فإذا أخبرك فارجع مسرعا ولا تتخلف، قال أفعل ايها الملك، فأمر له بمال وجائزة، وحمله جائزة إلى سطيح. فركب عبدالمسيح راحلته، ومضى مبادرا يقطع المفاوز والفيافي، حتى لحق مكان سطيح بعد ايام، فلما بلغ بيته وجده عليلا لما به فوقف عليه وسلم [ وجعل يرتجز ويقول ليسمعه:
اصم ام يسمع غطريف اليمن * يا فاصل الخطة اعيت من ومن
من ابيات ] (1) قال سطيح [ مجيبا له ] عبدالمسيح، على جمل فسيح، أوفى على سطيح، وقد أشفى على الضريح، يسأل عن ارتجاج الايوان، ورؤيا الموبذان، وخمود النيران. قال: فالتأويل يا سطيح ؟ قال: تنقضي أيامهم، وتنقطع آثارهم، وتملك العرب ديارهم، عند ظهور صاحب التلاوة، والقضيب والهراوة. قال: ومتى ذلك يا سطيح ؟ قال: إلى أن يملك منهم ملوك وملكات، على عدد الشرفات، وقبل ذلك ينقضي امر سطيح ويواريه الضريح، ولا يصلح [ له ] فيها قرار. وقد روي [ هنا ] الكلام على غير هذا النوع واكثر منه كلاما (2) فرجع عبدالمسيح إلى كسرى، وقد دعى كلامه، فعجب كسرى وسره وقال: إلى أن يلي منا ستة عشر ملكا يكون سعة لدفع الهم، ولعل ذلك لا
___________________________
(1) زيادة عن ت.
(2) عبارة ت: عبدالمسيح، على حمل مسيح، يسأل عن خمود النيران، رؤيا الموبذان وسقوط الايوان، لاخبر بالبرهان، أما عدد الشرفات فيلي مثلها ملوك وملكات وخمود النيران ينقضي ملكهم على الزمان، وذلك عند ظهور صاحب التلاوة أمر والقضيب والهراوة، فتنقضي آثارهم، وتملك العرب ديارهم، وهناك ينقضي سطيح، ويواريه الضريح، ولا تكون الدنيا له بدار ولا يقر به فيها قرار، وقد يروون هذا الكلام على غير هذا السجع. (*)
|