فضائل الامام(ع) علمه و حكمته عليه السلام




علمه و حكمته

1 ـ ما ترك‏ [ رسول الله صلى الله عليه و آله‏ ] شيئا علمه الله إلا علمنيه .

قال أمير المؤمنين عليه السلام:

«و قد كنت أدخل على رسول الله صلى الله عليه و آله كل يوم دخلة،و كل ليلة دخلة،فيخليني فيها أدور معه حيث دار،و قد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله أنه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري،فربما كان في بيتي يأتيني رسول الله صلى الله عليه و آله أكثر ذلك في بيتي.

و كنت اذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني و أقام عني نساءه،فلا يبقى عنده غيري،و اذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عني فاطمة و لا أحد من بني.

و كنت إذا سألته أجابني،و اذا سكت عنه و فنيت مسائلي ابتدأني.

فما نزلت على رسول الله صلى الله عليه و آله آية من القرآن إلا اقرأنيها و أملاها علي فكتبتها بخطي،و علمني تأويلها و تفسيرها،و ناسخها و منسوخها،و محكمها و متشابهها،و خاصها و عامها،و دعا الله أن يعطيني فهمها و حفظها،فما نسيت آية من كتاب الله،و لا علما أملاه علي و كتبته منذ دعا الله لي بما دعا.

و ما ترك شيئا علمه الله من حلال و لا حرام،و لا أمر و لا نهي،كان أو يكون و لا كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية إلا علمنيه و حفظته،فلم أنس حرفا واحدا.

ثم وضع يده على صدري و دعا الله لي أن يملأ قلبي علما و فهما و حكما و نورا.فقلت:يا نبي الله،بأبي أنت و امي منذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئا،و لم يفتني شي‏ء لم أكتبه،أفتتخوف علي النسيان فيما بعد؟فقال:لا لست أتخوف عليك النسيان و الجهل».

الاصول من الكافي ج 1 ص 64 الرقم 1،كتاب سليم بن قيس ص 63،المسترشد ص 31،الغيبة للنعماني ص 80،تفسير العياشي ج 1 ص 14،تفسير البرهان ج 1 ص 16،بحار الانوار ج 2 ص 228،بحار الانوار ج 36 ص 257 و .275

ـ167ـ

2ـإن في صدري هذا لعلما جما علمنيه رسول الله صلى الله عليه و آله.

و من كلام له عليه السلام:

عن أبي اسحاق السبيعي قال:سمعت بعض أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ممن يثق به قال :سمعت عليا عليه السلام يقول:

«إن في صدري هذا لعلما جما علمنيه رسول الله صلى الله عليه و آله و لو أجد له حفظة يرعونه حق رعايته،و يروونه عني كما يسمعونه مني إذا لأودعتهم بعضه،فعلم به كثيرا من العلم،إن العلم مفتاح كل باب و كل باب يفتح ألف باب».

بصائر الدرجات الجزء 6 الباب 16 الرقم 12،الخصال للصدوق ج 2 ص 645 الرقم 29،الاختصاص للمفيد ص 283،بحار الانوار ج 40 ص 129 الرقم .3

3ـكنت اذا سألته أجابني،و إن سكت ابتدأني.

قال أمير المؤمنين عليه السلام:

«كنت أدخل على رسول الله صلى الله عليه و آله ليلا و نهارا،و كنت اذا سألته أجابني،و إن سكت ابتدأني،و ما نزلت عليه آية إلا قرأتها و علمت تفسيرها و تأويلها.

و دعا الله لي أن لا أنسى شيئا علمني إياه فما نسيته من حرام و لا حلال،و أمر و نهي،و طاعة و معصية،و لقد وضع يده على صدري و قال:اللهم املأ قلبه علما و فهما،و حكما و نورا .

ثم قال لي:أخبرني ربي عز و جل أنه استجاب لي فيك».

تاريخ دمشق ج 2 ص 485 الرقم 1013،انساب الاشراف ج 2 ص 98 الرقم 26،صحيح الترمذي ج 13 ص 170،خصائص النسائي ص 112 الرقم 114،الامالي للصدوق المجلس 24 الرقم 13،حلية الاولياء ج 1 ص 68،شواهد التنزيل ج 1 ص 35 الرقم 41،المستدرك للحاكم ج 3 ص 125،الصواعق المحرقة ص 121،كنز العمال ج 13 ص 120 الرقم 36387،بحار الانوار ج 40 ص 185 الرقم .67

4ـلا يمر بي من ذلك شي‏ء إلا سألته عنه و حفظته.

قال أمير المؤمنين عليه السلام:

«...و ليس كل أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله من كان يسأله و يستفهمه،حتى إن كانوا ليحبون أن يجي‏ء الاعرابي و الطارى‏ء،فيسأله عليه السلام حتى يسمعوا.و كان لا يمر بي من ذلك شي‏ء إلا سألته عنه و حفظته...».

نهج البلاغة (صبحي الصالح) الخطبة 210 ص 327،المسترشد ص 31،الاحتجاج للطبرسي ج 1 ص 631 الرقم 146،بحار الانوار ج 34 ص 170 الرقم .975

5ـعلمني ألف باب من العلم

و من كلام له عليه السلام:

قال عبد الله بن مسعود:استدعى رسول الله صلى الله عليه و آله عليا عليه السلام،فخلا به،فلما خرج الينا سألناه:ما الذي عهد اليك؟

فقال:«علمني ألف باب من العلم،فتح لي كل باب ألف باب».

الارشاد ج 1 ص 34،الاختصاص ص 283،تاريخ دمشق ج 2 ص 484 الرقم 1012،فرائد السمطين ج 1 الباب 19 الرقم 70،اللآلي المصنوعة ج 1 ص 375،كنز العمال ج 13 ص 114 الرقم 36372،احقاق الحق ج 6 ص 40،بحار الانوار ج 40 ص 144 الرقم 50 و ج 41 ص 328 الرقم .49

6ـكل باب منها يفتح ألف باب.

و من كلام له عليه السلام:

عن الأصبغ بن نباتة،عن أمير المؤمنين عليه السلام قال:سمعته عليه السلام يقول:

«إن رسول الله صلى الله عليه و آله علمني ألف باب من الحلال و الحرام،و مما كان و مما يكون الى يوم القيامة،كل باب منها يفتح ألف باب،فذلك ألف ألف باب،حتى علمت علم المنايا و البلايا و فصل الخطاب».

الخصال للصدوق ج 2 ص 646 الرقم 30،بصائر الدرجات الجزء 6 الباب 16 الرقم 12،الاختصاص ص 283،بحار الانوار ج 40 ص 130 الرقم .6

7ـلكل باب ألف مفتاح.

عن الأصبغ بن نباتة:قال أمير المؤمنين عليه السلام:

«يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه و آله أسر إلي ألف حديث،في كل حديث ألف باب،لكل باب ألف مفتاح...»

الخصال للصدوق ج 2 ص 644 الرقم 26،الاختصاص ص 283،بحار الانوار ج 40 ص .127

8ـحدثني‏[رسول الله (ص) ]ألف حديث.

من كلام له عليه السلام بعد قول رسول الله صلى الله عليه و آله في مرضه الذي توفي فيه :

«ادعوا لي خليلي»قيل:و ارسلت فاطمة عليها السلام الى علي عليه السلام.

فلما أن جاء[علي عليه السلام‏]قام رسول اللهـصلى الله عليه و آله،ثم جلل عليا عليه السلام بثوبه.

فقال علي عليه السلام:

«حدثني ألف حديث،كل حديث يفتح ألف باب،حتى عرق رسول الله صلى الله عليه و آله،فسال عرقه علي،و سال عرقي عليه».

بصائر الدرجات الجزء السابع الباب الاول الرقم 2 ص 314،الاختصاص ص 285،الارشاد ج 1 ص 186،الخصال ج 2 ص 642 الرقم 21،بحار الانوار ج 40 ص 215 الرقم .9

9ـما نسيت حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه و آله.

قرأ رسول الله صلى الله عليه و آله و تعيها اذن واعية (الحاقة/12) فقال:«يا علي،سألت الله أن يجعلها اذنك».

قال علي عليه السلام:«فما نسيت حديثا أو شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه و آله» .

انساب الاشراف ج 2 ص 121 الرقم 82،مناقب ابن المغازلي ص 318 الرقم 363 و 364،تفسير الدر المنثور ج 6 ص 288،تفسير البرهان ج 4 ص 376 الرقم 5،بحار الانوار ج 35 ص 330 الرقم .14

10ـ«و تعيها اذن واعية»

قال أمير المؤمنين عليه السلام:

«لما نزلت و تعيها اذن واعية قال النبي صلى الله عليه و آله:سألت الله عز و جل أن يجعلها اذنك يا علي».

فرائد السمطين ج 1 ص 198 الرقم 155،كنز الفوائد للكراجكي ج 2 ص 152،شواهد التنزيل ج 2 ص 271،الفصول المهمة ص 107،كنز العمال ج 13 ص 177 الرقم 36526،بحار الانوار ج 34 ص 331 و 363،سمط النجوم ج 2 ص 504 الرقم .137

ـ176ـ

11ـأفيكم أحد دعا رسول الله (ص) له في العلم مثل ما دعا لي؟

قال أمير المؤمنين عليه السلام في حديث المناشدة:

«نشدتكم بالله،أفيكم أحد دعا رسول الله صلى الله عليه و آله له في العلم،و أن تكون اذنه الواعية مثل ما دعا لي؟»قالوا:اللهم لا.

تاريخ دمشق ج 3 ص 116 الرقم .1140

12ـان رسول الله صلى الله عليه و آله أدبه الله و هو أدبني.

قال أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته لكميل بن زياد:

«يا كميل،إن رسول الله صلى الله عليه و آله أدبه الله،و هو عليه السلام أدبني،و أنا اؤدب المؤمنين،و اورث الآداب المكرمين» 
تحف العقول ص 121،بشارة المصطفى ص .25

تكملة انه (ع) أخذ العلم من النبي (ص)

32ـ«لقد كنت اتبعه اتباع الفصيل أثر امه،يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما،و يأمرني بالاقتداء به».

43ـ«اذا سألته أعطاني،و اذا سكت ابتدأني».

146ـ«قال رسول الله صلى الله عليه و آله لي يوم فتحت خيبر:...و أنت باب علمي».

194ـ[قال رسول الله صلى الله عليه و آله‏]:«يا علي،إن الله عز و جل أمرني أن أدنيك و لا اقصيك،و ان اعلمك و لا اهملك».

197ـ«إن رسول الله صلى الله عليه و آله أسر الي في مرضه مفتاح ألف باب من العلم،يفتح من كل باب ألف باب».

199ـ«أنبأني‏[رسول الله صلى الله عليه و آله‏]بما هو كائن الى يوم القيامة».

حياة اميرالمؤمنين عن لسانه ص 210

الشيخ محمد محمديان


مؤلفات امير المؤمنين عليه السلام

قد ذكرناها مفصلة في الجزء الاول في المقدمات عدى الاخيرين و نعيد ذكرها هنا اجمالا لترتبط بسيرته عليه السلام.

(1) جمع القرآن و تأويله او جمعه على ترتيب النزول كما مر في المقدمات.

(2) كتاب املى فيه ستين نوعا من انواع علوم القرآن و ذكر لكل نوع مثالا يخصه و ذكرنا في المقدمات سندنا اليه.

(3) الجامعة (4) الجفر (5) صحيفة الفرائض (6) كتاب في زكاة النعم (7) كتاب في ابواب الفقه (8) كتاب آخر في الفقه (9) عهده للاشتر (10) وصيته لمحمد بن الحنفية (11) كتاب عجائب احكامه و قضاياه و قد جمعها جماعة من العلماء و جمعناها نحن في كتاب و ادرجنا فيه كتاب عجائب احكامه رواية محمد بن علي بن ابراهيم بن هاشم القمي عن ابيه عن جده (مطبوع) (12) ما اثر عنه من الأدعية و المناجاة جمعه بعض العلماء و سماه الصحيفة العلوية (ط) (13) مسنده الذي جمعه النسائي اي ما اثر عنه من الاحاديث و الروايات.في كشف الظنون ما صورته:مسند علي لأبي عبد الرحمن احمد بن شعيب النسائي المتوفي سنة 303 (اه) و هو غير كتاب خصائص النسائي في فضل علي بن ابي طالب عليه السلام الذي ذكر في كشف الظنون ايضا.و الثلاثة الاخيرة انما يمكن عدها من مؤلفاته بنوع من التوسع (14) جنة الأسماء .في كشف الظنون ما صورته:جنة الاسماء للامام علي بن ابي طالب شرحها الامام حجة الاسلام محمد بن محمد الغزالي المتوفى سنة 505 كذا وجدت في بعض الكتب (اه) و لم يظهر ما هي جنة الاسماء هذه التي شرحها الغزالي و ما هي جهة نسبتها الى امير المؤمنين عليه السلام و لعله وقع تحريف في الكلام.

الكتب المجموعة من كلامه عليه السلام

مر في القسم الأول من هذا الجزء قول ابن ابي الحديد انه لم يدون لأحد من فصحاء الصحابة العشر و لا نصف العشر مما دون له.و قد اشرنا الى اسماء ما اطلعنا عليه مما دون من كلامه في ج 3 ق 1 و نعيد ذكرها هنا باختصار و زيادة عما ذكر هناك (1) نهج البلاغة جمعه الشريف الرضي طبع عدة مرات (2) مافات نهج البلاغة من كلامه جمعه الفاضل المعاصر الشيخ هادي ابن الشيخ عباس ابن الشيخ حسن ابن الشيخ جعفر الفقيه النجفي الشهير ط (3) مائة كلمة جمع الجاحظ ط (4) غرر الحكم و درر الكلم جمع عبد الواحد ابن محمد بن عبد الواحد الآمدي التميمي جمعه من حكمه القصيرة يقارب نهج البلاغة و دعاه الى جمعه ما تبجح به الجاحظ في جمعه المائة كلمة ط (5) دستور معالم الحكم ط (6) نثر اللآلي‏ء جمع ابي علي الفضل بن الحسن الطبرسي صاحب مجمع البيان ط (7) كتاب مطلوب كل طالب من كلام علي بن ابي طالب جمع ابي اسحق الوطواط الانصاري فيه مائة من الحكم المنسوبة اليه طبع في لبسك و بولاق و ترجم الى الفارسية و الالمانية (8) قلائد الحكم و فرائد الكلم جمع القاضي ابي يوسف يعقوب بن سليمان الاسفرايني (9) كتاب معميات علي عليه السلام (10) امثال الامام علي بن ابي طالب طبع الجوائب مرتب على حروف المعجم (11) ما جمعه المفيد في كتاب الارشاد من كلامه (ع) (12) ما اشتمل عليه كتاب صفين لنصر ابن مزاحم من خطبه و كتبه (13) ما اشتمل عليه كتاب جواهر المطالب من كلامه الى غير ذلك.

في رحاب ائمة اهل‏البيت(ع) ج 2 ص 273

السيد محسن الامين الحسيني العاملي


اعلم الناس

في الاستيعاب بسنده عن ابن عباس أنه قال و الله لقد أعطي علي بن ابي طالب تسعة أعشار العلم و أيم الله لقد شارككم او شاركهم في العشر العاشر و كفى في ذلك قوله«ص»أنا مدينة العلم او مدينة الحكمة و علي بابها و سيأتي و معرفته بالقضاء و سيأتي ايضا (و في الاستيعاب) قال احمد بن زهير اخبرنا يحيى بن معين عن عبدة ابن سليمان عن عبد الملك بن ابي سليمان قلت لعطاء أ كان في اصحاب محمد أعلم من علي قال لا و الله ما اعلمه (و فيه) بسنده عن عائشة انها قالت في على اما إنه لاعلم الناس بالسنة.و في حلية الاولياء:ثنا ابو احمد الغطريفي ثنا ابو الحسن بن ابي مقاتل ثنا محمد بن عبد الله ابن عتبة ثنا محمد بن علي الوهبي الكوفي ثنا احمد بن عمران بن سلمة و كان ثقة عدلا مرضيا ثنا سفيان الثوري عن منصور عن ابراهيم عن علقمة عن عبد الله كنت عند النبي«ص»فسئل عن علي فقال قسمت الحكمة عشرة اجزاء فأعطي علي تسعة اجزاء و الناس جزءا واحدا.أحمد بن عمران ذكره الذهبي في الميزان و قال لا يدرى من هو ثم ضعفه بهذا الحديث و تعقبه الحافظ في اللسان بما تقدم في السند من قول الوهبي انه كان ثقة عدلا مرضيا قال و في هذا مخالفة لما ذكره الذهبي هكذا ذكره السيد احمد بن محمد بن الصديق الحسيني المغربي المعاصر نزيل القاهرة في كتاب فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي ثم قال قلت لو وثقه الناس كلهم لقال الذهبي في حديثه انه كذب كما فعل في عدة احاديث اخرجها الحاكم بسند الشيخين و ادعى هو دفعا بالصدر و بدون دليل انها موضوعة و ما علتها في نظره الا كونها في فضل علي بن ابي طالب فالله المستعان. (و روى) ابو نعيم في الحلية بسنده عن علي قال رسول الله (ص) ليهنك العلم ابا الحسن لقد شربت العلم شربا و نهلته نهلا.و في الاستيعاب و الاصابة و حلية الاولياء باسانيدهم عن ابن عباس كنا اذ اتانا الثبت عن علي لم نعدل به (و في الاستيعاب و الاصابة) بالاسناد عن سعيد ابن المسيب كان عمر يتعوذ من معضلة ليس لها ابو حسن و لم يقل احد سلوني قبل ان تفقدوني غيره كما يأتي (و في الاستيعاب) قال سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص قلت لعبد الله ابن عياش بن ابي ربيعة يا عم لم كان صفو الناس الى علي فقال يا ابن اخي ان عليا عليه السلام كان له ما شئت من ضرس قاطع في العلم و كان له البسطة في العشيرة و القدم في الاسلام و الصهر لرسول الله (ص) و الفقه في السنة و النجدة في الحرب و الجود في الماعون (و فيه) روى عبد الرحمن ابن اذينة العبدي عن ابيه اذينة بن مسلمة قال اتيت عمر بن الخطاب فسألته من اين اعتمر فقال ائت عليا فاسأله و ذكر الحديث و فيه ما اجد لك الا ما قال علي (و فيه) كان معوية يكتب فيما ينزل به ليسأل له علي بن ابي طالب عن ذلك فلما بلغه قتله قال ذهب الفقه و العلم بموت ابن ابي طالب فقال له اخوه عتبة لا يسمع منك هذا اهل الشام فقال له دعني عنك.

قال ابن ابي الحديد في النهج:اشرف العلوم العلم الالهي (يعني علم التوحيد) لان شرف العلم بشرف المعلوم و من كلامه عليه السلام اقتبس و عنه نقل و اليه انتهى و منه ابتدأ فالمعتزلة الذين هم ارباب النظر و منهم تعلم الناس هذا العلم تلامذته لان كبيرهم واصل بن عطاء تلميذ ابي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية و هو تلميذ ابيه و ابوه تلميذه عليه السلام و اما الاشعرية فينتمون الى ابي الحسن علي بن ابي الحسن بن ابي بشر الاشعري و هو تلميذ ابي علي الجبائي و ابو علي احد مشايخ المعتزلة و المعتزلة ينتمون الى علي عليه السلام كما مر اما الامامية و الزيدية فانتماؤهم اليه ظاهر.قال و بعده علم الفقه و هو عليه السلام اصله و اساسه و كل فقيه في الاسلام فهو عيال عليه و مستفيد من فقهه فان اصحاب ابي حنيفة كابي يوسف و محمد ابن الحسن الشيباني و غيرهما اخذوا عنه و الشافعي قرأ على محمد بن الحسن تلميذ ابي حنيفة و على مالك بن انس و احمد بن حنبل قرأ على الشافعي فيرجع فقه الكل الى ابي حنيفة و ابو حنيفة قرأ على جعفر بن محمد و جعفر على ابيه و ينتهي الامر الى علي.و مالك بن انس قرأ على ربيعة الرأي و ربيعة على عكرمة و عكرمة على ابن عباس عن علي فهؤلاء الفقهاء الاربعة و اما فقه الشيعة فرجوعه اليه ظاهر و كان ابن عباس من فقهاء الصحابة و رجوعه اليه ظاهر و قد عرف كل احد رجوع عمر اليه في كثير من المسائل التي اشكلت عليه و على غيره من‏الصحابة و قوله غير مرة لو لا علي لهلك عمر و قوله لا بقيت لمعضلة ليس لها ابو حسن و قوله لا يفتنى احد في المسجد و علي حاضر فقد عرف بهذا الوجه ايضا انتهاء الفقه اليه و قد روى العامة و الخاصة قوله (ص) اقضاكم علي و القضاء هو الفقه فهو اذا افقههم و روى الكل انه (ص) قال له و قد بعثه الى اليمن قاضيا اللهم اهد قلبه و ثبت لسانه قال فما شككت بعدها في قضاء بين اثنين قال و هو الذي افتى في المرأة التي وضعت لستة اشهر و في الحامل الزانية و هو الذي قال في المنبرية صار ثمنها تسعا (اقول) و هو الذي افتى في المجنونة التي فجر بها رجل و قصة الارغفة و غيرهما من القضايا العجيبة التي ذكرنا كثيرا منها في الجزء الثاني من معادن الجواهر و جمعناها كلها في كتاب مطبوع و يأتي ذكر هذه الخمسة هنا.قال:و علم تفسير القرآن عنه اخذ و منه فرع و اذا رجعت الى كتب التفسير علمت صحة ذلك لان اكثره عنه و عن عبد الله بن عباس و قد علم الناس حال ابن عباس في ملازمته له و انقطاعه اليه و انه تلميذه و خريجه و قيل له اين علمك من علم ابن عمك قال كنسبة قطرة من المطر الى البحر المحيط.قال و علم الطريقة و الحقيقة و التصوف و ارباب هذا الفن في جميع بلاد الاسلام اليه ينتهون و عنده يقفون و قد صرح بذلك الشبلي و الجنيد و السري و ابو يزيد البسطامي و ابو محفوظ معروف الكرخي و غيرهم و يكفيك دلالة على ذلك الخرقة التي هي شعارهم الى اليوم يسندونها باسناد متصل اليه.قال و علم النحو و العربية و قد علم الناس كافة انه هو الذي ابتدعه و انشأه و املى على ابي الاسود الدئلي جوامعه و اصوله من جملتها:الكلام كله ثلاثة اشياء اسم و فعل و حرف و من جملتها تقسيم الكلمة الى معرفة و نكرة و تقسيم وجوه الاعراب الى الرفع و النصب و الجر و الجزم و هذا يكاد يلحق بالمعجزات لان القوة البشرية لا تفي بهذا الحصر و لا تنهض بهذا الاستنباط (اقول) و مضى في المقدمات الكلام على ذلك مفصلا بما لا مزيد عليه.قال و اما علم القراءة فاذا رجعت الى كتب القراءات وجدت ائمة القراء كلهم يرجعون اليه كابي عمرو بن العلاء و عاصم بن ابي النجود و غيرهما لانهم يرجعون الى ابي عبد الرحمن السلمي و ابو عبد الرحمن كان تلميذه و عنه اخذ القراءات (ا ه) و قال ايضا اتفق الكل على انه كان يحفظ القرآن على عهد رسول الله (ص) و لم يكن غيره يحفظه ثم هو اول من جمعه نقلوا انه بعد وفاة النبي (ص) اشتغل بجمع القرآن و لو كان مجموعا في حياة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لما احتاج الى التشاغل بجمعه بعد وفاته (ا ه) (اقول) مر في المقدمات عن ابن حجر انه قال:ورد عن علي انه جمع القرآن على ترتيب‏النزول عقيب موت النبي«ص»و ان عليا (ع) قال لما قبض رسول الله«ص»اقسمت ان لا اضع ردائي حتى اجمع ما بين اللوحين.و اما علم الاخلاق و تهذيب النفس فانتسابه اليه اشهر من ان يذكر و اوضح من ان يبين و كلامه في ذلك و خطبه و وصاياه قد ملأت الخافقين و منه تعلم كل اخلاقي و واعظ و خطيب.و اما علم تدبير الملك و سياسة الرعية و ادارة الحرب فعليه يدور و اليه يحور و قد تضمن عهده للاشتر من ذلك و ما ظهر منه في خلافته و في حروبه ما يحير العقول.و صنف النسائي كتابا في الاحاديث اسماه مسند علي ففي كشف الظنون ما صورته:مسند علي لابي عبد الرحمن احمد بن شعيب النسائي المتوفى سنة 303«ا ه»و هو غير الخصائص فان الخصائص في الاحاديث النبوية في فضائله و نحوها.و في كشف الظنون ايضا:الواعي في حديث علي«عليه السلام»للامام عبد الحق بن عبد الرحمن الاشبيلي المتوفى سنة .582

(المسألة المنبرية)

و هي انه عليه السلام سئل و هو على المنبر عن بنتين و ابوين و زوجة فقال بغير روية صار ثمنها تسعا و هذه المسألة لو صحت لكانت مبنية على العول و هو ادخال النقص عند ضيق المال عن السهام المفروضة على جميع الورثة بنسبة سهامهم فهنا للزوجة الثمن و للابوين الثلث و للبنتين الثلثان فضاق المال عن السهام لان الثلث و الثلثين تم بهما المال فمن اين يؤخذ الثمن فمن نفى العول قال ان النقص يدخل على البنتين.الفريضة من اربعة و عشرين للزوجة ثمنها ثلاثة و للابوين ثلثها ثمانية و الباقي ثلاثة عشر للبنتين نقص من سهمهما ثلاثة و من اثبت العول قال يدخل النقص على الجميع فيزاد على الاربعة و العشرين ثلاثة تصير سبعة و عشرين للزوجة منها ثلاثة و للابوين ثمانية و للبنتين ستة عشر و الثلاثة هي تسع السبعة و العشرين فهذا معنى قوله صار ثمنها تسعا.قال ابن ابي الحديد:هذه المسألة لو فكر الفرضي فيها فكرا طويلا لاستحسن منه بعد طول النظر هذا الجواب فما ظنك بمن قاله بديهة و اقتضبه ارتجالا«ا ه»قال المرتضى في الانتصار:اما دعوى المخالف ان امير المؤمنين عليه السلام كان يذهب الى العول في الفرائض و انهم يروون عنه انه سئل و هو على المنبر عن بنتين و ابوين و زوجة فقال بغير روية صار ثمنها تسعا فباطلة لانا نروي عنه خلاف هذا القول و وسائطنا اليه النجوم الزاهرة من عترته كزين العابدين و الباقر و الصادق و الكاظم‏عليهم السلام و هؤلاء اعرف بمذهب ابيهم ممن نقل خلاف ما نقلوه و ابن عباس ما تلقى ابطال العول في الفرائض الا عنه و معولهم في الرواية عنه انه كان يقول بالعول عن الشعبي و الحسن بن عمارة و النخعي فاما الشعبي فانه ولد سنة 36 و النخعي ولد سنة 37 و قتل امير المؤمنين سنة 40 فكيف تصح رواياتهم عنه و الحسن بن عمارة مضعف عند اصحاب الحديث و لما ولي المظالم قال سليمان بن مهران الاعمش ظالم و لي المظالم و لو سلم كل من ذكرناه من كل قدح و جرح لم يكونوا بازاء من ذكرناه من السادة و القادة الذين رووا عنه ابطال العول فاما الخبر المتضمن ان ثمنها صار تسعا فانما رواه سفيان عن رجل لم يسمه و المجهول لا حكم له و ما رواه عنه اهله أولى و أثبت و في اصحابنا من يتأول هذا الخبر اذا صح على ان المراد ان ثمنها صار تسعا عندكم او اراد الاستفهام (الانكاري) و اسقط حرفه كما اسقط في مواضع كثيرة«ا ه».

(المسألة الدينارية)

حكاها محمد بن طلحة الشافعي في مطالب السؤول و هي ان امرأة جاءت اليه و قد خرج من داره ليركب فترك رجله في الركاب فقالت يا امير المؤمنين ان اخي قد مات و خلف ستمائة دينار و قد دفعوا لي منها دينارا واحدا و أسألك انصافي و ايصال حقي الي فقال لها خلف اخوك بنتين لهما الثلثان اربعمائة و خلف اما لها السدس مائة و خلف زوجة لها الثمن خمسة و سبعون و خلف معك اثني عشر أخا لكل أخ ديناران و لك دينار قالت نعم فلذلك سميت هذه المسألة بالدينارية«ا ه»و هذه المسألة لو صحت لكانت مبنية على التعصيب كما ان السابقة مبنية على العول.و التعصيب هو أخذ العصبة ما زاد على السهام المفروضة في الكتاب العزيز و الثابت عن أئمة اهل البيت بطلان التعصيب بل يرد الزائد على ذوي السهام بنسبة سهامهم و يجوز ان يكون عليه السلام قال للمرأة ان لها ذلك على المذهب الذي كان معروفا في ذلك العصر و ان كان لا يقول به.

(قصة الارغفة)

رواها العامة و الخاصة بأسانيدهم المتصلة ففي الاستيعاب ما لفظه:و فيما اخبرنا شيخنا ابو الاصبغ عيسى بن سعيد بن سعدان المقري احد معلمي القرآن رحمه الله أنبأنا ابو بكراحمد بن محمد بن قاسم المقري قراءة عليه في منزله ببغداد حدثنا ابو بكر احمد بن موسى ابن العباس بن مجاهد المقري في مسجده حدثنا العباس بن محمد الدوري حدثنا يحيى بن معين حدثنا ابو بكر بن عياش عن عاصم عن زر بن حبيش قال جلس رجلان يتغديان مع احدهما خمسة أرغفة و مع الآخر ثلاثة أرغفة فلما وضعا الغداء بين ايديهما مر بهما رجل فسلم فقالا اجلس للغداء فجلس و أكل معهما و استوفوا في أكلهم الأرغفة الثمانية فقام الرجل و طرح اليهما ثمانية دراهم و قال خذا هذا عوضا مما أكلت لكما و نلته من طعامكما فتنازعا و قال صاحب الخمسة الارغفة لي خمسة دراهم و لك ثلاثة فقال صاحب الثلاثة الأرغفة لا أرضى الا ان تكون الدراهم بيننا نصفين و ارتفعا الى امير المؤمنين علي بن ابي طالب فقصا عليه قصتهما فقال لصاحب الثلاثة الارغفة قد عرض عليك صاحبك ما عرض و خبزه اكثر من خبزك فارض بالثلاثة فقال لا و الله لا رضيت منه الا بمر الحق فقال علي ليس لك في مر الحق الا درهم واحد و له سبعة فقال الرجل سبحان الله يا امير المؤمنين هو يعرض علي ثلاثة فلم أرض و أشرت علي بأخذها فلم ارض و تقول لي الآن انه لا يجب لي في مر الحق الا درهم واحد فقال له علي عرض عليك صاحبك ان تأخذ الثلاثة صلحا فقلت لم ارض الا بمر الحق و لا يجب لك بمر الحق الا واحد فقال الرجل فعرفني بالوجه في مر الحق حتى اقبله فقال علي أ ليس للثمانية الارغفة اربعة و عشرون ثلثا أكلتموها و انتم ثلاثة أنفس و لا يعلم الاكثر منكم أكلا و لا الاقل فتحملون في أكلكم على السواء قال بلى قال فأكلت انت ثمانية أثلاث و انما لك تسعة اثلاث و اكل صاحبك ثمانية أثلاث و له خمسة عشر ثلثا أكل منها ثمانية و يبقى له سبعة و اكل لك واحدا من تسعة فلك واحد بواحدك و له سبعة بسبعته فقال له الرجل رضيت الآن«ا ه»و في كتاب عجائب احكامه:علي بن ابراهيم قال حدثني ابي عن الحسن ابن محبوب عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سمعت ابن ابي ليلى يقول قضى علي عليه السلام بقضية عجيبة و ذلك انه اصطحب رجلان في سفر فجلسا ليتغديا فاخرج احدهما خمسة أرغفة و اخرج الآخر ثلاثة ارغفة فمر بهما رجل فسلم عليهما فقالا له الغداء فأكل معهما فلما قام رمى اليهما بثمانية دراهم و قال لهما هذا عوض مما اكلت من طعامكما فاختصما فقال صاحب الثلاثة الارغفة هي نصفان بيننا و قال الآخر بل لي خمسة و لك ثلاثة فارتفعا الى امير المؤمنين عليه السلام فقال لهما امير المؤمنين ان هذا الامر الذي انتما فيه الصلح فيه احسن فقال صاحب الثلاثة الارغفة لا ارضى يا امير المؤمنين الا بمر القضاء قال له امير المؤمنين فان لك في مرالقضاء درهما واحدا و لخصمك سبعة دراهم فقال الرجل سبحان الله كيف صار هذا هكذا قال له اخبرك أ ليس كان لك ثلاثة ارغفة و لخصمك خمسة ارغفة قال بلى قال فهذه كلها اربعة و عشرون ثلثا أكلت منها ثمانية و صاحبك ثمانية و ضيفكما ثمانية فأكلت انت ثمانية من تسعة أثلاث و بقي لك ثلث فاصابك درهم و اكل صاحبك ثمانية اثلاث من خمسة ارغفة و بقي له سبعة اثلاث اكلها الضيف فصار له سبعة دراهم بسبعة اثلاث اكلها الضيف و لك ثلث اكله الضيف.و في ارشاد المفيد:روى الحسن بن محبوب قال حدثني عبد الرحمن ابن الحجاج قال سمعت ابن ابي ليلى يقول لقد قضى امير المؤمنين بقضية ما سبقه اليها احد و ذلك ان رجلين اصطحبا في سفر فجعلا يتغديان و ذكر الحديث بنحو ما مر الا انه قال فقال لهما امير المؤمنين هذا امر فيه دناءة و الخصومة غير جميلة فيه و الصلح احسن فقال صاحب الثلاثة لست أرضى الا بمر القضاء.

(خبر المجنونة)

في ارشاد المفيد:روي ان مجنونة على عهد عمر فجر بها رجل فقامت عليه البينة بذلك فأمر بجلدها الحد فمر بها على علي لتجلد فقال ما بال مجنونة آل فلان تعتل فقيل له ان رجلا فجر بها و هرب و قامت البينة عليها فأمر عمر بجلدها فقال ردوها اليه و قولوا له أ ما علمت ان هذه مجنونة آل فلان و ان النبي«ص»قد رفع القلم عن المجنون حتى يفيق انها مغلوبة على عقلها و نفسها فردت اليه و قيل له ذلك فقال فرج الله عنه لقد كدت اهلك في جلدها .

(التي ولدت لستة أشهر)

في ارشاد المفيد:روي عن يونس بن الحسن ان عمر أتي بامرأة قد ولدت لستة اشهر فهم برجمها فقال له علي ان خاصمتك بكتاب الله خصمتك ان الله تعالى يقول (و حمله و فصاله ثلاثون شهرا) و يقول جل قائلا (و الوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن اراد أن يتم الرضاعة) فاذا كانت مدة الرضاعة حولين كاملين و كان حمله و فصاله ثلاثين شهرا كان الحمل فيها ستة اشهر فخلى عمر سبيل المرأة و ثبت الحكم بذلك فعمل به الصحابة و التابعون و من اخذ عنهم الى يومنا هذا«ا ه»و رواه ايضا ابن عبد البر في جامع بيان العلم و فضله عن ابي حرب عن ابي الاسود و رواه يوسف بن محمد البلوي في كتاب الف باء فيما حكي عنهما.و قد أشار الى هاتين الواقعتين في المجنونة التي زنت و التي ولدت لستة اشهر ابو عمرو يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي المالكي في كتاب الاستيعاب في اسماء الاصحاب فقال في ترجمة علي عليه السلام من كتاب الاستيعاب ما لفظه:و قال في المجنونة التي امر برجمها عمر و في التي وضعت لستة اشهر فأراد عمر رجمها فقال له علي ان الله تعالى يقول: (و حمله و فصاله ثلاثون شهرا) الحديث و قال ان الله رفع القلم عن المجنون.الحديث فكان عمر يقول:لو لا علي لهلك عمر.قال و قد روي مثل هذه القصة لعثمن مع ابن عباس و عن علي اخذها ابن عباس.

(الحامل الزانية)

في الارشاد:روى انهـاي عمرـاتي بحامل قد زنت فامر برجمها فقال له علي هب ان لك سبيلا عليها اي سبيل لك على ما في بطنها و الله تعالى يقول: (و لا تزر وازرة وزر اخرى) فقال عمر لا عشت لمعضلة لا يكون لها ابو الحسن ثم قال فما اصنع بها قال احتط عليها حتى تلد فاذا ولدت و وجدت لولدها من يكفله فاقم عليها الحد.

و قد نقلنا في الجزء الثاني من معادن الجواهر ثلاثا و اربعين قضية من عجائب قضايا امير المؤمنين عليه السلام فاغنى عن ايرادها هنا فليرجع اليه من ارادها.

و عندنا كتاب عجائب احكام امير المؤمنين علي بن ابي طالب صلوات الله عليه رواية محمد بن علي بن ابراهيم بن هاشم عن ابيه عن جده هكذا كتب في اوله و فيه عدد وافر من قضاياه عليه السلام مروية باسناد واحد و هو.علي بن ابراهيم عن ابيه عن محمد بن الوليد عن محمد بن الفرات عن الاصبغ بن نباتة و يرويه عن علي بن ابراهيم ولده محمد كما مر و تاريخ كتابة النسخة سنة 410 او 420 ه و كتب عليه ايضا ما صورته نسخ منه ابو النجيب عبد الرحمن بن محمد بن عبد الكريم الكرخي في شهور سنة ثمان و عشرين و خمسمائة بلغ مناه في آخرته و دنياه (ا ه) .و قد جمعنا كتابا في قضاياه و احكامه و مسائله العجيبة و ادرجنا في ضمنه الكتاب المذكور و هو مطبوع.

في رحاب ائمة اهل‏البيت(ع) ج 1 ص 55

السيد محسن الامين الحسيني العاملي


باب العلم

قوله صلى الله عليه و آله و سلم انا مدينة العلم و علي بابها.في الاستيعاب:روي عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم انه قال انا مدينة العلم و علي بابها فمن اراد العلم فليأته من بابه و في اسد الغابة بسنده عن ابن عباس قال رسول الله«ص»انا مدينة العلم و علي بابها فمن اراد العلم فليأت بابه و روى ابونعيم الاصفهاني في حلية الاولياء بسنده عن علي بن ابي طالب قال رسول الله«ص»انا دار الحكمة و علي بابها ثم قال رواه الاصبغ بن نباتة و الحارث عن علي نحوه و مجاهد عن ابن عباس عن النبي (ص) مثله و روى الحاكم في المستدرك بسنده عن ابي الصلت عبد السلام بن صالح ثنا ابو معاوية عن الاعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال رسول الله (ص) انا مدينة العلم و علي بابها فمن اراد المدينة فليأت الباب قال هذا حديث صحيح الاسناد و لم يخرجاه و ابو الصلت ثقة مأمون«ا ه»ثم روى عن الدوري انه قال سألت يحيى ابن معين عن ابي الصلت الهروي فقال ثقة فقلت ا ليس قد حدث عن ابي معوية عن الاعمش انا مدينة العلم قال قد حدث به محمد بن جعفر الفيدي و هو ثقة مأمون.ثم روى عن صالح ابن محمد بن حبيب الحافظ انه سئل عن ابي الصلت الهروي فقال دخل يحيى بن معين و نحن معه على ابي الصلت فلما خرج قلت له ما تقول في ابي الصلت قال هو صدوق قلت انه يروي حديث انا مدينة العلم و علي بابها قال قد روى ذاك الفيدي كما رواه ابو الصلت ثم ذكر رواية الفيدي عن ابي معوية عن الاعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال رسول الله (ص) انا مدينة العلم و علي بابها فمن اراد المدينة فليأت الباب قال الحسين بن فهم حدثناه ابو الصلت الهروي عن ابي معاوية قال الحاكم ليعلم المستفيد لهذا العلم ان الحسين بن فهم بن عبد الرحمن ثقة مأمون حافظ ثم قال و لهذا الحديث شاهد من حديث سفيان الثوري باسناد صحيح و ذكر السند الى جابر بن عبد الله سمعت رسول الله (ص) يقول انا مدينة العلم و علي بابها فمن اراد العلم فليأت الباب.و ذكر الذهبي في تلخيص المستدرك قدحا في هذا الحديث ذكرناه مع جوابه في ترجمة ابي الصلت الهروي عبد السلام بن صالح.

في رحاب ائمة اهل‏البيت(ع) ج 1 ص 62

السيد محسن الامين الحسيني العاملي


التدبير

حسن الرأي و التدبير قال ابن ابي الحديد:أما الرأي و التدبير فكان من أشد الناس رأيا و أصحهم تدبيرا و هو الذي اشار على عمر لما عزم ان يتوجه بنفسه الى حرب الروم و الفرس بما أشار و هو الذي اشار على عثمن بأمور كان صلاحه فيها و لو قبلها لم يحدث عليه ما حدث«ا ه» (اقول) و هو الذي أشار على المسلمين بأن يدفن النبي«ص»في موضع وفاته و ان يصلي عليه المسلمون فرادى بدون امام جماعة بعد جماعة و ان شئت ان تجعل هذا من العلم و الفقه فلك ذلك.و هو الذي اشار على عمر بوضع التاريخ‏للهجرة.روى الحاكم في المستدرك بسنده عن سعيد بن المسيب:جمع عمر الناس فسألهم من اي يوم يكتب التاريخ فقال علي بن ابي طالب من يوم هاجر رسول الله«ص»و ترك ارض الشرك ففعله عمر و ذكره ابن الاثير في تاريخه عن سعيد بن المسيب مثله.و من اخباره في جودة الرأي ما رواه المفيد في الارشاد عن شبابة بن سوار عن ابي بكر الهذلي قال سمعت رجلا من علمائنا يقول:و ذكر حديثا خلاصته انه انتهى خبر الى من بالكوفة من المسلمين ان جموعا كثرة تحتشد في فارس لغزوهم،فأنهى مسلمو الكوفة الخبر الى عمر ففزع لذلك فزعا شديدا فاستشار المسلمين و قال ان الشيطان قد جمع لكم جموعا و اقبل بها ليطفئ بها نور الله فأشار عليه طلحة بالمسير بنفسه و قال عثمن ارى ان تشخص اهل الشام من شامهم و اهل اليمن من يمنهم و تسير انت في اهل هذين الحرمين و اهل المصرين الكوفة و البصرة فتلقى جميع المشركين بجميع المؤمنين و قال علي انك ان أشخصت اهل الشام من شامهم سارت الروم الى ذراريهم و ان اشخصت اهل اليمن من يمنهم سارت الحبشة الى ذراريهم و ان اشخصت اهل هذين الحرمين انتقضت عليك العرب من اطرافها فاما ذكرك كثرة العجم و رهبتك من جموعهم فانا لم نكن نقاتل على عهد رسول الله«ص»بالكثرة و انما كنا نقاتل بالبصيرة و ان الأعاجم اذا نظروا اليك قالوا هذا رجل العرب فان قطعتموه فقد قطعتم العرب و كان أشد لكلبهم و لكني ارى ان تقر هؤلاء في امصارهم و تكتب الى اهل البصرة فليتفرقوا على ثلاث فرق فلتقم فرقة منهم على ذراريهم و لتقم فرقة على اهل عهدهم لئلا ينتقضوا و لتسر فرقة منهم الى اخوانهم مددا لهم فقال عمر أجل هذا هو الرأي و قد كنت احب ان اتابع عليه و جعل يكرر قول علي و ينسقه اعجابا به و اختيارا له.

ثم انه قد يظن او يعتقد بعض من لا خبرة له او من غلب عليه الهوى او التقليد ان عليا عليه السلام اضعف رأيا و اقل تدبيرا من سواه و يستدل على ذلك بعدم انتظام الامر له ايام خلافته و بتغلب معوية على قسم كبير من المملكة الاسلامية و بانه لم لم يول معوية على الشام ثم يعزله و بان مساواته بين الناس في العطاء كان خلاف الرأي بل كان ينبغي ان يستميل الاكابر بالمال ليكونوا معه كما كان يفعل معوية (و الجواب) عن ذلك واضح بين لا يحتاج الى اطالة الكلام و كثرة النقض و الابرام فان عليا عليه السلام لم يكن طالب ملك و لا امارة و لا طالب دنيا و انما كان هدفه الاعلى و مقصده الوحيد و غايته المطلوبة رضا الله و اقامة عمود الحق و محو الباطل،و الدنيا و المال و الملك لا تساوي عنده جناح بعوضة فكيف يمكن ان‏يتوصل اليها بضد ما هو هدفه و مقصده و غايته و لم يكن يرى التوصل الى الملك و الامارة من اي طريق كان و باي وجه اتفق و لا يستحل التوصل الى تثبيت ملكه بشي‏ء يخالف الشرع من قتل النفوس البريئة و نقض العهود و دس السموم و سلب الاموال و المداهنة و غير ذلك و من كانت هذه صفته و هذه حاله لا يصح ان ينسب الى قصور في الرأي و ضعف في التدبير و لا ان ينسب خصمه الذي كان يتوسل الى تحصيل الملك و الامارة بكل ما يمكنه الى انه اصح منه تدبيرا و اسد رأيا و انما يصح ان ينسب الى ذلك من يدبر أمرا ليتوصل به الى مطلوبه فتكون نتيجته بالعكس لجهله بمواقع الامور و شي‏ء من هذا لم يحصل من امير المؤمنين«ع»و لا يمكن ان يحصل فهو اعلم الناس بمواقع الامور و قد ابان عن هذا مرارا بقوله قد يرى الحول القلب وجه الحيلة فيدعها رأي العين و ينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين و قوله كما في نهج البلاغة و الله ما معوية بادهى مني و لكنه يغدر و يفجر و لولا كراهية الغدر لكنت من ادهى الناس و الله ما استغفل بالمكيدة و لا استغمز بالشديدة (1) و خصمه كان يرى التوصل الى الملك و الامارة بكل ما يمكنه من حلال او حرام من اي طريق كان و باي وجه اتفق لا يستثني في سبيل ذلك شيئا و لا يتقيد بامر دون آخر و مثل هذا لا يصح ان يقال عنه انه اسد رأيا و اصح تدبيرا و لذلك تغلب على قسم كبير من المملكة الاسلامية و قد اشار الى ذلك ابن ابي الحديد في تتمة كلامه السابق حيث قال و انما قال اعداؤه انه لا رأي له لانه كان متقيدا بالشريعة لا يرى خلافها و لا يعمل بما يقتضي الدين تحريمه و قد قال (ع) لولا الدين و التقى لكنت ادهى العرب و غيره كان يعمل بمقتضى ما يستصلحه سواء كان مطابقا للشرع او لم يكن و لا ريب ان من يعمل بما يؤدي اليه اجتهاده و لا يقف مع ضوابط و قيود يمتنع لاجلها مما يرى الصلاح فيه تكون احواله الدنياوية الى الانتظام اقرب و من كان بخلاف ذلك تكون احواله الدنياوية الى الانتشار اقرب«ا ه».و ان نظر كثير من الناس الى علي بن ابي طالب نظرهم الى من يطلب ملكا و امارة و يريد ان يكون سلطانا آمرا ناهيا متسلطا متمتعا بنعيم الدنيا متهالكا في حب الجلوس على عرش الملك و القبض على صولجان الحكم يجمع الاموال و يصرفها فيما يحب و يولي ابناءه و اقرباءه و من يمت اليه و يستكثر من الخدم و الحشم و مثل هذا يتوسل للوصول الى مطلوبه و الحصول على بغيته بكل‏وسيلة شريفة او غير شريفة فيتوسل بالكذب و الخداع و نقض العهود و قتل النفوس و دس السم و الرشوة و مداهنة الظلمة و الخونة و تقريبهم و الاستعانة بهم و اجزال العطايا لهم و عدم الالتفات الى الضعفاء و عدم المبالاة بهم و حرمانهم و لو كانوا من اولياء الله و الظلم و العسف و المؤاخذة بالظن و التهمة.و بالجملة فعل كل ما يظن به الوصول الى غايته كيفما كان و ترك كل ما يظن به البعد عن غايته مهما كان فاذا رأوا أمير المؤمنين عليه السلام فعل شيئا بضد هذه الافعال ظنوا بعقولهم القاصرة ان ذلك لقلة خبرة منه بالسياسة و لم يعلموا ان أمير المؤمنين عليه السلام لم يكن طالب دنيا و لا امرة و لا سلطنة بل طالب آخرة و هدفه اقامة الحق و خذلان الباطل فكيف يتوسل بالباطل الى نيل الملك و هو الذي كان يقول و الله لو اعطيت الاقاليم السبعة بما تحت افلاكها على ان اعصي الله في نملة اسلبها جلب شعيرة ما فعلت و يقول في نعله التي لا تساوي درهما و الله لامرتكم هذه اهون علي من هذه النعل الا ان اقيم حقا او ادفع باطلا و هو الذي لم يقبل يوم الشروى ان يبايعه عبد الرحمن بن عوف الا على كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و آله و سلم و لم يرض ان يدخل معهما سيرة الشيخين حتى عدل عنه الى من قبل بذلك.و هو الذي ناقش خازنه على زق عسل في بيت المال استقرض منه ولده شيئا يسيرا لا ضيافه و هو الذي لم يحاب اخاه عقيلا في شي‏ء يزيده به عن عطائه.على ان ما تمكن في النفوس من الحقد عليه بمن قتله من القبائل و الحسد له بما اعطاه الله من فضل كان يحول دون انقياد الجمهور له و يفسد عليه كثيرا من آرائه الصائبة.اما عدم انتظام الامر له فلا يجوز ان يعزى الى خطل في الرأي او نقص في التدبير لان الامور كثيرا ما تفسد على اهل الآراء الصائبة نظرا الى فساد اخلاق الناس و كثرة من يفسد على صاحب الرأي المصيب رأيه و ذي التدبير تدبيره و منه يظهر الجواب عن تغلب معوية على قسم كبير من المملكة الاسلامية في زمن خلافته عليه السلام فان معوية استطاع بالتمويه على اهل الشام و بمساعدة عمرو بن العاص ان يقنع اهل الشام ان عليا قتل عثمن مع علمه بانه بري‏ء منه و ان قتل عثمن تستند اقوى اسبابه الى خذلان معوية له و هذا لم يكن في استطاعة اي مدبر و صاحب رأي صائب ان يزيله من الاذهان بعد ما تمكن فيها سواء قلنا ان ذلك كان مخاتلة و مخادعة و سعيا وراء الملك او قلنا انه كان عن اجتهاد يؤجر صاحبه!!.و لا شي‏ء اعجب من قول من يقول لم لم يول معوية و يقره على الشام مدة ثم يعزله،فان معوية كان يعلم علما يقينا لا يخالطه شك بما مارسه و عرفه طول هذه المدة من خلق أمير المؤمنين عليه السلام و سيرته انه لا يمكن ان يبقيه على‏الولاية و لا بد ان يعزله و كان ادهى من ان ينطلي عليه ذلك فاذا ولاه و هو عالم بانه سيعزله لم يقبل و يقول له صحح خلافتك اولا ثم ولني و برئ نفسك من دم عثمن ثم اجعل الامر شورى و لو ولاه لجعل ذلك حجة عليه فاذا اراد عزله قلب له المجن و طالبه بدم عثمن.قال ابن ابي الحديد في الجواب عن ذلك:ان أمير المؤمنين علم من قرائن الاحوال ان معاوية لا يبايع و ان اقره على ولاية الشام بل كان اقراره عليها اقوى لحال معوية لانه ان طالبه بالبيعة و ولاه فمن الممكن ان يقرأ معوية على اهل الشام تقليده فيؤكد حاله عندهم بانه لو لم يكن اهلا لذلك لما اعتمده ثم يماطل بالبيعة و ان تقدم بالمطالبة بالبيعة فهو الذي فعله أمير المؤمنين عليه السلام و ان اقره ثم طالبه بالبيعة فهو كالاول بل آكد فيما يريده معوية و كيف يتوهم عارف ان معوية كان يبايع له لو اقره و بينه و بينه مالا تبرك عليه الابل من الترات و الاحقاد و هو الذي قتل حنظلة اخاه و الوليد خاله و عتبة جده في مقام واحد و كيف يخطر ببال عارف بحال معوية انه يقبل اقرار علي له و ينخدع بذلك و يبايع انه لا دهى من ذلك و ان عليا لا عرف بمعوية ممن ظن انه لو استماله باقراره لبايع و لم يكن عند علي دواء لهذا المرض الا السيف لان الحال اليه كانت تؤول فجعل الآخر اولا ثم ذكر ما اورده الزبير بن بكار في الموفقيات من مكاتبة معاوية بعد قتل عثمن الى مروان و طلحة و الزبير و جماعة آخرين و جوابهم له مما يدل على ان معاوية لم يكن لينجذب الى طاعة علي ابدا و ان مضادته له كمضادة السواد للبياض و ان عليا (ع) كان اعرف بما عمل«ا ه».اما المساواة بين الناس في العطاء فانه كان يرى ذلك عدلا و قسطا يلزمه او يرجح عنده القيام به و كان يريد ان يمحو ما تفشى بين المسلمين من الاستئثار و تقدم القوي على الضعيف.قال ابن ابي الحديد و اعلم ان قوما ممن لم يعرف حقيقة فضل أمير المؤمنين زعموا ان عمر كان اسوس منه و ان كان هو اعلم من عمر ثم زعم اعداؤه و مبغضوه ان معوية كان اسوس منه و اصح تدبيرا و اجاب بان السائس لا يتمكن من السياسة البالغة الا اذا كان يعمل برأيه و بما يرى فيه صلاح ملكه سواء وافق الشريعة اولا و الا فبعيد ان ينتظم امره و أمير المؤمنين كان مقيدا بقيود الشريعة و رفض ما يصلح اعتماده من آراء الحرب و التدبير و الكيد اذا لم يوافق الشرع الى ان قال:و لم يمن عمر بما مني به علي من فتنة عثمن و فتن الجمل و صفين و النهروان و كل هذه الامور مؤثرة في اضطراب امر الوالي ثم قال و اما القول في سياسة معوية و ان شناة علي و مبغضيه زعموا انها خير من سياسة أمير المؤمنين (ع) فيكفينا في الكلام على ذلك‏ما قاله شيخنا ابو عثمن الجاحظ و نحن نحكيه بالفاظه قال:ربما رأيت بعض من يظن بنفسه العقل و التحصيل و الفهم و التمييز يزعم ان معوية كان ابعد غورا و اصح فكرا و اجود رواية و ليس الامر كذلك و سأومي اليك بجملة تعرف بها موضع غلطه و المكان الذي دخل عليه الخطأ من قبله كان علي لا يستعمل في حربه الا ما وافق الكتاب و السنة و معوية يستعمل خلاف الكتاب و السنة كما يستعملهما و يستعمل جميع المكائد حلالها و حرامها و يسير في الحرب بسيرة ملك الهند اذا لاقى كسرى و خاقان اذا لاقى رتبيل،و علي يقول لا تبدؤوهم بالقتال حتى يبدؤوكم و لا تتبعوا مدبرا و لا تجهزوا على جريح و لا تفتحوا بابا مغلقا.هذه سيرته في ذي الكلاع و في ابي الاعور السلمي و في عمرو بن العاص و حبيب بن مسلمة و في جميع الرؤساء كسيرته في الحاشية و الحشو و الاتباع و السفلة.و اصحاب الحروب ان قدروا على البيات بيتوا و ان قدروا على رضخ الجميع بالجندل و هم نيام فعلوا و ان امكن ذلك في طرفة عين لم يؤخروه الى ساعة و ان كان الحرق اعجل من الغرق لم يقتصروا على الغرق و لم يؤخروا الحرق الى وقت الغرق و ان امكن الهدم لم يتكلفوا الحصار و لم يدعوا ان تنصب المجانيق و العرادات و الدبابات و النقب و الكمين و لم يدعوا دس السموم و لا التضريب بين الناس بالكذب و طرح الكتب في عساكرهم بالسعايات و توهيم الامور و ايحاش بعض من بعض و قتلهم بكل آلة و حيلة كيف وقع القتل فمن اقتصر من التدبير على ما في الكتاب و السنة كان قد منع نفسه الطويل العريض من التدبير فعلي كان ملجما بالورع عن جميع القول و ممنوع اليدين من كل بطش الا ما هو لله رضا فلما ابصرت العوام كثرة نوادر معوية في المكائد و لم يروا ذلك من علي ظنوا بقصر عفو لهم و قلة علومهم ان ذلك من رجحان عند معوية و نقصان عند علي فانظر بعد هذا كله هل يعد له من الخدع الا رفع المصاحف ثم انظر هل خدع بها الا من عصى رأي علي و خالف امره فان زعمت انه قد نال ما اراد من الاختلاف فقد صدقت و ليس في هذا اختلفنا و لا عن غرارة اصحاب علي و عجلتهم و تسرعهم و تنازعهم دافعنا و انما كان قولنا في التمييز بينهما في الدهاء و صحة العقل و الرأي و هل كتابنا وضع الا على ان عليا كان قد امتحن في اصحابه و في دهره بما لم يمتحن امام قبله من الاختلاف و المنازعة و التشاح في الرياسة و التسرع و العجلة و قد علمنا ان ثلاثة تواطؤوا على قتل ثلاثة علي و معوية و عمرو بن العاص فكان من الاتفاق او من الامتحان ان كان علي من بينهم هو المقتول و في‏قياس مذهبكم ان تزعموا ان سلامة عمرو و معاوية انما كانت بحزم منهما و ان قتل علي انما هو من تضييع منه فاذ قد تبين لكم انه من الابتلاء و الامتحان فكل ما سوى ذلك انما هو تبع له«ا ه»قال ابن ابي الحديد:و من تأمله بعين الانصاف و لم يتبع الهوى علم صحة جميع ما ذكره و انما أمير المؤمنين دفع من اختلاف اصحابه و سوء طاعتهم له و لزومه سنن الشريعة و منهج العدل و خروج معوية و عمرو عن قاعدة الشرع ما لم يدفع غيره فلو لا انه كان عارفا بوجوه السياسة حاذقا فيها لم يجتمع عليه الا القليل من اهل الآخرة فلما وجدناه دبر الامر حين وليه فاجتمع عليه من العساكر ما يتجاوز العد فظفر في اكثر حروبه و كان الاقرب الى الانتصار على معوية علمنا انه من معرفة تدبير الدول و السلطان بمكان مكين«ا ه».و اورد ابن ابي الحديد في شرح النهج امورا كثيرة تعلق بها من طعن في سياسته و أجاب عنها و لما كانت الاجوبة عنها ظاهرة لم نستحسن اطالة الكلام بذكرها و الجواب عنها.

تعليقة:

(1) قال ابن ابي‏الحديد: اي لا تجوز المكيدة علي كما تجوز على ذوي الغفلة و لا اهين و لا الين الخطب الشديد. ـ المؤلف

في رحاب ائمة اهل‏البيت(ع) ج 1 ص 76

السيد محسن الامين الحسيني العاملي


امر بالسؤال

انه لم يقل احد سلوني قبل ان تفقدوني غيره ففي الاستيعاب بسنده عن سعيد بن المسيب ما كان احد من الناس يقول سلوني غير علي بن ابي طالب.و روى ابو جعفر الاسكافي في كتاب نقض العثمانية بسنده عن ابن شبرمة انه قال ليس لاحد من الناس ان يقول على المنبر سلوني الا علي بن ابي طالب حكاه ابن ابي الحديد في شرح النهج.و في الاستيعاب روى معمر عن وهب بن عبد الله عن ابي الطفيل شهدت عليا يخطب و هو يقول سلوني فو الله لا تسألوني عن شي‏ء الا اخبرتكم و سلوني عن كتاب الله فو الله ما من آية الا و انا اعلم أ بليل نزلت ام بنهار أم في سهل أم في جبل و في الاصابة بسنده عن ابي الطفيل كان علي يقول سلوني سلوني و سلوني عن كتاب الله تعالى فو الله ما من آية الا و أنا أعلم أنزلت بليل او نهار.قال السيوطي في الاتقان و اما علي فقد روى عنه الكثير و قد روى معمر عن وهب بن عبد الله عن ابي الطفيل قال شهدت عليا يخطب و هو يقول سلوني فو الله لا تسألوني عن شي‏ء الا اخبرتكم و سلوني عن كتاب الله فو الله ما من آية الا و انا أعلم أ بليل نزلت ام بنهار ام في سهل ام في جهل«ا ه»و هذا الكلام قاله من جملة خطبة خطبها لما بويع بالخلافة فقام اليه رجل يقال له ذعلب و كان ذرب اللسان بليغا في الخطب شجاع القلب فقال لقد ارتقى ابن ابي طالب مرقاة صعبة لأخجلنه اليوم لكم في مسألتي اياه فقال يا امير المؤمنين هل رأيت ربك فقال ويلك يا ذعلب لم أكن بالذي أعبد ربا لم أره فقال كيف رأيته صفه لنا قال ويلك لم تره العيون بمشاهدة الابصار و لكن رأته القلوب بحقائق الايمان ويلك يا ذعلب ان ربي لا يوصف بالبعد و لا بالقرب و لا بالحركة و لا بالسكون و لا بقيام قيام انتصاب و لا بجيئة و ذهاب لطيف اللطافة لا يوصف باللطف عظيم العظمة لا يوصف بالعظم كبير الكبر لا يوصف بالكبر جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ رؤوف الرحمة لا يوصف بالرقة مؤمن لا بعبادة مدرك لا بمحسة قائل لا بلفظ هو في الاشياء على غير ممازجة خارج عنها على غير مباينة فوق كل شي‏ء و لا يقال له فوق امام كل شي‏ء و لا يقال له امام داخل في الاشياء لا كشي‏ء في شي‏ء داخل خارج منها لا كشي‏ء من شي‏ء خارج فخر ذعلب مغشيا عليه ثم قال تالله ما سمعت بمثل هذا الجواب و الله لا عدت الى مثلها ابدا.و في نهج البلاغة:و من كلام له عليه السلام و قد سأله ذعلب اليماني فقال هل رأيت ربك يا امير المؤمنين فقال أ فأعبد ما لا ارى فقال و كيف تراه قال لا تدركه العيون بمشاهدة العيان و لكن تدركه القلوب بحقائق الايمان قريب من الاشياء غير ملامس بعيد منها غير مباين متكلم بلا روية مريد لا بهمة صانع لا بجارحة لطيف لا يوصف بالخفاء كبير لا يوصف بالجفاء بصير لا يوصف بالحاسة رحيم لا يوصف بالرقة تعنو الوجوه لعظمته و تجب القلوب من مخافته«ا ه»قال ابن ابي الحديد قوله أ فأعبد ما لا ارى مقام رفيع جدا لا يصلح ان يقوله غيره عليه السلام«ا ه»و في تتمة الخبر السالف ثم قال عليه السلام سلوني قبل ان تفقدوني فقام اليه رجل فقال يا امير المؤمنين دلني على عمل اذا انا عملته نجاني الله من النار فقال له اسمع يا هذا ثم افهم ثم استيقن قامت الدنيا بثلاثة بعالم ناطق مستعمل لعلمه و بغني لا يبخل بماله عن اهل دين الله عز و جل و بفقير صابر فاذا كتم العالم علمه و بخل الغني و لم يصبر الفقير فعندها الويل و الثبور ايها السائل انما الناس ثلاثة زاهد و راغب و صابر فاما الزاهد فلا يفرح‏بشي‏ء من الدنيا و لا يحزن على شي‏ء منها فاته و اما الصابر فيتمناها بقلبه فان ادرك منها شيئا صرف عنها نفسه لما يعلم من سوء عاقبتها و اما الراغب فلا يبالي من حل اصابها ام من حرام.

في رحاب ائمة اهل‏البيت(ع) ج 1 ص 63

السيد محسن الامين الحسيني العاملي


علمه و حكمته

فان نظرنا الى علمه وجدناه العالم الرباني الذي يقول على ملأ من الناس (سلوني قبل ان تفقدوني) و من ذا الذي يجرؤ من الناس ان يقول هذا الكلام فوق المنبر على حشد من الوف الخلق و ما يؤمنه ان يسأله سائل عن مسألة لا يكون عنده جوابها فيخجله فيها.لا يجرأ على هذا القول الا من يكون واثقا من نفسه بان عنده جواب كل ما يسأل عنه.و هل تنحصر المسألة في علم من العلوم او ناحية من النواحي حتى يجرؤ احد على هذا القول لا يكون مؤيدا بتأييد الهي و واثقا من نفسه كل الوثوق بانه لا يغيب عنه جواب مسألة مهما دقت و اشكلت ان هذا المقام يقصر العقل عن الاحاطة به و يسأل و هو على المنبر عن مسافة ما بين المشرق و المغرب فيجب بانه مسيرة يوم للشمس.و هو جواب اقناعي احسن ما يجاب به في مثل المقام.و يسأل عما بين الحق و الباطل فيقول مسافة اربع اصابع.الحق ان تقول رأيت بعيني و الباطل ان تقول سمعت باذني.و يسأل عن رجلين مع احدهما خمسة ارغفة و مع الآخر ثلاثة فجلس معهما ثالث و اكلوا الارغفة الثمانية و طرح اليهما الثالث ثمانية دراهم فيحكم بان لصاحب الثلاثة درهم واحد و لصاحب الخمسة سبعة دراهم لان الارغفة الثمانية اربعة و عشرون ثلثا لصاحب الثلاثة منها تسعة اثلاث اكل منها ثمانية و اكل الضيف واحدا و لصاحب الخمسة منها خمسة عشر ثلثا اكل منها ثمانية و اكل الضيف سبعة.فهذه المسألة لو اجاب عنها امهر رجل في الحساب بعد طول الفكرة و الروية و اصاب فيها لكان له الفخر.و يؤتى عمر بامرأة ولدت لستة اشهر فيهم برجمها فيقول له علي ان خاصمتك بكتاب الله خصمتك ان الله تعالى يقول (و حمله و فصاله ثلاثون شهرا) و يقول«و الوالدات يرضعن اولادهن حولين كاملين»فاذا كانت مدة الرضاع حولين كاملين و الحمل و الفصال ثلاثون شهرا كانت مدة الحمل فيها ستة اشهر فثبت الحكم بذلك و عمل به الصحابة و التابعون و من اخذ عنهم الى يومنا هذا.و يؤتى عمر بمجنونة زنت فيأمر بجلدها فيقول له ان النبي قد رفع القلم عن المجنون حتى يفيق فيقول فرج الله عنك لقد كدت اهلك في جلدها.و يؤتى عمر بحامل قد زنت فيأمر برجمها فيقول له هب ان لك سبيلا عليها اي سبيل لك على ما في بطنها.احتط عليها تلد فاذا ولدت و وجدت لولدها من يكفله فاقم عليها الحد فيقول عمر لا عشت لمعضلة لا يكون لها ابو الحسن.و يجي‏ءابو الاسود الدئلي فيخبره بانه سمع من يلحن في القرآن فيضع له اصول علم النحو في كلمات معروفة و يقول له انح هذا النحو فيزيد عليها ابو الاسود و تضبط لغة العرب بعلم النحو الى اليوم.

في رحاب ائمة اهل‏البيت(ع) ج 1 ص 22

السيد محسن الامين الحسيني العاملي


علم القضاء

معرفة القضاء و الفرائض.روى الحاكم في المستدرك بسنده عن عبد الله (يعني ابن مسعود) و صححه على شرط الشيخين:كنا نتحدث ان أقضى اهل المدينة علي بن ابي طالب و في اسد الغابة بسنده عن عبد الله بن مسعود مثله (و في الاستيعاب) بسنده عن عبد الله مثله و بسنده عن ابن مسعود ان أقضى اهل المدينة علي بن ابي طالب و بسنده عنه اعلم اهل المدينة بالفرائض علي بن ابي طالب و بسنده عن المغيرة ليس احد منهم اقوى قولا في الفرائض من علي و فيه قال صلى الله عليه و آله و سلم في اصحابه أقضاهم علي (و فيه) بعدة اسانيد عن عمر انه قال علي أقضانا.و روى ابو نعيم الاصفهاني في حلية الاولياء بسنده عن علي بعثني رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم الى اليمن فقلت يا رسول الله تبعثني الى اليمن و يسألونني عن القضاء و لا علم لي به قال ادن فدنوت فضرب بيده على صدري ثم قال اللهم ثبت لسانه و اهد قلبه‏فلا و الذي فلق الحبة و برأ النسمة ما شككت في قضاء بين اثنين بعده و رواه المفيد في الارشاد نحوه الا انه قال تندبني يا رسول الله للقضاء و انا شاب و لا علم لي بكل القضاء.و رواه الحاكم في المستدرك و قال صحيح على شرط الشيخين بسنده عن علي بعثني رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم الى اليمن فقلت يا رسول الله اني رجل شاب و انه يرد علي من القضاء ما لا علم لي به فوضع يده على صدري فقال اللهم ثبت لسانه و اهد قلبه فما شككت في القضاء او في قضاء بعده.و رواه النسائي في الخصائص بسنده عن علي الا انه قال اللهم اهد قلبه و سدد لسانه فما شككت في قضاء بين اثنين حين جلست في مجلسي.و روى النسائي في الخصائص هذا المضمون بعدة أسانيد عن علي عليه السلام و في بعضها بعثني رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم الى اليمن و انا شاب حديث السن فقلت يا رسول الله تبعثني الى قوم يكون بينهم احداث و انا شاب حديث السن قال ان الله سيهدي قلبك و يثبت لسانك قال ما شككت في حديث اقضي بين اثنين (كذا) و (في رواية) فما شككت في حكومة بعد (و في اخرى) فوضع يده على صدري و قال ان الله سيهدي قلبك و يثبت لسانك يا علي اذا جلس اليك الخصمان فلا تقض بينهما حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الاول فانك اذا فعلت ذلك تبدى لك القضاء قال علي فما اشكل علي قضاء بعد ذلك.

في رحاب ائمة اهل‏البيت(ع) ج 1 ص 65

السيد محسن الامين الحسيني العاملي


اذن واعية

نزول (و تعيها اذن واعية) في حقه.في الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي عن مكحول عن علي بن ابي طالب في قوله تعالى (و تعيها اذن واعية) قال لي رسول الله سألت الله ان يجعلها اذنك يا علي ففعل فكان علي يقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم كلاما الا وعيته و حفظته و لم أنسه.و في اسباب النزول للواحدي النيسابوري:حدثنا ابو بكر التميمي اخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر اخبرنا الوليد بن ابان اخبرنا العباس الدوري اخبرنا بشر بن آدم اخبرنا عبد الله بن الزبير قال سمعت صالح بن هشيم يقول سمعت بريدة يقول قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لعلي ان الله امرني ان ادنيك و لا اقصيك و ان اعلمك و تعي و حق على الله ان تعي فنزلت و تعيها اذن واعية.و في تفسير الطبري:حدثني عبد الله بن رستم سمعت بريدة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول لعلي يا علي ان الله امرني ان ادنيك و ذكر مثله.و في حلية الاولياء بسنده عن عمر بن علي بن ابي طالب عن ابيه علي عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يا علي ان الله امرني ان ادنيك و اعلمك لتعي و انزلت هذه الآية و تعيها اذن واعية فأنت اذن واعية لعلمي (و روى) الطبري في تفسيره قال:حدثنا علي بن سهل حدثناالوليد بن مسلم عن علي بن حوشب سمعت مكحولا يقول قرأ رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم (و تعيها اذن واعية) ثم التفت الى علي فقال سألت الله ان يجعلها اذنك قال علي فما سمعت شيئا من رسول الله (ص) فنسيته.و في الدر المنثور للسيوطي:اخرج سعيد بن منصور و ابن جرير و ابن المنذر و ابن ابي حاتم و ابن مردويه عن مكحول قال لما نزلت و تعيها اذن واعية قال رسول الله (ص) سألت ربي ان يجعلها اذن علي قال مكحول فكان علي يقول ما سمعت من رسول الله (ص) شيئا فنسيته.و اخرج ابن جرير و ابن ابي حاتم و الواحدي و ابن مردويه و ابن عساكر و ابن النجاري عن بريدة قال رسول الله (ص) لعلي ان الله امرني ان ادنيك و لا اقصيك و ان اعلمك و ان تعي و حق لك ان تعي فنزلت هذه الآية و تعيها اذن واعية.

في رحاب ائمة اهل‏البيت(ع) ج 1 ص 66

السيد محسن الامين الحسيني العاملي

اضغط للأعلى