الجواهر السنية

 

 

الباب الثالث

فيما ورد في شأن نبي الله إبراهيم عليه السلام

الباب الثالث فيما ورد في شأن ابراهيم عليه السلام روى الشيخ أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في كتاب الاحتجاج، قال حدثني السيد العالم العابد أبو جعفر مهدي بن أبي حرب الحسيني المرعشي، قال حدثني الشيخ الصدوق أبو


[ 21 ]

عبد الله جعفر بن محمد الدويستي، قال حدثني أبو محمد بن أحمد، قال: حدثني الشيخ السعيد أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، قال: حدثني أبو الحسن محمد بن القاسم المفسر، قال: حدثني أبو أيوب يوسف بن محمد بن زياد وأبو الحسن علي بن محمد بن سيار عن أبويهما، وكانا من الشيعة الامامية، قال: حدثنا مولانا الامام أبو محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام عن أبيه عن آبائه عن رسول الله (ص)، قال في جملة كلام طويل مع أبي جهل: يا أبا جهل أما علمت قصة ابراهيم الخليل لما رفع في الملكوت قوى الله بصره لما رفعه دون السماء حتى أبصر الأرض ومن عليها ظاهرين ومستترين، فرأى رجلا وامرأة على فاحشة، فدعى عليهما فهلكا، ثم رأى آخرين فدعى عليهما فهلكا ثم رأى آخرين فدعا عليهما فهلكا، فأوحى الله إليه يا ابراهيم فهلكا ثم رأى آخرين فدعا عليهما فهلكا، فأوحى أنا الله الغفور الرحيم لا تضرني ذنوب عبادي كما لا تنفعني طاعتهم، ولست أسوسهم بشفاء الغيظ كسياستك فاكفف دعوتك عن عبيدي وامالي، فأنما أنت عبد نذير لا شريك في المملكة ولا مهيمن علي ولا على عبادي، وعبادي بين خلال ثلاث: اما تابوا إلي - فتبت عليهم وغفرت ذنوبهم وسترت عيوبهم أو كففت عنهم عذابي لعلمي بأنها سيخرج من أصلابهم ذريات مؤمنون فأرفق بالآباء الكافرين وأتأنى بالامهات الكافرات، وأرفع عنهم عذابي ليخرج ذلك


[ 22 ]

المؤمن من أصلابهم، فإذا تزايلوا حل - بهم عذابي وحاق بهم بلائي وان لم يكن هذا ولا هذا، فإن الذي أعددته له من عذابي أعظم مما تريده به، فان عذابي لعبادي على حسب جلالي وكبريائي يا ابراهيم فخل - بيني وبين عبادي فاني أرحم بهم منك، وخل بيني وبين عبادي فاني أنا الله الجبار العلام الحكيم ادبرهم بعلمي وانفذ فيهم قضائي وقدري. محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى وعن علي بن ابراهيم عن أبيه جميعا عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب الخراز عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع)، قال: لما رأى ابراهيم ملكوت السموات والأرض التفت فرأى رجلا يزني فدعى عليه فمات ثم رأى آخر فدعى عليه فمات حتى رأى ثلاثة فدعى عليهم فماتوا، فأوحى الله تعالى إليه يا ابراهيم إن دعوتك مجابة فلا تدع على عبادي فاني لو شئت لم أخلقهم إني خلقت خلقي على ثلاثة أصناف: عبدا يعبدوني لا يشرك بي شيئا، فأثيبه، وعبدا يعبد غيري فان يفوتني، وعبدا يعبد غيري فأخرج من صلبه من يعبدني. ورواه الصدوق في العلل عن محمد بن الحسن بن الوليد عن الصفار عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير مثله. وعن علي عن أبيه وعن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعا عن الحسن بن محبوب عن ابراهيم بن أبي زياد الكرخي عن أبي عبد الله (ع) في حديث يذكر فيه قصة ابراهيم وأنه لما خرج


[ 23 ]

سائرا بجميع ما معه خرج الملك القبطي يمشي خلف ابراهيم اعظاما له، وهيبة فأوحى الله تعالى الى ابراهيم أن قف، ولا تمش قدام الجبار المتسلط ويمشي هو خلفك، ولكن اجعله أمامك وامش خلفه وعظمه وارهبه فانه مسلط، ولا بد من أمرة في الأرض برة أو فاجرة. وعن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن أبان الأحمر عن محمد الواسطي قال: قال أبو عبد الله (ع): إن ابراهيم (ع) شكى الى الله ما يلقى من سوء خلق سارة فأوحى الله تعالى إليه: إنما مثل المرأة مثل الضلع المعوج إن أقمته كسرته وإن تركته استمتعت به اصبر عليها. وعن علي بن ابراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله (ع) أن أمير المؤمنين (ع) قال: أول من شاب ابراهيم فقال: يا رب ما هذا، قال: نور وتوقير، قال: يا رب زدني منه. وعنه عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله (ع) قال: كان الناس لا يشيبون فأبصر ابراهيم شيبا في لحيته فقال: يا رب ما هذا قال: هذا وقار قال: رب زدني وقارا. محمد بن علي بن بابويه في كتاب العلل عن أبيه عن سعد عن أيوب بن نوح عن ابن أبي عمير مثله. وفي المجالس قال: حدثنا علي بن أحمد الدقاق، قال: حدثنا محمد بن هارون الصوفي قال: حدثنا عبد الله بن موسى الطبري، قال: حدثنا محمد بن الحسين الخشاب، قال: حدثنا


[ 24 ]

محمد بن محسن عن يونس بن ظبيان عن الصادق (ع) عن أبيه عن علي بن الحسين عن أبيه عن أمير المؤمنين (ع) قال لما أراد الله قبض روح ابراهيم (ع) بعث إليه ملك الموت فسلم فرد عليه السلام، ثم قال له أزاير أنت أم داع، فقال بل داع فاجب، فقال: هل رأيت خليلا يميت خليلا فرجع حتى وقف بين يدي الله، فقال الهي قد سمعت ما قال خليلك ابراهيم فقال الله عز وجل يا ملك الموت اذهب إليه وقل له هل رأيت حبيبا يكره لقاء حبيبه إن الحبيب يحب لقاء حبيبه. وعن أبيه عن سعد عن البرقي عن محمد بن علي الكوفي عن الحسن بن أبي العقبة عن الحسين بن خالد عن الرضا (ع) قال: ان ابراهيم لما وضع في كفة المنجنيق غضب جبرائيل فأوحى الله إليه ما يغضبك يا جبرائيل قال: يا رب خليلك ليس من يعبدك على وجه الأرض غيره سلطت عليه عدوك وعدوه فأوحى الله إليه اسكت انما يعجل العبد الذي يخاف الفوت مثلك، فأما أنا فاني آخذه إذا شئت فاهبط الله خاتما فيه ستة أحرف لا اله الا الله محمد رسول الله لا حول ولا قوة الا بالله فوضت أمري الى الله اسندت ظهري الى الله حسبي الله، فأوحى الله إليه أن تختم بهذا الخاتم، فأني أجعل النار عليك بردا وسلاما.. الحديث. وفي كتاب معاني الأخبار عن علي بن عبد الله الاسواري عن أحمد بن محمد بن قيس السخري عن عمرو بن حفص عن عبد الله ابن محمد بن أسد عن الحسين بن ابراهيم بن أبي يعلى عن يحيى


[ 25 ]

ابن سعيد البصري عن ابن جريح عن عطاء بن عبيد بن عمير الليثي عن أبي ذر (رحمه الله) في حديث طويل عن رسول الله (ص) قال: قلت: يا رسول الله كم أنزل الله تعالى من كتاب، قال: مئة كتاب وأربعة كتب: أنزل الله تعالى على شيث خمسين صحيفة وعلى ادريس ثلاثين صحيفة وعلى ابراهيم عشرين صحيفة، وأنزل التوراة والانجيل والزبور والفرقان، قلت يا رسول الله: فما كانت صحف ابراهيم، قال كانت أمثالا كلها: أيها الملك المغرور المبتلى (1) اني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض، ولكن بعثتك لترد عني دعوة المظلوم، فان لا أردها وان كانت من كافر، وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا أن يكون له ساعات: ساعة يناجي فيها ربه تعالى، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يتفكر فيها صنع الله، وساعة يخلو فيها بحض نفسه من الحلال، فان هذه الساعة عون لتلك الساعات، واستجمام للقلوب، وتفريغ لها، وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه مقبلا على شأنه حافضا للسانه فانه من حسب كلامه من عمله قل كلامه الا فيما يعنيه، وعلى العاقل أن يكون طالبا لثلاث: مرمة لمعاش، وتزود للمعاد، ولذة في غير محرم... الحديث. وفي كتاب العلل عن أبيه عن سعد عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن أبان بن عثمان عن محمد الواسطي عن أبي عبد الله عليه السلام، قال أوحى الله الى ابراهيم أن الأرض قد شكت الي -


(1) وفي بعض النسخ (أيها المبتلى المغرور).


[ 26 ]

الحياء من رؤية عورتك فاجعل بينك وبينها حجابا فجعل شيئا هو أكبر من الثياب ودون السراويل فلبسه فكان الى وركيه. وروى الشهيد الثاني في كتاب مسكن الفؤاد ان ابراهيم سأل ربه، فقال: يار ب ما جزاء من يبل الدمع وجهه من خشيتك قال صلواتي ورضواني، قال: فما جزاء من يصبر الحزنى ابتغاء وجهك، قال: أكسوه ثيابا من الايمان يكسب بها الجنة ويتقي بها النار، قال: فما جزاء من سدد الأرملة ابتغاء وجهك، قال اقيمة في ظلي وأدخله جنتي، قال: فما جزاء من تبع الجنازة ابتغاء وجهك، قال تصلي ملائكتي على جسده وتشفع روحه. وروى الشيخ الجليل علي بن الحسين المسعودي في كتاب أخبار الزمان: أن الله أوحى الى ابراهيم (ع) انك لما سلمت مالك للضيفان وولدك للقربان ونفسك للنيران وقلبك للرحمن اتخذناك خليلا.

 

 

 

الصفحة السابقةالفهرسالصفحة اللاحقة

 

طباعة الصفحةبحث