[ 1 ]

اليقين

باختصاص مولانا على (عليه السلام) بامرة المؤمنين

ويتلوه

التحصين

لأسرار ما زاد من أخبار كتاب اليقين

تأليف الورع التقي السيد رضى الدين علي بن الطاووس الحلي

589 - 664 ه‍ ق

 

مؤسسة الثقلين لاحياء التراث الاسلامي

مؤسسة دار الكتاب (الجزائري) للطباعة والنشر

شارع ارم - قم - ايران - تليفون 24568 تحقيق: الأنصاري


[ 2 ]

بسم الله الرحمن الرحيم

مؤسسة الثقلين لاحياء التراث الاسلامي كافة الحقوق محفوظة ومسجلة

اسم الكتاب: اليقين والتحصين

المؤلف: السيد رضي الدين علي بن الطاووس

المحقق: الانصاري

الناشر: مؤسسة دار الكتاب (الجزائري)

تاريخ النشر: الأولى ربيع الثاني 1413 ه‍.ق

العدد: 2000 نسخه

المطبعة: نمونه مؤسسة دار الكتاب للطباعة والنشر شارع ارم - قم - ايران - تليفون 24568


[ 3 ]

 

كلمة المؤسسة

منذ أن اكشتف الإنسان موهبة الكتابة واصبح قادرا على تسجيل أفكاره وأمنياته وضبطها عن الضياع والنسيان، حدثت انعطافة أساسية في حياته، إذ تمكن بعدئذ من نقل أفكاره وتجاربه وآماله إلى الأجيال المتعاقبة من بني نوعه بكل اطمئنان وثقة..

فكل هذه التطورات الحضارية والمبادلات الثقافية - التي حصلت على مر العصور - لم تحدث إلا بفضل ما تناقلته الكتب في الأوساط الإجتماعية حتى اعطت الإنسان وعيا في فكره وحركة في جوارحه وأثمرت له تقدما ورقيا وحضارة رفيعة..

ولا زال الكتاب اليوم يحتل الصدارة في لائمة وسائل الاعلام وعوامل التربية والتثقيف في المجتمعات الإنسانية..

وإذا كان للكتاب أهميته بحيث لولاه لما وصل الإنسان إلى حضارته اليوم، فانه ينبغي لنا أن نهتم بالكتب التراثية إذ أنها المرآة التي تعكس لنا حياة اولئك الماضين وتمكننا من قراءة أفكارهم والتعرف على آمالهم وآلامهم والإستفادة من تجاربهم ومن ثم نقل هذه الآراء والتجارب إلى الأجيال القادمة..

من هذا المنطلق كانت فكرة تأسيس مركز يهتم بقضايا تتعلق بالكتاب


[ 4 ]

التراثي تحقيقا ودراسة..

وإخراجه إلى عالم النور بحلة قشيبة تليق به..

وبما أن الكتب التراثية - كما وكيفا - عالم شاسع، قد ارتأى المركز الذي يحمل عنوان (مؤسسة الثقلين - لأحياء التراث الإسلامي) ان رسالة هذه المؤسسة تختص بكتب التراث الإسلامي، وبالتحديد فهي تهدف إلى إحياء التراث الدفين في رفوف المكتبات مما كتب عن القرآن وعلومه وعن العترة الطاهرة من أهل بيت الرسول صلى الله عليهم أجمعين.

والمؤسسة تتقبل أي كتاب تراث تمس الحاجة الإجتماعية الحاضرة لأحيائه..

وان هذه المبادرة الخيرة من أصحاب الفكر والعلم هي باقة تشجيعية تقدم منهم إلى مؤسستهم هذه..

والجدير بالذكر أن هناك مراكز ومؤسسات عديدة، وشخصيات علمية قديرة، سبق لها أن فتحت هذا الطريق وتقدمت في مسيرتها الفنية العلمية حتى أنتجت - بإخلاص - أعمالا قيمة تقدر لأصحابها، ونما أن العمل التحقيقي شاق وصعب فان الكثير من كبت التراث التي خرجت محققة هي بحاجة إلى إعادة تحقيق ثانية..

من هنا، فان هذا العمل - الذي يعتبر من الأعمال الأساسية في عالم الثقافة والمعرفة - بحاجة ماسة إلى التعاون وتبادل الآراء والمعلومات، وكذا النقد البناء حتى يضمن التقدم والرقي بإستمرار.

وإذ تقدم المؤسسة إلى قرائها الكرام النتاج التحقيقي لكتابي (اليقين...) و (التحصين..) والذي يمثل أول خطوة لها في هذا الطريق، ترجو العلي القدير التوفيق والقبول، انهم نعم المجيب.

1409 ه‍

مؤسسة الثقلين

لأحياء التراث الإسلامي


[ 5 ]

الإهداء

ما أحق كتابنا هذا أن نقدمه هدية إلى من ألف باسمه وصدر لأجله وحقق في ولائه:

أمير المؤمنين

وإمام المتقين

ويعسوب الدين

متضرعين إلى مقام قدسه، قائلين:

(يا أيها العزير، مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة، فاوف لنا الكيل، وتصدق علينا، ان الله يجزي المتصدقين).

المحققان


[ 7 ]

 

تمهيد

بسم الله الرحمن الرحيم

نحمدك اللهم على ما مننت علينا من نور الهدى والمنجى من الردى، محمد سيد المرسلين صلى الله عليه وآله، وانعمت علينا اليقين بالتحصين بولاية أمير المؤمنين وعترته الأنوار الباهرة الطاهرين صلواتك عليهم اجمعين، وألهمتنا البراءة من اعدائهم بالحجج القاهرة إلى يوم الدين.

وبعد، فإن من أهم المسؤوليات التي خص الله تعالى بها العلماء الربانيين هي الدفاع عن حريم دينه والذب عن الوجهة العلمية الدينية المتمثلة في القرآن العظيم وكلمات الرسول الكريم وائمة الدين الاثني عشر صلوات الله عليهم أجمعين، والقيام أمام كل من يريد إلقاء الشبهة أو إيجاد البدعة في دين الله.

واختيار الله جل جلاله العلماء لهذه المسؤولية الباهضة يرجع إلى إقتدائهم بأنبياء الله ورسله الذين جعلوا هذا الواجب نصب أعينهم وصرفوا أعمارهم في سبيله.

فالعلماء ورثة الأنبياء في ذلك، فيما لو عقدوا العزم على القيام بهذه المهمة، وهم المصابيح في ظلمات عصر الغيبة حينما يغتنم اعداء الإسلام الفرصة للقضاء على كيان الدين واستئصال جذوره، فانهم عند ذلك يستضاء بانوار علماء الدين ويفر الخفافيش من وهج أنوارهم وبهم ينفي عن دين الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين.

يقول الإمام أبو جعفر محمد الباقر عليه السلام: (العالم كمن معه


[ 8 ]

شمعة تضئ للناس، فكل من أبصر شمعته دعا له بخير...) (1).

وبما أن الأمر الذي يدافعون عنه يرجع إلى أهم ما يتصور من الأمور وهو سعددة الدنيا والآخرة وما هو غاية الخلقة والشريعة، فلا يقاس التسامح فيها بالتسامح في الدفاع عن الأموال والأنفس فإن هذا دفاع عن دنياهم وذلك دفاع عن دنياهم وآخرتهم معا.

كما أنه لا يقاس الدفاع عن العقائد الدينية بالدفاع عن الآراء والنظريات العلمية الدنيوية، فإن نهاية البحث في مسائل الدين تنجر إلى الآخرة والسعادة الأبدية على العكس مما في الآراء الملقاة في العلوم الدنيوية في مثل الطب والكيميا وامثالهما.

وحينئذ لا يبقى مجال السكوت للعلماء قبال المضلين والمبتدعين، وهذه هي مسيرة علمائنا الأبرار منذ العصور الأولى من تاريخ ديننا كمثل سلمان وأبي ذر والمقداد واضرابهم ممن قاوموا كل من أراد هدم الإسلام أو النيل من مبادئه وأحكامه.

فهم بعد ما كانوا مشتغلين ببسط معارف الدين كانوا بمرصد من المهاجمين على معالمه وكانوا من قبل يستعدون لهذه المهمة.

يقول الإمام أبو عبد الله الصادق عليه السلام: (علماء شيعتنا مرابطون بالثغر الذي يلي إبليس وعفاريته، ويمنعونهم عن الخروج على ضعفاء شعيتنا وعن أن يتسلط عليهم إبليس وشيعته النواصب.

ألا فمن انتصب لذلك من شيعتنا كان أفضل ممن جاهد الروم والترك والخزر ألف ألف مرة، لأنه يدفع عن أديان محبينا وذلك يدفع عن ابدانهم) (2).

ويقول الإمام أبو جعفر الجواد عليه السلام: (من تكفل بأيتام آل محمد


(1) البحار: ج 2 ص 4 ب 8 ح 7.

(2) البحار: ج 2 ص 5 ب 8 ح 8.

 


[ 9 ]

المنقطعين عن إمامهم المتحيرين في جهلهم، الأسرار في أيدي شياطينهم وفي أيدي النواصب من اعدائنا فاستنقذهم منهم وأخرجهم من حيرتهم وقهر الشياطين برد وساوسهم وقهر الناصبين بحجج ربهم ودليل أئمتهم ليفضلون عند الله تعالى على العباد بأفضل المواقع بأكثر من فضل السماء على الأرض والعرش والكرسي والحجب على السماء....) (3).

ويقول الإمام الصادق عليه السلام: (من كان همه في كسر النواصب عن المساكين من شيعتنا الموالين لنا أهل البيت، يكسرهم عنهم ويكشف عن مخازيهم ويبين عوراتهم ويفخم أمر آل محمد صلوات الله عليهم، جعل الله همه املاك الجنان في بناء قصوره....) (4).

ويقول الإمام أبو الحسن موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام: (من أعان محبا لنا على عدو لنا فقواه وشجعه حتى يخرج الحق الدال على فضلنا بأحسن صورة ويخرج الباطل الذي يروم به اعدائنا في دفع حقنا على أقبح صورة حتى يتنبه الغافلون ويستبصر المتعلمون ويزداد في بصائرهم العالمون بعثه الله يوم القيامة في أعلى منازل الجنان) (5).

* * *

 

الجهات الإيجابية في التبليغ:

وفي هذا المضمار، ربما يتصدى العلماء والمحدثون للجهة الإيجابية، فيعرضون ثروات الإسلام العلمية الدينية أمام الرأي العام العالمي عامة ليعلم عند الموازنة منزلة ديننا وعلو شأنه بالإضافة إلى ساير الأديان.

فترى كل عالم من علمائنا المجاهدين في ميادين العلم والمعرفة يستفرغ وسعه ويبذل قصارى جهوده لملأ الفراغ الموجود في هذا المجال ونشر معارف أهل البيت عليهم السلام التي تقدر أن تملأ الكون بمفاخرها.


 (3) البحار: ج 2 ص 6 ب 8 ح 11.

(4) البحار: ج 2 ص 10 ب 8 ح 19.

(5) البحار: ج 7 ص 226 ب 8 ح 143.

 


[ 10 ]

فهذا شيخ المحدثين المتقدمين الشيخ أبو جعفر الكليني وشيخ المحدثين المتأخرين العلامة المجلسي، لما رأوا أحاديث الأئمة المعصومين عليهم السلام في معرض الزوال لعروض الحوادث وصعوبة جمعها وتحصيلها لتفرقها في الأصول وغيرها، شمرا عن ساق الجد والإجتهاد وجمعها كل منهما في كتاب واحد: (الكافي) الذي هو كاف للشيعة و (بحار الأنوار) الذي هو مدينة الحكم والآثار.

وهذا الشيخ الصدوق الذي جمع الأخبار وصنفها اصنافا لطيفة ألف في كل موضوع كتابا مثل (من لا يحضره الفقيه) و (علل الشرايع) و (ثواب الأعمال) و (اكمال الدين) و (عيون الأخبار).

وكذلك ساير علمائنا رضوان الله عليهم أجمعين كانوا حريصين على أداء وظيفتهم في الجهة الإيجابية من تبليغ دين الله القويم.

* * *

 

الإتجاهات الدفاعية في التبليغ:

ثم أن اداء المسؤولية الدينية للعالم قد يكون بالإتجاه الدفاعي أمام ما يصادم كيان وما يتعرض لأصوله ومبادئه الشريفة على حد قول الله تعالى: * (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب فاؤلئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون) * (6)، وعلى حد قول رسول الله صلى الله عليه وآله: (إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العالم علمه، فان لم يفعل فعليه لعنة الله) (7).

فالعالم الديني يدافع حينئذ عن حوزة الدين ويذب عن ثغوره اشد الذب ويعرض نفسه للخطر تجاه السهام الواردة نحو الاسلام، فيجاهد بعلمه في سبيل العقيدة والدفاع عن مبادئ الإسلام ورد المهاجمين عليه.

ولذلك نماذج كثيرة في التاريخ الإسلامي كسلمان وأبي ذر والمقداد وميثم التمار ورشيد الهجري


 (6) سورة البقرة: الآية 159.

(7) البحار: ج 2 ص 72 ب 12 ح 35.

 


[ 11 ]

والحجر بن عدي وسليم بن قيس وزرارة ومحمد بن مسلم وابن أبي عمير وفضل بن شاذن وكالشيخ المفيد والسيد المرتضى والشيخ الطوسي وسيدنا المؤلف والشهيدان الأول والثاني والعلامة الحلي والمجلسي وغيرهم ممن جاء ذكر تضحياتهم في هذا الصعيد في كتب التاريخ.

فهؤلاء وأمثالهم جعلوا نفوسهم وأموالهم وكل كيانهم غرضا لمرامي اعداء الدين فأصابهم من سهامهم ما خلد اسمائهم في كتب العلم وعند الله في كتاب محفوظ.

* * *

 

المناظرات :

ثم أن أكثر ما استخدموه في طريق هذا الدفاع هو المناظرات وتأليف الكتب.

أما المناظرات فهي من أقدم الأساليب المستعملة منذ عصور الأئمة عليهم السلام وإلى زمان الشيخ المفيد والسيد المرتضى والشيخ الطوسي والعلامة الحلي، ومنها مناظرته المعروفة في مجلس السلطان التي أدت إلى هداية بلاد ايران إلى مدرسة أهل البيت عليهم السلام والتمسك بهم وصار التشيع مذهبا رسميا في البلاد.

والمناظرة طريقة مأخوذة عن كتاب الله الكريم وعن سيرة الرسول والأئمة المعصومين عليهم السلام فانظر كتاب (الاحتجاج) للشيخ الطبرسي، فقد جمع فيه احتجاجات رسول الله وفاطمة الزهراء وأمير المؤمنين والأئمة الاحد عشر من ولدهما صلوات الله عليهم أجمعين.

ويكفينا أن نذكر كلام الشيخ المفيد في كتابه (العيون والمحاسن) في ذلك حيث يقول: (أخطأت المعتزلة والحشوية فيما ادعوه علينا من خلاف أهل مذهبنا في استعمال المناظرة، وأخطأ من ادعى ذلك من الامامية أيضا وتجاهل، لأن فقهاء


[ 12 ]

الامامية ورؤسائهم في علم الدين كانوا يستعملون المناظرة ويدينون بصحتها وتلقى ذلك عنهم الخلف ودانوا به.

وقد أشبعت القول في هذا الباب وذكرت اسماء المعروفين بالنظر وكتبهم ومدائح الأئمة عليهم السلام لهم، في كتابي (الكامل في علوم الدين) وكتاب (الاركان في دعائهم الدين) (8).

* * *

 

تأليف الكتب :

أما تأليف الكتب تجاه المضلين والمبتدعين والمشبهين، فلما لم تكن ظروف المناظرة في كل الأزمان مهيأة، فان أكثر علمائنا كتبوا كتبا في الرد على فرقة ضالة أو شخص مضل، وحتى في الرد على شخص مجهول عسى أن يوجد فيفق شبهة.

فهناك كتب كثيرة ألفت على سبيل المناظرة، وخوطب به شخص مجهول واعدت الأجوبة فيه ليوم ما.

ولعل أول من أقدم على ذلك هو الفضل بن شاذان من أصحاب الرضا والجواد والعسكريين عليهم السلام في كتابه (الإيضاح) وساير كتبه.

وتبعه الشيخ المفيد في كتابه (أوائل المقالات) و (المسائل الصاغانية)، إلى غير ذلك من كتب علمائنا رحمهم الله.

 

الدفاع عن جميع مسائل الدين :

وبما أن الأمر الذي يدافعون عنه يرجع إلى الدفاع عن الله تعالى، فقد ترى علمائنا يقدمون بالمهمة عندما يواجهون من يريد القاء شبهة على الاعتقادات الدينية أو يطعن في مسائله أو يكتب شيئا في إبطال مسائله بزعمه أو من يعلن عن تحديه في المناظرات.

وتراهم يحسون بواجبهم بمجرد أن سمعوا كلاما أو مقالا أو رأوا كتابا في الرد على التوحيد أو تحريفه بمعنى غير مستقيم أو سمعوا شيئا في مسألة النبوة والإمامة أو ساير أمور الشريعة التى يرجع انكاره إلى تكذيب المعصوم وبالتالي


 (8) العيون والمحاسن: ص 133. وقد انعقد العلامة البياضي في كتابه (الصراط المستقيم): ج 3 ص 53 ب 13، بابا في المجادلة لنصرة دين الله.

 


[ 13 ]

يرجع إلى تكذيب الله تعالى.

وبما أن أمور الدين كسلسلة متلاحقة لا يتصور التفريق بينها فالواجب الذي يتحسسه علمائنا في الدفاع عن دين الله تجاه هجمات الأعداء علميا أو عمليا أو اعلاميا على شئ من ثغور الدين لا يفرقون فيه بين المسائل، فقد عرفوا مثلا أن من تسامح في مسألة علم الغيب أو إيمان أبي طالب أو أمثالهما فقد تسامح في الجميع، فان دين الله مجموعة واحدة بأى جانب منه أصابت سهام اعداء الإسلام فقد أضر بكيان جمعيه.

فقد قاموا تجاه الملحدين أو اليهود أو النصارى أو الخوارج أو المبتدعين الذين لبسوا لباس الإسلام والتبسوا الأمر على الناس.

فهناك الأشاعرة والمعتزلة، فان علمائنا كانوا يذبون عن كيان الاسلام قبال هؤلاء المتحرفين، فهذه كتب الشيخين المفيد والطوسي والسيد المرتضى والعلامة الحلي في الرد عليهم.

ولقد قاسوا جهدهم حتى جروهم إلى زواية الخمول وبقوا لا يعبأ بآرائهم من قبل جمهور المسلمين.

وهناك الصوفية الذين قام المقدس الأردبيلي والعلامة المجلسي في وجوههم في أوج قدرتهم، فخذلاهم وسقطا إسمهم عن ديوان الإسلام.

* * *

نتائج الدفاع :

والدافع الذاتي لعلمائنا في ذلك كله هو الحب والبغض في الله الذين هما مخ الدين واصله.

فهذا هو الذي كان يدفع علمائنا إلى الإجابة على شبهات المنحرفين والرد على مغالطات المبتدعين والمضلين.

1 - سد باب الضلال والإضلال لئلا يغتر الجهال أو من لا يتمكن من الرد والجواب فينخدع بهذه الشبهات، أو يرجع عنها ويتوب لو افتتن بها.

2 - عودة معتنقي الشبهة من غير أهل الحق إلى الحق، ويكون ذلك سببا


[ 14 ]

لتنبه المستضعفين إذا لم يكونوا معاندين، كما قال صلى الله عليه وآلة: (يا علي، لأن يهدي الله على يديك رجلا خير لك مما طلعت عليه الشمس...) (9).

3 - سد طريق العدو المهاجم وحسم مادة الفساد، لئلا يجرأ على التكشيك في بقية المعتقدات.

4 - التحفظ على كرامة الدين الإجتماعية وعرضه على المجتمعات البشرية والمحافل العملية المختلفة كدين جامع صلب الأركان قوي البرهان خاليا عن أي شبهة قادرا على الرد على الأعداء، كما قال صلى الله عليه وآله: (الإسلام يعلو ولا يعلى عليه).

5 - قطع مادة البدعإ والضلال والمنع عن سرايتها إلى الأجيال الآتية.

وهذه الجهة مهمة جدا، فان كثيرا من الحقائق صارت عرضة للإضمحلال والإندراس بسبب استصغار العلماء بشأنه أو بشأن الاعداء في حقه أو التساهل والتسامح في رد المهاجمين وأهل البدع.

نذكر من ذلك مسألة (الشعائر الحسينية)، فلو لم يكن الإهتمام بها لزالت ولسري الشك في كل ما يرجع إليه حتى أصل وجود الإمام الحسين عليه السلام في قبال يزيد لعنه الله، و ما جرى من المصيبة في كربلاء على يد هذا الفاجر، فان الاعداء كانوا يرمون محو هذا الشعار الذي هو الركن في بقاء الإسلام.

ولولا اهتمام علمائنا بمسألة (الغدير) وتأليف الكتب والردود ودوام الإحتجاجات المستمرة طيلة القرون لما كان يبقى من المسألة أثر كما يشهد التاريخ بانكار المسالة في أوان امر الإسلام.

ولولا الأوامر الأكيدة الصادرة عن الأئمة عليهم السلام وحثهم وتحريصهم للشيعة على (زيارة قبورهم عليهم السلام)، وقيام الشيعة اثر


 (9) سفينة البحار: ج 2 ص 700.

 


[ 15 ]

علمائنا بهذا الشعار المقدس أحسن قيام طول التاريخ (10)، لزال هذا الشعار وانقلب إلى أمر ممنوع لاهتمام اعداء الاسلام على محاربته بكل أنواع الحرب العلمية والإعلامية والعملية.

* * *

كلمات العلماء في الإتجاهات الدفاعية

وليعلم المسلم أن أعداء الإسلام يبدؤن أمرهم بالسؤال فيتدرجون إلى الشك ثم إلى الاعتراض، وينتي إلى الهجوم العنيف إذا رأوا ضعفا أو تساهلا من جانب أهل الحق.

وذلك من طبيعة النفس البشرية حيث يمكن إيقاع الحقيقة القطعية تحت السؤال بالقاء شبهة واحدة، ثم يتكلم في الشبهة ويضخمها حتى تصير إشكالا، فيتحول اليقين ظنا ثم يتنازل إلى الشك.

ولقد علم علمائنا ذلك واجتهدوا بحسب امكانهم في الرد على الشبهة في أول المراحل كي لا تنمو مادته فيضل عدة من الخلق.

وفي هذا المجال نرى أن نذكر نماذج من مسيرة العلماء في هذا الميدان وليكن تذكرتنا بذلك شكرا منا تجاه سعيهم المشكور من عند الله ورسوله ومن عند الأئمة الطاهرين عليهم السلام.

قال الشيخ الصدوق في كتابه (اكمال الدين): (إن الذي دعاني إلى تصنيفي هذا أني لما قضيت وطرى من زيارة مولانا الإمام أبي الحسن الرضا صلوات الله عليه رجعت إلى نيشابور وأقمت فيها، فوجدت أكثر المختلفين إلى من الشيعة قد حيرتهم الغيبة ودخلت عليهم في أمر القائم عليه السلام الشبهة وعدلوا عن طريق الحق...) (11).


 (10) انظر كتاب (تاريخ النياحة) للشهرستاني.

(11) اكمال الدين: ص 3.

 


[ 16 ]

وقال الشيخ المفيد في كتابه (أوائل المقالات): (فاني بتوفيق الله ومشيته مثبت في هذا الكتاب ما آثر اثباته من فرق بين الشيعة والمتزلة، وفصل مابين العدلية من الشيعة ومن ذهب إلى العدل من المعتزلة، والفرق ما بينهم وما بين الإمامية فيما اتفقوا عليه من خلافهم فيه من الاصول...

ليكون أصلا معتمدا فيما يمتحن للإعتقاد) (12) وقال في كتاب (الجمل): (سئلت أن أورد لك ذكر الإختلاف بين أهل القبلة بالبصرة...

فإن كل كتاب صنف في هذا الفن قد تضمن اخبار تلتبس معانيها على جمهور الناس...) (13).

وقال في رسالته (الفصول العشرة في اثبات الحجة عليه السلام): (... وبعد فإني قد حللت من الكلام في وجوب الإمامة وتخصيص مستحقيها عليهم السلام بالعصمة.... واوضحت عن فساد مذهب المخالفين في ذلك) (14).

وقال السيد المرتضى علم الهدى في كتابه (الشافي): (سئلت ايدك الله تتبع ما انطوى عليه الكتاب المعروف بالمغنى من الحجاجح في الإمامية، واملاء الكلام على الشبهة بغاية الاختصار..... وقد كنت عزمت عند وقوع الكتاب في يدي على نقض ما اختص منه بالامامة على سبيل الإستقصاء...) (15). وقال في كتاب (الإنتصار):


 (12) أوائل المقالات: ص 2.

(13) كتاب الجمل: ص 18.

(14) الفصول العشرة: ص 2.

(15) الشافي: ص 1.

 


[ 17 ]

(اني ممتثل ما رسمته.... من بيان المسائل الفقهية التي شنع بها على الشيعة الامامية وادعى عليهم مخالفة الإجماع) (16).

وقال الشيخ الطوسي في (التهذيب): (ذاكرني بعض الاصدقاء باحاديث من أصحابنا أيدهم الله وما وقع فيها من الاختلاف والتباين والمنافاة والتضاد حتى جعل مخالفونا ذلك من أعظم الطعون على مذهبنا وتطرقوا بذلك إلى إبطال معتقدنا...

حتى دخل على جماعة ممن ليس لهم قوة قي العلم ولا بصيرة بوجوه النظر ومعاني الألفاظ شبهة، فالاشتغال بشرح كتاب يحتوي على...

من أعظم المهمات في الدين ومن أقرب القربات إلى الله) (17).

وقال في كتاب (المبسوط): (فاني لا أزال اسمع معاشر مخالفينا من المتفقهة والمنتسبين إلى علم الفروع يستحقرون اصحابنا الامامية...

وينسبونهم إلى قلة الفروع وقلة المسائل، وان من ينفي القياس والاجتهاد لا طريق له إلى كثرة المسائل....

وهذا جهل منهم بمذاهبنا وقلة تأمل لأصولنا....) (18).

وقال الشيخ أبو العباس النجاشي في (الفهرست): (أما بعد فاني وقفت على ما ذكره السيد الشريف من تعيير قوم من مخالفينا أنه لا سلف لكم ولا مصنف، وهذا قول من لا علم له بالناس...

وقد جمعت من ذلك ما استطعته) (19).

وهذا هو الذي دعا صاحب (الذريعة)، العلامة الشيخ آغا بزرگ الطهراني إلى تصنيفه هذه الموسوعة القيمة لبيان تصانيف الشيعة.

يقول العلامة


 (16) الانتصار: ص 2.

(17) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 2.

(18) المبسوط: ص 1.

(19) رجال النجاشي: ص 1


[ 18 ]

الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء في مقدمة الذريعة: (كان من المؤسف أن مآثر علماء الامامية لا تزال مجهولة حتى لأهل العلم من ابنائها فضلا عن عوامها وعامة أخيارها من سائر الملل والمذاهب....

إلى أن بعث الله روح الهمة والنشاط....

فجاء بكتاب جمع فاوعى بعد أن تكلف مشقة الاسفار وجاب الأقطار وصرف كثيرا من عمره الشريف في الفحص والتنقيب في المكتبات المشهورة) (20).

وقال العلامة الحلي في كتابه (الألفين): (أوردت فيه من الأدلة اليقينية والبراهين العقلية والنقلية ألف دليل على إمامة سيد الوصيين علي بن أبي طالب عليه السلام وألف دليل أخرى على إبطال شبه الطاعنين) (21).

وقال في اول كتابه إثبات الوصية: (... وبعد فانه ذكر لي بعض الفضلاء الصالحين والعلماء الورعين ان جماعة من الجهلاء تحلوا بحلى العارفين وتسربلوا بسربال العالمين وتظاهروا بكلمات المتفقهين وتصنعوا بصنايع المكلفين ويا ليتهم قنعوا بجهلهم واعترفوا بصور عقلهم ونقلهم حتى انكروا وصية سيد المرسلين وأظهروا ذلك للمطيعين والمريدين.

هذا ولم يتنبهوا إلى ان وصيته (ص) قد تواترت بها الاخبار وتقررت في الكتب والآثار ودونت فيها الأشعار ولم يتفطنوا إلى أن ذلك من صفات المخالفين وعلامات الجاحدين.

فدعاني ذلك إلى أن أكتب شيئا يظهر فساد ما أنكروه وبطلان ما أظهروه).


 (20) الذريعة: ج 1 ص 1.

(21) الألفين: ص 1.

 


[ 19 ]

وقال في كتابه (نهج الحق): (لما كان ابناء هذا الزمان ممن استغواهم الشيطان الا الشاذ القليل الفائز بالتحصيل، حتى انكروا كثيرا من الضروريات واخطأوا في معظم المحسوسات وجب بيان خطأهم لئلا يقتدي غيرهم بهم فتعم البلية جميع الخلق....

وانما وضعنا هذا الكتاب خشية لله ورجاء ثوابه وطلبا للإخلاص من اليم عقابه بكتمان الحق وترك ارشاد الخلق) (22).

وقال القاضي نور الله التستري الشهيد في (احقاق الحق) الذي هو شرح لكتاب (نهج الحق): (لما وصل ذلك الكتاب (أي نهج الحق) الذي لا ريب فيه إلى نظر الفضول السفيه المعدود في خفافيش ظلمة العمى وخوافيه (فضل بن روزبهان) خلع العذار...

وها أنا بتوفيق الله أنبه على بطلان ما أورده على المصنف العلامة...

وأبين أنه من الجهل في بحر عميق) (23).

وقال القاضي الشهيد في كتابه (الصوارم المهرقة) الذي صنفه ردا على (الصواعق المحرقة): (ان الشيخ الجاهل الجامد الحامل الزجاج الكامل في نقص الفطرة وسوء المزاج، أبو المدر بن الحجر الثاني، الذي نشأ في حجر رخام الإنحراف وبرام الإعوجاج وراج بمشاركة اسم الحافظ العسقلاني بعض الرواج، قد اظهر في مقام إيراد الشبهة والإحتجاج غاية الحماقة واللجاج....

وسيكشف لك ضوء ما قابلناه به من الصوارم المهرقة...) (24).

وقال مير حامد حسين الهندي في كتاب (عبقات الإنوار) الذي صنفه في الرد على (التحفة الاثني عشرية):


 (22) نهج الحق: ص 37.

(23) أحقاق الحق: ج 1 ص 16.

(24) الصوارم المهرقة: ص 2.

 


[ 20 ]

(إن هذا هو المنهج الثاني من كتابي المسمى بعبقات الأنوار في اثبات الائمة الاطهار عليهم السلام الذى نقضت فيه على الباب السابع من التحفة العزيزية وبالغت في الذب عن ذمار الطريقة الحقة العلمية) (25).

وقال في اول كتابه استقصاء الافحام: (الحمد لله الذي سددنا لاصابة خصل السبق في استقصاء افحام المعاندين الحائدين عن الدين المجترحين ذلا وخسارا، ووفقنا لحيازة قصب الشف في نقض منتهى كلام المخالفين الزائغين عن الحق واليقين المقترفين قماءة وصغارا، وصيرنا نستأصل شأفة الماردين بارهاف شبى الحجج والبراهين اللامعة انوارا ونلحب المنهج الابلج ونزهق الباطل اللجلج الجالب على المبطلين خزيا وبوارا وننضر غصون عساليج الحق الابهج وننكس هوادي الخائضين في ديماس العصب الاسمع الاعوج المورث اياهم خسفا وشنارا ونؤيد بالبيان الفصيح الحق الصريح ونصير هفواء الناكبين كرماد اشتدت به الريح ونرجو بذلك امنا وقرارا).

وقال الشيخ محمد حسن المظفر في كتابه (دلائل الصدق) الذي صنفه جوابا عن ابطال الباطل الذي صنفه فضل بن روزبهان: (وبعد فاني لما سعدت بالنظر الى كتاب (نهج الحق وكشف الصدق)...

وقد رد عليه فاضل الأشاعرة... الفضل بن روزبهان، وأجاب عنه سيدنا الشريف الحاوي لمرتبة السعادة والعلم والشهادة، السيد نور الله الحسيني، فجاء وافيا شافيا...

لكني احببت أن اقتدي به واصنف غيره عسى أن أفوز مثله بالأجر والشهادة) (26).


 (25) عبقات الأنوار: ج 1 ص 2.

(26) دلائل الصدق: ج 1 ص 3.

 


[ 21 ]

وقال العلامة السيد شرف الدين في كتابه (النص والإجتهاد).

(رأيت بكل أسف بعض ساسة السلف وكبرائهم يؤثرون اجتهادهم في ابتغاء المصالح على التعبد بظواهر الكتاب والسنة ونصوصها الصريحة...

وإليك في كتابنا هذا (النص والإجتهاد) من موارد تأولهم للنصوص واجتهادهم في إثار المصلحة عليها) (27).

وقال السيد محسن الأمين العاملي في كتابه (نقض الوشيعة): (فمن ذلك كتاب اطلعنا عليه في هذه الأيام يسمى (الوشيعة) في نقض عقائد الشيعة، ليس في اسمه مناسبة سوى مراعاة السجع....

ولقد كان بالاعراض عنها أحق لولا انتشارها واضرارها، فاضطرتنا الحال إلى نقضها وبيان ما فيها من الخلل والفساد) (28).

وقال الشيخ عبد الجليل القزويني في كتابه المعروف ب‍ (بعض مثالب النواصب): (أنه ألف كتاب جديد سموه ب‍ (بعض فضائح الروافض) يقرء في محافل الكبار وبمحضر من الصغار على طريق التشنيع...

إلى أن وصل إلي نسخة من ذلك الكتاب فتأملت فيه و...) (29).

وهذا كتاب (الغدير) للعلامة الاميني العظيم، الذي صنفه في مسألة (الغدير) وابطل كل شبهة حوله، وهو رحمه الله مع جهده المشكور في ذلك حينما يصل إلى أي موضوع شنع بها على أهل الدين أو أي بدعة أبتدعوها في دين الله أقدم في المطلب بكل ما عنده ويخرج منه فاتحا لم يدع شيئا حول المطلب.

شكر الله مساعيه الجملية التي افنى عمره الشريف في سبيلها وفدى بكل ما عنده في طريقها.


 (27) النص والاجتهاد: ص 83.

(28) نقض الوشيعة: ص 2.

(29) مثالب النواصب: ص 2.

 


[ 22 ]

هذه نماذج ذكرناها ليعلم أن من سيرة علمائنا الأبرار وفي رأس وظائفهم الذب عن حريم الدين والقيام امام كل من يريد تضعيف الإسلام والقاء الشبهة أو البدعة فيه.

* * *

 

سيدنا المؤلف في إتجاهاته الدفاعية

وفي هذا المضمار فان سيدنا المؤلف من أشد المدافعين عن حريم الدين في شءى الجهات ومن المجاهدين في سبيل إحياء أمر أهل البيت عليهم السلام كما سيأتي بيانه في ترجمته انشاء الله.

ويكفي في اهتمامه بهذا الشأن تأليفه هذين الكتابين الممثلين أمام القارئ بالإضافة إلى كتاب مفقود سنبحث عنها، كلها جوابا عما قرع سمعه من شبهة واحدة ألقاها بعض المخالفين وانكر تسمية رسول الله صلى الله عليه وآله لمولانا علي عليه السلام ب‍ (أمير المؤمنين) في حياته.

فالسيد - بعد ما تجاوز عمره السبعين وخلال السنين الثلاثة الأخيرة من عمره الشريف - لما سمع ما ادعاه الرجل احس بالتكليف الواجب ورآه في أهم وظائفه التى كانت تحيط به، وهو المرجع الكبير للشيعة والزعيم لعلمائها في زمانه، فقدمه على ساير ما يهم عند غيره واشتغل بتأليف هذه الكتب الثلاثة لرد تشنيع الرجل على أمر ربما لا يدرك أهميته كثير ممن لا يعرف أسس الدين وأوصل الإسلام.

والذي دعا السيد إلى هذا الإهتمام هو الدفاع عن مذهب الشيعة الذين هم تلاميذ مدرسة أهل البيت عليهم السلام والدفاع عن الإمام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، بل الدفاع عن الرسول الأعظم حيث كذب الرجل نبي الله فانه انكر تسميته صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام ب‍ (أمير المؤمنين).

 


[ 23 ]

والظاهر أن المنكر هو ابن ابي الحديد المعاصر للسيد المؤلف حيث صرح بذلك في شرح نهج البلاغة: ج 1 ص 12.

وله مزيد الشكر حيث أقام في وجه الشبهة في أول مرحلة من القائها، فحسم مادته الفاسدة في بدء أمرها وختم على فم كل من كان يريد ابتاعه.

فلله الحمد على نصرة دينه ونصرة أمير المؤمنين عليه السلام حيث لم تفش هذه الشبهة بجهد سيدنا المؤلف الجليل في هذا الصعيد.

ومما نلفت نظر القارئ إليه أن صاحب الشبهة شكل في صدور التسمية والتلقيب بهذا اللقب من عند رسول الله صلى الله عليه وآله في حياته، ولكن المؤلف قدم أتم البحث حول الموضوع فأثبت تسميته عليه السلام بذلك من الله تعالى عند ابتداء الخلق وانه تعالى أخذ مواثيق الأنبياء على أنه عليه السلام (أمير المؤمنين)، واثبت أن الله عز وجل سماه بذلك ليلة الإسراء وسماه بذلك جبرئيل.

وان رسول الله صلى الله عليه وآله أمر من حضره من الصحابة المسلمين بالتسليم على علي عليه السلام بامرة المؤمنين، بل اثبت أن الشمس وبعض الحيوانات بل الجمادات خاطبته بهذا اللقب بأمر الله تعالى.

ثم أضاف ما يدل على إختصاصه عليه السلام بهذا اللقبب وحرمة تسمية غيره به وخطابه بذلك، حتى أن رسول الله وساير الأئمة الأحد عشر عليهم السلام من خلفائه لم يجز تسميتهم بخصوص هذا اللقب وان كانوا جميعهم امراء الخلق.

وبالجملة فقد أدى سيدنا المؤلف حق المطلب وانتهى فيه منتهى مداه.

***

ومن الجدير بالذكر أن الشيخ المحدث الجليل أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم الغضائري المتوفي 411 ه‍ كان قد ألف كتابا سماه (كتاب التسليم على أمير المؤمنين عليه السلام بإمرة المؤمنين)، ذكره النجاشي في رجاله: 51.

كما أن أكثر مؤلفي الكتب المؤلفة في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام وإثبات إمامته خصوا بابا بالموضوع نفسه.

بحوث حول كلمة امير المؤمنين ونحن نغتنم الفرصة ونقتفي أثر هذا السيد العظيم ونتبرك بذكر بعض ماله دخل في الموضوع فنقول: ان لمولانا علي بن أبي طالب عليه السلام شؤون ومقامات وفضائل فوق مستوى العقول، وكونه عليه السلام اميرا للمؤمنين مما من الله به على المؤمنين فاختصهم بأمير مثل علي بن أبي طالب صلوات الله عليه.

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله في حديث: (والله ما سمي المؤمن مومناً إلا كرامة لأمير المؤمنين عليه السلام).[ نفحات: ص 74 ].

 

وجه تخصيص هذا اللقب بعلي بن أبي طالب عليه السلام

والله تعالى أعلم بعلة اختصاص هذا اللقب به عليه السلام، ولكن يحتمل على ما يستفاد من الأحاديث أن يكون من وجوه هذا الاختصاص: (أنه كان في علم الله تعالى أن غاصبي منصب علي بن أبي طالب عليه السلام يسندون هذا المنصب إلى أنفسهم ويسمون أنفسهم بذلك ويستفيدون من قداسة هذا اللقب، فاختصه تعالى به وحكم بكفر من لقب


[ 24 ]

نفسه به قبل أن يجئ هؤلاء.

ولعل الغاصبين أيضا تعرضوا لنفس هذا الإسم لما عرفوا من القداسة والمعنى التام الذي يستفاد من هذا اللقب على لسان الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله).

ونكتفي هنا بكلام العلامة المجلسي رحمه الله، يقول: (لا شك منصف في تواتر الأخبار المنقولة من طرق الخاصة والعامة باسنيد جمة مختلفة...

ولا في كونها نصا في إمامته وخلافته لأنه إذا كان (أمير المؤمنين) في حياة الرسول (ص) وبعد وفاته من قبل الله ورسوله فيجب على الخلق اطاعته في كل ما يأمرهم به وينهاهم عنه.

وذلك عام لجميع المؤمنين لدلالة الجمع المحلي باللام على العموم، وهذا هو معنى الإمامة الكبرى والرياسة العظمى، لا سيما مع انضمامه في أكثر الأخبار إلى نصوص أخرى صريحة وقرائن ظاهرة لا تحتمل غير ما ذكرنا.

فمن هداه الله إلى الحق فهذا عنده من أوضح الأمور ومن لم يجعل الله له نور فماله من نور) (1).

* * *

عدم جواز تسمية غير على بن أبي طالب عليه السلام بأمير المؤمنين :

وحيث لم يكن تبويب الكتاب حسب الموضوع فقد أورد السيد المؤلف الروايات الدالة على اختصاص هذا اللقب بمولانا علي بن أبي طالب عليه السلام وحرمة تسمية غيره به في أبواب شتى، فلنذكر بعض ما ذكره وبعض ما لم يذكره من أحاديث الباب ليتم البحث حول الموضوع: 1 - الفحام عن المنصوري عن عم أبيه عن أبي الحسن الثالث عن آبائه


 (1) البحار: ج 37 ص 339 آخر الباب 54.

 


[ 25 ]

عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (لما اسرى بي إلى السماء كنت من ربي كقاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلي ربي ما أوحى، ثم قال: يا محمد، اقرء (علي بن أبي طالب أمير المؤمنين) فما سميت به أحدا قبله ولا أسمى بهذا أحدا بعده) (2).

2 - قال النبي صلى الله عليه وآله: لما أسري بي إلى السماء ثم من السماء إلى سدرة المنتهي قال الله تعالى: (قد اخترت لك عليا فاتخذه لنفسك خليفة ووصيا ونحلته علمي وحلمي وهو أمير المؤمنين حقا لم ينلها أحد قبله وليست لأحد بعده) (3).

3 - عن إبن عباس قال: كنا جلوسا مع النبي صلى الله عليه وآله إذ دخل علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: السلام عليك يا رسول الله.

فقال: وعليك السلام يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ! فقال علي عليه السلام: تدعوني بأمير المؤمنين وأنت حي يا رسول الله ؟ ! فقال: نعم وانا حي، وإنك - يا علي - مررت بنا أمس وأنا وجبرئيل في حديث ولم تسلم، فقال جبرئيل: ما بال أم ير المؤمنين مر بنا ولم يسلم ؟ ! أما والله لو سلم لسررنا وردنا عليه...

فقلت: يا جبرئيل، كيف سميته أمير المؤمنين ؟ فقال: كان الله تعالى أوحى إلى في غزوة بدر (أن أهبط إلى محمد ومره أن يأمر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أن يجول بين الصفين، فإن الملائكة يحبون أن ينظروا إليه وهو يجول بين الصفين).

فسماه الله تعالى من السماء أمير المؤمنين ذلك اليوم.

فأنت - يا علي - أمير من في السماء وأمير من في الأرض وأمير من مضى وأمير من بقي.

فلا أمير قبلك ولا أمير بعدك، لأنه لا يجوز أن يسمى بهذا الإسم من لم يسمه الله تعالى به.

[ مائة منقبة لابن شاذان: المنقبة 26 ].

4 - قال رسول الله صلى الله عليه وآله في خطبة حجة الوداع: (الا


 (2) البحار: ج 37 ص 290 عن أمالي الشيخ ص 185.

(3) اليقين: الباب 22.

 


[ 26 ]

وان الله تعالى قال وإني أقول عن الله: (انه ليس أمير المؤمنين غير أخي ولا تحل إمرة المؤمنين لاحد بعدي غيره) (4).

5 - دخل إبن عدي الطائي على الحسن بن علي عليهما السلام فقال: (بالله يا أمير المؤمنين يسعك ترك معاوية).

فغضب عليه السلام غضبا شديدا حتى احمرت عيناه ودرت أوداجه وسكبت دموعه، فقال: (ويحك يا حجر، تسميني بإمرة المؤمنين ؟ ! وما جعلها لي ولا لأخي ولا لأحد ممن يأتي إلا أمير المؤمنين وحده خاصة.

أوما سمعت جدي رسول الله صلى الله عليه وآله قال لأبي: إن الله سماك بإمرة المؤمنين ولا يشرك معك في هذا الإسم أحد.

فما يتسمى به غيرك وإلا فهو مأفون في عقله ومأفون (خ ل: مأبون) في ذاته.

فانصرف حجر وهو يستغفر الله.

فمكث أياما ثم عاد عليه فقال: (السلام عليك يا مذل المؤمنين) ! فضحك عليه السلام في وجهه وقال له: (والله يا حجر، إن هذه الكلمة أسهل علي وأسر إلى قلبي من كلمتك الأولى) ! [ الهداية الكبرى للحسين بن حمدان الحضيني (مخطوط): ص 40 ].

6 - عن أبي جعفر الباقر عليه السلام في حديث: (...لم يسم بها والله بعد علي أمير المؤمنين إلا مفتر كذاب إلى يوم الناس هذا) (5).

7 - عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام في حديث ذكر أنه صلى الله عليه وآله أمر قوما - منهم أبو بكر وعمر وعثمان - أن يسلموا على علي عليه السلام بامرة المؤمنين، ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: (ان هذا اسم نحله الله عليا عليه السلام ليس هو إلا له) (6).

8 - قال رجل للصادق عليه السلام (أمير المؤمنين).

فقال: مه ! فانه لا يرضى بهذه التسمية أحد إلا ابتلاه الله ببلاء أبي جهل (7).


 (4) اليقين: الباب 127.

(5) اليقين: الباب 110.

(6) اليقين: الباب 117.

(7) البحار: ج 37 ص 334.

 


[ 27 ]

أورد في البحار: ج 19 ص 224 عن سيرة ابن هشام في ذكر ا جرى في غزوة بدر: أن عتبة بن ربيعة خطب خطبة فغاظ أبا جهل قوله وقال له: (جبنت وانتفخ سحرك...) فقال (له عتبة): (يا مصفرا إسته...) ! قال إبن الأثير في النهاية: في حديث بدر قال عتبة لأبي جهل: (يا مصفرا إسته) رماه بالابنة وانه كان يزعفر إسته ! ! 9 - عن محمد بن إسماعيل الرازي، عن رجل سماه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: دخل رجل على أبى عبد الله عليه السلام فقال: (السلام عليك يا أمير المؤمنين) فقام على قدميه فقال: مه ! هذا اسم لا يصلح إلا لأمير المؤمنين سماه به، ولم يسم به أحد غيره فرضي به إلا كان منكوحا وان لم يكن به ابتلى وهو قول الله في كتابه (إن يدعون من دونه إلا إناثا وان يدعون الا شيطانا مريدا) (8).

قال: قلت: فماذا يدعي به قائمكم ؟ قال: يقال له: (السلام عليك يا بقية الله، السلام عليك يابن رسول الله) (9).

10 - قال رجل لجعفر بن محمد عليهما السلام: تسلم على القائم بإمرة المؤمنين ؟ قال: لا، ذلك إسم سماه الله أمير المؤمنين، لا يسمي به أحد قبله ولا بعده إلا كافر.

قال: وكيف نسلم عليه، قال: تقول (السلام عليك يا بقية الله.[ تفسير فرات: ص 64 ].

11 - عن سلام بن المستنير عن أبي عبد الله عليه السلام: (لقد ستموا بإسم ما سمي الله به أحدا إلا علي بن أبي طالب عليه السلام وما جاء تأويله...).[ تفسير العياشي: ج 1 ص 181 ].

* * *


 (8) سورة النساء: الآية 117.

(9) البحار: ج 37 ص 331.

 


[ 28 ]

 

أول من تسمى بامير المؤمنين:

والآن نذكر أول من تسمى بهذا الإسم ثم تبعه عليها من خلفه: ألف - أول من لقب به نفسه هو أبو بكر، حيث أرسل إلى علي بن أبي طالب عليه السلام للبيعة، وإليك نص الحديث: (فارسل إليه أبو بكر: أجب خليفة رسول الله.

فاتاه الرسول فقال له ذلك.

فقال له علي عليه السلام: سبحان الله ما اسرع ما كذبتم على رسول الله، إنه ليعلم ويعلم الذين حوله أن الله ورسوله لم يستخلفا غيري.

وذهب الرسول فاخبره بما قال له.

قال: إذهب فقل له أجب (أمير المؤمنين أبا بكر) ! فاتاه فاخبره بما قال.

قال له علي عليه السلام: (سبحان الله، ما والله طال العهد فينسى، فوالله انه ليعلم ان هذا الإسم لا يصلح الا لي، ولقد أمره رسول الله وهو سابع سبعة فسلموا علي بامرة المؤمنين.

فاستفهم هو وصاحبه عمر من بين السبعة فقالوا: أحق من الله ورسوله ؟ فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وآله: نعم حقا من الله ورسوله أنه أمير المؤمنين وسيد المسلمين وصاحب لواء الغر المحجلين، يقعده الله يوم القيامة على الصراط فيدخل أوليائه الجنة واعدائه النار.

فانطلق الرسول فاخبره بما قال.

قال: فسكتوا عنه يومهم ذلك...) (10).

وفى حديث آخر قال عليه السلام في الجواب: (كذب والله، انطلق إليه فقل له: لقد تسميت باسم ليس لك، فقد علمت أن أمير المؤمنين غيرك) (11).


 (10) البحار: ج 28 ص 261، ب 4 ح 45.الإمامة والسياسة لإبن قتيبة: ص 13.

(11) البحار: ج 28 ص 297 ب 4 ح 48.

 


[ 29 ]

ب - أول من لقب به عند الناس عامة وجعل له كلب رسمي هو عمر بن الخطاب وإليك النصوص في ذلك: 1 - اخرج الطبري في تاريخه بالإسناد عن حسان الكوفي، قال: لما ولي عمر قيل: يا خليفة خليفة رسول الله.

فقال عمر: هذا أمر يطول، كل ما جاء خليفة قالوا: يا خليفة خليفة خليفة رسول الله.

بل أنتم المؤمنون وانا أميركم، فسمي أمير المؤمنين (12).

2 - قال ابن خلدون في مقدمة تاريخه 6 اتفق ان دعا بعض الصحابة عمر (يا أمير المؤمنين)، فاستحسنه الناس واستصوبوه ودعوه به.

يقال: ان أول من دعا بذلك عبد الله بن جحش، وقيل: عمرو بن العاصي والمغيرة بن شعبة.

وقيل: بريد جاء بالفتح من بعض البعوث ودخل المدينة وهو يسأل عن عمر ويقول: أين أمير المؤمنين ؟ وسمعها اصحابه فاستحسنوه وقالوا: أصبت والله اسمه، انه والله أمير المؤمنين حقا ! فدعوه بذك وذهب لقبا له في الناس وتوارثه الخلفاء من بعده سمة لا يشاركهم فيها أحد سواهم إلا ساير دولة بني أمية...) (13).

3 - اخرج الحاكم في مستدركه من طريق ابن شهاب، قال: ان عمر بن عبد العزيز سأل أبا بكر بن سليمان بن أبي خيثمة: لأي شئ كان يكتب (من خليفة رسول الله) في عهد أبي بكر ؟ ثم كان عمر يكتب أولا (من خليفة أبي بكر)، فمن أول من كتب (من أمير المؤمنين) ؟.

فقال: حدثتني الشفا، وكانت من المهاجرات الأول: ان عمر بن الخطاب كتب إلى عامل العراق بأن يبعث إليه رجلين جلدين يسألهما عن العراق وأهله.

فبعث عامل العراق بلبيد بن ربيعة وعدي بن حاتم.

فلما قدما المدينة أناخا راحلتيهما بفناء المسجد، ثم دخلا المسجد فإذا هما بعمرو بن العاص


 (12) الغدير: ج 8 ص 86 عن تاريخ الطبري: ج 5 ص 22.

(13) الغدير: ج 8 ص 86 عن مقدمة ابن خلدون: ص 227.

 


[ 30 ]

فقالا: استأذن لنا يا عمرو على أمير المؤمنين.

فقال عمرو: انتما والله أصبتما إسمه، هو الأمير ونحن المؤمنون ! فوثب عمرو فدخل على أمير المؤمنين (أي عمر) فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ! فقال عمر: ما بدا لك في هذا الاسم يا بن العاص ؟ ربي يعلم لتخرجن مما قلت ! قال: ان لبيد بن ربيعة وعدي بن حاتم قدما فاناخا راحلتيهما بفناء المسجد، ثم دخلا علي فقالا لي: استأذن لنا يا عمر على أمير المؤمنين، فهما والله أصابا اسمك، نحن المؤمنين وانت أميرنا ! قال: فمضى به الكتاب من يومئذ (14).

قال العلامة الأميني: (فصريح هذه النقول أن عمر نفسه ما كانت له سابقة علم بهذا اللقب، لا عن رسول الله صلى الله عليه وآله ولا عن غيره، ولذلك استغربه وقال: ربي يعلم لتخرجن مما قلت، ولا كان عمرو بن العاصي يعلم ذلك ولذلك نسب الإصابة بالتسمية إلى الرجلين ونحت لهما من عنده ما يبررهما) (15).

روى الطبرسي ما كتبه سلمان من المدائن إلى عمر الخطاب، يقول فيه: (... لو كانت هذه الامة من الله خائفين ولقول نبيها متبعين وبالحق عالمين ما سموك أمير المؤمنين، فاقض ما أنت قاض) [ الاحتجاج: ص 71 ].

ج - ثم ان عثمان ومعاوية وجميع خلفاء بني امية وبني العباس تسموا بهذا الاسم وكانوا يخاطبون بها في جميع مخاطباتهم وحتى لو لم يسمهم أحد بذلك اسخطوا عليه واسجنوه وقد يضربون عنقه وقضوا على حياته، ولذلك نرى ائمتنا عليهم السلام واصحابهم الكرام يخاطبونهم بهذا الإسم اتقاء شرهم وحقنا لدمائهم.


 (14) الغدير: ج 8 ص 86، وذكر القصة في تاريخ الخلفاء: ص 94.

(15) الغدير: ج 8 ص 87.

 


[ 31 ]

ونكتفي هنا بذكر ما رواه الديلمي: قال رجل لعبد الملك بن مروان: أنا اناظرك وأنا آمن ؟ قال نعم...

قال: فبأي شئ سميت (أمير المؤمنين) ؟ ولم يؤمرك الله ولا رسوله ولا المسلمون ؟ قال له: اخرج عن بلادي وإلا قتلتك ! قال: ليس هذا جواب أهل اعدل والإنصاف، ثم خرج عنه.[ أعلام الدين: ص 329 ].

وكان ذلك مستمرا إلى آخر الخلافة العثمانية، وهم في ذلك كله خلفوا من أسس لهم البنيان وسن لهم هذه السنة وأجادوا في إتباعه. ولقد صدق عليهم ما ذكرنا من قول رسول الله والائمة الطاهرين عليهم السلام.

***

هذا ما أردنا الإقتصار عليه تميدا لما اراده السيد رحمه الله من تأليف كتابه وتتميما لما اورده من الأحاديث، لعل الله يهدي به من ضل عن السبيل ويقوي الإيمان في قلوب من آمن من قبل، إن شاء الله.