الجواهر السنية

 

 

 

الباب الثامن

فيما ورد في شأن نبي الله داوود عليه السلام

[ 81 ]

الباب الثامن فيما ورد في شأن داود عليه السلام محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن مفضل عن أبي جعفر عليه السلام، قال: أوحى الله الى داود: ما أعتصم بي أحد من عبادي دون أحد من خلقي عرفت ذلك من نيته ثم تكيده السموات والارض ومن فيهن إلا جعلت له المخرج مما بينهن، ومن أعتصم أحد من عبادي بأحد من خلقي عرفت ذلك من نيته الا قطعت له أسباب السموات من يديه وأسخت الارض من تحته، ولم أبال بأي واد هلك وعن علي بن ابراهيم عن ابيه عن ال قاسم عن المنقري عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أوحى الله تعالى الى داود عليه السلام: لا تجعل بيني وبينك عالما مفتونا بالدنيا فيصدك عن طريق محبتي، فان أولئك قطاع طريق عبادي المؤمنين، ان أدنى ما أنا صانع بهم أن أنزع حلاوة مناجاتي من قلوبهم. ورواه ابن بابويه في العلل من عن محمد بن الحسن بن الوليد عن الصفار عن علي بن محمد القاشاني عن القاسم بن محمد الاصفهاني عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث مثله. وعن علي بن ابراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال الله تعالى

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

[ 82 ]

لداود: يا داود بشر المذنبين وأنذر الصديقين، قال: كيف أبشر المذنبين وأنذر الصديقين ؟ قال: بشر المذنبين أني أقبل التوبة وأعفو عن الذنب، وأنذر الصديقين أن لا يعجبوا بأعمالهم، فانه ليس من عبد أنصبته للحساب إلا هلك. ورواه الشهيد الثاني في أسرار الصلاة مرسلا إلا أنه قال في آخره: فانه ليس من عبد يعجب بالحسنات الا هلك. وعن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن عبد الله بن القاسم عن عمرو بن أبي المقدام عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: أوحى الله الى داود: يا داود كما أن أقرب الناس الى الله المتواضعون كذلك أبعد الناس من الله المتكبرون. وعن علي بن ابراهيم عن ابيه عن ابن محبوب عن عبد الله ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أوحى الله تعالى الى داود عليه السلام: ان العبد من عبادي ليأتيني بالحسنة فأبيحه جنتي. قال داود: يا رب وما تلك الحسنة ؟ قال: يدخل على عبدي المؤمن سرورا ولو بتمرة، قال داود: يا رب حق لمن عرفك أن لا يقطع رجاه منك. ورواه الصدوق في المجالس وفي ثواب الاعمال بسند واحد عن أبيه عن سعد عن الهيثم بن أبي مسروق عن ابن محبوب مثله. وعن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة ابن أيوب عن أبان بن عثمان عمن أخبره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ان داود عليه السلام قال: يا رب أرني

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

[ 83 ]

الحق كما هو عندك حتى أقضي به. فقال: إنك لا تطيق ذلك، فألح على ربه حتى فعل، فجاءه رجل يستعدي على رجل، فقال: ان هذا أخذ مالي. فأوحى الله الى داود: أن هذا المستعدي قتل أبا هذا، فأمر داود بالمستعدي، فقتل وأخذ ماله، فدفعه الى المستعدى عليه. قال: فعجب الناس وتحدثوا حتى بلغ داود فدعى ربه أن يرفع ذلك، ففعل ثم أوحى الله تعالى إليه: أن احكم بينهم بالبينات وأظفهم الى اسمي يحلفون به. وعن علي بن ابراهيم عن أبيه عن علي بن اسباط عن أبي اسحاق الخراساني عن بعض رجاله، قال: ان الله تعالى أوحى الى داود عليه السلام: اني قد غفرت ذنبك وجعلت عار ذنبك علي بني اسرائيل، قال: كيف ذلك يا رب وأنت لا تظلم ؟ قال: انهم لم يعاجلوك بالنكرة. أقول: يجب تأويل هذا الحديث بحمل الذنب على خلاف الاولى، لقطعية الدلائل على عصمة الانبياء، ولعل الانكار على داود كان مطلوبا من أنبياء بني اسرائيل الذين كانوا في عهده، ولم يكن على وجه الوجوب، تنزيها للانبياء عليهم السلام عن ترك الواجب وفعل المحرم، بل ذنوبهم انما هي ترك الاولى، ومن هنا قيل (حسنات الابرار سيئات المقربين). قال بعض الاصحاب: ان الانبياء والائمة عليهم السلام لما كانت أوقاتهم مستغرقة بملاحظة جناب الله والانقياد إليه، وقلوبهم مشغولة ابدا بطاعته والجد في عبادته، كانوا إذا اشتغلوا عن

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

[ 84 ]

ذلك بأدنى غرض من المباحات وقضاء الشهوات من أكل وشرب ونكاح عدوه ذنبا واستغفروا منه حملا على فعل العبد شيئا من ذلك بحضرة سيده معرضا عنه، فانه معدود في الشاهد من قلة الادب، بل من الذنوب، وكلما أوهم وقوع دنب من أهل العصمة محمول على هذا المعنى والله أعلم. وعلى ابي علي الاشعري عن الحسن بن علي الكوفي عن علي بن مهزيار عن عثمان بن عيسى عن ابن مسكان عمن رواه عن أبي عبد الله عليه السلام: ان داود لما وقف بعرفات نظر الى الناس وكثرتهم فصعد الجبل وأقبل يدعو، فلما قضى نسكه أتاه جبرائيل فقال له: يا داود يقول لك ربك لم صعدت الجبل ظننت أنه يخفى علي - صوت من صوت ؟ ثم مضى به الى جدة فرسب به في البحر مسيرة أربعين صباحا في البر، فإذا صخرة فلقها، فإذا فيها دودة، فقال له: يا داود يقول لك ربك: أنا أسمع صوت هذه الدودة في بطن الصخرة في قعر هذا البحر، فظننت أنه يخفى علي صوت من صوت ؟. وعن علي بن ابراهيم عن أبيه عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعا عن ابن محبوب عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان داود سأل ربه أنى ريه قضية من قضايا الآخرة، فأوحى الله إليه: يا داود ان الذي سألتني لم أطلع عليه أحدا من خلقي ولا ينبغي أن يقضي به أحد غيري. قال: فلم يمنعه أن عاد فسأل ذلك ثلاث مرات، فأتاه جبرائيل فقال: يا

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

[ 85 ]

داود لقد سألت ربك شيئا لم يسأله أحد من خلقه، ولا ينبغي أن يقضي به أحد غيره، قد أجاب الله دعوتك وأعطاك ما سألت. يا داود ان اول خصمين يردان عليك غدا القضية فيهما من قضايا الآخرة، فلما أصبح داود جلس في مجلس القضاء أتاه شيخ متعلق بشاب وفي يد الشاب عنقود من عنب، فقال الشيخ: يا نبي الله ان هذا دخل بستاني، وخرب كرمي، وهذا العنقود أخذه بغير أذني، فقال داود للشاب: ما تقول ؟ فأقر الشاب أنه فعل ذلك، فأوحى الله الى داود: يا داود اني كشفت لك قضيت من قضايا الآخرة فقضيت بها بين الشيخ والغلام لم يحتملها قلبك ولم يرض بها قومك. يا داود هذا الشيخ اقتحم على أبي هذا الغلام في بستانه فقتله وأغتصب بستانه وأخذ منه أربعين ألف درهم فدفنها في جانب بستانه فادفع الى الشاب سيفا ومره أن يضرب عنق الشيخ، وادفع إليه البستان ومره أن يحفر في موضع كذا وكذا فيأخذ ماله. قال: ففزع داود وجمع إليه علماء أصحابه وأخبرهم بالخبر وأمضى القضية على ما أوحى الله عز وجل إليه. وعن محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن ابراهيم بن ابي البلاد عن سعد الاسكاف، قال: لا أعلمه الا عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان في بني اسرائيل عابد فأعجب به داود عليه السلام، فأوحى الله إليه: لا يعجبك شئ من أمره فانه مرائي، فمات الرجل، فقال داود: ادفنوا صاحبكم ولم يحضره، فلما غسل قام خمسون رجلا فشهدوا

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

[ 86 ]

بالله ما يعلمون الا خيرا، فلما صلو عليه قام خمسون آخرون فشهدوا بذلك أيضا فلما دفنوه قام خمسون آخرون فشهدوا بذلك ايضا، قال: فأوحى الله تعالى الى داود عليه السلام: ما منعك أن تشهد فلانا ؟ فقال داود: يا رب للذي أطلعتني عليه من أمره. فأوحى الله تعالى: ان كان ذلك لك ولكنه قد شهد قوم من الاحبار والرهبان ما يعلمون الا خيرا فأجزت شهادتهم عليهم وغفرت له علمي فيه. وعن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن بكر بن صالح عن محمد بن سليمان عن عيثم بن أسلم عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام: ان الله تعالى أوحى الى داود عليه السلام: أن اتخذ وصيا من أهلك فانه قد سبق في علمي أن لا أبعث نبيا إلا وله وصي من أهله، وكان لداود أولادا وعدة، فأوحى الله إليه: يا داود لا تعجل حتى يأتيك أمري، فلم يلبث داود أن ورد عليه خصمان يختصمان في الغنم والكرم، فأوحى الله الى داود عليه السلام: اجمع ولدك فمن قضى منهم بهذه القضية، فهو وصيك من بعدك. ثم ذكر أن سليمان قضى بها واورد قضيته قال: فأوحى الله الى داود عليه السلام يا داود ان القضاء في هذه القضية ما قضى به سليمان، يا داود اردت امرا وأردنا غيره الحديث. وعن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن سيف عن بعض أصحابه عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال: قلت له ان الناس يقولون في حداثة سنك. فقال ان الله تعالى أوحى الى

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

[ 87 ]

داود عليه السلام أن يستخلف سليمان وهو صبي يرعى الغنم، فانكر ذلك عباد بني اسرائيل وعلماؤهم، فأوحى الله الى داود عليه السلام: أن خذ عصى المتكلمين وعصى سليمان واجعلها في بيت واختم عليها بخواتيم القوم، وإذا كان من الغد فمن كانت عصاه قد أورقت واثمرت فهو الخليفة، فأخبرهم داود عليه السلام فقالوا: قد رضينا وسلمنا. احمد بن فهد في عدة الداعي قال: ان فيما أوحى الله الى داود: من انقطع الي كفيته ومن سألني أعطيته ومن دعاني أجبته وانما أؤخر دعوته وهي معلقة، وقد استجبتها له حتى يتم قضائي فإذا تم قضائي أنقذت ما سأل، قل للمظلوم انا أؤخر دعوتك وقد استجبتها على من ظلمك لضروب كثيرة غابت عنك وأنا أحكم الحاكين، إما أن تكون ظلمت أحدا فدعا عليك فتكون هذه بهذه لا لك ولا عليك، وما أن تكون لك درجة في الجنة لا تبلغها عندي إلا بظلمه لك، لاني لم أختبر عبادي في أموالهم وأنفسهم، وربما أمرضت العبد فقلت صلاته وخدمته، ولصوته إذا دعاني في كربته أحب الي من صلوات المصلين، وربما صلى العبد فأضرب بها وجهه واحجب عني صوته، أتدري من ذلك ؟ يا داود ذاك الذي يكثر الالتفات الى حرم المؤمنين بعين الفسق، وذاك الذي يحدث نفسه أن لو ولي أمرا لضرب فيه الرقاب ظلما. يا داود نح على خطيئتك كالمرأة الثكلى على ولدها، لو رأيت الذين يأكلون الناس بألسنتهم وقد بسطتها بسط الاديم

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

[ 88 ]

وضربت نواحي ألسنتهم بمقامع من نار، ثم سلطت عليهم موبخا لهم يقول: يا اهل النار هذا فلان السليط فأعرفوه، كم من ركعة طويلة فيها بكاء بخشية قد صلاها صاحبها لا تساوي عندي فتيلا حيث نظرت في قلبه فوجدته ان سلم من الصلاة وبرزت له امرأة جميلة عرضت عليه نفسها أجابها وان عامله مؤمن خاتله. قال: وأوحى الله الى داود ان أدنى ما أنا صانع بعبد غير عامل بعلمه من سبعين عقوبة باطنية أن أنزع من قلبه حلاوة ذكري. قال: وفيما أوحى الى داود: يا داود اني وضعت خمسة في خمسة، والناس يطلبونها في خمسة غيرها، فلا يجدونها: وضعت العلم في الجوع والجهد، وهم يطلبونه في الشبع والراحة فلا يجدونه ووضعت العز في طاعتي وهم يطلبونه في خدمة السلطان فلا يجدونه، ووضعت الغني في القناعة، وهم يطلبونه في كثرة المال فلا يجدونه ووضعت رضائي في سخط الناس وهم يطلبونه في رضا النفس، فلا يجدونه، ووضعت الراحة في الجنة وهم يطلبونه في الدنيا، فلا يجدونه. قال وفى زبور داود: يا بن آدم تسألني فأمنعك لعلمي بما ينفعك، ثم تلح علي بالمسألة فأعطيك ما سألت فتسعين به على معصيتي، فأهم بهتك سترك، فتدعوني فأستر عليك، فكم من جميل أصنع معك وكم من قبيح تصنع معي ؟ يوشك أن أغصب عليك غضبة لا أرضى بعدها أبدا. قال: وأوحى الله الى داود: يا داود اشكرني فقال كيف

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

[ 89 ]

اشكرك والشكر من نعمتك تستحق عليه شكرا ؟ قال: يا داود: رضيت بهذا الاعتراف منك شكرا. قال: وروى الحسن بن أبي الحسن الديلمي في كتابه عن وهب بن منبه قال: أوحى الله الى داود: يا داود من أحب حبيبا صدق قوله، ومن رضي بحبيب رضي فعله، ومن وثق بحبيب اعتمد عليه، ومن اشتاق الى حبيب جد في السير إليه. يا داود ذكري للذاكرين، وجنتي للمطيعين، وحبي للمشتاقين، وأنا خاصة المحبين. قال: وعن ابي حمزة قال: أوحى الله الى داود: يا داود انه ليس عبد من عبادي يطيعني الا أعطيته قبل أن يسألني واستجبت له قبل أن يدعوني. قال: وعن أبي جعفر عليه السلام قال: ان الله أوحى الى داود: بلغ قومك انه ليس من عبد منهم آمره بطاعتي فيطيعني الا كان حقا علي أن أطيعه وأعينه على طاعتي، وان سألني أعطيته وان دعاني أجبته، وان اعتصم بي عصمته وان استكفاني كفيته، وان توكل علي حفظته من وراء عوراته، وان كاده جميع خلقي كنت دونه. وروى ابن فهد في كتاب التحصين في صفات العارفين، قال: أوحى الله الى داود عليه السلام: يا داود: احذر وانذر أصحابك من كل الشهوات، فان القلوب المتعلقة بشهوات الدنيا عقولها

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

[ 90 ]

محجوبة عني. وروى أبو علي الحسن الطوسي في مجالسه عن ولده الشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي عن المفيد محمد بن محمد بن النعمان قال: أخبرنا أبو الطيب الحسين بن محمد التمار قال: حدثني محمد بن القاسم الانباري قال: حدثني أبي عن الحسن بن سليمان الزاهدي قال: سمعت أبا جعفر الطائي الواعظ يقول: سمعت وهب بن منبه يقول: قرأت في زبور داود أسطرا منها ما حفظت ومنها ما نسيت، فمما حفظت قوله: (يا داود اسمع مني ما أقول والحق أقول: من أتاني مستحييا من المعاصي التي عصاني بها غفرتها له وانسيتها حافظيه، يا داود: اسمع مني ما اقول والحق أقول من أتاني بحسنة واحدة أدخلته الجنة، قال داود: يا رب وما هذه الحسنة ؟ قال: من فرج عن عبد مسلم، قال: داود الهي فلذلك ينبغي لمن عرفك ان لا يقطع رجاءه منك). وعن والده عن المفيد، قال: حدثنا الشريف الصالح أبو محمد الحسن بن حمزة العلوي قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن زياد عن زياد القندي قال: حدثني جعفر بن محمد عن أبيه عليه السلام قال: في حكمة آل داود: يا ابن آدم كيف تتكلم بالهدى وأنت لا تفيق من الردى يا بن آدم أصبح قلبك قاسيا وأنت لعظمة الله ناسيا فلو كنت بالله عالما وبعظمته عارفا لم تزل منه خائفا ولو عده

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

[ 91 ]

راجيا، ويحك كيف لا تذكر لحدك وانفرادك فيه وحدك ؟ ! !. أقول: هذا يترجح كونه من كلام الله بقرينه ما سيأتي في آخر الباب من رواية الكراجكي. وعن والده قال: أخبرنا جماعة عن ابي المفضل قال: حدثنا أبو العباس احمد بن محمد بن سعيد الثقفي الخطيب، قال: حدثنا محمد بن سلمة الاموي بهيت، قال: حدثني أحمد بن القاسم الاموي عن أبيه عن جعفر بن محمد عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: أوحى الله الى داود: يا داود ان العبد ليأتيني بالحسنة يوم القيامة فأحكمه بها في الجنة. قال داود: يا رب وما هذا العبد الذي يأتيك بالحسنة يوم القيامة فتحكمه بها في الجنة قال عبد مؤمن سعى في حاجة أخيه السملم أحب قضائها قضيت أو لم تقض. محمد بن علي بن الحسين بن بابويه في ثواب الاعمال قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثني محمد بن جعفر، قال: حدثني محمد بن موسى بن عمران النخعي، قال: حدثني الحسين بن يزيد عن علي بن ابي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سمعته يقول: أوحى الله الى داود يا داود ان عبدي المؤمن إذا أذنب ذنبا ثم تاب من ذلك الذنب واستحيى مني عند ذكره غفرت له وأنسيته الحفظة وأبدلته حسنة، ولا أبالي وأنا أرحم الراحمين. وفي كتاب التوحيد قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان،

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

[ 92 ]

قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال: حدثنا علي ابن الحسن بن فضال عن أبيه عن مروان بن مسلم عن ثاب بن ابي صفية عن سعد الخفاف عن الاصبغ بن نباتة، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: أوحى الله الى داود: يا داود تريد وأريد ولا يكون الا ما اريد، فان سلمت لما اريد اعطيتك ما تريد وان لم تسلم لما اريد اتعبتك فيما تريد ولا يكون الا ما اريد. وفي المجالس قال: حدثنا علي بن أحمد الدقاق قال: حدثنا محمد بن ابراهيم الصوفي قال: حدثنا عبد الله بن موسى الحبال الطبري قال: حدثنا محمد بن الحسين الخشاب قال: حدثنا محمد ابن محسن عن يونس بن ظبيان عن الصادق عليه السلام قال: ان الله اوحى الى داود عليه السلام يا داود مالي اراك وحدانا ؟ قال: هجرت الناس وهجروني فيك. قال: فما لي أراك ساكنا ؟ قال: خشيتك اسكنتني. قال: فما لي أراك نصيبا ؟ قال: حبك أنصبني قال فمالي أراك فقيرا وقد أفدتك ؟ قال: القيام بحقك أفقرني. قال: فمالي أراك متذللا ؟ قال: عظيم جلالك الذي لا يوصف ذللني وحق ذلك لك يا سيدي. قال: الله تعالى فابشر بالفضل مني فلك ما تحب يوم تلقاني خالط الناس وخالقهم بأخلاقهم وزايلهم في أعمالهم تنل مني ما تريد يوم القيامة. قال: وقال الصادق عليه السلام: أوحى الله الى داود: يا داود بي فافرح وبذكري فتلذذ وبمناجاتي فتنعم، فعن قليل اخلي الدار من الفاسقين واجعل لعنتي على الظالمين. وقال: حدثنا جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

[ 93 ]

ابن عبد الله بن المغيرة الكوفي قال: حدثني جدي الحسين بن علي عن جده عبد الله بن المغيرة عن اسماعيل بن مسلم السكوني عن الصادق عن أبيه عن آبائه عن النبي (ص) قال: أوحى الله الى داود: يا داود كما لا تضيق الشمس على من جلس فيها كذلك لا تضيق رحمتي على من دخل فيها، وكما لا تضر الطيرة من لا يتطير كذلك لا ينجو من الفتنة المتطيرون، وان أقرب الناس مني يوم القيامة المتواضعون، كذلك أبعد الناس مني يوم القيامة المتكبرون. وفي كتاب من لا يحضره الفقيه عن شريف بن سابق التفليسي - ولم يذكر طريقه إليه في آخر كتابه - عن الفضل بن ابي قرة السمندي عن ابي عبد الله عليه السلام قال: اوحى الله الى داود انك نعم العبد لو لا انك تأكل من بيت المال ولا تعمل بيدك شيئا فبكى داود عليه السلام فأوحى الله الى الحديد (ألن لعبدي داود) فألان الله له الحديد، فكان يعمل كل يوم درعا فيبيعها بألف درهم، فعمل ثلثمائة وستين درعا فباعها بثلثمائة وستين ألفا واستغنى عن بيت المال. ورواه الكليني عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن ابي عبد الله عن شريف بن سابق مثله. وروى الشيهد الثاني في كتاب الآداب ان في زبور داود عليه السلام: قال لأحبار بني اسرائيل ورهبانهم حادثوا من الناس الاتقياء، فان لم تجدوا تقيا فحادثوا العلماء، فان لم تجدوا

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

[ 94 ]

عالما فحادثوا العقلاء، فان للتقى والعلم والعقل ثلاث مراتب ما جعلت واحدة منهن في خلق وانا اريد هلاكه. قال: وقد أوحى الله الى داود عليه السلام: خفني كما تخاف السبع الضاري. قال: وفي فاتحة الزبور: رأس الحكمة خشية الله. وفي كتاب مسكن الفؤاد ان في أخبار داود عليه السلام: يا داود بلغ اهل الارضي اني حبيب من أحبني، وجليس من جالسني ومؤنس لمن أنس بذكري، وصاحب لمن صاحبني، ومختار لمن اختارني، ومطيع لمن أطاعني، ما أحبني أحد من خلقي عرفت ذلك من قلبه الا أحببته حبا لا يتقدمه أحد من خلقي، من طلبني بالحق وجدني ومن طلب غيري لم يجدني، فارفضوا يا اهل الارض ما انتم عليه من غرورها وهلموا الى كرامتي ومصاحبتي ومجالستي ومؤانستي، وآنسوا بي أو انسكم واسارع الى محبتكم. وعن زيد بن أسلم قال: مات لداود ولد فحزن عليه فأوحى الله إليه: يا داود ما كان يعدل هذا الولد عندك ؟ قال: يا رب كان يعدل عندي ملء الارض ذهبا. قال: فلك عندي يوم القيامة ملء الارض ثوابا. قال: وقيل اوحى الله الى داود عليه السلام: تخلق بأخلاقي وان من أخلاقي الصبر. قال: وفي أخبار داود: ما لأوليائي والهم بالدنيا، ان الهم

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

[ 95 ]

يذهب حلاوة مناجاتي من قلوبهم. يا داود ان محبتي من أوليائي ان يكونوا روحانيين لا يغتمون. قال: وروى ان داود عليه السلام قال: الهي ما جزاء من يعزي الحزين والمصاب ابتغاء مرضاتك ؟ قال: جزاؤه ان أكسوه رداء من اردية الايمان، أستره به من النار وادخله به الجنة. قال: الهي فما جزاء من شيع الجنازة ابتغاء مرضاتك ؟ قال: جزاؤه ان تشيعه الملائكة يوم يموت الى قبره، وان اصلي على روحه في الارواح. محمد بن علي بن عثمان الكراجكي في الجزء الثالث من كنز الفوائد انه وجد في حكمة داود عليه السلام: ذكر عبادي احساني إليهم، فانهم لا يحبون الا من أحسن إليهم. عبد الله بن جعفر الحميري في كتاب قرب الاسناد عن الحسين ابن طريف عن الحسين بن علوان عن جعفر بن محمد عن ابيه عليه السلام قال: قال رسول الله (ص): اوحى الله الى داود عليه السلام: يا داود ان العبد من عبادي ليأتيني بالحسنة فأحكمه. قال: داود وما تلك الحسنة ؟ قال: كربة ينفسها عن مؤمن بقدر تمرة أو بشق تمرة. فقال داود: يا رب حق لمن عرفك ان لا يقطع رجاءه منك. ورواه الصدوق في كتاب عيون الاخبار. وفي كتاب معاني الاخبار عن محمد بن علي ما جيلويه عن علي بن ابراهيم عن ابيه عن داود بن سليمان عن الرضا عليه السلام قال: ان الله اوحى

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

[ 96 ]

الى داود ان العبد من عبيدي ليأتيني بالحسنة فأدخله الجنة. قال يا رب وما تلك الحسنة ؟ قال: يفرج عن المؤمن الكربة ولو بتمرة فقال داود: حق لمن عرفك ان لا ينقطع رجاؤه عنك. وروى الشيخ العارف رجب الحافظ البرسي قال: ان الله تعالى قال لداود: يا داود وعزتي وجلالي لو أن اهل سمواتي وارضي املوني فأعطيت كل مؤمل امله وبقدر دنياكم سبعين ضعفا لم يكن ذاك الا كما يغمس احدكم بابرة في البحر ويرفعها فكيف ينقص شئ انا قيمه.

 

 

الصفحة السابقةالفهرسالصفحة اللاحقة

 

طباعة الصفحةبحث