٢٥٣ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل العاشر : بعد الظفر
١٠ / ١ ٢٢٦٤ ـ الإمام الباقر ¼ : أمر علىّ ¢ مناديه فنادي يوم البصرة : "لا يُتبع مدبِر ، ولا يُذفَّف(١) علي جريح ، ولا يُقتل أسير ، ومن أغلق بابه فهو آمن ، ومن ألقي سلاحه فهو آمن" ، ولم يأخذ من متاعهم شيئاً(٢) . ٢٢٦٥ ـ الأخبار الطوال : نادي علىّ ¢ فى أصحابه : لا تتّبعوا مولّياً ، ولا تُجهزوا علي جريح ، ولا تنتهبوا مالاً ، ومن ألقي سلاحه فهو آمِن ، ومن أغلق بابه فهو آمِن(٣) . (١) الذفّ : الإجهاز علي الجريح (الصحاح : ٤ / ١٣٦٢) . ٢٥٤ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل العاشر : بعد الظفر / الكرامة
٢٢٦٦ ـ الجمل عن معاذ بن عبيد الله التميمى : فوَ الله ، لقد رأيت أصحاب علىّ ¼ وقد وصلوا إلي الجمل ، وصاح منهم صائح : اعقروه ، فعقروه فوَقع . فنادي علىّ ¼ : من طرح السلاح فهو آمن ، ومن دخل بيته فهو آمن . فوَ الله ، ما رأيت أكرم عفواً منه(١) . ٢٢٦٧ ـ شرح الأخبار عن موسي بن طلحة بن عبيد الله ـ وكان فيمن اُسر يوم الجمل ، وحُبس مع من حُبس من الاُساري بالبصرة ـ : كنت فى سجن علىّ بالبصرة ، حتي سمعت المنادى ينادى : أين موسي بن طلحة بن عبيد الله ؟ فاسترجعت واسترجع أهل السجن ، وقالوا : يقتلك . فأخرجنى إليه ، فلمّا وقفت بين يديه قال لى : يا موسي ! قلت : لبّيك يا أمير المؤمنين ! قال : قل : أستغفر الله وأتوب إليه ثلاث مرّات . فقلت : أستغفر الله وأتوب إليه ـ ثلاث مرّات ـ فقال : لمن كان معى من رسله : خلّوا عنه ، وقال لى : اذهب حيث شئت ، وما وجدت لك فى عسكرنا من سلاح أو كراع فخذه ، واتّقِ الله فيما تستقبله من أمرك ، واجلس فى بيتك . فشكرت له وانصرفت(٢) . ٢٢٦٨ ـ الإمام زين العابدين ¼ : دخلت علي مروان بن الحكم ، فقال : ما رأيت أحداً أكرم غلبة من أبيك ، ما هو إلاّ أن ولينا يوم الجمل ، فنادي مناديه : لا يُقتل (١) الجمل : ٣٦٥ وراجع الأمالى للمفيد : ٢٥ / ٨ وتاريخ اليعقوبى : ٢٠ / ١٨٣ وشرح الأخبار : ١ / ٢٩٥ / ٢٨١ ومروج الذهب : ٢ / ٣٧٨ والأخبار الطوال : ١٥١ . ٢٥٥ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل العاشر : بعد الظفر / إصدار العفو العامّ
مدبر ، ولا يُذفّف علي جريح(١) . ١٠ / ٢ ٢٢٦٩ ـ أنساب الأشراف : قام علىّ ـ حين ظهر وظفر ـ خطيباً فقال : يا أهل البصرة ! قد عفوت عنكم ; فإيّاكم والفتنة ; فإنّكم أوّل الرعيّة نكث البيعة ، وشقّ عصا الاُمّة . ثمّ جلس وبايعه الناس(٢) . ٢٢٧٠ ـ الإرشاد : ومن كلامه [علىٍّ ¼ ] بالبصرة حين ظهر علي القوم ، بعد حمد الله والثناء عليه : أمّا بعد ; فإنّ الله ذو رحمة واسعة ، ومغفرة دائمة ، وعفو جمّ ، وعقاب أليم ، قضي أنّ رحمته ومغفرته وعفوه لأهل طاعته من خلقه ، وبرحمته اهتدي المهتدون ، وقضي أنّ نقمته وسطواته وعقابه علي أهل معصيته من خلقه ، وبعد الهدي والبيّنات ما ضلّ الضالّون . فما ظنّكم ـ يا أهل البصرة ـ وقد نكثتم بيعتى ، وظاهرتم علىَّ عدوّى ؟ فقام إليه رجل فقال : نظنّ خيراً ، ونراك قد ظفرت وقدرت ، فإن عاقبت فقد (١) السنن الكبري : ٨ / ٣١٤ / ١٦٧٤٦ عن إبراهيم بن محمّد عن الإمام الصادق عن أبيه ¤ ، فتح البارى : ١٣ / ٥٧ ، أنساب الأشراف : ٣ / ٥٧ عن أنس بن عياض نحوه ; المبسوط : ٧ / ٢٦٤ كلاهما عن الإمام الصادق عن أبيه ¤ وفيه "يدنف" بدل "يذفف" وراجع الطبقات الكبري : ٥ / ٩٣ والبداية والنهاية : ٧ / ٢٤٥ والإمامة والسياسة : ١ / ٩٧ . ٢٥٦ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل العاشر : بعد الظفر / الاعتذار من الإمام
اجترمنا ذلك ، وإن عفوت فالعفو أحبّ إلي الله . فقال : قد عفوت عنكم ; فإيّاكم والفتنة ; فإنّكم أوّل الرعيّة نكث البيعة ، وشقّ عصا هذه الاُمّة . قال : ثمّ جلس للناس فبايعوه(١) . ١٠ / ٣ ٢٢٧١ ـ الجمل عن هاشم بن مساحق القرشى : حدّثنى أبى أنّه لمّا انهزم الناس يوم الجمل اجتمع معه طائفة من قريش فيهم مروان بن الحكم ، فقال بعضهم لبعض : والله لقد ظلمْنا هذا الرجل ـ يعنون أمير المؤمنين ¼ ـ ونَكثنا بيعته من غير حَدَث ، والله لقد ظهر علينا ، فما رأينا قطّ أكرم سيرةً منه ، ولا أحسن عفواً بعد رسول الله ½ ; فقوموا حتي ندخل عليه ونعتذر إليه ممّا صنعناه . قال : فصرنا إلي بابه ، فاستأذنّاه فأذن لنا ، فلمّا مثلنا بين يديه جعل متكلّمنا يتكلّم . فقال ¼ : أنصتوا أكفِكم ، إنّما أنا بشر مثلكم ; فإن قلت حقّاً فصدّقونى ، وإن قلت باطلاً فردّوا علىَّ . أنشدكم الله ! أ تعلمون أنّ رسول الله ½ لمّا قُبض كنت أنا أولي الناس به وبالناس من بعده ؟ قلنا : اللهمّ نعم . ٢٥٧ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل العاشر : بعد الظفر / مناقشات بين عمّار وعائشة
قال : فعدلتم عنّى وبايعتم أبا بكر ، فأمسكتُ ولم اُحبّ أن أشقّ عصا المسلمين ، واُفرّق بين جماعتهم ; ثمّ إنّ أبا بكر جعلها لعمر من بعده فكففت ، ولم اُهِج الناس ، وقد علمت أنّى كنت أولي الناس بالله وبرسوله وبمقامه ، فصبرت حتي قُتل عمر ، وجعلنى سادس ستّة ، فكففت ولم اُحبّ أن اُفرّق بين المسلمين ، ثمّ بايعتم عثمان فطعنتم عليه فقتلتموه وأنا جالس فى بيتى ، فأتيتمونى وبايعتمونى كما بايعتم أبا بكر وعمر ; فما بالكم وفيتم لهما ولم تفوا لى ؟ ! وما الذى منعكم من نكث بيعتهما ودعاكم إلي نكث بيعتى ؟ فقلنا له : كن يا أمير المؤمنين كالعبد الصالح يوسف إذ قال : ³ لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ² (١) . فقال ¼ : لا تثريب عليكم اليوم ، وإنّ فيكم رجلاً لو بايعنى بيده لنكث بأسته ـ يعنى مروان بن الحكم ـ (٢) . ١٠ / ٤ ٢٢٧٢ ـ تاريخ الطبرى عن أبى يزيد المدينى : قال عمّار بن ياسر لعائشة حين فرغ القوم : يا اُمّ المؤمنين ! ما أبعد هذا المسير من العهد الذى عُهد إليكِ ! قالت : أبو اليقظان ! قال : نعم . قالت : والله ، إنّك ـ ما علمتُ ـ قوّالٌ بالحقّ . قال : الحمد لله الذى قضي لى (١) يوسف : ٩٢ . ٢٥٨ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل العاشر : بعد الظفر / مناقشات بين ابن عبّاس وعائشة
علي لسانكِ(١) . ٢٢٧٣ ـ الأمالى للطوسى عن موسي بن عبد الله الأسدى : لمّا انهزم أهل البصرة أمر علىّ بن أبى طالب ¼ أن تُنزل عائشة قصر أبى خلف ، فلمّا نزلت جاءها عمّار بن ياسر فقال لها : يا اُمّت ! كيف رأيتِ ضرب بنيك دون دينهم بالسيف ؟ فقالت : استبصرت يا عمّار من أجل أنّك غلبت . قال : أنا أشدّ استبصاراً من ذلك ، أما والله ، لو ضربتمونا حتي تبلغونا سعفات هجر لعلمنا أنّا علي الحقّ ، وأنّكم علي الباطل . فقالت له عائشة : هكذا يُخيّل إليك ، اتّقِ الله يا عمّار ! فإنّ سنّك قد كبر ، ودقّ عظمك ، وفنى أجلك ، وأذهبت دينك لابن أبى طالب . فقال عمّار : إنّى والله ، اخترت لنفسى فى أصحاب رسول الله ½ ، فرأيت عليّاً أقرأهم لكتاب الله عزّ وجلّ ، وأعلمهم بتأويله ، وأشدّهم تعظيماً لحرمته ، وأعرفهم بالسنّة ، مع قرابته من رسول الله ½ وعظم عنائه وبلائه فى الإسلام . فسكتتْ(٢) . ١٠ / ٥ ٢٢٧٤ ـ تاريخ اليعقوبى : وجّه [علىّ ¼ ] ابن عبّاس إلي عائشة يأمرها بالرجوع ، فلمّا دخل عليها ابن عبّاس قالت : أخطأت السنّة يابن عبّاس مرّتين : دخلت بيتى بغير إذنى ، وجلست علي متاعى بغير أمرى . (١) تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٤٥ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٤٨ ، فتح البارى : ١٣ / ٥٨ كلاهما نحوه . ٢٥٩ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل العاشر : بعد الظفر / مناقشات بين ابن عبّاس وعائشة
قال : نحن علّمنا إيّاكِ السنّة ; إنّ هذا ليس ببيتكِ ، بيتكِ الذى خلّفك رسول الله به ، وأمركِ القرآن أن تَقرّى فيه(١) . ٢٢٧٥ ـ مروج الذهب : بعث [علىّ ¼ ] بعبد الله بن عبّاس إلي عائشة يأمرها بالخروج إلي المدينة ، فدخل عليها بغير إذنها ، واجتذب وسادة فجلس عليها . فقالت له : يابن عبّاس ! أخطأت السنّة المأمور بها ، دخلت إلينا بغير إذننا ، وجلست علي رحلنا بغير أمرنا . فقال لها : لو كنتِ فى البيت الذى خلّفك فيه رسول الله ½ ما دخلنا إلاّ بإذنكِ ، وما جلسنا علي رحلكِ إلاّ بأمركِ ، وإنّ أمير المؤمنين يأمركِ بسرعة الأوبة ، والتأهّب للخروج إلي المدينة . فقالت : أبيتُ ما قلت ، وخالفت ما وصفت . فمضي إلي علىّ ، فخبّره بامتناعها ، فردّه إليها ، وقال : إنّ أمير المؤمنين يعزم عليكِ أن ترجعى ، فأنعمت وأجابت إلي الخروج(٢) . ٢٢٧٦ ـ رجال الكشّى عن إسماعيل بن الفضل الهاشمى : حدّثنى بعض أشياخى قال : لمّا هزم علىّ بن أبى طالب ¼ أصحاب الجمل ، بعث أميرُ المؤمنين ¼ عبدَ الله بن عبّاس إلي عائشة يأمرها بتعجيل الرحيل ، وقلّة العرْجة(٣) . قال ابن عبّاس : فأتيتها وهى فى قصر بنى خلف فى جانب البصرة ، قال : (١) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٨٣ ، شرح الأخبار : ١ / ٣٩٠ / ٣٣٢ عن ابن عبّاس نحوه ، بحار الأنوار : ٣٢ / ٢٦٩ / ٢١٠ . ٢٦٠ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل العاشر : بعد الظفر / مناقشات بين ابن عبّاس وعائشة
فطلبت الإذن عليها ، فلم تأذن ، فدخلت عليها من غير إذنها ، فإذا بيت قفار لم يعدّ لى فيه مجلس ، فإذا هى من وراء سترَين . قال : فضربت ببصرى فإذا فى جانب البيت رحل عليه طُنْفُسة(١) ، قال : فمددت الطنفسة فجلست عليها . فقالت من وراء الستر : يابن عبّاس ! أخطأت السنّة ; دخلت بيتنا بغير إذننا ، وجلست علي متاعنا بغير إذننا . فقال لها ابن عبّاس : نحن أولي بالسنّة منكِ ، ونحن علّمناكِ السنّة ، وإنّما بيتك الذى خلّفك فيه رسول الله ½ ، فخرجتِ منه ظالمةً لنفسك ، غاشية لدينك ، عاتية علي ربّك ، عاصية لرسول الله ½ ، فإذا رجعت إلي بيتك لم ندخله إلاّ بإذنك ، ولم نجلس علي متاعك إلاّ بأمرك . إنّ أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب ¼ بعث إليك يأمرك بالرحيل إلي المدينة ، وقلّة العرجة . فقالت : رحم الله أمير المؤمنين ! ذلك عمر بن الخطّاب . فقال ابن عبّاس : هذا والله أمير المؤمنين ، وإن تزبّدت(٢) فيه وجوه ، ورَغَمت(٣) فيه معاطس ! أما والله ، لهو أمير المؤمنين ، وأمسّ برسول الله رحماً ، وأقرب قرابة ، وأقدم سبقاً ، وأكثر علماً ، وأعلي مناراً ، وأكثر آثاراً من أبيك ومن عمر . فقالت : أبيت ذلك . . . . (١) هى البساط الذى له خَمْل رقيق (النهاية : ٣ / ١٤٠) . ٢٦١ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل العاشر : بعد الظفر / محادثات بين الإمام وعائشة
قال : ثمّ نهضت وأتيت أمير المؤمنين ¼ فأخبرته بمقالتها ، وما رددتُ عليها ، فقال : أنا كنت أعلم بك حيث بعثتك(١) . ١٠ / ٦ ٢٢٧٧ ـ تاريخ اليعقوبى ـ فى خبر عائشة ـ : أتاها علىٌّ ، وهى فى دار عبد الله بن خلف الخزاعى ، وابنه المعروف بطلحة الطلحات ، فقال : إيهاً يا حميراء ! أ لم تنتهى عن هذا المسير ؟ فقالت : يابن أبى طالب ! قدرت فأسجِح ! فقال : اخرُجى إلي المدينة ، وارجعى إلي بيتك الذى أمرك رسول الله أن تَقرّى فيه . قالت : أفعل(٢) . ٢٢٧٨ ـ مروج الذهب ـ فى خبر عائشة ـ : جهّزها [عائشة] علىٌّ وأتاها فى اليوم الثانى ، ودخل عليها ومعه الحسن والحسين وباقى أولاده وأولاد إخوته وفتيان أهله من بنى هاشم وغيرهم من شيعته من همْدان ، فلمّا بصرت به النسوان صحنَ فى وجهه وقلن : يا قاتل الأحبّة ! فقال : لو كنت قاتل الأحبّة لقتلت مَن فى هذا البيت ، وأشار إلي بيت من تلك البيوت قد اختفي فيه مروان بن الحكم ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن عامر ، وغيرهم . فضرب من كان معه بأيديهم إلي قوائم سيوفهم لمّا علموا مَن فى البيت مخافة أن يخرجوا منه فيغتالوه . (١) رجال الكشّى : ١ / ٢٧٧ / ١٠٨ . ٢٦٢ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل العاشر : بعد الظفر / محادثات بين الإمام وعائشة
فقالت له عائشة ـ بعد خطب طويل كان بينهما ـ : إنّى اُحبّ أن اُقيم معك ، فأسير إلي قتال عدوّك عند سيرك . فقال : بل ارجعى إلي البيت الذى تركك فيه رسول الله ½ . فسألته أن يؤمّن ابن اُختها عبد الله بن الزبير ، فأمّنه ، وتكلّم الحسن والحسين فى مروان ، فأمّنه ، وأمّن الوليد بن عُقْبة ووُلد عثمان وغيرهم من بنى اُميّة ، وأمّن الناس جميعاً . وقد كان نادي يوم الوقعة : من ألقي سلاحه فهو آمن ، ومن دخل داره فهو آمن(١) . ٢٢٧٩ ـ تاريخ الطبرى عن محمّد وطلحة : دخل علىٌّ البصرة يوم الإثنين ، فانتهي إلي المسجد ، فصلّي فيه ، ثمّ دخل البصرة ، فأتاه الناس ، ثمّ راح إلي عائشة علي بغلته ، فلمّا انتهي إلي دار عبد الله بن خلف ـ وهى أعظم دار بالبصرة ـ وجد النساء يبكين علي عبد الله وعثمان ـ ابنى خلف ـ مع عائشة ، وصفيّة ابنة الحارث مختمرة تبكى . فلمّا رأته قالت : يا علىّ ، يا قاتل الأحبّة ، يا مفرّق الجمع ! أيتمَ الله بنيك منك كما أيتمت ولد عبد الله منه ! فلم يردّ عليها شيئاً ، ولم يزل علي حاله حتي دخل علي عائشة ، فسلّم عليها ، وقعد عندها ، وقال لها : جبهتنا صفيّة ، أما إنّى لم أرَها منذ كانت جارية حتي اليوم . فلمّا خرج علىّ أقبلت عليه فأعادت عليه الكلام ، فكفّ بغلته وقال : أ ما (١) مروج الذهب : ٢ / ٣٧٧ وراجع دعائم الإسلام : ١ / ٣٩٤ وتفسير فرات : ١١١ / ١١٣ . ٢٦٣ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل العاشر : بعد الظفر / إشخاص عائشة إلي المدينة
لَهَمَمْتُ ـ وأشار إلي الأبواب من الدار ـ أن أفتح هذا الباب وأقتل من فيه ، ثمّ هذا فأقتل من فيه ، ثمّ هذا فأقتل من فيه ـ وكان اُناس من الجرحي قد لجؤوا إلي عائشة ، فاُخبر علىّ بمكانهم عندها ، فتغافل عنهم ـ فسكتت . فخرج علىٌّ فقال رجل من الأزد : والله ، لا تفلتنا هذه المرأة ! فغضب وقال : صه ! لا تهتكنّ ستراً ، ولا تدخلنّ داراً ، ولا تهيجنّ امرأة بأذي ، وإن شتمن أعراضكم ، وسفّهن اُمراءكم وصلحاءكم ; فإنّهنّ ضعاف ، ولقد كنّا نؤمر بالكفّ عنهنّ ، وإنّهنّ لمشركات ، وإنّ الرجل ليكافئ المرأة ويتناولها بالضرب ، فيعيَّر بها عقبه من بعده ، فلا يبلغنّى عن أحد عَرَض لامرأة ، فاُنكّل به شرار الناس(١) . ١٠ / ٧ ٢٢٨٠ ـ مسند ابن حنبل عن أبى رافع : إنّ رسول الله ½ قال لعلىّ بن أبى طالب : إنّه سيكون بينك وبين عائشة أمر ، قال : أنا يا رسول الله ؟ قال : نعم . قال : أنا ؟ قال : نعم . قال : فأنا أشقاهم يا رسول الله ؟ قال : لا ، ولكن إذا كان ذلك فارددها إلي مأمَنِها(٢) . ٢٢٨١ ـ الأخبار الطوال ـ فى ذكر أحداث ما بعد حرب الجمل ـ : قال [علىّ ¼ ] لمحمّد بن أبى بكر : سِر مع اُختك حتي توصلها إلي المدينة ، وعجّل اللحوق بى بالكوفة . فقال : أعفِنى من ذلك يا أمير المؤمنين . (١) تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٣٩ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٤٧ نحوه وراجع البداية والنهاية : ٧ / ٢٤٦ والفتوح : ٢ / ٤٨٣ . ٢٦٤ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل العاشر : بعد الظفر / ندم عائشة
فقال علىّ : لا أعفيك منه ، وما لك بُدُّ . فسار بها حتي أوردها المدينة(١) . ٢٢٨٢ ـ الجمل : لمّا عزم أمير المؤمنين ¼ علي المسير إلي الكوفة أنفذ إلي عائشة يأمرها بالرحيل إلي المدينة ، فتهيّأت لذلك ، وأنفذ معها أربعين امرأة ألبسهنّ العمائم والقلانس(٢) ، وقلّدهنّ السيوف ، وأمرهنّ أن يحفظنها ، ويكنَّ عن يمينها وشمالها ومن ورائها . فجعلت عائشة تقول فى الطريق : اللهمّ افعل بعلىّ بن أبى طالب بما فعل بى ! بعث معى الرجال ولم يحفظ بى حرمة رسول الله ½ . فلمّا قدمنَ المدينة معها ألقين العمائم والسيوف ودخلنَ معها ، فلمّا رأتهنّ ندمت علي ما فرّطت بذمّ أمير المؤمنين ¼ وسبّه . وقالت : جزي الله ابن أبى طالب خيراً ، فلقد حفظ فىَّ حرمة رسول الله ½ (٣) . ١٠ / ٨ ٢٢٨٣ ـ الكامل فى التاريخ عن عائشة ـ بعد حرب الجمل ـ : والله ، لوددت أنّى متُّ قبل هذا اليوم بعشرين سنة(٤) . (١) الأخبار الطوال : ١٥٢ . ٢٦٥ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل العاشر : بعد الظفر / ندم عائشة
٢٢٨٤ ـ نهاية الأرب : أتي وجوه الناس إلي عائشة وفيها : القعقاع بن عمرو ، فسلّم عليها فقالت : والله ، لوددت أنّى متّ قبل هذا اليوم بعشرين سنة !(١) ٢٢٨٥ ـ فتح البارى عن محمّد بن قيس : ذُكر لعائشة يوم الجمل قالت : والناس يقولون يوم الجمل ؟ قالوا : نعم ، قالت : وددت أنّى جلست كما جلس غيرى ; فكان أحبّ إلىّ من أن أكون ولدت من رسول الله ½ عشرة كلّهم مثل عبد الرحمن بن الحارث بن هشام(٢) . ٢٢٨٦ ـ المستدرك علي الصحيحين عن عائشة : وددت أنّى كنت ثكلت عشرة مثل الحارث بن هشام ، وأنّى لم أسِر مسيرى مع ابن الزبير(٣) . ٢٢٨٧ ـ الطبقات الكبري عن عمارة بن عمير : حدّثنى من سمع عائشة إذا قرأت هذه الآية : ³ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ² (٤) بكت حتي تبلّ خمارها(٥) . ٢٢٨٨ ـ تاريخ بغداد عن عروة : ما ذكرت عائشة مسيرها فى وقعة الجمل قطّ ، إلاّ بكت حتي تبلّ خمارها وتقول : يا ليتنى كنت نَسياً منسيّاً(٦) . (١) نهاية الأرب : ٢٠ / ٧٩ . ٢٦٦ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل العاشر : بعد الظفر / غنائم الحرب
٢٢٨٩ ـ المناقب للخوارزمى عن أبى عتيق : قالت عائشة : إذا مرّ ابن عمر فأرونيه ، فلمّا مرّ قيل لها : هذا ابن عمر ، قالت : يا أبا عبد الرحمن ، ما يمنعك أن تنهانى عن مسيرى ؟ قال : قد رأيت رجلاً قد غلب عليك [يعنى ابن الزبير] ، وظننت أن لا تخالفيه . قالت : أما إنّك لو نهيتنى ما خرجت(١) . ١٠ / ٩ ٢٢٩٠ ـ شرح نهج البلاغة : اتّفقت الرواة كلّها علي أنّه[عليّاً ¼ ] قبض ما وجد فى عسكر الجمل من سلاح ودابّة ومملوك ومتاع وعروض ، فقسّمه بين أصحابه ، وأنّهم قالوا له : اقسم بيننا أهل البصرة فاجعلهم رقيقاً ، فقال : لا . فقالوا : فكيف تُحلّ لنا دماءهم ، وتُحرّم علينا سبيهم ! فقال : كيف يحلّ لكم ذرّيّة ضعيفة فى دار هجرة وإسلام ! أمّا ما أجلب به القوم فى معسكرهم عليكم فهو لكم مغنم ، وأمّا ما وارت الدور واُغلقت عليه الأبواب فهو لأهله ، ولا نصيب لكم فى شىء منه . فلمّا أكثروا عليه قال : فاقرعوا علي عائشة ; لأدفعها إلي من تُصيبه القرعة ! فقالوا : نستغفر الله يا أمير المؤمنين ! ثمّ انصرفوا(٢) . ٢٢٩١ ـ شرح الأخبار : كان علىّ صلوات الله عليه قد غنم أصحابُه ما أجلب به أهل البصرة إلي قتاله ـ وأجلبوا به : يعنى أتوا به فى عسكرهم ـ ولم يعرض لشىء غير ذلك من أموالهم ، وجعل ما سوي ذلك من أموال من قُتل منهم (١) المناقب للخوارزمى : ١٨٢ / ٢١٨ ، سلسلة الأحاديث الصحيحة : ١ / ٧٧٦ عن ابن أبى عتيق . ٢٦٧ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل العاشر : بعد الظفر / بذل الإمام سهمه من الغنيمة
لورثتهم ، وخمّس ما اُغنمه ممّا أجلبوا به عليه ، فجرت أيضاً بذلك السنّة(١) . ١٠ / ١٠ ٢٢٩٢ ـ مروج الذهب : قبض [علىّ ¼ ] ما كان فى معسكرهم من سلاح ودابّة ومتاع وآلة وغير ذلك ، فباعه وقسّمه بين أصحابه ، وأخذ لنفسه ـ كما أخذ لكلّ واحد ممّن معه من أصحابه وأهله وولده ـ خمسمائة درهم . فأتاه رجل من أصحابه فقال : يا أمير المؤمنين ! إنّى لم آخذ شيئاً ، وخلّفنى عن الحضور كذا ـ وأدلي بعذر ـ فأعطاه الخمسمائة التى كانت له(٢) . ٢٢٩٣ ـ الجمل : ثمّ نزل ¼ [أى بعد خطبته فى أهل البصرة] واستدعي جماعة من أصحابه ، فمشوا معه حتي دخل بيت المال ، وأرسل إلي القرّاء ، فدعاهم ودعا الخزّان وأمرهم بفتح الأبواب التى داخلها المال ، فلمّا رأي كثرة المال قال : "هذا جِناى وخياره فيه"(٣) . ثمّ قسّم المال بين أصحابه فأصاب كلّ رجل منهم ستّة آلاف ألف درهم ، وكان أصحابه اثنى عشر ألفاً ، وأخذ هو ¼ كأحدهم ، فبينا هم (١) شرح الأخبار : ١ / ٣٨٩ / ٣٣١ . ٢٦٨ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل العاشر : بعد الظفر / دخول الإمام بيت مال البصرة
علي تلك الحالة ، إذ أتاه آت فقال : يا أمير المؤمنين ! إنّ اسمى سقط من كتابك ، وقد رأيت من البلاء ما رأيت . فدفع سهمه إلي ذلك الرجل . وروي الثورى عن داود بن أبى هند عن أبى حرب بن أبى الاسود قال : لقد رأيت بالبصرة عجباً ! لمّا قدم طلحة والزبير قد أرسلا إلي اُناس من أهل البصرة وأنا فيهم ، فدخلنا بيت المال معهما ، فلمّا رأيا ما فيه من الأموال قالا : هذا ما وعدنا الله ورسوله . ثمّ تلَيا هذه الآية : ³ وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَـٰذِهِ ² إلي آخر الآية وقالا : نحن أحقّ بهذا المال من كلّ أحد . فلمّا كان من أمر القوم ما كان دعانا علىّ بن أبى طالب ¼ فدخلنا معه بيت المال ، فلمّا رأي ما فيه ضرَبَ إحدي يديه علي الاُخري وقال : يا صفراء يا بيضاء ، غرّى غيرى ! وقسّمه بين أصحابه بالسويّة حتي لم يبق إلاّ خمسمائة درهم عزلها لنفسه ، فجاءه رجل فقال : إنّ اسمى سقط من كتابك . فقال ¼ : ردّوها عليه . ثمّ قال : الحمد لله الذى لم يصل إلىّ من هذا المال شىء ، ووفَّرَه علي المسلمين(١) . ١٠ / ١١ ٢٢٩٤ ـ الجمل : لمّا خرج عثمان بن حنيف من البصرة ، وعاد طلحة والزبير إلي بيت المال فتأمّلا ما فيه ، فلمّا رأوا ما حواه من الذهب والفضّة قالوا : هذه الغنائم التى وعدنا الله بها ، وأخبرنا أنّه يعجّلها لنا . قال أبو الأسود : فقد سمعت هذا منهما ، ورأيت عليّاً ¼ بعد ذلك ، وقد دخل (١) الجمل : ٤٠٠ وراجع مروج الذهب : ٢ / ٣٨٠ وشرح نهج البلاغة : ١ / ٢٤٩ وج ٩ / ٣٢٢ . ٢٦٩ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل العاشر : بعد الظفر / خطبة الإمام بعد قسمة المال
بيت مال البصرة ، فلمّا رأي ما فيه قال : يا صفراء ويا بيضاء غُرّى غيرى ! المالُ يَعْسُوب(١) الظَّلمَة ، وأنا يعسوب المؤمنين . فلا والله ما التفتَ إلي ما فيه ، ولا فكّر فيما رآه منه ، وما وجدته عنده إلاّ كالتراب هواناً ! فعجبت من القوم ومنه ¼ ! فقلت : اُولئك ممّن يريد الدنيا ، وهذا ممّن يريد الآخرة ، وقوِيتْ بصيرتى فيه(٢) . ١٠ / ١٢ ٢٢٩٥ ـ الجمل عن الواقدى : إنّ أمير المؤمنين ¼ لمّا فرغ من قسمة المال قام خطيباً ، فحمد الله وأثني عليه وقال : أيّها الناس ! إنّى أحمد الله علي نِعَمه ; قُتل طلحة والزبير ، وهُزمت عائشة . وايم الله لو كانت عائشة طلبت حقّاً وأهانت باطلاً لكان لها فى بيتها مأوي ، وما فرض الله عليها الجهاد ، وإنّ أوّل خطئها فى نفسها ، وما كانت والله علي القوم إلاّ أشأم من ناقة الحِجْر(٣) ، وما ازداد عدوّكم بما صنع الله إلاّ حقداً ، وما زادهم الشيطان إلاّ طغيانا . ولقد جاؤوا مبطلين وأدبروا ظالمين ، إنّ إخوانكم المؤمنين جاهدوا فى سبيل الله ، وآمنوا به يرجون مغفرة من الله ، وإنّنا لعلي الحقّ ، وإنّهم لعلي الباطل ، وسيجمعنا الله وإيّاهم يوم الفصل ، وأستغفر الله لى ولكم(٤) . (١) اليعسوب : السيّد والرئيس والمقدّم (النهاية : ٣ / ٢٣٤) . ٢٧٠ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل العاشر : بعد الظفر / توبيخ الإمام لأهل البصرة
١٠ / ١٣ ٢٢٩٦ ـ الجمل : لمّا كتب أمير المؤمنين ¼ الكتب بالفتح قام فى الناس خطيباً ، فحمد الله تعالي وأثني عليه ، وصلّي علي محمّد وآله ، ثمّ قال : أمّا بعد ; فإنّ الله غفور رحيم عزيز ذو انتقام ، جعل عفوه ومغفرته لأهل طاعته ، وجعل عذابه وعقابه لمن عصاه وخالف أمره ، وابتدع فى دينه ما ليس منه ، وبرحمته نال الصالحون العون ، وقد أمكننى الله منكم يا أهل البصرة ، وأسلمكم بأعمالكم ; فإيّاكم أن تعودوا إلي مثلها ; فإنّكم أوّل من شرع القتال والشقاق ، وترك الحقّ والإنصاف(١) . ٢٢٩٧ ـ الجمل عن الحارث بن سريع : لمّا ظهر أمير المؤمنين ¼ علي أهل البصرة وقسّم ما حواه العسكر ، قام فيهم خطيباً ، فحمد الله وأثني عليه ، وصلّي علي رسوله وقال : أيّها الناس ! إنّ الله عزّ وجلّ ذو رحمة واسعة ومغفرة دائمة لأهل طاعته ، وقضي أنّ نقمته وعقابه علي أهل معصيته . يا أهل البصرة ! يا أهل المؤتفكة ، ويا جند المرأة ، وأتباع البهيمة ! رغا فأجبتم ، وعُقر فانهزمتم ، أحلامكم دقاق ، وعهدكم شقاق ، ودينكم نفاق ، وأنتم فسقة مُرّاق . يا أهل البصرة ! أنتم شرّ خلق الله ; أرضكم قريبة من الماء ، بعيدة من السماء . خفّت عقولكم ، وسفهت أحلامكم . شهرتم سيوفكم ، وسفكتم دماءكم ، وخالفتم (١) الجمل : ٤٠٠ وراجع الإرشاد : ١ / ٢٥٧ وبحار الأنوار :٣٢ / ٢٣٠ / ١٨٢ . ٢٧١ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل العاشر : بعد الظفر / توبيخ الإمام لأهل البصرة
إمامكم ; فأنتم أكلة الآكل ، وفريسة الظافر ، فالنار لكم مدّخر ، والعار لكم مفخر ، يا أهل البصرة ! نكثتم بيعتى ، وظاهرتم علىّ ذوى عداوتى ، فما ظنّكم يا أهل البصرة الآن(١) . ٢٢٩٨ ـ الأخبار الطوال : دخل علىّ ¢ البصرة ، فأتي مسجدها الأعظم ، واجتمع الناس إليه ، فصعد المنبر ، فحمد الله وأثني عليه ، وصلّي علي النبىّ ½ ، ثمّ قال : أمّا بعد ; فإنّ الله ذو رحمة واسعة وعقاب أليم ، فما ظنّكم بى يا أهل البصرة ; جُندَ المرأة ، وأتباع البهيمة ؟ رَغا فقاتلتم ، وعُقر فانهزمتم ، أخلاقكم دقاق ، وعهدكم شقاق ، وماؤكم زعاق(٢) . أرضكم قريبة من الماء ، بعيدة من السماء ، وايم الله ليأتينّ عليها زمان لا يُري منها إلاّ شرفات مسجدها فى البحر ، مثل جؤجؤ(٣) السفينة ، انصرفوا إلي منازلكم . ثمّ نزل ، وانصرف إلي معسكره(٤) . ٢٢٩٩ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى ذمّ أهل البصرة بعد وقعة الجمل ـ : كنتم جند المرأة ، وأتباع البهيمة ; رغا فأجبتم ، وعُقر فهربتم . أخلاقكم دقاقٌ ، وعهدكم شقاقٌ ، ودينكم نفاقٌ ، وماؤكم زعاقٌ ، والمقيم بين أظهركم مرتهن بذنبه ، والشاخص عنكم متدارك برحمة من ربّه . كأنّى بمسجدكم كجؤجؤ سفينة قد بعث الله عليها العذاب من فوقها ومن تحتها ، وغرق من فى ضمنها(٥) . (١) الجمل : ٤٠٧ وراجع تفسير القمّى : ٢ / ٣٣٩ والاحتجاج : ١ / ٢٥٠ ونثر الدرّ : ١ / ٣١٥ ومروج الذهب : ٢ / ٣٧٧ . ٢٧٢ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل العاشر : بعد الظفر / استخلاف ابن عبّاس علي البصرة
٢٣٠٠ ـ معجم البلدان : فى رواية أنّ عليّاً ¢ لمّا فرغ من وقعة الجمل دخل البصرة فأتي مسجدها الجامع ، فاجتمع الناس ، فصعد المنبر ، فحمد الله وأثني عليه ، وصلّي علي النبىّ ½ ، ثمّ قال : أمّا بعد ; فإنّ الله ذو رحمة واسعة ، فما ظنّكم يا أهل البصرة ؟ يا أهل السبخة ، يا أهل المؤتفكة ; ائتفكت(١) بأهلها ثلاثاً وعلي الله الرابعة ، يا جند المرأة ، ثم ذكر الذى قبله ، ثمّ قال : انصرفوا إلي منازلكم وأطيعوا الله وسلطانكم . وخرج حتي صار إلي المربد ، والتفتَ وقال : الحمد لله الذى أخرجنى من شرّ البقاع تراباً ، وأسرعها خراباً(٢) . ١٠ / ١٤ ٢٣٠١ ـ الجمل عن الواقدى عن رجاله : لمّا أراد أمير المؤمنين ¼ الخروج من البصرة استخلف عليها عبد الله بن العبّاس وأوصاه ، فكان فى وصيّته له أن قال : يا ابن عبّاس ، عليك بتقوي الله والعدل بمن وُلّيت عليه ، وأن تبسط للناس وجهك ، وتوسّع عليهم مجلسك وتسعهم بحلمك . وإيّاك والغضب ; فإنّه طيرة من الشيطان ، وإيّاك والهوي ; فإنّه يصدّك عن سبيل الله . واعلم أنّ ما قرّبك من الله فهو مباعدك من النار ، وما باعدك من الله فهو مقرّبك من النار . واذكر الله كثيراً ولا تكن من الغافلين . وروي أبو مخنف لوط بن يحيي قال : لمّا استعمل أمير المؤمنين ¼ عبد الله بن (١) أى غرقت ، فشبّه غرقها بانقلابها (النهاية : ١ / ٥٦) . ٢٧٣ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل العاشر : بعد الظفر / كتاب الإمام إلي أهل الكوفة
العبّاس علي البصرة خطب الناس ، فحمد الله وأثني عليه ، وصلّي علي رسوله ، ثمّ قال : يا معاشر الناس ، قد استخلفت عليكم عبد الله بن العبّاس ، فاسمعوا له وأطيعوا أمره ما أطاع الله ورسوله ; فإن أحدث فيكم أو زاغ عن الحقّ فأعلمونى أعزلْه عنكم ; فإنّى أرجو أن أجده عفيفاً تقيّاً ورعاً ، وإنّى لم اُولّه عليكم إلاّ وأنا أظنّ ذلك به ، غفر الله لنا ولكم . فأقام عبد الله بالبصرة حتي عمل أمير المؤمنين ¼ علي التوجّه إلي الشام ، فاستخلف عليها زياد بن أبيه ، وضمّ إليه أبا الأسود الدؤلى ، ولحق بأمير المؤمنين ¼ ، فسار معه إلي صفّين(١) . ١٠ / ١٥ ٢٣٠٢ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى كتابه إلي أهل الكوفة ـ : بسم الله الرحمن الرحيم ، من علىّ أمير المؤمنين إلي أهل الكوفة : سلام عليكم ، فإنّى أحمد الله إليكم الذى لا إله إلاّ هو ، أمّا بعد ; فإنّ الله حَكَم عَدْل ³ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَال ² (٢) . وإنّى اُخبركم عنّا ، وعمّن سرنا إليه من جموع أهل البصرة ، ومن سار إليه من قريش وغيرهم مع طلحة والزبير بعد نكثهما صفقة أيمانهما . فنهضتُ من المدينة حين انتهي إلىّ خبرهم ، وما صنعوه بعاملى عثمان بن (١) الجمل : ٤٢٠ وراجع نهج البلاغة : الكتاب ٧٦ . ٢٧٤ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل العاشر : بعد الظفر / قدوم الإمام إلي الكوفة
حنيف حتي قدمت ذا قار ، فبعثت إليكم ابنى الحسن وعمّاراً وقيساً فاستنفروكم لحقّ الله وحقّ رسوله وحقّنا ، فأجابنى إخوانكم سراعاً حتي قدموا علىَّ . فسرتُ بهم وبالمسارعين منهم إلي طاعة الله حتي نزلت ظهر البصرة ، فأعذرت بالدعاء ، وأقمت الحجّة ، وأقلت العثرة والزلّة من أهل الردّة من قريش وغيرهم ، واستتبتهم عن نكثهم بيعتى ، وعهد الله لى عليهم ، فأبَوا إلاّ قتالى ، وقتال من معى ، والتمادى فى الغىّ ، فناهضتهم بالجهاد . فقُتل من قُتل منهم ، وولّي من ولّي إلي مصرهم ، فسألونى ما دعوتهم إليه من كفّ القتال ، فقبلت منهم ، وغمدت السيوف عنهم ، وأخذت بالعفو فيهم ، وأجريت الحقّ والسُّنّة بينهم ، واستعملت عبد الله بن العبّاس علي البصرة ، وأنا سائر إلي الكوفة إن شاء الله تعالي . وقد بعثت إليكم زَحْرَ بن قيس الجعفى لتسألوه فيخبركم عنّا وعنهم ، وردِّهِم الحقَّ علينا ، وردِّهِم اللهِ وهم كارهون . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . وكتب عبيد الله بن أبى رافع فى جمادي الاُولي من سنة ستّ وثلاثين من الهجرة(١) . ١٠ / ١٦ ٢٣٠٣ ـ وقعة صفّين عن عبد الرحمن بن عبيد بن أبى الكنود وغيره : لمّا قدم علىّ بن أبى طالب من البصرة إلي الكوفة يوم الإثنين لثنتى عشرة ليلة مضت من رجب سنة ستّ وثلاثين ، وقد أعزّ الله نصره ، وأظهره علي عدوّه ، ومعه أشراف ٢٧٥ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل العاشر : بعد الظفر / قدوم الإمام إلي الكوفة
الناس وأهل البصرة ، استقبله أهل الكوفة وفيهم قرّاؤهم وأشرافهم ، فدعوا له بالبركة وقالوا : يا أمير المؤمنين ، أين تنزل ؟ أ تنزل القصر ؟ فقال : لا ، ولكنّى أنزل الرحبة . فنزلها وأقبل حتي دخل المسجد الأعظم فصلّي فيه ركعتين ، ثمّ صعد المنبر فحمد الله وأثني عليه وصلّي علي رسوله وقال : أمّا بعد ; يا أهل الكوفة ! فإنّ لكم فى الإسلام فضلاً ما لم تبدّلوا وتغيّروا . دعوتكم إلي الحقّ فأجبتم ، وبدأتم بالمنكر فغيّرتم . ألا إنّ فضلكم فيما بينكم وبين الله فى الأحكام والقسم . فأنتماُسوة من أجابكم ودخل فيما دخلتم فيه . ألا إنّ أخوف ما أخاف عليكم اتّباع الهوي ، وطول الأمل . فأمّا اتّباع الهوي فيصدّ عن الحقّ ، وأمّا طول الأمل فيُنسى الآخرة . ألا إنّ الدنيا قد ترحّلت مدبرة ، والآخرة ترحّلت مقبلة ، ولكلّ واحدة منهابنون ; فكونوا من أبناء الآخرة . اليوم عمل ولا حساب ، وغداً حساب ولا عمل . الحمد لله الذى نصر وليّه ، وخذل عدوّه ، وأعزّ الصادق المحقّ ، وأذلّ الناكث المبطل . عليكم بتقوي الله وطاعة من أطاع الله من أهل بيت نبيّكم ، الذين هم أولي بطاعتكم فيما أطاعوا الله فيه ، من المنتحلين المدّعين المقابلين إلينا ، يتفضّلون بفضلنا ، ويجاحدونا أمرنا ، وينازعونا حقّنا ، ويدافعونا عنه . فقد ذاقوا وبال ما اجترحوا فسوف يلقَون غيّاً . ألا إنّه قد قعد عن نصرتى منكم رجال فأنا عليهم عاتب زار . فاهجروهم وأسمِعوهم ما يكرهون حتي يعتبوا ، ليُعرف بذلك حزب الله عند الفرقة . فقام إليه مالك بن حبيب اليربوعى ـ وكان صاحب شرطته ـ فقال : والله إنّى لأري الهجر وإسماع المكروه لهم قليلاً . والله لئن أمرتنا لنقتلنّهم . فقال على : سبحان الله يا مالِ ! جزت المدي ، وعدوت الحدّ ، وأغرقت فى النزع ! فقال : يا ٢٧٦ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل العاشر : بعد الظفر / قدوم الإمام إلي الكوفة
أمير المؤمنين ! لبعض الغَشْم(١) أبلغ فى اُمور تنوبك من مهادنة الأعادى . فقال على : ليس هكذا قضي الله يا مالِ ، قتل النفس بالنفس ; فما بال الغَشْم ؟ وقال : ³ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا ² (٢) والإسراف فى القتل أن تقتل غير قاتلك ; فقد نهي الله عنه ، وذلك هو الغَشْم(٣) . ٢٣٠٤ ـ وقعة صفّين عن الأصبغ بن نباتة : إنّ عليّاً لمّا دخل الكوفة قيل له : أىُّ القصرين نُنزلك ؟ قال : قصر الخبال لا تُنزلونيه . فنزل علي جعدة بن هبيرة المخزومى(٤) . (١) الغشم : الظلم والغصب (لسان العرب : ١٢ / ٤٣٧) . |
||