134 ـ الحمد لله الذي علا في توحّدهِ ودنا في تفرُّده وجلّ في سلطانه وعظم في اركانه ، وأحاط بكل شيء علماً وهو في مكانه ، وقهر جميع الخلق بقدرته وبرهانه ، حميداً لمن يزل محموداً لا يزال ومجيداً لا يزول ، ومبتدئاً ومعيداً وكُلَّ أمر اليه يعود .
بارئ المسموكات وداحي المدحوات وجبّار الأرضين والسماوات ، قدوس سبوح ، رب الملائكة والروح ، متفضّل على جميع من برأه ، متطوِّل على جميع من أنشأه ، يلحظ كلَّ عين والعيون لا تراه .
كريم حليم ذو أناة قد وسِعَ كلَّ شيء رحمته ، ومنَّ عليهم بنعمته ، لا يعجل بانتقامه ، ولا يبادر اليهم بما استحقوا من عذابه .
قد فهم السرائر وعَلِمَ الضمائر ، ولم تخف عليه المكنونات ولا اشتبهت عليه الخفيّات ، له الاحاطة بكلِّ شيء والغلبة على كلّ شيء ، والقوة في كلِّ شيء ، والقدرة على كلِّ شيء ، وليس مثله شيء وهو منشئ الشيء حين لا شيء ، دائم حي وقائم بالقسط لا إله إلاّ هو العزيزُ الحكيم .
جلَّ عن أنْ تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ،لا يلحقُ احد وصفه من معاينة ، ولا يجد أحد كيف هو من سر وعلانية إلاّ بمادلَّ عزّ وجلَّ على نفسه .
واشهدُ أنه الله الذي ملأَ الدَّهر قُدسُهُ ، والذي يغشى الأبد نوره ، والذي ينفذ أمره بلا مشاورة مشير ولا معه شريك في تقديره ولا يعاون في تدبيره .
صوَّر ما ابتدع على غير مثال ، وخلق ما خلق بلا معونة من أحد ولا تكلُّف ولا احتيال ، أنشأها فكانت وبرأها فبانت ، فهو الله الذي لا إله إلاّ هو المتقن الصنعة ، الحسن الصنيعة ، العدل الذي لا يجور ، والأكرم الذي ترجع إليه الأمور .