مقدمة الناشر

بسم اللَّه الرحمن الرحيم

الحمدُ للَّه ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّد الأنبياء والمُرسَلين محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.

إنّ المسيرة المباركة التي اتّخذتها لنفسها مكتبة أميرالمؤمنين عليّ عليه السلام التخصّصيّة، ما زالت تخطو خطوات نشعر أنّها محفوفة بعناية اللَّه تعالى ومباركة الرسول الأكرم ووصيّه وأولاده الأئمّة المعصومين صلوات اللَّه عليهم أجمعين. فما من يوم يطلّ إلّا والأقلام الحرّة والأفواه الكريمة تكتب المزيد وتفُوهُ بما يُعطّر الدنيا بأسرها، وقد وُفّقنا إلى الآن لإصدار عدّة صالحة من الكتب المختصّة ببعض جوانب بطل الإسلام الأكبر أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

واليوم نقف أمام كتابٍ بديع يتناول تفسير وتأويل الآيات الكريمة التي تخصّ أميرالمؤمنين عليه السلام، وهو ما يعبّر عنه بالتفسير السياقيّ، الذي دأب خُلفاء الظلم والجور على منعه والحَجْرِ عليه، لأنّه لا يروق للنفوس المريضة والعيون العمياء أن تسمع الحقّ وترى النور.

وفي هذا الكتاب كوكبة نيّرة من الآيات الكريمة المختصّة بأميرالمؤمنين عليه السلام، والتي قد لا يوجد بعضها في الكتب المتداولة، وهي بحدّ ذاتها تشكّل تُراثاً قرآنيّاً محمّديّاً علويّاً ضخماً في المكتبة الإسلاميّة، وقد كتب هذا الأثر النفيس أحد علماء الإماميّة ومفكّريهم وهو الشيخ تقي الدين عبداللَّه الحلبيّ مستلّاً ذلك من كتب الشيخ العارف الحافظ رجب البُرسيّ رحمهما اللَّه، وفي هذا الخضمّ الزاخر شقّ هذا الكتاب 'الدرّ الثمين في أسرار الأنزع البطين' العباب ليصل إلى شاطئ الأمان وليظهر إلى عالم النور بحلّته القشيبة الزاهية، وللَّه الحمد على التوفيق لذلك.

المكتبة المتخصّصة بأميرالمؤمنين علي عليه السلام

مشهد المقدّسة

1424 هـ

 

مقدمة

الحمد للَّه ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّد الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.

وبعد، فإنّ القرآن المجيد هو المعجزة الكبرى لنبيّنا محمّد صلى الله عليه وآله، وهو النص السماوي الخالد الذي تكفّل اللَّه حفظه من التحريف والتبديل برسول اللَّه صلى الله عليه وآله والأئمّة المعصومين عليهم السلام.

وبغير النبي صلى الله عليه وآله والأئمّة لا يمكن الوقوف على أسرار القرآن ومغازيه ومراميه، لأنّه بحر لا يُدرك قعره، وسرٌّ لا يسبر غوره، وقد استفاضت الأخبار بأنّ له سبعة بطون أو سبعين بطناً، مضافاً إلى أنّ منه المحكم والمتشابه، والليلي والنهاري، والناسخ والمنسوخ، ووو... وهذا كلّه لا يمكن معرفته إلّا عن طريق أهله، فعن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: ما ادّعى أحدٌ من الناس أنّه جمع القرآن كلّه كما أُنزل إلّا كذّاب، وما جمعه وحفظه كما أُنزل إلّا عليّ بن أبي طالب والأئمّة من بعده.

وعن الأصبغ بن نباتة، قال: قال عليّ عليه السلام:... واللَّه ما نزلت آية في كتاب اللَّه في ليل أو نهار إلّا وقد علمت فيمن نزلت، ولا أحد مِمَّنْ مرّ على رأسه المَواسي من قريش إلّا وقد نزلت فيه آية وآيتان من كتاب اللَّه تسوقه إلى الجنّة أو إلى النار...

هذا، مع أنّ ربع القرآن أو ثلثه كان في أهل البيت، وكانت لهم كرائمه، وقد روي ذلك عن الباقر عليه السلام وابن عبّاس، والأصبغ بن نباتة، قالوا: قال أميرالمؤمنين عليه السلام: القرآن نزل على أربعة أرباع، ربع فينا، وربع في عدوّنا، وربع سنن وأمثال، وربع فرائض وأحكام، ولنا كرائم القرآن(1).

وعن عليّ عليه السلام أنّه قال: إنّ ثلثي القرآن فينا وفي شيعتنا، فما كان من خير فلنا ولشيعتنا، والثلث الباقي أشركنا فيه الناس، فما كان من شرّ فلعدوّنا...

ومن هذا المنطلق نرى مزيد عناية آل محمّد ببيان الآيات التي تتناول هذا الموضوع، إيجاباً فيهم وفي شيعتهم، وسلباً في أعدائهم وأتباع أعدائهم، ومن نفس هذه النقطة نرى إصرار خلفاء الجور - أبي بكر وعمر وعثمان ومن لفّ لفّهم - على إخفاء هذاالنوع من البيان لآيات القرآن، أو تحريفه بشكل يصب في مصلحتهم، ولذلك أحرقوا كلّ المصاحف التي فيها هذا النوع من التفسير والتأويل القرآني، ومنعوه أشدّ المنع منذ أوّل استلامهم لأزمّة الأمور.

ففي الاحتجاج: لمّا رأى عليّ عليه السلام غدرهم وقلّة وفائهم لزم بيته، وأقبل على القرآن يؤلّفه ويجمعه، فلم يخرج حتّى جَمَعَهُ كلّه، فكتبه على تنزيله والناسخ والمنسوخ... فجمعه في ثوب وختمه، ثمّ خرج إلى الناس وهم مجتمعون مع أبي بكر في مسجد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، فنادى بأعلى صوته: أيّها الناس إنّي لم أزل منذ قبض رسول اللَّه صلى الله عليه وآله مشغولاً بغسله ثمّ بالقرآن حتّى جمعته كلّه في هذا الثوب، فلم ينزل اللَّه على نبيّه آية من القرآن إلّا وقد جمعتها كلّها في هذا الثوب، وليست منه آية إلّا وقد أقرأنيها رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وعلّمني تأويلها، فقالوا: لا حاجة لنا به، عندنا مثله(2).

وفيه أيضاً: وفي رواية أبي ذر الغفاري أنّه قال: لمّا توفّي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله جمع عليٌّ عليه السلام القرآن وجاء به إلى المهاجرين والأنصار وعرضه عليهم لِما قد أوصاه بذلك رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، فلمّا فتحه أبوبكر خرج في أوّل صفحة فتحها فضائح القوم، فوثب عمر وقال: يا علي، ارددهُ فلا حاجة لنا فيه(3)...

وعلى مسار أهل البيت سار شيعتهم وأولياؤهم، فاستلهموا من علومهم، واستقوا من بحورهم، ورووا عنهم من تأويل الآيات ما يُبيّنُ الحقّ ويدحض الباطل، وكتبوا كلّ ذلك ودوّنوه بالضبط والدقّة، فبرزت المدوّنات الشيعيّة في هذا المجال غنيّة واضحة مرويّة عن أهل بيت العصمة، مشفوعة بالدليل والبرهان، وقد احتوت كثير من كتب الشيعة في طيّاتها على تأويلات كثير من الآيات، وذلك مثل الكافي والتهذيب والتوحيد والعيون والعلل وكمال الدين وأمالي الصدوق والمفيد والطوسي، ومناقب ابن شهرآشوب وغيرها.

وهناك مؤلّفات مفردة كثيرة في هذا المجال، منها تفسير أبي حمزة الثمالي "ت 148 ه"، وتفسير الإمام العسكري عليه السلام "ت 254 ه"، وتفسير فرات الكوفي "من أعلام الغيبة الصغرى"، وتفسير القمي "من علماء القرنين الثالث والرابع"، وتفسير العياشي "ت 320 ه"، وتأويل ما نزل في النبي وآله، وتأويل ما نزل في شيعتهم، وتأويل ما نزل في أعدائهم، كلّها لمحمّد بن العبّاس، المعروف بابن الجحام "كان حيّاً سنة 328 ه"، وتأويل الآيات لكمال الدين أبي الغنائم الكاشاني "ت 730 أو 735 ه"، وتأويل الآيات الظاهرة للسيّد شرف الدين الحسيني "من علماء القرن العاشر"، وغيرها من كتب الأصحاب ومؤلّفاتهم(4).

 

 

الدرّ الثمين في أسرار الأنزع البطين

وفي سلك هذا النظام الفريد يبرز كتاب 'الدر الثمين في أسرار الأنزع البطين' مؤلَّفاً ذا قيمة علميّة كبيرة في مجاله، يحوي من كنوز التأويل عيوناً، ومن أسرار أميرالمؤمنين عليه السلام فنوناً، وقد امتاز هذا الكتاب بميزات جمّة ستقف على بعضها إن شاء اللَّه.

وقبل بيان وجوه عظمة هذا الكتاب لابدّ لنا من معرفة اسم هذا المؤلَّف ومؤلّفه بالدقّة ما وجدنا إلى ذلك سبيلا.

قال الاغا بزرك الطهراني: الدر الثمين في ذكر خمسمائة آية نزلت من كلام رب العالمين في فضائل أميرالمؤمنين باتفاق أكثر المفسرين من أهل الدين، للمولى رضي الدين رجب بن محمّد بن رجب الحافظ البرسي الحلّي، مؤلّف 'مشارق أنوار اليقين' و'مشارق الأمان' في سنة 811 ه، وغيرهما، ينقل عنه كذلك المولى محمّد تقي بن حيدر علي الزنجاني - تلميذ المولى خليل القزويني - في كتابه 'طريق النجاة' كما قال ذلك صاحب الرياض في ترجمة الشيخ رجب، لكنّه تنظّر في نسبة الدر الثمين إلى الشيخ رجب نفسه وقال: بل هو للشيخ تقي الدين عبداللَّه الآتي ذكره، قد انتخبه من كتاب الشيخ رجب.

أقول |القائل هو الآغا بزرك|: قد نقل عن الدر الثمين هذا أيضاً مع النسبة إلى الشيخ رجب في كتاب 'رياض المصائب' تفسير بعض آيات الفضائل، ومع النقل عنه كذلك في الكتابين فلا وجه لمنع صاحب الرياض كونه للبرسي نفسه كما سنذكره.

ثمّ رأيت في ذيل كشف الظنون(5) .

أقول ـ القائل هو الآغا بزرك ـ: إنّه فرغ من مشارق الأمان في سنة 811 ه، كما ذكره في الرياض، وقال: عندي نسخة منه، بل قال هو أنّ تاريخ بعض تصانيفه سنة 813 هـ(6).

ثمّ قال: الدر الثمين في أسرار الأنزع البطين، للشيخ تقي الدين عبداللَّه الحلبي، قال صاحب الرياض إنّه فاضل عالم جليل من متأخري أصحابنا، وقد رأيت كتابه هذا في تيمجان من بلاد گيلان، وهو منتخب من كتاب 'مشارق أنوار اليقين' تأليف الشيخ رجب البرسي مع ضمّ بعض الفوائد إليه، وقد أدرج فيه تفسير خمسمائة آية من آيات القرآن في فضائل أهل البيت، ثمّ احتمل صاحب الرياض أن يكون هذا المؤلِّف هو بعينه الشيخ تقي الدين بن عبداللَّه الحلبي الذي ترجمه في باب التاء المثناة الفوقانية.

أقول |القائل هو الآغا بزرك|: الظاهر أنّ الشيخ تقي الدين المذكور انتخب من كتابي البرسي وهما 'مشارق الأنوار' و'الدر الثمين' الذي فيه خمسمائة آية وجمعهما مع فوائد أخر في هذا الكتاب الذي سمّاه 'الدر الثمين في أسرار الأنزع البطين' وقد رآه صاحب الرياض في تيمجان، ويوجد نسخة منه في النجف في مكتبة السماوي ضمن مجموعة كلّها بخط علي بن مسيح اللَّه رضا، فرغ من كتابتها في 1010 ه، أوّله: الحمد لخالق البريّات، والشكر لواهب العطيّات، ثمّ الصلاة والسلام(7).

وذكره في الذريعة أيضاً في المجلد الأوّل قائلاً: الآيات النازلة في فضائل العترة الطاهرة، وهي خمسمائة آية من القرآن في فضائل أمناء الرحمن، جمعها مع تفسيرها وبيانها الشيخ تقي الدين عبداللَّه الحلبي، وجعلها ذيل كتابه الدر الثمين في أسرار الأنزع البطين، الذي انتخبه من كتاب مشارق أنوار اليقين للشيخ رجب بن محمّد بن رجب البرسي، المتوفّى بعد سنة 811 ه، قال في الرياض: رأيته في بلدة تيمجان من بلاد جيلان، كتاب حسن جيّد لطيف، ولا يبعد كونه للشيخ تقي الدين بن عبداللَّه الحلّي، والغلط من الناسخ(8).

وقال في المجلد الثاني عند ذكره لكتاب أسرار الأئمّة: هو غير الدر الثمين في أسرار الأنزع البطين الآتي ذكره، فإنّه للشيخ عبداللَّه الحلّي الذي انتخبه من مشارق الأنوار للشيخ رجب وأدرج فيه تفسير الخمسمائة آية التي نزلت في أهل البيت عليهم السلام(9).

وقال في حرف الميم: منتخب مشارق أنوار اليقين، للشيخ تقي الدين عبداللَّه الحلّي، اسمه الدر الثمين كما مرّ(10).

وفوق ذلك رَأينا - ونحن على أعتاب إنهاء تحقيقنا لهذا الكتاب - أنّ الكتاب طبع بتحقيق السيّد علي عاشور منسوباً للشيخ رجب البرسي، وكُتب اسمه على الجلد 'خمسمائة آية نزلت في أميرالمؤمنين'، وكتب على الصفحة الثالثة باسم 'الدر الثمين في خمسمائة آية نزلت في مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام باتفاق أكثر المفسّرين من أهل الدين'.

ومن كلّ هذه الأقوال يبدو أنّ قول الأفندي في رياض العلماء هو الأدقّ والأصوب، خصوصاً وأنّه رأى الكتاب بعينه ووصفه وصفاً جيّداً، وأمّا أقوال الآخرين فهي اجتهادات شخصيّة، وعناوين استلهمت من معنى موضوع الكتاب، وقد نسبوه إلى الشيخ رجب لأنّه تلخيص لكتابه 'مشارق أنوار اليقين'، وقد ذكر اسمه في مقدّمة الكتاب، فكأنّ الأمر التبس عليهم لذلك.

ففي مقدّمة الكتاب كما في النسخة 'أ' قال بعد حمد اللَّه، والصلاة على محمّد وآله: أمّا بعد، فيقول العبد الفقير إلى اللَّه تعالى رجب بن محمّد بن رجب الحافظ، البرسي مولداً، الحليّ محتداً... إعلم أنّه لمّا نفحتني من نسمات حضرة القدس نفحات العناية... واسترسل المؤلّف في كلامه ثمّ قال:

يقول العبد الفقير إلى اللَّه، تقي الدين عبداللَّه الحلبي - بصّره اللَّه بعيوب نفسه، وجعل يومه خيراً من أمسه، بمحمّد وآله -: أشار عليّ بعض الإخوان من أهل الإيمان والإيقان... وهو الأخ السعيد... خان مراد... تلخيص رسالة الشيخ رجب الحافظ البرسي التي سمّاها 'مشارق أنوار اليقين في حقائق أسرار أميرالمؤمنين' تغمّده اللَّه برحمته وشكر سعيه، فأجبت سؤاله بالسمع والطاعة، ولبّيت دعوته حسب الاستطاعة، وسمّيت هذا الكتاب المنتخب ب 'الدر الثمين في أسرار الأنزع البطين'... لأنّه يشتمل على خمسمائة آية أدّى اجتهاد الشيخ فيها من تفسير القرآن العظيم... وها أنا أشرع إن شاء اللَّه تعالى فيما أشار به الأخ ثبّت اللَّه عليه دينه الذي يدينه بمحمّد وآله...

ثمّ استرسل في كلامه إلى أن قال:

وحيث انتهى البحث إلى هذا المكان فلنشرع الآن في كتابة خمسمائة آية نزلت في فضل أميرالمؤمنين عليّ عليه السلام بإجماع أكثر المفسّرين من أهل الدين...

وهذاالكلام واضح لا غبار عليه في أنّ اسم هذا الكتاب هو 'الدر الثمين في أسرار الأنزع البطين'، وأنّ مؤلّفه هو تقي الدين عبداللَّه الحلبي، اختصره من مشارق أنوار اليقين للشيخ رجب البرسي بعد وفاة البرسي رحمه الله كما يظهر من الدعاء له بأن يتغمّده اللَّه برحمته.

هذا وقد ذُكر بعد الفراغ من ذكر الآيات تتمّة للكتاب تنتهي بأبيات ثلاثة للشيخ رجب البرسي في أميرالمؤمنين عليه السلام، وبعدها يوجد سقط في النسختين 'أ' 'ج' إذ ابتدأتا بعد التتمّة بذكر ما اختصّ بالإمام الباقر عليه السلام من المعاجز إلى الإمام الحجّة عجّل اللَّه فرجه، فكأنّ هذه التتمّة هي الفوائد التي عناها صاحب الرياض بقوله 'مع ضمّ بعض الفوائد إليه'.

لكن يبقى أمرٌ هو أنّ هذا المنتخب أكثر مطالبه وآياته غير موجودة في مشارق أنوار اليقين المطبوع المتداول بين أيدينا اليوم، وهذا يعني أنّ المشارق أكبر بكثير ممّا هو عليه الآن، ويؤيّد ذلك ما قاله صاحب الذريعة عند ذكره لكتاب المشارق: ورأيت نسخة منه بخط جلال الدين بن محمّد كتبها في كاشان في محاق ذي القعدة 1008 ه، ولكن بينها وبين المطبوع اختلافات كثيرة وزيادات كثيرة واختلافات في العبارة بحيث يعدّ كتابين، وقد اشترى تلك النسخة الشيخ محمّد السماوي بالنجف(11).

 

المؤلف

لم نعثر على ترجمة وافية للمؤلِّف، سوى ما ذكره في رياض العلماء من قوله:

الشيخ تقي الدين عبداللَّه الحلبي، عالم محدّث جليل، من متأخّري أصحابنا، وقد رأيت من مؤلّفاته كتاب الدر الثمين في أسرار الأنزع البطين... وهو كتاب حَسَنٌ جيّد لطيف(12).

 

نحن والكتاب

إنّ كتاب 'الدر الثمين' يعدّ بحق درّاً ثميناً في المكتبة الإسلاميّة، وعلى الخصوص في موضوع تأويل الآيات القرآنيّة المجيدة التي تخصّ عليّاً وأهل البيت وشيعتهم، حيث احتوى على مطالب فريدة فذّة ونادرة، معتمداً في أغلبيّة منقولاته على المصادر المعتبرة وإن لم يصرّح بالنقل عنها، إذ أنّنا بالتتبّع وقفنا على أنّ ما ينقله ويرويه صحيح وارد عن أهل البيت عليهم السلام والأصحاب المخلصين، والقليل القليل منه صحيح لجهات أخرى سنبيّنها على الإجمال إن شاء اللَّه، وهذا بدوره يدفع مزعمة مَن بهتوا الشيخ رجب البرسيّ بما هو منه بري ء، إذ لم نجد في كلّ هذا الكتاب شيئاً ممّا ألصقوه به، بل نقول: إنّ الآيات المذكورة مع تفاسيرها وتأويلاتها في هذا الكتاب، لو جمعت مع أخواتها من الآيات المذكورة في مشارق أنوار اليقين، ورتّبت وفق تسلسل الآيات القرآنيّة، لصارت كتاباً رائعاً في تأويل الآيات للشيخ رجب البرسي، يُظهر الحقيقة واضحة ناصعة جليّة.

وبما أنّ ذكر منهجيّة تأليف الكتاب، ونقاط قوّته ومواطن خلله، خارج عن نطاق هذه التقدمة، فإنّنا رأينا أن نذكرها باختصار على الإجمال:

1 - إنّ الآيات المُأوَّلة والمفسَّرة في هذا الكتاب جُلّها موجود مروي في المصادر المعتبرة، وخصوصاً في تفسير الإمام العسكري عليه السلام، وتأويل الآيات لشرف الدين الحسيني عن تفسير ابن الجُحام ومصباح الأنوار المنسوب للشيخ الطوسي، وتفسيري القمّي والعياشي، ومناقب ابن شهرآشوب، وتفسير فرات، والكافي وغيرها.

وهناك آيات ذكر تأويلها ولم نعثر عليه بخصوصه، لكنّه صحيح باعتبار أنّ ماقبلها أو مابعدها مروي تأويله، والكلام كلّه في نسق واحد ويتحدّث عن موضوع واحد، وذلك مثل ذكره للآية 42 من سورة الأعراف '' وَالَّذِينَ آمَنُوا ' يعني بعليّ ' وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ' من فروع الدين ' أُولئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ' بإيمانهم وأعمالهم الصالحات'. وهذا التأويل لم نعثر عليه بخصوصه، لكنّه صحيح باعتبار الآية 43 من هذه السورة، وهي قوله تعالى: ' وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلاَ أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ' فقد روي عن الصادق أنّ الشيعة هم الذين إذا رأوا أئمّتهم يوم القيامة قالوا: الحمد للَّه...

وهناك نوع آخر في هذا الكتاب، وهو أن يذكر تأويل آية لم نعثر عليه، لكنّه صحيح باعتبار أنّ آية أخرى تتحدّث عن نفس الموضوع ذكر فيها ذلك التأويل، وذلك مثل الآية 7 من سورة المؤمنين '' بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ ' يعني عليّ بن أبي طالب ' فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ ' يعني أعرضوا عنه واتبعوا سواه'. وخصوص هذا التأويل في هذاالمورد لم نعثر عليه، لكنّه صحيح باعتبار ما ورد عن أهل البيت في آيات أخرى من أنّ الذكر هو علي وأنّ القوم ضلّوا وأعرضوا عنه، وذلك في الآية 124 من سورة طه ' وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً '، والآية 29 من سورة الفرقان ' لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ ' حيث قال علي: أنا الذكر الذي ضُلّ عنه.

وهناك نوع آخر، وهو تطابق الرواية مع مفاد الآية، وذلك في مثل قوله: 'ثمّ جعل شيعته بيض ا لوجوه فقال ' يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ '، قال ابن عبّاس: يرد المنافق الحوض ويسودّ وجهه، ثمّ يأتيه المؤمن الموالي فيرِدُهُ ويبيض وجهه'. ورواية ابن عبّاس في خصوص هذه الآية لم نعثر عليها، لكن هذا التأويل صحيح بحديث الرايات حيث ترد كلّ الرايات المخالفة لآل محمّد فتسودّ وجوه أصحابها، وترد راية أميرالمؤمنين وشيعته، فتبيضّ وجوههم ويردون رواء مرويين(13).

وهكذا جميع الآيات المذكورة في هذا الكتاب - إلّا ما ندر - تأويلها صحيح مروي إمّا بعينه أو باعتبارات وقرائن وأدلّة أخرى.

2 - إنّ المؤلّف ينقل كثيراً من التأويلات والروايات التي تخصّ الآيات عن عبداللَّه بن عبّاس، مع أنّ ذلك اليوم غير موجود عنه، بل أكثره مروي عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام، وهو نصب عين المؤلِّف، وهنا يترجّح أنّ المؤلّف كان عنده تفسير ابن عبّاس الأصلي لا المتداول اليوم.

3 - نقل المؤلّف عن بعض الكتب المفقودة اليوم مثل نقله عن كتاب ظلامة الفاطميّة(14).

4 - إنّ المؤلّف لم يذكر تفسير وتأويل الآيات مرتّبة على الترتيب القرآني، بل قدّم وأخّر في ذكر السور والآيات.

5 - لم يلتزم المؤلّف بايراد النصوص حرفيّاً، فأوردها بالمعنى، وذلك ما يجعله يخلّ بالمراد أحياناً، بل ربّما دمج ومزج معاني حديثين أو أكثر وأوردها في سياق واحد، فبدا النصّ كأنّه واحد مع أنّه متعدّد.

وعلى كلّ حال، فإنّ هذاالكتاب كتاب نفيس، يحتوي على أفانين من المعرفة بحقّ أهل البيت، ويكشف جانباً من عظمة أميرالمؤمنين عليه السلام، وفيه من المعارف ما لا يعرفه إلّا العارف، ولعلّ الكشف عن مزاياه وحسّاسيّة موضوعه يحتاج إلى دراسة شاملة ورسالة مفردة.

 

وقفة وتنبيه

إنّ هذا الكتاب طبع مؤخّراً في مؤسسة الأعلمي في بيروت سنة 2003 م - 1424 ه، بتحقيق السيّد علي عاشور، ووصل إلى أيدينا ونحن على أعتاب إنهاء عملنا، فأردنا أن نستغني بعمل مَن قبلنا عن عملنا، لكنّا بعد المراجعة والمقارنة وجدنا جهود السيّد علي عاشور المشكورة أصيبت بنواقص كثيرة جعلت من طبعه بتحقيقنا ضرورة ملحّة، ولكي لا يكون كلامنا جزافاً فإليك بعضها:

1 - إنّه اعتمد على النسخة 'ب' فقط، وهي نسخة كثيرة السقط والأغلاط، مع أنّ النسختين 'أ' 'ج' أتمّ وأصحّ وأكمل، ومن هنا سقطت منه آيات كثيرة مذكورة التفسير والتأويل، يمكنك الوقوف عليها بملاحظة سريعة لسقوطات نسخة 'ب'.

2 - نتيجة اعتماده على خصوص نسخة 'ب' وقع في ارتباك في اسم الكتاب ومؤلّفه.

3 - عدم تصحيحه للأخطاء النحويّة، وذلك مثل ما في ص24 من طبعته 'فهما مقامي ربّ العالمين وحجابي خالق الخلائق'، والصواب 'مقاما وحجابا'.

وفي ص31 'قال ابن عبّاس: الحروف المكرّرة اثنتين وسبعين حرفاً' والصواب 'اثنان وسبعون حرفاً'.

وفي ص88 'قال ابن عبّاس: إنّ المسوخ... وبني أميّة مسوخ هذه الاُمّة'، والصواب 'وبنو اُميّة'.

وفي ص105 'لأنّهم مخاطبين' والصواب 'لأنّهم مخاطبون'.

وفي ص121 'عن أبي صالح أنّ أبي هريرة' وصوابها 'أنّ أباهريرة'، مع أنّها في النسخ 'عن أبي صالح عن أبي هريرة'.

وفي ص153 'وقوله ' مِنْ أَهْلي ' ظاهراً' والصواب 'ظاهر'.

وفي ص173 '' فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا ' أي يعرفوا' والصواب 'يعرفون'.

وفي ص211 'وهو مع رفعته... فقيراً واقفاً' والصواب 'فقير واقف'.

4 - إدخاله في النسخة ما ليس منها حيث أدخل من أوّل السطر التاسع من ص42 إلى آخر السطر الثاني من ص43 عن تفسير الإمام العسكري دون إشارة إلى ذلك، والمُدخَل هو 'ثمّ قال اللَّه عزّ وجلّ ' فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقَاً لَكُمْ ' ألا ترون كثرة عدد هذه الأوراق والحبوب والحشائش؟ قالوا: بلى يا رسول اللَّه، ما أكثر عددها، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: أكثر منها عدداً ملائكة يبتذلون لآل محمّد في خدمتهم، أتدرون فيما يبتذلون لهم؟ يبتذلون في حمل أطباق النور عليها التحف عند ربّهم، فوقها مناديل النور، ويخدمونهم في حمل ما يحمل آل محمّد منها إلى شيعتهم ومحبّيهم، وإنّ طبقاً من ذلك الأطباق يشتمل من الخيرات على ما لا يفي بأقلّ جزء منه جميع أموال الدنيا'. هذا كلّه أدخله دون إشارة منه لذلك.

وصنع مثل ذلك في السطر الثالث من ص42، حيث قال: 'فإنّ اللَّه يحفظ ما هو أعظم من ذلك، قالوا: وما هو؟ قال: أعظم من ذلك هو ثواب'. والنصّ في النسخ: 'فإنّ اللَّه يحفظ ما هو أعظم من ذلك وهو ثواب'. وقد أدخل الزيادة عن تفسير الإمام العسكري دون إشارة منه لذلك.

5 - وضعت بعض الفقرات في غير موضعها، فقد وضع في سورة الرعد من أوّل السطر السادس إلى آخر الصفحة 130، ما حقّه أن يوضع في آخر سورة يونس ص128 وقبل سورة هود. ولعلّ ذلك من أغلاط الطباعة، ولكن وجب علينا التنبيه عليه.

6 - عدم تصحيحه للأسانيد مع وجودها صحيحة في المصادر.

ففي ص29 - 28 'وقد روى عمّار عن ابن طلحة عن أنس بن مالك، قال: نحن ولد عبدالمطّلب سادات أهل الجنّة أنا وعليّ وحمزة وجعفر والحسن والحسين والمهدي'. وأشار في الهامش إلى تخريجه عن تفسير الثعلبي في تفسير سورة الشورى - آية المودّة.

وعند مراجعتنا لتفسير الثعلبي بتحقيق علي عاشور أيضاً وجدناه أخطأ هناك في السند أيضاً، إذ فيه 'عبداللَّه بن زياد اليمامي، عن إسحاق بن أبي عبداللَّه بن أبي طلحة عن أنس بن مالك'، والصواب هو 'إسحاق بن عبداللَّه بن أبي طلحة' مع أنّ فيه سقطاً، وصوابه 'حدّثنا عبداللَّه بن زياد اليمامي، حدّثنا عكرمة بن عمّار اليمامي، عن إسحاق بن عبداللَّه بن أبي طلحة'، عن أنس بن مالك'، فوقع منه عدم تصحيح السند في تفسير الثعلبي وفي الدر الثمين.

وفي ص166 قال: 'عن عبدالرزاق عن قتادة عن ابن مسعود، قال: زينة الأرض الرجال'... الخ، وخرجه في الهامش عن مناقب ابن شهرآشوب، مع أنّ صواب السند كما في المناقب 'عبدالرزاق، عن معمر، عن قتادة، عن عطاء، عن ابن مسعود'.

وفي نفس الصفحة قال: 'عن سفيان عن الأعمش عن ابن عبّاس، قال: كان إبليس يوم بدر'... الخ، مع أنّ صوابه 'عن سفيان عن الأعمش عن أبي صالح عن ابن عبّاس'.

وفي ص169، قال: 'سمعت قتادة يقول: سمعت الحسن بن الحسن البصري يقول'... وخرجه في الهامش عن شرح اصول الكافي ومناقب ابن شهرآشوب، مع أنّ صوابه كما في المناقب 'قال شعبة: سمعت قتادة يقول: سمعت الحسن بن أبي الحسن البصري يقول'.

6 - عدم الدقّة في ضبط المتون، وهي موارد كثيرة نقتصر على ذكر بعضها:

ففي ص28 في شأن عليّ عليه السلام 'وهو بعل سيّدة النساء، وقرين بضعة سيّدي شباب أهل الجنّة'. وهذا المعنى لا يستقيم، وصوابه كما عن 'أ' 'ج': 'وهو بعل سيّدة النساء، وقرين بضعة سيّد الأنبياء، وأمّا طيب الذرّيّة فإنّ ولديه سيّدا شباب أهل الجنّة'. فكان عليه التنبيه على عدم استقامة المعنى.

وفي ص30 'فقد شبّه مبغضيه باليهود، ومن أفرط في حبّه بالنصارى... فلعنة اللَّه على المفرط المعاند'، مع أنّ العبارة في النُّسَخ 'فلعنة اللَّه على المُفَرِّط والمُفْرِط' فحذف إحداهما بظنّه أنّها تكرار.

وفي ص41 'ثمّ خاطب عباده بالتقرّب إلى محبّته' ووضع كلمةالتقرّب بين معقوفتين وكتب في الهامش أنّها في المخطوط 'بالدين' وما أثبته موافق للسياق. فكأنّه لم يلتفت إلى معنى المصدر 'الدين' فأبدله ب 'التقرب'.

وفي ص76 السطر 9 '' رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً ' بغضهم لعليّ'. والصواب كما في النُّسَخ 'بغضَةً لعلي'.

وصَنَعَ مثل ذلك في السطر 17 من هذه الصفحة، فقال: 'ثمّ أخبر نبيَّهُ بما في قلوب المنافقين من بغض علي'. والصواب كما في النُّسَخ 'من بغضةِ عليّ'.

وفي ص42 'لا تعجبوا لحفظة السماء أن تقع على الأرض فإنّ اللَّه يحفظ ما هو أعظم من ذلك'، والنصّ في النُّسَخ وتفسير الإمام العسكري هكذا 'لا تعجبوا أن حفظ اللَّه السماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه فإنّ اللَّه يحفظ'...

وفي ص43 '' أولئِكَ الذينَ اشْتَرَوا الضَّلاَلَةَ بِالهُدى ' يعني باعوا ولاية عليّ بن عمران بحبّ فرعون وهامان' وكتب في الهامش 'كذا في المخطوط ووجهه ظاهر'، ولا أدري ماهو الظهور المراد، وكيف صار هذا الكلام ظاهراً، والصواب كماعن 'أ': 'باعوا ولاية هارون بن عمران وعلي بحبّ فرعون وهامان'.

وفي ص59 - 58 قال: 'ثمّ أخذ اللَّه ميثاق آل محمّد وشيعتهم وهم في الأظلّة، وهي التي مدّها... فهذه الأدلّة'. مع أنّ الصواب 'فهذه الأظلّة'. ولذلك لم نُشر إلى نسخة 'ب' في الهامش هنا لكونها غلطاً قطعيّاً.

وفي ص67 - 66 '' يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ' في حديث الآيات، قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: تحشر أمّتي على خمس رايات'... والصواب 'حديث الرايات' وهو حديث مشهور مروي بطرق كثيرة، ولذلك لم نشر إلى نسخة 'ب' هنا، فإنّ ما فيها غلط قطعي.

وفي ص88 قال: 'قال ابن عبّاس إنّ المسوخ من كلامه |تعالى| قوم عرضت عليهم ولاية عليّ عليه السلام فأبوا عنها'... والصواب 'إنّ المسوخ من كلّ أمّة قوم'.

وفي ص112 'ثمّ أمره أن يرفع عليّاً بين كتفيه فقال من تلك الرفعة ما خضعت له السماوات والأرض'. والصواب 'فنال من تلك الرفعة'.

وفي ص119 'وقال الكليني' والصواب 'وقال الكلبي'.

وفي ص124 'رواه صاحب البحث' والصواب 'صاحب النخب'.

وفي ص132 '' وَيَدْرَؤونَ بِالحَسَنَةِ ' من جهنّم ' السيِّئَة ' من جور أعدائهم'. والصواب 'من حبّهم'، وما في 'ب' غلط قطعي ولذلك لم نشر إليه.

وفي ص178 'ثمّ قال ' وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِن أَحَدٍ ' يعني لولاية محمّد وعلي ما زكى منكم من أحد بالإسلام ولا بالإيمان'. والصواب 'لولا محمّد وعلي' فقد شطب في نسخة 'ب' على 'ية'.

وفي ص180 'وعدوّ شيث أولاد هابيل' وهو كذلك في النسخ، لكن الصواب 'أولاد قابيل' لأنّ هابيل قتل ولا ذرّيّة له.

وفي ص197 'ثمّ جعل شيعته قليلاً عدوّهم' والصواب 'قليلاً عددهم'.

وفي ص204 'قال أبو عبيدة' والصواب 'قال أبو عبداللَّه عليه السلام'.

وفي ص206 'لأنّ الأعمال - يعني سجّل الولاية - حابطة' وهذا غلط فاحش صوابه 'لأنّ الأعمال بغير سجلّ الولاية حابطة'.

وفي ص220 'هذه لمعة من أنوار' والذي في 'ب': 'هذه تتمّة من أنوار'.

وفي ص211 'لم يفرّ من معركة قط ولا ضرب بحسامه إلّا ولم يلتفت من باب بطل'. والصواب 'لم يفرّ من معركة قط، ولا ضرب بحسامه إلّا قطّ ولم يفلت من بأسه بطل'.

وفي ص213 'أسد اللَّه القاسم' مع أنّها في 'ب' 'أسد اللَّه القاضم' والقاضم من ألقاب أميرالمؤمنين عليه السلام.

وهذه نماذج ذكرناها على وجه السرعة، وما تركناه أكثر منها، يستطيع القارئ الوقوف عليه بالمقارنة.

7 - الأغلاط في ضبط الآيات القرآنيّة تبعاً لنسخة 'ب' وعدم مراجعة المصحف الشريف.

ففي ص139 أثبت الآية طبقاً لنسخة 'ب' ' أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ '، وهي في المصحف ' أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ '.

وفي ص144 ' تَجْري مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ' وهي في المصحف ' تَجْري مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ '.

وفي ص145 ' فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ ' وفي المصحف ' فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ '.

وفي ص184 ' وَقُلِ الْحَمْدُ للَّهِ ' وفي المصحف بلا واو ' قُلِ الْحَمْدُ للَّهِ '.

8 - عدم تخريجه لكثير من تفاسير الآيات والمطالب مع أنّها موجودة في الكتب المتداولة.

ففي ص29 في تفسير قوله تعالى ' غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ '، فيه قول المؤلف 'وأمّا الباطل فمن سلك من هذه الأمّة سلوك اليهود والنصارى في بغض آل محمّد فهو كذلك'. لم يخرجه المحقّق مع أنّه موجود معناه في تفسير القمي والعياشي وفرات ومناقب ابن شهرآشوب.

وفي ص33 معنى قوله ' وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ' وقوله ' وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُ نْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِن قَبْلِكَ ' لم يخرج ذلك وهو موجود.

وكذلك في ص34 قوله تعالى ' وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ' خرجه عن تفسير الصافي وهو بنحو الإشارة البعيدة، مع أنّه موجودة في تفسير الإمام العسكري.

وكذلك في ص50 قوله تعالى ' وَآمِنُوْا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ '... الخ، لم يخرج تأويلها وهو موجود.

وكذلك في ص57 - 55 ' وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطِ مُسْتَقِيمٍ ' و' ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ' و' وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ '.

وكذلك في ص81 - 80 ' وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ' و' مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ ' و' اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ ' وغيرها من الآيات الكثيرة المذكورة تفاسيرها وتأويلاتها ولم تخرج.

بل ذكر في ص166 هذا النص 'إنّ عليا وجه الشمس كناية' وكتب في الهامش 'لم نجده في المصادر'. مع أنّ صواب الحديث 'إنّ على وجه الشمس كتابة'، وهو موجود في مائة منقبة ونهج الإيمان والصراط المستقيم.

9 - التطويل في تخريجات الهوامش، فإنّه يأتي بروايات طويلة بنصّها في موارد يمكن أن يستغني في مثلها ويكتفي بالإشارة إلى مصادرها. وذلك في مثل الهامش 2 من ص24، والهامش 4 من ص38، والهامش 2 من ص40 - 39، والهامش 2 من ص41، والهامش 2 من ص44، والهامش 2 من ص48، والهامش 8 من ص81. وحسبك الهامش 5 من ص184 فإنّه استغرق أربع صفحات ونصف من الهامش دون حاجة لذلك.

وعلى كلّ حال، فإنّنا ذكرنا هذه النواقص في العمل التحقيقي السابق - مع التقدير لكلّ الجهود الخيّرة - توخّياً لرفع مستوى أعمالنا الثقافية وعدم الإسراع في التحقيق على حساب الدقّة، ولكي يقف القارئ على ضرورة طبع هذا الكتاب بتحقيقه الجديد، غير مدّعين الكمال ولا عدم النقص، لكنّنا نقول إنّه عمل يفوق العمل المتقدّم، وكم ترك السابق للّاحق.

 

نسخ الكتاب ومنهجيّة التحقيق

لقد اعتمدنا في تحقيق هذا الكتاب على ثلاث نسخ:

النسخة 'أ' وهي نسخة المكتبة الرضويّة على مشرّفها السلام، ضمن مجموعة برقم 14426 تحتوي على الجواهر المضيئة والدرّ الثمين وعجائب الآثار، وهي بخطّ النسخ، كتبها محمّد بن إبراهيم الكعبي القباني، وعدد أوراق الدرّ الثمين 32 ورقة، بصفحات مختلفة عدد الأسطر 26 - 24، بحجم 15 * 21 سم للصفحة الواحدة، وقفها السيّد محمّد باقر السبزواري. وهذه النسخة هي الأجود والأتم.

النسخة 'ب'، وهي نسخة المكتبة الرضويّة على مشرّفها السلام، مضمومة مع كتاب الملهوف بخطّ أبي الحسن الأصبهاني، محفوظة برقم 15317، وهي بخط النسخ، كتبها محمّد جعفر بن محمّد شفيع الحسيني، وفرغ منها يوم الأحد 22/ جمادى الثانية - سنة 1117 ه، وهي مؤلّفة من 75 ورقة، في كلّ صفحة 14 سطراً، بحجم 12 * 18 سم للصفحة الواحدة، وقفها الحاج ملّا إسحاق التربتي.

النسخة 'ج'، وهي نسخة مكتبة سپهسالار في طهران، وهي في ضمن مجموعة برقم 5362، وهي بخط النسخ، كتبها محمّد السالم العبيّاوي، وفرغ من كتابتها في 22 / شهر جمادى الأولى - سنة 1077 ه، وهي مؤلفة من 105 ورقة، من الورقة 238 إلى الورقة 446 من المجموعة، في كلّ صفحة 14 - 13 سطراً، بحجم 9/5 * 16 للصفحة الواحدة.

وقد اعتمدنا في تحقيق هذا الكتاب طريقة التلفيق وانتخاب المتن الأقرب للصواب ولمراد المؤلّف، وكان التحقيق كالآتي:

1 - عيّنّا النسختين 'أ' 'ب' وحصلنا على مصورتيهما. ثمّ حصلنا على مصورة النسخة 'ج'.

2 - قابلنا النسخ وأثبتنا ما بينهما من اختلافات.

3 - انتخبنا النص الأقرب للصواب ولمراد المؤلّف، وأثبتنا ما يغايره في الهامش.

4 - خرجنا الآيات القرآنيّة الكريمة وضبطنا شكلها وحصرناها بين قوسين مزهرين.

5 - كلّ ما حصرناه بين القوسين " " فهو لحصر الساقط من إحدى النسختين.

6 - كلّ ما حصرناه بين المعقوفتين | | فهو من المصدر أو المصادر المنقول عنها إن كانت، وإلّا فهو من عندنا.

7 - خرجنا المطالب عن المصادر المتقدّمة على الشيخ رجب البرسي ما وجدنا إلى ذلك سبيلا، ولم نخرّج من المصادر المتأخّرة عنه إلّا عند الضرورة أو لأجمعيّتها لذكر أطراف المورد المراد تخريجه كالإحالة على نفحات الأزهار في تخريجات حديث الغدير، وما شاكل ذلك.

8 - النسخة 'ب' كثيرة الأغلاط وكذلك النسختين 'أ' 'ج' في التتمة إلى آخر الكتاب، فأشرنا إلى المهم من اختلافاتها، وما كان غلطاً قطعيّاً أو غلطاً ليس له كبير تأثير لم نذكره، فلا يظنّ بنا الإغفال أو الإهمال.

 

ختاماً

لقد بذلنا قصارى جهودنا في تحقيق هذا الكتاب الجليل، وإخراجه إلى عالم النور بأفضل شكل ممكن، فما وُجد فيه من خطأ فهو عن قصور لا تقصير، ولعلّ الأيّام تكشف عن نسخ أخرى يكون العمل من خلالها أتم وأكمل، ولا يسعني هنا إلّا أن أتقدّم بالشكر الجزيل لولدي وقرّة عيني الأديب الأستاذ الشيخ قيس العطّار لما بذله من جهود مشكورة في تحقيق هذا الكتاب، فللَّه درّه وعليه أجره، وآخر دعوانا أن الحمد للَّه ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.

وأنا العبد الفاني

محمود بن أحمد البهبهاني

الحائري الأرگاني

 

 

الدر الثمين في اسرار الانزع البطين

الحمد للَّه الواحد الكريم، الإله العليم، المتكلّم بالقرآن، الذي لا يشغله شأن عن شان، خلق السماوات بقدرته، وزيّنها بمصابيح عظمته، وبسط الأرضين وجعل الجبال أوتاداً، تكلّ الألسن عن إدراك وصفه، وتعجز الأوهام عن نعته، واحداً أحداً فرداً صمدا، لم يتّخذ صاحبة ولا ولدا، باعثٌ نبيَّهُ محمّداً صلى الله عليه وآله بجوامع الكلم، وبدايع الحكمة، وجاعله للناس مبشّراً ونذيراً، وداعياً إلى اللَّه بإذنه وسراجاً منيراً(15)، صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم الذين أذهب اللَّه عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، بعثه إلى كافة الإنس والجان بالبيان والبرهان، حتّى قهر بالدين الحنيفي عبدة الأوثان، صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم وشرّف ما ولع نسيمٌ بأغصان، وصلّى اللَّه على صهره وأخيه، وزوج ابنته وأبي بنيه، صاحب الدلائل والمعجزات، تالي السور والآيات، قاتل الكفرة، المكنّى بحيدرة، الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، فارس الفرسان، المعروف بقوّة الجنان، الذي أنزل فيه وأهل بيته 'هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ'(16)، وعلى أولاده السادة الأبرار ما اتّصل الليل بالنهار.

أمّا بعد، فيقول العبد الفقير إلى اللَّه تعالى رجب بن |محمّد بن| رجب(17) الحافظ، البرسي مولداً، الحلي محتداً، عبد(18) أهل الجنّة ومولاهم، المعتصم من النار بحبل ولاهم، آمنه اللَّه من الندم، وأعاذه عند القدوم من زلّة القدم:

اعلم أنّه لمّا نفحتني من نسمات حضرة القدس نفحات العناية، ولمحتني من حضرة الإنس لحظات الرعاية، وتألّقت من صفاء صفحات القلب لمعات البوارق السماويّة، وتخلّق خلق الطبيعة والطبع بالخلائق الملكيّة، وأفاض المانح المنّان عليَّ من المنائح الربانيّة، وأطلعني اللّطيف الخبير فطالعت من مشكاة الفتوحات اللّدنيّة، بعض مستور أسرار الولاية الإلهيّة.

أردت أن أزفّ من بدور خدور الصدور، نفائس عرائس ما علّمني ربّي وله الحمد، وأُبرزها من حجاب الاحتجاب، وأجلوها على الطلّاب والخطّاب من المؤمنين بغير نقاب، 'لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ'(19) ويفوزوا بمعانقة أبكار الأسرار ضِعْفَ إِيقانهم، فيستضي ء بمصباح ما تلوته من نفائس الآيات العارفُ والناظرُ، ويضي ء صباح ما جلوته من عرائس البيّنات للسالك والسائر.

وها أنا ناصح لمن وقف على كتابي هذا ونظر فيه، وقَصُرَ عن إدراك بعض معانيه، أن ينهى النفس عن الهوى، لأنّ من يطع الهوى فقد هوى، وينظر فيه بنظر أولياء اللَّه الذين دليلهم الهدى، ولا ينظر فيه بنظر أعداء اللَّه الذين دعاهم الضلال ودلّهم العمى في الدين، فيعلم يقيناً أنّ ما تضمّنه هذا الكتاب، من أسرار أبي تراب، فإنّه لبّ اللُّباب 'وَذِكْرَى لِأُولِي الأَلْبَابِ'(20)، وإنّه ممّا يكتب بالنور على خدود الحور، وإنّه غرّة فخر الأنوار، ودرّة بحر الأسرار، والترياق الأكبر، والكبريت الأحمر، والنهج الأقوم، والاسم الأعظم، موضع لحقائق الولاية، ودقائق الهداية.

وهذا طريق مَنْ أمْرُهُمْ هو الصعب المستصعب، الذي لا يعرفه إلّا نبيّ مرسل أو ملك مقرّب أو عبد ممتحن، وهو الاطّلاع على ذواتهم التي كلّت الأفهام عن نعتها، وعجزت الأوهام عن وصفها، وليس ذلك من قوّة البشر، لأنّها غيب اللَّه وحجابه ومن يحيط بغيب اللَّه خبراً؟

 

فصلٌ:

ولمّا كان موضوعُ هذا الكتاب الذي لم يسمح الزمان بمثله في الكتب، البحثَ عن الخفيّات وإخراج ما توارى من السرّ من وراء الحجب، والغوص في لجج الأفكار، لإخراج درر الأسرار، لزم الشروع ووجب الاعتذار، حيث جرت بذلك الأقدار، لأنّه طريق ما خطرت فيه الأخطار، ولا جرى في السبق إليه قبلي مضمار، إضماراتي(21) كما أبديت من الأسرار الغريبة، وأظهرت من الآثار العجيبة، أن أبيّنها ببيان واضح، وببرهان لائح، شرحاً وتفسيراً وإسناداً وتأويلاً، وأميط عن محياها سَدفَ الخفاء، ليبدو للطالب والراغب شهاب الاقتداء، في سماء اللّيلة اللّيلاء، أنّه من باب بطي ء فتحه، وبرق خفي(22) والمثبت من عندنا. لَمْحُه.

فإذا اتضحت بذلك خفايا الأسرار، وأفصحت عن درّها أصدافُ الأخبار، وبان إبَّانُ البيان لمن ينظر، 'فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ'(23).

 

في بيان هذا المدعى بالدليل على التفصيل من وجوه

الأوّل: إنّ النبوّة شمس والولاية بدر، والنور مستمد من الشمس، والبدر أبداً يستمدّ من الشمس، لأنّ كلّ صفة يوصف بها البدر فإنّ تلك الصفة للشمس ومن الشمس، لأنّ جمال البدر وكماله منها وعنها.

وإذا علم هذا، فاعلم أنّ اللَّه سبحانه وتعالى خلق نور محمّد صلى الله عليه وآله قبل الأنوار، وعليٌّ عليه السلام قسيم ذلك النور.

وكُتبت نبوَّتُهُ وآدم بين الماء والطين، وولايةُ عليٍّ سجلُّ ذلك الكتاب.

وافتتح بوجوده الموجودات، وعليٌّ قسيم ذلك الفتح.

ورفَعَهُ على سائر البريّات، وعليٌّ قسيم تلك الرفعة.

وشرّف بوجوده الكائنات، وعليٌّ قسيم ذلك الشرف.

وختم بدينه الرسائل والنبوّات، وحُبُّ عليٍّ مداد ذلك الختم.

وعَلِم ما كان وما يكون، وعليٌّ وارث ذلك العلم والعالم بذلك الحكم والحفيظ على تأويل الآيات ومعنى الكلمات.

وأَسْمَعَهُ ليلةَ القدر والأسرار في ا لمقام الأُنس ما لم يسمعه إنسٌ وأطلعه على ما شاء من غيبه ونظر إلى تلك المقامات، وعليٌّ في مقام 'إنَّك ترى ما أرى وتسمع ما أسمع'(24)، حاضر لتلك الهيئات، ومطّلع على تلك الأسرار الخفيّات.

وفرَضَ نبوّةَ محمّد صلى الله عليه وآله على البرايا، وأوجب ولاية عليّ وافترض طاعته على سائر النسمات.

وأطلع نبيّه على أعمال العباد وعرض عليه صحائف المخلوقات، وعليٌّ من باب 'وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ'(25) وله علوّ الدرجات.

وجعل له الحوض يوم القيامة، وعلى الحوض عليٌّ ساقي الظُّماة(26).

 

فصل:

يقول العبد الفقير إلى اللَّه، تقي الدين عبداللَّه الحلبي، بصّره اللَّه بعيوب نفسه، وجعل يومه خيراً من أمسه، بمحمّد وآله:

أشار عليَّ بعض الإخوان، من أهل الإيمان والإيقان - مَن أمره حكم، وطاعته غنم، وهو الأخ السعيد، ذوالرأي السديد، والعلم المفيد، المتوكّل على الإله الكريم الجواد، خان مراد، أعطاه اللَّه تعالى في الدارين مراده، وأهلك أعداءه وأضداده، بالنبيّ وآله وعترته ورجاله - تلخيص رسالة الشيخ رجب الحافظ البرسي التي سمّاها 'مشارق أنوار اليقين في حقائق أسرار أميرالمؤمنين' تغمّده اللَّه برحمته وشكر سعيه.

فأجبت سؤاله بالسمع والطاعة، ولبّيت دعوته حسب الاستطاعة، وسمّيت هذا الكتاب المنتخب ب 'الدرّ الثمين في أسرار الأنزع البطين'، فجاء كالسيف المنتضى، في أسرار عليّ المرتضى، عليه أفضل الصلاة والسلام، والتحيّة والإكرام، لأنّه يشتمل على خمسمائة آية أدّى اجتهاد(27) الشيخ فيها من تفسير القرآن العظيم، وقد ورد عنهم عليهم السلام أنّ من استنبط من القرآن خمسمائة آية تنطق بفضل آل محمّد عليهم السلام فهو مجتهد حقّاً(28)، وها أنا أشرع إن شاء اللَّه تعالى فيما أشار به الأخ ثبّت اللَّه عليه دينه الذي يدينه بمحمّد وآله.

 

فصل

وقد روي في تفسير قوله تعالى: 'إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ'(29)، قال ابن عبّاس: الكلم الطيّب لا إله إلّا اللَّه محمّد رسول اللَّه، والعمل الصالح حبّ صالح المؤمنين عليّ سيّد الوصيّين ووصيّ سيّد النبيّين(30) لأنّه هو الذي يرفع الأعمال إلى السماء، فكلّ عمل ليس معه حبّ عليّ لا يرفع، وما لا يُرفع فلا يسمع، وما لا يسمع لا ينفع، وما لا ينفع فلا يرفع، فهو وبال وضلال لأنّه عمل غير صالح، فصاحبه معاقب عليه، لأنّه لو وقع على طريق الحقّ لوضع في الميزان المقبول، |وما وقع على غير طريق الحق(31) | فذلك هباء منثور، وإليه الإشارة بقوله عليه السلام: سيّئات شيعتنا خير من حسنات أعدائنا(32)، والحسنات لهم على سبيل المجاز فهي هباء منثورٌ، وإليه الإشارة بقوله عليه السلام: لأنّ سيّئات شيعتنا مغفورة وحسنات أعدائنا مردودة(33)، وحسبك سيّئة تغفر وحسنة لم تقبل، فسيّئات شيعتهم بحبّهم حسنات، وحسنات أعدائهم ببغضهم سيّئات.

 

فصل

يؤيّد هذه المقالة، ويقوّي هذه الدلالة، ما نبيّنه للطالبين في شرف آل محمّد الذين لا مثل لهم في الخلائق، فنقول: جبرئيل سيّد الملائكة وأمين اللَّه على وحيه، والأنبياءُ سادة الخلائق، والرسل سادة السادات، لأنّ الأنبياء نوّاب الرسل ورعاياهم، وكلّ من الرسل الكرام سيّد أهل زمانه، ومحمّد صلى الله عليه وآله سيّد الأوّلين والآخرين والخلائق أجمعين، لأنّه الفاتق الراتق، الفاتح الخاتم.

'وَالنَّجْمِ إِذَا هَوى'(34)

قصّة مخبره وتفخيمه، 'الّذي أَسْرى'(35)

معراج سفره وتكريمه، 'عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى'(36)

محرابه ومنبره وتقديمه، 'ثُمَّ دَنى فَتَدَلّى'(37)

قربه وتعظيمه، 'طه، مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ لِتَشْقَى'(38)

مدحه وتسليمه، 'وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى'(39)

فله على الرسل الكرام، شرف المتقدّم على سائر الأنام، فلولاه ما خلقوا، وله عليهم فضل الختام، فبه شُرِّفوا وبه ختموا، ومن مشكاة نوره عُلِّموا، فالأَحَدُ يقدّمه على سائر الآحاد شرف الواحد على الأعداد، ولكمال دينه الاحتواءُ على سائر الشرائع، فهو محتوٍ على الكلّ، والعلّةُ للكلّ، وجبرئيل الذي هو سيّد الأملاك خادمُهُ، والأنبياءُ نُوّابُهُ، لأنّهم بعثوا إلى اللَّه يدعون، وعن اللَّه يقولون، وبفضل محمّد صلى الله عليه وآله يشهدون، وببعثته يقرّون، ولأيّامه يرتقبون ويؤمنون(40)، وبعظمته يعترفون، وهم به إلى اللَّه يتوسّلون، وبولاية عليّ يقرّون، وبحبّه يعتصمون ويتمسّكون.

وعليٌّ سلطان رسالة محمّد ونائبها، وبابها وكمالها، وحسامها وصارمها، وكمال فرائضها، وحبّه تمام أحكامه، وإليه سُلِّم بعد خَتْمِها زمامُها، وإليه الإشارة بقوله 'اجْعَل لِي مِن لَدُنكَ سُلْطَاناً نَصِيراً'(41) يعني عليّاً وليّاً ووزيراً(42).

فمحمّد صلى الله عليه وآله سيّد أهل السماوات والأرضين، وعليٌّ عليه السلام نفسُ هذا السيّد وروحه، ولحمه ودمه، وأخوه وشقيق نوره، ووارث علمه وفتاه وخدنه، ومساويه ومواسيه، وسلطان دولته، ووليّ مملكته، وأمير ولايته، وإمام أُمّته، وزوج ابنته، ووالد الأبرار من عترته، وصاحب بيعته، وخازن نبوّته، وحافظ شريعته، وخليفة رسالته، وحامي ملّته، وحامل رايته، ومجيب دعوته، ومفرّج كربته، وقسيم عظمته، وفارس مملكته، وترجمان حكمته.

فعليٌّ عليه السلام سلطان أهل المشارق والمغارب، وإمام الشارق والغارب، وأميرهم ووليّهم ومولاهم، وبمقامات محمّد صلى الله عليه وآله أحقّهم وأولاهم، ووليّ المؤمنين في أُخراهم وأُولاهم.

فهو المولى، والأمين، والمتصرّف، والهادي، والآمر، والناهي، لأنّه الأولى بالنفوس والأديان من الخلائق، وتلك ولاية الربّ الخالق، فهو أمين اللَّه وأميره، ووليّه وعليّه، ورايته وكلمته، وسرّه وحجابه، ونائب وحيه وبابُه.

 

فصل

وولداه في درجات الفخار على الإنس والجان، سيّدا شباب أهل الجنّة، سادة الخلائق، وأبوهما خيرٌ منهما بنصّ حديث الإجماع(43)، فأميرُالمؤمنين خيرُ سادة أهل الدنيا والآخرة، وزوجتُه الزهراء سيّدة النساء، ولحمة سيّد الأنبياء، بضعة النبوّة، وشمس الرسالة، وقمر الجلالة، ودار العصمة، ومعدن الحكمة، وبقيّة النبوّة، وبنت الصفوة، وأمّ الأئمّة، وشرف الظاهر والباطن من العلم والحكمة.

فعليّ عليه السلام هو السيّد، أخ السيّد، أبو السادة والزيادة، وهو الولي الذي حبّه أمان، ومعرفته إيمان، آية اللَّه وآية النبي، وكلمة اللَّه وكلمة النبي، وسرّ اللَّه وسرّ النبي، ووليّ اللَّه ووليّ النبي، وحجّة اللَّه وحجّة النبي، لأنّ فضله من فضل النبي مكسوب، وهو من اللَّه للنبي موهوب، وبحبّه يتمّ دين اللَّه، وهذه موهبة من الربّ العلي، وكلّما علت مناقبه وجلّت مراتبه فهي جزء من مناقب النبي المختار، وجدول من بحر علمه الزخّار، وبيان هذه الأسرار: 'أنا البشير النذير وعليّ الهادي'(44).

 

فصل

واعلم أنّ اللَّه تعالى بعث محمّداً خاتماً للمرسلين، وأمره أن يدينه هو وأمّته بحبّ عليّ وولايته، وأمره الربُّ العظيم بتعظيم العليّ العظيم، ثمّ خصّه بجوامع الكلم، وأنزل إليه كتاباً جامعاً للكتب، وخازناً للحجب، افتتحه بحمده والإقرار بتوحيده، وقرن توحيده فيه بالصلاة على نبيّه لقرب الصفة إلى(45) الموصوف، وأيّده بالكتاب المنير، والسيف المبير، ونصره على أعدائه، وأنزل للأُمّة عند الظلمة نورين، وجعل الهدى علمين: كتاب اللَّه وعترة نبيّه، كلاهما حجّة(46) فاختلفت الأُمّة في القرآن وفيهم، فمنهم(47) تابع للذكر ومنهم منحرف، وأمّا العترة فغالٍ(48) فيهم، وكافر بهم، وتارك لهم، ومبغض لهم، وظالم وغاصب حقّهم، ومعترف بأقلّه ومنكر أكثره، وجاهل حقّهم، ومفضّل عليهم غيرهم، وكاتم أسرارهم، ومُعلِن بها وتابع لعدوّهم، وملقّب بالرفض لمن تبعهم، ومنكر لطريقتهم، وتابع للبدعة والضلالة متعبّد بها، ومنكر لسنّتهم وجاحد لها، حتّى تمكّن ذلك في قلوب أهل الغفلة فاعتقدوا للباطل، وتنكّبوا(49) |عن| طريق أهل الحقّ فأخرجهم ذلك إلى الكفر، فهم لنهج الضلال راكبون، وعن الحقّ ناكبون، وللشيطان عابدون، وهم يحسبون أَنّهم يحسنون.

 

فصل

ولو رجعوا إلى الكتاب فتدبّروه، واقتدوا بنوره واتبعوه، لقادهم إلى الحقّ الذي فيه بأوضح الدلائل، وأخرجهم ببراهينه وبيانه عن أرض الباطل، لأنّه الحجّة والمحجّة، فإذا تأمّل المنصف قوله سبحانه: 'فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْ ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ'(50)، لوجدوا مقام آل محمّد في محكم الآيات أنّهم أفضل العالمين، وسادة الخلائق أجمعين، فيعرف بذلك شرف أهل بيت النبوة، ومالهم من الخصائص والفضل، ممّا رواه ثقات المسلمين، ونقله أكثر الموحّدين، والصدر الأوّل من المفسّرين، والأتقياء من التابعين الذين خافوا اللَّه وراقبوه، فتركوا التعصّب والفساد، واتّبعوا مرضاة ربّ العباد، مثل ابن عبّاس، وسعيد بن جبير، وأنس بن مالك، وشعبة، وسفيان، وابن الحجّاج، ويحيى بن مسافر، ووكيع بن الجرّاح، والأوزاعي، وأبي نعيم الحافظ، والحسن بن |أبي| الحسن، وأرشد بن أرشد الفزاري، من الصدر الأوّل والتابعين لهم بإحسان: أنّ في القرآن الشريف ألف آية نزلت في فضل عليّ وعترته(51)، وعنه أيضاً: ما نزل في أحد من كتاب اللَّه تعالى ما نزل في علي(52).

وعنه أيضاً: ما أنزل اللَّه في القرآن آية 'يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا' إلّا كان عليّ أميرها وشريفها، ولقد عاتب اللَّه أصحاب محمّد صلى الله عليه وآله ولم يذكر عليّاً إلّا بخير. شواهد التنزيل 64: 1.

وعن الإمام السجّاد عليه السلام: نزل القرآن علينا ولنا كرائمه. شواهد التنزيل 55: 1.

وعن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: إنّ اللَّه أنزل في عليّ كرائم القرآن. شواهد التنزيل 57: 1.

وقد روى كثرة ما نزل في علي أولاده وعترته من القرآن، ابن عبّاس، وسعيد بن جبير، ومجاهد، ويزيد بن رومان، وعبدالرحمن بن أبي ليلى، والأصبغ بن نباتة، وطاوس اليماني، وحذيفة بن اليمان. انظر شواهد التنزيل 62 - 52: 1/ الفصل الخامس، وقادتنا 30 - 27: 3. ظاهراً وباطناً، وتأويلاً وتنزيلاً.

وعنهم عليهم السلام: أنّ القرآن الشريف ثلاثة أثلاث: ثلث باطنه في مدح آل محمّد وشيعتهم، وثلث في ذمّ أعدائهم ومن تبعهم، وثلث ظاهره في(53) الشرائع والأحكام وتبيين الحلال من الحرام وباطنه هم(54).

وإنّ في القرآن من أسرارهم ما لو أكشف أصداف الرموز عن جواهر زواهر أسراره لكفر الناس وضلّوا، لأنّ كلّ وعاء إذا كبّ فيه ملؤه تشقّق، وإنّ في فاتحة الكتاب لمحمّد وعليّ أسماء باطنة لا يدركها إلّا الأولياء، ومن كشف اللَّه عن بصيرته.

وما من آية تسوق إلى النار إلّا وهي في أعدائهم والمخالفين لهم والجاحدين لفضلهم، وما من آية افتتاحها 'إنّ المؤمنين' و'إنّ الذين آمنوا' إلّا والمراد بها شيعة عليّ عليه السلام وهي فيهم(55)، لأنّ الدين لا يبتني(56) إلاّ على أُصوله، وأُصولُ الدين تمامُها وكمالُها الولاية، فلا فرع إلّا بالأصل، ولا أصل إلّا بالولاية، ولا إيمان إلّا بالولاية، وكذلك ما من آية فيها 'إنّ الكافرين' و'إنّ المنافقين' إلّا وهي في أعداء عليّ ومن تبعهم، وذلك لأنّ ترك الولاية |جحود بالنبوّة|(57)، وجحود النبوّة كفر بالربوبيّة، فجحود الولاية كفر باللَّه.

 

فصل

وأمّا بيان فضلهم على الترتيب بالدليل العقلي والبرهان النقلي، الذي لا ينكره إلّا الجاهل الغوي والمنافق الشقي، فذلك أنَّ اللَّه سبحانه وتعالى اختار آدم عليه السلام صفوة اللَّه على الخلائق، وخمّر طينته بيده، ونفخ فيه من روحه، وأودع جسده أسراره، وجعله مثالاً لعالم الغيب والشهادة، وجعله خليفته في خلقه، وأسجد له الملائكة.

ثمّ اجتبى من هذه الجملة المؤمنين، فآدمُ عليه السلام هو الصفوة "من سبعين ألف عالم، والمؤمنون من ذرّيّته صفوة الصفوة"(58).

ثمّ اصطفى من هذه الصفوة الأنبياء، فالأنبياءُ سادة المؤمنين، ثمّ اصطفى من الأنبياء الرسل.

ثمّ اصطفى من هذه الصفوة بيتاً خصّهم بالتطهير والتفضيل، وآتاهم الكتاب والحكمة والنبوّة، وجعل فيهم الإمامة والملك والخلافة، واختارهم على العالمين، وهم آل إبراهيم.

ثمّ اصطفى من ذرّيّة إبراهيم إسماعيل.

ثمّ اصطفى من ذرّيّة إسماعيل محمّداً وآل محمّد كما اصطفى إبراهيم وآل إبراهيم، فمحمّدٌ سيّد الأوّلين والآخرين.

ثمّ خصّهم بآية التطهير، فقال: 'إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً'(59)، ولو لم يكن في القرآن إلّا هذا لكفى.

ثمّ ندب الخلائق إلى مودّتهم، فجعلهم في الإنذار مخصوصين، وبأَسْهُم(60) ذي القربى مختصّين، وبإذهاب الرجس عنهم مطهّرين، وبنزول الوحي إليهم مقرَّبين، وفي يوم المباهلة بإقامة الحجّة وإثبات دليل الرسالة مقدّمين، وبصدق النبي الأمّي وبإثبات دين الربّ العلي شاهدين، وجعل العباد بولايتهم ومودّتهم متعبّدين - إلّا الأشقياء من المنافقين، الذين ليس لهم حظّ من رحمة اللَّه يوم الدين - وخصّهم بالكتاب المبين، وجعلهم به عالمين، وبحكمه قائمين، فمن ذا يضاهيهم وهم سادة الخلائق أجمعين، ومن يقيسُ بهم سواهم إلّا من ألحد في الدين وكفر بالوحي المبين.

فلينظر من طاب عنصره، وطهر مخبره، وكان ترابه من طينة الإنصاف، هل يجد قوماً جدّهم سيّد المرسلين - وأبوهم سيّد الوصيّين، وأُمّهم سيّدة نساء العالمين، وخادمهم جبرئيل الأمين - سواهم؟ أم هل يجد لأحد في الكتاب المنزل(61) ما لهم؟ فكيف وكلّ جوهر نال الكمال، وكلّ |من| قد لبس ثوب الجمال، فهو منهم وعنهم عليهم السلام.

 

فصل

ثمّ جاء في الكتاب والسنّة ما يوافق هذه الكمالات، والتحف الإلهيّات، والمدائح السماويّات.

فمن ذلك ما رواه قيس عن الأعمش، |عن عباية، عن ابن عبّاس|، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أنّه قال: إنّ اللَّه خلق الخلق قسمين فجعلني في خيرهم قسماً، ثمّ جعل القسمين أثلاثاً فجعلني في خيرها قبيلة، ثمّ جعل القبائل بيوتاً فجعلني في خيرها بيتاً(62)، فأنا خير النبيّين، وبيتي خير البيوت، وأهل بيتي(63) "خير الصفوة من نوح، والآل من إبراهيم، والعترة من هاشم، فهم من الناس كالسماء المرفوعة، والنجوم الهادية، والشمس الضاحية، والكعبة المستورة، والشجرة المباركة، أصلها النبوّة، وفرعها الإمامة، وأغصانها العصمة، وأوراقها الحكمة، وثمرها الدين والرحمة(64).

 

فصل

إذا عرفت هذا، فاعلم أنّ التنزيلَ له ظاهر وباطن، والتأويل كذلك، فإذا مرَّ بك من الباطن شيء(65) فلا تنكره فإنّهم أعلم بتأويله وتنزيله، فقد ورد عنهم عليهم السلام: أنّ للقرآن بطناً، وللبطن بطن، وله ظهر، وللظهر ظهر، وليس شي ء أبعد على عقول الرجال من تفسير القرآن(66).

وقد ورد عنهم عليهم السلام: أنّ من استنبط خمسمائة آية من القرآن تنطق بفضل آل محمّد فهو مجتهد حقّاً(67).

 

فصل

وحيث انتهى البحث إلى هذا المكان، فلنشرع(68) الآن في كتابة خمسمائة آية نزلت في فضل(69) أميرالمؤمنين عليّ عليه السلام بإجماع أكثر المفسّرين من أهل الدين.

 

فصل

وكيف لا يكون ذلك كذلك واللَّه تعالى قد وصف أنبياءه بأوصاف ووصفه بمثلها(70)، فقال في نوح: 'إِنَّهُ كَانَ عَبْدَاً شَكُوراً'(71)، وقال في عليّ: 'وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً'(72)، وأين مقام الشاكر من المشكور؟! ووصف إبراهيم بالوفاء، فقال: 'وَإِبْرَاهيمَ الَّذي وَفَّى'(73)، وقال في عليّ: 'يُوفُونَ بِالنَّذْرِ'(74).

ووصف سليمان بالملك، فقال: 'وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً'(75)، وقال في عليّ: 'وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً'(76).

ووصف أيّوب بالصبر، فقال: 'إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً'(77)، وقال في حقّ(78) عليّ: 'وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً'(79).

ووصف عيسى بالصلاة، فقال: 'وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ'(80)، وقال في حقّ(81) عليّ: 'وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ'(82).

ووصف محمّداً بالعزّة، فقال: 'وَللَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ'، وساواه برسوله فقال: 'وَلِلْمُؤْمِنينَ'(83) وهو عليّ.

ووصف الملائكة بالخوف، فقال: 'يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ'(84)، وقال في عليّ عليه السلام: 'إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَّبِّنَا'(85).

ووصف نفسه، فقال تعالى: 'وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ'(86)، وقال في عليّ: 'وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ'(87).


فصل

ثمّ أمر نبيّه الكريم أن يرفعه في مقام التشريف والتعظيم، فقال بعد أن بالغ في المقال: لو كانت السماوات صحفاً، والغياض أقلاماً، والجنّ والإنس كتّابا، "والبحر مدادا"(88) لنفد المداد وعجز الثقلان أن يكتبوا معشار عشر العشر من فضل(89) عليّ عليه السلام(90).

ثمّ كمّل له الفضل(91) الذي لا يحد، فقال: لو أنّ أحدكم عَبَدَ اللَّه بين الركن والمقام حتّى ينقطع عنقه وتنتثر أنامله لم يقبل اللَّه منه عملاً إلّا بولاية عليّ(92)، هذا المقام الرفيع عند الربّ البصير السميع جلّ جلاله.

وأمّا قربه من الرسول، فهو روحه ونفسه، وأخوه وابن عمّه، ومساويه ومواسيه.

وأمّا علمه الذي تنفد البحار ولا ينفد، فهو الذي قال عليه السلام: لو كشف الغطاء ما أزددت يقيناً(93).

 

فصل

وهاهنا نبدأ(94) 'بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ' ظاهرها أمان وباطنها إيمان ولفظها يمن وبركة، وهو ذكر اللَّه وحده، وهي تسعة عشر حرفاً بعدد الأشباح الخمسة(95) الذين كتبهم اللَّه بيمين قدرته بالنور في عالم النور قبل خلق الأعوام والدهور، ولهذا ورد عنهم عليهم السلام أنّ من"(96) قرأها منقاداً لأمرهم مؤمناً بظاهرهم وباطنهم أعطاه اللَّه بكلّ حرف منها حسنة أعظم من الدنيا وما فيها(97)، يعني من عرف أنّهم مبدأ الخلق ومنتهاه، وسرّ الوجود ومعناه، فلولاهم لم يكونوا ولم يخلقوا، ولولا فضلهم عند اللَّه تعالى لم يرزقوا، فهم الفضل والإفضال، وصفوة ذي الجلال.

وقد ورد في ابتداء خلقهم الكريم، نبأ عظيم، لا يحتمله(98) إلّا ذو العقل(99) السليم والدين القويم؛ رواه الشيخ أبو جعفر الطوسي في قوله تعالى: 'وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ'(100) مرفوعاً إلى الفضل بن شاذان، عن جابر بن يزيد، عن الإمام موسى بن جعفر الكاظم(101) عليهما السلام قال: إنّ اللَّه سبحانه خلق نور محمّد صلى الله عليه وآله من نور ابتدعه من نور عظمته وجلاله وهو نور لاهوتيّته الذي تبدّأ(102) منه وتجلّى به لموسى بن عمران في طور سيناء، فما استقرّ ولا طاق رؤيته، وكان ذلك النور "محمّداً وعليّاً عليهما السلام، ولم يخلق من ذلك النور"(103)

كما قال صلى الله عليه وآله: خلقت أنا وعليّ "من جنب اللَّه ولم يخلق منه غيرنا(104).

وقال عليه السلام: خلقت(105) أنا وعليّ"(106) من شجرة واحدة وخلق الناس من شجر(107) شتّى(108). خلقهما بيده ونفخ فيهما من نفسه لنفسه(109)، وصوّرهما على صورتهما، وجعلهما أمناء له وشهداء على خلقه(110)، وعيناً له في عباده، ولساناً له في بريّته، واستودعهما علمه، واسترعاهما خلقه، وعلّمهما البيان، وأطلعهما على الغيب، وجعل أحدهما نفسه، والآخر روحه، ولا يقوم(111) أحدهما بدون صاحبه، ظاهرهما بشريّة وباطنهما لاهوتيّة، حتّى ظهرا للخلائق على هياكل ناسوتيّة بحيث يطيقون رؤيتهما، فهما مقام الربّ وحجاب(112) خالق الخلائق أجمعين، فيهما بَدَأ(113) الخلق وبهما يختم مقادير الخلائق(114).

ثمّ اقتبس من نور(115) محمّد صلى الله عليه وآله نور(116) فاطمة عليها السلام كما اقتبس نور محمّد صلى الله عليه وآله من نور جلاله، واقتبس من نورِ عليّ عليه السلام ونور فاطمة عليها السلام نورَ الحسن والحسين عليهما السلام كاقتباس المصابيح، خلقوا من الأنوار، وانتقلوا في أصلاب الأبرار، وأرحام الأطهار، في الطبقة العليا نقلاً بعد نقل، لا من ماء مهين ولا من نطفة جثرة(117)، بل أنوار تتقلّب في الطاهرين، وأسرار تظهر في صفحات وجوه النبيّين، أقامهم الربّ مقامه في عباده، "لأنّه سبحانه لا يُرى ولا يُعرف بكيفيّة ولا أينيّة"(118)، فهم تراجمة وحيه الناطقون عنه المبلّغون عنه(119) إلى عباده، ففيهم تظهر قدرته، وعنهم ترى آياته، وبهم عرَّف عبادَه نفسه، وبهم يطاع أمره، ولولاهم ما عُرِفَ، لأنّه يُجْرِي أمره كيف يشاء(120).

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الهوامش ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ تفسير العياشي 20: 1/الحديث 1، وتفسير فرات: 45/ الحديث 1.

2 ـ الاحتجاج: 82.

3 ـ الاحتجاج: 156.

4 ـ وانظر المؤلفات في هذا المجال تحت عنوان 'ما نزل من القرآن في أميرالمؤمنين عليه السلام' في الذريعة 30 - 28: 19.

5 ـ وقد نسبه إسماعيل پاشا في هدية العارفين 365: 1 إلى الشيخ رجب البرسي، وكذلك نسبه إليه في عدّة مواضع من إيضاح المكنون 305: 1 و271: 2 ، 444 و413 و444 و483 و484. ج1 - ص444 نسبة الدر الثمين هذا إلى البرسي أيضاً، وقال: إنّه كان حيّاً سنة 802 ه.

6 ـ الذريعة 65 - 64: 8/ رقم 219.

7 ـ الذريعة 65: 8/ رقم 220.

8 ـ الذريعة 49: 1/ رقم 245.

9 ـ الذريعة 39: 2/ رقم 152.

10 ـ الذريعة 435: 22/ رقم 7766.

11 ـ الذريعة 34: 2.

12 ـ رياض العلماء 214: 3.

13 ـ وقد ذكر المؤلف تفسير هذه الآية بما هو موجود في تفسير الفلكي كما في مناقب ابن شهرآشوب 217: 3، ثمّ أيّده بحديث الرايات.

14 ـ وهو في رجال النجاشي: 388، والذريعة 202: 15 باسم 'الظلامة لفاطمة'. للقاضي محمّد بن أحمد بن الجنيد أبي علي الإسكافي، حيث نقل عنه بإسناده إلى أبي ذر الغفاري حديث الرايات، ومثل نقله عن كتاب 'عقاب الأعمال' للصفّار إن صحّ المتن ولم يكن في الأمر اشتباه.

15 ـ اقتباس من الآيتين 46 - 45 من سورة الأحزاب.

16 ـ الإنسان: 1.

17 ـ في النسخة: المرجب.

18 ـ في النسخة: 'محتداً محمّد عبد'.

19 ـ الفتح: 4.

20 ـ ص: 43، غافر: 54.

21 ـ كذا في النسخة.

22 ـ في النسخة 'بطي ء فتحا وبرقا خفيا لمحه'.

23 ـ الكهف: 29.

24 ـ انظره في نهج البلاغة: 300/ الخطبة 192، والطرائف 413: 2، والصراط المستقيم 65: 2، وعوالي اللئالي 12: 4.

25 ـ التوبة: 105.

26 ـ كأنّها جمع 'ظامي'، لكن لم نعثر على هذا الجمع، ولعلّها 'الظمان'.

27 ـ المراد من الاجتهاد معناه اللغوي، وهو بذل الجهد، لأنّ جميع الآيات المذكور تفسيرها في هذا الكتاب، إنّما روي تفسيرها عن أهل البيت عليهم السلام. فلا يتوهّم أنّ الشيخ رجب فسّرها طبق الاجتهاد الاصطلاحي.

28 ـ انظر الكافي 612: 2 / باب ثواب قراءة القرآن - الحديث 5، ومعاني الأخبار: 147/ الحديث 2، وثواب الأعمال: 103.

29 ـ فاطر: 10.

30 ـ انظر الكافي 356: 1/ الحديث 85، وتأويل الآيات: 469 - 468، وتنبيه الخواطر 109: 2، والاحتجاج: 260، وتفسير القمي 208: 2، ومناقب ابن شهر آشوب 6: 4. وانظر المشارق: 120.

31 ـ من عندنا إتماماً للمعنى.

32 ـ انظر علل الشرائع 610: 2/ الباب 385 - آخر الحديث 81، ففيه قول الإمام الباقر عليه السلام: 'يبدّل اللَّه سيّئات شيعتنا حسنات، ويبدل اللَّه حسنات أعدائنا سيّئات'.

33 ـ انظر أمالي الطوسي: 634/ المجلس 31 - آخر الحديث 10، ففيه قول الصادق عليه السلام: 'لأنّ سيّئات الإمام الجائر تغمر حسنات أوليائه، وحسنات الإمام العادل تغمر سيّئات أوليائه'.

34 ـ النجم: 1.

35 ـ الإسراء: 1.

36 ـ النجم: 14.

37 ـ النجم: 8.

38 ـ طه: 2 - 1.

39 ـ الضحى: 5. تشريفه وتعظيمه.

40 ـ كذا في النسخة، ولعلّ الأصوب 'ويومئون'.

41 ـ الإسراء: 80.

42 ـ انظر مناقب ابن شهر آشوب 80 - 79: 2، وشواهد التنزيل 452: 1. وانظر المشارق: 120.

43 ـ وهو قول رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: 'الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة وأبوهما خيرٌ منهما'. انظر عيون أخبار الرضا 32: 2/ الباب 31 - الحديث 56، وقرب الاسناد: 111/ الحديث 386، والخصال: 551/ أبواب الأربعين فما فوقه - الحديث 30، وكفاية الأثر: 38 و117، ومناقب الكوفي 250: 2، وسنن ابن ماجة 44: 1/ الحديث 118، والمستدرك للحاكم 167: 3، ومجمع الزوائد 183: 9، والمعجم الكبير للطبراني 39: 3/ الحديث 2617، وتاريخ بغداد 140: 1، والجامع الصغير للسيوطي 589: 1/ الحديث 3821، ومناقب الخوارزمي: 209.

44 ـ انظر ما سيأتي في قوله تعالى 'إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ'.

45 ـ من هنا تبدأ النسخة 'ج'، وفيها: 'بسم اللَّه الرحمن الرحيم كتاب على الموصوف'.

46 ـ في ' ج': حجج. اللَّه على خلقه، والدّلالة على طاعته وحقّه.

47 ـ ليست في 'ج'.

48 ـ في 'أ' 'ج': 'فقالٍ'. والمثبت بمقتضى حرف التعدية ومعنى الحديث المشهور.

49 ـ في 'أ': وتنقبوا'.

50 ـ النساء: 59.

51 ـ عن ابن عبّاس، قال: نزلت في علي ثلاثمائة آية. تاريخ بغداد 221: 6، ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق 431: 2/ الحديث 934، والصواعق المحرقة: 76.

52 ـ شواهد التنزيل 52: 1.

53 ـ ليست في 'ج'.

54 ـ انظر تفسير العيّاشي 9: 1/ الحديث 3، وتفسير القمي 21: 1، وشواهد التنزيل 58: 1/ الحديث 59.

55 ـ انظر الكافي 36: 8/ الحديث 6 من مقامات الشيعة وفضائلهم وبشارتهم بخير المآل، واعتقادات الصدوق: 104، وفضائل الشيعة: 297/ آخر الحديث 18.

56 ـ في 'ج': لا ينبني.

57 ـ من عندنا بمقتضى الاستدلال المذكور.

58 ـ ليست في 'ج'.

59 ـ الأحزاب: 33.

60 ـ في 'ج': وبسهم.

61 ـ في 'ج': الكتاب مثل مالهم.

62 ـ انظر مجمع البيان 138: 9، وشواهد التنزيل 49: 2/ الحديث 669، والشفاء للقاضي عياض 165: 1، وتأويل الآيات: 587.

63 ـ من هنا إلى قوله 'منقاداً لأمرهم مؤمناً بظاهرهم وباطنهم' ساقط من 'ج' فالعبارة فيها: 'وأهل بيتي قرأها منقاداً لأمرهم'...

64 ـ انظره عن الإمام الحسن عليه السلام في العدد القويّة: 31، وعنه في البحار 358: 43، وعن أبي ذر في شرح الأخبار 500: 2، وتفسير فرات: 82 - 81.

65 ـ في نسخة بدل من 'أ': فإذا أمروك من الباطن بشي ء.

66 ـ انظر المحاسن: 300/ كتاب العلل - الحديث 5، وتفسير العيّاشي 12 - 11: 1/ الحديثين 2 و8، وتفسير القمي 19: 1.

67 ـ مرّ تخريجها.

68 ـ من هنا تبدأ نسخة 'ب'، ففيها: 'بسم اللَّه الرحمن الرحيم، الحمد للَّه ربّ العالمين، والصلاة على أشرف المرسلين محمّد وآله الطيّبين الطاهرين، أمّا بعد فلنشرع الآن'.

69 ـ في 'أ': نزلت بفضل.

70 ـ في 'أ': بمثله.

71 ـ الإسراء: 3.

72 ـ الإنسان: 22.

73 ـ النجم: 37.

74 ـ الإنسان: 10.

75 ـ النساء: 54.

76 ـ الإنسان: 20.

77 ـ ص: 44.

78 ـ ليست في 'ب'.

79 ـ الإنسان: 12.

80 ـ مريم: 31.

81 ـ ليست في 'ب'.

82 ـ الإنسان: 26.

83 ـ المنافقون: 8.

84 ـ النحل: 50.

85 ـ الإنسان: 10.

86 ـ الأنعام: 14.

87 ـ الإنسان: 8. وانظر المشارق: 225 - 224. وانظر تصديق ذلك في مناقب ابن شهرآشوب 275: 3/ فصل في إضافة اللَّه تعالى عليّاً إلى نفسه، و305: 3/ فصل في مساواته مع سائر الأنبياء.

88 ـ ليست في 'أ'.

89 ـ في 'ب': فضائل.

90 ـ قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: لو أنّ الغياض أقلام، والبحر مداد، والجنّ كتّاب، والإنس حسّاب، ما أحصوا فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام. انظره في مناقب الكوفي 557: 1، ومائة منقبة: 154/ المنقبة 99، والطرائف: 138، وكفاية الطالب: 123، ومناقب الخوارزمي: 235، والبحار 75: 40/ الحديث 13 عن فردوس الأخبار. ونقله عن البرسي السيّد هاشم البحراني في حلية الأبرار 122: 2 بلفظ المتن.

91 ـ في 'ب' ثمّ كمال الفضل.

92 ـ انظر قول رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: 'لو أنّ رجلاً صام وصلّى حتّى يصير كالشن البالي إذاً ما نفع صلاته وصومه إلّا بحبّكم'. انظره في كفاية الأثر: 70، ومقتضب الأثر: 11، ومائة منقبة: 63/ المنقبة 17، والأربعون حديثاً لمنتجب الدين: 4، واليقين: 150، والطرائف: 173، والمحتضر: 91 و148، والصراط المستقيم 117: 2. وفي فردوس الديلمي 200: 2/ الحديث 5141، وعنه في مناقب الخوارزمي: 28، واللفظ للأوّل: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: لو أنّ عبداً عَبَد اللَّه مثل ما قام نوح في قومه، وكان له مثل أحد ذهباً فأنفقه في سبيل اللَّه، ومدّ في عمره حتّى يحجّ ألف عام على قدميه ثمّ قتل بين الصفا والمروة مظلوماً، ثمّ لم يوالك يا علي لم يشم رائحة الجنّة ولم يدخلها.

93 ـ غرر الحكم: 119/ الحكمة 2086، إرشاد القلوب 247: 1، شرح النهج 253: 7/ الخطبة 186، الصراط المستقيم 230: 1، الطرائف 512: 2، كشف الغمة 170: 1 و286، مناقب ابن شهرآشوب 47: 2.

94 ـ في 'ب': المبدأ. في شرح الآيات.

95 ـ فإنّ عدد حروف أسمائهم تسعة عشر، 'محمّد، علي، فاطمة، حسن، حسين'. وقارن بالفصل 142 من مشارق أنوار اليقين: 300 وبما في جامع الأخبار: 42.

96 ـ إلى هنا ينتهي السقط من 'ج'. فالعبارة فيها: 'وأهل بيتي قرأها'.

97 ـ انظر عيون أخبار الرضا 235: 1/ الباب 26 - الحديث 60، وتفسير الإمام العسكري: 29/ الحديث 10.

98 ـ في 'أ': لا يحمله. وفي 'ج': لم يحمله. والمثبت عن المصدر.

99 ـ في 'ج': القلب.

100 ـ الشعراء: 219.

101 ـ ليست في 'أ' 'ج'.

102 ـ في 'ب' 'ج': يبدأ.

103 ـ ليست في 'ب'. غيرهما.

104 ـ في تأويل الآيات: 508 عن محمّد بن العبّاس بسنده عن الصادق عليه السلام، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، قال: خلقنا واللَّه من نور جنب اللَّه، خلقنا اللَّه جزءاً من جنب اللَّه، وذلك قوله عزّ وجلّ 'يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ' يعني ولاية أميرالمؤمنين عليه السلام. وانظره بنفس السند في كنز الفوائد: 273 - 272.

105 ـ ليست في 'أ'.

106 ـ ليست في 'ج'.

107 ـ في 'ب': أشجار.

108 ـ انظر الكافي 428: 1/ الحديث 80، وأمالي الطوسي: 611، وبصائر الدرجات: 58، والصراط المستقيم 134: 2، وكمال الدين: 345/ الباب 33، ومعاني الأخبار: 92.

وهذه الفقرة، أي من قوله 'كما قال صلى الله عليه وآله: خلقت'... إلى هنا أي 'شتّى' ليست في المصدر، فكأنّها تعليقة للشيخ رجب رحمه الله وضعها وسط الرواية.

109 ـ في 'ب': من نفسه بنفسه لنفسه.

110 ـ في 'ب': وجعلهما امناءه وشهداءه على خلقه.

111 ـ في متن 'أ': يقدم. والمثبت عن 'ب' 'ج' ونسخة بدل من 'أ'.

112 ـ في 'ب': فيهما مقامَي ربّ العالمين وحجابي.

113 ـ في 'أ' 'ج': فهما بدو. وفي المصدر 'بهما فتح بدء الخلق'.

114 ـ في 'ب' ونسخة بدل من 'أ': الحقائق.

115 ـ ليست في 'ب'.

116 ـ ليست في 'ب'.

117 ـ كذا في 'أ' 'ج'، وهي ليست في 'ب'. وفي المصدر 'خثرة'، وعنه في البرهان: 'جَشِرة'.

118 ـ ليست في 'ب'.

119 ـ ليست في 'ب' 'ج'.

120 ـ انظر الرواية هذه في تأويل الآيات: 393، وعنه في البرهان 517 - 516: 5.