[ 357 ]

الباب الخمسون

في كتبه [ عليه السلام ] إلى معاوية وإلى عماله وغيرهم، وفي أجوبة معاوية له وفيما أوصى [ عليه السلام ] به من وصاياه النافعة والكلمات الجامعة

كتب معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه: من معاوية بن أبي سفيان إلى بن أبي طالب أما بعد فإن الله اصطفى محمد صلى الله عليه وسلم فجعله الامين على وحيه والرسول إلى خلقه واجتبى له من المسلمين أعوانا أمده بهم فكانوا في منازلهم عنده على قدر فضائلهم في الاسلام [ فكان أفضلهم ] خليفته ثم خليفة خليفته ثم الثالث / 63 / أ / الخليفة المطلوم عثمان فكلهم حسدت وعلى كلهم بغيت عرفنا ذلك منك في نظرك الشزر وقولك الهجر وتنفسك الصعداء وإبطائك عن الخلفاء في كل ذلك تقاد كما يقاد الجمل المخشوش حتى تبايع وأنت مكره [ و ] كأن لم تكن لاحد منهم أدنى حسدا منك لابن عمك عثمان (1) وكان أحقهم أن لا تفعل [ به ] لقرابته وصهره فقطعت رحمه وألبت الناس عليه ورضيت له بالعواوة ؟ وظاهرت عله حتى ضربت إليه آباط الابل وقيدت إليه الخيل العراب وحمل عليه في حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم السلاح فقتل معك في المحلة وكنت تسمع في داره الواعية لا توري ؟ عن نفشك في أمره بقول ولا فعل (2) وأقسم قسما صادقا لو كنت قمت في أمره مقاما واحد تنهنه الناس عنه ما عدا بك من


(1) هذا هو الظاهر المذكور في عنوان: " أخبار علي ومعاوية " من العسجدة الثانية في الخلفاء وتواريخهم من العقد الفريد: ج 5 ص 75 طبعة بيروب.

 وفيي أصلي: " كان لم يكن لاحد منهم أدنى حسدا منك... ".

 غير أن فيه: وأنت في كل ذلك تقاد كما يقاد البعير المخشوش حتى تبايع وأنت كاره.

 (2) الظاهر أن هذا هو الصواب، ولفظ أصلي غامض.

 وفي العد الفريد: " لا تؤدي عن نفسك في أمره بقول ولا فعل بر ؟ ".

 


[ 358 ]

قبلنا من المسلمين أحدا، ولمحا ذلك عندهم ما كانوا يعرفون منك من المجانبة له والبغي عليه ! (1) وأخرى أنت بها عند أولياء عثامن وأناره وظنين إيواؤك قتلته فهم يدك وعضدك وبطنتك وأنصارك، وبلغني أنك تتنصل من دمه فإن كنت صادقا فادفع إلينا قتلته نقتلهم [ به ] ثم نحن أسرع الناس إليك بهذا الامر وإلا فليس لك ولا صحابك عندنا إلا السيف والله الذي لاإله غيره لنطبن قتلته في الجبال والرمال والبر والبحر حتى نفنيهم أو تلحق أرواحنا بالله والسلام.

 فأجابه [ علي ] عليه السلام: من [ أمير المؤمنين ] علي بن أبي طالب إلى معاوية بن أبي سفيان أما بعد فإن أخا خولان قدم [ علي ] بكتابك تذكر فيه محمدا صلى الله عليه وسلم (2) والذي أكرمه الله به من الهدى والوحي [ ف‍ ] الحمد لله الذي صدق وعده وتم له النصر ومكن له في البلاد وأظهره على الاعداء وأهل الشنآ [ ن ] من قومه الذين شاقوه وعاندوه ووثبوا عليه وأظهروا له التكذيب (3) ونابذوه بالعداوة وظاهروا على إخراجه وإخراج أصحابه وألبوا عليه العرب وجامعوهم عليه وعلى حربه وجهدوا عليه وعلى حربه بكل الجهد حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون (4) وكان أشد الناس عليه إلبة عشيرته والادنى من قومه إلا قليلا من عصمه الله (5).

 وذكرت " أن الله / 63 / ب / اجتبى له من المسلمين أعوانا أيده بهم وكانوا في منازلهم عنده على قدر فضائلهم في الاسلام [ فكان أفضلهم - زعمت - ] وأنصحهم لله ورسوله الخليفة بعده وخليفة الخليفة " ولعمري إن مكانهما من الاسلام لعظيم إن المصاب بهما لجرح في الاسلام شديد (6) فرحمهما الله وجزاهما أحسن الجزاء.

 


(1) وفي العقد الفريد: " لو قمت في أمره... ما عدل بك من قبلنا من الناس أحدا، ولمحا ذلك عنك ما كانواا يعرفونك به من المجانبة لعثمان والبغي عليه ".

 (2) كذا في أصلي، وفي العقد الفريد، وكتاب صفين: " فإن أخا خولان قدم علي بكتاب منك تذكر فيه محمدا... وما أنعم الله به عليه من الهدى والوحى... ".

 (3) لعل هذا هو الصواب، ولفظ أصلي غير واضح.

 (4) وفي العقد الفريد: " فالحمد لله الذي صدقه الوعد، وتم له النصر، ومكنه في البلاد، وأظهره على الاعادي من قومه الذين أظهروا له التكذيب، ونابذوه بالعداوة وظاهروا على إخراجه وإخراج أصحابه، وألبوا عليه العرب، وحزبوا الاحزاب حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون ".

 (5) هذه هو الصواب، وفي أصلي: " والقوا عليه العرب... وكان أشد الناس عليه آله وعشيرته.

 (6) وفي العقد الفريد: " إن كان مكنهما في الاسلام لعظيما، وإن كان المصاب بهما لجرحا في الاسلام


[ 359 ]

وذكرت أن عثمان كان لهما في الفضل ثالثا.

 فإن يكن [ عثمان ] محسنا فسيلقى ربا شكورا يضاعف الحسنات، ويجزي بها الثواب العظيم، وإن يكن [ عثمان ] مسيئا فسيلقى ربا غفورا لا يتعاظمه ذنب أن يغفره.

 وإني لارجو إذا أعطى الله الناس لاعمالهم وقدر فضائلهم ونصحهم لله ولرسوله أن يكون حظنا أهل البيت من ذلك الاوفر (1).

 إن محمدا صلى الله عليه وسلم لما دعا الناس إلى الايمان بالله والتصديق به كنا أول أهل بيت من الناس آمن بالله وصدق بما جاء به فلبثنا عدة أحوال وما يعبد الله في ربع ولاسكن من الارض غيرنا (2) فأراد قوم قتل نبينا واجتياح أصلنا وهموا بنا الهموم وفعلوا بنا الافاعيل وقطعوا عنا الميرة (3) ومنعونا الماء وجعلو علينا المراصد والعيون واضطرونا إلى جبل وعر وأوقدوا [ علينا ] نار الحرب وكتبوا علينا بينهم كتابا لا يواكلونا ولا يشاربونا ولا يناكحونا ولا نأمن فتنتهم حتى ندفع إليهم محمدا صلى الله عليه وسلم [ وآله ] وسلم فيقتلوه ! ! ! فلم نكن نأمن إلا من موسم إلى موسم (4) فعزم الله لنا على منع نبيه والذب عن حريمه والقيام بأسيافنا في ساعات الخوف بالليل والنهار دونه مؤمننا يرجو بذلك الثواب وكافرنا يحمي به عن الاصل (5).

 وأما من أسلم من قريش بعد فإنهم كانوا مما نحن فيه أخلياء (6) منهم [ ذو ] حليف ممنوع أو ذو عشيرة يدافع عنه [ فهم ] من القتل بمكان نجوة ومنجاة (7).

 


= شديدا ".

 (1) وبعد هذا في كتاب العقد الفريد كثير.

 (2) كذا في أصلي، وفي أواخر الجزء الثاني من كتاب صفين ص 88 مصر: إن محمدا صلى الله عليه [ وآله ] وسلم لما دعا إلى الايمان بالله والتوحيد، كنا - أهل البيت - أول من آمن به وصدق بما جاء به، فلبثنا أوحوالا مجرمة وما يعبد الله في ربع ساكن من العرب غيرنا....

 (3) وفي المختار: (9) من باب كتب أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة: فأراد قومنا قتل نبينا.. والميرة: الطعام الذي يدخره الانسان لاعاشته وإعاشة من يهمه أمره.

 والاجتياح: الاستئصال.

 (4) المراد من الموسم هنا: هو الايام التي كان العرب تحج فيها وتجتمع بمكة المكرمة لاداء المناسك.

 (5) وفي آخر الجزء الثاني من كتاب صفين والمختار: (9) من الباب الثاني من نهج البلاغة: وكافرنا يحامي عن الاصل....

 (6) وفي كتاب صفين: " فإنهم مما نحن فيه أخلياء... ".

 (7) وفي نهج البلاغة: " ومن أسلم من قريش خلو مما نحن فيه، بحلف يمنعه، أو عشيرة تقوم دونه، فهو من القتل بمكان أمن ".

 


[ 360 ]

فكان كذلك ما شاء الله أن يكون (1) ثم أمر رسول الله صلى الله عليه [ آله ] وسلم بالهجرة إلى المدينة وأذن له [ بعد ذلك ] في قتال المشركين فكان إذا احمر البأس ودعيت نزال والتقت الابطال (2) قدم رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم أهل بيته فوقى بهم أصحابه حر الاسنة والسيوف فقتل عبيدة بن الحارث يوم بدر وقتل حمزة يوم أحد / 64 / أ / وقتل جعفر وزيد يوم مؤتة (3) ولقد أراد من لو شئت ذكرت اسمه مثل الذي أرادوا ولكن آجالهم عجلت ومنيته تأخرت (4) والله ولي الاحسان إليهم والمنان عليهم بما أسلفوا من الصالحات فما رأيت ولا سمعت بأحد هو أنصح لله في طاعته ولا أطوع لرسوله ولا أصبر على الاذى في البأساء والضراء ومواطن المكروه من هؤلاء النفر الذين سميت من أهل بيته ؟ ! ! وفي المهاجرين خير كثير نعرفه لهم جزاهم [ الله ب‍ ] أحسن أعمالهم.

 وذكرت حسدي الخلفاء [ وإبطائي عنهم ] وبغيي عليهم فمعاذ الله أن يكون الحسد والبغي من شأني (5).

 [ وأما الالبطاء عنهم والكراهية لامرهم فلست أعتذر منه إلى الناس لان الله جل ذكره لما قبض نبيه صلى الله عليه [ وآله ] وسلم قالت قريش: منا أمير.

 وقالت الانصار: منا أمير.

 فقالت قريش: منا محمد رسول الله صلى الله عليه السلم فنحن أحق بذلك الالمر.

 فعرفت ذلك الانصا فسلمت لهم والولاية والسلطان.

 فإذا استحقوها بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم دون الانصار فإن إولى الناس بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم أحق بها منهم وإلا فإن الانصار أعظم العرب فيها نصيبا فلا أدري أصحابي سلموا من أن يكونوا حقي أخذوا أو الانصار ظلموا ؟ بل عرفت أن


(1) وفي كتاب صفين: " فكان ما شاء الله أن يكون... ".

 (2) دعيت نزال: دعا كل واحد من المتحاربين خصمه بالنزول والمحاربة راجلا.

 (3) ومثله في كتاب صفين والعقد الفريد، ولم يأت ذكر " زيد " في المختار: (9) من كاب الكتب من نهج البلاغة.

 (4) وفي المختار المتقدم الذكر من نهج البلاغة: " واراد من لو شئت ذكرت اسمه مثل الذي أرادوا من الشهادة... ".

 وأيضا في نهج البلاغة وآخر الجزءة الثاني من كتاب صفين بعد ذلك زياداة كثيرة جيدة.

 (5) وفي العقد الفريد: " وذكرت إبطائط عن الخلفاء وحسدي إياهم والبغي عليهم ؟ ! فأما البغي فمعاذ الله أن يكون، وأما الكراهة لهم ما أعتذر للناس من ذلك ".

 


[ 361 ]

حقي هو المأخوذ وقد تركته لهم تجاوز الله عنهم ] (1).

 وذكرت عثمان وقطعي رحمه وتأليبي عليه [ ف‍ ] إن عثمان فعل ما فعل الناس به ما فعلوا وما بلغكم، وأنا من ذلك بمعزل إلا أن تتجنى فتجن ما بدا لك (2).

 وذكرت قتلتته وسألتني أن أدفعهم إليك فإني قد ضربت هذا الامر أنه وعينه فلم أره يسعني أن أدفعهم إليك ولا إلى غيرك، ولا أعرف له قاتلا بعينه يجب عليه القتل (3) ولعمري لئن لم تنزع عن غيك وشقاقك لتعرفنهم عن قليل يطلبونك ولا يكلفونك أن تطلبهم في بر ولا بحر ولا سهل ولا جبل (4).

 وقد كان أبوك أتاني حين ولى الناس أبا بكر فقال: أنتم أحق بهذا الامر بعد محمد صلى عليه وسلم هلم أبايعك وأنابذك على من خالفكم (5) فكرهت ذلك مخافة الفرقة بين أهل الاسلام ولقرب عهد الناس.

 بالكفر وكان أبوك أعرف بحقنا منك فإن تعرف منه ما كان أبوك يعرف تصب رشدك، و [ إن ] لا تفعل فسيغني الله عنك والسلام (6).

 


(1) ما بين المعقوفين مأخوذ من الجزء الثاني من كتاب صفين ص 90 ط مصر.

 (2) وفي العقد الفريد: " وذكرت بغيي على عثمان وقطعي رحمه، فقد عمل عثمان بما قد علمت، وعمل به الناس ما قد بلغك، وقد علمت أني كنت من أمره في عزلة إلا أن تجني فتجن ما شئت ".

 (3) وفي العقد الفريد: " وأما ذكرك قتلة عثمان وما سألت من دفعهم إليك فإني نظرت في هذا الامر وضربت أنفه وعينه فلم يسعتي دفعهم إليك ولا إلى غيرك ".

 (4) ومثله في أواخر الجزء الثاني من كتاب صفين ص 90 ط مصر.

 (5) هذه هو الظاهر الموافق للعقد الفريد وفيه: " وقد كان أبوك أبو سفيان أتاني حين قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ابسط يدك أبايعك فأنت أحق الناس بهذا الامر... " وفي أصلي: فهلم أبايع أيكم شئت ؟....

 (6) وفي آخر الجزء الثاني من كتاب صفين: وقد كان أبوك أتاني حين ولى الناس أبا بكر، فقال: " أنت أحق بعد محمد صلى الله عليه وآله وسلم بهذا الامر، وأنا زعيم لك بذلك على من خالف عليك، ابسط يدك أبايعك " فلم أفعل وأنت تعلم أن أباك قد كان قال ذلك وأراده حتى كنت أنا الذي أبيت [ عليه ] لقرب عهد الناس بالكفر... يعرفه تصب رشدك.

 


[ 362 ]

وكتب معاوية إلى علي رضي الله عنه أيضا: أما بعد فإنك لو علمت وعلمنا أن الحرب تبلغ بنا وبك ما بلغت لم يجبنها بعضنا على بعض وقد بقي لنا ولك من عقولنا ما نرم به ما مضى ونستدرك ما بقي (1) وقد كنت سألتك الشام ومصر على أن لا يكون في عنقي لك بيعة (2) وأكتب لك بالخلافة فأبيت علي ذلك فأعطاني الله ما منعت ورزقني ما حرمن وأنا أسألك اليوم ذلك إن أجبتني إليه مع أن الحرب قد أكلت العرب فلم يبق منها غير حشاشة ولست ترجو / 64 / ب / من البقاء إلا ما نرجو ولا تخاف من الفناء إلا ما نخاف ونحن وأنت بعد بنو عبد مناف ؟ وليس لاحد منا على صاحبه فضل [ إلا فضل لا ] يسترق به حر ولا يستذل به عزيز والسلام.

 فأجابه [ أمير المؤمنين ] رضي الله عنه: من علي بن أبي طالب إلى معاوية بن أبي سفيان أما بعد فقد وصل إلي كتابك [ تذكر فيه: ب‍ ] أنا وإياك لو علمنا أن الحرب تبلغ بنا وبك ما بلغت لم يجن بعضنا على بعض.

 ألا وإنا وإياك منها في غاية لم نبلغها بعد.

 وذكر أنك سألتني الشام ومصر على أن لا يكون في عنقك لي بيعة مع شؤآلك ذلك اليوم وما كان الله يراني متخذا المضلين غضدا.

 وذكرت " أن الحرب قد أكلت العرب فلم يبق منها غير حشاشة وأنا لا نرجو من البقاء إلا ما ترجو ولا نخاف من البلاء ما تخاف " فليس من قبلك من طغام الشام على الدنيا بأحرص ممن قبلي من المهاجرين والانصار [ على الآخرة ].

 وذكرت: أنا بنو عبد مناف وليس [ لبعضنا على بعض فضل.

 فكذلك ] نحن و [ لكن ] ليست أمية كهاشم ولا حرب كعبد المطلب ولا صخر كأبي طالب ولا المهاجر كالطليق ولا المحق كالمبطل (3) وفي أيدينا بعد فضل النبوة التي بها أذللنا العزيز وبعنا [ بها ] الحر ببدر والسلام (4).

 


(1) كذا في أصلي، وفي أواخر الجزء السابع من كتاب صفين ص 470: أما بعد فإني أظنك أن لو علمت أن الحرب تبلغ بنا وبك ما بلغت وعلمنا لم يجنها بعضنا على بعض، وإنا وإن كنا قد غلبنا على عقولنا فقد بقي لنا منها ما نندم به على ما مضى.

 (2) كذا أصلي، وذكر " مصر " لم يأت في كتاب صفين لا في رسالة معاوية ولا في جواب أمير المؤمنين عليه السلام لها.

 (3) ما بين المعقوفات كان ساقطا من أصلي، وأخذناه من كتاب صفين.

 (4) وفي كتاب صفين: وفي أيدينا [ بعد ] فضل النبوة التي أذللنا بها العزيز، وأعززنا بها الذليل والسلام.

 


[ 363 ]

وكتب أيضا معاوية إلى علي عليه السلام: أما بعد فإنا وإياكم [ كنا ] يدا جامعة والثقة والقد والقد ؟ فتفرقت (1) فنحن كما قال الحصين بن المنذر: فألفيتنا بالتعف ؟ يوم لقيتنا أخا وابن عم يوم ذاك وانتما ؟ فأصبحت قد فرقت بين حلومنا إذا ما التقى الجنبان لم يتكلما فليتك حال البحر دونك كله ومن بالمرادي من فصيح وأعجما (2) قتلت عثمان فرقيت في سلم سوء طلعتك سوء مطلع عليك لا لك ؟ وقتلت طلحة والزبير، وشردت بعائشة ونزلت بين المصرين فتمنيت ومنيت [ و ] لو قد زرتك في المهاجرين من أهل الشام وبقية الاسلام والامر محيط من رأيك ؟ لقضى الله عليك بعلمه فيك (3).

 فأجابه [ أمير المؤمنين ] رضوان الله عليه / 65 / أ /: أما بعد فقد ورد [ علينا ] كتابك تخبر [ فيه ] أنا كنا نحن وأنتم على ما ذكرت.

 [ ولكن ] فرق بيننا قبل أن بعث الله منا نبيا فآمنا به وكفرتم و [ اليوم نحن ] استقمنا وافتتنتم (4).

 وزعمت أني قتلت عثمان وطلحة والزبير وشردت بعائشة.

 وذلك أمر لم تحضره فلا عليك وليس العذر فيه إليك ! ! ! وزعمت أني تمنيت ومنيت وأمسى قضاء الله لنا وقسمته فينا فإن دخل داخل دوننا فالله من ورائه محيط وحسبه الله الذي أعطاه (5).

 وزعمت أنك زائري في المهاجرين من أهل الشام.

 وقد انقطعت الهجرة حين


(1) الكلم الثلاث كانت في أصلي هكذا: " والد السفه السفه ؟... ".

 وما وجدت للكلام مثرا آخر كي يصحح عليه.

 (2) وبعده في أصلي هكذا: المرادي: جمع مردي وهو ما انبطح من الرمل ولم يشرف.

 (3) ألفاظ أصلي هاهنا غامضة ومعانيها غير منسجمة، ولم أجد رسالة معاوية هذه في غير أصلي هذا، نعم ذكرها بألفاظ أخر، ابن أبي الحديد في شرج المختار (64) من الباب الثاني من نهج البلاغة من شرحه: ج 17، ص 251 ط مصر.

 (4) هذا هو الظاهر الموافق معنى للمختار: (64) من باب كتب أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة، وفي أصلي هكذا: " واستقمنا وافتتنتم وأما وكفرتم ؟ ".

 (5) رسم الخط من أصلي في قوله: " تمنيت ومنيت وأمسى " غير واضح وظاهر رسم الخط في الكلمة الاخيرة: " وأمنيتي قضاء الله " ؟.

 


[ 364 ]

أسر أخوك فإن كان بك عجل فاسبقه (1) وإن أزرك فجدير أن ينصرني الله عليك للنقمة منك (2) وإن تزرني فكما قال أخو بني أسد: مستقبلين رياح الصيف تضربهم بحاصب بين أغوار وجلمود (3) وعندي السيف الذي قتلت به أخاك وحالك وجدك والسلام (4).

 وكتب عقيل بن أبي طالب إلى أخيه علي بن أبي طالب: أما بعد فإن الله جارك من كل سوء وعاصمك من المكروه (5) إني قد خرجت [ إلى مكة ] معتمرا فلقيت عبد الله بن أبي سرح في نحو من أربعين شابا من أولاد الطلقاء فقلت: - وقد عرفت في وجوههم المنكر -: أين يا أبناء الطلقاء [ أ ] بمعاوية تلحقون عداوة [ منكم غير مستنكرة ] تريدون إطفاء نور الله وتغيير أمره ! ! ! فأسمعوني وأسمعتهم ثم قدمت مكة وأهلها يتحدثون أن الضحاك بن قيس أغار على الحيرة فاحتمل من أموالها وأهلها ما شاء ثم انكفأ راجعا.

 فأف لحياة في دهر جرأ الضحاك عليك وما الضحاك إلا فقع بقر قر (6).

 وقد بلغني أن أنصارك خذلوك فاكتب إلي برأيك يا ابن أم فإن كنت الموت تريد تحملت إليك ببني أبيك وولد أخيك فعشنا ما عشت ومتنا معك فوالله [ لا ] أحب أن أبقى بعدك فواقا وأقسم بالله الاعي الاجل إن عيشنا بعدك في هذه الدنيا لعيش غير مرئ ولا هنئ


(1) كذا في أصلي غير أن فيه: " حين أسر أبوك... ".

 وفي المختار: (64) من الباب الثاني من نهج البلاغة: " فإن كان فيك عجل فاسترفه... ".

 (2) هذا هو الظاهر من سياق الكلام، وفي أصلي تصحيف، وفي المختار: (64) من الباب الثاني من نهج البلاغة: فإني إن أزرك فذلك جدير أن يكون الله إنما بعثني [ إليك ] للنقمة منك... (3) كذا في المختار المتقدم الذكر من الباب الثاني من نهج البلاغة، وفي أصلي " مستقبلين رياح الذل... معفار وجلمود ".

 (4) وبعد هذا الكلام في نهج البلاغة زيادات كثيرة.

 (5) كذا في أصلي، وفي ترجمة عقيل من أنساب الاشراف: ج 2 ص 74: " وعاصمك من المكروه على كل حال " وفي الباب (3) من تيسير المطالب: " وعصمك من كل مكروه... ".

 (6) الفقع - على زنة فلس وحبر -: ضرب من أردء الكمأة ولعله هو الذي يعبر عنه أهل بلادنا ب‍ " هكل سكو ".

 وقرقر - على زنة جعفر - الارض المستوية.

 ويقال للرجل الضعيف: هو " فقع قرقر " لان الدواب تنجله بأرجلها.

 


[ 365 ]

فأجابه [ أمير المؤمنين ] كرم الله وجهه: أما بعد كلأناالله وإياك كلاءة من يخشاه بالغيب إنه حميد مجيد قدم علي عبد الرحمان بن عتبة الازدي بكتابك (1) تذكر [ فيه ] أنك لقيت ابن أبي سرح مقبلا من قديد / 65 / ب / في نحو أربعين شابا من أولاد الطلقاء متوجهين حيث توجهوا.

 وإن ابن أبي سرح طال ما كاد الله ورسوله وصد عن سبيله وبغاها عوجا فدع ابن أبي سرح ودع [ عنك ] قريشا وتركاضهم في الضلال وتجوالهم في الشقاق فإن قريشا قد أجمعت على حرب أخيك إجماعها على حرب رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم قبل اليوم فأصبحوا [ و ] قد جهلوا حقه وجحدوا فضله ونابذوه بالعداوة (2) ونصبوا له الحرب وجهدوا عليه كل الجهد وساقوا إليه أمر المريرين (3).

 اللهم فلتجز عني قريشا الجوازي فقد قطعت رحمي وظاهروا علي فالحمد لله على كل حال.

 وأما ما ذكرت من غارة الضحاك فهو أقل وأذل من أن يقرب الحيرة ولكنه جاء في خيل جريدة فلزم الظهر ومر على السماوة فمر بواقصة وشراف وما والى ذلك الصقع فسرحت إليه جيشا كثيفا من المسلمين فلما بلغه ذلك جلز هارا فابعوه فلحقوه ببعض الطريق وقد أمعن في السير وقد طفلت الشمس للاياب واقتتلوا شيئا يسيرا كلا ولا (4) فولى ولم يصبر وقتل من أصحابه بضعة عشر رجلا ونجا جريضا بعد ما أخذ منه بالمخنق (5).

 وأما ما سألت أن أكتب إليك برأيي فإن رأيي قتال المحلين حتى ألقى الله لا يزيدني كثرة الناس حولي عزة ولا تفرقهم عني وحشة، إني والله لمحق والله مع الحق وأهله، وما أكره الموت مع الحق وما الخير كله إلا بعد الموت لمن كان محقا.

 


(1) وقريب منه جدا في كتاب الامامة والسياسة ص 55.

 (2) وفي المختار: (36) من الباب الثاني من نهج البلاغة: " فدع عنك قريشا وتركاضهم في الضلال، وتجوالهم في الشقاق، وجماحهم في التيه، فإنهم قد أجمعوا على حربي كإجماعهم على حرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم... ".

 (3) ومثله في المختار: (159) من باب الكتب من نهج السعادة: ج 302 5 ط 1، غير أن فيه: وبادروه [ ب‍ ] العداوة، ونصبوا له الحرب... وجروا إليه جيش الاحزاب....

 (4) قوله: " كلا ولا " كناية عن سرعة الانقضاء، فإن حرفين ثانيهما حرف سريع الاقضاء عند السمع.

 (5) جريضا: غص بريقه لشدة مواجهته بالجهد والجرب.

 والمخنق: موضع الخناق.

 


[ 366 ]

وأما ما عرضت علي من مسيرك ببني أبيك وولدك (1) فلا حاجة في ذلك فأقم راشدا مهديا فوالله ما أحب أن تهلكوا معي وإن قلكت، فلا تسبن ابن أمك ولو أسلمه الناس متخشعا متضرعا ولكني أقول كما قال أخو بني سليم: [ فإن تسألني كيف أنت فإنني صبور على ريب الزمان صليب ] يعز علي أن يرى بي كآبة فيشمن عاد أو يساء حبيب [ قال الباعوني: ] قوله [ عليه السلام ]: " جلز هاربا " أي شمر [ وذهب مسرعا ].

 [ و ] قوله: " كلا ولا " كما يقال: فعل ولم يفعل (2).

 وكتب [ أمير المؤمنين ] رضي الله عنه إلى أهل مصر حين ولى عليهم الاشتر [ رضوان الله عليه ]: من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى القوم الذين غضبوا لله حين عصي الله في الارض وضرب الجور / 66 / أ / سرادقه على البر والفاجر، فلا معروف يستراح إليه، ولا منكر يتناهى عنه، سلام عليكم: أما بعد فإني قد بعثت إليكم عبدا من عبيد الله لا ينام أيام الخوف ولا ينكل عن الاعداء حذ [ ا ] ر الدوائر وإنه سيف من سيوف الله لا نابي الضريبة ولا كليل الحد فساعدوه ووازروه فإن أمركم أن تنفروا فانفروا وإن أمركم أن تقيموا فإنه لا يقدم ولا يحجم إلا عن أمري وقد آثرتكم به على نفسي لنصيحته لكم وشدة شكيمته على عدوكم (3) عصمكم ربكم بالهدى وثبتكم باليقين والسلام.

 وكتب عليه السلام بعد هلاك الاشتر إلى محمد بن أبي بكر [ رضوان الله عليهما ]:


(1) هذا هو الصواب الموافق للمختار: " 159 " من باب كتب أمير المؤمنين عليه السلام من نهج السعادة: ج 5 ص 305 ط 1، وفي أصلي: " ببني أبيك وولد أخيك... ".

 (2) والكتابان رواهما البلاذري - نقلا عن المدائني - في ترجمة الضحاك بن قيس في عنوان: " نسب بني محارب بن فهر " في كتاب أنساب الاشراب: ج 4 الورق 343 / ب /.

 (3) جملة: " عصمكم ربكم بالهدى... " وما بعدها غير موحجود في المختار: " 38 " من باب الكتب من نهج البلاغة.

 والكتاب يأتي بأوجز مما هنا، في أواسط الباب: " 55 " من هذا الكتاب / الورق 83 / أ / وفي هذه الطبعة ص... ويجد الباحث للكتاب مصادر في ذيل المختار: " 24 " من با الكتاب من نهج السعادة: ج 5 ص 52 ط 1.

 


[ 367 ]

إني كنت وجهت مالك بن الحارث إلى مصر ورجوت أن يكون أثقل على دونا منك فأراد الله غير ما أردنا والله غالب على أمره وأنت إن شاء الله ممن يستظهر به على إقامة الدين وقمع العدو وسد الثغر فأقم فيما كنت فيه ودار من قبلك فإني لم أبعث الاشتر إلى عملك استبطاءا مني لك ولكني وجهته لسنه وتجربته وطول مقاساتته للحروب ولو قدم عليك وعزلتك لوليتك ما هو أيسر عليك في المؤنة، وأعجب إليك ولاية إن شاء الله.

 فاضمم من أطاعك واستعن بالله يكفك ما أهمك وتصبر وكأن مددك قد أتال إن شاء الله فإن أعجلوك فامض على بصيرتك وإن كانت فئتك أقل العئتين ولا يهولنك جمع القاسطين فرب كثير قد فل وقليل قد نصر.

 كتب رضي الله عنه إلى معاوية [ بعد حرب الجمل ]: أما بعد فإن بيعتي بالمدينة لزمتك وأنت بالشام، لانه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعئا عليه (1) فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد وإنما الشورى للمهاجرين والانصار فإذا اجتمعوا على رجل وسموه إماما كان ذلك [ لله ] رضى وإن خرج من أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى ما خرج منه، فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين، وولاه [ الله ] تعالى ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مثيرا (2).

 وإن طلحة والزبير بايعاني ثم نقضا بيعتي وكان نقضهما كردتهما فجاهدتهما على ذلك حتى أظهر الله / 66 / ب / أمره وهم كارهون فادخل فيما دخل فيه المسلمون ثم أقبل.

 [ وقد أكثرت في قتلة عثمان فادخل فيما دخل فيه المسلمون منبيعتي ثم ] حاكمهم إلي أملك وإياهم على الحق وكتاب الله تعالى) 4) فأما تلك التي تريد فإنها خدعة الصبي عن اللبن.

 (1) ورواه أيضا بن عبد ربه، ولفظه: " على ما بويعوا عليه... " كما في عنوان: " أخبار علي ومعاوية " في العسجدة الثانية في الخلفاء وتواريخهم من كتاب العقد الفريد: ج 5 ص 75 طبعة لبنان.

 (2) هذا هو الظاهر الموافق لقيد واحد من المصادر، ومنها العقد الفريد، وفي أصلي: " وولاه تعالى... ".

 (3) وفي العقد الفريد: " وإن طلحة والزبير بايعاني ثم نقضا بيعتهما وكان نقضهما كرتدهما فجاهدتهما بعد ما أعذرت إليهما حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون ".

 (4) وفي العقد الفريد: " فادخل فيما دخل فيه المسلمون فإن أحب الامور إلي قبولك العافية، وقد


[ 368 ]

ولعمري لئن نظرت بعين عقلك دون هواك لتجدني أبرأ قريش من دم عثمان (1) واعلم أنك من الطلقاء الذين لا تحل لهم الخلافة ولا يعرض لهم الشورى ؟ (2) وقد أرسلت إليك وإلى من قبلك جرير بن عبد الله وهو من أهل الايمان والهجرة فبايع، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 فقدم جرير بن عبد الله على معاوية بالكتاب واستحثه البيعة فقال [ معاوية ]: يا جرير إنها ليست بخلسة إن هذا الامر له ما بعده فأبلعني ريقي فأنظر.

 فدعا [ معاوية أخاه ] عتبة بن أبي سفيان فاستشاره فقال [ له عتبة ]: استعن على هذا الامر بعمرو بن العاص فإنه من قد عرفيت وكان قد اعتزل أمر عثمان في حياته وهو لامرك أشد اعتزالا إلا أن يرى فرصة (3).

 فكتب معاوية إلى عمرو فأتاه فاستشاره [ فقال له عمرو: أبايعك وأقوم معك في هذا الامر على أن تعطيني مصر طعمة في حياتي.

 فكايد كل واحد منهما صاحبه إلى أن رضي معاوية بإعطاء مصر طعمة له ] (4).

 ثم قال معاوية لجرير و [ قد ] أتاه في بيته: إني قد رأيت رأيا.

 قال [ جرير ]: هاته.

 قال اكتب إلى صاحبك يجعل الشام لي حياته فإن حضرته الوفاة لم يجعل لاحد بيعة في عنقي بعده وأسلم له هذا الامر وأكتب له بالخلافة ! ! ! قال جرير: أكتب [ إليه ] ذلك، فكتب به إلى علي رضي الله عنه.

 فكتب [ أمير المؤمنين عليه السلام ] إليه جوابا عما كتب [ إليه ]: أما بعد فإنما أراد معاوية أن لا يكون في عنقه لاحد بيعة، وأن يختار لنفسه وأمره ما أحب، وأراد أن يريك حب أهل الشام له (5) وقد كان المغيرة بن شعبة أشار علي - وأنا بالمدينة -


= أكثرت في قتلة عثمان، فإن أنت رجعت عن رأيك وخلافك ودخلت فيما دخل فيه المسلمون ثم حاكمت القوم إلي حماتك وإياهم على كتاب الله، وأما تلك التي تريدها فهي خدعة الصبي عن اللبن ! ! ! ".

 (1) ومثله في كتاب العقد الفريد.

 (2) وفي العقد الفريد: " ولا يدخلون في الشورى... ".

 (3) الظاهر من قرائن أحوال عمرو، أن مراد عتبة من قول: " إلا أن يرى فرصة " الفرصة على الوثوب على زخارف الدنيا وانهماكه في اللذات.

 (4) ما بين المعقوفين مأخوذ معنى عن مصادر كثيرة، وذكره البلاذري أيضا في الحديث (360) وما بعده من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من أنساب الاشراف: ج 2 ص 283 - 288 ط 1.

 (5) كذا في أصلي، وفي المختار: " 46 " من باب كتب أمير المؤمنين عليه السلام من نهج السعادة: ج 4


[ 369 ]

أن أستعمل معاوية فأبيت عليه، ولم يكن الله ليراني أتخذ المضلين عضدا، فإن بايعك [ الرجل فخذ بيعته ] وإلا فخله وأقبل والسلام.

 وكتب عليه السلام بعد فراغه من أصحاب الجمل إلى قرظة بن كعب الانصاري وكان استخلفه على الكوفة: إني لقيت الناكثين طلحة والزبير فدعوتهما وأبلغت في المعذرة، واجتهدت في النصيحة وأشهدت [ عليهما ] صلحاء الامة فما أطاعا المرشدين، ولا أجابا الناصحين فأدال الله منهما فقتل طلحة وهرب الزبير / 67 / أ / ولاذ أهل البغي بعائشة فقتلوا حولها وهزم الباقون فأمرت أن لا يقتل [ منهم ] مدبر ولا يهتك مستور ولا يدخل دار إلا بإذن ولا يدفف جريح (1) وأنا قادم عليكم وحسبي بكم أعوانا وللدين أنصارا.

 فلما خرج من البصرة شيعه ناس من أهلها، فقال لهم: ارجعوا فقد استعملت عليكم عبد الله بن عباس فاسمعوا له وأطيعوا ما أطاع الله، وإن زاغ فإعلموني وإني أرجو أن يكون مسلما عفيفا صليبا وقد وليته وأنا ظان به ذلك.

 وكان ابن عباس [ بعد ولايته على البصرة ] يبلغه عنهم الشئ فيكتب إليه يخبره.

 فكتب [ أمير المؤمنين عليه السلام ] إليه مجيبا [ له ] (2): بلغني كتابك تذكر فيه ما يبلغك عن أهل البصرة بعد خروجي [ عنها ] وهم مقيمون [ إما ] لرغبة يرجونها أو رهبة يخشونها فارغب راغبهم بالعدل والانصاف له، وجل عقد [ ة ] الخوف عن خائقهم وراهبهم وأحسن إلى هذا الحي من ربيعة وكل من قبلك والسلام (3).

 


= ص 96: " وأراد أن يريثك حتى تذوق أهل الشام... ".

 (1) يقال: دفف فلان الجريج ودافه وداف عليه: أجهز عليه وأتم قتله.

 (2) وللكتاب مصادر كثيرة، وذكره نصر بن مزاحم في أواسط الجزء الثاني من كتاب صفين ص 105.

 ورواه أيضا البلاذري في الحديث: (171) من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من أنساب الاشراف ج 8 ص 327 وفي ط 1: ج 2 ص 158.

 ورواه الوزير الآبي باختصار في أواخر الباب الثالث من كتاب نثر الدرر: ج 1 ص 322 ط 1، بمصر.

 ويجد الطالب له مصادر أخر في المختار: (54) من باب الكتب من نهج السعادة: ج 5 ص 129، ط 1.

 (3) وفي كتاب صفين: وكل من قبلك فأحسن إليهم ما استطعت، والسلام.

 


[ 370 ]

وكتب معاوية إلى علي رضي الله عنه - وقد كتب إليه يأمره بالمبايعة [ له ] وأن يدخل فيما دخل فيه الناس وأن لا يشق عصى المسلمين و [ لا ] يسفك دماءهم فأجابه [ معاوية ] -: سلام عليك أما بعد فلعمري لو بايعك الذين ذكرت وأنت برئ من دم عثمان لكنت كأبي بكر وعمر وعثمان ولكنك أغريت بعثمان وخذلت أنصاره فأطاعك [ الجاهل ] وقوي بك الضعيف وقد أبى أهل الشام إلا قتالك حتى تدفع إليهم قتلة عثمان فإن فعلت كانت شورى بين المسلمين وإنما كان أهل الحجاز هم الحكام على الناس حين كانوا على الحق فلما فارقوه كان الحكام على الناس أهل الشام ! ! ! ولعمري ما حجتك على أهل الشام كحجتك على أهل البصرة [ هم ] كانوا قد أطاعوك ولم يطعك أهل [ الشام ] وإن طلحة والزبير كانا بايعاك ولم أبايعك [ أنا ] (1) وأما فضلك في الاسلام وسابقتك وقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلست أدفعه.

 فكتب [ أمير المؤمنين ] عليه السلام إليه: أما بعد فقد أتاني كتابك كتاب امرئ ليس له بصر يهديه ولا قائد يرشده، دعاه الهوى فأجابه وقاده [ الضلال ] فاتبعه، زعمت أنه إنما فسد بيعتي ظنك بما ظننته / 67 / ب / من [ أمر ] عثمان ولعمري ما كنت إلا رجلا من المهاجرين أوردت كما أوردوا وأصدرت كما صدروا وما كان الله ليجمعهم على ضلالة ولا ليضربهم بالعمى وما أمرت فيلزمني خطيئة الامر ولا قتلت فأخاف على نفسي صقاص القاتل.

 وأما قولك: " إن أهل الشام هم الحكام على أهل الحجاز " فهات رجلا من قريش الشام يقبل في الشورى ويحل له الخلافة ؟ - فإن سميت كذبك المهاجرون [ والانصار ] - ونخن نأتيك به من قرش الحجاز.

 وأما قولك: " ادفع إلي قتلة عثمان [ فما أنت وذاك ] وهاهنا بنو عثمان وهم أولى بذلك منك فإن زعمت أنك أقزى على طلب دم أبيهم منهم فارجع إلبيعة التي لزمتك وحاكم [ القوم ] إلي.

 


(1) وفي عنوان: " أخبار علي ومعاوية " من العسجدة الثانية في الخلفاء وتواريخهم من العقد الفريد: ج 5 ص 76: وإنما كان الحجازيون هم الحكام على الناس والحق فيهم، فلما فرقوه كان الحكام على الناس أهل الشام ! ! ! ولعمري ما حجتك على أهل الشام كحجتك علي كحجتك على طلحة الزبير لانهما بايعاك ولم أبايعك أنا....

 


[ 371 ]

وأما تمييزك بين أهل الشام والبصرة وبينك وبين طلحة والزبير فعمري ما الامر هناك وهنا إلا واحد لانهما بيعة عامة لا يتأتى فيها النظر ولا يستأنف فيها الخيار.

 وأما قرابتي من رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم وقدمي في الاسلام فلو استطعت دفعه دفعته.

 [ وأيضا ] كتب إليه معاوية أما بعد فإنك قتلت ناصرك واستنصرت وابرك وأيم الله لارمينك بشهاب [ لا ] تذكيه الريح ولا يطفيه الماء إذا وقع وقب وإذا مس نقب ولا تحسبني كسحيم أو عبد القيس أو حلوان الكاهن.

 فأجابه [ أمير المؤمنين ] رضوان الله عليه: أما بعد فوالله ما قبل ابن عمك غيرك وإني أرجو أن يلحقك الله به على مثل ذنبه وأعظم من خطيئته وإن السيف الذي ضربت به أباك وأخالك لمعي (1) وأيم الله ما استحدثت دينا ولا استبدلت نبيا وإني على المنهاج الذي تركتموه طائعين ودخلتم فيه كارهين.

 وكتب علي رضي الله عنه إلى جرير بن عبد الله وكان قد وجهه إلى معاوية في أخذ البيعة فأقام [ جرير ] عنده ثلاثة أشهر يماطله [ معاوية ] بالبيعة فكتب إليه [ أمير المؤمنين عليه السلام ]: سلام عليك [ أما بعد ] إذا أتاك كتابي [ هذا فاحمل معاوية على الفصل [ وخذه بالامر الجزم ] فخيره بين حرب معضلة أو سلم مخزية (2) فإن اختار الحرب فابذ إليه على سواء إن الله لا يحب الخائنين (3) وإن اختار السلم فخذ بيعته وأقبل [ إلي والسلام ].

 


(1) هذا هو الظاهر، وفي أصلي: " إن السيف الذي قتل به أباك وأخاك لمعي... ".

 وفي العقد الفريد: " وان السيف الذي ضربت به أهلك لمعي دائم... ".

 (2) كلمتا: " أما بعد " مأخوذتان من المختار: (8) من الباب الثاني من نهج البلاغة و (47) من باب الكتب من نهج السعادة: ج 4 ص 97 ط 1.

 وأيضا كلمة: " هذا " المضوعة بين المعقوفين مأخوذة من العقد الفريد، وفيه: " وخيره بين حرب مجلية أو سلم مخزية... ".

 وفي المختار الثامن من الباب الثاني من نهج البلاغة: " وخذه بالامر الجزم ثم خيره بين حرب مجلية أو سلم مخزية... ".

 وفي نهج السعادة: " ثم خيره بين حرب مجلية أو سلم محظية... ".

 (3) من قوله: " فانبذ إليه على سواء... الخائنين " مقتبس من الآية: (58) منسورة الانفال: (وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إلهم...).

 وفي العقد الفريد: " وأقبل إلي ".

 وكلمة: " السلام " مأخوذ من نهج البلاغة.

 


[ 372 ]

ومن ذلك م أجاب به معاوية من كتاب كتب إليه: أما بعد فإن أخا خولان قدم [ علي ] بكتاب منك تذكر فيه أن الله اصطفى / 68 / أ / محمدا صلى الله عليه [ وآله ] وسلم لدينه وأيده بم أيده من أصحابه (1) فلقد خبأ لنا الدهر منك عجبا (2) إذ طفقت تخبرنا ببلاء الله عندنا ونعمته علينا في نبينا فكنت في ذلك كناقل التمر إلى هجر [ أ ] وداعي مسدده إلى النضال ! ! !.

 وزعمت وذكرت أن أفضل الناس [ في الاسلام ] فلن وفلان فذكرت أمرا إن تم اعتزلك كله وإن نقص لم يلحقك ثلمه (3) وما أنت والفاضل والمفضول والسائس والمسوس ! ! ؟ وما للطلقاء وأبناء الطلقاء والتمييز بين المهاجرين الاولين وترتيب درجاتهم وتعريف طبقاتهم ؟ هيهات لقد حن قدح ليس منها وطفق يحكم فيها من عليه الحكم لها ! ! ! (4).

 ألا تربع على ظلعك أيها الانسان وتعرف قصور ذرعك ؟ وضيق درعك (5) وتتأخر حيث أخرك القدر ؟ ! ! فما عليك غلبة المغلوب ولا لك ظفر الظافر (6) وإنك لذاهب في التيه وزائغ عن القصد غيرك بهذه الاقوال أجدر (7) لكني بنعمة الله أحدث أن قوما استشهدوا في سبيل الله من المهاجرين [ والانصار ] ولكل فضل حتى إذا استشهد شهيدنا قيل سيد الشهداء وخصه رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم بسبعين تكبيرة عند صلاته عليه.

 أولا ترى [ أن ] قوما قطعت أيديهم في سبيل الله - ولكل فضل - حتى إذا فعل ذلك


هذا هو الظاهر، وفي أصلي: " وتأييده إياه بمن أيده من أصحابه ".

 وفي المختار: " 28 " من كتب نهج البلاغة: " أما بعد فقد أتاني كتابك تذكر فيه اصطفاء الله محمدا صلى الله عليه وآله لدينه وتأييده إياه بمن أيده من أصحابه... " (2) هذا هو الظاهر المذكور في نهج البلاغة، وفي أصلي: " فلقد خبأ لك منك الدهر عجبا.. " (3) كذا في أصلي، غير أن ما بين المعقوفين أخذناه وفي نهج البلاغة: " وزعمت أن أفضل الناس في الاسلام فلان وفلان... ".

 (4) كذا في المختار: (28) من الباب الثاني من نهج البلاغة، وفي أصلي تصحيف.

 (5) كلمتا: " ذرعك " في أصلي كانا مهملتين، وفي نهج البلاغة: " ألا تربع أيها الانسان على ضلعك وتعرف قصور ذرعك... ".

 (6) هذا هو الصواب الموافق لنهج البلاغة، وفي أصلي تصحيف.

 (7) كذا في أصلي، وفي نهج البلاغة: " وإنك لذهاب في التيه رواغ عن القصد، ألا ترى - غير مخبر لك، ولكن بنعمة الله أحدث - أن قوما استشهدوا... ".

 


[ 373 ]

بواحدنا قيل [ له ] الطيار في الجنة [ و ] ذو الجناحين (1).

 ولولا ما نهى الله عنه من تزكية المرء نفسه لذكر ذاكر فضائل جمة تعرفها قلوب المؤمنين ولا تمجها آذان السامعين.

 فدع عنك ما ألزمت به نفسك من ذكر قوم أغناهم شرفهم عن ذكرك فإنا صنائع ربنا والناس بعد صنائع لنا (2).

 لم يمنعنا قديم عزنا وعظيم حلمنا وسالف ما مننا به على قومك (3) إذ خلطناهم بأنفسنا فتزوجنا منهم وتزوجوا منا فعل الاكفاء بالاكفاء ولستم هناك (4).

 وأنى يكون ذلك ومنا النبي ومنكم المكذب ؟ ومنا أسد الله ومنكم أسد الاحلاف ومنا سيدا شباب أهل الجنة ومنكم صبية النار ؟ ! ! ومنا خير نساء العالمين ومنكم حمالة الحطب ! ! [ في كثير مما لنا وعليكم فإسلامنا ما قد سمع وجاهليتنا لا تدفع ] (5) وكتاب الله يجمع لنا ما شذ عنا يقول [ الله ] عي وجل: (وأولو الارحام بعضهم أولى ببعض / 68 / ب / في كتاب الله) [ 75 / الانفال: 28 / و 6 / الاحزاب: 33 ].

 [ ويقول تعالى: (إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين) [ 68 / آل عمران: 3 ] (6).

 فنحن [ مرة ] أولى بالقرابة و [ تارة ] أولى بالطاعة(7).

 


(1) ما بين المعقوفات مأخوذ من نهج البلاغة.

 (2) كذا في المختار: " 28 " من الباب الثاني من نهج البلاغة غير أن فيه: " فدع عنك من مالت به الرمية فإنا صنائع ربنا... ".

 وفي أصلي: فدع عنك ما ألزمت به نفسك من ذكر قوم... فإنها صنائع ربنا إلينا ؟ والناس بعد صنائع لنا ؟....

 (3) كذا في أصلي، وفي المختار: (28) من باب الكتب من نهج البلاغة: لم يمنعنا قديم عزنا ولا عادي طولنا على مومك أن خلطناكم بأنفسنا....

 (4) كذا في أصلي، وفي نهج البلاغة: أن خلطناكم بأنفسنا فنكحنا وأنكحنا فعل الاكفاء ولسبم هناك... (5) ما وضع بين المعقوفات مأخوذ من نهج البلاغة.

 (6) الآية الكريمة هذه التي وضعناها بين المعقوفين كانت ساقطة من أصلي وأخذناها من نهج البلاغة.

 (7) ما بين المعقوفات مأخوذ من المختار: (28) من باب الكتب من نهج البلاغة وسياق الكلام أيضا يستدعيه.

 وفي أصلي: " فنحن أولى بالقرابة ونحن أولى بالطاعة... ".

 


[ 374 ]

ولما احتج المهاجرون يوم السقيفة برسول الله عليه وسلم على الانصار (1) فلجوا عليهم فان يكن الفلج به فالحق لنا دونكم وان يكن بغيره فالانصار على دعواهم ! ! ! وزعمن أني لكل الخلفاء حسدت وعلى كلهم بغيت [ فإن يكن ذلك كذلك ] فليست الجناية عليك فيكون الاعتذار إليك وإن يكن الامر كما قال أبو ذويب (2) [ وعيرها الواشون أني أحبها ] فتلك شكاة ظاهر عنك عارها وقلت: " إني كنت أقاد كما يقاد الجمل المخشوش حتى أبايع " ولعمر الله لقد أردت أن تذم فمدحت (3) وما على المسلم من غضاضة [ في ] أن يكون مظلوما ما لم يكن شاكا في دينه ولا مرتابا بيقينه، وهذه حجتي إلى غيرك قصدها وقد أطلقت لك منها بقدر ما سنح من ذكرها (4).

 ثم ذكرت ما كان من أمري وأمر عثمان فلك أن تجاب عن هذه لرحمه منك فأينا كان أعدى له وأهدى إلى قتله (5) أمن بذل له نصره فاستقعده واستكفه ؟ ! ! ! أم من استنصره فتراخى عنه وبث المنون إليه [ حتى أتى إقدره عليه ] (6) كلا والله (قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لاخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا هليلا) [ 17 / الاحزاب: 33 ] وما أعتذر ما كنت أنقم عليه [ أحداثا ] فإن كان الذنب [ إليه ] إرشادي له وهدايتي فرب ملوم أليف لا ذنب له (7) وما أردت إلا الاصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله


(1) هذا هو الظاهر المذكور في نهج البلاغة، وفي أصلي: لما احتج المهاجرون علي يوم السقيفة برسول الله صلى الله عليه وآله على الانصار وفلجوا عليهم... ".

 والفلج: الغلبة والظفر.

 (2) جملتا، " وإن يكن الامر كما قال أبو ذويب " غير موجودتين في نهج البلاغة، وفيه: " فيكون العذر إليك ".

 (3) كذا في أصلي، ومثله في نهج البلاغة وفيه زيادة قوله عليه السلام: " وأن تفضح فافتضحت ".

 (4) كذا في أصلي، وفي نهج البلاغة: " ولكني أطلقت لك منها بقدر ما سنح من ذكرها ".

 (5) كذا في مخطوطي، وفي نهج البلاغة: " فلك أن تجاب عن هذه لرحمك منه، فأينا كان أعدى له وأهدى إلى مقاتله ؟ ".

 (6) كذا في نهج البلاغة، وما بين المعقوفين أيضا منه، وفي أصلي: فتراخى عليه وبعث المنون إليه... ".

 (7) كذا في أصلي غير أنه كان فيه تصحيف في بعض الكلمات، وما وضع بين المعقوفات أيضا كان ساقطا منه.

 = 


[ 375 ]

عليه توكلت وإليه أنيب (1).

 وذكرت [ أنه ] ليس لي ولاصحابي [ عندك ] إلا السيف.

 فقد أضحكت بعد استعبار متى ألفيت بني عبد المطلب [ عن الاعداء ] ناكلين وبالسيف محوفين (2).

 لبث قليلا يلحق الهيجا حمل [ لا بأس بالموت إذا الموت نزل ] [ ف‍ ] سيطلبك من طلبت ويقرب منك ما استبعدت فلا تكونن كأقوام يلوون ماعنهم حتى إذا يهلكوا طابت أنفسهم عن ترك خصمهم مخافة الشر واريدوا لما تركوا (3) وأنا مرقل نحوك في جحفل من المهاجرين والانصار شديد زحامهم ساطع قتامهم متسربلين سرابيل الموت أحب اللقاء إليهم لقاء ربهم قد صحبتهم ذرية بدرية وسيوف هاشمية أنت تعرف مواقع نصالها في أخيك وخالك وجدك وما هي من / 69 / أ / الظالمين ببعيد (4) فإن تكن الدائرة قبلك ف‍ [ هي ] عادة الله عندنا وإن يكن الاخرى فلا ضير إنا إلى ربنا منقلبون إنا نطمع أن يغفر لنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين (5)


= وفي نهج البلاغة ومتا كنت لاعتذر من أني كنت أنقم عليه أحداثا، فإن كان الذنب إليه إرشادي وهدايتي له، فرب ملوم لا ذنب له ! ! [ وكم سقت في آثاركم من نصيحة ] وقد يستفيد الظنة المتنصح أقول: الشطر الاول من الشعر غير موجود في نهج البلاغة.

 والظنة - بكسر الظاء المعجمة - التهمة.

 والمتنصح: المبالغ في النصح لمن لا ينتصح.

 (1) ومن قوله عليه السلام: " وما أردت " إلى قوله:: " أنيب " مقتبس من الآية (88) من سورة هود، غير أن فيها (إن أريد إلا الاصلاح...).

 (2) ما بين المعقوفات أخذناه من المختار: (28) من نهج البلاغة، غير أن الشطر الثاني من الشعر أخذناه من غيره.

 (3) كذا في أصلي، وفي المختار المتقدم الذكر من نهج البلاغة: وسيطلبك من تلب، ويقرب منك ما تستبعد، وأنا مرقل نحوك في جحفك من المهاجرين والانصار والتابعين لهم بإحسان.

 (4) وفي نهج البلاغة: وقد صحبتهم ذرية بدرية وسيوف هاشمية قد عرفت مواقع نصالها في أخيك وخالك وجدك وأهلك....

 (5) من قوله: " فإن تكن الدائرة " إلى قوله: (أول المؤمنين) غير موجود في المختار: (28) من الباب الثاني من نهج البلاغة.

 = 


[ 376 ]

وخطب رضي الله عنه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله (1) ولزوم طاعته وتقديم العمل وترك الامل فإنه من فرط في عمله لم ينتفع بطئ من أمله أين التعب بالليل والنهار المقتحم للجج البحار ومفاوز القفار يسير من وراء الجبال وعالج الرمال يصل الغدو بالرواح والمساء بالصباح في طلب مقراب الارباح هجمت عليه منيته فعظمت بنفسه رزيته فصار ما جمع بورا وما اكتسب غرورا ووافى القيامة محسورا.

 أيها اللاهي الغار بنفسه كأني بك وقد أتاكم رسول ربك لا يقرع لك بابا ولا يهاب لك حجابا ولا يقبل منك بديلا ولا يأخذ منك كفيلا ولا يرحم لك صغيرا ولا يوقر فيك كبيرا حتى يؤديك إلى قعر مظلمة أرجاؤها موحشة أطلالها كفعله بالامم الخالية والقرون الماضية.

 أين من سعى واحتهد ؟ وجمع وعدد وبنى وشيد وزخرف ونجد ؟ وبالقليل لم يقنع وبالكثير لم يمتع ؟.

 أين من قاد الكنود ؟ ونشر البنود أصبحوا رفاتا تحت الثرى وأنتم بكأسهم شاربون ولسبيلهم سالكون.

 عباد الله فاتقوا [ الله ] وراقبوه واعملوا لليوم الذي تسير فيه الجبال وتنشق السماء بالغمام وتتطاير الكتب على الايمان والشمال فأي رجل يومئذ تراك ؟ أقائل: (هاؤم اقروا كتابيه) أم [ قائل ] (يا ليتني لم أوت كتابيه).

 نسأل من وعدنا على إقامة الشرائع جنته أن يقينا سخطه.

 إن أحسن الحديث كتاب الله.

 


= ومن قوله عليه السلام: (ولا ضير) إلى قوله: (أن كنتا أول المؤمنين) مقتبس من الآية: (50 - 51) من سورة الشعراء: 26.

 (1) هذا هو الظاهر، وفي أصلي: أوصيكم عباد الله بالتقوى... والخطبة أجنبية عن مطالب هذا الباب، وقد تقدمت حرفية - إلا في ألفاظ قليلة - في أوائل الباب: (49) في الورق 58 / أ / وفي هذه الطبعة ص 


[ 377 ]

وكتب عبد الرحمان بن الحكم إلى معاوية (1): الباب، وقد تقدمت حرفية - إلا في ألفاظ قليلة - في أوائل الباب: (49) في الورق 58 / أ / وفي هذه الطبعة ص 


[ 377 ]

وكتب عبد الرحمان بن الحكم إلى معاوية (1): ألا أبلغ معاوية بن حرب كتابا من أخي ثقة مليم (2) فإنك والكتاب إلى علي كدابغة وقد حلم الاديم (3)


(1) كذا في أصلي، ومثله في كتاب العقد الفريد: ج 5 ص 80.

 ولكن الصواب أن الذي كتب بهذه الابيات إلى معاوية هو الوليد بن عقبة بن أبي معيط، كما رواها عنه جماعة منهم البلاذري في الحديث: " 363 " من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب أنساب الاشراف: ج 290 2 ط 1.

 ثم إن كتاب الوليد بن عقبة أو عبد الرحمان بن الحكم هذا - على ما ذكره المصنف ابن عبد ربه - كان في أصلي متقدما على الخطبة المتقدمة آنفا، وإنما أخرناه، لكونه أجنبيا من جهتين: لجهة الاولى انه لم يكن من كتب أمير المؤمنين التي عقد الباعوني هذا الباب لها الثانية انه أجنبي عن كلم أمير المؤمنين عليه السلام بخلاف الخطبة المتقدمد فانها فاقدة للجهة الاولى فقط.

 (2) هذا هو الصواب، وفي أصلي والطبعة القديمة من العقد الفريد: " يلوم ".

 (3) هذا هو الصواب، وفي أصلي والطبعة القديمة من العقد الفريد: " وقد حكم الاديم " وحلم الاديم - على زنة علم وبابه - فسد ووقع فيه الدود المسمى ب‍ " حلمة " محركة.

 والايم: الجلد.

 وذكر الجهري في مادة: " حلم " من الصحاح، ما محصله: كتب الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى معاوية يحضه على قتال علي: فإنك والكتاب إلى علي كدا بغة وقد حلم الاديم.

 يقول له: أنت تسعى في اصلاح أمر قد تم فساده كهذه المرأة التي تدبع الاديم الذي قد نقبته الحلم وأفسدته.