الصفحة الرئيسية

المكتبة المختصة

فهرس المجلد الحادي عشر

 

٣٦٧ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه

٨ / ١

إنكار سبّه

٨ / ١ ـ ١

إبراهيم بن يزيد

٦٣٣٥ ـ شرح نهج البلاغة عن إسماعيل بن إبراهيم : كنت أنا وإبراهيم بن يزيد جالسين فى الجمعة ممّا يلى أبواب كندة ، فخرج المغيرة فخطب ، فحمد الله ثمّ ذكر ما شاء أن يذكر ، ثمّ وقع فى علىّ  ¼ ، فضرب إبراهيم علي فخذى أو ركبتى ، ثمّ قال : أقبل علىَّ فحدّثنى فإنّا لسنا فى جمعة ، أ لا تسمع ما يقول هذا ؟ !(١)


(١) شرح نهج البلاغة : ١٣ / ٢٢١ .

 ٣٦٨ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / إنكار سبّه / ابن عبّاس

٨ / ١ ـ ٢

ابن عبّاس

٦٣٣٦ ـ المستدرك علي الصحيحين عن عبيد الله بن أبى مليكة : جاء رجل من أهل الشام فسبّ عليّاً عند ابن عبّاس فحصبه ابن عبّاس فقال : يا عدو الله ، آذيت رسول الله  ½ ³ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالاَْخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا  ²  (١) لو كان رسول الله  ½ حيّاً لآذيته(٢) .

٦٣٣٧ ـ مروج الذهب : مرَّ ابن عبّاس بقوم ينالون من علىٍّ ويسبّونه ، فقال لقائده : أدْنِنى منهم ، فأدناه ، فقال : أيّكم السابّ الله ؟ قالوا : نعوذ بالله أن نسبّ الله ، فقال : أيّكم السابّ رسول الله  ½ ؟ فقالوا : نعوذ بالله أن نسبّ رسول الله  ½ ، فقال : أيّكم السابّ علىّ بن أبى طالب ؟ قالوا : أمّا هذه فنعم ، قال : أشهد لقد سمعت رسول الله  ½ يقول : من سبّنى فقد سبّ الله ، ومن سبّ عليّاً فقد سبّنى . فأطرَقُوا(٣) .

٦٣٣٨ ـ المناقب لابن المغازلى عن سليمان بن علىّ عن أبيه : كنت مع عبد الله بن العبّاس وسعيد بن جبير يقوده ، فمرّ علي ضفّة زمزم ، فإذا بقوم من أهل الشام يسبّون عليّاً  ¼ ، فقال لسعيد : رُدّنى إليهم ، فوقف عليهم فقال : أيّكم السابّ لله عزّ وجلّ ؟ قالوا : سبحان الله ما فينا أحد يسبّ الله عزّ وجلّ ! قال : فأيّكم السابّ رسول الله  ½ ؟ قالوا : سبحان الله ما فينا أحد يسبّ رسول الله  ½ ! قال : فأيّكم


(١) الأحزاب : ٥٧ .
(٢) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ١٣١ / ٤٦١٨ .
(٣) مروج الذهب : ٢ / ٤٣٥ ، المناقب للخوارزمى : ١٣٧ / ١٥٤ عن سعيد بن جبير ; الأمالى للصدوق : ١٥٧ / ١٥١ عن سعيد ، بشارة المصطفي : ٢٠٢ عن المنقرى وكلّها نحوه .

 ٣٦٩ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / إنكار سبّه / أبو بكرة

السابّ علىّ بن أبى طالب ؟ قالوا : أمّا هذا فقد كان .

قال : فأشهد علي رسول الله  ½ سمعته اُذناى ووعاه قلبى يقول لعلىّ بن أبى طالب  ¼ : يا علىّ من سبّك فقد سبّنى ومن سبّنى فقد سبّ الله عزّ وجلّّ ، ومن سبّ الله عزّ وجلّ كبّه الله علي منخريه فى النار . ثمّ ولّي عنهم(١) .

٨ / ١ ـ ٣

أبو بكرة

٦٣٣٩ ـ تاريخ الطبرى عن علىّ بن محمّد : خطب بُسر علي منبر البصرة ، فشتم عليّاً  ¼ ، ثمّ قال : نشدت الله رجلا علم أنّى صادق إلاّ صدّقنى ، أو كاذب إلاّ كذّبنى !

قال : فقال أبو بكرة : اللهمّ إنّا لا نعلمك إلاّ كاذباً . قال : فأمر به فخُنق ، قال : فقام أبو لؤلؤة الضبّى فرمي بنفسه عليه ، فمنعه(٢) .

٨ / ١ ـ ٤

اُمّ سلمة

٦٣٤٠ ـ المستدرك علي الصحيحين عن أبى عبد الله الجدلى : دخلت علي اُمّ سلمة فقالت لى : أ يُسبّ رسول الله  ½ فيكم ؟ فقلت : معاذ الله أو سبحان الله ! أو كلمة نحوها . فقالت : سمعت رسول الله  ½ يقول : من سبّ عليّاً فقد سبّنى(٣) .


(١) المناقب لابن المغازلى : ٣٩٤ / ٤٤٧ ، كفاية الطالب : ٨٣ ، الرياض النضرة : ٣ / ١٢٢ نحوه .
(٢) تاريخ الطبرى : ٥ / ١٦٧ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٥٢ ، الفتوح : ٤ / ٢٩٧ نحوه وفيه "عمرو بن أبى أرطاة" بدل "بسر" .
(٣) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ١٣٠ / ٤٦١٥ ، مسند ابن حنبل : ١٠ / ٢٢٨ / ٢٦٨١٠ ، فضائل الصحابة لابن حنبل : ٢ / ٥٩٤ / ١٠١١ ، خصائص أمير المؤمنين للنسائى : ١٦٩ / ٩١ ، تاريخ دمشق : ٤٢ / ٢٦٦ / ٨٧٩٣ ، المناقب للخوارزمى : ١٤٩ / ١٧٥ ; الأمالى للطوسى : ٨٥ / ١٣٠ .

 ٣٧٠ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / إنكار سبّه / اُمّ سلمة

٦٣٤١ ـ المصنّف لابن أبى شيبة عن أبى عبد الله الجدلى : قالت لى اُمّ سلمة : يا أبا عبد الله ، أ يُسبّ رسول الله  ½ فيكم ثمّ لا تغيرون ؟ قلت : ومَن يسبّ رسول الله  ½ ؟ قالت : يسبّ علىّ ومن يحبّه ، وقد كان رسول الله  ½ يحبّه(١) .

٦٣٤٢ ـ المستدرك علي الصحيحين عن أبى عبد الله الجدلى : حججت وأنا غلام ، فمررت بالمدينة وإذا الناس عنق واحد ، فاتّبعتهم فدخلوا علي اُمّ سلمة زوج النبىّ  ½ ، فسمعتها تقول : يا شبث(٢) بن ربعى ! فأجابها رجل جلف(٣) جاف : لبّيك يا أمتاه ، قالت : يُسبّ رسول الله  ½ فى ناديكم ؟قال : وأنّي ذلك ؟ ! قالت : فعلىّ بن أبى طالب ؟ ! قال : إنّا لنقول أشياء نريد عرض الدنيا . قالت : فإنّى سمعت رسول الله  ½ يقول : من سبّ عليّاً فقد سبّنى ، ومن سبّنى فقد سبّ الله تعالي(٤) .

٦٣٤٣ ـ العقد الفريد : كتبت اُمّ سلمة زوج النبىّ  ½ إلي معاوية : "إنّكم تلعنون الله ورسوله علي منابركم ، وذلك أنّكم تلعنون علىّ بن أبى طالب ومن أحبّه ، وأنا


(١) المصنّف لابن أبى شيبة : ٧ / ٥٠٣ / ٥٠ ، المعجم الكبير : ٢٣ / ٣٢٢ / ٧٣٧ ، مسند أبى يعلي : ٦ / ٢٨٦ / ٦٩٧٧ عن أبى عبد الرحمن الجدلى ، البداية والنهاية : ٧ / ٣٥٥ كلّها نحوه ، تاريخ دمشق : ٤٢ / ٢٦٦ و٢٦٧ .
(٢) فى المصدر : "شبيب" ، والصحيح ما أثبتناه .
(٣) الجلف : الأحمق (النهاية : ١ / ٢٨٧) .
(٤) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ١٣٠ / ٤٦١٦ ، تاريخ دمشق : ٤٢ / ٥٣٣ / ٩٠٤٩ عن أبى إسحاق السبيعى .

 ٣٧١ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / إنكار سبّه / أنيس بن قتادة

أشهد أنّ الله أحبّه ورسوله" فلم يلتفت إلي كلامها(١) .

راجع : القسم العاشر / الخصائص العمليّة / الصبر وفى العين قذي .

٨ / ١ ـ ٥

أنيس بن قتادة

٦٣٤٤ ـ اُسد الغابة عن شهر بن حوشب : أقام فلان خطباء يشتمون عليّاً رضى الله عنه وأرضاه ، ويقعون فيه ، حتي كان آخرهم رجل من الأنصار ، أو غيرهم ، يقال له : أنيس ، فحمد الله وأثني عليه ، ثمّ قال : إنّكم قد أكثرتم اليوم فى سبّ هذا الرجل وشتمه ، وإنّى اُقسم بالله إنّى سمعت رسول الله  ½ يقول : "إنّى لأشفع يوم القيامة لأكثر ممّا علي الأرض من مدر وشجر" . وأقسم بالله ما أحد أوْصَل لرحمه منه ، أ فترون شفاعته تصل إليكم وتعجز عن أهل بيته ؟(٢)

٨ / ١ ـ ٦

بريدة

٦٣٤٥ ـ مسند الرؤيانى عن ابن بريدة عن أبيه : إنّه دخل علي معاوية ، ورجل يتناول عليّاً ويقع فيه .

قال : فقال : يا معاوية ، تأذن لى فى الكلام ؟

قال : فقال : تكلّم وهو يري أنّه يقول مثلما قال صاحبه .

فقال : سمعت رسول الله  ½ يقول : "إنّى لأرجو أن أشفع عدد كلّ شجرة


(١) العقد الفريد : ٣ / ٣٥٥ .
(٢) اُسد الغابة : ١ / ٣٠٤ / ٢٧١ .


إرجاعات 
١٤٣ - المجلد التاسع / القسم العاشر : خصائص الإمام عليّ / الفصل الثاني : الخصائص الأخلاقيّة / الصبر وفي العين قذى

 ٣٧٢ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / إنكار سبّه / الحسن البصري

ومدرة" أ فترجوها أنت يا معاوية ولا يرجوها علىّ ؟ !

قال : فقال : اسكت فإنّك شيخ قد ذهب عقلك(١) .

٨ / ١ ـ ٧

الحسن البصرى

٦٣٤٦ ـ شرح نهج البلاغة عن أشعث بن سوّار : سبّ عدى بن أوطاة عليّاً  ¼ علي المنبر ، فبكي الحسن البصرى وقال : لقد سبّ هذا اليوم رجلٌ إنّه لأخو رسول الله  ½ فى الدنيا والآخرة(٢) .

٨ / ١ ـ ٨

زيد بن أرقم

٦٣٤٧ ـ مسند ابن حنبل عن قطبة بن مالك : سبّ أمير من الاُمراء عليّاً رضى الله تعالي عنه ، فقام زيد بن أرقم فقال : أما أن قد علمت أنّ رسول الله  ½ نهي عن سبّ الموتي ، فَلِمَ تسبّ عليّاً وقد مات ؟(٣)

٨ / ١ ـ ٩

سعد بن أبى وقّاص

٦٣٤٨ ـ صحيح مسلم عن عامر بن سعد بن أبى وقّاص عن أبيه : أمر معاوية بن


(١) مسند الرؤيانى : ١ / ٧٣ / ٣٠ ، مسند ابن حنبل : ٩ / ٧ / ٢٣٠٠٤ نحوه .
(٢) شرح نهج البلاغة : ١٣ / ٢٢١ ; المناقب للكوفى : ١ / ٣١٨ / ٢٣٨ عن الحسن وح ٢٣٩ وص ٣٢٦ / ٢٤٧ وص ٣٢٧ / ٢٤٩ عن يونس بن عبيد نحوه .
(٣) مسند ابن حنبل : ٧ / ٨٥ / ١٩٣٣٤ ، المعجم الكبير : ٥ / ١٦٨ / ٤٩٧٣ وح ٤٩٧٥ عن زياد بن علاقة وح ٤٩٧٤ كلاهما نحوه ، المستدرك علي الصحيحين : ١ / ٥٤١ / ١٤١٩ كلاهما عن زياد بن علاقة عن عمّه وفيهما "المغيرة بن شعبة" بدل "أمير من الاُمراء" ، تعجيل المنفعة : ٥١٨ / ١٢٣٠ .

 ٣٧٣ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / إنكار سبّه / سعد بن أبى وقّاص

أبى سفيان سعداً فقال : ما منعك أن تسبّ أبا التراب ؟ فقال : أما ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ له رسول الله  ½ فلن أسبّه ; لأن تكون لى واحدة منهن أحبّ إلىَّ من حمر النعم .

سمعت رسول الله  ½ يقول له ، خلَّفه فى بعض مغازيه ، فقال له علىّ : يا رسول الله ، خلّفتنى مع النساء والصبيان ؟

فقال له رسول الله  ½ : أ ما ترضي أن تكون منّى بمنزلة هارون من موسي إلاّ أنّه لا نبوّة بعدى .

وسمعته يقول يوم خيبر : "لاُعطينّ الراية رجلا يحبّ اللهَ ورسولَه ، ويُحبّه اللهُ ورسولُه" . قال : فتطاولنا لها ، فقال : "ادعوا لى عليّاً" . فاُتى به أرمد ، فبصق فى عينه ودفع الراية إليه ، ففتح الله عليه .

ولمّا نزلت هذه الآية : ³ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ  ²  (١) دعا رسول الله  ½ عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال : "اللهمّ هؤلاء أهلى"(٢) .

٦٣٤٩ ـ الأمالى للطوسى عن ابن عبّاس : كنت عند معاوية وقد نزل بذى طوي(٣) ،


(١) آل عمران : ٦١ .
(٢) صحيح مسلم : ٤ / ١٨٧١ / ٣٢ ، سنن الترمذى : ٥ / ٦٣٨ / ٣٧٢٤ ، المستدرك علي الصحيحين : ٣/١١٧/٤٥٧٥، خصائص أمير المؤمنين للنسائى: ٤٦/٩ وفيه ³ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ ...  ²  بدل ³ فَقُلْ تَعَالَوْا..  ²  وص ١١٩/٥٥ نحوه; كشف الغمّة : ١/١٥٠ وراجع الأمالى للطوسى : ١٧١/٢٨٧ والمصنّف لابن أبى شيبة : ٧ / ٤٩٦ / ١٥ والسنّة لابن أبى عاصم : ٥٩٦ / ١٣٨٦ و١٣٨٧ .
(٣) ذو طوي ـ بفتح طاء وتضمّ ، والضمّ أشهر ـ : هو موضع بمكّة داخل الحرم ; هو من مكّة علي نحو من فرسخ ، تُري بيوت مكّة منه (مجمع البحرين : ٢ / ١١٢٧) . وقال ياقوت الحِمَوى : هو موضع بالشام عند الطور . قال الجوهرى : ذو طوي موضع عند مكّة (معجم البلدان : ٤ / ٤٥ ).

 ٣٧٤ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / إنكار سبّه / سعد بن أبى وقّاص

فجاءه سعد بن أبى وقّاص فسلّم عليه ، فقال معاوية : يا أهل الشام ، هذا سعد بن أبى وقّاص وهو صديق لعلىّ ، قال : فطأطأ القوم رؤوسهم ، وسبّوا عليّاً  ¼ ، فبكي سعد ، فقال له معاوية : ما الذى أبكاك ؟

قال : ولِمَ لا أبكى لرجل من أصحاب رسول الله  ½ يُسبّ عندك ولا أستطيع أن اُغيّر ؟ وقد كان فى علىّ خصال لأن تكون فىَّ واحدة منهم أحبّ من الدنيا وما فيها :

أحدها : أنّ رجلاً كان باليمن ، فجاءه علىّ بن أبى طالب  ¼ فقال : لأشكونّك إلي رسول الله  ½ ، فقدم علي رسول الله  ½ فسأله عن علىّ  ¼ فثني عليه ، فقال : اُنشدك بالله الذى أنزل علىَّ الكتاب ، واختصّنى بالرسالة ، عن سخط تقول ما تقول فى علىّ بن أبى طالب ؟

قال : نعم يا رسول الله .

قال : أ لا تعلم أنّى أولي بالمؤمنين من أنفسهم ؟

قال : بلي .

قال : فمَن كنتُ مولاه فعلىّ مولاه .

والثانية : أنّه  ½ بعث يوم خيبر عمر بن الخطّاب إلي القتال فهُزِم وأصحابه ، فقال  ½ : "لاُعطينّ الراية غداً إنساناً يحبّ اللهَ ورسولَه ، ويحبّه اللهُ ورسولُه" فقعد المسلمون وعلىّ  ¼ أرمد ، فدعاه فقال : "خُذ الراية" فقال : يا رسول الله ، إنّ عينى كما تري ، فتفل فيها ، فقام فأخذ الراية ، ثمّ مضي بها حتي فتح الله عليه .

والثالثة : خلّفه  ½ فى بعض مغازيه فقال علىّ  ¼ : يا رسول الله ، خلّفتنى مع النساء والصبيان ؟

 ٣٧٥ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / إنكار سبّه / سعد بن أبى وقّاص

فقال رسول الله  ½ : أ ما ترضي أن تكون منّى بمنزلة هارون من موسي إلاّ أنّه لا نبىّ بعدى .

والرابعة : سدّ الأبواب فى المسجد إلاّ باب علىّ .

والخامسة : نزلت هذه الآية : ³ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا  ²  (١) فدعا النبىّ  ½ عليّاً وحسناً وحسيناً وفاطمة (ع) ، فقال : اللهمّ هؤلاء أهلى ، فأذهب عنهم الرجس ، وطهّرهم تطهيراً(٢) .

٦٣٥٠ ـ المصنّف لابن أبى شيبة عن أبى بكر بن خالد بن عرفطة : أتيت سعد بن مالك(٣) بالمدينة فقال : ذكر لى أنّكم تسبّون عليّاً ؟ قال : قد فعلنا ، قال : فلعلّك قد سبّيته ؟ قلت : معاذ الله ! قال : فلا تسبّه ، فلو وضع المنشار علي مفرقى علي أن أسبّ عليّاً ما سببته أبداً ، بعدما سمعت من رسول الله  ½ ما سمعت(٤) .

٦٣٥١ ـ مروج الذهب عن ابن أبى نجيح : لمّا حجّ معاوية طاف بالبيت ومعه سعد ، فلمّا فرغ انصرف معاوية إلي دار الندوة ، فأجلسه معه علي سريره ، ووقع معاوية فى علىٍّ وشرع فى سبّه ، فزحف سعد ثمّ قال : أجلستنى معك علي سريرك ثمّ شرعت فى سبّ علىّ ، والله لأن يكون فىَّ خصلة واحدة من خصال كانت لعلىّ


(١) الأحزاب : ٣٣ .
(٢) الأمالى للطوسى : ٥٩٨ / ١٢٤٣ ، بحار الأنوار : ٣٣ / ٢١٨ / ٥٠٧ .
(٣) هو سعد بن أبى وقّاص نفسه .
(٤) المصنّف لابن أبى شيبة : ٧ / ٥٠٤ / ٥٩ ، خصائص أمير المؤمنين للنسائى : ١٧٠ / ٩٢ ، التاريخ الكبير : ٨ / كتاب الكني / ١١ / ٧١ ، مسند أبى يعلي : ١ / ٣٦٣ / ٧٧٣ ، تاريخ دمشق : ٤٢ / ٤١٢ كلاهما نحوه .

 ٣٧٦ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / إنكار سبّه / سعد بن أبى وقّاص

أحبّ إلىَّ من أن يكون لى ما طلعت عليه الشمس(١) .

٦٣٥٢ ـ تاريخ دمشق عن عائشة بنت سعد : إنّ مروان بن الحكم كان يعود سعد بن أبى وقّاص ، وعنده أبو هريرة وهو يومئذ قاضى لمروان بن الحكم ، فقال سعد : ردّوه . فقال أبو هريرة : سبحان الله ! كهل قريش وأمير البلد ، جاء يعودك فكان حقّ ممشاه إليك أن تردّه ؟ فقال سعد : ائذنوا له ، فلمّا دخل مروان وأبصره سعد بوجهه تحوّل عنه نحو سرير ابنته عائشة ، فاُرعد سعد وقال : ويلك يا مروان ! إنهَ طاعتك ـ يعنى أهل الشام ـ علي شتم علىّ بن أبى طالب ، فغضب مروان ، فقام وخرج مغضباً(٢) .

٦٣٥٣ ـ جواهر المطالب : لمّا مات الحسن (ع) حجّ معاوية ، فدخل المدينة ، وأراد أن يلعن علىّ بن أبى طالب علي منبر رسول الله  ½ ، فقيل له : إنّ هاهنا سعد بن أبى وقّاص ، ولا نراه يرضي بهذا الأمر ، فابعث إليه وخذ رأيه ، فأرسل إليه معاوية وذكر له ذلك . فقال : والله لئن فعلتَ لأخرجنّ من هذا المسجد ، فلا أعود إليه ، فأمسك معاوية عن ذلك حتي مات سعد . فلمّا مات سعد لعنه علي المنبر ، وكتب إلي سائر عمّاله بذلك وأمرهم أن يلعنوه علي منابرهم ، فأنكر ذلك أصحاب رسول الله  ½ وأعظموه وتكلّموا فى ذلك وبالغوا ، فلم يفد ذلك شيئاً .

وكتبت اُمّ سلمة زوج النبىّ  ½ إلي معاوية :"إنّكم تلعنون الله ورسوله علي منابركم وذلك أنّكم تلعنون علىّ بن أبى طالب ومن أحبّه ، وأنا أشهد أنّ


(١) مروج الذهب : ٣ / ٢٣ وراجع خصائص أمير المؤمنين للنسائى : ٢٣٣ / ١٢٦ والسنن الكبري : ٥ / ١٤٤ / ٨٥١١ .
(٢) تاريخ دمشق : ٥٧ / ٢٤٨ .

 ٣٧٧ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / إنكار سبّه / سعيد بن زيد

رسول الله  ½ أحبّه ، والله أحبّه" ، فلم يلتفت معاوية إلي كلامها(١) .

٨ / ١ ـ ١٠

سعيد بن زيد

٦٣٥٤ ـ السنّة عن عبد الرحمن بن البيلمانى : كنّا عند معاوية فقام رجل فسبّ علىّ بن أبى طالب (ع) وسبّ وسبّ ، فقام سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل فقال : يا معاوية ، ألا أري يسبّ علىّ بين يديك ولا تغير ؟ فإنّى سمعت رسول الله  ½ يقول : هو منّى بمنزلة هارون من موسي(٢) .

٦٣٥٥ ـ مسند ابن حنبل عن عبد الله بن ظالم المازنى : لمّا خرج معاوية من الكوفة استعمل المغيرة بن شعبة ، قال : فأقام خطباء يقعون فى علىّ ، قال : وأنا إلي جنب سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، قال : فغضب ، فقام فأخذ بيدى فتبعته ، فقال : أ لا تري إلي هذا الرجل الظالم لنفسه ، الذى يأمر بلعن رجل من أهل الجنّة ؟ !(٣)

٦٣٥٦ ـ مسند ابن حنبل عن رياح بن الحارث : إنّ المغيرة بن شعبة(٤) كان فى المسجد الأكبر ، وعنده أهل الكوفة عن يمينه وعن يساره ، فجاءه رجل يدعي سعيد بن زيد ، فحيّاه المغيرة وأجلسه عند رجليه علي السرير ، فجاء رجل من أهل الكوفة فاستقبل المغيرة فسبّ وسبّ ، فقال : من يَسُبُّ هذا يا مغيرة ؟ قال : يسبّ علىّ بن أبى طالب (ع) ! قال : يا مغير بن شُعبَ ، يا مغير بن شُعبَ ، ثلاثاً ، أ لا


(١) جواهر المطالب : ٢ / ٢٢٧ ، العقد الفريد : ٣ / ٣٥٥ .
(٢) السنّة لابن أبى عاصم : ٥٨٨ / ١٣٥٠ .
(٣) مسند ابن حنبل : ١ / ٤٠٠ / ١٦٤٤ .
(٤) فى المصدر : "رياح بن الحارث بن المغيرة : إنّ شعبة" ، والصحيح ما أثبتناه .

 ٣٧٨ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / إنكار سبّه / سعيد بن المسيّب

أسمع أصحاب رسول الله  ½ يُسبّون عندك لا تُنكر ولا تُغيّر ؟ !(١)

٨ / ١ ـ ١١

سعيد بن المسيّب

٦٣٥٧ ـ شرح نهج البلاغة عن أبى بكر بن عبد الله الأصبهانى : كان دعىّ لبنى اُميّة يقال له : خالد بن عبد الله ، لا يزال يشتُم عليّاً  ¼ ، فلمّا كان يوم جمعة وهو يخطب الناس ، قال : والله إن كان رسول الله ليستعمله ، وإنّه ليعلم ما هو ! ولكنّه كان ختنه . وقد نعس سعيد بن المسيّب ففتح عينيه ، ثمّ قال : ويحكم ! ما قال هذا الخبيث ؟ رأيت القبر انصدع ورسول الله  ½ يقول : كذبت يا عدوّ الله !(٢)

٨ / ١ ـ ١٢

عامر بن عبد الله بن الزبير

٦٣٥٨ ـ الأمالى للطوسى عن صالح بن كيسان : سمع عامر بن عبد الله بن الزبير ـ وكان من عقلاء قريش ـ ابناً له ينتقص علىّ بن أبى طالب  ¼ ، فقال له : يا بنىَّ لا تنتقص عليّاً ، فإنّ الدِّين لم يبن شيئاً فاستطاعت الدنيا أن تهدمه ، وإنّ الدنيا لم تبن شيئاً إلاّ هدمه الدِّين .

يا بنىَّ ، إنّ بنى اُميّة لهجوا بسبِّ علىّ بن أبى طالب  ¼ فى مجالسهم ولعنوه علي منابرهم ، فإنّما يأخذون والله بضبعيه(٣) إلي السماء مدّاً ، وإنّهم لهجوا بتقريظ ذويهم وأوائلهم من قومهم ، فكأنّما يكشفون منهم عن أنتن من بطون الجيف ،


(١) مسند ابن حنبل : ١ / ٣٩٧ / ١٦٢٩ ، سنن أبى داود : ٤ / ٢١٢ / ٤٦٥٠ نحوه وراجع ح ٤٦٤٩ ومسند ابن حنبل : ١ / ٣٩٨ / ١٦٣١ وح ١٦٣٧ .
(٢) شرح نهج البلاغة : ١٣ / ٢٢١ .
(٣) الضبْع : وسط العَضُد ، وقيل : هو ما تحت الإبط (النهاية ٣ : ٧٣) .

 ٣٧٩ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / إنكار سبّه / محمّد ابن الحنفيّة

فأنهاك عن سبّه(١) .

راجع :(٢) القسم التاسع / علىّ عن لسان الأعيان / عامر بن عبد الله بن الزبير .

٨ / ١ ـ ١٣

محمّد ابن الحنفيّة

٦٣٥٩ ـ شرح نهج البلاغة عن سعيد بن جبير : خطب عبد الله بن الزبير فنال من علىّ  ¼ ، فبلغ ذلك محمّد ابن الحنفيّة ، فجاء إليه وهو يخطب ، فوضِع له كرسى ، فقطع عليه خطبته ، وقال : يا معشر العرب ، شاهت الوجوه ، أ ينتقص علىّ وأنتم حضور ؟ ! إنّ عليّاً كان يد الله علي أعداء الله ، وصاعقة من أمره ، أرسله علي الكافرين والجاحدين لحقّه ، فقتلهم بكفرهم فشنؤوه وأبغضوه ، وأضمروا له الشنف والحسد ، وابن عمّه  ½ حىّ بعد لم يمت ، فلمّا نقله الله إلي جواره وأحبّ له ما عنده ، أظهرت له رجال أحقادها ، وشفت أضغانها ، فمنهم من ابتزّ حقّه ، ومنهم من ائتمر به ليقتله ، ومنهم من شتمه وقذفه بالأباطيل ، فإن يكن لذرّيّته وناصرى دعوته دولة تنشر عظامهم ، وتحفر علي أجسادهم ، والأبدان منهم يومئذ بالية ، بعد أن تقتل الأحياء منهم وتذلّ رقابهم ، فيكون الله عزّ اسمه قد عذّبهم بأيدينا وأخزاهم ، ونصرنا عليهم ، وشفا صدورنا منهم .

إنّه والله ما يشتم عليّاً إلاّ كافر ، يُسِرّ شتم رسول الله  ½ ويخاف أن يبوحَ به ، فيكنّى بشتم علىّ  ¼ عنه .

أما إنّه قد تخطّت المنيّة منكم من امتدّ عمره ، وسمع قول رسول الله  ½ فيه :


(١)
(٢) (٣) الأمالى للطوسى : ٥٨٨ / ١٢١٧ وراجع شرح نهج البلاغة : ٩ / ٦٤ وفيه عبد الله بن عروة بن الزبير ، العقد الفريد : ٤ / ٧٢ وفيه انتقص ابن لحمزة بن عبد الله بن الزبير علياً .


إرجاعات 
٤٢١ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام عليّ / الفصل التاسع : عليّ عن لسان الأعيان / عامرُ بن عَبدِ اللهِ بن الزُّبَير

 ٣٨٠ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / امتناع الناس من سبّه

لا يحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق ³ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَـلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ  ²  (١) فعاد ابن الزبير إلي خطبته ، وقال : عذرت بنى الفواطم يتكلّمون ، فما بال ابن اُمّ حنيفة ؟ !

فقال محمّد : يابن اُمّ رومان ، وما لى لا أتكلّم ؟ ! وهل فاتنى من الفواطم إلاّ واحدة ؟ ! ولم يفتنى فخرها ; لأنّها اُمّ أخوىّ ، أنا ابن فاطمة بنت عمران بن عائذ بن مخزوم جدّة رسول الله  ½ ، وأنا ابن فاطمة بنت أسد بن هاشم كافلة رسول الله  ½ ، والقائمة مقام اُمّه ، أما والله لولا خديجة بنت خويلد ما تركت فى بنى أسد بن عبد العزّي عظماً إلاّ هشمته ! ثمّ قام فانصرف(٢) .

٨ / ٢

امتناع الناس من سبّه

٦٣٦٠ ـ تاريخ اليعقوبى ـ فى حوادث سنة (٤٤ هـ ) ـ : فى هذه السنة عمل معاوية المقصورة فى المسجد ، وأخرج المنابر إلي المصلّي فى العيدين ، وخطب الخطبة قبل الصلاة ، وذلك أنّ الناس إذا صلّوا انصرفوا لئلاّ يسمعوا لعن علىّ ، فقدّم معاوية الخطبة قبل الصلاة ، ووهب فدكاً لمروان بن الحكم ليغيظ بذلك آل رسول الله(٣) .

٦٣٦١ ـ رجال الكشّى عن عاصم بن أبى النجود عمّن شهد ذلك : إنّ معاوية حين قدم الكوفة دخل عليه رجال من أصحاب علىّ  ¼ ، وكان الحسن  ¼ قد أخذ


(١) الشعراء : ٢٢٧ .
(٢) شرح نهج البلاغة : ٤ / ٦٢ .
(٣) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٢٣ .

 ٣٨١ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / امتناع الناس من سبّه

الأمان لرجال منهم مسمّين بأسمائهم وأسماء آبائهم ، وكان فيهم صعصعة .

فلمّا دخل عليه صعصعة قال معاوية لصعصعة : أما والله إنّى كنت لأبغض أن تدخل فى أمانى ، قال : وأنا والله أبغض أن أسميك بهذا الاسم ، ثمّ سلّم عليه بالخلافة .

قال : فقال معاوية : إن كنتَ صادقاً فاصعد المنبر فالعن عليّاً ! قال :

فصعد المنبر وحمد الله وأثني عليه ، ثمّ قال : أيّها الناس ، أتيتكم من عند رجل قدّم شرّه وأخّر خيره ، وأنّه أمرنى أن ألعن عليّاً فالعنوه لعنه الله ، فضجّ أهل المسجد بآمين .

فلمّا رجع إليه فأخبره بما قال ، ثمّ قال : لا والله ما عنيتَ غيرى ، ارجع حتي تسمّيه باسمه .

فرجع وصعد المنبر ، ثمّ قال : أيّها الناس ، إن أمير المؤمنين أمرنى أن ألعن علىّ بن أبى طالب فالعنوا من لعن علىّ بن أبى طالب . قال : فضجّوا بآمين .

فلمّا خُبِّر معاوية قال : لا والله ما عنى غيرى ، أخرجوه لا يساكننى فى بلد ، فأخرجوه(١) .

٦٣٦٢ ـ الأذكياء : قامت الخطباء إلي المغيرة بن شعبة بالكوفة ، فقام صعصعة بن صوحان فتكلّم ، فقال المغيرة : أرجئوه فأقيموه علي المصطبة فليلعن عليّاً .

فقال : لعن الله من لعن الله ولعن علىّ بن أبى طالب ، فأخبروه بذلك ، فقال : اُقسم بالله لتعيدنّه . فخرج فقال : إنّ هذا يأبي إلاّ علىّ بن أبى طالب فالعنوه لعنه


(١) رجال الكشّى : ١ / ٢٨٥ / ١٢٣ .

 ٣٨٢ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / امتناع الناس من سبّه

الله ، فقال المغيرة : أخرجوه أخرج الله نفسه(١) .

٦٣٦٣ ـ شرح نهج البلاغة : أمر المغيرة بن شعبة ـ وهو يومئذ أمير الكوفة من قبل معاوية ـ حُجر بن عدى أن يقوم فى الناس فليلعن عليّاً  ¼ ، فأبي ذلك ، فتوعّده ، فقام فقال : أيّها الناس ، إنّ أميركم أمرنى أن ألعن عليّاً فالعنوه . فقال أهل الكوفة : لعنه الله . وأعاد الضمير إلي المغيرة بالنية والقصد(٢) .

٦٣٦٤ ـ العقد الفريد عن أبى الحُباب الكندى عن أبيه : إنّ معاوية بن أبى سفيان بينما هو جالس وعنده وجوه الناس ، إذ دخل رجلٌ من أهل الشام فقام خطيباً ، فكان آخر كلامه أن لعن عليّاً ، فأطرق الناس وتكلّم الأحنف ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إنّ هذا القائل ما قال آنفاً ، لو يعلم أنّ رضاك فى لعن المرسلين للعنهم ، فاتّقِ الله ودع عنك عليّاً ، فقد لقى ربّه ، واُفرد فى قبره ، وخلا بعمله ، وكان والله [ما علمنا ]المبرِّز بسبقه ، الطاهر خُلقه ، الميمون نقيبته(٣) ، العظيم مصيبته .

فقال له معاوية : يا أحنف ، لقد أغضيتَ العين علي القذي ، وقلتَ بغير ما تري ، وايم الله لتصعدنّ المِنبر فلتلعنّه طوعاً أو كَرهاً .

فقال له الأحنف : يا أمير المؤمنين ، إن تُعفنى فهو خيرٌ لك ، وإن تجبرنى علي ذلك فو الله لا تجرى به شفتاى أبداً ، قال : قم فاصعد المنبر ، قال الأحنف : أما والله مع ذلك لاُنصفنّك فى القول والفعل ، قال : وما أنت قائل يا أحنف إن أنصفتنى ؟ قال : أصعد المنبر فأحمد الله بما هو أهله ، واُصلّى علي نبيّه  ½ ، ثمّ أقول : أيّها الناس ، إنّ أمير المؤمنين معاوية أمرنى أن ألعن عليّاً ، وإنّ عليّاً ومعاوية اختلفا


(١) الأذكياء : ١٥٩ .
(٢) شرح نهج البلاغة : ٤ / ٥٨ .
(٣) ميمون النقيبة : مبارك النفس ، مظفَّر بما يحاول (لسان العرب : ١ / ٧٦٨) .

 ٣٨٣ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / امتناع الناس من سبّه

فاقتتلا ، وادّعي(١) كلّ واحد منهما أنّه بُغى عليه وعلي فئته ، فإذا دعوت فأمّنوا رحمكم الله .

ثمّ أقول : اللهمّ العن أنت وملائكتك وأنبياؤك وجميع خلقك الباغى منهما علي صاحبه ، والعن الفئة الباغية ، اللهمّ العنهم لعناً كثيراً ، أمّنوا رحمكم الله . يا معاوية ،أزيد علي هذا ولا أنقص منه حرفاً ولو كان فيه ذهاب نفسى . فقال معاوية : إذن نُعفيك يا أبا بحر(٢) .

٦٣٦٥ ـ أنساب الأشراف عن الأعمش : رأيت عبد الرحمن بن أبى ليلي وقفه الحجّاج فقال : العن الكذّابين عليّاً ، وعبد الله بن الزبير ، والمختار بن أبى عبيد ، فقال : لعن الله الكذّابين ثمّ ابتدأ فقال : علىّ بن أبى طالب ، وعبد الله بن الزبير ، والمختار بن أبى عبيد . قال : فعلمت أنّه حين ابتدأهم ورفعهم أنّه لم يلعنهم(٣) .

٦٣٦٦ ـ الأذكياء : ضرب الحجّاج عبد الرحمن بن أبى ليلي وأقامه للناس ، ومعه رجل يحثّه ويقول : العن عليّاً ، فيقول : اللهمّ العن الكذّابين . ثمّ يسكت ويقول : آه علىّ بن أبى طالب . ثمّ يسكت ، ثمّ يقول : المختار وابن الزبير(٤) .

٦٣٦٧ ـ الطبقات الكبري عن سعد بن محمّد بن الحسن بن عطيّة : جاء سعد بن جنادة إلي علىّ بن أبى طالب وهو بالكوفة ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إنّه ولد لى غلام فسمّه . قال : هذا عطيّة الله . فسمّى عطيّة(٥) . وكانت اُمّه اُمّ ولد روميّة .


(١) فى المصدر : "و أدّي" ، والتصحيح من جواهر المطالب .
(٢) العقد الفريد : ٣ / ٨٧ ، نهاية الأرب : ٧ / ٢٣٧ ، جواهر المطالب : ٢ / ٢٣١ .
(٣) أنساب الأشراف : ٢ / ٤٠٥ وراجع رجال الكشّى : ١ / ٣١٨ / ١٦٠ .
(٤) الأذكياء : ١٥٩ .
(٥) هو عطيّة بن سعد بن جنادة العوفى ، من أعلام التابعين . وهو أوّل من زار قبر الإمام الحسين  ¼ مع جابر بن عبد الله الأنصارى .

 ٣٨٤ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / مدينة امتنعت من سبّه

وخرج عطيّة مع ابن الأشعث علي الحجّاج ، فلمّا انهزم جيش ابن الأشعث هرب عطيّة إلي فارس ، فكتب الحجّاج إلي محمّد بن القاسم الثقفى : أن ادع عطيّة ، فإن لعن علىّ بن أبى طالب وإلاّ فاضربه أربعمائة سوط واحلق رأسه ولحيته . فدعاه فأقرأه كتاب الحجّاج ، فأبي عطيّة أن يفعل ، فضربه أربعمائة سوط وحلق رأسه ولحيته(١) .

٨ / ٣

مدينة امتنعت من سبّه

٦٣٦٨ ـ معجم البلدان ـ فى وصف مدينة سجستان ـ : قال الرهنى : وأجلّ من هذا كلّه أنّه لُعن علىّ بن أبى طالب (ع) علي منابر الشرق والغرب ولم يُلعن علي منبرها إلاّ مرّة ، وامتنعوا علي بنى اُميّة حتي زادوا فى عهدهم أن لا يُلعن علي منبرهم أحد ، ولا يصطادوا فى بلدهم قنفذاً ولا سلحفاةً ، وأىّ شرف أعظم من امتناعهم من لعن أخى رسول الله  ½ علي منبرهم وهو يُلعن علي منابر الحرَمين مكّة والمدينة !!(٢)

٨ / ٤

الامتناع من البراءة

٦٣٦٩ ـ تاريخ الطبرى عن أبى مخنف ـ فى بيان مقتل حجر بن عدى وأصحابه ـ : جاء رسول معاوية إليهم بتخلية ستّة وبقتل ثمانية ، فقال لهم رسول معاوية : إنّا قد اُمرنا أن نعرض عليكم البراءة من علىّ واللعن له ، فإن فعلتم تركناكم ، وإن أبيتم


(١) الطبقات الكبري : ٦ / ٣٠٤ .
(٢) معجم البلدان : ٣ / ١٩١ .

 ٣٨٥ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / الامتناع من البراءة

قتلناكم ، وإنّ أمير المؤمنين يزعم أنّ دماءكم قد حلّت له بشهادة أهل مصركم عليكم ، غير أنّه قد عفا عن ذلك ، فابرؤوا من هذا الرجل نُخلِّ سبيلكم .

قالوا : اللهمّ إنّا لسنا فاعلى ذلك . فأمر بقبورهم فحفرت ، واُدنيت أكفانهم ، وقاموا الليل كلّه يصلّون ، فلمّا أصبحوا قال أصحاب معاوية : يا هؤلاء ، لقد رأيناكم البارحة قد أطلتم الصلاة ، وأحسنتم الدعاء ، فأخبرونا ما قولكم فى عثمان ؟

قالوا : هو أوّل من جار فى الحكم ، وعمل بغير الحقّ .

فقال أصحاب معاوية : أمير المؤمنين كان أعلم بكم ، ثمّ قاموا إليهم فقالوا : تبرؤون من هذا الرجل ؟

قالوا : بل نتولاّه ونتبرّأ ممّن تبرّأ منه .

فأخذ كلّ رجل منهم رجلاً ليقتله ، ووقع قبيصة بن ضبيعة فى يدى أبى شريف البدّى ، فقال له قبيصة : إنّ الشرّ بين قومى وقومك أمن ، فليقتلنى سواك ، فقال له : برّتك رَحِم ! فأخذ الحضرمى فقتله ، وقتل القضاعى قبيصة بن ضبيعة .

قال : ثمّ إن حُجراً قال لهم : دعونى أتوضّأ ، قالوا له : توضّأ ، فلمّا أن توضّأ قال لهم : دعونى اُصلِّ ركعتين ، فأيمنُ الله ما توضّأت قطّ إلاّ صلّيت ركعتين .

قالوا : لتصلّ .

فصلّي ثمّ انصرف فقال : والله ما صلّيت صلاة قطّ أقصر منها ، ولولا أن تروا أنّ ما بى جزع من الموت لأحببت أن أستكثر منها ، ثمّ قال : اللهمّ إنّا نستعديك علي اُمّتنا ، فإنّ أهل الكوفة شهدوا علينا ، وإنّ أهل الشام يقتلوننا ، أما والله لئن قتلتمونى بها إنّى لأوّل فارس من المسلمين هلك فى واديها ، وأوّل رجل من

 ٣٨٦ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / الامتناع من البراءة

المسلمين نبحته كلابها .

فمشي إليه الأعور هدبة بن فيّاض بالسيف ، فأرعدت خصائله ، فقال : كلاّ ، زعمت أنّك لا تجزع من الموت ، فأنا أدعك فابرأ من صاحبك .

فقال : ما لى لا أجزع وأنا أري قبراً محفوراً ، وكفناً منشوراً ، وسيفاً مشهوراً ، وإنّى والله إن جزعت من القتل لا أقول ما يسخط الربّ . فقتله ، وأقبلوا يقتلونهم واحداً واحداً حتي قتلوا ستّة(١) .

راجع : القسم السادس عشر / رشيد .


(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٢٧٥ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٩٧ نحوه وراجع أنساب الأشراف : ٥ / ٢٦٦ .


إرجاعات 
١٠٩ - المجلد الثاني عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام عليّ وعمّاله / رُشَيدٌ الهَجَرِيّ

 ٣٨٧ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / كلام فى خيبة أعدائه

روي ابن أبى الحديد عن شيخه أبى جعفر الإسكافى أنّه قال : لولا ما غلب علي الناس من الجهل وحبّ التقليد ; لم نحتج إلي نقض ما احتجّت به العثمانيّة ، فقد علم الناس كافّة أنّ الدولة والسلطان لأرباب مقالتهم ، وعرف كلّ أحد علوّ أقدار شيوخهم وعلمائهم واُمرائهم ، وظهور كلمتهم ، وقهر سلطانهم ، وارتفاع التقيّة عنهم ، والكرامة والجائزة لمن روي الأخبار والأحاديث فى فضل أبى بكر ، وما كان من تأكيد بنى اُميّة لذلك ، وما ولده المحدّثون من الأحاديث طلباً لما فى أيديهم ، فكانوا لا يألون جهداً فى طول ما ملكوا أن يُخملوا ذكر علىّ  ¼ وولده ، ويطفئوا نورهم ، ويكتموا فضائلهم ومناقبهم وسوابقهم ، ويحملوا علي شتمهم وسبّهم ولعنهم علي المنابر .

فلم يزل السيف يقطر من دمائهم ، مع قلّة عددهم وكثرة عدوّهم ; فكانوا بين قتيل وأسير ، وشريد وهارب ، ومستخف ذليل ، وخائف مترقّب ، حتي إنّ الفقيه والمحدّث والقاضى والمتكلّم ، لَيُتقدّم إليه ويُتوعّد بغاية الإيعاد وأشدّ العقوبة ، أن يذكروا شيئاً من فضائلهم ، ولا يرخّصوا لأحد أن يُطيف بهم .

 ٣٨٨ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / كلام فى خيبة أعدائه

وحتي بلغ من تقيّة المحدّث أنّه إذا ذكر حديثاً عن علىّ  ¼ كَنَي عن ذكره ، فقال : قال رجل من قريش ; وفعل رجل من قريش ، ولا يذكر عليّاً  ¼ ، ولا يتفوّه باسمه .

ثمّ رأينا جميع المختلفين قد حاولوا نقض فضائله ، ووجّهوا الحيل والتأويلات نحوها ، من خارجىٍّ مارق ، وناصب حَنِق ، وثابت مستبهم ، وناشيء معاند ، ومنافق مكذّب ، وعثمانىٍّ حسود ; يعترض فيها ويطعن ، ومعتزلى قد نقض فى الكلام ، وأبصر علم الاختلاف ، وعرف الشُّبَه ومواضع الطعن وضروب التأويل ، قد التمس الحيل فى إبطال مناقبه ، وتأوّل مشهور فضائله ، فمرّة يتأوّلها بما لا يحتمل ، ومرّة يقصد أن يضع من قدرها بقياس منتقض ، ولا يزداد مع ذلك إلاّ قوّة ورفعة ، ووضوحاً واستنارة .

وقد علمت أنّ معاوية ويزيد ومن كان بعدهما من بنى مروان أيّام ملكهم ـ وذلك نحو ثمانين سنة ـ لم يدعوا جهداً فى حمل الناس علي شتمه ولعنه ، وإخفاء فضائله ، وستر مناقبه وسوابقه .

روي خالد بن عبد الله الواسطى عن حصين بن عبد الرحمن عن هلال بن يساف عن عبد الله بن ظالم قال : لمّا بويع لمعاوية أقام المغيرة بن شعبة خطباء يلعنون عليّاً  ¼ ، فقال سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل : أ لا ترون إلي هذا الرجل الظالم يأمر بلعن رجل من أهل الجنّة ؟ ! .

روي سليمان بن داود عن شعبة عن الحرّ بن الصباح قال : سمعت عبد الرحمن بن الأخنس يقول : شهدت المغيرة بن شعبة خطب ، فذكر عليّاً  ¼ ، فنال منه .

روي أبو كريب قال : حدّثنا أبو اُسامة قال : حدّثنا صدقة بن المثنّي النخعى

 ٣٨٩ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / كلام فى خيبة أعدائه

عن رياح بن الحارث ، قال : بينما المغيرة بن شعبة بالمسجد الأكبر وعنده ناس ، إذ جاءه رجل يقال له : قيس بن علقمة ، فاستقبل المغيرة فسبّ عليّاً  ¼ .

روي محمّد بن سعيد الأصفهانى عن شريك عن محمّد بن إسحاق عن عمرو بن علىّ بن الحسين عن أبيه علىّ بن الحسين  ¼ ، قال : قال لى مروان : ما كان فى القوم أدفع عن صاحبنا من صاحبكم ، قلت : فما بالكم تسبّونه علي المنابر ؟ قال : إنّه لا يستقيم لنا الأمر إلاّ بذلك ! !

روي مالك بن إسماعيل أبو غسّان النهدى عن ابن أبى سيف قال : خطب مروان والحسن  ¼ جالس ، فنال من علىّ  ¼ ، فقال الحسن : ويلك يا مروان ! أ هذا الذى تشتم شرّ الناس ! قال : لا ، ولكنّه خير الناس .

وروي أبو غسّان أيضاً قال : قال عمر بن عبد العزيز : كان أبى يخطب ، فلا يزال مستمرّاً فى خطبته ، حتي إذا صار إلي ذكر علىّ وسبّه تقطّع لسانه ، واصفرّ وجهه ، وتغيّرت حاله ، فقلت له فى ذلك فقال : أ وَقد فطنت لذلك ؟ إنّ هؤلاء لو يعلمون من علىّ ما يعلمه أبوك ما تبعنا منهم رجل .

وروي أبو عثمان قال : حدّثنا أبو اليقظان قال : قام رجل من ولد عثمان إلي هشام بن عبد الملك يوم عرفة فقال : إنّ هذا يوم كانت الخلفاء تستحبّ فيه لعن أبى تراب !

وروي عمرو بن القنّاد عن محمّد بن فضيل عن أشعث بن سوّار قال : سبّ عدىّ بن أوطاة عليّاً  ¼ علي المنبر ، فبكي الحسن البصرى وقال : لقد سُبّ هذا اليوم رجل إنّه لاَخو رسول الله  ½ فى الدنيا والآخرة .

وروي عدىّ بن ثابت عن إسماعيل بن إبراهيم قال : كنت أنا وإبراهيم بن يزيد

 ٣٩٠ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / كلام فى خيبة أعدائه

جالسين فى الجمعة ممّا يلى أبواب كندة ، فخرج المغيرة فخطب فحمد الله ، ثمّ ذكر ما شاء أن يذكر ، ثمّ وقع فى علىّ  ¼ فضرب إبراهيم علي فخذى أو ركبتى ثمّ قال : أقبِل علىَّ فحدِّثنى ; فإنّا لسنا فى جمعة ; أ لا تسمع ما يقول هذا ؟

وروي عبد الله بن عثمان الثقفى قال : حدّثنا ابن أبى سيف قال : قال ابن لعامر بن عبد الله بن الزبير لولده : لا تذكر يا بنىّ عليّاً إلاّ بخير ; فإنّ بنى اُميّة لعنوه علي منابرهم ثمانين سنة ، فلم يزِده الله بذلك إلاّ رفعة . إنّ الدنيا لم تبنِ شيئاً قطّ إلاّ رجعت علي ما بَنَت فهدمته ، وإنّ الدين لم يبنِ شيئاً قطّ وهدمه .

وروي عثمان بن سعيد قال : حدّثنا مطّلب بن زياد عن أبى بكر بن عبد الله الأصبهانى قال : كان دعىّ لبنى اُميّة يقال له خالد بن عبد الله لا يزال يشتم عليّاً  ¼ ، فلمّا كان يوم جمعة وهو يخطب الناس قال : والله إن كان رسول الله لَيستعمله وإنّه ليعلم ما هو ، ولكنّه كان خَتَنه(١) ، وقد نعس سعيد بن المسيّب ففتح عينيه ثمّ قال : ويحكم ! ما قال هذا الخبيث ؟ رأيت القبر انصدع ورسول الله  ½ يقول : كذبت يا عدوّ الله .

وروي القنّاد قال : حدّثنا أسباط بن نصر الهمدانى عن السدّى قال : بينما أنا بالمدينة عند أحجار الزيت(٢) ، إذ أقبل راكب علي بعير ، فوقف فسبّ عليّاً  ¼ ، فخفّ به الناس ينظرون إليه ، فبينما هو كذلك ، إذ أقبل سعد بن أبى وقّاص فقال : اللهمّ إن كان سبّ عبداً لك صالحاً فأرِ المسلمين خزيه ، فما لبث أن نفر به بعيره ، فسقط فاندقّت عنقه .


(١) الختن : زوج البنت (انظر النهاية : ٢ / ١٠) .
(٢) أحْجار الزَّيْت : موضع بالمدينة ، وهو موضع صلاة الاستسقاء (معجم البلدان : ١ / ١٠٩) .

 ٣٩١ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / كلام فى خيبة أعدائه

وروي عثمان بن أبى شيبة عن عبد الله بن موسي عن فُطْر بن خليفة عن أبى عبد الله الجدلى قال : دخلت علي اُمّ سلمة رحمها الله ، فقالت لى : أ يُسبّ رسول الله  ½ فيكم وأنتم أحياء ؟ قلت : وأنّي يكون هذا ؟ قالت : أ ليس يُسبّ علىّ  ¼ ومن يُحبّه ؟

وروي العبّاس بن بَكّار الضبّى قال : حدّثنى أبو بكر الهذلى عن الزهرى قال : قال ابن عبّاس لمعاوية : أ لا تكفّ عن شتم هذا الرجل ؟ قال : ما كنت لأفعل حتي يربو عليه الصغير ويهرم فيه الكبير ، فلمّا وُلّى عمر بن عبد العزيز كفّ عن شتمه ، فقال الناس : ترك السُّنّة .

قال : وقد روى عن ابن مسعود ـ إمّا موقوفاً عليه أو مرفوعاً ـ : كيف أنتم إذا شملتكم فتنة يربو عليها الصغير ، ويهرم فيها الكبير ، يجري عليها الناس فيتّخذونها سنّة ، فإذا غُيِّر منها شىء قيل : غُيّرت السُّنّة ؟

قال أبو جعفر : وقد تعلمون أنّ بعض الملوك ربّما أحدثوا قولاً أو ديناً لهويً ، فيحملون الناس علي ذلك حتي لا يعرفوا غيره ، كنحو ما أخذ الناس الحجّاج بن يوسف بقراءة عثمان ، وترك قراءة ابن مسعود واُبىّ بن كعب ، وتوعّد علي ذلك بدون ما صنع هو وجبابرة بنى اُميّة ، وطغاة مروان بولد علىّ  ¼ وشيعته ، وإنّما كان سلطانه نحو عشرين سنة ، فما مات الحجّاج حتي اجتمع أهل العراق علي قراءة عثمان ، ونشأ أبناؤهم ولا يعرفون غيرها ; لإمساك الآباء عنها ، وكفّ المعلّمين عن تعليمها حتي لو قُرئت عليهم قراءة عبد الله واُبىّ ما عرفوها ، ولظنّوا بتأليفها الاستكراه والاستهجان ; لإلف العادة وطول الجهالة ; لأنّه إذا استولت علي الرعيّة الغلبة ، وطالت عليهم أيّام التسلّط ، وشاعت فيهم المخافة ، وشملتهم التقيّة ، اتّفقوا علي التخاذل والتساكت ، فلا تزال الأيّام تأخذ من بصائرهم ، وتنقص من

 ٣٩٢ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / كلام فى خيبة أعدائه

ضمائرهم ، وتنقض من مرائرهم(١) ، حتي تصير البدعة التى أحدثوها غامرة للسنّة التى كانوا يعرفونها .

ولقد كان الحجّاج ومَن ولاّه كعبد الملك والوليد ومن كان قبلهما وبعدهما من فراعنة بنى اُميّة علي إخفاء محاسن علىّ  ¼ وفضائله وفضائل ولده وشيعته وإسقاط أقدارهم ; أحرص منهم علي إسقاط قراءة عبد الله واُبىّ ; لأنّ تلك القراءات لا تكون سبباً لزوال ملكهم وفساد أمرهم وانكشاف حالهم ، وفى اشتهار فضل علىّ  ¼ وولده وإظهار محاسنهم بوارهم ، وتسليط حكم الكتاب المنبوذ عليهم ، فحرصوا واجتهدوا فى إخفاء فضائله ، وحملوا الناس علي كتمانها وسترها ، وأبي الله أن يزيد أمره وأمر ولده إلاّ استنارة وإشراقاً ، وحبّهم إلاّ شَغفاً وشدّة ، وذكرهم إلاّ انتشاراً وكثرة ، وحجّتهم إلاّ وضوحاً وقوّة ، وفضلهم إلاّ ظهوراً ، وشأنهم إلاّ علوّاً ، وأقدارهم إلاّ إعظاماً ، حتي أصبحوا بإهانتهم إيّاهم أعزّاء ، وبإماتتهم ذكرهم أحياء ، وما أرادوا به وبهم من الشرّ تحوّل خيراً .

فانتهي إلينا من ذكر فضائله وخصائصه ومزاياه وسوابقه ، ما لم يتقدّمه السابقون ، ولا ساواه فيه القاصدون ، ولا يلحقه الطالبون ، ولولا أنّها كانت كالقبلة المنصوبة فى الشهرة ، وكالسنن المحفوظة فى الكثرة ; لم يصل إلينا منها فى دهرنا حرف واحد إذا كان الأمر كما وصفناه(٢) .


(١) المرائر : الحبال المفتولة علي أكثر من طاق (النهاية : ٤ / ٣١٧) وهو كناية عن الضعف وعدم الاستحكام .
(٢) شرح نهج البلاغة : ١٣ / ٢١٩ .

 ٣٩٣ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / رفع السبّ عنه

٨ / ٥

رفع السبّ عنه

٦٣٧٠ ـ شرح نهج البلاغة : إنّ معاوية أمر الناس بالعراق والشام وغيرهما بسبّ علىّ  ¼ ، والبراءة منه ، وخطب بذلك علي منابر الإسلام ، وصار ذلك سُنّة فى أيّام بنى اُميّة ، إلي أن قام عمر بن عبد العزيز فأزاله(١) .

٦٣٧١ ـ الكامل فى التاريخ : كان بنو اُمية يسبّون أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب  ¼ ، إلي أن ولى عمر بن عبد العزيز الخلافة ، فترك ذلك وكتب إلي العمّال فى الآفاق بتركه .

وكان سبب محبّته عليّاً أنّه قال : كنت بالمدينة أ تعلّم العلم ، وكنتُ ألزم عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة بن مسعود ، فبلغه عنّى شىء من ذلك ، فأتيته يوماً وهو يصلّى ، فأطال الصلاة ، فقعدت أنتظر فراغه ، فلمّا فرغ من صلاته التفت إلىَّ فقال لى : متي علمت أنّ الله غضب علي أهل بدر وبيعة الرضوان بعد أن رضى عنهم ؟ قلتُ : لم أسمع ذلك . قال : فما الذى بلغنى عنك فى علىّ ؟ فقلت : معذرة إلي الله وإليك ! وتركتُ ما كنت عليه .

وكان أبى إذا خطب فنال من علىّ (ع) تلجلج(٢) ، فقلتُ : يا أبه ، إنّك تمضى فى خطبتك ، فإذا أتيت علي ذكر علىّ عرفت منك تقصيراً .

قال : أ وَفطنت لذلك ؟ قلت : نعم . فقال : يا بنىَّ ، إنّ الذين حولنا لو يعلمون من علىّ ما نعلم تفرّقوا عنّا إلي أولاده .


(١) شرح نهج البلاغة : ٤ / ٥٦ وراجع مروج الذهب : ٣ / ١٩٣ وإثبات الوصيّة : ١٩٢ وتاريخ اليعقوبى : ٢ / ٣٠٥ .
(٢) اللجلجة : ثقل اللسان ، ونقص الكلام ، وأن لا يُخرج بعضه فى أثر بعض (لسان العرب : ٢ / ٣٥٥) .

 ٣٩٤ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / رفع السبّ عنه

فلمّا ولىَ الخلافة لم يكن عنده من الرغبة فى الدنيا ما يرتكب هذا الأمر العظيم لأجلها ، فترك ذلك وكتب بتركه ، وقرأ عوضه : ³ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِْحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ  ²  الآية(١) ، فحلّ هذا الفعل عند الناس محلاًّ حسناً ، وأكثروا مدحه بسببه(٢) .

٦٣٧٢ ـ شرح نهج البلاغة عن عمر بن عبد العزيز : كنت غلاماً أقرأ القرآن علي بعض ولد عُتبة بن مسعود ، فمرّ بى يوماً وأنا ألعب مع الصبيان ، ونحن نلعن عليّاً ، فكره ذلك ودخل المسجد ، فتركت الصبيان وجئت إليه لأدرس عليه وِرْدى ، فلمّا رآنى قام فصلّي وأطال فى الصلاة ـ شبه المعرض عنّى ـ حتي أحسست منه بذلك ، فلمّا انفتل من صلاته كَلَح(٣) فى وجهى ، فقلت له : ما بال الشيخ ؟ فقال لى : يا بنىَّ ، أنت اللاعن عليّاً منذ اليوم ؟ قلت : نعم . قال : فمتي علمت أنّ الله سخط علي أهل بدر بعد أن رضىَ عنهم ؟ فقلت : يا أبتِ ، وهل كان علىّ من أهل بدر ؟ فقال : ويحك ! وهل كانت بدر كلُّها إلاّ له ! ! فقلت : لا أعود ، فقال : اللهَ أنّك لا تعود ، قلت : نعم . فلم ألعنه بعدها .

ثمّ كنتُ أحضر تحت منبر المدينة ، وأبى يخطب يوم الجمعة ـ وهو حينئذ أمير المدينة ـ فكنت أسمع أبى يمرّ فى خطبه تهدر شقاشِقه(٤) ، حتي يأتى إلي


(١) النحل : ٩٠ .
(٢) الكامل فى التاريخ : ٣ / ٢٥٥ وراجع الفخرى : ١٢٩ وتاريخ دمشق : ٤٥ / ١٣٦ وسير أعلام النبلاء : ٥ / ١١٧ / ٤٨ .
(٣) الكلوح : العبوس (لسان العرب : ٢ / ٥٧٤) .
(٤) الشقشقة : لهاة البعير ; ولا تكون إلاّ للعربى من الإبل ، شبّه الفصيح المنطيق بالفحل الهادر ولسانه بشقشقته (لسان العرب : ١٠ / ١٨٥) .

 ٣٩٥ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / رفع السبّ عنه

لعن علىّ  ¼ فيجمجم(١) ، ويعرض له من الفهاهة والحصر ما الله عالم به ، فكنت أعجب من ذلك ، فقلت له يوماً : يا أبتِ ، أنت أفصح الناس وأخطبهم ، فما بالى أراك أفصح خطيب يوم حَفْلك ، حتي إذا مررت بلعن هذا الرجل صرت ألكنَ عليّاً !

فقال : يا بنىّ ، إنّ من تري تحت منبرنا من أهل الشام وغيرهم ، لو علموا من فضل هذا الرجل ما يعلمه أبوك لم يتبعنا منهم أحد .

فوقرت كلمتُه فى صدرى ; مع ما كان قاله لى معلّمى أيّام صغرى ، فأعطيت الله عهداً ; لئن كان لى فى هذا الأمر نصيب لاُغيّرنّه ، فلمّا مَنَّ الله علىَّ بالخلافة أسقطت ذلك ، وجعلت مكانه : ³ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِْحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ  ²  وكتب به إلي الآفاق ، فصار سُنّة(٢) .

٦٣٧٣ ـ الأمالى للشجرى عن أبى عبد الله الختلى : لمّا أسقط عمر بن عبد العزيز من الخطب علي المنابر لعنَ أمير المؤمنين  ¼ قام إليه عمرو بن شعيب ـ وقد بلغ إلي الموضع الذى كانت بنو اُميّة تلعن فيه عليّاً  ¼ ، فقرأ مكانه : ³ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِْحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ  ²  فقام إليه عمرو بن شعيب لعنه الله ـ فقال : يا أمير المؤمنين ! السُّنّة السُّنّة ! يحرّضه علي لعن علىّ  ¼ ، فقال عمر : اسكت قبّحك الله ! تلك البدعة لا السنّة . وتمّم خطبته(٣) .

٦٣٧٤ ـ بحر المعارف : لمّا آلَ نوبة الإمارة إلي عمر بن عبد العزيز تفكّر فى


(١) جمجَم الرجل تجمجَم : إذا لم يُبيّن كلامه (لسان العرب : ١٢ / ١١٠) .
(٢) شرح نهج البلاغة : ٤ / ٥٨ .
(٣) الأمالى للشجرى : ١ / ١٥٣ .

 ٣٩٦ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / رفع السبّ عنه

معاوية وأولاده ولعنه عليّاً  ¼ وقتل أولاده من غير استحقاق ، فلمّا أصبح أحضر الوزراء فقال : رأيت البارحة أنّ هلاك آل أبى سفيان بمخالفتهم العترة ، وخاطر ببالى أن أرفع لعنهم . وقال وزراؤه : الرأى رأى ا لأمير .

فلمّا صعد المنبر يوم الجمعة قام إليه ذمّى متموِّل ، واستنكح منه بنته ، قال عمر : إنّك عندنا كافر ، لا تحلّ بناتنا للكافر ، فقال الذمّى : فلِمَ زوَّج نبيّكم بنته فاطمة من الكافر علىّ بن أبى طالب ؟ فصاح عليه عمر فقال : من يقول إنَّ عليّاً كافر ؟ فقال الذمّىُّ : إن لم يكن علىٌّ كافراً فلمَ تلعنونه ؟ فتخجّل عمر ونزل ، وكتب إلي قاضى بلاد الإسلام : إنَّ أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رفع لعن علىٍّ  ¼ ; لأنَّ ذلك كان بدعة وضلالة ، وأمر- القُوّاد ـ خمسمائة شجعان ـ حتي لبسوا السلاح تحت ثيابهم فى جمعة اُخري وصعد المنبر ، وكان عادتهم لعنه  ¼ آخر الخطبة ، فلمّا خرج من الخطبة قال : ³ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِْحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبيٰ وَيَنْهَيٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْىِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ  ²  مقام اللعن ونزل ، فصاح القوم من جوانب المسجد : كَفَر أمير المؤمنين ، وحملوا عليه ليقتلوه ، فنادي القوّادَ فصاح بهم حتي أظهروا الأسلحة وخلّصوه من أيديهم والتجأ بإعانة القوّاد إلي قصره ; فصارت قراءة هذه الآية سنّة فى آخر الخطبة ; وتفرَّق الناس قائلين : غُيّرت السُّنّة ، اُبدِلت السُّنّة(١) .


(١) بحر المعارف للهمدانى : ١٣٧ نقلاً عن كتاب أسرار الإمامة .