185-
وفي مناقب ابن شهراشوب(695): ساله(ع)
راس الجالوت بعدما سال ابا بكر فلم يعرف: ما اصل الاشياء؟
فقال(ع): هو الماء لقوله تعالى: (وجعلنا من الماء كل شي ءحي)
. (696)
وما جمادان تكلما؟
قال(ع): هما السماء والارض.
وما شيئان يزيدان وينقصان ولا يرى الخلق ذلك؟
فقال(ع): هما الليل والنهار.
وما الماء الذي ليس من ارض ولا سماء؟
فقال(ع): الماء الذي بعث سليمان الى بلقيس وهو عرق الخيل
اذاهي اجريت في الميدان.
وما الذي يتنفس بلا روح؟
فقال(ع): (والصبح اذا تنفس)(697). وما القبر الذي سار بصاحبه؟ فقال(ع): ذاك يونس(ع) لما سار به الحوت في البحر(698).
186-
في كتاب عجائب احكامه(699) بعد ذكر
الحديث المتقدم في قضاياه واحكامه، ما لفظه : وفي خبر آخر
قال: لقي عمر بن الخطاب امير المؤمنين(ع)، فقال: يا ابا
الحسن، خصال عقلتها ونسيت ان اسال رسول اللّه(ص) عنها،
فهل عندك فيها شي ء؟
قال: وما هي؟
قال [عمر](700): الرجل يرقد فيرى في منامه الشي ء،
فاذاانتبه كان كخذ بيده، وربما يرى الشي ء [بعينه](701)
فلايكون شيئا. والرجل يلقى الرجل فيحبه عن غير معرفة،
ويبغضه عن غير معرفة، والرجل يرى الشي ء بعينه او يسمعه
فيحدث به دهرا ثم ينساه في وقت الحاجة، ثم يذكره في غير
وقت الحاجة.
فقال له امير المؤمنين(ع): اما قولك في الشي ء يراه الرجل في
منامه فان اللّه تبارك وتعالى قال في كتابه: (اللّه يتوفى الا نفس
حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها
الموت ويرسل الا خرى الى اجل مسمى)(702) فليس من
عبد يرقد الا وفيه شبه من الميت، فما رآه في مرقده من تحليل
روحه من بدنه فهو حق وهو من الملكوت، وما رآه في رجوع
روحه فهو باطل وتهاويل الشيطان.
واما قولك في الرجل يرى الرجل فيحبه على(703) غيرمعرفة،
ويبغضه على غير معرفة، فان اللّه تبارك وتعالى خلق الارواح قبل الابدان بالفي عام،
فاسكنها الهواء [فكانت تلتقي فتشام كما تشام الخيل] فما تعارف منه(704) يومئذ
ائتلف اليوم، وما تناكر منها يومئذ اختلف وتباغض.
واما قولك في الرجل يرى الشي ء بعينه او يسمع به فينساه
ثم يذكره، ثم ينساه، فانه ليس من قلب الا وله طخاة كطخاة
القمر، فاذاتخلل القلب الطخاة نسي العبد ما رآه وسمعه، واذا
انحسرت الطخاة ذكر ما راى و ما سمع(705).
قال عمر: صدقت يا ابا الحسن، لا ابقاني اللّه بعدك، ولا كنت في
بلدلست فيه(706).
هكذا في النسخة «طخاة) بالتاء بعد الالف.
وفي الفائق(707): قال النبي(ص): اذا وجد احدكم
طخاء على قلبه فلياكل السفرجل.
هو ما يغشاه من الكرب والثقل، واصله الظلمة والسحاب، يقال:
في السماء طخاء، والطخاة والطهاة من الغيم: كل قطعة
مستديرة تسدضوء القمر.
وفي حديث آخر: ان للقلب طخاءة كطخاءة القمر. انتهى.
وفي النهاية الاثيرية(708): في الحديث: اذا وجد
احدكم طخاء على قلبه فلياكل السفرجل. الطخاء: ثقل وغشي،
واصل الطخاء والطخية الظلمة والغيم.
ومنه الحديث: ان للقلب طخاء كطخاء القمر، اي ما يغشيه من
غيم يغط ي نوره. انتهى. فالزمخشري ذكر الطخاء والطخاءة، وابن الاثير ذكر الطخاء ولم يذكر الطخاءة، والاول روى الحديث الذي نحن بصدده بلفظ الطخاءة، والثاني رواه بلفظ الطخاء. ويمكن ان تكون الهمزة في الحديث الذي نحن بصدده سقطت من قلم الناسخ، ويمكن ان يكون الطخاء للجنس والطخاءة او الطخاة للوحدة، واللّه اعلم.
187-
وفيه(709) بعد الحديث الاتي في امارة عثمان، ما
لفظه : وعنه، عن ابراهيم بن ابي يحيى المدني(710)، عن
ابي عبداللّه (ع) قال: لما مات ابو بكر وبايع الناس عمر اتاه رجل
من شباب اليهود وهو في المسجد والناس حوله، فقال: يا
اميرالمؤمنين، دلني على اعلمكم باللّه وبرسوله وبكتابه وسنته.
قال: فاوما بيده الى علي(ع) فقال: هذا.
فتحول الرجل الى علي(ع)، فساله: انت كذلك؟
قال: نعم.
قال: اني اريد ان اسالك عن ثلاث، وثلاث، وواحدة.
فقال له امير المؤمنين(ع): افلا قلت عن سبع؟
قال اليهودي: لا، انما اسالك عن ثلاث فان اصبت فيهن سالتك
عن ثلاث، وان لم تصب لم اسالك.
فقال علي(ع): فاخبرني ان اجبتك بالصواب والحق تعرف
ذلك، وكان ابو الفتى من علماء اليهود يرون انه من ولد هارون
بن عمران(ع).
فقال علي(ع): واللّه الذي لا اله الا هو لئن اجبتك بالحق
والصواب لتسلمن ولتدعن اليهودية، فحلف له الفتى.
فقال له: يا يهودي، سل عما بدا لك تخبر به ان شاء اللّه.
فقال: اخبرني عن اول شجرة وضعت على وجه الارض، واول
عين نبعت في الارض، واول حجر وضع على وجه الارض؟
فقال(ع): اما قولك: اول شجرة وضعت على وجه الارض،
فان اليهود يزعمون انها الزيتونة، وكذبوا، انها
النخلة العجوة(711) هبط بها آدم(ع) من الجنة فغرسها،
واصل التمركله منها.
واما قولك: اول عين نبعت في الارض، فان اليهود يزعمون
انها العين التي ببيت المقدس تحت الحجر، وكذبوا، هي عين
الحيوان التي اتاها موسى(ع) وفتاه فغسلا منها السمكة فحييت،
وليس من ميت يصيبه ذلك الماء الا حيى.
واما قولك: اول حجر وضع على وجه الارض، فان اليهود تزعم
انه الحجر الذي ببيت المقدس، وكذبوا، انما هو الحجر الاسود
هبط به آدم (ع) من الجنة فوضعه على الركن، فالمسلمون
يستلمونه.
قال: فاخبرني كم لهذه الامة من امام هدى هادين مهديين
لايضرهم من خذلهم؟ واخبرني اين منزل محمد في الجنة؟
ومن معه من امته في الجنة؟
قال(ع): اما قولك: كم لهذه الامة من امام هدى مهديين لا
يضرهم من خذلهم؟ فان لهذه الامة اثني عشر اماما هادين
مهديين لايضرهم من خذلهم.
واما قولك: اين منزل محمد في الجنة؟ ففي افضلها واشرفها
جنة عدن.
واما قولك: من مع محمد من امته في الجنة؟ فمعه هؤلاء الاثنا
عشر ائمة الهدى.
فقال الفتى: اجبت واللّه الذي لا اله الا هو، وان هذا لمكتوب
عندنا باملاء موسى وخط هارون بيده.
فقال: واخبرني عن وصي محمد (ص) في اهله كم يعيش
بعده؟وهل يموت موتا او يقتل قتلا؟
قال له امير المؤمنين(ع): ويحك يا يهودي، وصي محمد
يعيش بعده ثلاثين سنة ويقتل قتلا، ضربة هاهنا وضرب بيده
الى راسه آتخضب هذه واوما بيده الى لحيته من هذه. قال: فقطع الفتى كستيجه(712) وقال: اشهد ان لا اله الا اللّهوحده لا شريك له، واشهد ان محمدا عبده ورسوله، وانك وصي محمد(713).
188-
وفي الكتاب المذكور(714) ما لفظه : سعد بن
ابي رزين، عن ابي حازم، عن ابي جعفر(ع)، قال: قدم اسقف
نجران زمن عمر بن الخطاب، فقال:ياامير المؤمنين، ان ارضنا
ارض باردة شديدة المؤونة لا تحتمل الجيش، وانا ضامن لخراج
ارضي احمله اليك في كل عام كملا. قال: وكان يقدم بالمال هو
بنفسه معه اعوان له حتى يوفيه بيت المال ويكتب له عمر
البراءة.
قال: فقدم الاسقف ذات يوم ومعه جماعة وكان شيخا جميلا
مهيبافدعاه عمر الى اللّه والى رسوله و [الى](715) كتابه،
وانشايذكر له [فضل](716) الاسلام وما يصير اليه المسلمون
من النعيم والكرامة.
فقال الاسقف: انتم(717) تقرءون في كتابكم (وجنة عرضها
كعرض السماء والا رض)(718) فاين تكون النار؟
فسكت عمر ونكس براسه، فقال له علي(ع): اجب النصراني.
فقال: بل اجبه انت [يا ابا الحسن](719).
فقال له علي(ع): انا اجيبك يا اسقف، ارايت اذا جاء النهار اين
يكون الليل؟ واذا جاء الليل اين يكون النهار؟
فقال الاسقف: ما كنت ارى ان احدا يجيبني في هذه المسالة!
من هذا الفتى، يا عمر؟
قال: هذا علي بن ابي طالب ختن رسول
اللّه(ص)[واخوه](720) وابن عمه، وهو ابوالحسن والحسين.
قال المؤلف: قد يقال: ان السؤال مبني على ان الجنة والنار
كلتاهمافي السماء والارض، فاذا كانت الجنة عرضها كعرض
السماءوالارض فقد ملاتهما، فلم يبق مكان للنار، والجواب بانه
اذا جاء النهار او الليل اين يكون الاخر لايدفع ذلك لان النهار
عبارة عن اشراق جزء من الارض بطلوع الشمس عليه، والليل
عبارة عن ظلمته بغيابها عنه، وهذا لا يدفع السؤال. والجواب
الحقيقي انه لم يثبت ان الجنة والنار في هذه السماء والارض،
واللّه تعالى يقول:(يوم تبدل الا رض غير الا رض
والسموات)(721) ويمكن ان يكون مل هذا الجواب الى ان اللّه
تعالى القادر على ان يبدل الليل بالنهار والنهار بالليل قادر على
ان يبدل الارض والسماوات باكبرمما هما عليه.
فقال الاسقف: اخبرني يا عمر عن بقعة من الارض طلعت
فيهاالشمس ساعة، ثم لم تطلع فيها قبلها ولا بعدها.
فقال عمر: سل الفتى.
فقال علي(ع): انا اجيبك، هو البحر حيث انفلق لبني
اسرائيل فوقعت فيه الشمس، ثم لم تقع فيه قبله ولا بعده.
[فقال الاسقف: صدقت، يا فتى](722).
فقال الاسقف: يا عمر، اخبرني عن شي ء في ايدي الناس شبيه
ثمار اهل الجنة.
فقال عمر: سل الفتى.
فقال علي(ع): يا اسقف، انا اجيبك، هو القرآن، يجتمع عليه
اهل الدنيا فياخذون منه حاجتهم فلا ينقص منه شي ء، وكذلك
ثمار اهل الجنة.
فقال الاسقف: صدقت، يا فتى.
ثم قال الاسقف: اخبرني يا عمر هل للسماوات من قفل؟
فقال له عمر: سل الفتى.
فقال له علي(ع): انا اجيبك، قفل السماوات الشرك باللّه.
فقال الاسقف: فما مفتاح ذلك القفل؟
فقال علي(ع): مفتاحه: الشهادة بان لا اله الا اللّه، لا يحجبه
شي ءدون العرش.
قال: صدقت، يا فتى(723)، فاخبرني يا عمر عن اول دم
وقع على وجه الارض اي دم كان؟
قال عمر: سل الفتى.
فقال له علي(ع): انا اجيبك يا اسقف اما نحن فلا نقول كما
تقولون دم الخفاش، ولكن اول دم وقع على وجه الارض مشيمة
حواء (س) حين ولدت قابيل بن آدم.
قال الاسقف: صدقت، وبقيت مسالة واحدة: اخبرني انت بها
ياعمر اين اللّه؟
فغضب عمر عليه، فقال له علي (ع): انا اجيبك، وسل عما
شئت، كناعند رسول اللّه(ص) يوما اذ اتاه ملك، فسلم عليه،
فقال له رسول اللّه(ص): من اين ارسلت؟
قال: من سبع سماوات من عند ربي.
ثم اتاه آخر فسلم عليه، فقال له النبي(ص) من اين ارسلت؟
قال: من سبع ارضين من عند ربي.
ثم اتاه آخر، فسلم عليه، فقال له رسول اللّه(ص): من
اين ارسلت؟
قال: من مشرق الشمس من عند ربي.
ثم اتاه ملك آخر، فسلم عليه، فقال له(ص): من اين ارسلت؟
قال: من مغرب الشمس من عند ربي. واللّه هاهنا وهاهنا وهاهنا (في السماء اله وفي الارض اله)(724) .(725)
189-
في كتاب عجائب احكامه(726): حدثنا جعفر بن شريح
الحضرمي، عن مالك بن اعين الجهني، عن ابي
عبداللّه(ع)،قال: لما ولي عمر بن الخطاب جاءه رجل يهودي
فدخل عليه المسجد وهو قاعد ومعه ابو ايوب الانصاري، فقال
له: انت امير المؤمنين؟
قال: نعم. قال: انت الذي يسالك الناس ولا تسال، وانت تحكم ولا يحكم عليك؟ قال له عمر: نعم. قال له: فاخبرني عن خصال اسالك عنها. قال: سل. قال: اخبرني عن واحد ليس له ثان، واثنين ليس لهما ثالث، وثلاثة ليس لها رابع، واربعة ليس لها خامس، وخمسة ليس لها سادس،وستة ليس لها سابع، وسبعة ليس لها ثامن، وثمانية ليس لها تاسع،وتسعة ليس لها عاشر، وعشرة ليس لها حادي عشر. فلم يجبه عمر، واطرق مليا. فقال اليهودي: اخبرني عما اسالك. فقال له ابو ايوب: ان امير المؤمنين عنك مشغول، ولكن ائت ذلك القاعد. قال: وعلي(ع) قاعد في المسجد معه جماعة، فجاء اليهودي حتى وقف على علي(ع) فقال: اني جئت الى اميركم هذا،فسالته عن اشياء فلم يجبني فيها بشي ء، فارسلت اليك. فرفع علي(ع) راسه، ثم قال: وماهي، يا ابن هارون؟ فاعاد عليه. فقال علي(ع): اما الواحد الذي لا ثاني له فاللّه الواحد تبارك وتعالى. واما الاثنان اللذان ليس لهما ثالث فالشمس والقمر. واما الثلاثة التي ليس لها رابع فالطلاق. واما الاربعة التي ليس لها خامس فالنساء. واما الخمسة التي ليس لها سادس فالصلاة. واما الستة التي ليس لها سابع فالستة الايام التي خلق اللّه فيها السماوات والارض. واما السبعة التي ليس لها ثامن فالسماوات السبع. واما الثمانية التي ليس لها تاسع فحملة العرش. واما التسعة التي ليس لها عاشر فحمل المراة. قال المؤلف: كان هذا مبني على الغالب والا فقد جاء في اخبار اهل البيت(ع) ان اقصى الحمل سنة. واما العشرة التي ليس لها حادي عشر فالعشرة الايام التي تمم اللّه بها ميقات موسى (ع) في قوله عز وجل: (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة واتممناها بعشر)(727). فقال اليهودي: انت تعلم هذا فذاك ما نعتقده اشهد انك امير المؤمنين حقا، واسلم على يده، فجز شعره، وغسل ثوبه، وعلمه شرائع الدين، واتى عمر، فقال: اكتب هذا في ديوان المسلمين(728). فيمن قال: احب الفتنة، وابغض الحق، الخ
190 ـ في كتاب عجائب احكام امير المؤمنين(ع) بعد قوله: علي بن ابراهيم، عن ابيه، عن محمد بن الوليد، عن الاصبغ بن نباتة، ما لفظه : وعنه(729) اي عن الاصبغ بهذا الاسناد :[قال:](730) قام رجل الى عمر بن الخطاب فقال: ياعمر (731)، انا رجل احب الفتنة، وابغض الحق، واشهد بما لم اره. فقال عمر: قدموه، فاضربوا عنقه. فقدم، فاقبل امير المؤمنين(ع)، فقال: ما هذا، يا عمر؟ فقال: انه ذكر: انه يحب الفتنة، ويبغض الحق، ويشهد بما لم يره. فقال علي(ع): اتركوه، ثم قال: نعم، اما قوله: احب الفتنة فانه يحب المال والولد، واللّه يقول: (انما اموالكم واولادكم فتنة)(732) . واما قوله: ابغض الحق فانه يبغض الموت.واما قوله: واشهد بما لم اره فانه يشهد بان اللّه واحد ولم يره(733). فقال عمر: خلوا سبيله(734).
191-
في كتاب عجائب احكامه(735): قال: فبينا نحن كذلك اذ طلع امير المؤمنين(ع) قال: فتبسم القوم، قال: فدخل عليا من ذلك غضاضة، فقال: لشي ء ما تبسمتم؟ فقالوا: لغير ريبة ولا باس، يا ابا الحسن، ان كعبا تمنى امنية فعجبنامن سرعة اجابة اللّه له في امنيته. فقال امير المؤمنين(ع): وما ذاك؟ قالوا: تمنى ان يكون اعلم اصحاب محمد(ص) عنده ليساله عن اشياء زعم انه لا يعرف على وجه الارض احدا يعرفها. قال: فجلس علي(ع)، ثم قال: هات يا كعب مسائلك. فقال: يا ابا الحسن، اخبرني عن اول شجرة اهتزت على وجه الارض. قال: في قولنا او في قولكم؟ قال: فيهما جميعا. قال له: تزعم انت واصحابك يا كعب انها الشجرة التي شق منها نوح السفينة. قال كعب: كذلك نقول. قال (ع): كذبتم ياكعب ولكنها التي اهبطها اللّه مع آدم من الجنة، فاستظل بظلها، واكل من ثمرها، هات يا كعب .. قال: اخبرني عن اول عين جرت على وجه الارض. قال علي(ع): في قولنا او قولكم؟ قال كعب: فيهما جميعا. قال علي(ع): تزعم انت واصحابك انها العين التي عليها صخرة بيت المقدس. قال كعب: كذلك نقول. قال(ع): كذبتم، ولكنها عين الحيوان، وهي التي شرب منها الخضرفبقي في الدنيا، هات ياكعب . قال: اخبرني يا ابا الحسن عن شي ء من الجنة في الارض. قال: في قولنا او في قولكم؟ قال: في الامرين جميعا. قال: تزعم انت واصحابك انه الحجر الاسود الذي انزله اللّه من السماء ابيض فاسود من ذنوب العباد. قال: كذلك نقول. قال: كذبتم ياكعب ، ولكن اللّه تعالى اهبط البيت من لؤلؤة جوفاءمن السماء الى الارض، فلما كان الطوفان رفع اللّه البيت وبقي اساسه، هات يا كعب. قال: يا ابا الحسن، اخبرني عمن لا اب له، ولا عشيرة له، وعمن لاقبلة له. فقال: اما من لا اب له فعيسى بن مريم(ع)، واما من لا عشيرة له فدم(ع)، واما من لا قبلة له فالكعبة هي قبلة ولا قبلة لها، هات ياكعب . قال: يا ابا الحسن، ثلاثة لم ترتكض في رحم، ولا تخرج من بدن. قال: عصا موسى، وناقة ثمود، وكبش ابراهيم. فقال كعب: يا ابا الحسن، بقيت خصلة ان انت اخبرتني بها فانت انت. قال: هلمها يا كعب . قال: قبر سار بصاحبه. قال(ع): ذاك يونس بن متي(ع) اذ سجنه اللّه في بطن الحوت(736).
في انه لا يزني العبد وهو مؤمن، الخ.. 192- في كتاب عجائب احكامه(737): حدثني محمد بن داود الغنوي، عن الاصبغ بن نباتة، قال: جاء رجل الى اميرالمؤمنين(ع)، فقال: [يا امير المؤمنين](738) ان اناسازعموا ان العبد لا يزني وهو مؤمن، ولا يسرق وهو مؤمن، ولايشرب الخمر وهو مؤمن، ولا ياخذ(739) الربا وهو مؤمن،ولا يسفك الدم الحرام وهو مؤمن، فقد ثقل هذا علي وحرج منه صدري حين زعم ان هذا العبد يصلي صلاتي، ويدعو بدعائي،ويناكحني واناكحه، ويوارثني واوارثه، وقد خرج من الايمان من اجل(740) ذنب يسير اصابه.
سؤال رجل عن قوله تعالى: (واسال من ارسلنا من قبلك) (769)
193-
في كتاب عجائب احكامه(770) ما لفظه
:فضالة(771)، عن ابي بكر الحضرمي(772)، عن ابي
عبداللّه(ع) قال: اتى رجل امير المؤمنين(ع) وهو في مسجد
الكوفة قد احتبى بسيفه(773)، فقال: يا اميرالمؤمنين، ان في
القرآن آية قد افسدت قلبي وشككتني في ديني.
قال(ع): وما ذاك؟
قال: قول اللّه عز وجل: (واساءل من ارسلنا من قبلك من رسلنا
اجعلنامن دون الرحمن آلهة يعبدون) فهل كان في ذلك الزمان
نبي غيرمحمد(ص) فيساله عنه؟
فقال له امير المؤمنين(ع): اجلس اخبرك به ان شاء اللّه تعالى،
ان اللّهتبارك وتعالى يقول في كتابه: (سبحان الذي اسرى
بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الا قصى الذي
باركنا حوله لنريه من آياتناانه هو السميع البصير)(774)
فكان من آيات اللّه التي اراها محمدا(ص) انه انتهى به
جبرئيل(ع) الى البيت المعمور، وهوالمسجد الاقصى، فلما دنا
منه اتى جبرئيل عينا فتوضا منها، واسبغ الوضوء، ثم قال: يا
محمد، توضا، ثم قام جبرئيل(ع) فاذن مثنى مثنى، ثم قال
للنبي(ص): تقدم وصل واجهر بالقراة، فان خلفك افقا من
الملائكة لا يعلم عددهم الا اللّه عز وجل، وفي الصف الاول آدم
ونوح وهود وابراهيم وموسى وعيسى(ع)، وكل نبي بعثه
اللّهمنذ خلق اللّه السماوات والارض الى ان بعث اللّه محمدا.
فتقدم رسول اللّه(ص) فصلى بهم غير هائب ولا محتشم،
فلماانصرف اوحى اللّه اليه كلمح البصر (واسال يا محمد من
ارسلنامن قبلك من رسلنا اجعلنا من دون الرحمن آلهة
يعبدون)، فالتفت اليهم رسول اللّه(ص) بجميعه فقال: بم
تشهدون؟
قالوا: نشهد ان لا اله الا اللّه وحده لا شريك له، وانك رسول اللّه،
وان عليا امير المؤمنين وصيك، وكل نبي منا خلف وصيا من
عصبته ماخلا هذا واشاروا الى عيسى بن مريم(ع) فانه لا
عصبة له، وكان وصيه شمعون بن حمون الصفا ابن عم امه،
فنشهد انك رسول اللّهسيد النبيين، وان علي بن ابي طالب
سيد الوصيين، اخذت على ذلك مواثيقنا لكما بالشهادة.
فقال الرجل: احييت قلبي وفرجت عني، يا
اميرالمؤمنين(775).
194-
في كتاب عجائب احكامه بعد قوله: حدثني ابي، عن
ابن ابي عمير، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن قيس، عن
ابي جعفر(ع)، قال : وعنه(777)، عن ابي الجارود، عن
الحارث الاعور، قال: بينا امير المؤمنين(ع) في الرحبة والناس
عليه متداكون، فمن بين مستفت ومن بين مستعد(778) اذ
قام رجل فقال: السلام عليك يا امير المؤمنين ورحمة اللّه
وبركاته.
فنظر اليه علي(ع) بعينيه تينك العظيمتين، ثم قال: وعليك
السلام ورحمة اللّه وبركاته، من انت؟
قال: [انا](779) رجل من رعيتك واهل بلادك، يا
اميرالمؤمنين.
فقال(ع): ما انت من رعيتي، ولا من اهل بلادي، ولو سلمت
علي يوما واحدا [لعرفتك و](780) ما خفيت عني، ثم قال
لمن حوله: اتعرفون هذا؟ فلم يعرفه احد.
فقال(ع) له: هؤلاء اهل بلادي ما يعرفونك، مع اني لو رايتك
مرة لم تخف علي.
فقال الرجل: الامان، يا امير المؤمنين.
قال(ع): هل احدثت في مصري هذا منذ دخلته حدثا؟
قال: لا.
قال(ع): فلعلك جئت ايام الحرب؟
قال: نعم.
قال(ع): اذا وضعت الحرب اوزاره(781) فلا باس.
فقال: انا رجل بعثني اليك معاوية متغفلا اسالك [ يا امير
المؤمنين ](782) عن امر بعث به [اليه](783) ابن الاصفر
يساله عنه ويقول له: ان كنت انت القيم بهذا الامر والخليفة بعد
محمد فاخبرني بهذه الاشياء.
فانك ان اخبرتني بها اتبعتك، او بعثت(784) اليك
بالجزية،فلما اتاه الرسول لم يكن عنده جواب، وقد غمه ذلك
واقلقه، فبعثني اليك متغفلا لك اسالك عنها.
قال(ع): وما هي؟
قال: كم بين الحق والباطل؟ وكم بين السماء والارض؟ وكم
بين المشرق والمغرب؟ وعن هذه المجرة(785)، وعن
قوس قزح، وعن المحو الذي في القمر، وعن اول
شي ءانتضح(786) على وجه الارض، وعن اول شي ء
اهتزعليها، وعن العين التي تاوي اليها ارواح
المسلمين(787)،و[عن](788) العين التي تاوي اليها
ارواح الكفار(789)، وعن المؤنث، وعن عشرة اشياء بعضها
اشدمن بعض.
فقال امير المؤمنين(ع): قاتل اللّه ابن آكلة الاكباد ما اضله
واضل من معه، واللّه لقد اعتق جارية فما احسن ان يتزوجها،
حكم اللّه بيني وبين هذه الامة، قطعوا رحمي، واضاعوا
ايامي(790)ودفعوا حقي، وصغرو(791) عظيم منزلتي،
واجمعوا على منازعتي، علي بالحسن والحسين ومحمد، فجاؤا
اليه، فقال(ع): يااخا اهل الشام، هذان ابنا رسول اللّه(ص)، وهذا
ابني، فسل ايهم احببت.
فقال الشامي: اسال هذا ذا الوفرة(792) يعني الحسن(ع)
فاخذ الحسن بيده فوضعها على فخذه، ثم قال: يا اخا اهل
الشام،بين الحق والباطل اربع اصابع، ما رايته بعينك فهو
الحق، وقد تسمع باذنك باطلا كثيرا.
فقال الشامي: صدقت، اصلحك اللّه.
قال(ع): وبين السماء والارض دعوة المظلوم ومد البصر، فمن
قال غير هذا فكذبه.
قال: صدقت، اصلحك اللّه.
قال(ع): وبين المشرق والمغرب يوم مطردالشمس(793)،
تنظر اليها حين تطلع وتنظر اليها حين تغيب، فمن قال لك
غير هذا فكذبه.
قال: صدقت، اصلحك اللّه.
قال(ع): واما هذه المجرة فهي اشراج السماء، ومنها يهبط
الماءالمنهمر.
واما قوس قزح فانه اسم شيطان، هو قوس اللّه وامان من الغرق.
واما المحو الذي [تراه](794) في القمر فان ضوء القمر
كان مثل ضوء الشمس فمحاه اللّه تعالى، وهو قوله تعالى:
(وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية
النهارمبصرة)(795).
واما اول شي ء نضح على وجه الارض فهو وادي دلس(796).
واما اول شي ء اهتز على [وجه](797) الارض فهوالنخلة.
واما العين التي تاوي اليها ارواح المسلمين(798) فهي عين
يقال لها: س(799) لمى.
واما العين التي تاوي اليها ارواح الكفار(800) فهي عين
يقال لها: برهوت(801).
واما المؤنث فانسان لا يدرى امراءة هو ام رجل، ينتظر به، فان
كان رجلا احتلم والتحى، وان كان امراة بدا ثديها، والا قيل له:
بل على الحائط، فان اصاب بوله الحائط فهو رجل، وان نكص
كما ينكص البعير فهي(802) امراة.
واما عشرة اشياء بعضها اشد من بعض، فاشد شي ء خلقه اللّه
الحجر،واشد من الحجر الحديد يقطع به الحجر، واشد من
الحديد النار،واشد من النار الماء، واشد من الماء السحاب، واشد
من السحاب الريح، واشد من الريح(803) الملك، واشد من
الملك ملك الموت، واشد من ملك الموت الموت، واشد من
الموت امر اللّه رب العالمين.
فقال الشامي: اشهد انك ابن رسول اللّه(ص)، وان عليا وصي
محمدواولى بالامر من معاوية. قال ثم كتب هذه الاشياء له، فذهب بها الى معاوية،وبعثه(804) معاوية الى ابن الاصفر، فلما اتته كتب الى معاوية: اشهد انها ليست من عندك يا معاوية ، وما هي الا من معدن النبوة وموضع الرسالة، واما انت فلو سالتني درهما واحدا ما اعطيتك(805).
مسائل ابن الكواء(806)
195- في كتاب عجائب احكامه(808)
فقال له امير المؤمنين(ع): ثكلتك امك وعدمتك، ماهي؟
قال: قول اللّه عز وجل لمحمد(ص) في سورة النور: (والطير
صافات كل قد علم صلا ته وتسبيحه) ما هذا الطير؟ وما هذه
الصلاة؟ و[ما](810) التسبيح؟
فقال(ع): ويلك يا ابن الكواء، ان اللّه تعالى خلق الملائكة في
صورشتى،الا وان للّه ملكا في صورة ديك ابح اشهب،
براثنه(811)في الارضين(812) السابعة السفلى، وعرفه
منثن تحت عرش الرحمن، له جناح في المشرق وجناح في
المغرب، فالذي في المشرق من نار، والذي في المغرب من ثلج،
فاذا حضر وقت كل صلاة قام على براثنه، ثم رفع عنقه من تحت
العرش، ثم صفق بجناحيه كما تصفق الديكة في منازلكم، [فلا
الذي من النار يذيب الثلج، ولا الذي من الثلج يطفى ء النار، ثم
ينادي: اشهد ان لا اله الا اللّه وحده لا شريك له، واشهد ان
محمدا عبده ورسوله، وان محمداسيد الاولين والاخرين، وان
وصيه سيد الوصيين، سبوح قدوس،ربنا رب الملائكة والروح.
قال: فتصفق الديكة كلها باجنحتها في منازلكم]، وبنحو من(813)
قوله، وهو قوله عز وجل لمحمد نبيه(ص): (والطير
صافات كل قد علم صلا ته وتسبيحه) من الديكة في
الارض(814).
196-
ومن مسائل ابن الكواء ما في كتاب عجائب احكام
اميرالمؤمنين علي بن ابي طالب(ع)(815) بعد حديث عاصم
بن ضمرة المتقدم في قضاياه في امارة عمر، ما لفظه: وقال: ان
ابن الكواء اليشكري قام الى امير المؤمنين صلوات اللّهعليه،
فقال: ياامير المؤمنين [عليك سلام اللّه](816)، اخبرني عن
بصيربالليل بصير بالنهار، وعن اعمى بالليل اعمى بالنهار، وعن
بصيربالليل اعمى بالنهار، وعن بصير بالنهار اعمى بالليل.
فقال له امير المؤمنين(ع): ويلك سل عما يعنيك ودع ما لا
يعنيك.
اما بصير بالليل بصير بالنهار، فهذا رجل(817) آمن بالرسل
الذين مضوا وبالكتب، وادرك النبي(ص) فمن به، فابصرفي
ليله ونهاره.
واما اعمى بالليل اعمى بالنهار، فرجل جحد الانبياء الذين
مضوا،وادرك النبي(ص) فلم يؤمن به، فعمي بالليل وعمي
بالنهار.
واما اعمى بالليل بصير بالنهار، فرجل جحد الانبياء الذين
مضواوالكتب، وادرك النبي(ص) فمن به، فعمي بالليل وابصر
بالنهار.
واما اعمى بالنهار بصير بالليل، فرجل آمن بالانبياء والكتب وجحدالنبي(ص)، فابصر
بالليل وعمي بالنهار(818) .(819)
197 ومن مسائل ابن الكواء ما في كتاب عجائب احكام
اميرالمؤمنين(ع)(820)، قال بعد الحديث السابق ما لفظه
:ابو اسحاق(821)، عن عاصم(822)، قال خرج علينا علي
يوما، وجلس على المنبر، فاستقبلنا بوجهه، وقال: سلوني قبل
ان تفقدوني.(823)
فقام عبداللّه بن الكواء فقال: يا امير المؤمنين، اخبرنا عن
قول اللّه تعالى: (والذاريات ذروا).(824)
فقال علي (ع): اجلس ويلك فانك متعنت ولست
بمتفقه(825)، ولكن سل عما بدا لك ان شئت تعنتا وان
شئت تفقها.
قال: اخبرني [يا امير المؤمنين](826) عن قول اللّه
تعالى: (والذاريات ذروا).
قال(ع): ويلك هي الرياح.
قال: (فالحاملات وقرا)(827).
قال(ع): ويلك هي السحاب.
قال: (فالجاريات يسرا)(828).
قال: ويلك هي السفن.
قال: (فالمقسمات امرا)(829).
قال: ويلك(830) هم الملائكة(831).
قال: فالطور يا امير المؤمنين.
قال: ويلك، الطور هو الجبل الذي كلم اللّه عليه موسى(ع).
قال: يا امير المؤمنين، فما الكتاب المسطور؟
قال(ع): ويلك هو اللوح المحفوظ، وهو درة بيضاء له دفتان
من ياقوتة حمراء [وعرضه خمسمائة عام، وطوله خمسمائة
عام]كلامه(832) البرق، وخطه النور، واعلاه معقود
بالعرش،واسفله في حجر ملك وهو اسرافيل(ع) صاحب اللوح،
فاذا اراد اللّهعز وجل ان يوحي(833) او يفضي اليه شيئا بعث
اللّه ريحامن تحت العرش فحركت اللوح، فهبط اللوح(834)
حتى يقرع جبهة اسرافيل(ع)، فينادي عند ذلك اسرافيل
جبريل(ع)[فياخذ اهل السماء الغشاء فلا يبقى في السماوات
ملك الا قطع عليه صلاته](835)، فاذا صعد اليه جبرئيل دفع
الوحي اليه، فمر باهل سماء سماء وهو راجع يقولون(836):
ماذاقال ربك؟ فيقول لهم جبرئيل: الحق وهو العلي الكبير
يقضي بالحق،وهو خير الفاصلين.
قال: يا امير المؤمنين، فالبيت(837) المعمور.
قال(ع): ويلك، هو بيت في السماء الرابعة من لؤلؤة جوفاء،
فيه كتاب اهل الجنة، ويكتب فيه اعمالهم عن يمين الباب بقلم
من نور،وفيه يكتب اعمال اهل النار عن يسار الباب
بقلم[اسود](838) اشد سوادا من الليل، فاذا كان عند
مقدارالعشاء ترفع النسخ فيؤتى بها اللوح المحفوظ، فيعرضان
ما كتب عليهما من خير او شر، فلا يغادر حرف حرفا ولا الف الفا،
ثم قرا:(هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق انا كنا نستنسخ ما
كنتم تعملون)(839) يدخله كل يوم سبعون الف ملك
لايعودون حتى تقوم الساعة، وهو بحذاء بيت مكة، لو ان رجلا
سقط منه يسقط على الكعبة.
قال: يا امير المؤمنين، فما السقف المرفوع؟
قال(ع): ويلك، هو السماء المرفوع عن الدنيا، وهو بحر مكفوف
فيه الغيث والرعد والسحاب، زينها اللّه بمصابيح وجعلها
رجوماللشياطين(840)، ثم تلا: (انا زينا السماء الدنيا
بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد لا يسمعون الى
الملا ء الا على ويقذفون من كل جانب دحورا ولهم
عذاب واصب)(841).
قال: يا امير المؤمنين، [فما](842) المحو الذي في القمر؟
قال(ع): ويلك ان الشمس والقمر كانتا آيتين من آيات اللّه
تعالى،وكان ضوؤهما ونورهما واحدا، فلما خلق اللّه تعالى آدم
طمس القمر بالمحو الذي وضعه فيه تسعة وتسعون جزا وترك
جزاواحدا لتعلموا يومكم من ليلتكم، وساعاتكم، ووقت حجكم،
وعدة نسائكم، واجر اجرائكم، ثم قرا: (وجعلنا الليل والنهار
آيتين فمحوناآية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا
من ربكم ولتعلمواعدد السنين والحساب)(843).
قال: يا امير المؤمنين، فقوله(844) تعالى: (وبقية مما
ترك آل موسى وآل هرون تحمله الملائكة)(845).
قال(ع): ويلك، هو عمامة موسى [وعصاه](846)،ورضاض
الالواح(847)، وقفيز من من وطست من ذهب.
قال: يا امير المؤمنين، فما الرعد؟
قال(ع): ويلك، هو ملك يقال له: «الرعد» يسوق السحاب
بالتقديس والتسبيح والتمجيد(848) كما يسوق الراعي
الابل بالحداء(849).
قال: يا امير المؤمنين، فما البرق؟
قال(ع): ويلك، هو لمح الملك اذا نظر يمينا وشمالا.
قال: يا امير المؤمنين، من الذين بدلوا نعمة اللّه كفرا واحلوا
قومهم دار البوار(850)؟
قال(ع): ويلك، [هم](851) الافجران من قريش: بنو
امية وبنو المغيرة، فاما بنو المغيرة فقطع اللّه تعالى دابرهم يوم
بدر، وامابنو امية فمتعوا حتى حين.
قال: يا امير المؤمنين، فقوله تعالى: (هل ننبئكم بالا خسرين
اعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم
يحسنون صنعا)(852).
قال(ع): منهم اهل حروراء.
قال: فما قوس قزح؟
قال(ع): ويلك، لا تقل قزح، فان قزح اسم شيطان، هو قوس
اللّه،وعلامة الخصب، وامان لاهل الارض من الغرق(853).
قال: يا امير المؤمنين، فهذه الخطوط التي في السماء
امثال الطرق.
قال(ع): ويلك، ذاك شرج(854) السماء ومفتاح ابواب السماء،
ومن ثم ارسل اللّه تعالى على قوم نوح(ع) الماء المنهمر،وعلى
قوم لوط(ع) حجارة من سجيل.
قال: يا امير المؤمنين، فاخبرني عن قول اللّه تعالى: (والا رض
جميعاقبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه)(855)
فاين العباد حينئذ؟
قال(ع): ويلك، على الصراط كهدب الشعر وكحد السيف.
قال: يا امير المؤمنين، فاخبرني عن اهل الجنة حين
ياكلون ويشربون ولا يكون لهم الحاجة هل لذلك مثل في
الدنيا؟
قال(ع): نعم، ويلك، ان احدهم ليعط ى القوة في الشهوة في
الاكل والشرب والجماع قوة مائة رجل من الاولين، ثم يكون
حاجة احدهم عرقا يفيض من جلده كريح المسك فاذا بطنه قد
ضم.
قال: يا امير المؤمنين، فهل له في الدنيا مثل؟
قال(ع): ويلك، مثل ذلك في الدنيا مثل الصبي في بطن امه
ياكل ويشرب ولا يحدث.
قال: يا امير المؤمنين، فاهل الجنة حين ينزعون الحلل
والثمرة وينبت مكانها اخرى ولا ينقص هل لذلك مثل في
الدنيا؟
قال(ع): نعم، ويلك، مثل ذلك في كتاب اللّه تعالى يقراه كل بر
وفاجرلا ينقص ولا يبلى على كثرة الرد.
قال: يا امير المؤمنين، فاهل الجنة ينظرون الى وجه الرحمن.
قال: ويلك تشك في النظر الى القمر ليلة البدر، والنظر الى
الشمس في السحاب؟
قال: لا.
قال(ع): فكذلك لا يشك اهل الجنة في النظر الى وجه
الرحمن، ثم قرا: (للذين احسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق
وجوههم قتر ولا ذلة اولئك اصحاب الجنة هم فيها
خالدون)(856).
ثم قال(ع): ويلك، هل تدري ما تفسير هذه الاية؟
قال: لا.
قال: ويلك، اما الحسنى فالجنة، واما الزيادة فالنظر الى
وجه الرحمن(857).
قال المؤلف: هكذا وردت هذه الرواية وظاهرها امكان رؤية
اللّهتعالى يوم القيامة، والذي صح بالعقل والنقل من المذهب
امتناع رؤيته تعالى بالعين الباصرة في الدنيا والاخرة، واذا
فسبيل هذه الرواية سبيل قوله تعالى: (الى ربها ناظرة)(858)
في وجوب تاويلها بما لا ينافي حكم العقل والنقل.
قال: يا امير المؤمنين، فاخبرني عن اصحاب محمد(ص).
فقال(ع): ويلك، انهم لاصحابي، فعن ايهم تسال؟
قال: يا امير المؤمنين، عن سلمان [الفارسي](859).
قال(ع): نعم، ويلك، علم العلم الاول والعلم الاخر، بحر لا
ينزف، ورجل منا اهل البيت.
قال: يا امير المؤمنين، فاخبرني عن ابي ذر.
قال(ع): نعم، ويلك، رجل حريص، شحيح صحيح.
قال ابن الكواء: عجبا لك، يا امير المؤمنين! ان نبي اللّه(ص)
يصفه بصفة عيسى بن مريم(ع) في وفائه وصدقه وزهده وانت
تصفه بالشح والحرص!
قال(ع): ويلك الم اخبرك انك متعنت غير متفقه، انه كان
صحيحا في اموره كلها، شحيحا على دينه، حريصا على التقرب
الى ربه.
قال: يا امير المؤمنين، فاخبرني عن نفسك.
قال(ع): ويلك، اتسالني ان ازكي نفسي وقد نهى اللّه تعالى
عن ذلك؟
قال: اوليس اللّه تعالى يقول: (واما بنعمة ربك فحدث)(860)؟
قال(ع): هذا في العافية والدين والدنيا، كنت اذا سالت
رسول اللّه(ص) اعطاني، واذا سكت ابتداني، وبين الجوانح مني
علم جم مابينك وبين [ان تقوم](861) الساعة، ما من فئة
تبلغ عدتهاثلاثون رجلا الا وقد علمت قائدها وسائقها، وصاحب
ميسرتهاوميمنتها، وحامل رايتها، والامام عليها.
قال: ثم اقبل الاشعث بن قيس فتخط ى رقاب الناس حتى دنا
من امير المؤمنين(ع) [ليساله حديثا](862)، فقطع الحديث،
ثم قال امير المؤمنين(ع) من غير ان يساله احد منا : ما ستر
اللّه على عبد في الدنيا الا كان اللّه اجل واعدل من ان يرجع في
ستره يوم القيامة، ولا عاقب اللّه عبدا في الدنيا الا كان اللّه اعدل
واجل من ان يثني لعبده العقوبة يوم القيامة.(863)
198 قال: وفي حديث آخر(864): قال اميرالمؤمنين
(ع): سلوني قبل ان تفقدوني، فواللّه لا تسالوني عن فتنة
تكون الى يوم القيامة الا اخبرتكم بها، ولا تسالوني عن آية
من كتاب اللّه تعالى الا اخبرتكم عنها ابليل نزلت ام بنهار، او
في سهل او في جبل، او بمكة او بالمدينة، او في مؤمن او في
منافق.
فقام اليه ابن الكواء، فقال: يا امير المؤمنين، ما هذا السواد الذي
في القمر؟
قال(ع): اعمى يسال عن عمياء(865)! اما سمعت اللّه عزوجل
يقول(866): (وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل
وجعلنا آية النهار مبصرة)(867) فهو السواد الذي تراه في
القمر، ان اللّه خلق من نور عرشه شمسين، فامر
جبرئيل(ع)فامر جناحه على احدى الشمسين فمحا بعض
ضوئها بجناحه الذي سبق من علم اللّه لما اراد ان يكون من
اختلاف الليل والنهار، والشمس والقمر، وعدد الساعات والايام
والشهور، والسنين والدهور، والارتحال والنزول، والاقبال
والادبار، ووقت الحج والعمرة، ومحل الدين، واجرة
الاجير(868)، وعدد ايام الحبل، والمطلقة، والمتوفى عنها
زوجها، وما اشبه ذلك. قال: فاخبرني عن ذي القرنين انبي ام ملك؟ قال(ع): لا نبي ولا ملك، كان عبدا [للّه](869) صالحا، احب اللّه فاحبه، ونصح للّه فنصح اللّه له، بعثه اللّه الى قومه فضرب(870) على قرنه الايمن، فغاب عنهم ما شاء اللّه، ثم بعثه ثانية فضربوه على قرنه الايسر، فغاب عنهم ما شاء اللّه، ثم رده ثالثة ومكنه في الارض، وفيكم مثله يعني نفسه(871).(872).
199 قال(873): وعن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة،
قال: اتى ابن الكواء امير المؤمنين(ع)، فقال: يا امير
المؤمنين، اخبرني عن اللّه جل وعز هل كلم احدا من ولد آدم
قبل موسى(ع)؟
فقال له علي(ع): قد كلم اللّه تعالى جميع خلقه برهم
وفاجرهم،وردوا عليه(874) الجواب. فثقل ذلك على ابن
الكواء ولم يعرفه، فقال: كيف كان ذلك، يا امير المؤمنين؟
قال: اوما تقرا كتاب اللّه اذ يقول لنبيه(ص)(875): (واذ
اخذربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على
انفسهم الست بربكم قالوا بلى) فقد اسمعهم كلامه وردوا عليه
الجواب كما تسمع في قول اللّه تعالى اذ: (قالوا بلى)، وقال لهم:
«اني انا اللّه لا اله الا انا وانا الرحمن »، فاقروا له بالطاعة والربوبية،
وبين(876)
الانبياء والاوصياء والرسل، وامر الخلق بطاعتهم،
فاقروا بذلك في الميثاق، فقالت الملائكة عند اقرارهم بذلك:
(شهدنا عليكم يا بني آدم ان تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا
الدين والامر غافلين)(877).(878)
قال المؤلف: هكذا جاءت هذه الرواية، وابن الاصفر الظاهر
ان المراد به ملك الروم، وهو لا يعتقد بالنبوة والرسالة فكيف
يقول هذا الكلام؟ الا ان يكون معتقدا بها في الباطن.
هذا ما وصل الينا وجمعناه من عجائب قضايا مولانا امير
المؤمنين علي بن ابي طالب(ع) واحكامه ومسائله الغامضة. وكان الفراغ من جمعه سنة 1364. وكتب بيده الفانية الفقير الى عفوربه الغني محسن الحسيني العاملي غفر اللّه له ولوالديه، وذلك بمنزلي في دمشق الشام في محلة الامين، والحمد للّه وحده، وصلى للّه على رسوله محمد وآله وسلم... |
695 - 2/358.
711 - العجوة: نوع من تمر المدينة اكبر من الصيحاني، يضرب
الى السواد، من غرس النبي (ص). انظر: النهاية لابن الاثير:
3/188.
869 - من المصدر. |