الهداية والاضلال والتوفيق والخذلان
* - قال أمير المؤمنين عليه السلام : عرفت الله سبحانه بفسخ العزائم وحل العقود .
* - عن أميرالمؤمنين عليه السلام قال : الضلاله على وجوه : فمنه محمود ، ومنه مذموم ، ومنه ما ليس بمحمود ولا مذموم ومنه ضلال النسيان ، فأما الضلال المحمود وهو المنسوب إلى الله تعالى كقوله : (يضل الله من يشاء ) هو ضلالهم عن طريق الجنة بفعلهم ، والمذموم هو قوله تعالى : ( وأضلهم السامري ) (وأضل فرعون قومه وما هدى ) ومثل ذلك كثير ; وأما الضلال المنسوب إلى الاصنام فقوله في قصة إبراهيم ( واجنبني وبني آن نعبد الاصنام رب إنهن أضللن كثيرا من الناس ) الآية ، والاصنام لا يضللن أحدا على الحقيقة ، إنما ضل الناس بها وكفروا حين عبدوها من دون الله عزوجل ، وأما الضلال الذي هو النسيان فهو قوله تعالى : ( أن تضل إحديهما فتذكر إحديهما الاخرى ) وقد ذكر الله تعالى الضلال في مواضع من كتابه ، فمنهم ما نسبه إلى نبيه على ظاهر اللفظ كقوله سبحانه : ( ووجدك ضالا فهدى ) معناه وجدناك في قوم لا يعرفون نبوتك فهديناهم بك ; وأما الضلال المنسوب إلى الله تعالى الذي هو ضد الهدى والهدى هو البيان ، وهو معنى قوله سبحانه : ( أو لم يهد لهم ) معناه : أو لم أبين لهم ، مثل قوله سبحانه : ( فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى) أي بينا لهم ، وهو قوله تعالى : (وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هديهم حتى يبين لهم ما يتقون) . وأما معنى الهدى فقوله عزوجل : ( إنما أنت منذر ولكل قوم هاد ) ومعنى الهادي المبين لما جاء به المنذر من عند الله ، وقد احتج قوم من المنافقين على الله تعالى ( إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها ) وذلك أن الله تعالى لما أنزل على نبيه ( ولكل قوم هاد ) قال طائفة من المنافقين ( ماذا أراد الله بهذا مثلا يضل به كثيرا ) فأجابهم الله تعالى بقوله : (إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها ) إلى قوله : ( يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا ، وما يضل به إلا الفاسقين ) فهذا معنى الضلال المنسوب إليه تعالى لانه أقام لهم الامام الهادي لما جاء به المنذر فخالفوه وصرفوا عنه ، بعد أن أقروا بفرض طاعته ، ولما بين لهم ما يأخذون وما يذرون فخالفوه ضلوا . هذا مع علمهم بما قاله النبي صلى الله عليه وآله ، وهو قوله : لا تصلوا علي صلاة مبتورة إذا صليتم علي بل صلوا على أهل بيتي ولا تقطعوهم مني فإن كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببى ونسبي . ولما خالفوا الله تعالى ضلوا فأضلوا فحذر الله تعالى الامة من اتباعهم فقال سبحانه : ( ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل ) والسبيل ههنا الوصي ، وقال سبحانه : ( ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصيكم به ) الآية فخالفوا ما وصيهم الله تعالى به واتبعوا أهواءهم فحرفوا دين الله جلت عظمته وشرائعه ، وبدلوا فرائضه وأحكامه وجميع ما أمروا به ، كما عدلوا عمن أمروا بطاعته ، وأخذ عليهم العهد بموالاته ، واضطرهم ذلك استعمال الرأي والقياس فزادهم ذلك حيرة والتباسا . ومنه قوله سبحانه : ( وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ) فكان تركهم اتباع الدليل الذي أقام لهم ضلالة لهم فصار ذلك كأنه منسوب إليه تعالى لما خالفوا أمره في اتباع الامام ، ثم افترقوا واختلفوا ، ولعن بعضهم بعضا واستحل بعضهم دماء بعض ، فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تؤفكون .
* - قال عليه السلام - وقد سئل عن معنى قولهم : لا حول ولا قوة الا بالله - : إنا لا نملك مع الله شيئا ولا نملك إلا ما ملكنا ، فمتى ملكنا ما هو أملك به منا كلفنا ، ومتى أخذه منا وضع تكليفه عنا .