الصفحة الرئيسية

المكتبة المختصة

فهرس المجلد الثاني عشر

 

٣٠٠ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / مِخْنَفُ بنُ سُلَيْم

٨٨

مِخْنَفُ بنُ سُلَيْم

مخنف بن سليم بن الحارث الأزْدى الغامدى ، كان من صحابة النبىّ  ½ (١) ، وعلىّ  ¼ (٢) . وكان يحمل راية قبيلته ـ الأزد ـ يوم الجمل(٣) ، وقد جرح فى هذه الحرب(٤) . وقبل صفّين طلب منه الإمام  ¼ أن يأتى إلي الكوفة ، ويرافقه فى مسيره إلي صفّين . وتولّي قيادة قبيلته(٥) وبعض القبائل الاُخري فى حرب صفّين(٦) .

ولاّه الإمام  ¼ علي أصفهان(٧) وهَمَدان(٨) . وكلّفه  ¼ مرّةً بجمع الضرائب فى أرض الفرات حتي منطقة بكر بن وائل ، وظلّ مسؤولاً عليها برهةً . وكتب إليه فى هذه المهمّة تعليمات رفيعة هى فى غاية الروعة والقيمة والوعظ والتذكير(٩) .

ومخنف هذا هو الجدّ الأعلي للمؤرّخ الشيعى الجليل أبى مخنف(١٠) . ونُقلت


(١) التاريخ الكبير : ٨ / ٥٢ / ٢١٢٢ ، الطبقات الكبري : ٦ / ٣٥ ، المعجم الكبير : ٢٠ / ٣١٠ / ٧٣٨ ، تاريخ أصبهان : ١ / ١٠٠ / ١٦ ، اُسد الغابة : ٥ / ١٢٣ / ٤٨٠٤ .
(٢) رجال الطوسى : ٨١ / ٨٠٨ ، رجال البرقى : ٦ .
(٣) تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٢١ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٤٣ .
(٤) الفتوح : ٢ / ٤٧٤ .
(٥) الاستيعاب : ٤ / ٣٠ / ٢٥٦٣ ، اُسد الغابة : ٥ / ١٢٣ / ٤٨٠٤ .
(٦) وقعة صفّين : ١١٧ ; الأخبار الطوال : ١٤٦ .
(٧) وقعة صفّين : ١١ وص ١٠٥ ; تاريخ أصبهان : ١ / ١٠١ / ١٦ ، الاستيعاب : ٤ / ٣٠ / ٢٥٦٣ ، اُسد الغابة : ٥ / ١٢٣ / ٤٨٠٤ .
(٨) وقعة صفّين : ١١ وص ١٠٥ .
(٩) دعائم الإسلام : ١ / ٢٥٩ .
(١٠) الطبقات الكبري: ٦/٣٥ ، الاستيعاب: ٤/٣٠/٢٥٦٣، اُسد الغابة: ٥/١٢٣/٤٨٠٤، الإصابة: ٦/٤٦/٧٨٦٥ .

 ٣٠١ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / مُسْلِمٌ المَجاشِعِيّ

عن الامام  ¼ كلمات فى مدحه وذمّه(١) .

٦٧٠٦ ـ اُسد الغابة : مخنف بن سليم ، له صحبة . واستعمله علىّ بن أبى طالب كرّم الله وجهه علي مدينة أصفهان ، وشهد معه صفّين ، وكان معه راية الأزد(٢) .

٨٩

مُسْلِمٌ المَجاشِعِىّ

كان يعيش فى المدائن أيّام واليها حُذيفة بن اليمان ، وبعد قتل عثمان وبقاء حذيفة والياً عليها بأمر الإمام علىّ  ¼ ، قرأ حذيفة علي الناس رسالة الإمام  ¼ ، ودعاهم إلي بيعته متحدّثاً عن عظمته . ولمّا بايع الناس ، طلب مسلم من حذيفة أن يحدّثه بحقيقة ما كان قد جري ، ففعل فأصبح مسلم من الموالين للإمام  ¼ (٣) . ورسخ حبّ الإمام فى قلبه حتي قال  ¼ فيه يوم الجمل : إنّ الفتي ممّن حشي الله قلبه نوراً وإيماناً ، وهو مقتول . . .(٤) .

وكان أوّل من استُشهد يومئذ بعد قَطْع يدَيه(٥) .

٦٧٠٧ ـ المناقب للخوارزمى عن مجزأة السدوسى ـ فى ذكر أحداث حرب الجمل ـ : لمّا تقابل العسكران : عسكر أمير المؤمنين علىّ  ¼ وعسكر أصحاب الجمل ، جعل أهل البصرة يرمون أصحاب علىّ بالنَّبل حتي عقروا منهم جماعة ، فقال الناس : يا أمير المؤمنين ، إنّه قد عقرنا نبلهم فما انتظارك بالقوم ؟ !


(١) وقعة صفّين : ١١ .
(٢) اُسد الغابة : ٥ / ١٢٢ / ٤٨٠٤ .
(٣) إرشاد القلوب : ٣٢١ ـ ٣٤٣ .
(٤) إرشاد القلوب : ٣٤٢ .
(٥) شرح نهج البلاغة : ٩ / ١١٢ ، الفتوح : ٢ / ٤٧٣ ، المناقب للخوارزمى : ١٨٦ .

 ٣٠٢ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / مُسْلِمٌ المَجاشِعِيّ

فقال علىّ : اللهمّ إنّى اُشهدك أنّى قد أعذرت وأنذرت ، فكن لى عليهم من الشاهدين .

ثمّ دعا علىّ بالدرع ، فأفرغها عليه ، وتقلّد بسيفه واعتجر(١) بعمامته واستوي علي بغلة النبىّ  ½ ، ثمّ دعا بالمصحف فأخذه بيده ، وقال : يا أيّها الناس ، من يأخذ هذا المصحف فيدعو هؤلاء القوم إلي ما فيه ؟

قال : فوثب غلام من مجاشع يقال له : مسلم ، عليه قباء أبيض ، فقال له : أنا آخذه يا أمير المؤمنين .

فقال له علىّ : يا فتي إنّ يدك اليمني تقطع ، فتأخذه باليسري فتقطع ، ثمّ تضرب عليه بالسيف حتي تقتل .

فقال الفتي : لا صبر لى علي ذلك يا أمير المؤمنين .

قال : فنادي علىّ ثانية ، والمصحف فى يده ، فقام إليه ذلك الفتي وقال : أنا آخذه يا أمير المؤمنين .

قال : فأعاد عليه علي مقالته الاُولي ، فقال الفتي : لا عليك يا أمير المؤمنين ، فهذا قليل فى ذات الله ، ثمّ أخذ الفتي المصحف وانطلق به إليهم ، فقال : يا هؤلاء ، هذا كتاب الله بيننا وبينكم .

قال : فضرب رجل من أصحاب الجمل يده اليمني فقطعها ، فأخذ المصحف بشماله فقطعت شماله ، فاحتضن المصحف بصدره فضرب عليه حتي قتل ـ رحمة الله عليه ـ (٢) .


(١) الاعتِجارُ بالعَمامة : هو أن يَلُفَّها علي رَأسِه ويَرُدّ طَرَفَها علي وجْهِه ، ولا يَعْمل منها شيئاً تحت ذَقَنِه (النهاية : ٣ / ١٨٥) .
(٢) المناقب للخوارزمى : ١٨٦ / ٢٢٣ ، الفتوح : ٢ / ٤٧٢ وفيه من "ثمّ دعا علىّ بالدرع" ، ف شرح نهج البلاغة : ٩ / ١١١ و١١٢ نحوه وراجع تاريخ الطبرى : ٤ / ٥١١ وأنساب الأشراف : ٣ / ٣٦ والكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٥٠ ومروج الذهب : ٢ / ٣٧٠ وإرشاد القلوب : ٣٤١ و٣٤٢ .

 ٣٠٣ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / مَصْقَلَةُ بنُ هُبَيْرَة

٦٧٠٨ ـ الجمل : كانت اُمّه [أى مسلم] حاضرة فصاحت وطرحت نفسها عليه وجرّته من موضعه ، ولَحِقَها جماعة من عسكر أمير المؤمنين  ¼ أعانوها علي حمله حتي طرحوه بين يدى أمير المؤمنين  ¼ واُمّه تبكى وتندبه وتقول :

يا ربّ إنّ مسلماً دعاهُميتلو كتابَ الله لا يخشاهم
فَخضَبوا من دمه قناهُم واُمّهم قائمةٌ تراهم

تأمرهم بالقتل لا تنهاهُم(١)

راجع : القسم السادس / وقعة الجمل / جهود الإمام لمنع القتال / فشل آخر الجهود .

٩٠

مَصْقَلَةُ بنُ هُبَيْرَة

كان أحد أصحاب الإمام  ¼ (٢) ، ونائب ابن عبّاس ، ووالى أردشير خرّه(٣) (٤) ، فكان عاملاً غير مباشر للإمام  ¼ .

وفى سنة ٣٨ هـ(٥) لمّا ظَهَر معقل بن قيس علي الثوّار المرتدّين من بنى ناجية وأسرهم ، اشتراهم مصقلةُ وأطلق سراحهم ، ثمّ لم يتمكّن من أداء قيمتهم إلي


(١) الجمل : ٣٣٩ وراجع مروج الذهب : ٢ / ٣٧٠ والكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٥٠ .
(٢) رجال الطوسى : ٨٣ / ٨٣٢ .
(٣) أَرْدَشِير خُرَّه : من أجَلّ بقاع فارس ، وقد بناها أردشير بابكان ، ومنها مدينة شيراز ومِيمَنْد وكازرون، وهى بلدة قديمة (راجع معجم البلدان : ١/١٤٦).
(٤) أنساب الأشراف : ٢ / ٣٨٩ ، تاريخ دمشق : ٥٨ / ٢٦٩ / ٧٤٥٠ ; نهج البلاغة : الكتاب ٤٣ وفيه "هو عامله علي أردشيرخرّة" ، تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٠١ وفيه "يهب أموال أردشيرخرّة وكان عليها" .
(٥) تاريخ الطبرى : ٥ / ١٢٨ .


إرجاعات 
٢٢٠ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام عليّ في أيّام الإمارة / الحرب الاُولى : وقعة الجمل / الفصل الثامن : جهود الإمام لمنع القتال / فشل آخر الجهود

 ٣٠٤ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / مَصْقَلَةُ بنُ هُبَيْرَة

بيت المال(١) .

مضافاً إلي تصرّفه فى أموال بيت المال بالبذل لأقربائه والعفو عمّا عليهم . ولهذا استدعاه الإمام وعاتبه علي تصرّفه غير المشروع فى بيت مال المسلمين وإتلافه للأموال ، وطلب منه ردّ ما أخذه من بيت المال لفكّ الأسري .

فعظم ذلك علي مصقلة حيث لم يكن يتصوّر أنّ الإمام يعامله بهذه الشدّة بعد أن رأي عطاء عثمان وهباته من بيت المال ، بل كان يأمل عفو الإمام . فلمّا لم يصل الي أمله فرّ والتحق بمعاوية(٢) . ولهذا قال الإمام  ¼ فى حقّه : "فَعلَ فِعل السادة ، وفرّ فِرار العبيد"(٣) .

لقد شغل مصقلة بعض المناصب فى حكومة معاوية(٤) . وشهد علي حجر بن عدىّ حين أراد معاوية قتله.(٥) .

٦٧٠٩ ـ مروج الذهب : مضي الحارث بن راشد الناجى فى ثلاثمائة من الناس


(١) تهذيب الأحكام : ١٠ / ١٤٠ / ٥٥١ ، نهج البلاغة : الخطبة ٤٤ ; أنساب الأشراف : ٣ / ١٨١ ، مروج الذهب : ٢ / ٤١٩ ، تاريخ الطبرى : ٥ / ١٢٨ ، تاريخ دمشق : ٥٨ / ٢٧٠ / ٧٤٥٠ .
(٢) أنساب الأشراف : ٣ / ١٨١ ، تاريخ الطبرى : ٥ / ١٢٩ و١٣٠ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٢١ و ٤٢٢ ، تاريخ دمشق : ٥٨ / ٢٧٢ / ٧٤٥٠ ; الغارات : ١ / ٣٦٤ ـ ٣٦٦ ، رجال الطوسى : ٨٣ / ٨٣٢ وفيه "هرب إلي معاوية" .
(٣) نهج البلاغة : الخطبة ٤٤ ، الغارات : ١ / ٣٦٦ ; مروج الذهب : ٢ / ٤١٩ ، تاريخ الطبرى : ٥ / ١٣٠ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٢٢ ، تاريخ دمشق : ٥٨ / ٢٧٢ / ٧٤٥٠ وفيها "فعل فعل السيّد ، وفرّ فرار العبد" .
(٤) أنساب الأشراف : ٣ / ١٨٣ وج٥ / ٢٧٨ ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٦٩ ، تاريخ دمشق : ٥٨ / ٢٧٣ / ٧٤٥٠ .
(٥) تاريخ الطبرى : ٥ / ٢٦٩ ، أنساب الأشراف : ٥ / ٢٦٤ .

 ٣٠٥ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / مَصْقَلَةُ بنُ هُبَيْرَة

فارتدّوا إلي دين النصرانيّة . . . فسرّح إليهم علىّ معقل بن قيس الرياحى ، فقتل الحارث ومن معه من المرتدّين بسيف البحر ، وسبي عيالهم وذراريهم ، وذلك بساحل البحرين ، فنزل معقل بن قيس بعض كُوَر الأهواز بسبى القوم ، وكان هنالك مصقلة بن هبيرة الشيبانى عاملاً لعلىّ ، فصاح به النسوة : امنُن علينا ، فاشتراهم بثلاثمائة ألف درهم وأعتقهم ، وأدّي من المال مائتى ألف وهرب إلي معاوية .

فقال علىّ : قبّح الله مصقلة ! فَعَلَ فِعْلَ السيّد ، وفرّ فرار العبد ، لو أقام أخذنا ما قدرنا علي أخذه ; فإن أعسر أنظرناه ، وإن عجز لم نأخذه بشىء ، وأنفذ العتق .

وفى ذلك يقول مصقلة بن هبيرة ، من أبيات :

تركتُ نساء الحىّ بكرِ بن وائل وأعتقتُ سبياً من لؤىّ بن غالبِ
وفارقتُ خير الناس بعد محمّد لمال قليل لا محالةَ ذاهبِ(١)

٦٧١٠ ـ الغارات عن عبد الله بن قعين ـ بعدما اشتري مصقلة اُساري بنى ناجية ـ : انتظر علىّ  ¼ مصقلة أن يبعث إليه بالمال ، فأبطأ به ، فبلغ عليّاً  ¼ أنّ مصقلة خلّي سبيل الاُساري ، ولم يسألهم أن يُعينوه فى فكاك أنفسهم بشىء . فقال : ما أري مصقلة إلاّ قد حمل حَمالة(٢) ، لا أراكم إلاّ سترونه عن قريب مُبَلدَحاً(٣) .

ثمّ كتب إليه : أمّا بعدُ ; فإنّ من أعظم الخيانة خيانة الاُمّة ، وأعظم الغشّ علي


(١) مروج الذهب : ٢ / ٤١٨ و٤١٩ وراجع تاريخ الطبرى :٥ / ١٣٠ والكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٢٢ ونهج البلاغة : الخطبة ٤٤ .
(٢) الحَمالة : ما يتحمّله الإنسان عن غيره من دِيَة أو غرامة (النهاية : ١ / ٤٤٢) .
(٣) بلدح الرجل : إذا ضرب بنفسه علي الأرض (تاج العروس : ٤ / ١٦) .

 ٣٠٦ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / مَصْقَلَةُ بنُ هُبَيْرَة

أهل المصر غشّ الإمام ، وعندك من حقّ المسلمين خمسمائة ألف درهم ، فابعث إلىّ بها حين يأتيك رسولى ، وإلاّ فأقبل إلىّ حين تنظر فى كتابى ; فإنّى قد تقدّمت إلي رسولى أن لا يدعك ساعة واحدة تُقيم بعد قدومه عليك إلاّ أن تبعث بالمال ، والسلام .

قال : وكان الرسول أبا حرّة الحنفى ، فقال له أبو حرّة : إن تبعث بهذا المال وإلاّ فاشخَص معى إلي أمير المؤمنين ، فلمّا قرأ كتابه أقبل حتي نزل البصرة ، وكان العمّال يحملون المال من كور البصرة إلي ابن عبّاس فيكون ابن عبّاس هو الذى يبعث به إلي أمير المؤمنين  ¼ فقال له : نعم أنظرنى أيّاماً ، ثمّ أقبل من البصرة حتي أتي عليّاً  ¼ بالكوفة ، فأقرّه علىّ  ¼ أيّاماً لم يذكر له شيئاً ثمّ سأله المال ، فأدّي إليه مائتى ألف درهم ، وعجز عن الباقى فلم يقدر عليه(١) .

٦٧١١ ـ تاريخ اليعقوبى : كتب [علىّ  ¼ ] إلي مصقلة بن هبيرة ; وبلغه أنّه يُفرِّق ويهب أموال أردشيرخُرّة وكان عليها : أمّا بعد ; فقد بلغنى عنك أمر أكبرتُ أن اُصدّقه : أنّك تقسم فىء المسلمين فى قومك ، ومن اعتراك من السَّأَلة والأحزاب ، وأهل الكذب من الشعراء ، كما تقسم الجوز !

فو الذى فلق الحبّة وبرأ النسمة ، لاُفتّش عن ذلك تفتيشاً شافياً ; فإن وجدته حقّاً لتجدنّ بنفسك علىَّ هواناً ، فلا تكوننّ من الخاسرين أعمالاً ، الذين ضلّ سعيُهم فى الحياة الدنيا ، وهم يحسبون أنّهم يُحسنون صنعاً(٢) .


(١) الغارات : ١ / ٣٦٤ ; تاريخ الطبرى : ٥ / ١٢٩ ، تاريخ دمشق : ٥٨ / ٢٧١ / ٧٤٥٠ كلاهما عن عبد الله بن فقيم وفيهما "مُلبّداً" بدل "مُبَلدَحاً" ، شرح نهج البلاغة : ٣ / ١٤٤ وراجع أنساب الأشراف : ٣ / ١٨١ والكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٢١ والفتوح : ٤ / ٢٤٤ والبداية والنهاية : ٧ / ٣١٠ .
(٢) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٠١ .

 ٣٠٧ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / مَصْقَلَةُ بنُ هُبَيْرَة

٦٧١٢ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ من كتابه إلي مصقلة بن هبيرة الشيبانى ، وهو عامله علي أردشيرخُرّة ـ : بلغنى عنك أمرٌ إن كنت فعلته فقد أسخطت إلهك ، وعصيت إمامك : أنّك تقسم فىء المسلمين الذى حازته رماحهم وخيولهم ، واُريقت عليه دماؤهم ، فيمن اعتامك من أعراب قومك !

فو الذى فلق الحبّة وبرأ النسمة ، لئن كان ذلك حقّاً لتجدنّ لك علىَّ هواناً ، ولتخفّنّ عندى ميزاناً ، فلا تستهِن بحقّ ربّك ، ولا تُصلح دنياك بمحق دينك ، فتكون من الأخسرين أعمالاً .

ألا وإنّ حقّ من قِبَلَك وقِبلَنا من المسلمين فى قِسمة هذا الفىء سواء ; يرِدُون عندى عليه ، ويصدرون عنه(١) .

٦٧١٣ ـ الغارات عن ذهل بن الحارث : دعانى مصقلة إلي رحله ، فقدّم عشاءً فطعمنا منه ، ثمّ قال : والله إنّ أمير المؤمنين يسألنى هذا المال ، وو الله لا أقدر عليه ، فقلت له : لو شئت لا يمضى عليك جمعة حتي تجمع هذا المال ، فقال : والله ما كنت لاُحمّلها قومى ، ولا أطلب فيها إلي أحد .

ثمّ قال : أما والله لو أنّ ابن هند يطالبنى بها ، أو ابن عفّان لتركها لى ، أ لم تر إلي ابن عفّان حيث أطعم الأشعث بن قيس مائة ألف درهم من خراج أذربيجان فى كلّ سنة ، فقلت : إنّ هذا لا يري ذلك الرأى وما هو بتارك لك شيئاً ، فسكت ساعة وسكتّ عنه ، فما مكث ليلة واحدة بعد هذا الكلام حتي لحق بمعاوية ، فبلغ ذلك عليّاً  ¼ فقال :

ما له ؟ ! ترّحه(٢) الله ! فعل فعل السيّد ، وفرّ فرار العبد ، وخان خيانة الفاجر ، أما


(١) نهج البلاغة : الكتاب ٤٣ ; أنساب الأشراف : ٢ / ٣٨٩ نحوه إلي "أعمالاً" .
(٢) التَّرَح : ضدّ الفرح ; وهو الهلاك والانقطاع أيضاً (النهاية : ١ / ١٨٦) .

 ٣٠٨ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / مَعْقِلُ بنُ قَيْس الرِّياحِيّ

إنّه لو أقام فعجز ما زدنا علي حبسه ; فإن وجدنا له شيئاً أخذناه ، وإن لم نقدر له علي مال تركناه ، ثمّ سار إلي داره فهدّمها(١) .

٩١

مَعْقِلُ بنُ قَيْس الرِّياحِىّ

معقل بن قيس الرياحى ، شجاع من مقاتلى الكوفة ، وخطيب بليغ من خطبائها . وكان من اُمراء الجيش فى زمن الإمام أمير المؤمنين والإمام الحسن المجتبي    ¤ . وكان رسول عمّار إلي المدينة فى فتح "تُسْتَر"(٢) وقدِم إليها مع الهُرْمُزان(٣) .

تولّي قيادة رجّالة الكوفة فى معركة الجمل(٤) ، وغدا أميراً علي بعض قبائلها فى معركة صفّين(٥) . ووَلى قيادة الجيش حيناً فى معارك ذى الحجّة يوم صفّين(٦) .

كان قائد الميسرة يوم النهروان(٧) . ثمّ أمره الإمام  ¼ بقمع تمرّد "بنى ناجية"


(١) الغارات : ١ / ٣٦٥ ; تاريخ الطبرى : ٥ / ١٣٠ ، تاريخ دمشق : ٥٨ / ٢٧٢ / ٧٤٥٠ كلاهما عن عبد الله بن فقيم نحوه وراجع أنساب الأشراف : ٣ / ١٨١ و١٨٢ والكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٢١ والفتوح : ٤ / ٢٤٤ والبداية والنهاية : ٧ / ٣١٠ .
(٢) تُسْتَر : هو تعريب "شوشتَر" ; وهى من مدن إيران فى محافظة خوزستان ، وهى قريبة من مدينة دزفول .
(٣) شرح نهج البلاغة : ١٥ / ٩٢ وج ١٦ / ٣٩ .
(٤) الجمل : ٣٢١ .
(٥) وقعة صفّين : ١١٧ .
(٦) وقعة صفّين : ١٩٥ ; تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٧٤ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٦٦ .
(٧) البداية والنهاية : ٧ / ٢٨٩ ، تاريخ الطبرى : ٥ / ٨٥ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٠٥ .

 ٣٠٩ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / مَعْقِلُ بنُ قَيْس الرِّياحِيّ

فهزم خرّيت بن راشد(١) .

عندما أغار يزيد بن شجرة علي مكّة والمدينة ، هَبَّ معقل إلي مواجهته ، فأسَر عدداً من أصحابه ولاذ الباقون بالفرار(٢) .

لمّا عزم الإمام  ¼ علي معاودة قتال معاوية بعد إخماد فتنة النهروان ، واستبان الاستعداد النسبى الذى أبداه أهل الكوفة للقتال ، ذهب معقل إلي أطراف الكوفة لجمع المقاتلين ، لكنّه تلقّي ـ وهو فى مهمّته ـ الخبر المفجِع لاستشهاد الإمام علىّ  ¼ (٣) .

فى سنة ٤٣ هـ خرج المُسْتَورد ـ أحد أقطاب الخوارج ـ فى أيّام حكومة معاوية الغاصبة(٤) وهو يريد الشيعة ، فنهض معقل إلي قتاله . واستشهد بعد أن دَحَر جيشه وقتَله فى مبارزة بينهما(٥) .

وصفه سعيد بن قيس بأنّه ناصح ، أريب صليب شجاع(٦) .

٦٧١٤ ـ شرح نهج البلاغة : معقل بن قيس كان من رجال الكوفة وأبطالها ، وله رياسة وقدم ، أوفده عمّار بن ياسر إلي عمر بن الخطّاب مع الهُرمُزان لفتح تُستَر . وكان من شيعة علىّ  ¼ ، وجّهه إلي بنى ساقة فقتل منهم وسبي . وحارب


(١) تهذيب الأحكام : ١٠ / ١٣٩ / ٥٥١ ، الغارات : ١ / ٣٤٨ ـ ٣٦٤ ، تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٩٥ ; تاريخ الطبرى : ٥ / ١٢١ ـ ١٢٨ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤١٩ ـ ٤٢١ .
(٢) الغارات : ٢ / ٥١١ .
(٣) الغارات : ٢ / ٦٣٨ ; الأخبار الطوال : ٢١٣ .
(٤) أنساب الأشراف : ٥ / ١٧٥ .
(٥) أنساب الأشراف : ٥ / ١٧٦ و١٧٧ ، تاريخ الطبرى : ٥ / ٢٠٦ ، الكامل للمبرّد : ٣ / ١١٦٣ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٦٥ ، شرح نهج البلاغة : ١٥ / ٩٢ .
(٦) الأمالى للطوسى : ١٧٤ / ٢٩٣ ، الغارات : ٢ / ٦٣٨ .

 ٣١٠ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / مَعْقِلُ بنُ قَيْس الرِّياحِيّ

المستَورد بن عُلفة الخارجى من تميم الرباب ، فقتل كلّ واحد منهما صاحبه بدجلة(١) .

٦٧١٥ ـ الغارات عن عبد الله بن قعين ـ فى ذكر حرب بنى ناجية ـ : سار فينا معقل ، يحرّضنا ويقول لنا : يا عباد الله ، لا تبدؤوا القوم وغضّوا الأبصار ، وأقلّوا الكلام ، ووطّنوا أنفسكم علي الطعن والضرب ، وأبشروا فى قتالهم بالأجر العظيم ، إنّما تقاتلون مارقةً مرقت من الدين وعلوجاً(٢) منعوا الخراج ، ولصوصاً وأكراداً ، انظرونى فإذا حملت فشدّوا شدّة رجل واحد .

قال : فمرّ فى الصفّ كلّه يقول لهم هذه المقالة حتي إذا مرّ بالناس كلّهم ، أقبل فوقف وسط الصفّ فى القلب ، ونظرنا إليه ما يصنع ، فحرّك رايته تحريكتين ، ثمّ حمل فى الثالثة وحملنا معه جميعاً ، فو الله ما صبروا لنا ساعةً واحدةً حتي ولّوا وانهزموا ، وقتلنا سبعين عربيّاً من بنى ناجية ومن بعض من اتّبعه من العرب ، وقتلنا نحو ثلاثمائة من العلوج والأكراد(٣) .

٦٧١٦ ـ الغارات عن كعب بن قعين : أقام معقل بن قيس بأرض الأهواز وكتب إلي علىّ  ¼ معى بالفتح وكنت أنا الذى قدم بالكتاب عليه ، وكان فى الكتاب : بسم الله الرحمن الرحيم ، لعبد الله علىّ أمير المؤمنين من معقل بن قيس ، سلام عليك فإنّى أحمد إليك الله الذى لا إله إلاّ هو ، أمّا بعد ، فإنّا لقينا المارقين وقد استظهروا علينا بالمشركين ، فقتلنا منهم ناساً كثيراً ، ولم نتعدّ فيهم سيرتك ، فلم نقتل منهم


(١) شرح نهج البلاغة : ١٥ / ٩٢ .
(٢) العِلج : الرجل من كفّار العجم وغيرهم (النهاية : ٣ / ٢٨٦) .
(٣) الغارات : ١ / ٣٥٣ ; تاريخ الطبرى : ٥ / ١٢٣ عن عبد الله بن فقيم ، البداية والنهاية : ٧ / ٣١٧ نحوه وراجع الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٢١ .

 ٣١١ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / المِقْدادُ بنُ عَمْرو

مدبراً ولا أسيراً ، ولم نُذفّف(١) منهم علي جريح ، وقد نصرك الله والمسلمين ، والحمد لله ربّ العالمين ، والسلام(٢) .

٦٧١٧ ـ الغارات عن أبى عبد الرحمن السلمى ـ فى ذكر عزم الإمام  ¼ علي حرب معاوية ثانياً وقوله لأصحابه ـ : أشيروا علىَّ برجل يحشر الناس من السواد ومن القري ومن محشرهم .

فقال سعيد بن قيس : أما والله أشير عليك بفارس العرب الناصح ، الشديد علي عدوّك .

قال له : من ؟

قال : معقل بن قيس الرياحى .

قال : أجل ، فدعاه فسرّحه فى حشر الناس من السواد إلي الكوفة ، فلم يقدم حتي اُصيب أمير المؤمنين صلوات الله عليه وسلامه(٣) .

٩٢

المِقْدادُ بنُ عَمْرو

المقداد بن عمرو بن ثعلبة البَهْرَاوِىُّ الكندى ، المعروف بالمقداد بن الأسود .

طويل القامة ، أسمر الوجه(٤) . كان من شجعان الصحابة وأبطالهم ونُجَبائهم(٥) .


(١) تَذْفِيف الجريح : الإجهازُ عليه وتحرِيرُ قَتله (النهاية : ٢ / ١٦٢) .
(٢) الغارات : ١ / ٣٥٤ ; تاريخ الطبرى : ٥ / ١٢٤ عن عبد الله قعين .
(٣) الغارات : ٢ / ٦٣٨ ، الأمالى للطوسى : ١٧٤ / ٢٩٣ عن ربيعة بن ناجذ نحوه .
(٤) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٣٩٢ / ٥٤٨٤ ، الإصابة : ٦ / ١٦٠ / ٨٢٠١ .
(٥) حلية الأولياء : ١ / ١٧٢ .

 ٣١٢ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / المِقْدادُ بنُ عَمْرو

شهد المشاهد كلّها مع رسول الله  ½ (١) . وصَفُوه بأنّه مجمع الفضائل والمناقب ، وكان أحد الأركان الأربعة(٢) . وعَدّه رسول الله  ½ أحد الأربعة الذين تشتاق إليهم الجنّة(٣) .

ثبت علي الصراط المستقيم بعد رسول الله  ½ ، وحفظ حقّ الولاية العلويّة ، وأعلن مخالفته للذين بدّلوا ، فى مسجد النبىّ  ½ (٤) .

وعُدَّ المقداد فى بعض الروايات أطوع أصحاب الإمام  ¼ (٥) . وكان من الصفوة الذين صلّوا علي الجثمان الطاهر لسيّدة النساء فاطمة صلوات الله عليها(٦) .

عارض المقداد حكومة عثمان ، وأعلن عن معارضته لها من خلال خطبة ألقاها فى مسجد المدينة(٧) . وقال : إنّى لأعجب من قريش أنّهم تركوا رجلاً ما أقول إنّ أحداً أعلم ولا أقضي منه بالعدل . . أما والله لو أجد عليه أعواناً . . . .

توفّى المقداد سنة ٣٣ هـ وهو فى السبعين من عمره(٨) .


(١) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٣٩٢ / ٥٤٨٤ ، الطبقات الكبري : ٣ / ١٦٢ ، تهذيب الكمال : ٢٨ / ٤٥٣ / ٦١٦٢ .
(٢) الاختصاص : ٦ .
(٣) المعجم الكبير : ٦ / ٢١٥ / ٦٠٤٥ ، حلية الأولياء : ١ / ١٤٢ وص ١٩٠ وفيه "إنّ الله تعالي يحبّ أربعة من أصحابى" ; الخصال : ٣٠٣ / ٨٠ .
(٤) الخصال : ٤٦٣ / ٤ ، الاحتجاج : ١ / ١٩٤ / ٣٧ ، رجال البرقى : ٦٤ .
(٥) رجال الكشّى : ١ / ٤٦ / ٢٢ .
(٦) الخصال : ٣٦١ / ٥٠ ، رجال الكشّى : ١ / ٣٤ / ١٣ ، الاختصاص : ٥ ، تفسير فرات : ٥٧٠ / ٧٣٣ .
(٧) تاريخ الطبرى : ٤ / ٢٣٢ و٢٣٣ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٢٢١ ـ ٢٢٤ ; تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٦٣ .
(٨) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٣٩٢ / ٥٤٨٤ ، الطبقات الكبري : ٣ / ١٦٣ ، تهذيب الكمال : ٢٨ / ٤٥٦ و٤٥٧ / ٦١٦٢ ، الاستيعاب : ٤ / ٤٣ / ٢٥٩٠ ، اُسد الغابة : ٥ / ٢٤٤ / ٥٠٧٦ .

 ٣١٣ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / المِقْدادُ بنُ عَمْرو

وكان له نصيب من مال الدنيا منذ البداية فأوصي للحسن والحسين    ¤ بستّة وثلاثين ألف درهم منه(١) .

وهذه الوصيّة دليل علي حبّه لأهل البيت (ع) وتكريمه واحترامه لهم  ¼ .

٦٧١٨ ـ الأمالى للطوسى عن عبد الرحمن بن جندب عن أبيه : لمّا بويع عثمان سمعت المقداد بن الأسود الكندى يقول لعبد الرحمن بن عوف : والله يا عبد الرحمن ، ما رأيت مثل ما اُتى إلي أهل هذا البيت بعد نبيّهم .

فقال له عبد الرحمن : وما أنت وذاك يا مقداد ؟

قال : إنّى والله اُحبّهم لحبّ رسول الله  ½ ويعترينى والله وَجدٌ لا أبثّه بثّة ، لتشرّف قريش علي الناس بشرفهم ، واجتماعهم علي نزع سلطان رسول الله  ½ من أيديهم .

فقال له عبد الرحمن : ويحك ! والله لقد اجتهدت نفسى لكم .

فقال له المقداد : والله لقد تركت رجلاً من الذين يأمرون بالحقّ وبه يعدلون ، أما والله لو أنّ لى علي قريش أعواناً لقاتلتهم قتالى إيّاهم يوم بدر واُحد .

فقال له عبد الرحمن : ثكلتك اُمّك يا مقداد ! لا يسمعنّ هذا الكلام منك الناس ، أما والله إنّى لخائف أن تكون صاحب فرقة وفتنة .

قال جندب : فأتيته بعدما انصرف من مقامه ، فقلت له : يا مقداد أنا من أعوانك .

فقال : رحمك الله ، إنّ الذى نريد لا يغنى فيه الرجلان والثلاثة ، فخرجت من


(١) تهذيب الكمال : ٢٨ / ٤٥٦ / ٦١٦٢ .

 ٣١٤ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / المِقْدادُ بنُ عَمْرو

عنده وأتيت علىّ بن أبى طالب  ¼ ، فذكرت له ما قال وقلت ، قال : فدعا لنا بخير(١) .

٦٧١٩ ـ تاريخ اليعقوبى ـ فى ذكر أحداث ما بعد استخلاف عثمان ـ : مال قوم مع علىّ بن أبى طالب ، وتحاملوا فى القول علي عثمان .

فروي بعضهم قال : دخلت مسجد رسول الله ، فرأيت رجلاً جاثياً علي ركبتيه يتلهّف تلهّف من كأنّ الدنيا كانت له فسُلبها ، وهو يقول : وا عجباً لقريش ! ودفعهم هذا الأمر عن أهل بيت نبيّهم ، وفيهم أوّل المؤمنين ، وابن عمّ رسول الله أعلم الناس وأفقههم فى دين الله ، وأعظمهم غناءً فى الإسلام ، وأبصرهم بالطريق ، وأهداهم للصراط المستقيم .

والله لقد زووها عن الهادى المهتدى الطاهر النقىّ ، وما أرادوا إصلاحاً للاُمّة ولا صواباً فى المذهب ، ولكنّهم آثروا الدنيا علي الآخرة ، فبُعداً وسحقاً للقوم الظالمين .

فدنوت منه فقلت : من أنت يرحمك الله ؟ ومن هذا الرجل ؟

فقال : أنا المقداد بن عمرو ، وهذا الرجل علىّ بن أبى طالب .

قال : فقلت : ألا تقوم بهذا الأمر فاُعينك عليه ؟

فقال : يابن أخى ! إنّ هذا الأمر لا يجرى فيه الرجل ولا الرجلان .

ثمّ خرجت فلقيت أبا ذرّ ، فذكرت له ذلك ، فقال : صدق أخى المقداد . ثمّ أتيت عبد الله بن مسعود ، فذكرت ذلك له ، فقال : لقد اُخبرنا فلم نألُ(٢) .


(١) الأمالى للطوسى : ١٩١ / ٣٢٣ .
(٢) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٦٣ .

 ٣١٥ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / المُنْذِرُ بنُ الجارُودِ العَبدِيّ

٩٣

المُنْذِرُ بنُ الجارُودِ العَبدِي ّ

المنذر بن الجارود العبدى ، واسم الجارود بشر بن عمرو بن حبيش ، من صحابة الإمام علىّ  ¼ (١) ، وكان علي قسم صغير من جيشه فى معركة الجمل(٢) .

ولاّه الإمام  ¼ علي إصْطَخر(٣) (٤) ، وكان حسن الظاهر لكنّه مضطرب الباطن ، وليس له ثبات .

خان المنذرُ الامامَ  ¼ فى بيت المال ، واستأثر بقسم منه لنفسه ، فكتب إليه الإمام  ¼ كتاباً عنّفه فيه . وبعد استلامه كتابَ الإمام جاء إلي الكوفة ، فعزله الإمام  ¼ ، وحكم عليه بدفع ثلاثين ألف درهم ، وحبسه ، ثمّ أطلقه بشفاعة صَعصَعة بن صُوحان(٥) .

ولى بعض المناطق فى أيّام عبيد الله بن زياد(٦) الذى كان صهره(٧) .

وعندما عزم الإمام الحسين  ¼ علي نهضته العظمي كاتب كثيراً من


(١) تاريخ دمشق : ٦٠ / ٢٨١ .
(٢) الجمل : ٣٢١ ; تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٠٥ ، تاريخ دمشق : ٦٠ / ٢٨٣ ، الإصابة : ٦ / ٢٠٩ / ٨٣٥٣ وفيه "كان شهد الجمل مع علىّ" .
(٣) اصْطَخْر : معرّب استخر ، وهى من أقدم مدن فارِس ، وبها كان سرير الملك دارا بن داراب ، وبها آثار عظيمة . بينها وبين شيراز اثنا عشر فرسخاً (راجع تقويم البلدان : ٣٢٩) .
(٤) الطبقات الكبري : ٥ / ٥٦١ ، المعارف لابن قتيبة : ٣٣٩ ، تاريخ دمشق : ٦٠ / ٢٨١ ، الإصابة : ٦ / ٢٠٩ / ٨٣٥٣ .
(٥) أنساب الأشراف : ٢ / ٣٩١ ; تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٠٣ .
(٦) الأخبار الطوال : ٢٣١ ، الفتوح : ٥ / ٣٧ .
(٧) الطبقات الكبري : ٥ / ٥٦١ وج ٧ / ٨٧ ، تاريخ دمشق : ٦٠ / ٢٨٣ ، الإصابة : ٦ / ٢٠٩ / ٨٣٥٣ .

 ٣١٦ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / المُنْذِرُ بنُ الجارُودِ العَبدِيّ

الشخصيّات المعروفة ودعاهم إلي نصرته والدفاع عن الحقّ . وكان المنذر أحد الذين راسلهم الإمام  ¼ ، لكنّه سلّم الرسالة والرسول إلي عبيد الله بن زياد ، فيا عجباً من فعلته هذه(١) !

مات المنذر سنة ٦١ هـ (٢) .

٦٧٢٠ ـ الغارات عن الأعمش : كان علىّ  ¼ ولّي المنذر بن الجارود فارساً فاحتاز مالاً من الخراج ، قال : كان المال أربعمائة ألف درهم ، فحبسه علىّ  ¼ ، فشفع فيه صعصعة بن صوحان إلي علىّ  ¼ وقام بأمره وخلّصه(٣) .

٦٧٢١ ـ تاريخ اليعقوبى عن غياث : [إنّ عليّاً  ¼ ] كتب إلي المنذر بن الجارود ، وهو علي إصطخر : أمّا بعد ، فإنّ صلاح أبيك غرّنى منك ، فإذا أنت لا تدع انقياداً لهواك أزري ذلك بك . بلغنى أنّك تدع عملك كثيراً ، وتخرج لاهياً بمنبرها ، تطلب الصيد وتلعب بالكلاب ، واُقسم لئن كان حقّاً لنثيبنّك فعلك ، وجاهل أهلك خير منك ، فأقبل إلىَّ حين تنظر فى كتابى ، والسلام .

فأقبل فعزله وأغرمه ثلاثين ألفاً ، ثمّ تركها لصعصعة بن صوحان بعد أن أحلفه عليها ، فحلف(٤) .

٦٧٢٢ ـ الأخبار الطوال : قد كان الحسين بن علىّ (ع) كتب كتاباً إلي شيعته من أهل


(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٥٧ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٥٣٥ و٥٣٦ ، الأخبار الطوال : ٢٣١ ، الفتوح : ٥ / ٣٧ .
(٢) الطبقات الكبري : ٥ / ٥٦١ ، تاريخ دمشق : ٦٠ / ٢٨٥ ، الإصابة : ٦ / ٢٠٩ / ٨٣٥٣ ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٨٠ وفيه "مات فى سنة ٦٢ هـ " .
(٣) الغارات : ٢ / ٥٢٢ وراجع أنساب الأشراف : ٢ / ٣٩١ .
(٤) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٠٣ .

 ٣١٧ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / مَيْثَمٌ التَّمّار

البصرة مع مولي له يسمّي "سلمان" نسخته : بسم الله الرحمن الرحيم ، من الحسين بن علىّ إلي مالك بن مسمع والأحنف ابن قيس ، والمنذر بن الجارود ومسعود بن عمرو وقيس بن الهيثم ، سلام عليكم ، أمّا بعد ، فإنّى أدعوكم إلي إحياء معالم الحقّ وإماتة البدع ، فإن تجيبوا تهتدوا سبل الرشاد ، والسلام .

فلمّا أتاهم هذا الكتاب كتموه جميعاً إلاّ المنذر بن الجارود ، فإنّه أفشاه ، لتزويجه ابنته هنداً من عبيد الله بن زياد ، فأقبل حتي دخل عليه ، فأخبره بالكتاب ، وحكي له ما فيه ، فأمر عبيد الله بن زياد بطلب الرسول ، فطلبوه ، فأتوه به ، فضربت عنقه(١) .

راجع : القسم الخامس / السياسة الإداريّة / الموقف الحازم مع العمّال / المنذر بن الجارود .

٩٤

مَيْثَمٌ التَّمّار

هو ميثم بن يحيي التمّار الأسدى أبو سالم ، جليل من أصحاب أمير المؤمنين(٢) ، والحسن(٣) ، والحسين(٤) (ع) . كان عبداً لامرأة فاشتراه علىّ  ¼ وأعتقه ، نال منزلةً رفيعةً من العلم بفضل باب العلم النبوى حتي وُصف بأنّه اُوتى علم المنايا والبلايا .

كان الإمام  ¼ قد أخبره بكيفيّة استشهاده وما يلاقيه فى سبيل الله . وقد نطق


(١) الأخبار الطوال : ٢٣١ ، تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٥٧ عن أبى عثمان النهدى نحوه وراجع الكامل فى التاريخ : ٢ / ٥٣٥ والفتوح : ٥ / ٣٧ .
(٢) رجال الطوسى : ٨١ / ٨٠٢ ، الاختصاص : ٧ .
(٣) رجال الطوسى : ٩٦ / ٩٥١ .
(٤) رجال الطوسى : ١٠٥ / ١٠٣٤ ، الاختصاص : ٨ ، رجال الكشّى : ١ / ٢٩٤ / ١٣٦ ; الإصابة : ٦ / ٢٥٠ / ٨٤٩٣ .


إرجاعات 
١٥٠ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام علي / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / الموقف الحازم مع العمّال / المنذر بن الجارود

 ٣١٨ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / مَيْثَمٌ التَّمّار

ميثم بهذه الحقيقة العظيمة الواعِظة أمام قاتله الجلاّد الجائر ، وأكّد حتميّة تحقّق تلك النبوءة الإعجازيّة بصلابة تامّة(١) .

إنّ رسوخه علي طريق الحقّ ، وثباته فى الدفاع عن الولاية ، ومنطقه البليغ فى تجلية الحقائق . كلّ ذلك قد استبان مراراً فى كلمات الأئمّة (ع) وذكرته أقلام العلماء ممّا سنقف عليه لاحقاً .

قتله عبيد الله بن زياد قبل استشهاد الإمام الحسين  ¼ بأيّام(٢) .

٦٧٢٣ ـ الإرشاد : إنّ ميثم التمّار كان عبداً لامرأة من بنى أسد ، فاشتراه أمير المؤمنين  ¼ منها وأعتقه ، وقال له : ما اسمك ؟ قال : سالم . قال : أخبرنى رسول الله  ½ أنّ اسمك الذى سمّاك به أبَوَاك فى العجم ميثم . قال : صدق الله ورسوله وصدقت يا أمير المؤمنين ، والله إنّه لاسمى . قال : فارجع إلي اسمك الذى سمّاك به رسول الله  ½ ودع سالماً . فرجع إلي ميثم واكتني بأبى سالم .

فقال له علىّ  ¼ ذات يوم : إنّك تؤخذ بعدى فتُصلب وتُطعن بحربة ، فإذا كان اليوم الثالث ابتدر منخراك وفمك دماً فيخضب لحيتك ، فانتظر ذلك الخضاب ، وتُصلب علي باب دار عمرو بن حُريث عاشر عشرة أنت أقصرهم خشبةً وأقربهم من المطهرة ، وامضِ حتي اُريك النخلة التى تصلب علي جذعها . فأراه إيّاها . فكان ميثم يأتيها فيصلّى عندها ويقول : بوركتِ من نخلة ، لكِ خُلقتُ ولى غُذّيتِ . ولم يزل يتعاهدها حتي قُطِعت وحتي عرف الموضع الذى يُصلب عليها بالكوفة . قال : وكان يلقي عمرو بن حريث فيقول له : إنّى مجاورك فأحسن جوارى . فيقول له عمرو : أ تريد أن تشترى دار ابن مسعود أو دار ابن حكيم ؟


(١) الإرشاد : ١/٣٢٣ ، إعلام الوري : ١/٣٤٢ ; الإصابة : ٦/٢٤٩/٨٤٣٩ ، شرح نهج البلاغة : ٢/٢٩١ .
(٢) الإرشاد : ١ / ٣٢٣ .

 ٣١٩ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / مَيْثَمٌ التَّمّار

وهو لا يعلم ما يريد . وحجّ فى السنة التى قُتل فيها ، فدخل علي اُمّ سلمة رضى الله عنها ، فقالت : من أنت ؟ قال : أنا ميثم . قالت : والله لربّما سمعتُ رسول الله  ½ يوصى بك عليّاً فى جوف الليل . فسألها عن الحسين ، قالت : هو فى حائط(١) له .

قال : أخبريه أنّى قد أحببت السلام عليه ، ونحن مُلتقون عند ربّ العالمين إن شاء الله . فدعت له بطيب فطيّبت لحيته ، وقالت له : أما إنّها ستُخضَبُ بدم .

فقدم الكوفة فأخذه عبيد الله بن زياد فاُدخل عليه فقيل : هذا كان من آثر الناس عند علىّ . قال : ويحكم هذا الأعجمى ؟ ! قيل له : نعم . قال له عبيد الله : أين ربّك ؟ قال : بالمرصاد لكلّ ظالم وأنت أحد الظلمة . قال : إنّك علي عُجمتك لتبلغ الذى تريد ، ما أخبرك صاحبك أنّى فاعل بك ؟ قال : أخبرنى أنّك تصلبنى عاشر عشرة ، أنا أقصرهم خشبةً وأقربهم من المطهرة . قال : لنخالفنّه .

قال : كيف تُخالفه ؟ ! فو الله ما أخبرنى إلاّ عن النبىّ  ½ عن جبرئيل عن الله تعالي ، فكيف تخالف هؤلاء ! ؟ ولقد عرفت الموضع الذى اُصلب عليه أين هو من الكوفة ، وأنا أوّل خلق الله اُلجم فى الإسلام . فحبسه وحبس معه المختار بن أبى عبيد ، فقال ميثم التمّار للمختار : إنّك تفلت وتخرج ثائراً بدم الحسين فتقتل هذا الذى يقتلنا . فلمّا دعا عبيد الله بالمختار ليقتله طلع بريد بكتاب يزيد إلي عبيد الله يأمره بتخلية سبيله فخلاّه ، وأمر بميثم أن يصلب ، فاُخرج فقال له رجل لَقِيَه : ما كان أغناك عن هذا يا ميثم ! فتبسّم وقال وهو يومئ إلي النخلة : لها خُلقت ولى غُذّيت ، فلمّا رُفِعَ علي الخشبة اجتمع الناس حوله علي باب عمرو بن حريث . قال عمرو : قد كان والله يقول : إنّى مجاورك . فلمّا صُلب أمر جاريته


(١) الحائط هاهنا البُسْتان من النخيل إذا كان عليه حائط وهُو الجِدار (النهاية : ١ / ٤٦٢) .

 ٣٢٠ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / مَيْثَمٌ التَّمّار

بكنس تحت خشبته ورشّه وتجميره(١) ، فجعل ميثم يحدّث بفضائل بنى هاشم ، فقيل لابن زياد : قد فضحكم هذا العبد . فقال : ألجموه . فكان أوّل خلق الله اُلجم فى الإسلام . وكان مقتل ميثم رحمة الله عليه قبل قدوم الحسين بن علىّ  ¼ العراق بعشرة أيّام ، فلمّا كان يوم الثالث من صلبه ، طُعن ميثم بالحربة ، فكبّر ثمّ انبعث فى آخر النهار فمه وأنفه دماً(٢) .

٦٧٢٤ ـ رجال الكشّى عن حمزة بن ميثم : خرج أبى إلي العمرة ، فحدّثنى قال : استأذنت علي اُمّ سلمة رحمة الله عليها ، فضربت بينى وبينها خدراً ، فقالت لى : أنت ميثم ؟ فقلت : أنا ميثم . فقالت : كثيراً ما رأيت الحسين بن علىّ ، ابن فاطمة صلوات الله عليهم يذكرك . قلت : فأين هو ؟ قالت : خرج فى غنم له آنفاً . قلت : أنا والله اُكثر ذكره فاقرئيه السلام فإنّى مبادر . فقالت : يا جارية اخرجى فادهنيه ، فخرجت فدهنت لحيتى ببان . فقلت : أما والله لئن دهنتها لتخضبنّ فيكم بالدماء . فخرجنا فإذا ابن عبّاس رحمة الله عليهما جالس ، فقلت : يا ابن عبّاس سلنى ما شئت من تفسير القرآن ، فإنّى قرأت تنزيله علي أمير المؤمنين  ¼ وعلّمنى تأويله . فقال : يا جارية الدواة وقرطاساً ، فأقبل يكتب . فقلت : يا بن عبّاس ، كيف بك إذا رأيتنى مصلوباً تاسع تسعة أقصرهم خشبةً وأقربهم بالمطهرة .

فقال لى : وتكهن أيضاً خرق الكتاب . فقلت : مه احتفظ بما سمعت منّى فإن يك ما أقول لك حقّاً أمسكته ، وإن يك باطلا خرقته . قال : هو ذاك .

فقدم أبى علينا فما لبث يومين حتي أرسل عبيد الله بن زياد ، فصلبه تاسع


(١) أجْمَرت الثوبَ وجَمَّرته إذا بَخَّرْته بالطيب (النهاية : ١ / ٢٩٣) .
(٢) الإرشاد : ١ / ٣٢٣ ، إعلام الوري : ١ / ٣٤١ ; الإصابة : ٦ / ٢٤٩ / ٨٤٩٣ عن المؤيّد بن النعمان ، شرح نهج البلاغة : ٢ / ٢٩١ عن أحمد بن الحسن الميثمى نحوه وراجع الاختصاص : ٧٦ .

 ٣٢١ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / مَيْثَمٌ التَّمّار

تسعة أقصرهم خشبة وأقربهم إلي المطهرة ، فرأيت الرجل الذى جاء إليه ليقتله وقد أشار إليه بالحربة ، وهو يقول : أ ما والله لقد كنت ما علمتك إلاّ قوّاماً ، ثمّ طعنه فى خاصرته فأجافه فاحتقن الدم فمكث يومين ، ثمّ إنّه فى اليوم الثالث بعد العصر قبل المغرب انبعث منخراه دماً ، فخضبت لحيته بالدماء(١) .

٦٧٢٥ ـ خصائص الأئمّة (ع) عن ابن ميثم التمّار : سمعت أبى يقول : دعانى أمير المؤمنين  ¼ يوماً فقال لى : يا ميثم كيف أنت إذا دعاك دعىّ بنى اُميّة عبيد الله بن زياد إلي البراءة منّى ؟ قلت : إذاً والله أصبر ، وذاك فى الله قليل .

قال : يا ميثم ، إذاً تكون معى فى درجتى .

وكان ميثم يمرّ بعريف قومه فيقول : يا فلان ، كأنّى بك قد دعاك دعىّ بنى اُميّة وابن دعيّها فيطلبنى منك ، فتقول هو بمكّة ، فيقول : لا أدرى ما تقول ، ولا بدّ لك أن تأتى به ، فتخرج إلي القادسيّة فتقيم بها أيّاماً ، فإذا قدمتُ عليك ذهبتَ بى إليه حتي يقتلنى علي باب دار عمرو بن حريث ، فإذا كان اليوم الثالث ابتدر من منخرى دم عبيط . قال : وكان ميثم يمرّ فى السبخة بنخلة فيضرب بيده عليها ، ويقول : يا نخلة ما غذّيتِ إلاّ لى ، وكان يقول لعمرو بن حريث : إذا جاورتك فأحسن جوارى ، فكان عمرو يري أنّه يشترى عنده داراً أو ضيعةً له بجنب ضيعته ، فكان عمرو يقول : سأفعل . فأرسل الطاغية عبيد الله بن زياد إلي عريف ميثم يطلبه منه ، فأخبره أنّه بمكّة ، فقال له : إن لم تأتنى به لأقتلنّك فأجّله أجلاً ، وخرج العريف إلي القادسيّة ينتظر ميثماً ، فلمّا قدم ميثم أخذ بيده فأتي به عبيد الله بن زياد ، فلمّا أدخله عليه ، قال له : ميثم ؟ قال : نعم . قال : اِبرأ من أبى تراب . قال : لا أعرف أبا تراب . قال : اِبرأ من علىّ بن أبى طالب . قال : فإن لم


(١) رجال الكشّى : ١ / ٢٩٤ / ١٣٦ ، بحار الأنوار : ٤٢ / ١٢٨ / ١١ .

 ٣٢٢ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / النُعمانُ بنُ العَجلان

أفعل ؟ قال : إذاً والله أقتلك . قال : أما إنّه قد كان يقال لى إنّك ستقتلنى ، وتصلبنى علي باب عمرو بن حريث ، فإذا كان اليوم الثالث ابتدر من منخرى دم عبيط . قال : فأمر بصلبه علي باب عمرو بن حريث . فقال للناس : سلونى ، سلونى ـ وهو مصلوب ـ قبل أن أموت ، فو الله لاُحدّثنّكم ببعض ما يكون من الفتن ، فلمّا سأله الناس وحدّثهم ، أتاه رسول من ابن زياد ـ لعنه الله ـ فألجمه بلجام من شريط ، فهو أوّل من اُلجم بلجام وهو مصلوب ، ثمّ أنفذ إليه من وَجأ جوفه حتي مات ، فكانت هذه من دلائل أمير المؤمنين  ¼ (١) .

٦٧٢٦ ـ رجال الكشّى عن سدير عن أبيه أبى حكيم : اجتمعنا سبعة من التمّارين فاتّعدنا لحمله فجئنا إليه ليلا والحرّاس يحرسونه ، وقد أوقدوا النار فحالت بيننا وبينهم ، فاحتملناه بخشبته حتي انتهينا به إلي فيض من ماء فى مراد فدفناه فيه ، ورمينا بخشبته فى مراد فى الخراب ، وأصبح فبعث الخيل فلم يجد شيئاً(٢) .

٩٥

النُعمانُ بنُ العَجلان

٦٧٢٧ ـ الإصابة عن المبرّد : أنّ علىّ بن أبى طالب استعمل النعمان هذا علي البَحرَين ، فجعل يعطى كلّ من جاءه من بنى زريق ، فقال فيه الشاعر :

أري فتنة قد ألهت الناس عنكمفندلا زريق المال ندل الثعالب
فإنّ ابن عجلان الذى قد علمتميبدّد مال الله فعل المناهب(٣)

راجع : القسم السابع / هرب عدّة من أصحاب الإمام إلي معاوية / النعمان بن العجلان .


(١) خصائص الأئمّة (ع) : ٥٤ ، رجال الكشّى : ١ / ٢٩٥ / ١٣٩ نحوه وفى صدره "يوسف بن عمران الميثمى قال : سمعت ميثم النهروانى يقول : دعانى أمير المؤمنين  ¼ وقال : كيف أنت يا ميثم إذا . . ." .
(٢) رجال الكشّى : ١ / ٢٩٥ / ١٣٨ ، بحار الأنوار : ٤٢ / ١٢٩ / ١٢ .
(٣) الإصابة : ٦ / ٣٥٢ .


إرجاعات 
٤٣ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل الرابع : هرب عدّة من أصحاب الإمام إلى معاوية / النعمان بن العجلان

 ٣٢٣ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / نُعَيْمُ بنُ دُجاجَةَ الأسَدِيّ

٩٦

نُعَيْمُ بنُ دُجاجَةَ الأسَدِي ّ

٦٧٢٨ ـ الإمام الصادق  ¼ : بعث أمير المؤمنين  ¼ إلي بشر بن عطارد التميمى فى كلام بلغه ، فمرّ به رسول أمير المؤمنين  ¼ فى بنى أسد وأخذه ، فقام إليه نعيم بن دجاجة الأسدى فأفلته ، فبعث إليه أمير المؤمنين  ¼ فأتوه به وأمر به أن يضرب ، فقال له نعيم : أما والله إنّ المقام معك لذلّ وإنّ فراقك لكفر .

قال : فلمّا سمع ذلك منه قال له : يا نعيم ، قد عفونا عنك ، إنّ الله عزّ وجلّ يقول : ³ ادْفَعْ بِالَّتى هىَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ  ²  (١) .

أمّا قولك : إنّ المقام معك لذلّ ، فسيّئة اكتسبتها ، وأمّا قولك : إنّ فراقك لكفر ، فحسنة اكتسبتها ، فهذه بهذه ، ثمّ أمر أن يخلّي عنه(٢) .

٩٧

هَاشِمُ بنُ عُتْبَةَ

هاشم بن عتبة بن أبى وقّاص المِرْقَالُ ، يكني أبا عمرو ، وهو ابن أخى سعد بن أبى وقّاص العارف السليم القلب ، وأسد الحروب الباسل . كان من الفضلاء الخيار وكان من الأبطال البُهم(٣) (٤) . من صحابة رسول الله  ½ الكبار(٥) ، وكان


(١) المؤمنون : ٩٦ .
(٢) الكافى : ٧ / ٢٦٨ / ٤٠ عن ابن محبوب عن بعض أصحابه ، رجال الكشّى : ١ / ٣٠٣ / ١٤٤ عن ابن محبوب عن رجل ، المناقب لابن شهر آشوب : ٢ / ١١٣ نحوه وراجع الأمالى للصدوق : ٤٤٦/٥٩٦ .
(٣) البُهْمة بالضمّ : الشجاع ، وقيل : هو الفارس الذى لا يُدرَي من أين يُؤتي له من شدَّة بأسه ، والجمع بُهَم (لسان العرب : ١٢ / ٥٨) .
(٤) الاستيعاب : ٤ / ١٠٧ / ٢٧٢٩ .
(٥) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤١ ، الاستيعاب : ٤/١٠٧/٢٧٢٩ ، الطبقات لخليفة بن خيّاط : ٢١٤/٨٣١ ، ف المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٤٤٧ / ٥٦٩٠ .

 ٣٢٤ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / هَاشِمُ بنُ عُتْبَةَ

نصيراً وفيّاً للإمام أمير المؤمنين  ¼ (١) ، ومن الشجعان الأبطال(٢) .

أسلم يوم الفتح . وذهبت إحدي عينيه فى معركة اليرموك(٣) .

ثمّ سارع إلي نصرة عمّه سعد بن أبى وقّاص(٤) . وتولّي قيادة الجيش فى فتح جَلَوْلاء(٥) . لُقِّب بالمِرقال لطريقته الخاصّة فى القتال وفى هجومه علي العدوّ(٦) .

شهد معركة الجمل(٧) وصفّين(٨) . وإنّ ملاحمه ، وخطبه فى بيان عظمة الإمام علىّ  ¼ ، وكشفه ضلال الأمويّين وسيرتهم القبيحة ، كلّها كانت دليلاً علي عمق تفكيره ، ومعرفته الحقّ . وثباته عليه . دفع الإمام علىّ  ¼ رايته العظمي إليه يوم


(١) رجال الطوسى : ٨٤ / ٨٥٢ وفيه "هشام بن عتبة بن أبى وقّاص المِرقال" ; مروج الذهب : ٢ / ٣٨٧ ، اُسد الغابة : ٥ / ٣٥٣ / ٥٣٢٨ .
(٢) اُسد الغابة : ٥ / ٣٥٣ / ٥٣٢٨ ، الإصابة : ٦ / ٤٠٤ / ٨٩٣٤ ، المعارف لابن قتيبة : ٢٤١ ، الاستيعاب : ٤ / ١٠٧ / ٢٧٢٩ .
(٣) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٤٤٧ / ٥٦٩٣ ، الاستيعاب : ٤ / ١٠٧ / ٢٧٢٩ ، تاريخ بغداد : ١ / ١٩٦ / ٣٤ ، مروج الذهب : ٢ / ٣٨٧ ، .
(٤) الاستيعاب : ٤ / ١٠٧ / ٢٧٢٩ ، تاريخ بغداد : ١ / ١٩٦ / ٣٤ ، الإصابة : ٦ / ٤٠٥ / ٨٩٣٤ وفيهما "حضر مع عمّه حرب الفُرس بالقادسيّة" .
(٥) الاستيعاب : ٤ / ١٠٧ / ٢٧٢٩ ، اُسد الغابة : ٥ / ٣٥٣ / ٥٣٢٨ ، الإصابة : ٦ / ٤٠٥ / ٨٩٣٤ .
(٦) رجال الطوسى : ٨٤ / ٨٥٢ ، وقعة صفّين : ٣٢٨ ; تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٤ ، مروج الذهب : ٢ / ٣٨٧ ، الإصابة : ٦ / ٤٠٤ / ٨٩٣٤ ، وفى النهاية : ٢ / ٢٥٣ "الإرقال : ضرب من العَدْو فوق الخَبَب . يقال : أرقلت الناقة تُرقل إرقالا ، فهى مُرقل ومِرْقال . وأضاف فى لسان العرب : ١١ / ٢٩٤ "و مرقال : كثيرة الإرقال . . . . والمِرقال : لقب هاشم بن عُتبة الزهرى ; لأنّ عليّاً  ¼ دفع إليه الراية يوم صفّين فكان يُرقل بها إرقالا" .
(٧) الجمل : ٣٢١ ; الاستيعاب : ٤ / ١٠٨ / ٢٧٢٩ .
(٨) الاستيعاب : ٤ / ١٠٨ / ٢٧٢٩ ; وقعة صفّين : ١٥٤ .

 ٣٢٥ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / هَاشِمُ بنُ عُتْبَةَ

صفّين(١) . وتولّي قيادة رجّالة البصرة يومئذ(٢) . استُشهد فى صفّين عند مقاتلته كتيبة أمويّة بقيادة "ذو الكلاع"(٣) . وأثني الإمام أمير المؤمنين  ¼ علي شجاعته وشهامته وثباته وكياسته(٤) .

٦٧٢٩ ـ الاستيعاب عن أبى عمر : أسلم هاشم بن عتبة يوم الفتح ، يعرف بالمرقال ، وكان من الفضلاء الخيار ، وكان من الأبطال البُهَم ، فُقِئت عينه يوم اليرموك ، ثمّ أرسله عمر من اليرموك مع خيل العراق إلي سعد ، كتب إليه بذلك ، فشهد القادسيّة ، وأبلي بها بلاءً حسناً وقام منه فى ذلك ما لم يقم من أحد ، وكان سبب الفتح علي المسلمين . وكان بُهْمَة من البُهَم فاضلاً خيّراً . وهو الذى افتتح جلولاء ، فعقد له سعد لواءً ووجّهه ، وفتح الله عليه جلولاء ولم يشهدها سعد(٥) .

٦٧٣٠ ـ المستدرك علي الصحيحين عن محمّد بن عمر : كان [هاشم بن عتبة ] أعور ، فقئت عينه يوم اليرموك(٦) .


(١) الأخبار الطوال : ١٨٣ ، المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٤٤٧ / ٥٦٩١ ، تاريخ الطبرى : ٥ / ١١ وص ٤٠ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٥٨٤ ، الاستيعاب : ٤ / ١٠٨ / ٢٧٢٩ ; رجال الطوسى : ٨٥ / ٨٥٢ وفيه "كان صاحب رايته ليلة الهرير" ، وقعة صفّين : ٢٠٥ .
(٢) تاريخ الطبرى : ٥ / ١١ ، المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٤٤٧ / ٥٦٩٣ ، الاستيعاب : ٤ / ١٠٨ / ٢٧٢٩ وليس فيهما "البصرة" .
(٣) وقعة صفّين : ٣٤٨ ; مروج الذهب : ٢ / ٣٩٣ ، تاريخ الطبرى : ٥ / ٤١ ، تاريخ بغداد : ١ / ١٩٦ / ٣٤ ، الأخبار الطوال : ١٨٣ .
(٤) نهج البلاغة : الخطبة ٦٨ ، الغارات : ١ / ٣٠١ ; تاريخ الطبرى : ٥ / ١١٠ ، أنساب الأشراف : ٣ / ١٧٣ .
(٥) الاستيعاب : ٤ / ١٠٧ / ٢٧٢٩ .
(٦) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٤٤٧ / ٥٦٩٣ ، الاستيعاب : ٤ / ١٠٧ / ٢٧٢٩ ، اُسد الغابة : ٥ / ٣٥٣ / ٥٣٢٨ ، مروج الذهب : ٢ / ٣٨٧ نحوه .

 ٣٢٦ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / هَاشِمُ بنُ عُتْبَةَ

٦٧٣١ ـ الإصابة عن المرزبانى : لمّا جاء قتل عثمان إلي أهل الكوفة ، قال هاشم لأبى موسي الأشعرى : تعال يا أبا موسي بايع لخير هذه الاُمّة علىّ . فقال : لا تعجل . فوضع هاشم يده علي الاُخري ، فقال : هذه لعلىّ وهذه لى ، وقد بايعت عليّاً ، وأنشد :

اُبايع غيرَ مكترث عليّاً ولا أخشي أميراً أشعريّا
اُبايعه وأعلم أن ساُرضى بذاك الله حقّاً والنبيّا(١)

٦٧٣٢ ـ الإمام علىّ  ¼ : وقد أردتُ تولية مصرَ هاشمَ بن عُتبة ، ولو ولّيته إيّاها لما خَلّي لهم العرصة ، ولا أنهزهم الفرصة ، بلا ذمّ لمحمّد بن أبى بكر ، ولقد كان إلىَّ حبيباً ، وكان لى ربيباً(٢) .

٦٧٣٣ ـ عنه  ¼ : رحم الله محمّداً ، كان غلاماً حدثاً ، أما والله لقد كنت أردت أن اُولّى المرقال هاشم بن عتبة بن أبى وقّاص مصر ، والله لو أنّه وليها لما خلّي لعمرو بن العاص وأعوانه العرصة ، ولما قُتل إلاّ وسيفه فى يده(٣) .

٦٧٣٤ ـ وقعة صفّين عن عبد الرحمن بن عبيد بن أبى الكنود : لمّا أراد علىّ المسير إلي أهل الشام دعا إليه من كان معه من المهاجرين والأنصار ، فحمد الله وأثني عليه وقال : أمّا بعد ، فإنّكم ميامين الرأى ، مراجيح الحلم ، مقاويل بالحقّ ، مباركو الفعل والأمر ، وقد أردنا المسير إلي عدوّنا وعدوّكم ، فأشيروا علينا برأيكم . فقام هاشم بن عتبة بن أبى وقّاص ، فحمد الله وأثني عليه بما هو أهله ، ثمّ قال : أمّا بعد ، يا أمير المؤمنين فأنا بالقوم جِدُّ خبير ، هم لك ولأشياعك أعداء ،


(١) الإصابة : ٦ / ٤٠٥ / ٨٩٣٤ .
(٢) نهج البلاغة : الخطبة ٦٨ ; أنساب الأشراف : ٣ / ١٧٣ نحوه .
(٣) الغارات : ١ / ٣٠١ عن مالك بن الجون ; تاريخ الطبرى : ٥ / ١١٠ عن مالك بن الحور .

 ٣٢٧ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / هَاشِمُ بنُ عُتْبَةَ

وهم لمن يطلب حرث الدنيا أولياء ، وهم مقاتلوك ومجاهدوك لا يُبقون جهداً ، مشاحّة علي الدنيا ، وضنّاً بما فى أيديهم منها ، وليس لهم إربة(١) غيرها إلاّ ما يخدعون به الجهّال من الطلب بدم عثمان بن عفّان . كذبوا ليسوا بدمه يثأرون ، ولكن الدنيا يطلبون ، فسر بنا إليهم ، فإن أجابوا إلي الحقّ فليس بعد الحقّ إلاّ الضلال ، وإن أبوا إلاّ الشقاق فذلك الظنّ بهم . والله ما أراهم يبايعون وفيهم أحد ممّن يطاع إذا نهي ، ولا يُسمع إذا أمر(٢) .

٦٧٣٥ ـ وقعة صفّين عن هاشم بن عتبة ـ فى جواب استنفار علىّ  ¼ قبل حرب صفّين ـ : سر بنا يا أمير المؤمنين إلي هؤلاء القوم القاسية قلوبهم ، الذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم ، وعملوا فى عباد الله بغير رضا الله ، فأحلّوا حرامه وحرّموا حلاله ، واستولاهم الشيطان ووعدهم الأباطيل ومنّاهم الأمانى ، حتي أزاغهم عن الهدي وقصد بهم قصد الردي ، وحبّب إليهم الدنيا ، فهم يقاتلون علي دنياهم رغبةً فيها كرغبتنا فى الآخرة إنجاز موعود ربّنا .

وأنت يا أمير المؤمنين ، أقرب الناس من رسول الله  ½ رحِماً ، وأفضل الناس سابقة وقدماً . وهم يا أمير المؤمنين منك مثل الذى علمنا . ولكن كُتب عليهم الشقاء ، ومالت بهم الأهواء وكانوا ظالمين . فأيدينا مبسوطة لك بالسمع والطاعة ، وقلوبنا منشرحة لك ببذل النصيحة ، وأنفسنا تنصرك جَذِلة(٣) علي من خالفك وتولّي الأمر دونك . والله ما أحبّ أنّ لى ما فى الأرض ممّا أقلّت ، وما تحت السماء ممّا أظلّت ، وأنّى واليت عدوّاً لك ، أو عاديت وليّاً لك .


(١) الإرْبةُ : الحاجَة (مجمع البحرين : ١ / ٣٧) .
(٢) وقعة صفّين : ٩٢ .
(٣) الجَذَلُ : الفَرَحُ (مجمع البحرين : ١ / ٢٨٠) .

 ٣٢٨ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / هانِئُ بنُ هَوْذَةَ النَّخَعِيّ

فقال علىّ : اللهمّ ارزقه الشهادة فى سبيلك ، والمرافقة لنبيّك  ½ (١) .

٩٨

هانِئُ بنُ هَوْذَةَ النَّخَعِىّ

٦٧٣٦ ـ تاريخ خليفة بن خيّاط : استخلف [علىٌّ  ¼ ] حين سار إلي النهروان هانئ ابن هوذة النخعى فلم يزل بالكوفة حتي قُتل علىّ(٢) .

٩٩

يَزيدُ بنُ حُجيّة

من أصحاب الإمام  ¼ (٣) ، وشهد معه حروبه(٤) . وجعله الإمام  ¼ أحد الشهود فى التحكيم(٥) . استعمله الإمام  ¼ علي الرىّ(٦) ودَستبي(٧) (٨) . لكنّه انتهج الخيانة ،


(١) وقعة صفّين : ١١٢ .
(٢) تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٥٢ ; الغارات : ١ / ١٨ وفيه "استخلف علىّ  ¼ حين سار إلي النهروان رجلاً من النخع يقال له : هانئ بن هوذة" .
(٣) تاريخ دمشق : ٦٥ / ١٤٧ .
(٤) الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٦٧ ، الأخبار الموفّقيّات : ٥٧٥ / ٣٧٤ .
(٥) تاريخ الطبرى : ٥ / ٥٤ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٨٩ ، تاريخ دمشق : ٦٥ / ١٤٧ وفيه "كان أحد الشهود فى كتاب الصلح" .
(٦) الرَّى : مدينة من بلاد فارس ، والنسبة إليها "الرازى" (تقويم البلدان : ٤٢١) . وهى اليوم تعدّ إحدي نواحى مدينة طهران وضواحيها .
(٧) دَسْتَبَي : كورة [بلدة] كبيرة كانت مقسومة بين الرى وهمذان ; فقسم منها يسمّي "دستبي الرازى" وقسم منها يسمّي "دستبي هَمَذان" (معجم البلدان : ٢ / ٤٥٤) .
(٨) الغارات : ٢ / ٥٢٥ ; أنساب الأشراف : ٣ / ٢١٥ و٢١٦ ، الأخبار الموفّقيّات : ٥٧٥ / ٣٧٤ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٦٧ ، تاريخ دمشق : ٦٥ / ١٤٧ ، وفيهما "استعمله علي الرىّ" .

 ٣٢٩ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / يَزيْدُ بنُ قَيس الأرْحَبِيّ

إذ نقل ابن الأثير أنّه استحوذ علي ثلاثين ألف درهم من بيت المال ; وطالبه الإمام بالنقص الحاصل فى بيت المال ، فأنكر ذلك ، فجلده(١) وسجنه ، ففرّ من السجن والتحق بمعاوية(٢) . وشهد علي حجر بن عدىّ حين أراد معاوية قتله(٣) .

١٠٠

يَزيْدُ بنُ قَيس الأرْحَبِىّ

اشترك فى الثورة علي عثمان(٤) ، وشهد الجمل(٥) وصفّين مع الإمام  ¼ . وكان أحد الذين بعثهم الإمام  ¼ إلي معاوية فى حرب صفّين(٦) . مال إلي الخوارج فى فتنتهم التى أوقدوا نارها ، بَيْدَ أنّ الإمام  ¼ فصله عنهم وولاّه علي إصفهان والرى(٧) . وكان مع الإمام  ¼ فى النهروان ، واحتجّ الخوارج علي ذلك(٨) . ولى المدائن(٩) وجُوخَا(١٠) مدّةً ، (و يبدو أنّ ذلك كان فى الفترة الواقعة بين الجمل


(١) الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٦٧ .
(٢) الغارات : ٢ / ٥٢٥ ـ ٥٢٨ ; أنساب الأشراف : ٣ / ٢١٦ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٦٧ ، الأخبار الموفّقيّات : ٥٧٥ / ٣٧٤ وليس فيه "حَبَسه" ، تاريخ دمشق : ٦٥ / ١٤٧ .
(٣) الغارات : ٢ / ٥٢٨ ; أنساب الأشراف : ٥ / ٢٦٨ ، تاريخ الطبرى : ٥ / ٢٧٣ .
(٤) تاريخ الطبرى : ٤ / ٣٣١ ، أنساب الأشراف : ٦ / ١٥٩ .
(٥) تاريخ الطبرى : ٤ / ٤٨٨ وص ٥١٥ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٣٠ .
(٦) وقعة صفّين : ١٩٧ و١٩٨ ; تاريخ الطبرى : ٥ / ٥ وص ١٧ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٦٧ .
(٧) تاريخ الطبرى : ٥ / ٦٥ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٩٤ .
(٨) تاريخ الطبرى : ٥ / ٨٦ .
(٩) المدائن : مدينة تقع علي نهر دجلة من شرقيّها تحت بغداد علي مرحلة منها ، وفيها إيوان كسري . فُتحت فى (١٤ هـ ) علي يد المسلمين (راجع تقويم البلدان : ٣٠٢) .
(١٠) جُوخا: اسم نهر عليه كورة واسعة فى سواد بغداد وهو بين خانقين وخوزستان (معجم البلدان: ٢/١٧٩).

 ٣٣٠ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / يَزيْدُ بنُ قَيس الأرْحَبِيّ

وصفّين)(١) . وبعد النهروان كان عامل الإمام  ¼ علي أصفهان(٢) ، وهَمَدان(٣) .

٦٧٣٧ ـ وقعة صفّين عن يوسف وأبى روق : إنّ عليّاً حين قدم من البصرة إلي الكوفة بعث يزيد بن قيس الأرحبى علي المدائن وجوخا كلّها(٤) .

٦٧٣٨ ـ تاريخ اليعقوبى : كتب [ علىّ  ¼ ] إلي يزيد بن قيس الأرحبى : أمّا بعد ، فإنّك أبطأت بحمل خراجك ، وما أدرى ما الذى حملك علي ذلك . غير أنّى اُوصيك بتقوي الله واُحذّرك أن تحبط أجرك ، وتبطل جهادك بخيانة المسلمين ، فاتّقِ الله ونزّه نفسك عن الحرام ، ولا تجعل لى عليك سبيلاً ، فلا أجد بدّاً من الإيقاع بك ، وأعزز المسلمين ولا تظلم المعاهدين ، وابتغِ فيما آتاك الله الدار الآخرة ، ولا تنسَ نصيبك من الدنيا ، وأحسن كما أحسن الله إليك : ³ وَلاَ تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الاَْرْضِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ  ²  (٥) (٦) .


(١) وقعة صفّين : ١١ ; الأخبار الطوال : ١٥٣ .
(٢) رجال الطوسى : ٨٦ / ٨٦٣ ; تاريخ الطبرى : ٥ / ٦٥ وص ٨٦ .
(٣) رجال الطوسى : ٨٦ / ٨٦٣ .
(٤) وقعة صفّين : ١١ ; الأخبار الطوال : ١٥٣ وفيه "ثمّ استعمل علي المدائن وجُوخَي كلّها يزيد بن قيس الأرحبى" .
(٥) القصص : ٧٧ .
(٦) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٠٠ .