الفهرس

مقدّمة المحقق


الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على خيرته من خلقه محمّد وآله الطاهرين .
وبعد فهذه مقدّمة وجيزة حول المؤلّفِ والكتاب واُسلوب التحقيق .

1 ـ المؤلّف والكتاب :
يكفي في تعريف المؤلّف والكتاب ما كتبه المحقّق المرحوم السيّد عبدالعزيز الطباطبائي(رحمه الله )، الّذي نشرته مجلة «تراثنا» في عددها الخامس .
قال : ابن الشرفيّة كافي الدين ـ أو فخر الدين ـ أبو الحسن عليّ بن محمد بن الحسن بن أبي نزار الليثي الواسطي ، من أعلام الإماميّة في أواخر القرن السادس ، ولعلّه أدرك السابع أيضاً ، وهو يلقّب عندهم كافي الدين ، وترجم له ابن الفوطي في تلخيص مجمع الآداب ج 3 رقم 2249 بلقبه فخر الدين ، فقال : «أبو الحسن عليّ بن محمد بن نزار الواسطي الأديب ، أنشد ...» فأورد له أبياتاً .
وفي ترجمة ابن أبي طي الحلبي يحيى بن حميدة ، المتوفّى سنة 630 ، في إنسان العيون في شعراء سادس القرون ، قال : «قرأ يحيى بن حميدة المذكور على الشيخ شمس الدين يحيى بن الحسن بن البطريق ، وعلى الشريف جمال الدين أبي القاسم عبدالله بن زهرة الحسيني الحلبي ، وعلى الشيخ فخر الدين عليّ بن محمد بن نزار ابن الشرفيّة الواسطي ...»
أقول : وممّن يروي عن ابن الشرفيّة السيّد علاء الدين حسين بن عليّ بن مهدي الحسيني السبزواري[1] ، روى عنه بمدينة الموصل في 17 شوّال سنة 593 .
وترجم له ميرزا عبدالله أفندي في رياض العلماء ، فقال في ج 4 ص 251 : «الشيخ عليّ بن محمد الليثي الواسطي ، فاضل جليل ، وعالم كبير نبيل ، وهو من عظماء علماء الإماميّة ، وله كتاب عيون الحكم والمواعظ ...» .
وترجم له في ج 4 ص 186 فقال : «الشيخ كافي الدين أبو الحسن علي بن محمد بن أبي نزار (ابن) الشرفيّة الواسطي . كان من أكابر العلماء ... وهذا الشيخ كافي الدين المذكور يروي عن الشيخ الفقيه رشيد الدين أبي الفضل شاذان بن جبرئيل القمّي ، كما يظهر من مطاوي كتاب مناهج النهج[2] لقطب الدين المذكور ، وقد قال قطب الدين المذكور ، في الكتاب المزبور ، عند ذكر اسم هذا الشيخ في مدحه هكذا : الشيخ الأجلّ العالم ، كافي الدين أبو الحسن عليّ بن محمد بن أبي نزار (ابن) الشرفية الواسطي» ...
ولابن الشرفية هذا قصّة مثبتة في نهاية مخطوطة مناقب أميرالمؤمنين عليه السّلام لابن المغازلي ، وهي :
«قال أبو الحسن عليّ بن محمّد بن الشرفيّة : حضر عندي في دكّاني بالورّاقين بواسط ، يوم الجمعة خامس ذي القعدة من سنة ثمانين وخمسمائة ، القاضي العدل ، جمال الدين نعمة الله بن عليّ بن أحمد بن العطّار ، وحضر أيضاً شرف الدين أبو شجاع ابن العنبري الشاعر ، فسأل شرف الدين القاضي جمال الدين أن يسمعه المناقب ، فابتدأ بالقراء ة عليه من نسختي التي بخطي ، في دكّاني يومئذٍ ، وهو يرويها عن جدِّه لاُمّه العدل المعمَّر محمد بن عليّ المغازلي ، عن أبيه المصنّف فهماً في القراء ة وقد اجتمع عليهما جماعة إذ اجتاز أبو نصر قاضي العراق ، وأبو العباس ابن زنبقة ، وهما ينبزان بالعدالة ، فوقفا يُغَوغِيان وينكران عليه قراء ة المناقب ، وأطنب أبو نصر قاضي العراق في التهزّي والمجون ... ، فعجز القاضي نعمة الله بن العطّار ، وقال بمحضر جماعة كانوا وقوفاً : اللهم إن كان لأهل بيت نبيك عندك حرمة ومنزلة ، فاخسف به داره وعجّل نكايته ، فبات ليلته تلك ، وفي صبيحة يوم السبت ، سادس ذي القعدة ، من سنة ثمانين وخمسمائة ، خسف الله تعالى بداره ، فوقعت هي والقنطرة وجميع المسنّاة إلى دجلة ، وتلف منه فيها جميع ما كان يملك ، من مال وأثاث وقماش .
فكانت هذه المنقبة من أطرف ما شوهد يومئذٍ من مناقب آل محمد صلوات الله عليهم .
فقال عليّ بن محمد بن الشرفيّة : (وقلت) في ذلك اليوم في هذا المعنى :

يا أيّها العدل الذي

هو عن طريق الحقّ عادل

متجنّباً سبل الهدى

وإلى سبيل الغيّ مائل

أبمثل أهل البيت يا مغرور

ويحك أنت هازل !
بالأمس حين جحدت من أفضالهم بعض الفضائل
وجريت في سنن التمرّد لست تسمع عذل عاذل
نزل القضاء على ديارك في صباحك شرّ نازل
أضحت ديارك سائحات في الثرى خسف الزلازل

قال علي بن محمد بن الشرفيّة : وقرأت المناقب التي صنفّها ابن المغازلي ، بمسجد الجامع بواسط ، الذي بناه الحجّاج بن يوسف الثقفي ـ لعنه الله ، ولقّاه ما عمل ـ في مجالس ستّة أوّلها الأحد رابع صفر ، وآخرهنّ عاشر صفر من سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة ، في اُمم لا يحصى عددهم ، وكانت مجالس ينبغي أن تؤرّخ .
وكتب قارؤها بالمسجد الجامع : عليّ بن محمد بن الشرفيّة» .
وربمّا خلطه بعضهم بسميّه وبلديّه ابن المغازلي ، مؤلّف كتاب مناقب أميرالمؤمنين عليه السّلام المتوفى سنة 483 ، فإنّه أيضاً أبو الحسن علي بن محمد ، ومن أهل واسط فاشتبه الأمر على بعضهم ، ففي رياض العلماء ج 4 ص 209 : «عليّ بن محمّد بن شاكر المؤدّب ، من أهل واسط ، من أصحابنا ، وله كتاب في الأخبار في فضائل أهل البيت عليهم السّلام ، وتاريخ تأليفه سنة سبع وخمسين وأربعمائة ...» فلاحظ فإنّه من بعض الإشتباهات .
وفي تأسيس الشيعة ص 420 : «الشيخ الربّاني عليّ بن محمد بن شاكر المؤدّب الليثي الواسطي ، صاحب كتاب عيون الحكم والمواعظ وذخيرة المتّعظ والواعظ ، كان فراغه من تأليف الكتاب سنة 457 . وهو من أصحابنا بنصّ صاحب الرياض ، وله كتاب في فضائل أهل البيت عليهم السّلام ...» .
بقي هنا شي ء : وهو أنّ الشرفيّة فيما وجدناه على الأكثر بالفاء ، ولكن بالقاف اسم محلّة في واسط ، وهو واسطي ، فلعلّ الصحيح ابن الشرقيّة بالقاف ، ولكن أكثر ما وجدناه بالفاء ، وأكثر ما وجدناه الشرفيّة بدون ابن .
وأمّا كتابه عيون الحكم والمواعظ فهو أوسع وأجمع كتاب لحكم أميرالمؤمنين عليه السّلام ، يشتمل على 13628 كلمة ، قال المؤلّف :
«الحمد لله فالق الحبّة بارئ النسم ... أمّا بعد ، فإن الذي حداني على جمع فوائد هذا الكتاب ، من حكم أمير المؤمنين أبي تراب ، ما بلغني من افتخار أبي عثمان الجاحظ ، حين جمع المائة حكمة الشاردة عن الأسماع الجامعة ، أنواع الانتفاع ... ، فكثر تعجّبي منه ... كيف رضي لنفسه أن يقنع من البحر بالوشل ... ، فألزمت نفسي أن أجمع قليلاً من حكمه ... ، وسمّيته بكتاب عيون الحكم والمواعظ وذخيرة المتّعظ والواعظ ، اقتضبته من كتب متبدّدة ... مثل كتاب نهج البلاغة جمع الرضي ... وما كان جمعه أبو عثمان الجاحظ ، ومن كتاب دستور الحكم ... ، ومن كتاب غرر الحكم ودرر الكلم جمع القاضي أبي الفتح ... ، ومن كتاب مناقب الخطيب (الموفّق بن) أحمد ... ، ومن كتاب منثور الحكم ، ومن كتاب الفرائد والقلائد تأليف القاضي أبي يوسف يعقوب بن سليمان الإسفرائني ، ومن كتاب الخصال ... ، وقد وضعته ثلاثين باباً ، واحد وتسعين فصلاً ، ثلاثة عشر ألفاً وستمائة وثمانية وعشرين حكمة ، منها على حروف المعجم تسعة وعشرون باباً ، والباب الثلاثون أوردت فيه مختصرات من التوحيد ، والوصايا ...» .
أقول : وكلّ مخطوطات الكتاب فاقدة للباب الثلاثين ، حتى المخطوطات التي رآها صاحب رياض العلماء في القرن الحادي عشر كانت ناقصة ، قال في ترجمته في الرياض ج 4 ص 253 : «واعلم أنّ كتابه هذا مشتمل على ثلاثين باباً ، ولكن الموجود في النسخ التي رأيناها تسعة وعشرون باباً ، على ترتيب حروف التهجّي وقد سقط من آخره الباب الثلاثون ...» .
أَقول : وهذا الكتاب من مصادر العلّامة المجلسي ـ رحمه الله ـ في موسوعته الحديثيّة القيّمة «بحار الأنوار» وإن سمّاه بادئ الأمر بالعيون والمحاسن ، فقد ذكر عند عدّ المصادر في ج 1 ص 16 قائلاً : «وكتاب العيون والمحاسن للشيخ عليّ بن محمّد الواسطي» .
وقال عنه في ج 1 ص 34 : «وعندنا منه نسخة مصحّحة قديمة» ثمّ وقع على اسمه الصحيح ، فقال في ج 73 ص 108 : «من كتاب عيون الحكم والمواعظ لعليّ بن محمّد الواسطي كتبناه من أصل قديم» .
وذكره ـ رحمه الله ـ أيضاً في ج 78 ص 36 في باب (ما جمع من جوامع كلم أميرالمؤمنين صلى الله عليه وعلى ذريّته) فعدّد جملة ممّن دوّنوا كلامه عليه السّلام ، وبدأ بالجاحظ ، إلى أن قال : «وكذا الشيخ عليّ بن محمّد الليثي الواسطي في كتاب عيون الحكم والمواعظ وذخيرة المتّعظ والواعظ ، الذي قد سمّيناه بكتاب العيون والمحاسن .
ويبدو أنّه ـ رحمه الله ـ عثر على نسخة قديمة تامّة تحوي الباب الثلاثين ، الذي هو في الخطب والوصايا ، حيث أورد الخطبة الأولى من نهج البلاغة عن النهج ، وعن هذا الكتاب ، فقال في ج 77 ص 300 : «نهج البلاغة ، ومن كتاب عيون الحكمة والمواعظ لعلي بن محمد الواسطي ، من خطبه صلوات الله عليه : الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون ...» .
وللكتاب تلخيص لأحمد بن محمّد بن خلف سمّاه : المحكم المنتخب من عيون الحكم ، أوّله : «الحمد لله الملك القادر ، العزيز الفاطر» .
توجد نسخة منه في مكتبة جامعة القرويّين في فاس ، كتبت سنة 1152 كما في فهرسها ج 2 ص 405 .

2 ـ نسخ الكتاب
1 ـ نسخة مكتبة السيّد المرعشي بقم وهي برقم (4440) في 183 ورقة بخطّ عليّ بن يوسف القدسي بتاريخ 892 وهي أقدم نسخة نعرفها .

2 ـ النسخة المطبوعة ضمن الموسوعة التاريخيّة المسماة بناسخ التواريخ للميرزا محمد تقي الكاشاني المتوفى سنة 1297 وإبنه ميرزا هداية الله ، وقد أدرجا في هذه الموسوعة بعض الكتب الروائيّة والتاريخيّة والرجاليّة منها هذا الكتاب لكن دون تصريح بأنّ هذا الكتاب أو هذا القسم من الكتاب هو عيون الحكم بل على العكس تظاهر مؤلّف هذا القسم من الناسخ ـ والظاهر أنّه ميرزا هداية الله ـ أنّه من تأليفه وجمعه .
وهذه النسخة هي أتمّ من الأولى وبينهما عموم وخصوص من وجه وقد تمّ الاعتماد على هاتين النسختين كما سيأتي .

3 و 4 ـ نسخة جامعة طهران برقم 6919 بتاريخ سنة 1242 واُخرى برقم 42 كتبت سنة 1279 عن نسخة كتبت سنة 867 عن نسخة كتبت سنة 709 عن نسخة كتبت سنة 614 كما في فهرسها 2 / 158 والذريعة ج 15 ص 380 .

5 ـ نسخة مكتبة آستانه قدس بمشهد الرضاعليه السّلام ، تاريخها سنة 1027 برقم 6821 .

6 و 7 ـ نسختا مكتبة سبهسالار (الشهيد المطهري) بطهران برقم 1784 و 1785 ، استكتب إحداهما علم الهدى ابن الفيض الكاشاني سنة 1085 . كما في فهرسها 1 / 283 و 2 / 74 والذريعة ج 15 ص 380 .

8 ـ نسخة مجلس الشورى بطهران 4 / 57 برقم 1279 .

9 ـ نسخة اُخرى لمكتبة السيد المرعشي بقم برقم 5958 كتبت سنة 1138 .
ويعدّ كتاب غرر الحكم للآمدي بمثابة الأصل والاُم للكتاب أيضاً كما أنّ الكتاب بمثابة نسخة من الدرجة الثانية للغرر .

3 ـ اُسلوب التحقيق
اعتمدنا على نسخة كتاب ناسخ التواريخ بالدرجة الاُولى لكونها أكمل ، ورمزنا لها برمز «ت» ثم على نسخة مكتبة السيّد المرعشي التي تقدّم ذكرها برقم (1) آنفاً لكونها أقدم ، ورمزنا لها برمز «ب» و حذفنا الحكم المتكرّرة من فصل الألف واللام لعدم الجدوى في إثباتها ، وأثبتنا ما تفرّدت بها إحدى النسختين ، وأرجعنا ما لم يكن في محلّه إلى بابه وفصله مع الإشارة إلى ذلك ما اشتبه عليه بين الضاد والظاء أو بين لا الناهية ولا النافية وغيرهما .
و أعطينا كل حكمة رقماً للتسلسل العام من أوّل الكتاب إلى آخره ، وعرضنا كافّة أحاديثه على كتاب غرر الحكم للآمدي فأصبح كالمصدر للتصحيح، وراجعنا سائر المصادر مثل نهج البلاغة والخصال وبحار الأنوار وكتب اللغة، ثمّ أعربنا أحاديثها ووضعنا الحركات المناسبة ليجي ء الكتاب بشكل جميل يليق بشأنه فأسأل الله القبول وهو وليّ التوفيق .

رمضان المبارك 1418
حسين الحسني البيرجندي


الهامش 


(1) راجع ترجمته في فهرست منتجب الدين : 53 / 99 ، رياض العلماء : 2 / 165 .
(2) الصحيح فيه : مباهج المهج في مناهج الحجج لقطب الدين الكيدري ، وهو أبو الحسن محمد بن الحسين البيهقي النيسابوري ، من أعلام القرن السادس ، له شرح نهج البلاغة سمّاه حدائق الحقائق في تفسير دقائق أفصح الخلائق ، فرغ منه سنة 576 ، طبع في الهند في ثلاث مجلّدات ، بتحقيق العلاّمة الشيخ عزيز الله العطاردي ، وله الحديقة الأنيقة ، وأنوار العقول في أشعار وصيّ الرسول ، جمع فيهما أشعار أميرالمؤمنين عليه السّلام .
ومباهج المهج فارسيّ في سير النبيّ والأئمة من عترته صلوات الله عليه وعليهم ، منه نسخة في مكتبة آية الله الكلبايكاني في قم ، رقم 2125 ، ذكرت في فهرسها ج 3 ص 169 ، ونسخة في مكتبة المسجد الأعظم في قم ، رقم 2 ، ذكرت في فهرسها ص 386 ، وقد لخصّه وزاد عليه أبو سعيد الحسن بن الحسين الشيعي السبزواري ، من أعلام القرن الثامن ، وسمّاه بهجة المباهج ، ونسخه شائعة منها نسخة في جامعة طهران ، رقم 968 ، كتبت سنة 935 ، منها في بوهار ، وكمبريج ، وبودليان ، والمكتب الهندي في لندن وغيرها ، راجع فهرس المنزوي للمخطوطات الفارسيّة ج 6 ص 442 .

الصفحة اللاحقة

 طباعة

عيون الحكم والمواعظ

مقدمة الناشر