http://www.imamsadeq.org كتاب موسوعة أحاديث أمير المؤمنين علي ـ عليه السلام ـ تأليف اللجنة العليا للتحقيق في مؤسسة نهج البلاغة ص 35 - ص 64

( 35 )



الباب الاَوّل

الفصل الثالث

دعاء المهدي

ـ عجل اللّه فرجه الشريف ـ





( 36 )


( 37 )

3


«دعاء المهديّ»


1ـ وبهذا الاِسناد ـ وأخبرني أبو الحسين بن هارون بن موسى، قال: حدَّثني أبي، قال: حدَّثني أبو عليّ محمّد بن همّام ـ ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد الحميري، قال: حدَّثني أحمد بن جعفر قال: حدَّثني عليُّ بن محمّد، يرفعه إلى أمير الموَمنين ـ في صفة القائم _ عليه السلام _ :

«كأنَّني بِهِ قَدْ عَبَـرَ مِنْ وادِي السَّلامِ إلى مَسْجِدِ السَّهْلَةِ عَلَـى فَرَسٍ مُحَجَّلٍ لَهُ شِمْـراخ (1) يَزهُو، وَيَدْعُو وَيقُولُ في دُعائهِِ:

لا إلهَ إلاّ اللّهُ حَقّاً حَقّاً، لا إلهَ إلاّ اللّهِ إيماناً وصِدْقاً، لا إلهَ إلاّ اللّهُ تَعبُّداً وَرقّاً.

اللَّهُمَّ! مُعينَ كُلِّ موَْمِنٍ وَحيدٍ، وَمُذِلَّ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، أنْتَ كَهْفِي حينَ تُعْييني المَذاهِبُ، وَتَضيقُ عَليَّ الاَرْضُ بِمَا رَحُبتْ.

اللَّهُمَّ! خَلَقْتَنِي وَكُنْتَ عَنْ خَلْقِي غَنيّاً، وَلَوْلا نَصْـرُكَ إيَّايَ لَكُنْتُ مِنَ المَغْلُوبينَ.

يَا مُبَعْثِرَ الرَّحْمَةِ مِنْ مَوَاضِعِها، وَمُخْرِجَ البَـرَكَاتِ مِنْ مَعادِنها، وَيَا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِشُمُوخِ الرِّفْعةِ، فَأوْلِيَاوَُهُ بِعِزِّه يَتَعَزَّزُونَ.


____________

(1) التحجيل: بياض في قوائم الفرس كلّها ويكون في رجلين ويد. وفي رجلين فقط وفي رجل فقط، ولا يكون في اليدين خاصة إلاّ مع الرجلين ولا في يد واحدة دون الاَُخرى إلاّ مع الرجلين، والشمراخ غرة الفرس إذا دقت وسالت وجللت الخيشوم ولم تبلغ الجحفلة.


( 38 )

يَا مَنْ وَضَعَتْ لَهُ المُلُوكُ نِيرَ (1)المَذَلَّةِ عَلَـى أَعْنَاقِها، فَهُمْ مِنْ سَطْوَتِهِ خائِفُونَ.

أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذي قَصُـرَتْ عَنْهُ خَلْقُكَ فَكُلٌّ لَكَ مُذْعِنُونَ.

أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّـي عَلَـى مُحَمَّدٍ وعََلَـى آلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُنْجِز لي أَمْرِي، وَتُعَجِّلَ لي الفَرَجَ، وَتَكْفِيَني وَتُعافِيني وَتَقْضِي حَوَائِجي، السَّاعَةَ السَّاعَةَ، اللَّيْلَةَ اللَّيْلَةَ، إنَّكَ عَلَـى كُلِّ شَـيْءٍ قَدِيرٌ»(2).


____________

(1) النير: الخشبة المعترضة في عنقي الثورين بأداتها، وتسمّى بالفارسية «يوغ».
(2) دلائل الاِمامة: 243ـ 244، إثبات الهداة: 7|705 ـ أوَّله ـ كما في دلائل الاِمامة، عن مناقب فاطمة وولدها، منتخب الاَثر: 519، العدد القوية: 75، مرسلاً عن أمير الموَمنين _ عليه السلام _ ، وفيه: «...مَسِيلِ السَّهْلَةِ ... يَزْهرُ ...مُعِزَّ كُلِّ مُوَْمِنٍ ...أَنْتَ كَنَفِي ... يَا مُنْشرَ الرَّحمة... أعناقِهم ...فطرت بِهِ»، البحار: 52|391، عن العدد القوية، وفي: 94|365، عنه أيضاً، وفيه: «كأنَّني بالقائمِ ... على أعْناقِهِمْ... فَكُلٌ لَهُ مُذْعِنُونَ» الزام الناصب: 2|306 بتفاوت يسير، نقلاً عن «الدر النظيم».


( 39 )



الباب الثاني

الفصل الاَوّل

المهدي من قريش






( 40 )


( 41 )

4


«المهديُّ مِن قريش»


1ـ حدّثنا محمَّد بن همام في منزله ببغداد في شهر رمضان سنة سبع وعشرين وثلاثمائة قال: حدَّثني أحمد بن مابنداذ سنة سبع وثمانين ومائتين قال: حدَّثنا أحمد بن هلال قال: حدَّثني الحسن بن عليّ بن فضّال قال: حدَّثنا سفيان بن إبراهيم الجريري، عن أبيه، عن أبي صادقٍ، عن أمير الموَمنين _ عليه السلام _ .

أنّه قال: «مُلْكُ بَني العَبّاس يُسْـرٌ لا عُسْـرَ فِيهِ، لَو اجْتَمَعَ عَلَيْهم التُّـرْكُ وَالدَّيْلَمُ، والسِّنْدُ والهِنْدُ، وَالبَـرْبَرُ والطَّيْلَسانُ لَنْ يُزيلُوهُ، وَلاَ يَزالُون في غضارَةٍ مِنْ مُلْكِهِمْ حَتَّى يَشُّذَّ عَنْهُمْ مَوَالِيهمْ وَأَصْحَابُ دَوْلَتِهمْ، وَيُسَلِّطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ عِلْجاً يَخْرُجُ مِنْ حَيثُ بَدَأَ مُلْكُهُمْ، لا يَمُرُّ بِمَدينةٍ إلاّ فَتَحَها، وَلاَ تُرفَعُ لَهُ رايةٌ إلاّ هَدَّها، وَلاَ نِعْمَةَ إلاّ أَزَالَهَا، الوَيْلُ لِمَنْ نَاوَاهُ، فَلاْ يَزالُ كذلِكَ حَتّى يَظْفرَ وَيَدْفَعَ بِظَفَرِهِ إلى رَجُلٍ مِنْ عِتْرَتي، يَقُولُ: (بـِ) الحَقِّ وَيَعمْلُ بِهِ» (1).


____________

(1) غيبة النعماني: 249، عقْدُ الدُّرر: 47 ـ في الفصل الاَوَّل مِنَ الباب الرابع ـ مرسلاً عن أمير الموَمنين _ عليه السلام _ ، وليس فيه: «... والبَـرْبَرْ والطَّيْلَسانُ...» وفيه: «...وَلا يَزالُونَ يَتمتَّعونَ في مُلْكِهم...يشتدَّ بدل يَشُذَّ ... عجلاً بدل علْجاً ...إليه بدل له ... مزَّقها بدل هَدَّها ...وليس فيه: بظفره ... رَجُلٍ عربي بدل رَجُلٍ مِنْ عِتْـرَتي ...يقوم بدل يقول»، بشارة الاِسلام: 45، عن غيبة النعماني، وفي سنده: أحمد بن بندار... أحمد بن بلال ... سفيان بن إبراهيم الحميري ...وفيه: «والطيْلَسانُ ...وَلا يَزَالُونَ يَتَمرَّغُونَ ... وَيَتَنَعَّمْونَ ...وَأَصْحابُ ألويَتهمْ»، البحار: 8|359 (الطبعة الحجرية)، عن النعماني،وفيه: «...عَشْـرُ عَشْـرُ لَيْسَ فيه يُسْـرُ ... تَمْتَدُّ دَولَتُهُمْ ... لو اجْتَمَعَ عَلَيْهم التُّركُ والدَّيلمُ والسِّنْدُ والهِنْدُ لَـمْ يُزيلُوهُمْ ولا يَزالُونَ يَتَمرَّغُونَ وَيَتَنَّعمون في غضارةٍ من ... أصْحابُ ألْويتهم».


( 42 )

2ـ حدَّثنا ابن وهب، عن إسحاق بن يحيى بن طلحة التيمي، عن طاووس قال ـ ولم يسنده إلى عليٍّ _ عليه السلام _ ـ : وَدَّعَ عمرُ بن الخطاب (رضى اللّه عنه) البيتَ، ثمَّ قال: واللّهِ، ما أَراني أدَعُ خَزائِنَ البيت وما فيه من السِّلاحِ والمال أم أقسِّمُهُ في سبيل اللّه؟

فقالَ له عليٌّ بن أبي طالبٍ (رضي اللّه عنه): «إمْضِ يا أَميرَ الموَْمِنينَ! فَلَسْتَ بِصَاحِبِهِ، إِنَّما صَاحِبُهُ مِنّا شَابٌ مِنْ قُرَيْشٍ، يُقَسِّمُهُ في سَبيلِ اللّهِ في آخِرِ الزَّمانِ» (1).


____________

(1) ابن حمّاد: 100، ملاحم ابن طاووس: 72، عن ابن حمَّاد، وفي سنده: طلعة التميمي، عقد الدرر: 154، عن ابن حمَّاد، وفيه: ... لم أُقسمه ... «فتىً شابٌ مِنْ قُريشٍ»، المغربي: 580، عن ابن حمّاد، وفيه: ما أدْرِي بدل مَا أراني، الفتاوى الحديثية: 29 ـ بعضه ـ مرسلاً، جمع الجوامع: 2|104، عن نعيم، منتخب الاَثر: 162، عن منتخب كنز العمال، عرف السيوطي، الحاوي: 2|78، عن ابن حمَّاد، وفيه: وَلَجَ البَيْتَ وَقَالَ: واللّهِ، مَا أدْري ... أوْ أُقَسِّمُهُ، برهان المتقي: 86، عن عرف السيوطي، وفيه: أنَّه وَلَجَ ... مَا أدْرِي أيْنَ ... إذَا قَسَّمْتهُ ... «مِنَّا مِنْ قُرَيْش»، أخبار مكّة للاَزرقي: 1|246 ـ حدَّثني جدِّي قال: حدِّثنا سفيان بن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة، عن رجل، عن الحسين بن عليّ: «أنَّ عُمَرَ ـ رضي اللّه عنه ـ قال لِعَلي بن أبي طالب ـ رضي اللّه عنه ـ: لَقَدْ هَمَمْتُ أنْ أُقسِّمَ هَذا المالَ ـ يَعْني مالَ الكَعْبَة ـ فَقَالَ لَهُ عليٌّ: إن استَطَعتَ ذَلِكَ، فَقَالَ عُمرُ: وَمَالي لا أسْتَطيعُ ذَلِكَ أَو لا تُعِينَني على ذَلِكَ؟ فَقَالَ لَهُ عليٌّ: إن اسْتَطَعت ذَلِكَ، فَرَدَّها عُمرُ ثَلاثاً، فَقَالَ عليٌّ (رضي اللّه عنه): ليْسَ ذَلِكَ إليْكَ ، فَقَالَ عُمرُ: صَدَقْتَ».
وَحدَّثني مُحَمَّد بن يحيى، عَن الواقديِّ، عن أشياخه قالوا: وكان ابن عبّاس يقول: سمعت عمرَ ـ رضي اللّه عنه ـ يقول: إنَّ تركي هذا المال في الكعبة لا آخذه فأُقسمه في سبيل اللّه تعالى وفي سبيل الخير،وعليّ بن أبي طالب يسمع ما يقول، فقال: ما تقول يا ابن أبي طالب؟ أحْلِفُ باللّهِ لئِنْ شَجَّعْتني عَلَيْهِ لاَفْعَلَنَّ.
قَالَ: فَقَال لَهُ عليٌّ: «أَتَجْعَلُهُ فَيْأً وَأحرى صَاحِبُهُ رَجُلَّ يأتي في آخِر الزَّمانِ، ضَـرْبٌ، آدَمٌ طَويلٌ».
فمضى عمرُ، قال: وذكروا: أنَّ النبيَّ _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وجد في الجب الذي كان في الكعبة سبعين ألف أُوقية من ذهب ممّا كان يُهدى إلى البيت، وأنَّ عليَّ بن أبي طالب (كرّم اللّه وجهه) قال: «يا رسول اللّه ! لو استعنت بهذا المال على حربك»، فلم يحرّكه، ثمَّ ذُكِرَ لاَبي بكر فلم يحرّكه، كنز العمال: 14|108 حديث (38082)، عن رواية «أخبار مكة» الثانية ـ بتفاوت يسير.


( 43 )

3ـ حدَّثنا ابن وهب ، عن إسحاق بن يحيى بن طلحة التيمي، عن طاووس قال: قال علي بن أبي طالب (رضي اللّه عنه): «هُوَ فَتىً مِنْ قُرَيْشٍ، آدَمُ، ضَـرْبٌ مِنَ الرِّجالِ»(1).


____________

(1) ابن حمّاد: 101، ملاحم ابن طاووس: 37، عن ابن حمّاد، وفي سنده: التميمي بدل التيمي، وليس فيه: آدَمُ، عرف السيوطي، الحاوي: 2|73، عن ابن حمّاد، وفيه «المهديُّ منّي» كنز العمال: 14|590 حديث (39672)، عن ابن حمّاد، وفيه: «المهْدِيُّ»، جمع الجوامع: 2|104، عن ابن حمَّاد، وفيه: «المَهْدِيُّ».


( 44 )




( 45 )

الباب الثاني

الفصل الثاني

المهدي من بني هاشم






( 46 )


( 47 )

5


«المهديّ من بني هاشم»


1ـ حدَّثنا عليُّ بن أحمد قال: حدَّثني عبيد اللّه بن موسى العلوي، عن أبي محمّد موسى بن هارون بن عيسى المعبدي قال: حدَّثنا عبد اللّه بن مسلمة بن قعنب قال: حدّثنا سليمان بن بلال قال: حدَّثنا جعفر بن محمَّد _ عليهما السلام _ عن أبيه، عن جدِّه، عن الحسين بن علي _ عليهم السلام _ قال جاء رجلٌ إلى أمير الموَمنين _ عليه السلام _ فقال له: يا أمير الموَمنين! نَبِّئنا بمهديكم هذا؟

فقال: «إذا دَرَجَ الدَّارجُون (1) وقَلَّ الموَْمِنُونَ، وَذَهَبَ المجْلِبُونَ (2) فَهُناكَ هُنَاكَ»، فقال: يا أمير الموَمنين مِمَّن الرَجُلُ؟ فَقَالَ: «مِنْ بَني هاشم مِنْ ذِرْوَةِ طَوْدِ (3) العَرَبِ،


____________

(1) قال الفيروز آباديُّ: درج دروجاً ودرجاناً مشى والقوم انقرضوا وفلان لم يخلف نسلاً، أو مضى لسبيله انتهى.
والغرض انقراض قرون كثيرة.
(2) قوله _ عليه السلام _ : «وذهب المجلبون» ـ أي المجتمعون على الحقّ ـ والمعينون للدين أو الاَعمّ.
قال الجزريُّ: يقال: أجلبوا عليه إذا تجمّعوا وتألّبوا، وأجلبه أي أعانه، وأجلب عليه إذا صاح به واستحثّه.
(3) و «الطود» ـ بالفتح ـ الجبل العظيم، وفي بعض النّسخ ـ بالرّاءـ وهو ـ بالضمّ ـ أيضاً الجبل، والاَوَّل أصوب.


( 48 )
وَبَحْرِ مَغِيضَـها (1)إِذَا وَرَدَتْ، وَمَخْفَرِ أهْلِهَا (2)إِذَا أَتيَتْ، وَمَعْدِنِ صَفْوَتِهَا إِذَا اكْتَدَرَتْ. لا يَجْبَنُ إِذَا المَنايَا هَكَعَتْ (3) ولا يَخُورُ (4)إِذَا المَنُونُ (5)اكْتَنَعَتْ، وَلا يَنْكَلُ إِذَا الكُمَاةُ (6)اصْطَرَعَتْ، مُشَمِّرٌ مُغْلَوْلِبٌ ظَفِرٌ (7)ضِرْغامَةٌ (8)حَصِدٌ (9) مُخَدِّشٌ (10) ذكَرٌ (11) سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللّهِ، رأسٌ قُثْمٌ (12) نُشُوٌّ (13)رَأسِهِ فِي باذِخِ (14) السُّوَْدَدِ وَغَارِزُ مَجْدِهِ (15)فِي أَكرَمِ المَحْتِدِ (16) فَلا يَصْـرِفَنّكَ عَنْ بَيْعَتِهِ صَارِفٌ عَارِضٌ يَنوصُ (17)إِلَـى الفِتْنَةِ كُلَّ


____________

(1) و «المغيض» ـ الموضع الذي يدخل فيه الماء فيغيب، ولعلّ المعنى أنَّه بحر العلوم والخيرات فهي كامنة فيه، أو شبّهه ببحر في أطرافه مغايض، فإنَّ شيعتهم مغايض علومهم.
(2) و «مجفوِّ أهلها» ـ أي إذا أتاه أهله ـ يجفونه ولا يطيعونه.
(3) قوله _ عليه السلام _ : «هلعت» ـ أي صارت حريصة على إهلاك الناس.
(4) قوله _ عليه السلام _ : «ولا يحور»ـ في بعض النسخ «ولا يخور» ـ إذا المنون اكسفت، و «الخور» ـ الجبن.
(5) و «المنون» ـ الموت.
(6) و «الكماة» ـ بالضمِّ ـ جمع الكميِّ، وهو الشجاع أو لابس السلاح.
(7) ويقال: «ظفر بعدوِّه» ـ فهو ظفر.
(8) و «الضرغامة» ـ بالكسرـ الاَسد.
(9) قوله _ عليه السلام _ : «حصد» ـ أي يحصد النّاس بالقتل.
(10) قوله _ عليه السلام _ : «مخدش» ـ أي يخدش الكفّار ويجرحهم.
(11) و «الذكر» من الرجال ـ بالكسر ـ القويُّ الشجاع الاَبيُّ.
ذكره الفيروز آبادي، وقال: أعلا كلِّ شيء، وسيّد القوم.
(12) و «القثم» كزفر الكثير العطاء.
(13) وقال الجزريُّ: رجل «نشق» إذا كان يدخل في أُمور لا يكاد يخلص منها، وفي بعض النسخ ـ باللاّم والباء ـ يقال: رجل لبق ككنف ـ أي حاذق بما عمل، وفي بعضها: شقَّ رأسه ـ أي جانبه.
(14) و «الباذخ» ـ العالي المرتفع.
(15) قوله _ عليه السلام _ :و« غارز مجده» ـ أي مجده الغارز الثابت، من غرز الشيء في الشيء ـ أي أدخله وأثبته.
(16) و «المحتد» ـ بكسر التاء ـ الاَصل.
(17) وقوله _ عليه السلام _ : «ينوص» ـ صفة للصّارف.


( 49 )
مَنَاصٍ(1)مع إِنْ قَالَ فَشـرُ قَائِلٍ وَإِنْ سَكَتَ فَذُو دَعَاير(2) (3)الحديث.

2ـ حدَّثنا الوليد ورشدين، عن ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن أبي رومان، عن عليٍّ قال: «تَخْرُجُ رَايَاتٌ سُودٌ تُقَاتِلُ السُّفْيَانيَّ، فِيهِمْ شَابٌ مِنْ بَنْي هَاشِمٍ، فِي كَتفِهِ اليُسْـرَى خَالٌ، وَعَلَـى مُقدِّمَتِهِ رَجُلٌ مِنْ بَني تَمِيمٍ، يُدْعى شُعَيْبُ بن صالحٍ، فَيَهْزِمُ أصْحَابَهُ» (4).


____________

(1) وقال الفيروز آباديُّ: المناص الملجأ، وناص مناصاً تحرَّك وعنه تنحّى وإليه نهض.
(2) قوله _ عليه السلام _ : «فذو دعاير» ـ من الدعارةـ وهو الخبث والفساد، ولا يُبعد أن يكون تصحيف «الدغايل» ـ جمع الدغيلة ـ وهي الدغل والحقد، أو ـ بالمهملة ـ من الدعل بمعنى الختل.
(3) غيبة النعماني:212ـ 214، البحار:51|115، عن غيبة النعماني، وفيه: العبدي بدل المعبدي ... عبد اللّه بن مسلم بدل عبد اللّه بن مسلمة ... هلال بدل بلال ... «فهناك بدل من فهناك هناك ... ومجفوِّ بدل ومخفرِ ... أتت بدل أُتِيتْ ... هلعت بدل هَكَعَتْ ... يحور بدل يَخُورُ ... المنُون بدل الموَمنون... اكتنفت بدل اكْتَنَعَتْ ...نشق بدل نُشُوُّ... تبعته بدل بيعته... يا أمير الموَمنين عليكَ السلام بدل يا أمير الموَمنين»، إثبات الهداة: 3|537، عن غيبة النعماني، منتخب الاَثر: 309، عن غيبة النعماني.
(4) ابن حمّاد: 85، برهان المتَّقي: 152، ولم يرد فيه: «فَيَهْزِمُ أصْحابَهُ» كنز العمال: 14|588 ، حديث (39666) وفيه: «مقابل بدل تُقاتِلُ ... كفّه بدل كَتفِهِ ... هاشم بدل تميم» عن ابن حمّاد، عرف السيوطي، الحاوي: 2|69، عن ابن حمّاد ، وفيه «في كَفّهِ»، جمع الجوامع: 2|103، عن ابن حمّاد وفيه: «... في كفِّهِ ... هاشم بدل تميم».


( 50 )




( 51 )
الباب الثالث


الفصل الاَوّل


المهدي من أهل البيت



_ عليهم السلام _





( 52 )


( 53 )

6
«المهديُّ من أهل البيت»

_ عليهم السلام _


1ـ حدَّثنا محمَّد بن زياد بن جعفر الهمدانيُّ ـ رضي اللّه عنه ـ قال: حدَّثنا عليُّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمَّد، عن أبيه محمَّد بن عليّ، عن أبيه عليِّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليٍّ _ عليهم السلام _ .

قال: «سئل أمير الموَمنين ـ صلوات اللّه عليه ـ عن معنى قول رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ : إنِّي مُخَلِّفٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْـن: كِتَابَ اللّهِ وَعِتْرَتي. مَنْ العِتْرَةُ؟ فقال: أَنَا والحَسَنُ وَالحُسينُ والاَئمَّةُ التِّسْعَةُ مِنْ وُلْدِ الحُسَين تَاسِعُهُمْ مَهْدِيُّهُمْ وَقَائِمَهُمْ، لا يُفَارِقُونَ كِتابَ اللّهِ وَلا يُفارِقُهُمْ حَتّى يَرِدُوا عَلَـى رَسُولِ اللّهِ _ صلى الله عليه وآله وسلم _ حَوْضَهُ» (1).


____________

(1) كمال الدين: 1|240ـ 241، البحار: 23|147 ـ عن كمال الدين، والعيون، ومعاني الاَخبار، وفي: 25|215 ـ عن معاني الاَخبار، والعيون، وفي: 36|373 ـ عن العيون، إعلام الورى: 375 ـ كما في كمال الدين، عن ابن بابويه، إثبات الهداة: 1|475 ـ عن العيون، وفي: 1|499 ـ عن كمال الدين، منتخب الاَثر: 94 ـ عن البحار، غاية المرام: 218 ـ 232 عن العيون، مختصر إثبات الرجعة لابن شاذان: 448 ـ حدَّثنا محمّد بن أبي عمير ـ رضي اللّه عنه ـ عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد اللّه _ عليه السلام _ قال: كما في كمال الدين وليس فيه: «وقائمهم»، البرهان: 1|13 ـ عن كمال الدين، العوالم: 15|250 ـ عن العيون، وفي: 17|67 ـ عن العيون، البرهان: 1|13ـ عن كمال الدين، العيون: 1|57 ـ كما في كمال الدين، وبسنده، وفيه: أحمد بن زياد، كشف الغمة: 3|299 ـ عن إعلام الورى.


( 54 )

2ـ حدَّثنا أبي، ومحمّد بن الحسن ـ رضي اللّه عنهماـ قالا: حدَّثنا سعد بن عبد اللّه قال: حدَّثنا يعقوب بن يزيد، عن حماد بن عيسى، عن عمر بن أُذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي قال: رأيت علياً _ عليه السلام _ في مسجد رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ في خلافة عثمان وجماعة يتحدَّثون ويتذاكرون العلم والفقه فذكرنا قريشاً [وشرفها] وفضلها وسوابقها وهجرتها وما قال فيها رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ من الفضل مثل قوله: «الاَئمّة من قريش» وقوله: «الناس تبع لقريش» و «قريش أئمّة العرب» وقوله: «لا تسبّوا قريشاً» وقوله: «إنَّ للقرشي قوَّة رجلين من غيرهم» وقوله: «من أبغض قريشاً أبغضه اللّه» وقوله: «من أراد هوان قريش أهانه اللّه». وذكروا الاَنصار وفضلها وسوابقها ونصرتها وما أثنى اللّه تبارك وتعالى عليهم في كتابه، وما قال فيهم رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ من الفضل، و ذكروا ما قال في سعد ابن عُبادة وغسيل الملائكة، فلن يدعوا شيئاً من فضلهم حتى قال كلُّ حيٍّ: منّا فلان وفلان، وقالت قريش: منّا رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ ، ومنّا جعفر، ومنّاحمزة، ومنّا عبيدة بن الحارث، وزيد بن حارثة (1)وأبو بكر وعمر وعثمان وسعد وأبو عبيدة، وسالم، وابن عوف، فلم يدعوا من الحيّين أحداً من أهل السابقة إلاّ سمّوه، وفي الحلقة أكثر من مائتي رجل فمنهم عليٌّ بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمان بن عوف، وطلحة، والزبير، وعمّـار، والمقداد، وأبو ذرٍّ، وهاشم بن عتبة، وابن عمر، والحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ ، وابن عبّاس، ومحمّد بن أبي بكر، وعبد اللّه بن جعفر، ومن الاَنصار أُبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وأبو أيوب الاَنصاري، وأبو الهيثم ابن التيهان، ومحمّد بن مسلمة (2) وقيس بن سعد بن عبادة، وجابر بن عبد اللّه، وأنس بن مالك، وزيد بن أرقم، وعبد اللّه بن أبي أوفى، وأبو ليلى ومعه ابنه عبد الرحمان قاعد بجنبه غلام صبيح


____________

(1) زيد بن حارثة لم يكن قرشياً إنّما هو مولى. وليس هو تصحيف زيد بن خارجة لاَنّه أنصاري خزرجي بدري.
(2) هو محمّد بن مسلمة بن سلمة بن حريش بن خالد الخزرجي الاَنصاري أحد الثلاثة الذي قتلوا كعب بن الاَشرف وهو الذي استخلفه النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ في بعض غزواته. وفي بعض النسخ «محمّد بن سلمة» وهو نسبة إلى الجد.


( 55 )
الوجه أمرد، فجاء أبو الحسن البصري ومعه ابنه الحسن غلام أمرد صبيح الوجه، معتدل القامة قال: فجعلت أنظر إليه وإلى عبد الرحمان بن أبي ليلى فلا أدري أيّهما أجمل هيئة غير أنَّ الحسن أعظمهما وأطولهما، فأكثر القوم في ذلك من بكرة إلى حين الزَّوال وعثمان في داره لا يعلم بشيء ممّا هم فيه، وعلي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ ساكت لا ينطق، لا هو ولاأحد من أهل بيته.

فأقبل القوم عليه فقالوا: يا أبا الحسن ما يمنعك أن تتكلّم؟ فقال: ما من الحيّين إلاّ وقد ذكر فضلاً وقال حقّاً، وأنا أسألكم يا معشر قريش والاَنصار بمن أعطاكم اللّه عزّ وجلّ هذا الفضل؟ أبأنفسكم وعشائركم وأهل بيوتاتكم أو بغيركم؟ قالوا: بل أعطانا اللّه ومنَّ علينا بمحمّد _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وعشيرته لا بأنفسنا وعشائرنا ولا بأهل بيوتاتنا، قال: صدقتم يا معشر قريش والاَنصار، ألستم تعلمون أنَّ الذي نلتم به من خير الدنيا والآخرة منّا أهل البيت خاصّة دون غيرهم، وأنَّ ابن عمّي رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ قال: «إنّي وأهل بيتي كنّا نوراً يسعى بين يدي اللّه تبارك وتعالى قبل أن يخلق اللّه عزّ وجلّ آدم _ عليه السلام _ بأربعة عشر ألف سنة فلمّـا خلق آدم _ عليه السلام _ وضع ذلك النور في صلبه وأهبطه إلى الاَرض، ثمّ حمله في السفينة في صلب نوح _ عليه السلام _ ثمَّ قذف به في النار في صلب إبراهيم _ عليه السلام _ ، ثمَّ لم يزل اللّه عزَّ وجلَّ ينقلنا من الاَصلاب الكريمة إلى الاَرحام الطاهرة ومن الاَرحام الطاهرة إلى الاَصلاب الكريمة من الآباء والاَُمّهات لم يلتق واحد(1)منهم على سفاح قطٌّ»؟ فقال أهل السابقة والقدمة وأهل بدر وأهل أُحد: نعم قد سمعنا ذلك من رسول اللّه صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم . ثمَّ قال: أنشدكم اللّه أتعلمون أنّ اللّه عزَّ وجلَّ فضّل في كتابه السابق على المسبوق في غير آية وإنّي لم يسبقني إلى اللّه عزَّ وجلّ وإلى رسوله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ أحدٌ من هذه الاَُمّة؟ قالوا: اللهمَّ نعم.

قال: فأنشدكم اللّه أتعلمون حيث نزلت: "والسَّابقون الاَوّلون من المهاجرين


____________

(1) في بعض النسخ «لم يلف أحد».


( 56 )
والاَنصار"(1) و "السابقون السابقون أُولئِكَ المقرَّبون" (2)سئل عنها رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ فقال: «أنزلها اللّه تعالى في الاَنبياء وأوصيائهم، فأنا أفضل أنبياء اللّه ورسله وعليٌّ بن أبي طالب وصيّي أفضل الاَوصياء»؟قالوا: اللّهمّ: نعم.

قال: فأنشدكم اللّه عزّ وجلّ أتعلمون حيث نزلت "يا أيّها الّذين آمنوا أطيعوا اللّه وأطيعوا الرسول وأُولي الاَمر منكم"(3)وحيث نزلت "إنّما وليّكم اللّه ورسوله والّذين آمنوا الّذين يقيمون الصلوة ويوَتون الزكوة وهم راكعون" (4) وحيث نزلت "ولم يتّخذوا من دون اللّه ولا رسوله ولا الموَمنين وليجة" (5)قال الناس: يا رسول اللّه أهذه خاصّة في بعض الموَمنين أم عامّة لجميعهم؟ فأمر اللّه عزَّ وجلَّ نبيّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ أن يعلمهم ولاة أمرهم وأن يفسّـر لهم من الولاية ما فسّـر لهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجّهم فنصبني للناس بغدير خمٍّ، ثمَّ خطب فقال: «أيّها الناس إنَّ اللّه عزَّ وجلَّ أرسلني برسالة ضاق بها صدري وظننت أنَّ النّاس مكذِّبي، فأوعدني لاَُبلّغنّها أو ليعذِّبني، ثمَّ أمر فنودي الصلاة جامعة، ثمّ خطب الناس فقال: أيّها النّاس أتعلمون أنَّ اللّه عزَّ وجلَّ مولاي وأنا مولى الموَمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال: قم يا عليٌّ فقمت، فقال: من كنت مولاه فعليٌّ مولاه اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه، فقام سلمان الفارسي ـ رضي اللّه عنه ـ فقال: يا رسول اللّه ولاوَه كماذا؟ فقال ـ عليه السلام ـ : ولاوَه كولائي(6)من كنت أولى به من نفسه فعليٌّ أولى به من نفسه، فأنزل اللّه تبارك وتعالى: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاِسلام ديناً" (7)فكبّر رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وقال: اللّه أكبر بتمام النعمة وكمال نبوَّتي ودين اللّه عزَّ وجلَّ وولاية


____________

(1) التوبة: 100.
(2) الواقعة: 10.
(3) النساء: 59.
(4) المائدة: 60.
(5) التوبة: 16.
(6) في بعض النسخ «والاه كماذا؟ فقال: والاه كولائي».
(7) المائدة: 3.


( 57 )
عليٍّ بعدي (1)فقام أبو بكر وعمر فقالا: يا رسول اللّه هذه الآيات خاصّة لعليٍّ؟ قال: بلى فيه وفي أوصيائي إلى يوم القيامة، قالا: يا رسول اللّه بيّنهم لنا، قال: عليٌّ أخي ووزيري ووارثي ووصيّي وخليفتي في أُمّتي ووليُّ كلِّ موَمنٍ بعدي، ثمَّ ابني الحسن، ثمَّ ابني الحسين، ثمَّ تسعة من ولد الحسين واحد بعد واحد، القرآن معهم وهم مع القرآن لا يفارقونه ولا يفارقهم حتّى يردوا عليَّ حوضي»؟ فقالوا كلّهم: اللّهمَّ نعم قد سمعنا ذلك كلّه وشهدنا كما قلت سواء، وقال بعضهم: قد حفظنا جلّ ما قلت، ولم نحفظه كلّه وهوَلاء الذين حفظوا أخيارنا وأفاضلنا، فقال عليُّ ـ عليه السلام ـ : صدقتم ليس كلُّ الناس يستوون في الحفظ، أُنشدكم اللّه من حفظ ذلك من رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ لما قام وأخبر به؟ فقام زيد بن أرقم والبراء بن عازب وسلمان وأبو ذرٍّ والمقداد وعمّـار بن ياسر ـ رضي اللّه عنهم ـ فقالوا: نشهد لقد حفظنا قول رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وهو قائم على المنبر وأنت إلى جنبه وهو يقول: «أيّها الناس إنَّ اللّه أمرني أن أنصب لكم إمامكم والقائم فيكم بعدي ووصيّي وخليفتي والذي فرض اللّه عزَّ وجلَّ على الموَمنين في كتابه طاعته فقرنه بطاعته وطاعتي، فأمركم بولايتي وولايته فإنّي راجعت ربّي عزَّ وجلَّ خشية طعن أهل النفاق وتكذيبهم فأوعدني ربّي لاَُبلّغنّها أو ليعذِّبني، أيّها الناس إنَّ اللّه عزَّ وجلَّ أمركم في كتابه بالصلاة فقد بيّنتها لكم وبالزكاة والصوم والحجّ فبيّنتها لكم وفسّـرتها لكم وأمركم بالولاية وإنّي أُشهدكم أنّها لهذا خاصّة ـ ووضع يده على كتف علي بن أبي طالب ـ ثمَّ لابنيه من بعده، ثمَّ للاَوصياء من بعدهم من ولدهم لا يفارقون القرآن ولا يفارقهم القرآن حتّى يردوا عليَّ حوضي، أيّها الناس قد بيّنت لكم مفزعكم (2)بعدي وإمامكم ودليلكم وهاديكم وهو أخي عليُّ بن أبي طالب وهو فيكم بمنزلتي فيكم فقلّدوه دينكم وأطيعوه في جميع أُموركم فإنَّ عنده جميع ما علّمني اللّه تبارك وتعالى وحكمته فسلوه وتعلّموا منه ومن أوصيائه بعده، ولا تعلّموهم ولا تتقدّموهم ولا تخلّفوا عنهم فإنّهم مع الحقِّ والحقُّ معهم لا يزايلونه ولا يزايلهم» ثمَّ جلسوا.


____________

(1) في بعض النسخ «تمام نبوّتي وتمام ديني دين اللّه عزَّ وجل وولاية علي بعدي».
(2) المفزع: الملجأ.


( 58 )

فقال سليم: ثمَّ قال _ عليه السلام _ : أيّها النّاس أتعلمون أنَّ اللّه عزَّ وجلَّ أنزل في كتابه: "إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرِّجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً" (1) فجمعني وفاطمة وابنيَّ حسناً وحسيناً ثم ألقى علينا كساء، وقال: «اللّهمَّ إنَّ هوَلاء أهل بيتي ولحمتي، يوَلمني ما يوَلمهم ويجرحني ما يجرحهم، فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً» فقالت أُمّ سلمة: وأنا يا رسول اللّه؟ فقال: أنت على خير، إنّما أُنزلت فيَّ وفي أخي [عليٍّ] وفي ابنيَّ الحسن والحسين وفي تسعة من ولد ابني الحسين خاصّة، ليس معنا فيها أحدٌ غيرنا»؟ فقالوا كلّهم: نشهد أنَّ أُمَّ سلمة حدَّثتنا بذلك فسألنا رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ فحدَّثنا كما حدَّثتنا أُمُّ سلمة ـ رضي اللّه عنهاـ .

ثمَّ قال علي _ عليه السلام _ : أُنشدكم اللّه أتعلمون أنَّ اللّه عزَّ وجلَّ لما أنزل في كتابه: "يا أيُّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وكونوا مع الصادقين" (2)فقال سلمان: يا رسول اللّه عامّة هذه أم خاصّة؟ فقال _ عليه السلام _ :«أمّا المأمورون فعامّة الموَمنين أُمروا بذلك، وأمّا الصادقون فخاصّة لاَخي عليٍّ وأوصيائي من بعده إلى يوم القيامة»؟ قالوا: اللّهمّ نعم، قال: أُنشدكم اللّه أتعلمون أنّي قلت لرسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ في غزوة تبوك: لِمَ خَلّفتني مع الصبيان والنساء؟ فقال: «إنّ المدينة لا تصلح إلاّ بي أو بك وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيَّ بعدي»؟ قالوا: اللّهم نعم، قال: أُنشدكم اللّه أتعلمون أنَّ اللّه عزَّ وجلَّ أنزل في سورة الحجِّ "يا أيُّها الّذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربّكم وافعلوا الخير لعلّكم تفلحون ـ إلى آخر السورة" (3)فقام سلمان فقال: يا رسول اللّه مَن هوَلاء الذين أنت عليهم شهيد وهم شهداء على الناس الذين اجتباهم اللّه ولم يجعل عليهم في الدين من حرج ملّة أبيكم إبراهيم؟ قال _ عليه السلام _ : عنى بذلك ثلاثة عشر رجلاً خاصّة دون هذه الاَُمّة، قال سلمان: بيِّنهم لي يا رسول اللّه، قال: «أنا وأخي عليٌّ وأحد عشر من


____________

(1) الاَحزاب: 33.
(2) التوبة: 119.
(3) الحج: 77.


( 59 )
ولدي» ؟ قالوا: اللّهمّ نعم.

قال: أُنشدكم اللّه أتعلمون أنَّ رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ قام خطيباً لم يخطب بعد ذلك فقال: «أيّها النّاس إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي فتمسّكوا بهما لئلاّ تضلّوا(1)فإنَّ اللطيف الخبير أخبرني وعهد إليَّ أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض» فقام عمر بن الخطاب وهو شبه المغضب فقال: يا رسول اللّه أكلُّ أهل بيتك؟ فقال: «لا ولكن أوصيائي منهم أوَّلهم أخي ووزيري ووارثي وخليفتي في أُمّتي ووليُّ كلِّ موَمنٍ من بعدي، هو أوَّلهم، ثمَّ ابني الحسن، ثمَّ ابني الحسين، ثمَّ تسعة من ولد الحسين واحد بعد واحد حتّى يردوا عليَّ الحوض، شهداء اللّه في أرضه وحججه على خلقه وخزَّان علمه ومعادن حكمته من أطاعهم أطاع اللّه، ومن عصاهم عصى اللّه عزَّ وجلَّ»؟ فقالوا كلّهم: نشهد أنّ رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ قال ذلك، ثمّ تمادى بعليٍّ ـ عليه السلام ـ السوَال فما ترك شيئاً إلاّ ناشدهم اللّه فيه وسألهم عنه حتّى أتى على آخر مناقبه وما قال له رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ ، كلُّ ذلك يصدِّقونه ويشهدون أنّه حقٌّ (2).

3ـ حدَّثنا ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن الحرث بن يزيد قال: سمعت عبد اللّه ابن زرير الغافقي يقول: سمعت عليّاً ـ رضي اللّه عنه ـ يقول:

«أَلْفِتَنُ أَرْبَعُ: فِتْنَةُ السَّـرَّاءِ، وَفِتْنَةُ الضَّـرَّاءِ، وَفِتْنَةُ كَذا ـ فذكر مَعْدنَ الذَّهَبِ ـ ثْمَّ يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ عِتْـرَةِ النَّبيِّ _ صلى الله عليه وآله وسلم _ يُصْلِحُ اللّهُ عَلَـى يَدَيْهِ أَمْرَهُمْ» (3).


____________

(1) في بعض النسخ «لن تضلّوا» وفي بعض نسخ الحديث «لا تضلّوا».
(2) كمال الدين: 1|274 ـ 279، الباب الرابع والعشرون، الاحتجاج: 1|210، فرائد السمطين، اثبات الهداة: 2|389.
(3) ابن حمّاد: 9ـ 10، ملاحم ابن طاووس: 22 ـ عن ابن حمّاد بتفاوت يسير، وفي سنده: ابن وهيب، ابن رزين، برهان المتَّقي: 111ـ عن عرف السيوطي، الحاوي، عقد الدرر: 57 ـ عن ابن حمّاد، جمع الجوامع 2|30 ـ عن نعيم، وقال: وسنده صحيح على شرط مسلم، عرف السيوطي، الحاوي: 2|67 ـ عن ابن حمّاد، وقال: بسند صحيح على شرط مسلم.


( 60 )

4ـ محمّد بن عيسى، عن عبد اللّه بن ميمون القداح، عن جعفر، عن أبيه قال: «قال عليُّ بن أبي طالب _ عليه السلام _ : «مِنّا سَبْعَةٌ خَلَقَهُمْ اللّهْ عَزَّ وَجَلَّ لَـمْ يَخلُقْ في الاَرضِ مِثْلَهُمْ: مِنّا رَسُولُ اللّهِ _ صلى الله عليه وآله وسلم _ سَيّد الاَوَّلين والآخِرينَ وَخَاتِمُ النَّبيِّينَ، وَوَصيُّهُ خَيْـرُ الوَصيِّينَ، وَسِبْطاهُ خَيْـرُ الاَسْبَاطِ حَسَناً وَحُسَيْناً، وَسَيّدُ الشُّهداءِ حَمْزَةُ عَمُّهُ، وَمَن قَدْ طافَ (1)مَعَ المَلائِكَةِ جَعْفَرٌ، وَالقائِمُ» (2).

5ـ وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى قال: حدّثنا محمد بن جرير الطبري قال: حدّثنا عيسى بن عبد الرحمان قال: أخبرنا الحسن بن الحسين العرني قال: حدَّثنا يحيى بن يعلى الاَسلمي وعلي بن القاسم الكندي ويحيى بن المساور، عن علي بن المساور، عن علي بن الجزور، عن الاَصبغ بن نباتة، قال: كُنّا مع علي بالبصرة، وهو على بغلة رسول اللّه، وقد اجتمع هو وأصحاب محمد فقال:

«ألا أُخبِرُكُمْ بِأَفْضَلِ خَلقِ اللّهِ عِنْدَ اللّه يَومَ يَجمَعُ الرُّسُلَ»؟ قُلنا: بَلى يا أميرَ الموَمنين، قال: «أفضَلَ الرُّسُلِ مُحَمَّدٌ، وإنَّ أفضَلَ الخَلقِ بَعْدَهُمْ الاَوصياءُ، وأفضَلَ الاَوصياءِ أنا، وأفضَلَ الناس بعدَ الرُّسُلِ والاَوصياء الاَسباطُ، وانّ خيْـر الاَسباط سبطا نبيّكُم ـ يعني الحسن والحسين ـ وإنَّ أفضلَ الخلق بعد الاَسباط الشهداءُ، وانَّ أفضَلَ الشهداء حمزةُ بن عبدِ المطَّلبِ، قال ذلك النبيُّ، وجعفرُ بن أبي طالبٍ ذو الجناحَين، مُخَضَّبانِ، بكرامةٍ خَصَّ اللّهُ عَزَّ وجَلَّ بها نَبيَّكُمْ، والمهديُّ مِنّا في آخِر الزمان لم يكُنْ في أُمّةٍ من الاَُمم مهديٌّ ينتَظَرُ غيْـرَهُ» (3).


____________

(1) في نسخة: من طار.
(2) قرب الاِسناد: 13ـ14، منتخب الاَثر: 173 ـ عن قرب الاِسناد، البحار: 22|275 ـ عن قرب الاِسناد، وفيه: «طَارَ بدل طَافَ».
(3) دلائل الاِمامة: 256، منتخب الاَثر: 171 ـ آخره ـ عن دلائل الاِمامة، إثبات الهداة: 3|574 ـ آخره ـ كما في دلائل الاِمامة، عن مناقب فاطمة وولدها، تفسير فرات الكوفي: 30.


( 61 )

6ـ محمَّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّدٍ، عن ابن فضّال، عن الحسين بن علوان الكلبي، عن علي بن الحزوَّر الغنويّ، عن أصبغ بن نباتة الحنظلي قال: رأيتُ أمير الموَمنين _ عليه السلام _ يوم افتتح البصرة وركب بغلة رسول اللّه صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم .

[ثمَّ] قال: «أيُّها الناس ! ألا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْـرِ الخَلْقِ يَوْمَ يَجْمَعَهُمُ اللّهُ» ؟فَقامَ إِلَيهِ أَبو أَيُّوب الاَنصاريّ، فقال: بلى، يا أمير الموَمنين، حَدِّثنا فإِنّكَ كُنْتَ تَشْهَدُ وَتَغيبُ، فقالَ: «إِنَّ خَيْـرَ الخَلْقِ يَوْمَ يَجْمَعَهُمُ اللّهُ سَبْعَةٌ مِنْ وُلْدِ عَبْدِ المُطَّلِبِ لا يُنْكِرُ فَضْلَهُمْ إلاّ كَافِرٌ ولا يَجْحَدُ بِهِ إلاّ جاحِدٌ»، فَقامَ عَمَّـارُ بن ياسرِ ـ رَحِمَهُ اللّهُ ـ فقالَ: يا أميرَ الموَمنين سَمِّهِم لَنا لِنَعْرِفَهُمْ فقال: «إنّ خَيْـرَ الخَلْقِ يَومَ يَجْمَعَهُمُ اللّهُ الرُّسُلُ، وإِنَّ أَفْضَلَ الرُّسُلِ مُحَمَّدُ _ صلى الله عليه وآله وسلم _ ، وإنَّ أَفضَلَ كُلِّ أُمّةٍ بَعْدَ نَبيّها وَصيُّ نَبيّها، حَتّى يُدْرِكَهُ نَبِيٌّ، ألا وَإِنَّ أَفضَلَ الاَوصياءِ وَصِيُّ مُحَمّدٍ (عليْهِ وآلِهِ السَّلام)، ألا وَإِنَّ أفْضَلَ الخَلْقِ بَعْدَ الاَوصياءِ الشُّهداءِ، ألا وإنَّ أفضَلَ الشُّهداءِ حَمْزةُ بن عبْدِ المُطَّلب وَجَعْفَرُ بن أبي طالبٍ، لَهُ جناحانِ خَضيبان يَطيرُ بِهِما في الجَنَّةِ، لَمْ يُنْحلْ أَحْدٌ مِنْ هذه الاَُمّة جَناحان غَيرُهُ، شيءٌ كَرَّمَ اللّهُ بِهِ مُحَمَّداً صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم وَشَرَّفَهُ والسّبطانِ الحَسَنُ والحُسَينُ والمهديُّ _ عليهم السلام _ يَجْعَلُهُ اللّهُ مَنْ شاءَ مِنّا أهْلَ البيتِ. ثُمَّ تلا هذه الآية: "وَمَنْ يُطِعِ اللّهَ والرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ والصِّديقينَ والشُّهَداءِ والصَّالحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفيقاً ذَلِكَ الفَضْلُ مِنَ اللّهِ وكَفْى بِاللّهِ عَليماً" (1).

7ـ ثُمَّ رَكَبَ وَمرَّ بِهم وَهُمْ صَـرْعَى، فقال: «لَقَدْ صَـرَعَكُمْ مَنْ غَرَّكُمْ».

قيلَ: وَمَن غَرَّهُمْ؟

قالَ: «الشَّيطانُ وَأنْفُسُ السُّوءِ».

فَقَالَ أَصْحابُهُ: قَدْ قَطَعَ اللّهُ دَابِرَهُمْ إلى آخِرِ الدَّهْرِ.

فَقالَ: «كَلاَّ، والَّذِي نَفْسي بيَدِهِ، وَإِنَّهُمْ لَفي أَصْلابِ الرِّجالِ وَأَرْحَامِ النِسّاءِ،


____________

(1) أُصول الكافي: 1|342.


( 62 )
لاتَخْرجَ خَارِجَةٌ إلاَّ خَرَجَتْ بَعْدَهَا مِثْلُها، حَتَّى تَخْرُجَ خَارِجَةٌ بيْـنَ الفُراتِ وَدِجْلَةَ مَعَ رَجِلٍ يُقالُ لَهُ الاََشْمَط (1) يَخْرُجُ إليْهِ رَجُلٌ مِنّا أَهلَ البَيْتِ فَيَقْتلُهُ، وَلا تَخْرُجُ بَعْدَهَا خَارِجَةٌ إلى يَوْمِ القِيامةِ»(2).

8ـ فهذا ما روي عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أمير الموَمنين علي بن أبي طالب (كرّم اللّه وجهه):

«إِنَّ اللّهَ حينَ شاءَ تقدير الخليقَة وَذَرأَ البَريّة وإبْداع المُبْدَعاتِ نَصب الخلق في صُورٍ كالهباء قبلَ دَحْوِ الاََرْضِ وَرَفْعِ السَّماءِ وَهُوَ في انفرادِ مَلَكوتِهِ وَتَوحّدِ جَبَـروتِهِ فَأتاحَ (فأساح) نوراً من نورِه فَلَمعَ، وَ [نَزَعَ] قَبَسَاً مِنْ ضِيائِهِ فَسَطَعَ، ثُمَّ اجْتَمَعَ النُّور في وَسَطِ تِلْكَ الصُوَرُ الخَفْيَّةَ فوافَقَ ذلِكَ صُورةَ نَبيِّنا مُحَمَّد صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم فَقَالَ اللّهُ عَزَّ مِنْ قائل أنْتَ المُختْارُ المُنْتَخَبُ وَعِنْدَكَ مُسْتَودِعُ نوري وَكُنوزُ هِدايتي مِنْ أَجْلِكَ أَسْطَحُ البَطْحاءَ وَأَمْرُجُ الماءَ وَأَرْفَعُ السَّماءَ وأَجْعَلُ الثَّوابَ والعِقابَ والجِّنَةَ والنارَ وأنْصِبُ أَهْلَ بَيْتِكَ لِلْهِدايَةِ وَأوَيْتُهُمْ مِن مكنونِ عِلْمي ما لا يَشْكِلُ عَلَيْهِم دَقيقٌ ولا يُعييهِمْ خَفيٌّ وَأَجْعَلُهُمْ حُجّتي عَلَـى بَرِيَتّي والمنبِّهيـنَ عَلَى قُدرَتي وَوَحْدانيّتي ثُمّ أَخَذَ اللّهُ الشَّهادَةَ عَلَيْهِم بِالرّبُوبيّةِ والاخْلاصِ بِالوَحْدانيّةِ فَبْعدَ أخْذِ ما أَخَذَ مِنْ ذلِكَ شابَ بِبَصائِر الخَلْقِ انْتَخَبَ مُحَمَّداً وَآلَهُ (فَقَبْلَ أخْذِ ما أخَذَ جَلّ شَأنُه بِبَصائِر الخَلْقِ اِنْتَخَبَ مُحَمَّدَاً وآلَهُ) وَأَراهُمُ أَنَّ الهِدايةَ مَعَهُ والنّورَ لَهُ والاِمامَةَ في آلِه، تَقْديماً لِسِنّةِ العَدْلِ وَليَكوُن الاعْذارُ مُتَقدِّماً ثُمَّ أَخْفى اللّهُ الخَليْقَةَ في غَيْبِهِ وَغَيّبها في مَكنون عِلْمِهِ ثُمّ نَصَبَ العَوامِلَ وبَسطَ الزَّمانَ وَمَرَجَ الماءَ وَأَثارَ الزِّبدَ وأَهاجَ الدُخانَ فَطفا عَرْشُهُ عَلى الماء فَسطَحَ الاَرضَ عَلَى ظَهْرِ الماءَ [وَأَخرَجَ مِنَ الماءِ دُخاناً فَجَعَلَهُ السَّماءَ] ثُمَّ اسْتَجْلَبَها إلى الطّاعةِ فَأَذْعَنَتا بِالاسْتِجابةِ، ثُمَّ انْشأ اللّهُ الملائِكَةَ مِنْ أنْوارٍ ابدَعَهَا وَأَرْواحٍ اِخْتَرَعَها وَقَرَنَ بِتَوحْيدِهِ نُبّوةَ مُحَمَّدٍ _ صلى الله عليه وآله وسلم _ فُشَهِدَتْ في السَّماءِ قَبلَ


____________

(1) الاَشمط: مَنْ خالطَ بياضُ رأسه سواد، وقد تقال للطويل.
(2) مروج الذهب: 2|418، مرسلاً عن أمير الموَمنين.


( 63 )
بِعثَتِه في الاَرْضِ فَلَمّـا خَلَقَ أبانَ فَضْلَهُ للِملائِكَةِ وَأَرَاهُمْ ما خَصّهُ بِهِ مِنْ سابِقِ العِلم مِنْ حَيْثُ عَرَّفَهُ عنْدَ اسْتِنْبائِهِ إِيّاهُ أَسْماءَ الاَشياءِ فَجَعَلَ اللّهُ آدَمَ مِحْراباً وَكْعبَةً وَباباً وَقِبْلَةً أسْجَدَ إليْها الاَبْرارَ والرُّوحانيينَ الاَنوارَ ثُمَّ نَبّهَ آدَمَ عَلَى مُسْتَودِعِهِ، وَكَشَفَ لَهُ [عَنْ] خَطَرِ ما ائتَمَنَهُ عَلَيْهِ بَعْدَ ما سَمّـاهُ إماماً عِنْدَ الملائِكَةِ، فَكانَ حَظّ آدَم مِنْ الخير ما آراهُ مِنْ مُسْتَودعِ نُورِنا وَلَمْ يَزَل اللّه تعالى يُخبّىَ النورَ تحْتَ الزمانِ إلى أنْ فَضّلَ مُحَمَّداً _ صلى الله عليه وآله وسلم _ في ظاهِر الفَتَراتِ فَدَعا الناسَ ظاهِراً وَباطِناً وَنَدَبَهُم سِـرّاً وإعْلاناً،وَاسْتَدعى عَلَيهِ السَلامْ التَنبيهَ على العَهدِ الذي قَدّمَه الى الذرّ قَبْل النسْلِ فَمَنْ وافَقهُ وَقَبسَ مِنْ مِصْباح النورِ المُقدّمَ اهْتَدى إلى سِـرّهِ وَاسْتَبانَ واضِحَ أَمْرِهِ وَمَنْ أبلَسَتهُ الغَفْلَةُ اسْتَحَقَ السُخطَ، ثُمَّ انتقَلَ النورُ إلى غَرائِزُنَا وَلَمَعَ في أئِمتنا فَنَحْنُ أَنُوارُ السَّماءِ وأَنوارُ الاَرْضِ فَبِنَا النجاءُ وَمِنّا مَكنونُ العِلْمِ وَإِلَينا مَصيرُ الاَُمُور وَبِمَهْدِّينا تنقطِعُ الحُجَجِ، خاتِمَة الاَئمّةِ وَمُنْقِذُ الاَُمّةِ، وَغايَةِ النّورِ وَمَصْدَرِ الاَُمُورِ فَنَحْنُ أَفْضُل المَخْلُوقِينَ وَأَشْـرَفِ المُوحّدينَ وَحُجَجِ رَبُّ العالمينَ فَلْيَهْنَأ بِالنِعْمَةِ مَنْ تَمَسّكَ بِولايتنا وَقَبَضَ عَلَـى عُرْوتِنا» (1).

9ـ حدّثنا ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن الحرث بن يزيد، عن ابن زرين الغافقي، سمع عليّاً (رضي اللّه عنه) يقول: «هو من عترة النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _(2).


____________

(1) مروج الذهب: 1|32 ـ 33، البحار: 57|212ـ214، عن مروج الذهب بتفاوت، تذكرة الخواص: 128ـ 130ـ أخبرنا أبو طاهر الخزيمي، أنبأنا أبو عبد اللّه الحسين بن علي، أنبأنا عبد اللّه بن عطاء الهروي، أنبأنا عبد الرحمان بن عبيد الثقفي، أنبأنا الحسين بن محمّد الدينوري، أنبأنا عبد اللّه بن إبراهيم الجرجاني، أنبأنا محمد بن علي بن الحسين العلوي، أنبأنا أحمد بن عبد اللّه الهاشمي، حدّثنا الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي _ عليهم السلام _ قال: خطب أمير الموَمنين يوماً بجامع الكوفة خطبة بليغة في مدح رسولاللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ فقال: وفيه «وَبِمَهْديِّنا تُقْطعُ الحُجَجُ، فَهُوَ خاتِمُ الاَئمّة ... وَغامِضُ السِّـرِّ، فَلْيهنَمَن اسْتَمْسَكَ بِعُرْوَتِنا وَحُشِـرَ عَلَـى مَحَبَّتِنا»، منتخب الاَثر: 147 ـ بعضه، عن تذكرة الخواص.
(2) فتن ابن حمّاد: 103، ملاحم ابن طاووس: 164، وفيه: «هُوَ رَجُلٌ».


( 64 )

10ـ عن علي قال: «ستكونُ فتنةٌ يحصلُ الناسُ منها كما يحصلُ الذهب في المعدن، فلا تَسبّوا أهل الشام وسبّوا ظلمتَهم، فإنَ فيهم الاَبدالَ، وسيرسلُ اللّه سيباً من السماء فيفرقهم حتى لو قاتلهم الثعالبُ غلبتهم، ثم يبعثُ اللّه عند ذلك رجلاً من عترةِ الرسولِ في اثني عشر ألفاً إن قَلّوا، وخمسة عشر ألفاً إن كثُروا، أمارتُهم ـ أي علامتهم ـ : «أمت أمت» على ثلاثِ راياتٍ تقاتلهم أهلُ سَبعِ راياتٍ، ليس من صاحب رايةٍ إلاّ وهو يطمع بالملكِ، فيقتُلون ويهزمون، ثمْ يظهرُ الهاشمي فيردُ اللّهُ إلى الناس ألفتهم ونعمتهم، فيكونُ حتى يخرج الدجّالُ» (1).

11ـ عن علي أنّه قال للنبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ : «أَمِنّا آل محمّد المهديُّ أم من غيرنا يا رسول اللّه؟» قال: «بَلْ منّا، يَخْتِمُ اللّهُ بهِِ كما فتحَ بنّا ربُّنا، يُستنقذون من الفتنة كما أُنقِذوا من الشرك، وبنا يُوَلف اللّهُ بينَ قلوبهم بعد عداوة الشرك، وبنا يصبحون بعد عداوة الفتنة إخواناً كما أصبحوا بعد عداوةِ الشركِ إِخواناً في دينهم»، قال علي: «أموَمنون أم كافرون؟»، قال: «مفتونٌ وكافرٌ» (2).


____________

(1) كنز العمال: 14|598 حديث (39681).
(2) المصدر نفسه: 14|598ـ 599 حديث (39682).