الفصل العشرون فضائل زوجته فاطمة (س)
أ . منزلتها عند اللَّه
1 . ابن مردويه، بإسناده عن أبي هريرة، أنّ النبيّ(ع) قال: «(إنّ) ملكاً استأذن اللَّه في زيارتي، وأخبرني (فبشرني) أنّ فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة».(1)
ب . حبّ النبيّ(ص) إيّاها وحبّها له
7 . ابن مردويه، عن أبي هريرة، قال: قال عليّ: يا رسول اللَّه، أيّما أحبّ إليك أنا أم فاطمة؟ قال: «فاطمة أحبّ إليَّ منك، وأنت أعز عليَّ منها».(7) ( وَءَاتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ)(9)،
دعا رسول الله (ص) فاطمة، فأعطاها فدكاً.(10)
ج . تزويجها بعليّ(ع)
11 . ابن مردويه، بالإسناد عن أنس بن مالك، أنّ النبيّ(ص) قال: «إنّ اللَّه تعالى أمرني أن أزوّج فاطمة من عليّ(ع)».(12)
فأجابوا من النخلات والزروع، فبسط النطوع في المسجد وصدر الناس، وهم أكثر من أربعة آلاف رجل وسائر نساء المدينة، ورفعوا منها ما أرادوا ولم ينقص من الطعام شيء، ثمّ عادوا في اليوم الثاني وأكلوا، وفي اليوم الثالث أكلوا مبعوثة أبي أيوب، ثمّ دعا رسول اللَّه(ص) بالصحاف، فملئت ووجّه إلى منازل أزواجه، ثمّ أخذ صحفة وقال: «هذا لفاطمة وبعلها»، ثمّ دعا فاطمة، وأخذ يدها فوضعها في يد عليّ وقال: «بارك اللَّه لك في ابنة رسول اللَّه، يا عليّ، نعم الزوج فاطمة، ويا فاطمة، نعم البعل عليّ».(16)
د . سيرتها وفضائل لها شتّى 19 . ابن مردويه، عن جابر بن عبداللَّه، قال: دخل رسول اللَّه (ص) على فاطمة، وهي تطحن بالرحى وعليها كساء من حملة الإبل، فلمّا نظر إليها قال: «يا فاطمة، تعجّلي، فتجرّعي مرارة الدنيا لنعيم الآخرة غداً»، فأنزل اللَّه: ( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى)(21)(22). 20 . ابن مردويه، عن عمران بن حصين، قال: قال رسول الله (ص) : «يا فاطمة، قومي فاشهدي إضحيتكِ، فإنّه يغفر لك بأوّل قطرة تقطر من دمها كلّ ذنب عملتيه، وقولي: ( إِنَّ صَلَاتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى لِلَّهِ رَبِّ الْعَلَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)(23)»،
قلت: يا رسول اللَّه، هذا لك ولأهل بيتك خاصة، فأهل ذلك أنتم أم للمسلمين عامّة؟ قال: «بل للمسلمين عامّة».(24) ( ذُرِّيَّةَ بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )(26)».(27)
22 . ابن مردويه، أخبرنا عثمان بن محمّد البصري، حدّثنا محمّد بن الحسين، سمعت الحسن بن عبدالعزيز، سمعت عبيد اللَّه القواريري يقول: اختلف أصحابنا -يعني: يحيى بن سعيد وعبدالرحمان بن مهدي- في عائشة وفاطمة أيتهما أفضل؟ فأرسلوني إلى عبداللَّه بن داوود الخريبي، فسألته فقال: أمّا فاطمة فإن النبيّ(ص) قال: «إنّما فاطمة بضعة منّي»، ولم أكن أفضّل على بضعة من رسول اللَّه أحداً.(28)
ه . خطبتها(ع) في مجلس أبي بكر 23 . ابن مردويه، أخبرنا عبداللَّه بن إسحاق، أخبرنا محمّد بن عبيد، أخبرنا محمّد ابنزياد، أخبرنا شرقي بن قطامي، عن صالح بن كيسان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة أنّها قالت: لمّا بلغ فاطمة أنّ أبابكر أظهر منعها فدكاً، لاثت خمارها على رأسها، واشتملت بجلبابها، وأقبلت في لمّة من حفدتها ونساء قومها، تطأ ذيولها، ماتخرم مشية رسول اللَّه(ص) حتّى دخلت على أبي بكر وهو في حشدٍ من المهاجرين والأنصار وغيرهم، فنيطت دونها ملآءة، ثمّ أنّت أنّة أجهش لها القوم بالبكاء، ثمّ أمهلت هنيهة حتّى إذا سكنت فورتهم افتتحت كلامها بحمد اللَّه، والثناء عليه، ثمّ قالت: (لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ)(29)
فان تعزوه تجدوه أبي دون نسائكم، وأخا ابن عمّي، دون رجالكم، فبلّغ الرسالة، صادعاً بالنذارة، مائلاً عن مدرجة المشركين، ضارباً لحدتهم، يجذ الأصنام، وينكث الهام، ويدعو إلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة، حتّى تفرّى الليل عن صبحه، وأسفر الحق عن محضه، ونطق زعيم الدين، وخرست شقاشق الشياطين، وتمّت كلمة الإخلاص ( وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ)(30)،
نهزة الطامع، ومذقة الشارب، وقبسة العجلان، وموطئ الأقدام، تشربون الطرق، وتقتاتون القد، أذلّةً خاسئين، حتّى استنقذكم اللَّه ورسوله بعد اللتيا والّتي، وبعد أن مَني ببهم الرجال، وذؤبان العرب، ومردة أهل الكتاب، كلّما أوقدوا ناراً للحرب، وفغرت فاغرة، قذف أخاه في لهواتها فلا ينكفي حتّى يطأ صماخها بأخمصه، ويطفئ عادية لهبها بسيفه، وأنتم في رفاهيّة آمنون وادعون، حتّى إذا اختار اللَّه لنبيّه دار أنبيائه، أطلع الشيطان رأسه، فدعاكم فألفاكم لدعوته مستجيبين، وللغرة ملاحظين، ثمّ استنهضكم فوجدكم غضاباً، فوسمتم غير إبلكم، ووردتم غير شربكم، هذا والعهد قريب، والكلم رحيب، والجرح لمّا يندمل، إنّما زعمتم خوف الفتنة ( أَلَا فِى الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةُ بِالْكَفِرِينَ)(31)،
ثمّ لم تلبثوا حيث تسرون حسواً في ارتغاء، ونصبر منكم على مثل حز المدى، وأنتم تزعمون أن لا إرث لنا، ( أَفَحُكْمَ الْجَهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ)(32)،
يا معشر المسلمين، أأبتز إرث أبي؟! أبى اللَّه أن ترث أباك ولاأرث أبي! لقد جئت شيئاً فريّا، فدونكها مرحولة مخطومة، تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم اللَّه، والزعيم محمّد، والموعد القيامة، وعند الساعة يخسر المبطلون. قد كان بعدك أنباء وهنبثة***لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب إنّا فقدناك فقد الأرض وابلها***واختل قومك فاشهدهم فقد نكبوا
فلمّا فرغت من مقالتها، حمد اللَّه أبوبكر وصلى على نبيّه ثمّ قال: يا خير النساء، ويا ابنة خير الأنبياء، واللَّه ماتجاوزت رأي أبيك رسول اللَّه، ولاخالفت أمره، إنّ الرائد لايكذب أهله، إنّي أشهد اللَّه وكفى به شهيداً أنّي سمعت رسول اللَّه يقول: «إنّا معاشر الأنبياء لانورّث ذهباً ولافضة ولاداراً ولاعقاراً، وإنّما نورّث الكتاب والحكمة والنبوة».(33)
و . وفاتها(س)
24 . ابن مردويه، عن جابر، قال: سمعت رسول الله (ص) قال لعليّ قبل موته بثلاثة أيّام: «سلام اللَّه عليك يا أبا الريحانتين، اُوصيك بريحانتي من الدنيا، فعن قليل ينهدّ ركناك، واللَّه خليفتي عليك»، فلمّا قبض
رسول الله (ص) قال عليّ: «هذا أحد ركني الّذي قال لي رسول اللَّه (ص)»، قال: فلمّا ماتت فاطمة قال عليّ: «هذا الركن الثاني الّذي قال لي رسول اللَّه
(ص)»(35).
قال رسول الله (ص) : «إنّ اللَّه لم يبعث نبيّاً إلّا عمّر في اُمّته شطر ما عمّر النبيّ الماضي قبله، وأن عيسى بن مريم كان أربعين سنة في بني إسرائيل، وهذه لي عشرون سنة وأنا ميت في هذه السنة»، فبكت فاطمة -رضي اللَّه تعالى عنها-، فقال النبيّ(ص): «أنتِ أوّل أهلي بي لحوقاً»، فتبسمت.(37)
دعا رسول اللَّه(ص) فاطمة فقال لها: «إنّه قد نعيت إليَّ نفسي»، فبكت، فقال لها: «اصبري، فانّكِ أوّل أهلي لحوقاً بي». فقال لها بعض أزواج النبيّ(ص)... الحديث.(38) |
الهوامش |
1 . ألقاب الرسول وعترته (المجموعة النفيسة)، ص 43. |