مبحث
الإمامة





الصفحة 10

الصفحة 11

الباب الأول:

في أنّ الأرض لا تخلو من إمام

9457/1 ـ محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن الحسن ابن محبوب، عن أبي اُسامة وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن أبي اُسامة وهشام بن سالم، عن أبي حمزة، عن أبي إسحاق، عمّن يثق به من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: اللّهمّ إنّك لا تخلي أرضك من حجّة لك على خلقك(1).

9458/2 ـ الصدوق، عن سعد بن اليقطيني، عن محمّد بن عيسى بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي إسحاق الهمداني، قال: حدّثني الثقة من أصحابنا، أنّه سمع أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: اللّهمّ لا تخل الأرض من حجّة لك على خلقك، ظاهر أو خاف مغمور، لئلاّ تبطل حجّتك وبيّناتك(2).

____________

1- الكافي 1: 178.

2- علل الشرائع، باب 153: 195; البحار 23: 20; اكمال الدين 1: 302; اثبات الهداة 6: 393.


الصفحة 12
9459/3 ـ محمّد بن إبراهيم، أخبرنا محمّد بن همّام ومحمّد بن الحسن بن (محمّد ابن) جمهور جميعاً، عن الحسن بن محمّد بن جمهور، عن أبيه، عن بعض رجاله، عن المفضّل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): خبر تدريه خير من عشرة ترويه، وإنّ لكلّ حقّ حقيقة ولكلّ صواب نوراً، ثمّ قال: إنّا والله لا نعدّ الرجل من شيعتنا فقيهاً حتّى يلحن له فيعرف اللحن، إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال على منبر الكوفة: وإنّ من وراءكم فتناً مظلمة عمياء منكسفة، لا ينجو منها إلاّ النّومة، قيل: يا أمير المؤمنين وما النّومة؟ قال: الذي يعرف الناس ولا يعرفونه.

واعلموا أنّ الأرض لا تخلو من حجّة الله عزّ وجلّ، ولكنّ الله سيعمي خلقه منها بظلمهم وجورهم وإسرافهم على أنفسهم، ولو خلت الأرض ساعة واحدة من حجّة لله لساخت بأهلها، ولكنّ الحجّة يعرف الناس ولا يعرفونه، كما كان يوسف يعرف الناس وهم له منكرون، ثمّ تلا: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُول إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ}(1)(2).

9460/4 ـ محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن أبي اُسامة، عن هشام ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة، عن أبي إسحاق، قال: حدّثني الثقة من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) إنّهم سمعوا أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول في خطبة له:

اللّهمّ وإنّي لأعلم أنّ العلم لا يأرز كلّه ولا ينقطع مواده، وانّك لا تخلي أرضك من حجّة لك على خلقك، ظاهر ليس بالمطاع أو خائف مغمور، كيلا تبطل حججك، ولا يضلّ أولياؤك بعد إذ هديتهم، بل أين هم وكم؟ اُولئك الأقلّون عدداً والأعظمون عند الله جلّ ذكره قدراً، المتّبعون لقادة الدين الأئمة الهادين الذين

____________

1- يس: 30.

2- غيبة النعماني، الباب 10: 141; البحار 51: 112; مستدرك الوسائل 17: 344 ح21534.


الصفحة 13
يتأدّبون بآدابهم وينهجون نهجهم.

فعند ذلك يهجم بهم العلم على حقيقة الايمان، فتستجيب أرواحهم لقادة العلم، ويستلينون من حديثهم ما استوعر على غيرهم، ويأنسون بما استوحش منه المكذّبون وأباه المسرفون، اُولئك أتباع العلماء، صحبوا أهل الدنيا بطاعة الله تبارك وتعالى وأوليائه، ودانوا بالتقيّة عن دينهم والخوف من عدوّهم، فأرواحهم معلّقة بالمحلّ الأعلى، فعلماؤهم وأتباعهم خرس صمت في دولة الباطل، منتظرون لدولة الحق، وسيحقّ الله الحقّ بكلماته ويمحق الباطل، ها، ها، طوبى لهم على صبرهم على دينهم في حال هدنتهم، ويا شوقاه إلى رؤيتهم في حال ظهور دولتهم، وسيجمعنا الله وإيّاهم في جنات عدن ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذريّاتهم(1).

9461/5 ـ عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، وغيره، عن أحمد ابن محمّد وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة، عن أبي إسحاق السبيعي، عن بعض أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) ممن يوثق به، أنّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه تكلّم بهذا الكلام وحفظ عنه وخطب به على منبر الكوفة:

اللّهمّ إنّه لابدّ لك من حجج في أرضك حجّة بعد حجّة على خلقك، يهدونهم إلى دينك، ويعلّمونهم علمك، لكيلا يتفرّق أتباع اُولئك، ظاهر غير مطاع، أو مكتتم خائف يترقّب، إن غاب عن الناس شخصهم في حال هدنتهم في دولة الباطل فلم يغيب عنهم (قديم مثبوت) مبثوث علمهم، وآدابهم في قلوب المؤمنين مثبتة، وهم بها عاملون، الخبر(2).

____________

1- الكافي 1: 335.

2- غيبة النعماني، الباب 8: 136; الكافي 1: 339; وسائل الشيعة 18: 64; البحار 23: 54; اكمال الدين 1: 302; اثبات الهداة 6: 394.


الصفحة 14
9462/6 ـ السيد المرتضى عليّ بن الحسين الموسوي، نقلا عن تفسير النعماني، بالإسناد عن عليّ (عليه السلام) قال: والأمر والنهي وجه واحد لا يكون معنى من معاني الأمر إلاّ ويكون بعد ذلك نهياً، ولا يكون وجه من وجوه النهي إلاّ ومقرون به الأمر، ثمّ ذكر (عليه السلام) جملة من آيات الأمر والنهي، ثمّ قال: وفي هذا أوضح دليل على أنّه لابدّ للاُمّة من إمام يقوم بأمرهم، فيأمرهم وينهاهم، إلى أن قال: ووجدنا أوّل المخلوقين ـ وهو آدم (عليه السلام) ـ لم يتمّ له البقاء والحياة إلاّ بالأمر والنهي، فقال سبحانه: {يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتَُما وَلاَ تَقْرَبَا هذِهِ الشَّجَرَةَ}(1) فدلاّهما على ما فيه نفعهما وبقائهما، ونهاهما عن سبب مضرّتهما، ثمّ جرى الأمر والنهي في ذريّتهما إلى يوم القيامة، ولهذا اضطرّ الخلق إلى أنّه لابدّ لهم من إمام منصوص عليه من الله عزّ وجلّ، يأتي بالمعجزات، ثمّ يأمر الناس وينهاهم(2).

9463/7 ـ عليّ بن الحسين المرتضى، نقلا عن تفسير النعماني، بالإسناد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث قال:

لن يؤمن بالله إلاّ من آمن برسوله وحججه في أرضه، قال الله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ}(3) وما كان الله ليجعل لجوارح الإنسان إماماً في جسده ينفي عنها الشكوك ويثبت لها اليقين، وهو القلب، ويهمل ذلك في الحجج، وهو قوله تعالى: {فَللّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ}(4) وقال تعالى: {لَئِلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}(5) وقال تعالى: {أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِير وَلاَ نَذِير فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ

____________

1- البقرة: 35.

2- رسالة المحكم والمتشابه: 40; اثبات الهداة 1: 252.

3- النساء: 80.

4- الأنعام: 149.

5- النساء: 165.


الصفحة 15
وَنَذِيرٌ}(1) وقال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبِرُوا}(2) الآية، ثمّ فرض على الاُمّة طاعة ولاة أمره، القُوّام لدينه، كما فرض عليهم طاعة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: {أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الاَْمْرِ مِنْكُمْ}(3)(4).

9464/8 ـ الصدوق، حدثنا محمد بن عمر بن محمد سلم بن البراء الجعابي، قال: حدثني أبو محمد الحسن بن عبدالله بن محمد بن العباس الرازي التميمي، قال: حدثنا سيدي علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من مات وليس له إمام من ولدي مات ميتة جاهلية، ويؤخذ بما عمل في الجاهلية والاسلام(5).

9465/9 ـ قال علي (رضي الله عنه): لا يصلح للناس إلاّ أمير عادل أو جائر، فأنكروا قوله (أو جائر) فقال: نعم يؤمن السبيل، ويمكن من إقامة الصلوات، وحج البيت(6).

9466/10 ـ أخرج البيهقي، عن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) قال: لا يصلح الناس إلاّ أمير بر أو فاجر، قالوا: هذا البر فكيف بالفاجر؟ قال: إن الفاجر يؤمن الله به السبل ويجاهد به العدو ويجبى به الفي وتقام به الحدود ويحج به البيت، ويعبد الله فيه المسلم آمناً حتى يأتيه أجله(7).

9467/11 ـ العياشي: عن الأصبغ بن نباتة، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول في

____________

1- المائدة: 19.

2- السجدة: 24.

3- النساء: 59.

4- رسالة المحكم والمتشابه: 55; اثبات الهداة 1: 254.

5- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2:58، البحار 23:81، اثبات الهداة 2:343، كنز الكراجكي: 151.

6- تفسير الرازي 13:194.

7- تفسير السيوطي 2:178.


الصفحة 16
كلام له يوم الجمل: ياأيها الناس إن الله تبارك وتعالى اسمه وعزّ جنده لم يقبض نبياً قط حتى يكون له في اُمته من يهدي بهداه ويقصد سيرته، ويدل على معالم سبيل الحق الذي فرض الله على عباده، ثم قرأ {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ}(1) الآية(2).

____________

1- آل عمران: 144.

2- تفسير العياشي 1:200، تفسير البرهان 1:320، إثبات الهداة 1:263.


الصفحة 17

الباب الثاني:

في عدد الأئمة (عليهم السلام) وأشخاصهم

9468/1 ـ الصدوق، حدّثنا محمّد بن زياد بن جعفر الهمداني، قال: حدّثنا عليّ ابن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين بن علي، قال: سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن معنى قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) إنّي مخلّف فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي، مَن العترة؟ فقال: أنا والحسن والحسين والأئمة التسعة من ولد الحسين تاسعهم مهديّهم وقائمهم، لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم حتّى يردوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) حوضه(1).

9469/2 ـ وعنه، حدّثنا الحسن بن علي بن سعيد الهاشمي، قال: حدّثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي، قال: حدّثنا محمّد بن علي بن أحمد الهمداني، قال: حدّثني

____________

1- إكمال الدين، باب 22: 240; تفسير البرهان 1: 10; اثبات الهداة 2: 370; عيون أخبار الرضا 1: 57.


الصفحة 18
أبو الفضل العباس بن عبد الله البخاري، قال: حدّثنا محمّد بن القاسم بن إبراهيم بن عبد الله بن القاسم بن محمّد بن أبي بكر، قال: حدّثنا عبد السلام بن صالح الهروي، عن عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام)، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين ابن علي، عن أبيه عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، قال:

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما خلق الله خلقاً أفضل منّي ولا أكرم عليه منّي، قال علي (عليه السلام): فقلت: يا رسول الله فأنت أفضل أم جبرئيل (عليه السلام)؟ فقال: يا علي إنّ الله تبارك وتعالى فضّل أنبيائه المرسلين على ملائكته المقرّبين، وفضّلني على جميع النبيين والمرسلين، والفضل بعدي لك يا علي وللأئمة من بعدك، فإنّ الملائكة لخدّامنا وخدّام محبّينا، يا علي الذين يحملون العرش ومن حوله يسبّحون بحمد ربّهم ويستغفرون للذين آمنوا بولايتنا.

يا علي لولا نحن ما خلق الله آدم ولا حوّاء، ولا الجنّة ولا النار، ولا السماء ولا الأرض، وكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سبقناهم إلى التوحيد ومعرفة ربّنا عزّ وجلّ وتسبيحه وتقديسه وتهليله; لأنّ أوّل ما خلق الله عزّ وجلّ أرواحنا فأنطقنا بتوحيده وتمجيده، ثمّ خلق الملائكة، فلمّا شاهدوا أرواحنا نوراً واحداً استعظموا اُمورنا، فسبّحنا لتعلم الملائكة أنّا خلق مخلوقون، وأنّه منزّه عن صفاتنا، فسبّحت الملائكة لتسبيحنا ونزّهته عن صفاتنا، فلمّا شاهدوا عظم شأننا هلّلنا لتعلم الملائكة أن لا إله إلاّ الله وإنّا عبيد ولسنا بآلهة يجب أن نعبد معه أو دونه، فقالوا: لا إله إلاّ الله، فلمّا شاهدوا كِبَرَ محلّنا كبّرنا الله لتعلم الملائكة أنّ الله أكبر من أن يُنال وأنّه عظيم المحلّ، فلمّا شاهدوا ما جعله الله لنا من العزّة والقوّة، قلنا: لا حول ولا قوّة إلاّ بالله، فلمّا شاهدوا ما أنعم الله به علينا وأوجبه من فرض الطاعة قلنا: الحمد لله لتعلم الملائكة ما يحقّ لله تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمه، فقالت

الصفحة 19
الملائكة: الحمد لله.

فبنا اهتدوا إلى معرفة الله تعالى وتسبيحه وتهليله وتحميده.

ثمّ إنّ الله تعالى خلق آدم (عليه السلام) وأودعنا صلبه وأمر الملائكة بالسجود له، تعظيماً لنا وإكراماً، وكان سجودهم لله عزّ وجلّ عبوديّة، ولآدم إكراماً وطاعة، لكوننا في صلبه، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سجدوا لآدم كلّهم أجمعون.

وإنّه لما عرج بي إلى السماء أذّن جبرئيل مثنًى مثنًى، ثمّ قال: تقدّم يا محمّد، فقلت: يا جبرئيل أتقدّم عليك؟ فقال: نعم لأنّ الله تبارك وتعالى اسمه فضّل أنبيائه على ملائكته أجمعين وفضّلك خاصة، فتقدّمت وصلّيت بهم ولا فخر، فلما انتهينا إلى حجب النور، قال لي جبرئيل: تقدّم يا محمّد وتخلّف عنّي، فقلت: يا جبرئيل في مثل هذا الموضع تفارقني؟ فقال: يا محمّد إنّ هذا انتهاء حدّي الذي وضعه الله لي في هذا المكان فإن تجاوزته احترقت أجنحتي لتعديّ حدود ربّي جلّ جلاله، فزخّ بي زخة في النور حتّى انتهيت إلى حيث ما شاء الله عزّ وجلّ من ملكوته، فنوديت: يا محمّد، فقلت: لبّيك ربّي وسعديك تباركت وتعاليت، فنوديت: يا محمّد أنت عبدي وأنا ربّك، فإيّاي فاعبد وعليّ فتوكّل فإنّك نوري في عبادي ورسولي إلى خلقي وحجّتي في بريّتي، لمن تبعك خلقتُ جنّتي ولمن خالفك خلقت ناري، ولأوصياءك أوجبت كرامتي ولشيعتك أوجبت ثوابي.

فقلت: يا ربّ ومَن أوصيائي؟ فنوديت يا محمّد إنّ أوصياءك المكتوبون على ساق العرش، فنظرت وأنا بين يدي ربّي إلى ساق العرش، فرأيت اثني عشر نوراً في كل نور سطر أخضر مكتوب عليه اسم كل وصيّ من أوصيائي أوّلهم عليّ بن أبي طالب وآخرهم مهديّ اُمّتي، فقلت: يا ربّ هؤلاء أوصيائي من بعدي؟ فنوديت: يا محمّد هؤلاء أوليائي وأحبّائي وأصفيائي وحججي بعدك على بريّتي، وهم أوصياؤك وخلفاؤك وخير خلقي بعدك، وعزّتي وجلالي لاُظهرنّ بهم ديني

الصفحة 20
ولاُعلينّ بهم كلمتي ولاُطهرنّ الأرض بآخرهم من أعدائي، ولاُملكنّه مشارق الأرض ومغاربها، ولاُسخرنّ له الرياح ولاُذللنّ له الرقاب الصعاب، ولاُرقينّه في الأسباب، ولأنصرنّه بجندي، ولأمدنّه بملائكتي حتى يعلن دعوته، ويجمع الخلق على توحيدي، ثمّ لأديمنّ ملكه، ولاُداولنّ الأيام بين أوليائي إلى يوم القيامة(1).

9470/3 ـ وعنه، حدّثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن جدّه أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه محمّد بن خالد، عن محمّد بن داود، عن محمّد بن الجارود العبدي، عن الأصبغ بن نباتة، قال: خرج علينا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ذات يوم ويده في يد إبنه الحسن (عليه السلام) وهو يقول: خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم ويدي في يده هكذا وهو يقول: خير الخلق بعدي وسيّدهم أخي هذا، وهو إمام كلّ مسلم ومولى كلّ مؤمن بعد وفاتي، ألا وإنّي أقول: خير الخلق بعدي وسيّدهم ابني هذا، وهو إمام كلّ مؤمن ومولى كلّ مؤمن بعد وفاتي، ألا وإنّه سيُظلم بعدي كما ظُلمتُ بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله).

وخير الخلق وسيّدهم بعد الحسن إبني أخوه الحسين المظلوم بعد أخيه المقتول في أرض كربلا، أما أنّه وأصحابه من سادة الشهداء يوم القيامة، ومن بعد الحسين تسعة من صلبه خلفاء الله في أرضه، وحججه على عباده واُمناؤه على وحيه، وأئمة المسلمين وقادة المؤمنين وسادة المتّقين، وتاسعهم القائم الذي يملأ الله به الأرض نوراً بعد ظلمتها وعدلا بعد جورها وعلماً بعد جهلها، والذي بعث أخي محمّداً بالنبوّة واختصّني بالامامة لقد نزل بذلك الوحي من السماء على لسان الروح الأمين جبرئيل، ولقد سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنا عنده عن الأئمة بعده، فقال للسائل: والسماء ذات البروج إنّ عددهم بعدد البروج، وربّ الليالي والأيام والشهور إنّ عددهم كعدد الشهور، فقال السائل: فمن هم يا رسول الله؟ فوضع رسول الله يده على رأسي

____________

1- إكمال الدين 1: 254; عيون أخبار الرضا 1: 262; علل الشرايع: 5; البحار 11: 139.


الصفحة 21
فقال: أوّلهم هذا وآخرهم المهدي، مَن والاهم فقد والاني، ومن عاداهم فقد عاداني، ومن أحبّهم فقد أحبّني، ومن أبغضهم فقد أبغضني، ومن أنكرهم فقد أنكرني، ومن عرفهم فقد عرفني، بهم يحفظ الله دينه، وبهم يعمّر بلاده، وبهم يرزق عباده، وبهم ينزل القطر من السماء، وبهم يخرج بركات الأرض، هؤلاء أصفيائي وخلفائي، وأئمة المسلمين وموالي المؤمنين(1).

9471/4 ـ وعنه، حدّثنا أحمد بن محمّد بن زياد الهمدني، قال: حدّثنا محمّد بن معقل القرميسيني، قال: حدّثنا محمّد بن عبد الله البصري، قال: حدّثنا إبراهيم بن مهزم، عن أبيه، عن أبي عبد الله، عن آبائه، عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الأئمة اثنا عشر من أهل بيتي أعطاهم الله تعالى فهمي وعلمي وحكمي، وخلقهم من طينتي، فويل للمتكبّرين عليهم بعدي القاطعين فيهم صلتي، ما لهم لا أنالهم الله شفاعتي(2).

9472/5 ـ وعنه، حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار، قال: أبي، عن محمّد بن عبد الجبار، عن أحمد بن محمّد بن زياد الأزدي، عن أبان بن عثمان، عن ثابت بن دينار، عن سيّد العابدين عليّ بن الحسين، عن سيّد الهداة الحسين بن علي، عن سيّد الأوصياء عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) الأئمة بعدي اثنا عشر: أوّلهم أنت يا علي وآخرهم القائم، الذي يفتح الله عزّ وجلّ على يديه مشارق الأرض ومغاربها(3).

9473/6 ـ وعنه، حدّثنا المظفّر بن جعفر الحلي السمرقندي، قال: حدّثنا جعفر ابن محمّد بن مسعود، عن أبيه، قال: حدّثنا محمّد بن نصر، عن الحسن بن موسى

____________

1- إكمال الدين 1: 259; البحار 36: 253.

2- إكمال الدين 1: 281; كشف الغمة، في بيان انّ الأئمة اثنا عشر 2: 311; اثبات الهداة 2: 394.

3- إكمال الدين 1: 284; كشف الغمة 2: 312; في بيان انّ الأئمة اثنا عشر; البحار 36: 226; اثبات الهداة 2: 394.


الصفحة 22
الخشّاب، قال: حدّثنا الحكم بن بهلول الأنصاري، عن إسماعيل بن همّام، عن عمران بن قرّة، عن أبي محمّد المدني، عن ابن اُذينة، عن أبان بن أبي عياش، قال: حدّثنا سليم بن قيس الهلالي، قال: سمعت علياً (عليه السلام) يقول: ما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) آية من القرآن إلاّ أقرأنيها، وأملاها عليّ وكتبتها بخطّي، وعلّمني تأويلها وتفسيرها، وناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها، ودعا الله عزّ وجلّ لي أن يعلّمني فهمها وحفظها، فما نسيت آية من كتاب الله ولا علماً أملاه عليّ فكتبته، وما ترك شيئاً علّمه الله عزّ وجلّ من حلال وحرام، ولا أمر ولا نهي، وما كان أو يكون من طاعة أو معصية إلاّ علّمنيه وحفظته، ولم أنس منه حرفاً واحداً.

ثمّ وضع يده على صدري ودعا الله عزّ وجلّ أن يملأ قلبي علماً وفهماً وحكمةً ونوراً، لم أنس من ذلك شيئاً ولم يفتني شيء لم أكتبه، فقلت: يا رسول الله أتتخوّف عليّ النسيان فيما بعد، فقال (صلى الله عليه وآله): لست أتخوّف عليك نسياناً ولا جهلا، وقد أخبرني ربّي جلّ جلاله أنّه قد استجاب لي فيك وفي شركائك الذين يكونون من بعدك، فقلت: يا رسول الله ومن شركائي بعدي؟ قال: الذين قرنهم الله عزّ وجلّ بنفسه وبي فقال: {أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوُلِي الاَْمْرِ مِنْكُمْ}(1) الآية، فقلت: يا رسول الله ومَن هم؟ قال: الأوصياء منّي إلى أن يردوا عليّ الحوض، كلّهم هاد مهتد لا يضرّهم من خذلهم، هم مع القرآن والقرآن معهم لا يفارقهم ولا يفارقونه، بهم تنصر اُمّتي وبهم يمطرون، وبهم يدفع عنهم البلاء، ويستجاب دعاؤهم، قلت: يا رسول الله سمّهم لي، فقال: إبني هذا ووضع يده على رأس الحسن، ثمّ إبني هذا ووضع يده على رأس الحسين، ثمّ ابن له يقال له علي، وسيولد في حياتك فاقرأه منّي السلام، ثمّ تكملة اثني عشر، فقلت: بأبي واُمّي يا رسول الله سمّهم لي رجلا فرجلا فسمّاهم رجلا رجلا، فيهم: والله يا أخا بني هلال، مهديّ اُمّتي محمّد الذي يملأ

____________

1- النساء: 59.


الصفحة 23
الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجوراً، والله إنّي لأعرف من يبايعه بين الركن والمقام، وأعرف أسماء آبائهم وقبائلهم(1).

9474/7 ـ الشيخ الطوسي، باسناده عن التلعكبري، عن أبي علي محمد بن همام، عن الحسن بن علي القوهستاني، عن زيد بن إسحاق، عن أبيه، قال: سألت أبي عيسى بن موسى، فقلت له: من أدركت من التابعين؟ فقال: ما أدري ما تقول، ولكنني كنت بالكوفة فسمعت شيخاً في جامعها يحدّث عن عبد خير، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): ياعلي الأئمة الراشدون المهديون المغصوبون حقوقهم من ولدك أحد عشر إماماً وأنت، الحديث(2).

9475/8 ـ ابن شهر آشوب: عن: الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر: ولقد سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنا عنده عن الأئمة، فقال: والسماء ذات البروج إن عددهم بعدد البروج، ورب الليالي والأيام والشهور، (عددهم كعدد الشهور)(3).

9476/9 ـ النعماني، باسناده عن عبدالرزاق بن همام، عن معمر بن راشد، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس، قال: قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): مررت يوماً برجل ـ وسماه لي ـ فقال: ما مثل محمد (صلى الله عليه وآله) إلاّ كمثل نخلة نبتت في كناة، فأتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فذكرت ذلك له، فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخرج مغضباً وأتى المنبر ففرغت، (ففزعت) الأنصار إلى السلاح لما رأوا من غضب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال: فما

____________

1- إكمال الدين 1: 284; تفسير العياشي 1: 14; تفسير البرهان 1: 16; البحار 36: 257; اثبات الهداة 2: 395; كتاب سليم بن قيس: 65.

2- الغيبة (للطوسي): 135 ح99، البحار 36:259، إثبات الهداة 2:460، العوالم 3:205، الغيبة (للنعماني): 92.

3- مناقب ابن شهر آشوب باب في الآيات المنزلة فيهم 1:284، البحار 36:265، إثبات الهداة 3:132.


الصفحة 24
أقوام يعيروني بقرابتي وقد سمعوني أقول فيهم ما أقول من تفضيل الله إياهم وما اختصهم به من إذهاب الرجس عنهم، وتطهير الله إياهم، وقد سمعوا ما قلته في فضل أهل بيتي ووصيي وما كرمه الله به، وخصه وفضله (علي) من سبقه إلى الاسلام وبلائه فيه وقرابته مني، وأنه مني بمنزلة هارون من موسى، ثم يمر به، فزعم أن مثلي في أهل بيتي كمثل نخلة نبتت في أصل حشي؟ ألا إن الله خلق خلقه وفرقهم فرقتين فجعلني في خير الفرقتين، وفرق الفرقة ثلاث شعب فجعلني في خيرها شعباً وخيرها قبيلة، ثم جعلهم بيوتاً فجعلني في خيرها بيتاً حتى خلصت في أهل بيتي وعترتي وبني أبي، أنا وأخي علي بن أبي طالب.

نظر الله إلى أهل الأرض نظرة واختارني منهم، ثم نظر نظرة فاختار علياً أخي ووزيري ووارثي ووصيي وخليفتي في اُمتي، وولي كل مؤمن بعدي، من والاه فقد والاه الله ومن أحبه أحبه الله، ومن أبغضه أبغضه الله، لا يحبه إلاّ كل مؤمن ولا يبغضه إلاّ كل كافر، هو زر الأرض بعدي، وسكها، وهو كلمة التقوى وعروة الله الوثقى، يريدون أن يطفؤا نور أخي ويأبى الله أن يتم نوره.

أيها الناس ليبلغ مقالتي شاهدكم غائبكم، اللهم اشهد عليهم.

ثم ان الله نظر نظرة ثالثة فاختار من أهل بيتي بعدي وهم خيار اُمتي أحد عشر إماماً بعد أخي واحداً بعد واحد، كلما هلك واحد قام واحد، مثلهم في أهل بيتي كمثل نجوم السماء كلما غاب نجم طلع نجم، إنهم هداة مهديون لا يضرهم كيد من كادهم ولا خذلان من خذلهم، بل يضر الله بذلك من كادهم وخذلهم، هم حجج الله في أرضه، وشهداؤه على خلقه من أطاعهم فقد أطاع الله ومن عصاهم فقد عصى الله، هم مع القرآن والقرآن معهم لا يفارقهم ولا يفارقونه حتى يردوا عليّ حوضي، وأول الأئمة علي خيرهم ثم ابني حسن ثم تسعة من ولد الحسين (عليه السلام)، وذكر الحديث

الصفحة 25
بطوله(1).

9477/10 ـ أبو مجازان الربيع بن زياد الحارثي، سمع عمر، موسى، قال: نا إسحاق أبو يعقوب، قال: حدثنا قتادة عن الربيع، عن علي [(عليه السلام)]: اتقوا أبواب السلطان(2).

9478/11 ـ علي بن محمد الخزاز، أخبرنا أبو المفضل الشيباني، قال: حدثني أبو القاسم أحمد بن عامر، عن سليمان الطائي بغداد، قال: حدثنا محمد بن عمران الكوفي، عن عبدالرحمن بن أبي نجران، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمار، عن جعفر بن محمد الصادق، عن آبائه، عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الأئمة بعدي عدد نقباء بني إسرائيل وحواري عيسى، من أحبهم فهو مؤمن ومن أبغضهم فهو منافق، هم حجج الله في خلقه وأعلامه في بريته(3).

9479/12 ـ علي بن محمد الخزاز، أخبرنا أبو عبدالله أحمد بن أبي عبدالله أحمد بن محمد بن عبيدالله، قال: حدثنا أبو طالب عبيد بن أحمد بن يعقوب بن نصر الانباري، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن مسروق، قال: حدثنا عبدالله بن شبيب، قال: حدثنا محمد بن زياد الهاشمي، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، قال: حدثنا عمران بن داود، قال: حدثنا ابن الحنفية، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: قال الله تبارك وتعالى: لأعذبن كل رعية دانت بطاعة إمام ليس مني وان كانت الرعية في نفسها برة، ولأرحمنّ كل رعية دانت بامام عادل مني وان كانت الرعية في نفسها غير برة ولا تقية.

ثم قال: ياعلي أنت الامام والخليفة من بعدي، حربك حربي وسلمك سلمي، وأنت أبو سبطي وزوج ابنتي، ومن ذريتك الأئمة المطهرون، فأنا سيد الأنبياء وأنت

____________

1- الغيبة (للنعماني): 82، البحار 36:278، كتاب سليم بن قيس: 104.

2- التاريخ الكبير 3:268.

3- كفاية الأثر: 166، إثبات الهداة 2:542، البحار 36:340.


الصفحة 26
سيد الأوصياء، وأنا وأنت من شجرة واحدة، ولولانا لم يخلق الله الجنة ولا النار ولا الأنبياء والملائكة.

قال: قلت يارسول الله فنحن أفضل أم الملائكة؟ قال: ياعلي نحن خير خليقة الله على بسيط الأرض، وخير من الملائكة المقربين، وكيف لا نكون خيراً منهم وقد سبقناهم إلى معرفة الله وتوحيده، ياعلي أنت مني وأنا منك، وأنت أخي ووزيري، فاذا مت ظهرت لك ضغائن في صدور قوم، وستكون بعدي فتنة صماء صيلم يسقط فيها لكل وليجة وبطانة وذلك عند فقدان شيعتك، الخامس من ولد السابع من ولدك، يحزن لفقده أهل الأرض والسماء، فكم من مؤمن ومؤمنة متأسف متلهف حيران عند فقده.

ثم أطرق ملياً ثم رفع رأسه وقال: بأبي واُمي سمي وشبيهي وشبيه موسى بن عمران، عليه جيوب النور أو ـ قال: جلابيب النور ـ يتوقد من شعاع القدس، كأني بهم آيس من كانوا، ثم نودي بنداء يسمعه من البعد كما يسمعه من القرب، يكون رحمة على المؤمنين وعذاباً على المنافقين.

قلت: وما ذلك النداء؟ قال: ثلاثة أصوات في رجب أولها ألا لعنة الله على الظالمين، والثاني أزفت الآزفة، والثالث يرون بدرياً بارزاً مع قرن الشمس ينادي: ألا إن الله قد بعث فلان بن فلان حتى ينسبه إلى علي (عليه السلام) فيه هلاك الظالمين، فعند ذلك يأتي الفرج ويشفي الله صدورهم ويذهب غيظ قلوبهم، قلت: يارسول الله فكم يكون بعدي من الأئمة؟ قال: بعد الحسين تسعة والتاسع قائمهم(1).

____________

1- كفاية الأثر: 156، البحار 36:337.


الصفحة 27

الباب الثالث:

في نص النبي (صلى الله عليه وآله) بالإمامة لعلي عليهما السلام

9480/1 ـ الشيخ الطوسي، أخبرنا جماعة، عن أبي عبدالله الحسيني بن علي بن سفيان البزوفري، عن علي بن سنان الموصلي العدل، عن علي بن الحسين، عن أحمد ابن محمد بن الخليل، عن جعفر بن أحمد المصري، عن عمه الحسن بن علي، عن أبيه، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد، عن أبيه الباقر، عن أبيه ذي الثفنات سيدي العابدين، عن أبيه الحسين الزكي الشهيد، عن أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): في الليلة التي كانت فيها وفاته لعلي (عليه السلام): ياأبا الحسن أحضر صحيفة ودواة فأملأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصيته حتى انتهى إلى هذا ص لموضع، فقال: ياعلي إنه سيكون بعدي اثنا عشر إماماً ومن بعدهم اثنا عشر مهدياً، فأنت ياعلي أول الاثني عشر إماماً، سماك الله في سمائه علياً المرتضى، وأمير المؤمنين، والصديق الأكبر، والفاروق الأعظم، والمأمون، والمهدي، فلا تصحّ هذه الأسماء لأحد غيرك.

ياعلي أنت وصيي على أهل بيتي حيهم وميتهم، وعلى نسائي، فمن ثبتها لقيتني

الصفحة 28
غداً، ومن طلّقتها فأنا برئ منها، لم ترني ولم أرها في عرصة القيامة، وأنت خليفتي على اُمتي من بعدي.

فإذا حضرتك الوفاة فسلمها إلى ابني الحسن البرّ الوصول (الكثير الاعطاء)، فاذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابني الحسين الشهيد الزكي المقتول، فاذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه سيد العابدين ذي الثفنات علي، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد الباقر (العلم) فاذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه جعفر الصادق، فاذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه موسى الكاظم، فاذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه علي الرضا، فاذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد الثقة التقي، فاذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه علي الناصح، فاذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه الحسن الفاضل، فاذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد المستحفظ من آل محمد (عليهم السلام)، فلذلك إثنا عشر إماماً، ثم يكون من بعده اثنا عشر مهدياً، فاذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه أول المقربين له ثلاثة أسامي كاسمي وإسم أبي وهو عبدالله وأحمد، والاسم الثالث المهدي، هو أول المؤمنين(1).

9481/2 ـ النعماني، باسناده عن عبدالرزاق، قال: حدثنا معمر بن راشد، عن أبان، عن أبي عياش، عن سليم بن قيس أن علياً (عليه السلام) قال لطلحة في حديث طويل عند ذكر تفاخر المهاجرين والأنصار بمناقبهم وفضائلهم: ياطلحة أليس قد شهدت رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين دعا بالكتف ليكتب فيها ما لا تضل الاُمة بعده ولا تختلف؟ فقال صاحبك ما قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يهجر، فغضب رسول الله وتركها؟ قال: بلى قد شهدته، قال: فانكم لما خرجتم أخبرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالذي أراد أن يكتب فيها ويشهد عليه العامة، وإن جبرئيل أخبره بأن الله قد علم أن الاُمة ستختلف

____________

1- الغيبة (للطوسي): 150 ح111، البحار 36:260، مختصر البصائر: 39، إثبات الهداة 1:549، الايقاظ من الهجعة: 393، العوالم 3:236، غاية المرام: 56.


الصفحة 29
وتفترق، ثمّ دعا بصحيفة فأملى عليّ ما أراد أن يكتب بالكتف، وأشهد على ذلك ثلاثة رهط: سلمان الفارسي وأبا ذر والمقداد، وسمى من يكون من أئمة الهدى الذين أمر المؤمنين بطاعتهم إلى يوم القيامة، فسماني أولهم ثم إبني هذا حسن ثم إبني هذا حسين ثم تسعة من ولدي هذا حسين، كذلك ياأبا ذر وأنت يامقداد؟ قالا: نشهد بذلك على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال طلحة: والله لقد سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: لأبي ذر: ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء ذا لهجة أصدق ولا أبر من أبي ذر، وأنا أشهد أنهما لم يشهدا إلاّ بالحق، وأنت أصدق وأبر عندي منهما(1).

____________

1- الغيبة (للنعماني): 81، البحار 36:277، كتاب سليم بن قيس: 86.