
(1) غيبة النعماني: 305 ـ 306، غيبة الطوسي: 277 ـ (أخبرنا جماعة) عن أبي المفضّل الشيباني،
عن أبي نعيم نصر بن عصام بن المغيرة العمري، عن أبي يوسف يعقوب بن نعيم عمرو قرقارة
الكاتب، عن أحمد بن محمّد الاَسدي، عن محمّد بن أحمد، عن إسماعيل بن عباس، عن مهاجر
بن حكيم، عن معاوية بن سعيد، عن أبي جعفر محمّد بن علي قال: قال علي بن أبي طالب ـ عليه
السلام ـ : وفيه «... رُمْحانِ ... فَهُوَ آيَةٌ قِيلَ ثُمَّ مَهْ؟ قالَ ثُمَّ رَجْفَةٌ ... مائَةُ ألْفٍ يَجْعَلُهُ الشَّهْبِ
والرَّاياتِ ... حَتّى تَحُلَّ بالشَّام، فَإِذا كانَ ذَلِكَ فَانتظروا خسْفاً بقرية من قُرى الشَّام، خَرَسْنا، وإذا
كانَ ذَلِكَ فَانْتَظِرُوا ابنَ آكِلَةِ الاَكبادِ بِوادي اليابِسِ»، إثبات الهداة: 3|730 ـ عن غيبة الطوسي
بتفاوت في السند، البحار: 52|216ـ عن غيبة الطوسي بتفاوت يسير، وفي : 253 ـ عن غيبة
النعماني، بشارة الاِسلام: 53 ـ عن غيبة الطوسي، العدد القوية: 76ـ كما في غيبة الطوسي
بتفاوت يسير، مرسلاً عن علي
_ عليه السلام _ وفيه: «...فَانْتَظِرُوا ابْنَ آكِلَةِ الاَكْبادِ بِالوادِي اليابِسِ،
ثُمَّ تُظِلّكُمْ فِتْنَةٌ مُظْلِمَةٌ عَمْياءٌ مُنْكَشِفَةٌ، لا يَغْبُو (لا ينجو) منها إلاّ النُّوَمَةُ، قِيلَ: وَمَا النُّومَةُ؟ قَالَ:
الذي لا يَعْرِفُ النَّاسُ مَا في نَفْسِهِ»، البدء والتاريخ: 2|177ـ قال : وفيما خبر عن علي بن أبي
طالب ـ صلوات اللّه عليه ـ في ذكر الفتن بالشام قال: «فَإِذا كانَ ذَلِكَ خَرَجَ ابنُ آكِلَةِ الاَكْبَادِ عَلَـى
أَثَرِهِ، لِيَسْتَوْلِيَ عَلَـى مِنْبَـرِ دِمَشْقَ، فَإِذا كَانَ ذِلِكَ فَانْتَظِرُوا خُرُوجَ المَهْدِيِّ»، الخرائج:3ـ 1151ـ
كما في غيبة الطوسي بتفاوت يسير مرسلاً عن أمير الموَمنين
_ عليه السلام _ ، وفيه: «...بالوادي
اليابس»، منتخب الاَنوار المضيئة: 29ـ عن الخرائج.
( 222 )
فتجتمع رؤساء الشام وفلسطين فيقولون اطلبوا ملكَ الاَوّلِ فَيَطْلِبُونَهُ فَيُوافُونَهُ
بِغُوطَةِ دِمشْقَ، بِمَوضِعٍ يُقالُ لَهَا حَرَسْتَا، فَإِذا أَحَسَّ بِهِمْ هَرَبَ إلى أخوالِهِ كَلْبٍ،
وَذَلِكَ دَهَاءٌ مِنْهُ.
وَيَكونُ بالوادِي اليابِس عِدَّةٌ عَديدةٌ فَيَقُولُونَ لَهُ يا هَذا، ما يَحِلُّ لَكَ أَنْ تُضِيِّعَ
الاِسْلاَمَ أمَا تَرَى ما النَّاسُ فِيهِ مِنَ الهوانِ والفِتَنِ؟ فَاتَّقِ اللّه وَاخْرُجْ أمَا تَنْصُـرُ
دِينَكَ؟ فَيَقُولُ لَسْتُ بِصاحِبِكُمْ، فَيَقُولونَ: أَلَسْتَ مِنْ قُريشٍ، مِنْ أهْلِ بَيْتِ المُلْكِ
القَديمِ، أمَا تَغْضَبُ لاَهْلِ بَيْتِكَ وَمَا نَزَلَ بهمْ مِنْ الذُلِّ والهَوانِ؟ وَيخرُجُ رَاغِباً في
الاَمْوالِ والعَيْشِ الرَّغَدِ، فَيَقُولُ اذْهَبُوا إلى حُلفائِكُمْ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَدِينُونَ لهمْ هذِهِ
المُدَّةَ، ثُمَّ يَجِيئُهُمْ فَيَخْرُجُ في يَوْمِ جمعَةٍ فَيَصْعَدُ مِنْبَرَ دِمَشْقَ وََهُوَ أَوَّلُ مِنْبَـرٍ
يَصْعَدُهُ، فَيخطِبُ وَيأمُرُهُم بِالجِهادِ، ويُبايُعُهُم على أنَّهم لا يُخالِفونَ لهُ أمْراً، رَضَوْهُ
أَمْ كَرِهُوهُ. فَقامَ رَجُلٌ فَقَالَ: ما اسْمُه يا أميرَ الموَمِنين؟ فَقالَ: هُوَ حَرْبُ بْنُ عَنْبَسَةَ بن
مُرَّةَ بن كَلْبِ بن سَلَمَة بن يَزيد بن عُثمانِ بن خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي
سفيان بن صخر بن حرب بن أُميّة بن عبد شمسٍ، مَلعُونٌ في السَّماءِ، مَلْعونٌ في
الاَرْضِ، أشَـرُّ خَلْقِ للّهِ عَزَّ وَجَلَّ أباً، وَأَلعَنُ خَلْقِ اللّهِ جَدّاً، وَأَكثرُ خَلْقِ اللّهِ ظُلماً.
قال: ثُمَّ يَخْرُجُ إلى الغوطَةِ، فَما يَبْرَحُ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ إليهِ، وَتَتَلاحَقَ بِهِ
أهْلُ الضَّغائِنِ، فَيَكُونُ في خمسِينَ ألفاً، ثُمَّ يَبْعَثُ إلى كَلْبٍ فَيأتِيهِ مِنهُمْ مِثْلُ السَّيْلِ،
وَيَكُونُ في ذَلِكَ الوَقْتِ رجالُ البَرْبَرِ يُقاتِلُونَ رِجَالَ المَلِكِ مِنْ وُلْدِ العَبَّاسِ،
فَيُفاجِئُهُمُ السُّفيانيُّ في عَصائِبِ أهلِ الشَّامِ، فَتَخْتَلِفُ الثَلاثُ رَاياتٍ رِجالُ وُلْدِ
العبّاسِ هُمْ التُّـرْكُ والعَجَمُ، وَرَاياتهمْ سَوْداءُ، وَرَايَةُ البَـربَرِ صَفْراءُ وَرايَةُ السُّفيانيِّ
حَمراءُ، فَيَقْتَتِلُونَ بِبَطْنِ الاَرْدُنَ قِتالاً شَديداً، فَيُقْتَلُ فِيما بَيْنَهُمْ سِتُّونَ ألْفاً، فَيَغْلِبُ
السُّفْيَانِـيُّ، وإنَّهُ لَيَعْدِلُ فِيهِمْ حَتَّى يَقُولَ القائِلُ: وَاللّهِ ما كَانَ يُقالُ فِيهِ إلاّ كَذِبٌ، وَاللّهِ
إنَّهمْ لَكَاذِبُونَ، لَوْ يَعلَمونَ ما تَلْقى أُمّة مُحَمَّدٍ _ صلى الله عليه وآله وسلم _ مِنْهُ مَا
قَالوا ذَلِكَ، فلا يَزَالُ يَعْدِلُ حَتَّى يَسِير وَيعبر الفرات، وينزع اللّه مِن قلبه الرحمة،
ثمّ يسير إلى المَوضِعِ المَعْرُوفِ بِقَرْقِيسيا، فَيكُونُ لَهُ بِهَا وَقْعَةٌ عَظِيمَةٌ، وَلاَ يَبْقى بَلَدٌ
( 223 )
إلاَّ بَلَغَهُ خَبَـرُهُ، فيداخِلُهُمْ مِنْ ذَلِكَ الجَزَعُ. ثُمَّ يَرْجِعُ إلى دِمَشْقَ، وَقَدْ دانَ لَهُ الخَلْقُ،
فَيُجَيِّشُ جَيْشَيْـنِ جَيش إلى المدِينَة، وَجَيش إلى المَشْـرِقِ، فأَمَّا جَيْشُ المَشْرِقِ ـ
فَيَقْتُلُونَ بالزَّوراءِ سَبْعِينَ أَلْفاً، وَيَبْقُرونَ بُطُونَ ثَلاثَمائَة امْرأةٍ، وَيَخْرُجُ الجَيْشُ إلى
الكوفَةِ، فَيَقْتُلُ بِهَا خَلْقاً. وأمّا جَيْشُ المدينَةِ إِذَا تَوسَّطوا البَيْداءَ صاحَ بِهِمْ صائِحٌ،
وَهُوَ جبْـرِيل
_ عليه السلام _ ، فَلا يَبْقى مِنْهُمْ أَحَدٌ إلاَّ خَسَفَ اللّهُ بِهِ، وَيكُونُ في أَثرِ
الجيشِ رَجُلانِ يُقالُ لَهُما بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ، فإذَا أَتيا الجيْشَ لَمْ يَرَيا إلاّ رُوَُوساً خَارِجَةً
على الاَرْضِ، فَيَسأَلانِ جِبْـريلَ
_ عليه السلام _ : ما أَصابَ الجَيشَ؟ فَيَقُول: أَنْتُمَـا
مِنْهُمْ؟ فَيَقُولانِ: نَعَمْ. فَيَصيحُ بهما، فَتَتَحَوَّلُ وُجوهُهُما القَهْقَرى، وَيَمْضي أَحَدُهما
إلى المدينَةِ وَهُوَ بَشيرٌ، فَيُبَشّـرُهُمْ بِما سَلَّمَهُمْ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ، والآخر نَذيرٌ
فَيَرْجِع إلى السُّفيانيِّ، فيخبره بما نالَ الجَيْشَ عِنْدَ ذَلِكَ.
قالَ: وَعِنْدَ جُهَيْنَةَ الخَبَـرَ اليَقينُ، لاَنَّهُمـا مِنْ جُهَيْنَةَ. ثُمَّ يَهْرَبُ قَوْمٌ مِنْ وُلْدِ
رَسُولِاللّهِ _ صلى الله عليه وآله وسلم _ إِلى بَلَدِ الرُّومِ، فَيَبْعَثُ السُّفيانيُّ إلى مَلِكِ
الرُّومِ: رُدَّ إليَّ عَبيدي، فَيَرُدُّهُم إليهِ، فَيَضربُ أَعْناقَهُمْ على الدَّرَجِ شَرْقِيَّ مَسْجِدِ
دِمَشقَ فَلا يُنْكَرُ ذلِكَ عَلَيْهِ. ثُمَّ يَسِيرُ في سَبْعينَ ألْفاً نَحْوَ العِراق، والكُوفَة، والبَصرة.
ثُمَّ يَدُورُ الاَمصارَ والاَقطارَ، وَيَحُلُّ عُرى الاِسلامِ عُرْوَةً بَعْدَ عُرْوَةٍ، وَيَقْتُلُ أهْلَ العِلْمِ
وَيُحرِقُ المَصاحِفَ وَيخَرِّبُ المساجِدَ وَيَسْتَبيح الحَرامَ، وَيَأمُرُ بِضَـرْبِ الملاهِي
والمَزاهِر في الاَسْواقِ، والشُّـرْبِ على قَوارِعِ الطُّرُقِ، وَيُحلِّلُ لهمُ الفَواحِشَ،
وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِم كُلَّ ما افْتَرَضهُ اللّهُ عَزَّ وَجلَّ عَلَيْهِمْ مِنْ الفَرائِضَ، وَلا يَرْتَدِعُ عَنِ
الظُّلْمِ والفُجُورِ بَلْ يَزْدادُ تَمَرُّداً وَعُتُوّاً وَطُغياناً، وَيَقْتُلُ مَنْ كانَ اسْمُهُ مُحَمداً،
وَأحْمَدَ، وَعَلِيّاً، وَجَعْفَراً، وَحَمْزَةَ، وَحَسَناً، وَحُسَيْناً، وَفاطِمَةَ، وَزَيْنَبَ، وَرُقَيّةَ، وَأُمّ
كُلْثُومٍ، وَخَديجة، وعاتِكَةَ، حَنقاً وَبُغضاً (لِبَيْت آلِ) رَسُولِ اللّه صلَّى اللّه عليه و آله
و سلَّم .
ثُمَّ يَبْعَثُ فَيَجْمَعُ الاَطْفَالَ، وَيَغْلي الزَّيتَ لَهُمْ، فَيَقُولُونَ إن كان آباوَنا عَصَوْكَ
فَنَحنُ ما ذَنبُنا؟ فَيأخُذُ مِنْهُمُ اثنين اسْمُهُما حَسَناً وَحُسيْناً (كذا) فَيَصْلِبهُما، ثُمَّ يَسِيرُ
إلى الكوفَةِ، فَيَفْعَلُ بِهِمْ كما فَعَلَهُ بالاَطْفالِ، وَيَصْلِبُ على بابِ مسْجِدِها طفْلَينِ
أسْماوَهما حسنٌ وحسينٌ، فتغلي دماوَُهما كما غَلَـى دَمُ يَحيى بنِ زَكَرِيّا ـ عليهما
السلام ـ ، فَإِذا رَأَى ذَلِكَ
( 224 )
أَيْقَنَ بِالهَلاكِ والبَلاءِ، فَيَخْرُجُ هارِباً مِنها، مُتوجِّهاً إلى الشَّامِ فلا يَرى في طريقِهِ
أحداً يُخالفُهُ، فإِذا دَخَلَ دمشقَ اعتَكَفَ على شُـرْبِ الخَمْرِ والمعاصي، ويأمُرُ
أصحابَهُ بذلِكَ.
ويَخْرُجُ السُّفْيانيُّ وبيَدِهِ حَربَةٌ فَيأخُذُ امرأةً حامِلاً فَيَدْفَعها إلى بَعْضِ أصْحابِهِ
وَيَقُول: افْجُرْ بِها في وَسَطِ الطَّريق. فَيَفْعَلُ ذَلِكَ، وَيَبْقُرُ بَطْنَها، فَيَسْقُطُ الجَنينُ مِنْ
بَطْنِ أُمّه، فلا يَقْدِرُ أحدٌ أن يُغَيِّـرَ ذَلِكَ، فَتَضْطَرِبُ المَلائِكَةُ في السَّماءِ فَيأمُرُ اللّهُ عَزَّ
وَجَلَّ جِبريلَ _ عليه السلام _ فَيَصيحُ على سُورِ مَسْجدِ دِمشقَ: ألا قدْ جاءَكُمُ
الغَوْثُ يا أُمّةَ مُحَمَّدٍ، قدْ جاءَكُمُ الغَوْثُ يا أُمّةَ مُحَمَّدٍ، قَدْ جاءَكُمْ الفَرَجُ، وَهُوَ
المَهْديُّ _ عليه السلام _ خارِجٌ مِنْ مَكَّةَ فأجِيبُوهُ. ثُمَّ قال _ عليه السلام _ : ألا أصِفُهُ
لَكُمْ، ألا وإنَّ الدَّهرَ (فينا قُسِمَتْ) حُدُودُهُ (ولنا أُخِذَتْ) عُهُودُهُ، وَإِلَيْنَا تُرَدُّ شُهودُهُ،
ألا وإنَّ أهلَ حَرَمِ اللّهِ عزَّ وَجَلَّ سَيطْلبُونَ لنا بالفضلِ، مَنْ عَرَفَ عَوْدَتَنا فَهُوَ
مُشاهِدُنا، ألا فَهُوَ أشْبَهُ خَلْقِ اللّهِ عَزَّ وَجلَّ بِرَسُولِ اللّهِ _ صلى الله عليه وآله وسلم _
واسْمُهُ على اسْمِهِ، وَاسْمُ أبيهِ على اسم أبيهِ، مِنْ ولدِ فاطمَةَ ابنةِ محمّدٍ صلَّى اللّه
عليه و آله و سلَّم ، مِنْ وُُلْدِ الحسين. ألا فَمَنْ تَوالى غَيْـرَهُ لَعَنَهُ اللّهُ.
ثُمَّ قالَ _ عليه السلام _ : فَيَجْمَعُ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ أصْحابَهُ عَلى عَدَدِ أهْلِ بَدْرٍ،
وََعلى عَددِ أصْحابِ طالُوتَ، ثَلاثُمائَةٍ وَثَلاثَةَ عَشَـرَ رَجُلاً، كَأَنَّهُمْ لُيُوثٌ خَرَجُوا من
غابَةٍ، قُلُوبُهُمْ مِثْلُ زُبُرِ الحَدِيدِ، لَوْ هَمَّوا بِإِزالَةِ الجِبَالِ لاََزالُوها عَنْ مَوضِعها، الزَّيُّ
واحِدٌ، واللِّباسُ واحِدٌ، كأنَّما آباوَهُمْ أبٌ واحدٌ.
ثُمَّ قال أمير الموَمنين _ عليه السلام _ : وإِنِّي لاَعْرِفُهُمْ وََأَعْرِفُ أسْماءَهُمْ، ثُمَّ
سَمَّاهُمْ، وَقالَ: ثُمَّ يَجْمَعُهُمْ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ مَطْلَعِ الشّمْسِ إلى مَغْرِبِها، في أَقَلّ مِنْ
نِصْفِ لَيْلَةٍ، فَيأتُونَ مَكَّةَ فَيُشْـرِفُ عَلَيْهمْ أهْلُ مَكَّة فَلا يَعْرِفُونَهُمْ فَيَقُولون كَبَسنا
أصْحابُ السُّفيانيِّ. فَإِذا تَجَلّـى لَهُمُ الصُّبْحُ يَرَوْنَهُمْ طائِعينَ مُصَلّينَ فَيُنْكِرونَهُمْ،
فَعِنْدَ ذَلِكَ يُقَيِّضُ اللّهُ لَهُمْ مَنْ يُعَرِّفُهُمُ المَهدِيّ _ عليه السلام _ وَهُوَ مُخْتَفٍ،
فَيَجْتَمِعُونَ إلَيْهِ فَيَقُولونَ لَهُ أَنْتَ المهديُّ؟ فَيَقُولُ أنا أنصاريُّ، واللّه ما كَذِبَ، وَذَلِكَ
أنَّه ناصِـرُ الدِّينِ، وَيَتَغَيَّبُ عَنْهُمْ، فَيُخْبرُونَـهُمْ أنَّهُ قَدْ لَحِقَ بِقَبْرِ جَدِّهِ ـ عليهما
السلام ـ ، فَيَلْحَقُونَهُ بالمدينَةِ، فَإِذا أحسَّ بِهِم رَجَعَ إلى مَكَّة (فلا يزالونَ
( 225 )
بِهِ إلى أن يُجيبَهُم) فَيَقُولُ لَهُم: إنّي لَسْتُ قاطِعاً أَمْراً حَتَّى تُبايِعُوني على ثلاثين
خِصْلَةً تَلْزَمُكُمْ لا تُغَيّـرونَ مِنْها شيْئاً، وَلَكُمْ عليَّ ثَمانِ خِصالٍ، قالُوا: قَدْ فَعَلْنَا ذَلِكَ،
فَاذْكُرْ ما أَنْتَ ذاكِرٌ يا ابنَ رَسُولِ اللّهِِ
_ صلى الله عليه وآله وسلم _ . فَيَخْرُجُونَ مَعَهُ
إلى الصَّفا فَيَقُولُ: أنا معَكُمْ على أن لا تُوَلُّوا، ولا تَسْـرِقُوا، ولا تَزْنُوا ولا تَقْتُلُوا
مُحرّماً، ولا تَأْتُوا فاحِشَةً، ولا تَضْـرُبُوا أحَداً إلاّ بِحَقّهِ، ولا تَكْنِزُوا ذَهَباً ولا فِضَّةً ولا
تِبراً ولا شَعِيراً، ولا تَأْكُلُوا مالَ اليتيمِ، ولا تَشْهَدُوا بِغَيْـرِ ما تَعْلَمُونَ، ولا تُخَرِّبُوا
مَسْجِداً، ولا تُقَبِّحُوا مُسْلِماً، ولا تَلْعَنوا مُوَاجراً إلاّ بِحَقِّهِ، ولا تَشْـرَبُوا مُسْكِراً، ولا
تَلْبَسُوا الذَّهَبَ ولا الحَرِير ولا الدِّيباجَ، ولا تَبيعوها رباً، ولا تَسْفِكوا دَماً حَراماً، ولا
تَغْدُرُوا بِمُسْتأْمِنٍ، ولا تُبْقُوا عَلى كافِرٍ ولا مُنافِقٍ، وَتَلْبَسُونَ الخَشِنَ مِنَ الثِّيابِ،
وَتَتَوسَّدونَ التُّرابَ على الخُدُودِ، وتُجاهِدونَ في اللّهِ حَقَّ جِهادِه، ولا تَشْتُمُونَ،
وتَكرهُونَ النَّجاسَةَ، وتَأمُرُونَ بِالمَعروفِ، وَتَنْهَونَ عَنِ المُنكَرِ. فَإِذا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ
فعَلَـيّ أن لا أتَّخِذَ حاجِباً ولا ألبس إلاّ كما تَلْبَسونَ، ولا أرْكَب إلاّ كَمَا تَركَبُونَ،
وأرْضى بِالقَليلِ، وأَملاَ الاَرْضَ عَدلاً كَمَـا مُلِئَتْ جَوْراً، وأعْبد اللّهَ عَزَّ وَجلَّ حَقَّ
عِبادَتِهِ، وأفي لَكُمْ وَتَفُوا لي. قالُوا: رَضينا واتَّبَعناكَ على هذا. فيصافحهم رجلاً
رَجُلاً.
وَيَفْتَحُ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ خُراسانَ، وَتَطِيعُهُ أَهْلُ اليَمَنِ، وَتُقْبِلُ الجُيوشُ أمامَهُ،
وَيكُونُ هَمْدانُ وزراءَهُ، وَخَوْلانُ جُيوشَهُ، وَحِمْيَرُ أَعْوانَهُ،وَمُضَـرُ قُوَّادَهُ، وَيُكثِّرُ اللّهُ
عَزَّ وَجَلَّ جَمْعَهُ بِتَمِيم، وَيَشُّدُّ ظَهْرَهُ بِقَيْسٍ، وَيَسِيرُ وَرايتُهُ أَمامَهُ، وَعَلى مُقَدِّمَتِهِ
عَقيلُ، وَعَلى ساقَتِهِ الحارِثُ، وَتُخالِفُهُ ثُقيفٌ وَعُدافٌ، وَتَسيرُ الجُيوشُ حَتَّى تَصيرَ
بوادي القُرى في هُدُوءٍ وَرِفْقٍ، وَيَلْحقُهُ هُناكَ ابْنُ عَمِّهِ الحَسَنيُّ في اثني عَشَـرَ أَلْفِ
فارسٍ فَيَقُولُ: يا ابن عَمِّ، أنا أحقُّ بهذا الجيشِ مِنْكَ، أنا ابن الحسن وأنا المهديُّ،
فيقولُ المهديُّ _ عليه السلام _ : بل أنا المهدىُُّّ. فيقولُ الحَسَنيُّ: هَلْ لَكَ مِنْ آيةٍ
فنبايِعكَ؟ فيُومِيءُ المَهديُّ _ عليه السلام _ إلى الطَّيْـرِ فَتَسقُطُ على يَدِهِ، وَيَغْرِسُ
قَضيباً في بُقْعَةٍ مِنْ الاَرْضِ فَيخْضَـرُّ وَيُورِقُ، فَيَقُولُ لَهُ الحَسَنيُّ: يا ابْنَ عَمِّ هِيَ لَكَ.
وَيُسَلِّمُ إليْهِ جَيْشَهُ وَيَكُونُ على مُقدِّمَتِهِ، واسْمُهُ على اسْمِهِ. وَتَقَعُ الضَجَّة بالشَّام ألا
إنَّ أعْرابَ الحِجازِ قَدْ خَرَجُوا إليْكُمْ، فَيَجْتَمِعونَ إلى السُّفياني
( 226 )
بِدِمشْقَ، فَيَقُولُونَ: أعرابُ الحِجازِ قَدْ جَمَعوا عَلَيْنا، فَيَقُولُ السُّفيانيُّ لاَصْحابِهِ: ما
تَقُولون في هوَلاءِ القَومِ؟ فَيَقُولونَ: هُمْ أصْحابُ نَبْلٍ وَإِبلٍ، وَنَحنُ أصْحابُ العُدَّةِ
والسِّلاحِ أُخْرجْ بنا إليهم، فَيَروْنَهُ قد جَبُنَ، وَهُوَ عالِمٌ بِما يُرادُ مِنْهُ، فَلا يَزالُونَ بِهِ
حَتَّى يُخْرِجُوهُ، فَيَخْرُجُ بِخَيْلِهِ وَرِجالِهِ وَجَيْشِهِ، في مائَتَيْ أَلْفٍ وَستّينَ أَلْفاً، حَتّى
يَنْزِلُوا بِبُحَيرَة طَبَرِيَّةَ، فَيَسِيرُ المهْديُّ
_ عليه السلام _ بِمَنْ مَعَهُ لا يُحْدِثُ في بَلَدٍ
حادِثَةً إلاّ الاَمْنَ والاَمْانَ والبُشْـرى، وَعنْ يَمِينِه جِبْريلُ، وعَنْ شمالِهِ ميكائيل ـ
عليهما السلام ـ ، والنّاسُ يَلْحَقُونَهُ مِنْ الآفاقِ، حتَّى يَلْحقُوا السُّفْيانيَّ على بُحَيرَةِ
طَبَريَّة. وَيَغْضَبُ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ على السُّفيانيِّ، وَجَيشِهِ، وَيَغْضَب سائِرُ خَلْقِهِ عَلَيْهِم
حَتّى الطَّير في السَّماء فَتَرْمِيهِمْ بأجْنِحَتِها، وإِنَّ الجِبالَ لَتَرْمِيهم بِصُخُورِها، فَتَكُونُ
وَقْعَةٌ يُهْلِكُ اللّهُ فيها جَيشَ السُّفيانيِّ، وَيَمْضِي هارِباً، فَيأخُذُهُ رَجُلٌ من الموالي
اسْمهُ صَباحٌ فَيأْتي بِهِ إلى المهديُّ
_ عليه السلام _ وَهُوَ يُصلِّـي العشاءَ الآخِرةَ
فَيُبَشِّـرهُ، فَيُخَفِّفُ في الصَّلاةِ وَيَخْرِجُ وَيكُونُ السُّفيانيُّ قَدْ جُعِلَتْ عمامَتُهُ في عُنِقِهِ
وَسُحِبَ، فَيوقِفُهُ (بَيْـنَ يَدَيْهِ) فَيَقُولُ السُّفيانيُّ للمهديِّ: يا ابن عمِّي مُنَّ عليَّ
بالحياةِ أَكُونُ (كذا) سَيْفاً بَيْنَ يَدَيْك، وأُجاهِد أعْداءَكَ والمهديُّ جالِسٌ بَيْـنَ
أصْحابِهِ وَهُوَ أحيى مِنْ عَذْراءَ، فَيَقُولُ: خَلُّوهُ، فَيقولُ أصْحابُ المهديِّ: يا ابن بِنتِ
رَسُولِ اللّهِ، تَمُنَّ عَلَيْهِ بالحَياةِ، وَقَدْ قَتَلَ أولاد رَسُولِ اللّهِ صلَّى اللّه عليه و آله و
سلَّم ! ما نَصْـبِرُ على ذَلِكَ. فَيَقُولُ: شَأنكُمْ وإيَّاهُ اصْنَعوا بِهِ ما شِئْتُمْ. وَقَدْ كانَ خلاَّهُ
وأفلَتَهُ، فَيلحقُهُ صَباحٌ في جماعةٍ إلى عِند السِّدْرَةِ فَيُضجِعُهُ وَيَذبَحُهُ وَيأُخُذُ رَأسَهُ،
ويأتي بهِ المهديَّ، فَيَنظرُ شيعتُهُ إلى الرَّأسِ فَيكبِّـرونَ وَيُهَلِّلُونَ، وَيَحْمِدونَ اللّهَ
تَعالى على ذلِكَ ثُمَّ يأمُرُ المهديُّ بِدَفْنِهِ. ثُمَّ يَسيرُ في عَساكِرِهِ فَيَنْزِلُ دمشقَ، وقد
كانَ أصحابُ الاَنْدَلُس أحرَقُوا مَسجِدَها وأخرَبُوهُ، فَيُقيمُ في دِمشْقَ مُدَّةً ويأمُرُ
بِعِمارَةِ جامِعِها.
وإنَّ دِمشقَ فِسطاطُ المُسْلمين يَومَئذٍ، وَهيَ خَيْـرُ مَدينَةٍ على وَجْهِ الاَرضِ
في ذلِكَ الوقتِ، ألا وفيها آثارُ النَّبيينَ، وبَقايا الصّالحينَ، مَعصومةٌ مِنَ الفِتَنِ،
مَنْصُورَةٌ على أعدائِها. فَمَنْ وَجَدَ السَّبيلَ إلى أن يتَّخِذَ بِها مَوْضِعاً وَلَو مَرْبَط شاةٍ فإنَّ
ذَلِكَ خيرٌ من
( 227 )
عَشرة حيطانٍ بالمدينةِ، تنتقلُ أخيارُ العراقِ إليها، ثُمَّ إنَّ المهديَّ يَبْعَثُ جَيْشاً إلى
أحياء كَلْبٍ، والخائِبُ مَنْ خابَ مِنْ سَبي كَلْبٍ»
(1).
6ـ حدَّثنا عبد القدوس عن ابن عياش، قال حدَّثني بعض أهل العلم، عن
محمّد بن جعفر، عن علي بن أبي طالب (رضي اللّه عنه) قال:
«يكْتُبُ السُّفْيانيُّ إلى الَّذي دَخَلَ الكُوفَة بِخَيْلِهِ، بَعْدَ ما يَعْرُكها عَرْكَ الاَدِيمِ،
يَأمُرُهُبالسَّيْـرِ إلى الحِجَاز، فَيَسيرُ إلى المدينَة فَيَضَعُ السَّيْفَ في قُرَيشٍ، فَيَقْتِلُ
مِنْهُمْوَمِنَالاَنْصارِ أَرْبَعَمائَةَ رَجُلٍ، وَيَبْقُرُ البُطونَ وَيْقْتُلُ الولْدانَ، وَيَقْتُلُ أَخوَيْنِ
مِنْقُرَيشٍ،رَجُلٌ وأُخْتُهُ يُقالُ لَهُما مُحَمَّد وفاطِمَةُ، وَيَصْلِبُهُما على بَابِ المسجِدِ
بالمدينَةِ»(2).
____________

(1) عقد الدرر: 90ـ 99، مرسلاً عن أمير الموَمنين علي بن أبي طالب
_ عليه السلام _ قال: ـ، وفي:
137ـ138، بعضه مُرسلاً، وفي: 139، بعضه مرسلاً، الشيعة والرجعة: 1|158ـ عن إلزام الناصب،
برهان المتقي: 76ـ 77 بعضه، عن عقد الدرر ظاهراً، كشف النوري: 178ـ 183، عن عقد الدرر
بتفاوت يسير، إلزام الناصب: 2|178ـ 213 ـ النسخة الاَُولى في نسخة: حدثنا محمّد بن أحمد
الاَنباري قال: حدثنا محمّد بن أحمد الجرجاني قاضي الري، قال: حدثنا طوق بن مالك، عن أبيه،
عن جده، عن عبد اللّه بن مسعود، رفعه إلى علي بن أبي طالب
_ عليه السلام _ ... (خطبة البيان)»
وفيها: «...ثُمَّ يَسِيرُ بالجُيُوشِ، حَتَّى يَصيرَ إلى العِراقِ، والنَّاسُ خَلْفَهُ وَأَمامَهُ، على مُقَدِّمَتِهِ رَجُلٌ
اسْمُهُ عَقِيلُ، وَعَلى ساقَتِهِ رَجُلٌ اسْمُهُ الحْارِثُ، فَيَلْحَقُهُ رَجُلٌ مِنْ أَوْلادِ الحَسَنِ في اثْنَي عَشَـرَ ألفِ
فارِسٍ، وَيَقُولُ: يا ابنَ العمِّ، أنا أَحَقُّ مِنْكَ بِهذا الاَمرِ، لاَنّي مِنْ وُلْدِ الحَسَنِ، وَهُوَ أَكْبَرُ من الحُسَينِ،
فَيَقُولُ المهديُّ: إِنّي أنا المهديُّ. فَيَقُولُ لَهُ: هَلْ عِنْدَكَ آيَةٌ أوْ مُعْجِزَةٌ أو عَلامَةٌ، فَيَنْظُرُ المَهْديُّ إلى
طَيْـرٍ في الهَواءِ فَيُومِىَ إليهِ، فَيَسْقُطُ في كَفِّهِ، فَيَنْطِقُ بِقُدْرَةِ اللّهِ تعالى، وَيَشْهَدُ لَهُ بِالاِمامَةِ، ثُمَّ
يَغْرسُ قَضيباً يابساً في بُقْعَةٍ مِنَ الاَرْضِ لَيسَ فيها ماء فَيَخْضَـرُّ وَيُورِقُ، وَيَأخُذُ جَلْمُوداً كانَ في
الاَرْضِ مِنْ الصَّخْرِ، فَيَفْرِكُهُ بيَدِه وَيعْجِنُهُ مِثلَ الشَّمْعِ، فَيَقُولُ الحَسَنيُّ: الاَمرُ لَكَ، فَيُسَلّمُ وَتُسَلِّمُ
جُنُودُهُ...».

(2) ابن حماد: 88، عنه ملاحم ابن طاووس: 56، وفيه: «... يَأمُرُوهُ بالمَسِيرِ ... رَجُلاً وَأُختَهُ».
( 228 )
7ـ حدَّثنا أبو المغيرة، عن ابن عيّاش، عمَّن حدَّثه، عن محمّد بن جعفر قال:
قال عليُّ بن أبي طالب (رضي اللّه عنه):
«يَبْعَثُ السُّفْيَانِـي على جَيْشِ العِراقِ رَجُلاً مِنْ بَني حارِثَةَ لَهُ غَدِيرَتَانِ، يُقَال
لَهُ نمرٌ (أو قَمرُ) بنُ عَبَّادٍ، رَجُلاً جَسيماً على مُقدِّمَتِهِ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ قَصيرٌ أَصْلَعُ
عَريضُ المنكبين، فيقاتِلُهُ مَنْ بِالشَّامِ مِنْ أهْلِ المَشْـرِقِ، وفي مَوْضعٍ يُقالُ لَهُ البنيّة
(الثنيّة) وأهْلُ حمصَ في حَربِ المشرِقِ وأنْصارُهُمْ، وبها يَوْمَئِذٍ مِنْهُمْ جُنْدٌ عَظِيمٌ
تُقَاتِلُهُمْ فيما يلي دمشق، كلّ ذلك يهزمهم . ثمّ ينحاز من دمشق وحِمصَ مع
السُّفياني، ويَلْتَقُونَ وَأهْل المَشْـرِقِ في مَوضِعٍ يُقالُ لَهُ المدَيْنَ ممَّا يَلي شَـرْقَ
حِمْص، فَيُقْتَلُ بِها نَيِّفٌ وسَبْعون ألفاً ، ثلاثةُ أرباعِهم مِنْ أهْلِ المَشْـرِقِ. ثُمَّ تَكُونُ
الدبْرَةُ عَلَيْهِمْ، وَيَسيرُ الجَيْشُ الذي بُعِثَ إلى المَشْـرِقِ حَتّى يَنْزِلُوا الكُوفَةَ، فَكَمْ مِنْ
دَمٍ مُهْراقٍ وَبَطْنٍ مَبْقُورٍ، وَوَليدٍ مَقْتُولٍ، ومالٍ مَنْهوبٍ، وَدَمٍمُسْتَحلٍّ، ثُمَّ يَكتُبُ إليْهِ
السُّفيانيُّ أنْ يَسِيرَ إلى الحُجازِ، بَعْدَ أن يَعرِكَهَا عَرْكَ الاَديمِ»(1).
8ـ حدَّثنا الوليد، عن ليث بن سعد، عن عياش بن عباس، عمّن حدّثه، عن
علي بن أبي طالب ـ رضي اللّه عنهـ قال:
«يهربُ ناسٌ مِنَ المدينةِ إلى مَكّة حينَ يَبْلُغُهُمْ جَيْشُ السُّفيانيِّ مِنْهُمْ ثَلاثَةُ
نَفَرٍ مِنْ قُرَيشٍ مَنْظُورٌ إليهم» (2).
____________

(1) ابن حماد: 81ـ 82.

(2) ابن حماد: 88، وفي: 95 ـ بِسَنَدِه الاَوّل عَنه
_ عليه السلام _ ، وفيه: «يَخْرُجُ ثَلاثَةُ نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ
إلى مَكَّةَ، مِنْ جَيْشِ السُّفْيانيِّ، مَنْظُورٌ إليهمْ، فَإِذَا بَلَغَهُم الخَسْفُ اجْتَمَعُوا بِمَكَّة لاَولَئِكَ النَّفَرِ
الثَّلاثَةِ مِنَ البِلادِ فَيُبايِعُ أَحَدُهُمْ كُرْهاً»، عقد الدرر: 66 ـ عن رواية ابن حماد الاَُولى، بشارة الاِسلام:
77ـ عن عقد الدرر، وفيه: «...حَتَّى يَبْلُغَهُمْ خَبَـرُ السُّفْيانيِّ»، منتخب الاَثر: 457 ـ عن بشارة
الاِسلام.
( 229 )
9ـ حدَّثنا الوليد ورشدين، عن ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن أبي رومان، عن
علي قال:
«يُبْعَثُ بِجَيْشٍ إلى المدينةِ، فَيأْخُذُونَ مَنْ قَدروا عَلَيْهِ مِنْ آل مُحَمَّدٍ صلَّى
اللّه عليه و آله و سلَّم ، وَيُقْتَلُ مِنْ بَني هاشِمٍ رِجالٌ وَنِساءٌ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَهْربُ
المهديُّ والمبيِّضُ مِنْ المدينةِ إلى مكَّة، فَيبعثُ في طلبِهما، وقدْ لحِقا بِحَرمِ اللّهِ
وَأَمْنِهِ» (1).
***
____________

(1) ابن حماد: 88، ملاحم ابن طاووس: 57 ـ عن ابن حماد، وفيه: «يَبْعَثُ السُّفْيانيُّ بِجَيْشٍ إلى ...
والمُسْتَنْصِـرُ»، جمع الجوامع: 2|103ـ عن ابن حماد، كنز العمال: 14|588 حديث (39668) ـ
عن ابن حماد، عرف السيوطي، الحاوي: 2|70 ـ عن ابن حماد، برهان المتقي: 122ـ عن عرف
السيوطي، الحاوي.
( 230 )
( 231 )
الباب السادس
الفصل الثاني
الدّجال
( 232 )
( 233 )
17
«الدّجَّال»
1ـ وعن أمير الموَمنين عليِّ بن أبي طالب _ عليه السلام _ في قصَّة الدّجّال،
قال:
«ألا وإنَّ أكثر أتباعِهِ أولادُ الزِّنا، لابِسُو التِّيجانِ ألا وهم اليهودُ، عَلَيْهِم لَعْنَةُ
اللّهِ، يَأكُلُ وَيَشْـرَبُ، لَهُ حِمَارٌ أَحمَرٌ، طُولُهُ ستُّونَ خُطْوَةً مَدُّ بَصَـرِهِ، أَعْوَرُ اليَمِينِ،
وَإِنَّ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، صَمَدٌ لا يَطْعَمُ، فَيشْمَلُ البِلادَ البَلاءُ، وَيُقِيمُ الدَّجَّالُ
أَرْبَعينَ يَوْماً، أوَّلُ يَوْمٍ كَسَنَةٍ، والثَّاني كَأَقَلَّ، فلا تَزالُ تَصْـغرُ وَتَقْصرُ حَتَّى تَكُونَ
آخِرُ أيَّامِهِ كَلَيْلَةِ يَوْمٍ من أيَّامِكُمْ هذِه، يَطَأُ الاَرضَ كُلَّها إلاَّ مَكَّةَ والمدِينةَ وبَيْتَ
المقْدِسِ.
وَيَدْخُلُ المهدِيُّ _ عليه السلام _ ، بَيْتَ المَقْدِسِ، وَيُصَلِّـي بالنَّاسِ إِماماً، فَإِذَا
كانَ يَوْمُ الجُمْعَةِ، وَقَد أُقِيْمَتِ الصَّلاةُ، نَزَلَ عِيسى بنُ مريمَ _ عليه السلام _ بِثَوبَيْـنِ
مُشـرِقَيْنِ حُمْرٍ كَأَنَّما يَقْطُرُ مِنْ رَأْسِهِ الدُّهْنُ، رَجْلُ الشَّعْرِ، صَبِيحُ الوَجْهِ، أَشْبَهُ خَلْقِ
اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِأَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ خَليلِ الرَّحْمنِ _ عليه السلام _ ، فَيَلْتَفِتُ المَهْدِيُّ،
فَيَنْظُرُ عِيسَـى _ عليه السلام _ ، فَيَقُولُ لِعِيسى: يا ابن البَتُولِ صَلِّ بالناسِ. فَيَقُولُ:
لَكَ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَيَتَقَدَّمُ المهديُّ _ عليه السلام _ ، فَيُصَلِّي بالنَّاسِ، وَيُصَلَّـي
عِيسى _ عليه السلام _ خَلْفَهُ، ويُبايِعُهُ.
وَيَخْرُجُ عِيسى _ عليه السلام _ فَيَلْتَقِي الدَّجَّالَ، فَيْطعَنُهُ، فَيَذُوبُ كَمَـا يَذُوبُ
الرَّصاصُ، ولا تَقْبلُ الاَرْضُ مِنْهُمْ أَحَداً، لا يَزالُ الحَجَرُ والشَّجَرُ يَقُولُ، يا موَْمِنُ!
تَحْتِي
( 234 )
كافِرٌ اقْتُلْهُ.
ثُمَّ إنَّ عِيسى _ عليه السلام _ ، يَتَزَوَّجُ امْرَأَةً مِنْ «غَسَّانَ»، وَيُولَدُ لَهُ مِنْها مَوْلُودٌ،
وَيَخْرُجُ حَاجَّاً، فَيَقْبِضُ اللّهُ تعالى رُوحَهُ في طَرِيقِهِ قَبْلَ وُصُولِهِ إلى مَكَّة» (1).
2ـ حدَّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق ـ رضي اللّه عنه ـ قال: حدَّثنا عبد
العزيز ابن يحيى الجلوديّ بالبصرة قال: حدَّثنا الحسين بن معاذ قال: حدَّثنا قيس
بن حفص قال: حدَّثنا يونس بن أرقم، عن أبي سيّار الشيباني، عن الضحّاك بن
مزاحم، عن النَّزال ابن سبرة قال: خطبنا أمير الموَمنين عليُّ بن أبي طالب ـ عليه
السلام ـ فحمدَ اللّهَ عزَّ وجلَّ وأثنى عليه وصلّـى على مُحمدٍ وآلهِ، ثمَّ قال: سَلُوني
أيُّها النَّاسُ قَبْلَ أن تَفقِدُوني ـ ثلاثاً ـ فقامَ إليه صعصَعَةُ بن صُوحانَ فقال: يا أمير
الموَمنين متى يخرجُ الدَّجّالُ؟ فقال لهُ علي _ عليه السلام _ :
«اقْعُدْ فَقَدْ سَمِعَ اللّهُ كَلامََكَ وَعَلِمَ مَا أَرَدْتَ، وَاللّهِ ما المسْوَولُ عَنْهُ بِأَعلَمَ مِنَ
السائِلِ، ولَكِنْ لِذَلكَ عَلامَاتٌ وَهَيئَاتٌ يَتْبَعُ بَعْضُها بَعضْاً كَحَذْوِ النَّعْلِ بالنَّعْلِ، وَإِنْ
شِئْتَ أَنْبَأْتُكَ بِهَا؟ قَالَ: نَعَمْ يا أَميرَ الموَمنين.
فَقالَ _ عليه السلام _ : احْفَظْ فَإِنَّ عَلاَمَةَ ذَلِكَ، إَذَا أَمَاتَ النَّاسُ الصَّلاة،
وَأَضَاعُوا الاَمانَةَ وَاسْتَحَلّوا الكَذِبَ، وَأَكَلُوا الرِّبا، وَأَخَذُوا الرشا، وَشَيَّدُوا البُنْيانَ،
وَبَاعُوا الدِّينَ بِالدُّنيا، واسْتَعمَلُوا السُّفَهَاءَ، وَشَاوَرُوا النِّسَاءَ، وَقَطَعُوا الاَرْحامَ،
وَاتَّبَعوا الاَهْوَاءَ واسْتَخَفُّوا بِالدِّمَاءِ، وَكَانَ الحِلْمُ ضَعْفَاً، والظّلْمُ فَخْراً، وكانت الاَُمراءُ
فَجَرَةً، والوزَراءُ ظَلَمَةً، والعُرَفاءُ خَوَنَةً، والقُرَّاءُ فَسَقَةً، وظَهَرَت شَهادَةُ الزُّورِ،
واستُعْلِنَ الفُجُورُ، وقوْلُ البُهْتانِ، والاِثمُ والطُّغْيانُ، وحُلِّيَتِ المَصاحِفُ، وَزُخْرِفَتُ
المَسَاجِدُ، وَطُوِّلَتِ المَنارَاتُ، وأُكْرِمَتِ الاَشْـرَارُ، وازْدَحمتْ الصُّفُوفُ، واخْتَلَفَتِ
القُلُوبُ، وَنُقِضَتِ العُهُودُ، وَاقْتَرَبَ المَوعُودُ، وَشَارَكَ النِّساءُ أَزْواجَهُنَّ في التِّجارَةِ
حِرصاً على الدُّنيا، وَعَلَتْ أصْواتُ الفُسَّاقِ واسْتُمِعَ
____________

(1) عقد الدرر: 274 ـ 275.
( 235 )
مِنْهُم، وَكَانَ زَعِيمُ القَوْمِ أرْذَلَهُمْ، واتُّقِيَ الفَاجِرُ مَخافَةَ شَـرِّهِ، وَصُدِّقَ الكَاذِبُ،
وائْتُمِنَ الخائِنُ. واتُّخِذَتِ القِيَانُ والمَعَازِفُ، وَلَعَنَ آخِرُ هذِهِ الاَُمّةِ أَوَّلها، وَرَكَبَ
ذَوَاتُ الفُرُوجِ السُّـرُوجَ، وَتَشَبَّهَ النِّساءُ بِالرِّجَالِ، والرِّجَالُ بِالنِساءِ، وَشَهِدَ الشَّاهِدُ
مِنْ غَيـرِ أنْ يُسْتَشْهَدَ، وَشَهِدَ الآخَرُ قَضَاءً لِذِمَامٍ بِغَيْـرِ حَقٍّ، عَرَفَهُ وَتُفقّهَ لِغَيْـرِ
الدِّينِ، وَآثَرُوا عَمَلَ الدُّنيا على الآخِرَةِ، وَلَبِسُوا جُلُودَ الضَّأنِ عَلَـى قُلُوبِ الذِّئَابِ
وَقُلُوبُـهُمْ أَنْتَنُ مِنَ الجِيَفِ وَأَمَرُّ مِنَ الصَـبْرِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ، الوَحَا الوَحَا، ثُمَّ العَجَلَ
العَجَلَ، خَيْـرُ المَسَاكِنِ يَوْمَئِذٍ بَيْتُ المَقدِسِ، وَلَيَأْتِينَّ عَلَـى النَّاسِ زَمانٌ يَتَمَنَّى
أَحَدُهُمْ أنَّهُ مِنْ سُكّانِهِ.
فَقَامَ إِليهِ الاَصْبَغُ بنُ نَباتَةَ فَقَالَ: يا أَميرَ الموَمنينَ مَنَ الدَّجَّالُ؟ فقالَ: ألا إنَّ
الدَّجَّالَ صَائِدُ بنُ الصَّيْدِ، فَالشَّقيُّ مَن صَدَّقَهُ، والسَّعِيْدُ مَنْ كَذَّبَهُ، يَخْرِجُ مِنْ بَلْدَةٍ
يُقالُ لَها أصفَهَانُ، مِنْ قَرْيَةٍ تُعْرَفُ باليَهُودِيّةِ، عَيْنَهُ اليُمْنى ممسُوحَةٌ، والعَينُ
الاَُخْرى في جَبْهَتِهِ تُضِـيءُ كَأَنَّهَا كَوْكَبُ الصُّبْحِ، فِيهَا عَلَقةٌ كَأَنَّها مَمْزُوجَةٌ بِالدَّمِ،
بَيْـنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ كافِر، يَقرَوَُهُ كُلُّ كاتِبٍ وَأُمّي، يَخوضُ البِحَارَ وَتَسيرُ مَعَهُ
الشَّمْسُ، بَيْنَ يَدَيْهِ جَبَلٌ مِنْ دُخان، وَخَلْفَهُ جَبَلٌ أبْيَضُ يُرِي النّاسَ أنَّهُ طَعامٌ، يَخْرُجُ
حِينَ يَخْرُجُ في قَحْطٍ شَدِيدٍ تَحْتَهُ حِمارٌ أقمَرُ، خُطْوَةُ حِمارِهِ ميلٌ، تُطْوَى لَهُ الاَرْضُ
مَنْهَلاً مَنْهَلاً، لا يَمُرُّ بِماءٍ إلاّ غارَ إلى يَومِ القِيامَةِ، يُنادي بِأَعْلَى صَوتِهِ يُسْمعُ ما بَيْـنَ
الخافِقَينِ مِنَ الجِنِّ والاِنْسِ والشَّياطينِ يَقُولُ: إليَّ أوليائي «أنا الّذي خَلَقَ فَسَوّى
وَقَدَّرَ فَهَدى، أنا رَبُّكُمُ الاَعلى» وَكَذَبَ عَدُوُّ اللّهِ، إنَّهُ أَعْوَرُ يَطْعَمُ الطَّعامَ وَيَمْشي في
الاَسواقِ، وإنَّ رَبَّكُمْ عزَّ وَجلَّ لَيْسَ بِأَعوَرَ، ولا يَطْعَمُ ولا يَمْشي ولا يَزولُ. تعالى
اللّهُ عن ذلِكَ عُلُوّاً كبيراً.
ألا وإنَّ أكْثَرَ أتْباعِهِ يَوْمَئِذٍ أَوْلادُ الزّنا، وَأصحْابُ الطَّيالسَةِ الخُضـرِ، يَقْتلُهُ اللّهُ
عَزَّ وَجَلَّ بِالشَامِ على عَقَبةٍ تُعْرَفُ بِعَقَبَةِ أفْيَق لِثَلاثِ ساعاتٍ مَضَت مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ
على يَدِ مَنْ يُصَلِّـي المَسيحُ عِيسى بنُ مَريَمَ _ عليه السلام _ خَلْفَهُ ألا إنَّ بَعْدَ ذَلِكَ
الطَّامَّةِ الكُبْرى.
قُلْنا: وَمَا ذَلِكَ يَا أَميرَ المُوَمِنينَ؟ قَالَ: خُرُوجُ دابَّةٍ (مِنَ) الاَرْضِ مِنْ عِنْدِ
الصَّفا مَعَها خاتَمُ سُلَّيمان بن داود، وَعَصى مُوسى _ عليهم السلام _ ، يُضَعُ الخَاتَمَ
علَـى وجْهِ كُلِّ
( 236 )
مُوَْمِنٍ فَيْنطَبعُ فيهِ: هذا موَمِنٌ حَقّاً، وَيَضَعُهُ على وَجْهِ كُلِّ كافِرٍ فَيَنْكَتِبُ هذا كافِرٌ
حَقَّاً، حتَّى أنَّ المُوَمِنُ لَيُنادي: الوَيْلُ لَكَ يا كَافِرُ،وأَنَّ الكافِرَ يُنادي طُوبى لَكَ يا
مُوَمِنُ، وَدَدْتُ أنّي اليوم كُنْتُ مِثلَكَ فَأفُوزَ فَوزاً عَظيماً.
ثُمَّ تَرْفَعُ الدَّابَّةُ رَأْسَها فَيَراهَا مَنْ بَيْـنَ الخَافِقَينِ بِإِذْنِ اللّهِ جَلَّ جَلالُهُ وَذَلِكَ
بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغرِبِها فَعِنْدَ ذَلِكَ تُرْفَعُ التَّوبَةُ، فلا تَوبَةَ تُقْبَلُ وَلا عَمَلَ يُرفَعُ
و "لا يَنْفَعُ نَفساً إيمانُها لم تَكُن آمَنَتْ مِنْ قَبلُ أو كَسَبَتْ في إيمانها خيراً".
ثمَّ قالَ _ عليه السلام _ : لا تَسْأَلُوني عَمَّـا يَكُونُ بَعْدَ هذا فَإِنَّهُ عَهْدٌ عَهِدَهُ إليَّ
حَبيبي رَسُولُ اللّهِ _ صلى الله عليه وآله وسلم _ أن لا أُخْبِرَ بِهِ غَيرَ عِترَتي.
قَالَ النّزالُ بنُ سَبرَة: فقلْتُ لِصَعصَعَةَ بن صُوْحانَ: يَا صَعْصَعَةُ ما عَنى أميرُ
الموَمنين _ عليه السلام _ بهذا؟ فقال صَعصَعَةُ: يا ابن سبرةِ إنَّ الَّذي يُصَلِّـي خَلْفَهُ
عيسى بنُ مَريَمَ _ عليه السلام _ هُوَ الثاني عَشَـرَ من العِتْرَةِ، التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِ الحُسينِ
بن علي _ عليه السلام _ ، وهوَ الشَّمْسُ الطَّالِعَةُ مِنْ مَغرِبِها يَظْهَرُ عِنْدَ الرُّكْنِ والمَقامِ
فَيُطَهِّرُ الاَرْضَ وَيَضَعُ مِيزانَ العَدْلِ فَلا يَظْلِمُ أحْدٌ أحَداً.
فَأخْبَـرَ أميرُ الموَمنين _ عليه السلام _ أنَّ حبيبَهُ رَسُولُ اللّهِ صلَّى اللّه عليه و
آله و سلَّم عَهِدَ إليهِ أنْ لا يُخْبِرَ بِما يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ غَيرَ عِتْرَتِهِ الاَئمّةِ صَلَواتُ اللّهِ
عَلَيهِم أجمَعِين» (1).
____________

(1) كمال الدين: 2|525ـ 528، ورواه أيضاً بسند آخر عن ابن عمر، عن النبي صلَّى اللّه عليه و آله و
سلَّم ، عقد الدرر: 291ـ بعضه، وقال: أخرجه الاِمام أبو عمر الداني في سُنَنِهِ، ورواه الاِمام أبو
الحسين أحمد بن المنادي في كتاب الملاحم، الخرائج: 3|1133ـ كما في كمال الدين بتفاوت
يسير وتقديم وتأخير، بسنده إلى الصدوق، ثم بسنده، وفيه: « ... المنارةَ ... وكان رئيس ...
واتخذت القينات ... صائد ابن الصائد ... فينطبع»، نور الثقلين: 1|781 ـ بعضه، عن كمال الدين،
وفي: 4|97 ـ عنه أيضاً، وفي: 5|506 بعضه عنه أيضاً، مختصر بصائر الدرجات: 30ـ32ـ كما في
كمال الدين بتفاوت، بسنده إلى الصدوق، وفي سندهِ: الحسن بن معاذ، بدل الحسين بن معاذ،
وفيه: «...وَإِماراتٌ وَهَناتٌ ... وَكَانَ العِلْمُ ضَعيفاً... وَتَشَبَّهَ النِّساءُ بالرِّجالِ ... والاَُخرى في جهته»،
البحار: 52|192 ـ 195ـ عن كمال الدين، إثبات الهداة: 3|522 ـ عن مختصر بصائر الدرجات،
ملخصاً، الداني: 135ـ136 ـ أخبرنا عبد اللّه بن موهب المكتب قال: حدّثنا عتاب ابن هارون،
قال: حدّثنا عبيد اللّه بن الفضل قال: حدّثنا محمّد بن الفضل الهمداني، قال: حدّثنا أبو نعيم
محمّد بن يحيى الطوسي قال: حدّثنا إبراهيم بن موسى الفراء الرازي قال: حدّثنا زيد بن الحباب
قال: حدّثنا عيسى بن الاَشعث، عن جويبر، عن النزال بن سبرة قال: خطبنا علي بن أبي طالب ـ
رضي اللّه عنه ـ على المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه ثُمَّ قال: بعضه، كما في كمال الدين بتفاوت،
مستدرك النوري: 12|326ـ327 ـ عن مختصر بصائر الدرجات، ملاحم ابن المنادي: 64ـ
حدثني الحسين بن ا الحباب بن مخلد، قال: نبأ أبو هشام محمد بن زيد الرفاعي، ثمّ حدّثني
أحمد بن محمد بن عبد اللّه بن صدقة قال: نبأ علي بن المنذر الطريقي قال: نبأ محمّد بن الفضل
قال: نبأ عمارة بن القعقاع يقولها ثلاث مرات، فقام إليه صعصعة بن صوحان العبدي فقال: يا أمير
الموَمنين متى يخرج الدجّال؟ فقال:ـ كما في كمال الدين بتفاوت يسير، الايقاظ من الهجعة:
322ـ بعضه، عن كمال الدين، وفيه: «... يَقْتُلُهُ اللّهُ بِالشَّامِ عَلَـى يَدَيْ مَنْ يُصَلِّـي ...» إلى قوله:
«فَعِنْدَ ذَلِكَ تُرْفَعُ التَّوبَةُ»، وقال: ورواه الراوندي في العلامات الدالة على صاحب الزمان ـ عليه
السلام ـ عن الاَصبغ بن نباتة عن أمير الموَمنين مثله، بشارة الاِسلام: 41ـ43ـ عن كمال الدين،
منتخب الاَثر: 427ـ عن الخرائج، كنز العمال: 14|612 ـ614 حديث (39709).
( 237 )
3ـ عن عليٍّ _ عليه السلام _ :
«يا أَهْلَ المُوَْتَفِكَةِ ائْتَفَكَتْ بِأَهْلِهَا ثَلاثاً وَعَلى اللّهِ تَمام الرَّابِعَةِ يَا جُنْدَ المَرْأَةِ
وَأَعْوانَ البَهِيمَةِ رَغَا فَأَجَبْتُمْ وَعُقِرَ فَانْـهَزَمْتُمْ أَخلاقُكُمْ دِقَاقٌ وَمَاوَُكُمْ زُعاقٌ، بِلادُكُمْ
أَنْتَنُ بِلادِ اللّهِ تُرْبَةً وَأَبْعَدُ مِنَ السَّماءِ بِها تسْعَةِ أَعشْـارِ الشَّـرِّ، المُحتَبِس فيها بِذَنْبِهِ،
والخَارِجُ مِنْها بِعَفْوِ اللّهِ كَأَنَّي أنْظُرُ إلى قَرْيَتِكُمْ هذِهِ وَقَدْ طَبَّقَها المَاءُ حَتَّى ما يُرى
مِنْهَا إلاَّ شُرَفُ المَسْجِدِ، كَأَنَّهُ جُوَجُوَُ طيْـرٍ في لُجَّةِ بَحْرٍ.
فقامَ إليهِ الاَحنَف بن قيس فقالَ: يا أميرَ الموَمنين ومتى يكُونُ ذَلِكَ؟
قال: يا أبا بحرٍ إنَّكَ لَنْ تُدْرِكَ ذَلِكَ الزَّمانَ وإنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ لَقُروناً وَلكِنْ
لِيُبَلِّغَ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الغائِبَ عَنْكُمْ لِكَي يُبَلِّغُوا إِخوانَهُمْ إذا هُمْ رَأَوا البَصْـرَةَ قَدْ
تَحَوَّلَتْ أخْصاصُهَا دُوراً وآجامُها قُصوراً، فَالهَربَ الهَرَبَ فَإنَّهُ لا بصِيرَةَ لَكُمْ يَوْمَئِذٍ
ثُمَّ التَفَتَ عنْ
( 238 )
يَمينِهِ فَقَالَ: كَمْ بَيْنَكُمْ وَبَينَ الاَبُلَّةِ. فَقَالَ لَهُ المُنْذِرُ بْنُ الجَارُودِ: فِداكَ أبي وأُمّي
أربَعَةُ فَرَاسِخَ. قَالَ لَهُ: صَدَقْتَ فَوالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً وَأَكْرَمَهُ بِالنُّبُوَّةِ وَخَصَّهُ بِالرِسَالَةِ
وَعَجَّلَ بِرُوحِهِ إلى الجَنَّةِ لَقَدْ سَمِعتُ مِنهُ كَمَـا تَسْمَعُونَ منِّي أن قالَ: يا عَليُّ هَلْ
عَلِمْتَ أنَّ بَيْـنَ التي تُسَمَّى البَصرَةَ والَّتي تُسمَّى الاَبُلَّةَ أربَعَةَ فَرَاسِخَ وَقَدْ يَكُونُ في
الَّتي تُسمَّى الاَبُلَّةَ موضِعُ أصْحَابِ العُشُورِ يُقْتَلُ في ذَلِكَ المَوْضِعِ مِنْ أُمّتي سَبْعُونَ
أَلفاً شِهِيدُهُمْ يَوْمَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ شُهداءِ بَدرٍ . فقالَ لَهُ المُنْذِرُ: يا أَميرَ المُوَمنين وَمَنْ
يَقتلهُمْ فِدَاكَ أَبي وأُمّي؟ قَالَ: يَقْتُلُهُمْ إخْوانُ الجِنِّ وَهُمْ أجِيلٌ كَأَنَّهُمْ الشَّياطينُ سُودٌ
أَلوانُهُمْ، مُنْتَنة أرْواحُهُمْ، شَدِيدٌ كَلَبُهُمْ، قَلِيلٌ سَلَبُهُمْ، طُوبى لِمَنْ قَتَلَهُمْ وَطُوبى لِمَنْ
قَتَلُوهُ، يَنْفِرُ لِجِهادِهِمْ في ذَلِكَ الزَّمانِ قَوْمٌ هُمْ أَذِلَّةٌ عِنْدَ المُتَكَبِّرِينَ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ
الزَّمانِ مَجْهُولُونَ في الاَرْضِ مَعْروفونَ في السَّماءِ تَبْكي السَّماءُ عَلَيْهِمْ وَسُكَّانُها
والاَرْضُ وَسُكَّانُها ـ ثُمَّ هَـمَلَتْ عَيناهُ بالبُكاءِ، ثُمَّ قال:ـ وَيْحَكِ يا بَصْـرَةُ وَيْلَكِ يا
بَصْـرَةُ مِنْ جَيْشٍ لا رَهَجَ لَهُ ولا حسَّ. قَالَ لَهُ المُنذِرُ: يا أميرَ الموَمنين! وما الَّذي
يُصيبُهُمْ مِنْ قَبلِ الغَرَقِ مِمَّا ذَكَرْتَ، وَمَا الوَيْحُ، وَمَا الوَيْلُ؟ فَقَالَ: هُما بَابَانِ فَالوَيْحُ
بَابُ الرَّحْمَةِ، والوَيْلُ بَابُ العَذَابِ يا ابنُ الجارُودِ نَعَمْ ثاراتٌ عَظيمَةٌ مِنْها عُصْبَةٌ
يَقْتُلُ بَعْضها بَعْضاً، وَمِنْها فِتْنَةٌ تَكُونُ بِها خرابُ مَنازِلَ وَخَرابُ دِيارٍ وَانْتِهَاكُ أَمْوالٍ
وَقَتْلُ رِجالٍ وَسَبْيُ نِساءٍ يُذَبَّحْنَ ذَبْحاً يَا وَيْلَ أَمْرِهِنَّ حَدِيثُ عَجَبٌ مِنهَا أنْ
يَسْتَحِلَّ بِهَا الدَّجَّالُ الاَكْبَـرُ الاَعْوَرُ المَمْسُوحُ العَيْـنِ اليُمْنى والاَُخرى كَأَنَّها
مَمْزُوجَةٌ بِالدمِ لَكَأَنَّها في الحُمْرَةِ عَلْقَةٌ تَأتِـي الحَدَقَةَ كَهَيْئَةِ حَبَّةِ العِنَبِ الطَّافِيَةِ عَلَـى
المَاءِ فَيَتَّبِعُهُ مِنْ أَهْلِهَا عِدَّةُ مَنْ قتلَ بالاَبُلَّةِ مِنَ الشُهَدَاءِ أَنَاجِيلُهُمْ في صُدُورِهِمْ يُقْتَلُ
مَنْ يُقْتَلُ وَيَهـْرَبُ مَنْ يَهْرَبُ ثُمَّ رَجْفٌ ثُمَّ قَذْفٌ ثُمَّ خَسْفٌ ثُمَّ مَسْخٌ ثُمَّ الجوعُ
الاَغْبَـرُ ثُمَّ المَوتُ الاَحْمَـرُ وَهُوَ الغَرَقُ. يا مُنْذِرُ إنَّ لِلبَصْـرَةِ ثَلاثَةَ أسْمَاء سِوَى
البَصْـرَةِ في الزُّبُرِ الاَُوَلِ لا يَعْلَمُهَا إلاَّ العُلَماءُ مِنْها الخَرِيبَةُ، وَمِنهَا تَدْمُرُ، وَمِنْها
المُوَْتَفِكَةُ يا مُنْذُرُ والَّذِي فَلَقَ الحَبَّةَ وَبَرَىءَ النَّسَمَةَ لَوْ أَشَاءُ لاَخْبَـرْتُكُمْ بِخَرَابِ
العَرَصاتِ عَرْصَةً عَرْصَةً وَمَتَى تَخْرَبُ وَمَتَى تَعْمُرُ بَعْدَ خَرابِها إلى يَوْمِ القيامَةِ، وإنَّ
عَنْدي مِنْ ذَلِكَ عِلْماً جَمّاً وَإِنْ تَسْأَلوني تَجِدوني بِهِ عَالِماً لا
( 239 )
أُخطِىءُ مِنهُ عِلْماً ولا وافياً، وَلَقَدْ اسْتَودِعْتُ عِلْمَ القُرونِ الاَُولى وَمَا كائِنٌ إلى يَوْمِ
القِيامَةِ. قَالَ: فقامَ إليهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يا أميرَ الموَمنين أَخْبرني من أهلُ الجَماعَةِ وَمَنْ
أهْلُ الفِرْقَةِ وَمَنْ أَهْلُ السُّنَّةِ وَمَن أهْلُ البِدعَةِ؟ فَقَالَ: وَيحَكَ إذَا سَأَلْتَني فَافْهَم عَنَّي
ولا عَلَيْكَ أنْ لا تَسْأَلَ أحَداً بَعْدي: أمَّا أهلُ الجَماعَةِ فَأَنا وَمَنْ اتَّبعَني وَإِنْ قَلّوا وَذَلِكَ
الحَقُّ عَنْ أمْرِ اللّهِ وَأَمرِ رَسُولِهِ، وَأَمَّا أهْلُ الفِرْقَةِ فَالمُخالِفُونَ لي وَلِمَن اتَّبَعَني وإنْ
كَثُرُوا، وَأمَّا أهْلُ السُّنَّةِ فَالمتَمَسِّكُونَ بِمَا سَنَّهُ اللّهُ وَرَسُولُهُ لا العَامِلُونَ بِرَأيهِم
وأَهوائِهم وإن كَثروا»
(1).
____________

(1) شرح نهج البلاغة: للبحراني: 1|289ـ 290، مرسلاً عن علي
_ عليه السلام _ من خطبة خطبها ـ
عليه السلام ـ بالبصرة بعد ما فتحها روي أنّه لمّا فرغَ من حرب أهل الجمل أمر منادياً ينادي في
أهل البصرة أنّ الصلاة الجامعة لثلاثة أيام من غد إن شاء اللّه ولا عذر لمن تخلّف إلاّ من حجّة أو
علّة فلا تجعلوا على أنفسكم سبيلاً، فلما كان في اليوم الذي اجتمعوا فيه خرجَ فصلّـى في الناس
الغداة في المسجد الجامع، فلمّـا قضى صلاته قام فأسند ظهره إلى حائط القبلة عن يمين
المصلّـى فخطب الناس فحمد اللّه وأثنى عليه بما هو أهله وصلّـى على النبي صلَّى اللّه عليه و
آله و سلَّم واستغفر للموَمنين والموَمنات والمسلمين والمسلمات ثم قال: ... إلى جوَجوَ طير
في لجة بحر، وتتمتها في: 3|15ـ16، البحار: 32|253ـ258، عن شرح نهج البلاغة للبحراني.