائِهَا، وَفَرَائِضَ لاَ بُدَّ مِنْ إِمْضائِهَا، فَلاَ تُكَلِّمُونِي بَمَا تُكَلَّمُ بِهِ الجَبَابِرَةُ، وَلاَ تَتَحَفَّظُوا مِنِّي بِمَا يُتَحَفَّظُ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ البَادِرَةِ ، وَلاَ تُخَالِطُونِي بالمُصَانَعَةِ ، وَلاَ تَظُنّوا بِيَ اسْتِثْقَالاً في حَقّ قِيلَ لِي، وَلاَ الِتمَاسَ إِعْظَام لِنَفْسِي، فَإِنَّهُ مَنِ اسْتَثْقَلَ الحَقَّ أَنْ يُقَالَ لَهُ أَوْ العَدْلَ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ، كَانَ الْعَمَلُ بِهِمَا أَثْقَلَ عَلَيْهِ. فَلاَ تَكُفُّوا عَنْ مَقَالٍ بِحَقّ، أَوْ مَشُورَة بِعَدْل، فَإِنِّي لَسْتُ في نَفْسِي بِفَوْقِ أَنْ أُخْطِى‏ءَ، وَلاَ آمَنُ ذلك مِنْ فِعْلِي، إِلاَّ أَنْ يَكْفِىَ اللَّه مِنْ نَفْسِي مَا هُوَ أَمْلَك بِهِ مِنِّي فَإنَّمَا أَنَا وَأَنْتُمْ عَبِيدٌ مَمْلُوكُونَ لِرَبٍّ لاَ رَبَّ غَيْرُهُ، يَمْلِك مِنَّا مَا لاَ نَمْلِك مِنْ أَنْفُسِنَا، وَأَخْرَجَنَا مِمَّا كُنَّا فِيهِ إِلَى مَا صَلَحْنَا عَلَيْهِ، فَأَبْدَلَنَا بَعْدَ الضلاَلَةِ بِالْهُدَى، وَأَعْطَانَا البصِيرَةَ بَعْدَ العَمَى.

نهج البلاغة (ص 335) من الخطبة 216.

(243) أَنَا (إذا) خرجتُ من عندكم بغير راحلتي، ورحلي وغلامي فلان، فأنا خائِنٌ. شرح نهج البلاغة (2/200) و بحار الأنوار (34/356)ب‏35.

(244) أَنَا رَجُلٌ منكم لي ما لكم، وعليّ ما عليكم.

قال‏عليه السلام: أما بعد، فإنه لما قبض رسول اللَّه صلى الله عليه وآله استخلف الناس أبا بكر، ثم استخلف أَبُو بكر عمر، فعمل بطريقه، ثم جعلها شورى‏ بين ستة، فأفضي الأمر منهم إلى عثمان، فعمل ما أنكرتم وعرفتم، ثم حصر وقتل، ثم جئتموني طائعين فطلبتم إليّ، وإنما أَنَا رَجُلٌ مِنْكُم لي ما لَكُم، وعَلَيَّ ما عَلَيْكُم، وقد فتح اللَّه الباب بينكم وبين أهل القبلة، وأقبلت الفتن كقطع الليل المظلم، ولا يحمل هذا الأمر إلاّ أهل الصبر والبصر والعلم بمواقع الأمر، وإني حاملكم على منهجِ نبيّكم صلى الله عليه وآله ومنفّذٌ فيكم ما أمرتُ به، إن استقمتم لي وباللَّه المستعان.

ألا إنّ موضعي من رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بعد وفاته كموضعي منه أيّام حياته، فامضوا لما تؤمرون به، وقفوا عند ما تنهون عنه، ولا تعجلوا في أمرٍ حتى نبيّنه لكم، فإنّ لنا عن كلّ أمرٍ تُنكرونه عذراً، ألا وإنّ اللَّه عالم من فوق سمائه وعرشه أني كنتُ كارهاً للولاية على أمّة محمّد، حتى اجتمع رأيُكم على ذلك، لأني سمعت رسول اللَّه‏صلى الله عليه وآله يقول: «أيّما والٍ وَلِيَ الأمر من بعدي، أقيمَ على حدّ الصراط ونشرت الملائكةُ صحيفته، فإنْ كان عادلاً أنجاه اللَّه بعدله، وإن كان جائراً انتفض به الصراط حتى تتزايل مفاصله، ثمّ يهوي إلى النار، فيكون أَوَّلُ ما يتّقيها به أنفه وحرّ وجهه».

ولكني لّما اجتمع رأيكم لم يسعني ترككم.

ثم التفت‏عليه السلام يميناً وشمالاً، فقال: ألا لا يقولنّ رجالٌ منكم غداً قد غمرتهم الدنيا فاتّخذوا العقارَ، وفجروا الأنهار، وركبوا الخيول الفارهة، واتخذوا الوصائف الروقة، فصار ذلك عليهم عاراً وشناراً، إذا ما منعتهم ما كانوا يخوضون فيه، وأصرتهم إلى حقوقهم التي يعلمون، فينقمون ذلك، ويستنكرون ويقولون حرمنا ابنُ أبي طالب حقوقَنا!؟ ألا، وأيّما رجلٍ من المهاجرين والأنصار من أصحاب رسول اللَّه‏صلى الله عليه وآله على أن الفضل له على من سواه لصُحبته، فإنّ الفضل النيّر غداً عند اللَّه، وثوابه وأجره على اللَّه، وأيّما رجلٍ استجاب للَّه وللرسول، فصدّق ملّتنا، ودخل في ديننا، واستقبل قبلتنا، فقد استوجب حقوق الإسلام وحدوده، فأنتم عبادُ اللَّه، والمالُ مالُ اللَّه، يقسم بينكم بالسوية، لا فضل فيه لأحدٍ على أحدٍ، وللمتقين عند اللَّه غداً أحسن الجزاء، وأفضل الثواب، لم يجعل اللَّه الدنيا للمتّقين أجراً ولا ثواباً، وما عند اللَّه خيرٌ للأبرار وإذا كان غداً - إن شاء اللَّه - فاغْدوا علينا، فإنّ عندنا مالاً نقسمه فيكم، ولا يتخلفنّ أحدٌ منكم، عربيّ ولا عجميّ، كان من أهل العطاء أو لم يكن، إلاّ حضر، إذا كان مسلماً حرّاً. أقول قولي هذا وأستغفر اللَّه لي ولكم . شرح نهج البلاغة (7/36).

(244/م) أَنَا من أنْ أكونَ مقصّراً في ما ذكرتَ أخوفُ.

قال‏عليه السلام: أمّا ما ذكرتَ من عملنا وسيرتنا بالعدل، فإنّ اللَّه عَزَّ وجَلَّ يقول: «مَنْ عَمِلَ صَلِحًا فَلِنَفْسِهِ وَ مَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا وَ مَا رَبُّكَ بِظَلَّمٍ لِّلْعَبِيدِ » [سورة فصّلت 41/ 46 ] وأنا من أنْ أكونَ مقصّراً في ما ذكرتَ أخوفُ.

وأمّا ما ذكرتَ من أنّ الحقّ ثَقُلَ عليهم ففارقونا لذلك، فقد علم اللَّه أنّهم لم يُفارقونا من جورٍ، ولا لجأوا إذْ فارقونا إلى عدلٍ، ولم يلتمسوا إلاّ دُنيا زائلةً عنهم، كأنْ قد فارقوها، وليُسألُنّ يوم القيامة: أللدُنيا أرادوا أم للَّه عملوا؟.

ابن أبي الحديد شرح نهج البلاغة (2/198).

جهاده وشجاعته‏عليه السلام

(245) أَنَا فِيْهِ.

قال عليه السلام: فأما ما سالتني أن أكتب لك برأْيِي في ما أَنَا فِيْهِ، فإنّ رأيي جهاد المحلّين حتى ألقى اللَّه، لا يزيدني كثرةُ الناس معي عزّةً، ولا تفرّقهم عني وحشةً، لأَنني محقٌّ واللَّه مع المحقّ، و - واللَّه - ما أكرهُ الموت على الحقّ، وما الخيرُ كلُّه إلاّ بعد الموت لمن كان محقّاً. ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (2/120).

(246) أَنَا أميرها وقائدها.

قال رجل: يا أمير المؤمنين، أيُّ فتنةٍ أعظم من هذه؟ إنّ البدريّة ليمشي بعضها إلى بعض بالسيف؟!

فقال عليه السلام: ويحك! أتكون فتنةً أَنَا أميرُها وقائدُها!؟ والذي بعث محمّداً بالحقّ وكرّم وجهه، ما كَذِبْتُ ولا كُذِبْتُ، ولا ضَلَلْتُ ولا ضُلَّ بي، ولا زَلَلْتُ ولا زُلَّ بي، وإني لَعَلَى‏ بيّنةٍ من ربّي، بيّنها اللَّه لرسوله، وبيّنها رسولُه لي، وسأدعى‏ يوم القيامة ولا ذنبَ لي، ولو كان لي ذنبٌ لكفّرَ عنّي ذُنوبي ما أَنَا فيه من قتالهم.

ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (1/265).

(247) أَنَا صاحِبُ ذي الفَقار. عُيُون المواعِظِ والحِكَم.

« لا سيفَ إلاّ ذُوالفَقار، ولا فَتَىً إلاّ عَلِيٌّ ».

قال عليه السلام: والذي نفسي بيده، لَنَظَرَ إليَّ النَبِيُّ صلى الله عليه وآله أَضْرِبُ بينَ يديهِ بسيفي هذا، فقال: « لا سيفَ إلاّ ذُو الفَقار، ولا فتىً إلاّ عليٌّ ».

وقال لي: «يا عليُّ أَنْتَ مِنّي بِمَنْزِلَةِ هارُونَ من مُوسى‏ إلاّ أَنّهُ لا نَبِيَّ بعدي، وموتُكَ وحياتُك يا عليُّ مَعِي ». واللَّه، ما كَذِبْتُ ولا كُذِبْتُ، ولا ضَلَلْتُ ولا ضُلَّ بي ولا نَسِيْتُ ما عُهِدَ إليّ، وإنّي على بيّنةٍ من ربّي، وعلى الطريق الواضح، ألفظه لفظاً.

شرح نهج البلاغة(5/248- 249).

(248) أَنَا الضارِبُ بالسَيْفَيْنِ. الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(249) أَنَا الطاعِنُ بالرُمْحَيْنِ. الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(250) أَنَا الذي يخافُ الجنُّ من بأْسي. الفضائل لابن شاذان القمى(ص 84).

(251) أَنَا أَشْوَقُ إِلَى لِقَائِهِمْ مِنْهُمْ إِلَى دِيَارِهِمْ.

قال عليه السلام: مَنْ رائِحٌ إِلَى اللَّهِ كَالظمَْآنِ يَرِدُ المَاءَ؟ الجَنَّةُ تَحْتَ أَطْرَافِ العَوَالِي! اليَوْمَ تُبْلَى الأَخْبَارُ! واللَّه، لأَنَا أَشْوَقُ إِلَى لِقَائِهِمْ مِنْهُمْ إِلَى دِيَارِهِمْ.

اللَّهُمَّ فَإِنْ رَدُّوا الحَقَّ فَافْضُضْ جَمَاعَتَهُمْ، وَشَتِّتْ كَلِمَتَهُمْ، وَأَبْسِلْهُمْ بِخَطَايَاهُمْ. إِنَّهُمْ لَنْ يَزُولُوا عَنْ مَوَاقِفِهمْ دُونَ طَعْن دِرَاك يَخْرُجُ مِنْهُ النسِيمُ، وَضَرْب يَفْلِقُ الهَامَ، وَيُطِيحُ العِظَامَ، وَيُنْدِرُ السوَاعِدَ وَالأَقدْاَمَ، وَحَتَّى يُرْمَوْا بِالمَنَاسرِ تَتْبَعُهَا المَنَاسرُ، وَيُرْجَمُوا بِالكَتَائِبِ، تَقْفُوهَا الحَلاَئِبُ حَتَّى يُجَرَّ بِبِلاَدِهِمُ الخَمِيسُ يَتْلُوهُ الخَمِيسُ، وَحَتَّى تَدْعَقَ الخُيُولُ في نَوَاحِر أَرْضِهِمْ، وَبِأَعْنَانِ مَسَارِبِهِمْ وَمَسَارِحِهِمْ.

نهج البلاغة (ص‏181) الخطبة 124.

(252) أَنَا لا أَفِرُّ عَمَّنْ كَرَّ.

وقيل له عليه السلام: أنتَ محارَبٌ مطلوبٌ، فلو اتّخذتَ طرفاً؟

قال: أَنَا لا أَفِرُّ عَمَّنْ كَرَّ؛ وَلا أَكِرُّ عَلى‏ مَن فَرَّ، فَالْبَغْلَةُ تَكْفِيْنِي.

نثر الدرّ (ص‏280).

(253) أَنَا أُبَارِزُكَ.

إنّ عُبيد اللَّه بن عمر، أرسل إلى محمّد بن الحنفيّة أن اخرجْ إليّ أبارزك، فقال: نعم، ثمّ خرج إليه، فبصُرَ بهما عليٌّ عليه السلام فقال: مَن هذان المتبارزان ؟ قيل: محمّد بن الحنفيّة، وعُبيد اللَّه بن عمر، فحرّك دابّته، ثمّ دعا محمّداً إليه، فجاءهُ فقال: أمسكْ ذا، بُنَيَّ، فأمسكها، فمشى‏ راجلاً بيده سيفُه نحو عُبيداللَّه، وقال له: أَنَا أُبَارِزُكَ، فهلمّ إليّ! فقال عبيداللَّه: لا حاجةَ بي إلى مُبارزتك، قال: بلى‏، فهلمّ إليّ، قال: لا أبارزك، ثمّ رجع إلى صفّه، فرجع عليٌّ عليه السلام فقال ابن الحنفيّة: يا أبتِ، لِمَ منعتني من مُبارزته، فواللَّه لو تركتني لرجوتُ أن أقتله! قال: يا بنيّ، لو بارزتُه أَنَا لقتلتُهُ، ولو بارزتَه أنتَ لرجوتُ لك أن تقتله، وما كنتُ آمنُ أن يقتلك، فقال: يا أبتِ أتبرزُ بنفسك إلى هذا الفاسق اللئيم عدوّ اللَّه! - واللَّه - لو أَبُوهُ يسألك المبارزة لرغبتُ بك عنه. فقال: يا بنيّ لا تذكر أباه... ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (5/179).

(254) أَنَا عليٌّ وابن عبد المطّلِب * نحنُ لعمرُ اللَّه أولى‏ بالكُتُب.

روى نصرٌ، قال: بَرَزَ حُريث مولى معاوية، وكان شديداً أيِدّاً ذا بأسٍ لا يُرام، فصاح: يا عليُّ، هَلْ لَكَ في المُبارزة ؟ فأقدِمْ أبا حسنٍ ! إنْ شئتَ.

فأقبل عليّ عليه السلام وهو يقول:

أَنَا عَلِيٌّ وابنُ عبد المطّلِبْ‏

نحنُ لعمرُ اللَّه أولى‏ بالكُتُبْ‏

منّا النَبِيُّ المصطفى‏ غير كَذِبْ‏

أهل اللواء والمقام والحُجُبْ‏

نحنُ نصرناهُ على كُلِّ العَرَبْ‏

ثم خالطه، فما أمهله أنْ ضربه ضربةً واحدةً، فقطعه نصفين.

شرح نهج البلاغة (5/215).

وُلاتُهُ‏عليه السلام

(255) أَنَا أَرَاكَ لِذَلِكَ أَهْلاً.

بعث عليه السلام بكتابه إلى واليه: أمّا بعدُ، فإنّي قد ولّيتُكَ ما ولّيتُكَ وأَنَا أَرَاكَ لِذلِكَ أَهْلاً . ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة(16/182).

مواعِظُهُ وأَحْكامُهُ‏عليه السلام

(256) أَنَا أَنْفُ الهُدى‏ وَعَيْناهُ.

قال عليه السلام: يا مَعْشَرَ الناسِ أَنَا أَنْفُ الهُدى‏ وَعَيْناهُ - وَأشار بيده إلى‏ وجهه - يا مَعْشَرَ الناسِ لا تَسْتَوْحِشُوْا في طَرِيْقِ الهُدى‏ لِقِلَّةِ أَهْلِهِ فَإِنَّ الناسَ قَدِ اجْتَمَعُوْا عَلى‏ مائِدَةٍ شَبعُها قَصِيْرٌ وَجُوْعُها طَوِيْلٌ - واللَّه - المُسْتَعانُ.

يا مَعْشَرَ الناسَ إِنَّما يَجْمَعُ الناسَ الرِضا وَالسُخْطُ، أَلا وَإِنَّما عَقَرَ ناقَةَ ثَمُوْدَ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَأَصابَهُمْ العَذابُ بِنِيَّاتِهِمْ في عَقْرِها ، قالَ اللَّهُ تَعالى‏: « فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى‏ فَعَقَرَ » [القمر/30 - 31 ] وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّ اللَّهِ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: « ناقَةَ اللَّهِ وَسُقْياها فَكَذّبُوْهُ فَعَقَرُوْها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ فَسَوّاها» [الشمس / 14 - 16].

يا مَعْشَرَ الناسِ أَلا فَمَنْ سُئِلَ عَنْ قاتِلِي فَزَعَمَ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ ، فَقَدْ قَتَلَنِي.

يا مَعْشَرَ الناسِ مَنْ سَلَك الطرِيْقَ وَرَدَ الماءَ.

يا مَعْشَرَ الناسِ أَلا أُخْبِرُكُمْ بِصاحِبَيَّ الضلالَةِ اللَّذَيْنِ تَبْدُوْ مَخازِيهمِا في آخِرِ الزمانِ».

الغارات: (2 /584) ح (235) وعنه المجلسي في بحار الأنوار: (8/740) طبع الحجر. و المسترشد للطبري (ص 407) والغيبة للنعماني (ص 27).

(257) أَنَا أَرَى الآنَ بَيْعَهُنَّ.

قال عليّ عليه السلام في بيع أمّهات الأولاد وهو على المنبر: كان رأيي ورأي عمر ألاّ يُبَعنَ، وأَنَا أَرَى‏ الآنَ بَيْعَهُنّ. ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (20/ 26).

(258) أَنَا بِهِ زَعِيمٌ.

من كلام له عليه السلام لمّا بويع بالمدينة: ذِمَّتي بِمَا أَقُولُ رَهِينَةٌ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ: إِنَّ مَنْ صَرَّحَتْ لَهُ العِبَرُ عَمَّا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ المَثُلاتِ، حَجَزَهُ التقْوَى عَنْ تَقَحُّمِ الشُبُهَاتِ.

أَلاَ وَإِنَّ بَلِيَّتَكُمْ قَدْ عَادَتْ كَهَيْئَتِهَا يَوْمَ بَعَثَ اللَّه نَبِيَّهُ صلى الله عليه وآله وَالذي بَعَثَهُ بِالحَقِّ لَتُبَلْبَلُنَّ بَلْبَلَةً، وَلَتُغَرْبَلُنَّ غَرْبَلَةً، وَلَتُسَاطُنَّ سَوْطَ القِدْرِ، حَتَّى يَعُودَ أَسْفَلُكُمْ أَعْلاَكُمْ، وَأَعْلاَكُمْ أَسْفَلَكُمْ، وَلَيَسْبِقَنَّ سَابِقُونَ كَانُوا قَصَّرُوا، وَلَيُقَصِّرَنَّ سَبَّاقُونَ كَانُوا سَبَقُوا.

واللَّه، مَا كَتَمْتُ وَشْمَةً، وَلا كَذَبْتُ كِذْبَةً، وَلَقَدْ نُبِّئْتُ بِهذا المَقامِ وَهذَا اليَوْمِ.

أَلاَ وَإِنَّ الخَطَايَا خَيْلٌ شُمُسٌ حُمِلَ عَلَيْهَا أَهْلُها، وَخُلِعَتْ لُجُمُهَا، فَتَقَحَّمَتْ بِهِمْ في النارِ. أَلاَ وَإِنَّ التقْوَى مَطَايَا ذُلُلٌ، حُمِلَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا، وَأُعْطُوا أَزِمَّتَها، فَأَوْرَدَتْهُمُ الجَنَّةَ. حَقٌّ وَبَاطِلٌ، وَلِكُلٍّ أَهْلٌ، فَلَئِنْ أَمَرَ البَاطِلُ لَقَدِيماًفَعَلَ، وَلَئِنْ قَلَّ الحقُّ لَرُبَّما وَلَعَلَّ، وَلَقَلَّمَا أَدْبَرَ شَي‏ءٌ فَأَقْبَلَ. نهج البلاغة (ص 57 - 60 ) الخطبة 16.

(259) أَنَا داعِيكُم إلى طاعَةِ اللَّهِ رَبِّكُم ومُرْشِدُكُم إلى فَرائِضِ دِيْنِكُم ودالُّكُم إلى ما يُنْجِيْكُم. عُيُون المواعظ والحِكَم.

(260) أَنَا كَابُّ الدُنْيَا لِوَجْهِهَا.

ومن كلام له عليه السلام: وَيْلٌ لِسِكَكِكُمُ العَامِرَةِ، وَدُورِكُمُ المُزَخْرَفَةِ التِي لَهَا أَجْنِحَةٌ كَأَجْنَحَةِ النُسُورِ، وَخَرَاطِيمُ كَخَرَاطِيمِ الفِيَلَةِ، مِنْ أُولئِك الذِينَ لاَ يُنْدَبُ قَتِيلُهُمْ، وَلاَ يُفْقَدُ غَائِبُهُمْ. أَنَا كَابُّ الدُنْيَا لِوَجْهِهَا، وَقَادِرُهَا بِقَدْرِهَا، وَنَاظِرُهَا بِعَيْنِهَا.

كَأَنِّي أَرَاهُمْ قَوْماً كَأَنَّ وَجُوهَهُمُ المُجَانُّ المُطَرَّقَةُ، يَلْبَسُونَ السرَقَ وَالدِيبَاجَ، وَيَعْتَقِبُونَ الخَيْلَ العِتَاقَ، وَيَكُونُ هُنَاك اسْتِحْرَارُ قَتْل، حَتَّى يَمْشِيَ المَجْرُوحُ عَلَى المَقْتُولِ، وَيَكُونَ المُفْلِتُ أَقَلَّ مِنَ المَأْسُورِ!.

نهج البلاغة (ص 185-186) من الخطبة 128.

(261) أَنَا(قلتُ): خَيْرُ المَعْرُوفِ سترُه.

قال عليه السلام: كنّا أَنَا والعبّاس وعمر نَتَذَاكَرُ المَعْرُوْفَ، فقلت أَنَا: خَيْرُ المَعْرُوْفِ سترُهُ، وقال العباس: خيره تصغيره، وقال عمر: خيره تعجيله، فخرج علينا رسولُ‏اللَّه‏صلى الله عليه وآله فقال: فيم أنتم ؟ فذكرنا له، فقال: خيره أن يكون هذا كلُّه فيه.

شرح نهج البلاغة (20/270).

(262) أَنَا أَبُو الحَسَنِ.

صعد عليه السلام المنبر مرتدياً بطاق، مؤتزراً ببرد قطريّ، متقلّداً سيفاً، متوكئاً على قوسٍ، فقال عليه السلام: أمّا بعد، فإنّا نحمد اللَّه ربّنا وإلهنا ووليّنا، ووليّ النعم علينا، الذي أصبحت نعمه علينا ظاهرةً وباطنةً، امتناناً منه بغير حولٍ منّا ولا قوّةٍ، ليبلونا أنشكرُ أم نكفرُ، فمن شكر زاده ومن كفر عذّبه، فأفضلُ الناس عند اللَّه منزلةً، وأقربهم من اللَّه وسيلة أطوعُهم لأمره، وأعملهم بطاعته، وأتبعهم لسُنّة رسوله، وأحياهم لكتابه، ليس لأحدٍ عندنا فضلٌ إلاّ بطاعة اللَّه وطاعة الرسول.

هذا كتاب اللَّه بين أظهرنا، وعهدُ رسول اللَّه وسيرته فينا، لا يجهلُ ذلك إلاّ جاهلٌ عانِدٌ عن الحقّ، منكِرٌ، قال اللَّه تعالى: «يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَكُم مِّن ذَكَرٍ وَ أُنثَى‏ وَ جَعَلْنَكُمْ شُعُوبًا وَ قَبَآئِلَ لِتَعَارَفُواْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ... » [سُورَةُ الْحُجُرَاتِ‏49/ ]. ثم صاح بأعلى صوته: أطيعوا اللَّه وأطيعوا الرسول، فإن توليتم فإن اللَّه لا يحبّ الكافرين. ثم قال: يا معشر المهاجرين والأنصار، أتمنُّون على اللَّه ورسوله بإسلامكم، بل اللَّه يمنُّ عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين.

ثم قال: أَنَا أَبُو الحَسَنِ - وكان يقولها إذا غضبَ -.

ثم قال: ألا إنّ هذه الدنيا التي أصبحتم تمنونها وترغبون فيها، وأصبحت تغضبكم وترضيكم، ليست بداركم ولا منزلكم الذي خلقتم له، فلا تغرّنَّكُم فقد حذرتموها، واستتموا نعم اللَّه عليكم بالصبر لأنفسكم على طاعة اللَّه، والذلّ لحكمه، جلّ ثناؤه، فأمّا هذا الفيُ فليس لأحدٍ على أحدٍ فيه أثرةٌ، وقد فرغ اللَّه من قسمته، فهو مالُ اللَّه، وأنتم عبادُ اللَّه المسلمون، وهذا كتابُ اللَّه به أقررنا وله أسلمنا، وعهد نبيّنا بين أظهرنا فمن لم يرضَ به فليتولَّ كيف شاء، فإنّ العامل بطاعة اللَّه والحاكم بحكم اللَّه لا وحشة عليه. ثم نزل عن المنبر، فصلّى ركعتين، شرح نهج البلاغة (7/39).

(263) أَنَا مُخَيَّرٌ في الإحْسانِ إلى مَنْ لَمْ أُحْسِنْ إليْهِ، وَمُرتَهَنٌ بِإتْمَامِ الإحْسانِ إلى مَنْ أحْسَنْتُ إليْهِ، فَإنِّي إذا أتْمَمْتُهُ فَقَد حَفِظْتُهُ، وَإذا قَطَعْتُهُ فَقَدْ أضَعْتُهُ، وَإذا أضَعْتُهُ فَلِمَ فَعَلْتُهُ ؟. عُيُون المواعظ والحِكَم.

دُعاؤُهُ‏عليه السلام

(264)أَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ بِسَعَةِ رَحْمَتِهِ.

و هذا من عهده للأشتر، وهو آخره: أَنَا أَسْأَلُ اللَّه بِسَعَةِ رَحْمَتِهِ، وَعَظِيمِ قُدْرَتِهِ عَلَى إِعْطَاءِ كُلِّ رَغْبَة، أَنْ يُوَفِّقَنِي وَإِيَّاك لِمَا فيهِ رِضَاهُ مِنَ الإِقَامَةِ عَلَى العُذْرِ الوَاضِحِ إِلَيْهِ وَإِلَى خَلْقِهِ، مَعَ حُسْنِ الثنَاءِ في العِبَادِ، وَجَمِيلِ الأَثَرِ في البَلاَدِ، وَتَمَامِ النِعْمَةِ، وَتَضْعِيفِ الكَرَامَةِ، وَأَنْ يَخْتِمَ لِي وَلك بالسعَادَةِ وَالشهَادَةِ، إنّا إِلَيْهِ رَاغِبُونَ، وَالسلاَمُ عَلَى رَسُولِ اللَّه كثيراً. نهج البلاغة (ص 445) الكتاب 53.

(265) أَنَا أسْتَغْفِرُ اللَّه من كُلِّ ذَنْبٍ.

سار عليه السلام إلى حروراء، فجعل يتخلّلهم حتى صار إلى مضرب يزيد بن قيس، فصلّى‏ فيه ركعتين، ثمّ خرج فاتكأَ على قوسه، وأقبل على الناس، فقال: هذا مقام مَن فَلجَ فيه فلج يوم القيامة. ثمّ كلّمهم وناشدهم، فقالوا: إنّا أذْنَبْنا ذَنْباً عظيماً بالتحكيم وقد تُبْنا، فَتُبْ إلى اللَّه كما تُبْنا، نَعُدْ لَكَ.

فقال عليه السلام: أَنَا أَسْتَغْفِرُ اللَّه من كُلِّ ذَنْبٍ، فرجعوا معه وهم سِتّةُ آلافٍ، فلمّا استقرّوا بالكوفه أشاعوا أنّ عليّا عليه السلام رجع عن التحكيم، ورآه ضلالاً، وقالوا: إنّما ينتظر أن يسمن الكراع وتجبى الأموال، ثم ينهض بنا إلى الشام.

ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (2/ 278- 279).

(266) أَنَا ذا - ياإلهي - أُؤَمِّلُ بالوِفادة.

ومن دعائه عليه السلام: أَنَا ذا - ياإلهي - أُؤَمِّلُ بالوِفادة. وأسألك حسن الرِفادة، فاسمع ندائي، واستجب دعائي، ولا تختم عملي بخيبتي، ولا تجبهني بالردّ في مسألتي، وأكرم من عندك منصرفي، إنك غير ضائقٍ عمّا تريد، ولا عاجزٌ عمّا تشاءُ، وأنت على كلّ شي‏قدير. ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة(6/180).

(267) أَنَا الذي بِجَهْلِهِ عَصَاكَ.

ومن دعائه عليه السلام: وأَنَا يَا سَيِّدِي عَبْدُك الذي أَمَرْتَهُ بالدُعاء؛ فقال: لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ ! وأَنَا يَاسَيِّدِي عَبْدُكَ الذي أَوْقَرت الخطايا ظَهْرَهُ، وأَنَا الذي أَفْنَت الذُنُوبُ عُمْرَهُ، وأَنَا الذي بِجَهْلِهِ عَصَاكَ، ولم يكن أهلاً منه لذلك، فهل أنتَ يا مولايَ راحمٌ مَن دعاك فاجتهدَ في الدُعاء ؟! أم أنتَ غافرٌ لمَن بكى‏ لَكَ، فأَسرَعَ في البكاءِ ؟! أم أنتَ مُتجاوزٌ عمَّنْ عَفَّرَ لَكَ وَجهَهُ، مُتَذَلِّلاً!؟ أمْ أنتَ مُغْنٍ مَنْ شكا إليكَ فَقْرَهُ مُتَوَكِّلاً؟! ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة(6/180).

(268) أَنَا حِينئذٍ مُوْقِنٌ أنَّ مُنتهى‏ دَعْوَتِكَ الجَنَّةُ.

ومنه: مَن أجهلُ مِنّي يا سيدي برشدك ! ومَنْ أغفلُ منّي عن حظّه منكَ ! ومَنْ أبعدُ مِنّي من استصلاح نفسه حينَ أَنْفقتُ ما أجريتَ عليَّ من رِزْقِكَ في ما نَهَيْتَني عنه من معصيتكَ!؟ ومَنْ أبعدُ غوراً في الباطل، وأشدُّ إقداماً على السوءِ مِنّي حينَ أقفُ بينَ دعوتكَ ودَعوةِ الشيطانِ، فأَتَّبِعَ دعوتَهُ على غير عَمَىً عن المعرفَةِ بِهِ، ولا نِسْيانٍ من حِفْظي لَهُ، وأَنَا حينئذٍ مُوْقِنٌ أنَّ مُنْتَهى‏ دَعْوَتِكَ الجَنّة، ومُنْتَهى‏ دعوتِهِ النارُ؟! سبحانَكَ ! فما أَعْجَبَ ما أَشْهَدُ بِهِ على نفسي ! وأُعَدّدُهُ من مَكنون أَمْري!!.

ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة(6/181).

(269) أَنَا - ياإلهي - أكثر ذنوباً، وأقبح آثاراً، وأشنع أفعالاً.

ومنه: وأعجبُ من ذلك أَناتُكَ عَنّي، واِبْطاؤُكَ عن مُعاجَلَتي، وليس ذلكَ من كَرَمي عليكَ، بَلْ تَأَنّيّاً منكَ بي، وتفضُّلاً منكَ عَلَيَّ، لأنْ أَرتدعَ عن خَطَئِي، ولأنَّ عفوَكَ أحبُّ إليكَ من عُقُوبَتي. بل أَنَا - ياإلهي - أَكْثَرُ ذُنُوباً، وأَقْبَحُ آثاراً، وأَشْنَعُ أَفعالاً، وأشدُّ في الباطل تَهَوُّراً، وأَضْعَفُ عند طاعتك تَيَقُّظاً، وأَغْفَلُ لوَعِيْدِكَ انْتِباهاً، من أنْ أُحْصِيَ لَكَ عُيُوبي، وأَقْدَرُ على تعديد ذُنُوبي، وإنّما أُوَبِّخُ بهذا نفسي طَمَعَاً في رَأْفَتِكَ التي بِها إِصْلاحُ أَمْرِ المُذْنِبِين، ورجاءً لِعِصْمَتِكَ التي بِها فِكاكُ رِقابِ.

ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة(6/181).

(270) أَنَا أَهْلٌ لَهُ على الاسْتِيْجابِ.

ومنه: كنتَ تغفرُ لي حينَ أَسْتَوْجِبُ مَغْفِرَتِكَ، وتعفُو عنّي حينَ أستحقّ عَفْوَكَ، فإن ذلك غيرُ واجبٍ لي بالاسْتحقاق، ولا أَنَا أَهْلٌ لَهُ على الاسْتِيْجابِ، إذْ كانَ جزائي منكَ من أَوَّلِ ما عصيتُكَ النارُ، فإنْ تعذّبْني فإنّكَ غيرُ ظالمٍ.

ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة(6/182).

(271) أَنَا مُعْتَصِمٌ بِهِ من عَفْوِكَ.

ومنه: و أَنَا العَبْدُ الضَعِيْفُ عَمَلاً، الجَسِيْمُ أَمَلاً، خرجتْ من يدي أسبابُ الوُصلات إلى رحمتك، وتقطّعتْ عنّي عِصَمُ الآمالِ إلاّ ما أَنَا مُعْتَصِمٌ بِهِ من عَفْوِكَ. قلّ عندي ما أعتدّ به من طاعتك، وكثرُ عندي ما أَبُوءُ به من معصيتك، ولنْ يفوتَكَ عَفْوٌ عن عبدِكَ وإنْ أَساءَ. فاعْفُ عنّي. ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة(6/183).

شيعتُهُ‏عليه السلام‏

(272) أَنَا أَطْمَعُ أَنْ تَلْحَقَ بِي طَائِفَةٌ فَتَهْتَدِىَ بِي، وَتَعْشُوَ إِلى ضَوْئِي.

ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفّين: أمَّا قَوْلُكُمْ: أَكُلَّ ذلك‏كَرَاهِيَةَ الْمَوْتِ؟ فَوَاللَّه مَا أُبَالِي دَخَلْتُ إِلَى المَوْتِ أَوْ خَرَجَ المَوْتُ إِلَيَّ. وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: شَكّاً في أَهْلِ الشامِ! فَوَاللَّه مَا دَفَعْتُ الْحَرْبَ يَوْماً إِلاَّ وَ أَنَا أَطْمَعُ أَنْ تَلْحَقَ بِي طَائِفَةٌ فَتَهْتَدِيَ بِي، وَتَعْشُوَ إِلى ضَوْئِي، فهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْتُلَهَا عَلَى ضَلالِهَا، وَإِنْ كَانَتْ تَبُوءُ بآثَامِهَا. نهج البلاغة (ص‏91) من الخطبة 55.

(273) أَنَا الذي أصحابُ يومَ القيامة من أَوْلِيائي.

المبرّأون من أعدائي وعند الموت لايَخافُون ولايحزنُون وفي قبورهم لا يعذّبون وهم الشهداء و الصدّيقون وعند ربّهم يفرحون.

الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(274) أَنَا الذي عندي ديوان الشيعة بأسمائهم. الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(275) أَنَا الذي شيعتي متوثّقون أَنْ لا يُوادُّوا مَنْ حادَّ اللَّهَ و رسولَهُ ولو كانوا آباءَهم أو أَبْناءَهُم، أَنَا الذي شيعتي يدخُلُون الجنّةَ بغير حسابٍ.

الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(276) أَنَا عَلِيّ بن أبي طالب الذي كنتَ تحبّه.

عن عقبة أنه سمع أبا عبداللَّه عليه السلام يقول: إنّ الرجل إذا وقعتْ نَفْسُهُ في صدرِهِ يرى‏، قلتُ: جعلتُ فداك، وما يَرى‏ ؟ قال: يرى‏ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وآله فيقولُ له رسولُ اللَّه‏صلى الله عليه وآله: أَنَا رسولُ اللَّه ابْشِرْ، ثمّ يرى‏ عَلِيّ بن أبي طالب عليه السلام فيقولُ له: أَنَا عليُّ ابنُ أبي طالبٍ الذي كنتَ تُحِبُّهُ، تُحِبُّ أنْ أنفعكَ اليومَ؟.

قال: قلتُ له: أيكون أحدٌ من الناس يرى‏ هذا ثم يرجع إلى الدُنيا؟ قال: إذا رأى‏ هذا أبدا مات وأعظم ذلك قال: وذلك في القرآن قول اللَّه عَزَّ وجَلَّ: « الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَ كَانُواْ يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى‏ فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَ فِى الْأَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَتِ اللَّهِ...» [سُورَةُ يُوْنُسَ:10/63و64]. نور الثقلين (2/311).

(277) أَنَا عونُ المُؤْمِنِين وشفِيعٌ لهم عندَ رَبِّ العالمين.

الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(278) أَنَا فرطُ شِيعتي - واللَّهِ - لا عَطَشَ مُحِبّي ولا خافَ وَلِيِّي.

نور الثقلين(5/599).

(279) أَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وَمَعِي عِتْرَتِي على الحَوْضِ، فَلْيَأْخُذْ أَحَدُكُمْ بِقَوْلِنَا، وَلْيَعْمَلْ بِعَمَلِنا.(عُيُون المواعظ والحِكَم) فإنّ لِكَلِّ أهلٍ نَجِيباً ولَنَا نَجِيْبٌ ولَنَا شَفاعَةٌ، ولأَهْلِ مَوَدَّتِنا شَفاعةٌ، فَتَنَافَسُوا في لِقائِنا على الحَوْضِ، فإِنّا نَذُوْدُ عنه.

نور الثقلين (5/681)ح‏7. وفي الخصال للصدوق في ما علّم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه من حديث الأربعمائة.

(280) أَنَا (أَرِدُ) وَشِيْعَتي الحَوْضَ رُواءً مَرْوِيِّين مُبيضّةً وجوهُهم.

قال الراوي: كنتُ جالساً مع عليّ بن أبي طالب عليه السلام على‏ باب القصر حتى‏ ألجأَتْهُ الشمسُ إلى‏ حائط القصر، فَوَثَبَ ليدخلَ، فقامَ رَجُلٌ من هَمْدان فَتَعَلَّقَ بِثوبِهِ فقال: يا أميرَ المؤمنين، حَدِّثْني حديثاً جامِعاً ينفعُني اللَّهُ بِهِ. قال: أو لم نكنْ في حديث كثيرٍ. قال: بلى‏، ولكن حدّثني حديثاً جامِعاً. قال عليه السلام: حَدَّثَني خليلي رسولُ‏اللَّه‏صلى الله عليه وآله: «أنّي أَرِدُ أَنَا وشيعتي الحوض رُواءً مرويّينَ مبيضّةً وجوهُهم ويردُ عدوُّنا ظِماءً مُظْمَئين مُسودّةً وجوهُهم » خُذها إِلَيْك قَصِيْرَةً مِنْ طَوِيْلَةٍ، أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَك مَا اكْتَسَبْتَ.

أمالي الشيخ المفيد؛ (ص 338) ح‏4 من المجلس (40) و أمالي الطوسي (ص 115) ح‏32 والطبري في بشارة المصطفى‏ (ص 50) ح‏21و130.

(281) أَنَا وَلِيُّ المُؤْمِنين، واللَّهُ وَلِيِّي.

قال عليه السلام ذلك وأضاف: حسبُ مُحِبّيَّ أَنْ يُحبّوا ما أَحَبَّ اللَّهُ، وحسبُ مُبْغِضِيَّ أَنْ يُبْغِضُوا ما أَحَبَّ اللَّهُ، ألا وإنّه بَلَغَني أنَّ معاويةَ سَبَّنِي وَلَعَنَنِي، اللهمّ أَشْدِدْ وَطْأَتَكَ عليه وأَنْزِلْ اللعنةَ على المُستحقّ، آمين ربّ العالمين، ياربّ إِسمعيل و باعث إبراهيم، إنّك حميدٌ مجيدٌ. ثمّ نَزَلَ عن أعوادها فما عادَ إليها حتّى قَتَلَهُ ابنُ ملجِم لعنهُ اللَّه.

نور الثقلين (2/210).

(282) أَنَا وَمَن اتَّبَعَنِي.

وقال عليه السلام: اخْتَلَفَتِ النصارى‏ عَلى‏ كَذا وَكَذا، وَاخْتَلَفَتِ اليَهُوْدُ عَلى‏ كَذا وَكَذا وَلا أَراكُمْ أَيتُهَا الأُمَّةُ إِلّا سَتَخْتَلِفُوْنَ كَما اخْتَلَفُوا وَتَزْيدُوْنَ عَلَيْهِمْ فِرْقَةً أَلا وَإِنَّ الفِرَق كُلَّها ضالَّةٌ إِلّا أَنَا وَمَن اتَّبَعَنِي. الغارات(2/585)ح‏236. وبحار الأنوار(34/360).

(283) أَنَا عليه.

قيل لِعَلِيّ عليه السلام لمّا كُتِبَت الصحيفةُ: إنّ الأَشْتَرَ لَمْ يَرْضَ بِما في الصحيفة، ولا يرى‏ إلاّ قتالَ القوم. فقال عليه السلام: بلى‏، إنّ الأَشْتَرَ لَيَرْضَى‏ إِذا رَضِيْتُ، وقد رَضِيْتُ وَرَضِيْتُم، ولا يصلحُ الرجوعُ بعد الرِضا، ولا التبديلُ بعد الإِقْرار، إلاّ أَنْ يُعصى اللَّه أو يتعدى‏ ما في كتابه، وأمّا الذي ذكرتم من تركه أمري وما أَنَا عليه، فليس من أولئك ولا أعرفه على ذلك، وليتَ فيكم مثله اثنين، بل ليتَ فيكم مثله واحداً، يرى في عدوّي مثل رَأْيِهِ، إذنْ لَخَفَّتْ مؤونتُكُم عَلَيَّ، ورَجَوْتُ أنْ يستقيمَ لي بعضُ أوَدِكُم.

ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (2/240).

ومن كلام له في ذكر السائرين إلى البصرة لحربه عليه السلام: فَقَدِمُوا عَلَى عُمَّالِي، وَخُزَّانِ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ الذي في يَدَيَّ، وَعَلى أَهْلِ مِصْر كُلُّهُمْ في طَاعَتِي وَعَلَى بَيْعَتِي، فَشَتَّتُوا كَلِمَتَهُمْ، وَأَفْسَدُوا عَلَيَّ جَمَاعَتَهُمْ، وَوَثَبُوا عَلى شِيعَتِي، فَقَتَلُوا طَائِفَةً مِنْهُمْ غَدْراً، وَطَائِفَةٌ عَضُّوا عَلى أَسْيَافِهِمْ، فَضَارَبُوا بِهَا حَتَّى لَقُوا اللَّه صَادِقِينَ.

ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (6/170).

خُصُوْمُهُ عليه السلام

(284) أَنَا صَاحِبُهُمُ اليَوْمَ.

من خطبة له عليه السلام: إنَّ اللَّه سُبحانَه بَعَثَ مُحَمَّداً، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ العَرَبِ يَقْرَأُ كِتَاباً، وَلاَ يَدَّعِي نُبُوَّةً، فَسَاقَ الناسَ حَتَّى بَوَّأَهُمْ مَحَلَّتَهُمْ، وَبَلَّغَهُمْ مَنْجَاتَهُمْ، فَاسْتَقَامَتْ قَنَاتُهُمْ، وَاطْمَأَنَّتْ صِفَاتُهُمْ. أَمَا - واللَّه - إنْ كُنْتُ لَفِي سَاقَتِهَا حَتَّى تَوَلَّتْ بِحَذَافِيرِهَا، مَا عَجَزْتُ، وَلاَ جَبُنْتُ، وَإِنَّ مَسِيرِي هذَا لِمثْلِهَا، فَلاََنْقُبَنَّ الْبَاطِلَ حَتَّى يَخْرُجَ الْحَقُّ مِنْ جَنْبِهِ. مَالي وَلِقُرَيْش! - واللَّه - لَقَدْ قَاتَلْتُهُمْ كَافِرِينَ، وَلاَُقَاتِلَنَّهُمْ مَفْتُونِينَ، وَإِنِّي لَصَاحِبُهُمْ بِالاَْمْسِ، كَمَا أَنَا صَاحِبُهُمُ اليَوْمَ!.

نهج البلاغة (ص‏77) الخطبة34 وشرح نهج البلاغة (2/185).

(285) أَنَا مَاتِحُهُ.

ومن خطبة له عليه السلام: أَلاَ وإنَّ الشيْطَانَ قَدْ جَمَعَ حِزْبَهُ وَاسْتَجْلَبَ خَيْلَهُ وَرَجِلَهُ، وإِنَّ مَعِي لَبَصِيرَتي. مَا لَبَّسْتُ عَلَى نَفْسِي، وَلاَ لُبِّسَ عَلَيَّ.

وَايْمُ اللَّه لاَُفْرِطَنَّ لَهُمْ حَوْضاً أَنَا مَاتِحُهُ! لاَ يَصْدِرُونَ عَنْهُ، وَلاَ يَعُودُونَ إِلَيْهِ.

نهج البلاغة (ص‏54) الخطبة 10.

(286) أَنَا قاتِلُ الناكِثِيْنَ والقاسِطِيْنَ والمارِقِيْنَ. الفضائل للقُمّي(84).

(287) أنَا ذَا قَدْ قَرَّبْتُ جِيَادِي، وَرَحَلْتُ رِكَابِي.

من كتاب له‏عليه السلام فيه: من عبداللَّه عَلِيّ أمير المؤمنين إلى من قُرِئَ عليه كتابي هذا من ساكني البصرة من المؤمنين والمسلمين، سلامٌ عليكم، أمّا بعد، فإنّ اللَّه حليم ذو أناةٍ، لا يعجل بالعقوبة قبل البيّنة، ولا يأخذ المذنب عند أَوَّل وهلةٍ، ولكنّه يقبل التوبة، ويستديم الأَناة، ويرضى‏ بالإِنابة، ليكون أعظم للحجّة، وأبلغ في المعذرة، وقد كان من شقاق جُلّكم - أيّها الناس - ما استحققتم أن تُعاقَبوا عليه، فعفوتُ عن مجرمكم، ورفعتُ السيف عن مدبركم، وقبلتُ من مقبلكم، وأخذتُ بيعتكم، فإن تفوا ببيعتي وتقبلوا نصيحتي، وتستقيموا على طاعتي؛ أعمل فيكم بالكتاب والسُنّة وقصد الحقّ، وأقِمْ فيكم سبيلَ الهُدى‏، فواللَّه ما أعلم أنّ والياً بعد محمّدٍ صلى الله عليه وآله أعلم بذلك منّي، ولا أعمل بقولي. أقول قولي هذا صادقاً، غير ذامٍّ لمن مضى‏، ولا منتقصاً لأعمالهم، وإن خبطت بكم الأهواءُ المُرديةُ، وسفهُ الرأي الجائر إلى منابذتي، تريدون خلافي! فها أنَا ذَا قَدْ قَرَّبْتُ جِيَادِي، وَرَحَلْتُ رِكَابِي، وايم اللَّه، لئن ألجأتموني إلى المسير إليكم لأوقعنَّ بكم وقعةً، لا يكون يوم الجَمَل عندها إلا كلعقة لاعقٍ، وإني لظانٌّ ألا تجعلوا - إن شاء اللَّه - على أنفسكم سبيلاً.

ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (4/49).

وروى الرضيّ الفقرة الأخيرة هكذا: وَقَدْ كَانَ مِنِ انْتِشَارِ حَبْلِكُمْ وَشِقَاقِكُمْ مَا لَوْ تَغْبَوْا عَنْهُ، فَعَفَوْتُ عَنْ مُجْرِمِكُمْ، وَرَفَعْتُ السيْفَ عَنْ مُدْبِرِكُمْ، وَقَبِلْتُ مِنْ مُقْبِلِكُمْ. فَإِنْ خَطَتْ بِكُمُ الاُْمُورُ الْمُرْدِيَةُ، وَسَفَهُ الاْرَاءِ الْجَائِرَةِ إِلَى مُنَابَذَتِي وَخِلاَفي، فَهَا أَنَا ذَا قَدْ قَرَّبْتُ جِيَادِي، وَرَحَلْتُ رِكَابِي. وَلَئِنْ أَلْجَأْتُمُونِي إِلَى الْمَسِيرِ إِلَيْكُمْ، لاَُوقِعَنَّ بِكُمْ وَقْعَةً لاَ يَكُونُ يَوْمُ الْجَمَلِ إِلَيْهَا إِلاَّ كَلَعْقَةِ لاَعِق، مَعَ أنّي عَارِفٌ لِذِي الطاعَةِ مِنْكُمْ فَضْلَهُ، وَلِذِي النصِيحَةِ حَقَّهُ، غَيْرُ مُتَجَاوِز مُتَّهَماً إِلَى بَرِي‏ءٍ، وَلاَ ناكِثاً إِلَى وَفيٍّ. نهج البلاغة (ص 626- 678 الكتاب 29.

الناكِثُونَ أصحاب الجَمَل‏

(288) أَنَا راضٍ بحجّة اللَّه عليهم وعمله فيهم.

قال عليه السلام: فما بالُ طلحة والزبير، وليسا من هذا الأمر بسبيل ! لم يصبرا عليَّ حولاً ولا شهراً حتى وثبا ومرقا، ونازعاني أمراً لم يجعل اللَّه لهما إليه سبيلاً، بعد أن بايعا طائعَيْنِ غير مكرَهَينِ، يرتضعانِ أُمّاً قد فُطِمَتْ، ويُحييان بدعةً قد أمِيْتَتْ. أَ دَمَ عثمان زَعَما؟ واللَّهِ، ما التَبِعَةُ إلاّ عندَهم وفيهم، وإنّ أعظم حجّتهم لعلى‏ أنفسهم، وأَنَا راضٍ بِحُجّة اللَّه عليهم وعمله فيهم، فإنْ فاءا وأنابا فحظّهما أَحْرَزَا، وأنفسهما غنما، وأَعْظِمْ بها غنيمةً! وإن أبيا أعطيتهما حدّ السيف، وكفى به ناصراً لحقٍّ، وشافياً لباطلٍ!. ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة(1/308)

ومن خطبة له عليه السلام: ألا وإنّ الشيطان قد ذَمَرَ حزبه، واستجلب جلبه، ليعود الجورُ إلى أوطانه ويرجع الباطلُ إلى نصابه - واللَّه - ما أنكروا عليَّ مُنْكراً، ولا جعلوا بيني وبينهم نَصَفاً، واِنَّهم ليطلبونَ حَقّاً هُمْ تَرَكُوهُ ودَمَاً هُم سَفَكُوهُ، فلئنْ كُنْتُ شَرِيكَهُم فيه فإنّ لهم لنصيبهم منه، ولئنْ كانوا وَلَوهُ دُوني، فما التَبِعَةُ إلاّ عندَهم. وإنّ أعظمَ حُجّتهم لعلى‏ أنفسهم، يرتضعون أُمّاً قد فُطِمَتْ، ويُحيُون بِدْعةً قد أُمِيْتَتْ. يا خيبةَ الداعي! مَنْ دَعا؟! وإِلامَ أُجِيبَ؟! وإنّي لَرَاضٍ بحجّة اللَّه عليهم، وعمله فيهم، فإن أَبُوا أعطيتُهم حدَّ السيف، وكفى‏ به شافياً من الباطل، وناصراً لِلحقّ.

ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة(1/303).

وذكر أَبُو مخنف في كتاب الجمل: أن علياًعليه السلام خطب لما سار الزبير وطلحة من مكّة، ومعهما عائشة، يريدون البصرة، فقال: أيّها الناس، إن عائشة سارت إلى البصرة، ومعها طلحة والزبير، وكلّ منهما يرى الأمر له دون صاحبه، أمّا طلحة فابن عمّها، وأمّا الزبير فختنها، واللَّه، لو ظفروا بما أرادوا - ولن ينالوا ذلك أبداً- ليضربنّ أحدُهما عنقَ صاحبه بعد تنازع منهما شديدٍ. واللَّه، إنّ راكبة الجمل الأحمر ما تقطع عقبةً ولا تحلّ عقدةً إلاّ في معصية اللَّه وسخطه، حتى تورد نفسها ومَن معها موارد الهلكة، أي - واللَّه - ليقتلنّ ثلثهم، وليهربنّ ثلثهم وليتوبنّ ثلثهم، وإنّها التي تنبحها كلابُ الحوأب، وإنّهما ليعلمان أنّهما مخطئان. وربّ عالمٍ قتله جهلُه، ومعه علمُه لا ينفعُه، وحسبُنا اللَّه ونعم الوكيلُ ، فقد قامت الفتنةُ فيها الفئةُ الباغيةُ، أينَ المحتسبون؟ أينَ المؤمنون؟ ما لي ولقريشٍ! أما - واللَّه - لقد قتلتُهم كافرين، ولاقتلنّهم مفتونين! وما لنا إلى عائشة من ذنبٍ إلاّ أَنّا أدخلناها في حيّزنا، واللَّه، لأبْقِرَنَّ الباطل، حتى يظهر الحقّ من خاصرته، فَقُلْ لِقُرَيْشٍ فَلْتَضِجَّ ضَجِيْجَها!.

ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (1/233).

(289)أَنَا وَ أَنْتُما.

بعث عليه السلام بعمّار بن ياسر، وعبد الرحمن بن حنبل القرشي ، إلى طلحة والزبير، وهما في ناحية المسجد فأتياهما فدعواهما، فقاما حتى جلسا إليه عليه السلام فقال لهما: نشدتُكما اللَّه، هل جئتماني طائعَينِ للبيعة، ودعوتماني إليها، وأَنَا كاِرهٌ لَها!؟

قالا: نعم، فقال: غيرَ مُجْبرَينِ ولا مَقْسُورَينِ، فأسلمتما لي بيعتكما وأعطيتماني عهدكما! قالا: نعم، قال: فما دَعاكما بعدُ إلى ما أرى‏ ؟ قالا: أعطيناك بيعتنا على ألاّ تقضي الأمور ولاتقطعها دوننا، وأن تستشيرنا في كلّ أمرٍ ولا تستبدّ بذلك علينا، ولنا من الفضل على غيرنا ما قد علمتَ، فأنتَ تقسم القسم وتقطع الأمر، وتمضي الحكم بغير مشاورتنا ولا علمنا.

قال : لَقَدْ نَقَمْتُما يَسِيراً، وَأَرْجَأْتُمَا كَثِيراً، أَلاَ تُخْبِرَانِي، أَيُّ شَيْ‏ء لَكُمَا فِيهِ حَقٌّ دَفَعْتُكُمَا عَنْهُ؟ وأَيُّ قَسْم اسْتَأْثَرْتُ عَلَيْكُمَا بِهِ؟ أَمْ أَيُّ حَقّ رَفَعَهُ إِلَيَّ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ضَعُفْتُ عَنْهُ، أَمْ جَهِلْتُهُ، أَمْ أَخْطَأْتُ بَابَهُ ؟! - واللَّه - مَا كَانَتْ لِي في الْخِلاَفَةِ رَغْبَةٌ، وَلاَ في الْوِلاَيَةِ إِرْبَةٌ، وَلكِنَّكُمْ دَعَوْتُمُونِي إِلَيْهَا، وَحَمَلْتُمُونِي عَلَيْهَا، فَلَمَّا أَفْضَتْ إِلَيَّ نَظَرْتُ إِلَى كِتَابِ اللَّه وَمَا وَضَعَ لَنَا، وَأَمَرَنَا بِالْحُكْمِ بِهِ فَاتَّبَعْتُهُ، وَمَا اسْتَسَنَّ النَبِيّ فَاقْتَدَيْتُهُ، فَلَمْ أَحْتَجْ في ذلك إِلَى رَأْيِكُمَا، وَلاَ رَأْيِ غَيْرِكُمَا، وَلاَ وَقَعَ حُكْمٌ جَهِلْتُهُ، فَأَسْتَشِيرَكُمَا وَإِخْوَانِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ؛ وَلَوْ كَانَ ذلك لَمْ أَرْغَبْ عَنْكُمَا، وَلاَ عَنْ غَيْرِكُمَا. وَأَمَّا مَا ذَكَرْتُمَا مِنْ أَمْرِ الاُْسْوَةِ، فَإِنَّ ذلك أَمْرٌ لَمْ أَحْكُمْ أَنَا فِيهِ بِرَأْيِي.

وَلاَ وَلِيتُهُ هَوىً مِنِّي، بَلْ وَجَدْتُ أَنَا وَ أَنْتُما مَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وآله قَدْ فُرِغَ مِنْهُ، فَلَمْ أَحْتَجْ إِلَيْكُمَا فِيَما قَدْ فَرَغَ اللَّه مِنْ قَسْمِهِ، وَأَمْضَى فِيهِ حُكْمَهُ، فَلَيْسَ لَكُمَا، - واللَّه - ، عِنْدِي وَلاَ لِغَيْرِكُمَا في هذَا عُتْبَى. أَخَذَ اللَّه بِقُلُوبِنَا وَقُلُوبِكُمْ إِلَى الْحَقِّ، وَأَلْهَمَنَا وَإِيَّاكُمْ الصبْرَ. ثم قال‏عليه السلام: رَحِمَ اللَّه رَجُلاً رَأَى حَقّاً فَأَعَانَ عَلَيْهِ، أَوْ رَأَى جَوْراً فَرَدَّهُ، وَكَانَ عَوْناً بِالْحَقِّ عَلَى صَاحِبِهِ.

نهج البلاغة (ص‏321-322) 205 و شرح نهج البلاغة (7/39).

(290) أَنَا ولا ولداي هذان.

إن طلحة والزبير قالا له عليه السلام وقت البيعة: نبايعك على أَنَا شركاؤك في هذا الأمر، فقال عليه السلام لهما: لا، ولكنكما شريكاي في الفي، لا أستأثر عليكما ولا على عبدٍ حبشيٍّ مجدعٍ ، بدرهمٍ فما دونه، لا أَنَا ولا ولداي هذان، فإن أبيتما إلاّ لفظ الشركة، فأنتما عونان لي عند العجز والفاقة، لا عند القوّة والاستقامة.

ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (ج‏7/42).

(291) أَنَا أَعْرِفُ الغَدْرَ في أَوْجِهِهِما والنَكْثَ في أَعْيُنِهِما.

وقال‏عليه السلام: بايعني طلحة والزبير، وأَنَا أَعْرِفُ الغَدْرَ في أَوْجِهِهِما، والنكث في أعينهما، ثم استأذناني في العُمْرَةِ، فأعْلمتُهما أنْ ليس العُمرة يُريدانِ، فسارا إلى مكّة واستخفّا عائشةَ وخدعاها، وشخص معهما أبناء الطلقاء فقدموا البصرة، فقتلوا بها المسلمين، وفعلوا المنكر. ويا عجباً لاستقامتهما لأبي بكرٍ وعمر! وبغيهما عليَّ! هما يعلمان أني لستُ دون أحدهما، ولو شئتُ أن أقولَ لَقُلْتُ.

ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة )1/310).وانظر دعائم الإسلام (1/384) وبحار الأنوار(41/116).

(292) أَنَا مَاتِحُهُ.

ومن كلام له عليه السلام في طلحة والزبير: واللَّه، مَا أَنْكَرُوا عَلَيَّ مُنْكَراً، وَلاَ جَعَلُوا بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ نَصَفاً، وَإِنَّهُمْ لَيَطْلُبُونَ حَقّاً هُمْ تَرَكُوهُ، وَدَماً هُمْ سَفَكُوهُ، فَإِنْ كُنْتُ شَرِيكَهُمْ فِيهِ فَإِنَّ لَهُمْ نَصِيبَهُمْ مِنْهُ، وَإِنْ كَانُوا وَلُوهُ دُونِي فَمَا الطلِبَةُ إِلاَّ قِبَلَهُمْ، وَإِنَّ أَوَّلَ عَدْلِهِمْ لَلْحُكْمُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَإِنَّ مَعِي لَبَصِيرَتِي، مَا لَبَّسْتُ وَلاَ لُبِّسَ عَلَيَّ، وَإِنَّهَا لَلْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ، فِيهَا الحَمأُ وَالْحُمَةُ وَالشُبْهَةُ المُغْدِفَةُ، وَإِنَّ الاَْمْرَ لَوَاضِحٌ، وَقَدْ زَاحَ البَاطِلُ عَنْ نِصَابِهِ، وَانْقَطَعَ لِسَانُهُ عَنْ شَغَبِهِ. وَايْمُ اللَّه لاَُفْرِطَنَّ لَهُمْ حَوْضاً أَنَا مَاتِحُهُ، لاَ يَصْدُرُونَ عَنْهُ بِرِىٍّ، وَلاَ يَعُبُّونَ بَعْدَهُ في حَسْي!. فَأَقْبَلْتُمْ إِلَيَّ إِقْبَالَ العُوذِ المَطَافِيلِ عَلَى أَوْلاَدِهَا، تَقُولُونَ: الْبَيْعَةَ الْبَيْعَةَ!

قَبَضْتُ كَفِّي فَبَسَطْتُمُوهَا، وَنَازَعَتْكُمْ يَدِي فَجَاذَبْتُمُوهَا.

اللَّهُمَّ إنَّهُمَا قَطَعَاني وَظَلَمَاني، وَنَكَثَا بَيْعَتِي، وَأَلَّبَا الناسَ عَلَيَّ؛ فَاحْلُلْ مَا عَقَدَا، وَلاَ تُحْكِمْ لَهُمَا مَا أَبْرَمَا، وَأَرِهِمَا المَسَاءَةَ فِيَما أَمَّلاَ وَعَمِلاَ، وَلَقَدِ اسْتَتَبْتُهُمَا قَبْلَ القِتَالِ، وَاسْتَأْنَيْتُ بِهمَا أَمَامَ الْوِقَاعِ، فَغَمَطَا النِّعْمَةَ، وَرَدَّا العَافِيَةَ.

نهج البلاغة (ص 194-195) الخطبة 137.

(293) أَنَا (إنْ) خَرَجْتُ من عندِكُم بِأِكْثَرَ مِمّا تَرَوْنَ فَأَنَا عند اللَّه من الخائِنِينَ.

لمّا أراد أمير المؤمنين عليه السلام التوجّه إلى الكوفة قام في أهل البصرة فقال: ما تنقمون عليَّ ؟ يا أهل البصرة؟ وأشار إلى قميصه وردائه، فقال: واللَّه، إنهما لمن غزل أهلي. ما تنقمون منّي يا أهل البصرة؟ وأشار إلى صرّة في يده فيها نفقته، فقال: واللَّه، ما هي إلاّ من غلّتي بالمدينة. فإنْ أَنَا خرجتُ من عندكم بأكثر ممّا ترون فأَنَا عند اللَّه من الخائنين.

ثمّ خرج وشيعه الناس إلى خارج البصرة وتبعه الأحنف بن قيس إلى الكوفة. المفيد- الجمل ص:224: وروى أبومخنف لوط بن يحيى عن رجاله.

(294) أَنَا قاتِلُ أَهْلِ الجَمَل وصِفِّين بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله.

الفضائل لابن شاذان القُمّي(84).

(295) أَنَا صَاحِبُ الجَمَلِ وَصِفِّين. عُيُون المواعِظِ والحِكَم.

(296) أَنَا عليهم عاتِبٌ زارٍ.

قدم الإمام عليه السلام الكوفة بعد وقعة الجَمَل، لاثنتي عشرة ليلة خلتْ من شهر رجب سنة ستّ وثلاثين. فدخل الكوفة ومعه أشرافُ الناس من أهل البصرة وغيرهم، فاستقبله أهلُ الكوفة، وفيهم قرّاؤُهم وأشرافُهم، فدعَوا له بالبركة، وقالوا: يا أميرالمؤمنين، أين تنزلُ؟ أتنزلُ القصر؟ قال: لا، ولكني أنزلُ الرحبة، فنزلها، وأقبل حتى دخل المسجد الأعظم، فصلّى‏ فيه ركعتين، ثم صعد المنبر، فحمد اللَّه، وأثنى‏ عليه وصَلّى‏ على رسوله، ثم قال: أمّا بعد، يا أهلَ الكوفة، فإنّ لكم في الإسلام فضلاً ما لم تُبدّلوا وتُغيّروا، دعوتُكم إلى الحقّ فأجبتُم، وبدأتُم بالمنكر فغيّرتم، ألا إنّ فضلكم في ما بينكم وبين اللَّه، فأمّا في الأحكام والقسم فأنتم أسوةُ غيركم ممن أجابكم، ودخلَ في مادخلتم فيه. ألا إنّ أخوفَ ما أخافُ عليكم اتّباعُ الهوى‏، وطولُ الأمل، أمّا اتّباعُ الهوى‏ فيصدُّ عن الحقّ، وأمّا طولُ الأمل فينسي الآخرة، ألا إنّ الدنيا قد ترحّلتْ مدبرةً، وإن الآخرة قد ترحّلتْ مقبلةً، ولكلّ واحدةٍ منهما بنُون، فكونوا من أبناء الآخرة.

اليوم عملٌ ولا حسابَ، وغداً حسابٌ ولا عملَ، الحمد للَّه الذي نَصَرَ وليّه، وخَذَلَ عدوَّه، وأعزَّ الصادق المحقَّ، وأذلَّ الناكثَ المبطلَ ، عليكم بتقوى اللَّه وطاعة من أطاع اللَّه من أهل بيت نبيّكم، الذين هم أولى بطاعتكم في ما أطاعوا اللَّه فيه من المستحلّين المدّعين المقابلين إلينا، يتفضّلون بفضلنا، ويجاحدوننا أمرنا، وينازعوننا حقّنا، ويباعدوننا عنه، فقد ذاقوا وبالَ ما اجترحوا فسوف يلقَون غيّاً. ألا إنه قد قَعَدَ عن نصرتي رجالٌ منكم، و أَنَا عليهم عاتبٌ زارٍ، فاهجروهم وأسمعوهم ما يكرهون، حتى يعتبوا ليعرف بذلك حزب اللَّه عند الفرقة.

ابن أبي الحديد في شرح نهج‏البلاغة(3/102-103).

البُغاة أصحاب صِفِّين‏

(297) أَنَا مُرْقِلٌ نَحْوَك في جَحْفَل مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالاَْنْصَارِ، وَالتابِعِينَ بِإِحْسَان.

كَتَبَ عليه السلام إلى معاوية: وَقُلْتَ: أنّي كُنْتُ أُقَادُ كَمَا يُقَادُ الجَمَلُ المَخْشُوشُ حَتَّى أُبَايِعَ!

وَلَعَمْرُ اللَّهِ لَقَدْ أَرَدْتَ أَنْ تَذُمَّ فَمَدَحْتَ، وَأَنْ تَفْضَحَ فَافْتَضَحْتَ! وَمَا عَلَى الْمُسْلِمِ مِنْ غَضَاضَة في‏أَنْ يَكُونَ مَظْلُوماً مَا لَمْ يَكُنْ شَاكّاً في دِينِهِ، وَلاَمُرْتَاباً بِيَقِينِهِ! وَهذِهِ حُجَّتِي إِلَى غَيْرِك قَصْدُهَا، وَلكِنِّي أَطْلَقْتُ لك مِنْهَا بِقَدْرِ مَا سَنَحَ مِنْ ذِكْرِهَا.

ثُمَّ ذَكَرْتَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِي وَأَمْرِ عُثْمانَ، فَلَك أ َنْ تُجَابَ عَنْ هذِهِ لِرَحِمِك منْهُ، فَأَيُّنَا كَانَ أَعْدَى لَهُ أَهْدَى إِلَى مَقَاتِلِهِ! أَمْ مَنْ بَذَلَ لَهُ نُصْرَتَهُ فَاسْتَقْعَدَهُ وَاسْتَكَفَّهُ، أَمْ مَنِ اسْتَنْصَرَهُ فَتَرَاخى عَنْهُ بَثَّ المَنُونَ إِلَيْهِ حَتَّى أَتَى قَدَرُهُ عَلَيْهِ، كَلاَّ - واللَّه - { لَقَد عَلِمَ اللَّه الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لاِِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلاَ يَأَتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَليلاً}.

وَمَا كُنْتُ لِأَعْتَذِرَ مِنْ أنّي كُنْتُ أَنْقِمُ عَلَيْهِ أَحْدَاثاً فَإِنْ كَانَ الذنْبُ إِلَيْهِ إِرْشَادِي وَهِدَايَتِي لَهُ، فَرُبَّ مَلُوم لاَ ذَنْبَ لَهُ. وَقَدْ يَسْتَفِيدُ الظنَّةَ الْمُتَنَصِّحُ ، وَمَا أَرَدْتُ إِلاَّ الْإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي‏إِلاَّ بِاللَّه عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ.

وَذَكَرْتَ أَنَّهُ لَيْسَ لِي وَلاَ لِأَصْحَابِي عِنْدَك إِلاَّ السيْفُ، فَلَقَدْ أَضْحَكْتَ بَعْدَ اسْتِعْبَار ، مَتَى‏ أُلْفِيَتْ بَنُو عَبْدِ المُطَّلِبِ عَنِ الْاَعْدَاءِ نَاكِلِينَ؟ وبِالسُّيُوفِ مُخَوَّفِينَ ؟! فَلَبِّثْ قَلِيلاً يَلْحَق الهَيْجَا حَمَلْ، فَسَيَطْلُبُك مَنْ تَطْلُبُ، وَيَقْرُبُ مِنْك مَا تَسْتَبْعِدُ، وَأَنَا مُرْقِلٌ نَحْوَك في جَحْفَلٍ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، وَالتابِعِينَ بِإِحْسَان، شَدِيد زِحَامُهُمْ، سَاطِع قَتَامُهُمْ مُتَسَرْبِلِينَ سَرَابِيلَ المَوْتِ، أَحَبُّ اللقَاءِ إِلَيْهِمْ لِقَاءُ رَبِّهِمْ، قَدْ صَحِبَتْهُمْ ذُرِّيَّةٌ بَدْرِيَّةٌ وَسُيُوفٌ هَاشِمِيَّةٌ، قَدْ عَرَفْتَ مَوَاقِعَ نِصَالِهَا في أَخِيكَ وَخَالك وَجَدِّك وَأَهْلِك { وَمَا هِيَ مِنَ الظالِمِينَ بِبَعِيد}. نهج البلاغة (ص 626) الكتاب 29.

(298) أَنَا صاحِبُ لَيْلَةِ الهَرِير. عُيُون المواعِظِ والحِكَم.

(299) أَنَا من أَهْلِ بَدْرٍ، ومعاوية طَلِيْقٌ وابنُ طَلِيْقٍ.

قام عَلِيٌّ عليه السلام فخطب الناس بِصِفِّين، فقال: الحمدُ للَّه على نعمه الفاضلة على جميع من خلق، من البَرّ والفاجر، وعلى حججه البالغة على خلقه من أطاعه فيهم ومن عصاه، إن يرحم فبفضله ومنّهِ، وإنْ عذّب فبما كسبتْ أيديهم، وإنّ اللَّه ليس بظلاّمٍ للعبيد. أحمده على حسن البلاء، وتظاهر النعماء، وأستعينه على ما نابنا من أمر الدنيا والآخرة، وأتوكّل عليه وكفى‏ باللَّه وكيلاً. ثمّ إني أشهدُ أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهدُ أنّ محمّداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى‏ ودين الحقّ، ارتضاه لذلك، وكان أهله، واصطفاه لتبليغ رسالته، وجعله رحمةً منه على خلقه، فكان عَلَمَهُ فيه رؤوفاً رحيماً، أكرم خلق اللَّه حَسَباً، وأجملهم منظراً، وأسخاهم نفساً، وأبرّهم لوالدٍ، وأوصلهم لرحمٍ، وأفضلهم علماً، وأثقلهم حلماً، وأوفاهم لعهدٍ، وآمنهم على عقدٍ، لم يتعلّق عليه مسلمٌ ولا كافرٌ بمظلمةٍ قطُّ، بل كان يُظلم فيغفرُ، ويقدرُ فيصفحُ، حتى مضى‏ صلى الله عليه وآله مطيعاْ للَّه صابراً على ما أصابه، مجاهداً في‏اللَّه حقّ جهاده، حتى أتاه اليقينُ صلى الله عليه وآله فكان ذهابه أعظم المصيبة على أهل الأرض: البرّ والفاجر، ثمّ ترك فيكم كتاب اللَّه يأمركم بطاعة اللَّه، وينهاكم عن معصيته، وقد عهد إليَّ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وآله عهداً فلستُ أحيدُ عنه .

وقد حضرتُم عدوَّكم، وعلمتم أنّ رئيسهم منافقٌ، يدعوهم إلى النار، وابنُ عمّ نبيّكم معكم، وبينَ أظهركم، يدعوكم إلى الجنّة وإلى طاعة ربّكم، والعمل بسُنّة نبيّكم، ولا سواء من صَلّى‏ قبل كلّ ذَكَرٍ، لم يسبقني بصلاةٍ مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أحدٌ، وأنا من أهل بَدْرٍ، ومعاويةُ طليقٌ وابن طليقٍ. واللَّه، إنّا على الحقّ وإنّهم على الباطل، فلا يجتمعُنّ على باطلهم وتتفرّقوا عن حقّكم حتى يغلب باطلُهم حقَّكم: { قاتلوهم يعذّبهم اللَّه بأيديكم‏} فإن لم تفعلوا يعذّبهم بأيدي غيركم. ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة(5/247).

(300) أَنَا غادٍ عَلَيْهِم بِالغَداةِ أُحاكِمُهُم إِلى اللَّهِ.

قال عليه السلام: أيّها الناس، قد بلغ بكم الأمر وبعدوّكم ما قد رأيتم، ولم يبقَ منهم إلاّ آخر نَفَسٍ، وإن الأمور إذا أقبلتْ اعتُبِرَ آخرُها بأوّلِها، وقد صَبَرَ لكم القومُ على غير دِيْنٍ حتى بلغنا منهم ما بلغنا، و أَنَا غادٍ عَلَيْهِم بِالغَداةِ أُحاكِمُهُم إِلى اللَّهِ.

ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (2/210).

المارقُون أصحابُ النَهْرَوَانِ‏

(301) أَنَا وَأَنْتُمْ كَما قالَ أَخُو هَوازِن.

خطب عليه السلام حين كان من أمر الحَكَمين ما كان، فقال: اَلْحَمْدُ لِلَّهِ وَإِنْ أَتَى الدهْرُ بِالخَطْبِ الفادِحِ، وَالْحَدَثِ الْجَلِيْلِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا اللَّه ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ.أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ مَعْصِيَةَ الشيْخِ الْعالِمِ المُشْفِقِ الُمجَرِّبِ تُوْرِثُ الْحَسْرَةَ، وَتُعْقِبُ الندامَة، وَقَدْ كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ في هذِهِ الْحُكُوْمَةِ بِأَمْرِي، وَنَخَلْتُ لَكُمْ رَأْيِي لَوْ كانَ يُطاعُ لِقَصِيْرٍ أَمْرٌ ! وَلكِنَّكُمْ أِبَيْتُم، وَكُنْتُ أَنَا وَأَنْتُمْ كَما قالَ أَخُو هَوازِن:

أمرتُكُم أمري بمنعرج اللوى‏

فلم تستبينوا النُصْحَ إلاّ ضُحَى الغدِ

ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (2/204).

وقال عليه السلام: أَلا إِنَّ هذَيْنِ الرجُلينِ اختَرْتُمُوهُما حَكَمَيْنِ، وَقَدْ نَبَذا حُكْمَ الْقُرآنِ وَراءَ ظُهُورِهِما فَأَماتا ما أَحْيَا القُرآنُ، وَأَحْيَيا ما أَماتَ، وَاتَّبَعَ كُلُّ واحِدٍ مِنْهُما هَواهُ، يَحْكُمُ فيه بِغَيْرِ حُجَّةٍ بَيِّنَةٍ، وَلا سُنَّةٍ ماضِيَةٍ، وَاخْتَلَفا في حُكْمِهِما، فَكِلاهُما لَمْ يُرْشِدْهُ اللَّه، اسْتَعِدُّوا لِلْجِهادِ، وَتَأَهَّبُوا لِلْمَسِيْرِ، وَأَصْبِحُوا في مُعَسْكَرِكُمْ يَوْمَ كَذا.

المعيار والموازنة للإسكافي (ص‏96) أنساب الأشراف (2/365)ح (436).

(302) أَنَا صاحِبُ النَهْرَوان. عُيُون المواعِظِ والحِكَم.

(303) أَنَا أَوَّلُ من دَعا إلى كتاب اللَّه.

جاءه من أصحابه زهاء عشرين ألفاً مقنّعين في الحديد، شاكي السلاح سيوفُهم على عواتقهم، وقد اسودّت جباهُهم من السُجُود، يتقدّمُهم مسعر بن فدكي، وزيد بن حصين وعصابةٌ من القُرّاء الذين صاروا خوارج من بعدُ، فنادوه باسمه لا بإمرة المؤمنين: «يا عَلِيّ، أجِبِ القومَ إلى كتاب اللَّه إذْ دُعِيتَ إليه، وإلا قتلناك كما قتلنا ابن عفّان، فواللَّه لنفعلنّها إن لم تُجِبْهم!».

فقال لهم: وَيْحَكُمْ! أَنَا أَوَّلُ من دعا إلى كتاب اللَّه، وأَوَّلُ من أجاب إليه، وليس يحلّ لي، ولا يسعني في ديني أن أدعى‏ إلى كتاب اللَّه فلا أقبله، إنّي إنّما قاتلتُهُم ليَدينوا بحكم القُرآن، فإنّهم قد عصوا اللَّه في ما أمرهم، ونقضوا عهده، ونبذوا كتابه، ولكنّي قد أعلمتكم أنّهم قد كادوكم، وأنّهم ليس العمل بالقرآن يريدون.

ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (2/216-217).

(304) أَنَا من المُهْتَدِين.

وقال عليه السلام: أَصَابَكُمْ حَاصِبٌ، وَلاَ بَقِيَ مِنْكُمْ آبرٌ، أَبَعْدَ إِيمَاني بِاللَّه وَجِهَادِي مَعَ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وآله أَشْهَدُ عَلَى نَفْسِي بِالْكُفْرِ! لَقَدْ (ضَلَلْتُ إِذاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ)! فَأُوبُوا شَرَّ مآبٍ، وَارْجِعُوا عَلَى أَثَرِ الاَْعْقَابِ، أَمَا إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي ذُلاًّ شَامِلاً، وَسَيْفاً قَاطِعاً، وَأَثَرَةً يَتَّخِذُهَا الظالِمونَ فِيكُمْ سُنَّةً.

نهج البلاغة (ص 92-93) الخطبة 58.كلّم به الخوارج حين تنادوا: أن لا حكم‏إلاّ للَّه.

(305) أَنَا (لو) أَقْدِرُ على قَتْلِهِم بِهِ لَقَتَلْتُهُم.

واستنطق الإمام عليه السلام الخوارجَ بقتل عبد اللَّه بن خبّاب بن الأَرَتّ، فَأَقَرُّوا به، فقال: انفردوا كتائب، لأسمعَ قولَكم كتيبةً كتيبهً، فتكتّبوا كتائبَ، وأَقَرَّتْ كلُّ كتيبةٍ بمثل ما أَقَرَّتْ به الأُخرى‏، من قتل ابن خبّاب، وقالوا: ولنقتلنّك كما قتلناهُ، فقال عَلِيّ عليه السلام: واللَّه، لو أَقَرَّ أَهْلُ الدُنيا كُلُّهم بقتله هكذا، وأَنَا أَقْدِرُ على قَتْلِهِم بِهِ لَقَتَلْتُهُم.

ثمّ التفتَ إلى أصحابه فقال لهم: شُدُّوا عليهم، فأنَا أَوَّلُ مَنْ يَشُدُّ عليهم.

وحَمَلَ بذي الفَقار. ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة(2/282).

(306) أَنَا رجلٌ محارَبٌ.

قال عَلِيّ عليه السلام: إذا حدّثتُكم عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فلئن‏ أَخِرَّ من السماء أَحَبُّ إليّ من أنْ أكْذِبَ على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وإذا حدّثتُكم في ما بيننا عن نفسي، فإنّ الحرب خدعة، وإنّما أَنَا رجلٌ محارَبٌ .

سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول: يخرج في آخر الزمان قومٌ أحداثُ الأسنان، سُفهاءُ الأحلام، قولُهم من خير أقوال أهل البريّة، صلاتُهم أكثرُ من صلاتكم، وقراءتُهم أكثرُ من قراءتكم، لا يجاوزُ إيمانُهم تراقيَهم - أو قال: حناجرَهم - يمرُقُون من الدين كما يمرُقُ السهمُ من الرميّة، فاقتلُوهم، فإن قتلهم أجرٌ لمن قتلهم يوم القيامة. شرح نهج البلاغة (2/267).

(307) أَنَا حجيجُ المارقين، وخصيمُ الناكثين المُرتابين.

من كلام له عليه السلام: أَوَ لم يَنْهَ بني أُمَيّةَ علمُها بي عن قَرْفِي! أَوَ ما وَزَعَ الجهّالُ سابقتي عن تُهْمَتي!؟ ولما وعظهم اللَّه به أبلغ من لساني. أَنَا حجيجُ المارقِين وخَصِيمُ الناكِثِين المُرْتابين، وعلى كتاب اللَّه تعرض الأمثال، وبما في الصدور تجازى العباد. ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة(6/169-170).

(308) أَنَا فَقَأْتُ عَيْنَ الفِتْنَةِ.

وسُمِعَ‏عليه السلام يقول: أَنَا فَقَأْتُ عَيْنَ الفِتْنَةِ. لولا أَنَا ما قُوْتِلَ أَهْلُ النَهْرَوانِ وأَهْلُ الجَمَلِ ولولا أنني أخشى‏ أنْ تتركُوا العمل لأَنْبأتُكُم بالذي قضي على لسان نبيّكم‏صلى الله عليه وآله لمن قاتَلَهم مُسْتَبْصِراً ضَلالَهم عارِفاً لِلهُدى‏ الذي نَحْنُ عليه.

بحار الأنوار(32/304) و(32/316) ح 287و(33/356)ح‏588.

وخطب عليه السلام بالنهروان فحمد اللَّه وأثنى عليه ثم قال: أيّها الناس، أما بعدُ أَنَا فَقَأْتُ عَيْنَ الفِتْنَةِ، لم يكن أحدٌ ليجترئَ عليها غيري.- وفي حديث ابن أبي ليلى‏: لم يكن ليفقأَها أحدٌ غيري - ولو لم أكُ فيكم ما قُوتِلَ أصحابُ الجَمَل وأهلُ النهروان وأيم اللَّه، لولا أن تتّكلوا وتَدَعُوا العملَ لحدّثتُكم بما قضى اللَّه على لسان نبيّكم‏صلى الله عليه وآله لمن قاتلهم مبصراً لضلالتهم عارفاً للهدى‏ الذي نحن عليه. ثم قال: سلُوني قبل أن تفقدوني ، سلوني عما شئتم ، سلوني قبل أن تفقدوني إني ميّتٌ أو مقتولٌ، بل قتلاً، ما ينتظرُ أشقاها أن يخضبَها من فوقها بدمٍ؟ وضربَ بيده إلى لحيتهِ.

والذي نفسي بيده لا تسألوني عن شيٍ في ما بينكم وبين الساعة ولا عن فئةٍ تضلُّ مائة أو تهدي مائة إلاّ نبّأْتكم بناعقها وسائقها. فقام إليه رجلٌ فقال: حدّثنا - يا أمير المؤمنين - عن البلاء. قال: إنّكم في زمانٍ إذا سأل سائل فليعقلْ وإذا سُئِلَ مسؤولٌ فليثبّتْ. ألا وإن من ورائكم أموراً أتتكم جللاً مزوجاً وبلاءً مكلحاً ملحاً، والذي فلقَ الحبّة وبرئَ النسمةَ أن لو قد فقدتموني ونزلت بكم كراهيّة الأمور وحقايق البلاء، لقد أطرق كثيرٌ من السائلين، وفشل كثيرٌ من المسؤولين، وذلك إذا قلصتْ حربكم وشمّرت عن ساقٍ، وكانت الدنيا بلاءً عليكم وعلى أهل بيتي حتى يفتح اللَّه لبقيّة الأبرار.

وفيه: ولو فقدتموني ونزلت بكم كرائه الأمور، وحوازب الخطوب لأطرق كثيرٌ من السائلين فانصروا أقواماً كانوا أصحاب رايات يوم بدرٍ ويوم حنينٍ تُنْصَرُوا وتُؤْجَروا، ولا تسبقوهم فتصرعكم البليّة.

بحار الأنوار(33/ 365-367) ح 599 والغارات للثقفيّ ح‏1.

ومن خطبة له عليه السلام: أمّا بعد أيها الناس فأَنَا فَقَأْتُ عَيْنَ الفِتْنَة، و لم يكن ليجترِئَ عليها أحدٌ غيري، بعد أن ماجَ غيهبُها واشتدّ كلبُها، فاسألوني قبل أن تفقدوني، فوالذي نفسي بيده لا تسألونني عن شيٍ في ما بينكم وبين الساعة ولا عن فئةٍ تهدي مائةً وتضلّ مائةً إلا أنبأتكم بناعقها وقائدها وسائقها، ومناخ ركابها ومحطّ رحالها، ومن يقتل من أهلها قتلاً ويموت منهم موتاً، ولو قد فقدتموني و نزلت كرائهُ الأمور وحوازبُ الخطوب لأطرق كثيرٌ من السائلين وفشل كثيرٌ من المسؤولين، وذلك إذا قلصت حربُكم وشمّرت عن ساقٍ، وضاقت الدنيا عليكم ضيقاً تستطيلون أيّام البلاء عليكم، ثم يفتح اللَّه لبقيّة الأبرار منكم، إن الفتن إذا أقبلت شبّهت، وإذا أدبرت نبّهت، يُنْكَرن مقبلاتٍ، ويُعْرَفنَ مُدْبِراتٍ، يَحُمْنَ حومَ الرياح يُصِبنَ بلداً ويُخْطِئنَ بلداً، ألا إن أخوفَ الفتن عندي عليكم فتنةُ بني أميّة فإنّها فتنةٌ عمياء. مظلمةٌ، عمّتْ خطّتها وخصّت بليّتها، وأصاب البلاءُ من أبصرَ فيها، وأخطأ البلاء من عمي عنها، وايم اللَّه، لتجدنَّ بني أميّة لكم أرباب سوءٍ بعدي، كالناب الضروس تعذمُ بفيها وتخبط بيدها وتزبن برجلها وتمنع درّها، لا يزالون بكم حتى لا يتركوا منكم إلاّ نافعا لهم أو غير ضائرٍ، ولا يزال بلاؤُهم حتى لا يكون انتصارُ أحدكم منهم إلاّ مثل انتصار العبد من ربّه والصاحب من مستصحبه، تردُ عليكم فتنتُهم شوهاء مخشية وقطعاً جاهليّةً، ليس فيها منارُ هدىً ولا علم يرى‏، نحن أهلُ البيت منها بمنجاةٍ ولسنا فيها بدعاةٍ، ثم يفرّجها اللَّه عنهم كتفريج الأديم ، بمن يسومُهم خسفاً ويسوقهم عنفاً ويسقيهم بكأس مصبرة، لا يعطيهم إلّا السيف ولا يحلسهم إلا الخوف، فعند ذلك تودّ قريش بالدنيا وما فيها لو يرونني مقاماً واحداً ولو قدر جزر جزورٍ، لأقبلَ منهم ما أطلبُ اليوم بعضَه فلا يعطونني.

بحار الأنوار (41/348 - 367) ح‏61 عن، وقد رواه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (7/44) بلفظ: «إنّي فقأتُ».

(309) أَنَا (إنْ) وُلّيتُ عليهم ألاّ يكونُ لهم من الأمر نصيبٌ ما بقوا.

قال عليه السلام: يامعشر قريش، إنَا أهل البيت أحقُّ بهذا الأمر منكم ما كان فينا من يقرأُ القرآن، ويعرف السُنّة، ويدينُ بدين الحقّ. فخشي القومُ إن أَنَا وُلِيّتُ عليهم ألاّ يكون لهم من الأمر نصيبٌ ما بقوا، فأجْمَعوا إجماعاً واحداً، فصرفوا الولايةَ إلى عثمان، وأخرجوني منها رجاء أن ينالُوها، ويتداولوها إذْ يئسوا أنْ ينالوا بها من قِبَلي، ثم قالوا: هلمّ فبايعْ وإلاّ جاهدناك، فبايعتُ مستكرَها، وصبرتُ محتسباً، فقال قائلهم: يابن أبي طالب، إنّك على هذا الأمر لحريصٌ، فقلت: أنتم أحرصُ منّي وأبعدُ، أينا أحرص، أَنَا الذي طلبتُ ميراثي وحقّي الذي جعلني‏اللَّه ورسوله أولى‏ به، أم أنتم؟ إذْ تضربُون وجهي دُونه، وتحولُون بيني وبينه! فبُهتوا واللَّه لايهدي القوم الظالمين،

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَعْدِيك عَلَى قُرَيْشٍ، فَإِنَّهُمْ قَدْ قَطَعُوا رَحِمِي، وَأَكْفَأُوا إنَائِي، وَأَجْمَعُوا عَلَى مُنَازَعَتِي حَقّاً كُنْتُ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِي، وَقَالُوا: « أَلاَ إِنَّ في الحَقِّ أَنْ تَأْخُذَهُ، وَفي الحَقِّ أَنْ تُمْنَعَهُ، فَاصْبِرْ مَغْمُوماً، أَوْ مُتْ مُتَأَسِّفاً».

فَنَظَرْتُ فَإِذَا لَيْسَ لِي رَافِدٌ، وَلاَ ذَابٌّ وَلاَ مُسَاعِدٌ، إِلاَّ أَهْلَ بَيْتِي، فَضَنِنْتُ بِهِمْ عَنِ المَنِيَّةِ، فَأَغْضَيْتُ عَلَى القَذى‏، وَجَرِعْتُ رِيقِي عَلَى الشجَا، وَصَبَرْتُ مِنْ كَظْمِ الغَيْظِ عَلى أَمَرَّ مِنَ العَلْقَمِ، وَآلَمَ لِلْقَلْبِ مِنْ خَزِّ الشِّفَارِ.

حتّى إذا نقمتم على عثمان أتيتموه فقتلتموه، ثم جئتموني لتبايعوني فأبيتُ عليكم، وأمسكتُ يديَ فنازعتموني ودافعتموني، وبسطتم يدي فكففتُها، ومددتموها فقبضتها، وازدحمتم عليّ حّتى ظننتُ أن بعضكم قاتل بعضكم، أوأنّكم قاتلي، فقلتم: بايعنا لا نجد غيرَك، ولا نرضى‏ إلاّ بك، بايعنا لانفترق، ولا تختلف كلمتنا.

فبايعتكم ودعوتُ الناس إلى بيعتي، فمَنْ بايَعَ طوعاً قبلتُ، ومَنْ أبى‏ لم أكرهه وتركتُه. فبايعني في من بايعني طلحةُ والزُبيرُ، ولو أَبَيا ما أكرهتُهما، كما لم أكره غيرهما، فما لبثا إلاّ يسيراً حتّى بلغني أنّهما خرجا من مكّة متوجّهين إلى البصرة، في جيش ما منهم رجلٌ إلاّ قد أعطاني الطاعة، وسمح لي بالبيعة، فقدما على عاملي وخزّان بيتٍ مالي وعلى أهل مصري الذين كلّهم على بيعتي وفي طاعتي، فشتتوا كلمتهم، وأفسدوا جماعتهم، ثمّ وثبوا على شيعتي من المسلمين فقتلوا طائفة منهم غدراً، وطائفة صبراً، ومنهم طائفةٌ غضبوا للَّه ولي، فشهروا سيوفهم وضربوا بها حتى لقوا اللَّه عزّ وجلّ صادقين، فواللَّه لو لم يصيبوا منهم إلاّ رجلاً واحداً متعمّدين لقتله لَحَلَّ لي به قتلُ ذلك الجيش بأسره، فدعْ ما أنهم قد قتلوا من المسلمين أكثرَ من العِدّة التي دخلوا بها عليهم، وقد أدال اللَّه منهم ، فبعداً للقوم الظالمين!.

ثمّ إنّي نظرتُ في أمر أهل الشام، فإذا أعرابٌ أحزابٌ وأهل طمعٍ جفاةٌ طغاةٌ، يجتمعون من كلّ أوبٍ، من كان ينبغي أن يؤدّب وأن يولّى عليه، ويؤخذ على يده، ليسوا من الأنصار ولا المهاجرين ولا التابعين بإحسان. فسرتُ إليهم فدعوتهم إلى الطاعة والجماعة، فأبوا إلا شقاقاً وفراقاً، ونهضوا في وجوه المسلمين ينضحونهم بالنبل، ويشجرونهم بالرماح، فهناك نهدت إليهم بالمسلمين فقاتلتهم، فلمّا عضّهم السلاح. ووجدوا ألم الجراح، رفعوا المصاحف يدعونكم إلى مافيها، فأنبأتُكم أنّهم ليسوا بأهل دينٍ ولاقرآنٍ، وأنّهم رفعوها مكيدةً وخديعةً ووهناً وضعفاً، فامضوا على حقّكم وقتالكم، فأبيتم عليّ وقلتم: «اقبل منهم، فإن أجابوا إلى مافي الكتاب جامعونا على ما نحن عليه من الحقّ، وإن أَبَوْا كان أعظم لحجّتنا عليهم».

فقبلتُ منهم، وكففتُ عنهم، إذ ونيتُم وأبيتُم، فكان الصلحُ بينكم وبينهم على رجلين، يُحييان ما أحيا القرآن، ويُميتان ما أمات القرآن، فاختلف رأيُهما، وتفرّق حكمُهما، ونبذا ما في القرآن، وخالفا ما في الكتاب، فجنَّبَهما اللَّه السداد، ودلاّهما في الضلالة، فانحرفت فرقةٌ منّا فتركناهم ما تركونا، حتى إذا عاثُوا في الأرض يقتلون ويُفسدون، أتيناهم فقلنا: ادفعوا إلينا قتلةَ إخواننا، ثم كتاب اللَّه بيننا وبينكم. قالوا: كلّنا قتلهم، وكلّنا استحلَّ دماءهم.

وشدّت علينا خيلُهم ورجالُهم، فصرعهم اللَّه مصارع الظالمين. فلمّا كان ذلك من شأنهم أمرتكم أن تمضوا من فوركم ذلك إلى عدوّكم، فقلتم: كلّتْ سيوفُنا ونفدتْ نبالنا، ونصلت أسنّة رماحنا، وعاد أكثرها قصداً؛ فارجع بنا إلى مصرنا لنستعدّ بأحسن عُدّتنا، فإذا رجعت زدت في مقاتلتنا عدة من هلك منّا وفارقنا، فإن ذلك أقوى لنا على عدوّنا.

فأقبلتُ بكم، حتى إذا أطللتُم على الكوفة أمرتُكم أن تنزلوا بالنُخيلة، وأن تلزموا معسكركم، وأن تضمّوا قواصيكم، وأن توطنوا على الجهاد أنفسكم، ولا تكثروا زيارة أبنائكم ونسائكم، فإنّ أهل الحرب المصابروها، وأهل التشمير فيها الذين لا ينقادون من سَهَر ليلهم ولا ظمأنهارهم، ولا خمص بطونهم.

ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (6/96).

الغلاة

(310) أَنَا (مَنْ ؟؟).

قام ابن سبأ إلى الامام عليه السلام وهو يخطب، فقال: أَنْتَ أَنْتَ! وجعل يكرّرها!.

فقال عليه السلام: ويلك! مَنْ أَنَا؟ فقال: أَنْتَ اللَّهُ!!، فأَمَرَ بِأَخْذِهِ وأَخْذِ قومٍ كانُوا مَعَهُ على رأيه. ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة(5/5).

(311) أَنَا عبدٌ من عَبِيْد اللَّه.

إنّ عليّاً عليه السلام مَرَّ بِقَوْمٍ وَهُمْ يَأْكُلُون في شهر رَمَضَان نَهارَاً، فقال: أسفرٌ أم مرضى‏؟ قالوا: ولا واحدة منهما، قال: أفمن أهل الكتاب أنتم؟ قالوا: لا.

قال: فما بال الأكلُ في شهر رمضان نهاراً!؟ قالوا: أَنْتَ أَنْتَ!

لم يَزيدوه على ذلك، ففهم مرادَهم، فَنَزَلَ عن فَرَسِهِ، فَأَلْصَقَ خَدَّهُ بِالتُراب، ثم قال: وَيْلَكُمْ! إِنَّما أَنَا عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِ اللَّهِ، فاتَّقُوا اللَّه، وارجعوا إلى الإسلام، فَأَبَوا، فَدَعاهم مِراراً، فأقاموا على أمرهم، فنهضَ عنهم، ثم قال: شُدُّوهم وثاقاً، وعليَّ بالفَعَلَة والنار والحَطَبِ، ثم أَمَرَ بحفر بئرين، فحفرتا، فجعل أحداهما سرباً، والآخر مكشوفة، وألقى الحطب في المكشوفة، وفتح بينهما فتحاً، وألقى النار في الحطب، فدخّنَ عليهم، وجعل يهتفُ بهم، ويناشدهم: ارجعوا إلى الإسلام، فأبَوا، فأمر بالحطب والنار، وألقى عليهم، فاحترقوا. شرح نهج البلاغة (5/6).

(312) أَنَا دُوْنَ ما تَقُوْلُ، وفَوْقَ ما في نَفْسِكَ.

أثنى‏ رجلٌ على عَلِيّ بن أبي طالب عليه السلام في وجهه - وكان يُبغضُهُ - فقال عَلِيّ‏عليه السلام:

ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (4/104) وأضاف:... ثناءً أوسع فيه - وكان عندَه متَّهَما - فقال له‏عليه السلام:... وانظر شرح نهج البلاغة (17/46) و(18/233).

ظلاماتُهُ‏عليه السلام‏

(313) أَنَا قد ظُلِمْتُ عَدَدَ المَدَرِ والوَبَرِ.

بينا عَلِيٌّ عليه السلام يخطب إذْ قام أعرابيٌّ فصاح: وا مَظْلَمَتَاهُ!

فاستدناه عليه السلام فلمّا دنا، قال له: إنّما لَكَ مَظْلَمَةٌ واحِدةٌ، و أَنَا قد ظُلِمْتُ عَدَدَ المَدَرِ والوَبَرِ.. ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة(4/106) وبحار الأنوار (34/339).

(314) أَنَا - واللَّهِ - مَظْلُومٌ أيضاً، هاتِ فلندْعُ على مَنْ ظَلَمَنا.

وفي رواية: أنّه دعاهُ فقال له: وَيْحَكَ ! وأَنَا - واللَّهِ - مَظْلُوْمٌ أيضاً، هاتِ فلندْعُ على مَنْ ظَلَمَنا. ابن أبي الحديد - شرح نهج البلاغة(4/106).

وقد سمع صارخاً يُنادي: أَنَا مظلومٌ. فقال: هَلُمَّ فَلْنَصْرخَ‏ْ مَعَاً، فإنّي ما زِلْتُ مَظْلُوْماً. ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (9/307).

(315) أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَجْثُوْ بَيْنَ يَدَي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ القِيامَةِ لِلخُصُومَةِ.

التعجّب للكراجكي(ص‏47) و شواهد التنزيل (1/504) وأمالي الطوسي (ص 83) وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (6/170).

الشهادة

(316) أَنَا إِذا حانَ أَجَليْ انْبَعَثَ أَشْقاها.

عن التيمي قال: بينما عليّ بن أبي طالب عليه السلام يعبّى‏ءُ الكتائب يوم صفّين ؛ ومعاوية مستقبلهُ على‏ فَرَسٍ له يتآكَلُ تحتَه تآكُلاً، وعليٌّ عليه السلام على‏ فَرَسِ رسول اللَّه‏صلى الله عليه وآله المُرْتَجز؛ وبيده حربةُ رسولِ اللَّه‏صلى الله عليه وآله وهو متقلّدٌ سيفه ذا الفَقار؛ فقال رجلٌ من أصحابه: احترسْ يا أمير المؤمنين! فإِنّا نخشى‏ أنْ يغتالَكَ هذا الملعونُ.

فقال‏عليه السلام: «لَئِنْ قُلْتَ ذلك؛ إِنَّهُ غَيْرُ مَأْمُوْنٍ عَلى‏ دِيْنِه، وَإِنَّهُ لأَشْقَى‏ القاسِطِيْنَ ، وَأَلْعَنُ الخارِجِيْنَ عَلَى‏ الأئمّةِ المُهْتَدِيْنَ؛ وَلكِنْ كَفى‏ بِالأَجَلِ حارِساً ، إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الناسِ إِلّا وَمَعَهُ مَلائِكَةٌ حَفَظَةٌ يَحْفَظُوْنَهُ مِنْ أَنْ يَتَردَّى‏ في بِئْرٍ أَوْ يَقَعُ عَلَيْهِ حائِطٌ أَوْ يُصِيْبُهُ سُوْءٌ؛ فَإِذا حانَ أَجَلُهُ خَلَّوْا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ما يُصِيْبُهُ؛ وَكَذلك أَنَا إِذا حانَ أَجَليْ انْبَعَثَ أَشْقاها فَخَضبَ هذِه مِنْ هذا - وأشار إلى‏ لحيته ورأسه - عَهْداً مَعْهُوْداً وَوَعْداً غَيْرَ مَكْذُوْبٍ. التوحيد، للصدوق ص 368 ح (5) باب القضاء والقدر.

(317) أَنَا بِالأَمْسِ صَاحِبُكُمْ، وَأَنَا اليَوْمَ عِبْرَةٌ لَكُمْ، وغداً مُفارِقُكُم!.

ومن كلامه قبل موته عليه السلام: أَيُّهَا الناسُ، كُلُّ امْرِى‏ءٍ لاَقٍ بِمَا يَفِرُّ مِنْهُ في فِرَارِهِ، وَالاَْجَلُ مَسَاقُ النفْسِ، وَالْهَرَبُ مِنْهُ مُوَافَاتُهُ. كَمْ أَطْرَدْتُ الاَيَّامَ أَبْحَثُهَا عَنْ مَكْنُونِ هذَا الاَمْرِ، فَأَبَى اللَّه إِلاَّ إِخْفَاءَهُ، هَيْهَاتَ! عِلْمٌ مَخْزُونٌ!.

أَمَّا وَصِيَّتِي:

فَاللَّه لاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً، وَمُحَمَّداً فَلاَ تُضَيِّعُوا سُنَّتَهُ، أَقِيمُوا هذَيْن الْعَمُودَيْنِ، وَأَوْقِدُوا هذَيْنِ الْمِصْبَاحَيْنِ، وَخَلاَكُمْ ذَمٌّ، مَالَمْ تَشْرُدُوا، حُمِّلَ كُلُّ امْرِى‏ءٍ مَجْهُودَهُ، وَخُفِّفَ عَنِ الْجَهَلَةِ، رَبٌّ رَحِيمٌ، وَدِينٌ قَوِيمٌ، وَإِمَامٌ عَلِيمٌ.

أَنَا بِالاَْمْسِ صَاحِبُكُمْ، وَأَنَا الْيَوْمَ عِبْرَةٌ لَكُمْ، وَغَداً مُفَارِقُكُمْ! غَفَرَ اللَّه لي وَلَكُمْ! إِنْ تَثْبُتِ الْوَطْأَةُ في هذِهِ المَزَلَّةِ فَذَاكَ، وَإِنْ تَدْحَضِ القَدَمُ فَإِنّا كُنَّا في أَفْيَاءِ أَغْصَان، وَمَهَابِّ رِيَاح، وَتَحْتَ ظِلِّ غَمَام، اضْمَحَلَّ في الجَوِّ مُتَلَفَّقُهَا، وَعَفَا في الأرْضِ مَخَطُّهَا. وَإِنَّمَا كُنْتُ جَاراً جَاوَرَكُمْ بَدَنِي أَيَّاماً، وَسَتُعْقَبُونَ مِنِّي جُثَّةً خَلاَءً: سَاكِنَةً بَعْدَ حِرَاك، وَصَامِتَةً بَعْدَ نُطْق ، لِيَعِظْكُمْ هُدُوئي، وَخُفُوتُ إِطْرَاقِي، وَسُكُونُ أَطْرَافي، فَإِنَّهُ أَوْعَظُ لَلْمُعْتَبِرِينَ مِنَ الْمَنْطِقِ البَلِيغِ وَالقَوْلِ المَسْمُوعِ.

وَدَاعِي لَكُم وَدَاعُ امْرِئٍ مُرْصِد لِلتلاَقِي!.

غَداً تَرَوْنَ أَيَّامِي، وَيُكْشَفُ لَكُمْ عَنْ سَرَائِرِي، وَتَعْرِفُونَنِي بَعْدَ خُلُوِّ مَكَانِي وَقِيَامِ غَيْرِي مَقَامِي. نهج البلاغة (ص 207- 208) الخطبة 149.

ومن كلام له عليه السلام قاله قُبَيْلَ موته لمّا ضربه ابن ملجم على سبيل الوصية:

وَصِيَّتِي لَكُمْ أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّه شَيْئاً، وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه وآله فَلاَ تُضَيِّعُوا سُنَّتَهُ، أَقِيمُوا هذَيْنِ‏الْعَمُودَينِ، وَخَلاَ كُمْ ذَمٌّ.

أَنَا بالأَمْسِ صَاحِبُكُمْ، وَاليَوْمَ عِبْرَةٌ لَكُمْ، وَغَداً مُفَارِقُكُمْ، إِنْ أَبْقَ فَأَنَا وَلِيُّ دَمِي، وَإِنْ أَفْنَ فَالفَنَاءُ مِيعَادِي، وَإِنْ أَعْفُ فَالعَفْوُ لِي قُرْبَةٌ، وَهُوَ لَكُمْ حَسَنَةٌ.

فَاعْفُوا «أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّه لَكُمْ» - واللَّه - مَا فَجَأَنِي مِنَ الْمَوْتِ وَارِدٌ كَرِهْتُهُ، وَلاَ طَالِعٌ أَنْكَرْتُهُ، وَمَا كُنْتُ إِلاَّ كَقَارِب وَرَدَ، وَطَالِب وَجَدَ «وَمَا عِنْدَ اللَّه خَيْرٌ لِلاَْبْرَارِ». نهج البلاغة (ص‏378-379) الكتاب 23وشرح نهج البلاغة(9/116).

(318) أَنَا خَمِيْصُ البَطْنِ.

كان عليه السلام يُفطر في رمضان الذي قتل فيه عند الحسن عليه السلام ليلةً، وعند الحسين‏عليه السلام ليلةً ، وعند عبداللَّه بن جعفر ليلةً، لايزيد على اللقمتين أو الثلاث، فيُقال له! فيقول: إنّما هي ليالٍ قلائلُ، حتّى يأتي أمرُ اللَّه و أَنَا خَمِيْصُ البَطْنِ، فَضَرَبَهُ ابنُ ملجِم لعنه اللَّه.

ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (19/ 187).

(319) أَنَا (إنْ) مُتُّ مِنْ ضَرْبَتِهِ هَذِه.

ومن وصية له للحسن والحسين عليهما السلام لما ضربه ابن ملجِم لعنه اللَّه:أُوصِيكُمَا بِتَقْوَى اللَّه، وَأنْ لاَ تَبْغِيَا الدنْيَا وَإِنْ بَغَتْكُمَا، وَلاَ تَأْسَفَا عَلَى شَيْ‏ءٍ مِنْهَا زُوِيَ عَنْكُمَا، وَقُولاَ بِالحَقِّ، وَاعْمَلاَ لِلآَخِرةِ، وَكُونَا لِلظالِمِ خَصْماً، وَلِلْمَظْلُومِ عَوْناً. أُوصِيكُمَا، وَجَمِيعَ وَلَدِي وَأَهْلِي وَمَنْ بَلَغَهُ كِتَابِي، بِتَقْوَى اللَّه، وَنَظْمِ أَمْرِكُمْ، وَصَلاَحِ ذَاتِ بَيْنِكُمْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ جَدَّكُمَا صلى الله عليه وآله يَقُولُ: صَلاَحُ ذَاتِ البَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ عَامَّةِ الصلاَةِ والصيَامِ.

اللَّه! اللَّه! في الأَيْتَامِ، فَلاَ تُغِبُّوا أَفْوَاهَهُمْ، وَلاَيَضِيعُوا بِحَضْرَتِكُمْ.

واللَّه! اللَّه! في جِيرَانِكُمْ، فَإِنَّهُمْ وَصِيَّةُ نَبِيِّكُمْ، مَازَالَ يُوصِي بِهِمْ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُمْ.

واللَّه! اللَّه! في القُرْآنِ، لاَ يَسْبِقْكُمْ بِالْعَمَلِ بِهِ غَيْرُكُمْ.

واللَّه! اللَّه! في الصلاَةِ، فَإِنَّهَا عَمُودُ دِينِكُمْ.

واللَّه! اللَّه! في بَيْتِ رَبِّكُمْ، لاَ تُخْلُوهُ مَا بَقِيتُمْ، فَإِنَّهُ إِنْ تُرِك لَمْ تُنَاظَرُوا.

واللَّه! اللَّه! في الجِهَادِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ في سَبِيلِ اللَّه.

وَعَلَيْكُمْ بِالتوَاصُلِ وَالتبَاذُلِ، وَإِيَّاكُمْ وَالتدَابُرَ وَالتقَاطُعَ.

لاَ تَتْرُكُوا الأَمْرَ بِالمَعْرُوفِ وَالنهْيَ عَنِ المُنْكَرِ فَيُوَلَّى‏ عَلَيْكُمْ أَشْرَارُكُمْ، ثُمَّ تَدْعُونَ فَلاَ يُسْتَجَابُ لَكُمْ.

ثمّ قال: يَا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ، لاَ أُلْفِيَنَّكُمْ تَخُوضُونَ دِمَاءَ المُسْلِمِينَ خَوْضاً، تَقُولُونَ: قُتِلَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ. أَلاَ لاَ تَقْتُلُنَّ بِي إِلاَّ قَاتِلِي. انْظُرُوا إِذَا أَنَا مُتُّ مِنْ ضَرْبَتِهِ هذِهِ، فَاضْرِبُوهُ ضَرْبَةً بِضَرْبَة، وَلاَ يُمَثَّلُ بِالرجُلِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وآله يَقُولُ: إِيَّاكُمْ وَالْمُثْلَةَ وَلَوْ بَالكَلْبِ العَقُورِ.

نهج البلاغة (ص 421 - 422) الوصية 47 و شرح نهج البلاغة (17/6).

(320) أَنَا الشهِيدُ أَبُو الشُّهَداء. عُيُون المواعِظِ والحِكَم.

(321) أَنَا وَابْنايَ هذانِ.

زاد الفرات على‏ عهد أمير المؤمنين عليه السلام فركب هو وابناه الحسن والحسين؛ فقالوا: قد جاء عليٌّ يَرُدُّ الماء!!

فقال عليّ عليه السلام: « أَما - واللَّه - لأُقْتَلُنَّ أَنَا وَابْنايَ هذانِ، وَلَيَبْعَثَنَّ اللَّهُ رَجُلاً مِنْ وُلْدِي في آخِرِ الزمانِ يُطالِبُ بِدِمائِنا؛ وَلَيَغِيْبَنَّ عَنْهُمْ تَمْيِيْزاً لأَهْلِ الضلالَةَ حَتّى‏ يَقُوْلَ الجاهِلُ: ما للَّهِ في آلِ مُحمَّدٍ مِنْ حاجَةٍ»!! الغيبة للنعماني (ص 141) ح‏1باب‏10.

(322) أَنَا بَقِيتُ لَكَ أَوْ فَنِيتُ.

ومن وصيّته عليه السلام للحسن ابنه عليه السلام كتبها إليه بحاضرين، عند انصرافه من صِفِّيْن: مِنَ الوَالِدِ الفَانِ، المُقِرِّ لِلزمَانِ، المُدْبِرِ العُمُرِ، المُسْتَسْلِمِ لِلدهْرِ، الذامِّ لِلدنْيَا، الساكِنِ مَسَاكِنَ المَوْتَى، الظاعِنِ عَنْهَا غَداً، إِلَى المَوْلُودِ المُؤَمِّلِ مَا لاَ يُدْرَكُ، السالك سَبِيلَ مَنْ قَدْ هَلَكَ، غَرَضِ الأَسْقَامِ، رَهِينَةِ الأَيَّامِ، وَرَمِيَّةِ المَصَائِبِ، وَعَبْدِ الدنْيَا، وَتَاجِرِ الغُرُورِ، وَغَرِيمِ المَنَايَا، وَأَسِيرِالمَوْتِ، وَحَلِيفِ الهُمُومِ، قَرِينِ الأَحْزَانِ، وَنُصْبِ الاْفَاتِ، وَصَرِيعِ الشهَوَاتِ، وَخَلِيفَةِ الأَمْوَاتِ.

أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ فِي ما تَبَيَّنْتُ مِنْ إِدْبَارِ الدنْيَا عَنِّي، وَجُمُوحِ الدهْرِ عَلَيَّ، وَإِقْبَالِ الآخِرَةِ إِلَيَّ، مَايَزَعُنِي عَنْ ذِكْرِ مَنْ سِوَايَ، وَالاهْتَِمامِ بِمَا وَرَائِي، غَيْرَ أَنِّي حَيْثُ تَفَرَّدَ بِي دُونَ هُمُومِ الناسِ هَمُّ نَفْسِي، فَصَدَفَنِي رَأْيِي، وَصَرَفَنِي عَنْ هَوَايَ، وَصَرَّحَ لِي مَحْضُ أَمْرِي، فَأَفْضَى‏ بِي إِلَى جِدٍّ لاَ يَكُونُ فِيهِ لَعِبٌ، وَصِدْقٍ لاَ يَشُوبُهُ كَذِبٌ. وَوَجَدْتُك بَعْضِي، بَلْ وَجَدْتُك كُلِّي، حَتَّى كَأَنَّ شَيْئاً لَوْ أَصَابَكَ أَصَابَنِي، وَكَأَنَّ المَوْتَ لَوْ أَتَاك أَتَانِي، فَعَنَانِي مِنْ أَمْرِك مَا يَعْنِيني مِنْ أَمْرِ نَفْسِي، فَكَتَبْتُ إِليْك كِتَابِي هَذا، مُسْتظْهِراً بِهِ إِنْ أَنَا بَقِيتُ لك أَوْ فَنِيتُ. فَإِنِّي أُوصِيك بِتَقْوَى اللَّه - أَيْ بُنيَّ - وَلُزُومِ أَمْرِهِ، وَعِمَارَةِ قَلْبِك بِذِكْرِهِ، وَالاعْتِصَامِ بِحَبْلِهِ، وَأَيُّ سَبَب أَوْثقُ مِنْ سَبَب بَيْنك وَبَيْنَ اللَّه عَزَّ وجَلَّ ؛ إِنْ أَنْتَ أَخَذْتَ بِهِ! أَحْيِ قَلْبَك بِالمَوْعِظَةِ، وَأَمِتْهُ بِالزهَادَةِ، وَقَوِّهِ بِالْيَقِينِ، وَنَوِّرْهُ بِالحِكْمَةِ، وَذَلّلهُ بِذِكْرِ المَوْتِ، وَقَرِّرْهُ بِالفَنَاءِ، وَبَصِّرْهُ فَجَائِعَ الدُّنْيَا، وَحَذِّرْهُ صَوْلَةَ الدهْرِ وَفُحْشَ تَقَلُّبِ الليَالِي وَالأَيَّامِ، وَاعْرِضْ عَلَيْهِ أَخْبَارَ المَاضِينَ، وَذَكِّرْهُ بِمَا أَصَابَ مَنْ كَانَ قَبْلَك مِنَ الأَوَّلِينَ، وَسِرْ في دِيَارِهِمْ وَآثَارِهِمْ، فَانْظُرْ مَا فَعَلُوا عَمَّا انْتَقَلُوا، وَأَيْنَ حَلُّوا وَنَزَلُوا!؟ فَإِنَّك تَجِدُهُمْ انْتَقَلُوا عَنِ الأَحِبَّةِ، وَحَلُّوا دَارَ الغُرْبَةِ، وَكَأَنَّك عَنْ قَلِيل قَدْ صِرْتَ كَأَحَدِهِمْ. فَأَصْلِحْ مَثْوَاكَ، وَلاَ تَبِعْ آخِرَتَك بِدُنْيَاكَ، وَدَعِ القَوْلَ فِي ما لاَ تَعْرِفُ، وَالخِطَابَ فِي ما لَمْ تُكَلَّفْ، وَأَمْسِك عَنْ طَرِيق إِذَا خِفْتَ ضَلاَلَتَهُ، فَإِنَّ الكَفَّ عِنْدَ حَيْرَةِ الضلاَلِ خَيْرٌ مِنْ رُكُوبِ الأَهْوَالِ، وَأْمُرْ بالمَعْرُوفِ تَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ، وَأَنْكِرِ المُنكَرَ بِيَدِك وَلِسَانِكَ، وَبَايِنْ مَنْ فَعَلَهُ بِجُهْدِكَ، وَجَاهِدْ في اللَّه حَقَّ جَهَادِهِ، وَلاَ تَأْخُذْك في اللَّه لَوْمَةُ لاَئم، وَخُضِ الغَمَرَاتِ إلَى الحَقِّ حَيْثُ كَانَ، وَتَفَقَّهْ في الدينِ، وَعَوِّدْ نَفْسَك الصَبْرَ عَلَى المَكْرُوهِ، وَنِعْمَ الخُلُقُ التصَبُّرُ، وَأَلْجِى‏ءْ نَفْسَكَ في الأُمُورِ كُلِّهَا إِلَى إِلهِكَ، فَإِنَّك تُلجِئُهَا إِلَى كَهْفٍ حَرِيزٍ، وَ مَانِع عَزِيز، وَأَخْلِصْ في المَسْأَلَةِ لِرَبِكَ، فَإِنَّ بِيَدِهِ العَطَاءَ وَالحِرْمَانَ، وَأَكْثِرِ الاسْتِخَارَةَ، وَتَفَهَّمْ وَصِيَّتِي، وَلاَ تَذْهَبَنَّ عَنْك صَفْحاً، فَإِنَّ خَيْرَ القَوْلِ مَا نَفَعَ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ خَيْرَ في عِلْم لاَ يَنْفَعُ، وَلاَ يُنْتَفَعُ بِعِلْم لاَ يَحِقُّ تَعَلُّمُهُ. أَيْ بُنَيَّ، إِنِّي لَمَّا رَأَيْتُنِي قَدْ بَلَغْتُ سِنّاً، وَرَأَيْتُنِي أَزْدَادُ وَهْناً، بَادَرْتُ بِوَصِيَّتِي إِلَيْكَ، وَأَوْرَدْتُ خِصَالاً مِنْهَا قَبْلَ أَنْ يَعْجَلَ بِي أَجَلِي دُونَ أَنْ أُفْضِيَ إِلَيْك بِمَا في نَفْسِي، أَوْ أَنْ أَنْقُصَ في رَأْيِي كَمَا نُقِصْتُ في جِسْمِي، أَوْ يَسْبِقَنِي إِلَيْك بَعْضُ غَلَبَاتِ الهَوَى وَفِتَنِ الدنْيَا، فَتَكُونَ كَالصعْبِ النفُورِ، وَإِنَّمَا قَلْبُ الْحَدَثِ كَالاَْرْضِ الخَالِيَةِ مَا ألْقِيَ فِيهَا مِنْ شَي‏ء قَبِلَتْهُ، فَبَادَرْتُك بِالاَْدَبِ قَبْلَ أَنْ يَقْسُو قَلْبُكَ، وَيَشْتَغِلَ لُبُّكَ، لِتَسْتَقْبِلَ بِجِدِّ رَأْيك مِنَ الأَمْرِ مَا قَدْ كَفَاكَ أَهْلُ التجَارِبِ بُغْيَتَهُ وَتَجْرِبَتَهُ، فَتَكُونَ قَدْ كُفِيتَ مَؤُونَةَ الطلَبِ، وَعُوفِيتَ مِنْ عِلاَجِ التجْرِبَةِ، فَأَتَاك مِنْ ذلك مَا قَدْ كُنَّا نَأْتِيهِ، وَاسْتَبَانَ لك مَا رُبَّمَا أَظْلَمَ عَلَيْنَا مِنْهُ. أَيْ بُنَيَّ، إِنِّي وَإِنْ لَمْ أَكُنْ عُمِّرْتُ عُمُرَ مَنْ كَانَ قَبْلِي، فَقَدْ نَظَرْتُ في أَعْمَالِهِمْ، وَفَكَّرْتُ في أَخْبَارِهِمْ، وَسِرْتُ في آثَارِهِمْ، حَتَّى عُدْتُ كَأَحَدِهِمْ، بَلْ كَأَنِّي بِمَا انْتَهَى إِلَيَّ مِنْ أُمُورِهِمْ قَدْ عُمِّرْتُ مَعَ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ، فَعَرَفْتُ صَفْوَ ذلك مِنْ كَدَرِهِ، وَنَفْعَهُ مِنْ ضَرَرِهِ، فَاسْتَخْلَصْتُ لك مِنْ كُلِّ أَمْر نَخِيلَتَهُ، تَوَخَّيْتُ لك جَمِيلَهُ، وَصَرَفْتُ عَنْك مَجْهُولَهُ، وَرَأَيْتُ حَيْثُ عَنَانِي مِنْ أَمْرِك مَا يَعْنِي الوَالِدَ الشفِيقَ، وَأَجْمَعْتُ عَلَيْهِ مِنْ أَدَبِك أَنْ يَكُونَ ذلك وَأَنْتَ مُقْبِلُ الْعُمُرِ ، مُقْتَبَلُ الدهْرِ، ذُونِيَّة سَلِيمَة، وَنَفْس صَافِيَة، وَأَنْ أَبْتَدِئَك بِتَعْلِيمِ كِتَابِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَتَأْوِيلِهِ، وَشَرَائِعِ الإِسْلاَمِ وَأَحْكَامِهِ، وَحَلاَلِهِ وَحَرَامِهِ، لاَ أُجَاوِزُ ذلك بِك إِلَى غَيْرِهِ. ثُمَّ أَشْفَقْتُ أَنْ يَلْتَبِسَ عَلَيْك مَا اخْتَلَفَ الناسُ فِيهِ مِنْ أَهْوَائِهِمْ وَآرَائِهِمْ مِثْلَ الذي التَبَسَ عَلَيْهِمْ، فَكَانَ إِحْكَامُ ذلك عَلَى مَا كَرِهْتُ مِنْ تَنْبِيهِك لَهُ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ إِسْلاَمِك إِلَى أَمْر لاَ آمَنُ عَلَيْك بِهِ الْهَلَكَةَ، وَرَجَوْتُ أَنْ يُوَفِّقَك اللَّه فِيهِ لِرُشْدِكَ، وَأَنْ يَهْدِيك لِقَصْدِكَ، فَعَهِدْتُ إِلَيْك وَصِيَّتِي هذِهِ.

نهج البلاغة (ص 391 - 406) الوصية 31.

(323) أَنَا مُتُّ فاقتُلُوهُ كما قتلني.

قال الراوي : أدخل ابن ملجِم على عَلِيٍّ عليه السلام ودخلت عليه في من دخل، فسمعتُ عليّاً عليه السلام يقول: النفس بالنفس، إن أَنَا مُتُّ فاقتُلُوهُ كما قَتَلَني، وإن سلمت رأيت فيه رأيي. ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (6/118).

فُزْتُ وَرَبِّ الكَعْبَةِ

خبر هذه الكلمة مشهورٌ، ذكره أرباب المقاتل والتاريخ، عندما ضربه ابن ملجِم المرادي (لعنه اللَّه) قالها الإمام عليه السلام: «فُزْتُ ورَبِّ الكَعْبَةِ» ذكرها في البحار (42/249) عن محمّد بن عبداللَّه الأَزْديّ قال: أقبل أميرُ المؤمنين عليه السلام يُنادي: «الصلاة الصلاة» فإذا هو مضروبٌ وسمعت قائلاً يقول: الحكْمُ للَّه ياعليُّ لا لَكَ ولا لأصْحابك، وسمعت عليّاًعليه السلام يقول: «فُزْتُ ورَبّ الكَعْبَةِ».

وانظر: شرح الأخبار للقاضي النُعمان المصري (2/442) ومناقب ابن شهر آشوب (1/385) و(3/95) وأُسد الغابة (4/38) وفي تأريخ ابن عساكر : (3 / 367) ح‏1424. وأضاف قول الإمام عليّ‏عليه السلام عند ما ضربه ابن مُلجِم: «فُزْتُ وربِّ الكعبةِ» ،

واُنظرالصواعق المحرقة لابن حجر المكّيّ: (ص‏80) الأربعون حديثاً للشهيد الأوّل: (ص‏3) ونظم درر السمطين: (ص‏137) ونضد القواعد الفقهيّة للمقداد السيوري الحليّ: (ص 72) وخصائص الأئمة للشريف الرضيّ: (ص‏63).

...................) Anotates (.................

1) شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد (4/96) ط ابراهيم - مصر. وعنه في بحار الأنوار (34/295).

2) رواه الحافظ البُرسيّ في مشارق أنوار اليقين (ص‏112) طبع الشريف الرضيّ - قم 1414ه وفي بحار الأنوار (39/84) قال رسول اللَّه‏صلى الله عليه وآله: يا عليّ، ما عرف اللَّهَ حقَّ معرفته غيري وغيرك، وما عرفك حقّ معرفتك غير اللَّه وغيري.

3) لقد بحثنا بشكلٍ واسعٍ عن هذه الكتب ومناهجها وعدّدناها في المقدّمة الواسعة التي كتبناها لتفسير الحِبَرِيّ، فراجع.

4) لقد جمع السيّد مهدي الموسوي الخرسان، قائمةً طويلةً بهذه المؤلّفات في مقدّمته الرائعة لكتاب «ينابيع المودّة» المطبوع في المطبعة الحيدريّة في النجف.

5) شرح نهج البلاغة (12/124).

6) هذا الكلام أورده ابن أبي الحديد ضمن كلام قال في نهايته: قلت: الذي يغلب على ظني أن هذه المراسلات والمحاورات والكلام كلّه مصنوعٌ موضوعٌ، وأنّه من كلام أبي حيّان التوحيدي، لأنه بكلامه ومذهبه في الخطابة والبلاغة أشبه، وقد حفظنا كلام عمر ورسائله، وكلام أبي بكر وخطبه، فلم نجدهما يذهبان هذا المذهب، ولايسلكان هذا السبيل فى كلامهما، وهذا كلامٌ عليه أثر التوليد ليس بخفى‏.

وأين أبوبكر وعمر من البديع وصناعة المحدثين! ومن تأمّل كلام أبى حيّان عرف أن هذا الكلام من ذلك المعدن خرج، ويدلّ عليه أنّه أسنده إلى القاضي أبى حامد المروروذي وهذه عادته في كتاب البصائر يسند إلى القاضي أبي حامد كلّ مايريد أن يقوله هو من تلقاء نفسه، إذا كان كارهاً لأن ينسب إليه، وإنما ذكرناه نحن في هذا الكتاب، لأنه وإن كان عندنا موضوعاً منحولاً، فإنه صورة ماجرت عليه حال القوم، فهم وإن لم ينطقوا به بلسان المقال، فقد نطقوا به بلسان الحال.

ومما يوضح لك أنّه مصنوعٌ، أن المتكلّمين على اختلاف مقالاتهم من المعتزلة والشيعة والأشعرية وأصحاب الحديث، وكلّ من صنّف في علم الكلام والإمامة لم يذكر أحدٌ منهم كلمة واحدةً من هذه الحكاية، ولقد كان المرتضى‏ رحمه اللَّه يلتقط من كلام أمير المؤمنين عليه السلام اللفظة الشاذّة، والكلمة المفردة الصادرة عنه عليه السلام في معرض التألّم والتظلّم، فيحتجّ بها، ويعتمد عليها، نحو قوله: «مازلت مظلوماً مذ قبض رسول اللَّه صلى الله عليه وآله حتى يوم الناس هذا».

وقوله عليه السلام: « لقد ظلمتُ عدد الحجر والمدر ».

وقوله عليه السلام: « إنّ لنا حقّاً إن نعطه نأخذه، وإن نمنعه نركب أعجاز الإبل، وإن طال السُرى‏ ».

وقوله عليه السلام: « فصبرت وفي الحلق شجاً، وفى العين قذىً».

وقوله عليه السلام: « اللهمّ إنّي أستعديك على قريشٍ فإنّهم ظلموني حقّي، وغصبوني إرثي ».

وكان المرتضى‏ إذا ظفرَ بكلمةٍ من هذه، فكأنّما ظفرَ بملك الدنيا ويودعها كتبه وتصانيفه .

فأين كان المرتضى‏ عن هذا الحديث! وهلاّ ذكر في كتاب الشافي في الإمامة كلام أمير المؤمنين‏عليه السلام هذا، وكذلك مَن قبلَه من الإمامية كابن النُعمان، وبني نوبخت، وبني بابويه، وغيرهم، وكذلك من جاء بعده من متأخّري متكلّمي الشيعة وأصحاب الأخبار والحديث منهم إلى وقتنا هذا!.

وأين كان أصحابنا عن كلام أبي بكر وعمر ، له عليه السلام!؟

وهلاّ ذكره قاضي القضاة في «المغني» مع احتوائه على كلّ ماجرى‏ بينهم، حتى إنه يمكن أن يجمع منه تاريخ كبيرٌ مفردٌ في أخبار السقيفة!

وهلاّ ذكره من كان قبل قاضي القضاة من مشايخنا وأصحابنا ومن جاء بعده من متكلّمينا ورجالنا! وكذلك القول في متكلّمي الأشعريّة وأصحاب الحديث؛ كابن الباقلاني وغيره.

وكان ابن الباقلاني شديداً على الشيعة، عظيم العصبيّة على أمير المؤمنين عليه السلام فلو ظفرَ بكلمةٍ من كلام أبي بكر وعمر في هذا الحديث لملأ الكتب والتصانيف بها، وجعلها هِجّيراهُ ودأبَه.

والأمر في ماذكرناه في وضع هذه القصّة ظاهرٌ لمن عنده أدنى‏ ذوقٍ من علم البيان، ومعرفة كلام الرجال، ولمن عنده أدنى‏ معرفةٍ بعلم السير، وأقلّ أُنسٍ بالتواريخ. انتهى كلام ابن أبي الحديد.

والخبرُ فى صبح الأعشى(1/237-247)ونهاية الإرب(7/213- 229) ومحاضرة الأبرار(2/102-115) ونشره إبراهيم الكيلاني مع رسالتين لأبي حيّان في‏دمشق 1951م. فراجع.