اعترافات عمر العلمية وغير العلمية بشأن
أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)
28 ـ عمر يعترف: النبيّ (صلى الله عليه وآله
وسلم) نصّ بالخلافة لعليّ (عليه السلام)
روى العلاّمة ابن أبي الحديد حواراً دار بين ابن
عباس وبين عمر بن الخطّاب بما يمتّ بأمر الخلافة والإمامة بعد
النبيّ... وملخّص الحوار انّه قال ابن عبّاس: دخلت على عمر في أوّل
خلافته...
فقال عمر: من أين جئت، يا عبدالله؟
قلت: من المسجد.
قال: كيف خلّفت ابن عمك... إنّما عنيت عظيمكم
أهل البيت عليّاً؟
قلت: خلّفته يمتح بالغرب على نخيلات من فلان وهو
يقرأ القرآن.
قال: يا عبدالله، عليك دماء البُدن إن
كتمتنيها!! هل بقي في نفسه شيء من أمر الخلافة.
قلت: نعم.
قال: أيزعم أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله
وسلم) نصّ عليه؟
قلت: نعم، وأُزيدك: سألت أبي عمّا يدّعيه.
فقال: صدق.
قال عمر: لقد كان من رسول الله(صلى الله عليه
وآله وسلم) ذرو من قول ـ في اعلان خلافة عليّ(عليه السلام) ـ لا يثبت
حجّة ولا يقطع عذراً، ولقد كان النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) يربع
في أمره وقتاً ما ـ أي كان يترقّب الفرصة لذلك ـ ولقد أراد أن يصرّح
باسمه ـ عليّ(عليه السلام) ـ فمنعته من ذلك اشفاقاً وحيطة على الإسلام
ـ وذلك بقوله: إنّ الرجل ليهجر ـ لا وربّ هذه البنية ـ أي خلافة عليّ ـ
لا تجتمع عليه قريش أبداً، ولو وليها ـ عليّ ـ لانتقضت عليه العرب من
أقطارها.
فعلم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أ نّي
علمت ما في نفسه فأمسك، وأبى الله إلاّ امضاء ما حتم(1).
وأضاف ابن أبي الحديد: ذكر هذا الخبر أحمد بن
أبي طاهر طيفور الخراساني ـ 280 هـ ـ في كتابه تاريخ بغداد مسنداً(2).
وقال ابن أبي الحديد في موضع آخر: وقد روي معنى
هذا الخبر بغير هذا اللفظ ـ وهو قول عمر ـ : إنّ رسول الله(صلى الله
عليه وآله وسلم) أراد أن يذكره للأمر ـ الخلافة ـ في مرضه فصددته عنه
خوفاً من الفتنة وانتشار أمر الإسلام، فعلم رسول الله(صلى الله عليه
وآله وسلم) ما في نفسي وأمسك، وأبى الله إلاّ امضاء ما حتم(3).
أقول: مع غضّ النظر عن الدلائل والبراهين
الحديثية والتاريخية الّتي فيها الدلالة الواضحة على أنّ النبيّ(صلى
الله عليه وآله وسلم) نصب عليّاً(عليه السلام) علماً للخلافة والإمامة
من بعده كما مرّ علينا نماذج منها في موضوع حديث غدير خم، فإنّنا لو
تمسّكنا فقط بما اعترف به عمر بن الخطّاب هنا لكفى في اثبات خلافة
أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) وانّ النبيّ(صلى الله عليه
وآله وسلم) أراد التصريح باسمه، وهذا إن دلّ على شيء فإنّه يدلّ على
أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) كان على علم بأفضليّة
أميرالمؤمنين عليّ(عليه السلام) وأولويته لمقام الخلافة.
ولكن عمر بن الخطّاب وتقوّله بكلمته الخالدة:
إنّ الرجل ليهجر(4)، أو قوله: إنّ نبيّكم يهجر(5)، أو: غلبه الوجع(6)،
خالف النصّ القرآني الّذي يصف رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)
بأ نّه (وَمَا يَـنْطِقُ عَنِ الهَوَى * إنْ هُوَ إلا وَحْيٌ
يُوحَى)(7).
والمقولة العمريّة هذه أوجدت الاختلاف والانشقاق
بين صفوف المسلمين وخاصّة الحاضرين عند النبيّ(صلى الله عليه وآله
وسلم) فمنهم من كان مؤيّداً لقول عمر ونعته النبيّ(صلى الله عليه وآله
وسلم) بالهذيان والهجران، ويمنع من اتيان واحضار الكتف والدواة إلى
النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)، ومنهم من كان يصرّ على تحضير ما
أراده النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) من الكتف والدواة.
وعندئذ علم النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)
أ نّه لو أصرّ على تحضير الكتف وكتب ما كان يريد أن يكتبه، لما تورّع
عمر وأتباعه من التأكيد والاصرار على كون النبيّ يهذي ويهجر، لأنّ
قولهم هذا في حياته(صلى الله عليه وآله وسلم) وفي مجلسه هو بداية تلصيق
الافتراءات عليه، وانّها فرية تتلوها تهم وافتراءات أُخرى، ولذلك رأى
انّ من الصلاح أن يدع كتابة ذلك ولكنّه زجرهم وأمرهم بالخروج من الدار
وقال لهم: قوموا عنّي(8).
29 ـ عمر يعترف: عليّ(عليه السلام) حلاّل
المشكلات والمعضلات
روى العديد من الحفّاظ والفقهاء والمتكلّمين
والاُدباء من العامّة في كتبهم وجوامعهم الّتي يعتمدون عليها: أنّ
الخلفاء الثلاثة: أبا بكر وعمر وعثمان كانوا يراجعون أميرالمؤمنين عليّ
بن أبي طالب(عليه السلام) ليحلّ لهم المعضلات والشدائد الّتي كانوا
يواجهونها في أبواب الفقه والقضاء والتفسير والاُمور السياسية وغيرها
من المسائل الّتي ترتبط بالدين ارتباطاً وثيقاً، وكان أكثرهم رجوعاً
عمر بن الخطّاب. وكانوا يأتون إليه بأنفسهم ويراجعونه، أو يرسلون إليه
من يسأله، أو يبعثون إليه نفس السائل الّذي تورّط في مشكلة.
فكان الإمام عليّ(عليه السلام) يجيب على مسائلهم
من دون مقدّمة، وكانت أجوبته في غاية الدقّة بحيث كانوا يتعجّبون منها،
ويحسّون بعدها بالطمأنينة والارتياح، بل كانوا يدركون خطأ أنفسهم
وأجوبتهم الّتي كانت مخالفة للواقع، ويقرّون بعدها بأنّ أميرالمؤمنين
عليّ(عليه السلام) هو الحلاّل للمعضلات، والكاشف للكربات، وما عساهم أن
يكتموا الحقائق إلاّ أن يعترفوا بالحقّ فيقولون: لولا عليّ لهلك أبو
بكر، لولا عليّ لهلك عمر، لولا عليّ لهلك عثمان. أو عبارات وجملات
أُخرى يبدونها ممّا تدلّ على إقرارهم واذعانهم بسموّ رتبة الإمام
عليّ(عليه السلام)العلمية وكونه(عليه السلام)سنداً وملجأً لحلّ
المعضلات.
وليس بخفيّ على القارىء اللبيب أنّ قول عمر بن
الخطّاب: لولا عليّ لهلك عمر لم يرد مرّة واحدة فحسب، بل كرّره عمر
عشرات المرّات، وذلك لما كان تواجهه الشدائد كثيراً على مختلف الأصعدة.
ولم يكن هذا الاعتراف العمري في الخفاء، بل إنّ
عمر كان يعترف ويقرّ بذلك علانية وصراحة وبحضور الناس والأشهاد.
ورعاية للايجاز والاقتصار على الخلاصة ارتاينا
أن نكتفي فقط بذكر التصريحات الّتي أدلى بها عمر بن الخطّاب من دون أن
نذكر القصة والخبر بتمامه ـ ويمكن للقارىء مراجعة المصادر المذكورة ذيل
الاعترافات إن أراد تيقّناً ـ. ومن ثم نستدرك هذه الاعترافات بنبذة من
تلك الموارد ليطّلع القارية على الحقائق.
وإليك تلك التصريحات والاعترافات نوردها حسب
حروف الهجاء:
1 ـ قال عمر: أبا حسن، لا أبقاني الله لشدّة
لستَ لها، ولا في بلد لست فيه.
أخرجه:
1 ـ المتّقي الهندي في كنز العمّال: 5/832 ح
14508(9).
2 ـ الجرداني في مصباح الظلام: 2/56 نقل عنه
الأميني في الغدير: 6/173.
2 ـ قال عمر: أعوذ بالله أن أعيش في قوم لستَ
فيهم، يا أبا حسن.
أخرجه:
1 ـ الحاكم النيسابوري في المستدرك على
الصحيحين: 1/457 عن أبي سعيد الخدري.
2 ـ الأزرقي في أخبار مكّة وما جاء فيها من
الآثار: 1/323 عن أبي سعيد.
3 ـ محبّ الدين الطبري في القرى لقاصد أُمّ
القرى: 246.
4 ـ له في ذخائر العقبى: 82 .
5 ـ له في الرياض النضرة: 3/166 عن أبي سعيد.
6 ـ ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق: 42/405 عن
أبي سعيد، بلفظ: نعوذ بالله.
7 ـ الذهبي في تلخيص المستدرك: 1/457 عن أبي
سعيد.
8 ـ الزيعلي في تبيين الحقائق: 2/16 عن عمر.
9 ـ المتقي الهندي في كنز العمّال 5/177 ح 12521
عن أبي سعيد.
10 ـ المناوي في فيض القدير: 4/357 عن أبي سعيد
ذيل ح 5594 عليّ مع القرآن والقرآن مع عليّ لن (يفترقا) حتى يردا عليَّ
الحوض. عن طريق الدارقطني.
11 ـ القلندر الهندي في الروض الأزهر: 266.
12 ـ الأمسرتسري في أرجح المطالب: 122 رواه عن
خمس طرق.
3 ـ قال عمر: أعوذ بالله أن أعيش في قوم ليس
فيهم أبو الحسن.
أخرجه:
1 ـ المناوي في فيض القدير 4/357 ح 5594 ذيل
قوله(صلى الله عليه وآله وسلم): عليّ مع القرآن والقرآن مع عليّ لن
يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض. عن طريق الدارقطني.
4 ـ قال عمر: أعوذ بالله من معضلة لا عليّ لها.
أخرجه:
1 ـ الخوارزمي في المناقب: 96 فصل 7 ح 97 عن ابن
عبّاس.
2 ـ الشبلنجي في نور الأبصار: 161.
3 ـ ابن الصبّاغ في الفصول المهمّة: وفيه: أعوذ
من معضلة لا عليّ لها.
5 ـ قال عمر: أعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو
حسن.
أخرجه:
1 ـ أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة: 2/647 ح
1100.
2 ـ أحمد بن حنبل في فضائل أميرالمؤمنين: 155 ح
222.
3 ـ ابن الجوزي في تذكرة الخواص: 144.
4 ـ ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق: 42/406 عن
سعيد بن مسيّب، وفيه بلفظ:... ليس لها أبو الحسن عليّ بن أبي طالب.
6 ـ قال عمر: أعوذ بالله من معضلة ولا أبو حسن
لها.
أخرجه:
1 ـ ابن كثير في تاريخه البداية والنهاية 7/359.
2 ـ زيني دحلان في الفتوحات الإسلامية: 2/453.
3 ـ الگنجي الشافعي في كفاية الطالب: 217 باب 57
ح 726.
7 ـ قال عمر: الله أعلم حيث يجعل رسالته.
1 ـ ابن قيّم الجوزية في الطرق الحكمية: 46.
2 ـ الأميني في الغدير: 6/105.
8 ـ قال عمر: اللّهمّ لا تبقني لمعضلة ليس لها
ابن أبي طالب حيّاً.
أخرجه:
1 ـ أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة: 2/647 ح
1100.
2 ـ الخوارزمي في مقتل الحسين(عليه السلام): 45.
3 ـ وأخرجه في المناقب: 97 فصل 7 ح 98.
4 ـ سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواصّ: 148، وليس
فيه «حيّاً».
5 ـ الشيخ أبو طالب المكّي في قوت القلوب:
2/246.
6 ـ القندوزي في ينابيع المودّة: 75.
7 ـ التستري في إحقاق الحقّ: 8/211 أخرجه عن
البلخي والگنجي والحمويني والزرندي وابن الصبّاغ والمتّقي الهندي
والشبلنجي(10).
9 ـ قال عمر: اللّهمّ لا تنزل بي شديدة إلاّ
وأبو الحسن إلى جنبي.
أخرجه:
1 ـ محبّ الدين الطبري في ذخائر العقبى: 82 عن
محمّد بن الزبير.
2 ـ وأخرجه أيضاً في الرياض النضرة: 3/162.
3 ـ المتّقي الهندي في كنز العمّال 5/257 ح
12805.
4 ـ الجويني في فرائد السمطين: 1/343 ح 264.
5 ـ الزرندي في نظم درر السمطين: 130، وفيه
بلفظ: اللّهمّ لا تراني شدّة...
6 ـ الشنقيطي في الكفاية: 57.
10 ـ قال عمر: أنت ـ يا عليّ ـ خيرهم فتوى.
أخرجه:
1 ـ الدارقطني في السنن 2/181 كتاب الصيام باب
القبلة للصائم ح 4 عن سعيد بن المسيّب.
2 ـ ابن سعد في الطبقات الكبرى 2/339.
11 ـ قال عمر لعليّ(عليه السلام) بأبي أنت بكم
هدانا الله وبكم أخرجنا من الظلمات الى النور.
أخرجه:
1 ـ الزمخشري في ربيع الأبرار 3/595.
2 ـ الخوارزمي في المناقب: 97 فصل 7 ح 99.
3 ـ الجويني في فرائد السمطين 1/349 ح 273.
4 ـ ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 7/65.
5 ـ الأبشيهي في المستطرف 1/220.
6 ـ الصفوري في نزهة المجالس 2/211.
7 ـ محمّد مبين الهندي في وسيلة النجاة: 139.
8 ـ ولي الله اللكهنوي في مرآة المؤمنين: 87.
12 ـ قال عمر: ثلاث كنت في طلبهنّ، فالحمد لله
الّذي أصبتهنّ قبل الموت ـ وذلك بفضل عليّ(عليه السلام).
1 ـ المتّقي الهندي في كنز العمّال 13/169 ح
36512 عن الديلمي والطبراني.
2 ـ المتّقي في منتخب كنز العمّال المطبوع بهامش
مسند أحمد بن حنبل 5/54.
13 ـ قال عمر: ردّوا الجهالات إلى السنّة وردّوا
قول عمر إلى عليّ.
أخرجه:
1 ـ الجصّاص في أحكام القرآن 1/504.
2 ـ البيهقي في السنن الكبرى 7/441 ـ 442.
3 ـ الخوارزمي في المناقب: 95 فصل 7 ح 95.
4 ـ ابن عبدالبرّ الأندلسي في جامع بيان العلم
وفضله 2/187.
5 ـ السبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص: 87.
6 ـ محبّ الدين الطبري في الرياض النضرة: 3/164.
14 ـ قال عمر: ردّوا قول عمر إلى عليّ، لولا
عليّ لهلك عمر.
أخرجه:
1 ـ السبط ابن الجوزي في تذكرة الخواصّ: 147.
2 ـ الجويني في فرائد السمطين 1/347 ح 270.
15 ـ قال عمر لعليّ(عليه السلام): صدقت أطال
الله بقاءك.
أخرجه:
1 ـ السلامي البغدادي في جامع العلم والحكم
1/106.
16 ـ قال عمر: عجزت النساء أن تلدن مثل عليّ بن
أبي طالب، ولولا عليّ لهلك عمر.
أخرجه:
1 ـ فخر الدين الرازي في الأربعين: 466.
2 ـ الخوارزمي في المناقب: 80 فصل 7 ح 65.
3 ـ الجويني في فرائد السمطين 1/351 ح 276.
4 ـ ابن طلحة الشافعي في مطالب السؤول: 130.
5 ـ القندوزي في ينابيع المودّة: 75 و373 عن
كتاب فصل الخطاب للخواجه بارساي.
17 ـ قال عمر: عليّ أعلم الناس بما أنزل الله
على محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم).
أخرجه:
1 ـ الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل 1/39 ح
29.
18 ـ قال عمر لعليّ(عليه السلام): فرّج الله
عنك، لقد كدتُ أُهلَك في جلدها.
أخرجه:
1 ـ ابن شهرآشوب في المناقب 2/366 رواه عن ستّة
من أعلام أهل السنّة والجماعة.
19 ـ قال عمر: كاد يهلك ابن الخطّاب لولا عليّ
بن أبي طالب.
أخرجه:
1 ـ ابن قيّم الجوزية في الطرق الحكمية: 46.
2 ـ الگنجي الشافعي في كفاية الطالب: 219 باب
57.
20 ـ كان عمر يتعوّذ من معضلة ليس لها أبو
الحسن.
أخرجه:
1 ـ القرطبي في الاستيعاب 3/1102 ـ 1103 ترجمة
الإمام عليّ(عليه السلام) رقم 1855.
2 ـ ابن الأثير في أُسد الغابة 4/22.
3 ـ ابن حجر في الاصابة 4/467 ترجمة عليّ بن أبي
طالب(عليه السلام) رقم 5608.
4 ـ ابن قيّم الجوزية في أعلام الموقّعين 1/16.
5 ـ الذهبي في تاريخ الإسلام 3/638.
6 ـ السيوطي في تاريخ الخلفاء: 171.
7 ـ ابن قتيبة الدينوري في تأويل مختلف الحديث:
162.
8 ـ السبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص: 144.
9 ـ العسقلاني في تهذيب التهذيب 7/287 ترجمة
الإمام عليّ(عليه السلام) رقم 4925.
10 ـ محبّ الدين الطبري في ذخائر العقبى: 82.
11 ـ وأخرجه أيضاً في الرياض النضرة 3/161 عن
أحمد والاستيعاب.
12 ـ ابن الجوزي في صفة الصفوة 1/314.
13 ـ ابن حجر في الصواعق المحرقة: 127.
14 ـ ابن سعد في الطبقات الكبرى 2/339.
15 ـ أبو زرعة العراقي في طرح التثريب 1/86.
16 ـ الغماري في عليّ بن أبي طالب إمام
العارفين: 70.
17 ـ ابن حجر في فتح الباري شرح صحيح البخاري:
13/343.
18 ـ الجويني في فرائد السمطين 1/345 ح 267.
19 ـ أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة 2/647 ح
1100.
20 ـ المناوي في فيض القدير شرح الجامع الصغير
4/357 ذيل حديث عليّ مع القرآن والقرآن مع عليّ لن يفترقا حتى يردا
عليَّ الحوض ح 5594.
21 ـ المالقي في قضاة الأندلس: 23.
22 ـ الگنجي الشافعي في كفاية الطالب: 217 باب
57.
23 ـ الصديقي الفتوني في مجمع بحار الأنوار
2/396.
24 ـ الشبلنجي في نور الأبصار: 164.
25 ـ ابن عساكر الدمشقي في تاريخ مدينة دمشق
42/406.
21 ـ قال عمر: لا أبقاني الله إلى أن أدرك قوماً
ليس فيهم أبو الحسن.
أخرجه:
1 ـ العزيزي في حاشية الحفني على شرح الجامع
الصغير: 2/458.
2 ـ الجرداني في مصباح الظلام: 2/136.
3 ـ الأميني في الغدير: 3/98 عن المصدرين
المذكورين.
22 ـ قال عمر: لا أبقاني الله بأرض ليس فيها أبا
الحسن.
أخرجه:
1 ـ القسطلاني في إرشاد الساري 3/195.
23 ـ قال عمر: لا أبقاني الله بعد ابن أبي طالب.
أخرجه:
1 ـ ابن الجوزي في أخبار الظراف: 19.
2 ـ وأخرجه أيضاً في الأذكياء: 18.
3 ـ السبط ابن الجوزي في تذكرة الخواصّ: 148.
4 ـ الخوارزمي في المناقب: 101 فصل 7 ح 104.
5 ـ ابن قيّم الجوزية في الطرق الحكمية: 36.
6 ـ محبّ الدين الطبري في ذخائر العقبى: 82.
7 ـ وأخرجه أيضاً في الرياض النضرة 3/166.
8 ـ اللكهنوي في وسيلة النجاة: 150.
9 ـ الأميني في الغدير 6/126 أخرجه عن ابن
الجوزي.
24 ـ قال عمر: لا أبقاني الله بعدك يا عليّ.
أخرجه:
1 ـ الخوارزمي في المناقب: 101 فصل 7 ح 104.
2 ـ الجويني في فرائد السمطين 1/349 ح 274.
3 ـ المناوي في فيض القدير 4/357 شرح ح 5594.
4 ـ محبّ الدين الطبري في ذخائر العقبى: 82.
5 ـ وأخرجه أيضاً في الرياض النضرة 3/166.
6 ـ الأمرتسري في أرجح المطالب: 122.
25 ـ قال عمر: لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها
أبو حسن.
أخرجه:
1 ـ البلاذري في أنساب الأشراف 2/853.
26 ـ قال عمر: لا أحياني الله لمعضلة لا يكون
فيها ابن أبي طالب حيّاً.
أخرجه:
1 ـ محمّد جار الله القرشي في الجامع اللطيف:
23.
27 ـ قال عمر: لا بقيت في قوم لستَ فيهم يا أبا
الحسن.
أخرجه:
1 ـ ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 42/407.
2 ـ الفخر الرازي في التفسير الكبير 32/10 ذيل
تفسير سورة التين.
28 ـ قال عمر: لا بقيت لمعضلة ليس لها أبو
الحسن.
أخرجه:
1 ـ الأميني في الغدير 3/98 عن ترجمة عليّ بن
أبي طالب(عليه السلام): 79.
29 ـ قال عمر: لا خير في عيش قوم لستَ فيهم يا
أبا الحسن.
أخرجه:
1 ـ محمّد جار الله القرشي في الجامع اللطيف:
23.
30 ـ قال عمر: لا عشتُ في قوم لستَ فيهم يا أبا
الحسن.
أخرجه:
1 ـ ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 42/407.
31 ـ قال عمر: لولا عليّ لضلّ عمر.
أخرجه:
1 ـ الباقلاني في التمهيد: 199.
2 ـ الأميني في الغدير: 6/327 عن الباقلاني.
32 ـ قال عمر: لولا عليّ لهلك عمر.
أشرنا فيما سبق أنّ الخليفة عمر بن الخطّاب ردّد
وكرّر قوله: «لولا عليّ لهلك عمر» في الكثير من الأحيان الّتي كانت
تتعسّر عليه المعضلات ويلتمس حلّها من أميرالمؤمنين عليّ بن أبي
طالب(عليه السلام). وقلنا أيضاً: إنّنا نحترز عن سرد القضايا والأحاديث
تجنّباً عن الاطالة، ورعاية للايجاز نذكر المراجع الّتي أخرجت تلك
الأحاديث، وهي كما يلي:
1 ـ ابن الجوزي في أخبار الظراف: 19.
2 ـ وأخرجه أيضاً في الأذكياء: 18.
3 ـ فخر الدين الرازي في الأربعين: 466.
4 ـ الأمرتسري في أرجح المطالب: 123.
5 ـ القرطبي في الاستيعاب 3/1103 ترجمة الإمام
عليّ(عليه السلام).
6 ـ القسطلاني في إرشاد الساري شرح صحيح البخاري
10/9 عن البغوي وأبي داود والنسائي وابن حبّان، رواه بدون التصريح.
7 ـ ابن حجر في الاصابة 8/157.
8 ـ توفيق أبو علم في أهل البيت: 207.
9 ـ الخادمي في بريقة المحمودية: 1/211.
10 ـ محمّد بهجت أفندي في تاريخ آل محمّد: 125.
11 ـ ابن قتيبة الدينوري في تأويل مختلف الحديث:
202.
12 ـ السبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص: 147
أخرجه عن أحمد في مسنده وفضائل الصحابة ضمن قصّتين وقعتا لعمر.
13 ـ العزيزي في حاشية الحفني على شرح الجامع
الصغير 2/459.
14 ـ القرشي في تفريح الأحباب في مناقب الآل
والأصحاب: 325.
15 ـ أحمد بن حنبل في مسنده 1/154 ـ 158،
والطبعة الحديثة 1/249 ح 1330 و1364 ـ 1366.
16 ـ فخر الدين الرازي في التفسير الكبير 7/484.
17 ـ النيسابوري في تفسيره: 6/120 تفسير سورة
الأحقاف آية 15.
18 ـ ابن حسنويه الحنفي في درّ بحر المناقب: 23.
19 ـ محبّ الدين الطبري في ذخائر العقبى: 82.
20 ـ وأخرجه أيضاً في الرياض النضرة 3/161 عن
العقيلي وابن النسمّان.
21 ـ أبو داود في سننه 4/139 ح 4399 ـ 4402.
22 ـ القاضي الفرغاني في شرح تائية ابن فارض نقل
عنه إحقاق الحقّ 8/184.
23 ـ القوشجي في شرح تجريد الاعتقاد: 373.
24 ـ الحفني في شرح الجامع الصغير المطبوع بهامش
السراج المنير 2/458.
25 ـ ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 1/18
و12/205.
26 ـ العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري
11/151.
27 ـ الغماري في عليّ بن أبي طالب إمام
العارفين: 71.
28 ـ العظيم آبادي في عون المعبود شرح سنن أبي
داود 12/76.
29 ـ العسقلاني في فتح الباري شرح صحيح البخاري
12/101.
30 ـ الغماري في فتح الملك العلي بصحّة حديث باب
مدينة العلم عليّ: 42.
31 ـ الجويني في فرائد السمطين 1/351 ح 276.
22 ـ ابن الصبّاغ في الفصول المهمّة: 35.
33 ـ أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة 2/707 ح
1209.
34 ـ المناوي في فيض القدير شرح الجامع الصغير
4/357 شرح ح 5594 عليّ مع القرآن والقرآن مع عليّ لن يفترقا حتى يردا
عليَّ الحوض.
35 ـ ولي الله الدهلوي في قرّة العينين في تفضيل
الشيخين: 182.
36 ـ المالقي في قضاة الأندلس: 73.
37 ـ الگنجي في كفاية الطالب: 227 باب 59.
38 ـ الطوسي سراج الشافعي في اللمع في التصوف:
181.
39 المنذري في مختصر سنن أبي داود 6/230 ح 4237.
40 ـ اللكهنوي في مرآة المؤمنين: 67.
41 ـ الجرداني في مصباح الظلام 2/56.
42 ـ ابن طلحة الشافعي في مطالب السؤول: 13.
43 ـ التفتازاني في المطوّل: 136 مبحث (لو).
44 ـ الجشتي الحنفي الهندي في الملفوظات
والأمالي العرفانية. نقل عنه إحقاق الحقّ 8/158.
45 ـ الخوارزمي في المناقب: 81 فصل 7 ح 65.
46 ـ العيني الحنفي في مناقب سيّدنا عليّ: 46.
47 ـ الأيجي الشيرازي في المواقف 8/370 مع شرح
الجرجاني: مبحث الإمامة.
48 ـ الزرندي في نظم درر السمطين 129 و132.
49 ـ باكثير الحضرمي في وسيلة المآل: 127.
50 ـ محمّد مبين الهندي في وسيلة النجاة: 139.
51 ـ القندوزي في ينابيع المودّة: 70 و75 و448
عن فصل الخطاب لخواجة بارسا.
52 ـ الأميني في الغدير 6/102 عن العزيزي
والجرداني.
53 ـ التستري المرعشي في إحقاق الحقّ 8/158 و184
و198 و17/444 عن الجشتي الحنفي والفرغاني وابن حسنويه وباكثير الحضرمي.
33 ـ قال عمر لعليّ(عليه السلام): لولاك
لافتضحنا.
أخرجه:
1 ـ البلاذري في فتوح البلدان: 55.
2 ـ الزمخشري في ربيع الأبرار 4/26.
3 ـ ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 19/158.
4 ـ محبّ الدين الطبري في الرياض النضرة 2/339.
5 ـ المتّقي في كنز العمّال 14/100 ح 38052 عن
أُبي بن كعب وص 108 ح 38082.
6 ـ الأزرقي في أخبار مكّة 1/245 ـ 247.
34 ـ قال عمر لرجل: ما أجد لك إلاّ ما قال ابن
أبي طالب(11).
أخرجه:
1 ـ ابن حزم في المحلّى 7/76 ـ 77.
2 ـ القرطبي في الاستيعاب 3/1106 ترجمة الإمام
عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)رقم 1855.
3 ـ محبّ الدين الطبري في الرياض النضرة 3/162.
35 ـ قال عمر لعليّ(عليه السلام): ما زلت كاشف
كلّ كرب وموضح كلّ حكم.
أخرجه:
1 ـ المتّقي الهندي في كنز العمّال 5/834 ح
14509.
36 ـ قال عمر: نعوذ بالله من أن أعيش في قوم
لستَ فيهم، يا أبا حسن.
أخرجه:
1 ـ ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 42/405.
37 ـ قال عمر مشيراً إلى عليّ(عليه السلام): هذا
أعلم بنبيّنا وبكتاب نبيّنا.
أخرجه:
1 ـ العاصمي في زين الفتى في تفسير سورة هل أتى
1/304 ح 218.
38 ـ قال عمر: هيهات، هناك شجنة من بني هاشم
وشجنة من الرسول وأثرة من علم يؤتى لها ولا يأتي، في بيته يؤتي الحكم.
أخرجه:
1 ـ المتّقي الهندي في كنز العمّال 5/830 ح
14508 عن عليّ بن كاتب.
39 ـ قال عمر: يا أبا الحسن، أنت لكلّ معضلة
وشدّة تدعى.
أخرجه:
1 ـ الثعالبي في قصص الأنبياء: 232 في ذيل قوله
تعالى: (إذْ أوَى الفِتْيَةُ إلَى الكَهْفِ )(12).
2 ـ الفيروزآبادي في فضائل الخمسة 21/326.
3 ـ الأميني في الغدير 6/148 ـ 155.
40 ـ قال عمر: يابن أبي طالب، فما زلت كاشف كلّ
شبهة، وموضّح كلّ حكم (علم).
أخرجه:
1 ـ المتّقي الهندي في كنز العمّال 5/834 ح
14509.
30 ـ التصريحات العمرية دالّة على أولوية الإمام عليّ (عليه السلام) للخلافة
أشرنا في مقدّمة الكتاب بأ نّنا لو أغمضنا الطرف
عن جميع الأدلّة والبراهين القرآنية والحديثية والتاريخية الّتي فيها
الدلالة التامّة على أولوية الإمام عليّ(عليه السلام)للخلافة وولاية
الأمر بعد النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)، أو أ نّنا افترضنا عدم
صلاحية تلك الأدلّة للاستدلال بها على ذلك، لكانت هذه الاعترافات
والتصريحات ومرويّات الخلفاء ـ سواءاً الّذين تقدّموا على الإمام
عليّ(عليه السلام) أو أُولئك الّذين حكموا بعد أن استشهد عليّ(عليه
السلام) ـ الّتي رووها بحقّ عليّ(عليه السلام) وأقرّوا بها كافية في
اثبات الخلافة لعليّ(عليه السلام) دون غيره. وانّه الخليفة الحقّ
والجامع لجميع المواصفات الضرورية واللازمة لخلافة النبيّ
ورسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم).
وذلك لأنّ هذه الأخبار الّتي تروى لنا اعترافات
أبي بكر وعمر وعثمان وتصريحاتهم ـ سواءاً كانوا أصحاباً لرسول الله(صلى
الله عليه وآله وسلم) أو خلفاء لأتباعهم ـ فإنّها حجّة قاطعة ودليل قوي
وبرهان جلي يمكن لأيّ مسلم ومؤمن أن يستدلّ بها على معرفة الإمام الحقّ
والخليفة الواقعي لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يعني
أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب(عليه السلام).
وأضف على ما مرّ عليك ـ أيّها الطالب للحقّ ـ
انّ هذه التصريحات والاعترافات الّتي وردت على لسان عمر بن الخطّاب بما
تتناسب وموضوع أفضلية الإمام عليّ(عليه السلام) وأولويّته لأمر الخلافة
كاشفة عن نقاط الضعف والحالة السلبية الّتي كانت موجودة في سائر أعضاء
الشورى العمري.
ونذكر لك ـ أيّها الخبير ـ نماذج من ذلك وندع
الحكم والقضاء إليك:
روى العلاّمة ابن أبي الحديد: أنّ عمر قال
لأصحاب الشورى ـ الّذين عيّنهم هو بنفسه لانتخاب الخليفة من بعده ـ :
روحوا إليَّ، فلمّا نظر إليهم: قد جاءنيواحد منهم يهزّ عفريته، يرجو أن
يكون الخليفة ـ ثمّ خاطبهم واحداً واحداً كاشفاً عن سلبيّاتهم ـ .
فقال: أمّا أنت ـ يا طلحة ـ ، أفلست القائل إنّ
قبض النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) أنكح أزواجه من بعده، فما جعل
الله محمّداً(صلى الله عليه وآله وسلم) أحقّ ببينات أعمامنا منّا،
فأنزل الله تعالى فيك: (وَمَا كَانَ لَكُمْ أنْ تُؤْذُوا رَسُولَ
اللّهِ وَلا أنْ تَـنْكِحُوا أزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أبَداً...
)(13).
وأمّا أنت ـ يا زبير ـ فوالله ما لان قلبك يوماً
ولا ليلة، وما زلت جلفاً جافياً!!
وأمّا أنت ـ يا عثمان ـ فوالله لروثة خير
منك(14)!!!
وأمّا أنت ـ ياعبدالرحمن ـ فإنّك رجل عاجز تحبّ
قومك جميعاً!!
وأمّا أنت ـ يا سعد ـ فصاحب عصبية وفتنة!!
وأمّا أنت ـ يا عليّ ـ فوالله لو وزن إيمانك
بإيمان أهل الأرض لرجحهم!!!
فقام الإمام عليّ(عليه السلام) مولّياً يخرج ـ
وذلك اعتراضاً واستنكاراً على عمر ـ ، لأ نّه قرن عليّاً(عليه السلام)
وهو الجامع للإيمان كلّه باُناس ليس فيهم من الفضيلة شيء يذكر، ولكن
عمر رسم مخطّطاً لاستخلاف من هو أخسّ وأردأ من الروثة رتبة كما وصفه
عمر حتى لا تصل الخلافة إلى صاحبها الأحق بها.
فقال عمر: والله إنّي لأعلم مكان رجل لو
ولّيتموه أمركم لحملكم على المحجّة البيضاء.
قالوا: من هو؟
قال: هذا المولّي من بينكم.
قالوا: فما يمنعك من ذلك؟
قال: ليس إلى ذلك من سبيل.
وفي خبر ثان رواه البلاذري في تاريخه: انّ عمر
لمّا خرج أهل الشورى من عنده قال: إن ولّوها الأجلح سلك بهم الطريق.
قال عبدالله بن عمر: فما يمنعك منه، يا
أميرالمؤمنين؟
قال: أكره أن أتحمّلها حيّاً وميّتاً(15).
وروى هذا الخبر أيضاً ابن حجر عن البخاري(16).
وفي خبر آخر رواه ابن أبي الحديد وقع حوار بين
ابن عبّاس وبين عمر بن الخطّاب: فوصف عمر عليّاً(عليه السلام) بأنّ فيه
دعابة، ووصف طلحة بالتكبّر والتفاخر، وعبدالرحمن بأ نّه ضعيف لو صار
الأمر إليه لوضع خاتمه في يد امرأته، والزبير بأ نّه شكس لقس ـ أي سيّء
الخلق ـ وسعداً بأ نّه صاحب سلاح ومقنب. وعندما سأل ابن عبّاس عمراً عن
عثمان أوّه عمر ـ ثلاثاً ـ ثمّ قال: والله لئن وليها ليحملنّ بني أبي
معيط على رقاب الناس ثمّ لتنهض العرب اليه.
ثم بعد أن سكت هنيئة قال: أجرؤهم والله إن وليها
أن يحملهم على كتاب ربّهم وسنّة نبيّهم لصاحبك ـ يعني عليّ(عليه
السلام) ـ أما إن ولي أمرهم حملهم على المحجّة البيضاء والصراط
المستقيم(17).
31 ـ عمر يعترف: عليّ(عليه السلام) يهدي إلى
الكتاب والسنّة
روى ابن أبي الحديد عن العلاّمة أبي العبّاس
أحمد بن يحيى الثعلب في أماليه حوار عمر بن الخطّاب وابن عبّاس فقال:
وبعد أن ذكر عمر المثالب والمطاعن والسلبيات الخلقية والاجتماعية
والقيادية لكلّ واحد من أعضاء الشورى الّذي رتّبه هو بنفسه، ولمّا وصل
إلى ذكر عليّ(عليه السلام) قال: إنّ أحراهم أن يحملهم على كتاب ربّهم
وسنّة نبيّهم لصاحبك ـ يعني عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) ـ والله لئن
وليها ليحملنّهم على المحجّة البيضاء والصراط المستقيم(18).
وحقيق بنا في هذا المقام أن نتساءل: ما هو السبب
الباعث إلى أن يشكّل الخليفة عمر بن الخطّاب تلك الشورى السداسية بينما
هو بنفسه يسطّر مثالب وسلبيات كلّ واحد منهم عدا عليّ(عليه السلام)
فإنّه قد أطراه وذكره مادحاً إيّاه بالخير والهداية؟
ومن ثَمَّ ما هو الدافع الّذي دفع عمر إلى رسم
ذلك المخطّط حتى يؤول أمر الخلافة بعده إلى عثمان وقد وصفه بتلك
الأوصاف الّتي قرأتها؟
قال عبدالله: ولمّا طعن قال عمر لأهل الشورى:
لله درّهم، إن ولّوها الأصيلع!! كيف يحملهم على الحقّ ولو كان السيف
على عنقه.
فقلت: أتعلم ذلك منه ولا تولّيه؟
قال: إنْ لم أستخلف فأتركهم فقد تركهم من هو خير
منّي(19).
وهكذا روى ابن عبدالبرّ عن ابن عبّاس قال: بينا
أنا أمشي مع عمر يوماً إذ تنفّس نفساً فظننت أ نّه قد قبضت أضلاعه ـ
تقطّعت ـ فقلت: سبحان الله! والله ما أخرج منك هذا إلاّ أمر عظيم.
فقال: ويحك ـ يابن عبّاس ـ ما أدري ما أصنع
باُمّة محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم).
قلت: ولِمَ وأنت بحمد الله قادر على أن تصنع ذلك
مكان الثقة؟
قال: إنّي أراك تقول: إنّ صاحبك أولى الناس بها
ـ يعني عليّاً(عليه السلام) ـ .
قلت: أجل، والله إنّي لأقول ذلك في سابقته وعلمه
وقرابته وصهره.
قال: إنّه كما ذكرت، ولكنّه كثير
الدعابة...(20).
لاحظ ـ أيّها الخبير ـ انّ قول عمر: إنّه كما
ذكرت يعني أنّ علياً حائز على جميع المواصفات الّتي تقدّمه على الآخرين
وتبيّن أولويته عليهم في مسألة الخلافة. وعمر بقوله هذا يعترف ويقرّ
لعليّ(عليه السلام) بذلك.
وأمّا قوله: «كثير الدعابة» هذه فرية ألصقها عمر
بعليّ(عليه السلام) ولا أصل لها ولا أساس، وهي في الوقت نفسه لم تكن
مانعة للخلافة فترى انّ عمر بفريته هذه ينوّه عن الصدّ عن استخلاف
الإمام عليّ(عليه السلام).
ولو سلّمنا بأ نّه(عليه السلام) كثير الدعابة
فهل هذه الصفة ـ فرضاً ـ تكون سبباً عن تصدّيه الخلافة؟(21).
هذا سؤال بحاجة إلى جواب من عمر وأتباعه.
32 ـ عمر يعترف: عليّ(عليه السلام) أولى منّي
ومن أبي بكر
روى العلاّمة الراغب الأصفهاني عن ابن عبّاس
قال: كنت أسير مع عمر بن الخطّاب في ليلة وعمر على بغلة وأنا على فرس،
فقرأ آية فيها ذكر عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) فقال: أما والله يا
بني عبدالمطّلب لقد كان عليّ فيكم أولى بهذا الأمر منّي ومن أبي بكر!!
فقلت في نفسي: لا أقالني الله إن أقلته. فقلت:
أنت تقول ذلك وأنت وصاحبك وثبتما وانتزعتما الأمر منّا دون الناس؟
فقال: إليكم يا بني عبدالمطّلب ـ أي هوّن عليك ـ
أما إنّكم أصحاب عمر بن الخطّاب؟
فتأخّرت وتقدّم هنيهة فقال: سر لا سرت! وقال:
أعد عليَّ كلامك.
فقلت: إنّما ذكرت شيئاً فرددت عليك جوابه، ولو
سكتّ ـ أنت يا عمر ـ سكتنا.
فقال: إنّا والله ما فعلنا الّذي فعلنا عن
عداوة!! ولكن استصغرناه!! وخشينا أن لا يجتمع عليه العرب وقريش لما قد
وترها(22).
قال ابن عبّاس: فأردت أن أقول: كان
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يبعثه فينطح كبشها فلم يستصغره،
أفتستصغره أنت وصاحبك(23).
فقال: لا جرم، فكيف ترى والله ما نقطع أمراً
دونه ولا نعمل شيئاً حتى نستأذنه(24).
33 ـ عمر يعترف: عليّ(عليه السلام) أقضى الناس
عليّ أقضانا، أو: أقضانا عليّ، وغيرها من
الكلمات الّتي كان عمر بن الخطّاب يصرّح بها دائماً بشأن أميرالمؤمنين
عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) وخاصّة عندما كانت المعضلات والمسائل
تخيّم على عمر ولم يدر حلّها وكشفها، فكان يلوذ في ذلك بعليّ بن أبي
طالب(عليه السلام) فيكشف عنه ما تعسّر عليه بأُسلوب دقيق ومثير للاعجاب
والحيرة.
وهذه الكلمات ومثيلاتها تكرّرت على لسان عمر،
ولمّا كان نقل هذه الاعترافات العمرية بأعلمية الإمام عليّ(عليه
السلام) يخرجنا عن الايجاز والاختصار اكتفينا بذكر مصادرها، فليراجعها
القارىء في مظانّها:
1 ـ صحيح البخاري 6/23 كتاب التفسير في تفسير
(ومَا نَنسَخْ مِنْ آيَة أوْ نُنسِهَا )(25) بلفظ: أقضانا عليّ.
2 ـ مسند أحمد بن حنبل 5/113، وفي الطبعة
الحديثة 6/131 ح 20582 ـ 20583، بلفظ: عليّ أقضانا.
3 ـ الطبقات الكبرى لابن سعد 2/339 ـ 340،
بلفظي: عليّ أقضانا، وأقضانا عليّ.
4 ـ الاستيعاب 3/1102 ترجمة أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب(عليه
السلام)رقم1855.
5 ـ أنساب الأشراف 2/852 بلفظ: عليّ أقضانا.
6 ـ أخبار القضاة 1/88.
7 ـ حلية الأولياء 1/65.
8 ـ الفتوحات الإسلامية 2/454.
9 ـ المستدرك على الصحيحين 3/305.
10 ـ المناقب للخوارزمي 92 فصل 7 ح 86.
11 ـ تاريخ مدينة دمشق: 42/402.
12 ـ تلخيص المستدرك 3/305.
13 ـ شرح نهج البلاغة 12/82، بلفظ: أقضى
الاُمّة...
14 ـ ذخائر العقبى: 83.
15 ـ الرياض النضرة 3/167، بلفظ: أقضانا عليّ بن
أبي طالب.
16 ـ كفاية الطالب: 259، فيه: أخذت ذلك من
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فلا أتركه أبداً.
17 ـ تاريخ الإسلام، عهد الخلفاء الراشدين
3/638.
18 ـ فتح الباري شرح صحيح البخاري 7/60.
19 ـ البداية والنهاية 7/359.
20 ـ أسنى المطالب: 8 ح 27.
21 ـ تاريخ الخلفاء: 170 و233، بلفظي: عليّ
أقضانا، وأقضانا علي(عليه السلام).
22 ـ مطالب السؤول: 85.
23 ـ الدرّ المنثور 1/104 ذيل (ومَا نَنسَخْ
مِنْ آيَة)رواه عن البخاري والنسائي وابن الأنباري والحاكم والبيهقي،
بلفظ: أقضانا عليّ.
24 ـ الصواعق المحرقة: 127، بلفظ: عليّ أقضانا،
وأفرض أهل المدينة وأقضاها عليّ.
25 ـ ينابيع المودّة: 286 باب 59.
34 ـ عمر يعترف: عيادة أهل البيت(عليهم
السلام)فريضة
أخرج محبّ الدين الطبري بإسناده عن عمر بن
الخطّاب أ نّه قال للزبير بن العوّام: هل لك في أن نعود الحسن بن
عليّ(عليه السلام) فإنّه مريض؟
فكأنّ الزبير تلكّأ عليه ـ أي توقّف وتبطّأ ـ
فقال له عمر: أما علمت أنّ عياة بني هاشم فريضة وزيارتهم نافلة؟
وفي رواية: انّ عيادة بني هاشم سنّة وزيارتهم
نافلة؟ أخرجه ابن السمّان في الموافقة(26).
لا يخفى أنّ كلام عمر هذا سواءاً كان قد أخذه عن
النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) أو قاله على قناعة واعتقاد فإنّ
المصداق البارز لبني هاشم بعد النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) هو من
يكون كنفس النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) يعني الإمام عليّ بن أبي
طالب(عليه السلام) ولهذه المصداقية ذكرنا هذا الحديث هنا وإن لم يصرّح
فيه اسم عليّ(عليه السلام).
35 ـ عمر يعترف: عليّ(عليه السلام) خير الناس
فتوى
روى المؤرّخ الشهير العلاّمة ابن سعد بإسناده عن
سعيد بن المسيّب قال: خرج عمر بن الخطّاب على أصحابه يوماً فقال:
أفتوني في شيء صنعته اليوم؟
فقالوا: ما هو، يا أميرالمؤمنين.
قال: مرّت بي جارية لي فأعجبتني فوقعت عليها
وأنا صائم!!
فعظّم عليه القوم، وعليّ(عليه السلام) ساكت،
فقال: ما تقول، يابن أبي طالب؟
فقال(عليه السلام): جئت حلالا ويوماً مكان يوم
]بناءاً على كون الصوم غير واجب[.
فقال عمر: أنت خيرهم فتوى(27).
36 ـ عمر يعترف: عليّ(عليه السلام) مولاي
أخرج العلاّمة الخوارزمي وغيره من أعلام الحديث
عن الحافظ الدارقطني أ نّه قيل لعمر بن الخطّاب: إنّك تصنعه بعليّ
شيئاً لا تصنع مع أحد من أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)؟
فقال: انّه مولاي(28).
ولا يخفى أ نّنا لو تمعّنّا في قول النبيّ(صلى
الله عليه وآله وسلم): «من كنت مولاه فعليّ مولاه» عرفنا أ نّه لم يكن
لكلمة المولى معنى ومفهوم سوى صاحب الخيار والأولى بالتصرّف.
37 ـ عمر يعترف: القول ما قال عليّ(عليه السلام)
أخرج ابن حزم الأندلسي وغيره بإسنادهم عن ابن
اذينة العبدي قال: أتيت عمر بن الخطّاب بمكّة فقلت له: إنّي ركبت الابل
والخيل حتى أتيتك فمن أين أعتمر؟
قال: ائت عليّ بن أبي طالب فسله.
فأتيت فسألته فقال لي عليّ(عليه السلام):من حيث
أبدأت ـ يعني من ميقات أرضك ـ.
قال: فأتيت عمر فذكرت له ذلك.
فقال لي: ما أجد لك ـ قولا ـ إلاّ ما قال ابن
أبي طالب(29).
38 ـ عمر يعترف: بفضل عليّ(عليه السلام) أخرجنا
الله من الظلمات
أخرج العلاّمة الزمخشري وآخرون من حفّاظ أهل
السنّة ومحدّثيهم بإسنادهم عن ابن عبّاس قال: استعدى رجلٌ عمر على
عليّ(عليه السلام)، وعليّ جالس فالتفت عمر إليه فقال: يا أبا الحسن، قم
فاجلس مع خصمك، فقام فجلس مع خصمه فتناظرا، وانصرف الرجل فرجع
عليّ(عليه السلام) إلى مجلسه، فتبيّن عمر التغيّر في وجهه، فقال: يا
أبا الحسن، مالي أراك متغيّراً؟
قال(عليه السلام): كنّيتني بحضرة خصمي فألاَ
قلتَ: يا عليّ، قم فاجلس مع خصمك، فأخذ عمر برأس عليّ(عليه السلام)
فقبّل بين عينيه، ثمّ قال: بأبي أنتم وأُمّي بكم هدانا الله، وبكم
أخرجنا الله من الظلمات إلى النور(30).
39 ـ عمر يعترف: لا يتمّ الشرف إلاّ بولاية
عليّ(عليه السلام)
أخرج العلاّمة المحدّث ابن حجر الهيتمي عن
الدارقطني بسنده عن ابن المسيّب قال: قال عمر(رضي الله عنه): تحبّبوا
إلى الأشراف وتودّدوا، واتّقوا على أعراضكم من السفلة، واعلموا أ نّه
لا يتمّ شرف إلاّ بولاية عليّ(عليه السلام)(31).
40 ـ عمر يعترف: مات النبيّ(صلى الله عليه وآله
وسلم) وهو راض عن عليّ(عليه السلام)
أخرج شيخ أهل السنّة البخاري بسنده عن عمر بن
الخطّاب قال: توفّي رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وهو عنه ـ أي
عن عليّ(عليه السلام) ـ راض(32).
41 ـ عمر يعترف: عليّ(عليه السلام) أعلم بالواقع
روى العلاّمة الشيخ زين الدين عبدالرحمن بن أحمد
السلامي البغدادي بسنده عن رفاعة بن رافع قال: جلس إلى عمر، عليّ
والزبير وسعد ونفر من أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)
فتذاكروا العزل فقالوا: لا بأس به.
فقال رجل: إنّهم يزعمون أ نّها الموعودة الصغرى.
فقال عليّ(عليه السلام): لا تكون موعودة حتى
تمرّ على النارات السبع، تكون سلالة من طين ثمّ تكون نطفة ثمّ تكون
علقة ثمّ تكون مضغة ثمّ تكون عظاماً ثمّ تكون لحماً ثمّ تكون خلقاً
آخر.
فقال عمر: صدقت أطال الله بقاءك(33).
أقول: جواب الإمام عليّ(عليه السلام) حول
المراحل السبعة في خلق الإنسان مستلهم من القرآن الكريم في قوله تعالى:
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسَانَ مِنْ سُلالَة مِنْ طِين* ثُمَّ
جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَار مَكِين* ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ
عَلَـقَةً فَخَلَقْنَا العَلَـقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المُضْغَةَ
عِظَاماً فَكَسَوْنَا العِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أنشَأنَاهُ خَلْقاً
آخَرَ فَـتَبَارَكَ اللّهُ أحْسَنُ الخَالِقِينَ)(34) تشير الآية إلى
تطور الإنسان، وتكامله في رحم الاُم حتى الولادة.
42 ـ عمر يعترف: عليّ(عليه السلام) أعلم الناس
بالقرآن
أخرج العلاّمة الحافظ الحسكاني بسنده عن عمر بن
الخطّب قال: عليّ(عليه السلام)أعلم الناس بما أنزل الله على محمّد(صلى
الله عليه وآله وسلم)(35).
43 ـ عمر يعترف: عليّ(عليه السلام) مولى من كان
النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) مولاه
روى العلاّمة الحافظ المحبّ الطبري بسنده عن عمر
بن الخطّاب قال: عليّ(عليه السلام) مولى من كان رسول الله(صلى الله
عليه وآله وسلم) مولاه(36).
44 ـ عمر يعترف: لولا عليّ(عليه السلام) لهلك
عمر
أخرج العلاّمة الحافظ الگنجي الشافعي بسنده عن
حذيفة بن اليمان أ نّه لقى عمر بن الخطّاب، فقال له عمر: كيف أصبحت يا
ابن اليمان؟
فقال: كيف تريدني أُصبح؟ أصبحت والله أكره
الحقّ، وأُحبّ الفتنة، وأشهد بما لم أره، وأحفظ غير المخلوق، وأُصلّي
على غير وضوء، ولي في الأرض ما ليس لله في السماء.
فغضب عمر لقوله وانصرف من فوره، وقد أعجله أمرٌ
وعزم على أذى حذيفة لقوله ذلك، فبينا هو في الطريق إذ مرّ عليّ بن أبي
طالب(عليه السلام) فرأى الغضب في وجهه.
فقال: ما أغضبك يا عمر؟
فقال: لقيت حذيفة بن اليمان فسألته، كيف أصبحت؟
فقال: أصبحت أكره الحقّ.
فقال عليّ(عليه السلام): صدق، يكره الموت وهو
حقّ.
فقال عمر: يقول، واُحبّ الفتنة.
قال عليّ(عليه السلام): صدق، يحبّ المال والولد
وقد قال الله تعالى: (أنَّمَا أمْوَالُكُمْ وَأوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ
)(37).
فقال عمر: يا عليّ، يقول: وأشهد بما لم أره.
فقال(عليه السلام): صدق، يشهد بالوحدانية والموت
والبعث والقيامة والجنّة والنار والصراط ولم ير ذلك كلّه.
فقال عمر: يا عليّ، وقد قال: إنّني أحفظ غير
المخلوق.
قال(عليه السلام): صدق، يحفظ كتاب الله تعالى
القرآن، وهو غير مخلوق.
قال عمر: ويقول: أُصلّي على غير وضوء.
فقال(عليه السلام): صدق، يصلّي على ابن عمّي
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) على غير وضوء، والصلاة عليه جائزة.
فقال: يا أبا الحسن، قد قال أكبر من ذلك.
فقال(عليه السلام): وما هو؟
قال عمر: قال: إنّ لي في الأرض ما ليس لله في
السماء.
قال(عليه السلام): صدق، له زوجة، وتعالى الله عن
الزوجة والولد.
فقال عمر: كاد يهلك ابن الخطّاب لولا عليّ بن
أبي طالب.
قال الگنجي: هذا ثابت عند أهل النقل، ذكره غير
واحد من أهل السير(38).
45 ـ عمر يعترف: اختصاص عليّ(عليه السلام) بثلاث
عشرة منقبة
أخرج العلاّمة الخطيب الخوارزمي وغيره من أعلام
السنّة بإسنادهم عن جابر بن عبدالله الأنصاري، قال:
قال عمر بن الخطّاب: كانت في أصحاب محمّد(صلى
الله عليه وآله وسلم) ثماني عشرة سابقة، خصّ منها عليّ بن أبي
طالب(عليه السلام) بثلاث عشرة وشاركنا في خمس(39).
أقول: وقد أخرج السيوطي وغيره من أعلام أهل
السنّة هذا الحديث بلفظ آخر، قال الطبراني: عن ابن عبّاس، قال: كانت
لعليّ(عليه السلام) ثماني عشرة منقبة ما كانت لأحد من هذه الاُمّة(40).
فعلى هذا فلا تستحيل أن تكون جملة «فخصّ عليّ
نها بثلاث عشرة وشركنا في خمس» في رواية عمر موضوعة وزائدة، وكذلك جملة
«كانت لأصحاب محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم)» فإنّها وضعت بديلا عن
جملة «كانت لعليّ(عليه السلام)» الّتي وردت في رواية السيوطي.
46 ـ عمر يعترف: من أهان عليّاً(عليه السلام)
فقد أهان النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)
أخرج الإمام أحمد ن حنبل بسنده عن عروة بن
الزبير قال: إنّ رجلا وقع في عليّ بن أبي طالب(عليه السلام).
فقال عمر: تعرف صاحب هذا القبر؟ هو محمّد بن
عبدالله بن عبدالمطّلب، وعليّ بن أبي طالب بن عبدالمطّلب، فلا تذكر
عليّاً إلاّ بخير فإنّك إن نق صته آذيت صاحب هذا القبر.
وأخرج المناوي بسنده انّ عمر بن الخطّاب قال:
ويحك أتعرف عليّاً؟ هذا ابن عمّه ـ وأشار إلى قبر رسول الله(صلى الله
عليه وآله وسلم) ـ ، والله ما آذيت إلاّ هذا في قبره(41).
47 ـ عمر يعترف: من آذى عليّاً(عليه السلام) فقد
آذى النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)
روى العلاّمة العيني بسنده عن عمر بن الخطّاب
قال: إذا آذيت عليّاً آذيت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)(42).
48 ـ عمر يتمنّى احدى فضائل عليّ(عليه السلام)
أخرج الحافظ الحاكم النيسابوري وغيره من الحفّاظ
والمؤرّخين من أهل السنّة والجماعة بإسنادهم عن أبي هريرة، قال: قال
عمر بن الخطّاب: لقد أُعطي عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) ثلاث خصال
لأن تكون لي خصلة منها أحبّ إليَّ من أن أُعطى حمر النعم.
قيل: وما هنّ، يا أميرالمؤمنين؟
قال: تزوّجه فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه
وآله وسلم)، وسكناه المسجد مع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يحلّ
له فيه ما يحلّ له، والراية يوم خيبر ففتح الله عليه وهزم اليهود فكان
ذلك نصراً عزيزاً منح به الإسلام والمسلمون.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الاسناد ولم
يخرّجاه(43) (44).
49 ـ عمر يستشير عليّاً(عليه السلام) في حرب
الفهرس
أخرج المؤرّخون والحفّاظ وآخرون غيرهم في كتبهم
أ نّه ورد على عمر بن الخطّاب كتاب فيه ـ انّ الفرس قد قصدوا الهجوم
على مركز الحكومة الإسلامية، فجمع عمر بعض أصحاب رسول الله(صلى الله
عليه وآله وسلم) منهم الإمام عليّ(عليه السلام)يستشيرهم في هذا الأمر.
فأبدى كلّ واحد منهم رأيه في قتال الفرس، ورأى
عمر أنّ آراء ونظريات هؤلاء وخططهم الّتي أبدوها لا تنفع وليست بصائبة،
بل انّ ضررها أكثر من نفعها.
فالتفت عمر إلى أميرالمؤمنين عليّ بن أبي
طالب(عليه السلام) وكان ساكتاً لا يتكلّم، فقال له عمر: يا أبا الحسن
لم لا تشير بشيء كما أشار غيرك؟
فقال عليّ(عليه السلام) كلاماً نقض فيه آراء
الحاضرين وفنّدها ثمّ أيد رأياً وخطّة كان فيها نفع كبير، وكان في ضمن
ما أبداه: إرسال ابنه الإمام الحسن(عليه السلام) مع الجنداصفهان بأن
يحوّل إليه اجراء جزئيات الخطّة الاستراتيجية، فكان من نتائج رأي
الإمام عليّ(عليه السلام) وخطّته انتصار جيوش المسلمين على يهود ايران
والزرادشتيين وفرار يزدجرد عظيم الفرس وبزوغ شمس الإسلام في نصف بقاع
الفرس وخاصّة في أصفهان.
ولكن قبل أن نتطرق إلى قول أميرالمؤمنين عليّ بن
أبي طالب(عليه السلام) تجدر الإشارة هنا إلى واحد من أهل الرأي أبدى
رأيه واستنكره عمر بن الخطّاب ألا وهو خليفة عمر عثمان بن عفّان فقال:
يا أميرالمؤمنين، اكتب إلى أهل الشام فيسيروا من شامهم، والى أهل اليمن
فيسيروا من يمنهم، والى أهل البصرة فيسيروا من بصرتهم، وسر أنت بأهل
هذا الحرم حتى توافي الكوفة وقد وافاك المسلمون من أقطار أرضهم وآفاق
بلادهم فإنّك إذا فعلت ذلك كنت أكثر منهم جمعاً وأعزّ نفراً.
وقال الطبري: قال عليّ(عليه السلام) في بادىء
الأمر: أقم، واكتب إلى أهل الكوفة أن يبعثوا ثلثي جندهم وليقم ثلثاً
منهم، واكتب إلى أهل البصرة أن يمدّوهم ببعض من عندهم ولم يعبّىء من
الشام جيشاً لئلاّ يفتر جبهة الروم.
وإليك الآن رأي الإمام عليّ(عليه السلام) الّذي
استصوبه عمر لمّا استشاره فقال فيما قال(عليه السلام): إنّ هذا الأمر
لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا بقلّة، وهو دين الله الّذي أظهره،
وجنده الّذي أعدّه وأمدّه حتى بلغ ما بلغ وطلع حيث طلع، ونحن على موعود
من الله، والله منجز وعده وناصر جنده، ومكان القيّم بالأمر مكان النظام
من الخرز يجمعه ويضمّه، فإن انقطع النظام تفرّق الخرز وذهب ثمّ لم
يجتمع بحذافيره أبداً، والعرب اليوم وإن كانوا قليلا فهم كثيرون
بالإسلام وعزيزون بالاجتماع، فكن قطباً واستدر الرحا بالعرب، وأصلهم
دونك نار الحرب، فإنّك إن شخصت من هذه الأرض انتقضت عليك العرب من
أطرافها وأقطارها حتى يكون ما تدع وراءك من العورات أهمّ إليك ممّا بين
يديك.
إنّ الأعاجم إن ينظروا إليك غداً يقولوا: هذا
أصل العرب فإذا اقتطعتموه استرحتم فيكون ذلك أشدّ لكلبهم عليك وطمعهم
فيك، فأمّا ما ذكرت من مسير القوم إلى قتال المسلمين فإنّ الله سبحانه
هو أكره لمسيرهم منك، وهو أقدر على تغيير ما يكره، وأمّا ما ذكرت من
عددهم فإن لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة، وإنّما نقاتل بالنصر
والمعونة(45).
50 ـ عمر يستفتي عليّاً(عليه السلام) عن حكم
شارب الخمر
أخرج السيوطي وغيره من الحفّاظ: أنّ أُناساً من
أصحاب النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)شربوا الخمر بالشام، فقال لهم
يزيد بن أبي سفيان ـ أخو معاوية ووالي الشام من قبل عمر بن الخطّاب ـ :
شربتم الخمر؟
فقالوا: نعم، لقول الله: (لَيْسَ عَلَى
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا
طَعِمُوا)(46) حتى فرغوا... فكتب يزيد فيهم إلى عمر فكتب إليه: إن أتاك
كتابي هذا نهاراً فلا تنتظر بهم الليل، وإن أتاك ليلا فلا تنتظر بهم
النهار حتى تبعث بهم إليَّ، لا يفتنوا عباد الله.
فبعث بهم إلى عمر فلمّا قدموا على عمر، قال:
شربتم الخمر؟
قالوا: نعم.
فتلا عليهم: (إنَّمَا الخَمْرُ
وَالمَيْسِرُ...)(47) إلى آخر الآية.
قالوا: اقرأ الّتي بعدها (لَيْسَ عَلَى
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا).
قال: فشاور فيهم الناس، فقال لعليّ(عليه السلام)
ـ وكان صامتاً ـ : ماترى؟
قال(عليه السلام): أرى انّهم شرّعوا في دين الله
ما لم يأذن الله فيه، فإن زعموا أ نّها حلال فاقتلهم فقد أحلّوا ما
حرّم الله، وإن زعموا أ نّها حرام فاجلدهم ثمانين ثمانين، فقد افتروا
على الله الكذب، وقد أخبرنا الله بحدّ ما يفتري به بعضنا على بعض. قال:
فجلدهم عمر ثمانين ثمانين(48).
وأخرجه أبو الفرج الاصفهاني بتفاوت يسير(49).
51 ـ مراجعة أُخرى لعمر في حدّ الخمر
ذكر أعاظم العامّة منهم أئمّتهم الأربعة: أبو
حنيفة، مالك، أحمد بن حنبل، والشافعي ـ انّ أبا بكر وعمر لم يكونا يرون
الحدّ الكامل ـ ثمانين جلدة ـ لشارب الخمر، وإذا واجها هذه المسألة
يوماً ما فكانا يكتفيان باجراء أربعين جلدة فقط.
روي أنّ خالد بن الوليد كان عاملا لعمر على بعض
المدن أبلغ عمر بأنّ الناس قد انهمكوا في الخمر وتحاقروا العقوبة. فقال
عمر لعليّ(عليه السلام): ماترى؟
قال(عليه السلام): نراه إذا سكر هذى، وإذا هذى
افترى وعلى المفتري ثمانون جلدة(50).
واستن عمر بما قاله عليّ(عليه السلام) وبعد ذلك
أصبح حدّ الخمر ثمانين جلدة كما أفتى به الإمام عليّ(عليه السلام).
52 ـ عمر يعترف: لولا سيف عليّ(عليه السلام) لما
قام عمود الإسلام
قال ابن أبي الحديد: روى أبو بكر الأنباري في
أماليه: أنّ عليّاً(عليه السلام)جلس إلى عمر في المسجد وعنده ناس،
فلمّا قام(عليه السلام) عرض واحد بذكره ونسبه إلى التيه والعجب.
فقال عمر: حقّ لمثله أن يتيه!! والله لولا سيفه
لما قام عمود الإسلام، وهو بعد أقضى الاُمّة وذو سابقتها وذو شرفها.
فقال له ذاك القائل: فما منعكم يا أميرالمؤمنين
عنه؟
قال: كرهنا على حداثة السنّ وحبّه لبني
عبدالمطّلب(51).
وقد روي كره عمر بن الخطّاب لعليّ(عليه السلام)
في موارد عديدة ومواقف كثيرة خاصّة في قوله: لو ولّوها ـ يعني الخلافة
ـ عليّاً لسلك بهم الطريق وحملهم على الحقّ(52).
53 ـ عمر يعترف: عين عليّ(عليه السلام) عين الله
عز وجل
أخرج محبّ الدين الطبري بسنده: كان عمر يطوف
بالبيت وعليّ(عليه السلام) يطوف أمامه، إذ عرض رجل لعمر فقال: يا
أميرالمؤمنين، خذ حقّي من عليّ بن أبي طالب(عليه السلام).
قال: وما باله؟
قال: لطم عيني
فوقف عمر حتى لحق به عليّ(عليه السلام)، فقال:
ألطمت عين هذا، يا أبا الحسن؟
قال(عليه السلام): نعم.
قال عمر: ولِمَ؟
قال(عليه السلام): لأ نّي رأيته يتأمّل حرم
المؤمنين في الطواف.
فقال عمر: أحسنت، يا أبا الحسن.
ثم أقبل على الرجل فقال: وقعت عليك عين من عيون
الله عز وجل (53).
54 ـ عمر يعترف: عليّ(عليه السلام) مولاي ومولى
كلّ مسلم
روى العلاّمة الخطيب الخوارزمي وغيره من الحفّاظ
بإسنادهم: أنّ رجلا نازع عمر في مسألة. فقال عمر: بيني وبينك هذا
الجالس ـ وأشار إلى عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) وكان جالساً في
المسجد ـ .
فقال الرجل: هذا الأبطن!! ـ الظاهر أ نّه لم يكن
يعرف عليّاً(عليه السلام) ـ .
فنهض عمر عن مجلسه وأخذ بتلبيبه حتى شاله من
الأرض، ثمّ قال: ويلك أتدري من صغَّرت؟! هذا عليّ بن أبي طالب مولاي
ومولى كلّ مسلم(54).
وجاء في رواية الحسكاني: أمر عمر عليّاً(عليه
السلام) أن يقضي بين رجلين، فقضى بينهما، فقال الّذي قضى عليه: هذا
الّذي يقضي بيننا؟! وكأ نّه ازدرى عليّاً(عليه السلام).
فأخذ عمر بتلبيبه فقال: ويلك ما تدري من هذا؟
هذا عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، هذا مولاي ومولى كلّ مؤمن، فمن لم
يكن مولاه فليس بمؤمن(55).
أقول: ولعلّ هذه القصّة غير الاُولى وانّ
القصّتين قد وقعتا في زمانين مختلفين.
55 ـ عمر يعترف: عليّ(عليه السلام) مولى كلّ
مؤمن ومؤمنة
أخرج العلاّمة محبّ الدين الطبري وغيره من
المحدّثين بإسنادهم عن عمر وقد جاءه أعرابيّان يختصمان. فقال
لعليّ(عليه السلام): اقض بينهما، يا أبا الحسن، فقضى عليّ(عليه السلام)
بينهما.
فقال أحدهما: هذا يقضي بيننا؟!
فوثب عليه عمر وأخذ بتلبيبه، وقال: ويحك ما تدري
من هذا؟ هذا مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة، ومن لم يكن مولاه فليس
بمؤمن(56).
56 ـ عمر يعترف: عليّ(عليه السلام) أعلم الناس
بالقرآن وبالنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)(57)
أخرج المحقّق العلاّمة العاصمي وغيره بإسنادهم
عن أبي الطفيل ـ الصحابي العظيم ـ قال: شهدت الصلاة على أبي بكر
الصدّيق، ثمّ اجتمعنا إلى عمر بن الخطّاب فبايعناه وأقمنا أيّاماً
نختلف إلى المسجد إليه حتى أسموه «أميرالمؤمنين»، فبينما نحن عنده جلوس
إذ أتاه يهودي من يهود المدينة وهم يزعمون أ نّه من ولد هارون أخي موسى
بن عمران(عليه السلام) حتى وقف على عمر فقال له: يا أميرالمؤمنين،
أيّكم أعلم بنبيّكم وبكتاب نبيّكم حتى أسأله عمّا أُريد؟ ـ قال أبو
الطفيل ـ فطأطأ عمر رأسه، فقال له اليهودي: إيّاك أعني، وأعاد عليه
القول.
فقال له عمر: وما ذاك؟
قال: إنّي جئتك مرتاداً لنفسي شاكّاً في ديني.
فقال عمر: دونك هذا الشابّ.
قال: ومَن هذا الشابّ.
قال عمر: هذا عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)،
ابن عمّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو أبو الحسن والحسين،
وزوج فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، ثمّ قال: هذا أعلم
بنبيّنا وبكتاب نبيّنا.
قال اليهودي: أكذلك أنت يا عليّ؟
قال(عليه السلام): نعم، سل عمّا تريد.
قال: إنّي مسائلك عن ثلاث وثلاث وواحدة.
فتبسّم عليّ(عليه السلام) ثمّ قال: يا هاروني،
ولِمَ لا تقول: إنّي سائلك عن سبع؟
فقال اليهودي: أسألك عن ثلاث فإن أصبتَ فيهنّ،
أسألك(58) عن الواحدة وإن أخطأتَ في الثلاث الأول لم أسألك عن شيء.
وقال له عليّ(عليه السلام): وما يدريك إذا
سألتني فأجبتك أخطأت أم أصبتُ؟
قال: فضرب بيده على كمّه فاستخرج كتاباً عتيقاً
فقال: هذا كتاب ورثته عن آبائي وأجدادي، بإملاء موسى(عليه السلام) وخطّ
هارون(عليه السلام)، وفيه هذه الخصال الّتي أُريد أن أسألك عنها.
فقال عليّ(عليه السلام): والله عليك إن أجبتك
فيهنّ بالصواب أن تسلم ـ لتدعنّ دينك ولتدخلنّ في ديني ـ ؟ قال له:
والله ـ ما جئت إلاّ لذلك ـ لئن أجبتني فيهنّ بالصواب لأسلمنّ الساعة
على يديك.
قال له عليّ(عليه السلام): سلّ.
قال: أخبرني ... عن محمّد(صلى الله عليه وآله
وسلم) كم بعده من إمام عادل، وفي أيّ جنّة يكون، ومن يساكنه في الجنّة؟
قال عليّ(عليه السلام): يا هاروني، إنّ
لمحمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) من الخلفاء اثنا عشر إماماً عادلا لا
يضرّهم من خذلهم، ولا يستوحشون لخلاف من خالفهم، وانّهم أرسب في الدين
من الجبال الرواسي في الأرض، ويسكن محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) في
جنّته مع أُولئك الاثني عشر إماماً العدل.
قال: صدقت، والله الّذي لا إله إلاّ هو إنّي
لأجده في كتب أبي هارون كتبه بيده وإملاء موسى عمّي(عليه السلام)، قال:
فأخبرني عن الواحدة، أخبرني عن وصيّ محمّد كم يعيش من بعده؟ وهل يموت
أو يقتل؟
قال(عليه السلام): يا هاروني، يعيش بعده ثلاثين
سنة ثمّ يضرب هاهنا ـ يعني قرنه ـ فتخضب هذه من هذا.
قال أبو الطفيل: فصاح الهاروني وقطع تسبيحه وهو
يقول: أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأنّ محمّد
رسول الله(59).
57 ـ عمر يعترف: عليّ(عليه السلام) أولى الناس
بالخلافة
روى العلاّمة ابن أبي الحديد المعتزلي ـ نقلا عن
كتاب السقيفة لأبي بكر أحمد بن عبدالعزيز الجوهري ـ بإسناده عن ابن
عبّاس، قال: مرّ عمر بعليّ(عليه السلام) وأنا معه بفناء داره، فسلّم
عليه، فقال له عليّ(عليه السلام): أين تريد؟
قال: البقيع.
قال(عليه السلام): أفلا تصل صاحبك ويقوم معك.
قال عمر: بلى.
فقال لي عليّ(عليه السلام): قم معه. فقمت فمشيت
إلى جانبه فشبّك أصابعه في أصابعي ومشينا قليلا حتى إذا خلّفنا البقيع
قال لي عمر: يا بن عبّاس، أما والله إنّ صاحبك هذا ـ يعني عليّاً(عليه
السلام) ـ لأولى الناس بالأمر بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)
إلاّ أنّا خفناه على اثنين.
قال ابن عبّاس: فجاء بكلام لم أجد بدّاً من
مساءلته عنه، فقلت: ما هما؟
قال عمر: خفناه على حداثة سنّه، وحبّه بني
عبدالمطّلب(60).
58 ـ عمر يعترف: المنبر حقّ عليّ(عليه السلام)
أخرج العلاّمة الخطيب البغدادي وغيره: انّ
الحسين(عليه السلام) جاء لعمر وهو على المنبر فقال: انزل عن منبر أبي.
فقال له: منبر أبيك ولا منبر أبي.
وزاد ابن سعد: انّه أخذه فأقعده على جنبه، وقال:
وهل أنبت الشعر على رؤوسنا إلاّ أبوك، أي انّ الرفعة ما نلناها إلاّ
به(61).
59 ـ عمر يعترف: عليّ(عليه السلام) أخو
النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)
أخرج العلاّمة ابن حجر عن الدارقطني: انّ عمر
سأل عن عليّ(عليه السلام) فقيل له: اذهب إلى أرضه.
فقال: اذهبوا بنا إليه، فوجدوه يعمل فعملوا معه
ساعة ثمّ جلسوا يتحدّثون فقال له عليّ(عليه السلام): أرأيت لو جاءك قوم
من بني إسرائيل فقال لك أحدهم: أنا ابن عمّ موسى(عليه السلام)، أكانت
له عندك أثرة على أصحابه؟
قال عمر: نعم.
قال عليّ(عليه السلام): فأنا والله أخو
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وابن عمّه.
قال: فنزع عمر رداءه فبسطه، فقال: والله لا يكون
لك مجلس غيره حتى تفترق(62).
|