[ 302 ]

(يزيد من) الصحابة، ولد في زمان عمر بن الخطاب، وركب العظائم المشهورة، (ثم) قال: وأما قول السلف ففيه لاحمد قولان: تلويح وتصريح، ولمالك أيضا قولان تصريح وتلويح، ولنا قول واحد وهو التصريح دون التلويح، قال: وكيف لا وهو اللاعب بالنرد / 141 / ب / المتصيد بالفهد، والتارك للصلوات، والمدمن للخمر، والقاتل لاهل بيت النبي (ص) والمصرح في شعره بالكفر الصريح (1).

 


وقريبا منه - مع بعض ما هذى به الغزالي - ذكره الدميري في عنوان: " الفهد " من كتاب حياة الحيوان ص 424 ط إيران، وفي ط: ج 2 ص 175.

 (1) إشارة إلى ما رواه جماعة منهم ابن كثير الدمشقي في أواخر ترجمة الامام الحسين عليه السلام من تاريخه: البداية والنهاية: ج 8 ص 192، ط دار الفكر قال: قال محمد بن حميد الرازي - وهو شيعي (من رجال أبي داود والترمذي وابن ماجة) -: حدثنا محمد بن يحيى الاحمري حدثنا ليث عن مجاهد، قال: لما جئ برأس الحسين (عليه السلام) فوضع بين يدي يزيد، تمثل بهذه الابيات: ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الاسل فأهلوا واستهلوا فرحا ثم قالوا لي: هنيئا لا تسل ؟ حين حكت بفناء بركها واستحر القتل في عبد الاسل ؟ قد قتلنا الضعف من أشرافكم ؟ وعدلنا ميل بدر فاعتدل قال مجاهد: نافق فيها والله، ثم والله ما بقى في جيشه أحد إلا تركه أي عابه وذمه ؟ ! ! ورواه أيضا ابن الجوزي في كتابه: " الرد على المتعصب العنيد " ص 47 طبعة بيروت قال: أنبأنا علي بن عبيد الله الزاغوني قال: أنبأنا محمد بن أحمد الكاتب، قال: أنبأنا عبد الله بن أبي 


[ 303 ]

وحكى ابن الفوطي في تاريخه قال: كان له قرد يجعله بين يديه ويكنيه بأبي قيس ويسقيه فضل كأسه ويقول: هذا شيخ من بني إسرائيل أصابته خطيئة فمسخ.

 وكان يحمله على أتان وحشية قد نصبت له ويرسلها مع الخيل في حلبة السباق، فحمله يوما عليها فسبقت فسر وأنشد:


سعيد الوراق قال: حدثنا محمد بن حميد، قال: حدثنا محمد بن يحيى الاحمري قال: حدثنا الليث: عن مجاهد، قال: جئ برأس الحسين بن علي فوضع بين يدي يزيد بن معاوية فتمثل (ب‍) هذين البيتين: ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الاسل فأهلوا واستهلوا فرحا ثم قالوا لي بغيب: لا تشل قال مجاهد: نافق فيها، ثم والله ما بقي في عسكره أحد إلا تركه أي عابه وذمه.

 وذكره أيضا سبط ابن الجوزي في أواخر ترجمة الامام الحسين عليه السلام من كتاب مرآة الزمان / الورق 17 / أ /.

 وذكره إيضا في أواخر الباب التاسع من كتاب تذكرة الخواص، ص 298 ثم قال: وقال ابن عقيل: ومما يدل على كفره وزندقته - فضلا (عن جواز) سبه ولعنه - أشعاره التي أفصح بها بالالحاد، وأبان عن خبث الضمائر وسوء الاعتقاد، فمنها قوله في قصيدته التي أولها: علية هاتي واعلني وترنمي بذلك إني لا أحب التناجيا حديث أبي سفيان قدما سمى بها إلى أحد حتى أقام البواكيا ألا هات فاسقيني على ذاك قهوة تخيرها العنسي كرما شاميا وإن مت يا أم الاحيمر فانكحي ولا تأملي بعد الفراق تلاقيا فإن الذي حدثت عن يوم بعثنا أحاديث طسم تجعل القلب ساهيا ولابد لي من أن أزور محمدا بمشمولة صفراء تروي عظاميا ومنها قوله: لما بدت تلك الحمول وأشرقت تلك الشموس على ربى جرون نعب الغراب فقلت: نح أولا تنح فلقد قضيت من الغريم ديوني ومنها قوله: معشر الندمان قوموا واسمعوا صوت الاذان واشربوا كأس مدام واتركوا ذكر المعاني شغلتني نغمة العيدان عن صوت الاذان وتعوضت عن الحور خمورا في الدنان 


[ 304 ]

تمسك أبا قيس بفضل زمامها فليس عليها إن سقطت ضمان فقد سبقت خيل الجماعة كلها وخيل أمير المؤمنين أتان وجاء يوما سابقا فطرحته الريح فمات فحزن عليه حزنا شديدا، وامر بتكفينه ودفنه وأمر أهل الشام أن يعزوه فيه ! ! ! وأنشأ يقول: كم قوم كرام ذو محافظة إلا أتانا يعزي في أبي قيس شيخ العشيرة أمضاها وأجملها إلى المساعي على الترق وس والريس ؟ لا يبعد الله قبرا أنت ساكنه فيه جمال وفيه لحية التيس


[ 305 ]

فصل في بعض ما رثي به (الحسين عليه السلام) وما قيل فيه: فمما أنشده الحاكم النيسابوري وهو لبعض المتقدمين (1): جاؤا برأسك يابن بنت محمد مترملا بدمائه ترميلا وكأنما بك يابن بنت محمد قتلوا جهارا عامدين رسولا قتلوك عطشانا ولم يترقبوا في قتلك التأويل والتزيلا ويكبرون بأن قتلت وإنما قتلوا بك التكبير والتهليلا وروى أبو مخنف عن عبد الرحمان بن جندب أن عبيد الله بن زياد لعنه الله بعد مقتل الحسين (عليه السلام) تفقد أشراف الكوفة فلم ير عبيد الله بن الحر (الجعفي) فطلبه فلما جاء أسمعه غليظ ما يكره ثم خرج من عنده فامتنع عليه (2) وقال في الحسين وأصحابه / 142 / أ / (عليهم السلام مرائي): يقول أمير غادر وابن غادر ألا كنت قاتلت الحسين ابن فاطمة ونفسي على خذلانه واعتزاله وبيعة هذا الناكث العهد لائمة (3) فيا ندمي أن لا أكون نصرته ألا كل نفس لا تسدد نادمة وإني وإن لم أكن قد نصرته لذو حسرة ما إن تفارق لازمة سقى الله أرواح الذين توازروا على نصره سقيا من الغيث دائمة وقفت على أجداثهم ومحلهم فكاد الحشى ينفض والعين ساجمة


(1) وهو خالد بن معدان بن أبي كريب الكلاعي أبو عبد الله الشامي الحمصي المتوفى سنة: " 103 " وقيل: توفي سنة: " 105 " وقيل: توفي سنة: " 106 " وقيل: " 107 " وقيل: " 108 ".

 والرجل من رجال الصحاح الست مترجم في تهذيب التهذيب: ج 3 ص 118.

 (2) هذا هو الظاهر، وفي أصلي تصحيف فاحش، وللقصة مصادر، وقد رواها أيضا الطبري في أواخر مقتل الحسين عليه السلام من تاريخه: ج 5 ص 469 قال: قال أبو مخنف: حدثني عبد الرحمان بن جندب الازدي: أن عبيد الله بن زياد - بعد قتل الحسين - تفقد أشراف أهل الكوفة فلم ير عبيد الله بن الحر، ثم جاءه بعد أيام حتى دخل عليه، فقال (له ابن زياد): أين كنت يا ابن الحر ؟ قال: كنت مريضا.

 قال: مريض القلب أو مريض البدن ؟ قال: أما قلبي فلم يمرض، وأما بدني فقد من الله علي بالعافية.

 فقال له ابن زياد: كذبت ولكنك كنت مع عدونا.

 قال: لو كنت مع عدوك لرئي مكاني وما كان مثل مكاني يخفى... (3) هذا هو الصواب، وفي أصلي تصحيف.

 


[ 306 ]

لعمري لقد كانوا مصاليت في الوغى سراعا إلى الهيجاء جمالا خضارمة (1) تآسوا على نصر ابن بنت نبيهم بأسيافهم آساد غير ضراغمة وما إن رأى الراؤن أفضل منهم لدى الموت سادات وزهر قماقمة أيقتلهم ظلما ويرجو ذمامنا (2) فدع خطة ليست لنا بملائمة لعمري لقد راغمتمونا بقتلهم فكم ناقم منكم علينا وناقمة أهم مرارا أن أسير بجحفل إلى فئة زاغت عن الحق راغمة وقال سليمان بن قتة (3) يرثي الحسين عليه السلام: وإن قتيل الطف من آل هاشم أذل رقابا من قريش فذلت مررت على أبيات آل محمد فلم أرها أمثالها حين حلت (4) وكانوا لنا غنما فصاروا رزية لقد عظمت تلك الرزايا وجلت فلا يبعد الله الديار وأهلها وإن أصبحت منهم برغمي تخلت إذا افتقرت قيس جبرنا فقيرها ويقتلنا قيس إذا النعل زلت ألم تر أن الارض أضحت مريضة لقتل حسين والبلاد اقشعرت ورأيت في مرثيته عليه (السلام) قصيدة طويلة جدا علق بخاطري منها هذه الابيات: أما والذي لدمي حللا وخصص أهل الولا بالبلا لئن ذقت فيك كؤس الحمام لما قال قلبي لساقيه لا ولا كنت ممن يشاكي الجوى ولو قدني مفصلا مفصلا


(1) الاجداث: جمع جدث - على زنة فرس -: القبر.

 والحشى - على زنة عصى -: ما في أضلاع الانسان من القلب والطحال والكرش، وينض: ينشق.

 ساجمه: دامعة.

 ومصاليت: شجعان.

 والوغى: الحرب.

 والخضارمه: جمع الخضرم - على زنة زبرج -: كثير العطاء.

 إذا سكر بالمدينة.

 (2) كذا في كثير من المصادر وفي أصلي: " يقتلهم ظلما... ".

 (3) هذا هو الصواب المذكور في الحديث: (401) من ترجمة الامام الحسين عليه السلام من تاريخ دمشق ص 301 طبعة بيروت، ومثله في كثير من المصادر، وفي أصلي: " الزبير بن قتيبة ".

 (4) هذا هو الصواب الموافق لسياق الكلام، والمذكور في غير واحد من المصادر، وفي أصلي: " فألفيتها ".

 


[ 307 ]

رضيت وحقك كل الرضا إذا كان يرضيك أن أقتلا أنا ابن البتول وسبط الرسول وجدي محمد فيكم علا أنا ابن الفتى الهاشمي الذي لمرحب في خيبر جدلا فلا غرور إن مت موت الكرام كما مات في الحب من خلا أينكر بين الورى قتلتي ورأسي يطاف به في الملا ووقفت على قصيدة طويلة نحو المئة بيت في مديح أهل البيت (عليهم السلام) للشيخ العلاء يحيى بن سلامة الحصكفي (1) ذكرها ابن الجوزي في تاريخه المعروف بالمنتظم فاخترت منها هذا القدر: ليت المطايا للنوى ما خلقت ولا حدا من الحداة أحد على الجفون رحلوا وفي الحشى تقيلوا وماء عيني وردوا وأدمعي مسفوحة وكبدي مقروحة وغلتي لا تبرد وصبوتي دائمة ومقلتي دامية ونومها مشرد تيمني منهم غزال أغيد يا حبذا ذاك الغزال الاغيد حسامه مجرد وصرحه ممرد وخده مورد كأنما نكهته وريقه مسك وحمر الثنايا برد يقعده عند القيام ردفه وفي الحشا منه المقيم المقعد أيقنت لما أن حدى الحادي بهم ولم أمت إن فؤادي جلمد كنت على القرب كئيبا مغرما صبا فما ظنك بي إذ بعدوا


(1) هذا هو الصواب، وفي أصلي تصحيف.

 ذكره ابن الجوزي فيمن توفي سنة: (553) تحت الرقم: (276) من تاريخه المنتظم: ج 10، ص 183، قال: ولد (يحيى بن سلامة) بطنزة بعد (العام) ستين وأربع مائة، و (طنزة) بلدة من الجزيرة من ديار بكر، ونشأ بحصن كيفا وانتقل (بعد) إلى (بلدة) " ميافارقين ".

 وهو إمام فاضل في علوم شتى، وكان يفتي ويقول الشعر اللطيف (وكان يكتب) الرسائل المعجبة المليحة الصناعة... وساق الكلام في ترجمته إلى أن قال: توفي الحصكفي في ربيع الاول في هذه السنة (يعني سنة 553) ب‍ (بلدة) ميافارقين.. 


[ 308 ]

هم الحياة أعرقوا أم أشأموا أم أيمنوا أم أتهموا أم أنجدوا لولا الضنا جحدت وجدي بهم لكن نحولي بالغرام يشهد / 143 / أ لله ما أجور أحكام الهوى وما لمن يظلم فيهم مسعد (1) ليس على المتلف غرم عندهم ولا على القاتل عمدا قود هل أنصفوا إذ حكموا أم أسعفوا من أيموا أم عطفوا فاقتصدوا (2) بل أسرفوا وظلموا وأتلفوا من هيموا وأخلفوا ما وعدوا وسائل عن حب أهل البيت (هل) أقر إعلانا به أم أجحد هيهات ممزوج بلحمي ودمي حبهم وهو الهدى والرشد حيدرة والحسنان بعده ثم علي وابنه محمد وجعفر الصادق وابن جعفر موسى ويتلوه علي السيد أعني الرضا ثم ابنه محمد ثم علي وابنه المسدد والحسن التالي ويتلو تلوه محمد بن الحسن المفتقد فإنهم أئمتي وسادتي وإن لحاني معشر وفندوا فأنهم أئمتي وسادتي وإن لحاني معشر وفندوا أئمة أكرم بهم أئمة أسماؤهم مسدودة تطرد هم حجج (الله) على عباده بهم إليه منهج ومقصد هم النهار صوم لربهم وفي الدياجي ركع وسجد قوم أتى في (هل أتى) مدحهم وهل يشك فيه إلا ملحد (3) قوم لهم فضل ومدح باذخ يعرفه المشرك والموحد (4) قوم لهم في كل إرض مشهد لا بل لهم في كل قلب مشهد قوم منى والمشعران لهم والمروتان (5) لهم والمسجد قوم لهم مكة والابطح والخيف وجمع والبقيع الغرقد ما صدق الناس ولا تصدقوا ما نسكوا وأفطروا وعيدوا


(1) هذان الشطران غير موجودين في المطبوع من كتاب المنتظم: ج 10، ص 185.

 (2) كذا في أصلي، وفي تاريخ المنتظم: " بل أنصفوا " وذكر في تعليقه: لعله " بل عسفوا ".

 (3) وفي تاريخ المنتظم: ما شك في ذلك إلا ملحد.

 وفي بعض المصادر: وهل يشك فيه إلا ملحد.

 (4) كذا في أصلي، وفي تاريخ المنتظم: " يعرفه المشرك ثم الملحد ".

 (5) كذا في تاريخ المنتظم، وفي أصلي: " والمرقيان ".

 


[ 309 ]

(ولا غزوا وأوجبوا حجاولا صلوا ولا صاموا ولا تعبدوا) لولا رسول الله وهو جدهم يا حبذا الوالد ثم الولد / 143 / ومصرع الطف فلا أذكره ففي الحشى منه لهيب يقد يرى الفرات ابن الرسول ظامئا يلقى الردى وابن الدعي يرد حسبك يا هذا وحسب من بغى عليهم يوم المعاد الصمد يا أهل بيت المصطفى وعدتي (1) ومن على حبهم أعتمد أنتم إلى الله غدا وسيلتي وكيف أخشى وبكم أعتضد وليكم في الخلد حي خالد والضد في نار لظى مخلد (2) ولست أهواكم لبغض غيركم إني إذا أشقى بكم لا أسعد فلا يظن رافضي أنني وافقته أو خارجي مفسد محمد والخلفاء بعده أفضل خلق الله فيما أجد هم أسسوا قواعد الدين لنا وهم بنوا أركانه وشيدوا ومن يخن أحمد في أصحابه فخصمه يوم المعاد أحمد هذا اعتقادي فالزموهه تفلحوا هذا طريقي فاسلكوه تهتدوا والشافعي مذهبي مذهبه لانه في قوله مؤيد (أتبعه في الاصل والفرع معا فليتبعني الطالب المسترشد إني بإذن الله ناج سابق (3) إذا ونى الظالم والمقتصد) وله (رحمه الله) من قصيدة طويلة أيضا: يا خائفا علي أسباب الردى أما عرفت حصني الحصينا إني جعلت في الخطوب موئلي محمدا والانزع البطينا أحب طاسين وياسين ومن يلوم في ياسين أو طاسينا يا ذاهبين في أضاليل الهوى وعن سبيل الحق (4) ناكبينا


(1) كذا في أصلي، وفي المنتظم: يا أهل بيت المصطفى يا عدتي... (2) وفي المنتظم: والضد في نار لظى يخلد.

 (3) الاشطر الاربعة الموضوعة بين المعقوفين أخذناها من كتاب المنتظم: ج 10، ص 185.

 (4) كذا في أصلي، وفي بعض المصادر: يا تائهين في أضاليل الهوى وعن سبيل الرشد ناكبينا وما وضعناه بين المعقوفات مأخوذ من مصادر أخر.

 


[ 310 ]

(تجاهكم دار السلام فابتغوا في نهجها جبريلها الامينا) لجوا الباب معي وقولوا: حطة يغفر لنا الذنوب أجمعينا (ذرو العناد فإن أصحاب العبا هم النبأ إن شئتم التبيينا) ديني الولاء لست أبغي غيره دينا وحسبي بالولاء دينا (هما طريقان فإما شامة أو فاليمين فاسلكوا اليمينا سجنكم السجين إن لم تتبعوا علينا دليل عليينا) ومن أحسن ما قيل في هذا المعنى وما مدح به أهل البيت (عليهم السلام) القصيدة المشهورة / 144 / أ / الجامعة لهذه الامور من المديح والرثاء والبكاء على أهل البيت، وهي قصيدة دعبل بن علي الخزاعي (1) شاعر آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولم أظفر منها إلا بهذا القدر اليسير (2) وهو هذا: مدارس آيات خلت من تلاوة ومنزل وحي مقفر العرصات لال رسول الله بالخيف من منى وبالركن والتعريف والجمرات ألم ترر أني مذ ثلاثون حجة أروح وأغدو دائم الحسرات أرى فيئهم في غيرهم متقسما وأيديهم من فيئهم صفرات وآل رسول الله نحف جسومهم وآل زياد غلظ القصرات بنات زياد في الخدور نواعم وآل رسول الله في الفلوات (3)


والابيات بطولها ذكرها السيد جواد شبر - أنجاه الله تعالى من شر الظالمين - في كتابه: أدب الطف: ج 3 ص 63 طبعة 2.

 (1) ولد دعبل رحمه الله سنة (148) واستشهد عام (246).

 وهو مترجم في مصادر شتى منها الاغاني: ج 15، ص 100، وفي ج 18، ص 20.

 وأيضا عقد له ترجمة ابن عساكر في حرف الدال من تاريخ دمشق، وكذلك عقد له ترجمة ابن العديم في كتاب بغية الطلب في تاريخ حلب، وله أيضا ترجمة في تاريخ بغداد: ج 8 ص 350، وكذلك في معجم الادباء: ج 11، ص 110.

 وكذا عقد له العلامة الاميني قدس الله نفسه ترجمة في كتاب الغدير: ج 2 ص 349.

 (2) وللقصيدة مصادر كثيرة وصورا مطولة، وقد ذكرنا صورا منها في كتابنا " زفرات الثقلين ".

 (3) لعل هذا هو الصواب، وفي أصلي: وبنت رسول الله في الفلوات ؟ وفي ترجمة الامام الحسين عليه السلام من كتاب بغية الطلب: وآل زياد في الحرير مصونة وآل رسول الله في الفلوات وآل رسول الله نحف جسومها وآل زياد غلظ الرقبات 


[ 311 ]

إذا وتروا إلى واتريها أكفا عن الاوتار منقبضات ولولا الذي أرجوه في اليوم أو غد تقطع قلبي اثرهم حسرات ولابراهيم بن سلمة بن هرمة (1): ومهما الام على حبهم فإني أحب بني فاطمة بني بنت من جاء بالمحكمات والدين والسنة القائمة فلست أبالي بحبي لهم سواهم من النعم السائمة وقد أكثر الناس في الرثاء والبكاء على ما أصاب أهل البيت (عليهم السلام) وقالوا مالا يحصى من المقالات نظما وذكروا في قتل الحسين عليه السلام وما كان من أمره ما أضرب عن ذكره صفحا ولم أرق له سفحا ولا يحتمل هذا المختصر أكثر من ذلك وفيه كفاية.

 وبالجملة والتفصيل فما وقع في الاسلام قضية أفظع منها وهي ما ينبو الاسماع عنها وتتفطر القلوب عند ذكرها حزنا وأسا وتأسفا وتنهل لها المدامع كالسحب الهوامع (2) هذا


(1) وللرجل ترجمة تحت الرقم: (3160) من تاريخ بغداد: ج 6 ص 127.

 وأيضا له ترجمة في حرف الالف من تاريخ دمشق.

 وذكره أيضا بدران في تهذيب تاريخ دمشق: ج 2 ص 234.

 وأيضا عقد له الذهبي ترجمة مختصره في سير أعلام النبلاء: ج 6 ص 207 طبعة بيروت.

 ورواه محققه إشارة عن مصادر كثيرة منها البداية والنهاية: ج 10، ص 169.

 والرجل وإن مدح أهل البيت عليهم السلام واعترف ببعض خصائصهم ولكن عملا كان من الراكنين إلى الدنيا، والتابعين لطواغيت عصره ! ! ذكر البلاذري في ترجمة الرجل - في آخر نسب قريش قبل عنوان: " نسب بني كنانة بن جذيمة " - من كتاب أنساب الاشراف: ج 4 / الورق 348 / ب / قال: وكان السلطان (وهو المنصور العباسي) أمر أن يضرب كل من شهد عليه (يعني ابن هرمة) بالسكر (وشرب الخمر) بمائة (سوط) ! ! ! فكان (ابن هرمة) إذا سكر بالمدينة (لشربه الخمر) قال: من يشتري المائة بالثمانين ! ! !.

 والقصة ذكرها البلاذري - بأوضح مما ذكرناه عنه هاهنا - في ترجمة نفس الزكية في أنساب الاشراف: ج 3 ص 112 - 119، طبعة بيروت.

 ولعل البلاذري ذكر القصة ها هنا مجلمة لحضور بعض ولد العباس عنده حين كتابته ما ها هنا، مخافة أن يبتلي بما ابتلى به الشهيد ابن السكيت رفع الله مقامه ! (2) ينبو - على زنة يدعو وبابه -: يتجافى ويتباعد.

 والمدامع: جمع مدمع: ماء العين.

 مجرى ماء 


[ 312 ]

والعهد بالنبي قريب وروض الايمان خصيب / 144 / ب / وغصن دوحته غض جديد وظله وافر مديد، ولكن الله يفعل ما يريد.

 وما أظن أن من استحل ذلك وسلك مع أهل النبي هذه المسالك شم ريحة الاسلام ولا آمن بمحمد عليه الصلاة والسلام ولا خالط الايمان بشاشة قلبه، ولا آمن طرفة (عين) بربه والقيامة تجمعهم وإلى ربهم مرجعهم.

 ستعلم ليلى أي دين تداينت وأي غريم التقاضي غريمها ولقد قرأ قارئ بين يدي الشيخ العالم العلامة أبي الوفاء (علي) ب عقيل رحمه الله (1) (قوله تعالى في الاية 20 من سورة السبأ: 34): * (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين) * فبكى وقال: سبحان الله غاية ما كان طمعه فيما قال: * (فليبتكن آذان الانعام) * (119 / النساء: 4) جاوزوا والله الحد الذي طمع فيع فيه ! ! ! ضحوا بأشمط عنوان السجود به يقطع اليل تسبيحا وقرآنا إي والله عمدوا إلى علي بن أبي طالب بين صفيه فقتلوه، ثم قتلوا ابنه الحسين بن


العين.

 والسحب: جمع السحاب: الغيم.

 والهوامع: جمع هامعة: السيال.

 (1) ذكره عمر رضا كحالة في حرف العين من كتاب معجم المئلفين: ج 7 ص 151، قال: علي بن عقيل بن محمد بن عقيل البغدادي الظفري (محلة بشرقية بغداد) الحنبلي أبو الوفاء فقيه أصولي مقرئ واعظ.

 ولد ببغداد (عام: 431) وتوفي (فيها) في 12، من جمادي الاولى (سنة) 513.

 من تصانيفه: تفضيل العبادات على نعيم الجنات، كتاب الفنون في مجلدات كثيرة، الفصول في فروع الفقه الحنبلي في عشر مجلدات، الانتصار لاهل الحديث، والواضح في أصول الفقه ثلاث مجلدات.

 ثم ذكر مصادر ترجمته منها: سير أعلام النبلاء: ج 19، ص 443، ومنها المنتظم: ج 9 ص 212، ومنها مناقب أحمد - لابن الجوزي - ص 526، ومنها كامل ابن الاثير: ج 10، ص 561، ومنها البداية والنهاية: ج 12 ص 184، ومنها لسان الميزان.

 


[ 313 ]

فاطمة الزهراء وأهل بيته الطيبين الطاهرين بعد أو منعوهم الماء ! ! ! هذا والعهد بنبيهم قريب وهم القرن الذي رأوا رسول الله (ص) ورأوه (ص) يقبل فمه ويرشف ثناياه (1) فنكتوا على فمه وثناياه بالقضيب ! ! تذكروا والله أحقاد يوم بدر وما كان فيه ! ! ! وأين هذا من مطمع الشيطان وغاية أمله بتبكيت آذان الانعام ؟ هذا مع قرب العهد وسماع كلام رب الارباب: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * (23 / الشورى: 42).

 ستروا واللهه عقائدهم في عصره مخافة السيف، فلما صار الامر إليهم كشفوا (عن) قناع البغي والحيف * (سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم) * (139 / الانعام: 6).

 ورأيت في تاريخ ابن خلكان رحمه الله (2) قضية غريبة فأحببت ذكرها ها هنا، وهي: (قال الشيخ نصر الله بن مجلي) - مشارف الخزانة الصلاحية ؟ -: فكرت ليلة وقد آوبت إلى فراشي فيما عامل به آل (أبي) سفيان لاهل بيت رسول الله (ص) وفي قضية الحسين، وقتله وقتل أهل بيته وأسر بنات رسول الله (ص) وحملهم (إياهن) على الاقتاب سبايا، ووقوفهم على درج دمشق سبايا عرايا ! ! ! فبكيت بكاءا شديدا / 145 / أ / وأرقت ثم نمت فرأيت أمير المؤمنين عليا رضي الله عنه فحين رأيته بادرت إليه وقبلت يديه وبكيت فقال: ما يبكيك ؟ فقلت: يا أمير المؤمنين تفتحون مكة فتقولون: " من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق عليه بابن فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن " ثم يفعل بولدك الحسين وأهل بيتك بالطف ما فعل ؟


(1) هذا هو الظاهر، وفي أصلي: (ورأوا يقبل رسول الله صلى الله عليه فمه وترشفه...).

 (2) المعروف ب‍ " وفيات الاعيان " والقصة مذكورة فيه معنى في ترجمة أبي الفوارس سعد بن محمد بن سعد بن الصيفي التميمي المعروف ب‍ " حيص بيص " في ج 11، ص 206.

 ورواها أيضا ابن العديم عمر بن أحمد الحنفي الحلبي - المولود (588) والمتوفى سنة: (660) - في الحديث: (196) من ترجمة الامام الحسين عليه السلام من كتاب بغية الطالب في تاريخ حلب.

 وأيضا لحيص بيص مرثية أخرى مذكورة في مجموعة من كتب المجلس بطهران، برقم: " 3321 " ص 14، منها، ولكن لم يتيسر لي الرجوع إليها، من أرادها فليراجعها، وليراجع أيضا كتاب أدب الطف: ج 3 ص 209.

 


[ 314 ]

فتبسم (أمير المؤمنين) وقال: ألم تسمع أبيات ابن الصيفي (سعد بن محمد) ؟ قلت: لا.

 قال: اسمعها منه فهي الجواب.

 قال: فطالت ليلتي حتى برق الفجر فجئت باب ابن الصيفي فطرقت بابه فخرج إلي حاسرا حافي القدمين وقال: ما الذي جاء بك هذه الساعة ؟ فقصصت عليه قصتي فأجهش بالبكاء وقال: والله ما قلتها إلا ليلتي هذه ولم يسمعها بشر (مني.

 ثم أنشدني): ملكنا فكان العفو منا سجية فلما ملكتم سال بالدم أبطح وحللتم قتل الاسارى وطالما غدونا عن الاسرى نعف ونصفح وحسبكم هذا التفاوت بيننا وكل إناء بالذي فيه ينضح (1)


(1) وانظر كتاب أدب الطف: ج 3 ص 208.

 


[ 315 ]

فصل في ذكر شئ من شعره (عليه السلام) ونظمه ونثره وكلامه وحكمه: فمن ذلك ما أنشده أبو بكر ابن حامد رضي الله عنه وأرضاه، ورواه عن الحسين عليه السلام (1) وهو: أغن عن المخلوق بالخالق تغن عن الكاذب والصادق واسترزق الرحمان فضله فليس غير الله من رازق من ظن أن الناس يغنونه فليس بالرحمان بالواثق أو ظن أن المال من كسبه زلت به النعلان من حالق (2) وعن الاعمش رحمه الله أن الحسين (عليه السلام) قال: كلما زيد صاحب المال مالا زيد في همه وفي الاشتغال قد عرفناك يا منغصة العيش ويا دار كل فان وبالي ليس يصفو لزاهد طلب الزهد إذا كان مثقلا بالعيال وعن إسحاق بن إبراهيم / 145 / ب / قال: بلغني أن الحسين عليه السلام زار مقابر الشهداء بالبقيع فقال: ناديت سكان القبور فأسكتوا وأجابني من صمتهم ترب الحشى ؟ قالت: أتدري ما صنعت بساكني مزقت لحمهم وأبليت الكسا (3)


(1) الظاهر أن هذا هو الصواب، وفي أصلي: " ما أنشده أبو بكر ابن حامد، ورواه عن الحسين رضي الله عنه وأرضاه، ورواه عن الحسين عليه السلام ".

 (2) وجميع الابيات المذكورة هاهنا، رواه ابن عساكر في الحديث: " 208 " وما بعده من ترجمة الامام الحسين عليه السلام من تاريخ دمشق ص 162، ط بيروت.

 ورواها أيضا ابن كثير في أواخر ترجمة الامام الحسين عليه السلام من تاريخ البداية والنهاية: ج 8 ص 208 ط دار الفكر.

 (3) هذا هو الظاهر المذكور في بعض النسخ من ترجمة الامام الحسين عليه السلام من تاريخ دمشق ص 163، ط 1.

 وهكذا رواه ابن كثير في ترجمة الامام الحسين من البداية والنهاية: ج 8 ص 209.

 وفي أصلي: " مزقت مجمعهم ؟ ".

 


[ 316 ]

وحشوت أعينهم ترابا بعد ما كانت تأذى باليسير من القذا أما العظام فإنني مزقتها حتى تباينت المفاصل والشوا قطعت ذا من ذا ومن هذاك ذا وتركتها رمما يطول بها البلى ومما هو منسوب إليه رضي الله عنه: (1) لئن كانت الدنيا تعد نفيسة فدار ثواب الله أعلى وأنبل وإن كانت الابدان للموت أنشئت فقتل امرء بالسيف في الله أفضل (2) وإن كانت الارزاق شيئا مقدرا فقلة سعي المرء أولى وأجمل (3) وإن كانت الاموال للترك جمعت فما بال متروك به المرء يبخل (4) ومما أنشده الزبير بن بكار للحسين عليه السلام في زوجته الرباب بنت امرئ القيس (5) لعمرك إنني لاحب دارا تحل بها سكينة والرباب أحبهما وأبذل جل مالي وليس للائمي فيها عتاب ولست لهم وإن عتبوا مطيعا حياتي أو يغيبني التراب


(1) ورواها عنه عليه السلام ابن عساكر في الحديث: (211) من ترجمته عليه السلام من تاريخ دمشق ص 163، ط 1.

 (2) هذا هو الظاهر في أواخر ترجمة الامام الحسين عليه السلام من تاريخ البداية والنهاية ج 8 ص 209.

 وفي أصلي في الابيات تصحيف.

 (3) كذا في أصلي، وفي ترجمة الامام الحسين من تاريخ دمشق: " فقلة سعي المرء في الكسب أجمل ".

 (4) هذا هو الظاهر المذكور في ترجمة الامام الحسين من تاريخ دمشق، وفي أصلي: " فما بال متروك به يتجمل ".

 (5) ورواها أيضا البلاذري في ذيل الحديث: (238) من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من أنساب الاشراف: ج 2 ص 196، طبعة ة بيروت.

 ورواها أيضا الدارقطني في عنوان: " جناب - و - زيد " من كتاب المؤتلف والمختلف: ج 1، ص 468 وص... ورواها مسندة ابن العديم في الحديث: " 80 " من ترجمة الامام الحسين عليه مكن تاريخه: بغية الطلب في تاريخ حلب: ج 7 ص 53 ط 1.

 


[ 317 ]

ومن بديع كلامه (عليه السلام): أجود الناس من أعطى من لا يرجوه، وأعفى الناس من عفا عن قدرة، وأوصل الناس من وصل من قطعه.

 وقال أنس: كنت عند الحسين بن علي رضي الله عنه فدخلت عليه جارية بطاقة ريحان فحيته بها فقال لها: أنت حرة لوجه الله.

 (قال أنس:) فقلت (له): تحييك بريحان لا عطر لها فتعتقها ؟ فقال: كذا أدبنا الله في كتابه فقال: * (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) * (86 / النساء: 4).

 وجنى غلام (له عليه السلام) جناية توجب العقوبة فأمر بضربه / 146 / أ / فقال: يا مولاي (فإن الله يقول:) * (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين) * (134 / آل عمران: 4) (ف‍) قال (الحسين عليه السلام): قد عفوت عنك وأنت حر.

 وشعره وحكمه (عليه السلام) كثيرة، وقد اقتصرت على هذا القدر (1) فإن مناقبه ومناقب أخيه وأبيه لا تحصر، نسأل الله أن يحشرنا في زمرتهم وأن يعيد علينا من بركتهم ويحيينا ويميتنا على محبتهم آمين بمنه وكرمه.

 


(1) ومن أراد المزيد بكتاب نزهة الناظر لحسين بن محمد الحلواني وتحف العقول للحسن بن علي بن شعبة، وبحار الانوار: ج 17، ص 147، طبعة الكمباني.

 


[ 319 ]

الباب السادس والسبعون

في عداوة بني أمية و (بني) عبد شمس لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، والاسباب الموجبة لذلك، وانحراف الناس عنه، وميلهم (عنه)

(قال الباعوني:) إن الله جعل الدنيا دار بلاء وامتحان، وخص أنبياءه وأولياءه من بالاءها وافر نصيب، قال الله سبحانه وتعالى: * (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم) * (31 / محمد: 47).

 وقال تعالى: (لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتمسعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الامور) * (186 / آل عمران: 3).

 وقال تعالى: * (ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا) * (34 / الانعام: 6).

 وقال تعالى: * (الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) * (2 / العنكبوت: 30).

 والايات في (هذا) المعنى لا تحصر.

 وأما الاحاديث فأكثر، منها ما جاء عن سعد بن أبي وقاص (رض) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن أشد (الناس) بلاأ ؟ (1) (ف‍) قال: الامثل ثم الامثل، يبتلي الرجل على قدر دينه، فإن كان في دينه صلبا شدد عليه، وإن كان في


(1) هذا هو الظاهر، وفي أصلي: عن أشد البلاء....

 


[ 320 ]

دينه رقة هون عليه، وما يزال كذلك حتى يمسي وليس عليه ذنب (1).

 قال الترمذي: (هذا) حديث حسن صحيح.

 وعن أنس عن النبي (ص) أنه قال: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم.

 وقال عليه السلام: رحم الله أخي موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر.

 وقال: ما أوذي نبي (مثل) ما أوذيت (2).

 وقال عليه الصلاة والسلام: إذا أحب عبدا / 146 / ب / حماه من الدنيا كما يحمي أحدكم سقيمه الماء.

 وفي الاثار أن زكريا عليه السلام لما نشر بالمنشار أن، فأوحى الله إليه إن تأوهت بعدها لامحونك من لوح النبوة.

 والاثار لا تحصى ولا تحصر في ذلك، والله تعالى يقول: * (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين) * (31 / الفرقان: 25).

 وقال بعضهم: البلايا هدايا الله لاحبائه وما أحب (عبدا) إلا إبتلاه.

 وإذا أردت أن تعرف صحة ذلك، فانظر في أحوال الانبياء عليهم الصلاة والسلام وما لقوه، فلا تجد منهم نبيا إلا وقد لقي من البلاء في الدنيا ما (لا) تحتمله الجبال، هذا


(1) وقريبا منه رواه عبد بن حميد، في مسند سعد بن أبي وقاص تحت الرقم: (146) من مسنده، ص 79.

 ورواه أيضا أحمد بن حنبل في أوائل مسند سعد بن أبي وقاص تحت الرقم: (1481) من كتاب المسند: ج 3 ص 45 ط 2.

 وقال أحمد محمد شاكر في تعليقه: إسناده صحيح، ورواه الترمذي (في سننه): ج 3 ص 286.. وقال: " حديث حسن صحيح " وقال شارحه: وأخرجه أحمد والدارمي والنسائي (في السنن) الكبرى وابن ماجة وابن حبان والحاكم.

 كذا في الفتح.

 وصدره رواه الحاكم في عنوان: " محنة أبي ذر " من كتاب المستدرك: ج 3 ص 343.

 ورواه أحمد بن مثنى الموصلي في الحديث: (142) من مسند بن أبي وقاص من مسنده: ج 2 ص 143، ط 1، وأورده محققه في هامشه عن مصادر جمة.

 (2) وقريبا منه معنى رواه أحمد في الحديث: " 263 " من مسند أنس من كتاب المسند: ج 3 ص 120.

 


[ 321 ]

وهم صفوة الله من خلقه وأحب خلقه إليه وأكرمهم عليه.

 فأولهم أبو البشر آدم عليه السلام، وما لقي وهو صفوة الله، خلقه بيده وأسجد له ملائكته وعلمه أسماءه وأسكنه جواره وضاعف له الكرامة، ثم ابتلاه وامتحنه بعدوه إبليس وسلطه عليه، فما زال يوسوس له وينصب له حبائل مكره وخدعه، ويحسن له الاكل من الشجرة التي نهاه الله عنها ويقسم له ولزوجته جوابا لله إنه لهما من الناصحين ودلاهما بغروره ومكره، وما برح بهما حتى أكلا من الشجرة، وأخرجهما من الجنة، فأهبط الله آدم من الجنة إلى الارض، فهبط ب‍ " سرانديب " وهبطت حواء (زوجته) على بعض الاقوال ب‍ " جدة " فأقام كئيبا باكيا وحيدا مفارقا لجوار مولاه، مستوحشا ل‍ (فراق) زوجته حواء لا أنيس له، ولا يفيق عن البكاء ساعة واحدة، حتى جرت دموعه كالجداول ! ! ! ويقال: إنه بكى مائة عام لا يفتر عن البكاء ساعة في ليل أو نهار، ثم جمع الله بينه وبين زوجته حواء، ثم امتحن بقتل ولده إلى غير ذلك، مما كابده من المشاق إلى أن نقله الله إلى جواره وأعاده إلى دار كرامته بعد أن تاب عليه بمنة وكرمه.

 ثم نوح عليه السلام أرسله (الله تعالى) إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله ليلا ونهارا وسرا وجهرا، فكذبوه بما جاء به وردوه عليه، ولم يؤمنوا بالله ولا (إلى) ما دعاهم إليه / 147 / أ / من توحيده وعبادته، وبالغوا في سبه ولبه وحبسه وضربه (1) حتى أن الرجل من قومه يأخذ بيد ولده الصغير ويقف به عليه، ويقول: يا بني أياك إذا أنا مت أن تصدق هذا فيما يدعوك إليه، واصنع به كا أصنع.

 ثم يثب عليه ويضربه حتى تسيل دماءه ! ! فيخر (نوح) مغشيا عليه.

 ولم يزل كذلك إلى أن أوحى إليه: * (إنه لم يؤمن من قومك إلا من قد آمن) * (36 / هود:).

 فلما آيس منهم قال: * (رب لا تذر على الارض من الكافرين ديارا) * (26 / نوح: 71) فاستجاب الله دعاءه وأغرق قومه بالطوفان كما ورد في القرآن.

 


(1) كذا في أصلي بنحو الاهمال، فإن صح فهو بمعنى الاخذ باللبب، والتلبيب، أي بالغوا في سبه والاخذ بتلبيبه متمكنا عليه.

 


[ 322 ]

ثم النبي الجليل إبراهيم الخليل وهو أبو الانبياء عليه وعليهم السلام وما خصه الله من الجلة والاكرام، ابتلاه الله بشر خلقه نمرود، فدعاه إلى الله وإلى توحيده والايمان به فعتى على الله وبغى ونازع الله رداء عظمته وطغى ! ! وإبراهيم صلوات الله عليه يدعوه إلى طاعة الله ووحدانيته والايمان به وعبادته، فما آمن طرفة عين بربه ولا خالط الايمان بشاشة قلبه، وتجرد لعداوة إبراهيم صلوات الله عليه، ولم يدع نوعا من أنواع الاذى إلا أسدى منه إليه (1) ثم رماه بالمنجنيق في النار، فصارت عليه بردا وسلاما، واستمر بها ثلاثة أيام تماما ؟ ثم نجاه الله ونصره، وخذل نمرود وقهره، وأهلكه بذبابة من أضعف الذباب (ف‍) جرعته كؤس العذاب ! ! ! ثم سيدنا الحبيب الكليم عليه أفضل الصلاة والتسليم ابتلاه الله بعدوه فرعون حين على واستعلى وقال: * (أنا ربكم الاعلى) * فأرسله الله إليه داعيا إلى توحيده وعبادته والاقرار بربوبيته، فما آمن ولا أقر، واستمر على عناده واستغر، وأراد قتل موسى فخرج خائفا يترقب وفر، ثم إن الله حماه بعناية منه وأنجاه، وبلغه من نصره ما أمله من فضله وترجاه، فأغرق فرعون وجنوده في اليم، وأهلكه بالكمد والغم، وأباده وقومه بالهلاك وعم.

 ثم الروح الامين والحبيب المكين محي الموتى (2).

 


(1) لعل هذا هو الصواب، وأسدى منه إليه: جرى ومد منه إليه.

 وفي أصلي: إلا اسدامه إليه....

 (2) قال المحمودي: إلى هنا ينتهي ما في أصلي من المخطوطة الرضوية التي جاد بها لنا العلامة الطبا طبائي دام عزه، والنسخة كانت مشحونة بالاغلاط والتصحيف، أصلحنا منها بقدر المستطاع، ولم نعهد للكتاب نسخة أخرى سوى ما ذكره شيخنا الحاج آغا بزرگ قدس الله نفسه في مستدرك كتابه القيم الذريعة: ج 26 ص 264 من أنه وجد نسخة من الكتاب عند بعض أهل العلم في النجف الاشرف.

 ولكن لم يتيسر لي الاتصال بالنجف الاشرف، وأرجو من ألطاف الله تعالى أن يبقينا في قيد الحياة حتى نتشرف بزيارة أمير المؤمنين عليه السلام ثم التفقد عن الكتاب، ثم تصحيحه ثم نشره كاملا بعون الله تعالى.

 ونأمل من إخواننا النجفيين خصوصا من صديقنا وسيدنا الاجل السيد مهدي خرسان أدام الله تعالى توفيقه أن يساهمنا في هذه الخدمة آمين رب العالمين.

 (ف‍) جرعته كؤس العذاب ! ! ! ثم سيدنا الحبيب الكليم عليه أفضل الصلاة والتسليم ابتلاه الله بعدوه فرعون حين على واستعلى وقال: * (أنا ربكم الاعلى) * فأرسله الله إليه داعيا إلى توحيده وعبادته والاقرار بربوبيته، فما آمن ولا أقر، واستمر على عناده واستغر، وأراد قتل موسى فخرج خائفا يترقب وفر، ثم إن الله حماه بعناية منه وأنجاه، وبلغه من نصره ما أمله من فضله وترجاه، فأغرق فرعون وجنوده في اليم، وأهلكه بالكمد والغم، وأباده وقومه بالهلاك وعم.

 


وقد أنهينا ترتيب الكتاب في بيروت في اليوم (8) من شهر رجب المرجب

من سنة " 1411 " الهجرية،

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.