الكتاب
الجواهر السنية
في الأحاديث القدسية
الحر
العاملي
[ 1 ]
الجواهر السنية في الاحاديث القدسية جمعه شيخ المحدثين وحيد
عصره محمد بن الحسن
بن علي بن
الحسين الحر العاملي المتوفى سنة 1104 ه منشورات مكتبة المفيد قم - ايران
[ 2 ]
هذا الكتاب المستطاب المسمى بالجواهر السنية في الأحاديث القدسية من
أحسن الكتب الامامية لأنه اخو القرآن وجوهر فرد ودرة يتيمة لا يعادله لعلو شأنه
ثمن ولا قيمة مما ألفه وأول ما جمعه الشيخ المحدث العالم العامل الفاضل الزاهد الورع التقي الزكي المولى الفقيه النبيه المؤيد المسدد الممجد
شيخ الاسلام ومبين
الحلال
والحرام غواص بحار الاخبار والناشر لآثار الأئمة الأطهار سلام الله علهيم اناء الليل وأطراف النهار الشيخ محمد بن الحسن ابن علي بن
الحسين الحر العاملي
عامله الله
بلطفه الخفي والجلي واني كنت أتمنى شيوعه وأحب طبعه ليكثر به الثواب ويرجع إليه اولو الألباب في كل باب فإنه مشتمل على ما يوجب
استفادة الخيرات وحصول
المكارم
الأخلاق ومحامد الصفات والعظة والعبر وما يخاف منه ويحذر الى أن وفقني الله لطبعه بعد تصحيحه حسب ما تيسر لي وأنا أقل أبناء العلماء
الراشدين. الحاج شيخ علي
محلاتي
الحائري من سنة 1302 ه وأعيد طبعة ثانية على نفقة الحاج محمد جواد الكاظمي صاحب المكتبة العلمية في بغداد سنة 1384 ه
مقدمة المؤلف
[ 3 ]
مقدمة المؤلف بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي اوضح في
كلامه سبيل
الهداية،
وأطلع في ملاك القلوب من مشارق النصوص أقمار الولاية، ومحى بأكف النبوة والامامة آيات الضلال والغواية، وفتح بأحاديث الأئمة
المعصومين عليهم السلام أبواب
العلم
والدراية، وفجر لأهل التسليم والانقياد ينابيع الحكمة فأنقذهم من العماية، فرووا علومهم عن العلماء عن الأئمة الأمناء عن النبي المصطفى
صلى الله عليه وآله
النجباء، عن
الجناب المقدس الإلهي فأكرم برواة تلك الرواية والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله ذوي الذوات القدسية، والكمالات العلية،
والكرامات الجلية صلاة
وسلاما
دائمين ما در شارق أو لاح بارق. وبعد فيقول الفقير الى الله الغني محمد بن الحسن الحر العاملي عامله الله بلطفه الخفي. لا يخفى ما لكلام
الله سبحانه من
المزية على
كل كلام فمنه تظهر أنوار الرشاد ظهور الأنوار من الاكمام، وبه تجلت شمس الهدى من أفق النبوة - على صاحبها الصلاة والسلام - فهو جدير
بصرف الهمم إليه
واقبال
القلوب والافهام عليه. وقد وردت جملة منه يرويها العلماء الأخيار عن الأئمة الأطهار عن النبي المختار.
[ 4 ]
- عليه وعليهم السلام - عن الذات المقدسة الإلهية، وهي المشهورة
بالأحاديث
القدسية،
غير أني لم أجدها مجموعة في كتاب، ولا تعرض لتأليفها فيما أعلم أحد من الاصحاب، فأحببت إفرادها بالتأليف وجمع شملها في كتاب لطيف
يجمع المهم من أحكام
الايمان
ويقمع بمواعظه البالغة رؤس مكايد الشيطان، ويفضل على غيره بقوة الدليل ومتانة البرهان، ويفخر على كل كتاب بأنه أخو القرآن فجمعت
منها هذه النبذة التي
وصلت الي
راجيا أن تعود بركتها علي بعد التوقف من ذلك اعترافا بالقصور عن سلوك تلك المسالك، ثم استخرت الله سبحانه وأقدمت بعد الاحجام مستعينا
بالله جل جلاله على
الاتمام،
وسميته: الجواهر السنية في الاحاديث القدسية ورتبته أبوابا بحسب ترتيب من خوطب بذلك الكلام من الأنبياء عليهم السلام راجيا من الملك
العلام المعونة على
اتمام
المراد والمرام وأخرت ما لم يدخل تحت عنوان تلك الأبواب، فأفردت له أبوابا في أواخر الكتاب بحسب ترتيب المخبرين به عن الله - جل جلاله - من
أئمتنا عليهم السلام،
وجمعت
الأحاديث القدسية التي وردت في شأن أمير المؤمنين علي والائمة من ولده عليهم السلام والنص عليهم من الله عز وجل وجعلتها بابين: أحدهما
فيها ورد من طرقنا وكره
علمائنا في
مصنفاتهم.
[ 5 ]
والآخر فيما ورد من طرق العامة وكتبهم فخرج في البابين ما
يروي الغليل ويشفي
العليل،
ويهدي الى سواء السبيل. ولا ريب أن الأحاديث الشريفة القدسية التي ذكرت في هذين البابين واتفق على نقلها كلا الطائفتين وصحت أسانيدها من
الطريقتين وانعقد
عليها إجماع
الفريقين قد تجاوزت بكثرتها حد التواتر المعنوي، وأوجبت لذوي الانصاف العلم اليقيني، وحكمت بالبرهان الصحيح القطعي بوجوب اتباع
مذهب، الامامية وأن الحق
مع الفرقة
الناجية الاثنى عشرية، وأن مذهبهم واجب لاتباع، قد انعقد على برهانه الاجماع وارتفع فيه النزاع، وكم قام لهذه الدعوى من دليل قاطع
واتضح لها من برهان
ساطع. وحسبك
ما اشتمل عليه كتاب الألفين مع تواتر الأحاديث من الجانبين. والفضل ما شهدت به الاعداء. وإذا وقفت على ما ورد في هذا المعنى من
الأحاديث القدسية علمت
بورود أضعاف
أضعافه من السنة النبوية مضافا الى النصوص القرآنية والبراهين العقلية. والحق جديد وإن طالت عليه الايام، والباطل مخذول وإن نصره
أقوام كما قال أمير
المؤمنين
عليه السلام وأرجو أن يكون هذا الكتاب فائقا على جميع المصنفات مختصا بالمحاسن التي لا توجد في غيره من المؤلفات إذ تفرد بجلالة
الموضوع، وجمع المهم من
الأصول
والفروع، واشتماله على المواعظ اللطيفة الشافية والوصايا الكافية الوافية، والفوائد العالية الغالية.
[ 6 ]
واشتمل مع ذلك على بيان الفرقة الناجية لتضمنه النصوص الصريحة
الظاهرة على
إمامة
الاثنى عشر من العترة الطاهرة ونقلت الأحاديث المودعة فيه من كتب صحيحة معتبرة، وأصول معتمدة محررة، وسأذكر الطرق الى مؤلفيها في آخر
الكتاب وإن كان تواتر
هذه الكتب
وشهرتها يرفع عنها الشك والارتياب، وإنما نذكر طرقها للتبرك باتصال سلسلة الخطاب، وهو أمر مرغوب فيه عند أولي الألباب، وما نقلته في
شأن الأئمة عليهم السلام
من كتب
العامة تعلم صحته بموافقته لما تواتر من أحاديث الخاصة، والله أسأل أن يثبته لي في صحائف الحسنات إنه قريب مجيب الدعوات. المؤلف
الباب الأول
فيما ورد في شأن نبي الله آدم عليه السلام
[ 7 ]
الباب الاول فيما ورد في شأن آدم عليه السلام روى الشيخ الجليل
ثقة الاسلام أبو
جعفر محمد
بن يعقوب الكليني (رض) عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعن علي ابن ابراهيم عن أبيه جميعا عن الحسن بن محبوب عن هشام بن سالم عن
حبيب السجستاني قال
سمعت أبا
جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام يقول: إن الله عز وجل لما أخرج ذرية آدم (ع) من ظهره ليأخذ عليهم الميثاق بالربوبية له وبالنبوة
لكل نبي، فكان أول من
أخذ له
عليهم الميثاق بنبوة محمد بن عبد الله (ص) ثم قال إن الله عز وجل قال لآدم: انظر ما ذا ترى فنظر آدم الى ذريته، وهم ذر قد ملأوا السماء.
قال آدم: يا رب ما
أكثر ذريتي
ولأمر ما خلقتهم فما تريد منهم بأخذك الميثاق عليهم. قال الله جل وعز (يعبدونني لا يشركون بي شيئا ويؤمنون برسلي ويتبعونهم). قال
آدم: يا رب فما لي أرى
بعض الذر
أعظم من بعض وبعضهم له نور كثير وبعضهم له نور قليل وبعضهم ليس له نور، فقال الله عز وجل (لذلك خلقتهم لأبلوهم في كل حالاتهم). قال
آدم: يا رب أتأذن لي
بالكلام
فأتكلم. قال الله عز وجل (تكلم فإن روحك من روحي وطبيعتك خلاف كينوتني). فقال آدم: يا رب فلو كنت خلقتهم على مثال واحد وقدر
[ 8 ]
واحد وطبيعة واحدة وجبلة واحدة وأرزاق واحدة وأعمار سواء لم
يبغ بعضهم على بعض
ولم يكن
بينهم تحاسد وتباغض ولا اختلاف في شئ من الأشياء. قال الله عز وجل (يا آدم بروحي نطقت وبضعف طبيعتك تكلفت ما لا علم لك به وأنا الله
الخلاق العليم بعلمي
خالفت بين
خلقي ومشيئتي يمضي فيهم أمري والى تدبيري وتقديري صائرون، لا تبديل لخلفي إنما خلقت الجن والانس ليعبدوني، وخلقت الجنة لمن عبدني
وأطاعني منهم واتبع رسلي
ولا أبالي
وخلقت النار لمن كفرني وعصاني ولم يتبع رسلي ولا أبالي، وخلقتك وخلقت ذريتك من غير فاقة بي اليك واليهم وإنما خلقتك وخلقتهم لأبلوك
وأبلوهم أياكم أحسن
عملا في دار
الدنيا في حياتكم وقبل مماتكم ولذلك خلقت الدنيا والآخرة والحياة والموت والطاعة والمعصية والجنة والنار، وكذلك أردت في تدبيري
وتقديري وبعلمي
النافذ فيهم
خالفت بين صورهم وأجسامهم وألوانهم وأعمارهم وأرزاقهم وطاعتهم ومعصيتهم، فجعلت منهم الشقي والسعيد والبيصر والاعمى والقصير
والطويل والجميل
والذميم
والعالم والجاهل والغني والفقير والمطيع والعاصي والصحيح والسقيم ومن به الزمانة ومن لا عاهة به فينظر الصحيح الى من به العاهة
فيحمدني على عافيته، وينظر
الذي به
العاهة الى الصحيح فيدعووني ويسألني أن أعافيه ويصبر على بلائي فاثيبه جزيل عطائي، وينظر الغني الى الفقير فيحمدني ويشكرني، وينظر الفقير
الى الغني فيدعوني
ويسألني،
وينظر المؤمن الى الكافر فيحمدني على ما هديته، فلذلك خلقتهم لأبلوهم وكلفتهم في
[ 9 ]
السراء والضراء وفيما أعافيهم وفيما أبتليتهم وفيما أعطيهم
وفيما أمنعهم. وأنا
الله الملك القادر
ولي أن امضي جميع ما قدرت على ما دبرت ولي أن أغير من ذلك ما شئت الى ما شئت وأقدم من ذلك ما أخرت وأؤخر ما قدمت من ذلك. وأنا
الله الفعال لما أريد
لا أسأل عما
أفعل وأنا أسأل خلقي عما هم فاعلون). ورواه الشيخ الصدوق أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين ابن بابويه في كتاب العلل عن محمد بن الحسن
بن الوليد عن محمد بن
الحسن
الصفار وعن أبيه عن سعد بن عبد الله جميعا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب مثله. وعن محمد بن يحيى عن احمد بن محمد بن عيسى عن
محمد بن سنان عن يوسف
بن عمران عن
يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أوحى الله عز وجل الى آدم أني سأجمع لك الخير كله في أربع كلمات، قال يا رب وما هن،
قال: واحدة لي وواحدة
لك وواحدة
فيما بيني وبينك وواحدة فيما بينك وبين الناس، قال: يا رب بينهن لي حتى أعلمهن. قال: أما التي لي فتعبدني لا تشرك بي شيئا وأما التي
لك فأجزيك بعملك أحوج
ما تكون
إليه، وأما التي بيني وبينك فعليك الدعاء وعلي الاجابة، وأما التي بينك وبين الناس فترضى للناس ما ترضى لنفسك. ورواه الصدوق في
المجالس وفي معاني الاخبار
عن أبيه عن
علي بن موسى بن جعفر بن أبي جعفر الكميداني عن أحمد ابن محمد بن عيسى عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن عاصم بن
[ 10 ]
حميد عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام مثله. ورواه في
كتاب من لا يحضره
الفقيه
مرسلا. ورواه الشيخ أبو جعفر أحمد بن أبي عبد الله البرقي في المحاسن كذلك. وعن علي بن ابراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن محمد بن
الفضل عن أبي حمزة عن أبي
جعفر عليه
السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيه فلما انقضت نبوة آدم واستكمل أيامه أوحى الله عز وجل إليه أن يا آدم قد قضيت نبوتك واستكملت
أيامك فاجعل العلم الذي
عندك
والإيمان والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة في العقب من ذريتك عند هبة الله فاني لن أقطع العلم والإيمان وآثار علم النبوة من
العقب من ذريتك الى يوم
ا لقيامة،
ولن أدع الأرض إلا وفهيا عالم يعرف به ديني وتعرف به طاعتي ويكون نجاة لمن يولد فيما بينك وبين نوح وبشر آدم بنوح عليه السلام. وروى
ما أوردته من هذا
الحديث أحمد
بن أبي عبد الله البرقي مفردا في المحاسن عن أبيه عن محمد بن سفيان عن نعمان الرازي عن أبي عبد الله عليه السلام. ورواه الصدوق في
العلل كما سيأتي. وعن
عدة من
أصحابنا عن سهل بن زياد عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن خلف بن حماد عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام أنه
سئل عن أول كتاب كتب في
الأرض فقال
ان الله عز وجل عرض على آدم ذريته عرص العين في صور
[ 11 ]
انتهى الى داود عليه السلام فقال من هذا الذي نبيته وكرمته
وقصرت عمره فأوحى
الله إليه:
يا آدم هذا ابنك داود عمره أربعون سنة واني قد كتبت الآجال، وقسمت الأرزاق، واني أمحو ما أشاء وأثبت وعندي أم الكتاب، فإن جعلت
له شيئا من عمرك
الحقته له،
قال يا رب فاني قد جعلت له من عمري ستين سنة تمام المئة سنة، فقال الله عز وجل لجبرائيل وميكائيل وملك الموت اكتبوا عليه كتابا فإنه
سينسى فكتبوا عليه
كتابا وختموه
بأجنحتهم من طينة عليين فلما حضرته الوفاة أتاه ملك الموت، فقال آدم: قد بقي من عمري ستون سنة قال: فإنك قد جعلتها لابنك داود، قال
ونزل عليه جبرائيل
واخرج
الكتاب قال: فمن أجل ذلك إذا أخرج الصك على المديون ذل المديون فقبض روحه. وعن علي بن ابراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن معاوية ابن
عمار وجميل بن صالح عن
أبي عبد
الله عليه السلام قال: لما طاف آدم بالبيت وانتهى الى الملتزم قال جبرائيل يا آدم أقر لربك بذنوبك في هذا المكان، قال: فوقف آدم عليه
السلام فقال: يا رب إن
لكل عامل
أجرا وقد عملت فما أجري، فأوحى الله إليه يا آدم قد غفرت لك ذنبك، قال يا رب ولو لدي أو لذريتي فأوحى الله إليه يا آدم من جاء من ولدك
الى هذا المكان وأقر
بذنوبه وتاب
كما تبت ثم استغفر غفرت له. وعنه عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن بكير عن أبي عبد الله أو عن أبي جعفر عليهما السلام
قال: ان آدم قال يا رب
سلطت علي
الشيطان وأجريته مني مجرى الدم، فقال:
[ 12 ]
يا آدم جعلت لك أن من هم من ذريتك بسيئة لم تكتب عليه، فإن
عملها كتبت عليه،
ومن هم
بحسنة فان هو لم يعملها كتبت له حسنة، وان عملها كتبت له عشرا، قال يا رب زدني قال جعلت لك أن من عمل منهم سيئة ثم استغفر غفرت له، قال
يا رب زدني قال جعلت
لهم التوبة
أو بسطت لهم التوبة حتى تبلغ النفس هذه. قال يا رب حسبي. وروى علي بن ابراهيم في تفسيره عن أبى عبد الله عليه السلام قال: لما أعطى
الله ابليس ما أعطاه
من القوة
قال آدم يا رب قد سلطت إبليس على ولدي وأجريته مهم مجرى الدم في العروق وأعطيته ما أعطيت فما لي ولولدي، فقال لك ولولدك السيئة
بواحدة والحسنة بعشر
أمثالها،
قال يا رب زدني قال: التوبة مبسوطة حتى تبلغ النفس الحلقوم، قال يا رب زدني قال: أغفر ولا ابالي. وروى الشيخ الصدوق أبو جعفر محمد
بن علي بن الحسين ابن
بابويه في
المجالس وفي كتاب من لا يحضره الفقيه قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا سعد بن عبد الله وعبد الله ابن جعفر
الحميري، قال حدثنا سعد بن
محمد بن
عيسى عن الحسن بن محبوب عن مقاتل بن سليمان عن أبي عبد الله (ع) قال: قال رسول الله (ص) إن آدم سأل ربه أن يجعل له وصيا صالحا فأوحى
الله إليه أني اكرمت
الأنبياء
بالنوبة ثم اخترت خلقي فجعلت خيارهم الأوصياء، ثم أوحى الله إليه يا آدم أوص الى شيث فأوصى آة م الى ابنه شيث، وهو - هبة الله - الحدث
وهو
[ 13 ]
يشتمل على أسماء الأوصياء وترتيبهم من آدم الى الرسول، ومنه
الى المهدى عليهم
السلام.
ورواه أبو علي الحسن بن محمد الطوسي في مجالسه عن أبيه محمد بن الحسن الطوسي عن الحسين بن عبيد الله الغضايري عن أبي جعفر بن
بابويه بالاسناد. ورواه علي
بن محمد
الخراز في كتاب الكافية في النصوص على الائمة عليهم السلام بعدة أسانيد إلا أنه اقتصر على ذكر الأوصياء ولم يذكر الكلام القدسي. وفى كتاب
من لا يحضره الفقيه
وفي العلل
عن أبيه عن الحميري عن محمد بن عيسى بن عبيد والحسن بن ظريف وعلي بن اسماعيل ابن عيسى كلهم عن حماد عن حريز عن زرارة عن أبي عبد
الله (ع) وذكر حديثا
أذكر منه
موضع الحاجة قال: ان الله خلق آدم ثم ابتدع له حواء، فقال آدم يا رب ما هذا الخلق الحسن الذي آنسني قربه والنظر إليه، فقال يا آدم
هذه أمتي حواء افتحب أن
تكون معك
فتؤنسك وتحدثك وتكون تبعا لأمرك، فقال: نعم يا رب، ولك علي بذلك الحمد والشكر ما بقيت، فقال الله عز وجل: فاخطبها الي فانتها أمتي
وقد تصلح لك أيضا زوجة
للشهوة
وألقى عليه الشهوة، وقد علمه قبل ذلك المعرفة بكل شئ، فقال يا رب: فاني أخطها اليك فما رضاك لذلك، فقال عز وجل رضاي ان تعلمها معالم
ديني، فقال ذلك لك علي
يا رب إن
شئت ذلك، فقال عز وجل قد شئت ذلك وقد زوجتكها فضمها اليك. وفي كتاب العلل قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن شاذان بن
[ 14 ]
أحمد بن عثمان البروازي قال حدثنا أبو علي محمد بن محمد بن
الحرث بن سفيان بن
السمط
السمرقندي قال حدثنا صالح بن سعيد الترمذي قال حدثنا عبد المنعم بن ادريس عن أبيه عن وهب اليماني قال: لما اسجد الله الملائكة لآدم وأبى
ابليس أن يسجد قال الله
عز وجل
(اخرج منها فإنك رجيم وإن عليك لعنتي الى يوم الدين) ثم قال عز وجل: يا آدم انطلق الى هؤلاء الملائكة، فقل السلام عليكم ورحمة الله
وبركاته، فسلم عليهم،
فقالوا
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، فلما رجع الى ربه قال له تبارك وتعالى: هذه تحيتك وتحية ذريتك من بعدك فيما بينهم الى يوم القيامة.
وعن أبيه عن سعد عن
أحمد بن
محمد بن عيسى عن محمد ابن سنان عن نعمان الرازي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما اقضت نبوة آدم وانقطع أكله أوحى الله إليه أن
با آدم قد قضيت نبوتك
وانقطع أكلك
فانظر الى ما عندك من العلم والايمان وميراث النبوة وإثرة العلم والاسم الأعظم فاجعله في العقب من ذريتك عن هبة الله فاني لن أدع
الارض بغير علم تعرف به
طاعتي وديني
ويكون نجاة لمن أطاعه. وقد تقدم رواية هذا المعنى من طريق الكليني وأن البرقي رواه في المحاسن عن محمد بن سفيان عن نعمان الرازي
فكان في أحد السندين
تصحيفا. وفي
كتاب معاني الأخبار عن محمد بن علي ما جيلويه عن عمه محمد بن القاسم عن أحمد بن أبي عبد الله عن ابن ابي نصر
[ 15 ]
عن أبان عن عبد الرحمن بن سيابة عن أبي عبد الله عليه السلام
في حديث أن آدم
قال على باب
الكعبة فقال: اللهم أقلني عثرتي واغفر ذنبي وأعدني الى الدار التي أخرجتني منها، فقال الله تعالى قد أقلتك عثرتك وغفرت ذنبك
وسأعيدك الى الدار التي
اخرجتك
منها. وروى الشيخ الثقة الجليل أحمد بن أبي عبد الله البرقي في المحاسن عن محمد بن بكر عن زكريا بن محمد عن عامر بن معقل عن أبان بن
تغلب عن أبي عبد الله
عليه
السلام، قال ان آدم شكى الى ربه حديث النفس، فقال: أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله. وروى الشيخ العارف رجب الحافظ البرسي (ره) قال:
قال رسول الله (ص): قال
الله عز وجل
يا آدم إني أكرمت الأنبياء بالنبوة وجعلت لهم أوصياء وجعلتهم خير خلقي فاوص الى ابنك شيث الحديث. أقول وسيأتي من هذا الباب الأحاديث
التي وردت في شأن
الأئمة (ع)
في بابها انشاء الله تعالى.
الباب الثاني
فيما ورد في شأن نبي الله نوح عليه السلام
[ 16 ]
الباب الثاني فيما ورد في شأن نوح عليه السلام محمد بن علي بن
الحسين بن بابويه
في كتاب
كمال الدين وتمام النعمة، قال حدثنا محمد بن علي بن حاتم البرمكي قال حدثنا أبو العباس أحمد بن عيسى الشا البغدادي، قال حدثنا أحمد بن
طاهر القمي قال حدثنا
محمد بن
يحيى بن سهل الشيباني قال حدثنا علي بن الحارث عن سعد بن منصور الجواشني، قال أخبرنا أحمد بن علي البديلي قال أخبرني أبي عن سدير
الصيرفي عن أبي عبد الله
(ع)، وذكر
حديثا طويلا في الااخبار عن المهدي وغيبته وما يتضمن الجفر من ذكره وأن فيه شبها من جماعة الأنبياء عليهم السلام كابطاء نوح وغير ذلك
يقول فيه أبو عبد
الله (ع):
وأما إبطاء نوح فإنه لما استنزل العقوبة على قومه من السماء بعث الله عز وجل إليه الروح الأمين جبرائيل عليه السلام، ومعه سبع نوايات
فقال يا نبي الله إن
الله تبارك
وتعالى يقول لك: هؤلاء خلائقي وعبادي ولست أبيدهم بصاعقد من صواعقي إلا بعد تأكيد الدعوة والزام الحجة، فعاود اجتهادك في الدعوة
لقومك فاني مثيبك عليه،
واغرس هذا
النوى، فا ن لك في نباتها وبلوغها وادراكها إذا أثمرت الفرج والخلاص فبشر بذلك من معك من المؤمنين، فلما نبتت الاشجار وتأزرت وتشرفت
وزهى الثمر عليها بعد
زمان طويل
استنجز من الله العدة فأمره أن يغرس من نوى
[ 17 ]
تلك الأشجار ويعاود الصبر والاجتهاد ويؤكد الحجة على قومه
وأخبر به الطوائف
التي آمنت
به فارتد منهم ثلاث مئة رجل، وقالوا: لو كان ما يقوله نوح حقا لما وقع في وعد ربه خلف، ثم أنه لم يزل يأمره كل مرة أن يغرس تارة بعد
أخرى الى أن غرسها سبع
مرات، فما
زالت تلك الطوائف من المؤمنين يرتد منهم طائفة بعد أخرى الى أن عادوا الى نيف وسبعين رجلا فأوحى الله - عز وجل - إليه وقال يا نوح:
الآن أسفر الصبح عن الليل
لعينك وصرح الحق
عن محضه، وصفا الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة فلو أني أهلكت الكفار وأبقيت من ارتد من الطوائف التي قد كانت آمنت بك لما
كنت صدقت وعدي السابق
للمؤمنين
الذين اخلصوا التوحيد من قومك واعتصموا بفضل نبوتك بأن استخلفهم في الارض وأمكن لهم دينهم وأبدل خوفهم بالأمن لكي تخلص العبادة لي
بذهاب الشرك من قلوبهم،
فكيف يمكن
الاستخلاف والتمكين وبذل الأمن لهم مع ما كنت أعلم من ضعف يقين الذين ارتدوا، وخبث طويتهم وسوء سرائرهم التي كانت نتائج النفاق
وسنوخ الضلالة فلو أنهم
يئسوا من
الملك الذي أوتي المؤمنين وقت الاستخلاف إذا هلكت أعداؤهم ووايح صفائه لاستحكمت مرائر نفاقهم، وتأيدت حبال ضلالة قلوبهم، ولكاشفوا
إخوانهم بالعداوة،
وحاربواهم
على طلب الرياسة،
[ 18 ]
والتفرد بالأمر والنهي، وكيف يكون التمكين في الدين وانتشار
الأمن في المؤمنين
مع إثارة
الفتن وايقاع الحروب كلا (فاصنع الفلك بأعيننا ووحينا). وفي المجالس عن أبيه عن سعد عن البرقي عن محمد بن علي الكوفى عن الحسن بن أبي
العقبة الصيرفي عن
الحسين بن
خالد الصيرفي عن الرضا (ع) في حديث، قال: إن نوحا لما ركب السفينة أوحى الله عز وجل إليه أن يا نوح ان خفت الغرق فهللني ألفا ثم سلني
النجاة أنجك من الغرق
ومن آمن
معك. وفي كتاب العلل قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن شاذان بن أحمد بن عثمان البروازي، قال حدثنا أبو علي بن محمد بن محمد ابن
الحارث بن سفيان الحافظ
السمرقندي
قال حدثنا صالح بن سعيد الترمذي عن عبد المنعم بن أدريس عن أبيه عن وهب بن منبه قال لما هبط نوح من السفينة أوحى الله عز وجل إليه يا
نوح اني خلقت خلقي
لعبادتي
وأمرتهم بطاعتي، فقد عصوني وعبدوا غيري واستوجبوا بذلك غضبي فغرقتهم واني قد جعلت قوسي أمانا لعبادي وبلادي وموثقا مني بيني وبين خلقي
يأمنون به الى يوم
القيامة من
الغرق، ومن أوفى بعده مني ففرح نوح بذلك وكان القوس فيها سهم ووتر فنزع الله السهم والوتر منها وجعلها أمانا لعباده وبلاده من الغرق.
[ 19 ]
أقول المراد بالقوس قوس قزح. أحمد بن محمد بن خالد البرقي في
المحاسن عن عثمان
بن عيسى عن
فرات بن أحنف قال قال أبو عبد الله عليه السلام: إن نوحا شكى الى الله الغم فأوحى الله إليه أن كل العنب فانه يذهب الغم. محمد بن
يعقوب عن عدة من اصحابنا
عن أحمد بن
محمد بن خالد عن القاسم الزيات عن أبان بن عثمان عن موسى بن العلاء عن أبي عبد الله (ع)، قال لما حسر الماء عن عظام الموتى فرأى ذلك
نوح (ع) جزع جزعا
شديدا واغتم
لذلك فأوحى الله عز وجل إليه هذا عملك بنفسك أنت دعوت عليهم، قال يا رب فاني استغفرك وأتوب اليك فأوحى الله تعالى إليه أن كل العنب
الأسود ليذهب بغمك.
ورواه
البرقي في المحاسن باسناده المذكور عنه. وعن محمد بن أبي عبد الله عن محمد بن الحسين عن محمد ابن سنان عن اسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن
عمرو وعبد الحميد ابن
أبي الديلم
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: عاش نوح الفين وخمسمائة سنة ثم أتاه جبرائيل (ع) فقال: يا نوح قد قضيت نبوتك واستكملت أيامك فانظر
الاسم الأكبر وميراث
العلم وآثار
علم النبوة التي معك فادفعها الى ابنك سام فاني لا أترك
[ 20 ]
الارض إلا وفيها عالم تعرف به طاعتي ويعرف به هواي ويكون نجاة
فيما بين مقبض
النبي ومبعث
النبي الآخر ولم أترك الناس بغير حجة لي وداع الي وهاد الى سبيلي وعارف بأمري فاني قد قضيت أن أجعل لكل قوما هاديا أهدي به السعداء
ويكون حجة لي على
الأشقياء
الحديث. وعن علي بن ابراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن محمد ابن الفضل عن أبي حمزة عن أبي جعفر (ع) في حديث قال: إن نوحا (ع) لما
انقضت نوبته واستكمل
أيامه أوحى
الله إليه: يا نوح قد قضيت نبوتك واستكملت أيامك فاجعل العلم الذي عندك والإيمان والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة في
العقب من ذريتك، فاني لن
أقطعها كما
لم أقطعها من بيوتات الأنبياء الذين كانوا بينك وبين آدم، ولن أدع الأرض إلا وفيها عالم يعرف به ديني وتعرف به طاعتي ويكون نجاة لمن
يولد فيما بين قبض
النبي الى
خروج النبي الآخر قال وبشر نوح ساما بهود (ع).
|