http://www.imamsadeq.orgكتاب نهج البلاغة للإمام علي بن أبي طالب عليه السلام من ص 26 ـ 56 ص

( 26 )

27 ـ ومن خطبة له (عليه السلام)

سياسية ، اجتماعية ، عقائدية

1 . فضل الجهاد

أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الْجِهَادَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، فَتَحَهُ اللهُ لِخَاصَّةِ أَوْلِيَائِهِ. وَهُوَ لِبَاسُ التَّقْوى، وَدِرْعُ اللهِ الْحَصِينَةُ، وَجُنَّتُهُ الْوَثِيقَةُ فَمَنْ تَرَكَهُ رَغْبَةً عَنْهُ أَلْبَسَهُ اللهُ ثَوْبَ الذُّلِّ، وَشَمِلَهُ الْبَلاَءُ، وَدُيِّثَ بِالصِّغَارِ وَالْقَمَاءَةِ، وَضُرِبَ عَلَى قَلْبِهِ بِالاِْسْهَابِ (الأسداد)، وَأُدِيلَ الْحَقُّ مِنْهُ بِتَضْيِيعِ الْجِهَادِ، وَسِيمَ الْخَسْفَ، وَمُنِعَ النَّصَفَ.

2 . الدّعوة إلى الجهاد

أَلاَ وَإِنِّي قَدْ دَعَوْتُكُمْ إِلى قِتَالِ (حرب) هؤُلاَءِ الْقَوْمِ لَيْلا وَنَهَاراً، وَسِرّاً وَإِعْلاَناً، وَقُلْتُ لَكُمُ: اغْزُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يَغْزُوكُمْ، فَوَاللهِ مَا غُزِيَ قَوْمٌ قَطُّ فِي عُقْرِ دَارِهِمْ إِلاَّ ذَلُّوا. فَتَوَاكَلْتُمْ وَ تَخَاذَلْتُمْ حَتَّى شُنَّتْ عَلَيْكُمُ الْغَارَاتُ، وَمُلِكَتْ عَلَيْكُمُ الاَْوْطَانُ. وَهـذَا أَخُو غَامِد وَقَدْ وَرَدَتْ خَيْلُهُ الاَْنْبَارَ، وَقَدْ قَتَلَ حَسَّانَ بْنَ حَسَّانَ الْبَكْرِيَّ، وَأَزَالَ خَيْلَكُمْ عَنْ مَسَالِحِهَا. وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ، وَالاُْخْرَى الْمُعَاهَدَةِ، فَيَنْتَزِعُ حِجْلَهَا وَقُلْبَهَا وَقَلاَئِدَهَا وَرُعُثَهَا، مَا تَمْتَنِعُ (تمنع) مِنْهُ إِلاَّ بِالاِْسْتِرْجَاعِ وَالاِْسْتِرْحَامِ. ثُمَّ انْصَرَفُوا وَافِرِينَ مَا نَالَ رَجُلا مِنْهُمْ كَلْمٌ، وَلاَ أُرِيقَ لَهُمْ دَمٌ; فَلَوْ أَنَّ امْرَأً مُسْلِماً مَاتَ مِنْ بَعْدِ هـذَا أَسَفاً مَا كَانَ بِهِ مَلُوماً، بَلْ كَانَ بِهِ عِنْدِي جَدِيراً. فَيَا عَجَباً! عَجَباً وَاللهِ يُمِيتُ الْقَلْبَ وَيَجْلِبُ الْهَمَّ مِن اجْتَِماعِ هؤُلاَءِ الْقَوْمِ عَلَى بَاطِلِهِمْ، وَتَفَرُّقِكُمْ عَن حَقِّكُمْ! فَقُبْحاً لَكُمْ وَتَرَحاً، حِينَ صِرْتُمْ غَرَضاً يُرْمى! يُغَارُ عَلَيْكُمْ وَلاَ تُغِيرُونَ؟ وَتُغْزَوْنَ وَلاَ تَغْزُونَ؟ وَيُعْصَى اللهُ وَتَرْضَوْنَ؟ فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِمْ فِي أَيَّامِ الْحَرِّ (الصّيف) قُلْتُمْ: هـذِهِ حَمَارَّةُ الْقَيْظِ، أَمْهِلْنَا يُسَبَّخُ عَنَّا الْحَرُّ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِمْ فِي الشِّتَاءِ قُلْتُمْ: هـذِهِ صَبَارَّةُ الْقُرِّ، أمْهِلْنا يَنْسَلِخْ عَنّا الْبَرْدُ; كُلُّ هذَا فِرَارَاً مِنَ الحَرِّ


( 27 )
وَالْقُرِّ; فَإِذَا كُنْتُمْ مِنَ الْحَرِّ وَالْقُرِّ تَفِرُّونَ; فَأَنْتُمْ وَاللهِ مِنَ السَّيْفِ أَفَرُّ!

3 . مظلوميّة الامام و أسباب هزيمة الكوفيّين

يَا أَشْبَاهَ الرِّجَالِ وَلاَ رِجَالَ! حُلُومُ الاَْطْفَالِ، وَعُقُولُ رَبَّاتِ الْحِجَالِ، لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَرَكُمْ وَ لَمْ أَعْرِفْكُمْ مَعْرِفَةً وَاللهِ جَرَّتْ نَدَماً، وَأَعَقَبَتْ سَدَماً (ذمّا). قَاتَلَكُمُ اللهُ! لَقَدْ مَلاَْتُمْ قَلْبِي قَيْحاً، وَشَحَنْتُمْ صَدْرِي غَيْظَاً، وَجَرَّعْتُمُونِي نُغَبَ التَّهْمَامِ أَنْفَاساً، وَأَفْسَدْتُمْ عَلَيَّ رَأْيِي بِالْعِصْيَانِ وَالْخِذْلاَنِ; حَتَّى لَقَدْ قَالَتْ قُرَيْشٌ: إِنَّ ابْنَ أَبِي طَالِب رَجُلٌ شُجَاعٌ، وَلكِنْ لاَ عِلْمَ لَهُ بِالْحَرْبِ. لِلّهِ أَبُوهُمْ! وَهَلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَشَدُّ لَهَا مِرَاساً (مقاما)، وَأَقْدَمُ فِيهَا مَقَاماً مِنِّي! لَقَدْ نَهَضْتُ فِيهَا وَمَا بَلَغْتُ الْعِشْرِينَ، وَها أَنَا ذَا قَدْ ذَرَّفْتُ عَلَى السِّتِّينَ! وَلكِنْ لاَ رَأْيَ لِمَنْ لاَ يُطَاعُ!

28 ـ ومن خطبة له (عليه السلام)

اخلاقية ، اجتماعية ، عقائدية

معرفة الدنيا

أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الدُّنْيَا أَدْبَرَتْ، وَآذَنَتْ بِوَدَاع، وَإِنَّ الاْخِرَةَ قَدْ أَقْبَلَتْ وَأَشْرَفَتْ بِاطِّلاَع. أَلاَ وَ إِنَّ الْيَوْمَ المِضْمَارَ، وَغَداً السِّبَاقَ، وَالسَّبَقَةُ الْجَنَّةُ، وَالْغَايَةُ النَّارُ; أَفَلاَ تَائِبٌ مِنْ خَطِيئَتِهِ قَبْلَ مَنِيَّتِهِ! أَلاَ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ قَبْلَ يَوْمِ بُؤْسِهِ! أَلاَ وَإِنَّكُمْ فِي أَيَّامِ أَمَل مِنْ وَرَائِهِ أَجَلٌ; فَمَنْ عَمِلَ فِي أَيَّامِ أَمَلِهِ قَبْلَ حُضُورِ أَجَلِهِ فَقَدْ نَفَعَهُ عَمَلُهُ، وَ لَمْ يَضْرُرْهُ أَجَلُهُ. وَمَنْ قَصَّرَ فِي أَيَّامِ أَمَلِهِ قَبْلَ حُضُورِ أَجَلِهِ، فَقَدْ خَسِرَ عَمَلَهُ، وَضَرَّهُ أَجَلُهُ. أَلاَ فَاعْمَلُوا فِي الرَّغْبَةِ كَمَا تَعْمَلُونَ فِي الرَّهْبَةِ. أَلاَ وَإِنِّي لَمْ أَرَ كَالْجَنَّةِ نَامَ طَالِبُهَا، لاَ كَالنَّارِ نَامَ هَارِبُهَا ، أَلاَ وَإِنَّهُ مَنْ لاَ يَنْفَعُهُ الْحَقُّ يَضُرُّهُ الْبَاطِلُ، وَمَنْ لاَ يَسْتَقِيمُ (يستقم) بِهِ الْهُدى، يَجُرُّ (يجره) بِهِ الضَّلاَلُ إِلَى الرَّدَى. أَلاَ وَإِنَّكُمْ قَدْ أُمِرْتُمْ بِالظَّعْنِ، وَدُلِلْتُمْ عَلَى الزَّادِ; وَإِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ اثْنَتَانِ: اتِّبَاعُ الْهَوَى، وَطُولُ الاَْمَلِ، فَتَزَوَّدُوا فِي الدُّنْيَا مِنَ الدُّنْيَا مَا تَحْرُزُونَ (تحوزون) بِهِ أَنْفُسَكُمْ غَداً.


( 28 )

أقول: إنّهُ لو كان كلامٌ يأخذ بالأعناق إلى الزهد في الدنيا، ويضطر إلى عمل الآخرة لكان هذا الكلام، وكفى به قاطعاً لعلائق الآمال، وقادحاً زناد الاتعاظ والازدجار، ومِنْ أعجبه قوله(عليه السلام) : «أَلاَ وَإِنَّ الْيَوْمَ المِضْمَارَ، وَغَداً السِّبَاقَ، وَالسَّبَقَةُ الْجَنَّةُ، وَالْغَايَةُ النَّارُ» فإن فيه ـ مع فخامة اللفظ، وعظم قدر المعنى، وصادق التمثيل، وواقع التشبيه ـ سرّاً عجيباً، ومعنى لطيفاً، وهو قوله(عليه السلام): «وَالسَّبَقَةُ الْجَنَّةُ، وَالْغَايَةُ النَّارُ» فخالف بين اللفظين لاختلاف المعنيين، ولم يقل: «السَّبَقَةُ النَّار» كما قال: «السَّبَقَةُ الْجَنَّةُ»; لأن الاستباق إنما يكون إلى أمر محبوب، وغرض مطلوب، وهذه صفة الجنّة وليس هذا المعنى موجوداً في النار، نعوذ بالله منها! فلم يجز أن يقول: «والسَّبَقَةُ النَّار» بل قال: «وَالْغَايَةُ النَّار»: لأن الغاية قد ينتهي إليها من لا يسره الانتهاء إليها، ومن يسره ذلك، فصَلح أن يعبر بها عن الأمرين معاً، فهي في هذا الموضع كالمصير والمآل، قال الله تعالى: «قُلْ تَمَتَّعُوا فَإنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ» ولا يجوز في هذا الموضع أن يقال: سبقتكم ـ بسكون الباء ـ إلى النار، فتأمل ذلك، فباطنه عجيب، وغوره بعيد لطيف.

وكذلك أكثر كلامه(عليه السلام). وفي بعض النسخ : وقد جاء في رواية أخرى «والسُّبْقَة الجَنَّة» ـ بضم السين ـ والسّبقة عندهم: اسم لما يجعل للسابق إذا سبق من مال أو عرض; والمعنيان متقاربان، لأن ذلك لا يكون جزاءً على فعل الأمر المذموم وإنما يكون جزاءً على فعل الأمر المحمود.

29 ـ ومن خطبة له (عليه السلام)

سياسية ، اخلاقية ، تاريخية

بعد غارة الضحاك بن قيس صاحب معاوية على الحاجّ بعد قصة الحكمين

أسباب هزيمة اهل الكوفيين

أَيُّهَا النَّاسُ، الُْمجْتَمِعَةُ أَبْدَانُهُمْ، الُْمخْتَلِفَةُ أَهْوَاؤُهُمْ، كَلاَمُكُمْ يُوهِي الصُّمَّ الصِّلاَبَ، وَفِعْلُكُمْ يُطْمِعُ فِيكُمُ الاَْعْدَاءَ! تَقُولُونَ فِي الَْمجَالِسِ (مجالسكم) : كَيْتَ وَكَيْتَ، فَإِذَا جَاءَ الْقِتَالُ قُلْتُمْ: حِيدِي حَيَادِ! مَا عَزَّتْ دَعْوَةُ مَنْ دَعَاكُمْ، وَلاَ اسْتَرَاحَ قَلْبُ مَنْ قَاسَاكُمْ، أَعَالِيلُ بِأَضَالِيلَ، وَسَأَلُْتمُونِي التَّطْوِيلَ،


( 29 )
دِفَاعَ ذِي الدِّيْنِ الْمَطُولِ. لاَ يَمْنَعُ الْضَّيْمَ الذَّلِيلُ! وَلاَ يُدْرَكُ الْحَقُّ إِلاَّ بِالْجِدِّ! أَيَّ دَار بَعْدَ دَارِكُمْ تَمْنَعُونَ، وَمَعَ أَيِّ إِمَام بَعْدِي تُقَاتِلُونَ؟ الْمَغْرُورُ وَاللهِ مَنْ غَرَرْتُمُوهُ، وَمَنْ فَازَ بِكُمْ فَقَدْ فَازَ وَاللهِ بِالسَّهْمِ الاَْخْيَبِ، وَمَنْ رَمَى بِكُمْ فَقَدْ رَمَى بَأَفْوَقَ نَاصِل. أَصْبَحْتُ وَاللهِ لا أُصَدِّقُ قَوْلَكُمْ، وَلاَ أَطْمَعُ فِي نَصْرِكُمْ، وَلاَ أُوعِدُ الْعَدُوَّ بِكُمْ. مَا بَالُكُمْ؟ مَا دَوَاؤُكُمْ؟ مَا طِبُّكُمْ؟ الْقَوْمُ رِجَالٌ أَمْثَالُكُمْ. أَقَوْلا بِغَيْرِ عِلْم (عمل)! وَغَفْلَةً (عِفّة) مِنْ غَيْرِ وَرَع! وَطَمَعاً فِي غَيْرِ حَقٍّ ؟ !.

30 ـ ومن كلام له (عليه السلام)

سياسي

في معنى قتل عثمان

الرّد على اشاعات الخصُوم

لَوْ أَمَرْتُ بِهِ لَكُنْتُ قَاتِلا، أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ لَكُنْتُ نَاصِراً، غَيْرَ أَنَّ مَنْ نَصَرَهُ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُولَ : خَذَلَهُ مَنْ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ، وَمَنْ خَذَلَهُ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُولَ: نَصَرَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي. وَأَنَا جَامِعٌ لَكُمْ أَمْرَهُ، اسْتَأْثَرَ فَأَسَاءَ الاَْثَرَةَ، وَجَزِعْتُمْ فَأَسَأْتُمُ الْجَزَعَ، وَلِلّهِ حُكْمٌ وَاقِعٌ فِي الْمُسْتَأْثِرِ وَالْجَازِعِ.

31 ـ ومن كلام له (عليه السلام)

سياسي ، اخلاقي

لما أنفذ عبد الله بن عباس إلى الزبير يستفيئه إلى طاعته قبل حرب الجمل

نفسيّة طلحة و الزّبير

لا تَلْقَيَنَّ طَلْحَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ تَلْقَهُ تَجِدْهُ كَالثَّوْرِ عَاقِصاً قَرْنَهُ، يَرْكَبُ الصَّعْبَ وَيَقُولُ : هُوَ الذَّلُولُ.


( 30 )

وَلكِنِ الْقَ الزُّبَيْرَ، فَإِنَّهُ أَلْيَنُ عَرِيكَةً، فَقُلْ لَهُ: يَقُولُ لَكَ ابْنُ خَالِكَ: عَرَفْتَنِي بِالْحِجَازِ وَأَنْكَرْتَنِي بِالْعِرَاقِ، فَمَا عَدَا مِمَّا بَدَا. وهو (عليه السلام) أوّل من سمعت منه هذه الكلمة، أعني: «فما عدا مما بدا».

32 ـ ومن خطبة له (عليه السلام)

تاريخية ، اجتماعية ، اخلاقية ، سياسية

1 . العدّ التنّازلى للامّة الاسلامية

أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّا قَدْ أَصْبَحْنَا فِي دَهْر عَنُود، وَزَمَن كَنُود (شديد)، يُعَدُّ فِيهِ الُْمحْسِنُ مُسِيئاً، وَيَزْدَادُ الظَّالِمُ فِيهِ عُتُوّاً، لاَ نَنْتَفِعُ بِمَا عَلِمْنَا، وَلاَ نَسْأَلُ عَمَّا جَهِلْنَا، وَلاَ نَتَخَوَّفُ قَارِعَةً حَتَّى تَحُلَّ بِنَا.

2 . طبقات الناس بعد رحلة النّبىّ(صلى الله عليه وآله وسلم)

وَالنَّاسُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَصْنَاف: مِنْهُمْ مَنْ لاَ يَمْنَعُهُ الْفَسَادَ فِي الاَْرْضِ إِلاَّ مَهَانَةُ نَفْسِهِ، وَكَلاَلَةُ حَدِّهِ، وَنَضِيضُ وَفْرِهِ. وَمِنْهُمْ الْمُصْلِتُ لِسَيْفِهِ، وَالْمُعْلِنُ بِشَرِّهِ، وَالُْمجْلِبُ بِخَيْلِهِ وَرَجِلِهِ، قَدْ أَشْرَطَ نَفْسَهُ، وَأَوْبَقَ دِينَهُ لِحُطَام يَنْتَهِزُهُ، أَوْ مِقْنَب يَقُودُهُ، أَوْ مِنْبَر يَفْرَعُهُ. وَلَبِئْسَ الْمَتْجَرُ أَنْ تَرَى الدُّنْيَا لِنَفْسِكَ ثَمَناً، وَمِمَّا لَكَ عِنْدَ اللهِ عِوَضاً! وَمِنْهُمْ مَنْ يَطْلُبُ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الاْخِرَةِ، وَلاَ يَطْلُبُ الاْخِرَةَ بِعَمَلِ الدُّنْيَا، قَدْ طَامَنَ مِنْ شَخْصِهِ، وَقَارَبَ مِنْ خَطْوِهِ، وَشَمَّرَ مِنْ ثَوْبِهِ، وَزَخْرَفَ مِنْ نَفْسِهِ لِلاَْمَانَةِ، وَاتَّخَذَ سِتْرَ اللهِ ذَرِيعَةً إِلَى الْمَعْصِيَةِ. وَمِنْهُمْ مَنْ أَبْعَدَهُ عَنْ طَلَبِ الْمُلْكِ ضُؤُولَةُ نَفْسِهِ، وَانْقِطَاعُ سَبَبِهِ، فَقَصَرَتْهُ الْحَالُ عَلَى حَالِهِ، فَتَحَلّى بِاسْمِ الْقَنَاعَةِ، وَتَزَيَّنَ بِلِبَاسِ أَهْلِ الزَّهَادَةِ، وَلَيْسَ مِنْ ذلِكَ فِي مَرَاح وَلاَمَغْدًى.

3 . حالة الاتقياء في مجتمع ممسوخ

وَبَقِيَ رِجَالٌ غَضَّ أَبْصَارَهُمْ ذِكْرُ الْمَرْجِعِ، وَأَرَاقَ دُمُوعَهُمْ خَوْفُ الَْمحْشَرِ، فَهُمْ بَيْنَ شَرِيد نَادٍّ، وَخَائِف مَقْمُوع، وَسَاكِت مَكْعُوم، وَدَاع مُخْلِص، وَثَكْلاَنَ مُوجَع، قَدْ أَخْمَلَتْهُمُ (أحملتهم) التَّقِيَّةُ،


( 31 )
وَشَمِلَتْهُمُ الذِّلَّةُ، فَهُمْ فِي بَحْر أُجَاج، أَفْوَاهُهُمْ ضَامِزَةٌ، وَقُلُوبُهُمْ قَرِحَةٌ، قَدْ وَعَظُوا حَتَّى مَلُّوا، وَ قُهِرُوا حَتَّى ذَلُّوا، وَ قُتِلُوا حَتَّى قَلُّوا.

4 . أسلوب المواجهة مع الدنيا

فَلْتَكُنِ الدُّنْيَا فِي أَعْيُنِكُمْ أَصْغَرَ مِنْ حُثَالَةِ الْقَرَظِ، وَقُرَاضَةِ الْجَلَمِ، وَاتَّعِظُوا بِمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، قَبْلَ أَنْ يَتَّعِظَ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ; وَارْفُضُوهَا ذَمِيمَةً، فَإِنَّهَا قَدْ رَفَضَتْ مَنْ كَانَ أَشْغَفَ بِهَا مِنْكُمْ.

أقول: وهذه الخطبة ربما نسبها من لا علم له إلى معاوية، وهي من كلام أميرالمؤمنين(عليه السلام) الذي لا يشك فيه، وأين الذهب من الرّغام! وأين العذب من الأجاج! وقد دلّ على ذلك الدليل الخِرِّيت ونقده الناقد البصير عمرو بن بحر الجاحظ; فإنه ذكر هذه الخطبة في كتاب «البيان والتبيين» وذكر من نسبها إلى معاوية، ثمّ تكلم من بعدها بكلام في معناها، جملته أنه قال: وهذا الكلام بكلام علي(عليه السلام) أشبه، وبمذهبه في تصنيف الناس، وفي الإخبار عما هم عليه من القهر والإذلال، ومن التقية والخوف، أليق. قال: ومتى وجدنا معاوية في حال من الأحوال يسلك في كلامه مسلك الزهاد، ومذاهب العُبّاد!

33 ـ ومن خطبة له (عليه السلام)

عقائدية ، سياسية

عند خروجه لقتال أهل البصرة

قال عبدالله بن عباس(قدس سره) : دخلت على أَميرالمؤمنين(عليه السلام) (بِذي قار وَهُوَ) يخصِف نعله، فقال لي: ما قيمة هذا النعل؟

فقلت : لا قيمةَ لها! فقال(عليه السلام) : وَاللهِ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ إِمْرَتِكُمْ ، إِلاَّ أَنْ أُقِيمَ حَقَّاً ، أَوْ أَدْفَعَ بَاطِلا. خرج فخطب الناس فقال:


( 32 )

1 . الغاية من ارسال النّبىّ(صلى الله عليه وآله وسلم)

إِنَّ اللهَ بَعَثَ مُحَمَّداً(صلى الله عليه وآله وسلم)، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ يَقْرَأُ كِتَاباً، وَلاَ يَدَّعِي نُبُوَّةً، فَسَاقَ النَّاسَ حَتَّى بَوَّأَهُمْ مَحَلَّتَهُمْ، وَبَلَّغَهُمْ مَنْجَاتَهُمْ، فَاسْتَقَامَتْ قَنَاتُهُمْ، وَاطْمَأَنَّتْ صَفَاتُهُمْ.

2 . خصائص الامام على(عليه السلام) العسكريّة

أَمَا وَاللهِ إِنْ كُنْتُ لَفِي سَاقَتِهَا حَتَّى تَوَلَّتْ بِحَذَافِيرِهَا: مَا عَجَزْتُ (ضعفت) وَلاَ جَبُنْتُ (وهنت)، وَ إِنَّ مَسِيرِي هـذَا لِمِثْلِهَا; فَلاََنْقُبَنَّ (فَلاَثقبنّ) الْبَاطِلَ حَتَّى يَخْرُجَ الْحَقُّ مِنْ جَنْبِهِ.

3 . الشّكوى من قريش

مَا لِي وَلِقُرَيْش! وَاللهِ لَقَدْ قَاتَلْتُهُمْ كَافِرِينَ، وَلاَُقَاتِلَنَّهُمْ مَفْتُونِينَ، وَإِنِّي لَصَاحِبُهُمْ بِالاَْمْسِ، كَمَا أَنَا صَاحِبُهُمُ الْيَوْمَ! وَاللهِ مَا تَنْقِمُ مِنَّا قُرَيْشٌ إِلاَّ أَنَّ اللهَ اخْتَارَنَا عَلَيْهِمْ، فَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي حَيِّزِنَا، فَكَانُوا كَمَا قَالَ الاَْوَّلُ:

أَدَمْتَ لَعَمْرِي شُرْبَكَ الَْمحْضَ صَابِحاً *** وَأَكْلَكَ بِالزُّبْدِ الْمُقَشَّرَةَ الْبُجْرَا

وَ نَحْنُ وَ هَبْنَاكَ الْعَلاَءَ وَ لَمْ تَكُنْ *** عَلِيّاً ، وَ حُطْنَا حَوْلَكَ الْجُرْدَ وَ السُّمْرَا

34 ـ ومن خطبة له (عليه السلام)

سياسية ، اجتماعية ، حقوقية ، اخلاقية

في استنفار الناس إلى أهل الشام بعد فراغه من أمر الخوارج،

1 . توبيخ اهل الكوفة

أُفٍّ لَكُمْ! لَقَدْ سَئِمْتُ عِتَابَكُمْ! أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الاْخِرَةِ عِوَضاً؟ وَبِالذُّلِّ مِنَ الْعِزِّ خَلَفاً؟ إِذَا دَعَوْتُكُمْ إِلَى جِهَادِ عَدُوِّكُمْ دَارَتْ أَعْيُنُكُمْ، كَأَنَّكُمْ مِنَ الْمَوْتِ فِي غَمْرَة، وَمِنَ الذُّهُولِ فِي سَكْرَة.


( 33 )

يُرْتَجُ عَلَيْكُمْ حَوَارِي فَتَعْمَهُونَ، وَكَأَنَّ قُلُوبَكُمْ مَأْلُوسَةٌ، فَأَنْتُمْ لاَ تَعْقِلُونَ. مَا أَنْتُمْ لِي بِثِقَة سَجِيسَ اللَّيَالِي، وَمَا أَنْتُمْ بِرُكْن يُمَالُ بِكُمْ، وَلاَ زَوَافِرُ عِزٍّ يُفْتَقَرُ إِلَيْكُمْ. مَا أَنْتُمْ إِلاَّ كَإِبِل ضَلَّ رُعَاتُهَا، فَكُلَّمَا جُمِعَتْ (اجتمعت) مِنْ جَانِب انْتَشَرَتْ مِنْ آخَرَ.

2 . عللّ سقوط الكوفيين

لَبِئْسَ لَعَمْرُ اللهِ سُعْرُ نَارِ الْحَرْبِ أَنْتُمْ! تُكَادُونَ وَلاَ تَكِيدُونَ، وَتُنْتَقَصُ أَطْرَافُكُمْ فَلاَ تَمْتَعِضُونَ; لاَ يُنَامُ عَنْكُمْ وَأَنْتُمْ فِي غَفْلَة سَاهُونَ، غُلِبَ وَاللهِ الْمُتَخَاذِلُونَ! وَايْمُ اللهِ إِنِّي لاََظُنُّ بِكُمْ أَنْ لَوْ حَمِسَ (حمش) الْوَغى، وَاسْتَحَرَّ الْمَوْتُ، قَدِ انْفَرَجْتُمْ عَنِ ابْنِ أَبِي طَالِب انْفِرَاجَ الرَّأْسِ. وَاللهِ إِنَّ امْرَأً يُمَكِّنُ عَدُوَّهُ مِنْ نَفْسِهِ يَعْرُقُ لَحْمَهُ، وَيَهْشِمُ عَظْمَهُ، وَيَفْرِي جِلْدَهُ، لَعَظِيمٌ عَجْزُهُ، ضَعِيفٌ مَا ضُمَّتْ عَلَيْهِ جَوَانِحُ صَدْرِهِ. أَنْتَ فَكُنْ ذَاكَ إِنْ شِئْتَ; فَأَمَّا أَنَا فَوَاللهِ دُونَ أَنْ أُعْطِيَ ذلِكَ ضَرْبٌ بِالْمَشْرَفِيَّةِ تَطِيرُ مِنْهُ فَرَاشُ الْهَامِ، وَتَطِيحُ السَّوَاعِدُ وَالاَْقْدَامُ، وَيَفْعَلُ اللهُ بَعْدَ ذلِكَ مَا يَشَاءُ.

3 . الحقوق المتبادلة بين الامام و الامّة

أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ لِي عَلَيْكُمْ حَقَّاً، وَلَكُمْ عَلَيَّ حَقٌّ: فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَيَّ فَالنَّصِيْحَةُ لَكُمْ، وَتَوْفِيرُ فَيْئِكُمْ عَلَيْكُمْ، وَتَعْلِيمُكُمْ كَيْلا تَجْهَلُوا، وَتَأْدِيبُكُمْ كَيَْما تَعْلَمُوا. وَأَمَّا حَقِّي عَلَيْكُمْ فَالْوَفَاءُ بِالْبَيْعَةِ، والنَّصِيْحَةُ فِي الْمَشْهَدِ وَالْمَغِيبِ، وَالاِْجَابَةُ حِيْنَ أَدْعُوكُمْ، وَالطَّاعَةُ حِيْنَ آمُرُكُمْ.


( 34 )

35 ـ ومن خطبة له (عليه السلام)

سياسية ، اخلاقية ، تاريخية

بعد التحكيم

1 . ضرورة الحمد

الْحَمْدُ لِلّهِ وَإِنْ أَتَى الدَّهْرُ بِالْخَطْبِ الْفَادِحِ، وَالْحَدَثِ الْجَلِيلِ. وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَيْسَ مَعَهُ إِلهٌ غَيْرُهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ (صلى الله عليه وآله وسلم).

2 . أسباب هزيمة الكوفيين

أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ مَعْصِيَةَ النَّاصِحِ الشَّفِيقِ الْعَالِمِ الُْمجَرِّبِ تُورِثُ الْحَسْرَةَ، وَتُعْقِبُ النَّدَامَةَ. وَقَدْ كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ فِي هـذِهِ الْحُكُومَةِ أَمْرِي، وَنَخَلْتُ لَكُمْ مَخْزُونَ رَأْيِي. لَوْ كَانَ يُطَاعُ لِقَصِيْر أَمْرٌ ! فَأَبَيْتُمْ عَلَيَّ إِبَاءَ الُْمخَالِفِينَ الْجُفَاةِ، وَالْمُنَابِذِينَ الْعُصَاةِ، حَتَّى ارْتَابَ النَّاصِحُ بِنُصْحِهِ، وَضَنَّ الزَّنْدُ بِقَدْحِهِ، فَكُنْتُ أَنَا وَإِيَّاكُمْ كَمَا قَالَ أَخُو هَوَازِنَ:

أَمَرْتُكُمُ أَمْرِي بِمُنْعَرَجِ اللِّوَى *** فَلَمْ تَسْتَبْيِنُوا النُّصْحَ (الرّشد) إِلاَّ ضُحَى الْغَدِ

36 ـ و من خطبة له (عليه السلام)

سياسية ، تاريخية ، اخلاقية

في تخويف أَهل النهروان

الاجتهاد في هداية الاعداء

فَأَنَا نَذِيرٌ لَكُمْ أَنْ تُصْبِحُوا صَرْعَى بِأَثْنَاءِ هذَا النَّهَرِ ، وَبِأَهْضَامِ هذَا الْغَائِطِ، عَلَى غَيْرِ بَيِّنَة مِنْ


( 35 )
رَبِّكُمْ، وَلاَ سُلْطَان مُبِين مَعَكُمْ: قَدْ طَوَّحَتْ بِكُمُ الدَّارُ، وَاحْتَبَلَكُمُ الْمِقْدَارُ، وَقَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ هذِهِ الْحُكُومَةِ فَأَبَيْتُمْ عَلَيَّ إِبَاءَ الْمُنَابِذِينَ (المخالفين)، حَتَّى صَرَفْتُ رَأْيِي إِلَى هَوَاكُمْ. وَأَنْتُمْ مَعَاشِرُ أَخِفَّاءُ الْهَامِ، سُفَهَاءُ الاَْحْلاَمِ; وَلَمْ آتِ لاَ أَبَا لَكُمْ بُجْراً، وَلاَ أَرَدْتُ لَكُمْ ضُرّاً.

37 ـ ومن كلام له (عليه السلام)

عقائدي ، سياسي

يجري مجرى الخطبة

1 . خصائص الامام على(عليه السلام)

فَقُمْتُ بِالاَْمْرِ حِيْنَ فَشِلُوا، وَتَطَلَّعْتُ حِيْنَ تَقَبَّعُوا، وَنَطَقْتُ حِيْنَ تَعْتَعُوا (تمنعوا ـ تقبّعوا)، وَمَضَيْتُ بِنُورِ اللهِ حِيْنَ وَقَفُوا. وَكُنْتُ أَخْفَضَهُمْ صَوْتاً، وَأَعْلاَهُمْ فَوْتاً، فَطِرْتُ بِعِنَانِهَا، وَاسْتَبْدَدْتُ بِرِهَانِهَا. كَالْجَبَلِ لاَ تُحَرِّكُهُ الْقَوَاصِفُ، وَلاَ تُزِيلُهُ الْعَوَاصِفُ. لَمْ يَكُنْ لاَِحَد فِيَّ مَهْمَزٌ وَلاَ لِقَائِل فِيَّ مَغْمَزٌ. الذَّلِيلُ عِنْدِي عَزِيزٌ حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ لَهُ، وَالْقَوِىُّ عِنْدِي ضَعِيفٌ حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ مِنْهُ.

2 . علّة السكوت

رَضِيْنَا عَنِ اللهِ قَضَاءَهُ، وَسَلَّمْنَا لِلّهِ أَمْرَهُ. أَتَرَانِي أَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللهِ(صلى الله عليه وآله وسلم)؟ وَاللهِ لاََنَا أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَهُ، فَلاَ أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ كَذَبَ عَلَيْهِ. فَنَظَرْتُ فِي أَمْرِي، فَإِذَا طَاعَتِي قَدْ سَبَقَتْ بَيْعَتِي، وَإِذَا الْمِيثَاقُ فِي عُنُقِي لِغَيْرِي.


( 36 )

38 ـ ومن كلام له (عليه السلام)

عقائدي

ضرورة معرفة الشبّهات

وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الشُّبْهَةُ شُبْهَةً لاَِنَّهَا تُشْبِهُ الْحَقَّ. فَأَمَّا أَوْلِيَاءُ اللهِ فَضِيَاؤُهُمْ فِيهَا الْيَقِينُ، وَ دَلِيلُهُمْ سَمْتُ الْهُدَى وَأَمَّا أَعْدَاءُ اللهِ فَدُعَاؤُهُمْ فِيهَا الضَّلالُ، وَدَلِيلُهُمُ الْعَمَى، فَمَا يَنْجُو مِنَ الْمَوْتِ مَنْ خَافَهُ، وَلاَ يُعْطَى الْبَقَاءَ مَنْ أَحَبَّهُ.

39 ـ ومن خطبة له (عليه السلام)

سياسية ، اجتماعية ، اخلاقية

خطبها عند علمه بغزوة النعمان بن بشير صاحب معاوية لعين التمر،

1 . توبيخ اهل الكوفة

مُنِيتُ بِمَنْ لاَ يُطِيعُ إِذَا أَمَرْتُ وَلاَ يُجِيبُ إِذَا دَعَوْتُ. لاَ أَبَا لَكُمْ! مَا تَنْتَظِرُونَ بِنَصْرِكُمْ رَبَّكُمْ؟ أَمَا دِينٌ يَجْمَعُكُمْ؟ وَلاَ حَمِيَّةَ تُحْمِشُكُمْ؟ !

2 . عللّ سقوط الكوفيين

أَقُومُ فِيكُمْ مُسْتَصْرِخاً، وَأُنَادِيكُمْ مُتَغَوِّثاً، فَلاَ تَسْمَعُونَ لِي قَوْلا، وَلاَ تُطِيعُونَ لِي أَمْراً، حَتَّى تَكَشَّفَ الاُْمُورُ عَنْ عَوَاقِبِ الْمَساءَةِ، فَمَا يُدْرَكُ بِكُمْ ثَارٌ، وَلاَ يُبْلَغُ بِكُمْ مَرَامٌ. دَعَوْتُكُمْ إِلَى نَصْرِ إِخْوَانِكُمْ فَجَرْجَرْتُمْ جَرْجَرَةَ الْجَمَلِ الاَْسَرِّ، وَتَثَاقَلْتُمْ تَثَاقُلَ الْنِّضْوِ الاَْدْبَرِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَىَّ مِنْكُمْ جُنَيْدٌ مُتَذَائِبٌ


( 37 )
ضَعِيفٌ. (كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ). (1) أقول: قوله(عليه السلام): «مُتَذَائِبٌ» أي مضطرب، من قولهم: تذاءبت الريح، أي اضطرب هبوبها، و منه سمي الذئب ذئباً، لاضطراب مشيته.

40 ـ ومن كلام له (عليه السلام)

سياسي ، عقائدي

في الخوارج لما سمع قولهم: «لا حكم إلا لله»

ضرورة وجود الحكومة

قال(عليه السلام) : كَلِمَةُ حَقٍّ يُرَادُ بِهَا بَاطِلٌ! نَعَمْ إِنَّهُ لاَ حُكْمَ إِلاَّ لِلّهِ. وَلكِنَّ هؤُلاَءِ يَقُولُونَ: لاَ إِمْرَةَ إِلاَّ لِلّهِ. وَإِنَّهُ لاَبُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ أَمِير بَرٍّ أَوْ فَاجِر يَعْمَلُ فِي إِمْرَتِهِ الْمُؤْمِنُ، وَيَسْتَمْتِعُ فِيهَا الْكَافِرُ، وَ يُبَلِّغُ اللهُ فِيهَا الاَْجَلَ، وَيُجْمَعُ بِهِ الْفَيْءُ، وَيُقَاتَلُ بِهِ الْعَدُوُّ، وَتَأْمَنُ بِهِ السُّبُلُ، وَيُؤْخَذُ بِهِ لِلضَّعِيفِ مِنَ الْقَوِيِّ; حَتَّى يَسْتَرِيحَ بَرٌّ، وَيُسْتَرَاحَ مِنْ فَاجِر. وفي رواية أُخرى أنه(عليه السلام) لما سمع تحكيمهم قال: حُكْمَ اللهِ أَنْتَظِرُ فِيكُمْ. وقال: أَمَّا الاِْمْرَةُ الْبَرَّةُ فَيَعْمَلُ فِيهَا التَّقِيُّ ; وَأَمَّا الاِْمْرَةُ الْفَاجِرَةُ فَيَتَمَتَّعُ فِيهَا الشَّقِىُّ; إِلى أَنْ تَنْقَطِعَ مُدَّتُهُ، وَتُدْرِكَهُ مَنِيَّتُهُ.

ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . الأنفال: 6.

( 38 )

41 ـ ومن خطبة له (عليه السلام)

اخلاقية ، عقائدية ، سياسية

ممنوعية الغدر

أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ الْوَفَاءَ تَوْأَمُ الصِّدْقِ، وَلاَ أَعْلَمُ جُنَّةً أَوْقى مِنْهُ، وَمَا يَغْدِرُ مَنْ عَلِمَ كَيْفَ الْمَرْجِعُ. وَلَقَدْ أَصْبَحْنَا فِي زَمَان قَدِ اتَّخَذَ أَكْثَرُ أَهْلِهِ الْغَدْرَ كَيْساً، وَنَسَبَهُمْ أَهْلُ الْجَهْلِ فِيهِ إِلى حُسْنِ الْحِيلَةِ. مَا لَهُمْ! قَاتَلَهُمُ اللهُ! قَدْ يَرَى الْحُوَّلُ الْقُلَّبُ وَجْهَ الْحِيلَةِ وَدُونَهَا مَانِعٌ مِنْ أَمْرِ اللهِ وَ نَهْيِهِ، فَيَدَعُهَا رَأْيَ عَيْن بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، وَيَنْتَهِزُ فُرْصَتَهَا مَنْ لاَ حَرِيجَةَ لَهُ فِي الدِّينِ.

42 ـ ومن كلام له (عليه السلام)

اخلاقي ، تربيتي

التحذير من طول الأمل و اتّباع الهوى

أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ اثْنَانِ: اتِّبَاعُ الْهَوَى، وَطُولُ الاَْمَلِ، فَأَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى فَيَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ، وَأَمَّا طُولُ الاَْمَلِ فَيُنْسِي الاْخِرَةَ. أَلاَ وَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ وَلَّتْ حَذَّاءَ (جذّا); فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلاَّ صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الاِْنَاءِ اصْطَبَّهَا صَابُّهَا. أَلاَ وَإِنَّ الاْخِرَةَ قَدْ أَقْبَلَتْ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا بَنُونَ، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الاْخِرَةِ، وَلاَ تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ كُلَّ وَلَد سَيُلْحَقُ بِأَبِيهِ (أمّة) يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلاَ حِسَابَ، وَغَداً حِسَابٌ، وَلاَ عَمَلَ.

أقول: الحذاء، السريعة، ومن النّاس من يرويه «جذّاء».


( 39 )

43 ـ ومن كلام له (عليه السلام)

سياسي ، اخلاقي

وقد أشار عليه أصحابه بالاستعداد لحرب أهل الشام بعد إرساله جرير بن عبد الله البجلي إلى معاوية

1 . أسلوب مواجهة الاعداء

إِنَّ اسْتِعْدَادِي لِحَرْبِ أَهْلِ الشَّامِ وَجَرِيرٌ عِنْدَهُمْ، إِغْلاَقٌ لِلشَّامِ وَصَرْفٌ لاَِهْلِهِ عَنْ خَيْر إِنْ أَرَادُوهُ. وَ لكِنْ قَدْ وَقَّتُّ لِجَرِير وَقْتاً لاَيُقِيُم بَعْدَهُ إِلاَّ مَخْدُوعاً أَوْ عَاصِياً. وَالرَّأْيُ عِنْدِي مَعَ الاَْنَاةِ فَأَرْوِدُوا، وَلاَ أَكْرَهُ لَكُمُ الاِْعْدَادَ.

2 . جهاد اهل الشام

وَلَقَدْ ضَرَبْتُ أَنْفَ هـذَا الاَْمْرِ وَعَيْنَهُ، وَقَلَّبْتُ ظَهْرَهُ وَبَطْنَهُ، فَلَمْ أَرَ لِي فِيهِ إِلاَّ الْقِتَالَ أَوِ الْكُفْرَ بِمَا جَاءَ مُحَمَّدٌ (صلى الله عليه وآله وسلم). إِنَّهُ قَدْ كَانَ عَلَى الاُْمَّةِ وَال أَحْدَثَ أَحْدَاثاً، وَأَوْجَدَ النَّاسَ مَقَالا، فَقَالُوا، ثُمَّ نَقَمُوا فَغَيَّرُوا.

44 ـ ومن كلام له (عليه السلام)

سياسي ، تاريخي

لما هرب مَصْقَلة بنُ هبيرة الشيباني إلى معاوية، وكان قد ابتاع سَبْيَ بني ناجية من عامل أمير المؤمنين(عليه السلام) وأعتقهم، فلما طالبه بالمال خاس به و هرب إلى الشام

التأسّف على فرار المصقلة

قَبَّحَ اللهُ مَصْقَلَةَ! فَعَلَ فِعْلَ السَّادَةِ (السادات)، وَفَرَّ فِرَارَ الْعَبِيدِ! فَمَا أَنْطَقَ مَادِحَهُ حَتَّى أَسْكَتَهُ، وَلاَ صَدَّقَ وَاصِفَهُ حَتَّى بَكَّتَهُ، وَلَوْ أَقَامَ لاََخَذْنَا مَيْسُورَهُ، وَانْتَظَرْنَا بِمَالِهِ وُفُورَهُ.


( 40 )

45 ـ ومن خطبة له (عليه السلام)

سياسية ، تاريخية

وهو بعض خطبة طويلة خطبها يوم الفطر

1 . لزوم الشكر للبارى تعالى

الْحَمْدُ لِلّهِ غَيْرَ مَقْنُوط مِنْ رَحْمَتِهِ، وَلاَ مَخْلُوٍّ مِنْ نِعْمَتِهِ، وَلاَ مَأْيُوس مِنْ مَغْفِرَتِهِ، وَلاَ مُسْتَنْكَف عَنْ عِبَادَتِهِ، الَّذِي لاَ تَبْرَحُ مِنْهُ رَحْمَةٌ، وَلاَ تُفْقَدُ لَهُ نِعْمَةٌ.

2 . أُسلوب مواجهة الدّنيا

وَالدُّنْيَا دَارٌ مُنِيَ لَهَا الْفَنَاءُ، وَلاَِهْلِهَا مِنْهَا الْجَلاَءُ، وَهِيَ حُلْوَةٌ خَضْرَاءُ، وَقَدْ عَجِلَتْ لِلطَّالِبِ، وَالْتَبَسَتْ بِقَلْبِ النَّاظِرِ; فَارْتَحِلُوا مِنْهَا بِأَحْسَنِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ مِنَ الزَّادِ، وَلاَ تَسْأَلُوا فِيهَا فَوْقَ الْكَفَافِ، وَلاَ تَطْلُبُوا مِنْهَا أَكْثَرَ مِنَ الْبَلاَغِ.

46 ـ ومن كلام له (عليه السلام)

سياسي ، اخلاقي

عند عزمه على المسير إلى الشام وهو دعاء دعا به ربه عند وضع رجله في الركاب

دعاء السّفر

اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ، وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الاَْهْلِ وَالْمَالِ وَالْوَلَدِ. اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَأَنْتَ الْخَلِيفَةُ فِي الاَْهْلِ، وَلاَ يَجْمَعُهُمَا غَيْرُكَ; لاَِنَّ الْمُسْتَخْلَفَ لاَ يَكُونُ مُسْتَصْحَباً، وَ الْمُسْتَصْحَبُ لاَ يَكُونُ مُسْتَخْلَفاً.


( 41 )

وابتداء هذا الكلام مرويّ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد قفّاه أمير المؤمنين(عليه السلام) بأبلغ كلام وتممه بأحسن تمام; من قوله: «وَلاَ يَجْمَعُهُمَا غَيْرُكَ» إلى آخر الفصل.

47 ـ ومن كلام له (عليه السلام)

اخلاقي

(في ذِكْرِ الْكُوفَةِ)

الإِخبار بمستقبل اهل الكوفة

كَأَنِّي بِكِ يَاكُوفَةُ تُمَدِّينَ مَدَّ الاَْدِيمِ الْعُكَاظِىِّ، تُعْرَكِينَ بِالنَّوَازِلِ، وَتُرْكَبِينَ بِالزَّلاَزِلِ، وَإِنِّي لاََعْلَمُ أَنَّهُ مَا أَرَادَ بِكِ جَبَّارٌ سُوءاً إِلاَّ ابْتَلاَهُ اللهُ بِشَاغِل، وَرَمَاهُ بِقَاتِل !

48 ـ ومن خطبة له (عليه السلام)

عقائدية ، سياسية

عند المسير إلى الشام

ضرورة الاستعداد العسكري

الْحَمْدُ لِلّهِ كُلَّمَا وَقَبَ لَيْلٌ وَغَسَقَ، وَالْحَمْدُ لِلّهِ كُلَّمَا لاَحَ نَجْمٌ وَخَفَقَ، وَالْحَمْدُ لِلّهِ غَيْرَ مَفْقُودِ الاِْنْعَامِ، وَلاَ مُكَافَإِ الاِْفْضَالِ. أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ بَعَثْتُ مُقَدِّمَتِي، وَأَمَرْتُهُمْ بِلُزُومِ هـذَا الْمِلْطَاطِ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرِي ، وَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَقْطَعَ هذِهِ النُّطْفَةَ إِلَى شِرْذِمَة مِنْكُمْ، مُوَطِّنِينَ أَكْنَافَ دَجْلَةَ، فَأُنْهِضَهُمْ مَعَكُمْ إِلَى عَدُوِّكُمْ، وَأَجْعَلَهُمْ مِنْ أَمْدَادِ الْقُوَّةِ لَكُمْ.

أقول: يعني(عليه السلام) بالملطاط ها هنا السّمْتَ الذي أمرهم بلزومه، وهو شاطئ الفرات، ويقال ذلك أيضاً لشاطئ البحر، وأصله ما استوى من الأرض. ويعني بالنطفة ماء الفرات ، وهو من غريب العبارات وعجيبها.


( 42 )

49 ـ ومن كلام له (عليه السلام)

عقائدي

معرفة اللّه

الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي بَطَنَ خَفِيَّاتِ الاُْمُورِ، وَدَلَّتْ (ذلّت) عَلَيْهِ أَعْلاَمُ الظُّهُورِ، وَامْتَنَعَ عَلَى عَيْنِ الْبَصِيرِ; فَلاَعَيْنُ مَنْ لَمْ يَرَهُ تُنْكِرُهُ، وَلاَ قَلْبُ مَنْ أَثْبَتَهُ يُبْصِرُهُ: سَبَقَ فِي الْعُلُوِّ فَلاَ شَيْءَ أَعْلَى مِنْهُ، وَقَرُبَ فِي الدُّنُوِّ فَلاَ شَيْءَ أَقْرَبُ مِنْهُ. فَلاَ اسْتِعْلاَؤُهُ بَاعَدَهُ عَنْ شَيْء مِنْ خَلْقِهِ، وَلاَ قُرْبُهُ سَاوَاهُمْ فِي الْمَكَانِ بِهِ. لَمْ يُطْلِعِ الْعُقُولَ عَلَى تَحْدِيدِ صِفَتِهِ، وَلَمْ يَحْجُبْهَا عَنْ وَاجِبِ مَعْرِفَتِهِ، فَهُوَ الَّذِي تَشْهَدُ لَهُ أَعْلاَمُ الْوُجُودِ، عَلَى إِقْرَارِ قَلْبِ ذِي الْجُحُودِ، تَعَالَى اللهُ عَمَّا يَقُولُهُ الْمُشَبِّهُونَ (المشتبهون) بِهِ وَالْجَاحِدُونَ لَهُ عُلُوّاً كَبِيراً!

50 ـ ومن كلام له (عليه السلام)

سياسي ، تاريخي

أسباب ظهور الفتن

إِنَّمَا بَدْءُ وُقُوعِ الْفِتَنِ أَهْوَاءٌ تُتَّبَعُ، وَأَحْكَامٌ تُبْتَدَعُ، يُخَالَفُ فِيهَا كِتَابُ اللهِ، وَيَتَوَلَّى عَلَيْهَا رِجَالٌ رِجَالا، عَلَى غَيْرِ دِينِ اللهِ. فَلَوْ أَنَّ الْبَاطِلَ خَلَصَ مِنْ مِزَاجِ الْحَقِّ لَمْ يَخْفَ عَلَى الْمُرْتَادِينَ; وَ لَوْ أَنَّ الْحَقَّ خَلَصَ مِنْ لَبْسِ الْبَاطِلِ، انْقَطَعَتْ عَنْهُ أَلْسُنُ الْمُعَانِدِينَ . وَلكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ هـذَا ضِغْثٌ، وَمِنْ هذَا ضِغْثٌ، فَيُمْزَجَانِ! فَهُنَالِكَ يَسْتَوْلِي الشَّيْطَانُ عَلَى أَوْلِيَائِهِ، وَيَنْجُو «الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللهِ الْحُسْنَى ».


( 43 )

51 ـ ومن خطبة له (عليه السلام)

سياسية ، تاريخية

لما غلب أصحاب معاوية أصحابه(عليه السلام) على شريعة الفرات بصفين و منعوهم الماء

الحث على الاستيلاء على الفرات

قَدِ اسْتَطْعَمُوكُمُ الْقِتَالَ، فَأَقَرُّوا عَلَى مَذَلَّة، وَتَأْخِيرِ مَحَلَّة; أَوْ رَوُّوا السُّيُوفَ مِنَ الدِّمَاءِ تَرْوَوْا مِنَ الْمَاِء. فَالْمَوْتُ فِي حَيَاتِكُمْ مَقْهُورِينَ، وَالْحَيَاةُ فِي مَوْتِكُمْ قَاهِرِينَ. أَلاَ وَإِنَّ مُعَاوِيَةَ قَادَ لُمَةً مِنَ الْغُوَاةِ، وَعَمَّسَ عَلَيْهِمُ الْخَبَرَ، حَتَّى جَعَلُوا نُحُورَهُمْ أَغْرَاضَ الْمَنِيَّةِ.

52 ـ ومن خطبة له (عليه السلام)

اخلاقية ، اجتماعية

وَ قَدْ نَقَدَّمَ مُخْتارها بِرِوايَة

1 . وصف الدنيا

أَلاَ وَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ تَصَرَّمَتْ، وَآذَنَتْ بِانْقِضَاء، وَتَنَكَّرَ مَعْرُوفُهَا وَأَدْبَرَتْ حَذَّاءَ، فَهِيَ تَحْفِزُ بِالْفَنَاءِ سُكَّانَهَا (ساكنيها)، وَتَحْدُو بِالْمَوْتِ جِيرَانَهَا، وَقَدْ أَمَرَّ فِيهَا مَا كَانَ حُلْواً، وَكَدِرَ مِنْهَا مَا كَانَ صَفْواً، فَلَمْ يَبقَ (تبق) مِنْهَا إِلاَّ سَمَلَةٌ كَسَمَلَةِ الاِْدَاوَةِ أَوْ جُرْعَةٌ كَجُرْعَةِ الْمَقْلَةِ، لَوْ تَمَزَّزَهَا الصَّدْيَانُ لَمْ يَنْقَعْ.

فَأَزْمِعُوا عِبَادَ اللهِ الرَّحِيلَ عَنْ هذِهِ الدَّارِ الْمَقْدُورِ عَلَى أَهْلِهَا الزَّوَالُ; وَلاَ يَغْلِبَنَّكُمْ فِيهَا الاَْمَلُ، وَلاَ يَطُولَنَّ عَلَيْكُمْ فِيهَا الاَْمَدُ.


( 44 )

2 . عظمة النّعيم الاُخروي

فَوَ اللهِ لَوْ حَنَنْتُمْ حَنِينَ الْوُلَّهِ الْعِجَالِ، وَدَعَوْتُمْ بِهَدِيلِ الْحَمَامِ، وَجَأَرْتُمْ جُؤَارَمُتَبَتِّلِي الرُّهْبَانِ، وَخَرَجْتُمْ إِلَى اللهِ مِنَ الاَْمْوَالِ وَالاَْوْلاَدِ، الِْتمَاسَ الْقُرْبَةِ إِلَيْهِ فِي ارْتِفَاعِ دَرَجَة عِنْدَهُ، أَوْ غُفْرَانِ سَيِّئَة أَحْصَتْهَا كُتُبُهُ، وَحَفِظَتْهَا رُسُلُهُ، لَكَانَ قَلِيلا فِيَما أَرْجُو لَكُمْ مِنْ ثَوَابِهِ، وَأَخَافُ عَلَيْكُمْ مِنْ عِقَابِهِ. وَتَاللهِ لَوِ انْمَاثَتْ قُلُوبُكُمْ انْمِيَاثاً، وَسَالَتْ عُيُونُكُمْ مِنْ رَغْبَة إِلَيْهِ أَوْ رَهْبَة مِنْهُ دَماً، ثُمَّ عُمِّرْتُمْ فِي الدُّنْيَا، مَا الدُّنْيَا بَاقِيَةٌ، مَا جَزَتْ أَعْمَالُكُمْ عَنْكُمْ وَلَوْ لَمْ تُبْقُوا شَيْئاً مِنْ جُهْدِكُمْ أَنْعُمَهُ عَلَيْكُمُ الْعِظَامَ، وَهُدَاهُ إِيَّاكُمْ لِلاِْيمَانِ.

53 ـ ومن خطبة له (عليه السلام)

عبادية

(في ذَكْرِ يَوْمِ النَّحْر وَ صِفَةِ الأُضحيّةِ)

صفة الأضحيّة الكاملة

وَمِنْ تَمَامِ الاُْضْحِيَةِ اسْتِشْرَافُ أُذُنِهَا، وَسَلاَمَةُ عَيْنِهَا، فَإِذَا سَلِمَتِ الاُْذُنُ وَالْعَيْنُ سَلِمَتِ الاُْضْحِيَةُ وَتَمَّتْ، وَلَوْ كَانَتْ عَضْبَاءَ الْقَرْنِ تَجُرُّ رِجْلَهَا إِلَى الْمَنْسَكِ.

(أقول : والمنسك ها هنا المذبح)

 


( 45 )

54 ـ ومن خطبة له (عليه السلام)

سياسية ، تاريخية

وصف يوم البيعة

فَتَدَاكُّوا عَلَيَّ تَدَاكَّ الاِْبِلِ الْهِيمِ يَوْمَ وِرْدِهَا، وَقَدْ أَرْسَلَهَا رَاعِيهَا، وَخُلِعَتْ مَثَانِيهَا، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُمْ قَاتِلِي، أَوْ بَعْضُهُمْ قَاتِلُ بَعْض لَدَيَّ. وَقَدْ قَلَّبْتُ هذَا الاَْمْرَ بَطْنَهُ وَظَهْرَهُ حَتَّى مَنَعَنِي النَّوْمَ.

فَمَا وَجَدْتُنِي يَسَعُنِي إِلاَّ قِتَالُهُمْ أَوِ الْجُحُودُ بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ (صلى الله عليه وآله وسلم); فَكَانَتْ مُعَالَجَةُ الْقِتَالِ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ مُعَالَجَةِ الْعِقَابِ وَمَوْتَاتُ الدُّنْيَا أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ مَوْتَاتِ الاْخِرَةِ.

55 ـ ومن كلام له (عليه السلام)

سياسي ، عقائدي

(وَقَدْ اسْتَبْطَأَ اَصْحابُهُ إذْنُهُ لَهُمْ فِى الْقُتال بِصِفِّيْن)

ملاحظات حول حرب صفّين

أَمَّا قَوْلُكُمْ: أَكُلَّ ذلِكَ كَرَاهِيَةَ الْمَوْتِ ؟ فَوَ اللهِ مَا أُبَالِي; دَخَلْتُ (أدخلت) إِلَى الْمَوْتِ أَوْ خَرَجَ الْمَوْتُ إِلَيَّ. وَأَمَّا قَوْلُكُمْ شَكَّاً فِي أَهْلِ الشَّامِ! فَوَ اللهِ مَا دَفَعْتُ الْحَرْبَ يَوْماً إِلاَّ وَأَنَا أَطْمَعُ أَنْ تَلْحَقَ بِي طَائِفَةٌ فَتَهْتَدِيَ بِي، وَتَعْشُوَ إِلَى ضَوْئِي، وَذلِكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْتُلَهَا عَلَى ضَلاَلِهَا (ضلالتها)، وَإِنْ كَانَتْ تَبُوءُ بِآثَامِهَا.


( 46 )

56 ـ ومن كلام له (عليه السلام)

عقائدي ، سياسي

الانتصار في القتال

وَلَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ(صلى الله عليه وآله وسلم) ; نَقْتُلُ آبَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا وَإِخْوَانَنَا وَأَعْمَامَنَا: مَا يَزِيدُنَا ذلِكَ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً، وَمُضِيّاً عَلَى اللَّقَمِ، وَصَبْراً عَلَى مَضَضِ الاَْلَمِ، وَجِدّاً فِي جِهَادِ الْعَدُوِّ وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا وَالاْخَرُ مِنْ عَدُوِّنَا يَتَصَاوَلاَنِ تَصَاوُلَ الْفَحْلَيْنِ، يَتَخَالَسَانِ اَنْفُسَهُمَا: أَيُّهُمَا يَسْقِي صَاحِبَهُ كَأْسَ الْمَنُونِ، فَمَرَّةً لَنَا مِنْ عَدُوِّنَا، وَمَرَّةً لِعَدُوِّنَا مِنَّا. فَلَمَّا رَأَى اللهُ صِدْقَنَا أَنْزَلَ بِعَدُوِّنَا الْكَبْتَ، وَأَنْزَلَ عَلَيْنَا النَّصْرَ، حَتَّى اسْتَقَرَّ الاِْسْلاَمُ مُلْقِياً جِرَانَهُ، وَمُتَبَوِّئاً (مبوّيا). أَوْطَانَهُ وَلَعَمْرِي لَوْكُنَّا نَأْتِي مَا أَتَيْتُمْ، مَا قَامَ لِلدِّينِ عَمُودٌ، وَلاَ اخْضَرَّ لِلإِيمَانِ عُودٌ. وَايْمُ اللهِ لَتَحْتَلِبُنَّهَا دَماً، وَلَتُتْبِعُنَّهَا نَدَماً!

57 ـ ومن كلام له (عليه السلام)

سياسي ، تاريخي ، عقائدي

(قالَ لأصحابِهِ)

الاخبار عن الحكومة الجائرة

أَمَا إِنَّهُ سَيَظْهَرُ عَلَيْكُمْ بَعْدِي رَجُلٌ رَحْبُ الْبُلْعُومِ، مُنْدَحِقُ الْبَطْنِ، يَأْكُلُ مَا يَجِدُ، وَيَطْلُبُ مَا لاَ يَجِدُ، فَاقْتُلُوهُ، وَلَنْ تَقْتُلُوهُ! أَلاَ وَإِنَّهُ سَيَأْمُرُكُمْ بِسَبِّي وَالْبَرَاءَةِ مِنِّي; فَأَمَّا السَّبُّ فَسُبُّونِي، فَإِنَّهُ لِي زَكَاةٌ، وَلَكُم نَجَاةٌ; وَأَمَّا الْبَرَاءَةُ فَلاَ تَتَبَرَّأُوا مِنِّي; فَإِنِّي وُلِدْتُ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَسَبَقْتُ إِلَى الاِْيمَانِ وَالْهِجْرَةِ.


( 47 )

58 ـ ومن كلام له (عليه السلام)

سياسي ، عقائدي

(كَلَّمَ بِهِ الْخَوارِج)

الإخبار عن مستقبل الخوارج

أَصَابَكُمْ حَاصِبٌ، وَلاَ بَقِيَ مِنْكُمْ آثِرٌ (آبرٌ). أَبَعْدَ إِيمَانِي بِاللهِ وَجِهَادِي مَعَ رَسُولِ اللهِ(صلى الله عليه وآله وسلم)، أَشْهَدُ عَلَى نَفْسِي بِالْكُفْرِ! «لَقَدْ ظَلَلْتُ إِذاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ!» فَأُوبُوا شَرَّ مَآب، وَارْجِعُوا عَلَى أَثَرِ الاَْعْقَابِ أَمَا إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي ذُلاًّ شَامِلا، وَسَيْفاً قَاطِعاً، وَأَثَرَةً يَتَّخِذُهَا الظَّالِمونَ فِيكُمْ سُنَّةً.

قوله(عليه السلام): «ولا بقي منكم آبر» يروى على ثلاثة اوجه: احدها ان يكون كما ذكرناه: «آبر» بالراء، من قولهم للذي يأبر النخل ـ أي: يصلحه ـ و يروى «آثِرٌ» وهو الذي يأثر الحديث ويرويه أي يحكيه، و هو أصح الوجوه عندي، كأنه(عليه السلام) قال: لابقي منكم مخبر! ويروى «آبِز» ـ بالزاي المعجمة ـ وهو الواثب. والهالك أيضاً يقال له: آبز.

59 ـ وقال (عليه السلام)

سياسية

لَمّا عَزَمَ عَلى حَرْبِ الْخَوارِجْ، وَقيلَ لَهُ: إنَّ الْقَومَ عَبَروا جِسْرَ النَّهْرَوان!

الإخبار عن مقتل الخوارج

مَصَارِعُهُمْ دُونَ النُّطْفَةِ، وَاللهِ لاَ يُفْلِتُ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ، وَلاَ يَهْلِكُ مِنْكُمْ عَشَرَةٌ.

يعني بالنطفة ماء النهر، وهي أفصح كناية عن الماء و إن كان كثيراً جماً. و قد أشرنا إلى ذلك فيما تقدّم عند مضيّ ما أشبهه.


( 48 )

60 ـ وقال (عليه السلام)

سياسية

لما قتل الخوارج فقيل له: يا أمير المؤمنين، هلك القوم بأجمعهم!

الاخبار عن استمرار الانحراف للخوارج

كَلاَّ وَاللهِ; إِنَّهُمْ نُطَفٌ فِي أَصْلاَبِ الرِّجَالِ، وَقَرَارَاتِ النِّسَاءِ كُلَّمَا نَجَمَ مِنْهُمْ قَرْنٌ قُطِعَ، حَتَّى يَكُونَ آخِرُهُمْ لُصُوصاً سَلاَّبِينَ.

61 ـ وقال (عليه السلام)

سياسية ، عسكرية ، عقائدية

(في الْخَوارِجْ)

النّهي عن قتال الخوارج

لاَ تُقَاتِلُوا (تقتلوا) الْخَوَارِجَ بَعْدِي; فَلَيْسَ مَنْ طَلَبَ الْحَقَّ فَأَخْطَأَهُ، (فأعطى) كَمَنْ طَلَبَ الْبَاطِلَ فَأَدْرَكَهُ. يعني معاوية و أصحابه.

62 ـ ومن كلام له (عليه السلام)

سياسي ، عقائدي

(لَمّا خُوِّفَ منَ الْغيلَة)


( 49 )

الإمام وعدم المبالاة بالموت

وَإِنَّ عَلَيَّ مِنَ اللهِ جُنَّةً حَصِينَةً، فَإِذَا جَاءَ يَوْمِي انْفَرَجَتْ عَنِّي وَأَسْلَمَتْنِي، فَحِينَئِذ لاَ يَطِيشُ السَّهْمُ، وَلاَ يَبْرَأُ الْكَلْمُ.

63 ـ ومن خطبة له (عليه السلام)

اخلاقية

أُسلوب مواجهة الدّنيا

أَلاَ إِنَّ الدُّنْيَا دَارٌ لاَ يُسْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ فِيهَا (بالزهد)، وَلاَ يُنْجَى بِشَيْء كَانَ لَهَا. ابْتُلِيَ النَّاسُ بِهَا فِتْنَةً، فَمَا أَخَذُوهُ مِنْهَا لَهَا أُخْرِجُوا مِنْهُ وَحُوسِبُوا عَلَيْهِ، وَمَا أَخَذُوهُ مِنْهَا لِغَيْرِهَا قَدِمُوا عَلَيْهِ وَ أَقَامُوا فِيهِ; فَإِنَّهَا عِنْدَ ذَوِي الْعُقُولِ كَفَىْءِ الظِّلِّ، بَيْنَا تَرَاهُ سَابِغاً حَتَّى قَلَصَ، وَزَائِداً حَتَّى نَقَصَ.

64 ـ ومن خطبة له (عليه السلام)

اخلاقية

المسارعة إلى العمل الصالح

فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ، وَبَادِرُوا آجَالَكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ، وَابْتَاعُوا مَا يَبْقَى لَكُمْ بِمَا يَزُولُ عَنْكُمْ، وَ تَرَحَّلُوا فَقَدْ جُدَّ بِكُمْ، وَاسْتَعِدُّوا لِلْمَوْتِ فَقَدْ أَظَلَّكُمْ، وَكُونُوا قَوْماً صِيحَ بِهِمْ فَانْتَبَهُوا، وَ عَلِمُوا أَنَّ الدُّنْيَا لَيْسَتْ لَهُمْ بِدَار فَاسْتَبْدَلُوا; فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَخْلُقْكُمْ عَبَثاً، وَلَمْ يَتْرُكْكُمْ سُدًى، وَمَا بَيْنَ أَحَدِكُمْ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ إِلاَّ الْمَوْتُ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ. وَإِنَّ غَايَةً تَنْقُصُهَا اللَّحْظَةُ، وَتَهْدِمُهَا السَّاعَةُ، لَجَدِيرَةٌ بِقِصَرِ الْمُدَّةِ. وَإِنَّ غَائِباً يَحْدُوهُ الْجَدِيدَانِ: اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، لَحَرِيٌّ بِسُرْعَةِ الاَْوْبَةِ. وَإِنَّ قَادِماً يَقْدُمُ بِالْفَوْزِ أَوِ الشِّقْوَةِ


( 50 )
لَمُسْتَحِقٌّ لاَِفْضَلِ الْعُدَّةِ. فَتَزَوَّدُوا فِي الدُّنْيَا، مِنَ الدُّنْيَا، مَا تَحْرُزُونَ (تجوزون) بِهِ أَنْفُسَكُمْ غَداً. فَاتَّقَى عَبْدٌ رَبَّهُ، نَصَحَ نَفْسَهُ، وَقَدَّمَ تَوْبَتَهُ، وَغَلَبَ شَهْوَتَهُ، فَإِنَّ أَجَلَهُ مَسْتُورٌ عَنْهُ، وَأَمَلَهُ خَادِعٌ لَهُ، وَالشَّيْطَانُ مُوَكَّلٌ بِهِ، يُزَيِّنُ لَهُ الْمَعْصِيَةَ لِيَرْكَبَهَا، وَ يُمَنِّيهِ التَّوْبَةَ لِيُسَوِّفَهَا، إِذَا هَجَمَتْ مَنِيَّتُهُ عَلَيْهِ أَغْفَلَ مَا يَكُونُ عَنْهَا. فَيَالَهَا حَسْرَةً عَلَى كُلِّ ذِي غَفْلَة أَنْ يَكُونَ عُمُرُهُ عَلَيْهِ حُجَّةً، وَأَنْ تُؤَدِّيَهُ أَيَّامُهُ إِلَى الشِّقْوَةِ! نَسْأَلُ اللهَ سُبْحَانَهُ أَنْ يَجْعَلَنَا وَإِيَّاكُمْ مِمَّنْ لاَ تُبْطِرُهُ نِعْمَةٌ، وَلاَ تُقَصِّرُ (تقتصروا)  بِهِ عَنْ طَاعَةِ رَبِّهِ غَايَةٌ، وَلاَ تَحُلُّ بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ نَدَامَةٌ وَلاَ كَآبَةٌ.

65 ـ ومن خطبة له (عليه السلام)

عقائدية ، علمية

معرفة اللّه

الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ تَسْبِقْ لَهُ حَالٌ حَالا، فَيَكُونَ أَوَّلا قَبْلَ أَنْ يَكُونَ آخِراً، وَيَكُونَ ظَاهِراً قَبْلَ أَنْ يَكُونَ بَاطِناً. كُلُّ مُسَمًّى بِالْوَحْدَةِ غَيْرَهُ قَلِيلٌ، وَكُلُّ عَزِيز غَيْرَهُ ذَلِيلٌ، وَكُلُّ قَوِيٍّ غَيْرَهُ ضَعِيفٌ، وَكُلُّ مَالِك غَيْرَهُ مَمْلُوكٌ، وَكُلُّ عَالِم غَيْرَهُ مُتَعَلِّمٌ، وَ كُلُّ قَادِر غَيْرَهُ يَقْدِرُوَيَعْجَزُ، وَ كُلُّ سَمِيع غَيْرَهُ يَصَمُّ عَنْ لَطِيفِ الاَْصْوَاتِ، وَيُصِمُّهُ كَبِيرُهَا، وَيَذْهَبُ عَنْهُ مَا بَعُدَ مِنْهَا، وَكُلُّ بَصِير غَيْرَهُ يَعْمَى عَنْ خَفِيِّ الاَْلْوَانِ وَلَطِيفِ الاَْجْسَامِ، وَكُلُّ ظَاهِر غَيْرَهُ باطِنٌ، وَكُلُّ باطِن غَيْرَهُ غَيْرُ ظَاهِر. لَمْ يَخْلُقْ مَا خَلَقَهُ لِتَشْدِيدِ سُلْطَان، وَلاَ تَخَوُّف مِنْ عَوَاقِبِ زَمَان، وَلاَ اسْتَعَانَة عَلَى نِدٍّ مُثَاوِر، وَلاَ شَرِيك مُكَاثِر، وَلاَ ضِدٍّ مُنَافِر; وَلكِنْ خَلاَئِقُ مَرْبُوبُونَ، وَعِبَادٌ دَاخِرُونَ. لَمْ يَحْلُلْ فِي الاَْشْيَاءِ فَيُقَالَ: هُوَ كَائِنٌ، وَلَمْ يَنْأَ عَنْهَا فَيُقَالَ : هُوَ مِنْهَا بَائِنٌ. لَمْ يَؤُدْهُ خَلْقُ مَا ابْتَدَأَ، وَلاَ تَدْبِيرُ مَا ذَرَأَ، وَلاَ وَقَفَ بِهِ عَجْزٌ عَمَّا خَلَقَ، وَلاَ وَلَجَتْ عَلَيْهِ شُبْهَةٌ فِيَما قَضَى وَقَدَّرَ، بَلْ قَضَاءٌ مُتْقَنٌ، وَعِلْمٌ مُحْكَمٌ، وَأَمْرٌ مُبْرَمٌ. الْمَأْمُولُ مَعَ النِّقَمِ، الْمَرْهُوبُ مَعَ النِّعَمِ!


( 51 )

66 ـ ومن كلام له (عليه السلام)

سياسي ، عسكري

قاله لاصحابه في بعض ايّام صفّين

تعاليم عسكرية هامة

مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ: اسْتَشْعِرُوا الْخَشْيَةَ، وَتَجَلْبَبُوا السَّكِينَةَ، وَعَضُّوا عَلَى النَّوَاجِذِ، فَإِنَّهُ أَنْبَى لِلسُّيُوفِ عَنِ الْهَامِ وَأَكْمِلُوا اللاَّْمَةَ، وَقَلْقِلُوا السُّيُوفَ فِي أَغْمَادِهَا قَبْلَ سَلِّهَا وَالْحَظُوا الْخَزْرَ، وَاطْعُنُوا الشَّزْرَ، وَنَافِحُوا بِالظُّبَا، وَصِلُوا السُّيُوفَ بِالْخُطَا، وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ بِعَيْنِ اللهِ، وَمَعَ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللهِ. فَعَاوِدُوا الْكَرَّ، وَاسْتَحْيُوا مِنَ الْفَرِّ، فَإِنَّهُ عَارٌ فِي الاَْعْقَابِ، وَنَارٌ يَوْمَ الْحِسَابِ. وَطِيبُوا عَنْ أَنْفُسِكُمْ نَفْساً، وَامْشُوا إِلَى الْمَوْتِ مَشْياً سُجُحاً، وَعَلَيْكُمْ بِهذَا السَّوَادِ الاَْعْظَمِ، وَالرِّوَاقِ الْمُطَنَّبِ، فَاضْرِبُوا ثَبَجَهُ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ كَامِنٌ في كِسْرِهِ، وَقَدْ قَدَّمَ لِلْوَثْبَةِ يَداً، وَأَخَّرَ لِلنُّكُوصِ رِجْلا. فَصَمْداً صَمْداً! حَتَّى يَنْجَلِيَ لَكُمْ عَمُودُ الْحَقِّ (وَأَنْتُمُ الاَْعْلَوْنَ، وَاللهُ مَعَكُمْ، وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ).(1)

67 ـ ومن كلام له (عليه السلام)

عقائدي

قالوا: لما انتهت إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) أنباء السقيفة بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال (عليه السلام): ما قالت الأنصار؟ قالوا: قالت: منا أمير ومنكم أمير; قال (عليه السلام):

ردّ شبهات قريش

فَهَلاَّ احْتَجَجْتُمْ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ رَسُولَ اللهِ(صلى الله عليه وآله وسلم)وَصَّى بِأَنْ يُحْسَنَ إِلى مُحْسِنِهِمْ، وَيُتَجَاوَزَ عَنْ

ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . محمّد: 35.

( 52 )
مُسِيئِهِمْ؟ قالوا: وما في هذا من الحجة عليهم؟، فقال(عليه السلام): لَوْ كَانَتِ الاِْمَامَةُ (الامارة) فِيهِمْ لَمْ تَكُنْ الْوَصِيَّةُ بِهِمْ. ثم قال(عليه السلام): فَمَاذَا قَالَتْ قُرَيْشٌ؟ قَالُوا: احتجّت بأَنها شجرة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال(عليه السلام): احْتَجُّوا بِالشَّجَرَةِ، وَأَضَاعُوا الَّثمَرَةَ.

68 ـ ومن كلام له (عليه السلام)

سياسي

لما قلد محمد بن أبي بكر مصر فملكت عليه وقتل

خصائص هاشم بن عتبة

وَقَدْ أَرَدْتُ تَوْلِيَةَ مِصْرَ هَاشِمَ بْنَ عُتْبَةَ; وَلَوْ وَلَّيْتُهُ إِيَّاهَا لَمَّا خَلَّى لَهُمُ الْعَرْصَةَ، وَلاَ أَنْهَزَهُمُ الْفُرْصَةَ، بِلاَ ذَمٍّ لُِمحَمَّدِ بْنِ أَبي بَكْر، وَلَقَدْ كَانَ إِلَيَّ حَبِيباً، وَكَانَ لِي رَبِيباً.

69 ـ ومن كلام له (عليه السلام)

سياسي ، تاريخي

(في ذمّ اصحابه)

لوم اهل الكوفة

كَمْ أُدَارِيكُمْ كَمَا تُدَارَى الْبِكَارُ الْعَمِدَةُ، وَالثِّيَابُ الْمُتَدَاعِيَةُ! كُلَّمَا حِيصَتْ مِنْ جَانِب تَهَتَّكَتْ مِنْ آخَرَ. كُلَّمَا أَطَلَّ عَلَيْكُمْ مَنْسِرٌ مِنْ مَنَاسِرِ أَهْلِ الشَّامِ أَغْلَقَ كُلُّ رَجُل مِنْكُمْ بَابَهُ، وَانْجَحَرَ انْجِحَارَ الضَّبَّةِ فِي جُحْرِهَا، وَالضَّبُعِ فِي وِجَارِهَا.الذَّلِيلُ وَاللهِ مَنْ نَصَرْتُمُوهُ! وَ مَنْ رُمِيَ بِكُمْ فَقَدْ رُمِيَ بِأَفْوَقَ نَاصِل. إِنَّكُمْ وَاللهِ لَكَثِيرٌ فِي الْبَاحَاتِ، قَلِيلٌ تَحْتَ الرَّايَاتِ، وَإِنِّي لَعَالِمٌ بِمَا يُصْلِحُكُمْ، وَيُقِيمُ أَوَدَكُمْ، وَلكِنِّي لاَ أَرَى إِصْلاَحَكُمْ بِإِفْسَادِ (فسادى) نَفْسِي. أَضْرَعَ اللهُ خُدُودَكُمْ، وَأَتْعَسَ جُدُودَكُمْ! لاَ تَعْرِفُونَ الْحَقَّ كَمَعْرِفَتِكُمُ الْبَاطِلَ، وَلاَ تُبْطِلُونَ الْبَاطِلَ كَإِبْطَالِكُمُ الْحَقَّ!


( 53 )

70 ـ وقال (عليه السلام)

سياسية ، اخلاقية

(في سحرة اليوم الذي ضرب فيه)

الشّكاية إلى الرسّول(صلى الله عليه وآله وسلم)

مَلَكَتْنِي عَيْنِي وَأَنَا جَالِسٌ، فَسَنَحَ لِي رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم)، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَاذَا لَقِيتَ مِنْ أُمَّتِكَ مِنَ الاَْوَدِ وَاللَّدَدِ؟ فَقَالَ: « ادْعُ عَلَيْهِمْ » فَقُلْتُ: أَبْدَلَنِي اللهُ بِهِمْ خَيْراً مِنْهُمْ، وَأَبْدَلَهُمْ بِي شَرّاً لَهُمْ مِنِّي. يعني بالأود الاعوجاج، وباللدد الخصام. وهذا من أفصح الكلام.

71 ـ ومن خطبة له (عليه السلام)

سياسية ، عقائدية

(في ذمّ اهل العراق)

لوم اهل العراق

أمَّا بَعْدُ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ، فَإِنَّمَا أَنْتُمْ كَالْمَرْأَةِ الْحَامِلِ، حَمَلَتْ فَلَمَّا أَتَمَّتْ أَمْلَصَتْ وَمَاتَ قَيِّمُهَا، وَطَالَ تَأَيُّمُهَا، وَوَرِثَهَا أَبْعَدُهَا. أَمَا وَاللهِ مَا أَتَيْتُكُمُ اخْتِيَاراً; وَلكِنْ جِئْتُ إِلَيْكُمْ (أتيتكم) سَوْقاً. وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: عَلِيٌّ يَكْذِبُ، قَاتَلَكُمُ اللهُ تَعَالى! فَعَلى مَنْ أَكْذِبُ؟ أَعَلَى اللهِ؟ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ! أَمْ عَلَى نَبِيِّهِ؟ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَهُ! كَلاَّ وَاللهِ، لكِنَّهَا لَهْجَةٌ غِبْتُمْ عَنْهَا، وَلَمْ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهَا. وَيْلُ امِّهِ كَيْلا بِغَيْرِ ثَمَن! لَوْ كَانَ لَهُ وِعَاءٌ.( وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِين ).(1)

ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . ص: 88.

( 54 )

72 ـ ومن خطبة له (عليه السلام)

عقائدية

عَلَّمَ فيها النّاس الصَّلاة عَلَى النَّبىّ(صلى الله عليه وآله وسلم)

1 . خصائص الرسّول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم)

اللَّهُمَّ دَاحِيَ الْمَدْحُوَّاتِ، وَدَاعِمَ الْمَسْمُوكَاتِ، وَجَابِلَ الْقُلُوبِ عَلَى فِطْرَتِهَا: شَقِيِّهَا وَسَعِيدِهَا.

اجْعَلْ شَرَائِفَ صَلَوَاتِكَ، وَنَوَامِيَ بَرَكَاتِكَ، عَلَى مُحَمَّد عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ الْخَاتِمِ لِمَا سَبَقَ، وَالْفَاتِحِ لِمَا انْغَلَقَ، وَالْمُعْلِنِ الْحَقَّ بِالْحَقِّ، وَ الدَّافِعِ جَيْشَاتِ الاَْبَاطِيلِ، وَالدَّامِغِ صَوْلاَتِ الاَْضَالِيلِ، كَمَا حُمِّلَ فَاضْطَلَعَ، قَائِماً بِأَمْرِكَ، مُسْتَوْفِزاً فِي مَرْضَاتِكَ، غَيْرَ نَاكِل عَنْ قُدُم، وَلاَ وَاه فِي عَزْم، وَاعِياً لِوَحْيِكَ، حَافِظاً لَعَهْدِكَ، مَاضِياً عَلَى نَفَاذِ أَمْرِكَ; حَتَّى أَوْرَى قَبَسَ الْقَابِسِ، وَ أَضَاءَ الطَّرِيقَ لِلْخَابِطِ، وَهُدِيَتْ بِهِ الْقُلُوبُ بَعْدَ خَوْضَاتِ الْفِتَنِ وَالاْثَامِ. وَأَقَامَ بِمُوضِحَاتِ الاَْعْلاَمِ، وَ نَيِّرَاتِ الاَْحْكَامِ، فَهُوَ أَمِينُكَ الْمَأْمُونُ، وَ خَازِنُ عِلْمِكَ الَْمخْزُونِ، وَشَهِيدُكَ يَوْمَ الدِّينِ، وَبَعِيثُكَ بِالْحَقِّ، وَرَسُولُكَ إِلَى الْخَلْقِ.

2 . الدعاء للرسّول(صلى الله عليه وآله وسلم)

اللَّهُمَّ افْسَحْ لَهُ مَفْسَحاً فِي ظِلِّكَ; وَاجْزِهِ مُضَاعَفَاتِ الْخَيْرِ مِنْ فَضْلِكَ. اللَّهُمَّ وَأَعْلِ عَلَى بِنَاءِ الْبَانِينَ بِنَاءَهُ، وَأَكْرِمْ لَدَيْكَ مَنْزِلَتَهُ، وَأَتْمِمْ لَهُ نُورَهُ، وَاجْزِهِ مِنِ ابْتِعَاثِكَ لَهُ مَقْبُولَ الشَّهَادَةِ، مَرْضِيَّ الْمَقَالَةِ، ذَا مَنْطِق عَدْل، وَخُطْبَة فَصْل. اللَّهُمَّ اجْمَعْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ فِي بَرْدِ الْعَيْشِ وَقَرَارِ النِّعْمَةِ، وَمُنَى الشَّهَوَاتِ، وَأَهْوَاءِ اللَّذَّاتِ، وَرَخَاءِ الدَّعَةِ، وَمُنْتَهَى الطُّمَأْنِينَةِ، وَتُحَفِ الْكَرَامَةِ.

 


( 55 )

73 ـ ومن كلام له (عليه السلام)

سياسي ، علمي

(قاله لمروان بن الحكم بالبصرة)

قالوا : أُخِذَ مروان بن الحكم أَسيراً يوم الجمل، فاستشفع الحسن والحسين(عليهما السلام) إِلى أَمير المؤمنين(عليه السلام)، فكلماه فيه، فخلى سبيله، فقالا له : يبايعك يا أَميرالمؤمنين؟ فقال(عليه السلام):

الإِخبار الغيبى عن اولاد مروان بن الحكم

أَوَ لَمْ يُبَايِعْنِي بَعْدَ قَتْلِ عُثَْمانَ؟ لاَحَاجَةَ لِي فِي بَيْعَتِهِ ! إِنَّهَا كَفٌّ يَهُودِيَّةٌ، لَوْ بَايَعَنِي بِكَفِّهِ لَغَدَرَ بِسُبَّتِهِ أَمَا إِنَّ لَهُ إِمْرَةً كَلَعْقَةِ الْكَلْبِ أَنْفَهُ. وَهُوَ أَبُو الاَْكْبُشِ الاَْرْبَعَةِ، وَسَتَلْقَى الاُْمَّةُ مِنْهُ وَ مِنْ وَلَدِهِ يَوْماً (موتاً) أَحْمَرَ!

74 ـ ومن خطبة له (عليه السلام)

سياسية ، عقائدية

(لما عزموا على بيعة عثمان)

خصائص الامام على(عليه السلام)

لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي أَحَقُّ النَّاسِ بِهَا مِنْ غَيْرِي; وَوَاللهِ لاَُسْلِمَنَّ مَا سَلِمَتْ أُمُورُ الْمُسْلِمِينَ; وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا جَوْرٌ إِلاَّ عَلَيَّ خَاصَّةً، الِْتمَاساً لاَِجْرِ ذلِكَ وَفَضْلِهِ، وَزُهْداً فِيَما تَنَافَسْتُمُوهُ مِنْ زُخْرُفِهِ وَزِبْرِجِهِ.


( 56 )

75 ـ ومن كلام له (عليه السلام)

عقائدي ، سياسي

لما بلغه اتهام بني أمية له بالمشاركة في دم عثمان

دفاع الامام عن نفسه

أَوَ لَمْ يَنْهَ بَنِي أُمَيَّةَ عِلْمُهَا بِي عَنْ قَرْفِي؟ أَوَ مَا وَزَعَ الْجُهَّالُ سَابِقَتِي عَنْ تُهَمَتِي؟ وَلَمَا وَعَظَهُمُ اللهُ بِهِ أَبْلَغُ مِنْ لِسَانِي؟ أَنَا حَجِيجُ الْمَارِقِينَ، وَخَصِيمُ النَّاكِثِينَ الْمُرْتَابِينَ، وَعَلَى كِتَابِ اللهِ تُعْرَضُ الاَْمْثَالُ، وَبِمَا فِي الصُّدُورِ تُجَازَى الْعِبَادُ!

76 ـ ومن خطبة له (عليه السلام)

اخلاقية

وصف المتّقى

رَحِمَ اللهُ امْرَأً (عبداً) سَمِعَ حُكْماً فَوَعَى، وَدُعِيَ إِلَى رَشَاد فَدَنَا، وَأَخَذَ بِحُجْزَةِ هَاد فَنَجَا. رَاقَبَ رَبَّهُ، وَخَافَ ذَنْبَهُ، قَدَّمَ خَالِصاً، وَعَمِلَ صَالِحاً (ناصحاً). اكْتَسَبَ مَذْخُوراً، وَاجْتَنَبَ مَحْذُوراً، وَرَمى غَرَضاً، وَأَحْرَزَ عِوَضاً. كَابَرَ هَوَاهُ، وَكَذَّبَ مُنَاهُ. جَعَلَ الصَّبْرَ مَطِيَّةَ نَجَاتِهِ،وَالتَّقْوى عُدَّةَ وَفَاتِهِ. رَكِبَ الطَّرِيقَةَ الْغَرَّاءَ، وَلَزِمَ الَْمحَجَّةَ الْبَيْضَاءَ. اغْتَنَمَ الْمَهَلَ، وَبَادَرَ الاَْجَلَ، وَتَزَوَّدَ مِنْ الْعَمَلِ.