٣٦٧ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه
٨ / ١ ٨ / ١ ـ ١ ٦٣٣٥ ـ شرح نهج البلاغة عن إسماعيل بن إبراهيم : كنت أنا وإبراهيم بن يزيد جالسين فى الجمعة ممّا يلى أبواب كندة ، فخرج المغيرة فخطب ، فحمد الله ثمّ ذكر ما شاء أن يذكر ، ثمّ وقع فى علىّ ¼ ، فضرب إبراهيم علي فخذى أو ركبتى ، ثمّ قال : أقبل علىَّ فحدّثنى فإنّا لسنا فى جمعة ، أ لا تسمع ما يقول هذا ؟ !(١) ٣٦٨ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / إنكار سبّه / ابن عبّاس
٨ / ١ ـ ٢ ٦٣٣٦ ـ المستدرك علي الصحيحين عن عبيد الله بن أبى مليكة : جاء رجل من أهل الشام فسبّ عليّاً عند ابن عبّاس فحصبه ابن عبّاس فقال : يا عدو الله ، آذيت رسول الله ½ ³ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالاَْخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا ² (١) لو كان رسول الله ½ حيّاً لآذيته(٢) . ٦٣٣٧ ـ مروج الذهب : مرَّ ابن عبّاس بقوم ينالون من علىٍّ ويسبّونه ، فقال لقائده : أدْنِنى منهم ، فأدناه ، فقال : أيّكم السابّ الله ؟ قالوا : نعوذ بالله أن نسبّ الله ، فقال : أيّكم السابّ رسول الله ½ ؟ فقالوا : نعوذ بالله أن نسبّ رسول الله ½ ، فقال : أيّكم السابّ علىّ بن أبى طالب ؟ قالوا : أمّا هذه فنعم ، قال : أشهد لقد سمعت رسول الله ½ يقول : من سبّنى فقد سبّ الله ، ومن سبّ عليّاً فقد سبّنى . فأطرَقُوا(٣) . ٦٣٣٨ ـ المناقب لابن المغازلى عن سليمان بن علىّ عن أبيه : كنت مع عبد الله بن العبّاس وسعيد بن جبير يقوده ، فمرّ علي ضفّة زمزم ، فإذا بقوم من أهل الشام يسبّون عليّاً ¼ ، فقال لسعيد : رُدّنى إليهم ، فوقف عليهم فقال : أيّكم السابّ لله عزّ وجلّ ؟ قالوا : سبحان الله ما فينا أحد يسبّ الله عزّ وجلّ ! قال : فأيّكم السابّ رسول الله ½ ؟ قالوا : سبحان الله ما فينا أحد يسبّ رسول الله ½ ! قال : فأيّكم (١) الأحزاب : ٥٧ . ٣٦٩ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / إنكار سبّه / أبو بكرة
السابّ علىّ بن أبى طالب ؟ قالوا : أمّا هذا فقد كان . قال : فأشهد علي رسول الله ½ سمعته اُذناى ووعاه قلبى يقول لعلىّ بن أبى طالب ¼ : يا علىّ من سبّك فقد سبّنى ومن سبّنى فقد سبّ الله عزّ وجلّّ ، ومن سبّ الله عزّ وجلّ كبّه الله علي منخريه فى النار . ثمّ ولّي عنهم(١) . ٨ / ١ ـ ٣ ٦٣٣٩ ـ تاريخ الطبرى عن علىّ بن محمّد : خطب بُسر علي منبر البصرة ، فشتم عليّاً ¼ ، ثمّ قال : نشدت الله رجلا علم أنّى صادق إلاّ صدّقنى ، أو كاذب إلاّ كذّبنى ! قال : فقال أبو بكرة : اللهمّ إنّا لا نعلمك إلاّ كاذباً . قال : فأمر به فخُنق ، قال : فقام أبو لؤلؤة الضبّى فرمي بنفسه عليه ، فمنعه(٢) . ٨ / ١ ـ ٤ ٦٣٤٠ ـ المستدرك علي الصحيحين عن أبى عبد الله الجدلى : دخلت علي اُمّ سلمة فقالت لى : أ يُسبّ رسول الله ½ فيكم ؟ فقلت : معاذ الله أو سبحان الله ! أو كلمة نحوها . فقالت : سمعت رسول الله ½ يقول : من سبّ عليّاً فقد سبّنى(٣) . (١) المناقب لابن المغازلى : ٣٩٤ / ٤٤٧ ، كفاية الطالب : ٨٣ ، الرياض النضرة : ٣ / ١٢٢ نحوه . ٣٧٠ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / إنكار سبّه / اُمّ سلمة
٦٣٤١ ـ المصنّف لابن أبى شيبة عن أبى عبد الله الجدلى : قالت لى اُمّ سلمة : يا أبا عبد الله ، أ يُسبّ رسول الله ½ فيكم ثمّ لا تغيرون ؟ قلت : ومَن يسبّ رسول الله ½ ؟ قالت : يسبّ علىّ ومن يحبّه ، وقد كان رسول الله ½ يحبّه(١) . ٦٣٤٢ ـ المستدرك علي الصحيحين عن أبى عبد الله الجدلى : حججت وأنا غلام ، فمررت بالمدينة وإذا الناس عنق واحد ، فاتّبعتهم فدخلوا علي اُمّ سلمة زوج النبىّ ½ ، فسمعتها تقول : يا شبث(٢) بن ربعى ! فأجابها رجل جلف(٣) جاف : لبّيك يا أمتاه ، قالت : يُسبّ رسول الله ½ فى ناديكم ؟قال : وأنّي ذلك ؟ ! قالت : فعلىّ بن أبى طالب ؟ ! قال : إنّا لنقول أشياء نريد عرض الدنيا . قالت : فإنّى سمعت رسول الله ½ يقول : من سبّ عليّاً فقد سبّنى ، ومن سبّنى فقد سبّ الله تعالي(٤) . ٦٣٤٣ ـ العقد الفريد : كتبت اُمّ سلمة زوج النبىّ ½ إلي معاوية : "إنّكم تلعنون الله ورسوله علي منابركم ، وذلك أنّكم تلعنون علىّ بن أبى طالب ومن أحبّه ، وأنا (١) المصنّف لابن أبى شيبة : ٧ / ٥٠٣ / ٥٠ ، المعجم الكبير : ٢٣ / ٣٢٢ / ٧٣٧ ، مسند أبى يعلي : ٦ / ٢٨٦ / ٦٩٧٧ عن أبى عبد الرحمن الجدلى ، البداية والنهاية : ٧ / ٣٥٥ كلّها نحوه ، تاريخ دمشق : ٤٢ / ٢٦٦ و٢٦٧ . ٣٧١ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / إنكار سبّه / أنيس بن قتادة
أشهد أنّ الله أحبّه ورسوله" فلم يلتفت إلي كلامها(١) . ٨ / ١ ـ ٥ ٦٣٤٤ ـ اُسد الغابة عن شهر بن حوشب : أقام فلان خطباء يشتمون عليّاً رضى الله عنه وأرضاه ، ويقعون فيه ، حتي كان آخرهم رجل من الأنصار ، أو غيرهم ، يقال له : أنيس ، فحمد الله وأثني عليه ، ثمّ قال : إنّكم قد أكثرتم اليوم فى سبّ هذا الرجل وشتمه ، وإنّى اُقسم بالله إنّى سمعت رسول الله ½ يقول : "إنّى لأشفع يوم القيامة لأكثر ممّا علي الأرض من مدر وشجر" . وأقسم بالله ما أحد أوْصَل لرحمه منه ، أ فترون شفاعته تصل إليكم وتعجز عن أهل بيته ؟(٢) ٨ / ١ ـ ٦ ٦٣٤٥ ـ مسند الرؤيانى عن ابن بريدة عن أبيه : إنّه دخل علي معاوية ، ورجل يتناول عليّاً ويقع فيه . قال : فقال : يا معاوية ، تأذن لى فى الكلام ؟ قال : فقال : تكلّم وهو يري أنّه يقول مثلما قال صاحبه . فقال : سمعت رسول الله ½ يقول : "إنّى لأرجو أن أشفع عدد كلّ شجرة (١) العقد الفريد : ٣ / ٣٥٥ . إرجاعات
١٤٣ - المجلد التاسع / القسم العاشر : خصائص الإمام عليّ / الفصل الثاني : الخصائص الأخلاقيّة / الصبر وفي العين قذى
٣٧٢ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / إنكار سبّه / الحسن البصري
ومدرة" أ فترجوها أنت يا معاوية ولا يرجوها علىّ ؟ ! قال : فقال : اسكت فإنّك شيخ قد ذهب عقلك(١) . ٨ / ١ ـ ٧ ٦٣٤٦ ـ شرح نهج البلاغة عن أشعث بن سوّار : سبّ عدى بن أوطاة عليّاً ¼ علي المنبر ، فبكي الحسن البصرى وقال : لقد سبّ هذا اليوم رجلٌ إنّه لأخو رسول الله ½ فى الدنيا والآخرة(٢) . ٨ / ١ ـ ٨ ٦٣٤٧ ـ مسند ابن حنبل عن قطبة بن مالك : سبّ أمير من الاُمراء عليّاً رضى الله تعالي عنه ، فقام زيد بن أرقم فقال : أما أن قد علمت أنّ رسول الله ½ نهي عن سبّ الموتي ، فَلِمَ تسبّ عليّاً وقد مات ؟(٣) ٨ / ١ ـ ٩ ٦٣٤٨ ـ صحيح مسلم عن عامر بن سعد بن أبى وقّاص عن أبيه : أمر معاوية بن (١) مسند الرؤيانى : ١ / ٧٣ / ٣٠ ، مسند ابن حنبل : ٩ / ٧ / ٢٣٠٠٤ نحوه . ٣٧٣ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / إنكار سبّه / سعد بن أبى وقّاص
أبى سفيان سعداً فقال : ما منعك أن تسبّ أبا التراب ؟ فقال : أما ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ له رسول الله ½ فلن أسبّه ; لأن تكون لى واحدة منهن أحبّ إلىَّ من حمر النعم . سمعت رسول الله ½ يقول له ، خلَّفه فى بعض مغازيه ، فقال له علىّ : يا رسول الله ، خلّفتنى مع النساء والصبيان ؟ فقال له رسول الله ½ : أ ما ترضي أن تكون منّى بمنزلة هارون من موسي إلاّ أنّه لا نبوّة بعدى . وسمعته يقول يوم خيبر : "لاُعطينّ الراية رجلا يحبّ اللهَ ورسولَه ، ويُحبّه اللهُ ورسولُه" . قال : فتطاولنا لها ، فقال : "ادعوا لى عليّاً" . فاُتى به أرمد ، فبصق فى عينه ودفع الراية إليه ، ففتح الله عليه . ولمّا نزلت هذه الآية : ³ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ² (١) دعا رسول الله ½ عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال : "اللهمّ هؤلاء أهلى"(٢) . ٦٣٤٩ ـ الأمالى للطوسى عن ابن عبّاس : كنت عند معاوية وقد نزل بذى طوي(٣) ، (١) آل عمران : ٦١ . ٣٧٤ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / إنكار سبّه / سعد بن أبى وقّاص
فجاءه سعد بن أبى وقّاص فسلّم عليه ، فقال معاوية : يا أهل الشام ، هذا سعد بن أبى وقّاص وهو صديق لعلىّ ، قال : فطأطأ القوم رؤوسهم ، وسبّوا عليّاً ¼ ، فبكي سعد ، فقال له معاوية : ما الذى أبكاك ؟ قال : ولِمَ لا أبكى لرجل من أصحاب رسول الله ½ يُسبّ عندك ولا أستطيع أن اُغيّر ؟ وقد كان فى علىّ خصال لأن تكون فىَّ واحدة منهم أحبّ من الدنيا وما فيها : أحدها : أنّ رجلاً كان باليمن ، فجاءه علىّ بن أبى طالب ¼ فقال : لأشكونّك إلي رسول الله ½ ، فقدم علي رسول الله ½ فسأله عن علىّ ¼ فثني عليه ، فقال : اُنشدك بالله الذى أنزل علىَّ الكتاب ، واختصّنى بالرسالة ، عن سخط تقول ما تقول فى علىّ بن أبى طالب ؟ قال : نعم يا رسول الله . قال : أ لا تعلم أنّى أولي بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قال : بلي . قال : فمَن كنتُ مولاه فعلىّ مولاه . والثانية : أنّه ½ بعث يوم خيبر عمر بن الخطّاب إلي القتال فهُزِم وأصحابه ، فقال ½ : "لاُعطينّ الراية غداً إنساناً يحبّ اللهَ ورسولَه ، ويحبّه اللهُ ورسولُه" فقعد المسلمون وعلىّ ¼ أرمد ، فدعاه فقال : "خُذ الراية" فقال : يا رسول الله ، إنّ عينى كما تري ، فتفل فيها ، فقام فأخذ الراية ، ثمّ مضي بها حتي فتح الله عليه . والثالثة : خلّفه ½ فى بعض مغازيه فقال علىّ ¼ : يا رسول الله ، خلّفتنى مع النساء والصبيان ؟ ٣٧٥ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / إنكار سبّه / سعد بن أبى وقّاص
فقال رسول الله ½ : أ ما ترضي أن تكون منّى بمنزلة هارون من موسي إلاّ أنّه لا نبىّ بعدى . والرابعة : سدّ الأبواب فى المسجد إلاّ باب علىّ . والخامسة : نزلت هذه الآية : ³ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ² (١) فدعا النبىّ ½ عليّاً وحسناً وحسيناً وفاطمة (ع) ، فقال : اللهمّ هؤلاء أهلى ، فأذهب عنهم الرجس ، وطهّرهم تطهيراً(٢) . ٦٣٥٠ ـ المصنّف لابن أبى شيبة عن أبى بكر بن خالد بن عرفطة : أتيت سعد بن مالك(٣) بالمدينة فقال : ذكر لى أنّكم تسبّون عليّاً ؟ قال : قد فعلنا ، قال : فلعلّك قد سبّيته ؟ قلت : معاذ الله ! قال : فلا تسبّه ، فلو وضع المنشار علي مفرقى علي أن أسبّ عليّاً ما سببته أبداً ، بعدما سمعت من رسول الله ½ ما سمعت(٤) . ٦٣٥١ ـ مروج الذهب عن ابن أبى نجيح : لمّا حجّ معاوية طاف بالبيت ومعه سعد ، فلمّا فرغ انصرف معاوية إلي دار الندوة ، فأجلسه معه علي سريره ، ووقع معاوية فى علىٍّ وشرع فى سبّه ، فزحف سعد ثمّ قال : أجلستنى معك علي سريرك ثمّ شرعت فى سبّ علىّ ، والله لأن يكون فىَّ خصلة واحدة من خصال كانت لعلىّ (١) الأحزاب : ٣٣ . ٣٧٦ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / إنكار سبّه / سعد بن أبى وقّاص
أحبّ إلىَّ من أن يكون لى ما طلعت عليه الشمس(١) . ٦٣٥٢ ـ تاريخ دمشق عن عائشة بنت سعد : إنّ مروان بن الحكم كان يعود سعد بن أبى وقّاص ، وعنده أبو هريرة وهو يومئذ قاضى لمروان بن الحكم ، فقال سعد : ردّوه . فقال أبو هريرة : سبحان الله ! كهل قريش وأمير البلد ، جاء يعودك فكان حقّ ممشاه إليك أن تردّه ؟ فقال سعد : ائذنوا له ، فلمّا دخل مروان وأبصره سعد بوجهه تحوّل عنه نحو سرير ابنته عائشة ، فاُرعد سعد وقال : ويلك يا مروان ! إنهَ طاعتك ـ يعنى أهل الشام ـ علي شتم علىّ بن أبى طالب ، فغضب مروان ، فقام وخرج مغضباً(٢) . ٦٣٥٣ ـ جواهر المطالب : لمّا مات الحسن (ع) حجّ معاوية ، فدخل المدينة ، وأراد أن يلعن علىّ بن أبى طالب علي منبر رسول الله ½ ، فقيل له : إنّ هاهنا سعد بن أبى وقّاص ، ولا نراه يرضي بهذا الأمر ، فابعث إليه وخذ رأيه ، فأرسل إليه معاوية وذكر له ذلك . فقال : والله لئن فعلتَ لأخرجنّ من هذا المسجد ، فلا أعود إليه ، فأمسك معاوية عن ذلك حتي مات سعد . فلمّا مات سعد لعنه علي المنبر ، وكتب إلي سائر عمّاله بذلك وأمرهم أن يلعنوه علي منابرهم ، فأنكر ذلك أصحاب رسول الله ½ وأعظموه وتكلّموا فى ذلك وبالغوا ، فلم يفد ذلك شيئاً . وكتبت اُمّ سلمة زوج النبىّ ½ إلي معاوية :"إنّكم تلعنون الله ورسوله علي منابركم وذلك أنّكم تلعنون علىّ بن أبى طالب ومن أحبّه ، وأنا أشهد أنّ (١) مروج الذهب : ٣ / ٢٣ وراجع خصائص أمير المؤمنين للنسائى : ٢٣٣ / ١٢٦ والسنن الكبري : ٥ / ١٤٤ / ٨٥١١ . ٣٧٧ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / إنكار سبّه / سعيد بن زيد
رسول الله ½ أحبّه ، والله أحبّه" ، فلم يلتفت معاوية إلي كلامها(١) . ٨ / ١ ـ ١٠ ٦٣٥٤ ـ السنّة عن عبد الرحمن بن البيلمانى : كنّا عند معاوية فقام رجل فسبّ علىّ بن أبى طالب (ع) وسبّ وسبّ ، فقام سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل فقال : يا معاوية ، ألا أري يسبّ علىّ بين يديك ولا تغير ؟ فإنّى سمعت رسول الله ½ يقول : هو منّى بمنزلة هارون من موسي(٢) . ٦٣٥٥ ـ مسند ابن حنبل عن عبد الله بن ظالم المازنى : لمّا خرج معاوية من الكوفة استعمل المغيرة بن شعبة ، قال : فأقام خطباء يقعون فى علىّ ، قال : وأنا إلي جنب سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، قال : فغضب ، فقام فأخذ بيدى فتبعته ، فقال : أ لا تري إلي هذا الرجل الظالم لنفسه ، الذى يأمر بلعن رجل من أهل الجنّة ؟ !(٣) ٦٣٥٦ ـ مسند ابن حنبل عن رياح بن الحارث : إنّ المغيرة بن شعبة(٤) كان فى المسجد الأكبر ، وعنده أهل الكوفة عن يمينه وعن يساره ، فجاءه رجل يدعي سعيد بن زيد ، فحيّاه المغيرة وأجلسه عند رجليه علي السرير ، فجاء رجل من أهل الكوفة فاستقبل المغيرة فسبّ وسبّ ، فقال : من يَسُبُّ هذا يا مغيرة ؟ قال : يسبّ علىّ بن أبى طالب (ع) ! قال : يا مغير بن شُعبَ ، يا مغير بن شُعبَ ، ثلاثاً ، أ لا (١) جواهر المطالب : ٢ / ٢٢٧ ، العقد الفريد : ٣ / ٣٥٥ . ٣٧٨ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / إنكار سبّه / سعيد بن المسيّب
أسمع أصحاب رسول الله ½ يُسبّون عندك لا تُنكر ولا تُغيّر ؟ !(١) ٨ / ١ ـ ١١ ٦٣٥٧ ـ شرح نهج البلاغة عن أبى بكر بن عبد الله الأصبهانى : كان دعىّ لبنى اُميّة يقال له : خالد بن عبد الله ، لا يزال يشتُم عليّاً ¼ ، فلمّا كان يوم جمعة وهو يخطب الناس ، قال : والله إن كان رسول الله ليستعمله ، وإنّه ليعلم ما هو ! ولكنّه كان ختنه . وقد نعس سعيد بن المسيّب ففتح عينيه ، ثمّ قال : ويحكم ! ما قال هذا الخبيث ؟ رأيت القبر انصدع ورسول الله ½ يقول : كذبت يا عدوّ الله !(٢) ٨ / ١ ـ ١٢ ٦٣٥٨ ـ الأمالى للطوسى عن صالح بن كيسان : سمع عامر بن عبد الله بن الزبير ـ وكان من عقلاء قريش ـ ابناً له ينتقص علىّ بن أبى طالب ¼ ، فقال له : يا بنىَّ لا تنتقص عليّاً ، فإنّ الدِّين لم يبن شيئاً فاستطاعت الدنيا أن تهدمه ، وإنّ الدنيا لم تبن شيئاً إلاّ هدمه الدِّين . يا بنىَّ ، إنّ بنى اُميّة لهجوا بسبِّ علىّ بن أبى طالب ¼ فى مجالسهم ولعنوه علي منابرهم ، فإنّما يأخذون والله بضبعيه(٣) إلي السماء مدّاً ، وإنّهم لهجوا بتقريظ ذويهم وأوائلهم من قومهم ، فكأنّما يكشفون منهم عن أنتن من بطون الجيف ، (١) مسند ابن حنبل : ١ / ٣٩٧ / ١٦٢٩ ، سنن أبى داود : ٤ / ٢١٢ / ٤٦٥٠ نحوه وراجع ح ٤٦٤٩ ومسند ابن حنبل : ١ / ٣٩٨ / ١٦٣١ وح ١٦٣٧ . ٣٧٩ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / إنكار سبّه / محمّد ابن الحنفيّة
فأنهاك عن سبّه(١) . ٨ / ١ ـ ١٣ ٦٣٥٩ ـ شرح نهج البلاغة عن سعيد بن جبير : خطب عبد الله بن الزبير فنال من علىّ ¼ ، فبلغ ذلك محمّد ابن الحنفيّة ، فجاء إليه وهو يخطب ، فوضِع له كرسى ، فقطع عليه خطبته ، وقال : يا معشر العرب ، شاهت الوجوه ، أ ينتقص علىّ وأنتم حضور ؟ ! إنّ عليّاً كان يد الله علي أعداء الله ، وصاعقة من أمره ، أرسله علي الكافرين والجاحدين لحقّه ، فقتلهم بكفرهم فشنؤوه وأبغضوه ، وأضمروا له الشنف والحسد ، وابن عمّه ½ حىّ بعد لم يمت ، فلمّا نقله الله إلي جواره وأحبّ له ما عنده ، أظهرت له رجال أحقادها ، وشفت أضغانها ، فمنهم من ابتزّ حقّه ، ومنهم من ائتمر به ليقتله ، ومنهم من شتمه وقذفه بالأباطيل ، فإن يكن لذرّيّته وناصرى دعوته دولة تنشر عظامهم ، وتحفر علي أجسادهم ، والأبدان منهم يومئذ بالية ، بعد أن تقتل الأحياء منهم وتذلّ رقابهم ، فيكون الله عزّ اسمه قد عذّبهم بأيدينا وأخزاهم ، ونصرنا عليهم ، وشفا صدورنا منهم . إنّه والله ما يشتم عليّاً إلاّ كافر ، يُسِرّ شتم رسول الله ½ ويخاف أن يبوحَ به ، فيكنّى بشتم علىّ ¼ عنه . أما إنّه قد تخطّت المنيّة منكم من امتدّ عمره ، وسمع قول رسول الله ½ فيه : (١) إرجاعات
٤٢١ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام عليّ / الفصل التاسع : عليّ عن لسان الأعيان / عامرُ بن عَبدِ اللهِ بن الزُّبَير
٣٨٠ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / امتناع الناس من سبّه
لا يحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق ³ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَـلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ² (١) فعاد ابن الزبير إلي خطبته ، وقال : عذرت بنى الفواطم يتكلّمون ، فما بال ابن اُمّ حنيفة ؟ ! فقال محمّد : يابن اُمّ رومان ، وما لى لا أتكلّم ؟ ! وهل فاتنى من الفواطم إلاّ واحدة ؟ ! ولم يفتنى فخرها ; لأنّها اُمّ أخوىّ ، أنا ابن فاطمة بنت عمران بن عائذ بن مخزوم جدّة رسول الله ½ ، وأنا ابن فاطمة بنت أسد بن هاشم كافلة رسول الله ½ ، والقائمة مقام اُمّه ، أما والله لولا خديجة بنت خويلد ما تركت فى بنى أسد بن عبد العزّي عظماً إلاّ هشمته ! ثمّ قام فانصرف(٢) . ٨ / ٢ ٦٣٦٠ ـ تاريخ اليعقوبى ـ فى حوادث سنة (٤٤ هـ ) ـ : فى هذه السنة عمل معاوية المقصورة فى المسجد ، وأخرج المنابر إلي المصلّي فى العيدين ، وخطب الخطبة قبل الصلاة ، وذلك أنّ الناس إذا صلّوا انصرفوا لئلاّ يسمعوا لعن علىّ ، فقدّم معاوية الخطبة قبل الصلاة ، ووهب فدكاً لمروان بن الحكم ليغيظ بذلك آل رسول الله(٣) . ٦٣٦١ ـ رجال الكشّى عن عاصم بن أبى النجود عمّن شهد ذلك : إنّ معاوية حين قدم الكوفة دخل عليه رجال من أصحاب علىّ ¼ ، وكان الحسن ¼ قد أخذ (١) الشعراء : ٢٢٧ . ٣٨١ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / امتناع الناس من سبّه
الأمان لرجال منهم مسمّين بأسمائهم وأسماء آبائهم ، وكان فيهم صعصعة . فلمّا دخل عليه صعصعة قال معاوية لصعصعة : أما والله إنّى كنت لأبغض أن تدخل فى أمانى ، قال : وأنا والله أبغض أن أسميك بهذا الاسم ، ثمّ سلّم عليه بالخلافة . قال : فقال معاوية : إن كنتَ صادقاً فاصعد المنبر فالعن عليّاً ! قال : فصعد المنبر وحمد الله وأثني عليه ، ثمّ قال : أيّها الناس ، أتيتكم من عند رجل قدّم شرّه وأخّر خيره ، وأنّه أمرنى أن ألعن عليّاً فالعنوه لعنه الله ، فضجّ أهل المسجد بآمين . فلمّا رجع إليه فأخبره بما قال ، ثمّ قال : لا والله ما عنيتَ غيرى ، ارجع حتي تسمّيه باسمه . فرجع وصعد المنبر ، ثمّ قال : أيّها الناس ، إن أمير المؤمنين أمرنى أن ألعن علىّ بن أبى طالب فالعنوا من لعن علىّ بن أبى طالب . قال : فضجّوا بآمين . فلمّا خُبِّر معاوية قال : لا والله ما عنى غيرى ، أخرجوه لا يساكننى فى بلد ، فأخرجوه(١) . ٦٣٦٢ ـ الأذكياء : قامت الخطباء إلي المغيرة بن شعبة بالكوفة ، فقام صعصعة بن صوحان فتكلّم ، فقال المغيرة : أرجئوه فأقيموه علي المصطبة فليلعن عليّاً . فقال : لعن الله من لعن الله ولعن علىّ بن أبى طالب ، فأخبروه بذلك ، فقال : اُقسم بالله لتعيدنّه . فخرج فقال : إنّ هذا يأبي إلاّ علىّ بن أبى طالب فالعنوه لعنه ٣٨٢ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / امتناع الناس من سبّه
الله ، فقال المغيرة : أخرجوه أخرج الله نفسه(١) . ٦٣٦٣ ـ شرح نهج البلاغة : أمر المغيرة بن شعبة ـ وهو يومئذ أمير الكوفة من قبل معاوية ـ حُجر بن عدى أن يقوم فى الناس فليلعن عليّاً ¼ ، فأبي ذلك ، فتوعّده ، فقام فقال : أيّها الناس ، إنّ أميركم أمرنى أن ألعن عليّاً فالعنوه . فقال أهل الكوفة : لعنه الله . وأعاد الضمير إلي المغيرة بالنية والقصد(٢) . ٦٣٦٤ ـ العقد الفريد عن أبى الحُباب الكندى عن أبيه : إنّ معاوية بن أبى سفيان بينما هو جالس وعنده وجوه الناس ، إذ دخل رجلٌ من أهل الشام فقام خطيباً ، فكان آخر كلامه أن لعن عليّاً ، فأطرق الناس وتكلّم الأحنف ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إنّ هذا القائل ما قال آنفاً ، لو يعلم أنّ رضاك فى لعن المرسلين للعنهم ، فاتّقِ الله ودع عنك عليّاً ، فقد لقى ربّه ، واُفرد فى قبره ، وخلا بعمله ، وكان والله [ما علمنا ]المبرِّز بسبقه ، الطاهر خُلقه ، الميمون نقيبته(٣) ، العظيم مصيبته . فقال له معاوية : يا أحنف ، لقد أغضيتَ العين علي القذي ، وقلتَ بغير ما تري ، وايم الله لتصعدنّ المِنبر فلتلعنّه طوعاً أو كَرهاً . فقال له الأحنف : يا أمير المؤمنين ، إن تُعفنى فهو خيرٌ لك ، وإن تجبرنى علي ذلك فو الله لا تجرى به شفتاى أبداً ، قال : قم فاصعد المنبر ، قال الأحنف : أما والله مع ذلك لاُنصفنّك فى القول والفعل ، قال : وما أنت قائل يا أحنف إن أنصفتنى ؟ قال : أصعد المنبر فأحمد الله بما هو أهله ، واُصلّى علي نبيّه ½ ، ثمّ أقول : أيّها الناس ، إنّ أمير المؤمنين معاوية أمرنى أن ألعن عليّاً ، وإنّ عليّاً ومعاوية اختلفا (١) الأذكياء : ١٥٩ . ٣٨٣ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / امتناع الناس من سبّه
فاقتتلا ، وادّعي(١) كلّ واحد منهما أنّه بُغى عليه وعلي فئته ، فإذا دعوت فأمّنوا رحمكم الله . ثمّ أقول : اللهمّ العن أنت وملائكتك وأنبياؤك وجميع خلقك الباغى منهما علي صاحبه ، والعن الفئة الباغية ، اللهمّ العنهم لعناً كثيراً ، أمّنوا رحمكم الله . يا معاوية ،أزيد علي هذا ولا أنقص منه حرفاً ولو كان فيه ذهاب نفسى . فقال معاوية : إذن نُعفيك يا أبا بحر(٢) . ٦٣٦٥ ـ أنساب الأشراف عن الأعمش : رأيت عبد الرحمن بن أبى ليلي وقفه الحجّاج فقال : العن الكذّابين عليّاً ، وعبد الله بن الزبير ، والمختار بن أبى عبيد ، فقال : لعن الله الكذّابين ثمّ ابتدأ فقال : علىّ بن أبى طالب ، وعبد الله بن الزبير ، والمختار بن أبى عبيد . قال : فعلمت أنّه حين ابتدأهم ورفعهم أنّه لم يلعنهم(٣) . ٦٣٦٦ ـ الأذكياء : ضرب الحجّاج عبد الرحمن بن أبى ليلي وأقامه للناس ، ومعه رجل يحثّه ويقول : العن عليّاً ، فيقول : اللهمّ العن الكذّابين . ثمّ يسكت ويقول : آه علىّ بن أبى طالب . ثمّ يسكت ، ثمّ يقول : المختار وابن الزبير(٤) . ٦٣٦٧ ـ الطبقات الكبري عن سعد بن محمّد بن الحسن بن عطيّة : جاء سعد بن جنادة إلي علىّ بن أبى طالب وهو بالكوفة ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إنّه ولد لى غلام فسمّه . قال : هذا عطيّة الله . فسمّى عطيّة(٥) . وكانت اُمّه اُمّ ولد روميّة . (١) فى المصدر : "و أدّي" ، والتصحيح من جواهر المطالب . ٣٨٤ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / مدينة امتنعت من سبّه
وخرج عطيّة مع ابن الأشعث علي الحجّاج ، فلمّا انهزم جيش ابن الأشعث هرب عطيّة إلي فارس ، فكتب الحجّاج إلي محمّد بن القاسم الثقفى : أن ادع عطيّة ، فإن لعن علىّ بن أبى طالب وإلاّ فاضربه أربعمائة سوط واحلق رأسه ولحيته . فدعاه فأقرأه كتاب الحجّاج ، فأبي عطيّة أن يفعل ، فضربه أربعمائة سوط وحلق رأسه ولحيته(١) . ٨ / ٣ ٦٣٦٨ ـ معجم البلدان ـ فى وصف مدينة سجستان ـ : قال الرهنى : وأجلّ من هذا كلّه أنّه لُعن علىّ بن أبى طالب (ع) علي منابر الشرق والغرب ولم يُلعن علي منبرها إلاّ مرّة ، وامتنعوا علي بنى اُميّة حتي زادوا فى عهدهم أن لا يُلعن علي منبرهم أحد ، ولا يصطادوا فى بلدهم قنفذاً ولا سلحفاةً ، وأىّ شرف أعظم من امتناعهم من لعن أخى رسول الله ½ علي منبرهم وهو يُلعن علي منابر الحرَمين مكّة والمدينة !!(٢) ٨ / ٤ ٦٣٦٩ ـ تاريخ الطبرى عن أبى مخنف ـ فى بيان مقتل حجر بن عدى وأصحابه ـ : جاء رسول معاوية إليهم بتخلية ستّة وبقتل ثمانية ، فقال لهم رسول معاوية : إنّا قد اُمرنا أن نعرض عليكم البراءة من علىّ واللعن له ، فإن فعلتم تركناكم ، وإن أبيتم ٣٨٥ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / الامتناع من البراءة
قتلناكم ، وإنّ أمير المؤمنين يزعم أنّ دماءكم قد حلّت له بشهادة أهل مصركم عليكم ، غير أنّه قد عفا عن ذلك ، فابرؤوا من هذا الرجل نُخلِّ سبيلكم . قالوا : اللهمّ إنّا لسنا فاعلى ذلك . فأمر بقبورهم فحفرت ، واُدنيت أكفانهم ، وقاموا الليل كلّه يصلّون ، فلمّا أصبحوا قال أصحاب معاوية : يا هؤلاء ، لقد رأيناكم البارحة قد أطلتم الصلاة ، وأحسنتم الدعاء ، فأخبرونا ما قولكم فى عثمان ؟ قالوا : هو أوّل من جار فى الحكم ، وعمل بغير الحقّ . فقال أصحاب معاوية : أمير المؤمنين كان أعلم بكم ، ثمّ قاموا إليهم فقالوا : تبرؤون من هذا الرجل ؟ قالوا : بل نتولاّه ونتبرّأ ممّن تبرّأ منه . فأخذ كلّ رجل منهم رجلاً ليقتله ، ووقع قبيصة بن ضبيعة فى يدى أبى شريف البدّى ، فقال له قبيصة : إنّ الشرّ بين قومى وقومك أمن ، فليقتلنى سواك ، فقال له : برّتك رَحِم ! فأخذ الحضرمى فقتله ، وقتل القضاعى قبيصة بن ضبيعة . قال : ثمّ إن حُجراً قال لهم : دعونى أتوضّأ ، قالوا له : توضّأ ، فلمّا أن توضّأ قال لهم : دعونى اُصلِّ ركعتين ، فأيمنُ الله ما توضّأت قطّ إلاّ صلّيت ركعتين . قالوا : لتصلّ . فصلّي ثمّ انصرف فقال : والله ما صلّيت صلاة قطّ أقصر منها ، ولولا أن تروا أنّ ما بى جزع من الموت لأحببت أن أستكثر منها ، ثمّ قال : اللهمّ إنّا نستعديك علي اُمّتنا ، فإنّ أهل الكوفة شهدوا علينا ، وإنّ أهل الشام يقتلوننا ، أما والله لئن قتلتمونى بها إنّى لأوّل فارس من المسلمين هلك فى واديها ، وأوّل رجل من ٣٨٦ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / الامتناع من البراءة
المسلمين نبحته كلابها . فمشي إليه الأعور هدبة بن فيّاض بالسيف ، فأرعدت خصائله ، فقال : كلاّ ، زعمت أنّك لا تجزع من الموت ، فأنا أدعك فابرأ من صاحبك . فقال : ما لى لا أجزع وأنا أري قبراً محفوراً ، وكفناً منشوراً ، وسيفاً مشهوراً ، وإنّى والله إن جزعت من القتل لا أقول ما يسخط الربّ . فقتله ، وأقبلوا يقتلونهم واحداً واحداً حتي قتلوا ستّة(١) . (١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٢٧٥ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٩٧ نحوه وراجع أنساب الأشراف : ٥ / ٢٦٦ . إرجاعات
١٠٩ - المجلد الثاني عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام عليّ وعمّاله / رُشَيدٌ الهَجَرِيّ
٣٨٧ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / كلام فى خيبة أعدائه
روي ابن أبى الحديد عن شيخه أبى جعفر الإسكافى أنّه قال : لولا ما غلب علي الناس من الجهل وحبّ التقليد ; لم نحتج إلي نقض ما احتجّت به العثمانيّة ، فقد علم الناس كافّة أنّ الدولة والسلطان لأرباب مقالتهم ، وعرف كلّ أحد علوّ أقدار شيوخهم وعلمائهم واُمرائهم ، وظهور كلمتهم ، وقهر سلطانهم ، وارتفاع التقيّة عنهم ، والكرامة والجائزة لمن روي الأخبار والأحاديث فى فضل أبى بكر ، وما كان من تأكيد بنى اُميّة لذلك ، وما ولده المحدّثون من الأحاديث طلباً لما فى أيديهم ، فكانوا لا يألون جهداً فى طول ما ملكوا أن يُخملوا ذكر علىّ ¼ وولده ، ويطفئوا نورهم ، ويكتموا فضائلهم ومناقبهم وسوابقهم ، ويحملوا علي شتمهم وسبّهم ولعنهم علي المنابر . فلم يزل السيف يقطر من دمائهم ، مع قلّة عددهم وكثرة عدوّهم ; فكانوا بين قتيل وأسير ، وشريد وهارب ، ومستخف ذليل ، وخائف مترقّب ، حتي إنّ الفقيه والمحدّث والقاضى والمتكلّم ، لَيُتقدّم إليه ويُتوعّد بغاية الإيعاد وأشدّ العقوبة ، أن يذكروا شيئاً من فضائلهم ، ولا يرخّصوا لأحد أن يُطيف بهم . ٣٨٨ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / كلام فى خيبة أعدائه
وحتي بلغ من تقيّة المحدّث أنّه إذا ذكر حديثاً عن علىّ ¼ كَنَي عن ذكره ، فقال : قال رجل من قريش ; وفعل رجل من قريش ، ولا يذكر عليّاً ¼ ، ولا يتفوّه باسمه . ثمّ رأينا جميع المختلفين قد حاولوا نقض فضائله ، ووجّهوا الحيل والتأويلات نحوها ، من خارجىٍّ مارق ، وناصب حَنِق ، وثابت مستبهم ، وناشيء معاند ، ومنافق مكذّب ، وعثمانىٍّ حسود ; يعترض فيها ويطعن ، ومعتزلى قد نقض فى الكلام ، وأبصر علم الاختلاف ، وعرف الشُّبَه ومواضع الطعن وضروب التأويل ، قد التمس الحيل فى إبطال مناقبه ، وتأوّل مشهور فضائله ، فمرّة يتأوّلها بما لا يحتمل ، ومرّة يقصد أن يضع من قدرها بقياس منتقض ، ولا يزداد مع ذلك إلاّ قوّة ورفعة ، ووضوحاً واستنارة . وقد علمت أنّ معاوية ويزيد ومن كان بعدهما من بنى مروان أيّام ملكهم ـ وذلك نحو ثمانين سنة ـ لم يدعوا جهداً فى حمل الناس علي شتمه ولعنه ، وإخفاء فضائله ، وستر مناقبه وسوابقه . روي خالد بن عبد الله الواسطى عن حصين بن عبد الرحمن عن هلال بن يساف عن عبد الله بن ظالم قال : لمّا بويع لمعاوية أقام المغيرة بن شعبة خطباء يلعنون عليّاً ¼ ، فقال سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل : أ لا ترون إلي هذا الرجل الظالم يأمر بلعن رجل من أهل الجنّة ؟ ! . روي سليمان بن داود عن شعبة عن الحرّ بن الصباح قال : سمعت عبد الرحمن بن الأخنس يقول : شهدت المغيرة بن شعبة خطب ، فذكر عليّاً ¼ ، فنال منه . روي أبو كريب قال : حدّثنا أبو اُسامة قال : حدّثنا صدقة بن المثنّي النخعى ٣٨٩ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / كلام فى خيبة أعدائه
عن رياح بن الحارث ، قال : بينما المغيرة بن شعبة بالمسجد الأكبر وعنده ناس ، إذ جاءه رجل يقال له : قيس بن علقمة ، فاستقبل المغيرة فسبّ عليّاً ¼ . روي محمّد بن سعيد الأصفهانى عن شريك عن محمّد بن إسحاق عن عمرو بن علىّ بن الحسين عن أبيه علىّ بن الحسين ¼ ، قال : قال لى مروان : ما كان فى القوم أدفع عن صاحبنا من صاحبكم ، قلت : فما بالكم تسبّونه علي المنابر ؟ قال : إنّه لا يستقيم لنا الأمر إلاّ بذلك ! ! روي مالك بن إسماعيل أبو غسّان النهدى عن ابن أبى سيف قال : خطب مروان والحسن ¼ جالس ، فنال من علىّ ¼ ، فقال الحسن : ويلك يا مروان ! أ هذا الذى تشتم شرّ الناس ! قال : لا ، ولكنّه خير الناس . وروي أبو غسّان أيضاً قال : قال عمر بن عبد العزيز : كان أبى يخطب ، فلا يزال مستمرّاً فى خطبته ، حتي إذا صار إلي ذكر علىّ وسبّه تقطّع لسانه ، واصفرّ وجهه ، وتغيّرت حاله ، فقلت له فى ذلك فقال : أ وَقد فطنت لذلك ؟ إنّ هؤلاء لو يعلمون من علىّ ما يعلمه أبوك ما تبعنا منهم رجل . وروي أبو عثمان قال : حدّثنا أبو اليقظان قال : قام رجل من ولد عثمان إلي هشام بن عبد الملك يوم عرفة فقال : إنّ هذا يوم كانت الخلفاء تستحبّ فيه لعن أبى تراب ! وروي عمرو بن القنّاد عن محمّد بن فضيل عن أشعث بن سوّار قال : سبّ عدىّ بن أوطاة عليّاً ¼ علي المنبر ، فبكي الحسن البصرى وقال : لقد سُبّ هذا اليوم رجل إنّه لاَخو رسول الله ½ فى الدنيا والآخرة . وروي عدىّ بن ثابت عن إسماعيل بن إبراهيم قال : كنت أنا وإبراهيم بن يزيد ٣٩٠ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / كلام فى خيبة أعدائه
جالسين فى الجمعة ممّا يلى أبواب كندة ، فخرج المغيرة فخطب فحمد الله ، ثمّ ذكر ما شاء أن يذكر ، ثمّ وقع فى علىّ ¼ فضرب إبراهيم علي فخذى أو ركبتى ثمّ قال : أقبِل علىَّ فحدِّثنى ; فإنّا لسنا فى جمعة ; أ لا تسمع ما يقول هذا ؟ وروي عبد الله بن عثمان الثقفى قال : حدّثنا ابن أبى سيف قال : قال ابن لعامر بن عبد الله بن الزبير لولده : لا تذكر يا بنىّ عليّاً إلاّ بخير ; فإنّ بنى اُميّة لعنوه علي منابرهم ثمانين سنة ، فلم يزِده الله بذلك إلاّ رفعة . إنّ الدنيا لم تبنِ شيئاً قطّ إلاّ رجعت علي ما بَنَت فهدمته ، وإنّ الدين لم يبنِ شيئاً قطّ وهدمه . وروي عثمان بن سعيد قال : حدّثنا مطّلب بن زياد عن أبى بكر بن عبد الله الأصبهانى قال : كان دعىّ لبنى اُميّة يقال له خالد بن عبد الله لا يزال يشتم عليّاً ¼ ، فلمّا كان يوم جمعة وهو يخطب الناس قال : والله إن كان رسول الله لَيستعمله وإنّه ليعلم ما هو ، ولكنّه كان خَتَنه(١) ، وقد نعس سعيد بن المسيّب ففتح عينيه ثمّ قال : ويحكم ! ما قال هذا الخبيث ؟ رأيت القبر انصدع ورسول الله ½ يقول : كذبت يا عدوّ الله . وروي القنّاد قال : حدّثنا أسباط بن نصر الهمدانى عن السدّى قال : بينما أنا بالمدينة عند أحجار الزيت(٢) ، إذ أقبل راكب علي بعير ، فوقف فسبّ عليّاً ¼ ، فخفّ به الناس ينظرون إليه ، فبينما هو كذلك ، إذ أقبل سعد بن أبى وقّاص فقال : اللهمّ إن كان سبّ عبداً لك صالحاً فأرِ المسلمين خزيه ، فما لبث أن نفر به بعيره ، فسقط فاندقّت عنقه . (١) الختن : زوج البنت (انظر النهاية : ٢ / ١٠) . ٣٩١ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / كلام فى خيبة أعدائه
وروي عثمان بن أبى شيبة عن عبد الله بن موسي عن فُطْر بن خليفة عن أبى عبد الله الجدلى قال : دخلت علي اُمّ سلمة رحمها الله ، فقالت لى : أ يُسبّ رسول الله ½ فيكم وأنتم أحياء ؟ قلت : وأنّي يكون هذا ؟ قالت : أ ليس يُسبّ علىّ ¼ ومن يُحبّه ؟ وروي العبّاس بن بَكّار الضبّى قال : حدّثنى أبو بكر الهذلى عن الزهرى قال : قال ابن عبّاس لمعاوية : أ لا تكفّ عن شتم هذا الرجل ؟ قال : ما كنت لأفعل حتي يربو عليه الصغير ويهرم فيه الكبير ، فلمّا وُلّى عمر بن عبد العزيز كفّ عن شتمه ، فقال الناس : ترك السُّنّة . قال : وقد روى عن ابن مسعود ـ إمّا موقوفاً عليه أو مرفوعاً ـ : كيف أنتم إذا شملتكم فتنة يربو عليها الصغير ، ويهرم فيها الكبير ، يجري عليها الناس فيتّخذونها سنّة ، فإذا غُيِّر منها شىء قيل : غُيّرت السُّنّة ؟ قال أبو جعفر : وقد تعلمون أنّ بعض الملوك ربّما أحدثوا قولاً أو ديناً لهويً ، فيحملون الناس علي ذلك حتي لا يعرفوا غيره ، كنحو ما أخذ الناس الحجّاج بن يوسف بقراءة عثمان ، وترك قراءة ابن مسعود واُبىّ بن كعب ، وتوعّد علي ذلك بدون ما صنع هو وجبابرة بنى اُميّة ، وطغاة مروان بولد علىّ ¼ وشيعته ، وإنّما كان سلطانه نحو عشرين سنة ، فما مات الحجّاج حتي اجتمع أهل العراق علي قراءة عثمان ، ونشأ أبناؤهم ولا يعرفون غيرها ; لإمساك الآباء عنها ، وكفّ المعلّمين عن تعليمها حتي لو قُرئت عليهم قراءة عبد الله واُبىّ ما عرفوها ، ولظنّوا بتأليفها الاستكراه والاستهجان ; لإلف العادة وطول الجهالة ; لأنّه إذا استولت علي الرعيّة الغلبة ، وطالت عليهم أيّام التسلّط ، وشاعت فيهم المخافة ، وشملتهم التقيّة ، اتّفقوا علي التخاذل والتساكت ، فلا تزال الأيّام تأخذ من بصائرهم ، وتنقص من ٣٩٢ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / كلام فى خيبة أعدائه
ضمائرهم ، وتنقض من مرائرهم(١) ، حتي تصير البدعة التى أحدثوها غامرة للسنّة التى كانوا يعرفونها . ولقد كان الحجّاج ومَن ولاّه كعبد الملك والوليد ومن كان قبلهما وبعدهما من فراعنة بنى اُميّة علي إخفاء محاسن علىّ ¼ وفضائله وفضائل ولده وشيعته وإسقاط أقدارهم ; أحرص منهم علي إسقاط قراءة عبد الله واُبىّ ; لأنّ تلك القراءات لا تكون سبباً لزوال ملكهم وفساد أمرهم وانكشاف حالهم ، وفى اشتهار فضل علىّ ¼ وولده وإظهار محاسنهم بوارهم ، وتسليط حكم الكتاب المنبوذ عليهم ، فحرصوا واجتهدوا فى إخفاء فضائله ، وحملوا الناس علي كتمانها وسترها ، وأبي الله أن يزيد أمره وأمر ولده إلاّ استنارة وإشراقاً ، وحبّهم إلاّ شَغفاً وشدّة ، وذكرهم إلاّ انتشاراً وكثرة ، وحجّتهم إلاّ وضوحاً وقوّة ، وفضلهم إلاّ ظهوراً ، وشأنهم إلاّ علوّاً ، وأقدارهم إلاّ إعظاماً ، حتي أصبحوا بإهانتهم إيّاهم أعزّاء ، وبإماتتهم ذكرهم أحياء ، وما أرادوا به وبهم من الشرّ تحوّل خيراً . فانتهي إلينا من ذكر فضائله وخصائصه ومزاياه وسوابقه ، ما لم يتقدّمه السابقون ، ولا ساواه فيه القاصدون ، ولا يلحقه الطالبون ، ولولا أنّها كانت كالقبلة المنصوبة فى الشهرة ، وكالسنن المحفوظة فى الكثرة ; لم يصل إلينا منها فى دهرنا حرف واحد إذا كان الأمر كما وصفناه(٢) . (١) المرائر : الحبال المفتولة علي أكثر من طاق (النهاية : ٤ / ٣١٧) وهو كناية عن الضعف وعدم الاستحكام . ٣٩٣ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / رفع السبّ عنه
٨ / ٥ ٦٣٧٠ ـ شرح نهج البلاغة : إنّ معاوية أمر الناس بالعراق والشام وغيرهما بسبّ علىّ ¼ ، والبراءة منه ، وخطب بذلك علي منابر الإسلام ، وصار ذلك سُنّة فى أيّام بنى اُميّة ، إلي أن قام عمر بن عبد العزيز فأزاله(١) . ٦٣٧١ ـ الكامل فى التاريخ : كان بنو اُمية يسبّون أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب ¼ ، إلي أن ولى عمر بن عبد العزيز الخلافة ، فترك ذلك وكتب إلي العمّال فى الآفاق بتركه . وكان سبب محبّته عليّاً أنّه قال : كنت بالمدينة أ تعلّم العلم ، وكنتُ ألزم عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة بن مسعود ، فبلغه عنّى شىء من ذلك ، فأتيته يوماً وهو يصلّى ، فأطال الصلاة ، فقعدت أنتظر فراغه ، فلمّا فرغ من صلاته التفت إلىَّ فقال لى : متي علمت أنّ الله غضب علي أهل بدر وبيعة الرضوان بعد أن رضى عنهم ؟ قلتُ : لم أسمع ذلك . قال : فما الذى بلغنى عنك فى علىّ ؟ فقلت : معذرة إلي الله وإليك ! وتركتُ ما كنت عليه . وكان أبى إذا خطب فنال من علىّ (ع) تلجلج(٢) ، فقلتُ : يا أبه ، إنّك تمضى فى خطبتك ، فإذا أتيت علي ذكر علىّ عرفت منك تقصيراً . قال : أ وَفطنت لذلك ؟ قلت : نعم . فقال : يا بنىَّ ، إنّ الذين حولنا لو يعلمون من علىّ ما نعلم تفرّقوا عنّا إلي أولاده . (١) شرح نهج البلاغة : ٤ / ٥٦ وراجع مروج الذهب : ٣ / ١٩٣ وإثبات الوصيّة : ١٩٢ وتاريخ اليعقوبى : ٢ / ٣٠٥ . ٣٩٤ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / رفع السبّ عنه
فلمّا ولىَ الخلافة لم يكن عنده من الرغبة فى الدنيا ما يرتكب هذا الأمر العظيم لأجلها ، فترك ذلك وكتب بتركه ، وقرأ عوضه : ³ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِْحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ ² الآية(١) ، فحلّ هذا الفعل عند الناس محلاًّ حسناً ، وأكثروا مدحه بسببه(٢) . ٦٣٧٢ ـ شرح نهج البلاغة عن عمر بن عبد العزيز : كنت غلاماً أقرأ القرآن علي بعض ولد عُتبة بن مسعود ، فمرّ بى يوماً وأنا ألعب مع الصبيان ، ونحن نلعن عليّاً ، فكره ذلك ودخل المسجد ، فتركت الصبيان وجئت إليه لأدرس عليه وِرْدى ، فلمّا رآنى قام فصلّي وأطال فى الصلاة ـ شبه المعرض عنّى ـ حتي أحسست منه بذلك ، فلمّا انفتل من صلاته كَلَح(٣) فى وجهى ، فقلت له : ما بال الشيخ ؟ فقال لى : يا بنىَّ ، أنت اللاعن عليّاً منذ اليوم ؟ قلت : نعم . قال : فمتي علمت أنّ الله سخط علي أهل بدر بعد أن رضىَ عنهم ؟ فقلت : يا أبتِ ، وهل كان علىّ من أهل بدر ؟ فقال : ويحك ! وهل كانت بدر كلُّها إلاّ له ! ! فقلت : لا أعود ، فقال : اللهَ أنّك لا تعود ، قلت : نعم . فلم ألعنه بعدها . ثمّ كنتُ أحضر تحت منبر المدينة ، وأبى يخطب يوم الجمعة ـ وهو حينئذ أمير المدينة ـ فكنت أسمع أبى يمرّ فى خطبه تهدر شقاشِقه(٤) ، حتي يأتى إلي (١) النحل : ٩٠ . ٣٩٥ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / رفع السبّ عنه
لعن علىّ ¼ فيجمجم(١) ، ويعرض له من الفهاهة والحصر ما الله عالم به ، فكنت أعجب من ذلك ، فقلت له يوماً : يا أبتِ ، أنت أفصح الناس وأخطبهم ، فما بالى أراك أفصح خطيب يوم حَفْلك ، حتي إذا مررت بلعن هذا الرجل صرت ألكنَ عليّاً ! فقال : يا بنىّ ، إنّ من تري تحت منبرنا من أهل الشام وغيرهم ، لو علموا من فضل هذا الرجل ما يعلمه أبوك لم يتبعنا منهم أحد . فوقرت كلمتُه فى صدرى ; مع ما كان قاله لى معلّمى أيّام صغرى ، فأعطيت الله عهداً ; لئن كان لى فى هذا الأمر نصيب لاُغيّرنّه ، فلمّا مَنَّ الله علىَّ بالخلافة أسقطت ذلك ، وجعلت مكانه : ³ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِْحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ² وكتب به إلي الآفاق ، فصار سُنّة(٢) . ٦٣٧٣ ـ الأمالى للشجرى عن أبى عبد الله الختلى : لمّا أسقط عمر بن عبد العزيز من الخطب علي المنابر لعنَ أمير المؤمنين ¼ قام إليه عمرو بن شعيب ـ وقد بلغ إلي الموضع الذى كانت بنو اُميّة تلعن فيه عليّاً ¼ ، فقرأ مكانه : ³ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِْحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ² فقام إليه عمرو بن شعيب لعنه الله ـ فقال : يا أمير المؤمنين ! السُّنّة السُّنّة ! يحرّضه علي لعن علىّ ¼ ، فقال عمر : اسكت قبّحك الله ! تلك البدعة لا السنّة . وتمّم خطبته(٣) . ٦٣٧٤ ـ بحر المعارف : لمّا آلَ نوبة الإمارة إلي عمر بن عبد العزيز تفكّر فى (١) جمجَم الرجل تجمجَم : إذا لم يُبيّن كلامه (لسان العرب : ١٢ / ١١٠) . ٣٩٦ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / رفع السبّ عنه
معاوية وأولاده ولعنه عليّاً ¼ وقتل أولاده من غير استحقاق ، فلمّا أصبح أحضر الوزراء فقال : رأيت البارحة أنّ هلاك آل أبى سفيان بمخالفتهم العترة ، وخاطر ببالى أن أرفع لعنهم . وقال وزراؤه : الرأى رأى ا لأمير . فلمّا صعد المنبر يوم الجمعة قام إليه ذمّى متموِّل ، واستنكح منه بنته ، قال عمر : إنّك عندنا كافر ، لا تحلّ بناتنا للكافر ، فقال الذمّى : فلِمَ زوَّج نبيّكم بنته فاطمة من الكافر علىّ بن أبى طالب ؟ فصاح عليه عمر فقال : من يقول إنَّ عليّاً كافر ؟ فقال الذمّىُّ : إن لم يكن علىٌّ كافراً فلمَ تلعنونه ؟ فتخجّل عمر ونزل ، وكتب إلي قاضى بلاد الإسلام : إنَّ أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رفع لعن علىٍّ ¼ ; لأنَّ ذلك كان بدعة وضلالة ، وأمر- القُوّاد ـ خمسمائة شجعان ـ حتي لبسوا السلاح تحت ثيابهم فى جمعة اُخري وصعد المنبر ، وكان عادتهم لعنه ¼ آخر الخطبة ، فلمّا خرج من الخطبة قال : ³ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِْحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبيٰ وَيَنْهَيٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْىِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ² مقام اللعن ونزل ، فصاح القوم من جوانب المسجد : كَفَر أمير المؤمنين ، وحملوا عليه ليقتلوه ، فنادي القوّادَ فصاح بهم حتي أظهروا الأسلحة وخلّصوه من أيديهم والتجأ بإعانة القوّاد إلي قصره ; فصارت قراءة هذه الآية سنّة فى آخر الخطبة ; وتفرَّق الناس قائلين : غُيّرت السُّنّة ، اُبدِلت السُّنّة(١) . (١) بحر المعارف للهمدانى : ١٣٧ نقلاً عن كتاب أسرار الإمامة . |