٣١٧ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / خزى من قال : "سلونى" غير النبىّ والإمام
٥٦٩١ ـ العلاّمة الأمينى فى الغدير : لم أرَ فى التاريخ قبل مولانا أمير المؤمنين مَن عرض نفسه لمعضلات المسائل وكراديس الأسئلة ، ورفع عَقِيرته(١) بجأش رابط بين الملأ العلمى بقوله : سلونى ، إلاّ صنوه النبىّ الأعظم ; فإنّه ½ كان يكثر من قوله : "سلونى عمّا شئتم" ، وقوله : "سلونى ، سلونى" ، وقوله : "سلونى ، ولا تسألونى عن شىء إلاّ أنبأتكم به" . فكما ورث أمير المؤمنين علمه ½ ورث مكرمته هذه وغيرها ، وهما صنوان فى المكارم كلّها . وما تفوّه بهذا المقال أحد بعد أمير المؤمنين ¼ إلاّ وقد فُضح ووقع فى رَبِيكة(٢) ، وأماط بيده الستر عن جهله المطبق ، نظراء : ١ ـ إبراهيم بن هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومى (١)
العَقِيْرة : الصَّوْت (النهاية : ٣ / ٢٧٥) .
٣١٨ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / خزى من قال : "سلونى" غير النبىّ والإمام
القرشى والى مكّة والمدينة والموسم لهشام بن عبد الملك ، حجّ بالناس سنة (١٠٧) ، وخطب بمني ، ثمّ قال : سلونى ; فأنا ابن الوحيد ، لا تسألوا أحداً أعلم منّى ! فقام إليه رجل من أهل العراق ، فسأله عن الاُضحيّة أ واجبة هى ؟ فما دري أىّ شىء يقول له ، فنزل عن المنبر(١) . ٢ ـ مقاتل بن سليمان : قال إبراهيم الحربى : قعد مقاتل بن سليمان فقال : سلونى عمّا دون العرش إلي لويانا(٢) ! فقال له رجل : آدم حين حجَّ مَن حلَق رأسه ؟ قال : فقال له : ليس هذا من عملكم ، ولكنّ الله أراد أن يبتلينى بما أعجبتنى نفسى !(٣) ٣ ـ قال سفيان بن عيينة : قال مقاتل بن سليمان يوماً : سلونى عمّا دون العرش ! فقال له إنسان : يا أبا الحسن ، أرأيت الذرّة أو النملة أمعاؤها فى مقدّمها أو مؤخّرها ؟ قال : فبقى الشيخ لا يدرى ما يقول له . قال سفيان : فظننت أنّها عقوبة عوقب بها(٤) . (١) راجع : تاريخ دمشق : ٧ / ٢٦١ / ٥٣٥ وتاريخ الطبرى : ٧ / ٥٣ . ٣١٩ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / خزى من قال : "سلونى" غير النبىّ والإمام
٤ ـ قال موسي بن هارون الحمّال : بلغنى أنّ قتادة قدم الكوفة ، فجلس فى مجلس له وقال : سلونى عن سنن رسول الله ½ حتي اُجيبكم . فقال جماعة لأبى حنيفة : قم إليه فسلْه . فقام إليه فقال : ما تقول يا أبا الخطّاب فى رجل غاب عن أهله فتزوّجت امرأته ، ثمّ قدم زوجها الأوّل فدخل عليها وقال : يا زانية ، تزوّجت وأنا حىّ ؟ ! ثمّ دخل زوجها الثانى فقال لها : تزوّجت يا زانية ولك زوج ؟ ! كيف اللعان ؟ فقال قتادة : قد وقع هذا ؟ فقال له أبو حنيفة : وإن لم يقع نستعدّ له ! فقال له قتادة : لا اُجيبكم فى شىء من هذا ; سلونى عن القرآن . فقال له أبو حنيفة : ما تقول فى قوله عزّ وجلّ : ³ قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ ² (١) ; من هو ؟ قال قتادة : هذا رجل من ولد عمّ سليمان بن داود ; كان يعرف اسم الله الأعظم . فقال أبو حنيفة : أ كان سليمان يعلم ذلك الاسم ؟ قال : لا . قال : سبحان الله ! ويكون بحضرة نبىّ من الأنبياء من هو أعلم منه ؟ ! قال قتادة : لا اُجيبكم فى شىء من التفسير ; سلونى عمّا اختلف الناس فيه . فقال له أبو حنيفة : أ مؤمن أنت ؟ قال : أرجو . (١) النمل : ٤٠ . ٣٢٠ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / خزى من قال : "سلونى" غير النبىّ والإمام
قال له أبو حنيفة : فهلاّ قلت كما قال إبراهيم فيما حكي الله عنه حين قال له : ³ أَوَ لَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ ² (١) . قال قتادة : خذوا بيدى ; والله لا دخلت هذا البلد أبداً !(٢) ٥ ـ وحكى عن قتادة أنّه دخل الكوفة فاجتمع عليه الناس ، فقال : سلوا عمّا شئتم ، وكان أبو حنيفة حاضراً وهو يومئذ غلام حدث ، فقال : سلوه عن نملة سليمان أ كانت ذكراً أم اُنثي ؟ فسألوه فاُفحم . فقال أبو حنيفة : كانت اُنثي . فقيل له : كيف عرفت ذلك ؟ فقال : من قوله تعالي : ³ قَالَتْ ² (٣) ، ولو كانت ذكراً لقال : قال نملة ; مثل الحمامة والشاة فى وقوعها علي الذكر والاُنثي(٤) . ٦ ـ قال عبيد الله بن محمّد بن هارون : سمعت الشافعى بمكّة يقول : سلونى عمّا شئتم اُحدّثكم من كتاب الله وسنّة نبيّه . فقيل : يا أبا عبد الله ، ما تقول فى محرم قتل زنبوراً ؟ قال : ³ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ ² (٥) (٦) (٧) . (١) البقرة : ٢٦٠ . ٣٢١ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / خزى من قال : "سلونى" غير النبىّ والإمام
٥٦٩٢ ـ قال زين الدين العاملى فى الصراط المستقيم : ممّا سمعناه مذاكرةً أنّ ابن الجوزى قال علي المنبر : سلونى قبل أن تفقدونى . فسألته امرأة عمّا روى أنّ عليّاً سار فى ليلة إلي سلمان فجهّزه ورجع . فقال : روى ذلك . قالت : وعثمان تمّ ثلاثة أيّام منبوذاً فى مزابل البقيع ، وعلىّ حاضر ؟ قال : نعم . قالت : فقد لزم الخطأ لأحدهما ! فقال : إن كنت خرجت من بيتك بغير إذن بعلك فعليك لعنة الله وإلاّ فعليه ! فقالت : خرجت عائشة إلي حرب علىّ بإذن النبىّ أو لا ؟ ! فانقطع(١) . (١) الصراط المستقيم : ١ / ٢١٨ . إرجاعات
١٠٧ - المجلد الحادي عشر / القسم الثالث عشر : آيات الإمام عليّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور الغيبيّة
٣٢٢ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / خزى من قال : "سلونى" غير النبىّ والإمام
٣٢٣ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب الحادى عشر : سرعة البديهة
٥٦٩٣ ـ نهج البلاغة : قال له بعض اليهود : ما دفنتم نبيّكم حتي اختلفتم فيه ! فقال ¼ له : إنّما اختلفنا عنه لا فيه(١) ، ولكنّكم ما جفّت أرجلكم من البحر حتي قلتم لنبيّكم : ³ اجْعَل لَّنَا إِلَـٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ² (٢) ! (٣) ٥٦٩٤ ـ نهج البلاغة : سئل ¼ : كيف يحاسب الله الخلق علي كثرتهم ؟ ! فقال ¼ : كما يرزقهم علي كثرتهم . فقيل : كيف يحاسبهم ولا يرونه ؟ فقال ¼ : كما يرزقهم ولا يرونه(٤) . (١) أى فى أخبار وردت عنه ، لا فى صدق نبوّته . ٣٢٤ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب الحادى عشر : سرعة البديهة
٥٦٩٥ ـ الأمالى للسيّد المرتضي : قال له ¼ ابن الكوّاء : يا أمير المؤمنين ، كم بين السماء والأرض ؟ قال : دعوة مستجابة(١) . ٥٦٩٦ ـ نهج البلاغة : سئل عن مسافة ما بين المشرق والمغرب ، فقال ¼ : مسيرة يوم للشمس(٢) . ٥٦٩٧ ـ الغارات عن أبى عمرو الكندى ـ فى ذكر أسئلة ابن الكوّاء منه ¼ ـ : قال [ ابن الكوّاء ] : فكم بين السماء والأرض ؟ قال : مدّ البصر ، ودعوة بذكر الله فيُسمع . لا نقول غير ذلك ; فاسمع ، لا أقول غير ذلك(٣) . ٥٦٩٨ ـ الإمام علىّ ¼ ـ حين قال له ابن الكوّاء : يا أمير المؤمنين ، كم بين موضع قدمك إلي عرش ربّك ؟ قال ـ : ثكلتك اُمّك يابن الكوّاء ! سل متعلّماً ولا تسأل متعنّتاً ; مِن موضع قدمى إلي عرش ربّى أن يقول قائل مخلصاً : لا إله إلاّ الله(٤) . ٥٦٩٩ ـ عنه ¼ ـ فى جواب سائل ـ : أمّا الابن الذى أكبرُ من أبيه وله ابن أكبر منه فهو عزير ; بعثه الله وله أربعون سنة ولابنه مائة وعشر سنين(٥) . (١) الأمالى للسيّد المرتضي : ١ / ١٩٨ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٢ / ٣٨٣ ، بحار الأنوار : ١٠/٨٤/٥ . ٣٢٥ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب الحادى عشر : سرعة البديهة
٥٧٠٠ ـ خصائص الأئمّة (ع) : قال كعب الأحبار : . . .أخبرنى يا أبا الحسن عمّن لا أب له ، وعمّن لا عشيرة له ، وعمّن لا قبلة له ؟ قال : أمّا من لا أب له فعيسي ¼ ، وأمّا [من](١) لا عشيرة له فآدم ¼ ، وأما من لا قبلة له فهو البيت الحرام ; هو قبلة ولا قبلة لها . هات يا كعب . فقال : أخبرنى يا أبا الحسن عن ثلاثة أشياء لم ترتكض فى رحم ولم تخرج من بدن ؟ فقال ¼ : هى عصا موسي ¼ ، وناقة ثمود ، وكبش إبراهيم . ثمّ قال : هات يا كعب . فقال : يا أبا الحسن ، بقيت خصلة ; فإن أنت أخبرتنى بها فأنت أنت ! قال : هلمّها يا كعب . قال : قبرٌ سار بصاحبه ؟ قال : ذلك يونس بن متّي إذ سجنه الله فى بطن الحوت(٢) . ٥٧٠١ ـ تذكرة الخواصّ عن ابن المسيّب : كتب ملك الروم إلي عمر : . . . أمّا بعد ; فإنّى مُسائلك عن مسائل ، فأخبرنى عنها : ما شىء لم يخلقه الله ؟ وما شىء لا يعلمه الله ؟ و. . . فقرأ علىٌ ¼ الكتاب ، وكتب فى الحال خلفه : بسم الله الرحمن الرحيم ، . . . أمّا الذى لا يعلمه الله فقولكم : له ولد وصاحبة وشريك ; ³ مَا اتَّخَذَ (١) إضافة يقتضيها السياق . ٣٢٦ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب الحادى عشر : سرعة البديهة
اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـٰهٍ ² (١) ; ³ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ² (٢) .وأمّا الذى ليس عند الله : فالظلم ; ³ وَمَا رَبُّكَ بِظَـلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ ² (٣) . وأمّا الذى كلّه فم : فالنار تأكل ما يُلقي فيها . وأمّا الذى كلّه رجل : فالماء . وأمّا الذى كلّه عين : فالشمس . وأمّا الذى كلّه جناح : فالريح . وأمّا الذى لا عشيرة له : فآدم ¼ . وأمّا الذين لم يحمل بهم رحم : فعصا موسي ، وكبش إبراهيم ، وآدم ، وحوّاء . وأمّا الذى يتنفّس من غير روح : فالصبح ; لقوله تعالي : ³ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ² (٤) . . . . وأمّا الظاعِن(٥) : فطور سيناء(٦) ; لمّا عصت بنو إسرائيل ، وكان بينه وبين الأرض المقدّسة أيّام ، فقلع الله منه قطعة وجعل لها جناحين من نور ، فنَتَقَه(٧) (١) المؤمنون : ٩١ . ٣٢٧ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب الحادى عشر : سرعة البديهة
عليهم ; فذلك قوله : ³ وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُـلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ ² (١) ، وقال لبنى إسرائيل : إن لم تؤمنوا وإلاّ أوقعته عليكم ، فلمّا تابوا ردّه إلي مكانه . وأمّا المكان الذى لم تطلع عليه الشمس إلاّ مرّة واحدة : فأرض البحر لمّا فلقه الله لموسي ¼ ، وقام الماء أمثال الجبال ، ويبست الأرض بطلوع الشمس عليها ، ثمّ عاد ماء البحر إلي مكانه . وأمّا الشجرة التى يسير الراكب فى ظلّها مائة عام : فشجرة طوبي ; وهى سدرة المنتهي فى السماء السابعة ، إليها ينتهى أعمال بنى آدم ، وهى من أشجار الجنّة ، ليس فى الجنّة قصر ولا بيت إلاّ وفيه غصن من أغصانها . ومثلها فى الدنيا الشمس أصلها واحد وضوؤها فى كلّ مكان . وأمّا الشجرة التى نبتت من غير ماء : فشجرة يونس ، وكان ذلك معجزة له ; لقوله تعالي : ³ وَأَ نْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ ² (٢) . وأمّا غذاء أهل الجنّة : فمثلهم فى الدنيا الجنين فى بطن اُمّه ; فإنّه يغتذى من سرّتها ولا يبول ولا يتغوّط . وأمّا الألوان فى القصعة الواحدة : فمثله فى الدنيا البيضة فيها لونان أبيض وأصفر ولا يختلطان . وأمّا الجارية التى تخرج من التفّاحة : فمثلها فى الدنيا الدودة تخرج من التفّاحة ولا تتغيّر . وأمّا الجارية التى تكون بين اثنين : فالنخلة التى تكون فى الدنيا لمؤمن مثلى (١) الأعراف : ١٧١ . ٣٢٨ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب الحادى عشر : سرعة البديهة
ولكافر مثلك ، وهى لى فى الآخرة دونك ; لأنّها فى الجنّة وأنت لا تدخلها ! وأمّا مفاتيح الجنّة : فلا إله إلاّ الله ، محمّد رسول الله . قال ابن المسيّب : فلمّا قرأ قيصر الكتاب قال : ما خرج هذا الكلام إلاّ من بيت النبوّة !(١) ٥٧٠٢ ـ بحار الأنوار : قضي [علىّ ¼ ] بالبصرة لقوم حدّادين اشتروا باب حديد من قوم ، فقال أصحاب الباب : كذا وكذا منّاً ، فصدّقوهم وابتاعوه ، فلمّا حملوا الباب علي أعناقهم قالوا للمشترى : ما فيه ما ذكروه من الوزن ، فسألوهم الحطيطة فأبوا ، فارتجعوا عليهم ، فصاروا إلي أمير المؤمنين ¼ ، فقال : أدلّكم ; احملوه إلي الماء . فحُمل فطُرح فى زورق صغير وعُلّم علي الموضع الذى بلغه الماء . ثمّ قال : أرجِعوا مكانه تمراً موزوناً . فما زالوا يطرحون شيئاً بعد شىء موزوناً حتي بلغ الغاية . قال : كم طرحتم ؟ قالوا : كذا وكذا منّاً ورطلا . قال ¼ : وزنه هذا(٢) . ٥٧٠٣ ـ الفضائل : روى أنّ امرأة تركت طفلاً ابن ستّة أشهر علي سطح ، فمشي الصبىّ يحبو حتي خرج من السطح وجلس علي رأس الميزاب ، فجاءت اُمّه علي السطح فما قدرت عليه ، فجاؤوا بسلّم ووضعوه علي الجدار فما قدروا علي الطفل ; من أجل طول الميزاب وبعده عن السطح ، والاُمّ تصيح وأهل الصبىّ كلّهم يبكون ، وكان فى أيّام عمر بن الخطّاب ، فجاؤوا إليه فحضر مع القوم فتحيّروا فيه ، وقالوا : ما لهذا إلاّ علىّ بن أبى طالب ! فحضر علىّ ¼ ، فصاحت اُمّ الصبىّ (١) تذكرة الخواصّ : ١٤٥ ; الغدير : ٦ / ٢٤٨ عن ابن المسيّب . ٣٢٩ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب الحادى عشر : سرعة البديهة
فى وجهه ، فنظر أمير المؤمنين إلي الصبىّ ، فتكلّم الصبىّ بكلام لا يعرفه أحد ، فقال ¼ : أحضِروا هاهنا طفلاً مثله ، فأحضروه ، فنظر بعضهما إلي بعض وتكلّم الطفلان بكلام الأطفال ، فخرج الطفل من الميزاب إلي السطح ، فوقع فرح فى المدينة لم يُرَ مثله(١) . (١) الفضائل لإبن شاذان : ٥٦ ، بحار الأنوار : ٤٠ / ٢٦٧ / ٣٦ . ٣٣٠ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب الحادى عشر : سرعة البديهة
٣٣١ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / كلام ابن أبى الحديد فى علوم الإمام
قال ابن أبى الحديد فى مقدّمة شرح نهج البلاغة : قد عرفت أنّ أشرف العلوم هو العلم الإلهى ; لأنّ شرف العلم بشرف المعلوم ، ومعلومه أشرف الموجودات ، فكان هو أشرف العلوم . ومن كلامه ¼ اقتبس ، وعنه نقل ، وإليه انتهي ، ومنه ابتدأ . فإنّ المعتزلة ـ الذين هم أهل التوحيد والعدل ، وأرباب النظر ، ومنهم تعلّم الناس هذا الفنّ ـ تلامذته وأصحابه ; لأنّ كبيرهم واصل بن عطاء تلميذُ أبى هاشم عبد الله بن محمّد ابن الحنفيّة ، وأبو هاشم تلميذ أبيه ، وأبوه تلميذه ¼ . وأمّا الأشعريّة : فإنّهم ينتمون إلي أبى الحسن علىّ بن إسماعيل بن أبى بشر الأشعرى ، وهو تلميذ أبى علىّ الجبّائى ، وأبو علىّ أحد مشايخ المعتزلة ، فالأشعرية ينتهون بأخرة إلي اُستاذ المعتزلة ومعلّمهم ، وهو علىّ بن أبى طالب ¼ . وأمّا الإماميّة والزيديّة فانتماؤهم إليه ظاهر . ومن العلوم علم الفقه ، وهو ¼ أصله وأساسه ، وكلّ فقيه فى الإسلام فهو عيال ٣٣٢ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / كلام ابن أبى الحديد فى علوم الإمام
عليه ، ومستفيد من فقهه . أمّا أصحاب أبى حنيفة ، كأبى يوسف ومحمّد وغيرهما ، فأخذوا عن أبى حنيفة . وأمّا الشافعى فقرأ علي محمّد بن الحسن ، فيرجع فقهه أيضاً إلي أبى حنيفة . وأمّا أحمد بن حنبل فقرأ علي الشافعى ، فيرجع فقهه أيضاً إلي أبى حنيفة ، وأبو حنيفة قرأ علي جعفر بن محمّد ¼ ، وقرأ جعفر علي أبيه ¼ ، وينتهى الأمر إلي علىّ ¼ . وأمّا مالك بن أنس فقرأ علي ربيعة الرأى ، وقرأ ربيعة علي عِكْرمة ، وقرأ عكرمة علي عبد الله بن عبّاس ، وقرأ عبد الله بن عبّاس علي علىّ بن أبى طالب . وإن شئت فرددت إليه فقه الشافعى بقراءته علي مالك كان لك ذلك . فهؤلاء الفقهاء الأربعة . وأمّا فقه الشيعة فرجوعه إليه ظاهر . وأيضاً فإنّ فقهاء الصحابة كانوا : عمر بن الخطّاب ، وعبد الله بن عبّاس ; وكلاهما أخذ عن علىّ ¼ . وأمّا ابن عبّاس فظاهر ، وأمّا عمر فقد عرف كلّ أحد رجوعه إليه فى كثير من المسائل التى أشكلت عليه وعلي غيره من الصحابة ، وقوله غير مرّة : "لولا علىّ لهلك عمر !" ، وقوله : "لا بقيتُ لمعضلة ليس لها أبو الحسن !" ، وقوله : "لا يُفتِينَّ أحد فى المسجد وعلىّ حاضر" . فقد عُرف بهذا الوجه أيضاً انتهاء الفقه إليه . وقد روت العامّة والخاصّة قوله ½ : "أقضاكم علىّ" . والقضاء هو الفقه ، فهو إذاً أفقههم . ٣٣٣ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / كلام ابن أبى الحديد فى علوم الإمام
وروي الكلّ أيضاً أنّه ¼ قال له وقد بعثه إلي اليمن قاضياً : "اللهمّ اهدِ قلبه ، وثبِّت لسانه" . قال : فما شككتُ بعدها فى قضاء بين اثنين . وهو ¼ الذى أفتي فى المرأة التى وضعت لستّة أشهر ، وهو الذى أفتي فى الحامل الزانية ، وهو الذى قال فى المِنْبريّة(١) : "صار ثُمنها تُسعاً" . وهذه المسألة لو فكّر الفَرَضى(٢) فيها فكراً طويلا لاستُحسن منه بعد طول النظر هذا الجواب ، فما ظنّك بمن قاله بديهةً ، واقتضبه ارتجالاً ! ومن العلوم علم تفسير القرآن ، وعنه اُخذ ، ومنه فرّع . وإذا رجعت إلي كتب التفسير علمت صحّة ذلك ; لأنّ أكثره عنه وعن عبد الله بن عبّاس ، وقد علم الناس حال ابن عبّاس فى ملازمته له وانقطاعه إليه ، وأنّه تلميذه وخرّيجه . وقيل له : أين علمك من علم ابن عمّك ؟ فقال : كنسبة قطرة من المطر إلي البحر المحيط . ومن العلوم علم الطريقة والحقيقة وأحوال التصوّف ، وقد عرفت أنّ أرباب هذا الفنّ فى جميع بلاد الإسلام إليه ينتهون ، وعنده يقفون . وقد صرّح بذلك الشِّبْلى ، والجُنَيد ، وسَرِىّ ، وأبو يزيد البسْطامى ، وأبو محفوظ معروف الكرخى ، وغيرهم . ويكفيك دلالة علي ذلك ، الخِرقة التى هى شعارهم إلي اليوم ، وكونهم يسندونها بإسناد متّصل إليه ¼ . ومن العلوم علم النحو والعربيّة ، وقد علم الناس كافّة أنّه هو الذى ابتدعه (١) راجع : علم الحساب . إرجاعات
٢٩٧ - المجلد العاشر / القسم الحادي عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب السابع : علم الحساب
٣٣٤ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / كلام ابن أبى الحديد فى علوم الإمام
وأنشأه ، وأملي علي أبى الأسود الدؤلى جوامعه واُصوله ; من جملتها : الكلام كلّه ثلاثة أشياء : اسم وفعل وحرف . ومن جملتها : تقسيم الكلمة إلي معرفة ونكرة ، وتقسيم وجوه الإعراب إلي الرفع والنصب والجرّ والجزم ، وهذا يكاد يُلحق بالمعجزات ; لأنّ القوّة البشريّة لا تفى بهذا الحصر ، ولا تنهض بهذا الاستنباط(١) . |