1ـ وبهذا الاِسناد ـ وأخبرني أبو الحسين بن هارون بن موسى، قال: حدَّثني
أبي، قال: حدَّثني أبو عليّ محمّد بن همّام ـ ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد
الحميري، قال: حدَّثني أحمد بن جعفر قال: حدَّثني عليُّ بن محمّد، يرفعه إلى أمير
الموَمنين ـ في صفة القائم _ عليه السلام _ :
«كأنَّني بِهِ قَدْ عَبَـرَ مِنْ وادِي السَّلامِ إلى مَسْجِدِ السَّهْلَةِ عَلَـى فَرَسٍ مُحَجَّلٍ لَهُ
شِمْـراخ (1) يَزهُو، وَيَدْعُو وَيقُولُ في دُعائهِِ:
لا إلهَ إلاّ اللّهُ حَقّاً حَقّاً، لا إلهَ إلاّ اللّهِ إيماناً وصِدْقاً، لا إلهَ إلاّ اللّهُ تَعبُّداً وَرقّاً.
اللَّهُمَّ! مُعينَ كُلِّ موَْمِنٍ وَحيدٍ، وَمُذِلَّ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، أنْتَ كَهْفِي حينَ تُعْييني
المَذاهِبُ، وَتَضيقُ عَليَّ الاَرْضُ بِمَا رَحُبتْ.
اللَّهُمَّ! خَلَقْتَنِي وَكُنْتَ عَنْ خَلْقِي غَنيّاً، وَلَوْلا نَصْـرُكَ إيَّايَ لَكُنْتُ مِنَ
المَغْلُوبينَ.
يَا مُبَعْثِرَ الرَّحْمَةِ مِنْ مَوَاضِعِها، وَمُخْرِجَ البَـرَكَاتِ مِنْ مَعادِنها، وَيَا مَنْ خَصَّ
نَفْسَهُ بِشُمُوخِ الرِّفْعةِ، فَأوْلِيَاوَُهُ بِعِزِّه يَتَعَزَّزُونَ.
____________
يَا مَنْ وَضَعَتْ لَهُ المُلُوكُ نِيرَ (1)المَذَلَّةِ عَلَـى أَعْنَاقِها، فَهُمْ مِنْ سَطْوَتِهِ
خائِفُونَ.
أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذي قَصُـرَتْ عَنْهُ خَلْقُكَ فَكُلٌّ لَكَ مُذْعِنُونَ.
أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّـي عَلَـى مُحَمَّدٍ وعََلَـى آلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُنْجِز لي أَمْرِي،
وَتُعَجِّلَ لي الفَرَجَ، وَتَكْفِيَني وَتُعافِيني وَتَقْضِي حَوَائِجي، السَّاعَةَ السَّاعَةَ، اللَّيْلَةَ
اللَّيْلَةَ، إنَّكَ عَلَـى كُلِّ شَـيْءٍ قَدِيرٌ»(2).
____________
1ـ حدّثنا محمَّد بن همام في منزله ببغداد في شهر رمضان سنة سبع
وعشرين وثلاثمائة قال: حدَّثني أحمد بن مابنداذ سنة سبع وثمانين ومائتين قال:
حدَّثنا أحمد بن هلال قال: حدَّثني الحسن بن عليّ بن فضّال قال: حدَّثنا سفيان بن
إبراهيم الجريري، عن أبيه، عن أبي صادقٍ، عن أمير الموَمنين _ عليه السلام _ .
أنّه قال: «مُلْكُ بَني العَبّاس يُسْـرٌ لا عُسْـرَ فِيهِ، لَو اجْتَمَعَ عَلَيْهم التُّـرْكُ
وَالدَّيْلَمُ، والسِّنْدُ والهِنْدُ، وَالبَـرْبَرُ والطَّيْلَسانُ لَنْ يُزيلُوهُ، وَلاَ يَزالُون في غضارَةٍ مِنْ
مُلْكِهِمْ حَتَّى يَشُّذَّ عَنْهُمْ مَوَالِيهمْ وَأَصْحَابُ دَوْلَتِهمْ، وَيُسَلِّطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ عِلْجاً يَخْرُجُ
مِنْ حَيثُ بَدَأَ مُلْكُهُمْ، لا يَمُرُّ بِمَدينةٍ إلاّ فَتَحَها، وَلاَ تُرفَعُ لَهُ رايةٌ إلاّ هَدَّها، وَلاَ نِعْمَةَ
إلاّ أَزَالَهَا، الوَيْلُ لِمَنْ نَاوَاهُ، فَلاْ يَزالُ كذلِكَ حَتّى يَظْفرَ وَيَدْفَعَ بِظَفَرِهِ إلى رَجُلٍ مِنْ
عِتْرَتي، يَقُولُ: (بـِ) الحَقِّ وَيَعمْلُ بِهِ» (1).
____________
2ـ حدَّثنا ابن وهب، عن إسحاق بن يحيى بن طلحة التيمي، عن طاووس
قال ـ ولم يسنده إلى عليٍّ _ عليه السلام _ ـ : وَدَّعَ عمرُ بن الخطاب (رضى اللّه عنه)
البيتَ، ثمَّ قال: واللّهِ، ما أَراني أدَعُ خَزائِنَ البيت وما فيه من السِّلاحِ والمال أم
أقسِّمُهُ في سبيل اللّه؟
فقالَ له عليٌّ بن أبي طالبٍ (رضي اللّه عنه): «إمْضِ يا أَميرَ الموَْمِنينَ! فَلَسْتَ
بِصَاحِبِهِ، إِنَّما صَاحِبُهُ مِنّا شَابٌ مِنْ قُرَيْشٍ، يُقَسِّمُهُ في سَبيلِ اللّهِ في آخِرِ الزَّمانِ»
(1).
____________
3ـ حدَّثنا ابن وهب ، عن إسحاق بن يحيى بن طلحة التيمي، عن طاووس
قال: قال علي بن أبي طالب (رضي اللّه عنه): «هُوَ فَتىً مِنْ قُرَيْشٍ، آدَمُ، ضَـرْبٌ مِنَ
الرِّجالِ»(1).
____________
1ـ حدَّثنا عليُّ بن أحمد قال: حدَّثني عبيد اللّه بن موسى العلوي، عن أبي
محمّد موسى بن هارون بن عيسى المعبدي قال: حدَّثنا عبد اللّه بن مسلمة بن
قعنب قال: حدّثنا سليمان بن بلال قال: حدَّثنا جعفر بن محمَّد _ عليهما السلام _
عن أبيه، عن جدِّه، عن الحسين بن علي _ عليهم السلام _ قال جاء رجلٌ إلى أمير
الموَمنين _ عليه السلام _ فقال له: يا أمير الموَمنين! نَبِّئنا بمهديكم هذا؟
فقال: «إذا دَرَجَ الدَّارجُون (1) وقَلَّ الموَْمِنُونَ، وَذَهَبَ المجْلِبُونَ (2) فَهُناكَ
هُنَاكَ»، فقال: يا أمير الموَمنين مِمَّن الرَجُلُ؟ فَقَالَ: «مِنْ بَني هاشم مِنْ ذِرْوَةِ طَوْدِ
(3) العَرَبِ،
____________
____________
2ـ حدَّثنا الوليد ورشدين، عن ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن أبي رومان، عن
عليٍّ قال: «تَخْرُجُ رَايَاتٌ سُودٌ تُقَاتِلُ السُّفْيَانيَّ، فِيهِمْ شَابٌ مِنْ بَنْي هَاشِمٍ، فِي كَتفِهِ
اليُسْـرَى خَالٌ، وَعَلَـى مُقدِّمَتِهِ رَجُلٌ مِنْ بَني تَمِيمٍ، يُدْعى شُعَيْبُ بن صالحٍ، فَيَهْزِمُ
أصْحَابَهُ» (4).
____________
_ عليهم السلام _
1ـ حدَّثنا محمَّد بن زياد بن جعفر الهمدانيُّ ـ رضي اللّه عنه ـ قال: حدَّثنا
عليُّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن غياث بن
إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمَّد، عن أبيه محمَّد بن عليّ، عن أبيه عليِّ بن
الحسين، عن أبيه الحسين بن عليٍّ _ عليهم السلام _ .
قال: «سئل أمير الموَمنين ـ صلوات اللّه عليه ـ عن معنى قول رسول اللّه
_ صلى الله عليه وآله وسلم _ : إنِّي مُخَلِّفٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْـن: كِتَابَ اللّهِ وَعِتْرَتي. مَنْ
العِتْرَةُ؟ فقال: أَنَا والحَسَنُ وَالحُسينُ والاَئمَّةُ التِّسْعَةُ مِنْ وُلْدِ الحُسَين تَاسِعُهُمْ
مَهْدِيُّهُمْ وَقَائِمَهُمْ، لا يُفَارِقُونَ كِتابَ اللّهِ وَلا يُفارِقُهُمْ حَتّى يَرِدُوا عَلَـى رَسُولِ اللّهِ
_ صلى الله عليه وآله وسلم _ حَوْضَهُ» (1).
____________
2ـ حدَّثنا أبي، ومحمّد بن الحسن ـ رضي اللّه عنهماـ قالا: حدَّثنا سعد بن
عبد اللّه قال: حدَّثنا يعقوب بن يزيد، عن حماد بن عيسى، عن عمر بن أُذينة، عن
أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي قال: رأيت علياً _ عليه السلام _ في
مسجد رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ في خلافة عثمان وجماعة يتحدَّثون
ويتذاكرون العلم والفقه فذكرنا قريشاً [وشرفها] وفضلها وسوابقها وهجرتها وما
قال فيها رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ من الفضل مثل قوله: «الاَئمّة من
قريش» وقوله: «الناس تبع لقريش» و «قريش أئمّة العرب» وقوله: «لا تسبّوا
قريشاً» وقوله: «إنَّ للقرشي قوَّة رجلين من غيرهم» وقوله: «من أبغض قريشاً
أبغضه اللّه» وقوله: «من أراد هوان قريش أهانه اللّه». وذكروا الاَنصار وفضلها
وسوابقها ونصرتها وما أثنى اللّه تبارك وتعالى عليهم في كتابه، وما قال فيهم
رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ من الفضل، و ذكروا ما قال في سعد ابن
عُبادة وغسيل الملائكة، فلن يدعوا شيئاً من فضلهم حتى قال كلُّ حيٍّ: منّا فلان
وفلان، وقالت قريش: منّا رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ ، ومنّا جعفر،
ومنّاحمزة، ومنّا عبيدة بن الحارث، وزيد بن حارثة (1)وأبو بكر وعمر وعثمان
وسعد وأبو عبيدة، وسالم، وابن عوف، فلم يدعوا من الحيّين أحداً من أهل السابقة
إلاّ سمّوه، وفي الحلقة أكثر من مائتي رجل فمنهم عليٌّ بن أبي طالب ـ عليه السلام
ـ وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمان بن عوف، وطلحة، والزبير، وعمّـار،
والمقداد، وأبو ذرٍّ، وهاشم بن عتبة، وابن عمر، والحسن والحسين ـ عليهما السلام
ـ ، وابن عبّاس، ومحمّد بن أبي بكر، وعبد اللّه بن جعفر، ومن الاَنصار أُبي بن
كعب، وزيد بن ثابت، وأبو أيوب الاَنصاري، وأبو الهيثم ابن التيهان، ومحمّد بن
مسلمة (2) وقيس بن سعد بن عبادة، وجابر بن عبد اللّه، وأنس بن مالك، وزيد بن
أرقم، وعبد اللّه بن أبي أوفى، وأبو ليلى ومعه ابنه عبد الرحمان قاعد بجنبه غلام
صبيح
____________
فأقبل القوم عليه فقالوا: يا أبا الحسن ما يمنعك أن تتكلّم؟ فقال: ما من
الحيّين إلاّ وقد ذكر فضلاً وقال حقّاً، وأنا أسألكم يا معشر قريش والاَنصار بمن
أعطاكم اللّه عزّ وجلّ هذا الفضل؟ أبأنفسكم وعشائركم وأهل بيوتاتكم أو بغيركم؟
قالوا: بل أعطانا اللّه ومنَّ علينا بمحمّد _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وعشيرته لا
بأنفسنا وعشائرنا ولا بأهل بيوتاتنا، قال: صدقتم يا معشر قريش والاَنصار، ألستم
تعلمون أنَّ الذي نلتم به من خير الدنيا والآخرة منّا أهل البيت خاصّة دون غيرهم،
وأنَّ ابن عمّي رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ قال: «إنّي وأهل بيتي كنّا نوراً
يسعى بين يدي اللّه تبارك وتعالى قبل أن يخلق اللّه عزّ وجلّ آدم _ عليه السلام _
بأربعة عشر ألف سنة فلمّـا خلق آدم _ عليه السلام _ وضع ذلك النور في صلبه
وأهبطه إلى الاَرض، ثمّ حمله في السفينة في صلب نوح _ عليه السلام _ ثمَّ قذف به
في النار في صلب إبراهيم _ عليه السلام _ ، ثمَّ لم يزل اللّه عزَّ وجلَّ ينقلنا من
الاَصلاب الكريمة إلى الاَرحام الطاهرة ومن الاَرحام الطاهرة إلى الاَصلاب
الكريمة من الآباء والاَُمّهات لم يلتق واحد(1)منهم على سفاح قطٌّ»؟ فقال أهل
السابقة والقدمة وأهل بدر وأهل أُحد: نعم قد سمعنا ذلك من رسول اللّه صلَّى اللّه
عليه و آله و سلَّم . ثمَّ قال: أنشدكم اللّه أتعلمون أنّ اللّه عزَّ وجلَّ فضّل في كتابه
السابق على المسبوق في غير آية وإنّي لم يسبقني إلى اللّه عزَّ وجلّ وإلى رسوله
_ صلى الله عليه وآله وسلم _ أحدٌ من هذه الاَُمّة؟ قالوا: اللهمَّ نعم.
قال: فأنشدكم اللّه أتعلمون حيث نزلت: "والسَّابقون الاَوّلون من
المهاجرين
____________
قال: فأنشدكم اللّه عزّ وجلّ أتعلمون حيث نزلت "يا أيّها الّذين آمنوا
أطيعوا اللّه وأطيعوا الرسول وأُولي الاَمر منكم"(3)وحيث نزلت "إنّما وليّكم اللّه
ورسوله والّذين آمنوا الّذين يقيمون الصلوة ويوَتون الزكوة وهم راكعون" (4)
وحيث نزلت "ولم يتّخذوا من دون اللّه ولا رسوله ولا الموَمنين وليجة" (5)قال
الناس: يا رسول اللّه أهذه خاصّة في بعض الموَمنين أم عامّة لجميعهم؟ فأمر اللّه
عزَّ وجلَّ نبيّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ أن يعلمهم ولاة أمرهم وأن يفسّـر لهم من
الولاية ما فسّـر لهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجّهم فنصبني للناس بغدير
خمٍّ، ثمَّ خطب فقال: «أيّها الناس إنَّ اللّه عزَّ وجلَّ أرسلني برسالة ضاق بها صدري
وظننت أنَّ النّاس مكذِّبي، فأوعدني لاَُبلّغنّها أو ليعذِّبني، ثمَّ أمر فنودي الصلاة
جامعة، ثمّ خطب الناس فقال: أيّها النّاس أتعلمون أنَّ اللّه عزَّ وجلَّ مولاي وأنا
مولى الموَمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال: قم يا عليٌّ
فقمت، فقال: من كنت مولاه فعليٌّ مولاه اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه، فقام
سلمان الفارسي ـ رضي اللّه عنه ـ فقال: يا رسول اللّه ولاوَه كماذا؟ فقال ـ عليه
السلام ـ : ولاوَه كولائي(6)من كنت أولى به من نفسه فعليٌّ أولى به من نفسه،
فأنزل اللّه تبارك وتعالى: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي
ورضيت لكم الاِسلام ديناً" (7)فكبّر رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وقال:
اللّه أكبر بتمام النعمة وكمال نبوَّتي ودين اللّه عزَّ وجلَّ وولاية
____________
____________
فقال سليم: ثمَّ قال _ عليه السلام _ : أيّها النّاس أتعلمون أنَّ اللّه عزَّ وجلَّ
أنزل في كتابه: "إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرِّجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً"
(1) فجمعني وفاطمة وابنيَّ حسناً وحسيناً ثم ألقى علينا كساء، وقال: «اللّهمَّ إنَّ
هوَلاء أهل بيتي ولحمتي، يوَلمني ما يوَلمهم ويجرحني ما يجرحهم، فأذهب
عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً» فقالت أُمّ سلمة: وأنا يا رسول اللّه؟ فقال: أنت على
خير، إنّما أُنزلت فيَّ وفي أخي [عليٍّ] وفي ابنيَّ الحسن والحسين وفي تسعة من
ولد ابني الحسين خاصّة، ليس معنا فيها أحدٌ غيرنا»؟ فقالوا كلّهم: نشهد أنَّ أُمَّ
سلمة حدَّثتنا بذلك فسألنا رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ فحدَّثنا كما
حدَّثتنا أُمُّ سلمة ـ رضي اللّه عنهاـ .
ثمَّ قال علي _ عليه السلام _ : أُنشدكم اللّه أتعلمون أنَّ اللّه عزَّ وجلَّ لما أنزل
في كتابه: "يا أيُّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وكونوا مع الصادقين" (2)فقال سلمان: يا
رسول اللّه عامّة هذه أم خاصّة؟ فقال _ عليه السلام _ :«أمّا المأمورون فعامّة
الموَمنين أُمروا بذلك، وأمّا الصادقون فخاصّة لاَخي عليٍّ وأوصيائي من بعده إلى
يوم القيامة»؟ قالوا: اللّهمّ نعم، قال: أُنشدكم اللّه أتعلمون أنّي قلت لرسول اللّه
_ صلى الله عليه وآله وسلم _ في غزوة تبوك: لِمَ خَلّفتني مع الصبيان والنساء؟ فقال:
«إنّ المدينة لا تصلح إلاّ بي أو بك وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيَّ
بعدي»؟ قالوا: اللّهم نعم، قال: أُنشدكم اللّه أتعلمون أنَّ اللّه عزَّ وجلَّ أنزل في سورة
الحجِّ "يا أيُّها الّذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربّكم وافعلوا الخير لعلّكم
تفلحون ـ إلى آخر السورة" (3)فقام سلمان فقال: يا رسول اللّه مَن هوَلاء الذين
أنت عليهم شهيد وهم شهداء على الناس الذين اجتباهم اللّه ولم يجعل عليهم في
الدين من حرج ملّة أبيكم إبراهيم؟ قال _ عليه السلام _ : عنى بذلك ثلاثة عشر
رجلاً خاصّة دون هذه الاَُمّة، قال سلمان: بيِّنهم لي يا رسول اللّه، قال: «أنا وأخي
عليٌّ وأحد عشر من
____________
قال: أُنشدكم اللّه أتعلمون أنَّ رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ قام
خطيباً لم يخطب بعد ذلك فقال: «أيّها النّاس إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه
وعترتي أهل بيتي فتمسّكوا بهما لئلاّ تضلّوا(1)فإنَّ اللطيف الخبير أخبرني وعهد
إليَّ أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض» فقام عمر بن الخطاب وهو شبه
المغضب فقال: يا رسول اللّه أكلُّ أهل بيتك؟ فقال: «لا ولكن أوصيائي منهم أوَّلهم
أخي ووزيري ووارثي وخليفتي في أُمّتي ووليُّ كلِّ موَمنٍ من بعدي، هو أوَّلهم، ثمَّ
ابني الحسن، ثمَّ ابني الحسين، ثمَّ تسعة من ولد الحسين واحد بعد واحد حتّى
يردوا عليَّ الحوض، شهداء اللّه في أرضه وحججه على خلقه وخزَّان علمه
ومعادن حكمته من أطاعهم أطاع اللّه، ومن عصاهم عصى اللّه عزَّ وجلَّ»؟ فقالوا
كلّهم: نشهد أنّ رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ قال ذلك، ثمّ تمادى بعليٍّ ـ
عليه السلام ـ السوَال فما ترك شيئاً إلاّ ناشدهم اللّه فيه وسألهم عنه حتّى أتى على
آخر مناقبه وما قال له رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ ، كلُّ ذلك يصدِّقونه
ويشهدون أنّه حقٌّ (2).
3ـ حدَّثنا ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن الحرث بن يزيد قال: سمعت عبد
اللّه ابن زرير الغافقي يقول: سمعت عليّاً ـ رضي اللّه عنه ـ يقول:
«أَلْفِتَنُ أَرْبَعُ: فِتْنَةُ السَّـرَّاءِ، وَفِتْنَةُ الضَّـرَّاءِ، وَفِتْنَةُ كَذا ـ فذكر مَعْدنَ الذَّهَبِ ـ ثْمَّ
يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ عِتْـرَةِ النَّبيِّ _ صلى الله عليه وآله وسلم _ يُصْلِحُ اللّهُ عَلَـى يَدَيْهِ
أَمْرَهُمْ» (3).
____________
4ـ محمّد بن عيسى، عن عبد اللّه بن ميمون القداح، عن جعفر، عن أبيه
قال: «قال عليُّ بن أبي طالب _ عليه السلام _ : «مِنّا سَبْعَةٌ خَلَقَهُمْ اللّهْ عَزَّ وَجَلَّ لَـمْ
يَخلُقْ في الاَرضِ مِثْلَهُمْ: مِنّا رَسُولُ اللّهِ _ صلى الله عليه وآله وسلم _ سَيّد الاَوَّلين
والآخِرينَ وَخَاتِمُ النَّبيِّينَ، وَوَصيُّهُ خَيْـرُ الوَصيِّينَ، وَسِبْطاهُ خَيْـرُ الاَسْبَاطِ حَسَناً
وَحُسَيْناً، وَسَيّدُ الشُّهداءِ حَمْزَةُ عَمُّهُ، وَمَن قَدْ طافَ (1)مَعَ المَلائِكَةِ جَعْفَرٌ، وَالقائِمُ»
(2).
5ـ وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى قال: حدّثنا محمد بن
جرير الطبري قال: حدّثنا عيسى بن عبد الرحمان قال: أخبرنا الحسن بن الحسين
العرني قال: حدَّثنا يحيى بن يعلى الاَسلمي وعلي بن القاسم الكندي ويحيى بن
المساور، عن علي بن المساور، عن علي بن الجزور، عن الاَصبغ بن نباتة، قال: كُنّا
مع علي بالبصرة، وهو على بغلة رسول اللّه، وقد اجتمع هو وأصحاب محمد
فقال:
«ألا أُخبِرُكُمْ بِأَفْضَلِ خَلقِ اللّهِ عِنْدَ اللّه يَومَ يَجمَعُ الرُّسُلَ»؟ قُلنا: بَلى يا أميرَ
الموَمنين، قال: «أفضَلَ الرُّسُلِ مُحَمَّدٌ، وإنَّ أفضَلَ الخَلقِ بَعْدَهُمْ الاَوصياءُ، وأفضَلَ
الاَوصياءِ أنا، وأفضَلَ الناس بعدَ الرُّسُلِ والاَوصياء الاَسباطُ، وانّ خيْـر الاَسباط
سبطا نبيّكُم ـ يعني الحسن والحسين ـ وإنَّ أفضلَ الخلق بعد الاَسباط الشهداءُ،
وانَّ أفضَلَ الشهداء حمزةُ بن عبدِ المطَّلبِ، قال ذلك النبيُّ، وجعفرُ بن أبي طالبٍ
ذو الجناحَين، مُخَضَّبانِ، بكرامةٍ خَصَّ اللّهُ عَزَّ وجَلَّ بها نَبيَّكُمْ، والمهديُّ مِنّا في
آخِر الزمان لم يكُنْ في أُمّةٍ من الاَُمم مهديٌّ ينتَظَرُ غيْـرَهُ» (3).
____________
6ـ محمَّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّدٍ، عن ابن فضّال، عن الحسين بن
علوان الكلبي، عن علي بن الحزوَّر الغنويّ، عن أصبغ بن نباتة الحنظلي قال:
رأيتُ أمير الموَمنين _ عليه السلام _ يوم افتتح البصرة وركب بغلة رسول اللّه صلَّى
اللّه عليه و آله و سلَّم .
[ثمَّ] قال: «أيُّها الناس ! ألا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْـرِ الخَلْقِ يَوْمَ يَجْمَعَهُمُ اللّهُ» ؟فَقامَ إِلَيهِ
أَبو أَيُّوب الاَنصاريّ، فقال: بلى، يا أمير الموَمنين، حَدِّثنا فإِنّكَ كُنْتَ تَشْهَدُ وَتَغيبُ،
فقالَ: «إِنَّ خَيْـرَ الخَلْقِ يَوْمَ يَجْمَعَهُمُ اللّهُ سَبْعَةٌ مِنْ وُلْدِ عَبْدِ المُطَّلِبِ لا يُنْكِرُ فَضْلَهُمْ
إلاّ كَافِرٌ ولا يَجْحَدُ بِهِ إلاّ جاحِدٌ»، فَقامَ عَمَّـارُ بن ياسرِ ـ رَحِمَهُ اللّهُ ـ فقالَ: يا أميرَ
الموَمنين سَمِّهِم لَنا لِنَعْرِفَهُمْ فقال: «إنّ خَيْـرَ الخَلْقِ يَومَ يَجْمَعَهُمُ اللّهُ الرُّسُلُ، وإِنَّ
أَفْضَلَ الرُّسُلِ مُحَمَّدُ _ صلى الله عليه وآله وسلم _ ، وإنَّ أَفضَلَ كُلِّ أُمّةٍ بَعْدَ نَبيّها وَصيُّ
نَبيّها، حَتّى يُدْرِكَهُ نَبِيٌّ، ألا وَإِنَّ أَفضَلَ الاَوصياءِ وَصِيُّ مُحَمّدٍ (عليْهِ وآلِهِ السَّلام)، ألا
وَإِنَّ أفْضَلَ الخَلْقِ بَعْدَ الاَوصياءِ الشُّهداءِ، ألا وإنَّ أفضَلَ الشُّهداءِ حَمْزةُ بن عبْدِ
المُطَّلب وَجَعْفَرُ بن أبي طالبٍ، لَهُ جناحانِ خَضيبان يَطيرُ بِهِما في الجَنَّةِ، لَمْ يُنْحلْ
أَحْدٌ مِنْ هذه الاَُمّة جَناحان غَيرُهُ، شيءٌ كَرَّمَ اللّهُ بِهِ مُحَمَّداً صلَّى اللّه عليه و آله و
سلَّم وَشَرَّفَهُ والسّبطانِ الحَسَنُ والحُسَينُ والمهديُّ _ عليهم السلام _ يَجْعَلُهُ اللّهُ مَنْ
شاءَ مِنّا أهْلَ البيتِ. ثُمَّ تلا هذه الآية: "وَمَنْ يُطِعِ اللّهَ والرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ
أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ والصِّديقينَ والشُّهَداءِ والصَّالحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفيقاً
ذَلِكَ الفَضْلُ مِنَ اللّهِ وكَفْى بِاللّهِ عَليماً" (1).
7ـ ثُمَّ رَكَبَ وَمرَّ بِهم وَهُمْ صَـرْعَى، فقال: «لَقَدْ صَـرَعَكُمْ مَنْ غَرَّكُمْ».
قيلَ: وَمَن غَرَّهُمْ؟
قالَ: «الشَّيطانُ وَأنْفُسُ السُّوءِ».
فَقَالَ أَصْحابُهُ: قَدْ قَطَعَ اللّهُ دَابِرَهُمْ إلى آخِرِ الدَّهْرِ.
فَقالَ: «كَلاَّ، والَّذِي نَفْسي بيَدِهِ، وَإِنَّهُمْ لَفي أَصْلابِ الرِّجالِ وَأَرْحَامِ النِسّاءِ،
____________
8ـ فهذا ما روي عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ،
عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أمير الموَمنين علي بن أبي
طالب (كرّم اللّه وجهه):
«إِنَّ اللّهَ حينَ شاءَ تقدير الخليقَة وَذَرأَ البَريّة وإبْداع المُبْدَعاتِ نَصب الخلق
في صُورٍ كالهباء قبلَ دَحْوِ الاََرْضِ وَرَفْعِ السَّماءِ وَهُوَ في انفرادِ مَلَكوتِهِ وَتَوحّدِ
جَبَـروتِهِ فَأتاحَ (فأساح) نوراً من نورِه فَلَمعَ، وَ [نَزَعَ] قَبَسَاً مِنْ ضِيائِهِ فَسَطَعَ، ثُمَّ
اجْتَمَعَ النُّور في وَسَطِ تِلْكَ الصُوَرُ الخَفْيَّةَ فوافَقَ ذلِكَ صُورةَ نَبيِّنا مُحَمَّد صلَّى اللّه
عليه و آله و سلَّم فَقَالَ اللّهُ عَزَّ مِنْ قائل أنْتَ المُختْارُ المُنْتَخَبُ وَعِنْدَكَ مُسْتَودِعُ
نوري وَكُنوزُ هِدايتي مِنْ أَجْلِكَ أَسْطَحُ البَطْحاءَ وَأَمْرُجُ الماءَ وَأَرْفَعُ السَّماءَ وأَجْعَلُ
الثَّوابَ والعِقابَ والجِّنَةَ والنارَ وأنْصِبُ أَهْلَ بَيْتِكَ لِلْهِدايَةِ وَأوَيْتُهُمْ مِن مكنونِ
عِلْمي ما لا يَشْكِلُ عَلَيْهِم دَقيقٌ ولا يُعييهِمْ خَفيٌّ وَأَجْعَلُهُمْ حُجّتي عَلَـى بَرِيَتّي
والمنبِّهيـنَ عَلَى قُدرَتي وَوَحْدانيّتي ثُمّ أَخَذَ اللّهُ الشَّهادَةَ عَلَيْهِم بِالرّبُوبيّةِ
والاخْلاصِ بِالوَحْدانيّةِ فَبْعدَ أخْذِ ما أَخَذَ مِنْ ذلِكَ شابَ بِبَصائِر الخَلْقِ انْتَخَبَ
مُحَمَّداً وَآلَهُ (فَقَبْلَ أخْذِ ما أخَذَ جَلّ شَأنُه بِبَصائِر الخَلْقِ اِنْتَخَبَ مُحَمَّدَاً وآلَهُ)
وَأَراهُمُ أَنَّ الهِدايةَ مَعَهُ والنّورَ لَهُ والاِمامَةَ في آلِه، تَقْديماً لِسِنّةِ العَدْلِ وَليَكوُن
الاعْذارُ مُتَقدِّماً ثُمَّ أَخْفى اللّهُ الخَليْقَةَ في غَيْبِهِ وَغَيّبها في مَكنون عِلْمِهِ ثُمّ نَصَبَ
العَوامِلَ وبَسطَ الزَّمانَ وَمَرَجَ الماءَ وَأَثارَ الزِّبدَ وأَهاجَ الدُخانَ فَطفا عَرْشُهُ عَلى الماء
فَسطَحَ الاَرضَ عَلَى ظَهْرِ الماءَ [وَأَخرَجَ مِنَ الماءِ دُخاناً فَجَعَلَهُ السَّماءَ] ثُمَّ اسْتَجْلَبَها
إلى الطّاعةِ فَأَذْعَنَتا بِالاسْتِجابةِ، ثُمَّ انْشأ اللّهُ الملائِكَةَ مِنْ أنْوارٍ ابدَعَهَا وَأَرْواحٍ
اِخْتَرَعَها وَقَرَنَ بِتَوحْيدِهِ نُبّوةَ مُحَمَّدٍ _ صلى الله عليه وآله وسلم _ فُشَهِدَتْ في
السَّماءِ قَبلَ
____________
9ـ حدّثنا ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن الحرث بن يزيد، عن ابن زرين
الغافقي، سمع عليّاً (رضي اللّه عنه) يقول: «هو من عترة النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _(2).
____________
10ـ عن علي قال: «ستكونُ فتنةٌ يحصلُ الناسُ منها كما يحصلُ الذهب في
المعدن، فلا تَسبّوا أهل الشام وسبّوا ظلمتَهم، فإنَ فيهم الاَبدالَ، وسيرسلُ اللّه سيباً
من السماء فيفرقهم حتى لو قاتلهم الثعالبُ غلبتهم، ثم يبعثُ اللّه عند ذلك رجلاً
من عترةِ الرسولِ في اثني عشر ألفاً إن قَلّوا، وخمسة عشر ألفاً إن كثُروا، أمارتُهم ـ
أي علامتهم ـ : «أمت أمت» على ثلاثِ راياتٍ تقاتلهم أهلُ سَبعِ راياتٍ، ليس من
صاحب رايةٍ إلاّ وهو يطمع بالملكِ، فيقتُلون ويهزمون، ثمْ يظهرُ الهاشمي فيردُ
اللّهُ إلى الناس ألفتهم ونعمتهم، فيكونُ حتى يخرج الدجّالُ» (1).
11ـ عن علي أنّه قال للنبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ : «أَمِنّا آل محمّد
المهديُّ أم من غيرنا يا رسول اللّه؟» قال: «بَلْ منّا، يَخْتِمُ اللّهُ بهِِ كما فتحَ بنّا ربُّنا،
يُستنقذون من الفتنة كما أُنقِذوا من الشرك، وبنا يُوَلف اللّهُ بينَ قلوبهم بعد عداوة
الشرك، وبنا يصبحون بعد عداوة الفتنة إخواناً كما أصبحوا بعد عداوةِ الشركِ
إِخواناً في دينهم»، قال علي: «أموَمنون أم كافرون؟»، قال: «مفتونٌ وكافرٌ» (2).
____________