27 ـ عن محمد بن جعفر ، عن جده قال :
« افتقد رسول الله عليا فاغتم لذلك غما شديدا ، فلما رأت ذلك خديجة قالت : يارسول الله أنا أعلم لك خبره ، فشدت على بعيرها ثم ركبت فلقيت علي بن أبي طالب ، فقالت له : أركب فان رسول الله مغتم ، فقال : ما كنت لأجلس في مجلس زوجة النبي بل امضي فاخبري رسول الله ، قالت خديجة : فمضيت فأخبرت رسول الله ، فإذا هو قائم يقول : اللهم فرج همي بأخي علي ، فإذا بعلي قد جاء فتعانقا قالت خديجة : ولم أكن أجلس إذا كان رسول الله قائما فما افترقا متعانقين حتى ضربت على أقدامي » .
28 ـ قال : حدثني أبو عبد الله محمد بن خليلان ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن عتاب بن أسيد ، قال :
« سمعت جماعة من أهل المدينة يقولون : ولد الرضا علي بن موسى ( عليهما السلام ) بالمدينة يوم الخميس لاحدى عشر ليلة خلت من ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين ومائة من الهجرة ، بعد وفاة أبي عبد الله ( عليه السلام ) بخمس سنين ، وتوفي بطوس في قرية يقال لها : سناباد من رستاق نوقان ، ودفن في دار حميد بن قحطبة الطائي في القبة التي فيها قبر هارون الرشيد إلى جانبه مما يلي القبلة ، وذلك في شهر رمضان لتسع بقين منه يوم الجمعة سنة ثلاث ومائتين ، وقد تم عمره تسعا وأربعين سنة وستة أشهر ، منها مع أبيه موسى بن جعفر ( عليه السلام ) تسعا وعشرين سنة وشهرين ، وبعد أبيه أيام إمامته عشرين سنة وأربعة أشهر .
وأقام بالأمر وله تسع وعشرون سنة وشهران ، وكان في أيام إمامته بقية ملك الرشيد ، ثم ملك بعد الرشيد محمد المعروف بالأمين وابن زبيدة ثلاثة سنين وخمسة وعشرين يوما ، ثم خلع الأمين وأجلس عمه إبراهيم بن شكلة أربعة عشر يوما ، ثم أخرج محمد بن زبيدة من الحبس وبويع له ثانية وجلس في الملك سنة وستة أشهر وثلاثة عشر يوما ، ثم ملك عبد الله المأمون عشرين سنة وثلاثة وعشرين يوما .


( 337 )

فأخذ البيعة لعلي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) بعهد المسلمين من غير رضاه وذلك بعد أن تهدده بالقتل وألح عليه مرة بعد اخرى في كلها يأبى عليه أشرف من تأبيه على الهلاك ، فقال ( عليه السلام ) :
اللهم إنك قد نهيتني عن الالقاء بيدي الى التهلكة ، وقد أشرفت من قبل عبد الله المأمون على القتل متى لم أقبل ولاية عهده ، وقد أكرهت واضطررت كما اضطر يوسف ودانيال ( عليهما السلام ) إذ قبل كل واحد منهما الولاية من طاغية زمانه ، اللهم لا عهد إلا عهدك ولا ولاية لي إلا من قبلك فوفقني لإقامة دينك وإحياء سنة نبيك ، فانك أنت المولى والنصير ونعم المولى ونعم النصير .
ثم قبل ( عليه السلام ) ولاية العهد من المأمون وهو باك حزين على ان لا يولي أحدا ولا يعزل أحدا ولا يغير إسما ولا سنة ، وان يكون في الأمر مشيرا من بعيد فأخذ المأمون له البيعة على الناس الخاص منهم والعام ، فكان متى ما ظهر للمأمون من الرضا فضل وعلم وحسن تدبير حسده على ذلك وحقد عليه حتى ضاق صدره فغدر به فقتله بالسم ومضى إلى رضوان الله وكرامته » (1) .
29 ـ قال : حدثنا محمد بن جعفر بن محمد ( عليه السلام ) قال : حدثنا أبي أبو عبد الله ، قال المجاشعي ، وحدثناه الرضا علي بن موسى ، عن أبيه موسى ، عن أبيه أبي عبد الله جعفر بن محمد ، عن آبائه ، عن علي ( عليه السلام ) قال :
« سلوني عن كتاب الله ، فوالله ما نزلت آية من كتاب الله عز وجل في ليل ولا نهار ولا مسير ولا مقام إلا وقد أقرأنيها رسول الله وعلمني تأويله ، فقام ابن الكوا ، فقال : يا أمير المؤمنين فما كان ينزل عليه من القرآن وأنت غايب عنه ؟ فقال : كان يحفظ على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ما كان ينزل عليه من القرآن وأنا عنه غايب حتى أقدم عليه فيقرأنيه ويقول لي : يا علي أنزل الله علي بعدك كذا وكذا وتأويله كذا وكذا ، فيعلمني تنزيله وتأويله » .
30 ـ قال : حدثنا عبد الله بن هشام ، قال : حدثنا أبو الحسن علي بن موسى بن
____________
(1) رواه الصدوق في عيون الأخبار 1 : 19 ، عنه البحار : 49 : 131 .
( 338 )

جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن آبائه ( عليهم السلام ) ، عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال :
« كان ملك الكروبين يقال له : فطرس وكان الله عز وجل بمكان فارسله برسالة فأبطأ فكسر جناحه فألقاه بجزيرة من جزائر البحر ، فلما ولد الحسين بن علي ( عليه السلام ) أرسل الله عز وجل جبرئيل في ألف من الملائكة يهنئون رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بمولود ويخبرونه بكرامته على ربه عز وجل ، فمر جبرئيل بذلك الملك ، فكان بينهما خلة ، فقال فطرس : يا روح الله الأمين أين تريد ؟
قال : ان هذا النبي التهامي وهب الله عز وجل له ولدا استبشر به أهل السماوات وأهل الأرض ، فارسلني الله تعالى إليه اهنيه وأخبره بكرامته على ربه عز وجل ، قال : هل لك أن تنطلق بي معك إليه يشفع لي عند ربه فانه سخي جواد ، فانطلق الملك مع جبرئيل ( عليه السلام ) فقال : ان هذا ملك من الملائكة الكروبين كان له من الله تعالى مكان فارسله برسالة فأبطأ فكسر جناحه وألقاه بجزيرة من جزائر البحر وقد أتاك لتشفع له عند ربك ، فقام النبي ( صلى الله عليه وآله ) فصلى ركعتين ودعا في آخرهن :
اللهم اني أسألك بحق كل ذي حق عليك وبحق محمد وأهل بيته ، أن ترد على فطرس جناحه وتستجيب لنبيك وتجعله آية للعالمين ، فاستجاب الله تعالى لنبيه ( صلى الله عليه وآله ) وأوحى إليه أن يأمر فطرس أن يمرر جناحه على الحسين ( عليه السلام ) ، فقال رسول الله لفطرس : امرر جناحك الكسير على هذا المولود ففعل فسبح فأصبح صحيحا ، فقال : الحمد لله الذي من علي بك يارسول الله ، فقال النبي لفطرس : أين تريد ؟ فقال : ان جبرئيل أخبرني بمصرع هذا المولود واني سألت ربي أن يجعلني خليفة هناك .
قال : فذلك الملك موكل بقبر الحسين ( عليه السلام ) ، فإذا ترحم عبد على الحسين أو تولى أباه أو نصره بسيفه ولسانه ، انطلق ذلك الملك الى قبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فيقول : ايتها النفس الزكية فلان بن فلان ببلاد كذا وكذا يتولى الحسين ويتولى أباه ونصره بلسانه وقلبه وسيفه ، قال : فيجيبه ملك موكل بالصلاة على النبي ان بلغه عن


( 339 )

محمد السلام وقل له : ان مت على هذا فأنت رفيقه في الجنة » (1) .
31 ـ قال : حدثنا جعفر بن عبد الله بن جعفر المحمدي ، قال : حدثنا عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبي رافع قال :
« كنت قاعدا بعد ما بايع الناس أبا بكر ، فسمعت أبا بكر يقول للعباس : أنشدك الله هل تعلم ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) جمع بني عبد المطلب وأولادهم وأنت فيهم وجمعكم دون قريش ، فقال : يا بني عبد المطلب انه لم يبعث الله تعالى نبيا إلا جعل له أخا ووزيرا ووصيا وخليفة في أهله ، فمن يوم منكم يبايعني على أن يكون أخي ووزيري ووصيي وخليفتي في أهلي ، فلم يقم منكم أحد ، فقال : يا بني عبد المطلب كونوا في الاسلام رؤوسا ولا تكونوا أذنابا والله ليقومن قائمكم وليكونن في غيركم ثم لتندمن ، فقام علي من بينكم فبايعه على شرط له ودعاه إليه ، أتعلم ذلك من رسول الله ؟ قال : نعم » .
32 ـ حدثنا الحسن بن أحمد المالكي ، عن أبيه ، عن إبراهيم بن أبي محمود ، عن علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن الحسين بن علي ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :
« يا علي أنت المظلوم بعدي ، فويل لمن ظلمك واعتدى عليك ، وطوبى لمن تبعك ولم يختر عليك ، يا علي أنت المقاتل بعدي ، فويل لمن قاتلك وطوبى لمن قاتل معك ، يا علي أنت الذي تنطق بكلامي وتتكلم بلساني بعدي ، فويل لمن رد عليك وطوبى لمن قبل كلامك ، يا علي أنت سيد هذه الامة بعدي وأنت امامها وخليفتي عليها ، من فارقك فارقني يوم القيامة ومن كان معك كان معي يوم القيامة .
يا علي أنت أول من آمن بي وصدقني ، وأنت أول من أعانني على أمري وجاهد معي عدوي ، وأنت أول من صلى معي والناس يومئذ في غفلة الجهالة ،
____________
(1) روى صدره في الخرائج 1 : 253 ، عنه البحار 44 : 182 ، وابن قولويه في الكامل : 66 ، والصدوق في أماليه : 118 ، عنهما البحار 42 : 243 ، 101 : 367 .
( 340 )

يا علي أنت أول من تنشق عنه الأرض معي ، وأنت أول من يبعث معي ، وأنت أول من يجوز الصراط معي ، وان ربي عز وجل أقسم بعزته لا يجوز عقبة الصراط إلا براءة بولايتك وولاية الأئمة من ولدك .
وأنت أول من يرد حوضي ، تسقي منه أولياءك وتذود أعداءك وأنت صاحبي إذا قمت المقام المحمود ، تشفع لمحبيك فتشفع فيهم ، وأنت أول من يدخل الجنة وبيدك لواي وهو لواء الحمد وهو سبعون شقة الشقة منه أوسع من الشمس والقمر ، وأنت صاحب شجرة طوبى في الجنة أصلها في دارك وأغصانها في دور شيعتك ومحبيك » (1) .
33 ـ قال إبراهيم بن أبي محمود :
« فقلت للرضا ( عليه السلام ) : يابن رسول الله ان عندنا أخبارا في فضائل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وفضلكم أهل البيت ، وهي من رواية مخالفيكم ولا نعرف مثلها عندكم أفندين بها ؟ فقال : يابن أبي محمود ! لقد أخبرني أبي ، عن أبيه ، عن جده ( عليهم السلام ) ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : من أصغى الى ناطق فقد عبده ، فان كان الناطق عن الله فقد عبد الله ، وإن كان الناطق عن ابليس فقد عبد ابليس .
ثم قال الرضا ( عليه السلام ) : يابن ابي محمود ! ان مخالفينا وضعوا أخبارا في فضائلنا وجعلوها على أقسام ثلاثة : أحدها الغلو ، وثانيها التقصير في أمرنا ، وثالثها التصريح بمثالب (2) أعدائنا ، فإذا سمع الناس الغلو فينا ، كفروا شيعتنا ونسبوهم إلى القول بربوبيتنا ، وإذا سمعوا التقصير اعتقدوه فينا ، وإذا سمعوا مثالب أعدائنا بأسمائهم ثلبونا (3) بأسمائنا ، وقد قال الله عز وجل :
( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ) (4) ، يابن أبي محمود ! إذا أخذ الناس يمينا وشمالا فالزم طريقتنا ، فان من لزمنا لزمناه ومن
____________
(1) عنه البحار 38 : 140 ، رواه الصدوق في العيون 2 : 6 .
أقول : مر تحت الرقم : 228 مثله .
(2 و 3) ثلبه : لامه وعابه .
(4) الانعام : 108 .

( 341 )

فارقنا فارقناه ، ان أدنى ما يخرج به الرجل من الإيمان أن يقول للحصاة : هذه نواة ، ثم يدين بذلك ويتبرأ (1) ممن خالفه ، يابن أبي محمود احفظ ما حدثتك به ، فقد جمعت لك فيه خير الدنيا والآخرة » (2) .
34 ـ قال : حدثنا عبد الله بن رجا قال : حدثنا اسرائيل ، عن أبي إسحاق عن حبيش بن جنادة قال :
« كنت جالسا عند أبي بكر فأتاه رجل فقال : يا خليفة رسول الله ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وعدني أن يحثوا ثلاث حثيات من تمر ، فقال أبو بكر : ادع لي عليا فجاء علي ( عليه السلام ) فقال أبو بكر يا أبا الحسن ان هذا يذكر ان رسول الله وعده أن يحثو له ثلاث حثيات من تمر فحثا له ثلاث حثيات من تمر ، فقال أبو بكر : عدوها فوجدوا في كل حثية ستين تمرة ، فقال أبو بكر : صدق رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) سمعته ليلة الهجرة ونحن خارجون من مكة إلى المدينة يقول : يا أبا بكر كفي وكف علي في العدل سواء » (3) .
35 ـ قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الوليد ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمان ، عن كثير بن علقمة (4) قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) ، أوصني جعلت فداك ، فقال :
أوصيك بتقوى الله والورع والعبادة وطول السجود وأداء الامانة وصدق الحديث وحسن الجوار ، صلوا عشايركم (5) وعودوا مرضاكم واحضروا جنائزكم ، كونوا لنا زينا ولا تكونوا علينا شينا ، أحبونا إلى الناس ولا تبغضونا إليهم جروا إلينا كل مودة وادفعوا عنا كل قبيح (6) ، ما قيل فينا من خير فنحن أهله ، وما قيل فينا من شر فوالله ما نحن كذلك لنا حق في كتاب الله وقرابة من رسول الله وولادة طيبة فهكذا قولوا .
____________
(1) في العيون : يبرأ .
(2) رواه الصدوق في العيون 1 : 304 .
(3) رواه الشيخ في أماليه 1 : 67 .
(4) في الاصل : عن يونس بن كثير ، عن علقمة ، ما اثبتناه من السرائر .
(5) في السرائر : صلوا في عشائركم ، وفيه : حببونا .
(6) في السرائر : كل شر .

( 342 )

أنتم والله على المحجة البيضاء فاعينونا على ذلك بورع واجتهاد على من عرفه الله بهذا الأمر جناح ألا يعرفه الناس به انه من عمل للناس كان ثوابه على الناس ، ومن عمل لله كان ثوابه على الله (1) ، ولا تجاهد الطلب جهاد المغالب ولا تنكل على القدر اتكال المستسلم فان ابتغاء الفضل من السنة والإجمال في الطلب من العفة ، وليست العفة بدافعة رزقا ولا الحرص بجالب فضلا فان الرزق مقسوم والأجل موقوت والحرص يورث (2) الماثم (3) ، لا يفقدك الله من حيث أمرك ولا يراك من حيث نهاك ، ما أنعم الله على عبد بنعمة فشكرها بقلبه إلا استوجب المزيد بها قبل ان يظهر شكرها على لسانه ، من قصرت يده عن المكافأة فليطل لسانه بالشكر ، ومن حق شكر نعمة الله ان يشكر بعد شكره من جرت (4) تلك النعمة على يده » (5) .
36 ـ قال سلمان الفارسي :
« أوصاني خليلي أبو القاسم ( صلى الله عليه وآله ) بسبع لا أدعهن على كل حال إلى أن أموت : ان انظر إلى من هو دوني ولا انظر إلى من هو فوقي ، وان أحب الفقراء وأدنو منهم ، وأقول الحق وإن كان ضرا ، وان أصل رحمي وإن كانت مدبرة ، وأن لا أسأل الناس شيئا ، وأكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فانها كنز من كنوز الجنة » (6) .
____________
(1) رواه في السرائر من « انتم » إلى هنا ، عن الحلبي ، عن حميد بن المثنى ، عن يزيد بن خليفة .
(2) في الأصل : الأجل موقوف والحرص يورث الاثم ، وما أثبتناه من السرائر .
(3) رواه في السرائر من : « ولا تجاهد » إلى الماثم عن الحسن ( عليه السلام ) ، ومنه إلى « نهاك » عن الصادق ( عليه السلام ) ، ومنه إلى « لسانه » من الباقر ( عليه السلام ) ، ومنه إلى آخره عن الصادق ( عليه السلام ) .
(4) في السرائر : اجرى .
(5) رواه ابن إدريس في مستطرفات السرائر : 163 ـ 164 مقطعا ، وفي العيون والمحاسن : 2 : 121 ـ 122 روى هذا الحديث مقطعا في البحار 78 : 106 و 372 ، 68 : 89 ، 103 : 27 .
أقول : مر بعضه تحت الرقم : 256 .
(6) رواه ابن إدريس في مستطرفات السرائر : 165 ، عنه الوسائل 6 : 309 ، جامع الاحاديث 8 : 405 ، وفي العيون والمحاسن 2 : 123 .

( 343 )

37 ـ وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :
« ثلاث منجيات وثلاث مهلكات ، فأما المنجيات : فخوف الله في السر والعلانية ، والعدل في الغضب ، والرضا والقصد في الفقر والغناء ، أما المهلكات : فشح مطاع ، وهوى متبع ، وإعجاب المرء بنفسه » .
38 ـ عن عكرمة ، عن ابن عباس قال :
« قال علي ( عليه السلام ) : يارسول الله إنك قلت لي يوم احد حين اخرت عن الشهادة واستشهد من استشهد : ان الشهادة من ورائك ، قال ( صلى الله عليه وآله ) : كيف صبرك إذا خضبت هذه من هذا ـ واهوى بيده إلى لحيته ورأسه ـ فقال علي ( عليه السلام ) : أما بنيت فليس ذلك من مواطن الصبر ولكن هو من مواطن البشرى والكرامة » .
39 ـ قال : حدثنا حسين الأشقر ، قال : حدثنا قيس بن عمار الدهني ، عن سالم بن أبي الجعد قال :
« قيل لعمر : انا نراك تصنع لعلي شيئا ما تصنع بأحد من أصحاب محمد قال : انه مولاي » (1) .
40 ـ قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن موسى الربعي الكاتب ، قال : حدثني أبي موسى بن عبد العزيز ، قال :
« لقيني يوحنا بن سراقيون النصراني المتطبب في شارع أبي أحمد فاستوقفني وقال لي : بحق نبيك ودينك من هذا الذي يزور قبره منكم بناحية قصر ابن هبيرة من هو من أصحاب نبيكم ؟ قلت : ليس هو من أصحابه هو ابن بنته فما دعاك إلى المسألة عنه ؟ فقال : له عندي حديث طريف ، قلت : حدثني به ، فقال : وجه إلي سابور الكبير خادم الرشيد في الليل ، فصرت إليه فقال : تعال معي .
فمضى وأنا معه حتى دخلنا على موسى بن عيسى الهاشمي فوجدناه زائل العقل متكئا على وسادة ، وإذا بين يديه طشت فيها حشو جوفه ، وكان الرشيد
____________
(1) رواه في البحار 37 : 160 عن مناقب آل أبي طالب 1 : 527 أقول : يأتي ما يشابهه تحت الرقم : 467 .
( 344 )

استحضره من الكوفة ، فأقبل سابور على خادم من خاصة موسى فقال له : ويحك ما خبره ؟ فقال له : اخبرك انه كان من ساعة جالسا وحوله ندمائه وهو من أصح الناس جسما وأطيبهم نفسا إذ جرى ذكر الحسين بن علي ( عليه السلام ) .
قال يوحنا : هذا الذي سألتك عنه ، فقال موسى : ان الرافضة لتغلوا فيه حتى انهم فيما عرفت يجعلون تربته دواء يتداوون به ، فقال له رجل من بني هاشم كان حاضرا قد كانت بي علة غليظة فتعالجت لها بكل علاج فما نفعني حتى وصف لي كاتبي أن آخذ من هذه التربة فأخذت فنفعني الله بها وزال ما كنت أجده ، قال : فبقي عندك منها شئ ؟ قال : نعم فوجه فجاؤوه بقطعة فناولها موسى بن عيسى فأخذها موسى فاستدخلها دبره استهزاء بمن يداوي بها واحتقارا وتصغيرا لهذا الرجل الذي هذه تربته ـ يعني الحسين ( عليه السلام ) ـ ، فما هو الآن ان استدخلها دبره حتى صاح : النار النار الطشت الطشت فجئناه بالطشت ، فاخرج فيها ما ترى فانصرف الندماء فصار المجلس مأتما .
فأقبل عليَّ سابور فقال : انظر هل لك فيه حيلة ، فدعوت بشمعة فإذا كبده وطحاله ورئتيه وفؤاده خرج منه في الطشت ، فنظرت إلى أمر عظيم ، فقلت : ما لأحد في هذا صنع إلا أن يكون لعيسى الذي كان يحيي الموتى .
فقال لي سابور : صدقت ، ولكن كن هاهنا في الدار إلى أن يتبين ما يكون من أمره ، فبت عندهم وهو بتلك الحالة ما رفع رأسه ، فمات في وقت السحر . قال محمد بن موسى ، قال لي موسى بن سريع : فكان يوحنا يزور قبر الحسين ( عليه السلام ) وهو على دينه ، ثم أسلم بعد هذا فحسن إسلامه » (1) .
41 ـ اعتمادا على بعضه قال : حدثنا عبد ربه بن علقمة ، عن حماد بن سلمة ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب قال :
« قال : عمر بن الخطاب : تحببوا إلى الأشراف وتوددوا ، واتقوا على أعراضكم
____________
(1) رواه الراوندي في الخرائج 2 : 874 ، والشيخ في أماليه 1 : 327 ، عنه البحار 45 : 399 .
( 345 )

من السفلة ، واعلموا انه لا يتم شرف إلا بولاية علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) » (1) .
42 ـ قال : حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني أملاه علي في منزله :
« قال خرجت أيام ولاية موسى بن عيسى الهاشمي الكوفة من منزلي فلقيني أبو بكر بن عياش فقال لي : امض بنا يا يحيى إلى هذا ، فلم أدر من يعني وكنت أجل أبا بكر عن مراجعته وكان راكبا حمارا له فجعل يسير عليه وأنا أمشي مع ركابه ، فلما صرنا عند الدار المعروفة بدار عبد الله بن حازم (2) ، التفت إلي فقال : يابن الحماني إنما جررتك معي وحشمتك (3) ان تمشي خلفي لاسمعك ما أقول لهذا الطاغية قال : فقلت : من هو يا أبا بكر ؟
فقال : هذا الفاجر الكافر موسى بن عيسى ، فسكت عنه ومضى وأنا اتبعه حتى إذا صرنا إلى باب موسى بن عيسى وبصر به الحاجب وتبينه ، وكان الناس ينزلون عند الرحبة فلم ينزل أبو بكر هناك ، وكان عليه يومئذ قميص وازار وهو محلول الأزرار ، قال : فدخل على حماره وناداني فقال : تعال يابن الحماني ، فمنعني الحاجب فزجره أبو بكر وقال : أتمنعه يا فاعل وهو معي فتركني فما زال يسير على حماره حتى دخل الايوان فبصر بنا موسى وهو قاعد في صدر الايوان على سريره وبجنبي السرير رجال متسلحون وكذلك كانوا يصنعون فلما ان رآه موسى رحب به وقربه وأقعده على سريره ومنعت أنا حين وصلت إلى الايوان ان اتجاوزه .
فلما استقر أبو بكر على السرير التفت فرآني حيث أنا واقف فناداني : تعال ويحك ، فصرت إليه ونعلي في رجلي وعلي قميص وأزار وأجلسني بين يديه فالتفت إليه موسى فقال : هذا رجل تكلمنا فيه ؟ قال : لا ولكني جئت به شاهدا عليك ، قال : في ماذا ؟ قال : إني رأيتك وما صنعت بهذا القبر ، قال : أي قبر ؟ قال : قبر
____________
(1) يأتي مثله تحت الرقم : 507 .
(2) في الأصل : عبد الله بن جابر ، وما أثبتناه من الأمالي .
(3) جشمته الأمر وأجشمته أياه : كلفته أياه .

( 346 )

الحسين بن علي بن فاطمة بنت رسول الله ، وكان موسى قد وجه إليه من كربه وكرب جميع أرض الحائر وحرثها وزرع الزرع فيها ، فانتفخ موسى حتى كاد ان ينقد ، ثم قال : وما أنت وذا ؟ قال : أسمع حتى أخبرك :
أعلم اني رأيت في منامي كأني خرجت إلى قومي بني غاضرة ، فلما صرت بقنطرة الكوفة اعترضني خنازير عشرة تريدني فاغاثني الله برجل كنت أعرفه من بني أسد فدفعها عني ، فمضيت لوجهي ، فلما صرت إلى شاهي ضللت الطريق ورأيت هناك عجوزا ، فقالت لي : أين تريد أيها الشيخ ؟ قلت : اريد الغاضرية فقالت لي : تنظر هذا الوادي ، فانك إذا أتيت إلى آخره اتضح لك الطريق ، فمضيت وفعلت ذلك ، فلما صرت إلى نينوى إذا أنا بشيخ كبير جالس هناك ، فقلت : من أين أنت أيها الشيخ ؟ فقال لي : أنا من أهل هذه القرية ، فقلت : كم تعد من السنين ؟
فقال : ما أحفظ مما مضى من سني ، ولكن أبعد ذكري إني رأيت الحسين بن علي ( عليهما السلام ) ومن كان معه من أهله ومن تبعه يمنعون الماء الذي تراه ولا يمنع الكلاب ولا الوحوش شربه ، فاستعظمت ذلك فقلت له : ويحك أنت رأيت هذا ؟ قال : إي والذي سمك السماء لقد رأيت هذا أيها الشيخ وعاينته وأنت وأصحابك الذين تعينون على ما قد رأينا ، فما أقرح عيون المسلمين إن كان في الدنيا مسلم .
فقلت : ويحك وما هو ؟ قال : حيث لم تنكروا ما أجرى سلطانكم إليه ، فقلت : ما أجرى إليه ؟ قال : أيكرب قبر ابن بنت النبي ( صلى الله عليه وآله ) ويحرث أرضه ؟ فقلت : وأين القبر ؟ قال : هاهو ذا انت واقف في أرضه ، فأما القبر فقد عمي عن ان يعرف موضعه .
قال أبو بكر بن عياش : وما كنت رأيت القبر قبل ذلك الوقت قط ولا أتيته في طول عمري ، فقلت : فمن لي بمعرفته ، فمضى معي الشيخ حتى وقف بي على حاير (1) له باب وآذن ، وإذا جماعة كثيرة على الباب ، فقلت للآذن : اريد الدخول على ابن بنت رسول الله ، فقال : لا تقدر على الوصول في هذا الوقت ، قلت : ولم ؟ قال : هذا وقت زيارة إبراهيم خليل الله ومحمد رسول الله ومعهما جبرئيل
____________
(1) الحير : البستان ، والمراد الحائر الحسيني ( عليه السلام ) .
( 347 )

وميكائيل في رعيل (1) من الملائكة لكثير .
قال أبو بكر بن عياش : فانتبهت من نومي وقد دخلني روع شديد وحزن وكآبة ومضت بي الأيام حتى كدت ان أنسى المنام ، ثم اضطررت إلى الخروج إلى بني غاضرة ، لدين كان لي على رجل منهم ، فخرجت وأنا لا أذكر الحديث حتى صرت بقنطرة الكوفة لقيني عشرة من اللصوص ، فحين رأيتهم ذكرت الحديث ورعبت من خشيتي لهم ، فقالوا لي : إلق ما معك وانج بنفسك ، وكانت معي نفيقة .
فقلت : ويحكم أنا أبو بكر بن عياش وإنما خرجت في طلب دين لي ، فالله الله لا تقطعوا بي عن طلب ديني وتضروني (2) في نفقتي فاني شديد الاضافة (3) ، فنادى رجل منه : مولاي والله لا يعرض له ، ثم قال لبعض فتيانهم : كن معه حتى تصير به إلى الطريق الأيمن .
قال أبو بكر : فجعلت أتذكر ما رأيت في المنام وأتعجب من تأويل الخنازير ، فمضيت حتى صرت الى نينوى ، فرأيت والذي لاإله إلا هو الشيخ الذي كنت رأيته ، في منامي بصورته وهيئته ، رأيته في اليقظة كما رأيته في المنام سواء ، فحين رأيته ذكرت الأمر والرؤيا .
فقلت : لا إله إلا الله ما كان هذا إلا وحيا ، ثم سألته كمسألتي إياه في المنام فأجابني بما كان أجابني به ثم قال لي : امض بنا فمضيت فوقفت معه على الموضع وهو مكروب ، فلم يفتني شئ من منامي إلا الآذن والحير ، فاني لم أر حائرا ولم أر آذنا ، فاتق الله أيها الرجل فاني قد آليت على نفسي إلا ادع اذاعة هذا الحديث ولا زيارة ذلك الموضع وقصده وإعظامه ، فان موضعا يأتيه (4) إبراهيم ومحمد وجبرئيل وميكائيل لحقيق بأن يرغب في اتيانه وزيارته .
فان أبا حصين حدثني ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : من رآني في المنام فأياي
____________
(1) الرعيل : قطعة من الخيل .
(2) في الأمالي : طلب ديني وتصرفاتي .
(3) في الأمالي : الاضافة ، وهي بمعنى الضيافة .
(4) في الأمالي : يؤمه .

( 348 )

رأى فان الشيطان لا يتشبه بي ، فقال له موسى : إني إنما أمسكت عن أجابة كلامك لأستوفي هذه الحمقة التي ظهر منك ، وبالله لئن بلغني بعد هذا الوقت إنك تحدث بهذا لأضربن عنقك وعنق هذا الذي جئت به شاهدا علي .
فقال له أبو بكر : إذا يمنعني الله وإياه منك ، فاني إنما أردت الله بما كلمتك به ، فقال له : أتراجعني ياماص (1) ، وشتمه ، فقال له : اسكت أخزاك الله وقطع لسانك ، فأرعد (2) موسى على سريره .
ثم قال : خذوه فأخذوا الشيخ عن السرير واخذت أنا فوالله لقد مر بنا من السحب والجر والضرب ، ما ظننت اننا لا نكثر الأحياء أبدا (3) ، وكان أشد ما مر بي من ذلك ان رأسي كان يجر على الصخر ، وكان بعض مواليه يأتيني فينتف لحيتي وموسى يقول : اقتلوهما بني كذا وكذا ـ بالزاني لا يكنى (4) ـ وأبو بكر يقول له : امسك قطع الله لسانك وانتقم منك اللهم إياك أردنا ولولد نبيك غضبنا وعليك توكلنا فصير بنا جميعا إلى الحبس فما لبثنا في الحبس إلا قليلا والتفت إلي أبو بكر فرأى ثيابي قد خرقت وسالت دمائي .
فقال : يا حماني قد غضبنا لله حقا واكتسبنا في يومنا هذا أجرا ولن يضيع ذلك عند الله ولا عند رسوله ، فما لبثنا إلا مقدار غدائه ونومه حتى جاءنا رسوله فأخرجنا إليه وطلب حمار أبي بكر فلم يوجد ، فدخلنا عليه فإذا هو في سرداب له يشبه الدور سعة وكبرا ، فتعبنا في المشي إليه تعبا شديدا وكان أبو بكر إذا تعب في مشية جلس يسيرا ثم يقول : اللهم إن هذا فيك فلا تنسه ، فلما دخلنا على موسى وإذا هو على سرير له فحين بصرنا به قال لنا : لا حيا الله ولا قرب من جاهل أحمق
____________
(1) قال الجوهري : قوله : يا مصان وللانثى يا مصانة ، شتم ، أي ياماص فرج امه ، ويقال أيضا : رجل مصان إذا كان يرضع الغنم من لؤمه .
(2) في الأمالي : زاعله ، وهو بمعنى أزعجه .
(3) اننا لا نكثر الأحياء أبدا ، كناية عن الموت أي لا نكون بينهم حتى يكثر عددهم بنا .
(4) بالزاني لا يكنى ، أي كان يقول في الشتم ألفاظا صريحة في الزنا ولا يكتفي بالكناية .

( 349 )

يتعرض لما يكره ، ويلك يادعي ما دخولك فيما بيننا معشر بني هاشم ، فقال له أبو بكر : قد سمعت كلامك والله حسيبك ، فقال له : إخرج قبحك الله والله لئن بلغني ان هذا الحديث شاع أو ذكر عنك لأضربن عنقك ، ثم التفت إلي فقال لي : يا كلب ، وشتمني وقال : إياك ثم إياك ان تظهر هذا فانه إنما خيل لهذا الشيخ الأحمق شيطان يلعب به في منامه ، اخرجا عليكما لعنة الله وغضبه .
فخرجنا وقد آيسنا من الحياة ، فلما وصلنا إلى منزل الشيخ أبي بكر وهو يمشي وقد ذهب حماره ، فلما أراد أن يدخل منزله التفت إلي وقال : إحفظ هذا الحديث واثبته عندك ولا تحدثن هؤلاء الرعاع (1) ولكن حدث به أهل العقول والدين » (2) .
43 ـ حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن الريان بن الصلت ، قال :
« حضر الرضا ( عليه السلام ) مجلس المأمون بمرو ، وقد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء [ أهل ] (3) العراق وخراسان ، فقال المأمون : أخبروني عن معنى هذه الآية : ( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ) (4) فقالت العلماء : أراد الله عز وجل بذلك الامة كلها ، فقال المأمون : ما تقول يا أبا الحسن ؟ فقال الرضا ( عليه السلام ) : لا أقول كما قالوا ولكني أقول : أراد الله عز وجل بذلك العترة الطاهرة ، فقال المأمون : فكيف عنى العترة من دون الامة ؟ فقال الرضا ( عليه السلام ) : انه لو أراد الامة كلها لكانت أجمعها في الجنة ، لقول الله تبارك وتعالى : ( فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات باذن الله ذلك هو الفضل الكبير ) (5) ، ثم جمعهم كلهم في الجنة فقال : ( جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ) ، فصارت الوارثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم ، فقال المأمون : من العترة الطاهرة ؟
____________
(1) الرعاع : سفلة الناس .
(2) رواه الشيخ في أماليه 1 : 329 ، عنه البحار 45 : 390 .
(3) من العيون .
(4 و 2) فاطر : 32 .