المناقب - الموفق الخوارزمي - ص 116 : -

الفصل العاشر في بيان زهده في الدنيا وقناعته منها باليسير

 126 - أخبرنا الإمام عين الأئمة أبو الحسن علي بن أحمد الكرباسي الخوارزمي رحمه الله ، حدثنا القاضي الإمام الأجل شمس القضاة جمال الدين أحمد بن عبد الرحمان بن إسحاق ، حدثنا الشيخ الفقيه أبو سهل محمد بن إبراهيم بن إسحاق ، أخبرنا القاضي الإمام أبو محمد عبد الله بن محمد بن الحسين الجعفي النهرواني ، حدثنا أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن خالد بن يعقوب الحميري ، حدثنا القاسم بن خليفة بن سوار ، حدثنا حماد بن سوار ، عن عيسى بن عبد الرحمان ، عن علي بن حزور ، عن أبي مريم قال : سمعت عمار بن ياسر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : يا علي ان الله تعالى زينك زينة لم يزين العباد بزينة هي أحب إليه منها : زهدك فيها وبغضها إليك وحبب إليك الفقراء ، فرضيت بهم اتباعا " ، ورضوا بك إماما " ، يا علي طوبى لمن أحبك وصدق بك ، وويل لمن أبغضك وكذب عليك ، اما من أحبك وصدق بك فإخوانك في دينك وشركاؤك في جنتك ، وإما من أبغضك وكذب عليك فحقيق على الله تعالى يوم القيامة ان يقيمه مقام الكذابين ( 1 ) .

 127 - وأنبأني مهذب الأئمة أبو المظفر عبد الملك بن علي بن محمد

  ( 1 ) نظيره في مناقب ابن المغازلي / 105 مع اختلاف حلية الأولياء 1 / 71 وأسد الغابة 4 / 23 كنز العمال 11 / 626 ذخائر العقبى / 100  . [ * ]   
 

- ص 117 -

الهمداني - نزيل بغداد - أخبرنا أبو بكر محمد بن علي الحاجي ، أخبرنا أبو بكر محمد بن علي بن محمد بن موسى المقري الخياط ، اخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن يوسف العلاف ، حدثنا أبو علي الحسين بن صفوان بن إسحاق بن إبراهيم البردعي ، حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا القرشي ، حدثنا الفضل بن سهل ، حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان ، عن الأجلح عن عبد الله بن أبي الهذيل قال : رأيت عليا عليه السلام وعليه قميص رازي ، إذا مده بلغ الظفر ، وإذا أرسله كان مع نصف الذراع ( 1 ) .

 128 - أخبرني شهاب الدين أبو النجيب سعد بن عبد الله الهمداني - المعروف بالمروزي فيما كتب إلي من همدان - أخبرنا الحافظ أبو علي الحسن ابن أحمد بن الحسن - الحداد باصفهان فيما أذن لي في الرواية عنه - أخبرنا الشيخ الأديب أبو يعلى عبد الرزاق بن عمر بن إبراهيم الطهراني - سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة - أخبرنا الأمام الحافظ طراز المحدثين أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه قال أبو النجيب سعد بن عبد الله الهمداني - المعروف بالمروزي - وأخبرنا بهذا الحديث عاليا " الإمام الحافظ سليمان بن إبراهيم الاصبهاني - في كتابه إلي من اصبهان سنة ثمان وثمانين وأربعمائة - عن أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه ، حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، حدثنا الحسن بن محمد ، حدثنا أبو زرعة ، حدثنا إسماعيل بن موسى ، حدثنا أبو معاذ صالح بن ميثم ، عن الحارث بن حصيرة قال : قال عمر بن عبد العزيز : ما علمنا أن أحدا " كان في هذه الأمة بعد النبي صلى الله عليه وآله أزهد من علي بن أبي طالب عليه السلام ( 2 ) .

 129 - وأخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي

  ( 1 ) الغارات لأبي إسحاق الثقفي 1 / 96 - ذخائر العقبى / 101 انساب الأشراف 2 / 128 .
( 2 ) الكامل في التاريخ 3 / 201 - تاريخ مدينة دمشق ترجمة الإمام علي عليه السلام 3 / 252 مع اختلاف يسير
. [ * ] 
 
 

- ص 118 -

الخوارزمي ، أخبرنا القاضي الإمام شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنا والدي أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أخبرنا أبو عمرو بن السماك ، حدثنا سهيل بن إسحاق ، قال : قال أبو نعيم : وسمعت سفيان يقول : إذا جاءك عن علي عليه السلام شئ اثبت لك فخذ به ، ما بنى لبنة على لبنة ولا قصبة على قصبة ولقد كان يجاء بحبويه ( 1 ) في جراب من المدينة ( 2 ) .

 130 - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو بكر بن أبي نصر الداربردي بمرو ، حدثنا موسى بن يوسف ، حدثنا الحسين بن عيسى بن ميسرة ، حدثنا عبد الرحمان بن مغرا ( 3 ) حدثنا أبو سعيد البقال ، عن عمران بن مسلم ، عن سويد بن غفلة ( 4 ) قال : دخلت على علي عليه السلام القصر ( 5 ) فوجدته جالسا وبين يديه صحفة فيها لبن حازر أجد ريحه من شدة حموضته ، وفي يديه رغيف ، أرى قشار الشعير في وجهه ، وهو يكسر بيده أحيانا " ، فإذا غلبه كسره بركبته وطرحه فيه ، فقال : اذن فاصب من طعامنا هذا ، قلت : اني صائم ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : من منعه الصيام من طعام يشتهيه ، كان حقا " على الله أن يطعمه من طعام الجنة ويسقيه من شرابها ، قال فقلت لجاريته وهي قائمة بقرب منه : ويحك يا فضة ألا تتقين الله في هذا الشيخ ، ألا تنخلون له طعاما " مما أرى فيه من النخالة ، فقالت : لقد تقدم إلينا ان لا ننخل له طعاما " ، قال ما قلت لها فأخبرته قال : بأبي وأمي من لم ينخل له

  ( 1 ) الحبوة : العطية .
( 2 ) أسد الغابة 4 / 24 - الكامل في التاريخ 3 / 160 - وروى نظيره أحمد في فضائل الصحابة 1 / 536 .
( 3 ) هو أبو زهير عبد الرحمان بن مغرا الكوفي انظر الجرح والتعديل لابن أبي حاتم وميزان الاعتدال .
( 4 ) يظهر من نفس الرواية انه كان من خصيصي أمير المؤمنين والمقربين عنده بحيث كان يدخل عليه ويعاتب جاريته .
( 5 ) وفي بعض الكتب " الكوفة " بدل " القصر
" . [ * ] 
 
 

- ص 119 -

طعام ولم يشبع من خبز البر ثلاثة أيام حتى قبضه الله عزوجل ( 1 ) قال " رض " الحازر اللبن الحامض جدا " ، وفي المثل عدى القارص فحزر ( 2 ) أي جاوز القارص حده ، فحذف المفعول يضرب في تفاقم الأمر لأن القارص يحذي اللسان والحازر فوقه . قال العجاج : يا عمر بن معمر لا منتظر * بعد الذي عدا القروص فحزر من أمر قوم خالفوا هذا البشر أراد حروريا " جاوز قدره .

 131 - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن محمود الاصبهاني ، أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد ابن حشنش الاصبهاني ، أخبرني الحسن بن محمد الدباركي ( 3 ) ، حدثنا أبو زرعة ، حدثنا يحيى بن سليمان ، حدثنا أسباط - يعني ابن محمد - حدثنا عمرو بن قيس الملائي ، عن عدي بن ثابت قال : أتى علي بن أبي طالب عليه السلام بفالوذج فأبى أن يأكل منه وقال : شئ لم يأكل منه رسول الله صلى الله عليه وآله لا أحب أن آكل منه ( 4 ) .

 132 - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرني أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أخبرنا أبو عبد الله بن يعقوب ، حدثنا محمد بن عبد الوهاب ، أخبرنا جعفر بن عون ، أخبرنا مسعر ، عن عثمان بن المغيرة ، عن علي بن

  ( 1 ) الغارات لابي اسحاق الثقفي 1 / 86 ورواه الجويني أيضا في فرائد السمطين 1 / 352 .
( 2 ) انظر لسان العرب ويستفاد منه : ان القارص هو اللبن الذي يحذي اللسان ( أي يولمه ويؤذيه ) فيفهم منه شدة حموضة الحازر وهو فوق القارص .
( 3 ) لعله الداركي انظر سير أعلام النبلاء .
( 4 ) حلية الأولياء لأبي نعيم 1 / 81 - الغارات لأبي إسحاق الثقفي 1 / 88 ورواه أحمد في فضائل الصحابة 1 / 536
 . [ * ] 
 
 

- ص 120 -

ربيعة قال : رأيت عليا " يتزر فرأيت عليه تبانا " ( 1 ) . قال رضي الله عنه : التبان سراويل الملاح ، وهو سراويل قصيرة صغيرة ، وتبنه : ألبسه إياه .

 133 - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا العباس بن محمد ، حدثنا يحيى بن معين ، حدثنا القاسم بن مالك ، عن ليث ، عن معاوية ، عن رجل من بني كاهل ( 2 ) قال : رأيت على علي تبانا وقال : نعم الثوب ما أستره للعورة واكفه للأذى ( 3 ) .

 134 - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله ، حدثنا أبو العباس ، حدثنا يحيى ، حدثنا القاسم بن مالك ، عن إسماعيل بن سميع ، عن أبي رزين قال : إن أفضل ثوب رأيته على علي القميص من قهز ، وبردين قطريين ( 4 ) . قال العباس : كل ثوب يضرب إلى السواد من ثياب اليمن يسمى قطريا . قال " رض " القهز : ضرب من الثياب يتخذ من صوف ، بفتح القاف ذكره في ديوان " الأدب المهذب " وقال الغوري : القهز بكسر القاف وهو ثياب بيض ، وقطر بلد ينسب إليه البرود ، قال أبو النجم : وهبطوا السند ( 5 ) بجنبي قطرا .

 135 - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو الحسين بن

  ( 1 ) انساب الأشراف 2 / 124 مع اختلاف يسير .
( 2 ) الكاهل : ابن أسد بن خزيمة أبو قبيلة من أسد وهم قتلة أبي امرئ القيس القاموس المحيط .
( 3 ) رواه أيضا الجويني في فرائد السمطين 1 / 353 وروى أحمد بن حنبل نظيره في فضائل الصحابة 2 / 710 .
( 4 ) الطبقات الكبرى لابن سعد 3 / 28 مع اختلاف يسير .
( 5 ) السند : المرتفع من الأرض ومعناه نزلوا بالمرتفعات في جانبي قطر - لسان العرب
. [ * ] 
 
 

- ص 121 -

الفضل ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا يعقوب بن سفيان ، حدثنا أبو بكر الحميدي ، حدثنا سفيان ، حدثنا أبو حيان ، عن مجمع التميمي قال : خرج علي بن أبي طالب عليه السلام بسيفه إلى السوق ، فقال : من يشتري مني سيفي هذا ، فلو كان عندي أربعة دراهم اشتري بها إزارا " ما بعته ( 1 ) .

 136 - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي قالا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا العباس بن محمد ، حدثنا محمد بن عبيد ، حدثنا المختار - وهو ابن نافع - عن أبي مطر قال : خرجت من المسجد فإذا رجل ينادي من خلفي : ارفع ازارك فانه أبقى لثوبك واتقى لك ، وخذ من رأسك إن كنت مسلما ، فمشيت خلفه وهو متزر بإزار مرتد برداء ، معه الدرة كأنه أعرابي بدوي ، فقلت : من هذا ؟ فقال لي رجل : أراك غريبا " بهذا البلد ، قلت : أجل رجل من أهل البصرة ، قال : هذا علي أمير المؤمنين عليه السلام [ فسار ] حتى انتهى إلى دار بتي أبي معيط ( 2 ) وهو سوق الإبل ، فقال : بيعوا ولا تحلفوا ، فان اليمين تنفق السلعة وتمحق البركة ، ثم أتى أصحاب التمر ، فإذا خادمة تبكي ، فقال : ما يبكيك ؟ قالت : باعني هذا الرجل تمرا " بدرهم ، فرده مولاي وأبى ان يقبله ، فقال له : خذ تمرك وأعطها درهما فانها خادمة ليس لها أمر ، فدفعه فقلت : أتدري من هذا ؟ قال : لا ، قلت : هذا علي بن أبي طالب أمير المؤمنين فصب تمره وأعطاها درهمها ، وقال : يا مولاي ، أحب ان ترضى عني ، قال ما أرضاني عنك إذا أوفيتهم حقوقهم ، ثم مر مجتازا " بأصحاب التمر ، فقال : يا أصحاب التمر ، اطعموا المساكين فيربوا كسبكم ، ثم مر مجتازا " ومعه المسلمون حتى أتى أصحاب السمك ، فقال : لا يباع في سوقنا طافي ( 3 ) ثم أتى دار فرات

  ( 1 ) حلية الأولياء 1 / 83 ورواه أيضا " ابن حنبل في فضائل الصحابة 1 / 537 .
( 2 ) في [ ر ] : بني معيط .
( 3 ) الطافي : هو السمك الذي يموت في الماء ثم يعلو فوق وجهه - مجمع البحرين
. [ * ] 
 
 

- ص 122 -

وهو سوق الكرابيس فقال يا شيخ أحسن بيعي في قميصي بثلاثة دراهم ، فلما عرفه لم يشتر منه شيئا " ، ثم اتى آخر فلما عرفه لم يشتر منه شيئا " فأتى غلاما " حدثا فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم ، ولبسه ما بين الرسغين ( 1 ) إلى الكعبين ، فقال حين لبسه : الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما أتجمل به في الناس ، وأواري به عورتي ، فقيل له : يا أمير المؤمنين هذا شئ ترويه عن نفسك أو شئ سمعته عن رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قال : بل شئ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله يقوله عند الكسوة ، فجاء أبو الغلام صاحب الثوب فقيل : يا فلان قد باع ابنك اليوم من أمير المؤمنين قميصا " بثلاثة دراهم ، قال أفلا أخذت منه درهمين ؟ فاخذ أبوه درهما وجاء به إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو جالس على باب الرحبة ومعه المسلمون ، فقال : امسك هذا الدرهم يا أمير المؤمنين فقال : ما شأن هذا الدرهم ؟ قال كان ثمن القميص درهمين قال باعني برضاي وأخذه برضاه ( 2 ) .

 137 - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو الحسين ابن بشران ، أخبرنا الحسين بن صفوان ، حدثنا ابن أبي الدنيا ، حدثنا أحمد بن غانم الطويل ، حدثنا محمد بن الحجاج ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن قبيصة بن جابر قال : ما رأيت ازهد في الدنيا من علي بن أبي طالب عليه السلام ( 3 ) .

  ( 1 ) الرسغ من الإنسان : مفصل ما بين الساعد والكف والساق والقدم - مجمع البحرين .
( 2 ) رواه أبو إسحاق الثقفي في الغارات 1 / 104 باختصار - وروى أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة 1 / 528 وفي المسند 1 / 157 قطعة من الحديث - وأورده المتقى الهندي في كنز العمال 13 / 183 .
( 3 ) مقتل ابن أبي الدنيا ح 99
. [ * ] 
 
 
 

مكتبة الشبكة

الصفحة التالية

الصفحة السابقة

فهرس الكتاب