
هوَلاء ليس إلاّ تفريق بني أُميّة ودفع ظلمهم.

وقال الفيروز آباديُّ: ضعضعه هدمه حتّى الاَرض و «الجنادل» جمع جندل وهو ما يقلّه الرجل من
الحجارة أي يهدم اللّه بهم ركناً وثيقاً هو أساس دولة بني أُميّة و ينقض بهم الاَبنية التي طويت
وبنيت بالجنادل والاَحجار من بلاد إرم وهي دمشق والشام إذ كان مستقر ملكهم في أكثر زمانهم
تلك البلاد لاسيّما في زمانه صلوات اللّه عليه.

وقال الجزريُّ: فيه ينادي مناد من بطنان العرش أي من وسطه وقيل من أصله، وقيل البطنان جمع
بطن وهو الغامض من الاَرض يريد من دواخل العرش.

وقال الفيروز آباديُّ: الزيتون مسجد دمشق أو جبال الشام وبلد بالصين ، والمعنى أنَّ اللّه يملاَ
منهم وسط مسجد دمشق أو دواخل جبال الشام والغرض بيان استيلاء هوَلاء القوم على بني أُميّة
في وسط ديارهم والظفر عليهم في محلِّ استقرارهم وأنّه لا ينفعهم بناء ولا حصن في التحرُّز
عنهم.

و «طمطمة رجالهم» الطمطمة اللغة العجميّة ورجل طمطميّ في لسانه عجمة، وأشار ـ عليه
السلام ـ بذلك إلى أنّ أكثر عسكرهم من العجم لاَنّ عسكر أبي مسلم كان من خراسان «وأيم اللّه
ليذوبنَّ» الظاهر أنَّ هذا أيضاً من تتمّة بيان انقراض ملك بني أُميّة وسرعة زواله ويحتمل أن يكون
إشارة إلى انقراض هوَلاء الغالبين من بني العبّاس «وإلى اللّه عزَّ وجلَّ يقضى» من القضاء بمعنى
المحاكمة أو الاِنهاء والاِيصال كما في قوله تعالى: (وقضينا إليه ذلك الاَمر) وفي بعض النسخ
«يفضي» بالفاء أي يوصل «ودرج الرجل» أي مشى، ودرج أيضاً بمعنى مات، ويقال درج القوم أي
انقرضوا، والظاهر أنَّ المراد به هُنا الموت أي من مات مات ضالاً وأمره إلى اللّه يعذِّبه كيف يشاء
ويحتمل أن يكون بمعنى المشي أي من بقي منهم فعاقبته الفناء واللّه يقضي فيه بعلمه «ولعلّ
اللّه يجمع» إشارة إلى زمن القائم
_ عليه السلام _ .

«وليس لاَحد على اللّه عزَّ ذكره الخيرة» أي ليس لاَحد من الخلق أن يشير بأمر على اللّه أنَّ هذا خير
ينبغي أن تفعله بل له أن يختار من الاَُمور ما يشاء بعلمه وله الاَمر يأمر بما يشاء في جميع
الاَشياء «عن مرِّ الحقِّ» أي الحقُّ الذي هو مرُّ أو خالص الحقِّ فانّه مرُّ واتّباعه صعب، وفي النهج
عن نصر الحقِّ و«الهضم» الكسر وزوي الشيء عنه أي صرفه ونحّاه ولم أطلع على الاِزواء فيما
عندي من كتب اللغة وكفى بالخطبة شاهداً على أنّه ورد بهذا المعنى.

«كما تاهت بنو إسرائيل» أي خارج المصر أربعين سنة ليس لهم مخرج بسبب عصيانهم وتركهم
الجهاد فكذا أصحابه ـ صلوات اللّه عليه ـ تحيّـروا في أديانهم وأعمالهم لما لم ينصروه ولم
يعينوه على عدوِّه كما روي عن النبيِّ
_ صلى الله عليه وآله وسلم _ أنّه قال: لتركبنَّ سنن من كان
قبلكم حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة حتى لو دخلوا جحر ضبّ لدخلتموه.

«أضعاف ما تاهت» يحتمل أن يكون المراد بالمشبّه به هنا تحيّـر قوم موسى بعده في دينهم
ويحتمل أن يكون المراد التحيّـر السابق، وعلى التقديرين إمّا المراد المضاعفة بحسب الشدَّة
وكثرة الحيرة أو بحسب الزمان فإنّ حيرتهم كان إلى أربعين سنة وهذه الاَُمّة إلى الآن متحيّـرون
تائهون في أديانهم وأحكامهم «الداعي إلى الضلالة» أي الداعي إلى بني العباس «وقطعتم الاَدنى
من أهل بدر» أي الاَدنين إلى النبيِّ
_ صلى الله عليه وآله وسلم _ نسباً الناصرين له في غزوة بدر
وهي أعزُّ غزوات الاِسلام يعني نفسه وأولاده ـ صلوات اللّه عليهم ـ «ووصلتم الاَبعد» أي أولاد العبّاس فإنّهم كانوا أبعد نسباً من أهل البيت
_ عليهم السلام _ وكان جدُّهم عبّاس ممّن حارب الرسول
_ صلى الله عليه وآله وسلم _ في غزوة بدر حتّى أُسر "ما في أيديهم" أي ملك بني العبّاس "لدنا التمحيص للجزاء" أي قرب قيام القائم، والتمحيص : الابتلاء والاختبار أي يبتلي النّاس ويمتحنون بقيامه
_ عليه السلام _ ليخزي الكافرين ويعذِّبهم في الدُّنيا قبل نزول عذاب الآخرة بهم ويمكن أن يكون المراد تمحيص جميع الخلق لجزائهم في الآخرة إن خيراً فخيراً وإن شرّاً فشرّاً "وقرب الوعد" أي وعد الفرج "وانقضت المدَّة" أي قرب انقضاء دولة أهل الباطل .
"وبدا لكم النجم" هذا من علامات ظهور القائم
_ عليه السلام _ كما سيأتي ، وقيل إنّه إشارة إلى ما ظهر في سنة تسع وثلاثين وثمانمائة هجرية والشمس في أوائل الميزان بقرب الإكليل الشمالي كانت تطلع وتغيب معه لا تفارقه ثمَّ بعد مدّة ظهر أنَّ لها حركة خاصّة بطيئة فيما بين المغرب والشمال وكان يصغر جرمها ويضعف ضوؤها بالتدريج حتّى انمحت بعد ثمانية أشهر تقريباً، وقد بعدت عن الإكليل في الجهة المذكورة قدر رمح، لكن قوله
_ عليه السلام _ "من قبل المشرق"
( 294 )
لَهُمْ يَدْعُونَ لِوَلَدِي وَهُمْ بُرآءُ مِنْ وَلَدِي، تِلْكَ عِصابَةٌ
رَديئَةٌ لا خَلاقَ لَهُمْ، عَلَـى الاَشْـرارِ
____________

يأبى عنه إلاّ بتكلّف، وقد ظهر في زماننا في سنة خمس وسبعين وألف ذوذوَابة ما بين القبلة
والمشرق، وكان له طلوع وغروب، وكانت له حركة خاصّة سريعة عجيبة على التوالي لكن لا على
نسق ونظام معلوم، ثمَّ غاب بعد شهرين تقريباً كان يظهر أوّل الليل من جانب المشرق، وقد
ضعف حتّى انمحى بعد شهر تقريباً، وتطبيقه على هذا يحتاج إلى تكلّفين كما لا يخفى «ولاح
لكم القمر المنير» الظاهر أنّه استعارة للقائم
_ عليه السلام _ ويوَيّده ما مرَّ بسند آخر «وأشرق
لكمقمركم» ويحتمل أن يكون من علامات قيامه
_ عليه السلام _ ظهور قمر آخر أو شيء شبيه
بالقمر.

«إن اتّبعتم طالع المشرق» أي القائم
_ عليه السلام _ وذكر المشرق إمّا لترشيح الاستعارة السابقة أو لاَنَّ
ظهوره
_ عليه السلام _ من مكّة وهي شرقيّة بالنسبة [إلى المدينة] أو لاَنَّ اجتماع العساكر عليه
وتوجّهه
_ عليه السلام _ إلى فتح البلاد إنّما يكون من الكوفة وهي شرقيّة بالنسبة إلى الحرمين
وكونه إشارة إلى السلطان إسماعيل أنار اللّه برهانه بعيد «والتعسّف» أي لا تحتاجون في زمانه ـ
عليه السلام ـ إلى طلب الرزق والظلم على النّاس لاَخذ أموالهم «ونبذتم الثقل الفادح» أي الديون
المثقلة ومظالم العباد أو إطاعة أهل الجور وظلمهم «ولا يبعّد اللّه» أي في ذلك الزمان أو مطلقاً
«إلاّ من أبى» [أي] عن طاعته
_ عليه السلام _ أو طاعة اللّه و «ظلم» أي نفسه أو النّاس «واعتسف»
أي مال عن طريق الحقِّ أو ظلم غيره.
( 295 )
مُسَلَّطَةٌ، وَلِلجَبابِرَةِ مُفْتِنَةٌ، وَلِلْملُوكِ مُبِيرَةٌ، تَظْهَرُ في سَوادِ الكُوفَةِ، يَقْدُمُهُمْ رَجُلٌ
أَسْود
( 296 )
اللَّونِ والقَلْبِ، رَثُ الدِّينِ، لا خَلاقَ لَهُ مُهَجْنٌ زَنِيمٌ عُتُلٌّ، تَداوَلَتْهُ أَيْدِي العَواهِرِ مِنَ
الاَُمّهاتِ، «مِنْ شَـرِّ نَسْلٍ لا سَقاهَا اللّهُ المَطَرَ» في سَنَةِ إِظْهارِ غَيْبَةِ المتغِّيبِ منْ
وُلْدِي صاحب الرَّايةِ الحَمراءِ، والعَلَمِ الاَخضَـر أيُّ يَومٍ للمخيَّبينَ، بَيْـنَ الاَنْبارِ
وَهِيتَ، ذَلِكَ يَوْمٌ فيهِ صَيْلَمُ الاَكْرادِ والشُّراةِ، وَخَرابُ دارِ الفَراعِنَةِ وَمَسْكَنِ
الجَبابِرَةِ، وَمَأوى الولاةِ الظَّلَمَةِ، وَأُمِّ البلاد وأُخْتِ العادِ، تِلْكَ وَرَبِّ عليٍّ يا عَمْرو
بن سعدٍ بغدادُ، ألا لعنَةُ اللّهِ على العُصاةِ من بَني أُميَّةِ وبني العبّاسِ الخوَنَةِ الّذينَ
يقْتُلُونَ الطيِّبينَ مِنْ ولدي ولا يُراقِبُونَ فيهم ذمّتي، ولا يَخافُونَ اللّهَ فيما يَفْعَلُونَهُ
بِحُرمَتي، إنَّ لِبَني العبّاسِ يَوْماً كَيَوْمِ الطَّموحِ ولَهُمْ فيهِ صَـرخَةً كَصَرْخَةِ الحُبْلى،
الويلُ لشِيعَةِ وُلْدِ العبّاسِ مِنَ الحَرْبِ التي سَنَحَ بَيْـنَ نَهاوَنْد والدَّيْنَور، تِلْكَ حَرْبُ
صَعاليكِ شِيعةِ عليٍّ، يَقْدُمُهُمْ رَجُلٌ مِنْ هَمْدانَ اسْمُهُ [عَلـى] اسمِ النَّبي
_ صلى الله عليه وآله وسلم _ .
( 297 )
مَنْعُوتٌ مَوْصوفٌ بِاعْتِدالِ الخَلْقِ، وحُسْنِ الخُلْقِ، وَنَضَارَةِ اللَّونِ، لَهُ في
صَوْتِهِ ضَجاجٌ، وفي أشْفارِهِ وَطَفٌ، وفي عُنُقِهِ سَطْعٌ، [أَ] فَرَقُ الشَّعْرِ، مُفَلّجُ الثَّنايا،
عَلَـى فَرَسِهِ كَبَدْرٍ تَمامٍ إذا تَجَلّـى عِنْدَ الظَّلامِ، يَسِيرُ بِعِصابَةٍ خَيْـرِ عِصابَةٍ آوَتْ
وَتَقَرَّبَتْ وَدانَتْ للّهِ بِدِينِ تِلْكَ الاَبْطالِ مِنَ العَرَبِ الَّذِينَ يَلْحَقُونَ حَرْبَ الكَريهَةِ
والدَّبرةُ ، يَوْمَئِذٍ على الاَعداءِ، إنَّ لِلْعَدُوِّ يَومَ ذَاكَ الصَّيْلَمَ والاستِئصالَ»
(1).
27ـ أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد ابن عقدة، قال: حدَّثنا حميد بن زياد
الكوفيُّ قال: حدَّثني عليّ بن الصباح المعروف بابن الضحّاك، قال: حدَّثنا أبو عليِّ
الحسن بن محمّد الحضرميُّ، قال: حدَّثنا جعفر بن محمّد، عن إبراهيم بن عبد
الحميد، عن سعد بن طريف، عن الاَصبغ بن نباتة، عن عليٍّ _ عليه السلام _ أنّه
قال: «يأتيكم بعد الخمسين والمائة أُمراء كفرة، وأمناء خونة، وعرفاء فسقة، فتكثر
التجّار وتقلُّ الاَرباح، ويفشو الرِّبا، وتكثرأولاد الزِّنا، وتغمر السفاح(2) وتتناكر
المعارف، وتعظم الاَهلّة (3) وتكتفي النساء بالنساء، والرِّجال بالرِّجال.
فحدث رجلُ عن عليٍّ بن أبي طالب _ عليه السلام _ أنّه قام إليه رجلٌ حين
تحدَّث بهذا الحديث فقال له: يا أمير الموَمنين وكيف نصنع في ذلك الزَّمان؟
فقال: «الهرب الهرب فإنّه لا يزال عدل اللّه مبسوطاً على هذه الاَُمّة ما لم يمل
قرَّاوَهم إلى أُمرائهم وما لم يزل
____________

(1) غيبة النعماني: 93ـ 94 وفيه: وَفي هذَين الحدِيثين مِنْ ذِكْرِ الغيبَةِ وصاحِبها ما فيه كفاية
وشفاءٌ للطالِب المُرتادِ ، وحُجَّة على أهْلِ [الجَحْدِ وَ] العِنادِ، وفي الحَديثِ الثاني إشارَةٌ إلى ذِكْرِ
عِصابَةً لَمْ تَكُنْ تُعْرَفُ فيما تَقَدَّمَ، وَإِنَّما يُبْعَثُ في سَنَةِ سِتِّينَ ومائَتينِ وَنَحْوها وهي كما قَالَ أمير
الموَمنينَ
_ عليه السلام _ سَنَةُ إِظْهارِ غَيْبَةِ المُتغَيِّبِ وَهِيَ كَما وَصَفَها وَنَعَتَها وَنَعَتَ الظاهِرَ برايَتِها،
وَإِذا تَأَمَّلَ اللَّبيبُ الذي لَهُ قَلبٌ ـ كما قال اللّه تعالى: (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) ـ هذا التَّلويح
اكتفى بهِ عن التصريح، نسْألُ اللّه الرحيم توفيقاً للصوابِ برحمَتِهِ.

(2) «تغمر» أي تكثر، والسفاح: مراودة الرجل المرأة بدون نكاح، والزنا، أو اراقة الدم، وفي الحديث
«أوّله سفاح وآخره نكاح» أراد به أنّ المرأة تسافح الرجل مدّة ثمّ يتزوّجها.

(3) كذا، ولعلّه جمع هلال بمعنى الغلام الجميل، ويمكن أن يكون الاَصل «تغطّى الاَهلة» أي ستر
عن الناس هلال كل شهر، والاَوّل بالسياق أنسب.
( 298 )
أبرارهم ينهى فجّارهم، فإن لم يفعلوا
(1)ثمَّ استنفروا فقالوا: لا إله إلاّ اللّه، قال اللّه
في عرشه : كذبتم لستم بها صادقين»
(2).
28ـ حدَّثنا محمّد بن همّام في منزله ببغداد في شهر رمضان سنة سبع
وعشرين وثلاثمائة قال: حدَّثني أحمد بن مابنداذ سنة سبع وثمانين ومائتين، قال:
حدَّثنا أحمد بن هلال، قال: حدثني الحسن بن عليِّ بن فضّال، قال: حدَّثنا سفيان
بن إبراهيم الجريري، عن أبيه (3) عن أبي صادق، عن أمير الموَمنين ـ عليه السلام
ـ أنّه قال: «ملك بني العبّاس يسر لا عسر فيه، لو اجتمع عليهم الترك والدَّيلم
والسند والهند والبربر والطيلسان (4)لن يزيلوه، ولا يزالون في غضارة من ملكهم
حتّى يشذَّ عنهم مواليهم وأصحاب دولتهم(5)ويسلّط اللّه عليهم علجاً يخرج من
حيث بدأ ملكهم، لا يمر بمدينة إلاّ فتحها، ولا ترفع له راية إلاّ هدَّها، ولا نعمة إلاّ
أزالها، الويل لمن ناواه (6)فلا يزال كذلك حتّى يظفر ويدفع بظفره إلى رجل من
عترتي، يقول [بـ] الحقّ ويعمل به»(7).
____________

(1) قوله: «فإن لم يفعلوا» أي فإن مال أهل العلم ـ والقراء كناية عنهم ـ إلى الاَُمراء، وترك الاَبرار
النهي عن المنكرات ثم أظهروا النفرة وتباعدوا عن أهل المعاصي واستظهروا بكلمة «لا إله إلاّ
اللّه» يعني أظهروا التوحيد ، فقال اللّه تعالى: كذبتم ما كنتم بأهله، أعني، لم يقبل اللّه منهم.

(2) غيبة النعماني: 248ـ 249.

(3) إبراهيم بن مرثد ـ أو مزيد ـ الجريري الاَزدي من أصحاب أبي جعفر الباقر
_ عليه السلام _ كوفي،
يروي عن أخيه عبد خير المكنّى بأبي الصادق الاَزدي وهو من أصحاب أمير الموَمنين ـ عليه
السلام ـ .

(4) الطيلسان ـبفتح أوّله وسكون ثانيه ولام مفتوحة وسين مهملة وآخره نون ـ: اقليم واسع كثير
البلدان والسكان من نواحي الديلم والخزر، والخزر بلاد الترك خلف باب الاَبواب وهم صنف من
الترك.

(5) في بعض النسخ «أصحاب ألويتهم» جمع لواء.

(6) ناواه مناواة ومناوأة ونواء أي عارضه وعاداه.

(7) غيبة النعماني: 249ـ 250 ـ الباب الرابع عشر، وفيه: قال أبو عليّ [يعني محمد بن همام بن
سهيل] : «يقول أهل اللغة: العِلج: الكافر ، والعلج: الجافي في الخلقة، والعلج: اللئيم. والعلج: الجَلِدُ
الشديد في أمره، وقال أمير الموَمنين عليّ بن أبي طالب
_ عليه السلام _ لرجلين كانا عنده: «إنّكما
تعالجان عن دينكما وكانا من العرب». قال ذلك لكون العلج ـ بكسر العين ـ قد يطلق في لسان
أهل اللغة على الكفار من العجم دون العرب. وسيأتي الكلام في المراد بالعلج في ذيل الحديث
الثامن عشر من الباب إن شاء اللّه تعالى.
( 299 )
29ـ أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال: حدَّثنا محمّد بن المفضّل بن
إبراهيم بن قيس، قال: حدّثنا الحسن بن عليِّ بن فضّال، قال: حدَّثنا ثعلبة بن
ميمون عن معمر بن يحيى، عن داود الدُّجاجيِّ (1)عن أبي جعفر محمّد بن علي ـ
عليهما السلام ـ قال: «سئل أمير الموَمنين _ عليه السلام _ عن قوله تعالى:
"فاختلف الاَحزاب من بينهم" (2)فقال: انتظروا الفرج من ثلاث. فقيل: يا أمير
الموَمنين وما هنَّ؟ فقال: اختلاف أهل الشام بينهم، والرَّايات السود من خراسان،
والفزعة في شهر رمضان. فقيل: وما الفزعة في شهر رمضان؟ فقال: أوما سمعتم
قول اللّه عزَّ وجلَّ في القرآن: "إن نشأ ننزِّل عليهم من السماء آية فظلّت أعناقهم
لها خاضعين" (3) هي آية تخرج الفتاة من خدرها، وتوقظ النائم، وتفزع اليقظان"(4).
30ـ ومن خطبة له _ عليه السلام _ تسمّى التطنجية، ظاهرها أنيق، وباطنها
عميق، فليحذر قارئها من سوء ظنّه، فإنّ فيها من تنزيه الخالق ما لا يطيقه أحد من
الخلائق، خطبها أمير الموَمنين _ عليه السلام _ بين الكوفة والمدينة، فقال:
«... يَا جابِرُ إِذَا صَاحَ النَّاقُوسُ، وَكَبَسَ الكَابُوسُ، وَتَكَلَّمَ الجَامُوسُ، فَعِنْدَ
ذَلِكَ عَجَائِبُ وَأَيُّ عَجَائِبٍ إذَا أَنَارَتِ النَّارُ بِبُصْـرى، وَظَهَرَتِ الرَّايَةُ العُثْمانِيَّةُ
بِوَادِي سَوْدَاءَ، واضْطَرَبَتِ البَصْـرَةُ وَغَلَبَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، وَصَبَا كُلُّ قَوْمٍ إلى قَوْمٍ،
وَتَحَرَّكَتْ عَسَاكِر خُراسَانُ، وَنَبَعَ شُعَيْبُ بْنُ صَالِحٍ التَّمِيميُّ مِنْ بَطْنِ الطَّالَقَانِ،
وَبُويِعَ لِسَعِيدِ السَّوسِيِّ بِخُوزِسْتَانَ، وَعُقِدَتْ الرَّايَةُ لِعَمَالِيقَ كُرْدَانَ، وَتَغلَّبَتْ العَرَبُ
عَلَـى بِلادالاَرْمَنِ
____________

(1) هو داود بن أبي داود الدجاجي المعنون في منهج المقال لميرزا محمد الاسترآبادي كان من
أصحاب أبي جعفر الباقر
_ عليه السلام _ يروي عنه معمّر بن يحيى العجلي الكوفي وهو ثقة عند
أبي داود والعلاّمة والنجاشي.

(2) مريم: 37.

(3) الشعراء: 4.

(4) غيبة النعماني: 251 ـ 252، الباب الرابع عشر.
( 300 )
والسِّقْلابِ، وَأَذْعَنَ هِرْقَلُ بِقُسْطَنْطِينَةَ لِبَطَارِقَةِ سِينَانَ، فَتَوَقَّعُوا ظُهُورَ مُكَلِّمِ مُوسَـى
مِنَ الشَّجَرَةِ عَلَـى الطُّورِ، فَيَظْهَرُ هذَا ظِاهِرٌ مَكْشُوفٌ، وَمُعايَنٌ مَوْصوفٌ... ثُمَّ بَكَى
صَلَواتُ اللّهِ عَلَيْهِ وَقَالَ: واهاً لِلاَُمَمِ، إِمَّا شَاهَدَتْ رَايَاتِ بَنِـي عُتْبَةَ مَعَ بَني كَنَامِ
السَّائِرينَ أَثْلاثَاً، المُرْتَكِبينَ جَبَلاً جَبَلاً مَعَ خَوْفٍ شَدْيدٍ وَبُوَْسٍ عَتِيدٍ، ألا وَهُوَ
الوَقْتُ الَّذِي وُعِدْتُمْ بِهِ، لاَحْمِلَنَّهُمْ عَلَـى نَجَائِبَ، تُحَفُّهُمْ مَرَاكِبُ الاَفْلاكِ، كَأَنِّي
بِالمُنافِقينَ يَقُولُونَ نَصَّ عَليٌّ على نَفْسِهِ بِالرَّبَّانِيَّةِ، ألا فَاْشْهَدُوا شَهَادَةً أسْأَلَكُمْ بِهَا
عِنْدَ الحَاجَةِ إليْهَا، أنَّ عليَاً نُورٌ مخلُوقٌ وعَبْدٌ مَرْزُوقٌ، وَمَنْ قَالَ غَيْـرَ هَذَا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ
اللّهِ ولَعْنَةُ اللاَّعِنينَ، ثُمَّ نَزَلَ وَهُوَ يَقُولُ: تَحَصَّنْتُ بِذِي الملكِ والمَلَكُوتْ،
واعْتَصَمْتُ بذي العِزَّةِ والجَبَرُوتِ، وَامْتَنَعْتُ بِذي القُدْرَةِ والمَلَكُوتِ، مِنْ كُلِّ مَا
أَخافُ وَأَحْذَرُ، أيُّها النَّاسُ مَا ذَكَرَ أَحَدُكُمْ هذِهِ الكَلِماتِ عِنْدَ نَازِلَةٍ أَوْ شِدَّةٍ إلاَّ
وَأَزاحَهَا اللّهُ عَنْهُ»
(1) .
***
____________

(1) مشارق البرسي: 166 ـ 170ـ مرسلاً عنه
_ عليه السلام _ ، عنه الاِيقاظ من الهجعة: 375 ـ
بعضها ـ.