محمدبن مسلم الطائفى الثقفى

272 - حدثنا محمدبن مسعود، قال: سمعت أبا الحسن علي بن الحسن بن علي بن فضال، يقول: كان محمد بن مسلم الثقفى كوفيا وكان أعور طحانا.

273 - حدثني محمد بن قولويه، قال: حدثني سعدبن عبدالله بن أبي خلف القمي، قال حدثنا: أحمدبن محمدبن عيسى، عن عبدالله بن محمد الحجال، عن العلاء بن رزين، عن عبدالله بن ابى يعفور، قال قلت لابي عبدالله عليه السلام انه ليس كل ساعة القاك ولايمكن القدوم، ويجئ الرجال من اصحابنا فيسألني وليس عندي كلما يسألني عنه، قال: فما يمنعك من محمد بن مسلم الثقفى، فأنه قد سمع من أبي و كان عنده وجيها.

- حاتم في ترجمته سوى ان قال: روى عن أبي جعفر يعني الباقر انتهى كلام الذهبي في ميزان الاعتدال.

محمدبن مسلم الطائفى الثقفى ذكر أبوعبدالله الذهبي في مختصره: محمد بن مسلم الطائفي، عن عمر بن دينار وابن ابي يحيى، وعنه ابن مهدي ويحيى بن ابي يحيى، فيه لين وقد وثق له في " م " حديث واحد توفى 177.

قوله: قال شهد ابوكريب الازدى قال ابن الاثير في جامع الاصول في حرف الكاف: اسم ابي كريب بضم الكاف وفتح الراء وسكون الياء تحتها نقطتان وبالياء الموحدة، محمدبن العلاء الهمداني بسكون الميم وبالدال المهملة.

[384]

274 - حدثني حمدويه بن نصير، قال: حدثني محمدبن عيسى، عن الحسن ابن على بن فضال، عن عبدالله بن بكير، عن زرارة، قال: شهد أبوكريبة الازدى ومحمدبن مسلم الثقفي عند شريك بشهادة وهو قاض، فنظر في وجوههما مليا، ثم وقال في حرف الميم: محمد بن العلاء هو أبوكريب الهمداني الكوفي، سمع أبا بكر بن عياش وعمر بن عبيد، روى عنه البخاري ومسلم وغيرهما، مات سنة ثمان وأربعين ومأتين.

" كريب " بضم الكاف وفتح الراء وسكون الياء تحتها نقطتان وبالباء الموحدة.

قلت: أبوكريب الهمداني الذي ذكره في جامع الاصول كأنه غير أبي كريبة الازدي المذكور في الكتاب، وربما يزعم أنهما واحد.

وفي القاموس: أبوكريب كزبير محمد بن العلاء بن كريب شيخ للبخاري(1) والذهبي في مختصره وصفه بالازدي وحكم عليه بالجهالة، ولعل ذلك من جهة تشيعه.

قوله: عند شريك قال في ميزان الاعتدال: شريك بن عبدالله النخعي أبوعبدالله الكوفي القاقضي الحافظ الصادق أحد الائمة، وروي عن ابن معين أنه صدوق ثقة، الا أنه يغلط ولا يتقن.

وعن القطان أن في أصول شريك تخليطا.

وأنه قيل ليحيى بن سعيد: زعموا أن شريكا خلط باخرة فقال: مازال مخلطا، ثم يطعن فيه بأنه كان يتشيع.

قال: وروى أبو داود الرهاوي أنه سمع شريكا يروي ويقول: (علي خير البشر فمن أبي فقد كفر(2) وروى شريك (لكل نبي وصي ووراث وأن علي وصيي ووارثي(3)

ـــــــــــــــــــــ

(1) القاموس: 1 / 123.

(2) رواه الخطيب في تاريخ بغداد 7 / 421.

(3) رواه ابن المفازلى في المناقب: 201.

[385]

قال: جعفريان فاطميان ! فبكيا، فقال لهما: مايبكيكما؟ قالا له: نسبتنا إلى اقوام لايرضون بأمثالنا أن يكونوا من اخوانهم لما يرون من سخف ورعنا، ونسبتنا إلى رجل لايرضى بأمثالنا ان يكونوا من شيعته، فان تفضل وقبلنا فله المن علينا والفضل، فتبسم شريك، ثم قال: اذا كانت الرجال فلتكن امثالكم، ياوليد اجزهما هذا المرة قال فحججنا فخبرنا ابا عبدالله عليه السلام بالقصة فقال: مالشريك شركة الله يوم القيامة بشراكين من نار.

275 - حدثني حمدويه، قال حدثنا محمدبن عيسي، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن محمدبن مسلم، قال: أني لنائم ذات ليلة على السطح اذ طرق الباب طارق: فقلت: من هذا؟ فقال: شريك يرحمك الله، فأشرفت فاذا امرأة فقالت: لي بنت عروس ضربها الطلق، فما زالت تطلق حتى ماتت والولد يتحرك في بطنها ويذهب ويجئ فما اصنع؟ فقلت: يا أمة الله سأل محمدبن علي بن الحسين الباقر عليه السلام عن مثل ذلك، فقال: يشق بطن الميت ويستخرج الولد، يا أمة الله افعلي مثل ذلك، أنا يا أمة الله رجل في ستر، من وجهك إلى؟ ! - ثم ذكر أن عبدالله بن ادريس قال: والله ان شريكا لشيعي.

وروي أن قوما ذكروا معاوية عند شريك فقيل: كان حليما فقال شريك: ليس بحليم من سفه الحق وقاتل عليا.

ثم قال: وقدكان شريك من أوعية العلم حمل عنه اسحاق الازرق تسعة آلاف حديث قال النسائي: ليس به يأس.

قوله: ياوليد أجزهما بفتح الهمزة واسكان الزاي بعد الجيم المكسورة، على الامر من الاجازة أي أجز شهادتهما واكتبها مقبولة هذه المرة.

أو أخرهما بكسر الخاء المعجمة المشددة واسكان الراء، من التاخير أوأخر قبول شهادتهما هذه المرة حتى ننظر في شأنهما.

والصحيح هو الاول.

[386]

قال، قالت لي: رحمك الله جئت إلى أبي حنيفة صاحب الرأي فقال ماعندي فيها شئ، ولكن عليك بمحمد بن مسلم الثقفي فانه يخبر، فمهما أفتاك به من شئ فعودي الي فاعلمينيه فقلت لها: امضي بسلام فلما كان الغد خرجت إلى المسجد وابوحنيفة يسأل عنها اصحابه فتنحنحت فقال: اللهم عقرا دعنا نعيش.

276 - حدثني حمدويه بن نصير، قال حدثنا محمد بن عيسى، عن ياسين الضرير البصري، عن حريز، عن محمدبن مسلم، قال: ماشجر في رأيي شئ قط الا سألت عنه أبا جعفر عليه السلام حتى سألته عن ثلاثين ألف حديث وسألت أبا عبدالله عليه السلام عن ستة عشر ألف حديث.

- قوله: ماشجر في رأيي أي ماوقع اختلاف الرأي في شئ قط الا سألته عليه السلام ومنه في التنزيل الكريم " حتى يحكموك فيما شجربينهم "(1).

قال في مجمل اللغة: شجر بين القوم اذا اختلف الامر بينهم، واشتجروا او تشاجروا تنازعوا وتناظروا.

وفي نسخة ما " شجرني " أي ماتخالجني أمر، ولم يختلج في صدري رأي في شئ قط الا سألته عنه، وكل والج في شئ فهو مشاجر فيه.

قال في المفردات: وشجرة بالرمح أي اوجره(2) الرمح، وذلك أن يطعنه به فيتركه فيه(3).

وفي مجمل اللغة: ان كل متداخلين متشاجران وبذلك سمي المشجر مشجرا وهو المشجب، وتشاجروا بالرمح تطاعنوا.

وفي اساس البلاغة: اشتجر وتشاجروا اختلفوا، وبينهم مشاجرة، وشجر ما

ـــــــــــــــــــــ

(1) النساء: 65.

(2) وفى المصدر: طعنه بالرمح.

(3) مفردات الراغب: 256.

[387]

277 - حدثنا محمدبن قولويه، قال: حدثني سعدبن عبدالله القمي، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن فضال، عن أبي كهمس، قال خلت على أبي عبدالله عليه السلام فقال لي: يشهد؟؟ بن مسلم الثقفى القصير عند ابن أبي ليلى فيرد شهادته؟ فقلت: نعم، فقال اذا صرت إلى الكوفة فأتيت ابن أبي ليلى، فقل له اسألك عن ثلاث مسائل تفتينى فيها بالقياس ولاتقول قال أصحابنا.

ثم سله عن الرجل يشك في الركعتين الاوليين من الفريضة، وعن الرجل يصيب جسده أو ثيابه البول كيف يغسله، وعن الرجل يرمي الجمار بسبع حصيات فتسقط منه واحدة كيف يصنع، فاذا لم يكن عنده فيها شئ فقل له يقول لك جعفر بن - بينهم، وشجرته بالرمح طعنة وتشاجروا بالرماح تطاعنوا(1).

قوله: عن أبي كهمس قال في جامع الاصول: كهمس بفتح الكاف وسكون الهاء وضم الميم وبالسين المهملة.

وأبوكهمس بن عبدالله قال شيخنا أبوالعباس النجاشي - رحمة الله - في كتابه هيثم بن عبدالله أبوكهمس كوفي عربي له كتاب، ذكره سعد بن عبدالله في الطبقات(2) وقال الشيخ - رحمه الله تعالى - في كتاب الرجال في اصحاب ابي عبدالله الصادق عليه السلام: الهيثم بن عبيد الشيباني ابوكهمس الكوفي أسند عنه(3).

وكذلك رئيس المحدثين ابوجعفر الكليني رضوان الله تعالى عليه، قال في جامع الكافي في باب من حفظ القرآن ثم نسيه، عن ابي همس اليهثم بن عبيد قال سألت ابا عبدالله عليه السلام(4).

ـــــــــــــــــــــ

(1) أساس البلاغة: 321.

(2) رجال النجاشي: 340.

(3) رجال الشيخ: 331.

(4) اصول الكافى: 2 / 445.

[388]

محمدما حملك على أن رددت شهادة رجل أعرف بأحكام الله منك واعلم بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله منك.

قال أبوكهمس: فلما قدمت اتيت ابن أبي ليلى قبل أن أصير إلى منزلي، فقلت له: أسألك عن ثلاث مسائل لاتفتيني فيها بالقياس ولا تقول قال أصحابنا، قال هات ! قال، قلت ما تقول في رجل شك في الركعتين الاوليين من الفريضة؟ فاطرق ثم رفع رأسه فقال: قال أصحابنا، فقلت: هذا شرطي عليك الاتقول قال أصحابنا، فقال ماعندي فيها شئ.

فقلت له: ماتقول في الرجل يصيب جسده اوثيابه البول كيف يغسله؟ فأطرق ثم رفع رأسه فقال: قال أصحابنا، فقلت: له هذا شرطي عليك، فقال: ماعندي فيها شئ.

فقلت: رجل رمى الجمار بسبع حصيات فسقطت منه حصاة كيف يصعنه فيها فطأطأ رأسه ثم رفعه، فقال: قال أصحابنا، فقلت أصلحك الله هذا شرطي عليك، فقال ليس عندي فيها شئ.

فقلت: يقول لك جعفر بن محمد ماحملك أن رددت شهادة رجل اعرف منك بأحكام الله وأعرف بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله منك؟ فقال لي: ومن هو؟ فقلت: محمدبن مسلم الطائفى القصير، قال، فقال: والله ان جعفر بن محمد قال لك هذا؟ قال، فقلت والله انه قال لي جعفر هذا، فأرسل إلى محمد بن مسلم فدعاه فشهد عند بتلك الشهادة فاجاز شهادته.

278 - حدثني محمدبن مسعود، قال حدثني عبدالله بن محمد بن خالد الطيالسي، عن أبيه، قال: كان محمد بن مسلم من اهل الكوفة، يدخل على أبي جعفر عليه السلام فقال ابوجعفر بشر المخبتين، وكان محمد بن مسلم رجلا موسرا جليلا فقال ابوجعفر عليه السلام: تواضع، قال: فأخذ قوصرة من تمر فوضعها على باب المسجد وجعل يبيع التمر، فجاء قومه فقالوا: فضحتنا ! فقال: أمرني مولاي بشئ

[389]

فلا أبرح حتى أبيع هذا القوصرة، فقالوا: أما اذا أبيت الا هذا فاقعد في الطحانين، ثم سلموا اليه رحا، فقعد على بابه وجعل يطحن.

قال أبوالنصر: سألت عبدالله بن محمد بن خالد، عن محمدبن مسلم؟ فقال: كان رجلا شريفا موسرا، فقا له أبوجعفر عليه السلام: تواضع يامحمد فلما انصرف إلى الكوفة أخذ قوصرة من تمر مع الميزان وجلس على باب مسجد الجامع، وجعل ينادي عليه، فاتاه قومه فقالوا له فضحتنا، فقال ان مولاي أمرني بأمر فلن أخالفه ولن أبرح حتى إفرغ من بيع باقي هذا القوصرة، فقال له قومه: اذا ابيت الا لتشتغل ببيع وشراء فاقعد في الطحانين ! فهيأ رحى وجملا يطحن، وقيل: انه كان من العباد في زمانه.

279 - حدثني ابوالحسن علي بن محمدبن قتيبه، قال: حدثني الفضل شاذان قال: حدثنا أبي، عن غير واحدمن اصحابنا، عن محمد بن حكيم وصاحب له، قال ابومحمد: قد كان درس اسمه في كتاب أبي، قالا: رأينا شريكا واقفا في حائط من حيطان فلان، قد كان درس اسمه أيضا في الكتاب.

قال أحدنا لصاحبه هل لك في خلوة من شريك؟ فأتيناه فسلمنا عليه، فرد علينا السلام، فقلنا يا ابا عبدالله مسألة ! قال: في أي شئ؟ فقلنا: في الصلاة، فقال: سلوا عما بدالكم؟ فقلنا لانريد ان تقول قال فلان وقال فلان انما نريد ان تسنده إلى النبي صلى الله عليه وآله، فقال عليه السلام أليس في الصلاة؟ فقلنا بلي، فقال سلوا عما بدالكم.

قلنا في كم يجب التقصير، قال: كان ابن مسعود يقول: لايغرنكم سوادنا هذا وكان يقول فلان، قال، قلت: انا استثنينا عليك الا تحدثنا الا عن نبي الله صلى الله عليه وآله قال: والله انه لقبيح لشيخ يسئل عن مسألة في الصلاة عن النبي صلى الله عليه وآله لايكون عنده فيها شئ وأقبح من ذلك أن أكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله قلنا فمسألة أخرى ! فقال أليس في الصلواة؟ قلنا بلي قال: فسلوا عما بدالكم.

قلنا: على من تجب الجمعة؟ قال: عادت المسألة جذعة ماعندي في هذا عن رسول الله صلى الله عليه وآله شئ، قال: فاردنا الانصراف، فقال: انكم لم تسألوا عن هذا الا

[390]

وعندكم منه علم، قال قلت نعم، أخبرنا محمد بن مسلم الثقفي عن محمدبن علي عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وآله، فقال الثقفي الطويل اللحية؟ فقلنا نعم.

قال: أما أنه لقد كان مامونا على الحديث، ولكن كانو يقولون انه خشبي ثم قال ماذا روى؟ قلنا روى عن النبي صلى الله عليه وآله ان التقصير يجب في بريدين، واذا اجتمع خمسة أحدهم الامام فلهم أن يجمعوا.

- قوله صلى الله عليه وآله: فلهم أن يجمعوا أن يجمعوا بالتشديد من باب التفعيل، أي يأتوا بصلاة الجمعة.

قال في الصحاح: وجمع القوم تجمعيا، اي شهدوا الجمعة وقضوا الصلاة فيها(1) وفي المغرب: وجمعنا أي شهدنا الجمعة او الجماعة وقضينا الصلاة فيها.

وفى النهاية الاثيرية: وفى حديث الجمعة " اول جمعة جمعت بعد المدينة بجواثي " جمعت بالتشديد اي صليت، ويوم الجمعة سمى به لاجتماع الناس فيه.

وفي حديث معاذ " انه وجد اهل مكة يجمعون في الحجر فنهاهم عن ذلك " اي يصلون صلاة الجمعة، وانما نهاهم لانهم كانوا يستظلون بفئ لحجرقبل ان تزول الشمس، فنهاهم لتقديمهم في الوقت، وقد تكرر ذكر التجميع في الحديث انتهى كلامه(2).

جواثي - بضم الجيم وتخفيف الواو والثاء المثلثة - اسم حصن بالبحرين، والمسجد الجامع المسجد الذي انعقدت فيه صلاة الجمعة.

وقال الجوهري: والمسجد الجامع وان شئت قلت مسجد الجامع بالاضافة كقولك الحق اليقين وحق اليقين، بمعنى مسجد اليوم الجامع وحق الشئ اليقين، لان اضافة الشئ إلى نفسه لاتجوز الا على هذا التقدير، وكا ن الفراء يقول: العرب تضيف الشئ إلى نفسه لاختلاف اللفظين(3).

ـــــــــــــــــــــ

(1) الصحاح: 3 / 1200.

(2) نهاية ابن الاثير: 1 / 297.

(3) الصحاح: 3 / 1199.

[391]

280 - قال محمدبن مسعود، حدثني علي بن محمد، قال: حدثني محمد ابن أحمد عن عبدالله بن أحمد الرازي، عن بكر بن صالح، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، قال: اقام محمد بن مسلم بالمدينة أربع سنين يدخل على أبي جعفر عليه السلام يسأله، ثم كان يدخل على جعفر بن محمد يسأله، قال ابن أحمد: فسمعت عبدالرحمن بن الحجاج، وحماد بن عثمان يقولان: ماكان أحد من الشيعة أفقه من محمدبن مسلم.

قال، فقال محمد بن مسلم: سمعت من أبي جعفر عليه السلام ثلاثين ألف حديث ثم لقيت جعفرا ابنه فسمعت منه أو قال: سألته عن ستة عشر الف حديث أو قال: مسألة.

281 - حدثني محمدبن مسعود، قال: حدثني جعفر بن أحمد، قال: حدثني العمر كى بن علي قال: أخبرني محمدبن حبيب الازدي، عن عبدالله بن حماد، عن عبدالله بن عبدالرحمن الاصم، عن مديح، عن محمدبن مسلم، قال: خرجت إلى المدينة وأنا وجع ثقيل.

فقيل له محمدبن مسلم وجع، فأرسل الي أبوجعفر بشراب مع الغلام مغطى بمنديل فناولنيه الغلام وقال لي: اشربه فانه قد أمرني الا أرجع حتى تشربه، فتناولته فاذا رائحة المسك منه واذا شراب طيب الطعم بارد، فلما شربته قال لي الغلام يقول لك اذا شربت فتعال، ففكرت فيما قال لي ولا أقدر على النهوض قبل ذلك على رجلي.

- قوله: اذا شربت فتعال بفتح اللام على الامر بالاتيان والمجئ من تعالى يتعالى تعاليا.

قال في الصحاح: التعالى الارتفاع، تقول منه اذا أمرت: تعال يارجل بفتح اللام، وللمرأة تعالى، وللمرأتين تعالى، وللنسوة تعالين، ولايجوز ان يقال منه تعاليت والى اي شئ أتعالى(1).

ـــــــــــــــــــــ

(1) الصحاح: 6 / 2437 .

[392]

فلما استقر الشراب في جوفي كأنما نشطت من عقال، فأتيت بابه فاستأذنت عليه، فصوت بي: صح الجسم أدخل أدخل، فدخلت وأنا باك فسلمت عليه وقبلت يده ورأسه، فقال لي: وما يبكيك يا محمد؟ فقلت جعلت فداك ابكى على اغترابي وبعد الشقة وقلة المقدرة على المقام عندك والنظر اليك.

فقال لي: أما قلة المقدرة: فكذلك جعل الله اوليائنا وأهل مودتنا وجعل البلاء اليهم سريعا، وأما ذكرت من الغربة: فلك بأبي عبدالله اسوة بأرض ناء عنا بالفرات.

وأما ما ذكرت من بعد الشقة: فان المؤمن في هذه الدار غريب، وفي هذا الخلق المنكوس حتى يخرج من هذه الدار إلى رحمة الله.

وأما ما ذكرت من حبك قربنا والنظر الينا وأنك لاتقدر على ذلك: فالله يعلم مافي قلبك وجزاؤك عليه.

- وكذلك قال في القاموس: التعالى الارتفاع اذا امرت منه قلت تعال بفتح اللام ولها تعالى(1) قوله(ع): فان المؤمن في هذه الدار غريب يعنى عليه السلام بالمؤمنين العارف المستيقن، فانه يعلم ان جوهر ذاته العاقلة من عالم الامر والفيض، ومستوطن نفسه المجردة في اقليم الحياة والبهجة، فهو لامحالة انما يرى طائر روحه القدسى غريبا في اقفاص هذه الدار البائدة البائرة المضلمة الموحشة، التي هي ناحية الاقذار والاخباث وحاشية الارماس والاجداث، ودارة غسق الطبيعة وكورة ظلمة الهيولي.

وقوله عليه السلام " المنكوس " اما بالجر على صفة هذا الخلق، والواو العاطفة للعطف على في هذا الدار.

أي في هذا الخلق المنكوس غريب؟ سمي هذا الخلق منكوسا لانصرافهم عن

ـــــــــــــــــــــ

(1) القاموس: 4 / 366.

[393]

282 - حدثني محمدبن مسعود، قال: حدثني جبريل بن أحمد، عن محمد ابن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن عامر بن عبدالله بن جذاعة قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: ان امرأتي تقول بقول زرارة ومحمد بن مسلم في الاستطاعة وترى رأيهما؟ فقال: ماللنساء وللرأي والقول لها، انهما ليسا بشئ في ولاية، قال: فجئت إلى امرأتي فحدثتها، فرجعت عن ذلك القول.

- الاستقامة في سمك العالم الاعلى الروحاني إلى الا نتكاس في سجن العالم الا سفل الظلماني.

واما بالرفع على الخبر، وتعريفه باللام لافادة الحضر، أو ليكون الحمل حملا أولياء ذاتيا لا حملا شايعا متعارفا، كما هو مفاد تنكير الخبر والعاطف لعطف الجملة على الجملة.

اي والمؤمن العارف في هذا الحق وبين ظهر انيهم هو المنكوس، حتى يخرج من هذه الدار إلى دار رحمة الله وطوار بهاء الله وجوار ملائكة الله.

فان هذا الدار هاوية التسفل ودارة الانتكاس، فالعارف منتكس متسافل فيها بالضرورة الطبيعية إلى أن يخرج إلى دار الحياة والبهجة ؤ ويطأ أرض القرار والاستقامة وان كان في دارالبوار قد طار بجناح الموت الارادي في قضاء أوج الحياة الحقيقة.

فأما غير المعارف من جملة الخلق فحيث أنهم نسوا الله فأنساهم انفسهم، فهم بنسيان جوهر ذاتهم وموطن قرارهم قد استأنسوا بهذه الدار الباطلة وأهلها المنتكسين المنكوسين بالارادة وبالطبيعة فليعلم.

قوله (ع:) انهماليسا بشئ في ولاية أي انهما في القول بالاستطاعة ليسا على شئ من ديننا، ولافي شئ من

[ 394]

283 - حدثني محمدبن مسعود، قال: حدثني جبريل بن أحمد، عن محمدبن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن أبي الصباح، قال: سمعت أبا عبدالله صلى الله عليه وآله يقول: يا أبا الصباح هلك المتربسون في أديانهم منهم زرارة وبريد ومحمد بن مسلم واسماعيل الجعفي، وذكر آخر لم أحفظ.

284 - حدثني محمدبن مسعود، قال حدثني جبريل بن أحمد، عن محمد بن عيسيى، عن يونس، عن عيسى بن سليمان وعدة، عن مفضل بن عمر، قال: سمعت ابا عبدالله عليه السلام يقول: لعن الله محمد بن مسلم كان يقول ان الله لايعلم الشئ حتى يكون.

- قوله (ع): لعن الله - إلى قوله - حتى يكون تفصيل القول أن هناك شكا معضلا(1) عويضا، هو مزلقة الاقدامن ومدحضة الافهام، وذلك أن العلم بالشئ: اما حصولي انطباعي بوجود المعلوم في ذهن العالم وجودا ظليا، وتمثل صورته فيه تمثلا ارتساميا.

واما حضوري انكشافي بحضور جوهر ذات المعلوم بوجوده الاصيل العيني عند العالم منكشفا عليه غير عازب عنه.

واذ قد استبان بالبرهان أن الله سبحانه بنفس حقيقته الحقة القيومية عين الوجود الحق الاصيل المتأصل المتأكد العيني، فهو بعلو كبريائه متأبه ومتنزه عن الظلية والتمثل مطلقا، فلا له وجود ظلي تمثلي في ذهن مامن الاذهان، ولالشئ من الاشياء فيه جود ذهني وتقررظلي انطباعي أصلا، بل أن له التأصل الحق والحقية المحضة من كل جهة.

فاذن علمه بكل شئ يجب أن يكون علما حقا حضوريا بحضوره بجوهر ذاته عنده منكشفا متكشفا، ظاهرا غير عازب ولا متستر ولا محتجب أبدا، فعلمه تعالى بالاشياء قبل وجودها وتقررها في الاعيان مماتكل عن بيانه ألسنة العقول والاذهان، وتحار في سبيله أبصار الاحلام والبصائر.

ـــــــــــــــــــــ

(1) في " س " مفصلا.

[395]

فمحمد بن مسلم كأنه قد اعتراه هذا الشك، ولم يجد عنه مخرجا ومحيصا فوقع فيما وقع.

ونحن قد يسرنا الله بفضله العظيم لتحقيق المعضلات وتبيين المهمات، حققنا في كتاب التقديسات، وفي كتاب تقويم الايمان، وكتاب قبسات حق اليقين، وفي شرح كتاب التوحيد من كتاب لكافي(1): أن الجاعل التام الذي من كنه ذاته ينبعث وينبجس جوهر ذات المجعول، فان ظهوركنه ذاته وحضور سنخ حقيقة أقوي في افادة انكشاف المجعول، وظهوره من حضور عين هويته ووجود جوهر ذاته.

فالله سبحان حيث أنه بنفس ذاته الاحدية هو المبدع الصانع الجاعل التام لنظام الكل، من الصادر الاول إلى أقصى نظام الوجود على الترتيب السبي و المسببي، النازل منه والعائد اليه جل سلطانه طولا وعرضا.

وهو ظاهر بذاته لذاته أتم الظهور، وعالم بذاته ولوازم ذاته من نفس ذاته على أكمل الوجوه، وهو تعالى مجده ينال الكل من نفس ذاته ولا يعزب عنه مثقال ذرة في الارض ولا في السماء، من غير أن يكون لوجود الاشياء مدخلية ما في تصحيح ظهورها لديه وانكشافها عليه أصلا.

فعلمه التام سبحانه بكل شئ قبل وجود الاشياء ومع وجودها على سبيل واحد ليس يزداد بوجود الاشياء علما ولا يستفيد من كونها خبرا، فهذا سبيل الحق وسنن البرهان.

واذ كان المختلفون إلى مولانا الصادق عليه السلام ينسبون إلى محمد بن مسلم أنه يقول: ان الله عزوجل انما يعلم الشئ حين هو كائن لاقبل ان يكون، فهو عليه السلام قال: لعن الله

ـــــــــــــــــــــ

(1) وهو كتاب " التعليقة على الكافي ! المطبوع أخيرا بقم بتحقيقنا وتصحيحنا و تعاليقنا عليه.

[396]

في أبي بصير ليث بن البخترى المرداي من كان يقول: انه سبحانه لايعلم الشئ الا حين كونه، لاقبل كون الاشياء رأسا فليعرف.

في أبي بصير ليث بن البخترى المرادي ليث بن البختري المرادي الضريرهو أبوبصير الاصغر، وكان يكنى أيضا أبومحمد.

وشيخنا المعول عليه في معرفة أحوال الرجال أبوالعباس النجاشي - رحمه الله تعالى لم يوثقه ولازاد في ترجمته على أن قال: ليث بن البختري المرادي أبو محمد وقيل: أبوبصير الاصغر، روى عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما السلام، له كتاب يرويه جماعة منهم أبوجملية المفضل بن صالح(1).

وانما وثق أبا بصير الاسدي يحيى بن القاسم وقيل: يحيى بن أبي القاسم المكفوف.

قال في ترجمته: يحيى بن القاسم أبوبصير الاسدي وقيل: أبومحمد ثقة وجيه، روى عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما السلام، وقيل: يحيى بن أبي القاسم، واسم أبي القاسم اسحاق، وروى عن أبي الحسن موسى عليه السلام، له كتاب يوم وليلة - وذكر طريقه اليه - ثم قال: ومات أبوبصير سنة خمسين ومائة(2).

والشيخ - رحمه الله تعالى أيضا لم يوثقه ولا ذكر له مدحا في الفهرست و لافي كتاب الرجال، بل اقتصر على مجرد ذكره في أصحاب أبي جعفر الباقر وفي أصحاب أبي الحسن الكاظم عليه السلام.

وقال في أصحاب أبي عبدالله الصادق عليه السلام: الليث بن البختري المرادي ابو يحيى ويكني أبا بصير، وأسند عنه(3).

ـــــــــــــــــــــ

(1) رجال النجاشى: 245.

(2) رجال النجاشى: 344 وفيه سنة خمس ومائة وهو غلط.

(3) رجال الشيخ: 278.

[397]

285 - روى عن ابن أبي يعفور، قال: خرجت إلى السواد أطلب دراهم لنحج - وقال أبوالحسين أحمد بن الحسين بن عبدالله الغضائري رحمه الله تعالى وكان أبوعبدالله عليه السلام يتضجربه ويتبرم، وأصحابه يختلفون في شأنه، ثم قال: و عندي أن اللعن انما وقع على دينه لاعلى حديثه، وهوعندي ثقة(1).

وسيذكر أبوعمرو الكشي - رحمه الله تعالى في الكتاب أن الذي هو ممن أجمعت العصابة على تصحيح مايصح عنه قيل: هو أبوبصير المرادي ليث بن البختري الضريي، وقيل: أنه أبوبصير الاسدي يحيى بن القاسم المولود مكفوفا(2).

ثم ان الحسن بن داود في باب الكني من كتابه قال: ان أبا بصير مشترك بين أربعة: المرادي ليث بن البختري وهو ثقة عظيم الشأن.

والاسدي المكفوف يحيى ابن أبي القاسم.

ويوسف بن الحارث البتري.

وعبدالله بن محمد الاسدي(3).

فشاع من ذلك عند المتأخرين الا حدثين أن الثقة من هؤلاء الاربعة انماهو أبوبصير المرادي، وأما أبوبصير الاسدي يحيى بن أبي القاسم فحديثه ضعيف. وهذا وهم ليس له أصل.

بل الحق أن أبا بصير الاسدي يحيى بن أبي القاسم المكفوف ثقة ثبت صحيح الحديث، كما سيظهر عليك من ذي قبل حق الظهور، نعم علي بن أبي حمزة البطائني الذي يروي عنه أكثر يا واقفي ضعيف فليعلم.

قوله: خرجت إلى السواد أي إلى سواد العراق.

قال في المغرب: وسمي سواد العراق لخضرة أشجاره وزرعه، حده طولا من حديثه الموصل إلى عبادان، وعرضا من العذيب

ـــــــــــــــــــــ

(1) راجع جامع الرواة: 3 / 34.

(2) رجال الكشي: 238 ط جامعة مشهد.

(3) رجال ابن داود: 392 - 393.

[398]

ونحن جماعة وفينا أبوبصير المرادي، قال: قلت له يا أبا بصير اتق الله وحج بمالك فأنك ذومال كثير فقال: اسكت فلو ان الدنيا وقعت لصاحبك لاشتمل عليها بكسائه.

286 - حدثني حمدويه بن نصير، قال حدثنا يعقوب بن يزيد، عن محمدبن أبي عمير، عن جميل بن دراج، قا ل سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول بشر المخبتين بالجنة بريد بن معاوية العجلي، وأبوبصير بن ليث البختري المرادي، ومحمدبن مسلم، وزرارة، أربعة نجباء أمناء الله على حلاله وحرامه، لو لا هؤلاء انقطعت آثار النبوة واندرست.

287 - حدثني محمدبن قولويه، قا ل: حدثني سعدبن عبدالله القمي، عن محمد بن إلى حلوان، وهو الذي فتح على عهد عمر، وهو أطول من العراق بخمسة و ثلاثين فرسخا.

قوله: اسكت فلو أن الدنيا يعني اسكت فان المال الكثير من مكتسب حلال لابأس به ولا مطعن فيه، فلو أن الدنيا وقعت لصاحبك من طريق الدين لاشتمل عليها بكسائه.

والسيد جمال الدين بن طاوس في اختياره قال في الجواب عنه: ان الطريق إلى ابن يعفور غير متصل فلا عبرة بالحديث، ثم من صاحبك المشار اليه في الحديث.

قلت: وفي جوابه من الوهن ما لا يخفى عنه.

قوله: لو لا هؤلاء انقطعت روى الشيخ - رحمه الله - في الصحيح عن محمدبن مسلم قال: صلى بنا أبوبصير في طريق مكة فقال وهو ساجد، وقد ضاعت ناقة لهم: اللهم رد على فلان ناقته، قا ل محمد: فدخلت على أبي عبدالله فأخبرته فقال: وفعل؟ فقلت: نعم قال: فسكت، قلت أفأعيد الصلاة؟ قال: لا.

والظاهر أن أبا بصير الذي صلى بهم هو ليث المرادي.

[399]

عبدالله المسعمي، عن علي بن أسباط، عن محمدبن سنان، عن داود بن سرحان، قال سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: أني لاحدث الرجل الحديث وأنهاه عن الجدال والمراء في دين الله وأنهاه عن القياس، فيخرج من عندي فيتأول حديثي على غير تأويله، اني امرت قوما أن يتكلموا، ونهيت قوما فكل تأول لنفسه يريد المعصية لله ولرسوله، فلوسمعوا وأطاعوا لاودعتهم ما أودع أبي أصحابه، أن أصحاب أبي كانوا زينا أحياء‌ا وأمواتا، أعني زرارة ومحمدبن مسلم، ومنهم ليث المرادي وبريد العجلي، وهؤلاء القوامون بالقسط، وهؤلاء السابقون السابقون أولئك المقربون.

288 - حدثني حمدويه، قال: حدثني محمدبن عيسى بن عبيد، عن يونس ابن عبدالرحمن، عن أبي الحسن المكفوف، عن رجل، عن بكير، قال: لقيت أبا بصير المرادي قلت: أين تريد؟ قال: أريد مولاك قلت: أن أتبعك، فمضى معي فدخلنا عليه، وأحد النظر اليه وقال: هكذا تدخل بيوت الانبياء وأنت جنب؟ ! قال: أعوذ بالله من غضب الله وغضبك فقال: أستغفر الله ولا أعود.

وروى ذلك أبوعبدالله البرقي عن بكير.

- قوله: وأحد النظر اليه أحد - بفتح الهمزة وتشديد الدال - من الحداد بمعنى التحديد والتحديق: كأنه نظر اليه وهو غضبان فهذا الحديث فيه مطعن مافي أبي بصير المرادي، ولكنه ليس يوجب القدح فيه، فلعله يومئذ لم يكن يعلم أن مشهد المعصوم في الحياة وبعد الوفاة حكمه حكم المسجد.

والسيد بن طاوس أجاب عنه في اختياره بأن في الطريق ضعفا، ثم أنه ماقال من المدخول عليه.

قلت: وهذا الجواب وكيك سخيف كماترى، والحق ماقلناه فلا تكن من المتكلفين.

[ 400]

289 - محمدبن مسعود، قال: حدثني أحمد بن منصور، عن أحمد بن الفضل، وعبدالله بن محمد الاسدي، عن ابن أبي عمير، عن شعيب العقرقوفي، عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبدالله السلام فقال لي: حضرت علباء عند موته؟ قال: قلت نعم، واخبرني أنك ضمنت له الجنة وسألني أن اذكرك ذلك قال: صدق.

قال فبكيت ثم قلت: جعلت فداك فمالي ألست كبير السن الضعيف الضرير البصير المنقطع اليكم؟ فاضمنها لي، قال: قد فعلت، قال: اضمنها على آبائك وسميتهم واحدا واحدا، قال قد فعلت، قلت: فاضمنها لي على رسول الله صلى الله عليه وآله قال: قد فعلت، قال: قلت فاضمنها لي على الله تعالى، قال: فأطرق ثم قال: قد فعلت.

290 - السحين بن أشكيب، عن محمدبن خالد البرقي، عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم وابي العباس، قال: بينا نحن عن أبي عبدالله اذ دخل أبوبصير فقال أبوعبدالله عليه السلام: الحمدالله الذي لم يقدم أحد يشكو أصحابنا العام، قال هشام: فظننت انه يعرض بأبي بصير.

291 - حمدويه، قال حدثنا يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن شعيب العقرقوفي، قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: ربما احتجنا أن نسأل عن الشئ فمن نسأ؟؟ قال عليك بالاسدي، يعني أبا بصير.

- قوله: فظننت أنه يعرض يعرض بالتشديد على صيغة المضارع المعلوم من التعريض.

قوله: يعني أبا بصير كلام شعيب العقرقوفي، وهو ابن اخت أبي بصير الاسدي يحيى بن أبي القاسم المكفوف، ثقة عين ممدوح جليل المنزلة، من أصحاب أبي عبدالله الصادق وأبي الحسن الكاظم عليهما السلام فهذا الحديث واضح المتن صحيح الطريق اتفاقا.

وقد اعترف بذلك السيد المكرم جمال الدين بن طاوس في اختياره.

[402]

292 - حمدان، قال حدثنا معاوية، عن شعيب العقر قوفي، عن أبي بصير، قال سألت أبا عبدالله عليه السلام عن امرأة تزوجت ولها زوج فظهر عليها؟ قال: ترجم المرأة ويضرب الرجل مائة سوط لانه لم يسأل.

قال شعيب: فدخلت على أبي الحسن عليه السلام فقلت له: امرأة تزوجت ولها زوج قال: ترحم المرأة ولاشئ على الرجل، فلقيت أبا بصير فقلت له: اني سألت أبا الحسن عليه السلام عن المرأة التي تزوجت ولها زوج، قال: ترجم المرأة ولاشئ على الرجل، قال: فمسح على صدره وقال: ما أظن صاحبنا تناهى حكمه بعد.

- وهو أول النصوص على جلالة أبي بصير الاسدي المكفوف في الثقة والفقه والعلم وصحة الحديث وارتفاع المرتبة.

وبالجملة قول رهط من المتأخرين في رميه بالضعف والوقف مما لا يأخذ له أصلا، وهو المرادي كلاهما ثقتان صحيحا الحديث، وسيجئ في الكتاب نقل الاجماع على تصحيح ما يصح عنهما والاقرار لهما بالفقه.

بل الحق أن الاسدي أحق باستصحاح حديثه من المرادي، لشهادة النجاشي له بانه ثقة وجيه.

وعدم توثيقه للمرادي، ولسلامته عن الذم في الروايات والاخبار فلا تكن من الغافلين.

قوله: من شعيب القرقوفى عن أبي بصير أي المرادي كما يصرح به في الحديث الاتي.

قوله: فظهر عليها أي فعلت زوجها عليها أثبت عند الحاكم زوجتها له.

قوله: فمسح على صدره انما مسح على صدره عند قوله: هذا، لان الصدر موضع العلم.

قوله: تناهي حكمه بعد اما بكسر الحاء المهملة واسكان اللام بمعنى العلم، أو بضم الحاء وتسكين

[402]

293 - علي بن محمد، قال حدثني محمدبن أحمد، عن محمد بن الحسن، عن صفوان، عن شعيب بن يعقوب العقرقوفي، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل تزوج امرأة ولها زوج ولم يعلم؟ قال: ترجم المرأة وليس على الرجل شئ اذا لم يعلم، فذكرت ذلك لابي بصير المرادي، قال: قال لي والله جعفر ترجم المرأة ويجلد الرجل الحد، وقال بيده على صدره يحكها: اظن صاحبنا ماتكامل علمه.

394 - علي بن محمد، قال حدثني محمدبن أحمدبن الوليد، عن حماد بن عثمان الكاف بمعنى كمال العلم والحكمة كمافي " رب هب لي حكما "(1).

وحيث أن هذا الحديث كان في زمان الصادق عليه السلام وأبوالحسن عليه السلام، لم يكن يومئذ اماما، وعلم الامام انما يتكامل فيضانه من المبدء الفياض على قلبه حين ماتصل نوبة الامامة اليه.

فمعنى كلام أبي بصير: ان صاحبنا أبا الحسن عليه السلام اذ ليس هو الامام اليوم لم يتناه علمه ولم يبلغ نهاية الكمال واتما م بعده، بل انما يبلغ النهاية عندما تنتقل اليه الامامة.

ويرد عليه أن الامر وان كان كذلك الا أن ملكة العصمة عاصمة للنفس باذن الله تعالى عن الوقوع في الخطأ.

فالحق أن يقال: ان قول أبي الحسن عليه السلام فيما اذاكان الرجل المتزوج بها لم يعلم رأسا أن لها زوجا، وقول ابي عبدالله عليه السلام فيما اذا كان يعلم ذلك ثم عقد عليها ونكحها من غير أن يثبت عند الحاكم موت زوجها ببينة شرعية، فالقولان غير متدافعين.

والسيد بن طاوس في الجواب عن الحديث تجشم القدح في الطريق لمطالبه(2) باتصال السند واعتباره، وفيه مالا يخفى على الممارس المتمهر.

ـــــــــــــــــــ

(1) سورة الشعراء: 83.

(2) وفي " م " بالمطالبة.

[403]

قال: خرجت أنا وابن أبي يعفور وآخر إلى الحيرة أوالى بعض المواضع فتذاكرنا الدنيا، فقال أبوبصير المرادي: أماأن صاحبكم لو ظفر بها لاستأثر بها، قال: فأغفى فجاء كلب يريد أن يشغر عليه فذهبت لا طرده، فقال لي ابن أبي يعفو ر: دعه قال: فجاء حتى شغر في أذنه.

- قوله: إلى الحيرة أو إلى بعض المواضع قال في المغرب: الحيرة بالكسر مدينة كان يسكنها النعمان بن المنذر وهي على رأس ميل من الكوفة.

وفي القاموس: ان الحيرة بالكسر كربلا أو موضع بها(1).

وفي النهاية الاثيرية: الحيرة بكسر الحاء البلد القديم بظهر الكوفة(2).

قوله: لو ظفر بها لاستأثر بها الكلام فيه نظير ماسبق في " لاشتمل عليها بكسائه " وقال السيد بن طاوس: مقتضاه أن الصادق عليه السلام لو فر بالخلافة لاستاثر بها وان لم يصرح بالصادق عليه السلام لكن الظاهر هذا.

ثم قال: أقول ان هذا حديث حسن السند، وانما القول في متنه حسب ما أسلفت.

قلت: سنده صحيح ومحمد بن أحمد بن الوليد، هو محمد بن الوليد البجلي أبوجعفر الكوفي الحداد الثقة النقي الحديث، وقد أسلفنا تحقق حاله في الحواشي.

قوله: فأغفى فجاء كلب يريد أن يشغر عليه غفى غفوا نا م أو نعس، وكذلك أغفى اغفاء‌ا.

وشغر الكلب يشغر بالفتح فيها من باب منع رفع رجله فبال.

ـــــــــــــــــــ

(1) القاموس: 2 / 16 وفيه وحيران.

(2) نهاية ابن الاثير: 1 / 467.

[404]

295 - حمدويه وابراهيم قال: حدثنا العبيدي، عن حماد بن عيسى، عن الحسين ابن مختار، عن أبي بصير، قال: كنت أقرئ امرأة كنت أعلمها القرآن، قال: فماز حتها بشئ، قال فقدمت على أبي جعفر عليه السلام، قال، فقال لي: يا ابا بصير اي شئ قلت للمرأة؟ قال: قلت بيدي هكذا، وغطا وجهه، قال، فقال لي: لاتعودن اليها.

296 - محمدبن مسعود، قال: سألت علي بن الحسن بن فضال عن أبي بصير فقال: وكان اسمه يحيى بن أبي القاسم، فقال: أبوبصير كان يكني أبا محمد وكان - وفي القاموس: رفع احدى رجليه ليبول بال أو لم يبل(1) قوله: فقال: وكان اسمه يحيى بن أبي القاسم قلت: وقيل: اسم أبيه القاسم، وأما يحيى بن القاسم الازدي الحذاء فهو رجل آخر غير أبي بصير الازدي المكفوف يحيى بن القاسم، وهو أيضا من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام.

وقيل فيه: انه كان واقفيا.

والشيخ ذكر هما كليهما في كتاب الرجال(2) وليامن غيرفصل، وكذلك السيد المكرم جمال الدين احمد بن طاوس في كتابه واختياره.

وأبوعمر والكشي روى عن حمدويه أنه ذكر عن بعض أشياخه أن يحيى بن القاسم الحذاء الازدي واقفي، وأنه روى عن أبي بصير الاسدي يحيى بن القاسم المكفوف عن الصادق عليه السلام.

وروي الكشى أيضا في حديث آخر أن يحيى بن القاسم الحذاء الازدي رجع عن الوقف، وأوردهما السيد بن طاوس في اختياره.

ثم ان رهطا من المتأخرين توهم اتحاد الرجلين، كأنهم عن ذلك كله من الذاهلين، فبناء‌ا على وهمهم الكاذب هذا زعموا أنه قد قيل أبي بصير الاسدي

ـــــــــــــــــــ

(1) القاموس: 2 / 60.

(2) رجال الشيخ: ص 364.

[405]

مولى لبني أسد وكان مكفوفا، فسألته هل يتهم بالغلو؟ فقال: أما الغلو: فلا لم يتهم، ولكن كان مخلطا.

- - المكفوف أنه واقفي، وان هوالا زور واختلاق، ولذلك لم يورد ابوالحسن أحمد ابن الغضائري فيه طعنا وغميزه فليعلم.

قوله: وسألته هل يتهم بالغلو؟ فقال: اما الغلو فلا قلت: كما من الاختلاق اتهامه بالغلو فكذلك من التكاذيب نسبته إلى الواقفة أليس قد قال النجاشي: أن أبا بصير الاسدي يحيى بن أبي القاسم المكفوف مات سنة خمسين ومائه(1)؟ وكذلك الشيخ في كتاب الرجال قال في أصحاب أبي عبدالله الصادق عليه السلام يحيى بن القاسم أبومحمد يعرف بأبي بصير الاسدي مولاهم كوفي تابعي مات سنة خمسين ومائة بعد أبي عبدالله عليه السلام(2)؟ وقال في الفهرست يحيى بن القاسم يكنى أبا بصير، له كتاب مناسك الحج، رواه علي بن أبي حمزة، والحسين بن أبي العلاء عنه(3) ومات سنة خمسين ومائة ومولانا أبوعبدالله الصادق عليه السلام قبض بالمدينة ي شوال، وقيل: في منتصف رجب يوم الاثنين سنة ثمان وأربعين ومائة.

وقبض مولانا أبوالحسن الكاظم عليه السلام مسموما ببغداد في حبس السندي بن شاهك لست بقين من رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة وقيل: لخمس خلون من رجب سنة احدى وثمانين ومائة.

فيكون أبوبصير يحيى بن أبي القاسم قد توفى بعد الصادق عليه السلام لسنتين وقبل الكاظم عليه السلام بثلاث وثلاثين سنة أو احدى وثلاثين سنة

ـــــــــــــــــــ

(1) رجال النجاشي: 344.

(2) رجال الشيخ: 333.

(3) الفهرست: 207.

[406]

والواقفة هم الذين بعد الكاظم عليه السلام ذهبوا إلى الوقف عليه وقالوا: انه حي لم يمت وأنه الامام القائم، ولم يقولوا بامامة مولانا الرضا علي بن موسى عليه السلام.

فاذن الطعن في أبي بصير بالوقف من باب الجهل بأحوال الرجال، ونسبة ذلك إلى الشيخ في كتاب الرجال في باب أصحاب أبي عبدالله، أو في باب أصحاب أبي الحسن الكاظم عليه السلام أيضا اختلاق وافتراء عليه، وما وقع الينا من نسخ كتاب الرجال غير موجود في شئ منه مايدل عليه أصلا.

وأقول: لعل منشأ التباس الامر على القاصرين، أن يحيى بن القاسم أبا بصير الاسدي، ويحيى بن القاسم الحذاء الازدي رجلا ن ذكرهما الشيخ في أصحاب الصادق عليه السلام، وكذلك السيد بن طاوس في كتابه وفي اختياره، وقد قيل في يحيى بن القاسم الحذاء الازدي: أنه واقفى، أنهما واحد فنسب إلى أبي بصير الاسدي أنه مرمي بالوقف.

فأما مارواه أبوعمرو الكشي في الكتاب عن حمدويه عن بعض أشياخه أن يحيى بن القاسم الحذاء الازدي واقفي، وأنه عن أبي بصير عن الصادق عليه السلام قال: ان جائكم من يخبركم أن ابني هذا - يعنى به أبا الحسن موسى عليه السلام - مات ولبن وقبر ونفضوا أيديهم من تراب قبره فلا تصدقوا.

ففيه أولا أن في الطريق السحن أو الحسين بن قياما وهو واقفي عنيد ملعون لايعبأ بروايته.

وثانيا إن معنى كلام الصادق عليه السلام على تقدير صحة الرواية: ان من جائكم يخبركم أن ابني موسى مات في زمني كما مات ابني اسماعيل فلا تصدقوه، فانه امام الخلق بعدي.

وليس المراد أنه الامام المهدي القائم المعهود بعدي.

وبالجملد جلالة أبي بصير الاسدي يحيى بن القاسم مما ليس يخفى على متمهر

[407]

297 - محمد بن مسعود، قال: حدثني جبريل بن أحمد، قال: حدثني محمدبن عيسى، عن يونس، عن حماد الناب، قال: جلس أبوبصير على باب أبي عبدالله عليه السلام ليطلب الاذن، فلم يؤذن له، فقال: لو كان معناطبق لاذن، قال: فجاء كلب فشغر في وجه أبي بصير، قال: أف أف ماهذا؟ قال جليسه.

هذا كلب شغر في وجهك.

- في علم الرجال، وكفاه مارواه الكشي عن حمدويه عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن شعيب العقرقوفي قال قلت: لابي عبدالله عليه السلام ربما احتجنا أن نسأل عن الشئ فمن نسئل؟ قال: عليك بالاسدي يعني أبا بصير.

وروايات ضمان الصادق عليه السلام له، فلا تكونن من الممترين.

قوله: لو كان معنا طبق لاذن في القاموس: الطبق محركة غطاء كل شئ والذي يؤكل عليه، ومن الناس والجراد الكثير، أو الجماعة كالطبق بالكسر ومنه " لتركبن طبقا عن طبق "(1).

وفي مفردات الراغب: ذلك اشارة إلى أحوال الانسان من ترقيه في أحوال شتى.

وقيل: لكل جماعة متطابقة في أمر طبق(2)، وقيل: الناس طبقات(3).

وفي الصحاح: الطبق واحد الاطباق، ويقال: أتانا طبق من الناس وطبق من الجراد، أي جماعة وطبقات الناس منازلهم في مراتبهم(4).

وفي مجمل اللغة: الطبق الحال.

قال ابن الاثير: وقيل: الطبق المنزلة والطبقات المنازل والمراتب(5)

ـــــــــــــــــــ

(1) القاموس: 3 / 255 والاية سورة الانشقاق: 19.

(2) وفى المصدر: لكل جماعة متطابقة هم في ام طبق.

(3) مفردات الراغب: 301.

(4) الصحاح: 4 / 1512.

(5) نهاية ابن الاثير: 3 / 114.

[408]

298 - محمد بن مسعود، قال: حدثني علي بن محمد القمي، عن محمدبن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن علي بن الحكم، عن مثنى الحناط، عن أبي بصير قال: دخلت علي أبي جعفر عليه السلام قلت: تقدرون أن تحيوا الموتى وتبرؤا الاكمه والا برص؟ فقال لي: باذن الله.

- ويوم مطبق اذا أطبق الغيم السماء وطبقها وغطاها، والطبق أيضا ماتوضع عليه الفواكه ونحوها.

وكلام أبي بصير يحتمل الحمل على أكثر هذه المعاني، فمعناه لو كان معنا جماعة لاذن لنا، أولو كان معنا حال أو منزلة لاذن لنا، أولو كان معنا من يكون مغطى على أمره متهما في دينه لاذن لنا من باب التقية والخوف.

وأما أنا فحيث أني رجل ضرير مسكين غير مطبق بضم الشك في ديني فلم يؤذن لي.

فهذا فيه حزازة من سوء الادب غير مفضية إلى الخروج عن سبيل الدين.

فأما اذا أريد به لو كان معنا طبق موضوع عليه شئ من الهدايا لاذن لنا، فهو كما قال السيد بن طاوس في اختياره: ما أبعد هذا من الحق والحجة(1) من القول، أين مناسبة هذا القول لعلو مكان مولانا الصادق عليه السلام وجلالد قدره، نعوذ بالله من اتباع الهوى والوقوع في الفتنة ونستعين.

قوله: عن مثنى الحناط الذي يظهر من الكتاب في هذا الموضع ومما قد سبق في ترجمة زرارة أن أبا بصير هذا هو الليث المرادي الضرير: والمشهور أنه الاسدي يحيى بن أبي القاسم المكفوف، وعندي أن القصة وقعت لهما كليهما.

وقال علي بن أحمد العقيقي: يحيى بن القاسم الاسدي مولاهم ولد مكفوفا، ه‍ ص 408.

ـــــــــــــــــــ

(1) وفي نسخة " م " وأسمجه من القول.

[409]

ثم قال اذن مني فمسح على وجهي وعلى عيني، فأبصرت السماء والارض والبيوت، فقال لي: أتحب أن تكون كذا ولك ما للناس وعليك ماعليهم يوم القيامة أم تعود كما كنت ولك الجنة الخالص؟ قلت: أعود كما كنت، فمسح على عيني فعدت