المناقب - الموفق الخوارزمي - ص 125 : -

الفصل الثاني عشر في بيان تورطه المهالك في الله تعالى
ورسوله صلى الله عليه وآله وشرى نفسه ابتغاء مرضاة الله تعالى وتقدس

 140 - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، أخبرنا أبي ، حدثنا يحيى بن حماد ، حدثنا أبو عوانة ، حدثنا أبو بلج ، حدثنا عمر بن ميمون قال : إني لجالس إلى ابن عباس ، إذ أتاه تسعة رهط فقالوا : يا بن عباس إما ان تقوم معنا ، وإما ان تخلو بنا من بين هؤلاء ، فقال ابن عباس : بل انا أقوم معكم قال - وهو يومئذ صحيح قبل ان يعمى - قال : فابتدوا فتحدثوا فلا ندري ما قالوا ، قال فجاء ينفض ثوبه ويقول : أف وتف ( 1 ) وقعوا في رجل له بضعة ( 2 ) عشرة فضائل ليست لأحد غيره : وقعوا في رجل قال له النبي صلى الله عليه وآله لابعثن رجلا " لا يخزيه الله أبدا " ، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، فاستشرف لها مستشرف فقال : أين علي ؟ قالوا : انه في الرحى يطحن قال : وما كان أحدكم ليطحن ؟ قال : فجاء وهو أرمد لا يكاد أن يبصر ، قال : فنفث في عينيه ثم هز الراية ثلاثا " ، فأعطاها إياه فجاء علي بصفية بنت حيي فقال ابن عباس : ثم بعث رسول الله صلى

  ( 1 ) أف وتف ، معناه : الاستقذار لما شم ، وقيل معناه : الاحتقار والاستقلال وهي صوت إذا صوت به الإنسان علم انه متضجر متكره - النهاية ولسان العرب .
( 2 ) هكذا في الاصلين والصحيح " بضع عشرة فضيلة " على قانون العدد - لسان العرب
. [ * ] 
 
 

- ص 126 -

الله عليه وآله أبا بكر بسورة التوبة فبعث عليا " عليه السلام خلفه واخذها منه ، وقال : لا يذهب بها إلا رجل هو مني وأنا منه ، قال ابن عباس وقال النبي صلى الله عليه وآله لبني عمه : أيكم يواليني في الدنيا والآخرة ؟ قال وعلى جالس معهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وأقبل على رجل رجل ( 1 ) منهم فقال : أيكم يواليني في الدنيا والآخرة ؟ فأبوا ، فقال لعلي : أنت وليي في الدنيا والآخرة .

قال ابن عباس : وكان علي عليه السلام أول من آمن من الناس بعد خديجة ، قال : وأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله ثوبه فوضعه على علي وفاطمة والحسن والحسين وقال : " إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا " ( 2 ) .

قال ابن عباس : وشرى نفسه فلبس ثوب النبي صلى الله عليه وآله ثم نام مكانه ، قال : وكان المشركون يرمون انه رسول الله صلى الله عليه وآله ، فجاء أبو بكر وعلي عليه السلام نائم وأبو بكر يحسب أنه رسول الله صلى الله عليه وآله قال : فقال له علي عليه السلام : ان نبي الله قد انطلق نحو بئر أم ميمون فأدركه قال فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار . قال : وجعل علي عليه السلام يرمي بالحجارة كما كان يرمي نبي الله صلى الله عليه وآله ، وهو يتضور ( 3 ) وقد لف رأسه في الثوب ، لا يخرجه حتى أصبح ، ثم كشف عن رأسه فقالوا : إنك لئيم ، وكان صاحبك لا يتضور ، ونحن نرميه وأنت تتضور وقد استنكرنا ذلك .

قال ابن عباس : وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله في غزوة تبوك وخرج الناس معه ، فقال له علي : أخرج معك ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وآله : لا ، فبكى علي فقال له : أما ترضى ان تكون مني بمنزلة هارون من

  ( 1 ) أي كل رجل منهم .    ( 2 ) الأحزاب 33 .    ( 3 ) التضور : التلوي والصياح من وجع الضرب - لسان العرب . [ * ]   
 

- ص 127 -

موسى إلا أنه ليس بعدي نبي ؟ أنه لا ينبغي أن أذهب الا وأنت خليفتي . قال ابن عباس ; وقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : أنت ولي كل مؤمن من بعدي ومؤمنة . قال ابن عباس : وسد رسول الله صلى الله عليه وآله أبواب المسجد غير باب علي فكان يدخل المسجد جنبا وهو طريقه وليس له طريق غيره . قال ابن عباس : قال رسول الله صلى الله عليه وآله من كنت مولاه فان مولاه علي .

قال ابن عباس : وقد اخبرنا الله عزوجل في القرآن انه رضي عن أصحاب الشجرة ( 1 ) فعلم ما في قلوبهم فهل اخبرنا الله انه يسخط عليهم بعد ذلك . قال ابن عباس : وقال نبي الله لعمر حين قال ائذن لي فاضرب عنقه - يعنى عنق حاطب قال : وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر ، فقال : اعملوا ما شئتم ( 2 )

 141 - وبهذا الاسناد عن احمد بن الحسين هذا ، اخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو أحمد بكر بن محمد بن حمدان بمرو ، وحدثنا عبيد بن قنفذ البزاز بالكوفة ، حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ، حدثنا قيس بن ربيع ، حدثنا حكيم بن جبير ، عن على بن الحسين قال : ان من شرى نفسه ابتغاء رضوان الله علي بن أبي طالب عليه السلام .

وقال علي عليه السلام عند مبيته على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله :

وقيت بنفسي خير من وطأ الحصى * ومن طاف بالبيت العتيق وبالحجر
رسول إله خاف ان يمكروا به * فنجاه دو الطول الإله من المكر

وبات رسول الله في الغار آمنا * موقى وفي حفظ إلا له وفي ستر
وبت أراعيهم وما يثبتونني * وقد وطنت نفسي على القتل والأسر
( 3 )

  ( 1 ) " لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ . . " ( الفتح : 18 ) .
( 2 ) حديث مشهور رواه أكثر الحفاظ الثقات في مصنفاتهم منهم : أحمد بن حنبل في مسنده 1 / 330 وفي فضائل الصحابة 2 / 682 - النسائي في خصائصه / 69 - والحاكم في المستدرك 3 / 132 .
( 3 ) رواه أيضا " الحاكم في المستدرك 3 / 4 وفيه : يتهمونني بدل " يثبتونني
  . [ * ]   "
 
 
 

مكتبة الشبكة

الصفحة التالية

الصفحة السابقة

فهرس الكتاب