http://www.imamsadeq.org كتاب موسوعة أحاديث أمير المؤمنين علي ـ عليه السلام ـ تأليف اللجنة العليا للتحقيق في مؤسسة نهج البلاغة ص 272 - ص 300

( 272 )




( 273 )

الباب الثامن

الفصل الاَوّل

الفتن قبل المهدي

_ عليه السلام _


( 274 )




( 275 )

21


«الفتن قبل المهديِّ»

1ـ حدَّثنا عليُّ بن أحمد البندينجيُّ، عن عبيد اللّه بن موسى العلويِّ، قال: حدَّثنا محمّد بن موسى، عن أحمد بن أبي أحمد الورَّاق الجرجانيِّ، عن محمّد بن عليٍّ، عن عليِّ بن الحكم، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي الطفيل، قال: سأل ابن الكوَّاء أمير الموَمنين عليَّ بن أبي طالب _ عليه السلام _ عن الغضب.

فقال: «هيهات الغضب، هيهات موتات بينهنَّ موتات، وراكب الذِّعلبة (1) وما راكب الذِّعلبة، مختلط جوفها بوضينها (2) يخبرهم بخبر فيقتلونه، ثمَّ الغضب عند ذلك»(3).

2ـ عن أمير الموَمنين عليٍّ _ عليه السلام _ قال:

«وَيُنَادِي مُنَادِي الجَرْحَى عَلى القَتْلَى ودَفْنِ الرِّجَالِ، وَغَلَبَةُ الهِنْدِ عَلَـى السِّنْدِ،


____________

(1) الذِّعلبة ـ بالكسرـ: الناقة السريعة.
(2) الوضين: بطان منسوج بعضه على بعض يشد به الرحل على البعير كالحزام على السرج، وقال في «النهاية»: منه الحديث: «اليك تغدو قلقاً وضينها» ـ أراد أنَّها هزلت ودقت للسير عليها، وقال العلاّمة المجلسي ـ رحمه اللّه ـ بعد نقل ذلك عن الجزري: يحتمل أن يكون ما في الخبر كناية عن السمن أو الهزال أو كثرة سير الراكب عليها واسراعه.
(3) غيبة النعماني: 267ـ 268.


( 276 )
وَغَلَبَةُ القَفْصِ على السَّعِيرِ، وَغَلَبَةُ القِبْطِ على أَطْرافِ مِصْـرَ، وَغَلَبَةُ أنْدَلُسَ على أطْرَافِ أَفْرِيقِيَة. وَغَلَبَةُ الحَبَشَةِ على اليمنِ. وَغَلَبَةُ التُّـرْكِ عَلَـى خَراسَانَ. وَغَلَبَةُ الرُّوْمِ على الشَّام. وَغَلَبَةُ أَهْلِ أَرْمِينيَةَ. وَصَـرَخَ الصَّارِخُ بِالعِراق: هُتِكَ الحِجَابُ وَافْتُضَّتِ العَذْرَاءُ، وَظَهَرَ عَلَمُ اللَّعينِ الدَّجَّالِ. ثمَّ ذَكَرَ خُرُوجَ القائِمِ _ عليه السلام _ » (1).

3ـ أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن طارق، عن منذر الثوري، عن عاصم بن ضمرة، عن علي قال:

«جُعِلَتْ في هذهِ الاَُمّةِ خَمْسُ فِتَنٍ: فِتْنَةٌ عامّةٌ ثمَّ فِتْنَةٌ خاصَّةٌ، ثُمَّ فِتْنَةٌ عامَّةٌ، ثُمَّ فِتْنَةٌ خاصَّةٌ، ثُمَّ تَأتي الفِتْنَةُ العَمْياءُ الصَّمّاءُ المُطْبِقَةُ التي يَصيرُ النّاس فيها كالاَنْعامِ» (2).

4ـ أخبرنا عليُّ بن أحمد قال: حدَّثنا عبيد اللّه بن موسى العلويُّ، قال: حدَّثناعبداللّه بن حماد الاَنصاريُّ، قال: حدَّثنا إبراهيم بن عبيد اللّه بن


____________

(1) مناقب ابن شهر آشوب: 2|274ـ مرسلاً عن عليّ _ عليه السلام _ ، البحار: 41|319 ـ عن مناقب ابن شهر آشوب، وفيه: «... وَغَلَبة أَهْل أرمينية على أرمينية».
(2) عبد الرزاق: 11|356ـ 357، جمع الجوامع: 2|30 ـ كما في ابن أبي شيبة بتفاوت يسير، وقال ابن أبي شيبة، ونعيم، وابن راهويه، وابن المنادي، مستدرك الصحيحين: 4|437 ـ كما في عبد الرزاق بسنده إليه، وقال: هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه، وفي: 4|504 ـ 505ـ كما في عبد الرزاق بتفاوت بسند آخر، عن عليٍّ _ عليه السلام _ : ـ وفيه: «تكون في ... ثمَّ تكون فتنةٌ سوداء مظلمة يكون النّاس فيها كالبهائم» وقال: هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه، ابن أبي شيبة: 15|24، حدَّثنا أبو أُسامة، عن منذر، عن عاصم بن ضمرة، عن عليٍّ، قال: «كما في عبد الرزاق بتفاوت يسير ـ وفيه: وضع اللّه في هذه الاَُمّة ... ثمَّ فتنة تموج كموج البحر يصبح النّاس فيها كالبهائم» ، المطالب العالية: 4|277 ـ كما في عبد الرزاق بتفاوت يسير، عن ابن راهويه، وقال: وأقرَّ به أبو أُسامة فقال: نعم، وفيه: «جعل اللّه ... ثمّ تجيءُ فتنة سوداء مظلمة ... كالبهائم» ملاحم ابن المنادي: 75 ـ بسند آخر، عن أبي القاسم محمَّد بن عليّ بن الحنفية بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ أنَّه قال: «يكون خمس فتن: فتنة عامّة، وفتنة خاصّة، وفتنة سوداء مظلمة يكون الناس فيها كالبهائم ما ذكر الرابعة ولا الخامسة».


( 277 )
العلاء(1)،قال:حدَّثني أبي، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد _ عليهما السلام _ : «أنّ أمير الموَمنين _ عليه السلام _ حدَّث عن أشياء تكون بعده إلى قيام القائم، فقال الحسين: يا أمير الموَمنين متى يطهّر اللّه الاَرض من الظالمين؟ فقال أمير الموَمنين _ عليه السلام _ : لا يُطهّرُ اللّهُ الاَرضَ مِنَ الظَّالِمينَ حتَّى يُسْفَك الدَّمُ الحرَامُ ـ ثُمَّ ذَكَرَ أَمرَ بَني أُميَّة وبني العبّاس في حديثٍ طويلٍـ ثُمَّ قال: إذا قام القائم بِخُراسَانَ، وَغَلَبَ على أَرْضِ كوفانَ ومُلتانَ، وجَازَ جَزيرَةَ بني كاوانَ (2) وقامَ منَّا قائمٌ بِجيلانَ وأجابَتْهُ الآبرُ والدَّيْلَمـ[ـانُ] (3)وَظَهَرَتْ لِولَدِي رَايَاتُ التُّرْكِ مُتَفَرِّقاتٍ في الاَقْطَارِ والجَنَباتِ (4) وَكَانوا بَيْـنَ هَنَاتٍ وَهَناتٍ (5)إذَا خَرِِبَتْ البَصْـرَةُ، وَقَامَ أميرُ الاِمْرَةِ بِمَصْـرَ ـ فَحَكَى _ عليه السلام _ حِكايةً طَويلةًـ ثُمَّ قال: إِذا جُهِّزَتِ الاَُلُوفُ، وَصُفَّتُ الصُّفُوفُ، وَقَتَلَ الكَبْشُ الخَروفَ (6)هُناكَ يَقُومُ الآخِرُ، وَيَثُورُ الثَّائِرُ، وَيَهْلِكُ الكَافِرُ، ثُمَّ يَقومُ القائِمُ المأمُولُ، والاِمامُ المَجْهُولُ، لَهُ الشَّـرَفُ وَالفَضْـلُ، وَهُوَ مِنْ وُلْدِكَ يا حُسَيْـنُ، لا ابْنَ مِثْلُهُ (7)يَظْهَرُ بَيْنَ الرُّكنَينِ، في


____________

(1) في بعض النسخ: إبراهيم بن عبد اللّه بن العلاء، وظنّي أنّ كليهما تصحيف، والصواب إبراهيم بن عبد الحميد بن أبي العلاء، واللّه أعلم.
(2) كوفان اسم للكوفة، وفي بعض النسخ «كرمان». وملتان بضم الميم ـ: مدينة من الهند قرب غزنة، قال في المراصد: أهلها مسلمون منذ قديم، وفي المراصد أيضاً: جزيرة كاوان ويقال: جزيرة بني كاوان، جزيرة عظيمة يقال لها: جزيرة لافت في بحر فارس بين عمان والبحرين، كان بها قرى ومزارع، وهي الآن خراب ـ ا هـ.
(3) الابر: قرية قرب الاَسترآباد. وفي جل النسخ «الديلم» والديلمان جمع الديلم بلغة الفرس من قرى أصبهان بناحية جرجان، كما في المراصد.
(4) في بعض النسخ: «والحرمات».
(5) هنات وهنوات جمع هنيئة بمعنى سـاعة يسـيرة، أو من قولهم: «في فـلان هنـات» أي خصـلاتشر.
(6) الخروف ـ كصبور ـ : الذكر من أولاد الضأن.
(7) في بعض النسخ: «لا ، أين مثله؟».


( 278 )
دَرِيسَيْـنِ بالِيَيْـنِ (1)يَظْهَرُ على الثَّقَلَيْـنِ، ولا يَتْرِكُ في الاَرْضِ دَميْـنِ (2)طُوبى لِمَنْ أَدْرَكَ زَمَانَهُ، وَلحِقَ أَوَانَهُ، وَشَهِدَ أَيَّامَهُ» (3).

5ـ حدثنا أبو معاوية، وأبو أُسامة، ويحيى بن اليمان، عن الاَعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن علي ـ رضي اللّه عنه ـ قال: «يُنْقَضُ الدِّينُ حَتَّى لا يَقُولَ أَحَدٌ لا إِلهَ إلاَّ اللّهُ ـ وقال بعضُهُمْـحَتَّى لا يُقَالَ: اللّهُ اللّهُ ، ثُمَّ يَضرِبُ يَعسُوبُ الدَّينِ بِذَنَبِهِ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللّهُ قَوماً قَزعُ (كذا) كَقَزَعِ الخَريفِ، إِنِّي لاَعْرِفُ اسْمَ أَمْيرِهْم وَمُنَاخَ رِكَابِهِمْ» (4).


____________

(1) الدريس: البالي من الثياب، والبالي: الخلقان من الثياب.
(2) كذا في جل النسخ وفي بعضها «الاَذنين» كما في البحار، وفي نسخة «لا يترك في الاَرض شراً» وكأنّ الكلمة في الاَصل غير مقروءة فكتبها كلّ على حسب اجتهاده، مع تصرف، ويحتمل كونه «ولا يترك في الاَرض دينين» أو «لا يترك في الاَرض المين» بفتح الميم بمعنى الكذب، والاَصوب عندي أنّ الجملة في الاَصل كانت «ولا يترك الاَرض بلامين» فصحفّت، يعني لا يترك الاَرض بلا حرب ولا زراعة، ففي اللغة: مان الاَرض ميناً، شقّها وحرثها للزراعة. وهو موَيد بروايات أُخر لا مجال لنا هنا لذكرها.
(3) غيبة النعماني: 274ـ 276، عنه البحار: 52|235ـ237.
(4) ابن حمّاد: 108، غيبة الطوسي: 284 عنه (الفضل بن شاذان)، عن محمّد بن علي، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه _ عليه السلام _ (يقول): «كان أمير الموَمنين ـ عليه السلام ـ يقول: ـ وفيه: لا يزالُ الناسُ يُنقصون حَتّى لا يُقالَ (اللّهُ) فإِذا كانَ ذَلِكَ ضَـرَبَ ... فَيَبْعَثُ اللّهُ قَوْمَاً مِنْ أَطْرافِهَا يَجِيئُونَ قَزَعاً ... لاَعْرِفُهُمْ اسْمَاءَهُمْ وَقَبائِلَهُمْ وَاسْمَ أميرِهم، وَهُمْ قَومٌ يَحْمِلُهُمْ اللّهُ كَيْفَ شَاءَ منَ القَبيلَةِ الرَّجُلَ والرَّجُلَينِ حَتَّى بَلَغَ تِسْعَةً فَيَتَوَافَوْنَ مِنَ الآفاقِ ثَلاثَمائَةِ وثَلاثَةَ عَشَـرَ رَجُلاً عِدَّةُ أَهْلِ بَدرٍ، وَهُوَ قَوْلُ اللّهِ (أَيْنَما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمْيعاً إِنَّ اللّهَ عَلَـى كُلِّ شَـيْءٍ قَدير) حَتّى أنَّ الرَّجُلَ لَيَحْتَبي فَلا يَحِلُّ حَبْوَتَهُ حَتّى يُبَلِّغهُ اللّهُ ذَلِكَ» ، البحار: 51|113ـ عن ابن أبي الحديد، وفي: 52|334ـ عن غيبة الطوسي، لسان العرب: 8|271 ـ بعضه ـ مرسلاً عن عليٍّ، غريب الحديث لابن الجوزي 2|241 ـ بعضه ـ مرسلاً عن عليّ، البحار: 51|113ـ عن ابن أبي الحديد، وفي: 52|334ـ عن غيبة الطوسي، ينابيع المودّة: 437 ـ عن نهج البلاغة، ملاحم ابن طاووس: 80 ـ عن ابن حمّاد بتفاوت يسير، وفيه: «تنْقَضُّ الفِتَنُ حَتَّى» وفي: 176ـ كما في ابن أبي شيبة بتفاوت يسير ، وقال: فيما ذكره زكريا في ترجمة أخيار جوامع، عن مولانا علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ في الاِشارة إلى المهدي _ عليه السلام _ ، قال: حدَّثنا علي بن الحسن الذهلي ... ثمّ بقية سند ابن أبي شيبة، منتخب الاَثر: 161 ـ 162 ـ عن نهج البلاغة، وفي: 476 ـ عن غيبة الطوسي، نهج البلاغة لصبحي صالح: 517 ـ عبده: 4|57 ـ كما في ابن أبي الحديد، ابن أبي شيبة: 15|23 ـ حدثنا أبو معاوية عن الاَعمش، عن إبراهيم التيمي، عن الحارس بن سويد، عن علي قال: وفيه: «يُنْقَصُ الاِسْلامُ حَتّى لا يُقَالَ ... فَإِذَا فُعِلَ ذَلِكَ ضَـرَبَ يعْسُوبُ ... فَإِذا فُعِلَ ذَلِكَ بُعِثَ قَوْمٌ يجتَمِعُونَ كَمَا يَجْتَمِعُ قَزَعُ الخَرِيفِ ... وَاللّهِ إنّي لاَعْرِفُ»، النهاية: 2|170، ابن أبي الحديد: 19|104ـ كما في ابن أبي شيبة بتفاوت ... وفيه: « فإذا كَانَ ذَلِكَ ضَـرَبَ يَعْسُوبُ الدينِ بِذَنَبِهِ، فَيَجْتَمِعُونَ إِليْهِ كَمَا يَجْتَمِعُ قَزَعُ الخَرِيفِ» وَقالَ: «وَهذا الخبر من أخبار الملاحم التي كان يخبر بها _ عليه السلام _ ، وهو يذكر فيه المهدي الذي يوجد عند أصحابنا في آخر الزمان ... فإن قلت: فهذا يشيّد مذهب الاِمامية في أنّ المهدي خائف مستتر، ينتقل في الاَرض، وأنّه يظهر آخر الزمان، ويثبت ويقيم في دار ملكه. قلت: لا يبعد على مذهبنا أن يكون الاِمام المهدي يظهر في آخر الزمان، مضطرب الاَمر، منتشر الملك في أوّل أمره لمصلحة يعلمها اللّه تعالى، ثم بعد ذلك يثبت ملكه وتنتظم أُموره».


( 279 )

6ـ أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسن بن علي بن محمّد أبي الفهم التنوخي بقراءتي عليه قال: حدَّثنا أبو الحسين علي بن الحسن بن جعفر بن العطّار البزار قراءةً عليه قال: أخبرنا أبو جعفر محمّد بن الحسيني الخثعمي قال: حدّثنا عباد بن يعقوب قال: أخبرنا عمر بن شبيب المسلي، عن محمّد بن سلمة، عن كهيل، عن أبيه، عن أبي إدريس، عن مسبب بن خيثمة عن علي _ عليه السلام _ قال في حديث:

«... واللّهِ لَيظْهَرَنَّ عَلَيْكُمْ هَوَلاءِ باجْتِماعِهِمْ على باطِلِهمْ، وَتَخاذُلِكُمْ عَنْ حَقِّكُمْ، حَتَّى يَسْتعْبدُونَكُمْ (كذا) كَما يسْتَعْبِدُ الرَّجُلُ عَبْداً، إذا شَهِدَ جَزَمَهُ، وإذا غابَ سَبَّهُ، حَتَّى يَقُومَ الباكيانِ، الباكِي لِدينهِ والباكِي لِدُنْياهُ، وَأَيْمُ اللّهِ لَوْ فَرَّقُوكُمْ تَحْتَ كُلِّ حَجرٍ لَجَمَعَكُمْ لِشَـرِّ يَوْمٍ لَهُمْ، وَالّذِي خَلَقَ الحَبَّةَ وَبَرأَ النَّسْمَةَ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنيا إلاّ يَوْمٌ لَطَّولَ اللّهُ ذَلِكَ اليَوْمَ حَتَّى يَمْلِكُ الاَرْضَ رَجُلٌ مِنِّي يَمْلوَ الاَرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَـا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً، فإذا كانَ ذَلِكَ لَـمْ تَظُنُّوا (تَطْعَنُوا) فِيهِ بِرُمْحٍ وَلَمْ تَضْـرِبِوا فِيهِِ بِسَيْفٍ وَلَـمْ تَرْمُوا فِيهِ بِسَهْمٍ وَلَـمْ تَرْمُوا فيِهِ بِحَجَرٍ، فَاحْمَدُوا اللّهَ، فَإِذَا كانَ ذَلِكَ وَرَأَيْتُمْ الرَّجُلَ مِنْ بَني أُميّة غَرِقَ في البَحْرِ فَطأوهُ على رَأْسِهِ فَوَالَّذِي خَلَقَ الحَبَّةَ وَبَرأَ النَّسْمَةَ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إلاّ رَجُلٌ واحِدٌ لَبَغَى لِدِينِ اللّهِ عَزَّ وَجَّلَ شَـرّاً» (1).


____________

(1) آمالي الشجري: 2|84.


( 280 )

7ـ عن علي قال: «تُملاَ الاَرْضَ ظُلماً وجوراً حتى يدخِلَ كلَّ بَيتٍ خوفٌ وحزنٌ، يسألون درهمين وجريبين فلا يعطونه فيكون قتالٌ بِقتالٍ ويسارٌ بيسارٍ حتى يحيط اللّه بهم في مصرِه، ثم تملاَ الاَرضُ عدلاً وقسطاً» (1).

8ـ حدَّثنا وكيع ويزيد بن هارون قالا: أخبرنا عمران بن حدير، عن رفيع أبي كبيرة قالا: سمعت أبا الحسن عليّاً يقول:

«تَمْتَلِيءُ الاَرْضُ ظُلْماً وَجَوْراً حَتَّى يَدْخُلَ كُلَّ بَيْتٍ خَوْفٌ وَحَربٌ، يَسْأَلُونَ دِرْهَمَيْـنِ وَجَريبَيْـنِ فَلا يُعْطَوْنَهُ فَيَكُونُ تِقْتَالُ بِتِقْتَالٍ، وَتَسْيَارُ بِتَسْيَارٍ حَتَّى يُحِيطَ اللّهُ بِهِمْ في قَصْـرِهِ ، ثُمَّ تُمْلاَُ الاَرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً» (2).

9ـ أخبرنا عليُّ بن الحسين قال: أخبرنا محمّد بن يحيى، عن محمّد بن حسّان الرازي، عن محمّد بن عليٍّ الكوفي، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن عليّ بن محمّد بن الاَعلم الاَزدي (3) عن أبيه عن جدِّه.

قال: قال أمير الموَمنين _ عليه السلام _ : «بَيْـنَ يدي القائم موتٌ أحمرٌ، وموتٌ أبيضٌ، وَجَرادٌ في حينه، وجَرادٌ في غير حينه، أحمرٌ كالدم، فأمّا الموتُ الاَحمر فبالسيف، وأمّا الموتُ الاَبيض فالطاعون» (4).


____________

(1) كنز العمال: 14|586 حديث (39659).
(2) ابن أبي شيبة: 15|89، وقال: قال وكيع: «حَتَّى يُحيط اللّهُ بهم في قصرِهِ»، كنز العمال: 14|586 حديث (39659) ـ عن ابن أبي شيبة، وفيه: « ... في مِصْـرِهِ»، المغربي: 578 ـ كما في كنز العمال، عن ابن أبي شيبة، وفيه: «... يَسْأَلُونَ الحقَّ»، جمع الجوامع: 2|170ـ عن ابن أبي شيبة، وفيه: « ... تُمْلاَ ... خَوْفٌ وَحزنٌ ... قتال بقتالٍ وَيَسَارٌ بِيسارٍ ... في قَصْـرِهِمْ».
(3) الاَعلم الاَزدي كان من أولياء أمير الموَمنين _ عليه السلام _ كما في رجال البرقي، وضبطه في اختصاص المفيد «العلم الاَزدي».
(4) غيبة النعماني: 277ـ 278، عقد الدرر: 65 ـ كما في الاِرشاد بتفاوت يسير، مرسلاً عن عليّ بن محمّد الاَودي، عن أبيه، عن جدِّه، وفيه: «بَيْـنَ يدي المهدي»، منتخب الاَنوار المضيئة: 30 ـ عن الخرائج، منتخب الاَثر : 441 ـ عن الاِرشاد، البحار: 52|211 ـ عن غيبة الطوسي، والنعماني، والاِرشاد، مستجاد الحلّـي: 548 ـ 549 ـ عن الاِرشاد، إعلام الورى: 427 ـ كما في غيبة الطوسي بسند الاِرشاد، إثباة الهداة: 7|406 ـ عن غيبة الطوسي بتقديم وتأخير، وفي:3|738 ـ عن غيبة النعماني بتفاوت يسير، وفي سنده أحمد بن أنس بدل محمَّد بن حسّان الرازي، وفيه: «... كألوان الدم»، كشف النوري: 175ـ عن عقد الدرر، وفيه: «بَيْـنَ يَدي المهديِّ»، الاِرشاد: 359 ـ كما في غيبة النعماني بتفاوت يسير، مرسلاً عن محمّد بن أبي البلاد، عن عليّ بن محمّد الاَزدي، عن أبيه، عن جدِّه قال: قال أمير الموَمنين _ عليه السلام _ : وفيه «... كألوان الدم ...فالسيف»، كشف الغمة : 3|248 ـ عن الاِرشاد بتفاوت يسير، غيبة الطوسي: 267 ـ كما في الاِرشاد بتفاوت يسير، عن الفضل بن شاذان ، وقال: (روي) الفضل، عن عليّ بن أسباط، عن محمّد بن أبي البلاد، عن عليِّ بن محمّد الاَودي، عن أبيه، عن جدّه (قال): قال أمير الموَمنين _ عليه السلام _ : ، الخرائج: 3|1152 ـ كما في غيبة النعماني، مرسلاً عن أمير الموَمنين _ عليه السلام _ ، الفصول المهمة: 301 ـ عن الاِرشاد ظاهراً بتفاوت يسير، وفيه: علي بن يزيد الاَزدي، بشارة الاِسلام: 48 ـ عن غيبة النعماني، وغيبة الطوسي، وفيه: محمّد بن الحسن الرازي ... «بَيْـنَ يدي المهديِّ»، الصراط المستقيم: 2|242 ـ عن الاِرشاد (مختصراً).


( 281 )

10ـ وجدت بخط المحدّث الاَخباريّ محمّد بن المشهدي باسناده عن محمّد بن القاسم، عن أحمد بن محمّد، عن مشايخه، عن سليمان الاَعمش، عن جابر بن عبد اللّه الاَنصاري قال: حدّثني أنس بن مالك، وكان خادم رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ قال:

«لمَّا رَجَعَ أميرُ الموَْمنينَ عليُّ بن أبي طالب _ عليه السلام _ مِنْ قِتَالِ أهْلِ النَّهْرَوانِ نَزَلَ بُراثَا وَكَانَ بِهَا راهبٌ في قِلاّيَتِهِ وَكَانَ اسْمُهُ الحَبَّابَ، فَلَمَّـا سَمِعَ الرَّاهِبُ الصَّيْحَةَ والعَسْكَرَ أَشْرَفَ مِنْ قِلاّيَتِه إلى الاَرضِ فَنَظَرَ إلى عَسْكَرِ أَميرِ الموَمنين _ عليه السلام _ فَاسْتَفْظَعَ ذَلِكَ ونَزَلَ مُبادِراً قَالَ: مَنْ هذَا، وَمَن رَئِيسُ هذا العَسْكَرِ؟ فَقِيلَ لَهُ: هذَا أميرُ الموَمنين وقَدْ رَجِعَ مِنْ قِتَالِ أهْلِ النَهرَاونِ. فَجَاءَ الحَبَّابُ مُبادِراً يَتَخَطَّى النَاسَّ حَتَّى وَقَفَ على أَميرِ الموَمنين _ عليه السلام _ فَقَالَ: السَلامُ عَلَيكَ يا أَميرَ الموَمنينَ حَقّاً حَقّاً، فَقالَ لَهُ: «وَما أَعْلَمَكَ بِأَنِّي أَميرُ الموَْمِنينَ حَقّاً حَقّاً؟» قَالَ لَهُ: بِذَلِكَ أَخْبَـرَنَا عُلَماوَُنَا وَأَحَبَارُنَا. فَقَالَ لَهُ: «يا حَبَّابُ» فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ: وَمَا عِلْمُكَ بِاسْمي؟! فَقَالَ: «أعلمني بِذَلِكَ حَبيبي رَسُولُ اللّه صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم »، فَقَالَ لَهُ حَبَّابُ: مُدَّ يَدَكَ فَأَنا أَشْهَدُ أَنْ لا إله إلاَّ اللّهُ، وَأَنَّ مُحمَّداً رَسُولُ اللّهِ، وَأَنَّكَ عليُّ بن أبي طالبٍ وصيُّهُ، فَقَالَ لَهُ أَميْـرُ الموَمنين _ عليه السلام _ : «وأينَ تَأوي»؟ فَقَالَ: أَكُونُ في قِلاَّيَةٍ لي ها هُنَا، فَقَال لَهُ أميرُ الموَمنين ـ عليه السلام ـ : «بَعْدَ يَوْمِكَ


( 282 )
هذَا لا تَسْكُنْ فِيهَا، وَلكِنْ ابْنِ هاهُنا مَسْجِداً وَسَمِّهِ بِاسْمِ بانِيهِ» فَبَناهُ رَجُلٌ اسْمهُ بُراثَا فَسَمَّى المَسْجِد بِبُراثَا بِاسْمِ البانِـي لَهُ ثُمَّ قَالَ: «وَمِنْ أَينَ تَشْـرَبُ يَا حبَّابُ»؟ فَقَالَ: يَا أَميرُ الموَمنين مِنْ دِجْلَةَ ها هُنَا. قَالَ: «فَلِمَ لا تَحْفِرُ ها هُنَا عَيْناً أو بِئْراً؟» فَقَالَ لَهُ: يا أَميرَ الموَمنينَ كُلَّما حَفَرْنَا بِئْراً وَجَدْنَاهَا مَالِحَةً غَيْـرَ عَذْبَةٍ. فَقَالَ لَهُ أَميرُ الموَمنين _ عليه السلام _ : «احْفِرْ ها هُنَا بِئْراً» فَحَفَر، فَخَرَجَتْ عَلَيْهِمْ صَخْرَةٌ لَمْ يَسْتَطِيعُوا قَلْعَهَا، فَقَلَعَهَا أَمِيرُ الموَْمِنينَ _ عليه السلام _ فَانْقَلَعَتْ عَنْ عَيْـنٍ أَحْلى مِنَ الشَّهْْدِ، وَأَلذَّ مِنَ الزّبدِ، فَقَالَ لَهُ: «يا حَبَّابُ! سَتُبْنى إلى جَنْبِ مَسْجِدِكَ هَذا مَدِينَةٌ وَتَكْثُرُ الجَبَابِرَةُ فيها، وَيَعظَمُ البَلاءُ، حَتَّى أنَّهُ لَيُرْكَبُ فِيهَا كُلَّ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ سَبْعُونَ أَلْف فَرْجٍ حَرَامٍ، فَإِذا عَظُمَ بَلاوَُهُم سَدُّوا على مَسْجِدِكَ بِفطوة ثُمَّ (وابْنِهِ بَنين ثُمّ وابْنِهِ لا يَهْدِمُهُ إلاّ كافِرٌ ثُمَّ بَيْتا) فَإِذا فَعَلُوا ذَلِكَ مُنِعُوا الحَجّ ثَلاثَ سِنينَ، وَاحْترَقَتْ خُضَـرُهُمْ وَسَلّطَ اللّهُ عَلَيْهِم رَجُلاً مِنْ أَهْلِ السَّفَحِ لا يَدْخُلُ بَلَداً إلاّ أهْلَكَهُ وَأَهْلَكَ أَهْلَهُ. ثُمَّ لِيعد عَلَيْهِمْ مَرَّة أُخرى، ثمَّ يَأْخُذُهُم القَحْطُ والغَلا ثَلاثَ سِنينَ حَتَّى يَبْلُغَ بِهِمُ الجَهْدُ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ يدْخُلُ البَصْـرَةَ فَلاَ يَدَعُ فِيهَا قَائِمَةً إلاَّ سَخَطَهَا وَأَهْلَكَهَا وَأَهْلَكَ أَهْلَهَا، وَذَلِكَ إِذَا عَمَرت الخَرِبَةُ وَبُنِيَ فِيهَا مَسْجِدٌ جَامِعٌ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَكُونُ هَلاَكُ أَهْلِ البَصْـرَةِ، ثُمَّ يَدْخُلُ مَدِينَةً بَنَاهَا الحَجَّاجُ يُقَالُ لَهَا واسِطُ، فَيَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَتَوَجَّهُ (نَحْوَ بَغْدَادَ) فَيَدْخُلُها عَفْواً، ثُمَّ يَلْتَجيءُ النَّاسُ إلى الكُوفَةِ، وَلا يَكُونُ بَلَدٌ مِنَ الكُوفَةِ إلاّ تَشَوَّشَ لَهُ الاَمْرُ، ثُمَّ يخرُجُ هُوَ والَّذِي أَدْخَلَهُ بَغْدَادَ نَحْوَ قَبْـرِي لِيَنْبُشَهُ فَيَلْقَاهُمَا السُّفْيَانِـيُّ فَيَهْزِمُهُمَا ثُمَّ يَقْتُلُهُمَا، وَيَتَوَجَّهُ جَيْشٌ نَحْوَ الكُوفَةِ فَيَسْتَعْبِدُ بَعْضَ أَهْلِهَا، وَيَجِيءُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الكُوفَةِ فَيُلْجِئُهُمْ إلى سُورٍ فَمَنْ لجَأ إِلَيْهَا أَمِنَ، وَيَدْخُلُ جَيْشُ السُّفْيَانيِّ إلى الكُوفَةِ فَلا يَدَعُونَ أَحَداً إلاَّ قَتَلُوهُ، وَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ لَيَمُرُّ بِالدُّرَّةِ المَطْرُوحَةِ العَظِيمَةِ فَلا يَتَعَرَّضَ لَهَا، وَيَرَى الصَّبِيَّ الصَّغِيرَ فَيَلْحَقُهُ فَيََقْتُلُهُ.

فَعِندَ ذَلِكَ يَا حَبَّابُ يُتَوَقَّعُ بَعْدَهَا هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ أُمورٌ عِظَامٌ، وَفِتَنٌ كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِم. فَاحْفَظْ عَنّي ما أَقُولُ لَكَ يا حَبَّابُ» (1).


____________

(1) البحار: 52|217، عن اليقين، اليقين: 156ـ157.


( 283 )

11ـ أخبرنا الشريف أبو عبد اللّه محمّد بن عليّ بن الحسن الحسني البطحائي ـ بقراءتي عليه بالكوفةـ قال: أخبرنا محمّد بن جعفر التميميُّ ـ قراءة عليه ـ قال: أخبرنا محمّد بن محمّد بن سعيد قال: أخبرني الحسن بن علي بريع قال: حدَّثنا القاسم بن عبد اللّه العبدي قال: حدَّثنا أبي قال: سمعت عبد الرحيم بن نصر البارقي قال: سمعت الاِمام أبا الحسين زيد بن عليٍّ _ عليهما السلام _ يقول: قال عليُّ بن أبي طالب _ عليه السلام _ :

«إِذَا كانَ زَعِيمُ القَوْمِ فَاسِقَهُمْ، وَأُكْرِمَ الرَّجُلُ اتّقاءَ شَـرِّهِ، وعُظِّمَ أَرْبَابُ الدُّنْيَا، واسْتُخِفَّ بِحَمَلَةِ كِتابِ اللّهِ، وَكَانَتْ تِجارَتُـهُمْ الربَا، وَمَأْكَلُهُمْ أَمْوالَ اليَتَامى، وَعُطِّلَتِ المَسَاجِدُ، وَأَكْرَمَ الرَّجُلُ صَدِيقَهُ وَعَقَّ أَبَاهُ، وَتَواصَلُوا على الباطِلِ، وَعَطَّلُوا الاَرْحَامَ، واتّـخَذُوا كِتَابَ اللّهِ مَزامِيرَ، وَتُفُقِّهَ لِغَيْـرِ الدِّينِ، وَأَكَلَ الرَّجُلُ أَمانَتَهُ، وَاوَتُمنَ الخَائِنُ، وَخُوِّنَ الاَُمَنَاءُ، وَاسْتُعْمِلَتْ كَلِمَةُ السُّفَهَاءِ، وَزُخْرِفَتِ المَسَاجِدُ، وَزُخْرِفَتِ الكَنَائِسُ، وَرُفِعَتِ الاَصوَاتُ في المَسَاجِدِ، وَاتُّخِذَتْ طَاعَةُ اللّهِ بِضَاعَةً، وَكَثُـرَ القُرَّاءُ، وَقَلَّ الفُقَهاءُ، وَاشْتَدّ سَبُّ الاَتْقِياءِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَوَقَّعُوا ريحاً حَمْراءَ، وَخَسْفاً وَمَسْخَاً وَقَذْفاً وَزَلازِلَ وَأُمُوراً عِظَاماً» (1).

12ـ عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن موسى بن عمر الصيقل، عن أبي شعيب المحاملي، عن عبد اللّه بن سليمان عن أبي عبد اللّه _ عليه السلام _ (قال):

قَالَ أَميرُ الموَمنين _ عليه السلام _ : لَيَأْتِينَّ عَلَـى النَّاسِ زَمَانٌ يُظَرَّفُ فِيهِ الفَاجِرُ وَيُقَرَّبُ فيهِ الماجِنُ، وَيُضَعَّفُ فيهِ المُنصِفُ.

قال: فقيل له: متى ذاك يا أميرَ الموَمنينَ؟

فقال: إذا اتُخِذَت الاَمَانَةُ مَغْنَماً، والزَّكاةُ مَغْرَماً، وَالعِبادَةُ اسْتِطالَةً، والصِّلَةُ مَنّاً.

قال: فقيل: متى ذلك يا أمير الموَمنينَ؟


____________

(1) أمالي الشجري: 2|260، وَقَالَ: وَكَانَ عَليُّ بنُ الحسين _ عليهما السلام _ إذَا ذَكَرَ هَذَا الحديث بكى بكاءً شديداً، ويقول: «قد رأيتُ أسباب ذلك واللّهُ المُسْتعانُ».


( 284 )

فقال: إذا تَسَلْطَنَ النِّسَاءُ، وَسَلَّطْنَ الاِمَاءَ، وَأُمِّرَ الصِّبْيَانُ» (1).

13ـ عن عليٍّ _ عليه السلام _ قال: «يأتي على النّاسِ زمانٌ همّتهم بطونهم، وشرفهُم متاعُهم، وقبلتُهم نساوَُهم، ودينُهم دراهمُهم ودنانيرُهم، أُولَئِكَ شِـرارُ الخلق، لا خلاق لهم عند اللّه» (2).

14ـ عن عليٍّ _ عليه السلام _ قال:

«يأتي على النّاسِ زمانٌ لا يُتبعُ فيه العالمُ، ولا يُستحيى فيه من الحليم، ولا يوقّر فيه الكبيرُ، ولا يُرحَمُ فيه الصغيرُ، يقتُل بعضهم بعضاً على الدُّنيا.

قلوبُهم قلوبُ الاَعاجم، وألسنتهم ألسنة العرب، لا يعرفون معروفاً، ولا ينكرون مُنكراً.

يمشي الصالحُ فيهم مستخفياً، أُولَئِكَ شِـرار خلق اللّه، لا ينظرُ اللّهُ إليهم يوم القيامة»(3).


____________

(1) الكافي: 8|69، عنه البحار: 41|331 و 52|265، تاريخ اليعقوبي: 2|209ـ مرسلاً عن أمير الموَمنين، منتخب الاَثر: 437، محاضرات الراغب: 1|89، الكامل للمبرد: 1|177، وفيه: «يَأتِي على النَّاسِ زَمَانٌ، لا يُعَزُّ فِيهِ إلاّ الماحِلُ، ولا يُسْتظْرَفُ إلاّ الفاجِرُ، ولا يُضَعَّفُ إلاّ المُنْصِفُ، يَتَّخِذُونَ الفَيءَ مَغْنَماً، والصَّدَقَةَ مَغْرَماً، والعِبادَةَ اسْتطالَةً على النَّاسِ، وَصِلَةَ الرَّحْمِ مَنّاً، والعلْمَ مَتْجَراً، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَكُونُ سُلطَانُ النِّسَاءِ، وَمَشُورَةُ الاِمَاءِ، وَإَمارَةُ الصِّبيَانِ»، نهج البلاغة لصبحي الصالح: 485. خطبة (102) ـ مرسلاً، وفيه: «لا يُقَرَّبُ فيه إلاّ الماحِلُ، ولا يُظرَّفُ فِيهِ إلاّ الفَاجِرُ، ولا يُضَعَّفُ فِيهِ إلاْ المُنْصِفُ ... يَعُدُّونَ الصَّدقَةَ فِيهِ غُرْماً، وَصِلَةِ الرَّحْمِ مَنّاً، والعِبادَةَ اسْتِطالَةً على النَّاسِ ... فَعِنْدَ ذَلِكَ يَكُونُ السُّلطانُ بِمَشُورَةِ النّساءِ، وإِمارَةِ الصِّبيانِ، وَتَدْبيرِ الخِصْيَانِ» مطالب السوَول: 1|150ـ مرسلاً، وفيه: «... لا يُعْرَفُ فيهِ إلاّ الماحِلُ، ولا يُظرفُ فيهِ إلاّ الفَاجِرُ، ولا يُوَْتَمَنُ فيهِ إلاّ الخائِنُ، ولا يَخوَّنُ إلاّ الموَْمِنُ ... وَصِلَةَ الرَّحْمِ مَنّاً، والعِبادَةَ اسْتِطالَةً على النَّاسِ وَتَعدِّياً، وَذَلِكَ يَكُونُ» ، شرح ابن ميثم البحراني: 5|291.
(2) كنز العمال: 11|192، عن السلمي.
(3) المصدر نفسه: 11|192، عن ارشاد القلوب للديلمي.


( 285 )

15ـ حدّثني محمّد بن عليّ ماجيلويه ـ رحمه اللّه ـ، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم، عن محمّد بن عليّ القرشي، عن سفيان الجريري، عن عليّ بن الحزوّر عن الاَصبغ بن نباتة قال: لمّا أقبل أمير الموَمنين _ عليه السلام _ من البصرة تلقّاه أشراف الناس فهنّوَوه وقالوا: إنّا نرجو أن يكون هذا الاَمر فيكم ولا ينازعكم فيه أحد بداً فقال: «هيهات ـ في كلام له ـ أنّى ذلكَ ولمّا تَرمون بالصّلعاء» قالوا: يا أمير الموَمنين وما الصّلعاء؟ قال: «توَخذ أموالكم قسراً فلا تمنعون» (1).

16ـ حدَّثني محمّد بن عليّ ماجيلويه ـ رحمه اللّهـ عن عمّه محمّد بن أبي القاسم، عن محمّد بن عليّ القرشيّ، عن الحسين بن سفيان الجريري، عن سلام بن أبي عمرة الاَزديّ، عن معروف بن خربوز، عن أبي الطفيل أنّه سمع أمير الموَمنين _ عليه السلام _ يقول: «إنّ بعدي فتناً مظلمة عمياء مشكّكة لا يبقى فيها، إلاّ النُّومَة» قيل: وما النُّومة يا أمير الموَمنين؟ قال: «الّذي لا يدري النّاس ما في نفسه» (2).

17ـ وروى الاَصبغ بن نباتة عن أمير الموَمنين _ عليه السلام _ قال: سمعته يقول: «يظهر في آخر الزمان واقتراب الساعة وهو شر الاَزمنة نسوة كاشفات عاريات، متبرّجات من الدين، داخلات في الفتن، مائلات إلى الشهوات، مسرعات إلى اللذات، مستحلاّت للمحرمات، في جهنّم خالدات» (3).

18ـ عن علي قال: «ستَليكم أئمّة شَـرُّ أئمّةٍ! فإذا افترَقوا على ثلاث راياتٍ فاعلموا أنّه هلاكُهم» (4).


____________

(1) معاني الاَخبار: 168.
(2) معاني الاَخبار: 166.
(3) من لا يحضره الفقيه: 3|247.
(4) كنز العمال: 11|282 حديث (31532) عن ابن حمّاد.


( 286 )

19ـ بهذا الاِسناد، عن الحسين، عن ابن سيابة، عن عمران بن ميثم، عن عباية ابن ربعيِّ قال: دخلت على أمير الموَمنين _ عليه السلام _ وأنا خامس خمسة وأصغر القوم سنّاً فسمعته يقول: «حدَّثني أخي رسول اللّه صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم أنّه قال: إنّي خاتم ألف نبيُّ وإنّك خاتم ألف وصيُّ، وكلّفت ما لم يكلّفوا» .

فقلت: ما أنصفك القوم [يا أمير الموَمنين] فقال: «ليس حيث تذهب يا ابن أخ، واللّه [إنّي] لاَعلم ألف كلمة لا يعلمها غيري وغير محمّد صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم وإنّهم ليقروَون منها آية في كتاب اللّه عزَّ وجلَّ وهي "وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابّة من الاَرض تكلّمهم أنَّ النّاس كانوا بآياتنا لا يوقنون" (النمل ـ 82) وما يَتدبّرونها حقَّ تَدبُّرها.

ألا أُخبركم بآخر ملك بني فلان»؟ قلنا: بلى يا أمير الموَمنين، قال: «قتل نفس حرام، في يوم حرام، في بلد حرام، عن قوم من قريش والّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ما لهم ملك بعده غير خمسة عشر ليلة» قلنا: هل قبل هذا من شيء أو بعده؟ فقال: «صيحة في شهر رمضان، تفزع اليقظان، وتوقظ النائم، وتخرج الفتاة من خدرها» (1).

20ـ روى مسعدة بن صدقة، قال: سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد ـ عليهما السلام ـ ، يقول: «خطب الناس أمير الموَمنين _ عليه السلام _ ـ بالكوفة ـ فحمد اللّه وأثنى عليه.

ثمَّ قال: « أنا سيّد الشيب، وفي سنّة من أيوب، وسيجمع اللّه لي أهلي، كما جمع ليعقوب شمله، وذلك إذا استدار الفلك، وقلتم: ضلَّ أو هلك.

ألا فاستشعروا قبلها بالصبر، وبووَا إلى اللّه بالذّنب، فقد نبذتم قدسكم، وأطفأتم مصابيحكم، وقلّدتم هدايتكم مَنْ لا يملك لنفسه ولا لكم سمعاً ولا بصراً.

ضعف واللّه الطالب والمطلوب هذا، ولو لم تتواكلوا أمركم، ولم تتخاذلوا عن نصرة الحقِّ بينكم، ولم تهنوا عن توهين الباطل، لم يتشجّع عليكم مَنْ ليس مثلكم، ولم يقوَ مِنْ قوي عليكم، وعلى هضم الطاعة، وإزوائها عن أهلها فيكم.


____________

(1) البحار: 52|234، غيبة النعماني: 258.


( 287 )

تهتم كما تاهت ـ بنو إسرائيل ـ على عهد موسى ـ، وبحقّ أقول: ليضعّفنَّ عليكم التيه من بعدي، باضطهادكم ولدي، ضعف ما تاهت ـ بنوإسرائيلـ.

فلو قد استكملتم نهلاً، وامتلاَتم عللاً، عن سلطان (الشجرة الملعونة في القرآن).

لقد اجتمعتم على ناعق ضلال، ولاَجبتم الباطل ركضاً، ثمَّ لغادرتم داعي الحقِّ، وقطعتم الاَدنى من أهل ـ بدر ـ، ووصلتم الاَبعد من أبناء الحرب.

ألا ولو ذاب ما في أيديهم، لقد دنى التمحيص للجزاء، وكشف الغطاء، وانقضت المدَّة، وأزف الوعد، وبدا لكم النجم من قبل المشرق، وأشرق لكم قمركم، كمل شهره وكليلة تمَّ.

فإذا استبان ذلك، فراجعوا التوبة، وخالعوا الحوبة.

واعلموا أنَّكم إن أطعتم طالع المشرق سلك بكم منهاج رسول اللّه صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم ، فتداريتم من الصّمم، واستشفيتم من البكم، وكفيتم موَنة التعسّف والطلب، ونبذتم الثقل الفادح عن الاَعناق.

فلا يبعد اللّه إلاّ مَنْ أبى الرحمة، وفارق العصمة، "وسيعلم الّذينَ ظلموا أيَّ منقلب ينقلبون(1).


____________

(1) البحار: 51|111ـ 112 وفيه:
بيان: «الشيّب» ـ بالكسر وبضمّتين ـ جمع الاَشيب، وهو من ابيضَّ شعره، و «استدارة الفلك» ـ كناية عن طول مرور الاَزمان، أو تغيّـر أحوال الزمان، وسيأتي خبر في ـ باب أشراط السّاعة ـ يوَيّد الثاني.
قوله: «هذا» ــ فصل بين الكلامين ـ أي خذوا هذا.
و «النهل» ـ محرَّكة ـ أوَّل الشرب، و «العلل» ـ محرَّكة ـ الشربة الثانية، والشرب بعد الشرب تباعاً.
قوله _ عليه السلام _ : «كمل شهره» ـ أي كما يملاَ في شهره في الليلة الرابع عشر، فيكون ما بعده تأكيداً، أو كما إذا فرض أنَّه يكون نامياً متزايداً إلى آخر الشهر.
وسيأتي تفسير بعض الفقرات في شرح الخطبة المنقولة من «الكافي»، وهي كالشرح لهذه، ويظهر منها ما وقع في هذا الموضع من التحريفات والاختصارات المخلّة بالمعنى.


( 288 )

21ـ عليُّ بن أحمد المعروف بـ ـ ابن الحماميِّ ـ، عن محمّد بن جعفر القاري، عن محمَّد بن إسماعيل بن يوسف، عن سعيد بن أبي مريم، عن محمَّد بن جعفر بن كثير، عن موسى بن عقبة، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن عليِّ _ عليه السلام _ أنَّه قال: «لتُمْلاَنَّ الاَرْضَ ظُلْماً وَجوْراً حَتَّى لا يَقُولَ أَحَدٌ: «اللّه» إلاَّ مُسْتَخْفِياً، ثُمَّ يَأْتِـي اللّهُ بِقَوْمٍ صَالِحِينَ يَمْلَوَُونَهَا قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَـا مُلِئَتْ ظُلْمَاً وجوراً» (1).

22ـ عن أبي وائل قال: خطبَ عليٌّ الناس بالكوفة فسمعته يقول في خطبته: «أيُّها الناس! إنّه من يتفقّرُ افتقرَ، ومن يُعَمّـر يُبْتَلى، ومن لا يستعدُّ للبلاءِ إذا ابتلي لا يصيرُ، ومن ملك استأثر، ومن لا يستشيرُ يندمُ! وكان يقول من وراء هذا الكلام: يوشك أن لا يبقى من الاِسلام إلاّ اسمه ومن القرآن إلاّ رسمه. وكان يقول: ألا ! لا يستحي الرجل أن يتعلّم، ومن يسأل عمّـا لا يعلم أن يقول: لا أعلم، مساجدكم يومئذٍ عامرةٌ، وقلوبكم وأبدانكم خربةٌ من الهدى، شرُّ من تحت ظلِّ السمَّـاءِ فقهاوَكم، منهم تبدو الفتنة وفيهم تعودُ» فقام رجلٌ فقال: ففيم يا أمير الموَمنين؟! قال: «إذا كان الفقه في رذّالكم، والفاحشة في خياركم، والملك في صغاركم، فعند ذلك تقوم الساعة»(2).

23ـ عن كتاب عبد اللّه بن بشار رضيع الحسين _ عليه السلام _ :

«إذَا أَرادَ اللّهُ أنْ يُظْهِرَ آلَ مُحَمَّدٍ، بدَأ الحَرْبَ مِنْ صَفَر إلى صَفَرٍ، وَذَلِكَ أَوَانُ خُرُوجِ المهدِي _ عليه السلام _ ».

قال ابن عبّاسٍ: يا أمير الموَمنين! ما أقْرَبُ الحوادِثِ الدّالَّةِ على ظُهُورِهِ؟

فَدَمَعَتْ عَيْناهُ وقَالَ: «إذَا فُتِقَ بَثْقٌ في الفُراتِ، فَبَلَغَ أَزِقَّةَ الكُوفَةِ، فَلْيَتَهَيَّأ شِيعَتُنَا لِلِقَاءِ القَائمِ» (3).


____________

(1) البحار: 51|117، أمالي الطوسي: 1|391، منتخب الاَثر: 484، بشارة الاِسلام: 39.
(2) كنز العمال: 11|378 حديث (44217).
(3) الصراط المستقيم: 2|258، عنه اثبات الهداة: 3|578.


( 289 )

24ـ حدَّثنا يحيى بن اليمان، عن كيسان الرواشي القصار ـ وكان ثقة ـ قال: حدَّثني مولاي قال: سمعت عليّاً (رضي اللّه عنه) يقول: «لا يَـخْرُجُ المَهْدِيُّ حتّى يُقْتَلَ ثُلْثٌ، وَيَمْوتَ ثُلْثٌ، وَيَبْقَى ثُلْثٌ» (1).

25ـ أحمد بن محمّد الكوفيُّ، عن جعفر بن عبد اللّه المحمّديّ، عن أبي روح فرج ابن قرَّة، عن جعفر بن عبد اللّه، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد اللّه ـ عليه السلام ـ قال: «خطب أمير الموَمنين _ عليه السلام _ فحمد اللّه وأثنى عليه وصلّـى على النبيِّ وآله، ثمّ قال: أمّا بعد فإنَّ اللّه تبارك وتعالى لم يقصم جباري دهر إلاّ من بعد تمهيل ورخاء، ولم يجبر كسر عظم [من] الاَُمم إلاّ بعد أزل وبلاء.

أيّها النّاس! في دون ما استقبلتم من عطب واستدبرتم من خطب معتبر، وما كلُّ ذي قلب بلبيب، ولا كلُّ ذي سمع بسميع، ولا كلُّ ذي ناظر عين ببصير، عباد اللّه! أحسنوا فيما يعنيكم النظر فيه، ثمَّ انظروا إلى عرصات من قد أقاده اللّه بعلمه كانوا على سنّة من آل فرعون أهل جنّات وعيون، وزروع ومقام كريم، ثمَّ انظروا بما ختم اللّه لهم بعد النضرة والسرور والاَمر والنهي ولمن صبر منكم العاقبة في الجنان واللّه مخلّدون وللّه عاقبة الاَُمور.

فيا عجباً ومالي لا أعجب من خطاء هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها لا يقتفون أثر نبيّ، ولا يعتدُّون بعمل وصي، ولا يوَمنون بغيب، ولا يعفون عن عيب، المعروف فيهم ما عرفوا ، والمنكر عندهم ما أنكروا، وكلُّ امرىَ منهم إمام نفسه آخذ منها فيما يرى بعرى وثيقات وأسباب محكمات، فلا يزالون بجور ولن يزدادوا إلاّ خطاء، لا


____________

(1) برهان المتقي: 111، كنز العمال: 14|587 حديث (39663)، منتخب الاَثر: 453، ملاحم ابن طاووس: 58، وفي سنده: الرقّاشي القصَّاب، وفيه: «ثلاثاً بدل ثُلْثٍ»، جمع الجوامع: 2|103، عقد الدرر: 63، وقال: أخرجه الاِمام أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري في «سننه»، ورواه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حماد في كتاب «الفتن»، بشارة الاِسلام: 77 وفيه: «... ثَلاثٌ وَيَموتَ وَيَبْقى ثَلاثٌ»، عرف السيوطي، الحاوي: 2|68، كشف النوري: 175.


( 290 )
ينالون تقرُّباً ولن يزدادوا إلاّ بعداً من اللّه عزَّ وجلَّ، أُنس بعضهم ببعض وتصديق بعضهم لبعض، كلُّ ذلك وحشةً ممّا ورَّث النبيُّ _ صلى الله عليه وآله وسلم _ ونفوراً ممّا أدّى إليهم من أخبار فاطر السموات والاَرض.

أهل حسرات، وكهوف شبهات، وأهل عشوات، وضلالة وريبة، من وكله اللّه إلى نفسه ورأيه فهو مأمون عند من يجهله غير المتّهم عند من لا يعرفه، فما أشبه هوَلاء بأنعام قد غاب عنها رعاوَها.

وواأسفاً من فعلات شيعتنا من بعد قرب مودَّتها اليوم، كيف يستذلُّ بعدي بعضها بعضاً، وكيف يقتل بعضها بعضاً؟ المتشتّة غداً عن الاَصل، النازلة بالفرع، الموَمّلة الفتح من غير جهته كلُّ حزب منهم آخذ منه بغصن أينما مال الغصن مال معه، مع أنَّ اللّه وله الحمد سيجمع هوَلاء لشرِّ يوم ـ لبني أُميّةـ كما يجمع قزع الخريف. يوَلّف اللّه بينهم، ثمَّ يجعلهم ركاماً كركام السحاب، ثمَّ يفتح لهم أبواباً يسيلون من مستثارهم كسيل الجنّتين سيل العرم حيث نقب عليه فارة فلم تثبت عليه أكمة، ولم يردَّ سننه رصُّ طود، يذعذهم اللّه في بطون أودية، ثمَّ يسلكهم ينابيع في الاَرض يأخذ بهم من قوم حقوق قوم، ويمكّن بهم قوماً في ديار قوم، تشريداً ـ لبني أُميّة ـ ولكي لا يغتصبوا ما غصبوا، يضعضع اللّه بهم ركناً، وينقض بهم طيَّ الجنادل من إرم، ويملاَ منهم بطنان الزيتون.

فو الّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ليكوننَّ ذلك، وكأنّي أسمع صهيل خيلهم وطمطمة رجالهم، وأيم اللّه ليذوبنَّ ما في أيديهم بعد العلوِّ والتمكين في البلاد كما تذوب الاَلية على النار، من مات منهم مات ضالاّ ً وإلى اللّه عزَّ وَجلَّ يفضي منهم من درج، ويتوب اللّه عزَّ وجلَّ على من تاب، ولعلَّ اللّه يجمع شيعتي بعد التشتّت لشرِّ يوم لهوَلاء، وليس لاَحد على اللّه عزَّ ذكره الخيرة، بل للّه الخيرة والاَمر جميعاً.

أيّها النّاس! إنَّ المنتحلين للاِمامة من غير أهلها كثير، ولو لم تتخاذلوا عن مرِّ الحقِّ، ولم تهنوا عن توهين الباطل، لم يتشجّع عليكم من ليس مثلكم ولم يقوَ من قوي عليكم، وعلى هضم الطاعة وإزوائها عن أهلها، لكن تهتم كما تاهت بنو إسرائيل على


( 291 )
عهد موسى _ عليه السلام _ .

ولعمري، ليضاعفنَّ عليكم التيه من بعدي أضعاف ما تاهت بنو إسرائيل، ولعمري أن لو قد استكملتم من بعدي مدّة سلطان ـ بني أُميّة ـ لقد اجتمعتم على سلطان الداعي إلى الضلالة، وأحييتم الباطل وأخلفتم الحقَّ وراءَ ظهوركم، وقطعتم الاَدنى من ـ أهل بدر ـ ووصلتم الاَبعد من أبناء الحرب لرسول اللّه صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم .

ولعمري، أن لو قد ذاب ما في أيديهم لدنا التمحيص للجزاء، وقرب الوعد وانقضت المدَّة، وبدا لكم النجم ذو الذَّنب من قبل المشرق، ولاح لكم القمر المنير، فإذا كان ذلك فراجعوا التوبة.

واعلموا أنّكم إن اتّبعتم طالع المشرق سلك بكم منهاج الرسول صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم فتداويتم من العمى والصمم والبكم، وكفيتم موَنة الطلب والتعسّف، ونبذتم الثقل الفادح عن الاَعناق، ولا يبّعد اللّه إلاّ من أبى وظلم واعتسف وأخذ ما ليس له "وسيعلم الّذينَ ظلموا أيَّ منقلب ينقلبون"(1).


____________

(1) راجع: روضة الكافي: 8|63، البحار: 51|122ـ130، عن روضة الكافي، وفيه:
بيان: الاَزل «الضيق» والشدّة، و «الخطب» الشأن والاَمر ويحتمل أن يكون المراد بما استدبروه ماوقع في زمن الرسول _ صلى الله عليه وآله وسلم _ من استيلاء الكفرة أوّلاً وغلبة الحقِّ وأهله ثانياً وبما استقبلوه ما ورد عليهم بعد الرسول _ صلى الله عليه وآله وسلم _ من أشباهها ونظائرها من استيلاء المنافقين على أمير الموَمنين _ عليه السلام _ ثمَّ رجوع الدولة إليه بعد ذلك فإنّ الحالتين متطابقتان، ويحتمل أن يكون المراد بهما شيئاً واحداً وإنّما يستقبل قبل وروده يستدبر بعد مضيّه والمقصود التفكر في انقلاب أحوال الدُّنيا وسرعة زوالها وكثرة الفتن فيها فتدعو إلى تركها والزهد فيها، ويحتمل على بُعد أن يكون المراد بما يستقبلونه ما هو أمامهم من أحوال البرزخ وأهوال القيامة وعذاب الآخرة وبما استدبروه ما مضى من أيّام عمرهم وما ظهر لهم ممّا هو محلّ للعبرة فيها.
«بلبيب» أي عاقل «بسميع» أي يفهم الحقَّ ويوَثر فيه «ببصير» أي يبصر الحقَّ ويعتبر بما يرى وينتفع بما يشاهد «فيما يعنيكم» أي يهمّكم وينفعكم وفي بعض النسخ يغنيكم ج والنظر فيهج الظاهر أنّه بدل اشتمال لقوله فيما يعنيكم ويحتمل أن يكون فاعلاً لقوله يعنيكم بتقدير النظر قبل الظرف أيضاً.
«من قد أقاده اللّه» يقال: أقاده خيلاً أي أعطاه ليقودها ولعلّ المعنى من مكّنه اللّه من الملك بأن خلّى بينه وبين اختياره ولم يمسك يده عمّـا أراده «بعلمه» أي بما يقتضيه علمه وحكمته من عدم إجبارهم على الطاعات، ويحتمل أن يكون من القود والقصاص ويوَيّده أنَّ في بعض النسخ بعمله فالضمير راجع إلى الموصول «على سنّة» أي طريقة وحالة مشبهة ومأخوذة «من آل فرعون» من الظلم والكفر والطغيان أو من الرفاهية والنعمة كما قال «أهل جنّات» فعلى الاَوّّل حال وعلى الثاني بدل من قوله على سنّة أو عطف بيان له «بما ختم اللّه» الباء بمعنى في أو إلى أو زائدة و«النضرة» الحسن والرونق.
وقوله _ عليه السلام _ : «مخلّدون» خبر لمبتدأ محذوف والجملة مبيّنة وموَكّدة للسابقة أي هم واللّه مخلّدون في الجنان «وللّه عاقبة الاَُمور» أي مرجعها إلى حكمه كما قيل أو عاقبة الملك والدولة والعزِّ للّه ولمن طلب رضاه كما هو الاَنسب بالمقام «فيا عجبا» بغير تنوين وأصله يا عجبي ثمَّ قلبوا الياء ألفاً فإن وقفت قلت: يا عجباه أي يا عجبي أقبل هذا أوانك أو بالتنوين أي يا قوم اعجبوا عجباً أو أعجب عجباً والاَوَّل أشهر وأظهر. «في دينها» الظرف متعلّق بالاختلاف أو بالخطاء أو بهما على التنازع. «بغيب» أي بأمر غائب عن الحسِّ ممّا أخبر به النبي صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم من الجنّة والنار وغيرهما. «ولا يعفّون» بكسر العين وتشديد الفاء من العفّة والكفِّ أو بسكون العين وتخفيف الفاء من العفو أي عن عيوب الناس.


( 292 )

26ـ وَبِهِ عَنِ الحُصَيْـنِ بن عبد الرَّحمان عن أبيه، عن جدِّه عمرو بن سعدٍ ، قال: قالَ أمير الموَمنين _ عليه السلام _ : «لا تَقُومُ القِيامَةُ حَتَّى تُفْقأ عَيْـنُ الدُّنيا، وتَظْهَرَ الحُمْرَةُ في
____________

«المعروف الخ» أي المعروف والخير عندهم ما يعدُّونه معروفاً ويستحسنونه بعقولهم الناقصة وإن كان منكراً في نفس الاَمر أو المعنى أنَّ المعروف والمنكر تابعان لارادتهم وميول طبائعهم وشهواتهم فما اشتهته أنفسهم وإن أنكرته الشريعة فهو المعروف عندهم «بعرى وثيقات» أي يظنّون أنّهم تمسّكوا بدلائل وبراهين فيما يدَّعون من الاَُمور الباطلة.
«وأسباب محكمات» أي يزعمون أنّهم تعلّقوا بوسائل محكمة فيمن يتوسّلون بهم من أئمّة الجور «انس بعضهم» على الفعل أو المصدر والثاني أظهر «وحشة» أي يفعلون كلّ ذلك لوحشتهم ونفورهم عن العلوم التي ورَّثها النبيُّ _ صلى الله عليه وآله وسلم _ أهل بيته «أهل حسرات» بعد الموت وفي القيامة وفي النّار و «كهوف شبهات» أي تأوي إليهم الشبهات لاَنّهم يقبلون إليها ويفتتنون بها وفي بعض النسخ «وكفر وشبهات» فيكونان معطوفين على حسرات.
وقال الجوهريّ: العشوة أن يركب أمراً على غير بيان ويقال: أخذت عليهم بالعشوة أي بالسواد من الليل «فهو مأمون» خبر للموصول، والمعنى أنَّ حسن ظنِّ النّاس والعوامِّ بهم إنّما هو لجهلهم بضلالتهم وجهالتهم ويحتمل أن يكون المراد بالموصول أئمّة من قد ذمّهم سابقاً لا أنفسهم «من فعلات شيعتي» أي من يتّبعني اليوم ظاهراً و «اليوم» ظرف للقرب «المتشتّة» أي هم الذين يتفرَّقون عن أئمّة الحقِّ ولا ينصرونهم ويتعلّقون بالفروع التي لا ينفع التعلّق بها بدون التشبّث بالاَصل كاتّباعهم المختار وأبا مسلم وزيداً وأضرابهم بعد تفرُّقهم عن الاَئمّة _ عليهم السلام _ «من غير جهته» أي من غيرالجهة التي يرجى منها الفتح أو من غير الجهة التي أُمروا بالاستفتاح منها فإنَّ خروجهم بغير إذن الاِمام كان معصية.
«لشرِّ يوم» إشارة إلى اجتماعهم على أبي مسلم لدفع بني أُميّة وقد فعلوا لكن سلّطوا على أئمّة الحقِّ من هو شرُّ منهم وقال الجزريُّ وفي حديث عليُّ: فيجتمعون إليه كما يجتمع قزع الخريف أي قطع السّحاب المتفرِّقة وإنَّما خصَّ الخريف لاَنّه أوَّل الشّتاء والسّحاب يكون فيه متفرِّقاً غير متراكم ولا مطبق ثمَّ يجتمع بعضه إلى بعض بعد ذلك وقال: الركام، السحاب المتراكم بعضه فوق بعض.
أقول: نسبة الجمع إليه تعالى مجاز لعدم منعهم عنه وتمكينهم من أسبابه وتركهم واختيارهم «ثمَّ يفتح لهم» فتح الاَبواب كناية عمّـا هيّىَ لهم من أسبابهم وإصابة تدبيراتهم واجتماعهم وعدم تخاذلهم.
و «المستشار» موضع ثورانهم وهيجانهم ثمّ شبّه _ عليه السلام _ تسليط هذا الجيش عليهم بسوء أعمالهم بما سلّط اللّه على أهل سبأ بعد إتمام النعمة عليهم لكفرانهم، وإنّما سمّي ذلك بسيل العرم لصعوبته أي سيل الاَمر العرم أي الصعب أو المراد بالعرم المطر الشديد أو الجرذ أضاف إليه لاَنّه نقب عليهم سدّاً ضربت لهم بلقيس وقيل اسم لذلك السد وقد مرَّت القصَّة في كتاب النبوَّة.
والضمير في «عليه» إمّا راجعٌ إلى السيل فعلى تعليليّة أو إلى العرم إذا فسّـر بالسدِّ. وفي بعض النسخ «بعث» وفي بعضها «نقب» بالنون والقاف والباء الموحّدة فقوله «فارة» مرفوع بالفاعليّة وفي النهج «كسيل الجنّتين حيث لم تسلم عليه قارة ولم تثبت له أكمة» والقارة الجبل الصغير والاَكمة هي الموضع الذي يكون أشدَّ ارتفاعاً ممّا حوله وهو غليظ لا يبلغ أن يكون حجراً والحاصل بيان شدِّة السيل المشبّه به بأنّه أحاط بالجبال وذهب بالتلال ولم يمنعه شيء. والسنن الطريق و«الرصُّ» التصاق الاَجزاء بعضها ببعض و«الطود» الجبل أي لم يردَّ طريقه طود مرصوص.


( 293 )
السَّماءِ، وَتِلْكَ دُموعُ حَمَلَةِ العَرْشِ على أهْلِ الاَرضِ حَتّى يَظْهَرَ فيهِم عِصابَةٌ لا خَلاقَ
____________
هوَلاء ليس إلاّ تفريق بني أُميّة ودفع ظلمهم.
وقال الفيروز آباديُّ: ضعضعه هدمه حتّى الاَرض و «الجنادل» جمع جندل وهو ما يقلّه الرجل من الحجارة أي يهدم اللّه بهم ركناً وثيقاً هو أساس دولة بني أُميّة و ينقض بهم الاَبنية التي طويت وبنيت بالجنادل والاَحجار من بلاد إرم وهي دمشق والشام إذ كان مستقر ملكهم في أكثر زمانهم تلك البلاد لاسيّما في زمانه صلوات اللّه عليه.
وقال الجزريُّ: فيه ينادي مناد من بطنان العرش أي من وسطه وقيل من أصله، وقيل البطنان جمع بطن وهو الغامض من الاَرض يريد من دواخل العرش.
وقال الفيروز آباديُّ: الزيتون مسجد دمشق أو جبال الشام وبلد بالصين ، والمعنى أنَّ اللّه يملاَ منهم وسط مسجد دمشق أو دواخل جبال الشام والغرض بيان استيلاء هوَلاء القوم على بني أُميّة في وسط ديارهم والظفر عليهم في محلِّ استقرارهم وأنّه لا ينفعهم بناء ولا حصن في التحرُّز عنهم.
و «طمطمة رجالهم» الطمطمة اللغة العجميّة ورجل طمطميّ في لسانه عجمة، وأشار ـ عليه السلام ـ بذلك إلى أنّ أكثر عسكرهم من العجم لاَنّ عسكر أبي مسلم كان من خراسان «وأيم اللّه ليذوبنَّ» الظاهر أنَّ هذا أيضاً من تتمّة بيان انقراض ملك بني أُميّة وسرعة زواله ويحتمل أن يكون إشارة إلى انقراض هوَلاء الغالبين من بني العبّاس «وإلى اللّه عزَّ وجلَّ يقضى» من القضاء بمعنى المحاكمة أو الاِنهاء والاِيصال كما في قوله تعالى: (وقضينا إليه ذلك الاَمر) وفي بعض النسخ «يفضي» بالفاء أي يوصل «ودرج الرجل» أي مشى، ودرج أيضاً بمعنى مات، ويقال درج القوم أي انقرضوا، والظاهر أنَّ المراد به هُنا الموت أي من مات مات ضالاً وأمره إلى اللّه يعذِّبه كيف يشاء ويحتمل أن يكون بمعنى المشي أي من بقي منهم فعاقبته الفناء واللّه يقضي فيه بعلمه «ولعلّ اللّه يجمع» إشارة إلى زمن القائم _ عليه السلام _ .
«وليس لاَحد على اللّه عزَّ ذكره الخيرة» أي ليس لاَحد من الخلق أن يشير بأمر على اللّه أنَّ هذا خير ينبغي أن تفعله بل له أن يختار من الاَُمور ما يشاء بعلمه وله الاَمر يأمر بما يشاء في جميع الاَشياء «عن مرِّ الحقِّ» أي الحقُّ الذي هو مرُّ أو خالص الحقِّ فانّه مرُّ واتّباعه صعب، وفي النهج عن نصر الحقِّ و«الهضم» الكسر وزوي الشيء عنه أي صرفه ونحّاه ولم أطلع على الاِزواء فيما عندي من كتب اللغة وكفى بالخطبة شاهداً على أنّه ورد بهذا المعنى.
«كما تاهت بنو إسرائيل» أي خارج المصر أربعين سنة ليس لهم مخرج بسبب عصيانهم وتركهم الجهاد فكذا أصحابه ـ صلوات اللّه عليه ـ تحيّـروا في أديانهم وأعمالهم لما لم ينصروه ولم يعينوه على عدوِّه كما روي عن النبيِّ _ صلى الله عليه وآله وسلم _ أنّه قال: لتركبنَّ سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة حتى لو دخلوا جحر ضبّ لدخلتموه.
«أضعاف ما تاهت» يحتمل أن يكون المراد بالمشبّه به هنا تحيّـر قوم موسى بعده في دينهم ويحتمل أن يكون المراد التحيّـر السابق، وعلى التقديرين إمّا المراد المضاعفة بحسب الشدَّة وكثرة الحيرة أو بحسب الزمان فإنّ حيرتهم كان إلى أربعين سنة وهذه الاَُمّة إلى الآن متحيّـرون تائهون في أديانهم وأحكامهم «الداعي إلى الضلالة» أي الداعي إلى بني العباس «وقطعتم الاَدنى من أهل بدر» أي الاَدنين إلى النبيِّ _ صلى الله عليه وآله وسلم _ نسباً الناصرين له في غزوة بدر وهي أعزُّ غزوات الاِسلام يعني نفسه وأولاده ـ صلوات اللّه عليهم ـ «ووصلتم الاَبعد» أي أولاد العبّاس فإنّهم كانوا أبعد نسباً من أهل البيت _ عليهم السلام _ وكان جدُّهم عبّاس ممّن حارب الرسول _ صلى الله عليه وآله وسلم _ في غزوة بدر حتّى أُسر "ما في أيديهم" أي ملك بني العبّاس "لدنا التمحيص للجزاء" أي قرب قيام القائم، والتمحيص : الابتلاء والاختبار أي يبتلي النّاس ويمتحنون بقيامه _ عليه السلام _ ليخزي الكافرين ويعذِّبهم في الدُّنيا قبل نزول عذاب الآخرة بهم ويمكن أن يكون المراد تمحيص جميع الخلق لجزائهم في الآخرة إن خيراً فخيراً وإن شرّاً فشرّاً "وقرب الوعد" أي وعد الفرج "وانقضت المدَّة" أي قرب انقضاء دولة أهل الباطل .
"وبدا لكم النجم" هذا من علامات ظهور القائم _ عليه السلام _ كما سيأتي ، وقيل إنّه إشارة إلى ما ظهر في سنة تسع وثلاثين وثمانمائة هجرية والشمس في أوائل الميزان بقرب الإكليل الشمالي كانت تطلع وتغيب معه لا تفارقه ثمَّ بعد مدّة ظهر أنَّ لها حركة خاصّة بطيئة فيما بين المغرب والشمال وكان يصغر جرمها ويضعف ضوؤها بالتدريج حتّى انمحت بعد ثمانية أشهر تقريباً، وقد بعدت عن الإكليل في الجهة المذكورة قدر رمح، لكن قوله _ عليه السلام _ "من قبل المشرق"

( 294 )
لَهُمْ يَدْعُونَ لِوَلَدِي وَهُمْ بُرآءُ مِنْ وَلَدِي، تِلْكَ عِصابَةٌ رَديئَةٌ لا خَلاقَ لَهُمْ، عَلَـى الاَشْـرارِ

____________
يأبى عنه إلاّ بتكلّف، وقد ظهر في زماننا في سنة خمس وسبعين وألف ذوذوَابة ما بين القبلة والمشرق، وكان له طلوع وغروب، وكانت له حركة خاصّة سريعة عجيبة على التوالي لكن لا على نسق ونظام معلوم، ثمَّ غاب بعد شهرين تقريباً كان يظهر أوّل الليل من جانب المشرق، وقد ضعف حتّى انمحى بعد شهر تقريباً، وتطبيقه على هذا يحتاج إلى تكلّفين كما لا يخفى «ولاح لكم القمر المنير» الظاهر أنّه استعارة للقائم _ عليه السلام _ ويوَيّده ما مرَّ بسند آخر «وأشرق لكمقمركم» ويحتمل أن يكون من علامات قيامه _ عليه السلام _ ظهور قمر آخر أو شيء شبيه بالقمر.
«إن اتّبعتم طالع المشرق» أي القائم _ عليه السلام _ وذكر المشرق إمّا لترشيح الاستعارة السابقة أو لاَنَّ ظهوره _ عليه السلام _ من مكّة وهي شرقيّة بالنسبة [إلى المدينة] أو لاَنَّ اجتماع العساكر عليه وتوجّهه _ عليه السلام _ إلى فتح البلاد إنّما يكون من الكوفة وهي شرقيّة بالنسبة إلى الحرمين وكونه إشارة إلى السلطان إسماعيل أنار اللّه برهانه بعيد «والتعسّف» أي لا تحتاجون في زمانه ـ عليه السلام ـ إلى طلب الرزق والظلم على النّاس لاَخذ أموالهم «ونبذتم الثقل الفادح» أي الديون المثقلة ومظالم العباد أو إطاعة أهل الجور وظلمهم «ولا يبعّد اللّه» أي في ذلك الزمان أو مطلقاً «إلاّ من أبى» [أي] عن طاعته _ عليه السلام _ أو طاعة اللّه و «ظلم» أي نفسه أو النّاس «واعتسف» أي مال عن طريق الحقِّ أو ظلم غيره.


( 295 )
مُسَلَّطَةٌ، وَلِلجَبابِرَةِ مُفْتِنَةٌ، وَلِلْملُوكِ مُبِيرَةٌ، تَظْهَرُ في سَوادِ الكُوفَةِ، يَقْدُمُهُمْ رَجُلٌ أَسْود


( 296 )
اللَّونِ والقَلْبِ، رَثُ الدِّينِ، لا خَلاقَ لَهُ مُهَجْنٌ زَنِيمٌ عُتُلٌّ، تَداوَلَتْهُ أَيْدِي العَواهِرِ مِنَ الاَُمّهاتِ، «مِنْ شَـرِّ نَسْلٍ لا سَقاهَا اللّهُ المَطَرَ» في سَنَةِ إِظْهارِ غَيْبَةِ المتغِّيبِ منْ وُلْدِي صاحب الرَّايةِ الحَمراءِ، والعَلَمِ الاَخضَـر أيُّ يَومٍ للمخيَّبينَ، بَيْـنَ الاَنْبارِ وَهِيتَ، ذَلِكَ يَوْمٌ فيهِ صَيْلَمُ الاَكْرادِ والشُّراةِ، وَخَرابُ دارِ الفَراعِنَةِ وَمَسْكَنِ الجَبابِرَةِ، وَمَأوى الولاةِ الظَّلَمَةِ، وَأُمِّ البلاد وأُخْتِ العادِ، تِلْكَ وَرَبِّ عليٍّ يا عَمْرو بن سعدٍ بغدادُ، ألا لعنَةُ اللّهِ على العُصاةِ من بَني أُميَّةِ وبني العبّاسِ الخوَنَةِ الّذينَ يقْتُلُونَ الطيِّبينَ مِنْ ولدي ولا يُراقِبُونَ فيهم ذمّتي، ولا يَخافُونَ اللّهَ فيما يَفْعَلُونَهُ بِحُرمَتي، إنَّ لِبَني العبّاسِ يَوْماً كَيَوْمِ الطَّموحِ ولَهُمْ فيهِ صَـرخَةً كَصَرْخَةِ الحُبْلى، الويلُ لشِيعَةِ وُلْدِ العبّاسِ مِنَ الحَرْبِ التي سَنَحَ بَيْـنَ نَهاوَنْد والدَّيْنَور، تِلْكَ حَرْبُ صَعاليكِ شِيعةِ عليٍّ، يَقْدُمُهُمْ رَجُلٌ مِنْ هَمْدانَ اسْمُهُ [عَلـى] اسمِ النَّبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ .


( 297 )
مَنْعُوتٌ مَوْصوفٌ بِاعْتِدالِ الخَلْقِ، وحُسْنِ الخُلْقِ، وَنَضَارَةِ اللَّونِ، لَهُ في صَوْتِهِ ضَجاجٌ، وفي أشْفارِهِ وَطَفٌ، وفي عُنُقِهِ سَطْعٌ، [أَ] فَرَقُ الشَّعْرِ، مُفَلّجُ الثَّنايا، عَلَـى فَرَسِهِ كَبَدْرٍ تَمامٍ إذا تَجَلّـى عِنْدَ الظَّلامِ، يَسِيرُ بِعِصابَةٍ خَيْـرِ عِصابَةٍ آوَتْ وَتَقَرَّبَتْ وَدانَتْ للّهِ بِدِينِ تِلْكَ الاَبْطالِ مِنَ العَرَبِ الَّذِينَ يَلْحَقُونَ حَرْبَ الكَريهَةِ والدَّبرةُ ، يَوْمَئِذٍ على الاَعداءِ، إنَّ لِلْعَدُوِّ يَومَ ذَاكَ الصَّيْلَمَ والاستِئصالَ» (1).

27ـ أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد ابن عقدة، قال: حدَّثنا حميد بن زياد الكوفيُّ قال: حدَّثني عليّ بن الصباح المعروف بابن الضحّاك، قال: حدَّثنا أبو عليِّ الحسن بن محمّد الحضرميُّ، قال: حدَّثنا جعفر بن محمّد، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن سعد بن طريف، عن الاَصبغ بن نباتة، عن عليٍّ _ عليه السلام _ أنّه قال: «يأتيكم بعد الخمسين والمائة أُمراء كفرة، وأمناء خونة، وعرفاء فسقة، فتكثر التجّار وتقلُّ الاَرباح، ويفشو الرِّبا، وتكثرأولاد الزِّنا، وتغمر السفاح(2) وتتناكر المعارف، وتعظم الاَهلّة (3) وتكتفي النساء بالنساء، والرِّجال بالرِّجال.

فحدث رجلُ عن عليٍّ بن أبي طالب _ عليه السلام _ أنّه قام إليه رجلٌ حين تحدَّث بهذا الحديث فقال له: يا أمير الموَمنين وكيف نصنع في ذلك الزَّمان؟ فقال: «الهرب الهرب فإنّه لا يزال عدل اللّه مبسوطاً على هذه الاَُمّة ما لم يمل قرَّاوَهم إلى أُمرائهم وما لم يزل


____________

(1) غيبة النعماني: 93ـ 94 وفيه: وَفي هذَين الحدِيثين مِنْ ذِكْرِ الغيبَةِ وصاحِبها ما فيه كفاية وشفاءٌ للطالِب المُرتادِ ، وحُجَّة على أهْلِ [الجَحْدِ وَ] العِنادِ، وفي الحَديثِ الثاني إشارَةٌ إلى ذِكْرِ عِصابَةً لَمْ تَكُنْ تُعْرَفُ فيما تَقَدَّمَ، وَإِنَّما يُبْعَثُ في سَنَةِ سِتِّينَ ومائَتينِ وَنَحْوها وهي كما قَالَ أمير الموَمنينَ _ عليه السلام _ سَنَةُ إِظْهارِ غَيْبَةِ المُتغَيِّبِ وَهِيَ كَما وَصَفَها وَنَعَتَها وَنَعَتَ الظاهِرَ برايَتِها، وَإِذا تَأَمَّلَ اللَّبيبُ الذي لَهُ قَلبٌ ـ كما قال اللّه تعالى: (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) ـ هذا التَّلويح اكتفى بهِ عن التصريح، نسْألُ اللّه الرحيم توفيقاً للصوابِ برحمَتِهِ.
(2) «تغمر» أي تكثر، والسفاح: مراودة الرجل المرأة بدون نكاح، والزنا، أو اراقة الدم، وفي الحديث «أوّله سفاح وآخره نكاح» أراد به أنّ المرأة تسافح الرجل مدّة ثمّ يتزوّجها.
(3) كذا، ولعلّه جمع هلال بمعنى الغلام الجميل، ويمكن أن يكون الاَصل «تغطّى الاَهلة» أي ستر عن الناس هلال كل شهر، والاَوّل بالسياق أنسب.


( 298 )
أبرارهم ينهى فجّارهم، فإن لم يفعلوا (1)ثمَّ استنفروا فقالوا: لا إله إلاّ اللّه، قال اللّه في عرشه : كذبتم لستم بها صادقين» (2).

28ـ حدَّثنا محمّد بن همّام في منزله ببغداد في شهر رمضان سنة سبع وعشرين وثلاثمائة قال: حدَّثني أحمد بن مابنداذ سنة سبع وثمانين ومائتين، قال: حدَّثنا أحمد بن هلال، قال: حدثني الحسن بن عليِّ بن فضّال، قال: حدَّثنا سفيان بن إبراهيم الجريري، عن أبيه (3) عن أبي صادق، عن أمير الموَمنين ـ عليه السلام ـ أنّه قال: «ملك بني العبّاس يسر لا عسر فيه، لو اجتمع عليهم الترك والدَّيلم والسند والهند والبربر والطيلسان (4)لن يزيلوه، ولا يزالون في غضارة من ملكهم حتّى يشذَّ عنهم مواليهم وأصحاب دولتهم(5)ويسلّط اللّه عليهم علجاً يخرج من حيث بدأ ملكهم، لا يمر بمدينة إلاّ فتحها، ولا ترفع له راية إلاّ هدَّها، ولا نعمة إلاّ أزالها، الويل لمن ناواه (6)فلا يزال كذلك حتّى يظفر ويدفع بظفره إلى رجل من عترتي، يقول [بـ] الحقّ ويعمل به»(7).


____________

(1) قوله: «فإن لم يفعلوا» أي فإن مال أهل العلم ـ والقراء كناية عنهم ـ إلى الاَُمراء، وترك الاَبرار النهي عن المنكرات ثم أظهروا النفرة وتباعدوا عن أهل المعاصي واستظهروا بكلمة «لا إله إلاّ اللّه» يعني أظهروا التوحيد ، فقال اللّه تعالى: كذبتم ما كنتم بأهله، أعني، لم يقبل اللّه منهم.
(2) غيبة النعماني: 248ـ 249.
(3) إبراهيم بن مرثد ـ أو مزيد ـ الجريري الاَزدي من أصحاب أبي جعفر الباقر _ عليه السلام _ كوفي، يروي عن أخيه عبد خير المكنّى بأبي الصادق الاَزدي وهو من أصحاب أمير الموَمنين ـ عليه السلام ـ .
(4) الطيلسان ـبفتح أوّله وسكون ثانيه ولام مفتوحة وسين مهملة وآخره نون ـ: اقليم واسع كثير البلدان والسكان من نواحي الديلم والخزر، والخزر بلاد الترك خلف باب الاَبواب وهم صنف من الترك.
(5) في بعض النسخ «أصحاب ألويتهم» جمع لواء.
(6) ناواه مناواة ومناوأة ونواء أي عارضه وعاداه.
(7) غيبة النعماني: 249ـ 250 ـ الباب الرابع عشر، وفيه: قال أبو عليّ [يعني محمد بن همام بن سهيل] : «يقول أهل اللغة: العِلج: الكافر ، والعلج: الجافي في الخلقة، والعلج: اللئيم. والعلج: الجَلِدُ الشديد في أمره، وقال أمير الموَمنين عليّ بن أبي طالب _ عليه السلام _ لرجلين كانا عنده: «إنّكما تعالجان عن دينكما وكانا من العرب». قال ذلك لكون العلج ـ بكسر العين ـ قد يطلق في لسان أهل اللغة على الكفار من العجم دون العرب. وسيأتي الكلام في المراد بالعلج في ذيل الحديث الثامن عشر من الباب إن شاء اللّه تعالى.


( 299 )

29ـ أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال: حدَّثنا محمّد بن المفضّل بن إبراهيم بن قيس، قال: حدّثنا الحسن بن عليِّ بن فضّال، قال: حدَّثنا ثعلبة بن ميمون عن معمر بن يحيى، عن داود الدُّجاجيِّ (1)عن أبي جعفر محمّد بن علي ـ عليهما السلام ـ قال: «سئل أمير الموَمنين _ عليه السلام _ عن قوله تعالى: "فاختلف الاَحزاب من بينهم" (2)فقال: انتظروا الفرج من ثلاث. فقيل: يا أمير الموَمنين وما هنَّ؟ فقال: اختلاف أهل الشام بينهم، والرَّايات السود من خراسان، والفزعة في شهر رمضان. فقيل: وما الفزعة في شهر رمضان؟ فقال: أوما سمعتم قول اللّه عزَّ وجلَّ في القرآن: "إن نشأ ننزِّل عليهم من السماء آية فظلّت أعناقهم لها خاضعين" (3) هي آية تخرج الفتاة من خدرها، وتوقظ النائم، وتفزع اليقظان"(4).

30ـ ومن خطبة له _ عليه السلام _ تسمّى التطنجية، ظاهرها أنيق، وباطنها عميق، فليحذر قارئها من سوء ظنّه، فإنّ فيها من تنزيه الخالق ما لا يطيقه أحد من الخلائق، خطبها أمير الموَمنين _ عليه السلام _ بين الكوفة والمدينة، فقال:

«... يَا جابِرُ إِذَا صَاحَ النَّاقُوسُ، وَكَبَسَ الكَابُوسُ، وَتَكَلَّمَ الجَامُوسُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ عَجَائِبُ وَأَيُّ عَجَائِبٍ إذَا أَنَارَتِ النَّارُ بِبُصْـرى، وَظَهَرَتِ الرَّايَةُ العُثْمانِيَّةُ بِوَادِي سَوْدَاءَ، واضْطَرَبَتِ البَصْـرَةُ وَغَلَبَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، وَصَبَا كُلُّ قَوْمٍ إلى قَوْمٍ، وَتَحَرَّكَتْ عَسَاكِر خُراسَانُ، وَنَبَعَ شُعَيْبُ بْنُ صَالِحٍ التَّمِيميُّ مِنْ بَطْنِ الطَّالَقَانِ، وَبُويِعَ لِسَعِيدِ السَّوسِيِّ بِخُوزِسْتَانَ، وَعُقِدَتْ الرَّايَةُ لِعَمَالِيقَ كُرْدَانَ، وَتَغلَّبَتْ العَرَبُ عَلَـى بِلادالاَرْمَنِ


____________

(1) هو داود بن أبي داود الدجاجي المعنون في منهج المقال لميرزا محمد الاسترآبادي كان من أصحاب أبي جعفر الباقر _ عليه السلام _ يروي عنه معمّر بن يحيى العجلي الكوفي وهو ثقة عند أبي داود والعلاّمة والنجاشي.
(2) مريم: 37.
(3) الشعراء: 4.
(4) غيبة النعماني: 251 ـ 252، الباب الرابع عشر.


( 300 )
والسِّقْلابِ، وَأَذْعَنَ هِرْقَلُ بِقُسْطَنْطِينَةَ لِبَطَارِقَةِ سِينَانَ، فَتَوَقَّعُوا ظُهُورَ مُكَلِّمِ مُوسَـى مِنَ الشَّجَرَةِ عَلَـى الطُّورِ، فَيَظْهَرُ هذَا ظِاهِرٌ مَكْشُوفٌ، وَمُعايَنٌ مَوْصوفٌ... ثُمَّ بَكَى صَلَواتُ اللّهِ عَلَيْهِ وَقَالَ: واهاً لِلاَُمَمِ، إِمَّا شَاهَدَتْ رَايَاتِ بَنِـي عُتْبَةَ مَعَ بَني كَنَامِ السَّائِرينَ أَثْلاثَاً، المُرْتَكِبينَ جَبَلاً جَبَلاً مَعَ خَوْفٍ شَدْيدٍ وَبُوَْسٍ عَتِيدٍ، ألا وَهُوَ الوَقْتُ الَّذِي وُعِدْتُمْ بِهِ، لاَحْمِلَنَّهُمْ عَلَـى نَجَائِبَ، تُحَفُّهُمْ مَرَاكِبُ الاَفْلاكِ، كَأَنِّي بِالمُنافِقينَ يَقُولُونَ نَصَّ عَليٌّ على نَفْسِهِ بِالرَّبَّانِيَّةِ، ألا فَاْشْهَدُوا شَهَادَةً أسْأَلَكُمْ بِهَا عِنْدَ الحَاجَةِ إليْهَا، أنَّ عليَاً نُورٌ مخلُوقٌ وعَبْدٌ مَرْزُوقٌ، وَمَنْ قَالَ غَيْـرَ هَذَا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللّهِ ولَعْنَةُ اللاَّعِنينَ، ثُمَّ نَزَلَ وَهُوَ يَقُولُ: تَحَصَّنْتُ بِذِي الملكِ والمَلَكُوتْ، واعْتَصَمْتُ بذي العِزَّةِ والجَبَرُوتِ، وَامْتَنَعْتُ بِذي القُدْرَةِ والمَلَكُوتِ، مِنْ كُلِّ مَا أَخافُ وَأَحْذَرُ، أيُّها النَّاسُ مَا ذَكَرَ أَحَدُكُمْ هذِهِ الكَلِماتِ عِنْدَ نَازِلَةٍ أَوْ شِدَّةٍ إلاَّ وَأَزاحَهَا اللّهُ عَنْهُ» (1) .

***

____________
(1) مشارق البرسي: 166 ـ 170ـ مرسلاً عنه _ عليه السلام _ ، عنه الاِيقاظ من الهجعة: 375 ـ بعضها ـ.