http://www.imamsadeq.org كتاب موسوعة أحاديث أمير المؤمنين علي ـ عليه السلام ـ تأليف اللجنة العليا للتحقيق في مؤسسة نهج البلاغة ص 177 - ص 205

( 177 )


الباب الرابع

الفصل الثاني

المهدي في نهج البلاغة


( 178 )





( 179 )

12


«المهديُّ في نهجِ البلاغةِ»

1ـ «الحمْدُ للّهِ الاَوَّلِ قَبْلَ كُلِّ أَوِّلٍ، والآخِرِ بَعْدَ كُلِّ آخِرٍ، وَبِأَوَّلِيَّتِهِ وَجَبَ أَنْ لا أَوَّلَ لَهُ، وَبِآخِرِيَّتِهِ وَجَبَ أَنْ لا آخِرَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إلاَّ اللّهُ شَهادَةً يُوافِقُ فِيهَا السِّـرُّ الاِعْلاَنَ، والْقَلْبُ اللِّسَانَ.

أَيُّهَا النَّاسُ، لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقي، وَلاَ يَسْتَهوِيَنِّكُمْ عِصْيَانِـي، وَلاَ تَتَرامَوْا بِالاَبْصَـارِ عِنْدَمَا تَسْمَعُونَهُ مِنَّي، فَوَالَّذِي فَلَقَ الحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، إِنَّ الَّذِي أُنْبِئُكُمْ بِهِ عَنِ النَّبِيِّ الاَُمِّيِّ _ صلى الله عليه وآله وسلم _ ، مَا كَذَبَ المُبلِّغُ، وَلاَ جَهِلَ السَّامِعُ، لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إلى ضِلِّيلٍ قَدْ نَعَقَ بِالشَّامِ، وَفَحَصَ بِرايَاتِهِ في ضَوَاحِي كُوفَانَ، فَإِذا فَغَرَتْ فَاغِرَتُهُ، وَاشْتَدَّتْ شَكِيمَتُهُ، وَثَقُلَتْ في الاَرْضِ وَطْأَتُهُ، عَضَّتِ الفِتْنَةُ أَبْنَاءَهَا بِأَنْيابِها، وَمَاجَتْ الحَرْبُ بِأَمْواجِهَا، وَبَدا مِنَ الاَيَّامِ كُلُوحُهَا، وَمِنَ اللَّيالي كُدُوحُهَا، فَإِذَا أَيْنَعَ زَرْعُهُ، وَقَامَ عَلَـى يَنْعِهِ، وَهَدَرَتْ شَقَاشِقُهُ، وَبَرَقَتْ بَوَارِقُهُ، عُقِدَتْ رَايَاتُ الفِتَنِ المُعْضِلَةِ، وَأقْبَلْنَ كَاللَّيلِ المُظْلِمِ، والبَحْرِ المُلْتَطِمِ، هَذَا، وَكَمْ يَخْرِقُ الكُوفَةَ مِنْ قاصِفٍ وَيَمُرُّ عَلَيْهَا مِنْ عَاصِفٍ! وَعَنْ قَلِيلٍ تَلتَفُّ القُرُونُ بِالقُرُونِ، وَيُحْصَدُ القَائِمُ، وَيُحْطَمُ المَحْصُودُ» (1).

2ـ «الحَمْدُ للّهِ الناشِرِ في الخَلْقِ فَضلَهُ، والباسِطِ (فيها) بِالجُودِ يَدَهُ، نَحْمَدُهُ في


____________

(1) شرح ابن أبي الحديد: 7|96 ـ 100، نهج البلاغة: 146ـ 147، خطبة (101)، شرح ابن ميثم: 3|9 و 12.


( 180 )

جميع أُمورِه، وَنَسْتَعِينُهُ على رِعايَةِ حُقُوقِهِ، وَنَشْهَدُ أنْ لا إِلهَ غيرُهُ، وأنَّ محمَّداً عبْدُهُ ورَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِأَمْرِهِ صَادِعاً وبِذِكْرِهِ نَاطِقاً، فَأَدّى أَمِيناً وَمَضى رَشِيداً، وَخَلَّفَ فينا رَايَةَ الحَقِّ مَنْ تَقَدَّمَها مَرَقَ وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْها زَهَقَ وَمَنْ لَزِمَها لَحِقَ، دَليلُها مَكيثُ الكَلامِ بَطِيءُ القيامِ سَـريعٌ إِذا قَامَ، فَإِذَا أَنْتُمْ أَلَنْتُمْ لَهُ رِقَابَكُمْ، وَأَشْـرتُمْ إِلَيْهِ بِأَصَابِعِكُمْ جاءَهُ المَوْتُ فَذَهَبَ بِهِ، فَلَبِثْتُمْ بَعْْدَهُ ما شَاءَ اللّهُ حَتَّى يُطْلِعَ اللّهُ لَكُمْ مَنْ يَجْمَعُكُمْ وَيَضُمُّ نَشْـرَكُمْ، فَلا تَطْمَعُوا في غَيْـرِ مُقْبِلٍ ولا تَيْأَسُوا مِنْ مُدْبِرٍ، فَإِنَّ المُدْبِرَ عَسَـى أنْ تَزِلَّ بِهِ إِحْدَى قائِمَتَيْهِ وَتَثْبُتَ الاَُخْرى، فَتَرْجِعَا حَتَّى تَثْبُتَا جَمِيعاً.

ألا إنَّ مَثَلَ آلِ مُحَمَّدٍ _ صلى الله عليه وآله وسلم _ كَمَثَلِ نُجُومِ السَّمَـاءِ إِذَا خَوَى نَجْمٌ طَلَعَ نَجْمٌ، فَكَأنَّكُمْ قَدْ تَكامَلَتْ مِنَ اللّهِ فِيكُمُ الصَّنائِعُ، وَأَرَاكُمْ مَا كُنْتُمْ تَأمَلُونَ» (1).


____________

(1) البحار: 51|120، منهاج البراعة: 7|156، شرح ابن ميثم: 3|6 خطبة (97)، وقال: «وهذا الفصل يشتمل على إعلامهم بما يكون بعده من أمر الاَئمّة وتعليمهم ما ينبغي أن يفعل الناس معهم، ويمنّيهم بظهور إمام من آل محمّد عقيب آخر، ووعدهم بتكامل صنايع اللّه فيهم بما يأملونه من ظهور إمام منتظر ... إشارة إلى منّة اللّه عليهم بظهور الاِمام المنتظر وإصلاح أحوالهم بوجوده، وَوَجَدْتُ له _ عليه السلام _ في أثناء بعض خطبه في اقتصاص ما يكون بعده فصلاً يجري مجرى الشرح لهذا الوعد، وهو أن قال: «يا قَوْمِ اعْلَمُوا عِلْماً يَقِيناً أنَّ الّذي يَسْتَقْبِلُ قَائِمُنا مِنْ أَمْرِ جاهِلِيَّتِكُمْ لَيْسَ بدون ما اسْتَقْبَلَ الرَّسُولُ مِنْ أَمْرِ جَاهِلِيَّتِكُمْ، وَذَلِكَ أَنَّ الاَُمَّة كُلَّها يَوْمَئِذٍ جَاهِليَّةٌ إلاّ مَنْ رَحِمَ اللّهُ، فلا تعْجَلُوا فَيَعْجَلَ الخُرْقُ بِكُمْ، وَاعْلَمُوا أنَّ الرِّفْقَ يُمْنٌ، وفي الاَنَاةِ بَقَاءٌ وَرَاحَةٌ والاِمامُ أَعْلَمُ بِمَا يُنْكِرُ، وَلَعَمْري لَيَنْزِعَنَّ عَنْكُمْ قُضَاةَ السُّوءِ، وَلَيَقْبِضنَّ عَنْكُمْ المُرَاضِينَ (كذا) وَلَيَعْزِلَنَّ عَنْكُمْ أُمَراءَ الجَوْرِ، وَلَيُطَهّرَنَّ الاَرْضَ مِنْ كُلِّ غَاشٍّ، وَلَيَعْمَلَنَّ فِيكُمْ بِالعَدْلِ، وَلَيَقُومَنَّ فِيكُمْ بِالقِسْطَاسِ المُسْتَقِيمِ، وَلَيَتَمَنَأنَّ (كذا) أَحْيَاوَُكُمْ لاَمْوَاتِكُمْ رَجْعَة الكَرَّةِ عَمَّـا قَلِيلٍ فَيَعِيشُوا إِذَنْ فَإنَّ ذَلِكَ كَائِنٌ»، شرح ابن أبي الحديد: 7|84، وفي: 7|94: «... ثُمَّ يُطْلِعُ اللّهُ لَهُمْ مَنْ يَجمَعُهُمْ وَيَضُمُّهُمْ، يَعني مِنْ أهل البيت _ عليه السلام _ ، وهذا إشارة إلى المهدي الذي يظهر في آخر الوقت، وعند أصحابنا أنّه غير موجود الآن وسيوجد، وعند الاِمامية أنّه موجود الآن، قوله ـ عليه السلام ـ : فَلاَ تَطْمَعُوا في غَيْـرِ مُقْبِلٍ، ولا تَيْأَسُوا مِنْ مُدْبِرٍ، ظاهر هذا الكلام متناقض، وتأويله أنّه نهاهم عن أن يطمعوا في صلاح أمورهم على يد رئيس غير مستأنف الرياسة، وهو معنى مقبل أي قادم، تقول: سوف أفعل كذا في الشهر المقبل وفي السنة المقبلة، أي القادمة، يقول: كل الرئاسات التي تشاهدونها فلا تطمعوا في صلاح أُموركم بشيء منها، وإنّما تنصلح أُموركم على يد رئيس يقدم عليكم، مستأنف الرئاسة خامل الذكر، ليس أبوه بخليفة، ولا كان هو ولا أبوه مشهورين بينكم برئاسة، بل يتبع ويعلو أمره، ولم يكن قبل معروفاً هو ولا أهله الادنون، وهذه صفة المهدي الموعود به. ومعنى قوله: ولا تيأسوا من مدبر، أي وإذا مات هذا المهدي وخلفه بنوه بعده، فاضطرب أمر أحدهم فلا تيأسوا وتتشككوا، وتقولوا لعلنا أخطأنا في اتّباع هوَلاء، فإنّ المضطرب الاَمر منّا تستثبت دعائمه، وتنتظم أُموره، وإذا زلّت إحدى رجليه ثبتت الاَُخرى فثبتت الاَُولى أيضاً. ويروى: فَلا تَطْعَنُوا في عَيْـنِ مُقْبلٍ أي لا تحاربوا أحداً منّا ولا تيأسوا من إقبال من يدبر أمره منّا، ثم ذكر _ عليه السلام _ أنّهم كنجوم السماء، كُلَّمـا خَوى نَجمٌ طَلَعَ نَجمٌ. خوى: مال للمغيب. ثم وعدهم بقرب الفرج فقال: أنّ تَكامَلَ صنائِعُ اللّهِ عِندَكُمْ ، وَروَيَةِ ما تَأمَلُونَهُ أَمرٌ قَدْ قَرُبَ وَقْتُهُ، وَكَأَنَّكُمْ بِهِ وَقَدْ حَضَـرَ وَكَانَ، وهذا على نَمَطِ المواعيد الاِلهيّة بقيام الساعة فإنّ الكتب المنزلة كلها صرّحت بقربها، وإن كانت بعيدة عندنا، لاَنّ البعيد في معلوم اللّه قريب، وقد قال سبحانه: (إنَّهم يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَراهُ قَرِيباً) .
وأنت ـ أيُّها القارىَ الكريم ـ حكّم وجدانك فيما يقوله ابن أبي الحديد فراراً عن المعنى الواضح، فأمير الموَمنين _ عليه السلام _ تحدَّث عن مرحلة الانحراف في الاَُمّة، وظهور العدل بقيام القائم، لا عن موت القائم وملك أولاده بعده وانحرافهم.


( 181 )

3ـ «يَعْطِفُ الهَوَى عَلى الهُدَى، إِذَا عَطَفُوا الهُدَى عَلَى الهَوَى، وَيَعْطِفُ الرَّأيَ عَلَـى القُرآنِ إِذَا عَطَفُوا القُرآنَ عَلَـى الرَّأيِ ... حَتَّى تَقُومَ الحَرْبُ بِكُمْ عَلَـى ساقٍ، بَادِياً نواجِذُها، مَمْلوءَةً أَخْلافُها، حُلواً رَضَـاعُها، عَلْقَماً عاقِبَتُها، أَلا وفي غَدٍ ـ وَسَيأْتي غَدٌ بِمَا لا تَعْرِفُونَ ـ يَأْخُذُ الوالي مِنْ غَيْـرِها عُمَّـالها على مَسَاوِيءِ أَعْمالِها، وَتُخْرِجُ لَهُ الاَرْضُ أَفالِيذَ كَبِدهَا، وَتُلْقِي إِلَيْهِ سِلماً مَقَالِيدَهَا، فَيُـرِيكُمْ كَيْفَ عَدْلُ السِّيرَةِ، وَيُحْيي مَيِّتَ الكِتَابِ والسُّنَّةِ» (1).


____________

(1) ابن أبي الحديد: 9|40ـ41، منتخب الاَثر: 297 ـ عن نهج البلاغة، ينابيع المودّة: 437ـ عن نهج البلاغة، وفيه: «المهدِيُّ يَعْطِفُ»، غرر الحكم: 363 ـ أوله ـ مرسلاً، شرح ابن ميثم البحراني: 3|168 ـ عن نهج البلاغة، وقال: الاِشارة في هذا الفصل إلى وصف الاِمام المنتظر في آخر الزمان الموعود به الخبر والاَثر، نهج البلاغة لصبحي الصالح: 195ـ 196 خطبة (138)، نهج البلاغة لمحمد عبدة: 2|21.


( 182 )

4ـ «أينَ تََذْهَبُ بِكُمُ المَذاهِبُ، وَتَتِيهُ بِكُمُ الغَياهِبُ وَتَخْدَعُكُمُ الكَواذِبُ؟ وَمنْ أَيْنَ تُوَتَوْنَ، وَأَنَّى تُوَفَكُونَ؟ فِلِكُلِّ أَجَلٍ كتابٌ، وَلِكُلِّ غَيْبَةٍ إيابٌ، فاسْتَمِعُوا مِنْ رَبّانِيكُمْ وَأَحْضِـرُوهُ قُلُوبَكُمْ، وَاسْتَيْقظُوا إنْ هَتَفَ بِكُمْ، وَلْيَصْدُقْ رائِدٌ أَهْلَهُ، وَلْيَجْمَعْ شَمْلَهُ، وَلْيُحْضِـرْ ذِهْنَهُ، فَلَقَدْ فَلَقَ لَكُمْ الاَمْرَ فَلْقَ الخَرزَةِ وَقَرَفَهُ قَرْفَ الصَّمْغَةِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أخَذَ الباطِل مأخِذَهُ، وَرَكِبَ الجَهْلُ مَراكِبَهُ وَعَظُمَتِ الطَّاغِيَةُ، وَقَلَّتِ الدَّاعِيةُ، وَصالَ الدَّهرُ صِيالَ السَّبعُ العقُور، وَهَدَرَ فَنيقُ الباطِلِ بَعْدَ كُظُومٍ، وَتَواخى النَّاسُ عَلَـى الفُجُورِ، وَتَهاجَرُوا على الدِّينِ، وَتَحابَّوا على الكَذِبِ، وَتَباغَضوا على الصِّدْقِ، فَإِذا كانَ ذَلِكَ كانَ الوَلَدُ غَيْظاً، والمَطَرُ قَيْظاً، وَتَفيضُ اللِّئامُ فيضاً، وتَغيضُ الكِرامُ غَيْضاً، وَكَانَ أَهلُ ذَلِكَ الزَّمانَ ذِئاباً، وسلاطينهُ سباعاً، وأَوسْاطُهُ أُكَّالاً، وَفُقراوَُهُ أَمْواتاً، وَغارَ الصِّدْقُ، وفَاضَ الكَذِبُ واسْتُعْمِلَتِ المَوَدَّةُ باللِّسانِ، وَتَشَـاجَرَ النَّاسُ بالقُلُوبِ، وصارَ الفُسُوقُ نَسَباً، والعَفَافُ عَجَباً، وَلُبِِسَ الاِسْلامُ لُبْسَ الفَرْوِ مَقْلُوباً» (1).

5ـ قال عليٌّ _ عليه السلام _ : «فِتَنٌ كَقِطَعِ اللَّيلِ المُظلِمِ، لا تَقُومُ لَهَا قائِمَةٌ (2) ولا ترّدَ لَهَا رايَةٌ(3) تَأْتِيكُمْ مَزْمُومَةً مَرْحُولَةً (4) يَحْفِزُها (5)قَائِدُها، وَيجهدها راكِبُها.

أَهْلُها قَوْمٌ شَدِيدٌ كَلَبُهُمْ، قَلِيلٌ سَلَبُهُمْ (6) يُجاهِدُهُمْ في سَبيلِ اللّهِ قَوْمٌ أَذِلّةٌ عند المُتَكَبِّـرينَ، في الاَرْضِ مَجْهولُونَ، وفي السَّمـاءِ مَعْرُوفُونَ.


____________

(1) منتخب الاَثر: 436 ـ عن نهج البلاغة، نهج البلاغة لصبحي الصالح: 157 خطبة (108)، ابن أبي الحديد: 7|189ـ عن نهج البلاغة، نهج البلاغة لمحمد عبدة: 1|208 خطبة (104)، شرح ابن ميثم البحراني: 3|41.
(2) «لا تقوم لها قائمة» ـ أي لا تنهض بحربها فئة ناهضة، أو قائمة من قوائم الخيل ـ أي لا سبيل إلى قتال أهلها، أو قلعة أو بنيّة قائمة تنهدم.
(3) «ولا تردّ لها راية» ـ أي لا تنهزم أصحاب راية من رايات تلك الفئة.
(4) قوله _ عليه السلام _ : «مزمومة مرحولة» ـ أي عليها زمام ورحل، أي تامّة الاَدوات.
(5) «يحفزها» ـ أي يدفعها قائدها.
(6) «قليل سلبهم» ـ أي نقمتهم القتل، لا السلب.


( 183 )

فَوْيلٌ لَكِ يا بَصْـرَةُ عِنْدَ ذلِكَ، مِنْ جَيْشٍ مِنْ نِقَمِ اللّهِ، لا رَهَجَ لَهُ ولا حِسَّ، وَسَيُبْتَلَـى أَهْلُكِ بِالمَوْتِ الاَحْمرِ، والجُوعِ الاَغْبَـرِ» (1).

6ـ ومن خطبة له _ عليه السلام _ : «ألا بأبي وَأُمّي، هُمْ مِنْ عِدَّةٍ أَسْمَـاوَُهُمْ في السَّمـاءِ مَعْرُوفةٌ، وفي الاَرْضِ مجْهولَةٌ، ألا فَتَوَقَّعُوا ما يَكُونُ مِنْ إدْبارِ أُمورِكُمْ، وانْقِطاعِ وَصْلِكُمْ، واسْتِعْمالِ صِغارِكُمْ، ذاكَ حَيْثُ تَكُونُ ضَرْبَةُ السَّيْفِ عَلَـى المُوَْمِنِ أهْونَ مِنَ الدِّرْهَمِ مِنْ حِلِّهِ.

ذَاكَ حَيثُ يَكُونُ المُعْطى أَعْظَمَ أجْراً مِنَ المُعْطي، ذَاكَ حَيْثُ تَسْكُرونَ مِنْ غَيْـرِ شَرابٍ، بَلْ مِنَ النِّعْمَةِ وَالنَّعِيمِ، وَتـَحْلِفُونَ مِنْ غَيْـرِ اضْطِرَارٍ، وَتَكْذِبُونَ مِنْ غَيـرِ إحْرَاجٍ.

ذَاكَ إِذا عَضَّكُمُ البَلاءُ، كَمَـا يَعَضُّ القَتَبُ غَارِبَ البَعِيرِ، مَا أَطوَلَ هذا العَنَاءَ، وَأَبْعَدَ هَذا الرَّجَاءَ» (2).

7ـ «وَأَخَذُوا يَميناً وشِمالاً، ضَعْناً في مَسَالِكَ الغَيِّ، وَتَرْكاً لِمَذاهِبِ الرُّشْدِ، فَلا تَسْتَعْجِلُوا ما هُوَ كائِنٌ مُرصَدٌ (3) وَتَستَبْطئوا مَا يَجيَ بِهِ الغَدُ.

فَكَمْ مِنْ مُسْتَعْجِلٍ بِمَا إنْ أَدْرَكَهُ، وَدَّ أنَّهُ لَمْ يُدْرِكْهُ، وَمَا أَقْرَبَ اليَوْمَ مِنْ تَبَاشِيرِ غَدٍ(4).


____________

(1) البحار: 41|331ـ332، ح (52)، نهج البلاغة لصبحي الصالح : 148 خطبة (102)، ينابيع المودّة: 437، شرح النهج الحديدي: 7|102 خطبة (101) وفيه: «... يُجَاهِدُهُمْ في اللّهِ...»، وقال: وهذا إنذار بملحمة تجري في آخر الزمان، وقد أخبر النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ بنحو ذلك، نهج البلاغة لمحمد عبدة: 196 خطبة (98) وفيه: « ...يَجِدُّهَا رَاكِبُها...».
(2) شرح النهج الحديدي: 13|95، منتخب الاَثر: 314، نهج البلاغة لمحمّد عبدة: 2|126، ينابيع المودّة: 437، شرح ابن ميثم البحراني: 4|182، منهاج البراعة: 11|141ـ142، في ظلال نهج البلاغة: 3|79ـ80، نهج البلاغة لصبحي الصالح: 277 خطبة (187).
(3) «مرصد» ـ أي مترقّب ما يجيىَ به الغد من الفتن والوقائع.
(4) «من تباشير غد» ـ أي أوائله أو من البشرى به.


( 184 )

يا قَوْمِ ! هَذَا أَبَانُ (1)وُرُوُدِ كُلِّ مَوْعُودٍ،وَدُنُوٍ مِنْ طَلْعَةِ مَا لا تعرِفُونَ.

ألا إنَّ مَنْ أدْرَكَها مِنَّا، يَسْـري (2)فيها بِسِرَاجٍ مُنيرٍ، وَيَحْذُو فِيها عَلَى مِثَالاِلصَّالِحينَ، لِيَحلَّ فِيها رِبْقاً، وَيعْتِقَ فيها رِبْقاً (3) وَيَصْدَعَ شَعْباً، وَيَشْعَبَ صَدْعاً، في سترةٍ عَنِ النّاسِ، لا يُبْصِـرُ القائِفُ (4)أَثَرَهُ وَلَو تابَعَ نَظَرهُ (5).

ثُمَّ لَيشحذنَّ (6)فيها قَوْمٌ شَحْذَ القَيْـنِ النَّصْل (7) تُجْلَى بالتَّنْزيلِ (8) أَبْصَارُهُمْ، وَيُرْمَى بالتفسِيرِ في مَسَامِعِهمْ، وَيَغْبقُونَ (9)كَأسَ الحِكْمَةِ بَعْدَ الصَّبُوحِ» (10).

8 ـ قال _ عليه السلام _ في بعض خطبه: «قَدْ لَبِسَ لِلْحِكْمَةِ جُنَّتَها، وأَخَذَهَا بِجَمِيعِ أَدَبِهَا، مِنَ الاِقْبَالِ عَلَيْهَا، وَالمَعْرِفَةِ بِهَا، والتَّفرُّغِ لَهَا، فَهِيَ عِنْدَ نَفْسِهِ ضَالَّتُهُ الَّتِـي يَطْلُبُها، وَحَاجَتُهُ التَّي يَسْأَلُ عَنْهَا.

فَهُو مُغْتَـرِبٌ إِذَا اغْتَـرَبَ الاِسْلامُ، وَضَـرَبَ بِعَسيبِ ذَنَبِهِ، وَأَلْصَقَ الاَرْضَ


____________

(1) و «الاَبّان» ـ الوقت والزمان.
(2) «يسري» ـ من السَّـري، السير بالليل.
(3) و «الربق» ـ الخيط.
(4) و «القائف» ـ الّذي يتتبّع الآثار.
(5) «ولو تابع نظره» ـ أي ولو استقصى في الطّلب، وتابع النظر والتأمّل.
(6) و «شحذت السكين» حددته، أي ليحرّضنَّ في هذه الملاحم قوم عل الحرب، ويشحذ عزائمهم في قتل أهل الضلال، كما يشحذ الحداد.
(7) «النصل» ـ كالسيف وغيره.
(8) قوله _ عليه السلام _ : «يجلي بالتنزيل» ـ أي يكشف الرين والغطاء عن قلوبهم بتلاوة القرآن، وإلهامهم تفسيره، ومعرفة أسراره.
(9) و «الغبوق» ـ الشرب بالعشيِّ مقابل الصبوح.
(10) البحار: 51|117، وفيه «طعناً بدل ضَعْناً»، منتخب الاَثر: 270، ينابيع المودّة: 437، وفيه: «مِنّا المهدِيُّ يَسْرِي في الدُّنيا»، كلّهم عن نهج البلاغة، نهج البلاغة لصبحي الصالح: 208 خطبة (150) .


( 185 )
بِجِرانِهِ، بَقِيَّةٌ مِنْ بَقَايَا حُجَّتِهِ، خَلِيفَةٌ مِنْ خَلائِفِ أَنْبيائِهِ» (1).

9ـ قال أمير الموَمنين _ عليه السلام _ : لتعطفنَّ الدُّنيا علَيْنا بعد شماسها عطفَ الضروس على ولدها، وتلك عقيب ذلك: "ونريد أن نمّن على الّذين اسْتُضعِفُوا في الاَرضِ ونَجْعَلَهُمْ أئمّة ونجعلهم الوارثين(2)".

***

____________
(1) البحار: 51|114، شرح النهج الحديدي: 10|95، وقال: هذا الكلام فسّـره كلُّ طائفة على حسب اعتقادها، فالشيعة الاِمامية تزعم أنَّ المراد به المهدي المنتظر عندهم ... وليس يبعد عندي أن يريد به القائم من آل محمّد _ صلى الله عليه وآله وسلم _ في آخر الوقت، منتخب الاَثر: 150، ينابيع المودّة: 437، وقال: وَبِقَوْلِهِ فَهُوَ أي المهديُّ مُغْتَربٌ، شرح ابن ميثم البحراني: 3|391، نهج البلاغة لصبحي الصالح: 263 خطبة (182).
بيان: قال ابن أبي الحديد: قالت الاِمامية: إنّ المراد به القائم _ عليه السلام _ المنتظر، والصوفيّة يزعمون: أنَّه وليُّ اللّه، وعندهم: أنَّ الدُّنيا لا تخلو عن الاَبدال وهم أربعون، وعن الاَوتاد وهم سبعة، وعن القطب وهو واحد.
والفلاسفة يزعمون: أنَّ المراد به العارف، وعند أهل السنّة: هو المهدي الذي سَيُخلق.
وقد وقع اتّفاق الفرق من المسلمين: على أنَّ الدُّنيا والتكليف لا ينقضي إلاّ على المهديِّ.
قوله _ عليه السلام _ : «فهو مغترب» ـ أي هذا الشخص يخفي نفسه إذا ظهر الفسق والفجور، و«اغترب الاِسلام» ـ باغتراب العدل والصلاح، وهذا يدلُّ على ماذهبت إليه الاِماميّة، و «العسيب» ـ عظم الذَّنب أو منبت الشعر منه، و «إلصاق الاَرض بجرانه» ـ كناية عن ضعفه وقلّة نفعه، فإنَّ البعير أقلّ ما يكون نفعه حال بروكه .
(2) بيان: عطفت عليه: أي شفقت، وشمس الفرس شماساً: أي منع ظهره، ورجل شموس: صعب الخلق، وناقة ضروس: سيئة الخلق يعضّ حالبها ليبقى لبنها لولدها.


( 186 )




( 187 )
الباب الرابع

الفصل الثالث

المهدي

في شعر أمير الموَمنين


_ عليه السلام ـ


( 188 )





( 189 )

13


«المهديُّ في شعر أمير الموَمنين _ عليه السلام _ »

1ـ وجد كتاب بخطّ الكمال العلويّ النيشابوريِّ في خزانة أمير الموَمنين ـ عليه السلام ـ فيه وصيّة لابنه محمّد بن الحنفيّة:

بُنيَّ إذا ما جاشت الترك فانتظر * ولاية مهديّ يقوم فيعدل

وذكر ملوك الظلم من آل هاشم * وبويع منهم من يلدّ ويهزل

صبيٌّ من الصبيان لا رأي عنده * ولا هو ذو جدّ ولا هو يعقل

فثمَّ يقوم القائم الحقُّ فيكم * وبالحقِّ يأتيكم وبالحقِّ يفعل

سميُّ نبيِّ اللّهِ نفسي فداوَه * فلا تخذلوه يا بنيِّ وعجّلوا (1)


____________
(1) اللوَلوَة البيضاء في فضائل فاطمة الزهراء: تأليف السيّد طالب الخرسان: 181.
أقول: في ديوان أمير الموَمنين ـ صلوات اللّه عليه ـ المنسوب إليه:
بنيَّ إذا ما جاشت الترك فانتظر * ولاية مهدي يقوم فيعدل
وذلَّ ملوك الاَرض من آل هاشم * وبويع منهم من يلذّ ويهزل
صبيُّ من الصبيان لا رأي عنده * ولا عنده جدُّ ولا هو يعقل
فثمَّ يقوم القائم الحقَّ منكم * وبالحقِّ يأتيكم وبالحقِّ يعمل
سميّ نبيِّ اللّه نفسي فداوَه * فلا تخذلوه يا بنيَّ وعجّلوا

البحار: 51|131ـ 132، اثبات الهداة: 7|267ـ268، الصراط المستقيم: 2|264، أئمتنا: 2|409.


( 190 )
2ـ وأمّا كلامه ـ كرم اللّه وجهه ـ:

حسين إذا كنت في بلدة * غريباً فعاشر بآدابها

كأنّي بنفس واعقابها * وبالكربلاء ومحرابها

فتخضب منّا اللّحى بالدماء * خضاب العروس بأثوابها

أراها ولم يك رأي العيان * وأوتيت مفتاح أبوبها

سقى اللّه قائمنا صاحب الـــ * قيـامـــة والنـــاس في دابها

هو المدرك الثأر لي يا حسين * بل لك فاصبر لاَتعابها

لكل دم ألف ألف وما * يقصر في قتل أحزابها

هنالك لا ينفع الظالمين * قول بعذر وأعقابها

أنا الدين لا شك للموَمنين * بآيات وحي بإيجابها

لنا سمة الفخر في حكمها * فصلت علينا باعرابها

فصل على جدك المصطفى * وسلّم عليه لمطلابها (1).

3ـ وقال في منظومته من غير ديوانه:

إنّي عليّ من سلالة هاشم * ترى ذكرنا كتبها في الملاحم

وإنّي قلعت الباب بغزوة خيبر * وجاز جميع الجيش فوق المعاصم

أصول على الاَبطال صولة قادر * وأتركهم رزق النثور الحوائم

وفي يوم بدر قد نصرنا على العداء * وأردينا وسط القليب بصارم

قتلنا أبا جهل اللعين وعتبة * نصرنا بدين اللّه والحق قائم

وفي يوم أُحد جاء جبرئيل قاصداً * بذات فقار للجماجم قاصم

قتلنا اياباً والليام ومن بغى * وصلنا على أعرابها والاَعاجم

ويوم حنين قد تفرق جمعنا * وصالت علينا كفرتها بالصوارم



____________

(1) ينابيع المودّة: 438.


( 191 )
رددت جميع القوام ولم أزال * أرد جيوش المشركين اللوائم

وأسقيتهم كأساً من الموت مزعجاً * وما طعمه إلاّ كطعم العلاقم

وفي يوم الاَحزاب عمراً قتلته * وقد بات الاَحزاب بقتلى عازم

وصلت عليهم صولةً هاشميةً * وقسمتهم قسمين من حد صارم

كسرنا جيوش المشركين بهمة * وأحزابهم ولّوا كشبه الاَغانم

نصرنا على أعدائنا بمحمد * نبي الهدى المبعوث من نسل هاشم

وما قلت إلاّ الحق والصدق شيمتي * وما جرت يوماً كنت فيه بحاكم

رفعت منار الشرع في الحكم والقضاء * وأثبت حكماً للملوك القوادم

فللّهِ دره من إمام صميدع * يذل جيوش المشركين بصارم

ويظهر هذا الدين في كل بقعة * ويرغم أنف المشركين الغواشم

فياويل أهل الشرك من سطوة القنا * وياويل كل الويل لمن كان ظالم

ينقي بساط الاَرض من كل آفة * ويرغم فيها كل من كان غاشم

ويأمر بمعروف وينهى عن منكر * ويطلع نجم الحق بالحق قائم

وينشر بساط العدل شرقاً ومغرباً * وينصر لدين اللّه والحق عالم

وما قلت هذا القول فخراً وإنّما * قد أخبرني المختار من آل هاشم (1)


قال الشيخ صلاح الدين صفوي ـ قدّس سرّه ـ نظرت في تفاسير كتب الحروف للاِمام علي ـ كرّم اللّه وجهه ـ فرأيت فيها لكل قرن حوادث تختص هي به كليات وجزئيات عدلت عنها لكثرتها.


____________

(1) ينابيع المودّة: 439.


( 192 )



( 193 )

الباب الخامس

الفصل الاَوّل

أنصار المهدي



_ عليه السلام _


( 194 )





( 195 )

14


«أنصارُ المهديِّ»


1ـ أخبرنا علي بن الحسين قال: حدَّثنا محمد بن يحيى العطّار، عن محمد بن حسان الرازي، عن محمد بن علي الصيرفي، عن عبد الرحمان بن أبي هاشم، عن عمرو ابن أبي المقدام، عن عمران (بن ضبيان) عن أبي يحيى حكيم بن سعد، قال: سمعت عليّاً _ عليه السلام _ يقول:

«إنَّ أصْحابَ القائمِ شبابٌ لا كُهولَ فِيهم إلاّ كالكُحلِ في العَيْـنِ أو كالمِلحِ في الزَّادِ، وَأَقَلَّ الزَّادِ المِلْحُ» (1).


____________

(1) غيبة النعماني: 315، غيبة الطوسي: 284، عن الفضل بن شاذان، عن عبد الرحمان بن أبي هاشم، عن عمرو بن أبي المقدام، عن عمران بن ضبيان، عن حكيم بن سعد، عن أمير الموَمنين ـ عليه السلام ـ (قال): ـ كما في غيبة النعماني بتفاوت يسير، وفيه: «أصْحابُ المهديِّ»، ملاحم ابن طاووس: 144ـ 145 (الباب السابع والسبعون) فيما ذكره أبو صالح السليلي في صفة أصحاب المهدي، فقال: حدّثنا ابن أبي الثلج، قال: أخبرنا عيسى بن عبد الرحمان قال: أخبرنا عبد الرحمان ابن موسى الجوفي قال: أخبرنا عبد اللّه بن أبي المقدام، عن عمران بن ظبيان، عن أبي يحيى الحكيم ابن سعيد قال: سمعت علياً _ عليه السلام _ يقول: «أصحاب المهديِّ شبابٌ لا كهلَ فيهم»، البحار: 52|333ـ334، عن غيبة الطوسي، وأشار إلى مثله عن غيبة النعماني، إثبات الهداة: 7|37، منتخب الاَثر: 484.


( 196 )

2ـ وروى ابن أعثم الكوفيّ في كتاب «الفتوح»، عن أمير الموَمنين ـ عليه السلام ـ أنّه قال:

«ويحاً للطّالقان فإنَّ للّه عزَّ وجلَّ بها كنوزاً ليست من ذهب ولا فضّة، ولكن بها رجال موَمنون عرفوا اللّه حقَّ معرفته، وهم أيضاً أنصار المهديِّ في آخر الزَّمان» (1).

3ـ وعن عليٍّ (رضي اللّه عنه) قال: «إذا قامَ قائمُ آلِ محمَّدٍ صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم جَـمَعَ اللّهُ لَهُ أهْلَ المَشْـرِقِ وَأَهْلَ المَغْرِبِ، فَيَجْتَمِعُونَ كَمَـا يَجْتَمِعُ قَزَعُ الخَريفِ، فَأَمَّا الرُّفَقَاءُ فَمِنْ أَهْلِ الكُوفَةِ، وَأمَّا الاَبْدالُ فَمِنْ أَهْلِ الشَّامِ» (2).


____________

(1) الفتوح: 2|78 ـ 81، مرسلاً عن أمير الموَمنين _ عليه السلام _ ، البحار: 51|87، الباب الخامس ـ في ذكر نصرة أهل المشرق للمهديِّ _ عليه السلام _ ، البرهان في علامات مهدي آخر الزَّمان: 150 وفيه: وأخرج أبو غنم ... في كتاب «الفتن» ... عن عليِّ بن أبي طالب قال: ولم ير د فيه: موَمنون...أيضاً، اثبات الهداة: 7|197، وفيه: بذهب، ولم يرد فيه: أيضاً، عقد الدرر: 122، وقال: أخرجه الحافظ أبو نعيم الكوفي في كتاب «الفتوح»، كشف الغمة: 3|268، ينابيع المودّة: 2|449، وفيه: أخرج محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي، عن عليِّ (كرم اللّه وجهه) قال: «بخ بخ للطالقان فإنَّ للّه تعالى كنوزاً ليست من ذهب ولا فضّة، ولكن بها رجال معرفون عرفوا اللّه حقّ معرفته، وهم أيضاً أنصار المهدي _ عليه السلام _ في آخر الزَّمان»، بيان الشافعي: 491، عرف السيوطي، الحاوي: 2|82ـ 83 وقال: وأخرج أبو غنم الكوفي في كتاب «الفتن»، جمع الجوامع: 2|104، عن أبي غنم الكوفي في كتاب «الفتن»، المغربي: 580ـ581، وقال: رواه أبو غنم الكوفي في كتاب «الفتن»، غاية المرام: 701، حلية الاَبرار: 2|709، منتخب الاَثر: 484، كنز العمال: 14|591 ح (39677)، منتخب كنز العمال (هامش مسند أحمد): 6|34.
(2) ينابيع المودّة: 2|433 ـ434 (الباب الثالث والسبعون)، عن «جواهر العقدين» وقال: أخرجه ابن عساكر، الصواعق المحرقة: 165، عن ابن عساكر، وليس فيه: «فيجتمعون كما يجتمع قزع الخريف» فضائل الخمسة: 3|343، عن صواعق ابن حجر، المغربي: 572، عن ابن عساكر، وقال: صح رواه ابن عساكر، مختصر تاريخ دمشق: 1|114، مرسلاً عن عليِّ _ عليه السلام _ ، تهذيب ابن عساكر 1|63، مرسلاً عنه _ عليه السلام _ .


( 197 )

4ـ حدَّثنا محمَّد بن همام، ومحمَّد بن الحسن بن محمَّد بن جمهور جميعاً، عن الحسن ابن محمَّد بن جمهور، عن أبيه، عن سماعة بن مهران، عن أبي الجارود، عن القاسم بن الوليد الهمداني، عن الحارث الاَعور الهمداني، قال: قال أمير الموَمنين _ عليه السلام _ على المِنْبَـرِ:

«إذا هَلَكَ الخَاطِبُ، وَزَاغَ صَاحِبُ العَصْـرِ، وَبَقِيَتْ قُلُوبٌ تَتَقَلَّبُ (فَـ) مِنْ مُخْصبٍ وَمـُجْدِبٍ، هَلَكَ المُتَمَنّونَ، واضْمَحَلَّ المُضْمَحِلُّونَ، وَبَقِيَ المُوَْمِنُونَ، وَقَليلٌ مَا يَكُونونَ، ثلاثُمائَةٍ أو يَزِيدُونَ، تُجاهِدُ مَعَهُمْ عِصَابَةٌ جَاهَدَتْ مَعَ رَسُولِ اللّهِ _ صلى الله عليه وآله وسلم _ ـ يَوْمَ بَدْرٍ ـ لَمْ تُقْتَلْ وَلَمْ تَمُتْ» (1).


____________

(1) غيبة النعماني: 195ـ 196، وقال: معنى قول أمير الموَمنين _ عليه السلام _ : «وزاغ صاحب العصر» ـ أراد صاحب هذا الزَّمان، الغائب الزائغ عن أبصار هذا الخلق، لتدبير اللّه الواقع.
ثمَّ قال: «وبقيت قلوب تتقلّب فمن مُـخصب ومجدب» ـ وهي قلوب الشيعة المتقلّبة عند هذه الغيبة، والمحيرة.
فَمَن ثابَتَ منها على الحقِّ مخصب، ومَنْ عادل منها (عنها) إلى الضلال، وزخرف المقال (المحال) مجدب.
ثمَّ قال: «هلك المتمنّون» ـ ذمّاً لهم، وهم الّذين يستعجلون أمر اللّه، ولا يسلّمون له، ويستطيلون الاَمد، فيهلكون قبل أن يروا فرجاً، ويُبقي [اللّه] مَنْ يشاء أن يبقيه [منج أهل الصبر والتسليم، حتّى يلحقه بمرتبته.
وهم الموَمنون، وهم المخلصون القليلون الذين ذكر _ عليه السلام _ : أنَّهم ـ ثلاثمائة ـ أو يزيدون، ممّن يوَهّله اللّه بقوة (لقوَّة) إيمانه، وصحّة يقينه، لنصرة وليّه _ عليه السلام _ ، وجهاد عدوِّه، وهم كما جاءت الرواية: عُمّـاله وحُكّامه في الاَرض، عند استقرار الدار به، ووضع الحرب أوزارها.
ثمَّ قال أمير الموَمنين _ عليه السلام _ : «تُجاهد معهم عصابة جاهدت مع رسول اللّه صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم يوم ـ بدرـ لم تقتل ولم تمت» ـ يريد أنَّ اللّه عزَّ وجلَّ يوَيّد أصحاب القائم ـ عليه السلام ـ هوَلاء ـ الثلاثمائة ـ والنيّف الخلّص بملائكة ـ بدرـ وهم أعدادهم، جعلنا اللّه ممّن يوَهّله لنصرة دينه، مع وليّه _ عليه السلام _ ، وفعل بنا في ذلك ما هو أهله.
البحار: 52|137ـ 138 وفيه: بيان: لعلّ المراد «بالخاطب» ـ الطالب للخلافة، أو الخطيب الّذي يقوم بغير الحقِّ، أو ـ بالحاء المهملة ـ أي جالب الحطب لجهنّم، ويحتمل أن يكون المراد من مرَّ ذكره، فإنَّ في بالي: أنّي رأيت هذه «الخطبة» بطولها، وفيها الاِخبار عن كثير من الكائنات، والشرح للنعمانيِّ.


( 198 )

5ـ حدَّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، ثنا الحسن بن علي بن عفّان العامري، ثنا عمرو بن محمّد العنقزي، ثنا يونس بن أبي إسحاق، أخبرني عمّـار الدهني، عن أبي الطفيل، عن محمّد بن الحنفية قال: كنّا عند عليٍّ (رضي اللّه عنه)، فسأله رجل عن المهديِّ.

فقال علي (رضي اللّه عنه): «هَيْهَاتَ ـ ثُمَّ عَقَدَ بيَدِهِ سَبْعاً ـ فقال: ذَاكَ يَخْرِجُ في آخِرِ الزَّمان، إذا قالَ الرَّجُلُ: اللّهُ اللّهُ قُتِلَ، فَيَجْمَعُ اللّهُ تعالى لَهُ قَوْماً قَزَعٌ كَقَزَعِ السَّحاب، يُوَلِّفُ اللّهُ بَيْـنَ قُلُوبِهِمْ، لا يَسْتَوْحِشُونَ إلى أحَدٍ، ولا يَفْرَحُونَ بِأَحَدٍ يَدْخُلُ فِيهم، على عِدَّةِ أصحابِ بَدْرٍ، لَمْ يَسْبِقهُمُ الاَوَّلُونَ ولا يُدْرِكُهُمْ الآخِرُونَ، وَعَلَى عَدَدِ أصْحابِ طَالُوتَ الَّذِينَ جَاوَزُوا مَعَهُ النَّهرَ»(1).


____________

(1) مستدرك الحاكم: 4|554، وقال: قال أبو الطفيل: قال ابن الحنفيّة: أتريدُهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، إنَّه يخرُجُ مِنْ بَيْـن هَذَيْنِ الخشَبَتَيْنِ، قُلْتُ: لا جَرَمَ واللّه لا أريمهما حتّى أموت،. فَمَاتَ بِها ـ يَعْني مَكَّةَ حرَسَها اللّهُ تعالى.
وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.
برهان المتقي: 144، وفيه: «هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ... تِسْعاً ... ذَلِكَ يَخْرُجُ ... إذا قِيلَ لِلْرَجُلِ: اللّهُ اللّهُ قِيلَ ... قَزَعاً ... عَلَـى أَحَدٍ».
عقد الدرر: 59، عن الحاكم وفيه: «... هاتيْنِ»، وفي: 131 عنه أيضاً، وفيه: «دخلَ... على».
منتخب الاَثر: 166، كشف النوري: 164، مقدَّمة ابن خلدون: 252ـ253، عن الحاكم بتفاوت يسير، وفيه: «...مِنْ بَيْـنِ هَذَيْـنِ الاَخْشَبَيْـنِ» وذكر: أنَّه صحيح على شرط مسلم.
عقيدة أهل السُنَّة والاَثر في المهديِّ المنتظر: 30، عن الحاكم، الاِذاعة: 128، عن الحاكم.
المغربي: 538، عن مقدَّمة ابن خلدون.
ولا يخفى أنَّ قوله _ عليه السلام _ : «ذلك يخرج في آخر الزَّمان» ـ يدلُّ على أنَّه _ عليه السلام _ عقد بيده ـ تسعاً ـ عدد الاَسماء التسعة من وُلد الحسين _ عليه السلام _ .
فلمّـا بلغ إلى الحجّة بن الحسن _ عليهما السلام _ ، قال: «ذلك يخرج في آخر الزمان»، وهو نصٌّمنه ـ عليه السلام ـ على أنَّ المهديَّ _ عليه السلام _ ـ التاسع ـ من وُلد الحسين _ عليه السلام _ فليتذكر.


( 199 )

6ـ وحدَّثنا صباح المزني، عن الحرث بن حصيرة، عن الاَصبغ بن نباتة، قال: خرجنا مع أمير الموَمنين _ عليه السلام _ وهو يطوف في السوق يوفي الكيل والميزان، حتَّى إذا انتصف النهار مرَّ برجلٍ جالس، فقام إليه فقال: يا أمير الموَمنين! سر معي إلى أن تدخل بيتي وتتغدّى عندي، وتدعو اللّه لي، وما أحسبك اليوم تغدّيت.

قال عليّ _ عليه السلام _ : «عليَّ أنْ أشْـرُطَ عَلَيْكَ».

قَالَ: لكَ شَرْطُكَ.

قال _ عليه السلام _ : «عليَّ أن لا تَدَّخِرَ ما في بَيْتِكَ، ولا تَتَكَلَّفَ ما وَرَاءَ بَابِكَ».

قال: لَكَ شَـرْطُكَ، فَدَخَلَ وَدَخَلْنَاهُ، وَأَكَلْنَا خَلاّ ً وَزَيْتاً وَتَمْراً، ثمَّ خَرَجَ يَمشي حَتَّى انتهى إلى بابِ ـ قصرِ الاِمارةِ ـ بِالكوفَةِ، فَرَكَضَ رِجْلَهُ فَتَزَلْزَلَتِ الاَرْضُ.

ثُمَّ قال: «أمَا واللّهِ، لَقَدْ عَلِمْتُ مَا هَهُنا، أَمَا واللّهِ، لَوْ قَدْ قامَ قَائِمُنا لاَخْرَجَ مِنْ هذا الموضِعِ اثني عَشَـرَ أَلْفَ دِرعٍ، واثني عَشَـرَ أَلْفَ بَيْضَةٍ لها وجهانِ، ثمَّ ألْبسها اثني عَشَـرَ رَجُلاً من وُلْدِ العجَمِ، ثمَّ لَيَتأمَّرُ بهِمْ لَيَقْتُلَنَّ كُلَّ مَنْ كانَ على خِلافِ ما هُمْ علَيه، وإنِّي أعْلَمُ ذَلِكَ وَأَراهُ كَمَـا أَعْلَمُ هذا اليَومَ» (1).

7ـ عن عليٍّ _ عليه السلام _: «الاَبْدالُ بِالشَّامِ، والنُجباءُ بِمِصْـرَ، والعَصَائِبُ بِالعِرَاقِ»(2).


____________

(1) الهداية للحضيني: 31، ارشاد القلوب: 284، عن الاَصبغ بن نباتة مرفوعاً، وفيه: كُنّا ... بالسوق ... فيأمرهم بوفاء ...انتصف ... فمرَّ ... وقال ... فادخل ... وتغد ... وادع ... فانَّك ما تغديت اليوم ... فقال ... «شرط أشرطه» ... «تدخلن في بيتك ... وَرَاءَه» وليس فيه: قال: لك شرطك ...، ثمَّ دخل ودخلنا معه ... فأكلنا ... فوكز... لو علمتم ... رجل ... ليأمرهم ليقتلوا ... وفيه: وأراه، وكأنَّ هذا من دلائله.
(2) الفائق: 1|87 ـ مرسلاً، تهذيب ابن عساكر: 1|62 ـ مرسلاً، ونصه: «قبَّةُ الاِسْلامِ بالكُوفَةِ، والهِجْرَةُ بالمَدينَةِ، والنُّجَبَاءُ بِمِصْـرَ، وَالاَبدَالُ بِالشَّامِ، وَهُم قَليلٌ»، وفي 1|63ـ مرسلاً أيضاً، ونصه: «الاَبدالُ مِنَ الشَّامِ، والنُّجَبَاءُ مِنْ أَهْلِ مِصْـرَ، والاَخْيَارُ مِنْ أَهْلِ العِرَاقِ»، وفيه: عَن أبي الطفيل قال: خطبنا عليّ (رضي اللّه عنه) فذكر الخوارج، فقام رجلٌ فلعن أهل الشام، فقال له: «وَيْحَكَ، لا تَعُمَّ، إنْ كُنْتَ لاعِناً فَفُلانَاً وَأَشْيَاعَهُ، فَإنَّ مِنْهُمْ الاَبْدالَ، وَمِنْهُمُ النُّجبَاءَ»، الصراط المستقيم: 2|244 مرسلاً، وفيه: «يجتمعون فيكون بينهم حرب».


( 200 )

8ـ فيما رأيت من عدة أصحاب القائم _ عليه السلام _ وتعيين مواضعهم من كتاب يعقوب بن نعيم قرقارة الكاتب لاَبي يوسف.

قال النجاشي ـ الذي زكّاه محمد بن النجار ـ: إنَّ يعقوب بن نعيم المذكور روى عن الرضا _ عليه السلام _ وكان جليلاً في أصحابنا ثقة، ورأينا ما ننقله في نسخة عتيقة لعلّها كُتِبتْ في حياته وعليه خط السعيد فضل اللّه الراوندي ـ قدّس اللّه روحه ـ.

فقال ما هذا لفظه: حدَّثني أحمد بن محمد الاَسدي، عن سعيد بن جناح، عن مسعدة: أنَّ أبا بصير قال: لجعفر بن محمّد _ عليه السلام _ : هل كان أمير الموَمنين _ عليه السلام _ يعلم مواضيع أصحاب القائم _ عليه السلام _ كما كان يعلم عدتهم؟ فقال جعفر بن محمد _ عليه السلام _ : «أي واللّه يعرفهم بأسمائهم وأسماء آبائهم رجلاً فرجلاً ومواضع منازلهم».

فقال: جعلت فداك فكلّما عرفه أمير الموَمنين _ عليه السلام _ عرفه الحسن _ عليه السلام _ وكلّما عرفه الحسن فقد صار علمه إلى الحسين، وكلّما عرفه الحسين فقد صار علمه إليكم فأخبرني جعلت فداك؟ فقال جعفر _ عليه السلام _ : «إذا كان يوم الجمعة بعد الصلاة فأتني» فأتيته فقال: «أين صاحبك الذي يكتب لك»؟ فقلت: شغله شاغل وكرهت أن أتأخر عن وقت حاجتي.

فقال _ عليه السلام _ لرجل: «اكتب له: بسم اللّه الرحمن الرحيم، هذا ما أملاه رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ على أمير الموَمنين _ عليه السلام _ وأودعه إياه من تسمية أصحاب القائم _ عليه السلام _ وعدَّة من يوافيه من المفقودين عن فرشهم والسائرين إلى مكّة في ليلة واحدة وذلك عند استماع الصوت في السنة التي يظهر فيها أمر اللّه عزَّ وجلَّ وهم النجباء والفقهاء والحكّام على النّاس. المرابط السياح من طواس الشرقي رجل، ومن أهل الشام رجلان، ومن فرغانة رجل، ومن مرو الروذ رجلان، ومن الترمذ رجلان، ومن الصامغان رجلان، ومن النيزبان أربعة رجال، ومن أفنون تسعة رجال، ومن طوس خمسة رجال، ومن فاراب رجلان، ومن الطالقان أربعة وعشرون رجلاً، ومن مرو اثنا عشر رجلاً، ومن جبال الغور ثمانية رجال، ومن نيسابور سبعة عشر رجلاً، ومن سجستان ثلاثة رجال، ومن بوشنج


( 201 )
أربعة رجال، ومن الري سبعة رجال، ومن هراة اثنا عشر رجلاً، ومن طبرستان أربعة رجال، ومن تل مورن رجلان، ومن الرها رجل واحد، ومن قم ثمانية عشر رجلاً، ومن قوميس رجلان، ومن جرجان اثنا عشر رجلاً، ومن فلسطين رجلاً، ومن ... ثلاثة رجال ومن الطبرية رجل، ومن همدان أربعة رجال، ومن بابل رجل واحد، ومن كيدر رجلان، ومن سبزوار ثلاثة رجال، ومن كشمير رجل، ومن سنجار أربعة رجال، ومن قالي قلا رجل، ومن شمشاط رجل، ومن حرَّان رجل، ومن الرقة ثلاثة رجال، ومن الرافقة رجلان، ومن حلب أربعة رجال، ومن قبرص رجلان، ومن بتليس رجل، ومن دمياط رجل، ومن أسوان رجل، ومن سلمية خمسة رجال، ومن دمشق ثلاثة رجال، ومن بعلبك رجل، ومن تل شيزر رجل، ومن الفسطاط أربعة رجال، ومن القلزم رجلان، ومن تستر رجل، ومن برذغة رجل، ومن فارس رجل، ومن تفليس رجل، ومن صنعاء رجلان، ومن مأزن رجل، ومن طرابلس رجل، ومن القيروان رجلان، ومن إيلة رجل، ومن وادي القرى رجل، ومن خيبر رجل، ومن بدر رجل، ومن الحان رجل، ومن أهل المدينة رجل، ومن الربذة رجل، ومن الكوفة أربعة عشر رجلاً، ومن الحيرة رجل، ومن كوثي رجل، ومن طي رجل، ومن زبيدة رجل، ومن برقة رجلان، ومن الاَهواز رجلان، ومن اصطخر رجلان، ومن ببداميل رجل، ومن الليان رجل، ومن ... رجل، ومن واسط رجل، ومن حلوان رجلان، ومن البصرة ثلاثة رجال، ومن أصحاب الكهف سبعة رجال، والتاجران الخارجان من عانة إلى انطاكية، والمستأمنة إلى الروم وهم أحد عشر رجلاً، والنازلون بسرانديب، ومن السمندر أربعة رجال، والمفقود من مركبه بسلاهط رجل، ومَنْ هرب من الشعب إلى سندانية رجلان، والمتخلّـي بسقلية والطواف لطلب الحق من يخشب رجل، والهارب من عشيرته من بلخ رجل، والمحتج بالكتاب من سرخس على النصاب، فهوَلاء ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، يجمعهم اللّه عزَّ وجلَّ بمكّة في ليلة واحدة، وهي ليلة الجمعة فيصبحون بمكة في بيت اللّه الحرام لا يتخلّف منهم رجل واحد فينتشرون بمكة في أزقتها ويطلبون منازل يسكنونها، فينكرهم أهل مكّة، وذلك لم يعلموا بقافلة قد دخلت من
( 202 )
بلدة من البلدان لحج ولا لعمرة ولا تجارة، فيقول من يقول من أهل مكة بعضهم لبعض، ما ترون قوماً من الغرباء في يومنا هذا لم يكونوا قبل هذا ليس هم من أهل بلدة واحدة ولا هم من قبيلة واحدة ولا معهم أهل ولا دواب، فبينا هم كذلك إذ أقبل رجل من بني مخزوم فيتخطّى رقاب الناس ويقول: رأيت في ليلتي هذه روَيا عجيبة وأنا لها خائف وقلبي منها وجل، فيقولون سر بنا إلى فلان الثقفي فاقصص عليه روَياك، فيأتون الثقفي فيقول المخزومي: رأيت سحابة انقضت من عنان السماء فلم تزل حتى انقضت على الكعبة ما شاء اللّه، وإذا فيها جراد ذو أجنحة خضر، ثمّ تطايرت يميناً وشمالاً لا تمر ببلد إلاّ أحرقته ولا بحصن إلا حطّمته، فيقول الثقفي لقد طرقكم في هذه الليلة جند من جنود اللّه جلّ وعزّ لا قوّة لكم به، فيقولون أما واللّه لقد رأينا عجباً ويحدّثونه بأمر القوم، ثمّ ينهضون من عنده فيهتمّون بالوثوب بالقوم وقد ملاَ اللّه قلوبهم رعباً وخوفاً، فيقول بعضهم لبعض وهم يأتمرون بذلك، يا قوم لا تعجلوا على القوم، ولم يأتوكم بمنكر ولا شهروا السلاح ولا أظهروا الخلاف ولعلّه أن يكون في القوم رجل من قبيلتكم فإن بدا لكم من القوم أمر تنكرونه فأخرجوهم، أما القوم فمتمسّكون سيماهم حسنة وهم في حرم اللّه جلّ وعزّ الذي لا يفزع من دخله حتى يحدثوا فيه حادثة ولم يحدث القوم ما يجب محاربتهم، فيقول المخزومي وهو عميد القوم: أنا لا آمن أن يكون وراهم مادة وأن أتت إليهم انكشف أمرهم وعظم شأنهم فأحصوهم وهم في قلّة من العدد وعزّة بالبلد قبل أن تأتيهم المادة، فإنّ هوَلاء لم يأتوكم إلاّ وسيكون لهم شأن، وما أحسب تأويل روَيا صاحبكم إلاّ حقّاً، فيقول بعض لبعض: إن كان من يأتيكم مثلهم فإنّه لا خوف عليكم منهم لاَنّه لا سلاح معهم ولا حصن يلجأون إليه، وإن أتاكم جيش نهضتم بهوَلاء فيكونون كشربة ظمآن، فلا يزالون في هذا الكلام ونحوه حتى يحجز الليل بين الناس فيضرب على آذانهم بالنوم فلا يجتمعون بعد إنصرافهم أن يقوم القائم فيلقى أصحاب القائم _ عليه السلام _ بعضهم بعضاً كبني أب وأُمّ افترقوا غدوة واجتمعوا عشية.

فقال أبو بصير: جعلت فداك ليس على ظهرها موَمن غير هوَلاء قال: بلى ولكن


( 203 )
هذه العدّة التي يخرج فيها القائم _ عليه السلام _ وهم النجباء والفقهاء وهم الحكّام وهم القضاة الذين يمسح بطونهم وظهورهم فلا يشكل عليكم حكم (1).

9ـ وخطب عليّ بعد انقضاء أمر النهروان، فذكر طرفاً من الملاحم وقال: «ذلك أمر اللّه، وهو كائن وقتاً مريحاً، فيابن خيرة الاماء، متى تنتظرُ، أبشر بنصر قريب من ربّ رحيم، فبأبي وأُمّي من عدّة قليلة، أسماوَهم في الاَرضِ مجهولةٌ ، قد دان حينئذ ظهورهم، يا عجباً كُلَّ العجب، بين جُمادى وَرَجَب، مِنْ جَمْعِ شَتَاتٍ، وَحَصْد نَبَاتٍ، وَمِنْ أصْواتٍ بَعْدَ أَصْواتٍ.

ثمَّ قال: سَبَق القضاءُ سَبَقَ» (2).

10ـ روى أبو العلاء الهمداني من أفضل علماء الجمهور، وقد أثنى عليه الحافظ محمّد بن النجّار في تذييله على «تاريخ الخطيب»، حتَّى قال: تعذَّر وجود مثله في أعصار كثيرة، ذكر في كتاب «أخبار المهديِّ» أحاديث في ذلك، منها: عن أبي رومان، قال عليٌّ _ عليه السلام _ :

«يخرج من مكة بعد الخسف في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، ويلتقي هو وصاحب جيش السفياني، وأصحاب المهدي يومئذ جُننهم البراذع يعني تراسهم، ويسمع صوت مناد من السماء: ألا إنَّ أولياءَ اللّهِ أصحاب فلان يعني المهدي، وتكون الدائرة على أصحاب السفياني»(3).


____________

(1) ملاحم ابن طاووس: 201 ـ205. هذا الحديث ليس علوي ولكن ذكر لشدة المناسبة.
(2) ينابيع الموَّدة: 512، وقال: قال رجلَّ مِنْ أهل البَصرَةِ إلى رجل مِنْ أهل الكوفة في جنبه: أشهد أنَّه كاذب.
قال الكوفيُّ: واللّه، ما نزل عليُّ مِنَ المنبر حتّى فُلِجَ الرجل فمات من ليلته.
(3) الصراط المستقيم: 2|260، عنه إثبات الهداة: 3|615، ـ بعضه ـ بتفاوت يسير.


( 204 )

11ـ محمّد بن همام، عن حميد بن زياد، عن محمّد بن علي بن غالب عن يحيى بن عُليم، عن أبي جميلة، عن جابر قال: حدَّثني من رأى المسيّب بن نجبة قال: جاء رجل إلى أمير الموَمنين _ عليه السلام _ ومعه رجل يقال له ابن السوداء، فقال له: يا أمير الموَمنين! إنَّ هذا يكذب على اللّه وعلى رسوله ويستشهدك.

فقال أمير الموَمنين: لقد أعرض وأطول (1) يقول ماذا؟ قال: يذكر جيش الغضب. فقال: خلِّ سبيل الرَّجل! أُولَئِكَ قوم يأتون في آخر الزمان قزع كقزع الخريف الرَّجل والرَّجلان والثلاثة، في كلِّ قبيلة حتّى يبلغ تسعة، أما واللّه إنّي لاَعرف أميرهم واسمه ومناخ ركابهم، ثمَّ نهض وهو يقول: [باقراً] باقراً باقراً ثمّ قال: ذلك رجل من ذرِّيتي يبقر الحديث بقراً (2).

12ـ عنه، عن محمّد بن الحسن بن شمّون البصري، عن عبد اللّه بن عمرو بن الاَشعث، عن عبد اللّه بن حمّاد الاَنصاري، عن الصبّاح بن يحيى المزني، عن الحارث بن حصيرة، عن الحكم بن عيينة قال: لمّا قَتَلَ أمير الموَمنين ـ عليه السلام ـ الخوارج يوم النهروان قام إليه رجل فقال: يا أمير الموَمنين طوبى لنا إذ شهدنا معك هذا الموقف وقتلنا معك هوَلاء الخوارج، فقال أمير الموَمنين _ عليه السلام _ : والّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لقد شهدنا في هذا الموقف أُناس لم يخلق اللّه آباءهم ولا أجدادهم بعد. فقال الرجل: وكيف شهدنا قوم لم يخلقوا؟ قال: بلى، قوم يكونون في آخر الزمان يشركوننا فيما نحن فيه وهم يسلّمون لنا، فأُولئِكَ شركاوَنا فيما كنّا فيه حقّاً حقّاً (3).


____________

(1) بيان: لقد أعرض وأطول: أي قال. لك قولاً عريضاً طويلاً تنسبه إلى الكذب فيه ويحتمل أن يكون المعنى انَّ السائل أعرض وأطول في السوَال.
(2) البحار: 52|247، غيبة النعماني: 311ـ312.
(3) البحار: 52|131 ح32 الباب 22، عن المحاسن: 262 ح322 الباب 33.


( 205 )

13ـ أخبرنا عليّ بن الحسين المسعودي قال: حدَّثنا محمّد بن يحيى العطار بقم قال: حدَّثنا محمّد بن حسّان الرّازي، قال: حدَّثنا محمّد بن عليّ الكوفي، عن عبد الرَّحمن ابن أبي حمّـاد، عن يعقوب بن عبد اللّه الاَشعري (1) عن عتيبة بن سعد[ان] بن يزيد، عن الاَحنف بن قيس، قال: «دخلت على عليّ _ عليه السلام _ في حاجة لي فجاء ابن الكوَّاء وشبث بن ربعي فاستأذنا عليه، فقال لي عليّ ـ عليه السلام ـ : إن شئت فأذن لهما فإنّك أنت بدأت بالحاجة، قال: قلت: يا أمير الموَمنين فاذن لهما. فلمّـا دخلا، قال: ما حملكما على أن خرجتما عليَّ بحروراء؟ قالا: أحببنا أن نكون من [جيش] الغضب (2) قال: ويحكما وهل في ولايتي غضب؟ أوَ يكون الغضب حتّى يكون من البلاء كذا وكذا؟ ثمَّ يجتمعون قزعاً كقزع الخريف (3) من القبائل ما بين الواحد والاثنين والثلاثة والاَربعة والخمسة والستّة والسبعة والثمانية والتسعة والعشرة» .


____________

(1) عبد الرحمان بن أبي حماد كوفي انتقل إلى قم وسكنها، وهو صاحب دار أحمد بن محمّد بن خالد البرقي وكان ضعيفاً في حديثه وله كتاب، ويعقوب بن عبد اللّه بن سعد بن مالك بن هاني بن عامر بن أبي عامر الاَشعري أبو الحسن القمي ثقة عند الطبراني وابن حبّان، وقال أبو نعيم الاصبهاني: كان جرير بن عبد الحميد إذا رآه قال: هذا موَمن آل فرعون (راجع تهذيب التهذيب) ولم أعثر على عنوان عتيبة بن سعد أو سعدان، وفي بعض النسخ «عيينة» ولم أظفر به أيضاً.
(2) كذا في النسخ، وفي البحار «أحببنا أن تكون من الغضب» بصيغة الخطاب، وفي بعض النسخ بزيادة «جيش» قبل «الغضب».
(3) تقدم معناه مع توضيح.