قال محمد بن أبي القاسم : هذا الخبر يدل على ان شيعة آل محمد ( عليهم السلام ) خيار امة محمد لأنهم أكثر خيرا لأهل بيته ورواة هذا الخبر كلهم ثقات العامة (1) .
5 ـ أخبرنا الشيخ المفيد علي الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي قراءة عليه في جمادى الاولى لسنة إحدى عشرة وخمسمائة بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، قال : حدثنا السعيد الوالد أبو جعفر الطوسي رضي الله عنهما ، قال : حدثنا الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الحارثي ، قال : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه ، قال : حدثني أبي عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن العباس بن معروف ، عن محمد بن سنان ، عن طلحة بن زيد ، عن جعفر بن محمد الصادق ، عن أبيه ، عن جده ( عليهم السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :
« ما قبض الله نبيا حتى أمره أن يوصي الى أفضل عترته من عصبته وأمرني أن اوصي فقلت : إلى من يا رب ؟ فقال : اوص يا محمد الى ابن عمك علي بن أبي طالب فاني قد أثبته في الكتب السابقة وكتبت فيها انه وصيك وعلى هذا (2) أخذت ميثاق الخلائق ومواثيق أنبيائي ورسلي أخذت مواثيقهم ( لي ) (3) بالربوبية ولك يا محمد بالنبوة ولعلي بن أبي طالب بالولاية (4) » (5) .
قال محمد بن أبي القاسم : فشيعة علي ( عليه السلام ) هم الموفون بعهد الله لولايتهم ولي الله دون غيرهم (6) فتخصيصهم بشارة الله في قوله : ( ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ) (7) والنجاة والفوز العظيم لهم دون غيرهم .
____________
(1) في « م » : روى هذه الخبر ثقات العامة .
(2) في التأويل على ذلك .
(3) ليس في « ط » .
(4) في « ط » : بالوصية .
(5) رواه الطوسي في أماليه 1 : 102 ، عنه البحار 15 : 18 و 26 : 271 و 38 : 111 ، أخرجه في تأويل الآيات 2 : 566 أقول : يأتي مثله في ج 2 : الرقم 24 عن الصدوق .
(6) في « م » : غيره .
(7) التوبة : 111 .

( 75 )

6 ـ حدثنا الزاهد طالب يحيى بن محمد بن الحسين الجواني الحسيني ( رحمه الله ) في داره بآمل لفظا وقراءة سنة ثمان أو تسع وخمسمائة ، قال : حدثنا السيد الزاهد أبو عبد الله الحسين بن علي بن الداعي الحسيني ، قال : حدثنا السيد الجليل أبو إبراهيم جعفر بن محمد الحسيني ، قال : أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ ، قال : حدثنا عبد العزيز بن عبد الملك الأموي ، قال : حدثنا سليمان بن أحمد بن يحيى ، قال : حدثنا محمد بن الربيع العامري ، قال : حدثنا حماد بن عيسى ، غريق الجحفة ، قال : حدثتنا طاهرة بنت عمرو بن دينار ، قالت : حدثني أبي ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :
« ان لكل نبي عصبة ينتمون إليها ، إلا ولد فاطمة فأنا وليهم وأنا عصبتهم وهم عترتي ، خلقوا من طينتي ، ويل للمكذبين بفضلهم من أحبهم أحبه الله ، ومن أبغضهم أبغضه الله » (1) .
قال محمد بن أبي القاسم : فهذا الخبر دليل على ان عترة محمد هم أولاد فاطمة ( عليها السلام ) دون غيرهم لأنه خصهم بذلك عليه وعليهم السلام .
7 ـ أخبرنا الشيخ الإمام الزاهد أبو محمد الحسن بن الحسين بن الحسن بن بابويه ( رحمه الله ) بقراءتي عليه في خانقانه بالري في المحرم سنة عشرة وخمسمائة ، قال : حدثنا الشيخ السعيد أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي ( رحمهم الله ) في ربيع الآخر سنة خمس وخمسين وأربعمائة املاء من لفظه بالمشهد المقدس بالغري على ساكنه أفضل السلام ، قال : أخبرنا الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ( رحمهم الله ) ، قال : أخبرني أبو محمد عبد الله بن محمد الأبهري ، قال : حدثنا علي بن أحمد الصباح ، قال : حدثني إبراهيم بن عبد الله ابن أخ عبد الرزاق ، قال : حدثني [ عمي ] (2) عبد الرزاق بن همام ، قال : حدثني أبي همام بن نافع ، قال : حدثني مينا مولى عبد الرحمن بن عوف الزهري قال : قال لي عبد الرحمان : يامينا ألا احدثك بحديث سمعته من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ قلت : بلى قال : سمعته يقول :
____________
(1) عنه البحار : 23 : 104 ، 43 : 230 .
(2) من أمالي الشيخ .

( 76 )

« أنا شجرة ، وفاطمة فرعها ، وعلي لقاحها ، والحسن والحسين ثمرها ومحبوهم من امتي ورقها » (1) .
8 ـ وجدت في كتاب أبي الفقيه أبي القاسم بن محمد رحمة الله عليه مكتوبا بخطه : حدثني الشيخ الحسن المتكلم ، قال : حدثنا أبو عمر أحمد بن محمد السناني (2) ، أخبرنا عبد الله بن عدي بجرجان ، حدثنا المفضل بن عبد الله بن محمد (3) ، حدثنا محمد بن يحيى بن ضريس الكوفي بفيد ، حدثنا إسماعيل بن سهل ، عن محمد بن علي ، عن قتادة ، عن سفيان الثوري . عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : قال النبي (4) ( صلى الله عليه وآله ) :
« خلق الناس من أشجار شتى وخلقت أنا وعلي بن أبي طالب (5) من شجرة واحدة ، فما قولكم في شجرة أنا أصلها ، وفاطمة فرعها ، وعلي لقاحها ، والحسن والحسين ثمارها ، وشيعتنا أوراقها ، فمن تعلق بغصن من أغصانها ساقه إلى الجنة ومن تركها هوى في النار » .
وقد نظم هذا الخبر ( في الشيعة ) (6) أبو يعقوب البصراني (7) فقال :

ياحبذا دوحــة في الخلـد نابتــة * ما مثلها أبدا نبتت في الخلد من شجر
المصطفــى أصلهـا والفرع فاطمة * ثم اللقــاح علي سيــد البشــر
والهاشميان سبطــاه لهــا ثمــر * والشيعة الورق الملتــف بالثمر (8)
هذا مقـال رسول الله جــاء بــه * أهل الرواية في العالـي من الخبر (9)
إني بحبهم أرجـو النجــاة غــدا * والفوز في زمرة من أفضل الزمر (10)

____________
(1) رواه الشيخ في أماليه 1 : 18 ، والمفيد في أماليه : 245 .
أقول : يأتي في ج 4 : الرقم 17 مثله .
(2) في « ط » : الساني .
(3) في « م » : الفضل بن عبد الله بن مخلد .
(4) في « م » : قال رسول الله .
(5) في « م » : خلقت انا وانت .
(6) ليس في « ط » .
(7) في « ط » : البصري .
(8) في « م » : سبطاها ، بالشجر .
(9) في « م » : حديث رسول الله ، أهل الرويات .
(10) في « م » : مع زمرة ، أحسن الزمر .

( 77 )

9 ـ أخبرنا الشيخ المؤيد أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي ( رحمه الله ) بمشهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بقراءتي عليه في سنة إحدى عشرة وخمسمائة ، قال : حدثنا السعيد الوالد ( رحمه الله ) ، قال : أخبرنا الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ، قال : أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن ، قال : حدثني أبي ، عن سعد بن عبد الله بن موسى ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله العزرمي ، قال : حدثنا المعلى بن هلال ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن عبد الله بن عباس قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول :
« أعطاني الله تبارك وتعالى خمسا وأعطى عليا خمسا ، أعطاني جوامع الكلم وأعطى عليا جوامع العلم ، وجعلني نبيا وجعله وصيا ، وأعطاني الكوثر وأعطاه السلسبيل ، وأعطاني الوحي وأعطاه الالهام ، وأسرى بي إليه وفتح له أبواب السماء والحجب حتى نظر إلي ونظرت إليه .
قال : ثم بكى رسول الله ، فقلت له : ما يبكيك فداك أبي وامي ؟ قال : يابن عباس ان أول ما كلمني به ربي عز وجل ، فقال (1) : يا محمد انظر [ الى ] (2) تحتك فنظرت الى الحجب قد انخرقت والى أبواب السماء قد فتحت ونظرت إلى علي وهو رافع [ إلي ] (3) فكلمني وكلمته ( وكلمني ربي ) (4) .
فقلت : يارسول الله ! بم كلمك ربك ؟ فقال : قال لي : يا محمد إني جعلت عليا وصيك ووزيرك وخليفتك من بعدك ، فاعلمه فهاهو يسمع كلامك ، فاعلمته وأنا بين يدي ربي عز وجل ، قال [ لي ] (5) : قد قبلت واطعت ، فأمر الله الملائكة أن تسلم عليه ففعلت ، فرد عليهم السلام ، ورأيت الملائكة يتباشرون به ، وما مررت بملائكة من ملائكة السماء إلا هنؤوني وقالوا : يا محمد ! والذي بعثك بالحق لقد دخل السرور على جميع الملائكة باستخلاف الله عز وجل لك ابن عمك ، ورأيت حملة
____________
(1) في أمالي الشيخ والبحار : ان قال .
(2) من التأويل .
(3) من الأمالي والتأويل .
(4) ليس في « م » ، وفي التأويل : بما كلمني .
(5) من الأمالي .

( 78 )

العرش قد نكسوا رؤوسهم إلى الأرض فقلت : يا جبرئيل ! لم نكس حملة العرش رؤوسهم ؟ فقال : يا محمد ! ما من ملك من الملائكة إلا وقد نظر إلى وجه علي بن أبي طالب استبشارا به ما خلا حملة العرش ، فانهم استأذنوا الله عز اسمه في هذه الساعة فأذن لهم أن ينظروا إلى علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فنظروا إليه ، فلما هبطت جعلت أخبره بذلك وهو يخبرني به ، فعلمت اني لم أطأ موطنا إلا وقد كشف ( لعلي ) (1) عنه حتى نظر إليه ، قال ابن عباس : فقلت يارسول الله ! أوصيني ، فقال : يابن عباس عليك بحب علي بن أبي طالب .
قلت : يارسول الله أوصني ، قال : عليك بمودة علي بن أبي طالب ، والذي بعثني بالحق نبيا لا يقبل الله من عبد حسنة حتى يسأله عن حب علي بن أبي طالب وهو تعالى اعلم ، فان جاء بولايته قبل عمله على ما كان منه ، وان (2) لم يأت بولايته لم يسأله عن شئ ، ثم امر به إلى النار ، يابن عباس ! والذي بعثني بالحق نبيا ان النار لأشد غضبا على مبغضي (3) علي منها على من زعم ان الله ولدا ، يابن عباس لو أن الملائكة المقربين والأنبياء المرسلين اجتمعوا على بغضه ، ولن يفعلوا ، لعذبهم الله تعالى بالنار .
قلت : يارسول الله ! وهل يبغضه أحد ؟ قال : يابن عباس نعم ، يبغضه قوم يذكرون أنهم من امتي ، لم يجعل الله لهم في الاسلام نصيبا ، يابن عباس ان من علامات بغضهم له تفضيلهم من هو دونه عليه ، والذي بعثني بالحق نبيا ما بعث الله نبيا اكرم عليه مني ولا وصيا اكرم عليه من وصيي علي ، قال ابن عباس : فلم أزل محبا له كما أمرني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ووصاني (4) بمودته وانه لاكبر (5) عملي عندي .
قال ابن عباس : ثم مضى من الزمان ما مضى ، وحضرت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الوفاة فحضرته ، فقلت : فداك أبي وامي يارسول الله قد دنا أجلك فما تأمرني ؟
____________
(1) ليس في « ط » .
(2) في « م » : من .
(3) في « ط » : مبغضي .
(4) في البحار : اوصاني .
(5) في « ط » : لاكرم .

( 79 )

فقال : يابن عباس ! خالف من خالف عليا ولا تكونن لهم ظهيرا ولا وليا ، فقلت : يارسول الله ! فلم لا تأمر الناس بترك مخالفته ؟
قال : فبكى ( صلى الله عليه وآله ) حتى اغمي عليه ، ثم قال : يابن عباس ! سبق فيهم علم ربي ، والذي بعثني بالحق نبيا لا يخرج أحد ممن خالفه من الدنيا وانكر حقه حتى يغير الله تعالى ما به من نعمة ، يابن عباس ! إذا اردت ان تلقى الله وهو عنك راض فاسلك طريقة علي بن أبي طالب ومل معه حيثما مال وارض به إماما وعاد من عاداه ووال من والاه ، يابن عباس احذر أن يدخلك شك فيه فان الشك في علي كفر بالله تعالى » (1) .
قال محمد بن أبي القاسم : هذا الخبر يدل على أن من يقدم على علي غيره ويفضل عليه أحدا فهو عدو لعلي وإن ادعى انه يحبه ويقول به فليس الأمر على ما يدعي ، ويدل أيضا على أن من شك في تقديمه وتفضيله (2) ووجوب طاعته وولايته محكوم بكفره ، وإن أظهر الاسلام واجري (3) عليه أحكامه ، ويدل أيضا على اشياء كثيرة لا يحتمل ذكرها هذا الموضع .
10 ـ أخبرنا الشيخ أبو علي الطوسي ، قال : أخبرنا السعيد الوالد ( رضي الله عنه ) قال : حدثنا محمد بن محمد ( رحمه الله ) ، قال : حدثنا الشريف الصالح أبو محمد الحسن بن حمزة الحسيني الطبري ، قال : حدثنا محمد بن الفضل بن حاتم المعروف بأبي بكر النجار الطبري الفقيه ، قال : حدثنا محمد بن عبد الحميد (4) ، قال : حدثنا داهر (5) بن محمد بن يحيى الأحمري ، قال : حدثنا المنذر بن الزبير ، عن أبي ذر الغفاري رحمه الله قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :
« لا تضادوا بعلي أحدا فتكفروا (6) ، ولا تفضلوا عليه أحدا فترتدوا » (7) .
____________
(1) رواه الشيخ في اماليه 1 : 104 ، عنه البحار 16 : 370 و 38 : 157 ، تأويل الآيات 1 : 277 .
(2) في « م » : تفضيله وتقديمه .
(3) في « ط » : جرى .
(4) في « ط » : محمد بن عبد الله الفقيه الحميد .
(5) في « ط » : زاهر .
(6) في « ط » : فتكفروا وتضلوا .
(7) رواه الشيخ في اماليه 1 : 153 .

( 80 )

11 ـ حدثني الشريف أبو البركات عمر بن ابراهيم بن حمزة الحسيني املاء من لفظه واصله بالكوفة سنة ست عشرة وخمسمائة ، واخبرني أبو غالب سعيد بن محمد بن أحمد الثقفي اجازة ، قالا : أخبرنا الشريف أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسين (1) بن عبد الرحمان العلوي فيما اجازه ان يرويه عنه ، قال : أخبرنا (2) أبو الطيب محمد بن الحجاج الجعفي ، قال : حدثنا زيد بن محمد بن جعفر العامري ، قال : حدثنا علي بن الحسين بن عبيد القرشي ، قال : حدثنا اسماعيل بن ابان الازدي ، عن عمرو بن ثابت ، عن ميسرة بن حبيب ، عن علي بن الحسين ( عليهما السلام ) قال :
« إنا يوم القيامة آخذون بحجزة نبينا ، وان شيعتنا آخذون بحجزتنا » (3) .
12 ـ أخبرنا الشيخ الامام أبو محمد الحسن بن الحسين بن بابوية قراءة عليه بالري سنة عشرة وخمسمائة ، قال : حدثنا السعيد أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي ، قال : حدثنا الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن حبيش الكاتب ، قال : أخبرني الحسن بن علي الزعفراني ، قال : أخبرني أبو اسحاق ابراهيم بن محمد الثقفي ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان ، قال ، حدثنا علي بن محمد بن أبي سعيد ، عن فضيل بن الجعد ، عن أبي اسحاق الهمداني ، قال :
لما ولى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) محمد بن أبي بكر مصر وأعمالها كتب له كتابا وأمره أن يقرأه على اهل مصر وأن يعمل بما (4) وصاه به فيه ، وكان الكتاب (5) :
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى اهل مصر ومحمد بن أبي بكر ، ( سلام عليكم ) (6) فاني احمد إليكم الله الذي لا اله إلا هو :
____________
(1) في « م » : الحسن .
(2) في « م » : حدثنا .
(3) يأتي في ج 3 : الرقم 42 ، وذكرنا هناك تخريجات الحديث .
(4) في « ط » : اوصاه .
(5) في « ط » : وكان الكتاب فيه .
(6) ليس في « ط » .

( 81 )

أما بعد فاني اوصيكم بتقوى الله فيما أنتم عنه مسؤولون واليه تصيرون ، فان الله تعالى يقول : ( كل نفس ذائقة الموت ) (1) ، ( كل نفس بما كسبت رهينة ) (2) ، ( ويحذركم الله نفسه والى الله المصير ) (3) ، ويقول : ( فوربك لنسألنهم أجمعين * عما كانوا يعملون ) (4) ، فاعلموا عباد الله أن الله عز وجل مسائلكم عن الصغيرة والكبيرة من اعمالكم ، فان يعذب فنحن أظلم وإن يعفو فهو ارحم الراحمين .
يا عباد الله ! ان أقرب ما يكون العبد الى المغفرة والرحمة حين يعمل لله بطاعته وينصحه في التوبة : عليكم بتقوى الله فانها تجمع من الخير ما لا خير غيرها (5) ، ويدرك بها من الخير ما لا يدرك بغيرها [ من ] (6) خير الدنيا ( وخير الآخرة ) (7) ، قال الله تعالى : ( وقيل للذين اتقوا ماذا انزل ربكم قالوا خيرا للذين احسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين ) (8) .
اعلموا عباد الله ان المؤمن يعمل لثلاث من الثواب : اما الخير (9) ، فان الله يثيبه بعمله في دنياه ، ( قال الله سبحانه لابراهيم ) (10) : ( وآتيناه أجره في الدنيا وانه في الآخرة لمن الصالحين ) (11) فمن عمل لله أعطاه أجره في الدنيا والآخرة وكفاه المهم فيهما ، وقال الله تعالى : ( يا عبادي الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين احسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة انها يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) (12) ، فما أعطاهم الله في الدنيا لم يحاسبهم به في الآخرة ، قال الله تعالى : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة ) (13) ، فالحسنى هي الجنة والزيادة هي الدنيا .
____________
(1) آل عمران : 185 .
(2) المدثر : 38 .
(3) آل عمران : 28 .
(4) الحجر : 92 ـ 93 .
(5) في « ط » : غيره ، وفي الامالي : فانها تجمع الخير ولا خير غيرها .
(6) من الامالي .
(7) ليس في « ط » .
(8) النحل : 30 .
(9) في امالي الصدوق : اما لخير الدنيا ، وفي « ط » : اما الخير .
(10) ليس في « ط » .
(11) العنكبوت : 27 .
(12) الزمر : 10 .
(13) يونس : 26 .

( 82 )

[ واما لخير الآخرة ] (1) فان الله تعالى يكفر بكل حسنة سيئة ، قال الله تعالى : ( ان الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ) (2) ، حتى إذا كان يوم القيامة حسبت لهم حسناتهم ثم أعطاهم بكل واحدة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، قال الله تعالى : ( جزاء من ربك عطاء حسابا ) (3) ، وقال : ( اولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون ) (4) ، فارغبوا في هذا ـ يرحمكم الله ـ واعملوا له وتحاضوا عليه .
واعلموا يا عباد الله ان المتقين حازوا عاجل الخير وآجله ، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم ، وأباحهم الله من الدنيا ما كفاهم وبه أغناهم ، قال الله عز وجل : ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون ) (5) .
سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت ، أكلوا بأفضل ما أكلت ، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم فأكلوا معهم من طيبات ما يأكلون ، وشربوا بأفضل ما يشربون ، ولبسوا من أفضل ما يلبسون ، وتزوجوا من افضل ما يتزوجون ، وركبوا من أفضل ما يركبون ، اصابوا لذة الدنيا [ مع اهل الدنيا ] (6) ، وهم غدا جيران الله يتمنون عليه فيعطيهم ما تمنوا ، لا ترد لهم دعوة ولا ينقص لهم نصيب من اللذة .
فإلى هذا يا عباد الله يشتاق من كان له عقل ويعمل بتقوى الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، يا عباد الله إن اتقيتم الله وحفظتم نبيكم في أهل بيته فقد عبدتموه بأفضل ما عبد وذكرتموه بأفضل ما ذكر ، وشكرتموه بأفضل ما شكر ، وأخذتم بافضل ( الصبرو ) (7) الشكر ، واجتهدتم بأفضل الاجتهاد ،
____________
(1) اضفناه من الغارات تتميما للمعنى .
(2) هود : 114 .
(3) النبأ : 36 .
(4) سبأ : 37 .
(5) الاعراف : 32 .
(6) من الامالي .
(7) ليس في « ط » .

( 83 )

وإن كان غيركم أطول منكم صلاة وأكثر منكم صياما ، فأنتم أتقى لله عز وجل منه وأنصح لاولي الأمر » (1) .
قال محمد بن أبي القاسم : الحديث طويل لكني اخذته الى هاهنا ، لأن غرضي كان في هذه الألفاظ لانها بشارة حسنة لمن خاف واتقى وتولى أهل المصطفى ، والخبر بكماله اوردته في كتاب الزهد والتقوى .
13 ـ أخبرنا الشيخ الامام المفيد أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي بالمشهد المقدس بالغري على ساكنه السلام في سنة إحدى عشرة وخمسمائة بقراءتي عليه ، قال : حدثنا السعيد الوالد ، قال : أخبرنا الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ( رحمهم الله ) ، قال : أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي ، قال : حدثنا القاسم بن محمد الدلال (2) ، عن سبرة بن زياد ، عن الحكم بن عتيبة (3) ، عن حنش (4) بن المعتمر ، قال :
دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فقلت : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته كيف أمسيت ؟ قال : « أمسيت محبا لمحبنا ومبغضا لمبغضنا ، وأمسى محبنا مغتبطا برحمة من الله كان ينتظرها ، وأمسى عدونا يؤسس بنيانه على شفا جرف هار ، فكأن ذلك الشفا قد انهار به في نار جهنم ، وكأن ابواب الرحمة (5) قد فتحت لأهلها فهنيئا لأهل الرحمة رحمتهم والتعس لأهل النار والنار لهم .
يا حنش من سره ان يعلم أمحب لنا أم مبغض فليمتحن قلبه فإن كان يحب
____________
(1) رواه الشيخ في اماليه 1 : 24 ، اورده في الغارات 1 : 233 ، تحف العقول : 176 ، امالي المفيد : 137 ، النهج باب الكتب تحت الرقم : 27.
(2) في امالي المفيد : القاسم بن محمد الدلال ، قال : حدثنا اسماعيل بن محمد المزني ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا أبو الحسن التميمي .
(3) في « ط » : عينيه .
(4) في « ط » و « م » : الحسن ، ما اثبتناه من امالي المفيد .
(5) في امالي المفيد : ابواب الجنة .

( 84 )

وليا لنا (1) فليس بمبغض لنا وإن كان يبغض وليا لنا فليس بمحب لنا ، ان الله تعالى أخذ الميثاق لمحبنا بمودتنا وكتب في الذكر اسم مبغضنا ، نحن النجباء وافراطنا افراط الأنبياء » (2) .
14 ـ حدثنا السيد الزاهد أبو طالب يحيى بن محمد بن الحسين الجواني سنة تسع وخمسمائة في داره بآمل ، قال : حدثنا السيد أبو عبد الله الحسين بن علي الداعي (3) الحسيني ، قال : حدثنا السيد أبو ابراهيم جعفر بن محمد الحسيني (4) ، قال : أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ ، قال : حدثنا أبو محمد علي بن محمد الحسيني بمرو ، قال : حدثنا محمد بن موسى الشامي ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد التميمي (5) قال : حدثنا اسماعيل بن عمرو البجلي ، عن الأجلح ، عن حبيب بن أبي ثابت (6) ، عن عاصم بن ضمرة (7) ، عن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قال : أخبرني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :
« ان اول من يدخل الجنة انا وانت وفاطمة والحسن والحسين ، قلت : يارسول الله فمحبونا ؟ قال ( صلى الله عليه وآله ) : من ورائكم » .
15 ـ أخبرنا الشيخ أبو محمد الحسن بن الحسين بن بابوية بقراءتي عليه في خانقانه بالري سنة عشرة وخمسمائة ، قال : حدثنا الشيخ السعيد أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي سنة خمس وخمسين واربعمائة ، قال : أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان البغدادي ( رحمهم الله ) ، قال : أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمان ، عن كليب بن معاوية الاسدي ، قال : سمعت ابا عبد الله جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) يقول :
____________
(1) في امالي المفيد : ولينا .
(2) رواه المفيد في اماليه : 333 ، والشيخ في اماليه 1 : 112 و 277 ، عنه البحار 23 : 106 . أقول : يأتي في ج 3 : الرقم 28 .
(3) في « م » : بن الداعي .
(4) في « م » : الحسني .
(5) في « م » : التيمي .
(6) في « م » : ابي ثابت .
(7) في « م » : عاصم عن ضمرة .